منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الكتب الدينية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=272536)

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:03 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
حبيبي أبيض وأحمر. مُعْلَمٌ بين ربوة
" حبيبي أبيض وأحمر. مُعلم بين ربوة" (5: 10)
تساءلت بنات أورشليم عن هذا الحبيب " ما حبيبك من حبيب " وإزاء ذلك لم يسمع العروس إلا أن تبادر بالجواب وتقدم صورة جميلة لحبيبها من الرأس إلى القدمين. لقد كان هذا الحبيب ماثلًا أمام عينها دائمًا، وكان ملء قلبها وعواطفها، لذا لم تتردد في الجواب، ولم تكن بحاجة إلى فرصة للتأمل، فلم تطلب من بنات أورشليم أن يمهلنها لتجيب على تساؤلهن، بل ابتهجت بالفرصة التي أتاحت لها أن تقدم صورة عن حبيبه.." قدسوا الرب الإله في قلوبكم. مستعدين دائمًا لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم" (1بط 3: 15).
" حبيبي أبيض وأحمر "
قبل أن تبدأ العروس بذكر أوصاف حبيبها بالتفصيل بدأت بوصف عام عن كمالاته، فقالت " حبيبي أبيض وأحمر". فهو القدوس المولود من العذراء (لو 1: 35). وهو الذي في حياته بالجسد " لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر" (1 بط 2: 22). وقد أستطاع أن يتحدى معاصريه من الحسّاد بقوله " من منكم يبكتني " يثبت علىّ " على خطية" (يو 8: 46) فالخطية غريبة عن طبيعته المقدسة. وعندما تكلم عن الشيطان رئيس العالم قال " ليس له فيّ شيء" (يو 14: 30).
ويقول عنه يوحنا " ليس فيه خطيه" (1 يو 3: 5) هناك على جبل التجلي ظهرت طهارة شخصه القدوس الخالية من أي أثر للدنس في ثيابه البيضاء اللامعة " صارت ثيابه تلمع بيضاء جدًا كالثلج، لا يقدر قصّار على الأرض أن يبيض مثل ذلك" (مر 9: 3).
وهو ليس أبيض فقط بل هو أيضًا أحمر. فمع أنه قدوس بلا شر ولا دنس " ولكنه أحب الخطاة والأشرار والدنسين.. " أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه " لقد رآه إشعياء " الآتي من أدوم بثياب حمر من بُصرة. هذا البهي بملابسه المتعظم بكثرة قوته.. المتكلم بالبر العظيم للخلاص" (إش 63: 1).
" معلم بين ربوة" (= المرتفع كعلم وراية)
هذا العريس كما يقول عنه إشعياء " القائم راية للشعوب" (إش 11: 10).. لقد أرتفع على الصليب فجذب الشعوب إليه إنه المرتفع كالعلم والراية.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:04 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
رأسه ذهب إبريز. قصصه مُسترسلة حالِكة كالغراب




https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...f-Jesus-22.jpg
" رأسه ذهب إبريز. قصصه مُسترسلة حالكة كالغراب" (5: 11)
بعد أن وصفت العروس حبيبها لبنات أورشليم وصفًا عامًا، تأخذ في وصفه بأكثر تفصيل وتدقيق متخذه في ذلك تشابيه بشريه.. ونلاحظ أن العريس حينما أحصى صفات عروسه في (ص 4) أحصى لها سبع صفات للجمال. وهنا تذكر العروس عشر صفات لحبيبها مبتدئه من الرأس..
" رأسه ذهب إبريز" (= خالص)
الذهب الخالص يشير إلى لاهوت المسيح الذي فيه " يحل كل ملء اللاهوت جسديًا" (كو 2: 9). لقد أقامه الآب رأسًا للكنيسة " الذي منه كل الجسد بمفاصل ورُبط متوازرًا ومقترنًا ينمو نموًا من الله" (كو 2: 19).. وإذا كان هو الرأس فهو وحده كابن الله يقدر أن يدخل بالجسد كله إلى السماء. وإذا كان الرأس سماويًا فالجسد لا يقدر أن يعيش إلا على مستوى سماوي، مادام متحدًا بالرأس.. هذا هو سر حب العروس لعريسها. إنها – من خلال اتحادها به – تدخل به إلى السموات إلى حضن الآب.
وإذا كان الذهب الإبريز يشير إلى لاهوت المسيح، فإن القصص المسترسلة إشارة إلى ناسوته القدوس المتحد به اتحادًا فائقًا.. إن هذا الشعر هم جماعة المؤمنين القديسين الذي لا تسقط منه واحدة بدون إذن أبيه.
إنهم به يعيشون. لا يشيخون. ولذلك لا تظهر فيه شعرة بيضاء بل كله أسود حالك كالغراب. إن المؤمن لا يشيخ بل يتجدد مثل النسر شبابه. هذا من عمل الروح القدس الذي على أساسه تقوم الشركة بين الأعضاء والرأس، فتبقى الأعضاء في كمال قوتها من خلال الرأس الذي لا يضعف أبدًا.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:05 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
عيناه كالحمام على مجاري المياه، مغسولتان باللبن، جالستان في وقبَيْهما




https://st-takla.org/Pix/Saints/The-T...tic-Icon-1.jpg
"عيناه كالحمام على مجاري المياه مغسولتان باللبن جالستان في وقبيهما" (5: 12)
ليس مثل العين يعبّر عما يكنه الإنسان في باطنه.. إنها في صمتها تتكلم بلغة أكثر وضوحًا من كلام الشفتين.. في سفر الرؤيا رأى يوحنا وسط العرش خروف قائم كأنه مذبوح له سبعة أعين هي سبعة أرواح الله المرسلة إلى كل الأرض (رؤيا 5: 6). إن عدد 7 يشير إلى الكمال " لأن عيني الرب تجولان في كل الأرض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه (2 أي 16: 9).
لكن ما أكبر الفرق بين عيني العريس كما تصفهما العروس، وبين عينيه اللتين رآهما يوحنا في جزيرة بطمس " عيناه كلهيب نار" (رؤ 1: 14). إن في هذا الوضع الأخير كمن يقضي وسط الكنائس. إنه في طهارته الفائقة يعمل بسلطانه القضائي لإدانة كل ما لا يتفق مع الحق والقداسة.. أما هنا فنرى عينيه كالحمام في وداعته.
أما القول عن عينيه إنهما جالستان في وقبيهما أي مستقرتان في مكانهما، فالمعنى أن نظرته لخاصته ثابتة وليس فيها تغيير، ولا يمكن أن يتغير قلبه من نحوهم وتتحول نظرات محبته عنهم. إنهم في يده ولا يستطيع أحد أن يخطفهم منه.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:05 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
خدّاه كخميلة الطيب، وأتلام رياحين ذكية. شفتاه سوسن، تقطران مرًا مائعًا




https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...-Thorns-08.jpg
"خداه كخميله الطيب (الأشجار العطرية الكثيرة) وأتلام (باقات) رياحين ذكية. شفتاه سوسن تقطران مرًا مائعًا" (5: 13).
خدّا المسيح اللذان يشيران إلى طلعته البهية في آلامه قد تعرضا للهزء والعار كما يقول إشعياء "بذلت ظهري للضاربين وخديّ للناتِفين. وجهي لم أستر عن العار والحّري" (إش 50: 6).. هذا الوجه الذي بصق عليه الأشرار (مت 27: 3)، تراه الكنيسة والنفس البشرية يحمل علامات الحب الباذل فتراه كخميلة طيب وباقات رياحين ذكية، تشتمها النفس رائحة حياة
أما عن شفتي العريس اللذين تشبههما العروس بالسوسن (الزنبق)، فإن السوسن يشير إلى المجد الملوكي " تأملوا زنابق الحقل (السوسن) كيف تنمو لا تتعب ولكن أقول لكم إنه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها" (مت 6: 28-29). فالشفتان السوسن تعلنان تعاليم الناموس الملوكي " فإن كنتم تكملون الناموس الملوكي حسب الكتاب تحب قريبك كنفسك، فحسنًا تفعلون" (يع 2: 8)..
كم كانت تعاليم المسيح مجيدة، ما أحلى الكلمات التي كانت تقطر من شفتيه "لم يتكلم إنسان مثل هذا قط" (يو 7: 46) (أنظر لو 4: 22).
ويرى القديس غريغوريوس النيسي أن هذا الفم الذي يفيض سوسنًا ومرًا مائعًا (مختلط بالميعة) إنما يمثل الرسل الذين هم فم الرب يشهدون بكلمة إنجيله التي هي السوسن، ويدخلون بالمؤمنين إلى المرّ المائع أي الإماتة في المعمودية والدفن مع المسيح لينالوا قوة قيامته.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:06 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
يداه حلقتان من ذهب، مرصَّعتان بالزبرجد. بطنه عاج أبيض، مُغلَّف بالياقوت الأزرق




https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...Me-by-Reed.jpg
" يداه حلقتان من ذهب مرصعتان بالزبرجد. بطنه عاج أبيض مُغلف بالياقوت الأزرق" (5: 14)
الحلقة والدائرة تشير إلى الأبدية لأنه لا بداية لها ولا نهاية.. والمعنى أن يديه أبديتان تشبعان النفس والجسد إلى الأبد "يفتح يديه ويشبع كل حيّ رضا".. والذهب يشير إلى الألوهة.. إن حلقتي الذهب تمسكان بمحبوبته وتحميانها بطريقة إلهية..
أما الزبرجد فيرد ذكره عدة مرات في العهد القديم كما في (حز 1: 16) " منظر البكرات وصنعتها كمنظر الزبرجد" وفي (دا 10: 6) "وجسمه كالزبرجد".. ويشير الزبرجد إلى القوة المؤسسة – التي تؤسس وتكمل أهداف الله.
أما البطن فتقابل الأحشاء وتعّبر عن المشاعر العميقة كما جاء في (نش 5: 4) " أنّت عليه أحشائي".. إنه إشارة إلى أن الرب يسوع له مشاعر عميقة وأحشاؤه تضطرم بالمحبة القوية.. ونلاحظ أن العاج على العكس من الجواهر التي في أصلها ومنشئها لا صلة لها بالحياة. والعاج يؤخذ من سن الفيل، ومن ثم فهو نتاج الألم. ولذا فالعاج يشير إلى محبة المسيح التي ظهرت في آلامه لأجلنا حتى الموت.
أما كون هذا العاج مغّلف بالياقوت الأزرق، فذلك يشير إلى النقاوة السماوية في (خر24: 10) "ثم صعد موسى وهارون وناداب وأبيهو وسبعون من شيوخ إسرائيل. ورأوا إله إسرائيل وتحت رجليه شبه صنعه من العقيق الأزرق الشفاف وكذات السماء في النقاوة".

