![]() |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الشهوة https://st-takla.org/Gallery/var/albu...rd-Lust-01.gif كلمة الشهوة باللغة العربية والإنجليزية قد تتركز المحبة في الجسد، وتتحول إلى شهوة. أو يسميها البعض حبًا، وهو شهوة. وفى كلا الحالتين تضر نفسها، وتضر من تحبه أيضًا. سواء الضرر الروحي، وأما يصاحبه من أضرار أخرى. مثال ذلك محبة شمشون الجبار لدليله (قض 16: 4)، وما جرته عليه من ضياع.. إذ كسر نذره، وقبض عليه الفلسطينيون وأذلوه وقلعوا عينيه.. وأكثر من هذا كله إن الرب فارقه (قض 16: 19-21). ومثل شمشون ودليلة، كذلك داود وبتشبع. هذه الشهوة أو المحبة الجسدية، قادت داود إلى الزنى والقتل، وجرت عليه عقوبة شديدة من الله (2صم 12: 7-12). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
الحنان الجسداني https://st-takla.org/Gallery/var/resi...r-Child-01.jpg أم وطفلة ونقصد بها الشفقة على الجسد التي تضر الروح. كأم تشفق على ابنها فتمنعه من الصوم، حرصا على صحة جسده. وقد تصل إلى أب اعترافه و، تطلب إليه أن يمنع ابنها عن الصوم.. وبنفس الأسلوب تمنعه عن كل نوع من النسك. وتقدم له من الأطعمة الدسمة، ما قد يضره صحيا أيضًا، ويجر عليه السمنة وكل مضاعفاتها.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg وللأسف قد تقع الكنيسة في نفس الخطأ. وبنفس (الحنان) تقصر الأصوام والقداسات. حتى أن الأصوام انتهت تقريبا عند بعض الكنائس! وأصبح الصوم الاستعداد للتناول شيئًا تافها. وقصرت القداسات.. وفي بعض الكنائس يصلون وهم جلوس ففقدوا الخشوع اللائق بالصلاة.. كل ذلك بسبب حنان خاطئ وضار، ويخشون فيه على الجسد من التعب.. بينما لا يهتمون أثناء بالروح وما تقويها.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
التدليل https://st-takla.org/Gallery/var/resi...r-Child-01.jpg أم وطفلة وكثيرا ما يحدث في محيط الأسرة، وله أضراره العديدة. ومنه الشفقة الزائدة، والإنفاق الزائد على الحاجة، وتقديم أنواع المتع العديدة وعدم فرض عقوبة مهما كان الذنب. أو تكون العقوبة نوعًا من التوبيخ الهادئ جدًا الذي لا يمكن أن يردع أحدًا، فيستمر الخطأ. كما حدث مع عالي الكاهن وأولاده، حتى فسدوا، وعاقبه الله عقوبة شديدة.. (1صم 2: 22 - 24) (1صم 3: 12 - 14). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg وقد يصل تدليل الأم لابنها، أنها لا تغطى على أخطائه. لا تجرؤ أن توبخه، حتى لا تجرح شعوره. وفي نفس الوقت تغطى على أخطائه أمام أبيه، حتى لا يعاقبه.. بل قد تدافع عنه بالباطل. وهكذا يفسد الابن، ولا يجد من يؤدبه ويربيه.. إن الأم هنا تحاول أن تكسب صداقة ومحبة ابنها بطريقة خاطئة. بلون من المحبة الضارة به، والتي قد تضر الأم نفسها بعد حين، وتقاسى في المستقبل من سوء سلوك إبنها. كما أنه غالبا ما يفشل مثل هذا الابن المدلل في حياته العملية وفي حياته الزوجية. ويتعود التدليل ويطلبه في كل مجال يعيش فيه..! https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg ومن مظاهر التدليل أيضًا الحرية الضارة. إذ يمنح المدلل -باسم المحبة- حرية بغير حدود، وبغير حرص، وبغير قيادة، يمكن أن توقعه في أخطاء عديدة تصعب معالجتها.. وقد يكون التدليل في غير محيط الأسرة.. مثل موظف مدلل من رؤسائه.. يعطى مسئوليات أو سلطات أعلى من مستواه، أو يأخذ امتيازات ومنحا فوق ما يستحق.. ويصدق رؤساؤه كل ما يرفعه من تقارير، ربما ضد زملائه، ويوافقونه على كل رأى واقتراح. فيفسد العمل، يفسد الموظف، ويتعب الزملاء..! |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
امرأة تشعر بالإطراء * منها مريض يحب أسباب مرضه، فيضر نفسه. كمريض بالسكر يحب الحلويات، أو مريض بالكلسترول يحب الدهنيات، أو مريض بالضغط يحب المكيفات.أو إنسان يحب المخدرات ولا يقدر على الامتناع عنها. وكل هؤلاء يضرون صحتهم أشد الضرر. وبالمثل كل من يقع في محبة تضره. فهو الذي يضر نفسه دون أن يضر غيره. نعم، إن كثيرين لا يحبون لأنفسهم الخير. وقد يحبون أنفسهم بطريقة تجلب لهم الضرر. كإنسان من محبته الخاطئة لنفسه يكثر من الافتخار ومديح نفسه بطريقة تنفر الناس منه.. أو إنسان من محبته للمال، ويكنزه وينمى رصيده بأسلوب يبخل به على نفسه وعلى المحيطين به، فيضر نفسه ويضرهم.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg * وربما إنسان يحب شخصا، فيضيع سمعته. أما بالالتصاق به في كل مكان، مما يسبب له حرجا، ويتقول الناس عن هذه العلاقة، أو يشيع أن له تأثيرا عليه أو بمحبته له يجعله يوافق على أي شيء!! https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg وهناك محبة أخرى للمرضى تضرهم.. إما ببقاء مدة طويلة إلى جوارهم في التحدث معهم، وهم صحيًا في حاجة إلى راحة.. أو عدم إعطائهم فرصة للاتصال بالله أثناء مرضهم.. أو بخداعهم في نوع مرضهم، فلا يهتمون بأبديتهم وربما يلزمهم من توبة.. أو يقدم متع لهم أثناء مرضهم يمكن أن تضرهم.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة النفس، يحب نفسه كل إنسان يحب نفسه، ولا يوجد أحد لا يحب نفسه. ومحبة النفس ليست خطية، إن كانت محبة روحانية. والسيد الرب لما قال إن الوصية الأولى والعظمى هي "تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك" قال بعد ذلك "والثانية مثلها: تحب قريبك كنفسك" (مت 22: 37-39). أي أن أعظم مستوى تحب به القريب، هو أن تحبه كما تحب نفسك.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg غير أن هناك محبة للنفس، وقال عنها الرب: "من وجد حياته يضيعها. ومن أضاع حياته من أجلى يجدها" (مت 10: 39). فكيف نفرق بين الوصيتين؟ وما معنى " من وجد حياته يضيعها "؟ الحل هو أن هناك شيء يسمى حروب الذات، أو عبادة الذات، التي يتمركز فيها الإنسان حول نفسه أريد أن أبنى نفسي، أن أحقق ذاتي، أن أرفع ذاتي.. وهناك طرق خاطئة يلجأ إليها الإنسان في بناء ذاته فتضيعه. فما هي هذه الطرق، التي بها يحب الإنسان نفسه محبة خاطئة. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة الجسدانية هذه التي قال عنها الرسول " شهوة الجسد، وشهوة العين، وتعظم المعيشة" (1يو 2: 16).. وقال إنها جزء من محبة العالم الذي يبيد وشهوته معه.. إنها المحبة الخاصة باللذة والمتعة والرفاهية. لذة الحواس، التي تقود إلى الشهوة وإلى الخطية. والتي جربها سليمان الحكيم، وقال فيها "ومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهما" (جا 2: 10). وقال في تفصيل ذلك "عظمت عملي. بنيت لنفسي بيوتا، غرست لنفسي كروما. عملت لنفسي جنات وفراديس.. جمعت لنفسي أيضًا فضة وذهبا، خصوصيات الملوك والبلدان اتخذت لنفسي مغنين ومغنيات، وتنعمات بنى البشر سيدة وسيدات. فعظمت وازددت أكثر من جميع الذين كانوا قبلي في أورشليم" (جا 2: 4-9). فهل هذه المتعة نفعت سليمان أم أضاعته؟ https://st-takla.org/Gallery/var/albu...rd-Lust-01.gif كلمة الشهوة باللغة العربية والإنجليزية إنه لم ينتفع بها، بل وجد أن كل ما عمله "الكل باطل وقبض الريح، ولا منفعة تحت الشمس" (جا 2: 11). بل هذه الرفاهية وهذه المتعة الجسدانية أضاعت سليمان. ويقول الكتاب في ذلك "وكان في زمان شيخوخة سليمان، أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى. ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهة كقلب داود أبيه" (1مل11: 4). وتعرض لعقوبة شديدة من الرب عليه.. وتمزقت دولته. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg ومثال سليمان أيضًا الغنى الغبي: أراد أن يبنى ذاته بمحبة مادية، عن طريق الاتساع في الغنى والمتعة الأرضية، فقال "أهدم مخازني، وأبنى أعظم منها، وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي. وأقول لنفسي: يا نفسي لك خيرات كثيرة لسنين عديدة. استريحي وكلى واشربي وافرحي". فهل تمكن بهذا من تحقيق ذاته وبناء نفسه ؟ كلا، بل قال له الله "يا غبي، في هذه الليلة تطلب نفسك منك. فهذه التي أعدتها، لمن تكون؟!" (لو 2: 16-20) إنها ليست محبة حقيقة للنفس، التي تأتى عن طريق اللذة والمتعة. ولهذا قال الرب إن من يحب نفسه يهلكها، أي الذي يحبها خاطئة تقودها إلى المتعة الجسدية أو إلى شهوات العالم، فإنه يهلكها فيما يظن أنه قد وجد حياته، |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
لوحة بارانويا - الخوف شخص لا يستطيع أن يمتع نفسه ماديًا، فيسبخ في تصورات إسعادها بالفكر، يلذذ نفسه بالفكر والخيال. ويسعد نفسه بما يسمونه: أحلام اليقظة. فكل ما يريد أن يمتع نفسه من أمور العالم، يغمض عينيه ويتخيله.. ويؤلف حكايات وقصصا، عن متعة لا وجود لها في العالم الحقيقة.. ويقول لنفسه سأصير وأصير، وأعمل وأتمتع.. وقد يستمر في هذا الفكر بالساعات، وربما بالأيام، ويستيقظ لنفسه، فإذا به في فراغ. وقد أضاع وقته..! https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg إن المحرومين عمليا، يعوضون أنفسهم بالفكر. دون أن يتخذوا أي إجراء عملي بناء، يبنون به أنفسهم. وكما يقول المثل العامي "المرأة الجوعانة تحلم بسوق العيش". مثال ذلك تلميذ، لم يستذكر دروسه، ولم يستعد عمليا للامتحان. وإنما يجلس إلى جوار كتبه، ويسرح في الخيال: يتخيل أنه نجح بتفوق كبير، وانفتحت أمامه جميع الكليات، صار وارتفع وارتقى وتخرج.. ثم يصحو إلى نفسه، فيجد أنه أضاع وقته، وأضاع نفسه. ويقف أمامه قول الرب "من وجد نفسه يضيعها". https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg إن المتعة بالخيال، قد تكون أقوى من المتعة الحسية. لأن الخيال مجاله واسع، لا يقف عند حد. وبتصورات لا يمكن أن تتحقق في الواقع، . ويكون سعيد بذلك سعادة وهمية. وكثير من المجانين ويقعون في مثل هذا الخيال الذي يشبعون به أنفسهم، ويجدون به أنفسهم في مناصب ودرجات وألقاب. والفرق بينهم وبين العاقلين، أنهم يصدقون أنفسهم فيما يتخيلونه. ويصيبهم نوع من المرض يسمى البارانويا، وحكاياته كثيرة.. إنه خيال يظن به هذا النوع من الناس أنهم يجدون أنفسهم، بالإشباع الفكري والمتعة الخيالية، والأحلام والأوهام.. هناك نوع ثالث يظن أن يبنى ذاته بالعظمة. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
العظمة هذا النوع يجد نفسه، حينما يصير عظيمًا، بالمقاييس المادية: وأول من وقع في هذه المحبة الخاطئة للنفس: الشيطان. وهكذا قال في قلبه "أصعد إلى السموات. أرفع كرسي فوق كواكب الله.. أصعد فوق مرتفعات السحاب، أصير مثل العلى" (أش 14: 13، 14). وانطبق عليه قول الرب "من وجد نفسه يضيعها"، وإذا به قد انحدر إلى الهاوية، إلى أسفل الجب.. ومصيره أسوأ بكثير من سقطته (رؤ 20: 10). لقد ظن أنه يجد نفسه بشهوة العظمة وبهذه الشهوة فقد كل شيء.. وبهذه الشهوة أيضًا أبوينا الأولين، حينما قال لهما وهما في الجنة "تنفتح أهينكما، وتصيران مثل الله، عارفين الخير والشر" (تك 3: 5) https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg ووقع في هذه المحبة الخاطئة أيضًا، الذين أرادوا بناء برج بابل https://st-takla.org/Gallery/var/albu...Tarcaniota.jpg لوحة للفنان أليخاندرو بوتيشيللي (1444-1510) - صورة رجل: ميشيل مارولو تاركانيوتا أولئك الذين قالوا "هلم نبن لأنفسنا مدينة، وبرجًا رأسه في السماء. ونصنع لأنفسنا اسمًا، لئلا نتبدد على وجه كل الأرض" (تك 11: 4). فكانت النتيجة أنهم أضاعوا أنفسهم، وبلبل الله ألسنتهم، وبددهم على وجه كل الأرض. فلا بنوا مدينة ولا برجًا.. في شهوة العظمة العالمية، محبة خاطئة للنفس. أما العظمة الحقيقية فيصل إليها الإنسان بالاتضاع، حسب قول الرب "من يرفع نفسه يتضع. ومن يضع نفسه يرتفع" (مت 23: 12). أما الذي يحاول أن يجد نفسه بالرفعة العالمية، ما أسهل أن يدخل في حروب ومنافسات، قد تضيعه على الأرض. وإن حصل على ما يريد على الأرض، فهذه العظمة الأرضية في الأبدية. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg ومن الأمثلة البارزة في هذا المجال: أبشالوم بن داود. ذلك الذي أحب نفسه محبة خاطئة عن طريق العظمة. فانشق على أبيه داود، وأساء إليه إساءات بشعة، وحاربه بجيش لكي يجلس على كرسيه في حياته، ويحقق لنفسه العظمة بأن يصير ملكًا!! فماذا كانت النتيجة؟ لقد فقد كل شيء، ومات في الحرب وهو خاطئ متمرد، ففقد الأرض والسماء معًا. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg هناك أشخاص لا يجدون أنفسهم بعظمة عالمية، فيحاولون أن يجدوا العظمة بالكلام. بالمجد الباطل، بالفرح بمديح الناس لهم. وإن لم يجدوا ذلك يمدحون أنفسهم، ويتحدثون عن فضائلهم وأعمالهم المجيدة لكي ينالوا مجدًا من الناس. وعكس هؤلاء كان القديس يوحنا المعمدان، الذي كان يخفى نفسه ليظهر المسيح، ويقلل من من شأن نفسه ممجدًا سيده المسيح، قائلًا "ينبغي أن ذاك يزيد، إنى أنا أنقص" (يو 3: 30)،وبهذا الاتضاع ارتفع يوحنا المعمدان. وقال عنه السيد الرب إنه أعظم من ولدته النساء (مت 11: 11). حقا ما أجمل ما نقوله عن الرب في القداس الإلهي: https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg "الساكن في الأعالي، والناظر إلى المتواضعات". إن حروب العظمة في ضيعت كثيرين، والأمثلة كثيرة. هناك نوع آخر من المحبة الخاطئة للنفس، يظن بها البعض أنهم يبنون أنفسهم، فيضعونها، ذلك هو أسلوب المعارضة والصراع. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المعارضة والصراع https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-Men-Anger.gif رجال غاضبون، التعامل مع الغضب، علاج الغضب، صراع، عراك تجد أشخاصًا وكأنهم شعله من النار، في التفكير والحركة والعراك. لا يقدرون على العمل البناء. فيظنون أنهم يجدون أنفسهم بهدم البناءين. إنهم يعملون على هدم وتحطيم وغيرهم. لا يسرهم شيء مما يعمله العاملون، فينتقدون كل شيء، ويبحثون عن أخطاء لتكون مجالًا لعملهم من النقد والنقض والتشهير. كأنهم يعرفون ما لا يعرفه غيرهم.. وفي نفس الوقت الذي يحطمون فيه بناء غيرهم، لا يبنون شيئا. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg حياتهم كلها صراع. ويظنون الصراع بطولة. يرون أنهم أبطال ويفرحون بذلك. ويفتخرون بأنهم هاجموا فلانًا وفلانًا من الأسماء المعروفة. ويقول الواحد منهم إن عنده الشجاعة التي بها "يقول للأعور أنه أعور في عينه". وقد تكون شهوة قلوبهم أن يفقأوا عيون المبصرين، ثم يعيروهم فعلوه بهم!! لهم الطبع الناري. وشهوتهم أن يرتفعوا على جماجم الآخرين! فهم قادرون -في نظرهم- على تحطيم العاملين،ويفرحون بهذا. ولكن الله لا يقبلهم لأن قلوبهم خالية من المحبة. وفي صراعهم يفقدون أنفسهم. وفيما يتخيلون أنهم قد وجدوا أنفسهم، يرون أنهم قد ضيعوها.. كالطفل المشاكس في الفصل، الذي يشعر أنه قد وجد ذاته في معاكسة المدرسين! ويظن ذلك جرأة وشجاعة وقوة وبطولة يبنى بها نفسه التي يحبها. ولكنها محبة خاطئة للنفس. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
التيه في الأنشطة قد تجد إنسانا كثير الحركة يعمل في أنشطة متعددة، وربما بلا عمق، ويظن أنه يبنى بها نفسه! يرى أننا نعيش في عصر التكنولوجيا، فينبغي أن يكون هو أيضًا إنسانًا تكنولوجي، يسير مثل الآلة، حركة دائمة بلا توقف، بعضوية في كثير من الهيئات، وفي نشاط دائم لا يعطى له فرصة للصلاة ولا التأمل، ولا الاهتمام بنفسه وروحياته، بلا عمق، مجرد نشاط في كل مكان، له مظهر العامل المجد، ناسيا قول الكتاب: "كل مجد ابنة الملك من داخل" (مز 44). وكان الأجدر أن يعطى وقتا وأهمية لروحياته، أنه يضر نفسه بهذه المشغوليات المستمرة، التي قد تتحول عنده إلى هدف، ينسى فيه الهدف الأصلي وهو خلاص نفسه. نوع آخر يحب نفسه محبة خاطئة، |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
