![]() |
256 - يتكلم الله ونسمع كلامه ونفهمه ونصدقه ونثق فيه ونؤمن به . الثقة بكلام الله ايمان بالله ، صاحب الكلام ومصدره . الايمان لا يعتمد على الاحساس ، لا يرتكز على الظواهر . الايمان يعتمد على الثقة بكلام الله والايمان بوعود الله . داود النبي عاش حياته معتمدا ً على الله وكلامه ، يقول : اتكلت على كلامك .( مزمور 119 : 42 ) . ابراهيم لم يهتز ايمانه ولم يضعف اعتماده على الله لانه وثق بكلام الله . كان سمعان بطرس ورفاقه قد تعبوا الليل كله ولم يصطادوا شيئا ً ، وقال المسيح له : " ابْعُدْ إِلَى الْعُمْقِ وَأَلْقُوا شِبَاكَكُمْ لِلصَّيْدِ " . واطاع بطرس وقال : " عَلَى كَلِمَتِكَ أُلْقِي الشَّبَكَةَ " ( 5 : 4 ، 5 ) . وعلى كلمته اتكل وفي كلمته وثق والقى الشبكة وامسكوا سمكا ً كثيرا ً جدا ً . مد المسيح يده وأخذ من الارض طينا ً وطلى عيني الاعمى بالطين وقال له : " اذْهَبِ اغْتَسِلْ فِي بِرْكَةِ سِلْوَامَ " ( يوحنا 9 : 7 ) . وسار الرجل والطين يزيد عماه عمى ، سار الطريق كله تحسس الطريق الى البركة ، اتكل على كلمة المسيح وذهب واغتسل ، نظف عينيه من الطين بالماء وفتح عينيه وابصر . يسر الله بالايمان به وبكلمته . ""بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ " ( عبرانيين 11 : 6 ) . الايمان المهتز الضعيف لا يمجد الله ، لا يسعد الله ، لا يفرح قلب الله . كان توما تلميذا ً صالحا ً للمسيح ، تبعه وسمع كلامه وعاين اعماله ومعجزاته لكنه كان يعتمد على الاحساس ليصدق ، يتكل على الظواهر ليؤمن . في لحظات الوداع الأخيرة حدثهم المسيح عن رحيله وصعوده الى السماء ، وانبرى توما يسأل : " يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ ؟ " وقال له المسيح : "أ نَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ . لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي . " ( يوحنا 14 : 5 ، 6 ) . اراد توما شيئا ً ملموسا ً محسوسا ً ، فقال له المسيح بعتاب : لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم ابي ايضا ً . معرفة الله ومعرفة المسيح بالايمان ، بالثقة ، بالتصديق ، بالإتكال على كلمته . وبعد ان قام المسيح من الموت وظهر لتلاميذه ولم يكن توما بينهم ، قال : سلام لكم . حين قصوا عليه ذلك اعترض وقال : إن لم ابصر في يديه اثر المسامير واضع اصبعي في اثر المسامير واضع يدي في جنبه لا أؤمن . اراد ان يرى بعينيه ويلمس باصبعه ويتأكد فيؤمن . وظهر المسيح لهم ثانية وقال له : هات اصبعك الى هنا وابصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا ً ، وشعرتوما بالخجل وقال : ربي والهي . فقال له المسيح : لانك رأيتني يا توما آمنت ، طوبى للذين آمنوا ولم يروا .( يوحنا 20 : 19 – 29 ) . الايمان ثقة بما يرجى وايقان بامور لا ترى . طوبى للذين آمنوا ولم يروا
|
257 - قال الله لابراهيم اذهب من ارضك ومن عشيرتك ومن بيت ابيك الى الارض التي اريك فاجعلك امة عظيمة واباركك واعظم اسمك . وذهب ابراهيم ، خرج ، ترك ارضه ، ترك عشيرته ، ترك بيت ابيه ." بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع " ( عبرانيين 11 : 8 ) . اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ً ان يأخذه ميراثا ً . فخرج وهو لا يعلم الى أين يأتي ، لم يكن يعرف اين يسير ، الارض مرتفعة ، غير معبدة ، ليس بها طرق ولا مسالك ولا دروب ، خرج الى الفراغ ، خرج الى التيه ، خرج وهو لا يدري ولا يعرف ولا يعلم . لكنه كان يعلم من الذي دعاه . كان يعرف من الذي طلب منه ان يخرج . كان يعرف الله ويعلم انه يستطيع ان يتكل عليه ويثق به . وسار ابراهيم يقتفي آثار الله ، سار خلف الله ، اتبع طريق الله . كان الطريق جافا ً وعرا ً مليئا ً بالحجارة ، لا خضرة ولا ماء ولا رخاء . الطريق طويل والسير شاق ، لكنه سار ، سار في ثقة وفي ايمان . كان يثق في من يسير أمامه ، يثق في من يقوده في الطريق ، سار وراءه ، سار بثبات نحو هدف غامض مجهول متكل على اله قوي غير مجهول . لم يكن الطريق ظاهر أمامه ، ولم يكن القائد الذي يتبعه منظورا ً . ترك كل شيء ، ترك الارض الطيبة ، ترك العشيرة الكبيرة ، ترك البيت الدافئ وسار بثقة مقتفيا ً خطوات الرب مقتنعا ً بقدرته على قيادته الرشيدة الواعية . ونسمع صوت الله : أترك الارض الآمنة ، اترك الاسرة والاهل ، اترك البيت الدافئ ، اترك الوطن ، اترك الامان ، اترك كل شيء واتبعني . ونتردد ، نتثاقل ، ندور ، نلف ، نؤجل ، نتسائل : الى اين يا رب ؟ . ابراهيم لم يكن يعرف الى اين ، لم يعلم الطريق ، اطاع الدعوة وخرج . حين يدعوك الله لا تتردد ، لا تخف ، لا تؤجل لا تتباطأ ولا تتفائل ، لا تسأل من حولك ، لا تعتمد وتستعن بالغير ، لا تخطط ، لا تفكر ولا تدبّر ، فالايمان هو تسليم القيادة له . الايمان اتباع قائد تثق به وتتكل عليه . قد لا تنال ما تتوقعه ، قد تخترق صعابا ً وتصعد جبالا ً ومرتفعات ، قد تعبر وديانا ً وأنهارا ً وبحارا ً ، قد يسيرك بسرعة أو ببطء . اتبعه ، هو يعرف الطريق ويعرف الاتجاه ، يعرف الهدف ويعرف سبيل الوصول . لا تخشى بأسا ً فقائدك قوي قادر يستطيع ان يحميك ويعتني بك حتى تصل الى هدفك . ركز نظرك فيه لا تنظر الى الطريق انظر الى من يعبر الطريق . لا تتلفت حولك ، لا أحد مثله يقود . إن اختفى الطريق لا تبحث عنه ، قائدك موجود . إن غربت الشمس لا ترتعب نوره يكفي . |
258 - حين يبحث الباحثون عن الماس يعثرون عليه في اعماق المناجم ، يجدونه اسود اللون ، قبيح الشكل ، مختلطا ً بالكثير من الشوائب ، ويخرجونه ويسلمونه الى من يعالجه ويصقله ويجهزه ، ويستخدم في ذلك ادوات ثقيلة وحادة ، يدق ويكسر ويقطع ، يضرب بالمطرقة في عنف ويشق الحجر ويقسمه ويعيد الضرب مرات كثيرة . من يرى ذلك يتصور ان هذا افساد للحجر واتلاف له وتشويه ، لكن الايام تمر والطرقات تستمر والقطع والشق لا يتوقف حتى يظهر الحجر لامعا ً صافيا ً يخطف البصر وتبدأ عملية التكسير . يكسر الصائغ الحجر الى احجام مناسبة ويصنع بمطرقته زوايا كثيرة . يصغر الحجر ويتضائل حجمه لكنه يزداد بريقا ً ويرتفع ثمنه ، وتوضع القطعة الصغيرة من الماس في خاتم عروس تتحلى به أو تنضم الى مثيلات لها تشكل قلادة تلتف حول عنق جميل او تتوسط تاجا ً يوضع على رأس ملك عظيم . بدون الصقل والتهذيب ، بدون القطع والكسر والتشذيب لا يصبح الماس ماسا ً ، بدون ذلك يبقى حجرا ً اسود قبيح الشكل لا قيمة له ولا ثمن . هكذا يصنع بك الرب ، يمد يده يلتقطك وحولك شوائب تشوهك ، وتمتد يده اليك يطرق ويطرق ويشق ويمزق ويقطع ويكسر ، ويتصور البعض ان هذا افساد واتلاف وتشويه وقتل ، لكن الله لا يصنع بك ذلك ابدا ً ، الله يصنع منك حجرا ً غاليا ً ، ثمينا ً نادرا ً ، يريدك ان تتوسط تاج الملك ، ملك الملوك ورب الارباب في المجد . في وسط الام ايوب ومعاناته وعذابه يقول : يَدَ الرَّبِّ صَنَعَتْ هذَا." ( ايوب 12 : 9 ) . عرف ان كل ما تصنعه يد الله ، تصنعه لتصقله وتهذبه ليزداد جماله ولمعانه وتألقه ويصبح مناسبا ً ليتوسط تاج الملك . قد تتوالى عليك الطرقات ، لا ترتعب . هذه الطرقات والتجارب والشدائد سوف تنزع عنك الغلاف الاسود . وقد تخترق جسدك سكين حادة ، تقطع وتهذب وتصقل . هذا التقطيع لتزداد الزوايا العاكسة للضوء بك لتتلألأ . الصدمات التي تصدمك هي التي تقوم بعمليات الصقل والتهذيب والقطع لتضاعف محاسنك ولتظهر مواهبك ولتكشف قدراتك وامكانياتك لتعلو تاج الملك . الله لم يخلقنا مرة واحدة ويتركنا بل في كل يوم يستمر يشكلنا ويستخدم لذلك تجارب وضربات وصقلا ً وتهذيب حتى نكتمل ونصبح على الصورة الجميلة التي يريدها لنا . |
259 -تواجهنا في الحياة مرتفعات علينا ان نتسلقها وجبال علينا ان نعبرها واحيانا نجد انفسنا مضطرين ان نعبر البحار ونخترق المحيطات ونستخدم ما لدينا من قدرة وقوة نحتاج اليها للتسلق او العبور . ونحاول ان نعتمد على انفسنا في مواجهة ذلك ونكل ونعرق ونتعب ونلجأ الى الله نطلب العون ويرسل الرب لنا روحه يعيننا ويرفعنا " لاَ بِالْقُدْرَةِ وَلاَ بِالْقُوَّةِ، بَلْ بِرُوحِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. " ( زكريا 4 : 6 ) . حين واجه داود الصغير جُليات الجبار ، لم يواجهه بما يملكه من قوة . لو كان واجهه بعصاه ومقلاعه لحطمه جُليات وسحق عظامه لكنه واجهه بقوة الله وبقدرة الله وبروح الله فانتصر عليه وقتله . حين تصعد مرتفعا ً راكبا ً دراجة تحاول الصعود بكل قوتك وتشعر بالتعب والأعياء وتمر بجوارك سيارة تنطلق الى فوق إن امسكت بها واستعنت بمحركها سرت بسرعة وصعدت بيسر ودون ان تبذل الجهد والعرق ، هكذا حين تعتمد على نفسك ، على قوتك وانت تصعد مرتفعات الحياة ، تكافح وتجاهد ، تعرق وتتعب ، تجرك الجاذبية الى اسفل وتكاد تفشل ، ثم تجد روح الله بجانبك يتحرك بقوة ، امسك به يرفعك دون جهد منك ، حين تعبر البحر او المحيط إن استخدمت قوة ذراعيك في التجذيف ، تتخاذل وتنهار وتتعب وتعجز ، لو جربت سفينة بخارية تصل بسرعة ، ليس عليك ان تحاول بقدمين عاجزتين ولا تجازف بذراعين واهنتين ، اعتمد على قوة الله وقدرة الله وروح الله ، تتسلق الجبل وتعبر البحر براحة ويسر . لماذا تحمل همومك على كتفيك ، الهموم ثقيلة والكتفان ضعيفان . الق ِ على الرب همومك يرفعها عن كتفيك . قوة الله في متناول يدك قدرة الله حولك وبجوارك بجانبك . كل ما عليك هو ان تمد يدك تمسك به ، تتعلق بروحه . كلما صادفك مرتفع يصعب عليك تسلقه انظر بعين الايمان حولك تجده يصعد المرتفع معك ، يصعد باقدام قوية وسيقان فتية وتراه يمد يده لك ويناديك ، امسك يده ، تعلق به ، وما ان تتلقف يده يدك حتى تجد نفسك تسير بقوة وتصعد بخفة . كلما واجهتك مشكلة او صعوبة او تجربة عليك ان تسبح فيها وتعبرها . لا تسبح وحدك ، لا تعتمد على قوة ذراعيك ، الامواج عالية عاتية ، البحر ممتد الى مدى البصر ، العبور شاق عسير لو حاولته وحدك ، هو يبحر معك ، يسبح قريبا ً منك ، يعبر المحيط بجوارك ويناديك ويشير اليك ان تمسك بيده الممدودة اليك . |
