![]() |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
السفر الثاني: النصائح الجاذبة إلى الحياة الباطنية ”في الصليب الخلاص، في الصليب الحياة، في الصليب الحماية من الأعداء، في الصليب فيضان العذوبة العلويّة، في الصليب قوة النفس، في الصليب فرح الروح، في الصليب تمام الفضيلة، في الصليب كمال القداسة”. (2 اقتداء 12: 2). |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في تبصر الإنسان نفسه 1 – لا يمكننا الوثوق كثيرًا بأنفسنا، إذ كثيرًا ما تنقصنا النعمة والبصيرة. ضئيل النور الذي فينا، وسرعان ما نفقده بتهاوننا. وفي الغالب أيضًا لا ندرك كم نحن عميان في دواخلنا. كثيرًا ما نسيء العمل، ثم نعتذر عنه بما هو شرٌّ منه. إن الأهواء هي التي تحركنا أحيانًا، ونحن نحسبها غيرة. نلوم الآخرين على هفوات صغيرة، ونحن نتجاوز عن ذنوبٍ فينا أفظع منها. إن ما نحتمله من الآخرين، سرعان ما نستعظمه ونتأثر له. أما ما يتحمله الآخرون منا -وما أكثره!- فلا نأبه له. من وزن أعماله بدقةٍ وإنصاف، لم يبق له ما يحكم به بقسوةٍ على الآخرين. 2 – رجل الحياة الداخلية، يقدم الاهتمام بنفسه على كل اهتمام آخر ومن اهتم اهتمامًا جديًا بشؤون نفسه، هان عليه الصمت عن شؤون الآخرين. إنك لن تصبح أبدًا رجل عبادةٍ وحياةٍ داخلية ما لم تصمت عن شؤون الآخرين، وتنعم النظر في نفسك. إن تفرغت لنفسك ولله تفرغًا تامًا، فقلما تتأثر لما تراه في الخارج. أين أنت حين تغيب عن نفسك؟ وإذا استقريت كل شيءٍ وغفلت عن نفسك، فما المنفعة؟ إن ابتغيت السلام والاتحاد الحقيقي بالله، فعليك أن تنبذ كل شيءٍ وراء ظهرك، ولا تضع نصب عينيك سوى نفسك. 3 – إنك لتتقدم كثيرًا، إن حفظت نفسك خاليًا من كل اهتمام زمني. لكنك تتقهقر جدًا، إن أكبرت شيئًا من الزمنيات. لا تحتسب عظيمًا، أو ساميًا أو شهيًا، أو جديرًا بالقبول، إلاَّ الله وحده، أو ما كان من الله. وكل تعزية تأتيك من إحدى الخلائق، فاحتسبها باطلة. فالنفس الحبة لله، تحتقر كل ما هو دون الله. ليس سوى الله أزليٌّ عظيم، مالئٌ كل شيء، وهو وحده تعزية النفس، وفرح القلب الحقيقي. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في فرح الضمير الصالح 1 – ”فخر الرجل الصالح، شهادة ضميره الصالح″ (2 كورنثيين 1: 12) كن صالح الضمير، تتمتع بفرح دائم. ألضمير الصالح يستطيع احتمال شدائد كثيرةٍ جدًا، وفي وسطها لا يبرحه الفرح الجزيل. أما الضمير الشرير، فمتخوفٌ مضطربٌ على الدوام. ما أعذب راحتك، إن كان قلبك لا يبكتك! لا تفرح إلاَّ إذا أحسنت الصنيع. ليس للأشرار فرحٌ حقيقي، وهم لا يشعرون أبدًا بالسلام الداخلي، لأنه “لا سلام للكفرة، يقول الرب″ (اشعيا 48: 22). فإن قالوا:”نحن في سلام، ولا تحل بنا الشرور″ (ميخا 3: 11)، ومن يجسر أن يضرنا؟ – فلا تصدقهم، لأن غضب الله يثور بغتة فتتلاشى أعمالهم، وتهلك تدابيرهم″ (مزمور 145: 4). 2 – ألافتخار بالضيق ليس صعبًا على المحب، لأن افتخار كهذا إنما هو: “افتخارٌ بصليب الرب″ (غلاطيين 6: 14). قصيرٌ المجد الذي يتبادله البشر في ما بينهم، ومجد العالم لا يخلو أبدًا من الكآبة. مجد ذوي الصلاح في ضمائرهم، لا في أفواه الناس. مسرة الصّدّيقين من الله وفي الله، وفرحهم من الحقيقة. من رام المجد الحقيقي الأبديّ، لا يأبه للزمني. ومن طلب المجد الزمني، أو لم يحتقره بكل قلبه فقد أظهر قلة حبه للسماوي. إنه لفي طمأنينة قلبٍ عظيمة، من لا يبالي بالمديح ولا المذمة. 