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:07 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ساقاه عمودا رخام، مؤسَّستان على قاعدتين من إبريز. طلعته كلبنان. فتيّ كالأرز



" ساقاه عمودًا رخام مؤسستان على قاعدتين من إبريز. طلعته كلبنان. فتىّ كالأرز" (5: 15).

https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...h-Jesus-02.gif
كون ساقيه عمودًا رخام إشارة واضحة إلى ثبات واستقرار كل شيء مرتبط بالمسيح. فقد جعل الله كل شيء مرتبط به متميزًا بالثبات وعدم التزعزع، على عكس أمور البشر.. والرخام يشير إلى اللون الأبيض والنقي.. واللون الأبيض يلازم الأوصاف التي تصف بها العروس حبيبها "حبيبي أبيض -"عيناه مغسولتان باللبن"- السوسن ناصع البياض ثم العاج الأبيض وعمودًا الرخام.. إن اللون الأبيض الناصع من مميزات القديس. ففوق جبل التجلي كان " لباسه مبيضًا لامعًا حتى أنه لا يقدر قصار على الأرض أن يبيض مثله. فكل ما للمسيح يتميز بهذا الوصف وسيظهر ذلك حتى في "العرش العظيم الأبيض".
إن الإنسان بحسب الجسد لم يستطع في أي وقت من الأوقات أن يثبت في أي مركز وضعه الله فيه، فلا عجب إن كان الله "لا يُسر بساقي الرجل" (مز 147: 10).. إن تمثال نبوخذ نصر يعطينا فكرة صحيحة مؤيدة لهذه الحقيقة، فقد كان الرأس من ذهب. ولكن الإنسان لم يثبت في هذا المركز الممنوح له من الله بل أخذ في الانحدار من الذهب إلى الفضة ثم إلى النحاس والحديد وأخيرًا إلى الخزف.. أما الملك الحقيقي ربنا يسوع المسيح فإن "رأسه ذهب إبريز" و"يداه حلقتان من ذهب "، وساقاه عمودًا رخام مؤسستان على قاعدتين من إبريز. فالذهب يرى من هامة رأسه إلى باطن قدميه "يقيم إله السموات مملكة لن تنقرض أبدًا وملكها لا يترك لشعب آخر" (دا 2: 44).. أنه الشخص الوحيد الذي استطاع أن يثبت إلى الأبد كل المقاصد الإلهية لمجد الله ولبركة الإنسان..
" طلعته كلبنان، فتى كالأرز "
لقد أرتفع الرب المبارك فوق كل المستويات الأرضية، وصار أعلى من السموات كونه " فتى كالأرز " يكشف عن سموه وطبيعته المرتفعة. ورغم أنه صار إنسانًا لكنه تسامى فوق الكل كما يرتفع أرز لبنان الشامخ فوق كل الأشجار، هكذا ينفرد الرب في مجده.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:08 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
حلقه حلاوة، وكلّه مشتهيات. هذا حبيبي، وهذا خليلي يا بنات أورشليم




https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...-Martha-01.jpg
" حلقة حلاوة وكله مشتهيات. هذا حبيبي، وهذا خليلي يا بنات أورشليم" (5: 16)
هذا الوصف هو العاشر في صفات العريس، وهو يشبه ما جاء في (نش 2: 3) " تحت ظله اشتهيت أن أجلس، وثمرته حلوة لحلقي".. يقول المرتل " إن كلماتك حلوة في حلقي، أفضل من العسل والشهد في فمي" (مز 119: 103).. الحلق هو الذي يخرج الكلمات.. وكلمات الرب روح وحياة " من أكلني عاد إليّ جائعًا، ومن شربني ازداد بي عطشًا" (ابن سيراخ)..
إن من أحب الرب وأحب كلامه يشتاق إلى الجلوس تحت قدميه على نحو ما فعلت مريم أخت مرثا ولعازر ولسان حاله يقول " لكل كمال رأيت منتهى. أما وصاياك فواسعة جدًا" (119 ف 12).
أخيرًا إذ تشعر العروس بعجز لغتها عن وصف عريسها قالت "كله مشتهيات".

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:09 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أين ذهب حبيبك أيتها الجميلة بين النساء؟ أين توجَّه حبيبك فنطلبه معك. حبيبي نزل إلى جنته، إلى خمائل الطيب ليرعى في الجناب ويجمع السوسن. أنا لحبيبي وحبيبي لي. الراعي بين السوسن




https://st-takla.org/Pix/Nature/www-S...__Feild-01.jpg
" أين ذهب حبيبك أيتها الجميلة بين النساء. أين توجَّه حبيبك فنطلبه معك. حبيبي نزل إلى جنته، إلى خمائل الطيب ليرعى في الجنات ويجمع السوسن. أنا لحبيبي وحبيبي لي. الراعي بين السوسن" (6: 1-3)
كانت العروس قد قالت لبنات أورشليم إنهنّ إن وجدنَ حبيبها أن يخبرنه أنها مريضة حب.. وفي دهشة سألنها من يكون هذا الحبيب حتى يستحق أن تمرض لأجله؟! ثم طفقت بعد ذلك تعدد صفات حبيبها فأحصت له عشر صفات من هامه رأسه حتى قدميه!! كان هذا الحديث مشوقًا لبنات أورشليم، فكانت النتيجة هي قولهن " أين ذهب حبيبك أيتها الجميلة بين النساء. أين توجه حبيبك فنطلبه معك "!!
لقد انحزن (بنات أورشليم) للعروس، وأظهرن الاستعداد " فنطلبه معك " هذا يوضح قيمه الشهادة للمسيح: شهادة الكلام، وشهادة الحياة، وشهادة السلوك والعاطفة.
كان ردّ العروس "حبيبي نزل إلى جنته".. لقد عرفت تمامًا أين تجده إذ تذكرت آخر كلماته التي قالها لها قبل تلك الليلة القاتمة – ليلة ضلالها وانحرافها عنه – تذكرت قوله " قد دخلت جنتي يا أختي العروس" (نش 5: 1).. كانت العروس هي جنته. لذا فقد تذكرت هذا الكلام وقالت " حبيبي نزل إلى جنته إلى خمائل الطيب (= الأشجار العطرية الكثيفة).
ما أعذب التأمل في عبارة "جنته".. إنها توضح قيمة النفس البشرية في نظر الله.
"أنا لحبيبي وحبيبي لي. الراعي بين السوسن "
تقول العروس في (نش 2: 16) "حبيبي لي وأنا له".. إنه اختبار النفس التي ذاقت محبة المسيح إنها تحسّ أنه لها " حبيبي لي". أما النتيجة فهي أن تسلم نفسها له بلا تحفظ فتقول " وأنا له".
هناك تعّبر العروس عن فرحتها بامتلاكها المسيح "حبيبي لي"، أما هنا في الأصحاح السادس فتعّبر عن فرحتها بأنها هي "مِلك المسيح"، "أنا لحبيبي".

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:10 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أنتِ جميلة يا حبيبتي كتِرصة. حسنة كأورشليم. مُرهِبة كجيشٍ بألوية. حوِّلي عنّي عينيك فإنهما قد غلبتاني. شعرك كقطيع المعز الرابض في جلعاد


" أنتي جميلة يا حبيبتي كتِرصّة. حسنة كأورشليم. مُرهِبه كجيش بألوية. حوّلي عني عينيك فإنهما قد غلبتاني. شعرك كقطيع المعز الرابض في جلعاد" (6: 4، 5)
إذ أعلنت العروس عن علاقة اتحادها بعريسها، وشهدت أنه بداخلها في جنته وتطلب إلى بنات أورشليم أن يكفوا عن البحث عنه في الخارج، يمتدحها العريس مستخدمًا بعض العبارات السابقة الواردة في (نش 4)، مع الكشف عن أعماق جمالها.
إن العريس يرى عروسه " جميلة كتِرصة " وكلمة ترصة في العبرية تعني " انشراح وبهجه". وهناك رأيان في كلمة "ترصة".
ترصة هذه هي أصغر بنات صلُفحاد بن حافر الخمسة (عدد 26: 33). هؤلاء البنات مات أبوهن وليس لهن أخ. فوقفن أمام موسى والعازار الكاهن وأمام الرؤساء وكل جماعة إسرائيل لدى باب خيمة الاجتماع وطلبن أن يرثن أبوهن مع أخوة أبيهن. فأعطاهن الرب هذا الحق وصار ذلك فريضة قضاء (عدد 27: 1-11) ونلن أيضًا نصيبهن عند تقسيم الأرض على يد يشوع بن نون (يش 17: 3-6).. إن تشبيه العروس بترصة كأصغر البنات اللواتي طالبن بحقهن أمام موسى ويشوع، وصدور الأمر من قبل الرب أن يأخذن نصيبًا وميراث.. إن هذا يعبّر عن جمال النفس المتحدة بالمسيح – إنها دالة بغير خوف تطلب نصيبها وميراثها – وليس هذا النصيب والميراث سوى الرب نفسه " نصيبي هو الرب قالت نفسي من أجل ذلك أرجوه".