260 - نمر أحيانا ً وسط ضيق ، ننظر حولنا فنجد عن يميننا اسوار سوداء عالية وعن يسارنا أنياب مسنونة دامية ، وتضيق الأسوار وتميل علينا وتكاد تسقط تهشمنا ، وتتقارب الانياب ، تتحرك نحونا ، تزحف موجهة اسنانها ، تكاد تطعننا وتمزفنا ، وندعو الله ونصرخ من وسط الهاوية السحيقة المظلمة ، ندعو ونتوسل ونبتهل ، ويلاحقنا العدو ، يدفع الاسوار نحونا ، يحرك الانياب اتجاهنا ، وننظر برعب وعيون خائفة ، ترتجف قلوبنا وتذوب نفوسنا وننتظر . أحيانا ً نتصور ان الاسوار حطمتنا والانياب مزقتنا ونهشتنا ومتنا . ونسمع صوت داود يرنم " إِنْ سَلَكْتُ فِي وَسَطِ الضِّيْقِ تُحْيِنِي " ( مزمور 138 :7 ) . حتى والاسوار تنخفض تكاد ترقد علينا والانياب تمتد تكاد تخترق اجسادنا ، هو هناك ، هو معنا ، هو وسط الضيق ينقذنا ويحمينا . ويقول داود في مزموره الخالد " إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي . " ( مزمور 23 : 4 ) . كيف اخاف وهو معي وسط الضيق أو وادي ظل الموت حتى في ذلك لا اخاف . عصا الرب ترشدني وعكاز الله يعضدني . جاء المسيح الى بيت عنيا متأخرا ً . جاء بعد أن سبقه الموت واختطف لعازر وحملت مرثا ومريم جثة أخيهما ولفتاه بأكفان وأودعتاه القبر . لم يكن المسيح هناك فاستطاع الموت ان يضرب ضربته ويطعن طعنته ، وخرجت مرثا الى المسيح وقالت : لو كنت ها هنا لم يمت اخي لكنك لم تكن هنا . وحدهما في الضيق ، وحدهما في وادي ظل الموت لم يكن المسيح معهما . وقال لها المسيح بتأكيد وثقة سيقوم أخوك . - نعم يا رب . نعم أنا اعلم انه سيقوم في القيامة في اليوم الاخير . وقال لها المسيح " أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهذَا؟ " ( يوحنا 11 : 25 ، 26 ) . - . قَالَتْ لَهُ مرثا : " نَعَمْ يَا سَيِّدُ. أَنَا قَدْ آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ، الآتِي إِلَى الْعَالَمِ " ( يوحنا 11 : 27 ) . وعاد الأمل الى مريم ومرثا . إن سلكتُ وسط الضيق تحييني ، ويعود الامل الى كل من يمر بضيق ، يعود الامل الى نفوسنا ونحيا من جديد حتى لو طالت مدة الضيق ولو توانى الرب في المجيء لا نخاف ولا نفشل . لعازر كان قد أنتن ، كان له اربعة ايام ، طالت مدة الضيق والموت ، لكن المسيح قال : إن آمنتِ ترين مجد الله . إن آمنتْ ترى مجد الله ، وصرخ بصوت عظيم : لعازر هلم خارجا ً وخرج لعازر من القبر حيا ً .( يوحنا 11 : 40 – 44 ) . |
261 - امسكت في فعلة الزنى يلفت النظر في قصة المرأة التي أُمسكت وهي تزني في ذات الفعل ، أن دوافع رجال الدين لم تكن الحرص على تنفيذ الشريعة لمنع الشر في المجتمع ، لكنهم فعلوا ما فعلوا وقالوا ما قالوا، كي يضعوا المسيح في مأزق بحسب ظنهم! واستغلوا سقوط المرأة ، واستخدموه كشَرَك. كما أن هؤلاء الذين يدّعون المحافظة على إقرار العدل وتنفيذ القانون ، أمسكوا المرأة ؛ الإناء الأضعف ، وشهَّروا بها ، وتركوا الرجل شريكها ، يفلت من التشهير والعقاب . وهؤلاء الرجال الذين تعاملوا مع هذه المرأة بكل القسوة والعنف ، نسوا أنهم هم أنفسهم سقطوا في هذه الخطية ، وعندما سقطوا فيها تعاملوا مع أنفسهم بكل الشفقة والرأفة ، واختلَقوا لأنفسهم الأعذار والمُبررات. ونلاحظ كيف كشف المسيح حقيقتهم «وقال لهم: مَن كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر!». لقد أرادوا بخبث أن يشتكوا عليه ، أي يوجهوا إليه اتهامًا حتى ولو كان مُلفقًا ، فإذ به يأخذ مكانه الجدير به ، ويوجه لهم جميعًا اتهامًا حقيقيًا . وعندما وصل الاتهام إلى ضمائرهم ، بكتتهم فخرجوا من أمامه . ويا ليتهم ما خرجوا ، بل ظلوا في أماكنهم يطلبون منه الرحمة من حالتهم ، والغفران لكل خطاياهم ، فكان يستجيب طلبهم ، لأنه جاء إلى العالم خصيصًا ليطلب ويخلِّص ما قد هلك. وأرجو ألاّ تعتقد أن عبارة المسيح «مَن كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر!»، هي مُبرر للتهاون مع الخطية وتسهيل ارتكابها ، بل هي دليل على أن الله القدوس لا يدين فقط مَن أُلقي القبض عليهم وهم يُخطئون ، بل يدين أيضًا هؤلاء الذين يُخطئون ولا يراهم الناس . وهذه القصة توضح بجلاء النعمة والحق اللذين بيسوع المسيح صارا ، فبعد خروج جميع المُشتكين على المرأة ، الذين لم يجرؤ واحد منهم على رجمها ، لأنهم خطاة نظيرها ، وقفت بمفردها أمام الوحيد الذي له الحق أن يدينها ، لأنه القدوس ، ففوجئت به يقول لها: «ولا أنا أدينك». هذه هي النعمة. «اذهبي ولا تُخطئي أيضًا». هذا هو الحق . لقد غفر المسيح لهذه المرأة خطيتها بنعمته ، والغفران ليس تهاونًا مع الخطية أو نتائجها ، وليس مُبررًا لنا لنعيش فيها ، بل حافزًا يُحفز الخاطئ التائب ليحيا بالقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب «لأن عندك المغفرة ، لكي يُخاف منك» ( مز 130: 4 ) . |
262 - يحدثنا الكتاب المقدس ان فرعون ملك مصر رأى حلما ً أزعجه وأقلقه . رأى نفسه واقفا ً عند النهر وهوذا سبع بقرات طالعة من النهر حسنة المنظر وسمينة اللحم فارتعت في روضه ، ثم هوذا سبع بقرات أخرى طالعة ورائها قبيحة المنظر ورقيقة ، اللحم فوقفت بجانب البقرات الاولى على شاطئ النهر فأكلت البقرات القبيحة المنظر والرقيقة اللحم ، اكلت البقرات السبعة الحسنة المنظر والسمينة الللحم . وتكرر الحلم بسنابل سمينة وسنابل رقيقة ، واكلت السنابل الرقيقة السنابل السمينة . وفسر يوسف حلم فرعون عما سوف يحدث في مصر فالبقرات والسنابل السمينة هي سبع سنوات شبع تليها سبع سنوات جوع وتلتهم سنوات الجوع سنوات الشبع . وحديثنا اليوم لن يتناول قصة يوسف وفرعون ، لكننا نتأمل في سنوات الجوع وسنوات الشبع . تمر بنا سنوات حسنة المنظر وسمينة ، سنوات رخاء وشبع وراحة وخير ، وتمر بنا سنوات قبيحة المنظر رقيقة اللحم . تبتلع السنوات القبيحة السنوات الحسنة ، وننسى الشبع والراحة والخير ونتذكر الجوع والتعب والشر ونشكو . نشكو ونتذمر وفي شكوانا ننسى تماما ً ما مر بنا قبلا ً من راحة وخير . نتذكر الفشل وننسى النجاح . نتذكر الهزيمة وننسى النصرة . نتذكر الضعف وننسى القوة . نتذكر الحزن وننسى الفرحة . ننظر الى البقرات الرقيقة الضعيفة الهزيلة الجافة ونندب حظنا ونغلق اعيننا عن البقرات السمينة القوية الصحيحة العفية ولا نذكرها . ننظر الى السنابل الرقيقة الفارغة الرفيعة ونحزن ونكتئب . ونغلق انظارنا عن السنابل السمينة والحسنة والممتلئة خيرا ً ونهملها . الخير نقبل والشر لا نقبل . الخير ننتظر والشر نرفض . الله هو الذي يعطي الخير وهو الذي يسمح بالشر . حين يحل بنا الخير ، الواجب علينا أن نتلقاه ونشكره عليه ، وحين يحل بنا الشر ، الواجب علينا أن نقبله ونشكره عليه . يسهل علينا أن نشكر على الخير ويصعب علينا الشكر على الشر . لكننا إن كانت علاقتنا بالرب سوية سليمة دائمة مستمرة يسهل علينا ذلك . إن ثبتنا في المسيح وثبتت محبته فينا . إن داومنا على الإتصال به والشركة معه ، نقدر أن نشكر على القبيح كما نشكر على الجميل ، ونستطيع أن نشكر على السنوات العجاف كما نشكر على سنوات الشبع . لا تضيع عمرك تركز فيما يُؤلم ويُحزن ويوجع . إملأ قلبك بالتفاؤل وانظر الى ما يُفرح ويُبهج ويريح ، وهنيئا ً لك سنوات الشبع برغم سنوات الجوع . هنيئا ً لك السنابل الممتلئة برغم السنابل الجافة . اشكر دائما ً في كل حين ، فكل شيء من عند الله ، والله يقصد لك كل الخير وكل السعادة وكل الهناء . |
263 - ايليا نبي من اعظم الانبياء الذين صنع بهم الرب عظائم وعجائب خارقة . لم يكن ايليا يتميز عن غيره . كان انسانا ً مثلك ومثلي ، مثلنا جميعا ً ، يقول عنه يعقوب الرسول : كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا ، انسانا ً من لحم ودم ، انسانا ً ينجح ويفشل ، انسانا ً يتعب ويمرض ويتألم وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ . ، ثُمَّ صَلَّى أَيْضًا، فَأَعْطَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا ، وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ ثَمَرَهَا ( يعقوب 5 : 17 ، 18 ) . ويعلل الرسول يعقوب ذلك بالقول " طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا. " ( يعقوب 5 : 16 ) . طلبة الانسان الذي تحت الآلام إن كان بارا ً تقتدر كثيرا ً . وقف ايليا الانسان البار على جبل الكرمل وقال للشعب حتى متى تعرجون بين الفرقتين إن كان الرب هو الله فاتبعوه وان كان البعل ، الوثن ، الصنم المصنوع بالايدي هو الله فاتبعوه . وواجه اربعمئة وخمسون كاهنا ً للوثن وكان هو عبد الله وحده . وقال لهم : أحضروا ثورا ً واذبحوه وضعوه على مذبحكم واطلبوا من البعل نارا ً فإن نزلت من عند الهكم البعل النار واكلت الثور يكون هو الله . وسأصنع أنا مثلكم وأدعو الرب ونرى ماذا سوف يحدث . وابتدأوا هم . احضروا ثورا ً وقطعوه ووضعوه على المذبح وأخذوا يدعون البعل . صرخوا ونادوا وطلبوا ورقصوا وقطعوا أجسادهم وأسالوا دمائهم ولم يكن صوت ولا مجيب . وتقدم ايليا وأخذ ثور وذبحه ووضعه على المذبح وصب ماءً كثيرا ً على المذبح حتى جرى في القناة وملئها ورفع وجهه الى الرب وصلى وطلب من الله ان تنزل نار من السماء للمحرقة . استجاب الله للرجل البار ونزلت نار الرب واكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب ولحست المياه التي في القناة كلها ورأى الشعب ذلك وسقطوا على وجوههم وقالوا : الرب هو الله وآمنوا بالرب وقتلوا انبياء البعل . ايليا لم تكن به قوة خارقة تُنزل النار من السماء . ايليا كان رجلا ً بارا ً يؤمن بالله وبقوته الخارقة . صلى بايمان فاغلق الله كوى السماء ولم تمطر ثلاث سنوات ونصف . وصلى بايمان وفتح الله كوى السماء فامطرت وملأت الارض خيرا ً . طلب نارا ً من السماء وآمن بقدرة الله واستجابته له فنزلت النار . وأنت ، أنت لست أقل من ايليا . كان انسانا ً تحت الالام مثلك لكنه كان رجلا ً بارا ً وصلى وطلب وطلبة البار مقتدرة . صلي للرب ، اطلب بلجاجة وايمان يستجب . الله يسمع لك كما سمع لايليا ويستجيب حسب وعده إن طلبت بايمان . اسأل تُعطى ، اطلب تجد ، اقرع يُفتح لك . |
264 - كثيرا ً ما نتحدث عن الايمان ، دائما ً نتحدث عنه ، لكننا قليلا ً ما نفهمه ، وأقل من القليل أن نستخدمه . الايمان كما هو مكتوب " الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى " ( عب 11 : 1 ) ، باشخاص لا نراهم . أحيانا ً نرى عكس ما ننتظر ونظل ننتظر بيقين وثقة وتأكد . هذا هو الايمان . الايمان يحمل طلبتك الى الله ، يُلقي بها في صندوق بريد الله ، في حين الريبة والشك تتناول الطلبة باطراف اصابع مرتابة مترددة . ما فائدة الايمان إن احتفظت بالطلبة داخل قلبك لم ترسلها الى الله . ما فائدة الرسالة إن لم تضعها في مظروف عليه عنوان وطابع بريد وتلقي بها في الصندوق . يقول داود النبي " سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي " ( مزمور 37 : 5 ) . اترك له الطريق ، اعطه له وابتعد واجعله هو يُجري . حين تضع امام الرب طلبة او سؤالا ً بالايمان اتركه أمامه وعد فرحا ً باستجابته . قد لا تكون بوادر الاستجابة قد ظهرت لكنك بالايمان تراها ، ترها قد تمت وتحققت . طلب ايليا النبي من الله أن يكون مطر بعد أن جفّت السماء عدة سنوات ، وقال ايليا لآخاب الملك : " اصْعَدْ كُلْ وَاشْرَبْ ، لأَنَّهُ حِسُّ دَوِيِّ مَطَرٍ " ( 1 ملوك 18 : 41 ) . ولم تكن هناك علامة تؤكد مجيء المطر لكن ايليا كان يعلم ان الله آت بالمطر . وارسل غلامه ليتطلع نحو البحر ليرى غيمة صغيرة قدر كف انسان . وارسل الى الملك آخاب يقول : " اشْدُدْ وَانْزِلْ لِئَلاَّ يَمْنَعَكَ الْمَطَرُ "( 1 ملوك 18 : 44 ) . غيمة قدر الكف ، لكنه كان يعلم ان الله سيفتح كوى السماوات ويمطر . هكذا الايمان . سلّم للرب واتكل عليه . ارسل طلبتك لله واتكل عليه . القي على الرب همك وهو يعولك . ارمي بهمك عليه واتركه له ، لا تحمله ثانية . أحيانا ً نلقي الهم ونمسك بطرفه أو نحمله على اكتافنا ، مثل المرأة العجوز التي كانت تسير في طريقها تحمل صرة ثقيلة على رأسها فقابلها رجل عطوف يركب سيارة فتحنن عليها واركبها سيارته ليوصلها والتفت في مرآة سيارته ووجدها تجلس وصرتها على رأسها . اندهش لذلك وسألها : لماذا تحملين صرتك ؟ قالت له بسذاجة : يكفي يا بني ان حملتني انا في سيارتك ، أما صرتي فاحملها انا عنك .