فيركز كل اهتمامه في هذه الأمور التي يدخلها الرسول تحت عنوان تحت عنوان تعظم المعيشة. وهكذا يفرح بالألقاب والمناصب والغنى. وكلما أضاف إلى نفسه لقبا جديدًا، ظن به أنه أوصله إلى قمة المجد. بينما الفرح الحقيقي هو ببناء النفس من داخل مهما كانت "مشتملة بأطراف موشاة بالذهب ومزينة بأنواع كثيرة". ليس المجد في أن تكون عظيمًا أمام الناس، إنما في أن تكون "عظيمًا أمام الرب" كما قيل عن يوحنا المعمدان (لو 1: 15). وهنا نتحدث عن الوضع السليم لبناء النفس. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
كيف تبني نفسك إن كنت تحب نفسك حقا، حاول أن تبنيها من الداخل، من حيث علاقتها بالله، والمحبة التي تربطها بالكل. بأن تنكر ذاتك ليظهر الله في كل أعمالك. وتنكر ذاتك لكي يظهر غيرك. وتصلب ذاتك لكي يحيا الله فيك. وتقول " مع المسيح صلبت، لكي أحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في" (غل 2: 20). وهكذا تصلب الجسد مع الأهواء والشهوات (غل 5: 24). https://st-takla.org/Gallery/var/albu...Grape-Vine.gif الكرمة، شجرة عنب تقهر ذاتك، وتغلب ذاتك.. وبهذا الانتصار على النفس، تحيا نفسك مع الله. الذي يقودك في موكب نصرته (2كو 2: 14). وهنا تكون المحبة الحقيقية للنفس أما المظاهر العالمية من عظمة وشهرة. لذة ومتعة وحرية خاطئة، فلن توصلك إلى البناء الحقيقي للنفس. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg المهم أن تجد نفسك في الله، وليس في العالم. تجدها لا في هذا العالم الحاضر، وإنما في الأبدية. تبنى نفسك بثمار الروح (غل 5: 22، 23). التي تظهر في حياتك. وذلك بأن تكون غصنًا ثابتًا في الكرمة الحقيقية يعطى ثمرًا، والرب ينقيه ليعطى ثمرا أكثر (يو 15: 1، 2).. أي ينقيه من الشهوات والرغبات المهلكة للنفس، التي يجب أن تبغضها لتحيا مع الله، واضعا أمامك قول الرب: "ومن يبغض نفسه في هذا العالم، ويحفظها إلى حياة أبدية" (يو 12: 25). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg وهنا كلمة "يبغض نفسه" تعنى يقف ضد رغباتها، ولا يطاوعها في كل ما تطلب، ولا يجعلها تسير حسب هواها، بل يقمعها ويستعبدها (1كو 9: 27).. حتى بهذا تتطهر من كل دنس. وتكون هذه هي المحبة الحقيقية للنفس. والعجيب أن هذا النوع يفتخر بنفسه ويقول في تحطيمه للغير: أنا إنسان مقاتل I am a fighter علما بأن الهدم أسهل من البناء. وكما يقول المثل "البئر الذي يحفره العاقل في سنة، يمكن أن يردمه الجاهل في يوم". هناك أشخاص يظنون أنهم يحققون ذواتهم بالحرية. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
الحرية كالشاب في بلاد الغرب: إذا كبر، فلا سيطرة لأحد عليه، لا أبوه ولا أمه في في البيت، ولا مدرسوه في معاهد التعليم. بل يظن أنه يفعل ما يشاء بلا قيد. حتى المبادئ والقيم والتقاليد، ويحب أن يتخلص منها. ويعتبر أنه بهذا يصير حرًا ويجد نفسه. والوجوديون يريدون. في تمتعهم بالحرية - أن ينحلوا حتى من (قيود!) الله ووصاياه. ولسان حال كل منهم يقول "من الخير أن الله لا يوجد، لكي أوجد أنا"!! https://st-takla.org/Gallery/var/resi...n-Angry-01.jpg مع طفل غاضب، حزين، تمرد - رسم أمجد وديع كل هؤلاء يقصدون بالحرية، الحرية، الحرية الخارجية. وليست حرية القلب من الرغبات الخاطئة. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg ولا يقصد التحرر من الخطايا والأخطاء، والتحرر من العادات الفاسدة. كل ذلك الذي قال عنه السيد الرب "إن حرركم الابن، فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو 8: 36). الابن الضال ظن أنه يجد نفسه بالحرية، بتركه لبيت أبيه. ولكنه بذلك أضاع نفسه (لو 15). وكذلك الذين يظنون أنهم يجدون أنفسهم بالحرية في الإدمان والفساد والتسيب واللامبالاة! أو الحرية في الخروج في الخروج من الحصون التي تحميهم، إلى الفضاء الواسع الذي يهلكهم! العجيب أنه في الحياة الروحية، يظن أنه يجد الحرية في التخلص من (قيود) الإرشاد الروحي! فلا يستشير الأب الروحي، إلا في الأمور التي يعرف أنه سيوافق عليها. وأما ما يشعر أن سينهاه عنه، فذاك يخفيه! وهكذا يسير حسب هواه، فيضل الطريق.. أو يقول "ابحث عن أب اعتراف آخر.. حقا إن الاستخدام الخاطئ للحرية يضر. وقد أوصل البعض إلى الإلحاد. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg والأخطر من هؤلاء: الذين يعطون أنفسهم الحرية في تفسير الكتاب، وينشرون آراءهم الخاصة كعقيدة!! فيفسرون الكتاب حسب هواهم. يخضعونه لأفكارهم، بدلا من أن يخضعوا أنفسهم لنصوصه، . ومن أجل هذه وجدت طوائف وكنائس متعددة تتعارض في عقائدها، ووجدت بدع وهرطقات. لأن كل واحد يفسر الكتاب حسبما يريد، ويترجم الآيات أيضًا حسبما يشاء (كما فعل شهود يهوه وأمثالهم). والعجيب أن كل هؤلاء يظنون أنفسهم أكثر معرفة من غيرهم. وهنا تدخل النفس في حرب المعرفة. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
يظن البعض انه يجد نفسه عن طريق المعرفة. أو عن طريق حرية المعرفة، أو المعرفة التي يقول عنها الكتاب إنها تنفخ (1كو 8: 1). ويحب الواحد منهم أن يكون مرجعا في المعرفة، يقود غيره في المعرفة ويحاول أن يأتي بفكر جديد، وينسب إليه، ويتميز به، وينفرد به، حتى يقولون "فلان قال..".. ومن هنا ظهرت البدع، لأنها بها ابتدع أناس أفكارًا جديدة ضد التسليم العام.. يظن بها الشخص انه يجد نفسه، كصاحب رأى وفكر وعقيدة، ولا يتضع بالخضوع لتعليم الكنيسة، بل يريد أن يخضع الكنيسة لتعليمة.. وهكذا يضيع نفسه. إنسان آخر يظن أنه يبنى نفسه بالإعجاب بالنفس. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
الإعجاب بالنفس https://st-takla.org/Gallery/var/albu...lf-Love-02.jpg محبة النفس، يحب نفسه فيكون بارًا في عيني نفسه وحكيما في عيني نفسه". ويدخل في عيادة النفس. ولا مانع أن يكون الكل مخطئين، وهو وحده الذي على صواب..! وهذا النوع يبرر ذاته في كل عمل وفي كل خطأ. وإن قال له أحد إنه مخطئ، لا يقبل ذلك. ويرفض كل توجيه. وإن عوقب على خطأ، ويملأ الدنيا صراخًا: إنه مظلوم. ولا ينظر إلى الذنب الذي ارتكبه، إنما يدعى قسوة من عاقبه! وترتبك مقاييسه الروحية والأدبية والعقلية، ويضيع نفسه. ويمدح نفسه، ويحب أن يمدحه الآخرون. وان مدحوا غيره يستاء! كما استاء قايين، لما قبل الله قربان هابيل أخيه.. والكثير من هؤلاء الذين يقعون في الإعجاب بالنفس، يكون الله منحهم مواهب، ولكنهم في الإضرار بأنفسهم. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
أهمية طول الأناة https://st-takla.org/Gallery/var/albu...Di-Bartolo.jpg هكذا نصحنا القديس بولس في صفات المحبة. والكنيسة المقدسة تضع لنا في مقدمة صلاة باكر بضع آيات من الرسالة إلي أفسس يقول فيها الرسول (اطلب إليكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يليق بالدعوة التي دعيتم إليها، بكل تواضع ووداعة وطول أناة محتملين بعضكم في المحبة مسرعين إلي حفظ وحدانية الروح برباط السلام) (أف4: 1-3). إذن بطول الأناة يحفظ الإنسان الوداعة والسلام. لأن الذي يطيل أناته علي غيرة، ولا يسرع إلي الغضب، بل يحتمل في صبر، إلي أن يهدئ غضب غيره، ويكون كما قال الرسول (مسرعًا إلي الاستماع، مبطئًا في التكلم، مبطئًا في الغضب. لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله) (يع1: 19،20). وفي هذا قال أيضًا سليمان الحكيم في سفر الجامعة: (طول الروح خير من تكبر الروح. لا تسرع بروحك إلي الغضب. لأن الغضب يستقر في حضن الجهال) (جا7: 8،9). حقًا إن الغضب، يمكن معالجته بطول الأناة، بالتأني. فلا يسرع الإنسان إلي الغضب، بل يتأنى، ويهدئ نفسه من الداخل، لأن الذي يحب شخصًا، يتأنى عليه ولا يغضب منه بسرعة. بل إن محبته تجعله يطيل أناته ويصبر. وأيضًا بالمحبة يطيل الإنسان أناته علي الضعفاء، وصغار النفس، حسب توجيه الرسول بقوله: (شجعوا صغار النفوس. اسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع) (اتس5: 14). إن الضعفاء يحتاجون إلي من يحتملهم. واحتمالهم يحتاج إلي طول أناة، وطول الأناة تشجع عليه المحبة.. وقد اعتبر الرسول طول الأناة من ثمر الروح. فقال: (وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام، طول أناة لطف..) (غل22:5). وهكذا نجد طول الأناة محصورًا بين السلام واللطف. فالذي يطيل أناته يعيش في سلام مع الكل، ويكون لطيفًا في معاملة الجميع. وكل هذا من نتائج المحبة. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
طول أناة الله وطول الأناة صفة من صفات الله. وقد أطال الله أناته علي اليهود وعلي الأمم كليهما: أطال الله أناته علي اليهود، الذين كانوا شعبًا صلب الرقبة، متمردًا للغاية، وكثيرًا ما أتعبوا موسى النبي الذي (كان حليمًا جدًا أكثر من جميع الناس الذين علي وجهه الأرض) (عد3:12). وكم قتلوا الأنبياء، ورجموا المرسلين إليهم) (مت37:23). وهنا فلنستمع إلي قول نحميا النبي (آباؤنا صلبوا رقابهم، ولم يسمعوا وصاياك.. وأنت إله غفور وحنان ورحيم طول الروح.. فلم تتركهم..) (نح9: 16، 17). ونرى هنا طول الأناة يرتبط بالحنان والرحمة والمغفرة. حنان الله ورحمته نابعان من محبته للبشرية، ومن نتائجها المغفرة وطول الأناة هذا الأمر غرفه البشر منذ البدء. ويذكره موسى النبي في سفر العدد (الرب طويل الروح وكثير الإحسان، يغفر الذنب والسيئة) (عد 18:14). وكثير نفس الكلام في المزامير (مو15:86). (مز8:145). ويشرحه المرتل بتفصيل في مزمور 103 فيقول (الرب رحيم ورؤوف، طويل الروح وكثير الرحمة، لا يحاكم إلي الأبد ولا يحقد إلي الدهر. لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا. لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض، قويت رحمته علي خائفيه. كبعد المشرق عن المغرب، أبعد عنا معاصينا كما يتراءف الأب علي الابن يتراءف الرب علي خائفيه لأنه يعرف جبلتنا يذكر أننا تراب نحن (مز103: 8-14). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg وطول أناة الله، كانت لتقتاد الناس إلي التوبة. أم مع طفل غاضب، حزين، تمرد - رسم أمجد وديع كما قال القديس بطرس الرسول (لكنه يتأنى علينا، وهو لا يشاء أن يهلك أناس، بل أن يقبل الجميع إلي التوبة) (2بط3: 9). وقال أيضًا في نفس الرسالة (احسبوا أناة ربنا خلاصًا، وكما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس) (2بط3: 15). فما الذي كتبه القديس بولس؟ لقد قال: (أم تستهين بغني لطفه وطول أناته، غير العالم أن لطف الله إنما يقتادك إلي التوبة) (رو4:2). طول الأناة هو فرصة من الله المحب، تقود إلي التوبة وليس إلي الاستهانة والاستهتار. لذلك يقول الرسول بعد عبارته السابقة (ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب. تذخر لنفسك غضبًا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة،، الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله) (رو2: 5، 6). هكذا فعلا للهم فرعون. أطال الله أناته عليه مرات عديدة. وكما كان يعترف بالخطأ، ويطلب الرحمة ورفع الضربة عنه، كان الرب يرفع الضربة، ويعطيه فرصة للتوبة. فبما استهان بطول أناة الله، ضربه بالغرق مع جنوده في البحر الأحمر. وأطال الرب أناته علي اليهود مرارًا، وغفر لهم عبادتهم للأصنام ولآلهة الأمم. فلما استهانوا بطول أناته، ودفعهم إلي شبي بابل وأشور وقال لهم (حين تبسطون أيديكم استر عيني عنكم. وإن أكثرتم الصلاة، لا أسمع. أيديكم ملآنة دمًا) (أش15:1). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg الله في محبته، أطال أناته علي الأمم. الأمم الذين عبدوا الأصنام، واتخذوا لهم آلهة أخري غير الرب. وقال الجاهل منهم في قلبه ليس إله (مز14: 1).. وأخيرًا جاء ملء الزمان الذي دخل فيه الأمم إلي الإيمان، وطمعت الزيتونة البرية في الزيتونة الأصلية (رو3:11). وقال الرب لتلاميذه (اذهبوا إلي العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخلفية كلها) (مز15:16). ظهرت طول أناة الله علي نينوى وعلي يونان. علي نينوى المدينة الأممية الخاطئة التي كان (يوجد فيها أكثر من اثنتي عشرة ربوة من الناس الذين لا يعرفون يمينهم من شمالهم) (يون11:4). وبطول أناة الله، وبكرازة نبيه يونان، تاب أهل نينوى، وصاموا وجلسوا في المسوح والرماد،وغفر لهم الله وقبل توبتهم، كما قبل توبة أهل السفينة أيضًا. وبنفس طول أناة تعامل الرب مع يونان، الذي هرب أولًا من وجه الرب واخذ سفينة إلي ترشيش (يون3:1). لم يأخذه الرب في وقت خطيئته وهربه. بل أطال أناته عليه علي الرغم من عصيانه. وأعد له حوتًا عظيمًا ابتلعه ولقنه درسًا، فأطاع أخيرًا. وذهب ونادي لنينوي حتى تاب شعبها وخلص (يون3:3). كل ذلك لأن الله في محبته، لا يشاء أن يموت الخاطئ، بل أن يعطي فرصة لكي يتوب ويرجع فيحيًا (خر23:18). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg وهكذا في محبة الله، أطال أناته علي الخطاة. أطال أناته علي زكا العشار الذي تعجب الناس من أن يدخل الرب إلي بيته وهو رجل خاطئ. ولكن الرب أعلن قائلًا (اليوم حصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضًا ابن لإبراهيم) (لو9:19). وحدث المثل مع متى العشار، الذي لم يترك فقط مكان الجباية، بل صار واحدًا من الاثني عشر. وبالمثل أطال أناته علي المرأة السامرية التي كان لها خمسة أزواج، وتابت وكرزت به (يو4). وأطال أناته علي المجدلية التي أخرج منها سبعة شياطين (مر9:16). فتبعته هي التي بشرت التلاميذ بالقيامة. وأطال أناته علب الابن الضال، الذي كان ميتًا فعاش، وكان ضالًا فوجد (لو15: 24،32). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg با بالأكثر أطال أناته علي شاول الطرسوسي الذي اضطهد الكنيسة بعنف، وحوله إلي رسول عظيم وكارز.. وهذا الذي قال عن نفسه (أنا الذي كنت من قبل مجدفًا ومضطهدًا ومفتريًا..) (1تي13:1). وقال (الخطاة الذين أولهم أنا. ولكني رحمت ليظهر يسوع المسيح في أنا أولًا كل أناة، مثالًا للعتيدين أن يؤمنوا) (1تي1: 15،16).. وبالمثل أطال الله أناته علي أريانوس وإلى أنصنا في عهد ديوقلديانوس، الذي كان أكثر الولاة تعذيبًا للمسيحيين.. وبطول أناة الله عليه، آمن وصار شهيدًا.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg وأطال الله أناته حتى تاب خطاة وصاروا قديسين. نذكر من بينهم أوغسطينوس الذي تاب وترهب وصار أسقفًا، وكتب تأملات عميقة انتفعت بها الأجيال من بعده، وموسى الأسود الذي تاب وصار أبًا للرهبان، وقدوة في المحبة والوداعة. كذلك مريم القبطية التي تابت من زناها، وصارت من السواح، وباركت زوسيما القس. ويعوزني الوقت إن تكلمت عن جمرة من الخطاة أطال الله أناته عليهم، وقادهم إلي التوبة وإلي القداسة ولعلني أذكر تلك الشجرة التي ما كانت تعطي ثمرًا، وكانت علي وشك أن تقطع. ولكن قلب عنها: "اتركها هذا السنة أيضًا، حتى أنقب حولها زبلًا. فإن وضعت ثمرًا، وإلا ففيما بعد نقطعها" (13: 8، 9). هذه أمثلة من طول أناة الله، نضع إلي جوارها أناته علي تلاميذه الاثني عشر، سواء في قلة فهمهم، أو في وضعفهم فما قدروا أن يسهروا معه ساعة واحدة في بستان جثسيماتي (مت26) أو في سؤالهم أكثر من مرة من يكون الأول فيهم والرئيس (مت26:20) (لو24:20). أو في شكوكهم مثل ما فعل توما (يو20) أو في هربهم أثناء القبض عليه وخوفهم واختبائهم أو شكهم في قيامه (مر16).. ولكنه تأني عليهم وصبر، وعالج ضعفهم، وجعلهم قادة للمؤمنين.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