https://st-takla.org/Pix/Saints/07-Co...Justina-01.jpg
وربما قُصد بترصة المدينة الجميلة جدًا التي كانت أصلًا للكنعانيين واستولى عليها يشوع بن نون (يش 12: 24) وقدمها لأسباط بني إسرائيل. وقد صارت عاصمة لمملكة إسرائيل (العشرة أسباط) نحو خمسين سنة (1 مل 14: 17، 15: 21، 33، 16: 6، 23) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا) حتى بنيت مدينة السامرة. أما سر جمالها فهي أنها كانت قبلًا أممية عابدة للأوثان وانتقلت إلى ملكية الرب بواسطة يشوع الذي يرمز ليسوع!!
ويراها العريس "حسنة كأورشليم " وأورشليم مدينة الملك التي فيها الهيكل والعبادة – أي صارت تمثل الأقداس السماوية التي يسكن فيها الله..
هذا الجمال والحسن قد امتزج بالقوة، إذ هي " مرهبة كجيش بألوية " أي جيش منظم.. مرهبة أمام الأعداء، لأن الرب الذي يغلب في وسطها يحميه.. إنها كجيش سماوي يحمل ألوية (أعلام) الغلبة والنصرة. لا تعرف الهزيمة ولا اليأس، بل روح الغلبة والقوة. فالإنسان بدون المسيح لا يساوي شيء لكن مع الله فهو مرهوب من الشياطين. والشياطين تفزع منه..
فقد ورد بكتاب السنكسار cuna[arion قصة "كبريانوس ويوستينة" ويقال إن كبريانوس كان ساحرًا وبرع جدًا في سحره. حتى أنه ترك بلدته ليعرض علمه فذهب إلى مدينة أنطاكية وكان هناك شاب غني وقع في حب فتاة كان يراها وهي ذاهبة للكنيسة وكانت ذا جمال. فذهب الشاب إلى كبريانوس وعرض عليه فأبدى كبريانوس أنه سيحضرها له. ثم بدأ يعمل بسحره ولكن الشياطين لم يستطيعوا أن يأتوا به.. وبعد إلحاح كبريانوس أحضروها إليه وحالما قال " أهلًا يوستينة العزيزة " تبدد المنظر كدخان. فتعجب كبريانوس وحينما سأل الشياطين قالوا إنهم لا يقووا على الاقتراب منها إذ هي تصلي دائمًا.
وكان هذا سبب في إيمان كبريانوس. وصار له شأن في الكنيسة.
+ قيل عن القديس تادرس المصري أنه لما كان جالسًا في قلايته في الإسقيط, أتاه شيطان محاولا الدخول فربطه خارج القلاية. ووافاه شيطان آخر محاولا دخول القلاية كذلك فربطه أيضا خارج القلاية. فجاء شيطان ثالث ولما وجد زميليه مربوطين قال لهما "ما بالكما واقفين هكذا خارج القلاية؟" فقالا له "بداخل القلاية من هو واقف ليمنعنا من الدخول". فغضب الشيطان الثالث وحاول اقتحام القلاية. ولكن الشيخ ربطه كذلك بقيود صلاته خارج القلاية. فضجت الشياطين من صلوات الشيخ, وطلبت إليه أن يطلق سراحها. حينئذ قال لهم "امضوا واخزوا". فمضوا بخزي عظيم.
+ كان قس القلالي قد أعطى نعمة من الله أن يرى الأرواح النجسة عيانًا. وكانوا يرهبونه. وذات يوم وهو ذاهب إلى الكنيسة, رأى جماعة من الشياطين خارج قلاية أخ في مناظر مختلفة بما يدل أنهم فرحون بمن هو داخل القلاية.. فتنهد القس وقال إنه بلا شك يوجد داخل هذه القلاية راهب في أتون نار بسبب هذه الشياطين المحيطة بقلايته.. وبعد انتهاء الصلاة في الكنيسة قرع على قلاية ذلك الأخ وتظاهر أمامه أنه تعبان جدا من الشياطين وطلب إليه أن يصنع كل يوم صلاة لأجله.. وبالكاد قبل ذلك. وقف الأخ يصلى من أجل الشيخ القس وكان ينوح ويضرب المطانيات إذ كيف يتجاسر ويصلى عن القديسين. وفي السبت الثالث أثناء مرور القس وجد الشياطين أمام قلاية الأخ غير قادرين على دخولها. فعلم أنه في حالة أفضل فقرع باب القلاية ودخل ورأى النعمة بادية عليه.. خرج الشيخ وكان يبارك الله. وأقام الأخ أسبوعا آخر وعند مجيئه إلى قلاية الأخ وثبت عليه الشياطين ومزقوا ثيابه وقالوا له "أما يكفيك أن قلايتك لا نستطيع العبور عليها, حتى ولا جيرانك, وأخ واحد لنا في هذه الجماعة جعلته عدوا لنا ويتعدى علينا النهار والليل, وقد احرقنا شرار صلاته.. وفتح الأخ وكانت النعمة بادية عليه فشكر الله من أجله. (عن كتاب بستان الرهبان).
والمعنى أن المسيحى يحمل مع جمال الوادعة والرقة, القوة والشجاعة.. هو جميل في هدوئه الداخلى, جبار في جهاده ضد الخطية حتى الدم.
"حوِّلي عنى عينيك فإنهما قد غلبتاني"
ما معنى العينين؟ الدموع, والحب. الله يغلب من حنانه- دموع المرأة الخاطئة في بيت سمعان الفريسي- ودموع بطرس الذي خرج إلى خارج وبكى بكاء مرا!! ولعل من أعظم الأمثلة آخاب الملك الشرير الذي قال فيه الكتاب "لم يكن كآخاب الذي باع نفسه لعمل الشر في عيني الرب, الذي أغوته إيزابل امرأته, ورجس جدا بذهابه وراء الأصنام" (1مل21: 25, 26).. إذ سمع كلام الرب ضده بفم إيليا النبي شق ثيابه وجعل مسحا على جسده واضجع بالمسح ومشي بالسكوت. فلم يحتمل الرب هذا المنظر بل قال لإيليا "هل رأيت كيف اتضع آخاب أمامي. فمن أجل أنه قد اتضع أمامي لا أجلب الشر في أيامه" (1مل21: 29).

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:11 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
شعرك كقطيع المعز الرابض في جلعاد. أسنانك كقطيع نعاج صادرة من الغُسل، اللواتي كل واحدة متئمٌ، وليس فيها عقيم، كفلقة رمّانة خدك تحت نقابك



https://st-takla.org/Pix/Saints/The-T...tic-Icon-1.jpg
" شعرك كقطيع المعز الرابض في جلعاد. أسنانك كقطيع نعاج صادرة من الغسل اللواتي كل واحدة متئم وليس فيها عقيم, كفلقة رمانة خدك تحت نقابك" (6: 5-7)
سبق أن العريس مدح محبوبته بنفس هذه الكلمات في (نش4: 1-3) وقد تكلمنا عن ذلك وقته.. لكن لماذا التكرار هنا؟ إن التكرار لتأكيد حقيقة هامة أن محبة الله للإنسان تظل غير متغيرة.. فبالرغم مما اعترى الإنسان من فتور كما ورد في الأصحاح الخامس, لكن العروس إذ رجعت بدموع التوبة وجدت حبيبها على محبته, وأن عواطفه نحوها لم تتغير, في كل مرة يخطئ الإنسان يكون أول ما يختفي فيه هو يقين الإيمان وتحل الشكوك عوضا عنها من جهة علاقة هذا الإنسان بالرب. والرب قصد بكلمات المديح هذه وتأكيدها أن يزيل عنا تلك الشكوك. لعل هذا يذكرنا بالرب! الذي أظهر محبته لبطرس ثلاثة مقابل إنكاره المثلث "يا سمعان بن يونا أتحبني.. ارع غنمي"!!

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:12 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
هُنّ ستون ملكة، وثمانون سرية وعذارى بلا عدد. واحدة هي حمامتي كاملتي. الوحيدة لأمها هي. عقيلة والدتها هي. رأتها البنات فطوبنها. الملكات والسراري فمدحنها




https://st-takla.org/Pix/Saints/Copti...ry_Face-08.jpg
"هن ستون ملكة, وثمانون سرية وعذارى بلا عدد. واحدة هي حمامتي كاملتي. الوحيدة لأمها هي. عقيلة والدتها هي. رأتها البنات فطوبنها. الملكات والسراري فمدحنها" (6: 8, 9)
هنا يتكلم عن الكنيسة "واحدة هي حمامتى كاملتي".
من يكون الستون ملكة والثمانون سرية, والعذارى بلا عدد؟!
ربما في ذلك إشارة للسمائيين وطغماتهم الذين لا يقارنون بعروس المسيح التي هي جسده على الرغم من أنها تضم أعضاء كثيرين "يجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد" (يو11: 52) وقوله "واحدة هي حمامتى كاملتي".. هنا يشير إلى الروح القدس (حمامتي) الذي يؤلف المؤمنين ويجعل منهم واحدا.
وقوله "كاملتي" أي التي بلا دنس undefiled –إنها إشارة واضحة للكنيسة. ماذا يقول بولس عن المسيح وعلاقته بالكنيسة "أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها, لكي يقدسها مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمة. لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن وشيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب" (أف5: 25-27)..
لعل هذا (وحدتنا في المسيح وبالمسيح) تظهر بوضوح في صلاة الرب الوداعية ليلة آلامه "أيها الآب القدوس. احفظهم في اسمك. الذين أعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن. ليكون الجميع واحدا. كما أنت أيها الآب في وأنا فيك. ليكونوا واحدا كما أننا نحن واحد. أنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين إلى واحد" (يو17) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا).
"الوحيدة لأمها هي. عقيلة والدتها هي"
من تكون هذه الأم والوالدة التي تتطلع إلى الكنيسة كوحيدتها؟ إنها أورشليم السمائية التي تنتظر العروس الواحدة التي خطبها المسيح لتصبح شريكة في المجد الأبدي.
+ والبعض يرى عبارة "واحدة هي حمامتي كاملتي" إنها تشير للعذراء مريم, إذ كثيرات نلن كرامة أما هي ففاقتهن جميعا.. وفى الكلمات التالية ما يؤكد ذلك..