الرب يقول لك : الق ِ علي همك . هاته ، يدي ممتدة لتتلقفه . انزله عن كاهلك . مد يدك به اليه ، دعه له ، اتركه وانسى . هذا هو الايمان . لا تدع همومك تضغط عليك . لقد القيتها عليه ، دعها له لا تحملها ، هو حملها عنك . |
265 - خلق الله الانسان ووضعه في جنة عدن . صال وجال وعاش في الجنة . خلق الله آدم على صورته كشبهه . كان آدم في صورة الله . كان على صورة الله في كماله . كان على صورة الله في قداسته . كان على صورة الله في بره . فعاش آدم في جنة عدن في رفقة الله وصحبته يلتقي به ويتكلم معه ويراه . ومد آدم يده الى شجرة معرفة الخير والشر وقطف الثمرة المحرمة وأكلها . وتدنس جوف الانسان ، دخلته الخطية ، وتشوهت الصورة التي كان عليها . فقد كماله وقداسته وبره وتلوث . تغيرت صورته وتبدلت ولم تعد على صورة الله . وخرج آدم الى الارض مع حواء وتكاثر الانسان وملأ نسله كل الارض .امتلئت الارض بمخلوقات آدمية غريبة تختلف عن آدم الذي كان يرى الله . ولأن به روح الله وفي تكوينه نفخة من الله جعلت فيه نسمة حياة لذلك كان يسعى دائما ً لأن يرى الله وتكون له شركة معه . لكن الكمال لا يلتقي مع النقص والقداسة لا تتواجد مع النجاسة والبر لا يصاحب الخطية . لا اتصال ، لا لقاء ، لا شركة ، لا بقاء معا ً . وعلى مدى الزمن حاول الانسان ان يعرف صورة الله . كيف يبدو الله ؟ . بعد ان فقد صورته ، فقد معرفته بصورة الله . كان ينظر الى نفسه فيرى الله ، لكن صورته الان اختلفت عن صورة الله . بحث عن صورة الله فيما حوله . الشمس والقمر والفلك والنجوم لا تعكس صورة الله . لم يجد في الطبيعة صورة الله . الجبل والوادي والبحر والنهر والحيوان والطير ، السماء والارض لا تجعله يرى الله . أراد ان يرى الله . أراد موسى أن يرى الله . قال الله : " الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ " ( خروج 33 : 20 ) . القداسة تقتل النجاسة . لا يمكن أن يُرى الله . كل ما رآه موسى كان مجد الله . في ملء الزمان رأى الانسان الله ، رأى المسيح . المسيح بهاء مجد الله ورسم جوهره . المسيح " الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً للهِ . لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ . وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. " ( فيلبي 2 : 6 – 8 ) . الله أخذ هيئة انسان ، واظهر الله نفسه للانسان في الانسان يسوع المسيح . الله الذي ظهر في الجسد ( 1 تيموثاوس 3 : 16 ) ، ولا يرى احد الله في هذه الصورة الا الانسان الذي عادت له صورته التي خُلق عليها . الانسان الذي اصبح في المسيح خليقة جديدة الذي لا يحيا هو بل يحيا المسيح فيه . ( 2 كورنثوس 5 : 17 ) و( غلاطية 2 : 20 ) . هذا فقط الذي يستطيع ان يرى الله كما كان آدم على صورة الله ويراه . هكذا انت إن كان ابن الله يحيا فيك بالمسيح تستطيع ايضا ً أن ترى الله . |
266 - كانت خدمة يوحنا المعمدان موضوع حديث الامة باسرها ، وكلن الآلاف يأتون لسماع رسالته . تسائل البعض عما إذا كان هو النبي ايليا ، وتسائل البعض الآخر عما إذا كان هو المسيح ، أما يوحنا المعمدان فكان يعرف تماما ً هويته الحقيقية . ( يوحنا 1 : 19 – 23 ) . حين تحقق نجاحا ً في مهنتك التي اخترتها لنفسك سوف يبدأ الناس يسألونك من انت ؟ وقد يكون هذا من أصعب الاختبارات التي يواجهها المرء في حياته ، لأنه ما من شيء يشبه النجاح والاسئلة التي تترتب عن ذلك للكشف عن قلب الانسان . وقد طرح الناس على يوحنا المعمدان ثلاث أسئلة تتعلق بهويته وهي أسئلة ما تزال مهمة لنا في وقتنا الحاضر . السؤال الاول ، سأل الناس يوحنا عما إذا كان هو المسيح . وعندما يحقق الناس نجاحا ً فمن السهل عليهم ان يعتقدوا انهم رجاء الله لشركتهم أو مدينتهم أو كنيستهم ، لكن إذا بدأ هذا الشعور يتغلغل في نفوسهم فسوف يسقطون بسبب كبريائهم وغرورهم . ثانيا ً سأل الناس يوحنا عما إذا كان هو ايليا ، وايليا هو النبي الذي تحدى اربعمئة نبي من انبياء البعل بمفرده وقد استخدمه الله لجلب الخلاص للشعب القديم . ويبدو ان مؤمنين كثيرين يحاولون تقليد خدمة ايليا أثناء حياتهم فهم يرون انفسهم وكأنهم النبي الوحيد على الجبل وآخر الصامدين ، لكن إذا سمحت لهذه الفكرة الخاطئة بالسيطرة عليك فسوف ينتهي بك المطاف معزولا ً عن الناس الذين انت في امس الحاجة لوجودهم في حياتك ، فسوف تصبح معرّضا ً لهجمات العدو . ثالثا ُ سأل الناس يوحنا عما إذا كان النبي . ومن بين هذه الاسئلة الثلاثة ربما يكون هذا السؤال الذي سيتم توجيهه الى غالبية المؤمنين . فربما تعتقد انك الشخص الذي يمتلك كل الاجابات والمسحة والحكمة اللازمة لأي موقف . لكن للأسف الشديد إذا سمحت لهذه الكبرياء أن تتغلغل في قلبك فسوف تصبح شخصا ً يصعب التعامل معه ويصعب تصحيحه ويصعب حتى التحدث معه . إن أسئلة كهذه تكشف بطبيعتها عن حقيقة قلوبنا وقد اجاب يوحنا المعمدان عن هذه الاسئلة الثلاثة بقوله : " أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ " . فرغم ان كل الهتاف الذي كان يحيط به الا انه بقي متواضعا ً في قلبه ، فقد كان ينظر الى نفسه على انه مجرد وعاء فارغ اختار الله ان يملأه . ان هويتنا نحن اولاد الله ، خدام الله ، جنود الله ، وطبيعة هذه الادوار تتطلب منا خضوعا ً دائما ً ، فيجب علينا ان نبقى خاضعين لسلطان الروح القدس وقيادته ومشورته ، كما يجب علينا أيضا ً أن نخضع للاشخاص الذين وضعهم الله في حياتنا لتوصيل الحق الينا ولمساعدتنا على تذكر من نكون ومن لا نكون . |
267 - لُقب ابونا ابراهيم خليل الله ، صديقه ورفيقه وصاحبه وخليله . والصديق والرفيق يصاحب ويجالس ويبقى ويكون دائما ً مع صديقه ، وبعد آدم لم يصاحب ويرافق انسان الله الا إبراهيم خليل الله . كان ابراهيم جالسا ً في باب الخيمة وقت حر النهار ونظر ثلاث رجال . واستضاف ابراهيم الرجال وصنع لهم طعاما ً قدمه لهم وأكلوا . وقال الرب لابراهيم : " فِي الْمِيعَادِ أَرْجعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ ." ( تكوين 18 : 14 ) . ظهر الرب لابراهيم وأقام عنده وتحدث اليه ووعده بابن له من سارة . ومشى ابراهيم مع الرب وكشف الله له خطته لسدوم وعمورة . أما ابراهيم فكان لم يزل قائما ً امام الرب . كان يشفع لاهل الارض . كان حكم القضاء عليهم هو الحرق بنار وكبريت من عند الرب ، من السماء . وأخذ ابراهيم يتشفع لهم : يا رب افتهلك البار مع الاثيم ؟ وقبل الله شفاعة ابراهيم وقال : إن وجدت في سدوم خمسين بارا ً أصفح . وزاد ابراهيم من شفاعته : يا رب أن اكلّم المولى وانا تراب ورماد ، ربما نقص الخمسون بارا ً خمسة ؟ وقال الله : إن وجدت خمس واربعين لا أُهلك . وقال ابراهيم : وان كان هناك اربعون ؟ قال الله لا افعل من اجل الاربعين . وتمادى في رجائه وقال : عسى ان يوجد ثلاثون ؟ قال الله : لا افعل . وزاد في طلبه وقال : عشرون ؟ وقبل الله شفاعته وقال : لا افعل من اجل العشرين . ثم قال ابراهيم : لا يسخط المولى فاتكلم هذه المرة فقط : عسى ان يوجد هناك عشرة ؟ فقال : لا اهلك من اجل العشرة . ( تكوين 18 : 23 – 32 ) . ولم تكن بالارض عشرة ، ولا عشرة ابرار . كانت صداقة ابراهيم مع الله شديدة . كان لا يبرح من حضرته يتحدث اليه . وتكونت تلك الصداقة ونمت بالتجارب والتداريب والاختبارات والامتحانات القاسية . نادى الله ابراهيم يوما ً وقال له : خذ ابنك وحيدك الذي تحبه ، اسحق واذهب الى ارض المريا واصعده هناك محرقة على احد الجبال الذي اقول لك . طلب غريب قاس ٍ ، تنفيذه صعب . اما ابراهيم فلم يناقش ، لم يتردد ولم يتوانى . بهذه الطاعة وذلك الايمان اصبح ابراهيم صديقا ً وخليلا ً لله . وانت وانا وكل انسان يطيع الله ويؤمن به يكون صديقا ً لله . ابراهيم آمن بالله وحُسب له ذلك برا ً . وانت ايضا ً إن آمنت هكذا يُحسب لك برا ً . |
268 - حياتنا سلسلة متصلة الحلقات ، وحلقات متلاحمة متتابعة متماسكة ، ورغم تلاحمها وتماسكها فهي مختلفة متباينة متعددة الاشكال والاحوال . حلقات نجاح ذهبية ثمينة وحلقات فشل رخيصة صدئة . حلقات فرح لامعة براقة وحلقات حزن سوداء مطفئة . حلقات مجد ورفعة بهية وحلقات وضعة وهوان محتقر . حلقات قوة كسهام مبرية وحلقات ضعف كأقواس منكسرة . ولا يمكن فصل تلك الحلقات أو استبدالها أو تغيير اشكالها فلا بد ان يفرح الانسان ويحزن ، يعلو الانسان ويهبط . لا بد ان يتقوى الانسان ويضعف ، يرتفع الانسان وينخفض . وكثيرا ً ما ننسى الله وقت الفرح ونسعى اليه وقت الحزن . ولا نقصده وقت القوة ونتخاذل ونصرخ وقت الضعف . حين تخور القوى ، حين يفشل الامل ، حين يضعف الرجاء ، حين يتمزق القلب ، حين تدمع العين ، حين يحل الوهن يتدخل الله ، يأتي ويتدخل وتسري قوته في الحلقات جميعها . ما ان ندعو الله حتى يستجيب . ما ان نستنجد به حتى يتدخل . يقول داود النبي عن المسكين الضعيف المريض العاجز : " الرَّبُّ يَعْضُدُهُ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ. مَهَّدْتَ مَضْجَعَهُ كُلَّهُ فِي مَرَضِهِ. " ( مزمور 41 : 3 ) . لا بد انك مررت بتجربة المرض . وهن جسمك وهزل وثقل فوجدت نفسك حبيس الفراش محاط باللون الابيض علامة المرض. ترقد على سرير ابيض ، تحنو عليك وجوه بيضاء في لباس ابيض ، تمتد اليك اياد ٍ بيضاء تقدم لك دواء وشراب ناصع البياض ، وتتحول اليهم بوجه شاحب تبتسم ابتسامة ضعيفة شاحبة ، وتربت عليك الايدي تهدّأ حركتك وتقيد رأسك الى الوسادة ، ويذهب البياض ويبتعد فترة وتغمض عينيك ويحل الظلام ويبرق وسط الظلام بريق قوي لامع يخطف البصر ويرجف القلب ، ويتحرك رأسك نحو مصدر النور وتركن رأسك على كتف قوي ، كتف قريبة منك لا تسعى اليها بل تسعى هي اليك ، تظهر دائما ً وقت الضعف . ما ان تلقي بثقل رأسك وهمك وتعبك والمك على تلك الكتف حتى تستريح ويدب في جسدك الواهن شعور بالراحة والامان والاطمئنان ، ويهمس صاحب الكتف في أذنك وفي قلبك : تقوّى تشجع ، تكفيك نعمتي ، قوتي في الضعف تكمل . انا الرب شافيك . ثق فيه . تمسك بوعده ، استعد قوتك . انظر اليه ، استند عليه هو ينقذك . |
269 - تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا ( متى 14 : 27 )
ما أشدّ حاجتنا نحن البشر، ولا سيما في هذه الأيام الأخيرة - أيام حروب وأخبار حروب ، وزلازل مدمرة ، وبراكين ثائرة ، ومجاعات ، وأوبئة ، وتجارب متنوّعة - إلى هذا التشجيع من رب المجد يسوع ، الإله الثابت... الذي "لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ" (يعقوب 17:1). لأن الرب يسوع " هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ " ( عبرانيين 13 : 8 ) . وهو يقول لكل منا اليوم : "مَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّانًا"(رؤيا 17:22). والرب يسوع يقول لنا اليوم : إنني على استعداد أن أشفي المرضى الذين يثقون بي ، ويلمسون ولو هدب ثوبي بالإيمان ، وأخلّص كل من ينظر إليّ بالإيمان تائبًا ومعترفًا بخطاياه وواثقًا في كفاية عملي الكفاري لأجله ، وأمتّعه بالحياة الأبدية. |
270 - حين وصل الشعب الى برية فاران على مشارف ارض كنعان الارض التي وعدهم الله بها ارسل موسى اثني عشر رجلا ً يتجسسسوا الارض وينظروا ما هي ومن يسكنها وجال الرجال داخل الارض اربعين يوما ً يفحصون الارض ويتعرفون على اهلها . كان الوقت وقت باكورات العنب فحملوا في عودتهم زرجونة أي غصن بعنقود واحد من العنب . عنقود كبير ثقيل حمله رجلان بينهما وحملوا ايضا ً رمانا ً وتينا ً وعادوا الى موسى . وقالوا حقا ً ان الارض تفيض لبنا ً وعسلا ً وهذا ثمرها وفير كثير ليس له مثيل لكن الشعب الساكن فيها قوي جبابرة عمالقة أقوياء طوال القامة اشداء بنوعناق وخافت الجماعة وفزعت وصرخت ورفعت صوتها وبكى الشعب لتلك الاخبار . بدأوا يتذمرون ويقولون : ليتنا متنا في أرض مصر أو متنا في القفر والبرية وافقدهم الخوف وعيهم حتى فكروا بالرجوع الى مصر تحت قيادة رئيس آخر غير موسى وتصدى يشوع وكالب الذين كانا ضمن الرجال الاثني عشر الذين دخلوا الارض . تصديا للعشرة الباقين وقالوا : الارض التي دخلناها جيدة جدا ً جدا ً وعلينا ان نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها واعترض العشرة على قولهم ، قالوا لا نقدر ان نصعد ، تلك الارض ارض تاكل سكانها ، قد رأينا هناك الجبابرة بني عناق فكنا في اعيننا كالجراد وهكذا كنا في أعينهم وغضب الرب على العشرة وعلى الشعب الخائف المتذمر ضد الرب وضرب الرب الجبناء العشرة بالوباء وماتوا امام الشعب وامام الرب أما يشوع وكالب الذين لم يخافا ولم يشكا في قدرة الرب وقوته فعاشا .( سفر العدد 13 ، 14 ) .