نطيل أناتنا https://st-takla.org/Gallery/var/resi...e-the-Lord.jpg الرب بالعود . بربابة ذات عشرة أوتار رنموا له - مزامير 33: 2 - داود النبي والملك * نطيل أناتنا بالنسبة إلي الله، في انتظار مواعيده، وفي انتظار تدخله لحل مشاكلنا واستجابة صلواتنا. وكما يقول المرتل في المزمور (انتظر الرب. تقو وليتشدد قلبك، وانتظر الرب) (مز14:27). وكما قال السيد المسيح له المجد (بصبركم تقتنون أنفسكم) (لو19:21). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg * كذلك صبرنا وطول أناتنا في محيط الخدمة. فلا نيأس بسرعة ولا نضجر، إذا تأخر الثمر في مجال خدمتنا: فالخطاة يحتاجون إلي طول أناة، حتى يتوبوا ويتركوا ما سبق تقييدهم به من طباع وعادات وشهوات. والجهال يحتاجون إلي طول أناة، حتى يفهموا الفكر الروحي، وحتى ينضجوا أيضًا. ويجب علينا أن نتأنى عليهم بكل حب، ولا نتضايق من بطء توبتهم أو من رجوعهم أحيانًا إلي الوراء، ذاكرين قول الرسول (تأنوا علي الجميع) (1تس14:5). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg طول الأناة صفة ينبغي أن يتحلى به المربي والمرشد والمعلم. يتحلى بها الأبوان في صبرهما إلي طفلهما حتى ينضج، محتملين في محبة وطول أناة كل أخطائه وضعفاته. وأيضًا طول الأناة اللازمة للمدرس حتى يفهم تلميذه، وتتسع مداركه،كذلك المرشدون وآباء الاعتراف، وكل القادة يحتاجون إلي السلوك بمحبة وطول الأناة. ولنعرف جميعًا أن تعود الفضيلة ليس سهلًا علي أولادنا وتلاميذنا. يضاف إلي ذلك حروب الشياطين القاسية ضدهم والعثرات التي تتعبهم من الخارج. وأمام كل هذا نتذكر قول الرسول (المحبة تتأنى وترفق).. تمامًا كما يتأنى الطبيب علي مريضة في الاستجابة للعلاج. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
الرفق والرأفة https://st-takla.org/Gallery/var/albu...m-Death-01.jpg موت أبشالوم، وتعلق شعره في البطمة من صفات المحبة: الرفق واللين والرأفة والعطف والحنو وأول نوع من هذه المحبة هو المحبة الطبيعية: ومنها محبة الآب، ومحبة الأم، ومحبة الأخوة. كل منها محبة طبيعية، تربطها جميعًا رابطة الدم. وكل منها تترفق. ولذلك حينما حدث أن أخوة يوسف أرادوا أن يقتلوه (تك37: 19، 20).، وكانت هذه القسوة منهم ضد الطبيعة. وحينما أراد أخوه رأوبين أن ينقذه من أيديهم كان هذا الأمر منه محبة طبيعية تترفق (تك37: 21، 22). وحينما شقوا ثيابهم ووقعوا علي الأرض أمامه، متوسلين لأجل بنيامين، خوفًا علي أبيهم يعقوب أن يحزن ويموت بسبب فقد بنيامين، كانت هذه محبة طبيعية تترفق. وهكذا طلب يهوذا أن يؤخذ هو عبدًا بدلًا من أخيه قائلًا (لأني كيف أصعد إلي أبي والغلام ليس معي، لئلا أبصر الشر الذي يصيب أبي) (تك34:44). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg وهكذا كان وضع داود من جهة أبشالوم. بينما أبشالوم سلك بأسلوب ضد الطبيعة، إذ حارب أباه، واستولي علي مكله، وصنع به شرورًا، نجد أن داود قال لجنده وهم خارجون للحرب (ترفقوا بالفتي أبشالوم) (2صم5:18). وكانت منه محبة طبيعية تترفق. كذلك لما سمع داود بمقتل أبشالوم في الحرب، وانزعج وبكي وقال (يا ابني أبشالوم يا أبني، يا أبني أبشالوم، يا ليتني مت عوضًا عنك، يا أبشالوم أبني، يا أبني) (2صم23:18)، وكانت هذه منه محبة طبيعية تترفق.. وقد شبه الرب محبته للبشر بهذه المحبة الطبيعية: ودعا نفسه أبًا لنا، ودعانا أبناء. وعلمنا أن نصلي قائلين (أبانا الذي في السموات) (لو2:11)،وداود في المزمور شبه محبة الأب نحو بنيه. فقال (كما يترأف الأب علي البنين، يترأف الرب علي خائفيه) (مز13:103). ومن جهة محبة الأم، قال الرب لأورشليم (هل تنسي المرأة رضيعها، فلا ترحم ابن بطنها ؟ حتى هؤلاء ينسين، وأنا لا أنساك. هوذا علي كفي نقشتك) (أش49: 15، 16). فقال إن محبته أعظم من محبة الأمومة في ترفقها |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
أمثلة وعناصر في الرأفة والرفق http://i3.ytimg.com/vi/FB8S7aywY_A/hqdefault.jpg ومن أمثلة المحبة في ترفقها، محبة الراعي لغنمه. وفي ذلك يقول السيد الرب (أنا أرعى غنمي وأربضها.. وأطلب الضال، واسترد المطرود وأجبر الكسير، وأعصب الجريح) (خر34: 15، 16). (هكذا افتقد غنمي، وأخلصها من جميع الأماكن التي تشتت إليها..) (خر12:34). وقال أيضًا (أنا هو الراعي الصالح. والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف) (يو11:10). (ولا يخطفها أحد من يدي) (يو28:10). وفي ذلك قال داود الراعي الصغير لشاول الملك (كان عبدك يرعي لأبيه غنمًا، فجاء أسد مع دب، وأخذ شاه من القطيع. فخرجت وراءه وقتلته، وأنقذتها من فمه. ولما قام علي، أمسكته من ذقنه وضربته فقتلته. قتل عبدك الأسد والدب جميعًا) (1صم17: 34-36). ومن أمثله محبة الراعي في تحننها، قول الكتاب عن السيد المسيح (ولما رأي الجميع تحنن عليهم، إذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها) (مت36:9). (مر34:6). كذلك حنوه علي الخروف الضال، إذ خرج يبحث عنه حتى وجده، وحمله علي منكبيه فرحًا (لو15: 4،5). إنها المحبة التي تتعب، وتفرح بالتعب، رفقًا بالضالين. ومن أمثله المحبة التي تتراءف، المحبة الموجهة إلي التعابى، والحزانى، وصغيري النفوس. ومن أمثلتها محبة السامري الصالح الذي رأي في الطريق إنسانًا وقع بين أيدي اللصوص فعروه وجرحوه ومضوا وتركوه بين حي وميت (فلما رآه تحنن) وتقدم فضمد جراحه (وأركبه علي دابته، وأتي به إلي فندق، وأعتني به) (لو10: 30،34). المهم أن كل عمل الخير هذا، سبقته عبارة (تحنن). إنها المحبة التي تشفق وتترفق بالتعابي. ولعل أبرز مثل لهذا الحب، هو قول السيد: (تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال؟، وأنا أريحكم) (مت27:11). ومن جهة الحزانى، نراه غي محبته وحنوه، يمسح كب دمعة من عيونهم (رو17:7) (رؤ4:21). ومن تحننه، إنه لما رأي أرملة نايين تبكي لموت وحيدها، قيل (فلما رآها الرب تحنن عليها، وقال لها: لا تبكي، ثم تقدم إلي النعش وأقام ابنها الميت، ودفعه إلي أمه) (لو7: 12-15). كذلك تحنن علي أسرة لعازر التي كانت تبكى بسبب موته، ولم يقل الإنجيل فقط أنة أقام لعازر من الموت، بل قبل أكثر من هذا تعبيرا عن حبه (بكى يسوع) (يو 11: 35). ومن أجل هذه المحبة المترفقة، قبل عنة أنه: عزاء من ليس له عزاء، ومعين من ليس له معين. ولهذا يقول الوحي لأورشليم (لا تبكي بكاء. يتراءف عليك،عند صوت صراخه.. حينما يسمع يستجيب لك) (أش19:30). وقول عنه الكتاب أنه (أو الرأفة ورب كل عزاء) (2كو3:1). ومن محبته وترفقه، اهتمامه بصغيري النفوس. نقول عنه في صلواتنا أنه (عزاء صغيري النفوس، ميناء الذين في العاصف). لقد عزي بطرس الرسول الذي بكي بكاء مرًا بعد أن أنكره ثلاث مرات (مت57:26). لذلك قابله بعد القيامة، وقال له (أرع غنمي، أرع خرافي) (يو15:21، 17) وذلك لئلا يظن بعد نكرانه أنه قد فقط رسوليته، أو أنه أنطبق عليه قول الرب (من ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضًا ى قدام أبى الذي في السموات) (مت 33:10) - فعزاه. وكان أيضًا مترفقا بتوما في شكوكه0وسمح له أن يلمس جراحه ويؤمن (يو20: 26،28). وترفق أيضًا بالمجدلية، وأزال شكوكها وثبتها في الإيمان (يو20).. ولهذا كله يقول الرسول (شجعوا صغار النفوس. وأسندوا الضعفاء. تأنوا علي الجميع) (1تس14:5). ولعل من ابرز الأمثله للمحبة المترفقة: الرفق بالخطاة. وفيها يقو ل الرسول (أذكروا المقيدين، كأنكم مقيدون معهم، والمذلين كأنكم أنتم أيضًا في الجسد) (عب3:13). ما أعظم محبة الرب في ترفقه علي المرأة السامرية، وعدم أخجالها (يو4). وكذلك ترفقه علي المرأة الخاطئة التي ضبطت في ذات الفعل، وكيف أنقذها من الذين أدنوها وطلبوا الحكم برجمها. ذم قال لها في رفق (ولا أنا أدينك. أذهبي ولا تخطئي أيضًا) (يو11:18). وبنفس الرفق عامل المرأة الخاطئة التي سكبت الطيب علي قدميه في بيت سمعان الفريسي (يو 36:7،50). وأظهر للفريسي إنها أفضل منه.. كذلك ترفقه بالإبن الضال حينما رجع، ولم يبكته علي ذهابه إلي كورة بعيدة (لو15). ونفس الموفق مع زكا العشار (لو19). وباقي العشارين والخطاة. ونفس الرفق عامل أورشليم الخاطئة (خر16). قال لها (بسطت ذيلي عليك وسترت عورتك.. ودخلت معك في عهد.. ويقول السيد الرب - فصرت لي. فحممتك بالماء (أي المعمودية).. ومسحتك بالزيت (في سر الميرون).. وكسوتك بزًا (من جهة البر) وحيلتك بالحلي.. ووضعت تاج جمال علي رأسك.. فصلحت لمملكة. وخرج لك اسم في الأمم لجمالك، لأنه كان كاملًا ببهائي الذي جعلته عليك) (خر16: 8-14). ومن المحبة المترفقة بالخطاة، إنذارهم قبل العقاب. انذار قدمه الرب قبل الطوفان (تك6). وإنذار قدمه لأهل سادوم علي يد لوط (تك19). وإنذارات يقدمها في سفر الرؤيا قبل المجيء الثاني (رؤ8). وإنذار أمر به في سفر حزقيال النبي. فقال له (اسمع الكلمة من فمي، وأنذرهم من قبلي) (حز17:3). (وتحذرهم من قبلي) (حز7:33).. وما أكثر إنذارات الرب وتحذيراته. لأنه في محبته، لا يريد أن يضرب الضربة علي حين غفلة.. وهوذا بولس الرسول يقول لشيوخ أفسس (اسهروا متذكرين أنني ثلاث سنين ليلًا ونهارًا، لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد). (أع31:20). ومن المحبة المترفقة، فتح باب التوبة للخطاة. حتى اللص علي الصليب في آخر ساعات حياته، إذ قال له (اليوم تكون في الفردوس) (لو43:23). وأيضًا (اعطي الله الأمم التوبة للحياة) (أع18:11). وهكذا فتح باب الرجاء أمام كل واحد (لا يسر بموت الخاطئ، بل أن يرجع ويحيا) (حز23:18). وأعطانا خدمة المصالحة (2كو18:5). لكي في محبة وترفق بالخطاة، ندعوهم أن يصطلحوا مع الله. وفيض المحبة المترفقة: الترفق أيضًا بالفقراء، والجياع والمرضى. وهنا يقول الكتاب (وأما الصديق فيترءاف ويعطي) (مز21:37). ويقول أيضًا(طوبى للرجل الذي يترءاف ويقرض) (مز21:112). ويهمنا هنا كلمة (يتراءف). فلا يكفى أن يعطي الإنسان غيره، وإنما بمشاعر الحب (يتراءف). ومن الرأفة أن الرب منع أخذ الربا من أولئك المحتاجين. وأعتبر أن من يعطي المحتاجين، كأنه يعطي الرب نفسه، فقال. "بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي قد فعلتم" (مت40:25). إذن ينبغي أن يكون العطاء بحب، وفيه ترفق بمشاعر المحتاجين. وهنا ألوم الجمعيات التي تؤسس الملاجئ، وتخرج شعور اللاجئين بما تنشره عنهم من صور وإعلانات، لكي تجمع بذلك مالًا! اهتمام الرب بالجياع والعطاش والمحتاجين، واضح جدًا في وصيته للتلاميذ (أعطوهم أنت ليأكلوا) (مت16:4). نلاحظ أيضًا أن معجزات الشفاء التي قام بها الرب، لم تكن مجرد شفاء إنما امتزجت أيضًا بالحنان والرافة. ففي منح البصر للأعميين، يقول الكتاب (فتحنن يسوع ولمس أعينهما. فللوقت أبصرت أعينهما فتبعاه) (مت34:20). وفي شفاء الأبرص وتطهيره، قيل (فتحنن يسوع ومد يده ولمسه، وقال له أريد فاطهر) (مر41:1)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ويقول الكتاب أيضًا (فلما خرج يسوع أبصر جمعًا كثيرًا، فتحنن عليهم وشفي مرضاهم) (مت14:14). إذن الحنان هو الدافع، والشفاء هو النتيجة. ما أكثر تحننه أيضًا علي العواقر. وما أجمل تلك التسبحة التي سجلها سفر اشعياء: (ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد. أشيدي بالترانيم.. لحيظة تركتك وبمراحم عظيمة سأجمعك) (اش54: 1،7).. وهنا نذكر تحننه حنة ومنحها صموئيل الذي صار نبيًا مسح الملك (1صم16:10). وتحننه علي أليصابات في شيخوختها، فمنحها يوحنا الذي صار أعظم ولدته النساء (مت11:11). وتحننه علي ليئة المكروهة، فجاء من نسلها المسيح. ومن أبرز أمثلة الترفق، أمر الرب ببناء) مدن الملجأ (التي يلجأ إليها القاتل الذي قتل نفسًا سهوًا) (عد11:35)، فيحتمي فيها لئلا يقتله ولي الدم، وقيل أن يفصل القضاء في أمره. وهكذا يقول المزمور (الرب يحكم للمظلومين). إن الله ضد قساوة القلب. فالقاتل الذي يقتل عن غضب وحقد وقسوة، لا تنطبق عليه قاعدة مدن الملجأ.. لقد قال يعقوب أبو الآباء في نصائحه لأولاده قبل موته (شمعون ولاوي أخوان، آلات ظلم سيوفهما. في مجلسهما لا تدخل نفسي. وبمجمعهما لا تتحد كرامتي. لأنهما في غضبهما قتلًا إنسانًا، وفي رضاهم عرقبا ثورًا) (تك49: 5،6). من أجمل صور الحب والرفق، والترفق بالأعداء. أو بالذين سلكوا سلوك الأعداء، حتى لو كانوا اخوة. مثلما فعل يوسف بأخوته. إذ بكي لما عرفهم بنفسه (تك45: 1،2). وغفر لهم، وأكرمهم وأسكنهم في ارض جاسان التي كانت صالحة لمراعيهم. كذلك بكاء داود علي أبشالوم، عن حب، علي الرغم من كل تعدياته. وكذلك الرفق بالأحياء الذين سلكوا مسلكًا ضعيفًا. مثل نوم التلاميذ في بستان جثسيماني، بينما قال لهم السيد (أما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة ؟!) ومع ذلك أوجد لهم عذرًا وقال لهم (أما الروح فنشيط، وأما الجسد فضعيف) (مت26: 41). ولم يوبخهم لما هربوا وقت القبض عليه، ولما خافوا واختبأوا في العلية.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
ما هو الحسد https://st-takla.org/Gallery/var/albu...n-Thinking.jpg شخص ينظر للمستقبل، التفكير النظري، نظرة الحسد الحسد بمعناه اللغوي هو تمني زوال النعمة أو الخير عن المحسود، وتحول هذه النعمة والخير إلي الحسد. وبهذا المعني يكون الحسد خطية مزدوجة: فتمني زوال النعمة عن المحسود خطية،لأنه ضد المحبة. فالمحبة لا تفرح بالإثم، بل تفرح بالحق (1كو17:24). والكتاب يقول (لا تفرح بسقطة عدوك. ولا يبتهج قلبك إذا عثر (أم24:17).. فك بالأكثر إن كان هذا الذي تتمنى له السقوط ليس عدوًا، ولم يفعل بك شرًا!! كذلك تمني تحول خيره إلي الحاسد يحمل خطية أخري. فهو شهوة خاطئة. وهو ضد الوصية العاشرة: (لا تشته شيئًا مما لقريبك) (خر13:20). والقديس يعقوب الرسول يسمى الحسد (الغيرة المرة) (يع14:2). ويعتبره القديس بولس الرسول من (أعمال الجسد) (غل19:5). والذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله) (غل21:5). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg وهناك نوع آخر من الحسد، يحذر منه الكتاب بقوله. "لا تحسد أهل الشر، ولا تشته أن تكون معهم" (أم 1:24). وهنا يرتبط الحسد بشهوة الخطية. فيحسد الذين يرتكبونها حين لا يكون بإمكانه ذلك. وهذا يدل علي عدم وجود نقاوة في القلب. وعلي أن القلب لا توجد فيه محبة الله. لأن هذه المحبة تقي المؤمن من حسد الأشرار علي شرهم.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة لا تحسد الذي يحب إنسانًا لا يمكن أن يحسده.. لأنك إن أحببت إنسانًا، تتمنى أن تزيد نعمة الله عليه، لا أن تزول النعمة منه. وإن أحببت إنسانًا، فإنك تفضله علي نفسك، بل تبذل نفسك عنه. وهكذا لا يمكن أن تشتهي أن يتحول الخير منه إليك فالمحبة تبني ولا تهدم.. وهكذا فإن الأم التي تحب ابنتها، لا يمكن أن تحسدها علي زواج موفق، بل تسعد بسعادتها، وتكون في خدمتها في يوم فرحها، نبذل جهدها أن تكون ابنتها في أجمل صورة وأجمل زينة. كذلك الأب يفرح بنجاح ابنه، ولا يمكن أن يحسده علي نجاحه.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg https://st-takla.org/Gallery/var/resi...David-1865.jpg داود الملك فوق السطح قبل سقوطه مع بثشبع لقد فرد داود الملك أم يجلس ابنه علي كرسيه في حياته. بل هو الذي دبر كل ذلك وأمر به. ولما جلس سليمان علي كرسي المملكة، قال داود (مبارك الرب إله إسرائيل الذي أعطاني اليوم من يجلس علي كرسي، وعيناي تبصران) (1مل48:1). وجاء عبيد الملك داود ليباركوا له قائلين (فليجعل إلهك اسم سليمان أحسن من اسمك، وكرسيه أعظم من كرسيك) (1مل47:1). وفرح داود بهذا، وسجد علي سريره. وفرح يعقوب بابنه يوسف، لما رآه رئيسًا في مصر.. وباركه وبارك ابنيه (تك48: 20-22). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg ولعل من أروع الأمثلة في المحبة التي لا تحسد، موقف القديس يوحنا المعمدان من المسيح. كان المعمدان هو أعظم كارز في أيامه، وقد (خرجت إليه أورشليم وكل اليهودية وجمع الكورة المحيطة بالأردن، واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم) كانوا مع يوحنا. فهل دخل الحسد إلي قلب يوحنا؟ كلا بل فرح. فيوحنا كان يحب المسيح. والمحبة لا تحسد. لذلك قال عبارته الخالدة: من له العروس فهو العريس، وأما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحًا من أجل صوت العريس، إذن فرحي هذا قد كمل، . ينبغي أن ذاك يزيد وأنى وأنا أنقص. الذي يأتي من فوق، هو من فوق الجميع) (يو3: 29-31). كان حبًا ممزوجًا بالإيمان، والاتضاع.. أما الحسد فنجده خاليًا من الحب في كل أحداثه. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