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:12 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
من هي المشرقة مثل الصباح، جميلة كالقمر، طاهرة كالشمس؟ مُرهبة كجيش بألوية


https://st-takla.org/Pix/Saints/Copti...ry_Face-08.jpg
"من هي المشرقة مثل الصباح, جميلة كالقمر, طاهرة كالشمس. مرهبة كجيش بألوية" (6: 10).
إن العذراء مشرقة كالصباح إذ العذراء مشرقة كالصباح إذ تجسد منها شمس البر الذي أضاء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت. وهى جميلة كالقمر إذ تستمد جمالها من نور ابنها على نحو ما يستمد القمر ضوءه من الشمس. طاهرة كالشمس إذ حل عليها الروح القدس الذي طهرها وقدسها وملأها نعمة وهيأها للتجسد الإلهي. مرهبة كجيش منظم إذ تحمل في داخلها رب الجنود ذاته.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:13 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
نزلت إلى جنة الجوز لأنظر إلى خُضَر الوادي، ولأنظر هل أقعل الكرم، هل نورَّ الرمان؟ ارجعي أرجعي يا شولميت، آرجعي إرجعي فننظر إليكِ. ماذا ترون في شولميث؟ مثل رقص صُفَّينْ



"نزلت إلى جنة الجوز لأنظر إلى خضر الوادي ولأنظر هل أقعل (أزهر) الكرم, هل نور الرمان. فلم أشعر إلا وقد جعلتني نفسي بين مركبات قوم شريف. ارجعي ارجعي يا شولميث. ارجعي ارجعي فننظر إليك. ماذا ترون في شولميث. مثل رقص صفين (جيشين)" (6: 11-13)
إن مديح العريس للعروس لم يلهها عن العمل المثمر, فتقول "نزلت إلى جنة الجوز" الجوز في الكتاب المقدس يشير إلى كلمة الله.. فحين صارت كلمة الرب إلى أرميا بن حلقيا الكاهن قيل له "ماذا أنت راء يا أرميا" فقال "أنا راء قضيب لوز". فقال له الرب "أحسنت الرؤية لأني أنا ساهر على كلمتي لأجريها" (أر1: 11, 12)..

https://st-takla.org/Gallery/var/albu...Grape-Vine.gif
والجوز يذكرنا بعصا هارون رئيس الكهنة التي أفرخت عصاه وقدمت ثمر جوز (عدد 17: 8) في (نش 6: 2) تقول العروس "حبيبي نزل إلى جنته".. وهنا العروس تقول "نزلت إلى الجنة الجوز".. والمعنى أن النفس دخلت إلى أعماقها الداخلية كما إلى جنة كلمة الله.. هناك تنظر ثمار الوادى- لترى هل الكرم أزهر, وهل الرمان نور.. هذه كلها لا دخل للعروس فيها, إنما هي ثمار كلمة الله فيها.
"فلم أشعر إلا وقد جعلتني نفسي بين مركبات قوم شريف"
كلمة قوم شريف = عميناداب وشعبي الكريم وشعبى العامل مشيئتى بسرور والمعنى أن الله- فيما هي تنزل إلى جنة الجوز وتنظر خضر الوادي- قد جعلها أشبة بمركبات عميناداب.. أي أنها صارت بقوة كلمة الله, شعب الله الكريم المجاهد حتى النهاية ضد الشر والخطية.
في هذا الجو المملوء جهادا ينادى العريس عروسه:
"ارجعي ارجعي يا شولميث. ارجعي ارجعي فننظر إليك. ماذا ترون في شولميث. مثل رقص صفين"
شولميث مؤنث كلمة "شالوم" العبرية أي سلام. ويشتق منها اسم سليمان فشولميث معناها "إنسان السلام" و"الحاملة للسلام" و"التي لها سلام". وهكذا يتضح وكأن السيد المسيح -سليمان الحقيقي- قد خلع عليها لقبه ويناديها به, بعد أن حملت شخصه في داخلها.
إنه ينظر إليها وهى في حالة الحرب والجهاد ويدعوها شولميث.. أما سر السلام الذي فيها فهي رجوعها المستمر إليه.. إنه يدعوها أربع مرات ان ترجع "ارجعي ارجعي يا شولميث. ارجعي ارجعي فننظر إليك".
ثم يعود العريس ويتطلع إلى من حوله ويقول لهم "ماذا ترون في شولميث؟. مثل رقص صفين (جيشين) والرقص علامة الغلبة والانتصار.. هكذا رأينا مريم النبية أخت هارون مع بقية النساء في رقصات الفرح وهن يسبحن الرب الذي أنقذهن من فرعون وجنوده (خر15: 20).. ورأينا هذا المنظر أيضًا عندما قتل داود النبي جليات الجبار الذي عير صفوف شعب الله الحيّ, فخرجت النساء من جميع المدن بالغناء والرقص (1صمو18: 6).. إن هذا دليل النصرة الروحية.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:15 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ما أجمل رجليك بالنعلين يا بنات الكريم. دوائر فخذيك مثل الحلى صنعة يدي صَنَّاع


" ما أجمل رجليك بالنعلين يا بنت الكريم. دوائر فخذيك مثل الحلى صنعة يدي صناع" (1:7)

https://st-takla.org/Pix/Bible-Illust...e-with-God.jpg
يرسم الروح القدس أمامنا في هذا الفصل صورة دقيقة ومفصلة للعروس.. إنه يعطيها لقبا جديدا "يا بنت الكريم" (= يا بنت الأمير).. إن هذا يوافق ما يقوله المزمور " كل مجد ابنة الملك من داخل" (مز 45: 13).. لقد صارت منتسبة لله بعد أن ولدت من الماء والروح.
صارت ابنة للملك السماوي.. وإن كانت بسقوطها صارت حقيرة لكن بعودتها لله انتسبت إليه وحملت سمة ملكية.
سبق أن وصفت العروس عريسها في (نش 5: 10-16) بعشر صفات ابتداء من الرأس حتى القدمين.. أما هنا فإن العروس توصف ابتداء من القدمين حتى الرأس..
لكن لماذا توصف العروس ابتداء من القدمين إلى الرأس.. لعله كان منظورا إلى العروس قبل كل شيء من الناحية الأرضية.. وكتعبير عن إعجاب بسلوكها وخطواتها العملية!!
" ما أجمل رجليك بالنعلين"
إن خطوات العروس تتميز بالاتزان والوقار الروحي "حاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام" (أف 6: 15)
و المقصود باستعداد إنجيل السلام هو السلوك العملي المطابق لتعليم إنجيل المسيح" (فى 1: 27).. وكأن العريس قد بدء في وصفها بخطواتها الإنجيلية. أنها تسلك طريق العريس ذاته وتمارس حياته الإنجيلية.. إنها بهذا تحمل الشهادة لعريسها كقول بولس "ما أجمل أقدام المبشرين بالسلام، المبشرين بالخيرات" (رو 10: 15)، وقول إشعياء " ما أجمل على الجبال قدمي المبشر المخبر بالسلام، المبشر بالخير، المخبر بالخلاص. القائل لصهيون قد ملك إلهك" (إش 52: 7)
" دوائر فخذيك مثل الحلى" (= مفاصل فخذيك)ينتقل من القدمين إلى الفخذين والى مفاصل الفخذين بالذات..
والمفاصل هي التي تعطى الرجلين القدرة على السير في الطريق بكل حرية.. ولا يتسنى ذلك إلا بإخضاع الجسد والذات.. هنا نتذكر الحكمة في مصارعة يعقوب. فالإنسان الذي صارعه لم يتركه حتى ضرب حق فخذه " فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه" (تك 23: 25).. والمعنى أن النشاط الجسدي والقوة الطبيعية -قوة الذات- يجب أن تتعطل وتشل حتى يتسنى للنعمة أن تنشئ فينا القوة الروحية للسير بحسب إرادة الله.
قد أعطى بولس شوكة في جسده وطلب إلى الله ثلاث مرات أن تفارقه ولكنه أدرك أخيرا أنه خير له أن يظل هكذا " تكفيك نعمتى لأن قوتى في الضعف تكمل".. ويعبر بولس عن أختباره فيقول " صادقين في المحبة ننمو في كل شيء إلى ذاك الذي هو الرأس المسيح. الذي هو الرأس المسيح. الذي منه كل الجسد مركبا معا ومقترنا بمؤازرة كل مفصل حسب عمل على قياس كل جزء يحصل نمو الجسد لبنيانه في المحبة" (أف 4: 15، 16)