3 – نقيُّ الضمير يقنع ويتدع بسهولة. إنك لا تزداد قداسةً إن مدحت، ولا حقارةً إن ذممت. أنت ما أنت، ولا يمكن أن تحسب أعظم مما أنت عليه في حكم الله. إن اعتبرت ما أنت عليه في داخلك، فلا تبالي بما يقول فيك الناس. ”الإنسان إلى الوجه ينظر، أما الله فإلى القلب″ (1ملوك 16: 7). الإنسان يلتفت إلى الأعمال، أما الله فيزن النيات. حسن الصنيع دومًا مع استصغار الذات، هو علامة النفس المتواضعة، رفض التعزيات من كل خليقة، دليل على طهارةٍ عظيمةٍ وثقةٍ داخلية. 4 – من لا يطلب لنفسه شهادةً من الخارج، يوضح أنه قد استسلم لله استسلامًا كاملًا، إذ “ليس من وصى بنفسه هو المزكى، بل من وصى به الله″ (2 كورنثيين 10: 18)، على ما قال بولس المغبوط. فالسلوك مع الله في الداخل، والتحرر من كل ميلٍ في الخارج، تلك هي حال الإنسان الداخلي. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في محبة يسوع فوق كل شيء 1 – طوبى لمن يدرك ما هو حب يسوع، واحتقار الذات من أجل يسوع! عليك أن تهجر كل حبيبٍ من أجل هذا الحبيب. لأن يسوع يريد أن يحبَّ وحده فوق كل شيء. حبُّ الخليقة خداعٌ لا يدوم، أما حب يسوع فوفيٌّ ثابت. من علق بخليقةٍ واهيةٍ سقط معها، ومن اعتنق يسوع يثبت إلى الأبد. أحبب وصادق من لا يخذلك إذا ارتد عنك الجميع، ولا يدعك تهلك عند المنتهى. لا بد لك أن تنفصل يومًا عن الجميع، شئت أم أبيت. 2 – كن في حياتك ومماتك بقرب يسوع، وسلم نفسك إلى أمانته، فإنه وحده قادرٌ أن ينصرك إذا تخلى عنك الجميع. من طبع حبيبك أن لا يرضى له بشريك، بل يريد أن يكون قلبك ملكًا له وحده، يجلس فيه كملكٍ على عرشه الخاص. لو عرفت أن تخلي نفسك من كل خليقة، لارتاح يسوع إلى مساكنتك. إن ما تضعه في الناس خارجًا عن يسوع، يكاد كله يذهب ضياعًا. لا تعتمد ولا تتوكأ على قصبةٍ تعبث بها الريح، “فإن كل بشرٍ عشب، وكل مجده يسقط كزهر العشب″ (اشعيا 40: 6 ؛1 بطرس 1: 24). 3 – إن أنت قصرت النظر على ظواهر الناس خدعت سريعًا. فإن طلبت لك في الآخرين تعزيةً وربحًا، فلست بواجدٍ، في الغالب، سوى الخسران. وإن طلبت يسوع في كل شيء، فإنك واجدٌ يسوع بلا مراء. أما إذا طلبت نفسك، فإنك واجدها أيضًا، ولكن لهلاكك. فالإنسان، إن لم يطلب يسوع، يكون أعظم إضرارًا بنفسه، من جميع أضداده ومن العالم كله. لمجده تعالى. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في صداقة يسوع ومؤالفته 1 – إذا كان يسوع حاضرًا، فكل شيءٍ مستحب، ولا شيء يبدو عسيرًا، فإذا تغيب يسوع، فكل شيءٍ يكون ثقيلًا. إن لم يتكلم يسوع في الداخل، فالتعزية تافهة، فإن نطق بكلمةٍ واحدة، شعر الإنسان بتعزيةٍ عظيمة. ألم تقم مريم المجدلية، في الحال، من الموضع الذي كانت تبكي فيه، حينما قالت لها مرتا:”ألمعلم حاضرٌ وهو يدعوكِ″؟ (يوحنا 11: 28). ما أسعد الساعة، التي يدعوك فيها يسوع من الدموع إلى فرح الروح! ما أجفك وأشدَّ يبوستك بدون يسوع! ويا لغباوتك وبطلان رأيك، إن اشتهيت شيئًا آخر غير يسوع! أليس ذلك خسارةً لك، أعظم مما أن تفقد العالم بأسره؟ 2 – ماذا يستطيع العالم أن يعطيك بدون يسوع؟ العيش بدون يسوع جحيمٌ لا تطاق، أما العيش مع يسوع، فنعيمٌ عذب. إن كان يسوع معك، فلا عدو يستطيع مضرتك. من وجد يسوع، فقد وجد كنزًا ثمينًا، بل خيرًا يفوق كلَّ خير. ومن خسر يسوع فخسارته عظيمة، بل أعظم، بكثير، مما لو خسر العالم بأسره. إنه لفقيرٌ جدًا من عاش بدون يسوع وغنيٌّ كلَّ الغنى من عاش هانئًا في صحبة يسوع. 3 – علمٌ عظيمٌ معاشرة يسوع، وحكمةٌ ساميةٌ معرفة الإقامة معه. كن متواضعًا مسالمًا، يقم يسوع معك. كن تقيًا ومطمئنًا، فيمكث يسوع معك. سرعان ما تُنفّرُ يسوع وتخسر نعمته، إن شئت الانصراف إلى الأمور الخارجية. وإن أنت نفَّرته وفقدته، فإلى من تلجأ حينئذٍ؟ ومن تلتمس لك صديقًا؟ لا يمكنك العيش سعيدًا بدون صديق، وإن لم يكن يسوع صديقًا لك فوق الجميع، فإنك تكون في كآبةٍ ووحشةٍ عظيمة. فمن الغباوة إذن، أن تجعل ثقتك أو مسرتك في أحدٍ غيره. والأجدر بك أن تؤثر عداوة العالم بأسره، على إسخاط يسوع. فليكن إذن يسوع وحده حبيبك الخاص، من بين أحبائك جميعًا. 4 – ليحبَّ الجميع من أجل يسوع، أما يسوع، فمن أجل ذاته. فإن يسوع المسيح وحده جديرٌ بهذا الحب الخاص، لأنه وحده صالحٌ أمينٌ دون جميع الأصدقاء. فيه ومن أجله أحبب الأصدقاء والأعداء، ولأجلهم جميعًا تضرع إليه لكي يعرفوه جميعهم ويحبوه. لا تشته البتة أن تخص بمدحٍ أو محبة، فإن ذلك لله وحده، وليس له من نظير. لا ترغبن أن تشغل قلب أحد، وأنت لا يشغلنك حب أحد، بل فليكن يسوع فيك وفي كل إنسانٍ صالح. 5 – كن طاهر القلب، حرًا، خاليًا من كلّ تعلقٍ بالخلائق. إن شئت أن تكون حرًا، وتتذوق ما أطيب الرب، فعليك أن تتجرد من كل شيء، وتحمل إلى الله قلبًا طاهرًا. ولكن، إن لم تبادر نعمته وتجتذبك، فإنك لن تستطيع أن تتجرد عن جميع الأشياء وتطرحها، وتتحد أنت وحدك به وحده. فالإنسان متى أتته نعمة الله، أصبح قادرًا على كل شيء، فإذا بارحته، أصبح فقيرًا ضعيفًا، كأنه لم يترك إلاَّ للضربات. فعليه، حتى في هذه الحال، أن لا يفشل أو يقنط، بل أن يستسلم بطمأنينة لمشيئة الله، ويتحمل، لمجد يسوع المسيح، كلَّ ما ينزل به، لأنه بعد الشتاء يأتي الصيف وبعد الليل يعود النهار، وبعد العاصفة هدوءٌ عظيم. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في حرمان كل تعزية 1 – ليس بالصعب احتقار التعزية البشرية، إن وجدت الإلهية. بل العظيم، والعظيم جدًا، أن يطيق الإنسان حرمان كلتا التعزيتين: ألبشرية والإلهية، وأن يصبر على وحشة القلب بطيبة نفس، إكرامًا لله وأن لا يطلب ذاته في شيءٍ البتة، ولا يلتفت إلى استحقاقاته الخاصة. هل من عظيمٍ في أن تكون متهللًا عابدًا حين إقبال النعمة؟ – إنها لساعةٌ يتمناها الجميع. عذبٌ المسير على من حملته نعمة الله. وأيُّ عجبٍ في أن لا يشعر بحمله، من حمله القدير، وقاده المرشد الأعظم؟ 2 – إنَّا لنرتاح إلى شيءٍ يعزينا، والإنسان قلما يتجرد من نفسه بغير صعوبة. إن القديس الشهيد لورنتيوس، في ما جرى له مع أسقفه قد تغلب على العالم لأنه أعرض عن كل ما يبدو مستلذًّا في العالم، واحتمل بوادعةٍ، حبًّا للمسيح، أن يقصى عنه سكتس كاهن الله الأعظم، ألذي كان هو يحبه حبًا جمًا، فغلب حب البشر بحب الخالق، وآثر مرضاة الله على التعزية البشرية. فهكذا تعلم أنت أيضًا، أن تتخلى حبًا لله، عن صديقٍ قريبٍ إليك وعزيزٍ عليك. ولا تغتم إن هجرك الصديق، بل اعلم أنه لا بد لنا جميعًا أن ننفصل أخيرًا بعضنا عن بعض. 3 – على الإنسان أن يجاهد كثيرًا وطويلًا في داخله، قبل أن يتعلم كيف ينتصر على نفسه تمام الانتصار، ويوجه إلى الله جميع عواطفه. إن اعتمد الإنسان على نفسه، جنح بسهولةٍ إلى التعزيات البشرية. أما محب المسيح الحقيقي، ألساعي وراء الفضائل بنشاط، فلا يتهافت على التعزيات، ولا يطلب مثل تلك العذوبات الحسية، بل بالحري الجهادات الصعبة، وتحمل المتاعب الشديدة، من أجل المسيح. 