الغيرة https://st-takla.org/Gallery/var/albu...n-Jealousy.jpg لوحة غيرة، للفنان ماتس إريكسون ليست كل غيرة لونًا من الحسد الخاطئ. وليست كل غيرة ضد المحبة. فإن الرسول يقول: (حسنة هي الغيرة في الحسنى كل حين) (غل18:4). إنها الغيرة التي لا تحسد وإنما تقلد، وتتحمس للخير فنحن نسمع عن فضائل القديسين، سواء الذين انتقلوا أو الذين ما زالوا أحياء. فنغار منهم غيرة تجعلنا نتمثل بأفعالهم، لا نحسدهم، ونتمنى زوال النعمة منهم إلينا! بل نفرح كلما نعرف جديدًا من فضائلهم. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg إن الذي يحب الفضيلة، لا يحسد الفضلاء، والذي يحب الفضلاء لا يحسدهم بل يقلدهم. آباء البرية ما كانوا يحسدون بعضهم بعضًا في حياة الروح. بل كان ارتفاع الواحد منهم في الطريق الروحي، يشجع الآخرين ويقويهم. وكانوا يمجدون الله بسببه.. وتملكهم الغيرة المقدسة فيفعلون مثلما يفعل، ويطلبون صلواته وبركته لهم. وهكذا كان الحال في العصر الرسولي، وفي كل عصور الاستشهاد. كانت هناك غيرة، ولم يكن هناك حسد. لأن الناس كانوا يحبون الملكوت، ويحبون كل العاملين فيه. ولا يحسدونهم، بل يطوبونهم. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
هل الحسد يضر أولا: الحسد يضر الحاسد وليس المحسود. الحاسد تتعبه الغيرة، ويتعبه الشعور بالنقص. ويتعبه منظر المحسود في مجد. تتعبه مشاعره. وكما قال الشاعر: اصبر علي كيد الحسود فإن صبرك قاتله فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله وكذلك فإن الحاسد يتعبه تفكيره وسعيه في الإضرار بالمحسود. وقد لا يفلح في ذلك، ويزداد المحسود ارتفاعًا. وكذلك فإن الحاسد يتعبه تفكيره وسعيه في الإضرار بالمحسود. وقد لا يفلح في ذلك، ويزداد المحسود ارتفاعا، فيزداد هو غيظًا.. إن القلب الخالي من المحبة، لابد أن يتعب. https://st-takla.org/Gallery/var/albu...ations-018.jpg يوسف الصديق يكشف نفسه لأخوته ويسامحهم، الفنان جوستاف دوريه وقد يسعى الحاسد إلي التحرش بالمحسود وإهانته، فيقابله المحسود برقة ولطف، فتتعبه رقته ولطفه، ويتعبه فشله في إثارته. فيزداد فيه النار أشغالا..! https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg ثانيًا: إن الحسد في حد ذاته لا يضر. ولكن المؤامرات التي يدبرها الحاسدون قد تضر أحيانًا. أخوة يوسف الصديق حسدوه علي محبة أبيه له، وحسده علي أحلامه، فلم يضره حسدهم بشيء. ولكن جاء دور المؤامرات التي تضر. وهنا يقول الكتاب إنهم (احتالوا ليميتوه) (تك18:37). وهكذا خلعوا عن قميصه الملون، وألقوه في بئر. وانتهي الأمر ببيعه عبدًا للإسماعيليين، ومرت عليه تجارب عديدة وهنا أقول: متاعب يوسف لم تأت عن ضربة عين من حسد أخوته. كانوا في البيت كل يوم، كأخوة في أسرة واحدة. وكانت عيونهم الحاسدة موجهة إليه ليل نهار، ولم تضره.. أو علي الأقل كانت عيونهم الحاسدة مركزة في قميصه الملون. ولم يتمزق القميص من نظراتهم، وبقي كما هو، حتى حينما اخلعوه أيضًا. والمشكلة إذن كانت في التآمر، وليس في نظرات الحسد، ولا في مشاعر الحسد الناتجة عن عدم محبة. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg قورح وداثان وأبيرام حسدوا موسى وهارون علي كهنوتهما. وما أصابت موسى ولا هارون عين واحد منهم. كل ما في الأمر أنهم أقاموا ضجيجًا وتمردًا. ولم يفدهم ذلك بشيء، . بل انتهي الأمر إلي أن الله تبارك اسمه أمر الأرض فانشقت، وفتحت فاها وابتلعتهم مع كل ما كان لهم (عد16: 31-33). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg كهنة اليهود ورؤساؤهم حسدوا المسيح، فتآمروا ضده. اتهموه اتهامات كثيرة، حاكموه في مجمعهم، أتوا بشهود زور لم تنفق أقوالهم. هيجوا عليه الشعب. قدموه إلي السلطة الرومانية كفاعل إثم، فلم يجد فيه الوالي الروماني عله للموت. أصروا علي صلبه، وصاحوا وضجوا وكان لهم ما أرادوا فصلبوه.. كل هذه هي مؤامرات الحاسدين. وكل شر الحسد في مؤامراته. وسبب الحسد هو الأنانية وعدم الحب. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg الحسد هو مشاعر قلب، وليس ضربة عين. ونحن حينما نطلب من الله في صلاة الشكر وفي غيرها أن ينزع عنا الحسد، ولا نطلب مطلقًا أن يبعد عنا ضربة العين، إنما مؤامرات الحاسدين. وأيضًا أن لا يكون فينا حسد نحو غيرنا. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
حسد الشياطين https://images.chjoy.com//uploads/im...f41a341c29.jpg أول الحاسدين كان الشيطان. حسد الإنسان الأول علي نقاوته، بينما فقد هو تلك النقاوة. وحسده لعلاقته الطبية مع الله، بينما خسر هو تلك العلاقة. وحسده لأنه خلق علي صورة الله ومثاله. وحسده علي تمتعه بالبركة والسلطة في جنة عدن. فأراد أن يفقده كل هذا.. ماذا فعل إذن؟ خدعه وكذب عليه وأغراه، وأسقطه في الخطية، فتعرض لحكم الموت. وهكذا نقول في القداس الإلهي (والموت الذي دخل إلي العالم بحسد إبليس، هدمته). كانت إذن مؤامرة من الشيطان، وخدعة، ولم تكن ضربة عين. الشيطان لا يحب الناس، ولا يحب الخير للناس، لذلك يحسد. فليست في قلبه المحبة التي لا تحسد، بل تتركز في قلبه العداوة والكراهية، وبالتالي الحسد. وفي الحسد يحب أن يضر. ويحب أن النعمة تزول من المحسود، علي الرغم من أن هذه النعمة سوف لا تتحول إليه. ولكنها مجرد الكراهية التي تجعله يفرح بسقوط البشر. وقد حسد أيوب الصديق. ولم يستطيع أن يضره إلا أن أخذ سماحًا من الله (أي2،1). وحتى ذلك بسماح كان في حدود لا يتعداها، في الحدود التي كان الله يعرف أن أيوب البار سوف يحتملها. وانتهي الأمر بأن رفع الرب وجه أيوب، وعوضه الخير الذي فقد مضاعفًا. ولم تفلح مؤامرة الشيطان. وكان الله ضابط الكل ممسكًا العملية كلها في يمينه، محولًا كل شيء إلي الخير كما فعل مع يوسف الذي حسده أخوته من قبل (تك8:45). https://st-takla.org/Gallery/var/albu...r-Satan-01.gif الانتصار على الشيطان، فن قبطي رسم تاسوني سوسن فإن كان الشيطان بكل جبروت حسده وقوته لا يستطيع أن يؤذي إلا بسماح، فهل تظنون أن عيون الحاسدين من البشر الضعفاء تستطيع أن تؤذي؟! مهما أوتيت من قوه البصر!! أين إذن ضابط الكل وحمايته؟ ومن الذي أعطي أولئك الحاسدين تلك القوة الضارة الجبارة. في عيونهم!؟ وهل الله يمنح أمثال هؤلاء قوة للإضرار، ليست تحت ضبط، وتعمل بلا سبب داع لإهلاك الناس؟! أمر لا يصدقه منطق، ولا يسنده الكتاب.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg ولو كانت ضربة العين حقيقية، إذن لهلك كل أصحاب المواهب والمناصب والتفوق. الحاصلون علي جائزة نوبل كل عام، أليس لهم حاسدون؟ وهؤلاء الحاسدون أليست لهم عيون؟ هل تصيبهم ضربة عين، فيفقد العالم أعظم علمائه وأدبائه وأبطال السلام فيه!! وأبطال الرياضة أصحاب الكؤوس الذهبية والميداليات، والمتفوقون في الفن والموسيقي، وملكات الجمال في العالم.. أليس لهؤلاء أيضًا حاسدون، ولهم أو لأصحابهم عيون. والذين ينجحون في الانتخابات، ويتولون المناصب والرياسات، علي كل المستويات، وفي كل البلاد، أليس لهم أيضًا حاسدون؟!! وأوائل الطلبة في الكليات والجامعات، وأوائل الثانوية العامة، وقد يكون الأول متفوقًا بنصف درجة فقط،وكل الذين يعينون في مناصب مرموقة جدًا، أليس لهم أيضًا حاسدون؟ هل تصيب كل هؤلاء ضربة عين فيسقطون؟! https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg أم أننا لا نكون آمنين إلا من حسد العميان أو ضعاف البصر، الذين ليست لهم عيون تفلق الحجر؟!! إنني لست أوافق مطلقًا علي ضربة العين، ولا أري الحسد إلا مشاعر خاطئة، قد تعبر عن ذاتها بمؤامرات تحوكها حول المحسودين، ربما تضرهم أو لا تضرهم. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg والسيد المسيح حينما أخفي لاهوته عن الشيطان، لم يكن ذلك خوفًا من حسد الشيطان، حاشا. بل لئلا يعطل الشيطان قضية الفداء، أو قيل (لأنهم لو عرفوا، لما صلبوا المجد) (1كو8:2). كذلك القديسون لم يخفوا فضائلهم خوفًا من حسد الشياطين، وإنما تواضعًا. فالشيطان كان يعرف فضائلهم. بلا شك كان الشيطان يعرف أن القديسة مارينا امرأة، لا يمكن أن تنجب من امرأة أخري ابنًا!! إنما هذه القديسة صبرت علي العار تواضعًا منها. وإن كان هناك مجال لحسد الشيطان، فهو أن يحسدها علي تواضعها، الأمر الذي ما كان ممكنًا أن تخفيه عنه. وبالمثل القديس أبا مقار الكبير، كان الشيطان يعرف تمامًا أنه لم يخطئ إلي تلك الفتاة. فالشيطان هو الذي أغراها علي الزنى مع الشاب. وهو الذي أوعز إليها أن تلصق التهمة بالقديس مقاريوس الذي قيل ذلك تواضعًا منه. وليس دخل بحسد الشياطين. القديسون كانوا يحفظون فضائلهم من مديح الناس. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة لا تنتفخ https://encrypted-tbn2.gstatic.com/i...euvfVvhQMVoFFL عبارة (لا تتفاخر) تعني لا تفتخر علي غيرها، وعبارة (لا تنتفخ) تعني لا تعامل غيرها بانتفاخ، أي لا تتعالى علي الغير. فالذي يحب، يعامل من يحبه بمودة، وليس بعظمة. وقد قيل عن السيد الرب في محبته لنا، لما صار في شبه الناس: (إن ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم) (مت28:20). وهكذا في محبته لتلاميذه، انحني وغسل أرجلهم. وكان هذا أيضًا تعليمًا صالحًا لهم، إذ قال بعد ذلك (فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم، فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض. لأني أعطيتكم مثالًا، حتى كما صنعت أنا بكم، تصنعون أنتم أيضًا) (يو13: 14،15). (ومحبة الله الآب في الأعالي، والناظر إلي المتواضعات). إن سكناه في الأعالي، هذا الذي سماء السموات لا تسعه (1مل8: 27). لم يمنعه هذا العلو من أن ينظر إلي البشر، الذي هو (تراب ورماد) (تراب ورماد) (تك27:18). وهو (يعرف جبلتنا، يذكر أننا تراب نحن) (مز14:103). إنها المحبة التي لا تتعالى. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg محبة الله التي لا تتعالى علي أولاده في الحوار. الله الذي يأخذ رأي أبينا إبراهيم في موضوع سادوم، ويقول (هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله؟!) (تك17:18). ويدخل معه في حوار يسمح فيه لإبراهيم أن يقول له (حاشا لك يا رب أن تفعل مثل هذا الأمر، أن تميت البار مع الأثيم.. حاشا لك. أديان الأرض كلها لا يصنع عدلًا) (تك5:18). ولا يغضب الله، ويستمر الحوار.. نعم هو الله المحب الذي يشرك معه موسى هم جهة مصير الشعب الذي عبد العجل الذهبي، ويقول له (أتركني ليحمي غضبي عليهم وأفنيهم..) ولكن موسى لا يتركه. بل يقول له (أرجع عن حمو غضبك، وأندم علي الشر بشعبك. أذكر إبراهيم وإسحق وإسرائيل عبيدك..) (خر32: 10-14). ويستجيب الرب لموسى. الله الذي في محبته يتنازل ليظهر لعبيده ويكلمهم. https://st-takla.org/Gallery/var/resi...on-to-John.jpg رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي و الرسول كما فعل مع سليمان، تراءى له مرتين: أحدهما في جبعون، والأخرى في أورشليم (1مل9:3). علي الرغم من الله كلن يعرف بسابق علمه أن سليمان سوف يميل قلبه وراء آلهة أخرى بسبب نسائه (1مل4:11). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg ولعل من أبرز الأمثلة علي عدم التعالي، أن السيد الرب في تجسده، دعا تلاميذه إخوته. وفي ذلك يقول بولس الرسول عنه إنه (لا يستحى لأن يدعوهم أخوة، قائلًا: اخبر باسمك إخوتي) (عب2: 11،12).. وأنه (كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء) (عب17:2). بل أن الرب نفسه يقول للقديسة المجدلية وزميلتها (اذهبا قولا لأخوتي أن يمضوا إلي الجليل وهناك يرونني) (مت10:28). وهو نفسه يقول لتلاميذه، وقد أحبهم حتى المنتهي (يو1:13).. (لا أعود أسميكم عبيدًا، لكني قد سميتكم أحباء) (يو15:15).. ويستمر هذا الوعد في الأبدية، في أورشليم السمائية، مسكن الله مع الناس، حيث يكون الله في وسط شعبه (رؤ3:20). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg بل من أعظم الأمثلة المحبة التي لا تتفاخر ولا تنتفخ هي قول الرب لتلاميذه: "ومن يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها، يعملها هو أيضًا، ويعمل أعظم منها.." (يو12:14). عبارة عجيبة في تواضعها، يقف أمامها العقل البشري مبهوتًا.. كما يقف العقل مبهوتًا أمام محبة الله للبشر، التي بسببها يتقدم السيد المسيح إلي يوحنا ليعتمد منه، معمودية التوبة، نيابة عنا..! أين هنا التفاخر والاتضاع..؟! بل المحبة التي تصعد علي الصليب، لكي تحمل كل خطايا العالم، ويحصى وسط آثمة (أش53: 6،12).. ليس فقط لا يوجد تفاخر، بل بالأكثر انسحاق.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg وكما سلك السيد المسيح، سلك أيضًا تلاميذه بأسلوب المحبة التي لا تتفاخر ولا تنتفخ.. مهما كان الغضب المنصب عاليًا. فهوذا القديس بولس الرسول، يقول في توبيخه لأولاده في كورنثوس (اطلب بوداعة المسيح وحمله، أنا نفسي بولس، الذي في الحضرة ذليل بينكم. وأما في الغيبة فمتجاسر عليكم. ولكن اطلب أن لا أتجاسر وأنا حاضر) (2كو10:1،2). ويقول في حديثه مع شيوخ كنيسة أفسس (اسهروا متذكرين أني ثلاث سنين ليلًا ونهارًا، لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد) (أع31:20). عبارات عجيبة، يقولها الرسول العظيم الذي اختطف إلي السماء الثالثة، إلي الفردوس، وسمع كلمات لا ينطق بها (2كو12: 2-4).. ومع كل هذه العظمة لا يتفاخر ولا ينتفخ، بل يقول عن نفسه إنه ذليل، ومتجاسر وينذر بدموع. وفي مجال الافتخار، يقول لا افتخر إلا بضعفاتي. ويشرح كيف أن ملاك الشيطان لطمه بشوكة في الجسد، وانه تضرع إلي الله ثلاث مرات بسببها ولم يستجب الله صلاة في هذا الأمر، بل قال له تكفيك نعمتي (2كو12: 5-9). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg لم يفتخر أحد من الرسل بمنصبه العظيم ولم ينتفخ. بطرس الرسول يكتب في مقدمة سفر الرؤيا: (أطلب إلي الشيوخ الذين بينكم، أنا الشيخ رفيقهم، والشاهد لآلام المسيح) (1بط1:5). ويوحنا الرسول يكتب في مقدمة سفر الرؤيا (أنا يوحنا أخوكم، وشريككم في الضيقة، وفي ملكوت يسوع المسيح وصبره) (رؤ9:1). يكتب بهذا الأسلوب في مقدمة الرؤيا التي رأي فيها السيد الرب، ورأي بابًا مفتوحًا في السماء، وعرش الله، وكثيرًا من القوات السمائية التي لم يرها رسول غيره،ومع ذلك لا يتفاخر.. بل يقول: أخوكم وشريككم.. وبولس الرسول يبدأ الكثير من رسائله بعبارة (بولس عبد ليسوع المسيح) (رو1:1) (في1:1). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg بل بالأكثر، سمي الرسل رسالتهم خدمة.. فقال القديس بولس الرسول (هكذا فليحسبنا الإنسان كخدام للمسيح) (1كو4: 1). وقال إن الرب (أعطانا خدمة المصالحة) (2كو18:5). (في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام في صبر كثير في شدائد في ضرورات) (2كو4:6). وقال القديس بولس الرسول عن عملهم الكرازي إنه (خدمة الكلمة) (أع4:6). وقال القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الأسقف (أعمل عمل المبشر، تمم خدمتك) (2تي5:4). وقال عن نفسه وعن زميله أبلوس (من هم بولس ومن هو أبلوس؟ بل خادمان آمنتم بواسطتهما) (1كو5:3). ولعل هذا كله تنفيذًا لوصية الرب لتلاميذه: (من أراد أن يكون فيكم عظيمًا، فليكمن لكم خادمًا). وأيضًا (ومن أراد أن يكون فيكم أولًا، فليكن لكم عبدًا) (مت20: 26،27). وحسما ورد في الإنجيل لمار مرقس الرسول (إذا أراد أحد أن يكون أولًا، فليكن آخر الكل وخادمًا للكل) (مر35:9). وهذا هو عمل الرسولية، الذي لا يتفاخر ولا ينتفخ، بل في محبته لله ولملكوته، وفي محبته للمخدومين يكون آخر الكل وخادم الكل. ويشبه هذا، صلاة القديس أوغسطينوس من أجل رعيته، التي قال فيها (اطلب إليك يا رب، من أجل سادتي عبيدك..). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg وكما كان الآباء في محبتهم لا يتفاخر بالمناصب، كانوا أيضًا لا يتفاخرون بحياة القداسة. ولا يتفاخرون ولا ينتفخون بالمواهب الإلهية. ولا يظهرون أما الناس بمظهر من قد أعطاه الله ما لم يعطه لغيره. لأنه إلي جوار الكبرياء في هذا التفاخر، فإنه يوقع الآخرين أيضًا في صغر النفس وفي الغيرة المرة وكل هذا ضد مشاعر المحبة الحقيقية التي تهتم بغيرها أكثر مما تهتم بنفسه. وهكذا نجد أن الرسل في علو مستواهم الروحي يقولون عن أنفسهم أنهم خطاة. فالقديس بولس الرسول يقول إن (المسيح يسوع جاء إلي العالم، ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا) (1تى 15:1). ويقول (أنا الذي كنت قبلًا مجدفًا ومضطهدًا ومفتريًا ولكنني رحمت لأني فعلت ذلك بجهل في عدم إيمان) (1تى13:1). والقديس يوحنا الحبيب يقول (إن قلنا إنه ليس لنا خطية، نضل أنفسنا وليس الحق فينا) (1يو8:1). والقديس يعقوب الرسول يقول (لا تكونوا معلمين كثيرين يا أخوتي، عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم، لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا) (يع3: 1، 2). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg المحبة لا تفتخر بالمواهب، بل تستخدمها في اتضاع لنفع وخدمة الآخرين. هوذا القديس بطرس الرسول حينما أقام الرجل المقعد الأعرج من بطن أمه المستعطي عند باب الهيكل.. وانذهل الناس من هذه المعجزة، قال لهم بطرس الرسول (ما بالكم تتعجبون من هذا، ولماذا تشخصون إلينا، كأننا بقوتنا أو بتقوانا قد جعلنا هذا يمشي) (أع12:3). وأخذ يحول أنظارهم إلي السيد المسيح الذي أنكروه الذي بالإيمان باسمه تشدد هذا المقعد ومشى.. الذين يتفاخرون وينتفخون بالمواهب، لا يحبون غيرهم، بل لا يحبون أنفسهم أيضًا.. لأن التفاخر بالموهبة، قد يبعدها عن صاحبها، إن كانت موهبة حقيقية من الله. كما يدل ذلك أيضًا علي أن الذي منحه الله الموهبة، لم يستطيع أن يتحملها فارتفع قلبه بسببها علي غيره، وبدأ يتفاخر علي من لم يأخذوها. وليس في هذا الأمر حب وليس فيه تواضع، وليس فهم للموهبة. فالمواهب يمنحها الله الخير للناس، وليس للكبرياء.. الله يمنحك الموهبة، لمي في محبتك للناس، تستخدم الموهبة لخيرهم.. كمواهب الشفاء مثلًا، أو إخراج الشياطين.. أو مواهب الذكاء والمعرفة، التي تستخدمها في محبة لتعليم الآخرين وهدايتهم، وليس للتفاخر والانتفاخ. وإلا فإنك تكون قد تركت الهدف من الموهبة، وهو محبة الآخرين وخدمتهم، وتحولت إلي التمركز حول الذات بطريقة غير روحية.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg قلنا إن المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ، بسبب علو المركز، ولا بسبب المواهب، ولا بسبب العقل.. كذلك لا تتفاخر بسبب الغني ولا التمايز المادي. المفروض أن الغني يستخدم غناه لخير المحتاجين، وهكذا يكون قد أحبهم وكسب محبتهم له.. ولكن لا يتفاخر عليهم وينتفخ، ويشعرهم بالضعة والمذلة. وإن أعطاهم، لا يجوز أن يعطيهم بارتفاع قلب، ولا بشعور أنه المعطي، وأنهم منه يأخذون. فهو فيما يعطي، إنما يتقاسم معهم مالًا، قد أرسله الله ليتوزع في حب، عليه وعليهم.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة لا تقبح https://st-takla.org/Gallery/var/resi...n-complain.jpg تمرد مريم و هارون (هرون) على موسى النبي بسبب المرأة الكوشية (الإثيوبية، الحبشية) التي تزوجها: سفر العدد 12: 1 هنا ونقول: إن التفاخر ضد المحبة، فكم بالأكثر التفاخر الذي يقبح غيره. الذي يقيم مقارنة بينه وبين غيره، فإذا به هو الأفضل، وغيره الأدنى، مع ذكر مساوئ هذا الغير التي من كذا وكذا.. إن تحقير الآخرين لا يتفق مع المحبة التي يفترض فيها أن تستر عيوب الآخرين لا أن تقبحهم، أو تشهر بهم وتظهر مساوئهم.. بل المحبة بالأكثر تدافع عن الغير، ولا أن تذمه. عندما تزوج موسى بامرأة كوشية، تكلم ضده هرون ومريم أخواه، ولم يكن في كلامهما عليه حب له. أما الرب الذي يحب موسى، فقد دافع عنه، وذكر أنه أمين علي كل بيته. ووبخ هرون ومريم، وعاقب مريم لأنها تكلمت علي موسى بالسوء (عد12: 1-10).. هذه هي المحبة التي لا تقبح. مثال من سير القديسين: القديس أبا مقار الكبير الذي ستر علي الأخر الخاطئ وأخفي خطيته. وكذلك القديس موسى الأسود والقديس بيساريون. والشرح في هذا الموضوع يطول.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة لا تفكر في ذاتها، ولكن فيمن تحب. تفكر في الذي تحبه: كيف ترضيه، وكيف تعطيه، وكيف تريحه وتجلب السرور إلي قلبه.. وفي كل ذلك لا تطلب ما لنفسها. بل قد تبذل نفسها لأجل من تحبه.. ذلك لأنه إن كان من طبيعة الأنانية أنها دائمًا أن تأخذ، فإنه من صفات المحبة أنها تريد أن تعطي.. عنصر المحبة الرئيسيان هما أن تحب الله، وأن تحب الناس. وفي كليهما لا تطلب المحبة ما لنفسها.. وهكذا كانت صلاة التسبيح والتمجيد هي أقدس الصلوات. لأن الذات لا توجد فيها علي الإطلاق، إنما الموجود فقط، هو التأمل في صفات الله وحده. فنحن حينما نقول فيها مثلًا (قدوس قدوس رب الصباؤوت. والسماء والأرض مملوءتان من مجدك) (أش3:6). فإننا هنا لا نطلب شيئًا لأنفسنا. إنما من أجل محبتنا لله، نتأمل صفاته، وكفي.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg إذن ما هو مركز الطلب في حياة المحبة؟ إنه: الله أولًا، والناس بعد ذلك. والذات آخر الكل.. كلمة "أنا" في اللغة العربية فنحن في الصلاة الربانية، إنما نطلب ما يخص الله أولًا: (ليتقدس اسمك ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك علي الأرض).. وحينما نطلب بعد ذلك لأنفسنا، إنما نطلب ما يخص علاقتنا بالله. فكان الله أولًا، ثم الله ثانيًا.. وما أجمل وصية السيد الرب لنا (اطلبوا أولًا ملكوت الله وبره) (مت33:6). وهل بعد ذلك نطلب ما يخصنا من أمور العالم؟ هنا ويكمل الرب وصيته قائلًا (هذه كلها تزدادونها) أي يعطيكم الرب إياها حتى دون أن تطلبوا.. إذن إن كنت تحب الله، لا تجعل صلاتك كلها طلبًا.. أقصد: لا تجعلها كلها طلبًا لنفسك. وكما قال القديس باسيليوس الكبير (لا تبدأ صلاتك بالطلب، لئلا يظن أنه لولا الطلب ما كنت تصلي).. وإن طلبت (لأنه قال: اطلبوا تجدوا) (مت7:7). فاطلب أولًا ملكوت الله وبره.. ثم اطلب أيضًا الخير للغير. ولتكن نفسك آخر الكل. فهذه هي المحبة.. حقًا، ما أجمل قول المرتل في المزمور: "ليس لنا يا رب ليس لنا. لكن لاسمك القدوس أعط مجدًا" (مز1:115). إذن إن كنت تحب الله، ففي كل خدمتك، وفي كل ما تعمله، لا تطلب الكرامة لنفسك. وإنما لتكن كل الكرامة لله. كما قال القديس يوحنا المعمدان (ينبغي أن ذلك يزيد، وأني أنا أنقص) (يو30:3). وكل الخير الذي تفعله، ليكن ذلك لمجد الله، إن كنت تحب الله. كما قال الرب في العظة علي الجبل (لكي يروا أعمالكم الحسنه، فيمجدوا أباكم الذي في السموات) (مت16:5). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg من أجل محبة الله، قام الآباء والرسل برسالتهم، ولم يطلبوا ما لأنفسهم، بل علي العكس دفعت أنفسهم الثمن.. من أجل محبة الله، شهد المعمدان للحق، وقال لهيرودس الملك (لا يحق لك أن تأخذ امرأة أخيك) (مت14: 3،4). فهل في ذلك كان يطلب ما لنفسه؟! كلا، بل إن نفسه قاست بسبب ذلك، إذ القي في السجن، ثم قطعت رأسه. وكل الشهداء والمعترفين، لم يطلبوا ما لأنفسهم، بل في محبتهم لله تعرضوا لكل ألوان التعذيب، ثم الموت أيضًا. وهكذا كان الكارزون. ولنأخذ القديس بولس الرسول كمثال. وهو شاول الطرسوسي كانت له سلطه ونفوذ، ويستطيع أن (يدخل البيوت ويجر رجالًا ونساء، ويسلمهم إلي السجن) (اع3:8). ولكنه لما دخل إلي الإيمان، وخسر كل الأشياء وه يحسبها نفاية لكي يربح المسيح ويوجد فيه (في3: 8،9).، حينئذ. في محبته للرب ما كان يطلب مطلقًا ما لنفسه. بل صار هو يحتمل السجن والهوان.. جلدوه خمس مرات، وثلاث مرات ضرب بالعصي. وهو يخدم الرب ويقول عن خدمته هو وكل معاونيه (في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام لله، في صبر كثير.. في أسهار في أصوام..) (2كو6: 4،5). (بأسفار مرارًا كثيرة بأخطار سيول بأخطار لصوص، بأخطار في المدينة، بأخطار في البرية، بأخطار في البحر، بأخطار من أخوة كذبة.. في تعب وكد، في جوع وعطش، في برد وعري) (2كو12: 24-27). ولماذا كل هذا العناء؟ إنه من اجل محبة الله، ومحبة ملكوته وإنجيله. والمحبة لا تطلب ما لنفسها. إنه لم يطلب ما لنفسه، لأنه نفسه قد ماتت مع المسيح (2كو4: 11،12). وهكذا يقول (مع المسيح صلبت، لأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في) (غل20:2). https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg حقًا ما أعجب وما أعمق عبارة) أحيا، لا أنا..). إن الحب الذي لا يطلب ما لنفسه، لا يجد تعبيرًا أعمق من كلمة (لا أنا). هذه هي خدمة الحب، التي لا تطلب لنفسها راحة ولا مجدًا. خدمة الذي لا يعطي لعينيه نومًا، ولا لأجفانه نعاسًا، إلي أن يجد للرب (مز4:132). إنها خدمة الذي يجد متعة في أتعاب الخدمة، وليس في أمجاد الخدمة! الذي لا يبحث في الخدمة عن ذاته، في مجال الرئاسة أو السلطة أو الظهور.. وهكذا فإن الخدام الذين فشلوا، هم الذين اهتموا بذواتهم أكثر من اهتمامهم بالملكوت. وعبارة "لا أنا"، يمكن أن تُطْلَق في الروحيات الخاصة: فالذي يحب الله، يقول له (لتكن لا مشيئتي بل مشيئتك. وأنا لست أطلب شيئًا لذاتي، بل أسلمها تسليمًا كاملًا ليديك، وأنساها هناك، ولا اطلب إلاك أنت، وليس سواك.،. ولهذا قال السيد المسيح (إن أراد أحد يأتي ورائي، فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني) (مت24:16). وإنكار الذات يعني أنه لا يطلب ما لنفسه. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg إن الذات هي أكثر ما يضر الإنسان. لا يضره العالم ولا المادة، ولا الجسد، ولا الشيطان، بقدر ما تضره ذاته، إن كان يطلب في كل حين ما يرضيها إن كانت هذه الذات، كلما تطلب ما لنفسها تبعده عن محبة الله. وهكذا لخص السيد الرب كل حياتنا علي الأرض في عبارة واحدة خالدة، قال فيها: (من وجد حياته يضيعها، ومن أضاع حياته من أجلي يجدها) (مت39:10). إن كان الإنسان يطلب ما لنفسه، فإنه يضيعها. لأنه يركز حول الذات وليس حول الله ومحبته. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg ولننظر إلي آبائنا الرهبان والنساك. الذين سكنوا الجبال والبراري وشقوق الأرض، من أجل عظم محبتهم للملك المسيح.. إنهم لم يطلبوا أبدًا ما لأنفسهم. بل تركوا المال والأهل والوظائف وكل المتع الأرضية. وعاشوا منسيين، بلا طعام بلا راحة، لا يطلبون سوي الله، الذي صار لهم هو الكل في الكل.. هؤلاء الرهبان، صلت عليهم الكنيسة صلاة أموات، لأنهم ماتوا عن العالم وكل ما قيه. وما عادوا يطلبون منه شيئًا لأنفسهم. أتراهم ضيعوا أنفسهم، أم وجدوها..! ولكن لماذا نتكلم عن الرهبان وحدهم، فلنتكلم أيضًا عن الذين عاشوا في رفاهية العالم، ولكن لأجل محبة الله تركوا كل شيء. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg موسى النبي لم يطلب ما لنفسه، بل يبدو أنه أضاعها. كان أميرًا وقائدًا (ابن ابنه فرعون). وكانت أمامه كل خزائن فرعون. ومع ذلك (فضل أن يذل مع شعب الله، عن أن يكون له تمتع وقتي بالخطية) (عب11). وماذا كانت الخطية سوى تمتعه بحياة القصر، وشعبه مرهق بالعبودية! لذلك ترك كل شيء، القص، والإمارة، والعظمة، والمال، ولم يطلب لنفسه شيئًا. لذلك رفع الله موسى وجعله سيدًا لفرعون. مثال آخر هو إبراهيم أبو الآباء. قال له الرب (أترك أهلك وعشيرتك وبيت أبيك، واذهب إلي الجبل الذي أريك) (فلم يطلب لنفسه أهلًا ولا وطنًا، إنما طلب طاعة الرب وحده. ثم قال له الرب (خذ ابنك وحيدك، الذي تحبه نفسك، إسحق وقدمه لي محرقة علي الجبل الذي أريك إياه}. ومرة أخري لم يطلب إبراهيم ما لنفسه، ولو كان أبنه الوحيد، وأخذ ابنه ليذبحه.. تكفيه محبة الله التي تسعد نفسه.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg فلنتناول أيضًا هذه الوصية "المحبة لا تطلب ما لنفسها" في الحياة الاجتماعية، وحياة الأسرة الواحدة. تعيش الأسرة سعيدة، إن كان الزوج لا يطلب ما لنفسه، طاعة وسيطرة، إنما يطلب سعادة زوجية وأولاده، معتبرًا أن هذه هي رسالته في حياته الزوجية. وكذلك الزوجة إن اعتبرت رسالتها أن تسعد هذا الزوج، دون أن تطلب ما لنفسها مالًا ورفاهية وحرية. كذلك إن جعلت رسالتها أن تتعب من أجل راحة أولادها. كذلك أيضًا الأبناء إن كانوا في محبتهم للأب والأم لا يرهقانهم بكثرة الطلبات، ولا بالمخالفة. ولا يطلبون ما لأنفسهم إلا في حدود قدرة الأسرة.. وفي الحياة الاجتماعية: الذي لا يطلب ما لنفسه، يقدم غيره في الكرامة، ويتخذ المتكأ الأخير. كما قال القديس بولس الرسول (مقدمين بعضكم بعضًا في الكرامة) (رو12: 10). ليس فقط تنفيذًا لوصية الإتضاع، بل بالأكثر عن حب. إذ يحب غيره ويفضله علي نفسه، فيقدمه في الكرامة علي نفسه، ويسعد إذ يجده مكرمًا.. وإذ يأخذ المتكأ الأخير (لو10:14). وإنما يسعد بأن يترك المتكآت الأولي لغيره ما اجل محبته لهم. وفي كل ذلك، وسبب محبته للآخرين، فإنه لا ينافس أحدًا، ولا يخاصم أحدًا من أجل شيء عالي، ولا زاحم الآخرين في طريق الحياة بل يترك الفرصة للغير أن يأخذ وينال ما يريد، دون يطلب ما لنفسه.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg وتظهر وصية "المحبة لا تطلب ما لنفسها" في مجال العطاء أيضًا. فالذي يدفع العشور والبكور، ليس فقط وصية الله، بل بالأكثر من أجل محبته للفقراء يفضلهم علي نفسه، مهما كان محتاجًا للمال. بل أنه يدفع أكثر من هذا، بل يعطي من احتياجاته الخاصة. مثال ذلك تلك الأرملة التي أعطيت من أعوازها، ووضعت في الخزينة فلسين هما كل ما كانت تملك. ولهذا استحقت الطوبى من فم الرب، وتسجل عطاؤها في الإنجيل (مر12: 42). هكذا أرملة صرفة صيدا، التي لم تطلب ما لنفسها في وقت المجاعة. وأعطيت كل ما عندها من زين ودقيق لإيليا النبي (1مل17). فاستحقت بذلك أن يباركها الرب ويبارك خيراتها طول زمن المجاعة. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg انظروا إلي السيد المسيح، وكيف أنه لم يطلب ما لنفسه. بل من أجل محبته للبشر (أخلى ذاته، وأخذ شكل العبد) (في7:2). وابتعد عن كل مجد عالمي. ولم يكن له أين يسند رأسه (لو58:9). وكذلك لم يطلب ما لنفسه، حينما انحني وغسل أرجل تلاميذه (يو13).، وحينما بذل ظهره للسياط، ثم صعد علي الصليب، ولم يدافع عن نفسه. وبذل حياته عنا، البار لأجل الآثمة.. (وبين محبته لنا. لأنه ونحن بعد خطاة مات لأجلنا) (رو8:5). والمحبة التي لا تطلب ما لنفسها، تحتمل وتغفر. ولكني أود أن أؤجل هذه النقطة إلي موضع آخر. حيث أن الحديث عنها قد يطول وليس مجاله الآن. ويكفي أن الإنسان الذي يحب، يمكنه في محبته لغيرة أن يتنازل عن حقوقه، وأن يحمل ويغفر.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg الذي يحب، لا يطلب ما لنفسه. والذي لا يطلب ما لنفسه، يستطيع أن يحب. فإن كنت لا تطلب ما لنفسك، يمكنك أن تتعب من أجل الله والناس.. وتتعب في الصلاة، في الصوم، في السهر، في الخدمة. لأنك لا تفكر في راحتك وصحتك، إنما تفكر في الله وملكوته، وتفكر في خير الناس وخلاصهم.. وهكذا تحب الله والناس، ويحبك الله والناس. لأنك لا تقول: ذاتي وصحتي وراحتي. إنما تقول ملكوتك يا رب، وكنيستك وشعبك. بل تقول محبتك يا رب وعشرتك قبل كل شيء.. https://st-takla.org/Pix/Priests/divider-3.jpg بقي أن نقول نقطة ختامية وهي. إن الذي يطلب ما لنفسه، إنما يضيع نفسه. كالرجل الغني الغبي، الذي قال (أهدم مخازني وأبني أعظم منها.. وأقول لك يا نفسي خيرات كثيرة لسنوات عديدة) هذا الغبي ضيع نفسه. وقال له الصوت الإلهي: في هذه الليلة تؤخذ روحك منك، فالذي أعددته لمن يكون؟ (لو12: 18-20). كذلك داود النبي، لما طلب المتعة لنفسه، أضاع نفسه، لولا رحمة الله التي اقتادته إلي التوبة، مع عقوبة شديدة فرضت عليه (2صم12:11). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة لا تحتد https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-Church-01.jpg الذي يحب، لا يحتد علي من يحبه. أي لا يغضب عليه، ولا يثور، ولا يعامله بحده، أي بشدة وعنف. بل علي العكس بوداعة، وبحب، وطيبة قلب. وحسنًا قال القديس بولس الرسول عن المحبة إنها لا تحتد، بل قوله إنها لا تطلب ما لنفسها. فطبيعي أن الذي يطلب ما لنفسه، لا يحتد. إنما يحتد الذي يطلب لنفسه كرامة ومعاملة خاصة، ولا يجد ذلك. ويحتد الذي يطلب لنفسه طاعة وخضوعًا، ولا يعامل هكذا. أما إن كان لا يطلب لنفسه شيئًا من هذا كله وأمثاله، فطبيعي أن لا يحتد. كذلك فإن الاحتداد لا يتفق مع الصفات الأخرى للمحبة. فما دامت المحبة (تتأنى وتترفق). فإنها بالتالي لا تحتد. لأن الحدة ضد الرفق. والذي يتأنى ويطيل أناته، فإنه لا يحتد. مادامت المحبة (لا تنتفخ ولا تتفاخر) فطبيعي أنها لا تحتد. كذلك مادامت المحبة (لا تقبح) فإنها لا تحتد. الآن الإنسان يحتد بسبب ما يراه قبيحًا أمامه. كذلك مادامت (تصدق كل شيء، وتصبر علي كل شيء) فإنها لا تحتد. لأن الحدة لا تتفق مع الصبر. مادامت تصدق من تحبه فلماذا إذن تحتد عليه؟! وهكذا نجد أن صفات المحبة تتفق مع بعضها البعض.. والإنسان بطبيعته قد يحتد علي عدو، أو علي مخالف ومعارض، أو علي مقاوم أو عنيد. ولكنه لا يحتد علي حبيب. حتى إن أخطأ، يميل إلي مسامحته والتغاضي عن أخطائه. وكما يقول المثل العامي (حبيبك يبلع لك الظلط). أو كما يقول الشاعر عن نفس هذا المعني: عين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدى المساويا وأعظم مثل للمحبة التي لا تحتد، الله تبارك اسمه. الله مثل للمحبة التي لا تحتد، الذي قيل عنه المزمور إنه (لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا). بل أنه (كبعد المشرق عن المغرب، أبعد عنا معاصينا) (مز103: 10، 12). الله الذي قال عنه يوئيل النبي إنه (رؤوف رحيم، بطي الغضب كثير الرأفة) (يؤ13:2). وقال عنه يونان النبي إنه (بطئ الغضب كثير الرحمة) (يون2:4).. وهكذا قال أيضًا داود إنه (رؤوف وطويل الروح وكثير الرحمة) (مز8:103).أنه الله الذي لم يتحد علي أحباء كلموه بأسلوب يبدو شديدًا. لم يحتد علي حبيبه إبراهيم حينما قال له (حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر تميت البار مع الأثيم.. حاشا لك. أديان الأرض كلها لا يصنع عدلًا؟!) (تك25:18). بل لم يحتد أيضًا علي حبيبه أيوب حينما قال له (لا تستذنبني. فهمني لماذا تخاصمني؟ أحسن عندك أن تظلم؟! أن ترذل عمل يديك؟! وتشرق علي مشورة الأشرار؟!) (أي10: 2،3). (كف عني، فأتبلج قليلًا) (أي20:10). (ماذا أفعل لك يا رقيب الناس. لماذا جعلتني عاثورًا لنفسك) (أي20:7). ولم يحتد الرب أيضًا علي حبيبه موسى حينما قال له (أرجع يا رب عن حمو غضبك، أندم علي الشر) (خر12:23). وإنما استجاب له ولم يفن الشعب في عبادته للعجل الذهبي. ولم يتحد الرب علي أحباء له وقعوا في أخطاء شديدة: لم يتحد علي تلميذه بطرس الذي أنكره ثلاث مرات، بل كلمه بلطف بعد القيامة، ورفع روحه المعنوية بقوله له (ارع غنمي. ارع خرافي) (يو21: 15-17). ولم يحتد علي تلميذه توما الشكاك الذي قال له (إن لم أبصر في يديه أثر المسامير وأضع أصبعي في أثر المسامير، وأضع يدي في جنبه لا أؤمن) (يو25:20)، . إنما ظهر له الرب، وحقق له ما أراد دون أن يحتد عليه. وقال له في رفق (لا تكن غير مؤمن بل مؤمنًا).. ومن قبل الصلب، لم يحتد علي التلاميذ الذين لم يستطيعوا أن يسهروا معه ساعة واحده في أشد الأوقات. بل في رقة أوجد لهم عذرًا بقوله (أما الروح فنشيط، وأما الجسد فضعيف.. ناموا الآن واستريحوا) (مت26: 41، 45). فعل الرب هذا لأنه يحبهم، والمحبة لا تحتد. توجد أمثلة أخري لهذه القاعدة في حياة القديسين. منها موسى النبي، الذي لم يحتد علي هارون ومريم لما تكلما عليه في زواجه بالمرأة الكوشية، إذ (كان الرجل موسى حليمًا أكثر من جميع الناس الذي علي وجه الأرض) (عد3:12). بل أنه لما عاقب الرب مريم بسبب جرأتها علي موسى، تشفع فيها موسى وطلب من الرب مسامحتها (عد13:12). هذه هي المحبة التي ليس فقط لا تحتد بل تشفع. مثل آخر هو داود النبي في معاملته لأبشالوم. أبشالوم الذي خان أباه داود، وأساء إليه، وقاد ليستولي علي ملكه.. لم يحتد عليه داود، بل لرجال جيشه (ترفقوا بالفتي أبشالوم) (2صم5:18). ولما انتصر جيش داود كان كل همه لمن بشروه بالانتصار (أسلام للفتي أبشالوم؟) (2صم18: 29،32). ولما علم بموته، بكي عليه وأبكي الشعب كله. مثال آخر هو أبونا إسحق الذي لم يحتد علي يعقوب لما خدعه. خدع يعقوب أباه وقال له (أنا عيسو بكرك) (تك19:27). ونال البركة بمكر. ولما عاد عيسو واكشف إسحق الخدعة، لم يحتد علي يعقوب، بل قال (تعن يكون مباركًا) (تك33:27). إنها المحبة التي لا تحتد. يذكرنا هذا كله وغيره بمحبة الأم لطفلها ورضيعها. ما أكثر ألوان الإزعاج التي يسببها الرضيع لأمه بحيث لا تعرف معني الراحة والنوم، ولكنها لا تحتد عليه لأنها تحبه. وقد خلقها الله بهذه المحبة التي لا تحتد عليه لأنها تحبه. وقد خلقها الله بهذه المحبة التي لا تحتد (بالنسبة إلي رضيعها) لكي يمكنها أن تهتم به وتربيه.. المحب لا يحتد علي حبيبه، لأنه يود الاحتفاظ بمحبته. لا يريد أن يفقد محبته، أو أن يعكر جوها بالحدة. وكذلك لأنه يحبه، فلا يريد أن يخدش شعوره بأي لون من الاحتداد. وأيضًا لأنه يأخذ كل تصرفاته بحسن نية، ولا يظن به السوء، لأن المحبة لا تظن السوء. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة لا تظن السوء https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-Garden-09.jpg المحبة لا تظن السوء، فلا تحتد. حتى في الأخطاء الواضحة، لا تري أن من ورائها قصدًا سيئًا، وربما تعزوها إلي جهل أو عدم الفهم، أو لنية طيبة.. المحبة مع من تحبه في جو من الثقة، ولا تشك في تصرفاته ولا في نواياه، مهما بدا التصرف غريبًا. السيد المسيح لم يفقد الثقة في محبة تلاميذه علي الرغم من أخطائهم. ناموا في بستان جثسيماني وقت جهاده. وهربوا وقت القبض عليه، واختفوا في العلية خائفين من اليهود. وشكوا في قيامته. ولم يصدقوا المجدلية ولا تلميذي عمواس (مر16: 9-12). كذلك لما تحدث النسوة عن القيامة (تراءى كلا مهن لهم كالهذيان، ولم يصدقوهن) (لو11:24). وعلي الرغم من كل ذلك بقيت محبة السيد الرب لهم كما هي. ولم يحط إخلاصهم بشيء من سوء الظن، حسبما يحكم الآخرون..! (طبعًا بالنسبة للسيد المسيح لا نستعمل عبارة الظن، لأن كل معرفته يقينية. لكن نقول إن ثقته فيهم بقيت كما هي، علي الرغم من سوء موقفهم وكثرة أخطائهم). ونحن في علاقتنا من الرب نفعل هكذا. مهما أصابتنا التجارب والضيقات والأحزان من كل ناحية، لا نشك في محبة الله لنا، ولا نظن السوء كأن الله قد تخلي عنا، بل نقول في ثقة (كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله) (رو28:8). جاعلين أمامنا قول القديس يعقوب الرسول: (احسبوه كل فرح يا أخوتي، حينما تقعون في تجارب متنوعة) (يع2:1). وبالمثل في علاقتنا مع الآباء الروحيين والجسديين. لا نظن السوء في أي أمر منهم أو أي تصرف، مهما بدا لنا غريبًا. إنما نقول لعل هناك حكمة وراء ذلك لا ندركها الآن، . وهكذا نفعل مع أخوتنا ومع زملائنا في الخدمة، لأن المحبة لا تظن السوء. وبهذا المبدأ يسود السلام في الأسرة وفي المجتمع. لأن ظن السوء بالإضافة إلي كونه ضد المحبة والثقة، فإن يشيع الشك والتخويف، مما يسبب تفكك العلاقات، وعدم القدرة علي التعاون، وكذلك عدم تصديق أية كلمة،، والشك في أي تصرف، كما يحمل لونًا من الظلم للآخرين وقد يكونون أبرياء. عدم السوء، وهو من صفات المحبة، يعطي شعورًا بالأمان والاطمئنان. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة لا تفرح بالإثم إن العدو الذي يشمت في عدوه، ويفرح بما يحل به من ظلم، أو ما يرتكبه من إثم يسئ إليه. ولكن المحب ليس هكذا. إنه يعامل حتى العدو بمحبة حسب وصية الرب (أحبوا أعداءكم) (مت44:5). ويضع أمامه قول الكتاب: "لا تفرخ بسقوط عدوك، ولا يبتهج قلبك إذا عثر" (أم17:24). وإن يعقوب لم يفرح، لما انتقم شمعون ولاوي من شكيم لما أذل أختهما دينة وقال لهما (كدرتماني). وداود النبي لم يسر بمن بشره بموت أبشالوم، بل بكي (2صم18). عمومًا الشماتة شيء رديء. علي أن عبارة (المحبة لا تفرح بالإثم) توجد في بعض الترجمات هكذا المحبة لا تفرح بالظلم). فإن تعرض عدوك لظلم، لا تفرح بهذا، لأنه شماتة. لئلا يري الرب ذلك فيستاء. بل أن استطعت أن تنقذ عدوك إذا سقط، يكون هذا نبلًا منك ومحبة.. إن السامري الصالح، ولما رأي يهوديًا من أعداء جنسه، وقد اعتدي عليه اللصوص وتركوه بين حي وميت، ولم يفرح بأذيته ولا بالظلم وقع عليه، بل في محبة عالجه وأنقذه (لو23:10). المحبة تفرح بالحق، لأنه يوافق مشيئة الله. لذلك سرها أن كل إنسان ينال حقه، ولا يحيق به الظلم، حتى إن كان عدوًا لذلك فالإنسان المحب يدافع عن المظلومين، ولو كانوا من خصومه أو مقاوميه. ويمكن أن نأخذ هذه الوصية من جهة محبتنا لله. فإذا نحن أحببنا الله، لا نفرح بالإثم، بل نفرح بالحق،لأن الإثم عداوة لله الذي نحبه. والحق هو الله. وقد قال الرب: (وتعرفون الحق والحق يحرركم) (يو32:8). ففي محبتنا لله، لابد أن نلتصق بالحق. ولذلك بالحق. ولذلك فإن الذي يدافع عن الباطل، ولو باسم الشفقة، وهو بعيد عن الحق، وبالتالي هو بعيد عن الله.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة تحتمل وتصبر https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-Men-Anger.gif لست أريد في هذا المقال أن أحدثكم عن الاحتمال بصفة عامة. فالاحتمال موضوع طويل، وله أسباب عديدة. فهناك من يحتمل بسبب الوداعة والهدوء. وهناك من يحتمل بسبب أتضاع قلبه، أو بسبب الحكمة ويتجنب عواقب الأمور. أو لأسباب أخري ولكن موضوعنا الآن هو الاحتمال بسبب المحبة.. المحبة التي تحتمل كل شيء.. الذي يحب شخصًا، يكون مستعدًا أن يحتمل منه، وأن يحتمل من أجله. أبونا يعقوب أبو الآباء أحتمل الكثير من أجل محبته لراحيل. أحتمل أباها، الذي غير أجرته عشر مرات، وأحتمل سنوات طويلة يخدمه فيها، قال عنه (كنت في النهار يأكلني الحر، وفي الليل الجليد، وطار النوم من عيني) (تك40:31). ويقول الكتاب (فخدم يعقوب براحيل سبع سنين. وكانت في عينه أيام قليلة، بسبب محبته لها) (تك20:29). أيضًا يوناثان أحتمل كثيرًا من أجل محبته لداود. احتمل غضب أبيه الملك شاول، وتوبيخه له بكلام قاسي بسبب دفاعه عن داود، حتى أن شاول القي رمحه نحو يوناثان ليقتله (1صم20: 30،33). ومن أمثلة المحبة التي تحتمل، احتمال الشهداء والنساك من أجل محبتهم لله. وكذلك أيضًا الأنبياء والرسل. الشهداء احتملوا السجن والعذابات التي لا تطاق، ثابتين في محبة الله، رافضين أن ينكروه إلى أن قطعت رقابهم. ومن اجل محبة الله، احتمل الثلاثة فتية إلقاءهم في أتون النار، واحتمل دانيال أن يلقى في جب الأسود. (دا 6، 3). زمن أجل محبة الله احتمل الرهبان والسواح والنساك أن يعيشوا في البراري والقفار وشقوق الأرض، بعيدًا عن كل عزاء بشري، في شظف الحياة زاهدين في كل شيء. ومن أجل محبة الله ونشر ملكوته، احتمل الرسل ألوانًا من الأتعاب في كرازتهم (في صبر كثير في شدائد في ضرورات في ضيقات، في ضربات في سجون، في اضطرابات في أتعاب في أسهار في أصوام..) (2كو6: 4،5). ومن أمثلة المحبة التي تحتمل، محبة الأمومة والأبوة. محبة الأم التي تحتمل متاعب الحمل والولادة والرضاعة، ومتاعب الصبر في تربية الطفل والعناية به، في غذائه وفي نظافته، وفي الاهتمام بصحته، وفي تعليمه النطق والكلام، وفي الصبر علي صراخه وصياحه وعناده.. إلي أن يكبر. وكذلك تعب الأب في تربية أبنائه، واحتمال مشقة العمل بكافة الطرق للإنفاق عليهم وتوفير كافة احتياجاتهم. ومن أمثلة المحبة التي تحتمل، محبة الأمومة والأبوة. فمن أجل وطنهم الذي يحبونه، يحتملون ماش التدريب والحرب، والتعرض للموت أو للإصابة، وربما يحتملون فقد بعض أعضائهم، ومع جروح أو تشوهات. ونفس الوضع نقول علي ما يتحمله الشرطة لحفظ الأمن. كل هذا عن المحبة من أجل الغير، المحبة التي لا تطلب ما لنفسها وإنما ما للغير.. أيضًا كمثال رجال المطافئ، وفرق الإنقاذ علي تنوع تخصصاتها.. ننتقل إلي الحديث عن محبة الغير واحتمال تصرفاتهم. المحبة التي تحتمل الغير وتغفر له، والتي تحول الخد الآخر لمن يضرب اللطمة الأولي. المحبة التي تحتمل الإساءة، ولا ترد بالمثل.. والمحبة لا تشكو من السيء ولا تشهر به.. وننسى الإساءة، ولا تخزنها في ذاكرتها -كما يفعل البعض- لشهور وسنوات.. المحبة التي لا تقول: هذه حقوقي وهذه كرامتي. المحبة التي تحتمل، هي محبة صاحب القلب الكبير الواسع. القلب الذي يحتمل العتاب ولا يتضايق. وكما قال أليفاز التيماني) (لأن لأمتحن احد كلمة معك) (أي2:4)، . تحتمل العتاب، حتى لو كان بكلمة صعبة. وتحتمل حتى الفكاهة ولو كانت بأسلوب يبدو فيه التهكم.. علي أن يكون الاحتمال في غير ضجر ولا تزمر ولا ضيق. بل بصدر رحب، وروح طيبة، غير متمركز حول ذاته وحول كرامته. أن صفات المحبة التي ذكرها القديس بولس الرسول تترابط معًا. فطبيعي أن المحبة التي لا تطلب ما لنفسها، سوف لا تطلب كرامة لذاتها، وبالتالي ستحتمل كل شيء. كذلك فإن المحبة التي لا تحتد، سوف تحتمل. وأيضًا التي لا تتفاخر سوف تحتمل.. بعض الناس لا يحتملون الذين لا يفهمونهم. ومن هنا كانت مشكلة الأذكياء مع الجهلاء أو الأقل فهمًا، أو مع الطباق الجاهلة. لذلك يبعد مثل هؤلاء عن كثير من الناس. وقد لا يحتمل الواحد منهم طول الوقت في إقناع غيره، فيبعد