عندما تنظر الى نفسك وترى نفسك في حجم الجرادة ، هكذا يراك الناس . إذا استصغرت نفسك استصغرك الناس ، إذا استضعفت نفسك استضعفوك أما اذا وجدت نفسك قويا ً قادرا ً رأوك كذلك أيضا ً قويا ً قادرا ً . لا تطلبوا الحياة السهلة المريحة ، صلوا لتكونوا اقوياء . لا تطلبوا مسؤوليات تتناسب وقدراتكم المحدودة الصغيرة بل اطلبوا مقدرة تتناسب ومسؤولياتكم العظيمة الكبيرة . لا تبحث عن السهل . السهل مطلب الصغار ، الضعاف ، الجراد . ابحث عن الصعب . الصعب مطلب الكبار الأقوياء ، الابطال الاشداء . حين تواجه مسؤولية صعبة وعملا ً كبيرا ً عليك اتمامه وانجازه . لا تخف لا تستصغر قدراتك . لا تصرخ وتبكي وتولول وتتذمر . ارفع رأسك واصلب عودك وشمّر عن ساعدك وتقدم وأنجز العمل ، عند ذاك لا يبدو انجاز العمل وتحمل المسؤولية معجزة ، انت نفسك تكون المعجزة . الله لم يهيء لنا حياة مفروشة بالورود والازهار . الارض ليست ازهارا ً . يقول لنا بولس الرسول : " اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ . كُونُوا رِجَالاً. تَقَوَّوْا " ( 1 كورنثوس 16 : 13 ) . . |
270 - حين وصل الشعب الى برية فاران على مشارف ارض كنعان الارض التي وعدهم الله بها ارسل موسى اثني عشر رجلا ً يتجسسسوا الارض وينظروا ما هي ومن يسكنها وجال الرجال داخل الارض اربعين يوما ً يفحصون الارض ويتعرفون على اهلها . كان الوقت وقت باكورات العنب فحملوا في عودتهم زرجونة أي غصن بعنقود واحد من العنب . عنقود كبير ثقيل حمله رجلان بينهما وحملوا ايضا ً رمانا ً وتينا ً وعادوا الى موسى . وقالوا حقا ً ان الارض تفيض لبنا ً وعسلا ً وهذا ثمرها وفير كثير ليس له مثيل لكن الشعب الساكن فيها قوي جبابرة عمالقة أقوياء طوال القامة اشداء بنوعناق وخافت الجماعة وفزعت وصرخت ورفعت صوتها وبكى الشعب لتلك الاخبار . بدأوا يتذمرون ويقولون : ليتنا متنا في أرض مصر أو متنا في القفر والبرية وافقدهم الخوف وعيهم حتى فكروا بالرجوع الى مصر تحت قيادة رئيس آخر غير موسى وتصدى يشوع وكالب الذين كانا ضمن الرجال الاثني عشر الذين دخلوا الارض . تصديا للعشرة الباقين وقالوا : الارض التي دخلناها جيدة جدا ً جدا ً وعلينا ان نصعد ونمتلكها لأننا قادرون عليها واعترض العشرة على قولهم ، قالوا لا نقدر ان نصعد ، تلك الارض ارض تاكل سكانها ، قد رأينا هناك الجبابرة بني عناق فكنا في اعيننا كالجراد وهكذا كنا في أعينهم وغضب الرب على العشرة وعلى الشعب الخائف المتذمر ضد الرب وضرب الرب الجبناء العشرة بالوباء وماتوا امام الشعب وامام الرب أما يشوع وكالب الذين لم يخافا ولم يشكا في قدرة الرب وقوته فعاشا .( سفر العدد 13 ، 14 ) . عندما تنظر الى نفسك وترى نفسك في حجم الجرادة ، هكذا يراك الناس . إذا استصغرت نفسك استصغرك الناس ، إذا استضعفت نفسك استضعفوك أما اذا وجدت نفسك قويا ً قادرا ً رأوك كذلك أيضا ً قويا ً قادرا ً . لا تطلبوا الحياة السهلة المريحة ، صلوا لتكونوا اقوياء . لا تطلبوا مسؤوليات تتناسب وقدراتكم المحدودة الصغيرة بل اطلبوا مقدرة تتناسب ومسؤولياتكم العظيمة الكبيرة . لا تبحث عن السهل . السهل مطلب الصغار ، الضعاف ، الجراد . ابحث عن الصعب . الصعب مطلب الكبار الأقوياء ، الابطال الاشداء . حين تواجه مسؤولية صعبة وعملا ً كبيرا ً عليك اتمامه وانجازه . لا تخف لا تستصغر قدراتك . لا تصرخ وتبكي وتولول وتتذمر . ارفع رأسك واصلب عودك وشمّر عن ساعدك وتقدم وأنجز العمل ، عند ذاك لا يبدو انجاز العمل وتحمل المسؤولية معجزة ، انت نفسك تكون المعجزة . الله لم يهيء لنا حياة مفروشة بالورود والازهار . الارض ليست ازهارا ً . يقول لنا بولس الرسول : " اِسْهَرُوا. اثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ . كُونُوا رِجَالاً. تَقَوَّوْا " ( 1 كورنثوس 16 : 13 ) . |
271 - تبعوه منذ ان دعاهم ، صحبوه ورافقوه الى كل مكان . منذ دعى المسيح تلاميذه وهم يسيرون خلفه ويتبعونه . دعاهم من كل مكان . اثنان كانا يلقيان الشبكة ، تركا الشباك وتبعاه . رأى آخرين في السفينة يصلحان الشباك ، تركا السفينة واباهما وتبعاه . وكان متى جالسا ً عند مكان الجباية ، دعاه فقام وترك المكان وتبعه . التفوا حوله واكتمل عددهم وساروا ورائه وسمعوا اقواله ، رأوا اعماله ، عاينوا معجزاته ، عاشوا معه والتفوا حوله ، اصطفاهم واختارهم واختلى بهم وتحدث معهم وعلمهم . رأوه عن قرب لا كما رأته الجموع ، رأوه ربا ً وسيدا ً ومعلما ً . ورآهم هو عن قرب ، رأى ضعفهم كما رأى قوتهم . عرفهم جيدا ً . وفي جلسة خاصة معهم قال : " هذِهِ هِيَ وَصِيَّتِي أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ . لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ . أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ . لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيدًا، لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ، لكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي . " ( يوحنا 15 : 12 – 15 ) . الصياد الخشن اليدين ، المشقق الكعبين ، الاسمر الوجه والذراعين ، ليس عبدا ً لرب السماء ، لإبن الله ، لملك الملوك ورب الارباب ، ليس تابعا ً ولا تلميذا ً يسير ورائه ينفذ تعاليمه ومشيئته . هذا الصياد أصبح حبيبا ً ، صديقا ً ، رفيقا ً، محبوبا ً ، وانت وأنا وكل انسان يسمع كلام المسيح ويدركه ويؤمن به لا يبقى عبدا ً ، يصبح حبيبا ً إن فعل ما يوصيه به . ما أعظم هذه الصفة : حبيبه ، حبيب الله . والمسيح يفتخر بأحبائه ، يتلذذ بأصدقائه ، يسعد بتلاميذه . في النصرة أنت حبيبه ، وفي الهزيمة أنت حبيبه ، في القوة أنت حبيبه ، في الضعف أنت حبيبه . قال : " لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ . " ( يوحنا 15 : 16 ) . لم يختر الله عليّة القوم ، شرفائهم واغنيائهم واصحاب السلطة . لم يختر الله أصحاب الحسب والنسب ، اصحاب المجد والفخر والكرامة . اختارك انت ، دعاك أنت ، كلمك أنت ، أحبك أنت . هل تفعل بما أوصاه ؟ هل تفعل ؟ هل تقبل ما قاله ؟ هل تقبل ؟ هل تؤمن بصليبه ؟ هل تؤمن ؟ هل تنتظر مجيئه ؟ هل تنتظره ؟ فأنت حبيبه ، حبيب المسيح ، وهو حبيبك ، المسيح حبيبك . |
272 - يصور لنا يوحنا صورة رائعة في رؤياه تستحق التوقف عندها .(سفر الرؤيا 14: 1 – 5 ) : الخروف واقف على جبل صهيون ومعه مئة واربعة واربعون الفا ً يحملون اسم ابيه وصدح صوت من السماء ، صوت مياه ورعد عظيم ، صوت عازفين على القيثارة وارتفعت نغمات ترنيم ، ترنيمة جديدة ليست معروفة ومعلومة لأحد من قبل الا لهؤلاء المئة والاربعة والاربعين ، هؤلاء فقط الذين يحملون اسم الآب مكتوبا ً على جباههم الذي أُشتروا من الأرض ، الاطهار الذين لم يتنجسوا ، الذين يتبعون الخروف حيثما ذهب ، الذين لم يوجد في فمهم غش وبلا عيب . استطاع هؤلاء ان يعرفوا الترنيمة ويشتركوا في اللحن لأنها تخرج من اعماق القلب وخفايا النفس والاختبار والتجارب . تتكون الترنيمة ويتشكل اللحن من انغام الماضي وعزف الآن . قد تكون انغام الماضي ثقيلة قاسية أنينة حزينة باكية . وقد يكون عزف الامس كئيبا ً رهيبا ً داميا ً مخيفا ً مميتا ً لكنه يخلق في القلب رقة تستطيع ان تتلقى الترنيمة وتحفظها ويخلق في النفس حسا ً يستطيع ان يستقبل اللحن ويردده . هذه الجوقة من المرنمين جاؤوا من الارض ومروا في دروبها النجسة ، ساروا وسط آثامها وشرورها وخطاياها ، عبروا ولم يتنجسوا لأنهم تبعوا الخروف ، حمل الله ، آمنوا به واغتسلوا في دمه ، تطهروا ، أُشتروا ، خلصوا ، نجوا ، ماتوا معه وقاموا . هؤلاء فقط يستطيعون ان يتقنوا انغام السماء لا احد غيرهم يقدر ان يتعلم ويردد الحان الخلود . الملائكة لا تتقنها ، انت وحدك تستطيع ان تتقنها . الملائكة لم يحييوا في الارض كما نحيا وكما تحيا انت وتعيش . انت اختبرت الشدائد ، انت مررت في التجارب . لا يعرف تلك الانغام الا ابناء البشر المخلّصون . لا يفهم تلك الالحان الا اولاد الله المفديون . الصليب يخلق فينا أذنا ً موسيقية تعرف الترنيمة ، دم المسيح يخلق صوتا ً مناسبا ً يعزف النشيد . المسيح هو معلّم الترنيمة . المسيح هو قائد الجوقة . المسيح ضمك للفريق تغني وتشدو وترنم . النغم يحيا في قلبك . الترنيمة تملأ نفسك . ارفع صوتك ، سبّح ، رنّم ، غنّي وانشد الترنيمة الجديدة ، الترنيمة الخالدة . |
273 - منذ وطأ آدم الارض بقدمه وهو يحيا حياة كلها شقاء وتعب . قبل ان يطرد الله آدم قال له : " مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا " ( تكوين 3 : 17 ) . وارتبطت الحياة بالتعب ، كل الحياة تعب ، تعب كلها الحياة ، كل ما حولك تعب ، تستيقظ صباحا ً لتتعب ، تستلقي مساء ً من التعب . الحكيم هو من يقلل من قدر التعب والجاهل من يتردى في بالوعة التعب . والانسان يسعى نحو الراحة ، يبحث عنها ، يريدها ويتمناها ويترجاها وما ان يجد مكانا ً يناسبه حتى يلقي بجسده عليه لكي يستريح . في وسط احتياجات الشعب والمسيح يكرز ويعلّم ويشفي ويطعم ، نظر الى تلاميذه ووجد التعب قد تمكن منهم ، ناداهم وقال لهم : " تَعَالَوْا أَنْتُمْ مُنْفَرِدِينَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ وَاسْتَرِيحُوا قَلِيلاً " ( مرقس 6 : 31 ) . وتبعوه ، تبعوه حيث الراحة ، الراحة الحقيقية عنده . يقول المسيح لنا : تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ . "( متى 11 : 28 ) . مهما كانت متاعبك ، مهما كانت اثقالك ، مهما كانت احمالك ، هو الذي يريحك . لماذا تحمل اثقالك ؟ لماذا تتعب ؟ لماذا تحمل كل الهموم على رأسك وكتفك ؟ لماذا تحمل اثقال العالم ؟ لماذا تحمل هموم الدنيا ؟ لماذا هذا التعب كله ؟ انت لست المسؤول عن العالم . ليس الهم همك ، لماذا تهتم وتقلق ؟ الله هو سيد العالم ، الله هو قبطان السفينة ، الله هو الربان . كل الجلبة والضوضاء لا تزعجك ، كل الصخب والفوضى لا تفزعك . يد الله تقبض على كل شيء . الله هو الذي يسيّر كل شيء ، هو القائد . لا تتعب نفسك ، لا ترهق نفسك ، لا تهتم ولا تقلق ، استرح ، استرح . حين تلفت موسى ورائه ووجد الوفاً من الناس تتبعه . حين فكر في ما سوف يعانيه في قيادة الشعب ، حين ثقل ذلك زادت صعوبته ، قال لله : يا رب انت قلت لي اصعد هذا الشعب كيف اصعده . يا رب انت قلت لي قد عرفتك باسمك نلتُ نعمة في عينيك .( سفر الخروج 33: 12 ) . إن كنت قد نلت نعمة في عينيك علمني طريقك ، قدني ، اعنّي . وقال له الله : " وَجْهِي يَسِيرُ فَأُرِيحُكَ. ( خروج 33 : 14 ) . حين يسير وجه الله امامك تستريح ، هو الذي يقود ، هو القائد . حين يسير وجه الله امامك تستريح ، هو الذي يسيّر السفينة ، هو الربان . في متاعب الحياة ، في همومها ومشاكلها وضغوطها واثقالها قل مع المرنم : في الضعف قوي عزمي برحمتك فيستريح جسمي بنعمتك . |
274 - التجارب التي نمر بها هي لتقوية ايماننا وصمودنا . حين تهزنا التجارب تتعمق جذور الايمان وتتقوى وتمتد . إذا كنت تمر الآن في ضيقة لا تفزع ، الرب يقوي ايمانك ، لا تركز همك في التجربة ، القي بنفسك بين ذراعي الله ، القي همك عليه ، دع مشكلتك بين يديه ، أرح ثقلك على كتفيه ، لا تحاول ان تحل المشكلة ، لا تجاهد لتحمل الثقل ، لا تبذل جهدا ً ، هو الذي يُجري ، هو الذي يفعل ، هو الذي يحمي ، هو الذي ينقذ . هل تخاف ؟ هل تخشى ان لا تستطيع ؟ هل تخاف الفشل والسقوط ؟ الخوف ليس عيبا ً ، لكل منا يوم خوف . قل له : " فِي يَوْمِ خَوْفِي، أَنَا عَلَيْكَ أَتَّكِلُ " ( مزمور 56 : 3 ). التدريبات تسبب خوفا ً والخوف يقود الى الاتكال على الله . قال الله لابراهيم : " قَدْ جَعَلْتُكَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ " . ووقف ابراهيم يسمع وعد الله ، وقف امام الله الذي آمن به ، الذي يحيي الموتى ويدعو الاشياء غير الموجودة كأنها موجودة . فهو على خلاف الرجاء ، آمن على الرجاء لكي يصير ابا ً لامم كثيرة . كيف يكون ابا ً لامم كثيرة وهو قد صار مماتا ً ؟ كان ابن مئة سنة . من اين ؟ كيف يحدث ذلك ؟ هو قد صار مماتا ً وسارة أيضا ً ، لكنه على خلاف الرجاء آمن ، لم يرتب في وعد الله . إن كان قد أصبح مماتا ً فالذي آمن به يحيي الموتى . هذا هو الايمان وسط الضيق ، يظهر ويتقوى ويزداد . الايمان لا يعتمد على الوجود ، يعتمد على كلمة الله ووعده . الايمان لا يحتاج ان نسير في ارض معبدة سهلة مستوية . الارض الوعرة الصعبة الجافة الخشنة القاسية تقوي الايمان . المادة الخام لصناعة الايمان هي التجارب والمشقات . قال المسيح لتلاميذه حين جاء المساء وحل الظلام : " لِنَجْتَزْ إِلَى الْعَبْرِ " ( مرقس 4 : 35 ) . وتقدمهم الى السفينة وصرف الجموع وذهب الى آخر السفينة وجائت العاصفة وحدث النوء وهبت الريح وتعالى الموج وكان معهم لكنه كان نائما ً في المؤخر على وسادة . فزعوا وصرخوا وايقظوه : يا رب أما يهمك اننا نهلك ؟ اراد ان تقوي العاصفة ايمانهم . اهتزوا وخافوا ، وقام ، كان معهم في نفس السفينة ، " فَقَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيحَ ، وَقَالَ لِلْبَحْرِ: «اسْكُتْ! اِبْكَمْ!». فَسَكَنَتِ الرِّيحُ وَصَارَ هُدُوءٌ عَظِيمٌ . " . لولا العاصفة لما اسكت المسيح البحر ، لولا الزوبعة لما حدث هدوء عظيم . التجربة تقوي الايمان . الضيق يجلب الصبر . |
275 - يتحدث الله معنا بطرق مختلفة وبوسائل كثيرة ، يحدثنا بكلماته المكتوبة في كتابه ويحدثنا شفاهة بلسان اولاده ويحدثنا بالاشارة والرمز في خليقته وخلائقه ، يحدثنا بالتجارب والاختبارات وظروف الحياة حولنا . يحدثنا في الليل وفي النهار ، يحدثنا في الظلمة وفي النور ، يحدثنا في الضيق وفي الفرج ، يحدثنا في الصحة وفي المرض ، يحدثنا وحدنا في خلوتنا معه ، ويحدثنا ككنيسة وكجماعة معا ً . دائما ً يتحدث الله معنا . ويتحدث معنا احيانا ً حديثا ً خاصا ً موجها ً لنا ، حديثا ً ليس للنقل . ويتحدث معنا احيانا ً حديثا ً عاما ً يكلفنا به لننقله ونتحدث به ونعلنه للغير . وحديثه الخاص يكون مرات في الظلمة ومرات في النور . في ظلمة المرض يذكرنا بوعوده وعهوده بشفائنا ، في ظلمة الحزن يثبتنا بتعزياته . في ظلمة الالم حديثه يُعطي نعمة وصبرا ً واحتمالا ً . في ظلمة الوحشة يملأ علينا وحدتنا . وترفعنا كلماته وتنير لنا الظلمة . لولاها لخنقنا الظلام وحطمنا الحزن . وتقربنا الظلمة منه وتخفي عنا كل ما حولنا فنعرفه ونحس به وندرك محبته . كلام التعزية والتشجيع والتقوية لا نسمعه وسط ضجة الحياة وضوضائها . وحديثه العام يكون مرات في الظلمة ومرات في النور أيضا ً . قال المسيح لتلاميذه : " لَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ ، وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ.اَلَّذِي أَقُولُهُ لَكُمْ فِي الظُّلْمَةِ قُولُوهُ فِي النُّورِ، وَالَّذِي تَسْمَعُونَهُ فِي الأُذُنِ نَادُوا بِهِ عَلَى السُّطُوحِ ، " ( متى 10 : 26 ، 27 ) . كان المسيح يعلم تلاميذه ويتكلم معهم على انفراد وفي الظلمة ويتكلمون مع الناس في النور . اختلى الله مع موسى على الجبل وحده منفردا ً ليحمل كلامه للشعب كله ونزل موسى من على الجبل يحمل في يديه لوحي الشريعة والناموس . وأخذ الله ايليا النبي وسار به وادخله الى مغارة في جبل الله حوريب . اظهر الله ذاته لإيليا وعبر امامه وكلمه وكلفه ان يتكلم بكلامه . وامضى بولس الرسول السنوات في العربية وحده مع الله يختلي به وخرج وعاد يحمل رسالته الى الامم والعالم اجمع ولي ولك ولجميعنا . يكلمنا الله في الظلمة ونرى الله وسط الظلام ونسمع صوته في السكون ، ونقبل الظلمة بكل ما فيها ونسعد بما رأيناه وسطها وما سمعناه فيها ثم نخرج نحمل للعالم رسالة القوة والعزاء والتشجيع والرجاء . العطلة التي تقضيها مع الله في الظلمة رؤية ومهمة ومسؤولية عليك . حين يرفع الله الظلمة عنك إذهب وتحدث للناس علانية في النور . لا تخشى احدا ً لا تخف ممن له سلطان على الجسد ، الله يحفظ روحك ويحميك وينقذك .