4 – فإذا منحك الله تعزيةً روحية، فاقبلها بشكر، ولكن اعلم أنها عطيةٌ من الله لا حقٌّ لك. لا تترفع، ولا تبطر، ولا يأخذك العجب الباطل، بل كن بالحري، بسبب العطية أكثر تواضعًا وحذرًا وخوفًا في جميع أعمالك، لأن تلك الساعة ستجوز، وتعقبها التجربة. إذا رفعت عنك التعزية، فلا تقنط في الحال، بل انتظر الافتقاد السماوي بتواضع وصبر، لأن الله قادرٌ أن يعود فيمنحك تعزيةً أعظم. وما ذلك بالجديد ولا بالغريب، عند الذين خبروا طريق الله. فإن أعاظم القديسين، والأنبياء الأقدمين، كثيرًا ما عرفوا مثل هذا التقلب. 5 – لذلك قال أحدهم -والنعمة حاضرةٌ لديه-: ”أنا قلت في رغدي: لن أتزعزع إلى الأبد“ (مزمور 29: 7). ولكنه، عند انصراف النعمة، أردف معبرًا عما شعر في داخله: ”حوَّلت وجهك عني، فصرت مرتاعًا“ (مزمور 29: 8)، على أنه، في ارتياعه هذا، لا يقنط أبدًا، بل يبتهل إلى الرب بإلحاح أعظم، قائلًا: ”إليك أيها الربُّ أصرخ، إليك يا إلهي أتضرع“ (مزمور 29: 9)، فجنى أخيرًا ثمرة صلاته، وشهد أن قد استجيب له فقال: ”إستمع الرب ورحمني، ألرب كان لي ناصرًا“ (مزمور 29: 11)، ولكن في أي شيء؟ – فيقول: ”لقد حولت ندبي إلى فرح، ونطَّقتني بالسرور“ (مزمور 29: 12). فإن كان أعاظم القديسين قد عوملوا بمثل ذلك، فعلينا ألاَّ نقنط نحن الضعفاء المساكين، إن كنا حينًا في الحرارة وحينًا في البرودة، لأن الروح يجيء ويذهب بحسب مرضاة مشيئته. ولذلك قال أيوب المغبوط: ”تفقده كل صباح، وفي الحال تمتحنه“ (أيوب 7: 18). 6 – فبأي شيءٍ إذن أنوط رجائي، أم على أي شيءٍ أتوكل إلاَّ على رحمة الله العظيمة، وعلى رجاء النعمة السماوية؟ فإنه سواءٌ عشت بين قومٍ صالحين، أم عاشرت إخوة أتقياء، أو أصدقاء أوفياء، أم قرأت كتبًا مقدسة أو أبحاثًا بديعة، أم سمعت ترانيم عذبةً وأناشيد، فقلما ينفعني كل ذلك، وقلما أتذوقه، إن كنت في وحشةٍ من نعمتك، متروكًا في مسكنتي الخاصة. فليس لي حينئذٍ دواءٌ أنجح من الصبر، والاستسلام لمشيئة الله. 7 – إني لم أجد قط أحدًا قد أصبح من الصبر من العبادة والتقوى، بحيث لا تنقطع عنه النعمة أحيانًا، او لا يشعر بنقصٍ في الحرارة. ما من قديسٍ تسامى في الانخطاف والاستنارة، إلاَّ وقد جرب من قبل أو من بعد. ليس أهلًا لمشاهدة الله السامية، من لم يبتل ببعض المضايق من أجل الله. فإن التعزية اللاحقة، إنما علامتها، عادةً، تجربةٌ سابقة. إذ المبتلون بالتجارب، هم الذين قد وعدوا بالتعزية السماوية: فلقد قال الرب: ”من غلب فإني أُوتيه أن يأكل من شجرة الحياة“ (رؤيا 2: 7). 8 – وإنما تعطى التعزية الإلهية، لكي يزداد الإنسان قوةً على احتمال الشدائد، ثم تعقبها التجربة، لئلا يترفع لصلاحه. إن إبليس لا ينام، والجسد لم يمت حتى الآن، فلا تكف عن التأهب للجهاد، لأن الأعداء عن يمينك وشمالك، وهم أبدًا لا يهدأون. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في الشكر على نعمة الله 1 – لم تطلب الراحة، وأنت مولودٌ للعناء؟ أعدد نفسك للصبر أكثر مما للتعزيات، ولحمل الصليب أكثر مما للفرح. إذ من، من أهل العالم، لا يرتاح إلى قبول التعزية والفرح الروحي، لو أمكنه التمتع بها على الدوام؟ فالتعزيات الروحية، تفوق جميع تنعمات العالم وملذات الجسد. لأن جميع تنعمات العالم، إما باطلةٌ وإما مخزية. أما اللذَّات الروحية، فهي وحدها عذبةٌ شريفة، وليدة الفضائل، يفيضها الله في النفوس الطاهرة. بيد أنه ما من أحدٍ يستطيع التمتع دومًا بتلك التعزيات الإلهية، وفق مرامه، لأن انقطاع التجربة لا يدوم طويلًا. 2 – أما ما يقاوم كثيرًا الافتقاد العلوي، فهو حرية الروح الزائفة، والاعتماد المفرط على الذَّات. إن الله يحسن الصنيع بمنحه نعمة التعزية، ولكن بئس ما يفعل الإنسان، إن هو لم ينسب كل شيءٍ، بشكرٍ، إلى الله. وإن كانت مواهب النعمة لا تجري فينا، فلأنا ننكر إحسان واهبها، ولا نعيد كل شيءٍ إلى ينبوعه الأصلي. فإن النعمة واجبةٌ دومًا لمن يحسن الشكر عليها، أما المترفع، فينزع منه ما يمنح عادةً للمتواضع. 3 – أنا لا أُريد تعزيةً تسلبني الانسحاق، ولا أرغب في تأملٍ يقودني إلى التشامخ. إذ ليس كل سامٍ مقدسًا، ولا كل عذبٍ صالحًا، ولا كل رغبةٍ طاهرة، ولا كل عزيزٍ مرضيًا لدى الله. ولكني أرتاح إلى قبول نعمةٍ، تجعلني دائمًا أكثر تواضعًا ومخافة، وأكثر استعدادًا لإنكار ذاتي. من علمته موهبة النعمة، وأدبه سياط حرمانها، لا يجسر أن ينسب إلى نفسه شيئًا من الصلاح، بل بالحري يعترف أنه بائس عريان. أعط ما لله لله، وانسب إلى نفسك ما هو لك. ومعنى ذلك: أد لله شكرًا على النعمة، أما الذنب فانسبه إلى نفسك وحدها، وأيقن أن ما تستوجبه، إنما هو العقاب العادل على ذنبك. 4 – ضع نفسك أبدًا في المحل الأدنى، تعط الأسمى، لأن الأسمى لا يقوم بغير الأدنى. فإنَّ أعاظم القديسين لدى الله هم أصغرهم لدى أنفسهم، وعلى مقدار مجدهم، يزدادون تواضعًا في أنفسهم. لقد ملأهم الحق والمجد السماوي، فهم لا يطمعون في المجد الباطل. إنهم مؤسسون وموطدون في الله، فلا يمكنهم أن يتشامخوا بوجهٍ البتة. وهم يعزون إلى الله كلَّ ما نالوا من الخير، فلا يطلبون المجد بعضهم من بعض، وإنما يبتغون المجد الذي من الله فقط، ويتوقون فوق كل شيء، أن يمجد الله فيهم وفي جميع القديسين، وهذا ما يقصدون إليه على الدوام. 5 – فكن إذن شكورًا على القليل، فتضحي أهلًا لنيل الكثير. وليكن القليل عندك كالكثير، والحقير الزري كمنحةٍ خاصة. إذا نظرت إلى قدر المعطي، فما من عطيةٍ تبدو لك صغيرة أو حقيرة، لأن ما يعطيه الإله الأسمى لا يكون صغيرًا. يجب أن تشكر له ما يعطيك، وإن عقابًا وضربات، لأن كل ما يسمح أن يحل بنا، إنما يفعله دومًا لأجل خلاصنا. فمن رام أن يحفظ نعمة الله، فليكن شكورًا إذا منح النعمة، صبورًا إذا سلبها. وليصل لترد إليه، وليكن حذرًا متواضعًا لئلاَّ يفقدها. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في قلة المحبين لصليب يسوع 1 – إن ليسوع الآن تباعًا كثيرين، يرغبون في ملكوته السماوي، أما حاملو صليبه فقليلون. كثيرون يبتغون تعزيته، أما مبتغو مضايقه فقليلون. كثيرون يشاركونه في المائدة، أما شركاؤه في التقشف فقليلون. الجميع يرغبون في أن يفرحوا معه، أما الذين يريدون احتمال شيءٍ من أجله فقليلون. كثيرون يتبعون يسوع إلى كسر الخبز، أما تابعوه إلى شرب كأس الآلام فقليلون. كثيرون يكرمون معجزاته، أما الذين يتبعونه في عار الصليب فقليلون. كثيرون يحبون يسوع، ما دامت المحن لا تنتابهم. كثيرون يسبحونه ويباركونه، ما داموا يحصلون على بعض تعزياته؛ فإن توارى يسوع وتركهم قليلًا، سقطوا في التذمر أو في فشلٍ مفرط. 2 – أما الذين يحبون يسوع لأجل يسوع، لا لأجل تعزيتهم الذاتية، فإنهم يباركونه في كل مضايقهم وكرب قلوبهم، كما في أعظم التعزيات. ولو شاء أن لا يعطيهم التعزية أبدًا، فهم، مع ذلك، يسبحونه دائمًا، ودائمًا ويبتغون شكره. 3 – آه! ما أقوى حبَّ يسوع، إذا كان خالصًا لا يشوبه شيءٌ من الحب الذاتي، أو المصلحة الشخصية! أليس من الواجب أن يدعوا جميعهم أُجراء أُولئك الذي يسعون أبدًا وراء التعزيات؟ ألا يثبتون أنهم يحبون أنفسهم أكثر من حبهم للمسيح أُولئك الذين يفكرون دومًا في مصالحهم ومرابحهم الشخصية؟ أين تجد إنسانًا يرضى أن يخدم الله مجانًا؟ 4 – إنه لمن النادر وجود رجلٍ بلغ، من الحياة الروحية، درجة التجرد من كل شيء. لأن المسكين حقًا بالروح، ألمتجرد من كل خليقة، من يجده؟ – “من بعيدٍ ومن أقصى الأقاصي ثمنه″ (أمثال 31: 10). ”لو بذل الإنسان جميع ماله″ (نشيد الأناشيد 8: 7)، فليس بعد شيئًا، ولو قام بأعمال توبةٍ شاقة، فذلك ضئيل أيضًا، ولو حصل كل العلوم. فلا يزال بعيدًا، ولو كان ذا فضيلةٍ كبرى وعبادةٍ مضطرمة الحرارة، فلا يزال ينقصه الشيء الكثير، أي الشيء الأوحد، الذي هو في شديد الحاجة إليه. وما هو هذا الشيء؟ – أن يترك ذاته بعد تركه كل شيء، ويتجرد من نفسه تمام التجرد، ولا يستبقي شيئًا من الحب الذاتي، وإذا عمل كل ما يعرفه واجبًا عليه، أن لا يحسب نفسه قد عمل شيئًا. 5 – ولا يستعظمن ما قد يمكن استعظامه، بل فليعترف، بصدقٍ، أنه عبد بطَّال، كما يقول الحق:”إذا فعلتم جميع ما أُمرتم به، فقولوا: إنَّا عبيدٌ بطَّالون″ (لوقا 17: 10). وحينئذٍ يستطيع، حقًا، أن يكون مسكينًا ومتجردًا بالروح، وأن يقول مع النبي:”إني وحيدٌ وبائس″ (مزمور 24: 16). على أنه ما من أحدٍ أغنى، وما من أحدٍ أقدر، وما من أحدٍ أكثر حرية، ممن عرف أن يترك نفسه وكل شيء، ويضع نفسه في المحل الأدنى. |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في طريق الصليب المقدس الملكية 1 – إنه لصعبٌ على الكثيرين هذا الكلام: ”أنكر نفسك، واحمل صليبك واتبع يسوع“ (لوقا 9: 23). ولكنه سيكون أصعب جدًا سماع هذه الكلمات الأخيرة: ”إليكم عني يا ملاعين إلى النار الأبدية“ (متى 25: 41). فالذين يرتاحون الآن إلى سماع وصية الصليب واتباعها، لن يخافوا حينئذٍ أن يسمعوا حكم الهلاك الأبدي. ”وإن علامة الصليب هذه ستكون في السماء حينما يأتي الرب للدينونة“ (متى 24: 30). حينئذٍ جميع عبيد الصليب، الذين تشبهوا في حياتهم بالمصلوب، يدنون إلى المسيح الديان، بثقةٍ عظيمة. 2- فلم تخاف إذن من حمل الصليب، الذي به يذهب إلى الملكوت؟ في الصليب الخلاص، في الصليب الحياة، في الصليب الحماية من الأعداء، في الصليب فيضان العذوبة العلوية، في الصليب قوة النفس، في الصليب فرح الروح، في الصليب تمام الفضيلة، في الصليب كمال القداسة. لا خلاص للنفس، ولا أمل في الحياة الأبدية، إلاَّ في الصليب. فاحمل إذن صليبك واتبع يسوع، تبلغ إلى الحياة الأبدية. لقد سبقك هو “حاملًا صليبه“ (يوحنا 19: 17)، ومات لأجلك على الصليب، لكي تحمل أنت أيضًا صليبك، وتتوق إلى الموت على الصليب. فإنك ”إن مت معه، فستحيا أيضًا معه“ (رومانيين 6: 8)، وإن شاركته في العذاب، فستشاركه في المجد أيضًا. 3– ها في الصليب قوام كل شيء، وفي الموت أساس كل شيء، وليس من طريقٍ آخر إلى الحياة والسلام الداخلي الحق سوى طريق الصليب المقدس، والإماتة اليومية. اذهب حيثما شئت، واطلب كل ما أردت، فإنك لن تجد في العلو طريقًا أسمى، ولا في الانخفاض