عنه. ولو كان في قلبه حب نحوه لأطال أناته عليه، لأنه (المحبة تتأنى). وأيضًا كان يصبر لأن المحبة تصبر. وهكذا يضم أليه هذا الجاهل ويحتمله، ويرجو منه خيرًا. وهكذا مع الأطفال.. القلب الضيق الخالي من الحب، هو الذي لا يحتمل الآخرين: وهكذا قال بولس الرسول لأهل كورنثوس (فمنا مفتوح إليكم أيها الكورنثيون. قلبنا متسع. لست متضايقين فينا، بل متضيقين في أحشائكم.. لذلك أقول كما لأولادي: كونوا أنتم أيضًا متسعين) (2كو6: 12،13). القلب المتسع يستطيع أن يحتمل الناس. كن أذن متسع في قلبك وفي صدرك وفي فهمك. ولا تتضايق بسرعة. وأعرف أن المجتمع فيه أنواع متعددة من الناس. وليسوا جميعًا من النوع الذي تريده. يوجد فيهم كثيرون لم يصلوا بعد إلي المستوي المثالي، ولا إلي المستوي المتوسط. وعلينا أن نحبهم جميعًا. وبالمحبة ننزل إلي مستواهم لنرفعهم إلي مستوي أعلي. نتأنى ونترفق عليهم، ونحتمل كل ما يصدر من جهالتهم، ونصبر عليهم حتى يصلوا.. لا تقل [الناس متعبون] بل بمحبتك تعامل معهم، وحاول أن تصلح من طباعهم. ولو كنت لا تتعامل مع المثاليين، فعليك أن تبحث عن عالم أخر تعيش فيه. في إحدى المرات قال لي شخص (أن لم اعد أحتمل فلان) إطلاقا.. أنه شخص لا يطاق لا يمكن احتماله)!! فقلت له (وكيف أذن أحتمله الله منذ ولادته حتى الآن؟! وكيف أحتمل غيرة وأمثاله منذ بدء الخليقة إلي يومًا هذا؟! حقًا أن هذا لعجبًا)! وقال لي أخر: "فلان" يقول الكلمة ويرجع عنها. فكيف يمكن أن أعاشره. أن عشرته لا تحتمل. فقلت له. وكم مرة تعهدنا الله بشيء، ورجعنا في كل تعهداتنا؟! وكم مرة وعدنا ولم نف بوعودنا، واحتمالنا!! كم مرة وعد أمن يطلق الشعب إن رفعت عنه الضربة. ويرفع الله الضربة، ولا يفي فرعون بوعده. ثم يعود الله فيحتمله في وعد أخر!! (خر10:8). بينما الله كان يعرف مسبقًا أن فرعون سوف لا يفي بوعده. وما لنا فرعون. كم مرة نذرنا لله ولم نف. وكان الله يعرف ذلك. ومع ذلك حقق لنا ما نطلبه في نذرنا!! فإن كان الله يحتملنا في كل هذا، فلماذا لا نحتمل غيرنا؟! وكم مرة قدمنا لله توبة كاذبة. وكان الله يقبل اعترفنا وتوبتنا، ويسمح لنا بالتناول من الأسرار المقدسة. ثم نعود إلي خطايانا السابقة!! ويحتملنا الله ويطيل أناته علينا، حتى نتوب مرة أخري.. كم مرة يأتي موعد الصلاة، فتقول ليس لدينا وقت نصلي فيه. يقول التراب والرماد للخالق العظيم: ليس لدي وقت أكلمك!! ويحتمل الله عبده.. وكأنه يقول له: إن وجدت وقتًا افتكرني! حقًا ليتنا نتعلم دروسًا من معاملة الله ونحتمل الناس. نحتملهم كما يحتملنا الله. ونحتملهم لكي يحتملنا الله. لأنه يقول (بالكيل الذي تكيلون، يكال لكم ويزاد) (مت2:7) (مر24:4). بل تذكر كيف أحتمل الرب عذابات الصليب والإهانات السابقة للصليب، والتحديات المصاحبة للصليب التي تقول (لو كنت أبن الله أنزل عن الصليب وخلص، نفسك) (مت26: مر15). ولكنه أحتمل الاستهزاء ولم ينزل، بسبب محبته لنا، لكي يخلصنا. ونحن نقول له في القداس الإلهي: "احتملت ظلم الأشرار" وأحب أن أضيف إليها: واحتملت ضعف الأبرار. احتمل ظلم الأشرار الذين صلبوه، واحتمل ضعف الأبرار الذين هربوا وتركوه. احتمل من أنكره، ومن شك فيه. ومن قال لا أؤمن إن لم أضع إصبعي موضع المسامير.. حقًا أن المحبة تحتمل كل شيء. إن المسيح علي الصليب احتمل وحمل. احتمل كل التعييرات والعذابات، وحمل جميع خطايا الناس منذ بدء الخليقة إلي أخر الدهور. فليتنا نحتمل نحن أيضًا أخطاء المسيئين ألينا، ونحتملها في حب. هذا كله من جهة الناس. فماذا عن العلاقة بالله؟ الذي يحب الله، لا يتضايق من انتظار الرب، بل يحتمل. قد يصلي، ولا يجد أن الصلاة قد استجيبت، فلا يشك في محبة الله. ولا يظن أن الله قد نسيه، بل يحتمل هذا (التأخر) في الاستجابة، أو ما يظنه تأخرًا! لأن الله يعمل دائمًا في الوقت المناسب، حسب حكمته.. لذلك ما أعجب أبانا إبراهيم، الذي ينطبق عليه قول الرسول (المحبة تصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر علي كل شيء). لقد وعده الله بنسل، ومر علي ذلك أكثر من عشرون عامًا، دون أن تلد سارة. ولكن إبراهيم كان لا يزال يرجو ما وعده به الرب وصدقه وما زال يرجو. وولد له الابن بعد خمسه وعشرون عامًا من وعد الله. جميل قول المزمور: (انتظر الرب. تقو وليتشدد قلبك، وأنتظر الرب) (مز14:27). حقًا إن المحبة التي تصدق وعود الله، تستطيع أن تصبر علي كل شيء، وترجو كل شيء، وتنتظر الرب. وأيضًا تحتمل، مهما طال الوقت. كما قال المرتل (انتظرت نفسي الرب، محرس الصبح حتى الليل) (مز130). القلب الواسع المحب، يستطيع أن يصبر وينتظر. أما القلب الضيق أو الذي محبته قليلة، فهذا يتضجر. يريد أن يطلب الطلب، ويناله في التو واللحظة.. كذلك الإنسان المحب لله يحتمل التجارب والمشاكل. ولا تتزعزع محبته لله مهما طال وقت التجربة، أو ازدادت حدتها. بل يقول في ثقة (كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله) (رو8:28). وكما قال القديس يعقوب الرسول (احسبوا كل فرح يا أخوتي، حينما تقعون في تجارب متنوعة) (يع2:1). أن المحبة تحتمل كل شيء، في ثقة وفي غير تذمر. ولا تتعجل حل المشكلات، بل تنتظر الرب وتصبر. وتعطي المشكلة مدي زمنيًا يحلها الله فيها، في الوقت الذي يراه مناسبًا، وبالطريقة التي يراها مناسبة. والإنسان المحبة لله، يحتمل الضيقات المادية. ويقول مع القديس بولس الرسول (قد تعلمت أن أكون مكتفيًا بما أنا فيه.. تدربت أن أشبع وأن أجوع. أن أستفضل وأن أنقص..) (في 4: 11،12). (المحبة تحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء) (1كو7:13). وقد أسهبنا في عبارة (تحتمل..). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
المحبة تصدق كل شيء https://st-takla.org/Gallery/var/resi...--Bible-11.gif عبارة "تصدق كل شيء" يمكن ممارستها في علاقتنا بالله. نصدق كل مواعيده، وكل ما ذكره الكتاب عن محبته. نصدق مجيئه وننتظره. ونصدق محبته فنبادله الحب. ونصدق كلامه فنؤمن به. ولكن هل نستطيع أن نصدق الناس في كل شيء. مهما أحببنا الناس، لا نستطيع أن نصدقهم في كل ما يقولونه إن لم يكونوا أمناء. هوذا الرب يقول عن مجيئه الثاني (أن قال لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك، فلا تصدقوا. لأنه سيقوم مسحاء كذبه وأنبياء كذبه..) (مت24: 23، 24). يعقوب أبو الآباء صدق أولاده في أن وحشًا مفترسًا قد أفترس يوسف، وكانوا مخادعين (تك37: 31-35). وحذرنا الرب حينما قال (فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم، لأن الرب ألهكم إنما يمتحنكم..) (تث13: 1-3). المحبة تصدق، في الحالات الطبيعية. وفي غير ذلك فالمحبة لله أولًا، وتصدق الله أكثر من الناس. فلا تصدقوا كل ما يتعارض مع كلام الله. كذلك من الله (ترجو كل شيء). وفي غير ذلك يقول الكتاب: الرجاء بالله خير بالرجاء بالإنسان.. (مز118). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
قوة المحبة https://st-takla.org/Gallery/var/albu...alatians-5.gif قد تسقط المحبة بين الناس إذا اصطدمت مصالحهم فيما يتنافسون عليه. أما المحبة التي (لا تطلب ما لنفسها) (1كو5:13). فإنها لا تسقط أبدًا. كذلك قد تسقط المحبة بين اثنين إذا احتد أحدهما علي الآخر، أو سيرته أو ظن فيه السوء. أما المحبة التي لا تحتد ولا تقبح ولا تظن السوء (1كو13). فإنها لا تسقط أبدًا. المحبة الحقيقية التي وصفها الرسول هكذا، لا تسقط. وكما قيل في سفر النشيد: المحبة قوية كالموت.. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة، والسيول لا تغمرها) ( نش8: 6، 7). هي متقدة كالنار، ومياه كثيرة لا تطفئها، أي مهما حدث من تقصير، أو من إساءة، أو من إهمال، أو من عوائق.. لا يمكن لهذا المياه الكثيرة أن تطفئ المحبة.. فإن كانت المحبة قوية وثابتة، ولا يمكن أن تزعزعها الأسباب الخارجية أيًا كانت، كالبيت المبني علي الصخر. وينطبق هذا الكلام علي المحبة بين الله والإنسان. وكذلك علي المحبة بين الإنسان وأخيه الإنسان. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة الله للبشر تأملوا محبة الرب الذي أمكره بطرس وسب ولعن وقال (لا اعرف هذا الرجل) (مت26: 69-74).. بقيت محبته له كما هي لم تتأثر. وبعد القيامة ثبته في الرسولية، وقال له (إرع غنمي، إرع خرافي) (يو21). وهكذا فعل الرب مع باقي تلاميذه الذين خافوا وهربوا وشكوا.. بل محبة الرب التي لم تتأثر بما فعله صالبوه، بل غفر لهم، وقال للآب(يا أبتاه اغفر لهم، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون) (لو23: 34). حتى قائد المائة التي أشرف علي صلبه، أنعم عليه بالإيمان، فمجد الله قائلًا (بالحقيقة كان هذا الإنسان بارًا) (لو47:23). (حقًا كان هذا ابن الله) (مت54:27). وكثير من الكهنة الذين سعوا لصلبه، أحبهم وجذبهم إلي الإيمان (أع7:6). ومن الأمثلة البارزة للمحبة التي لا تسقط، محبة الله للمرتدين والخطاة في قبول توبتهم. لم يفقدوا محبته إذ أنكروه وجحدوه. بل قبلهم إليه مرة أخري، وهو يقول (هل مسرة أسر بموت الشرير - يقول السيد الرب؟! إلا برجوعه عن طرقه فيحيا) (مز23:18). وهكذا قبل كثيرًا من الخطاة، وفتح بابًا للتوبة، وجعل منهم قديسين.. وأعطاهم أكاليل. محبة الله لم تسقط من جهة شاول الطرسوسي الذي في بدء حياته اضطهد الكنيسة بكب عنف، وقال عن نفسه (أنا الذي كنت قبلًا مجدفًا ومضطهدًا ومفتريًا) (1تي13:1). ولكن محبة الرب اقتادته إلي التوبة، وجعله الرب رسولًا، ومنحه المواهب. وعملت النعمة فيه أكثر من الجميع (1كو10:15). ومحبة الرب التي لا تسقط شملت الشيوعيين الملحدين. واحتملت إلحادهم ونكرانهم له أكثر من سبعين عامًا، أقتادهم بعدها إلي الاعتراف بالإيمان، وأحب الرب الأمم العاقر لإيمانهم. وجعلها توسع خيامها، ويصير أبناؤها أكثر من كنيسة الختان ذات البنين (أش54: 1-3). ومحبة الله لم تسقط عن الذين عبدوا العجل الذهبي. حقيقي أنه أدبهم، لأن الذي يحبه الرب يؤدبه (عب12: 6) (أم12:3). وظلت محبته لا تتخلي عنهم. وأرسل الأنبياء ليقودهم إلي التوبة. ثم أرسل يوحنا بن زكريا ليهيئهم له شعبًا مستعدًا، يدخلون في معمودية التوبة. وصاروا هم النواة الأولي لشجرة الإيمان التي امتدت شرقًا وغربًا.. حقًا ما أوسع قلب الله في محبته، التي لا تسقط، بل للإنسان مهما أساء!! وتعطينا مثالًا حيًا لوصية: أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم (مت44:5). انظروا إلي معاملة الله ليونان الذي هرب من وجه الرب. لم تسقط محبته له علي الرغم من عصيانه وهروبه في سفينة إلي ترشيش،بل لأعد له حوتًا عظيمًا فابتلعه. واستجاب لصلاته في جوف الحوت، وأخرجه ليبشر نينوى ويقودها إلي التوبة. ولم تسقط محبة الله لما أغتاظ يونان بسبب قبول الله لتوبته نينوى، وقوله (أعطيت بالصواب حتى الموت) (يون9:4). ولاطفه حتى أقنعه.. وعن المحبة التي لا تسقط، أعطانا الرب مثل الابن الضال. فالآب لم تسقط محبته لابنه الذي ورثه في حياته وترك بيته وذهب إلي كورة بعيدة وأنفق ماله في عيش مسرف، بل قبله إليه وفرح به، وألبسه الحلة الأولي، وذبح له العجل المسمن. إن الله قد يختبر محبتنا له: هل تسقط أم لا.. لذلك يسمح بالضيقات أحيانًا، ويرى موقف محبتنا له إزاءها. وهل نصمد أم نهتز.. ولعلني أذكر هنا مثل تلك الأم القديسة، التي احتملت في أيام الاستشهاد أن يذبحوا أولادها علي حجرها، وهي تشجعهم وتقويهم علي احتمال الموت. ولم تقل لماذا يا رب تسمح لي بهذه التجربة التي حسب الطبيعة لا يمكن أن يحتملها قلب أم.. مقول هذا لتبكيت الذين إن حلت بهم تجربة ولو بسيطة، يتذمرون، وقد يجدفون علي الله. ويقولون: ما عدنا نصلي. ما عدنا نذهب إلي الكنيسة!! خسارة أن تسقط محبتنا أمام الباب الضيق والطريق الكرب! إن محبتنا لله يمكن أن تختبر بالضيقات. ومحبتنا للناس تختبر باحتمالنا لمعاملاتهم أو جحودهم أو إساءاتهم، لتعرف هل هي محبة حقيقية ثابتة لا تسقط أبدًا، أم هي غير ذلك: أنظر إلي بولس الرسول وهو يقول (من سيفصلنا عن محبة المسيح: أشدة أم ضيق أم اضطهاد، أم جوع أم عري، أم خطر أم سيف؟.. ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا..) (رو8: 35،37). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبة البشر لله المحبة الحقيقية لله هي لم تسقط، حتى عندما قال له: (خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحق.. واصعده محرقة علي احد الجبال) (تك2:22). بل ظلت محبة إبراهيم لله كما هي، أكثر من محبته لابنه الوحيد. ومحبة يوحنا الرسول للمسيح بقيت كما هي، لم تتأثر ولم تشك، حتى حينما رآه معلقًا علي الصليب وسط جو من الاستهزاء والتحدي، وهو ينزف دمًا. وبالمثل محبة يوسف الرامي، الذي لم يخف من أن يطلب جسد المسيح من بيلاطس) لو23: 52). علي الرغم من أن الانتساب للمسيح في ذلك الوقت، كان يعرض صاحبه للخطر. ولكن يوسف الرامي في محبته، لم يبال بالخطر، بل أكثر من هذا وهب قبره الخاص الجديد لكي يدفن فيه المسيح. وقام بتكفين المسيح ودفنه بالأطياب والحنوط، ولم يخف أن يقال عليه أنه من تلاميذه، في الوقت الذي خاف فيه بطرس الرسول! وفي ذلك الوقت، اشترك في تلك المحبة التي لا تسقط نيقوديموس الذي كان عضوًا في السنهدريم بينما اشتراكه في تكفين المسيح يعرضه لخطر من جهة أعضاء ذلك المجمع إلى حكم علي السيد المسيح بالموت. إنها المحبة التي لا تسقط بسبب العوائق.. تذكرنا بمحبة الشهداء للرب علي من التعذيب.. ظلوا محتفظين للرب وثباتهم في الإيمان، منتصرين علي كل الصعوبات، من جهة الإغراءات الشديدة، والسجون والجلد والتعذيب والإهانات، والآلام التي لا تطاق، والإلقاء للوحوش الجائعة المفترسة. ولكن في كل ذلك، محبتهم لله لم تسقط أبدًا.. وكمثال للحب، ونذكر إلقاء دانيال في جب الأسود، والثلاثة فتية في أتون النار. نذكر في هذا المجال أيضًا محبة يوليوس الأقفهصي. كاتب سير الشهداء، الذي كان يهتم بأجساد الشهداء وتكفينها ودفنها وكتابة سيرتها، في وقت كان فيه الاعتراف بالإيمان يعرض صاحبه للسجن والتعذيب والموت. ولكن محبة يوليوس الأقفهصي للرب ولا بنائه الشهداء،؟ لم تسقط أبدًا أمام هذا الخطر، الذي تحول إلي حقيقة. فأخيرًا نال هذا القديس إكليل الشهادة. كذلك المحبة التي لا تسقط، تظهر في احتمال التجارب. ومثال ذلل أيوب الصديق، الذي لم تهز محبته لله كل التجارب الشديدة التي تعرض لها، من جهة فقده لبنيه وبناته وكل ثروته، وفقده لصحته ومركزه وحتى احترام أصحابه له. وكان يقول (الرب أعطي الرب أخذ، ليكن اسم الرب مباركًا) (أي21:1). وحتى حينما كلمته امرأته، قال لها (تتكلمين كلامًا كإحدى الجاهلات. هل الخير نقبل من عند الله والشر لا نقبل؟!) (أي10:2)،وفي كل ذلك محبته لله لم تسقط، إلي أن رفع الرب التجربة عنه. ووبخ أصحاب أيوب قائلًا: لم تقولوا في الصواب كعبدي أيوب) (أي7:42). وقصة يوسف أيضًا ترينا محبته لله التي لم تسقط، علي الرغم من كل ما أصابه. فمن أجل أمانته لله ورفضه للخطية بقوله (كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلي الله؟!) (تك 9:39).. احتمل السمعة السيئة والسجن والاستمرار في حبسه سنوات، وهو الأمين في كل شيء من نحو الله والناس. ولكن محبته لله لم تسقط أبدًا ولم يتذمر قائلًا: ما هذا؟! كيف أجازي عن الخير بالشر. إلي أن كافأه الله أخيرًا، وما كان ينتظر كل تلك المكافأة. كذلك محبته نحو إخوته لم تسقط، علي الرغم من كل الشرور التي فعلوها به فاهتم بهم في زمن المجاعة. وأسكنهم في أرض جاسان. وطمأنهم هلي مستقبلهم ولم ينتقم. بل بكي تأثرًا لما عرفهم بنفسه (تك2:45). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