|
276 - لعنة الخطيئة
إن سمعتَ لصوت الرّبّ إلهك مبارَكًا تكون في كلّ ما تمتدّ يدك إليه. وإن لم تسمعْ يرسل لك القلقَ والاضطراب حتّى تهلك (تثنية 28). اللّعنة هي خلاف البَرَكة. البَرَكة حضور الله واللّعنة غيابه، أو ، بالأحرى ، تغييبه، لأنّ الله لا يغيب من ذاته عن خليقته. البَرَكة خير واللّعنة ويل. البَرَكة حياة واللّعنة موت. البَرَكة فرح واللّعنة شقاء. البَرَكة سلام واللّعنة اضطراب. البَرَكة ثمرة البرّ، والبرّ رضى الله، ورضى الله أبويّ لأنّ الله محبّة. أمّا اللّعنة فثمرة الخطيئة ، والخطيئة موقف وسلوك كأنّه ليس إله. "ما يزرعه الإنسان إيّاه يحصد" (غلا 6: 7). لذا أجرة الخطيئة هي موت (رو 6: 23). "أمّا كلّ مَن يصنع البِرّ فمولود من الله" (1 يو 2: 29). لا يمكن أن يكون هناك زرع إلاّ ويكون هناك ، مقابله ، حصاد. "ما يزرعه الإنسان إيّاه يحصد". الخطيئة الّتي يقترفها الإنسان تبثّ لعنة لا محالة . . إذا كان الله قد خلق كلّ شيء حسنًا، فكلّ ما ليس حسنًا لا يكون من الله . فإذا لم يكن من الله ، فمِمَّ يكون ؟ من الخطيئة . لا شيء يحدث في الخليقة إلاّ بإرادة الله أو بإذن الله . لأنه لا تسقط شعرة من رؤوسكم إلاّ بإذن أبيكم.... لا يحدث شيء بإرادة الله إلاّ إذا كان صالحًا. ما ليس صالحًا يحدث، إن حدث، بإذن الله. وما يحدث بإذن الله للخراب والمضرّة يكون لأنّ ثمّة مَن يزرعون رديئًا. لكنْ ، بمحبّة الله ، ما يحدث بإذنه يستحيل خيرًا للّذين يتوبون إليه ، أي للّذين يعودون عن خطاياهم . لأولئك الّذين تلقاهم مأخوذين ببناء آبار لا تضبط ماء يقول إشعياء النّبيّ : "توانوا وابهتوا وتلذّذوا واعموا... الرّبّ سكب عليكم روح سبات وأغمض عيونكم... هاءنذا أعود أصنع بهذا الشّعب عَجَبًا وعجيبًا فتبيد حكمة حكمائه ويختفي فَهْم فهمائه" (إش 29: 9 – 10، 14)! أمّا أنتم "فاحترزوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسُكْرٍ وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة" (لو 21: 34)! |
277 - توافينا وسائل الاعلام كل يوم باخبار واحداث مثيرة ، فيروس جديد يهاجم الانسان لم يجد العلماء له علاجا ً ، جفاف في افريقيا ، مئات الالوف يموتون جوعا ً في أقل من اسبوع ، انقلاب عسكري في بلد وحرب اهلية تحصد الالاف كل يوم ، ارتفاع نسبة البطالة في العالم والتضخم يصل الى اعلى معدل منذ عشرين سنة ، وغير ذلك من اخبار مفزعة تجعل الناس تعيش في حالة قلق وتوتر وخوف . الكآبة تعلو الوجوه والخوف يملأ القلوب والتشاؤم يلون الحياة ، ماذا لو اصابنا مرض لا علاج له ؟ أو حل بنا وباء افترس الملايين ؟ ماذا لو فقد البعض عقولهم وبدأوا يتقاتلون ويتصارعون ويفنون بعضهم بعضا ً ؟ ماذا لو اعتدى علينا جيراننا وغزوا بلادنا وقتلوا شبابنا وحرقوا ديارنا ؟ ماذا لو فقدنا وظائفنا وانقطعت بنا سبل العيش واستغنوا عن خدماتنا ؟ و يعيش كثيرون قسوة هذا ال لو ، لو ، ولو ، ولو ، قلق وتوتر وخوف ، وفي غمرة تلك الاخبار المشؤومة لا نسمع الصوت : " أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا." ( متى 14 : 27 ) . ، انا هو الممسك بزمام الحياة لا يهاجمكم فيروس قاتل لا يوقفه علاج ، انا هو المعطي المطر ، المحرك الافلاك ، المتحكم في الارض والشمس والنجوم جميعها ، لا تجف الارض ولا يموت الزرع ولا يندر الطعام ، ابوكم السماوي يقوتنا كلنا ، لا تخف رصاصة قاتلة ، لا تخشى طعنة قاتلة ، " الرَّبُّ مُعِينٌ لِي فَلاَ أَخَافُ. " ( عبرانيين 13 : 6 ) . مهما علا صراخ الاحداث ، مهما ارتجت الارض بالمصائب ، مهما سقط حولك الالوف ، مهما اظلمّت الحياة وامتلأت بالشقاء ، الرب معين لك ، ماذا يصنع بك انسان ؟ ماذا يستطيع الانسان ان يصنع بك ؟ الرب راع ٍ لك ، الرب راعيك يرد نفسك ، يهديك الى سبل البر من اجل إسمه ، أيضا ً إذا سرت في ظل وادي الموت ، حتى وادي ظل الموت لا تخف ، الرب نفسه معك ، وسط الامراض القاتلة التي تحصر الناس ، وسط انّات وتوجعات المرض ، وسط الجفاف والجوع والفقر الذي يقتل الالوف ، وسط حشرجات الجياع ، وسط طلقات الرصاص ، وسط نزيف الدم ونشاط منجل الموت الاسود ، وسط ذلك كله نجد الرب ، خير الرب ورحمته يتبعانك كل ايام حياتك ، ارفع وجهك الى فوق ، الى الله عونك ومعينك ، الجأ الى ينبوع القوة الى الرب قوتك ومقويك تحيا في السلام برغم انعدام السلام على الارض ، ترتع في الراحة برغم ندرة الراحة على الارض .
|
278 - الجناحان للطير قوة وحركة وكيان ، الجناحان قوة يواجه بهما الريح ويخترقها بقدرة وبأس . الجناحان حركة ينتقل بهما سعيا ً وراء طعامه وشرابه وأمانه . الجناحان كيان وكبرياء وتميز يتباهى بهما ويؤكد ذاته . الطائر الذي يسكن الجبال العالية والاشجار الشامخة جناحاه طويلان عريضان ، والطائر الذي يعيش في الاودية المنبسطة الخضراء جناحاه قصيران دقيقان . الجناحان للطير يعملان عمل اليدين والرجلين للانسان ، يعمل بهما وينتقل ويتحرك ، يفردهما على اتساعهما وهو يسبح في الفضاء طائرا ًُ من مكان لآخر ، يحركهما بكل قوة وسرعة وهو يواجه العواصف والتيارات العنيفة فإذا تعب من الطيران يقف ويرخيهما ويهدأ ويسكن ويستريح . رأى النبي حزقيال شبه اربعة حيوانات لها شبه انسان لكل اربعة وجوه واربعة اجنحة ولما وقفت ارخت اجنحتها ( سفرحزقيال ) . ، وقفت وسكنت وهدأت وأرخت اجنحتها ، وسمع صوت الرب ، الصوت سُمع عندما إرتخت الاجنحة وسكنت حركتها . سكنت الاجنحة ، لم تعد ترف ، لم تعد تتحرك ، توقف ارتجاجها واهتزازها . كم من المرات نجثو في حضرة الرب ، نجثو ولكن ارادتنا ترف ورغباتنا تجمح ولا نسمع صوت الرب ، لا نسمعه ، طوال تحرك الاجنحة لا نسمع صوته ، لكننا حين نقف أمامه وقد أرخينا الاجنحة ، حينئذ ٍ نسمع صوت الرب . حين نرخي قوتنا ، حين نرخي تحركنا ، حين نرخي ذاتنا وكياننا نسمعه . كم من المرات نضع طلباتنا امام الرب ولا ننتظر ولا نرخي الاجنحة ، لا يأتينا الجواب ، نسير حسب ارادتنا ونضيع الوقت والعمر ونخسر . قف ، اهدأ ، انتظر ، اسكن ، توقف ، ارخي جناحيك ، ارخي قوتك ، ارخي حركتك ، ارخي ذاتك وكيانك ، تظهر قوة الله ، ترى عمل الله ، تعاين مجد الله وقداسته . إذا ارخيت جناحيك تسمع صوت الله ، تشاهد وجه الله ، تعرف طريق الله ، تطير كالبرق دون توقف ، تسير بسرعة دون تردد ، دون قلق أو شك . اتبع ارشاد الله . سر وفق خطة الله . اقتفي أثر روح الله . ما اعذب صوته . ما احلى سلامه . ما اعظم جوده . ارخي جناحيك تسمع وتتمتع وتسعد وتبتهج بالرب .
|
279 - تواجهنا في الحياة مواقف وتحديات وظروف تقف في وجوهنا شامخة جبارة عاتية تملأ الفضاء وتخفي السماء وتحجب الشمس وتسد الطريق وتزلزل الارض ، ننظر اليها فنفزع ونرتعب ونغوص في احذيتنا ونختفي في ملابسنا خوفا ً وعجزا ً .ظهر الله لموسى في البرية وتكلم معه من العليقة المتقدة بالنار ولا تحترق ، قال له انا اله ابيك ، اله ابراهيم واله اسحق واله يعقوب ، اذهب الى مصر الى فرعون ، ورأى موسى فرعون وحشا ً كاسرا ً مخيفا ً ورأى نفسه راعي غنم ضئيل حقير فقال وجسده يرتعش كله رعبا ً : "مَنْ أَنَا حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى فِرْعَوْنَ " وحتى اخرج الشعب ؟( خروج 3 : 11 ) . دخل رجال ارض كنعان يتجسسون ورأوا الارض تفيض لبنا ً وعسلا ً لكنهم رأوا سكان الارض عمالقة اقوياء اشداء ورأوا انفسهم كالجراد ( عدد 13 : 33 ) ، وهرب شعب الرب من المديانيين واختفوا في الكهوف خوفا ً وفزعا ً وعجزا ً. وأتى ملاك الرب الى جدعون وقال له : اذهب بقوتك وخلص الشعب من كف مديان . كان جدعون يعرف قوة وكثرة وبأس المديانيين فقال : " بِمَاذَا أُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ ؟ هَا عَشِيرَتِي هِيَ الذُّلَّى فِي مَنَسَّى ، وَأَنَا الأَصْغَرُ فِي بَيْتِ أَبِي " كيف اخلّص الشعب . ( قضاة 6 : 15 ) . مواقف وتحديات وظروف كبيرة في مواجهة افراد ضعاف صغار بسطاء . الله كان يعرف هؤلاء الرجال واعدهم لمواجهة التحديات والقيام بالواجبات . راعي الغنم وقف في وجه فرعون وانتصر عليه واخرج الشعب من ارض مصر . الرجال الذين كانوا يرون انفسهم كالجراد دخلوا الارض وهزموا العمالقة . الاصغر في بيت ابيه اصبح جبار بأس نكل بالمديانيين وخلّص الشعب منهم لان الرب كان معهم ، قوة الله عوضت ضعفهم وجعلتهم اقوياء . هل ترى نفسك اصغر من التحديات والمواقف والظروف التي حولك ؟ هل تجد نفسك صغيرا ً ؟ هل تخشى الاعداء الذين يحيطون بك جبابرة عتاة ؟ لا تخف لا ترتعب لا تتردد وتهتز ، الذي معك اقوى منهم واعظم . يقول الله لنا : قَوِّمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ ( عبرانيين 12 : 12 ) ، قوموها . ما دام الله معك يدك قوية ليست مسترخية وركبك عفية ليست مخلعة . " الرَّبُّ مَعَكَ يَا جَبَّارَ الْبَأْسِ " ( قضاة 6 : 12 ) .لا تتردد تقدم . الرب معك يا رجل الله لا تخف تقوى .