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:17 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
سرتك كأس مدوَّرة لا يعوزها شراب ممزوج. بطنك صُبْرة حنطة مُسَيَّجة بالسوسن




https://st-takla.org/Pix/Plants-Trees...__Wheat-03.jpg
" سرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج. بطنك صبرة (23) حنطة مسيجة بالسوسن" (7: 2)
يقول حزقيال النبي " وكانت إلى كلمة الرب قائلة. يا بن آدم عرف أورشليم برجاساتها. وقل هكذا قال السيد الرب لأورشليم.. أما ميلادك يوم ولدت فلم تقطع سرتك ولم تغسلى بالماء للتنظيف" (حز 16: 1 – 4).. حينما يخرج الجنين من أحشاء أمه يلزم أن تقطع سرته وبذا يرى نور الحياة الجديدة ككائن حي مستقل عن أمه، لا يحتاج إلى الاغتذاء بدمها خلال الحبل السري..
والمعنى أن الإنسان يقطع سرته أي يقطع صلته بالعالم ويبدأ بالتغذي بغذاء آخر.. والسرة حينما تقطع تصبح كأسا مدورة -الدائرة لا بداية لها ولا نهاية- إنها تشير إلى السماء وأنها تشير إلى أن الإنسان حمل طبيعة سماوية.. هي لا يعوزها شراب ممزوج أي خمر أي أن مسرات العالم وأفراحه لا مجال لها في حياتها الآن.. وفى نفس الوقت فإن غذاء هذه النفس التي لا تتغذى بغذاء العالم لها طعامها الخاص.. لها طعام روحي تلك التي يعبر عنها بقوله " بطنك ُصبره (كومة) حنطة".. هذه الحنطة تشير إلى المسيح الخبز الحيّ النازل من السماء.. ثم إن هذه الخيرات محاطة بسياج من السوسن الذكي الرائحة..

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:17 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ثدياك كخشفتين توأمي ظبية. عنقك كبرج من عاج. عيناك كالبرك في حشبون عند باب بث ربّيم




https://st-takla.org/Pix/Gallery/Open...intings-28.jpg
" ثدياك كخشفتين (توأم من الغزلان الصغيرة) توأميّ ظبية. عنقك كبرج من عاج. عيناك كالبرك في حشبون عند باب بث ربيم. أنفك كبرج لبنان الناظر تجاه دمشق" (7: 3، 4).
سبق أن تكلمنا عن "ثدياك كخشفتين توأمى ظبية" في (نش 4: 5) وقلنا أن الثديين رمز للنمو والنضوج -وهما هنا رمز للنضوج والنمو الروحيين- وهما كذلك رمز لتغذية الآخرين.. وقلنا أن السيد المسيح يظهر للكنيسة متمنطقا عند ثدييه بمنطقة من ذهب girded about the chest with a golden band (رؤ 1: 13) إذ يقدم العهد القديم والعهد الجديد كثديين ترضع منهما الكنيسة وتتقوت بهم..
" عنقك كبرج من عاج " - سبق أن عرضنا لنفس التشبيه في (نش 4: 4).. وصف عنقها "كبرج داود المبنى للأسلحة " أي أنهار راسخة وقوية تواجه الحروب – أما هنا فيصف عنقها "كبرج من عاج".. وسبق أن أشرنا في (نش 5: 14) إلى أن العاج يشير إلى قبول الآلام حتى الموت - حيث يستخرج من الفيل خلال آلامه، وليس كالأحجار الكريمة الأخرى . إن هذا الوصف ينطبق على النفس البشرية التي تحتمل آلام الجهاد حتى الدم ضد الخطية، كما يشير إلى ما احتملته الكنيسة من آلام لتظل الكنيسة شامخة كالبرج.. كما أن البرج أبيض ونفيس وهذا ما يشير إلى طبيعة هذه الصفات وقيمته.. إنه يشير إلى طهارة النفس والكنيسة ونقاوتها.
"عيناك كالبرك في حشبون عند باب بث ربيم".
قبلا وصف العريس عيني محبوبته بعيني الحمامة حيث تتجلى فيهما صورة الروح القدس الذي يقدس حياتهما الداخلية.. وهنا يصف عينيها بالبرك.. ولم يصفهما بمياه الآبار التي توجد في أعماق مظلمة. أما مياه البرك فمكشوفة ومعرضة لضوء الشمس، ومنفتحة نحو السماء.. هذا الانفتاح نحو السماء يولد انفتاحا نحو البشر.. معروف أن البرك تمتاز بوجود السمك بها. والسمك يرمز للبشر "أجعلك صيادا للناس"!!
أما كلمة حشبون فمعناها مجتهد.. هذا الاجتهاد من جهة العينين هو في النظر إلى الإلهيات.. إن العين كما قال عنها المسيح هي "سراج الجسد"!! والمعنى أنها هي التي تقوده في الطريق.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:19 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أنفك كبرج لبنان الناظر تجاه دمشق
" أنفك كبرج لبنان الناظر تجاه دمشق" (7: 4).
لم يرد في سفر النشيد قبل ذلك الأنف ضمن التشبيهات، لأن حاسة الشم تبدأ عملها عند تمام النضج.. ومن الناحية الروحية تشير حاسة الشم للتمييز بين رائحة المسيح الذكية وروائح العالميات التي هي في الحقيقة نتنة. هذه الحاسة هي التي نميز بها بين الفضيلة والرذيلة.. أما كونه يشبه أنفها ببرج لبنان أنه دليل الشموخ.. ليس بقصد الكبرياء، ولكن بقصد أحساس الإنسان بذاته كابن الله.. "من يغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو المسيح".. "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني"..

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:21 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
رأسك عليك مثل الكرمل، وشعر رأسك كأرجوان. ملكٌ قد أُسِرَ بالخُصَل


" رأسك عليك مثل الكرمل وشعر رأسك كأرجوان (كالقرمز). ملك قد أسر بالخصل" (7: 5)

https://st-takla.org/Pix/People-Gener...rl-Hair-01.gif
جبل الكرمل يرتفع إلى ما يقرب من ألفى قدم.. والمعنى أن الكنيسة رأسها شامخ.. الكنيسة كاملة ولا تخطئ من جهة أيمانها " واحدة هي حمامتي كاملتي" (6: 8).. وبنفس المقياس مفروض في المؤمن أن يكون كاملا " كونوا كاملين..". " نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضا قديسين في كل سيرة"..
هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى فإن كلمة الكرمل معناها "أرض الحديقة" تمتاز بالخضرة والثمار والغابات.. هكذا لا يجب أن تبدو الكنيسة بلا ثمر وكذلك النفس البشرية. ثم إن جبل الكرمل في الكتاب المقدس يحمل ذكريات مقدسة ومجيدة. فعليه وقف إيليا النبي أمام كهنة البعل وكل الشعب وقال عبارته المشهورة "حتى متى تعرجون بين الفرقتين. إن كان الرب هو الله فاتبعوه. وإن كان البعل فاتبعوه" (1 مل 18: 21) وهناك قتل كهنة البعل (1 مل 18: 40) رمز للقضاء على الشر.. وبعد أن سقطت نار من السماء وأكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب ولحست المياه التي في القناة.. سقط كل الشعب على وجوههم وقالوا " الرب هو الله. الرب هو الله" (1 مل 18: 38،39).. أن الكرمل يذكرنا بكل هذه الذكريات يجب ألا نعرج بين الله والعالم (المسيح أم باراباس)، والقضاء على الشر، والاعتراف بأبوه الله لنا "الرب هو الله. الرب هو الله".
وعلى رأس جبل الكرمل سجد إيليا وخر على الأرض طالبا من الله أن يعطى مطرا على الأرض (1 مل 18: 42-46).. وهذا يذكرنا بالصلاة واستجابتها سواء في الكنيسة وحياة المؤمن.
هذه بعض الذكريات التي تتصل بجبل الكرمل الذي شبهت به الرأس: رأس المؤمن ورأس الكنيسة.
أما الشعر الملتصق بالرأس فقد أشرنا سابقا إلى أنه يشير إلى جماعة المؤمنين.. إنه كالأرجوان (القرمز) الذي هو الرمز الملكي.. إن كل الأعضاء تحمل السمة الملوكية. إنه لون دم المسيح.
"ملك قد أسر بالخصل" أي أن مفاتن العروس قد اجتذبته وأسرته حبًا. إن جمالها الذي خلعه عليها العريس هو الذي سباه "كل مجد ابنة الملك من داخل. منسوجة بذهب ملابسها. بملابس مطرزة تحضر إلى الملك" (مز 45: 13، 14).