طريقًا آمن من طريق الصليب المقدس. دبر ورتب كل شيءٍ وفق إرادتك ورأيك، ولكنك لن تجد أبدًا شيئًا آخر، سوى أنه لا بد لك من التألم في شيءٍ ما، شئت أم أبيت. وهكذا ستجد الصليب على الدوام. فإما أن تشعر بالأوجاع في جسدك، وإما أن تعاني ضيق الروح في نفسك. 4 – تارةً يجذلك الله، وطورًا يزعجك القريب، وما هو أعظم من كليهما، أنك كثيرًا ما تكون، أنت نفسك، ثقلًا على نفسك. ومع ذلك، فما من دواءٍ ولا تعزيةٍ لتخلصك أو التفريج عنك، بل عليك أن تصبر إلى ما شاء الله. فإن الله يريد تدريبك على احتمال الضيق بدون تعزية، لتخضع له خضوعًا تامًا، وتعود من الضيق أكثر تواضعًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع ما من أحدٍ يشعر حتى صميم قلبه، بآلام المسيح، مثل من أُوتي أن يحتمل آلامًا تشبهها. فالصليب مهيأٌ أبدًا، وهو ينتظرك في كل مكان. لا تستطيع التملص منه أينما هربت، لأنك حيثما ذهبت فأنت تحمل معك نفسك، وتجد دائمًا نفسك. أُنظر إلى ما فوق وانظر إلى ما أسفل، أُنظر إلى ما هو خارج عنك وانظر إلى ما في داخلك، تجد الصليب فيها كلها. فعليك بالصبر في كل مكان، إن شئت الحصول على السلام الداخلي، واستحقاق الإكليل الخالد. 5 – إن حملت الصليب طوعًا، حملك هو، وسار بك إلى الغاية المشتهاة، حيث انتهاء الألم – وإن لم يكن ذلك في هذه الحياة؛ وإن حملته على كراهية، فقد حملت حملًا يزيد في أثقالك، ومع ذلك فلا بد لك من حمله. وإن أطرحت صليبًا، وجدت بلا شك صليبًا آخر، وقد يكون أثقل منه. 6 – أتظن، أنت، أنك تتملص مما لم يستطع قط بشرٌ أن يفلت منه؟ من من القديسين خلا، في حياته، من صليبٍ ومضايق؟ فإنه ولا ربنا يسوع المسيح، قد خلا ساعةً واحدة في حياته كلها من معاناة الآلام. فلقد قال:”كان ينبغي للمسيح أن يتألم ويقوم من بين الأموات، ثم يدخل هكذا إلى مجده“ (لوقا 24: 26، 46). فكيف تطلب أنت طريقًا أُخرى، غير هذه الطريق الملكية طريق الصليب المقدس؟ 7 – حياة المسيح كانت كلها صليبًا واستشهادًا، وأنت تطلب لنفسك الراحة والفرح؟ إنك لفي ضلالٍ لفي ضلال، إن طلبت شيئًا آخر سوى مقاساة المضايق، لأن هذه الحياة المائتة، مفعمةٌ كلها بالشقاء ومكتفة بالصلبان؟ وبمقدار ما يسمو الإنسان في التقدم الروحي، يجد في الغالب صلبانًا أثقل، لأن عذاب منفاه يتزايد بسبب حبه. 8 – غير أن الرجل المبتلى بمثل هذه المحن الكثيرة، لا يكون بغير تعزيةٍ تخففها، لأنه يشعر بتزايد الثمار العظيمة، الناتجة من احتمال الصليب. فإنه عندما يخضع للصليب طوعًا، ينقلب كل ثقل الشدائد ثقةً بالتعزية الإلهية. وبمقدار ما يسحق جسده بالبلوى، تزداد روحه قوةً بالنعمة الداخلية. ولقد يشدده أحيانًا حبُّ المضايق والشدائد، لرغبته في التشبه بالمسيح المصلوب، بحيث لا يريد البقاء بلا أوجاع ومضايق. لتيقنه أنه يضحي أكثر قبولًا لدى الله، بمقدار ما تكثر وتشتد المحن التي يستطيع احتمالها لأجله. على أن ذلك لا يتم بقدرة الإنسان، بل بنعمة المسيح، التي لها من القوة والفعل في الجسد الضعيف، ما يجعله يقبل، بحرارة الروح، على ما كان يتجنب دائمًا، فيحبه بعد إذ كان يكرهه من طبعه. 9 – ليس من طبع الإنسان حمل الصليب وحب الصليب، وقمع الجسد واستعباده، والهرب من الكرامات، واحتمال الإهانات برضى، واحتقار الذات، وتمني الاحتقار من الآخرين، واحتمال الشدائد والمضار، وعدم ابتغاء شيءٍ من النجاح في هذه الدنيا. فإن نظرت إلى نفسك، فأنت لا تستطيع بذاتك شيئًا من ذلك، لكنك إن اتكلت على الرب، تعطى القوة من السماء، فيخضع لسلطانك العالم والجسد. بل إنك لا تخاف حتى عدوك إبليس، إن كنت متسلحًا بالإيمان، ومتسمًا بصليب المسيح. 