|
280 - يمر المحراث في الارض ويطعن بسلاحه قلبها ويشقها ويمهدها ، ثم تُلقى البذار في الارض المشقوقة وتنمو وتعلو وتُزهر وتُثمر ، وتُجمع عيدان القمح وتُحزم وتُلقى على الارض ويُدق القمح ليُصبح خبزا ً . ويُستخرج الملح من البحر ويُكوّم ويُطحن ويُنقّى ليملح الطعام . توقد الشمعة ويحترق فتيلها ويشتعل بالنار لتقدم النور للناس . لو لم يُشق قلب الارض بالمحراث لما اخرجت الثمار . لو لم يُدق القمح ويتكسر تحت الطرقات لما انتج الخبز . لو لم يُصحن الملح تحت ضربات الطاحون لما تملّح الطعام . لو لم تشتعل الشمعة بالنار وتحترق لما أشعّت النور حولها . الارض التي لا تُحرث لا تُثمر . القمح الذي لا يُدق لا يُؤكل . الملح الذي لا يُسحق لا يصلح . الشمعة التي لا تحترق لا تُنير . حين يريدك الله ان تُثمر و تُزهر يسمح لسيف المحراث ان يشقك . إذا ارادك الله ان تكون خبزا ً لاشباع الجياع حولك يدقك . لكي تكون ملحا ً صالحا ً نافعا ً للارض قد يسحقك الله او يطحنك . لتُنير العالم وتطرد الظلمة وتضيء الطريق تحترق فتيلتك وتشتعل . نحن نُشق لنُثمر ونُدق لنُطعم ونُطحن لنملح ونحترق لننير . المشقات والعقبات والمعاناة والالم سبيل ٌ للخدمة والبطولة والمجد . ابطال الايمان مروا جميعا ً بالمعصرة . ابراهيم ابو المؤمنين عاش غريبا ً . يعقوب جاهد وتعب وعمل وتألم . يوسف بيع عبدا ً وتعذب وظُلم وسُجن . داود عاش هاربا ً مطاردا ً مختبئا ً وضاقت الدنيا في وجهه . بولس الرسول ضُرب وأُهين وسُجن وقُيد وحوكم ورُجم . بقدر الآلام تكون النُصرة ، بقدر التجارب تكون الغلبة . الله لا يعصم اولاده من الألم ، هو يكللهم به ويمجدهم . يسوع المسيح نفسه كان رجل أوجاع ٍ ومختبر الحزن . حين تتوالى الدقات عليك الله يُعدّك للشهادة له ولخدمته ، لا تبتأس ولا تحزن ، افرح تهلل واشكر " لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ . " ( فيلبي 1 : 29 ) .
|
281 - ما ان نسلّم للرب حياتنا ونسلك في طريقه حتى تتراكم امامنا الصعاب . أحيانا ً نتصور العكس ونتوقع ان الله سوف يطرد بقوته الشدائد من امامنا . سار الشعب في البرية سنوات وما ان وصلوا الى مشارف ارض كنعان حتى واجهوا العمالقة ، وقفوا في وجوههم واعترضوا طريقهم ، طريق التقدم . بولس الرسول حين كان بعيدا ً عن طريق الرب ، سار حياته بسهولة ويسر لكنه في الدقيقة التي قبل فيها الرب تسرب الصراع الى حياته ، صراع دائم مستمر ، نبتت الاشواك الحادة القاسية امامه ، تجمعت الشدائد والاخطار وعظمت . ما ان بدأ المسيرة مع الرب حتى بدأ الكفاح والصراع الذي لم يتوقف أبدا ً . ما ان خطى الطريق لحمل رسالة الخلاص للامم حتى قام عليه اليهود ليقتلوه . هاج البحر وكاد ان يبتلعه لو لا ان ارسل الرب اليه قطعة خشب لينقذه . ومن محاكمة الى ضرب الى جلد الى اهانة الى اتهام ظالم الى شوكة في الجسد . ويكتب الرسول الذي يصارع التجارب والاضطهاد بضراوة وعنف في رسالته الثانية الى اهل كورنثوس 4 : 8 ، 9 ، 10 ويقول : " مُكْتَئِبِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، لكِنْ غَيْرَ مُتَضَايِقِينَ " .التجربة تسبب الاكتئاب للوهلة الاولى لكن سرعان ما يدرك المؤمن انه يصارع بسبب ايمانه فيختفي الضيق والتذمر " مُتَحَيِّرِينَ ، لكِنْ غَيْرَ يَائِسِينَ ." وهذه مرحلة اخرى للصراع ، مرحلة التحير . الحيرة ليست لعدم فهم ارادة الله بل الحيرة لمعرفة الطريق الذي نسير فيه ، ويظهر نور الرب وسط ظلام الحيرة يرشد ويقود الى الطريق المستقيم . ثم يقول : " مُضْطَهَدِينَ ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ " . وفي هذه المرحلة يجثم الاضطهاد علينا ، يضغط ويثقل وتتصاعد حدته لكننا وسط الاضطهاد نرى وجه الله ، وسط الاتون يسير معنا فلا تحترق شعرة من رؤوسنا ، هو لا يتركنا والمؤمن المضطهد وحده هو الذي يرى الرب يسير بجواره يعضده ويسانده ويتوالى الصراع ويتمادى العدو في هجومه لكننا نكون " مَطْرُوحِين َ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ . " . حتى لو صرعنا والقى بنا العدو وملأ جسدنا بالطعنات وغطت الجروح صدورنا لا نهلك ، أبدا ً لا نهلك ، الضربات ليست الاخيرة ، الطعنات ليست القاضية . نعمة من الله تلحق بنا وتغلف حياتنا . قوة الله تكفينا وتحمينا وتحيينا . ويصل المؤمن الى الذروة فيقول الرسول المضطهد : " حَامِلِينَ فِي الْجَسَدِ كُلَّ حِينٍ إِمَاتَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ " . الموت يتحول الى حياة ، الهزيمة تتحول الى نصرة ، الجلجثة تقودنا الى القيامة ، وتعود الينا قوة المسيح .
|
282 - كان زكريا رجلا ً متقدما ً في الايام وكانت اليصابات عاقرا ً ، لم يكن لهما ولد وبينما زكريا يكهن في نوبته امام الله ظهر له ملاك الرب فخاف واضطرب فقال له الملاك : " لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّ ا، لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ ، وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْنًا. " وبدا كلام الرب غريبا ً ، كيف يتم هذا الكلام وهو شيخ ؟ لم يصدّق زكريا كلام الرب ، وقال الملاك : " هَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا وَلاَ تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّمَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ هذَا ، لأَنَّكَ لَمْ تُصَدِّقْ كَلاَمِي الَّذِي سَيَتِمُّ فِي وَقْتِهِ. " . كلام الرب يتم في وقته . وذهب ملاك الرب الى مريم العذراء وقال لها : " هَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ ". وكان كلام الرب لها غريبا ً جدا ً . تسائلت : "كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟ . واجابها الملاك : " الرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. " وصدقت مريم العذراء كلام الرب وقالت : " هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ " . وحين التقت باليصابات وكان قول الرب قد تم واصبح يوحنا جنينا ً في بطنها ارتكض الجنين في بطنها وامتلئت بالروح القدس وقالت : "مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ . " ( لوقا 1 ) .
سمع زكريا الكاهن الشيخ قول الرب ولم يصدّق فقيّد الله لسانه حتى يتم ما قيل له . وسمعت العذراء الطاهرة مريم قول الرب وصدقت فباركها الله وطوبتها الاجيال وكرّمها البشر . قول الله صادق . كلام الله لا بد ان يتم في وقته ، لا بد ان يتم . الله يتمم قوله حتى لو ظهر لنا انه صعب ومستحيل واغلقت السُبل امامنا . الله حين يعدنا ينفذ وعوده لنا ، حين يتكلم يحقق كلامه في حينه لأن مهما كانت مواعيد الله فهو فيه النعم وفيه الآمين لمجد الله بواسطتنا . حين يكلمك الله استمع لكلامه وصدق قوله الذي سيتم كما قيل لك . كلام الله لا بد ان يتم في وقته وبطريقته واسلوبه وقدرته وقوته . نَرى في كَلاَمِ اْلإِلهِ اْلصَّمَدْ أَساساً لإِيماننَا كَاَلجَبّلْ وَلَيْسَ مَزِيدٌ عَلَى ما وَعَدْ لِمَنْ يَلْجَأُونَ لِذَاكَ اْلحَمَلْ يَقُولُ أطْمَئِنَّ فإِنَّي مَعَكْ وإنِّي إلهُكَ وَ العَوْن ُبي وَإِنِّي أُقوّيك كَيْ أَرْفَعَكْ وَأَسْنُدُ ضُعْفَكَ مِثْلَ الآبِ إِذَا مَا دَهَاكَ البَلاَ وَالخَطَرْ فَيَكْفِيكَ مِنْ نِعْمَتي مَا انسَكَبْ وَلاَ تُوقِعَ النَّارُ فِيكَ الضَّرَرْ فَإِنِّي أُنَقِّيكَ مِثْلَ الذَّهَبْ هذا قول الله لك يتم ويتحقق كما يشاء ويريد لك . هو الله القادر العظيم . |
283 - نأتي الى الرب بطلبة نرفع قلوبنا له بسؤال ، نقدم امام عرشه احتياجا ً ويتلقى الرب الطلب ويصل اليه السؤال ويعرف الاحتياج ما دمنا طلبنا بايمان ويعد الله استجابة الطلب ويجهز الجواب ويوفر الاحتياج ويحضّر البركة وننتظر كما يقول حبقوق النبي " عَلَى مَرْصَدِي أَقِفُ ، وَعَلَى الْحِصْنِ أَنْتَصِبُ ، وَأُرَاقِبُ لأَرَى مَاذَا يَقُولُ لِي، وَمَاذَا أُجِيبُ عَنْ شَكْوَايَ " ( حبقوق 2 : 1 ) . ينتظر ويراقب كما ننتظر . يقف على مرصد عال ٍ ويعتلي حصنا ً مرتفعا ً حتى تسهل الرؤيا ويمكن المراقبة وينفذ صبر البعض ويزداد توتر وتخبط الاقدام في تعجل وقلق ويتأنى الرب ويمل البعض الانتظار ويتعبون ويتركون المرصد وينزلون من الحصن . يتصورون التأني رفضا ً والتأجيل عدم قبول والتواني غلقا ً للابواب . واجاب الرب حبقوق وقال : " اكْتُبِ الرُّؤْيَا وَانْقُشْهَا عَلَى الأَلْوَاحِ لِكَيْ يَرْكُضَ قَارِئُهَا ،لأَنَّ الرُّؤْيَا بَعْدُ إِلَى الْمِيعَادِ ، وَفِي النِّهَايَةِ تَتَكَلَّمُ وَلاَ تَكْذِبُ. إِنْ تَوَانَتْ فَانْتَظِرْهَا لأَنَّهَا سَتَأْتِي إِتْيَانًا وَلاَ تَتَأَخَّرُ "( حبقوق 2 : 2 ، 3 ). التأجيل لا يعني الرفض ، التأجيل لأن الله يختار الوقت المناسب للاجابة . افكار الله ليست افكارك ، طرق الله ليست طرقك ، اوقات الله ليست اوقاتك . حين تتسرع انت يتأنى الله ويصبر ، هو يعلم قدرتك واستعدادك لقبول بركته ونعمته ولذلك ينتظر الرب ليترأف عليكم ولذلك يقول ليرحمكم لأن الرب اله حق . انتظار الرب له حكمة وهدف ، قد تكون الاستجابة لم تنضج ما تزال فجة وحصولك عليها الآن قد يضرك لا يفيدك بل يسبب ضرر وقد تكون أنت لست مستعدا ً بعد لتلقي البركة والنعمة والجواب . احيانا ً نطلب ما نشتاق اليه ونرغبه لا ما نحتاج اليه ونفتقده . الله يعرف قدر الاحتياج وقدرة الانتظار وقوة الايمان . كم من بركات يعدها الرب لطالبيه وحين يأتي وقت العطاء لا تجد من ينتظر . حين تطلب انتظر ، " لأَنَّ الرُّؤْيَا بَعْدُ إِلَى الْمِيعَادِ " ، ما يزال الوقت المناسب لم يحل . انتظر وراقب الله يعدها لك ." إِنْ تَوَانَتْ فَانْتَظِرْهَا لأَنَّهَا سَتَأْتِي إِتْيَانًا وَلاَ تَتَأَخَّرُ . " ، ستأتي اتيانا ً ولا تتأخر . التأني ليس تأخيرا ً والتواني ليس رفضا ً . الله يعرف احتياجك ، هو يعرفه ، الله يعرف قوة انتظارك ، هو يعرفه ، انتظر راقب لا تيأس ولا تفشل ، هو يسمع وهو يستجيب في حينه .
|
284 - يمررنا الله احيانا ً في ظروف صعبة ويأخنا الى اماكن غريبة ونُصدم ونخاف ان تطول اقامتنا هناك او نُترك وحدنا . قد تنزلق قدمك وتسقط وتهوي وتغوص في دوامة فشل وكلما حاولت الخروج من المأزق وقاومت كلما زاد انغماسك وسقوطك . وقد تجد نفسك وسط اكتئاب او حزن يلفك بردائه ويغطيك بغلالته وكلما حاولت ان تحرر نفسك وتهرب تجد انك مربوط مقيد بأغلال ثقيلة ، أو يداهمك مرض ويصيبك ضعف ويهاجم جسدك وهن يُقعدك ، وإذا بك حبيس فراش حولك اوصياء في ملابس بيضاء يحددون حركتك يقدمون لك ما يشاؤون من طعام وشراب ودواء ويتصرفون في جسدك كما يريدون . في وسط ذلك كله لا تفهم لماذا ولا تعرف الى متى وليس حولك من يسمع او يجيب . ويأتي الصوت ، صوت الله يقول كما قال لهوشع النبي " أَذْهَبُ بِهَا إِلَى الْبَرِّيَّةِ ....وَأُعْطِيهَا كُرُومَهَا مِنْ هُنَاكَ " ( هوشع 2 : 14 ، 15 ) . البرية ؟ كروم من البرية ؟ متى كان الكرم ينبت او ينمو او يعيش في البرية ؟ هل تُزرع الصحراء ؟ هل في جفافها حياة ؟ هل في رمالها مكان لزهور او ثمار ؟ وتتعجب ويصاحب تعجبك شك ، قد تبتسم او تلوي شفتيك او تحرك كفيك حيرة ، لكنك وانت في البرية الجرداء القاحلة وانت في الفشل او الحزن او المرض ، وانت تمعن النظر في جفاف البرية وفي رمال الصحراء تجد سطح الارض ينشق ويتفتح ومن مسام الارض يبرز نبات اخضر يتطاول ويعلو ويمتد ويصبح كرما ً ، كرم عنب ، وتمتد الفروع وتنتشر وتتكاتف الاوراق وتظهر الثمار وتتلألأ في الشمس الساطعة . كيف اخرجت البرية كروما ً ؟ كيف ولدت الصحراء شجرا ً أخضر مثمرا ً وارف الظلال ؟ الذي بيده الحياة خلق في وسط الجفاف والموت حياة ، حياة ً خصبة رطبة كثيرة الثمار . هكذا يصنع الرب معك وانت وسط دوامة الفشل يمد يده ويُمسك بك ، وبينما انت محاط بالإكتئاب والحزن وسط الظلام يبرز وجه الله أمامك ، وانت مقيد بفراشك والاجهزة تنحني فوقك والمحاليل تندفع الى عروقك والحركة محسوبة عليك ، يحررك الله ، يكسر قيودك ، يملأ جسدك بقوته وقلبك بفرحه وحياتك بسلامه . لا تتصور البرية نهاية المطاف والصحراء خاتمة الطريق والشقاء مصيرك وقدرك ، أبدا ً ، الله يأخذك الى البرية ليختلي بك ، ليظهر اهتمامه وعنايته ومحبته لك ويمارس قوته ويحقق معجزاته ، ويحول البرية أرضا ً خصبة والجفاف كروما ً خضرا ً .