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:22 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ما أجملك وما أحلاك أيتها الحبيبة باللذات. قامتك هذه شبيهة بالنخلة، وثدياك بالعناقيد. قلت إني أصعد إلى النخلة وأمسك بعذقودها. وتكون ثدياك كعناقيد الكرم. ورائحة أنفك كالتفاح. وحنكك كأجود الخمر. لحبيبي السائغة المُرقرقة السائحة على شفاة النائمين



" ما أجملك وما أحلاك أيتها الحبيبة قامتك هذه شبيهة بالنخلة وثدياك بالعناقيد قلت إني اصعد إلى النخلة وامسك بعذوقها (سعفها العالي) وتكون ثدياك كعناقيد الكرم ورائحة انفك كالتفاح وحنكك كأجود الخمر لحبيبي السائغة المرقرقة السائحة على شفاه النائمين"حنكك كأجود الخمر تسوغ بلذة لحبيبي وتسيل على شفتي وأسناني - حسب الترجمة السبعينية)" (7: 6 – 9).

https://st-takla.org/Gallery/var/albu...lm-Tree-01.gif
العريس -في ختام وصفه للعروس- يقول لها "ما أجملك وما أحلاك" والمعنى الحرفي لهذه العبارة "كم صرت جميلة".. لقد انسكب جمال العريس عليها فصارت هكذا.. "قامتك هذه شبيهه بالنخلة" النفس البشرية والكنيسة صارت قامتها شامخة ومستقيمة كالنخلة "الصديق كالنخلة يزهو، كالأرز في لبنان ينمو" (مز 92: 12)..
لهذا رمز للسبعين رسولا بالسبعين نخلة التي وجدها بنو إسرائيل أثناء ارتحالهم في إيليم (خر 15: 27). وفى الأبدية يحمل المؤمنون سعف النخل علامة النصر (رؤ 7).
والعريس يفرح بثمر عروسه، فيصعد إلى النخلة ليجنى ثماره.. إنه لم يرسل أحدًا من خدمه، بل هو يصعد عليها، ليقطف ثمارها ويمسك بسعفها.
أما باقي التشبيهات:
+ ثدياك كعناقيد الكرم.. وسبق أن قلنا أن الثديين يرمزان للعهدين القديم والجديد وهى تشير إلى قدرتها على إطعام الآخرين.
+ رائحة أنفها كالتفاح.. وقد سبق أن رأينا في التفاح رمز للمسيح والتجسد الإلهي، وكأنها تَشْتَّم دائمًا رائحة الإله المتجسد. والمعنى أن العروس بعد أن اتحدت بالمسيح بدأت الآن تفيح برائحته.
+ حنكك كأجود الخمر.. إنه يشير إلى الفرح وإلى تذوق السمويات.. إن الخمر يشير إلى ملكوت السموات "أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن" (يو٢: ١٠) وكما يقول "إني من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديدًا في ملكوت أبى" (مت٢٦: ٢٩).
+ وحينما وصل العريس إلى هذه الكلمة إذا بالعروس واستنادًا إلى اتحادها الكامل به تقاطعه وتقول "لحبيبي السائغة المرقرقة السائحة على شفاه النائمين".
وهذا يفيد أنها وحبيبها معًا قد تذوقا شيئًا من أمجاد الدهر الآتي "السائحة على شفاه النائمين" [إذ وصل العريس في وصف جمال عروسه إلى التحدث عن حنكها بأنه "كأجود الخمر"، إذ بها تقاطعه قائلة "لحبيبي" أي أن هذه الصفات هي لحبيبي ومن حبيبي. وإن هذه الخمر تسيل وتجرى إلى فم حبيبها بسهولة وبلذة وهى لامعة ومتلألئة]..

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:23 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أنا لحبيبي وإليَّ اشتياقه




https://st-takla.org/Gallery/var/albu...Praying-01.gif
"أنا لحبيبي وإلىّ اشتياقه" (٧: ١٠)
في العلاقة الحبية بين العروس وحبيبها نجد تطور علاقة الحب هذه إلى ما هو أسمى.. في (نش٢: ١٦) تقول العروس "حبيبي لي وأنا له". وفى (نش٦: ٣) نسمعها تقول "أنا لحبيبي وحبيبي لي".. وأما هنا فتقول "أنا لحبيبي وإلىّ اشتياقه".. كان همها الأول في المراحل الأولى لحياتها أن تقول "حبيبي لي". وفى المرحلة الثانية "وأنا له". وهى كما قلنا سابقًا تعبر عن الرغبة في الامتلاك من أجل التمتع الشخصي. لكنها الآن بعد المعاملات المختلفة التي ربما نمّت عن الكبرياء لمنها تقول الآن "أنا لحبيبي" واختفت الرغبة الشخصية، وعوضًا عنها أصبح الموضوع يتعلق برغبة الحبيب نفسه ما هي؟ لقد صارت الآن تعلم أنها إنما تحيا فقط لأجل مسرته وأن تكون موضوع اشتياقه. وبالفعل فإنه يجب أن يكون أسمى غرض للمؤمن أن يحيا الحياة التي تجعل الرب يشتاق إليه. وأن يكون قادرًا على القول "إلىّ اشتياقه" و"اشتياقه إلىّ". ما أعظم أن يكون اشتياق الرب إلى النفس؟! هذا الاشتياق لابد وأن يكون له أسباب.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:24 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
تعالَ يا حبيبي لنخرج إلى الحقل، ولنبت في القرى. لنبكرن إلى الكروم. لننظر هل أزهر الكرم، هل تفتَّح القُعال. هل نوَّر الرمان؟ هنالك أعطيك حبّي



"تعالَ يا حبيبي لنخرج إلى الحقل، ولنَبتْ في القرى. لنبكرّن إلى الكروم. لننظر هل أزهر الكرم هل تفتح القُعال. هل نوّر الرمان. هنالك أعطيك حبّي" (١١، ١٢)
فى (نش٦: ١١) نقرأ عن الحبيب كيف نزل إلى جنته لينظر "هل أقعل الكرم، هل نوّر الرمان" الأمر الذي يدل على اهتمامه الكلى بوجود ثمر في النفوس.. وفى هذين العددين نجد العروس لها نفس الفكر والاهتمام اللذين له فتتحدث إليه عن أمور تعلم أنها تسرّه..
وهنا نلاحظ أمرًا هامًا أن الخدمة السليمة تأتى كثمر للحب.

https://st-takla.org/Gallery/var/albu...Grape-Vine.gif
رأينا كيف تمكنت المحبة بين العروس وحبيبها حتى أن اشتياقه صار إليه.. وهنا كثمرة من ثمار الحب نجدها تفكر في الخدمة وتريد أن تنطلق مع حبيبها وتقول له "تعال يا حبيبي لنخرج إلى الحقل".. لنا تأمل في هذه العبارة.
لنخرج..
(أ) إن الله كما نفهمه ليس مُخيفًا بل محبًا دعانا أخوته وأصدقاءه وأحبائه.. وهى تدعوه هنا لتصحبه "لنخرج".. إلى أين؟
(ب) إلى الحقل.. وماذا يكون هذا الحقل.. إنه حقل الخدمة "ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول إنها قد ابيضت للحصاد" (يو٤: ٣٥).
(ج) إن كان الله يدعونا للعمل "نحن عاملان مع الله وأنتم فلاحة الله، بناء الله" (١كو٣: ٩)، لكننا لا نخرج بدونه لئلا يكون مصيرنا الفشل.. إن الله يعمل معنا في الخدمة بروحه ولذا حذر الرسل وتلاميذه "لا تبرحوا أورشليم حتى تلبسوا قوة من الأعالي". وإذا كان هذا الكلام عن الخدمة لكنه من ناحية أخرى يشمل التعاون الزوجي خاصة في هذه الأيام والتي تعمل الزوجة مثل زوجها في عمل وظيفي، يجب أن يتعاون الاثنان "لنخرج إلى الحقل"!!
"لنبت في القرى"
الكلمة وردت بصيغة الجمع "القرى".. إنها لا تقصد مكانًا معينًا بل القرى كافة.. إن هذا يشير إلى حياة الغربة في العالم "ليس له أين يسند رأسه".. إنها في سياحة غربة مع حبيبها تسير معه من قرية إلى قرية بحثًا عن الخراف الضالة!!
+ حياة الارتباط مع الحبيب تظهر من الكلمات التي قالتها العروس "لنخرج.. لنَبتْ.. لنبكرّن.. لننظر..".. كل حياتها أصبحت مرتبطة به.. والتبكير يشير إلى الاجتهاد في العمل.. إنها تبحث وتفتش عن الثمار"هل أزهر الكرم، هل تفتح العقال، هل نوّر الرمان".. بعد كل هذا تقول:
"هنالك أعطيك حبي"!!
هنالك.. أي في الحقول والقرى والكروم.. إنها نظرة شاملة لعمل الرب في كل العالم.. وفى هذه كلها تستطيع أن تعطيه حبها أي تظهر له حبها.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:25 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
اللفاح يفوح رائحة، وعند أبوابنا كل النفائس من جديدة وقديمة ذخرتها لك يا حبيبي




https://st-takla.org/Pix/Plants-Trees...fficinarum.gif
"اللفاح يفوح رائحة وعند أبوابنا كل النفائس من جديدة وقديمة ذخرتها لك يا حبيبي" (١٣)
اللفاح من أجمل الزهور التي تشير إلى المحبة الزوجية بين الرجل وامرأته، لهذا حدثت بسببه مشاحنة بين راحيل وليئة (تك٣٠: ١٤ ١٦).
"وعند أبوابنا كل النفائس"، والأبواب تشير إلى ما هو قريب وفى متناول اليد. والمقصود بالنفائس الثمار النفيسة.. أي زن هذه الثمار غدت في متناول اليد وقريبة. هذه النفائس جديدة وقديمة. هي جديدة في كل يوم وفى نفس الوقت أصيلة وعميقة.. هي ثمار كلمة الله العاملة في نفوس المؤمنين.. هذا ما تقدمه العروس الأم (الكنيسة والنفس بفضائلها) للمسيح العريس السمائي الأبدي.
إنها تقدم ثمارًا متنوعة، فرغم أن الذين قبلوا الرب يسوع يؤلفون جماعة واحدة لكن ليس كل منهم يحمل نفس الثمر لأن ثمر الروح متعدد الأنواع "محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف" (غل٥: ٢٢، ٢٣).