10 – فمثل عبدٍ للمسيح صالحٍ أمين، أعدد نفسك لأن تحمل ببسالةٍ صليب ربك، الذي صلب حبًا لك. أعدد نفسك لاحتمال شدائد كثيرة، وضيقاتٍ شتى، في هذه الحياة الشقية، فذلك نصيبك أينما اختبأت. ذلك ما لا بد منه، ولا دواء للنجاة من المضايق والشرور والأوجاع، إلاَّ اعتصامك بالصبر. إشرب بشوقٍ كأس الرب، إن اشتهيت أن تكون صديقًا له، وأن يكون لك نصيب معه. فوض إلى الله أمر التعزيات، وليتصرف فيها بما يكون أكثر مرضاة له. أما أنت، فأعدد نفسك لاحتمال المضايق، وعدها كأعظم التعزيات، لأن “آلام هذا الدهر، لا تتناسب والمجد الآتي” (رومانيين 8: 18) فتستحقه لك، ولو استطعت أن تحتملها كلها أنت وحدك. 11 – فإذا أصبحت، من الكمال، بحيث تضحي المضايق لديك عذبةً مستطابةً لأجل المسيح، حينئذٍ، احسب نفسك سعيدًا، إذ قد وجدت النعيم على الأرض. ما دمت تستثقل الآلام وتطلب التملص منها، فأنت في شقاء، وأينما ذهبت، تبعتك المضايق التي تهرب منها. 12 – إن أعددت نفسك لما لا بد منه -أعني التألم والموت- فسرعان ما تطيب نفسًا وتجد السلام. فإنك، ولو ”اختطفت مع بولس إلى السماء الثالثة“ (2كورنثيين 12: 2)، لست لذلك في مأمن من كل بلية، ”فإني سأريه -يقول يسوع- كم ينبغي له أن يتألم من أجل اسمي“ (أعمال 9: 16). فما لك إذن سوى التألم، إن شئت أن تحب يسوع وتخدمه على الدوام. 13 – يا ليتك كنت أهلًا لأن تحتمل بعض الشدَّة، لأجل اسم يسوع! إذن فما أعظم ما كنت تذخر لنفسك من المجد! وما أعظم ما كان ينشأ عن ذلك، من الفرح لجميع قديسي الله، ومن البنيان للقريب! الجميع يوصون بالصبر، فيما الذين يرضون بالاحتمال قليلون. إنه ليحق لك بصواب، أن تحتمل، عن نفسٍ طيبة، يسيرًا من الآلام لأجل المسيح، فيما الكثيرون يحتملون أعظم من ذلك لأجل العالم. 14 – اعلم يقينًا أن حياتك كلها ينبغي أن تكون موتًا، وأنه بمقدار ما يموت الإنسان عن نفسه يبتدئ يحيا لله أكثر فأكثر. ما من أحدٍ أهلٌ لإدراك السماويات، إن لم يخضع نفسه لاحتمال الشدائد من أجل المسيح. لا شيء، في هذا العالم، أكثر مرضاة لله، ولا أعظم فائدة لخلاصك، من التألم بطيبة نفس لأجل المسيح. ولو خيرت، لوجب عليك أن تؤثر احتمال الشدائد حبًا للمسيح، على التمتع بوفرة التعزيات، إذ تكون بذلك أكثر مشابهةً للمسيح، وأشدَّ مماثلةً لجميع القديسين. فإن استحقاقنا وتقدمنا لا يقومان بكثرة العذوبات والتعزيات، بل بالأولى، باحتمال الشدائد والمضايق العظيمة. 15 – لو كان ثمة شيءٌ أفضل وأنفع لخلاص البشر، من التألم لكان المسيح، بلا شك، أرشدنا إليه بالقول والمثال. لكنه يحرض صريحًا على حمل الصليب، التلاميذ الذين تبعوه، وجميع الراغبين في اتباعه قائلًا:”من أراد أن يتبعني، فلينكر ذاته، ويحمل صليبه ويتبعني“ (متى 16: 24). فبعد استقصائنا في المطالعة والبحث، لنستنتج، أخيرًا، أنه “بمضايق كثيرة، ينبغي لنا أن ندخل ملكوت الله“ (أعمال 14: 21). |
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
السفر الثالث: تعزية القلب ”طوبى للنفس التي تسمع الرب يتكلم فيها، وتقبل من فمه كلام التعزية!” (3 اقتداء 1: 1). |
الساعة الآن 10:20 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025