|
285 - اغلى انواع الماس لا يوجد الا في اعماق سحيقة من الارض تراكمت عليه الاحجار وضغطت عليه الاتربة وهاجمته الرطوبة والحرارة . وسط هذا كله يصفو الماس وترتفع جودته ويزداد ثمنه وتغلو قيمته . وكلما قست عوامل الطبيعة وتتابعت على الارض كلما تفجرت آبار البترول . العوامل الطبيعية الشاقة تقسو على الارض فتجعلها تنزف طاقة وقوة . والخشب الجامد الميت حين يُدفن تحت طبقات الارض لسنوات طوال يجف ويتحول الى فحم خام يستخدم في انتاج طاقات حية محركة عاملة . العواصف العاتية تقوي خشب الاشجار وتجعله صلبا ً قويا ً جامدا ً . النار المشتعلة والحرارة العالية الشديدة تنقي الذهب وتصفيه . هكذا يصنع الله احيانا ً معنا حين يعدنا لاعمال عظيمة يريدها لنا . في سفر اشعياء النبي يقول " الرَّبُّ مِنَ الْبَطْنِ دَعَانِي ...... وَجَعَلَنِي سَهْمًا مَبْرِيًّا " ( اشعياء 49 : 1 ، 2 ) . ليُصنع السهم يوضع الحديد في النار حتى يحمر ويلين ثم يُجذب ويُشد ويُطرق . وليكون السهم حادا ً مبريا ً يمر في مراحل كثيرة من القطع والقص والسن . بعد ذلك يصبح سهما ً مبريا ً مدببا ً حادا ً قويا ً يذهب الى الهدف ويحقق الغرض ، هكذا يعدنا الله ويؤهلنا ويعالجنا ويصنعنا لنذهب الى الهدف ونحقق الغرض وقد يستدعي هذا ان نمر في ضغوط وان نواجه صعوبات ونقابل مشقات . الله يعلم مقدرتك وامكانياتك . الله يعرف تماما ً نواحي ضعفك ونواحي قوتك وهو يتعامل معك ويزيد ويضيف من قدراتك ويعالج ضعفاتك لتصبح سهما ً مبريا ً . قد تقسو يده وهو يمسك بك يصقلك ، قسوته وعلاجه وصقله تقوية ، ويده التي تقطع وتقص وتشذب تقطر حنانا ً ورقة ونعمة ومحبة ، لا تُخطئ ابدا ً لا تتعدى احتمالك لا تهلك هي تنجي ، لا تكسر هي تجبر . وضربات الله قد تُؤلم ومشرطه قد يجرح ومقصه قد يُدمي ، لكننا جبلة في يديه ، عجينة بين اصابعه ، حياتنا طوع امره ومشيئته ، إن سلّمت له سلمت وإن ارتكنت عليه ارتفعت ، إن استسلمت نجوت . لا تقاوم الاحداث التي يمررك بها لا تعاند التدريبات التي يجيزك فيها كل معاناة اليوم راحة ونصرة ومجد غدا ً. كل جواهر الله دموع تجمدت فتبلورت . كل بركات الله تجارب تتابعت فتعظمت .
|
286 - النفس العطشانة
مِيَاهٌ بَارِدَةٌ لِنَفْسٍ عَطْشَانَةٍ ، الْخَبَرُ الطَّيِّبُ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ. ( أمثال 25-25 ). فعلى الرغم من خيبات الأمل الشخصية والشرور التي نشاهدها في هذا العالم ، ليست الحياة مجرد سلسلة من الصدف. إن إلهنا ممسك كليا بزمام السيطرة، جاعلا حتى غضب الانسان يساهم في إتمام مقاصده الحكيمة والمحبة. فالإيمان بمن مات على صليب الجلجثة وقام حيا من القبر، إنما هو الترياق الشافي من اليأس القتّال والاحباط الفتّاك. ولنا في الايمان بربنا يسوع المسيح سبب واقعي للرجاء. فالرب يسوع المسيح حي ، هذا هو الخبر الطيب الذي علينا ان ننشره في العالم أجمع . وذلك هو الخبر الطيب الذي لنا أن نبتهج به ونحن نذيعه للأخرين. إنه الحل الصحيح لكل ألغاز الحياة. فهل تقوم بهذه المهمة الرائعة التي وكّلنا فيها رب المجد !!! |
287 - غزا الانسان الجو واعتلى السحاب وصنع لنفسه اجنحة وطار في الهواء . حين بدأ يعد نفسه ليطير اختار اخف المواد لصناعة الاجنحة وفشل ثم تقدم في ابحاثه وصنع الالات الضخمة التي رفعته وطارت به . وكلما نظرنا الى الطائرات المصنوعة من الحديد والمعادن الثقيلة تعجبنا . كيف يطير الحديد ؟ كيف تطير الاطنان الثقيلة والاجنحة العريضة ؟ الذي يرفع الاثقال الى الفضاء اجنحة طويلة عريضة وثقيلة ايضا ً . العصفور صغير الحجم جناحاه صغيران ، النسور الضخمة اجنحتها ايضا ً ضخمة . يقول اشعياء النبي " وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ " ( اشعياء 40 : 31 ) . جناحا النسر يزنان مثل وزنه واحيانا ً يكونان اكثر ثقلا ً من كل وزنه ولانهما كبيران عريضان ممتلآن بالعضلات القوية والريش الكثيف فهما يحملان النسر الى الاجواء العالية وينقلانه الى قمم الجبال . ويعد الرب منتظريه بتجديد القوة ، ويعد الله اولاده باجنحة كالنسور . قد يضع الله على كتفيك اثقالا ً ومهام ومسؤوليات جسام وقد تتصور أن ذلك سوف يعيبك ويتعبك ويقيد حركتك . هذه الاثقال والاعمال والمسؤوليات والمهام مثل اجنحة النسور يضعها الله على كتفيك لترفعك الى اعلى وتطير بك في الفضاء . كلما زاد العمل ، زاد النشاط . كلما زادت الاعباء زادت القدرة على الانجاز . هكذا يعدنا الله ، يقوي ويعضد ويؤهل ويجدد . " يُعْطِي الْمُعْيِيَ قُدْرَةً ، وَلِعَدِيمِ الْقُوَّةِ يُكَثِّرُ شِدَّةً . اَلْغِلْمَانُ يُعْيُونَ وَيَتْعَبُونَ ، وَالْفِتْيَانُ يَتَعَثَّرُونَ تَعَثُّرًا . وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً . يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ . يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ . يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ ." ( اشعياء 40 : 29 – 31 ) . الاثقال التي يضعها الله على اكتافنا أجنحة نسور ترفعنا الى اجواء الشركة ، كلما زاد ثقلها علينا كلما زاد انجازنا لخطة الله لنا وعملنا لكي نمجّد الله أبانا . كلما ضممناها الى قلوبنا كما يضم الطير جناحيه ، كلما تحولت الى اجنحة ترفعنا .
عندما يثقل حملك ، حين يتعثر عليك رفعه ، ارفع عينيك نحو الله فيملأ جناحيك بالقوة فيهون الثقل ويخف وترفعه برضى ً وفرحة . كل ثقل يضعه الله عليك يخف وزنه ويسهل حمله . كل ثقل يحيك الله خيوطه حولك يؤول لك الى البركة . |
288 - يقول الله في سفر اشعياء النبي 48 : 10 " هأَنَذَا قَدْ نَقَّيْتُكَ وَلَيْسَ بِفِضَّةٍ . اخْتَرْتُكَ فِي كُورِ الْمَشَقَّةِ . (اخترتك ) ما اجملها من كلمة وما اروعها من حقيقة . هو ينظر ويختار وينتقي . ويقول المسيح " لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ " ( يوحنا 15 : 16 ) . ( اخترتكم ) مرة اخرى نفس الكلمة ، ما اجملها واروعها ، ينظر ويختار وينتقي . وهو لا يختار الافضل والاحسن والاعظم . هو يختار ليجعل الافضل والاحسن والاعظم . بل هو يختار جهال العالم ليخزي الحكماء وضعفاء العالم ليخزي الاقوياء وادنياء العالم ليبطل الموجود ويجعل الجهال احكم الحكماء والضعفاء اقوى الاقوياء والادنياء اعظم العظماء . واختياره هذا لا يعتمد على فضل فينا ولا على عمل قمنا به في وقت من الاوقات . هو اختارنا فيه قبل تأسيس العالم ، قبل ان يكون هناك عدد يختار منهم ، اختارنا لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة ، اختارنا ليقدسنا ويطهرنا ويبررنا " إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ ، حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ ، لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ " ( افسس 1 : 5 ) . فاذا ما مررت في تجربة رهيبة حين تجد نفسك في وسط اتون الشدة والالم واذا ما حلت عليك الاحزان والمحن ، حين تتراكم عليك البلايا ، حين يربض عليك الكرب ، اعلم ان الله قد اختارك واطمأن انك ضمن مختاريه المقدسين المفروزين . تمسك بوعده ولا تعبأ بالحزن والبلوى ، لا تهتم بالتجارب ولا تهتز بالشدائد . ليحل الفقر ما شاء ، لتجف الارض ليتوقف المطر ، لتأتي الفاقة والعوز . انت مختار الله ، ومختار الله لا يحل به جوع ولا عطش ولا فقر . ليأتي المرض ان اراد ، ليهزل البدن ، ليعجز الجسد ، ليخر العود وينهار . انت مختار الله ، ومختار الله لا يخاف الوهن والمرض والعجز والموت . ربما يحوم الموت ويصول ويجول ، لتنهمر الدموع وترتجف القلوب . انت مختار الله ، ومختار الله ان سار في وادي ظل الموت لا يخاف شرا ً . إن خلا البيت من الطعام فلا تخشى شيئا ً ، الله اختار بيتك لسكناه . إن مس جسدك مرض لا تخشى شيئا ً ، الله اختار جسدك ليقدسه . إن هاجمك الموت لا تخشى شيئا ً ، الله الحي يحيا فيك ويحييك . هو معك ، هو يعزيك ، هو فيك ، هو يقويك ، هو حولك يحميك . اسمع صوته وهو يقول لك " لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ " .
|
289 - نجد انفسنا نهبط منزلقين نحو خطر مندفعين اتجاه مصير تعس ، ساقطين في هاوية ، او نرى حولنا السنة نار ترتفع ومتاعب تهاجم ومشقات وتجارب تضرب وتحاك . أويكون لدينا احتياج لشيء ينقصنا او عائق يعجزنا او نحيا في عناء وفقر وعوز او نتمنى ان نحصل على طلبة نهفو اليها او تتحقق لنا رغبة نحيا على امل الحصول عليها ونرفع قلوبنا وطلباتنا الى فوق الى من يقدر ان يحمينا ويشفينا ويسدد احتياجنا ويوفر رغباتنا ، وتصعد صلواتنا الى اعلى الى حيث مخازن الله عامرة بالخير والبركة والقدرة والقوة ، وننتظر ويطول انتظارنا ونتعجب ونتحير ثم نشك ونتألم ثم نشكو ونتذمر ، لماذا يا رب الا ترى الخطر يحيط بنا ؟ الا يهمك ان نسقط ونضيع ونهلك ؟ لماذا يا رب ؟ الا تسمع العاصفة تصخب حولنا ؟ الا يزعجك عذابنا ؟ الا ترحم معاناتنا ؟ لماذا يا رب الا تشاهد فقرنا ؟ الا تراقب فاقتنا ؟ الا تسد جوعنا وتروي عطشنا ؟ لماذا يا رب الا تلاحظ اشواقنا وتلمس انتظاراتنا ؟ الا تحب ان تحقق تطلعاتنا ؟ وإذا بالسماء ساكتة ، وإذا بصدى اصواتنا كأنه اصطدم بابواب النحاس موصدة ، ولا نرى وجه الله ، لا نحس بوجوده ، كأنه ابتعد عنا واختفى ، ادار رأسه بعيدا ً عنا . لماذا ؟ اين هو ؟ الا يسمع ؟ أو كما قال إرميا النبي " الْتَحَفْتَ بِالسَّحَابِ حَتَّى لاَ تَنْفُذَ الصَّلاَةُ. " ( مراثي إرميا 3 : 44 ) . هل هذا هو الهنا الذي نعرفه ؟ يلف نفسه وسط السحاب بعيدا ً ولا يجيبنا ؟ ام ذلك كله بسببنا نحن ؟ هل صلاتنا فاترة ؟ هل اصواتنا خفيفة خافتة ؟ او بسبب ايمان ضعيف عاجز ؟ هل لضعف ايماننا ؟ او لشر كامن ٍ في قلوبنا ؟ قد يكون ذلك بعض الاسباب لعدم سماع الله لنا وتحول نظره عنا ، وقد لا يكون غير ذلك ابدا ً ، قد يكون لأن ايماننا قوي ويريد الله ان يمتحنه . كان ايمان ايوب قويا ً وقبل الله ان يجعله يمر في تجارب عنيفة ليؤكده . حين يداهمك خطر وتصرخ ولا تجد لصراخك فائدة . حين تحيط بك آلام وتستنجد ولا تجد من منجدا ً او معينا ً . حين يلح عليك احتياج وتدعو ولا تجد من يسمع ويجيب . حين تهفو الى رغبة و بركة وتمد يدك وتبقى فارغة . لا تتصور ان الله لا يسمع ولا يبالي ، هو يسمع وهو يبالي . الله لا يرفض صلاة . الله لا يخيّب رجاء . قل له لتكن مشيئتك يا الله إذ يليق بك ان تتصرف بخليقتك كما تشاء .
|
290 - الامبراطورية الرومانية كانت اقوى واعنف واقسى واعتى الامبراطوريات وروما عاصمتها كانت اشر مدينة ورجالها وسكانها وحكامها اشر البشر وكان في وسط روما يوجد الكولوزيم مكان استعراض قوة وشر الامبراطورية . هناك كان يجتمع الاباطرة والنبلاء والرعاع يتمتعون بمشاهدة ابشع الاعمال ، صراع للقتل وهتاف للقاتل ، اعدام للابرياء وافتراس الاسود للمسيحيين . وفي احدى غرف الكولوزيم كان بولس الرسول سجينا ً وقتا ً من الزمان ومن نافذة تلك الغرفة حين تنظر منها اليوم ترى صليبا ً كبيرا ً يعلو كنيسة . لم تكن الكنيسة ولا الصليب هناك وبولس مقيدا ً محبوسا ً في سجنه ذلك ، لكنه لا بد نظر من النافذة وارسل نظرات الايمان عبرها ورأى الصليب الكبير . رأى بولس الرسول بالايمان المسيحية تتغلب على الاضطهاد وتغزو العالم .