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:26 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ليتك كأخ لي، الرّاضِع ثديي أمي، فأجدك في الخارج وأقبلك ولا يخزونني. وأقودك وأدخل بك بيت أمي وهي تُعلمني، فأسقيك من الخمر الممزوجة من سلاف رُمّاني
"ليتكَ كأخٍ لي الراضع ثديَيّ أمي، فأجدك في الخارج وأقلّكَ ولا يُخزونني. وأقودك وأدخلُ بك بيت أمي وهى تُعلّمني، فأسقيك من الخمر الممزوجة من سلافِ رُمَّاني" (نش٨: ١، ٢)

يبدأ هذا الأصحاح الأخير من سفر النشيد بأشواق العروس للتحرر من العبودية وبالأنين للتخلص من قيود الطبيعة الجسدية.. وكلما نما المؤمن في حياة الشركة مع المسيح كما هو حال العروس هنا كلما اتضح أكثر أن الإنسان الخارجي (الجسد) يفرض حدودًا وقيودًا على الروح في الداخل. فبينما الداخل يتجدّد يومًا فيم، نجد الإنسان الخارجي يفنى أيضًا يومًا فيوم.. وإن كانت قوى الله تظهر في ضعف الجسد "قوتي في الضعف تكمل"، لكن الجسد يبقى دائمًا شوكة في جنب الروح.
وكلما ازداد المؤمن في النضوج الروحي كلما أدرك أن الكمال النهائي يبقى معطلًا بسبب قيود الجسد.. وعلى الرغم من أن المؤمن يحمل في إنسانه الداخلى باكورة حياة القيامة غير أنه لا يخلو من ذلك الأنين الذي تشارك فيه الخليقة كلها "فإننا نعلم أن الخليقة تئن وتتمخض معًا إلى الآن. وليس هكذا فقط، بل نحن الذين لنا باكورة الروح نحن أنفسنا أيضًا نئن في أنفسنا متوقعين التبني فداء أجسادنا" (رو٨: ٢٢، ٢٣).
رأينا في نهاية الأصحاح السابق اتجاه العروس إلى الخدمة ورغبتها فيها كثمر من ثمار محبتها لعريسه.. وفى بداية هذا الأصحاح نجدها تلتهب حنينًا لحياة الاتحاد الأعمق مع عريسها. وكأن ختام مناجاة العريس وعروسه في سفر النشيد هو دخول المؤمن إلى خدمة الآخرين مع التهاب القلب بالانطلاق نحو الفردوس.. وربما بدا هذان الاتجاهان متعارضان. لكنهما في الحقيقة متلازمان.. وإن كان هذا الأصحاح الأخير من النشيد في جوهره حديث عن الخدمة فرن أساس الخدمة هو المحبة وتمتع الخادم بمحبة عريس الكنيسة.
"ليتك كأخ لي الراضع ثديي أمي، فأجدك في الخارج وأقبلك ولا يخزونني".
كان التقبيل العلني قديمًا بين الرجال والنساء حتى بين الزوج وزوجته يعتبر خدشًا للحياء ومنافيًا للياقة، وكان مسموحًا به فقط بين الأقرباء بالدم (المحارم) كالأخ والأخت.. ومن ثم أحست العروس بالحرج في تحقيق شهوة قلبها المقدسة، وبعجزها عن الإفصاح للعالم عن عمق محبتها لعريسه.. وكأنها أرادت أن تقول "ليتك كنت أخي لكي أستطيع أن أظهر للجميع كيف نرتبط ببعضنا في الله، وحتى حين أريد أن أعلن ذلك جهرًا وأعبّر عن محبتي لك يا حبيبي، فلا يحتقرني ويُسَفّهني الآخرون لكوني غير قادرة على إخفاء حبي.. لهذا تريده كأخ لها الراضع ثديي أمها فتظهر عواطفها نحوه علانية وتقبله في حضرة البشرية كلها دون أن ينسب لها لوم!!
+ لكن ما هو "بيت أمي" الذي تقول عنه العروس رنها تدخل بالعريس إليه؟ إنه الكنيسة وأورشليم السماوية التي قال عنها بولس الرسول "أورشليم العليا التي هي أمنا جميع" (غل٤: ٢٦).. وهناك تسقيه من خمر بهجتها الممزوجة من عصير رمانها، لكنها تبقى في اتضاع تريد أن تتعلم. إنها بحاجة مستمرة إلى أن يعلمها أسراره السماوية حتى في الأبدية!!
ولماذا الخمر من عصير رمانها؟! فرن الرمان يشير إلى حياة الجهاد. فشجرة الرمان مملوءة شوكًا. وغلاف الرمان مرّ، وفى داخله بذور كثيرة تحمل عصيرًا يحمل طعمًا لذيذًا.. إن الفرح في المسيحية لابد وأن يمتزج بالتعب والجهاد الروحي إلى النهاية.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:28 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
شماله تحت رأسي، ويمينه تعانقني. أحلفكن يا بنات أورشليم ألا تيقظن ولا تُنبهم الحبيب حتى يشاء



"شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني. أحلفكن يا بنات أورشليم ألا تيقظن ولا تُنبهن الحبيب حتى يشاء" (٨: ٣، ٤).

https://st-takla.org/Pix/People-Chris...o-a-Man-01.gif
هذه العبارات والتشبيهات مكررة وسبق أن قالتها العروس في (نش٢: ٦، ٧).. سبق أن قلنا في نهاية الأصحاح السابق أنه كثمرة من ثمار المحبة بدأت العروس تتجه للخدمة مع عريسه.. وهنا هي تكرر هذا التعبير الذي يعبّر عن الحب لئلا يظن أحد أن الخدمة شغلتها عن محبة عريسها، بل العكس هو الصحيح أنه كلما كانت المحبة قوية كلما كان ثمر الخدمة وفيرًا ومبارك..
عندما كان يوحنا الرسول حبيب الرب منفيًا في جزيرة بطمس، ورأى الرب في جلاله سقط عند رجليه كميت، فوضع يده اليمنى عليه قائلًا له لا تخف. وهى نفس اليد التي رآها يوحنا مثقوبة ومسمّرة بالصليب عند الجلجثة، ورآها بعد ذلك مرفوعة بالبركة وقت صعود المسيح إلى السماء..
وإذ وضع يده عليه ملأ قلبه سلامًا وبدّد كل مخاوفه.. لقد اختبر يوحنا وهو التلميذ الذي كان يسوع يحبه، ما اختبرته العروس هنا "شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني"، حينما اتكأ وقت العشاء الأخير على صدر الرب يسوع.. ما أحلى حينما نريد أن نأوى إلى فراشنا أن نستودع حياتنا بين يديّ الرب ونتذكر هذه الكلمات ونتخيلها ونطلب منه أن يتممها معنا "شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني".. من ذا الذي يقدر أن يقترب من نفس في حضن الرب.. رنها تنام في حب ودفء وحماية وسلام وبركة ما بعدها بركة..
+ أما عن قولها "أحلفكن يا بنات أورشليم ألا تيقظن ولا تُنبهن الحبيب حتى يشاء" فسبق أن تكررت في موضعين سابقين في هذا السفر (٢: ٧ ؛ ٣: ٥) إنها تناشد من حولها أن يلزمن الهدوء والصمت حتى لا يحدث ما يعكر صفو هذه الشركة الحلوة. إن كل من اختبر حلاوة الشركة مع المسيح وذاق مشاعر محبته لا يمكن إلا أن يرغب في استمرار هذه الافتقادات الإلهية، على نحو ما اشتهى بطرس ذلك فوق جبل التجلي وقال "جيد يا رب أن نكون ههنا".. رن الاحتضان بالذراع الشمال واليمين رمز لمحبة الرب وتعزياته.. ولكن تقول العروس هنا لبنات أورشليم "حتى يشاء"، لأن التعزيات الإلهية لا تستمر على طول الخط وذلك من أجل خير الإنسان حسب كلمة الله..

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:31 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
من هذه الطالعة من البرية مستندة على حبيبها؟



"من هذه الطالعة من البرية مستندة على حبيبه" (٨: ٥)

https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-Supper-07.jpg
إن هذه الطالعة من البرية هي إشارة إلى النفس التي تعيش في العالم.. لقد سمح الرب بحسب تدبيره أن يتغرب شعبه في البرية أربعين سنة وذلك من أجل تدريبهم الاعتماد عليه في كل شيء، بل أكثر من هذا أن يعلموا أنه هو طعامهم وشرابهم!! كان المن النازل من السماء وكان الصخرة التي تفجر منها الماء وتابعتهم حيثما حلّوا، وكلاهما كان رمزًا للمسيح!!
كان موسى يقود الشعب في البرية، وخلفه يشوع الذي أدخلهم أرض الميعاد.. ولكن ههنا من هو أعظم من موسى ومن يشوع إنه الرب ذاته الذي قال "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيء".. رن العروس مستندة على حبيبها. بدون نعمة المسيح يسقط الإنسان ولا يستطيع أن يتقدم خطوة واحدة.. ما أجمل التعبير "مستندة على حبيبه".. ماذا يستطيع الإنسان الضعيف أن يعمل بدون عمانوئيل الذي تفسيره "الله معنا"؟!.. إن الرب يريدنا أن نستند عليه في كل شيء "للآن لم تطلبوا شيئًا باسمي. اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كامل".