محبتنا لبعضنا البعض ومن الأمثلة البارزة للمحبة التي لا تسقط: المحبة الطبيعية. كمحبة الأم والأب. والأم التي مهما فعل ابنها وأخطأ، تظل علي محبتها له، كما ومحبه الأب التي يمثلها بصورة رائعة محبة داود لابنه أبشالوم الذي ثار عليه، وقاد جيشًا ضده ليستولي علي مملكته، ودخل إلي قصره وأساء إلي سراريه (2صم15-18). ولكن داود بكي عليه بكل محبة (2صم33:18). وفي هذه الواقعة يمثل أبشالوم شذوذًا في المحبة الطبيعية. والمحبة التي لا تسقط، تظهر في المغفرة للمسيئين. وفي ذلك نذكر سؤال الرسول للرب: (كم مرة يخطئ إلي أخي وأنا أغفر له؟ هل إلي سبع مرات؟ فأجاب (لا أقول لك سبع مرات، بل إلي سبعين مرة سبع مرات) (مت18: 21، 22). هذه هي المحبة التي لا تسقط أبدًا، مهما كان عدد الإساءات التي تتعرض لها حتى إلي سبعين مرة سبع مرات..! إنها تدل علي القلب الواسع الذي يحتمل.. كذلك ماذا عن محبتنا لبعضنا البعض؟ هل تصرف معين، بسببه تفك خطوبة، أو به يصل زوجان إلي محاكم الأحوال الشخصية وإلي الطلاق! وتسقط المحبة التي عاشت في ظل الزوجية سنوات!! وهل بتصرف معين، يفقد الأصدقاء محبتهم القديمة، ولا تبقي أمامهم سوي الإساءة الحاضرة وليس غير؟! إلي هنا وأحب أن أنتهي من تأملاتنا في (1كو13). |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى في رسائل السيد المسح إلي ملائكة الكنائس السبع، قال: (أكتب إلي ملاك كنيسة أفسس.. أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك.. وقد احتملت ولك صبر، وتعب من أجل اسمي ولم تكل. ولك عندي عليك أنك تركت محبتك الأولي. فاذكر من أين سقط وتب..) (رؤ2: 1-5). عبارة) عندي عليك (تدل علي أن الله يعاتب أحباءه. ولولا أنه يحب ذاك الشخص ما كان يعاتبه.. بل كان يحمله إلي مصيره. وهو هنا في هذا العتاب، يذكر لملاك أفسس أعماله الطيبة، قبل أن يذكر ما يؤاخذه عليه.. إن الله يعاتب من كانت له محبة من قبل. ولكنها الآن قلت عن ذي قبل. لم يذكر له أخطاء معينه، لخصها كلها في عبارة واحدة أنه ترك محبته الأولي.. يكفي أمك لم تعد تحب كما كانت من قبل. وهذه العبارة قد توجه إليك من الله أو من الناس، من بعض أصحابك.. (عندي عليك أنك..) أي لي شيء أعاتبك عليه. مثلما قال الرب في العظة علي الجبل (إن قدمت قربانك علي المذبح، وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك..) (مت23:5). أي أنه يمسك عليك شيئًا. العجيب أن عبارة "تركت محبتك الأولي" يقولها الرب لإنسان له مكانة كبيرة جدًا. إنه لا يقولها لشخص ضائع، أو خاطئ، ولا لإنسان عادي، وإنما لملاك كنيسة، لشخص كائن في يمين الرب، وله جهاد في الكنيسة، وقد احتمل، وله صبر، وقد تعب من أجل أسم الرب ولم يكل، عجيب أن إنسانًا من هذا النوع، محبته تضيع كل هذا يرينا أنه يجب أن نكون حريصين ومدققين، نلاحظ أنفسنا مهما كبرنًا.. ونلاحظ هنا أنه يقول للملاك: اذكر من أين سقطت. علي الرغم من تعبه الكثير من اجل الله، إلا انه يقول له (سقطت.. وتب..) شيء عجيب، أن ملاكًا كهذا يحتاج إلي التوبة.. ليس معني هذا أنه أرتد!! كلا ولكن مجرد تركه لمحبته الأولي، اعتبر سقوطًا. عبارة محبتك الأولي، تعنى أنه بدًا علاقته مع الله بداية طيبة. كان له حب، ولكنه لم يستمر. والله هنا لا يدعوه إلي أن يتعلم الحب في حياته، إنما يدعوه أم يرجع إلي المحبة التي كانت له من قبل.. حقًا، كم من إنسان بدًا التوبة بحرارة شديدة جدًا، ولكنه بمرور الوقت فقد حرارته. ويبحث عنها الآن فلا يجدها. أو أنه بدأ الخدمة بغيرة مقدسة للغاية، ثم فترت غيرته شيئًا فشيئًا. في بدء حياته في التوبة، بدأ بانسحاق قلب عجيب، وباتضاع شديد. بل كان يدخل الكنيسة في شعور عميق بعدم الاستحقاق. يقول في نفسه (من أنا حتى أقف مع هؤلاء القديسين؟).. خطاياه القديمة كانت تملأ عينيه بالدموع وتملأ قلبه بمشاعر المذلة والانسحاق. وبمرور الوقت صار من التائبين، ثم من الخدام، ثم من القادة الذين يديرون الكنيسة. ويبحث عن نفسه فلا يجدها. ويسمع الرب يقول له (تركت محبتك الأولي).. يا ليتك كنت قد احتفظت بمحبتك بمجرد نقط البدء. هنا نري عجبًا.. المفروض أن الإنسان الذي يبدأ بداية طيبة، يظل ينمو ويزداد، حتى يصل إلي الكمال الممكن.. أما أن إنسانًا يبدأ حسنًا ثم يقل ويقل، وينحدر إلي أسفل. حتى يقول له الرب أنك تركت محبتك الأولي.. فإن هذا الأمر يدعو إلي الأسى حقًا.. قد تعاتب شخصًا علي ترك محبته الأولي، فيقول لك: كيف هذا؟ هل أنا أخطأت في حقك في أي شيء؟! وأنت تجيب: المسألة ليست مسألة خطأ، وإنما مشاعر.. إنها أمور تحس.. وليس مسألة نقاش واقتناعات. إنه يسلم عليه، ولكن ليس بالحرارة السابقة.. يقابله بعبارة طيبة، ولكن ليس بالفرح القديم. لا يفرح بالوجود معه.. لا يسعى إلي لقياه.. ليس له نفس الاشتياق القديم، ولا اللهفة القديمة. حقًا إنه لا يخطئ إليه ولكن في نفس الوقت، ليس له مشاعر الحب. لا يظهر الحب في لهجته، ولا في صوته، ولا في عينيه، ولا في ملامحه، ولا في ألفاظه، ولا في حرارته. هل تظنون أن الحب يقرأ ويكتب ويقال؟ إنه يحس.. هذا بالنسبة إلي الناس، وبالنسبة إلي علاقتك بالله أيضًا. أنت تصلي، ولكن بدون اشتياق إلي الله. لست في صلاتك مثل داود الذي يقول (باسمك ارفع نفسي إليك يا الله، كما تشتاق الأرض العطشانة إلي الماء) (محبوب هو اسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي). تصلي ولكن لا حرارة في الكلام، ولا اشتياق، ولا رغبة في البقاء مع الله. لك الصلاة، ولكن بدون صلة!! كلام..! مجرد كلام! وكما قال الرب (هذا الشعب يكرمني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عني بعيدًا) وتقف تصلي، وأثناء صلاتك يقول لك الله (عندي عليك أنك تركت محبتك الأولي)،.تقول له: هل أنا يا رب قصرت في صلاتي؟ أو قللت مزاميري أو تأملاتي أو قراءاتي؟ جدولي الروحي منتظم.. يقول لك إنك تثق بي كل الثقة. حاليًا تشك في المحبة في التصرفات، تشك في علاقتي بك.. قديمًا لا تحتمل كلمة رديئة تقال علي الآن أنت تحتمل! كنت لو تسمع كلامًا ضدي، بكل قوة تدافع.. أما الآن فإنك تسمع ولا تدافع، أو تطلب باقي الكلام وتصدق وتشك. وجائز أن تنضم للمقاومين. مع الله أيضًا، يبدأ الإنسان حياته بثقة كاملة. يثق به، وبمواعيده، وبمحبته، ورعايته ومعاملاته، وصلاح مشيئته. حتى إن أصابته التجارب، يقول (المر الذي يختاره الرب لي خير من الشهد الذي اختاره لنفسي).. حاليًا، إذا لم تعد المحبة كما كانت من قبل، بيدًا العتاب: لماذا يا رب تعاملني هذه المعاملة؟ لماذا أصلي ولا يستجيب؟ لماذا نذرت نذرًا ولم يتحقق ما طلبته؟ لماذا رفعت قداسًا ولم أحصل علي نتيجة؟ لماذا لم أحصل علي الوظيفة، أو علي الترقية؟ لماذا سمحت أنني أرسب؟ لم يبق سوي أن تعاتب الله، وتقول له: عندي عليك، أنك تركت محبتك الأولي..!! ويجيب الله: أنت الذي فقدت الثقة، أو فقدت الإيمان.. نقطة أخري: في محبتك الأولي، لم تكن تفضل شيئًا ولا أحد علي الله. كانت الأولوية له. هو الأول وقبل كل شيء، بل هو كل شيء.. أما الآن فتقول له: إن أنا وجدت وقتًا يا رب، فإني أصلي وأقرأ وأتأمل.. وإن وجدت عندي قوة وصحة، حينئذ سأصوم واخدم.. وإن بقي عندي فائض بعد سداد كل احتياجاتي ومطالبي، ففي تلك الحالة سأدفع العشور أو البكور. وإلا فعذري في كل ذلك معي، ويصبح الله في أخر القائمة!! ما الذي حدث؟ أين أفضلية الله وأولويته في ترتيب اهتماماتك؟! لقد تركت محبتك الأولي. تغيرت عن وضعك القديم. ينظر إليك الله يقول: ليس هذا الإنسان الذي كنت اعرفه منذ سنوات. إنك إنسان آخر لست نفس الشخص الذي كان يحبني ويفرح بي. لقد تغيرت وتركت محبتك الأولي. مع أنك تعبت من أجل اسمي ولم تكل. لكنك تتعب، من غير حب مثل إنسان له نشاط هائل في خدمة الكنيسة واجتماعاتها، وفي كل لجانها ولكن أين وجود الله في قلبه؟ لا وجود ولا حس. كزوجة لا تشعر بمحبة زوجها نحوها، ومع ذلك هو دائم العمل، ودائم الغياب وإن عاتبته، يقول لها أنا أكد وأتعب من أجلك. لأصرف علي البيت. وهي تسأل عن العاطفة فلا تجدها.. صحيح تعبت من أجل اسمي ولم تكل.. لك خدمة ولكن بغير حب. يشبه هذا الوضع، الابن الكبير، في قصة الابن الضال. لقد قال لأبيه (ها أنا أخدمك سنين هذا عددها، وقط لم أتجاوز وصيتك) (لو29:15). ومع ذلك لم تكن مشاعره مع أبيه. وكانت مشيئته ضد مشيئة الآب.. ورفض دخول البيت، ورفض الاشتراك في فرح أبيه بأخيه، ووصف أباه بالظلم، والبخل (قط تعطني جديًا لأفرح مع أصدقائي.. ولما جاء ابنك هذا..) وهكذا كان يشك في محبة الآب.. أحيانًا أشخاص تكون لهم العلاقة الظاهرية، وليس لهم العلاقة القلبية ومشاعرهم.. كصديق قديم يقابل صاحبه، ليس حبًا في اللقاء، إنما خوفًا من أن تنقطع العلاقة تمامًا.. إذ لم يبق من هذه العلاقة سوي خيط رفيع، لا يريد له أن يقطع.. فالمقابلة مجرد رسميات.. كشخص يذهب إلي العمل لمجرد أن يوقع بالحضور، ولكن لا رغبة له في العمل. أو آخر يحضر حفله لزميله، لئلا يتأثر أو يعاتبه علي عدم الحضور، ولكن بدون شعور.. إنسان يتحرك - حتى في روحياته - بطرية روتينية. يصلي، يصوم، يقرأ، يتأمل، يحضر إلي الكنيسة، يعترف، يتناول.. ولكن أين محبة الله؟ لا وجود لها في كل ممارساته هذه.. سلسلة واجبات روحية! يخشى أن يمتنع عنها لئلا يوبخه ضميره ولكنه لا يعملها بحب.. تركت محبتك الأولي الاشتياق القديم إلي الله.. وكأن الله الذي يقول (يا ابني أعطني قلبك) (أم 26:23). أين الاشتياق القديم إلي الله.. وكأن الله يقول لك: لست أنت الذي كنت أعرفه من قبل.. كنت أعرفك نارًا تتقد. أما الآن فمجرد ماكينة تدور.. آله تدور وتنتج. ويمكن أن تتحرك بالريموت كنترول، دون أن تلجأ إلي روح الله ليحركها.. عذراء النشيد كانت له محبة كبيرة تمثل علاقة الكنيسة أو النفس البشرية بالله. ثم جاء وقت، وقف فيه الله علي بابها يقرع ويقول (افتحي لي يا حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي. فإن رأسي قد امتلأت من الطل، وقصصي من ندي الليل) (نش5: 3،3). وللأسف هي تجيب (خلعت ثوبي، فكيف ألبسه؟ غسلت رجلي فكيف أوسخهما)!! أين المحبة الأولي؟ حاليًا توجد مكانها أعذار..! حاليًا نعتذر عن صلتنا بالله، ونقدم عوائق وتبريرات. عندما تكون محبتنا لله متقدة، لا نبالي مطلقًا بالعوائق بل ننتصر عليها. ولكن حينما تقل المحبة، تبدأ الأعذار في الظهور. ونحن شبان في الخدمة، ذهبنا لنفتقد شابًا تخلف فترة طويلة عن اجتماع الشبان، فوجدناه قد وقع في عادة التدخين، وأخذ أحدنا يشرح له أضرار التدخين، وآخر يكلمه عن القدوة الصالحة، وثالث يقنعه بآيات وبراهين. ولكن واحدًا منا كان يتكلم دائمًا بأسلوب روحي، قال له (أريد أن أسألك سؤالًا واحدًا: هل أنت تحب الله كما كنت تحبه من قبل؟!). حقًا، عندما تقل المحبة: يبدأ الإنسان أن يحتاج إلي الآيات والاقناعات والبراهين.. أيام زمان، كنت تلقي نفسك علي الله إلقاءًا، أما الآن فإنك تناقش.. كل نصيحة وكل توجيه وكل أمر. تريد أن تقتنع.. وربما ترفض الإرشاد كأنه غير مقبول.. والحقيقة أنه ليس الإرشاد غير المقبول، وإنما المحبة غير موجودة.. حتى الآيات تريد لها تفسيرًا يناسب رغباتك.. أما في أيام المحبة الأولي، فلم تكن فقط تطيع كل الأوامر، إنما حتى الإرشاد.. حتى مجرد أن تشعر أن هذا التصرف غير مقبول، لا تعمله.. ومع الله، أي شيء تشعر أن الله لا يرضى عنه، ترفضه بغير حادة إلي إقناع.. أنت غير محتاج أن تعرف الحكمة من الوصية، يكفي أنها وصية، قلبك هو الذي يقودك إلي الله. وليست حكمتك البشرية وعقلك البشري.. نقطة أخري في العلاقة مع الله، وهي المشغوليات: حينما تقل محبتك لله، تصبح مشغولياتك عذرًا تبرر به بعدك عنه. أصبحت تنشغل بغيره، أعمالًا أو أشخاصًا.. وتفضل هذه المشغوليات عليه والعيب ليس في المشغوليات، إنما في قلة محبتك. إذا لم تكن هكذا قبلًا.. ولكن محبتك لله ظلت تقل حتى لم تبق من علاقتك بالله سوي الإيمان.. وما يتعلق بهذا الإيمان مجرد رسميات أو شكليات.. كإنسان يقابل صاحبه فيقبله. إنها قبلة، ولكن بغير حب. مجرد مظهر.. كثيرًا ما يحدث في المقابلات وفي الزيارات، وحتى في الكنيسة، نقبل بعضنا بعضًا. ولكن لا تمتزج القبلة بمحبة. إنها قبلة رسمية، وليست قبلة عاطفية. مثال ذلك. من ناحية أخري - إنسان يعترف أمام أب الاعتراف، ولكن بغير انسحاق، بغير ندم بغير توبة.. أو إنسان يدخل إلي الدير أو إلي الكنيسة، ولكن بغير خشوع.. أو إنسان تحت عبارة الأبوة والبنوة التي تربطه بالله، ينسى نفسه.. وقد يدخل إلي الكنيسة وكل اهتمامه ليس في صلته بالله، وإنما في مراعاة النظام بين المصليين.. وتسأله عن انشغاله فيقول لك (الغيرة المقدسة).. الغيرة يا أخي تكون -قبل النظام- علي مدي صلتك بالله. في بدء الحياة مع الله، كان الإنسان منشغلًا بالله، أما الآن فهو منشغل بخطايا الآخرين.. ليست المشكلة هي موضوع الإدانة، بل ترك محبته لله، وأصبح - حتى داخل الكنيسة - ينشغل بالناس. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
أمثلة لترك المحبة مثل من الأمثلة العجيبة في ترك المحبة الأولي، هو سليمان الحكيم. ربما تنطبق عليه عبارة القديس بولس الرسول (والآن أذكرهم وأنا باك) (في18:3). سليمان هذا بدأ بداية عجيبة. محبة لله، وظهر له الله مرتين، وكلمه فمًا لأذن، ومنحه موهبة الحكمة، ومنحه جلالًا ملوكيًا. وسمح له أن يبني هيكله، الأمر الذي لم يسمح به لداود أبيه.. وع كل ذلك ترك سليمان محبته الأولي (ولم يكن قلبه كاملًا مع الرب ألهه كقلب داود أبيه) (1مل4:11). أزاغته النساء. ومحبته للنساء أضاعت محبته لله!! كما أزاغه الترف ومهما اشتهته عيناه لم يمنعه عنهما (جا10:2). وانشغل بالمتعة أكثر من الانشغال بالله. ومن الذين تركوا محبتهم الأولي أصحاب أيوب، وأصحاب داود. أصحاب أيوب الثلاثة، حينما رأوه في تجربة (رفعوا أصواتهم، وبكوا. ومزقوا كل واحد جبته، وذروا ترابًا فوق رؤوسهم) (أي12:2)،ولكنهم بعد قليل بدأوا يناقشونه، ثم يتهمونه ويجرحون شعوره، حتى قال لهم (معزون متعبون كلكم..) (أي2:16). وأصحاب داود كثير منهم فارقوه، وانضموا إلي ثورة أبشالوم ضده، لما رأوا تفوق أبشالوم.. تركوا محبتهم الأولي، والبعض منهم انتقدوه، والبعض شتموه. ونسوا أنه مسيح الرب، ونسوا افتخارهم القديم به.. إنها لم تكن خطية لسان، إنما خطية قلب. قلب ترك محبته، فظهر ذلك علي لسانه. لأنه (من فيض القلب يتكلم اللسان). كإنسان جوفه مريض، فيظهر علي جلده.. إنسان يعاتب صاحبه بطريقة جارحة، إنما يدل علي أنه ترك محبته الأولي، التي كان أثناءها يحرص علي كل لفظ، بل يحرص علي ملامحه.. |
رد: كتاب المحبة قمة الفضائل
الله يعاتب أولاده الله يعاتب أحباءه. أما أعداؤه فيعاقبهم. إنه يذكرهم بماضيهم الحلو معه (تركت محبتك الأولي). إنه يعاتب الذي يمكن أن يرجع إلي المحبة الأولي التي اختبرها قبلًا. والآن قلت أو ضاعت. غالبًا قلت.. الله يهتم بهذه المحبة ويركز عليها. لأنه يريد القلب قبل كل شيء. وليس مجرد الممارسات. فقد لام أولئك الذين يقتربون إليه بالصلاة. وقلوبهم بعيدة عنه. فقال (يقترب إلي هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه. أما قلبه فمبتعد عني بعيدًا) (مت8:15). إنه يعاتب أولاده الذين تركوه أو لم يعرفوه. فيقول في سفر إشعياء النبي (أسمعي أيتها السموات، وأصغي أيتها الأرض، لأن الرب يتكلم: ربيت بنين ونشأتهم. أما هم فعصوا علي) (أش2:1). أغن يعاتب كرمه الذي اعتني به، وقال عنه (ماذا يصنع أيضًا لكرمي، وأنا لم أصنعه؟! لماذا إذ انتظرت أن ينتج عنبًا. انتج عنبًا رديًا (أش4:5). |
الساعة الآن 11:53 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025