حين يشتد حولك الاضطهاد ، حين تكشر الوحوش عن انيابها ، حين يواجهك الظلم وتشتد عليك الضغوط تأكد واعلم انك ستغلب الشر ، ستغلب العالم كما يقول يوحنا الرسول ، هذه هي الغلبة التي تغلب العالم ، ايماننا . ايماننا يغلب القوة الغاشمة ، اية قوة . ايماننا يغلب الظلم الاسود ، اي ظلم . ايماننا يغلب الاضطهاد مهما امتد وانتشر . ايماننا يغلب العالم مهما افترى وتجبر . عندما تحيط بك الذئاب . عندما تعوي وتحوم وتنقض لتقتل ، ايمانك القوي يصرخ فيها ويهاجمها ، يطردها ، ايمانك يغلب . عندما تتراكم عليك التجارب ، عندما تبرك فوقك وتضغط عليك ، ايمانك الصامد ينفضها عنك ويرفعها ويبعدها . ايمانك يغلب . عندما يصارعك ابليس ويحاربك ، عندما يعكر سلامك ويهدد حياتك ، ايمانك بالرب يقف قويا ً مقويا ً لك ، تقاومه فيهرب ، ايمانك يغلب . وكما نظر بولس الرسول من نافذة سجنه قديما ً فرأى بالايمان الصليب ، هكذا حين تنظر الى المستقبل بالايمان تجد ان النصرة من نصيبك ، هذه هي الغلبة التي تغلب العالم ، ايماننا . كن منتصرا ً فان ربك اقوى ممن قد قام ضدك ففي اعظم الحروب تغلب حتى اعدائك منك تهرب ، كن منتصرا ً واعلم علم اليقين كل صعب سهل للمؤمنين وبالنعمة لا شك نظفر على خصمنا الذي يزأر |
291 - قال الله لابراهيم " أَجْعَلُكَ أَبًا لِجُمْهُورٍ مِنَ الأُمَمِ وَأُثْمِرُكَ كَثِيرًا جِدًّا، وَأَجْعَلُكَ أُمَمًا " ( تكوين 17 : 5 ، 6 )ً ، وتلفت ابراهيم حوله ، ليس له ابن ، سارة زوجته عاقر ومتقدمة في السن ، والايام تقدمت به ايضا ً ، كان شيخا ً بلا ولد لكن الله جعله ابا ً ، اطلق عليه الابوة وقبل ابراهيم كنية الاب قبل ان يكون له ابن . ورأى ابراهيم بعين الايمان انه اب ، اب لكل المؤمنين ، ابو المؤمنين . لم يرتب ابراهيم في وعد الله " بَلْ تَقَوَّى بِالإِيمَانِ مُعْطِيًا مَجْدًا للهِ وَتَيَقَّنَ أَنَّ مَا وَعَدَ بِهِ هُوَ قَادِرٌ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضًا ً . لِذلِكَ أَيْضاً : حُسِبَ لَهُ بِرًّا " ( رومية 4 : 20 – 22 ) . آمن بالله ، الله " الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى ، وَيَدْعُو الأَشْيَاءَ غَيْرَ الْمَوْجُودَةِ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ " ( رومية 4 : 7 ) . غير الموجود لنا ، غير الموجود امام اعيننا نحن موجود امام اعين الله لان الله يرى ما لا يُرى ، كل شيء مكشوف له ، الماضي والحاضر والمستقبل امامه . آمن بوعد الله قبل وقوعه . آمن فقط سيتم لك ما تشتهيه مهما استحال على البشر لان " غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ ." كل شيء مستطاع لديه . لم يكن لابراهيم ابن . لم يكن الابن موجودا ً ، لكن الله وعده بابن . كان الله في علمه يعرف اسحق ابن الموعد الذي به سيكون ابراهيم ابا ً واصبح ابراهيم ابا ً لامم كثيرة اصبح ابراهيم اباً لنا جميعا ً ، ابا ً للمؤمنين .
حين يبدو كل ما حولك فراغ ، وحين يعد الله بان يصنع لك شيئا ً ولا ترى ذلك الشيء في الفراغ حولك ، يمكن ان تراه بالايمان . ضع يدك في يد الله . تفرس في نور وجهه الوضّاء . اغمض عينك عن كل نور سواه . في الظلام ، في السواد ، في الفراغ يضيء النور الالهي كل حياتك ، الله يعدك بان يسهر عليك ويحافظ عليك ويحيطك بساعديه . يقول لك ليتشدد وليتشجع فلبك ، وانتظر الرب ، أي خطر يهددك حينئذ ٍ ؟ أي خوف يغزو قلبك ويعطّل سلامك ؟ . قد لا ترى يديه تحوطان بك لكنك بالايمان ترى غير الموجود موجودا ً . الله يعدك بالنصرة والغلبة في النضال والصراع والكفاح حولك . يقول لك : " فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ ." ( يوحنا 16 : 33 ) .أي خطر يهددك حينئذ ٍ ؟ أي خوف يغزو قلبك ويعطّل سلامك ؟ قد لا ترى الانتصار امامك لكنك بالايمان ترى غير الموجود موجودا ً . ثق بكل كلمة يقولها لك وكل وعد يعده . كلمته ثابتة ووعده صادق . استرح في ايمانك . تمسك به ، اطمئن بين ذراعيه ، " آمِنْ فَقَطْ ". |
292 - " كَلِمَةَ ( رسالة ) الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ ، وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ " ( 1كورنثوس 1: 18) .
لقد جاء يسوع لكي يحرر الإنسان من الخطية وسلطانها وحتى لم يكن في ذهن الإنسان هذا الأمر...عندما سقط آدم في الخطية نجد أن آدم لم يبحث عن الله ، ولكن الله هو الذي بحث عنه بحب إلهي عجيب بالرغم من خطأ آدم قائلاً له: آدم .. آدم أين أنت ؟ لقد أشفق الله على آدم وحواء وكساهما . وقال لهما أن نسل المرأة يسحق رأس الحية وهذه كانت خطة الله لخلاص آدم وفعلاً أتم الله وعده وأرسل يسوع "مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ " (غلاطية 4 : 4 ، 5 ) . "الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا " (يوحنا 1: 14 ) أخذ جسد إنسان ليكون له حق فداء الإنسان لقد جاء يسوع كإنسان مع أنه الإله لقد أمعن الاتضاع " وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. " (فيلبي 2: 8 ) ولأن يسوع عاش كإنسان فكان لابد أن يصير مثل الإنسان في كل شئ يجوع ويعطش ويتعب وينام ليفتدي الإنسان . لقد جال يسوع يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس إلى أن جاءت ساعة صلبه ، ساعة الظلمة ، ساعة القصاص التي كانت من المفترض أن تطبق على الإنسان نتيجة تعديه علي الله . كان يسوع يعلم أن الصليب موضوع أمامه كان يعلم انه ذبيحة الخطية المقدمة لأجلنا . يقول الكتاب أن يسوع هو " حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ " (يوحنا 1 : 29 ) . فكر معي في كم الخطايا التي إرتكبها الجنس البشري على مر العصور . يقول الكتاب أن يسوع جُعِلَ " خَطِيَّةً لأَجْلِنَا ، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ. " (2كورنثوس 5 :21 ) عندما كان يسوع في بستان جثسيماني كان يعرف انه يجب أن يذهب للصليب ليحمل خطايا كل البشرية بأكملها وعقوبتها. وعندما اقترب لهذه الساعات الأخيرة " وَابْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ." على الرغم انه كان يعلم أن موته الكفاري البديل للجنس البشرى هو سبب مجيئه لهذا العالم فظل يصارع مع تجربة التراجع عن المهمة التي جاء من أجلها فصلى إلى الاٌب " إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ " و كان عرقه يتساقط كقطرات الدم بينما يصارع لم يكن سهلاً على يسوع أن يتمم خطة الآب كان ذهاب يسوع للصليب لأجل خطايا العالم بمثابة كأس مُرة عليه أن يشربها فأسلم نفسه للصلب . يقول أشعياء النبى 53: 4-6 " أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا ، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا ، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ ( عقاب ) سَلاَمِنَا عَلَيْهِ ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا." . لقد انفصل عن الآب فصرخ إلهي إلهي لماذا تركتني كان أصعب شئ على يسوع قبل الصلب انه عرف انه سوف ينفصل عن الله لأنه عومل كخاطئ ليأخذ مكاننا كخطاة. لقد قضى يسوع 6 ساعات علي الصليب ثلاث ساعات والشمس تعطي نورها لكن 3 ساعات أظلمت فيها الشمس لقد أظلمت الشمس عندما بدأت آلام المسيح الكفارية. لقد كانت الشمس مقدرة لآلام المسيح...فلم توافق الشمس أن تعطي نورها لأن الذي خلقها يُصلب. الإنسان الخاطئ أقسى من الطبيعة لأنه لم يُقدر خلاص يسوع . فلقد سخر منه رؤساء الكهنة قائلين : " خَلَّصَ آخَرِينَ وَأَمَّا نَفْسُهُ فَمَا يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَهَا!" ( متى 27 : 42 ) . لقد أخذ العدل الإلهي قصاص خطايانا ولم يتعامل مع يسوع بالرحمة فكانت عدالة الله تستوجب أن يسوع يحمل آثام جميعنا " الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا ... وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ " (رومية 3: 12، 23) ....وهذا لكي يجعل الذين " َأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ " يجعلهم ممجدين الآن (رومية 8 : 30 ) الإنسان لا يستطيع أن يدخل السماء بأعماله أو بأمواله وأنت كإنسان لا تستطيع أن تدفع الثمن الذي دفعه يسوع لأنه باهظ جداً وكان الثمن دمه الثمين هو نفسه. لقد مات يسوع لينقض ويبطل أعمال إبليس لأن يسوع حمل خطايانا في جسده وأدان الله الخطية في جسد يسوع (1 بطرس 2: 24) فليس للخطية ونتائجها أي سلطة على المؤمن وبذلك أبطل يسوع سلطة إبليس ومملكة الظلمة لأن يسوع أخذ مكان الخاطئ على الصليب. وبقيامته جعلنا أبرار أحرار أصحاء ومنتصرين ومسددين الإحتياج بفيض ووفرة. أمام هذا الحب الإلهي العجيب ماذا يكون موقفك؟ لماذا لا تقبل يسوع الذي صالحنا مع الآب بموته وقيامته وأعطاك أن تحيا الحياة المنتصرة بدلا من أن تعيش ضحية هذه الحياة وضمن الله لك قضاء الأبدية معه والتي في الواقع تبدأ منذ أن تقبل يسوع كمخلص شخصي وتجعله سيد على حياتك. أنظر أية محبة أعطانا الله ، أنظر وتأمل في محبة الله الغير محدودة...فهي لها أبعاد...طول وعرض وعلو وعمق ( أفسس 3 : 18) . أنظر وتأمل في طول محبة الله لك - أي طول أناة الله معك, وعرضها - أي إتساع قلب الله, وعلو - أي سمو محبة الله لك, وعمق هذه المحبة - أي الله يحبك بعمق أعمق من محبة ألزق الناس إليك. تأمل كيف أحبك الله وهو ينتظر رجوعك إلى حضنه المحب لا تنظر كم فعلت من خطايا فهو حملها جميعاً. فقط تعال إليه وارتمي في أحضانه وهو يقول لك : ' أن كل " مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا." ( يوحنا 6 : 37 ) . وأن كنت ولدت ولادة ثانية فأن الله يذكرك في هذه الأيام بما فعله ليهبك الحياة الأبدية التي تتمتع بها الآن كما يذكرك أن عليك مسئولية أنك صرت سفير يسوع فنحن " إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا … "( 2 كورنثوس 5: 20 ) . هيا عرف المحيطين بك عن يسوع وقدم لهم خدمة المصالحة كلنا سفراء يسوع لا تعتمد على أحد ليقوم بهذه المهمة لأن كلمة الله واضحة كلنا سفراء عن يسوع . تذكر: الله هو من يبحث عنك وهو قد بادر بدفع ثمنك وخلاصك وهو ينتظرك بأن تقبله . |
293 - تزحف نحونا جيوش ، يحاصرنا اعداء ، تضغط علينا تجارب ، تهاجمنا اعاصير ، والله في علاه يرى ويراقب ويعرف ، يرانا ويراقب الهجوم علينا ويعرف معاناتنا ، وكما هو مكتوب في سفر اشعياء النبي 18 : 4 " قَالَ لِيَ الرَّبُّ : إِنِّي أَهْدَأُ وَأَنْظُرُ فِي مَسْكَنِي " . الرب يرى ذلك ولا يهمل بل يهدأ ، لا يبتعد او يختفي بل ينظر من مسكنه السماوي . هدوء الله ليس موافقة عما يحدث او قبولا ً لما يواجهنا او تعزيزا ً لما يمر بنا . هدوء الله انتظار للحظة المناسبة للتدخل وللوقت المناسب للانقاذ .
في وسط العاصفة كان التلاميذ يواجهون ويصارعون ويكافحون طبيعة قوية عاتية . رياح تهب من كل اتجاه ، بروق تشق ظلمة السماء ، رعود تصخب وامواج تعلو وتتلاطم ، وكان المسيح فوق الجبل كان هادئا ً ينظر ، لم يغمض عينيه ويسد اذنيه ، ثم حلت اللحظة المناسبة وجاء الوقت وكان في الهزيع الرابع فاتى اليهم ، جاء في الهزيع الرابع اتى ماشيا ً يتخطى الموج ويخترق العاصفة ويلحق بهم وما ان دخل السفينة حتى هدأت العاصفة وصار هدوء عظيم حولها . في بيت عنيا كان يرقد لعازر مريضا ً محموما ً وحوله مرثا واختها مريم ومرت الساعات ثقيلة والايام بطيئة وهما تراقبان اخاهما يصارع الموت ونشبت مخالب الموت القاسية بجسده وسار سمه فيه ومات لعازر الذي كان المسيح يحبه ، ضاع الامل في عودة المسيح لينقذه ، ودفنته اختاه ومرت الايام السوداء يوما ً بعد يوم ، اربعة ايام ، وكان المسيح يعرف ان لعازر مريض وانه مات ، كان هادئا ً ينتظر وبعد ان انتن الجسد جاء المسيح ، حلت اللحظة المناسبة وجاء الوقت اللازم لحضوره ووقف امام القبر وبكى وصلى وصرخ " لِعَازَرُ، هَلُمَّ خَارِجًا " وقام الميت . الله دائما ً يأتي في اللحظة الحاسمة ، حين نتصور انه لن يجيء ، يتدخل وينجي . يتمادى الظالم في ظلمه ويزيد الشرير من شره ويتجبر الباغي ويتسلط وننزوي في مخابئنا نهرب من شر الشرير ومن جبروت الجبار ومن ظلم الظالم ويخرج الله عن هدوئه ويحل الوقت وتأتي الساعة للخلاص والنجاة . أترى الله هادئا ً بالنسبة لك ؟ أتظنه لا يبالي ؟ أتتصوره لا يحس بك ؟ هل تخشى ان لا يكون عارفا ًَ آلامك ؟ أتخاف ان يكون قد نسيك ؟ هو يرى ، يرى في مسكنه ، هو هادئ من مرحلة قصيرة ، وسيأتي اليك ليرفع الالم ويشفي ويقيم وينصر . |
294 - لقد قام المسيح ناقضًا أوجاع الموت ، ومحطمًا أختام الرومان ، ومؤكدًا أنه هو القيامة والحياة ، وأن الموت لا يقيّده ، والقبر لا يمسكه ، والحراس بحرابهم لا يعطلون موكب نصرته. لقد جاءت ساعة القيامة فقام بطل الجلجثة ومخلص البشر قائلاً : "أين شوكتك يا موت. أين غلبتكِ يا هاوية ؟" http://www.arabchurch.com/forums/cus...tar54083_2.gif |
الساعة الآن 11:26 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025