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:32 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
تحت شجر التفاح شوّقتُك. هناك خَطَبَتْ لك أمُّك. هناك خطبت لك والدتك




https://st-takla.org/Gallery/var/albu...e-Apple-01.jpg
"تحت شجرة التفاح شوّقتُك. هناك خَطَبَتْ لك أمُّكَ. هناك خَطَبتْ لك والدتُكَ" (٨: ٥)
ردًا على هذا التساؤل "من هذه الطالعة من البرية.."، أجاب العريس والسمائيون بتقديم وصف واضح عن هذه الطالعة من البرية "تحت شجرة التفاح شوقتك" شبق أن قلنا أن شجرة التفاح رمز للمسيح الإله المتجسد. إنه "شجرة التفاح بين شجر الوعر" (نش٢: ٣)..
والمعنى أن المسيح شوقنا بتجسده وحياته وفدائه.. "هو الذي أخذ ما لنا وأعطانا ما له".. هو الذي بارك طبيعتنا فيه وجعلنا شركاء الطبيعة الإلهية. هو الذي أظهر عمق محبته ليس للأبرار والأصحاء الذين لا يحتاجون إلى طبيب بل للخطاة والمرضى بالروح.. هو الذي أظهر حنوّه نحو خليقته الذين رآهم منطرحين ومنزعجين كغنم لا راعى له.. ألم تشوقنا شجرة التفاح المسيح المتجسد إليه؟! إن هذا هو موضوع تأمل القديسين ورجال الله.
إن النفس البشرية لم تكن سوى خاطئ فقير بحثت عنه النعمة وسترته وخلصته.. أما الأم والوالدة التي خطبت فهي أورشليم السمائية التي هي "أمنا جميع" (غل ٤: ٢٦). إن النعمة هي العمل الكامل للثالوث القدوس.. وعندما تبحث النعمة عن خاطئ فإنها تضعه تحت شجرة التفاح أي تحت ظلال المخلص.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:34 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
اجعلني كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعدك. لأن المحبة قوية كالموت. الغيرة قاسية كالهاوية. لهيبها لهيب نار لظى الرب. مياه كثيرة لا تستطيع أن تُطفئ المحبة، والسيول لا تغمرها. إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تُحتَقَر احتقارًا



"اجعلنى كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعدك. لأن المحبة قوية كالموت. الغيرة قاسية كالهاوية. لهيبها لهيب نار لظى الرب. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة، والسيول لا تغمرها. إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقار" (٨: ٦، ٧)

https://st-takla.org/Pix/Symbols/www-...04-in-Hand.jpg
بعد أن ذكر العريس عروسه ومحبوبته بحقيقة ذاتها وكيف كانت نشأتها، فإنها تستطيع الآن أن تظهر مشاعر الاتضاع العميق. لقد أدركت أنها لا شيء، وصار الآن كل رجائها معلقًا على الرب وحده لأنها إن كانت تريد أن تستمر حتى النهاية فذلك لن يتحقق بسبب شيء صالح فيها بل بقوة الرب ويده المُسندة وبعمل نعمته الدائم..
وبعد أن تيقنت من هذه الحقيقة طلبت إليه "اجعلني كخاتم على قلبك. كخاتم على ساعدك. إن الخاتم (الختم) على القلب، وعلى الذراع، هما بمثابة عهد وضمان إلهي بأن لنا كل محبة المسيح وكل قوته.. هذا هو نفس المعنى الذي يقصد إليه الرسول بولس وهو يكتب إلى أهل أفسس فيقول "حسب عمل شدة قوته" (أف ١: ١٩) "حسب فعل قوته" (أف ٣: ٧) "أخيرًا يا إخوتي تقووا في الرب وفى شدة قوته" (أف ٦: ١٠) وليس شيء أقل من ذلك يريح العروس ويرضيها ويشبعها. إنها تعرف جيدًا أن الختم (الذي يجعل الشيء رسمي ومعتمد) الذي يضمن سلامتها الحاضرة والأبدية هما على قلبه وعلى ساعده.. وحينما تكون للمؤمن هذه المعرفة يستطيع أن يقول "من سيفصلنا عن محبة المسيح..".
إن العروس في تذكرها لضعافتها من واقع خبرتها كأنها تقول للعريس "أنا اليوم لا أعود أضع ثقتي في قوتي، لكنني أطلب أن محبتك وقوتك تمسكانني إلى الأبد. وسوف لا أتجاسر أن أتكلم عن محبتي لك لكنني سأذكر فقط محبتك لي".
إن العروس تصف المحبة التي عاشتها واختبرتها فتقول "المحبة قوية كالموت.." إنها تتحدث عن المحبة وصفاتها.
يقول أغسطينوس "لا تستطيع زوابع العالم وأمواج التجارب أن تطفئ لهيب الحب. لذا عن هذا قيل "المحبة قوية كالموت". فكما أن الموت متى حل لا يوجد من يقدر على مقاومته إذ لا يقدر المولودون للموت أن يصدوا عنف الموت بأي فن من الفنون ونوع من الأدوية، هكذا لا يقدر العالم أن يقف ضد قوة الحب. لقد أخذ التشبيه بمثال الموت المضاد. فكما أن الموت عنيف هكذا في التدمير، كذلك الحب قوى في الإنقاذ (الخلاص). خلال الحب مات كثيرون عن العالم ليحيوا الله".
إنها تصف الحب وصفًا حقيقيًا بالنسبة لله "إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقار". وكأنها تردد ما قاله الرسول بولس "إن أطعمت كل أموالى وإن سلمت جسدي حتى احترق ولكن ليس لي محبة فلا أنتفع شيء".

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:35 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
لنا أخت صغيرة ليس لها ثديان. فماذا نصنع لأختنا في يوم تخطب. إن تكن سورًا فنبني عليها برج فضة. وإن تكن بابًا فنحصرها بألواح أرز. أنا سور وثدياي كبرجين. حينئذ كنت في عينيه كواحدةٍ سلامة





https://st-takla.org/Pix/Christian-Sy...abic-Bible.jpg
"لنا أخت صغيرة ليس لها ثديان. فماذا نصنع لأختنا في يوم تخطب. إن تكن سورًا فنبنى عليها برج فضة. وإن تكن بابًا فنحصرها بألواح أرز. أنا سور وثدياي كبرجين. حينئذ كنت في عينيه كواحدة سلامة" (٨: ٨ ١٠)
هذه العبارات هي حديث عن الخدمة:
(أ) مَنْ لا ثديان لها رمز لغير المؤمنين. فالثديين يرمزان للعهد القديم والجديد. ومع ذلك فهي تعتبر أخت.. هكذا يجب أن ننظر إلى غير المؤمنين فهُمْ أخوة لنا نتعامل معهم كما يتعامل الأخ الأكبر مع الأصغر (وليس كالابن الأكبر والابن الأصغر في مَثَل الابن الضال).
(ب) طالما أن الأخت الصغرى بلا ثديين فعمل الكبرى أن تقدم لها كلمة الله وهو ما ينقصها.
(ج) عند خطبة الصغرى إن كانت سورًا تبنى الأخت الكبرى عليها برجًا فضيًا (الفضة رمز لكلمة الله المصفاة) وإن كانت بابًا تحصرها بألواح الأرز أي أنها تسندها بالعمل الإيجابي حتى تصير كاملة.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:38 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
كان لسليمان كرم في بعل هامون. دفع الكرم إلى نواطير كل واحد يؤدي عن ثمره ألفًا من الفضة. كرمي الذي لي هو أمامي. الألف لك يا سليمان ومئتان لنواطير الثمر. أيتها الجالسة الأصحاب يسمعون صوتك فأسمعيني. اهرب يا حبيبي وكن الظبي أو كغفر الأيائل على جبال الأطياب



"كان لسليمان كرم في بعل هامون. دفع الكرم إلى نواطير (حرّاس) كل واحد يؤدى عن ثمره ألفًا من الفضة. كرمي الذي لي هو أمامي. الألف لك يا سليمان ومئتان لنواطير الثمر. أيتها الجالسة في الجنات الأصحاب يسمعون صوتك فأسمعيني. اهرب يا حبيبي وكن كالظبي وكغفر (صغير) الأيائل على جبال الأطياب" (نش ٨: ١١ ١٤)
+ الكرم للمسيح (سليمان الحقيقي) وهو يعمل فيه خلال الكرامين والكرم ليس للكنيسة بل لسليمان.
+ بعل تعنى سيد وهامون تعنى الجموع إن كرم المسيح ملك السلام إنما هو جموع البشرية كلها إنه يصير ملكًا للجموع ليدخل بهم إلى سمواته.

https://st-takla.org/Pix/Words/www-St...Number-One.gifhttps://st-takla.org/Pix/Words/www-St...ber-0-Zero.gifhttps://st-takla.org/Pix/Words/www-St...ber-0-Zero.gifhttps://st-takla.org/Pix/Words/www-St...ber-0-Zero.gif
+ سلم الكرم إلى كرامين ونواطير (حراس) وهو لا يكف عن العناية به لأنه كرمه "كرمي الذي لي".
+ الألف لسليمان الثمر كله لله ومئتان (مئة لرجال العهد القديم ومئة لرجال العهد الجديد) فالثمر الكثير يتمتع به كل خدام العهدين.
+ الخدام الذين يعملون لحساب المسيح الذي له الألف يصيرون كمن هم وسط جنات فيتحول الباب الضيق والطريق الكرب إلى نير هين وحمل خفيف ويعيشون وهم على الأرض كأنهم في فراديس.
+ "أيتها الجالسة في جنات، الأصحاب يسمعون صوتك فاسمعيني". كأنه يقول لها إن صوت حبك لم يعد مكتومًا بل يسمعه الذين على الأرض "إلى أقطار المسكونة بلغت وقوالهم" والآن تعالى لكي أسمع أنا صوتك المفرح. وكأنه يقول لها "رثى الملكوت المعد لك منذ إنشاء العالم".
+ العروس تجيبه في فرح قائلة "اهرب (أسرع) يا حبيبي وكن كالظبي والأيائل الصغيرة على جبال الأطياب".. إن كنت تريد سماع صوتي فأنا محتاجة إلى اللقاء بك.
على جبال الأطياب تشير إلى الرفعة كالتجلي. والأطياب تشير إلى ما كُفّن به المسيح. إنه يلتقى بها خلال موتها ودفنها معه إذ تموت معه كل يوم لكي تحيا إلى الأبد..
إن هذا الختام يشبه ختام سفر الرؤيا "آمين تعال أيها الرب يسوع".


الساعة الآن 09:33 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025