منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الرب يسوع المسيح الراعى الصالح (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=17)
-   -   رؤية شاهد عيان على آلام المسيح وقيامته (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=105730)

Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:06 PM

الفصل السابع والخمسون
وضع جسد الرب في القبر


وضع الرّجال الجسدَ المقدّسَ على حاملة يد جلديةِ، مغَطّاة بقماشِ أسود، ذات عصاتان طويلتان. هذا ذَكّرني بتابوت العهدِ. وضع نيقوديموس ويوسف الرامى طرفي العصيتان على أكتافها وسارا فى الأمامِ، بينما ابن ادار ويوحنا من الخلف. بعدهم جاءَت العذراء المباركة، مريم التى لهالى شقيقتها الكبرى، المجدلية ومريم التى لكلوبا، وبعد ذلك مجموعة من النِّساءِ اللواتي كن جالساتُ على مسافة قريبة, فيرونيكا، يونا التى لجوزى، مريم أمّ مرقص، سالومه زوجة زبدي، مريم ابنه سالومه، سالومه التى من أورشليم، سوسنة، وحنا أبنه أخ القديس يوسف النجار. كاسيوس والجنود فى نهاية الموكبَ. النِّساء الأخريات، مثل مارونا التى من ناين، دينا السامرية، ومارا السوفانيه، كَاناَ في بيت عنيا، مع مرثا ولعازر. أحضر جنديان مشاعل في أياديهم، سارا فى الأمام، ليضيئا القبرِ؛ واستمر الموكب يَتقدّمَ بهذا الترتيب حوالي سبع دقائقِ، الرّجال والنِّساء أنشدوا مزامير بنبرات حلوةِ لكنها حزينة. رَأيتُ يعقوب الكبير، شقيق يوحنا، واقفا على تلِ فى الجانبِ الآخرِ من الواديِ، ليراهم عندما يعُبِرون، ورَجعَ فى الحال بعد ذلك ليُخبرَ التّلاميذ الآخرين بما رَأىَ.
توَقفَ الموكبُ عند مدخلِ بستان يوسف الرامى الذي فُتِحَ بإزالةِ بعض الأوتاد. ووضعوا الجسد المقدس قبالة صّخرة، على لوح طويلُ مُغطى بملاءة. الكهف، الذي قَدْ نُحت حديثاً، كَانَ خدم نيقوديموس قَدْ نُظّفَوه مؤخراً، ليكون من الدّاخلَ مُرتب. جلست النِّساء القدّيسات أمام الكهف، بينما حمل أربعة رّجالَ جسد الرب، مصطبة مجوفة جزئيا مُعدة لوضع الحنوط العطريِ، وموضوع عليها قطعة قماش، وضعوا عليها الجسدَ المقدّسَ بإجلال. بعد ما عبروا جميعا مرة أخرى عن محبّتهم بدّموعِ، تَركوا الكهفَ. ثم دخلت العذراءِ المباركِ، جلستَ بقربَ رأسِ ابنها الحبيب، وانحنت على جسده بدّموعِ غزيرة. عندما تَركتْ الكهفَ، تقدمت المجدلية بعجالة ولهّفة، ونثرت بعض الزّهورِ والأغصان التي كانت قَدْ جمّعتْها من البستان على الجسدِ. ثم شَبكتْ يديها وببكاءِ قَبّلتْ قدمي يسوع؛ لكن الرّجالَ بعد ما اعلموها إنهم يَجِبُ أَنْ يَغْلقوا القبر، رَجعتْ إِلى النِّساءِ الأخرياتِ. غَطّوا الجسدَ المقدّسَ بأطراف الملاءة التي كان يرقد عليها، ووَضعواَ فى النهاية مفرش أسود، وأغَلقواَ الباب الذى كان يطوي ومصنوع من معدن بُلَوَّنِ برونزي، ووضعوا أمامه عصاتان، واحدة رأسية والأخرى أفقية ليُشكّلاَ شكل صليب .
الحجر الكبيرة الذي اعتزموا أَنْ يَغْلقوا القبر به، والذي كان ما زال أمام الكهف، كَانَ طوله بطول رجلِ وكان ثقيلاً جداً حتى أنه بالعتلاتِ فقط أستطاع الرّجال أَنْ يدحرجوه أمام بابِ القبرِ. مدخل الكهفِ أغُلِقَ ببوّابة ِمصنوعة من الأغصان المجدولة معا. كل شيء قَدْ عُمِلَ داخل الكهف كَانَ لابد أَنْ يُتمَّ بضوء المشاعل، لأن ضوء النهارِ لم يكن يدخله.



Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:06 PM

الفصل الثامن والخمسون
العودة من القبر
وضع يوسف الرامى في السّجن




السبت كَانَ يلوح، وعاد نيقوديموس ويوسف الرامى إِلى أورشليم من بابِ صغيرِ غير بعيدَ عن البستان، والذي سُمح ليوسف الرامى أَنْ يفتحه في سور المدينةِ. اخبرا العذراءَ المباركةَ والمجدلية ويوحنا وبعض النِّساءِ الذين كَانوا عائدين للجلجثةِ كى يَصلّوا هناك، بأن هذا البابِ، بالإضافة إلي باب علية صهيون، سَيَفْتحُ لهم فى أى وقت. شقيقة العذراءِ المباركةِ، مريم التى لهالي، رَجعَت إِلى المدينةِ مع مريم أمّ يوحنا وبعض النِّساءِ الأخرياتِ. ذهب خدم نيقوديموس ويوسف الرامى إلى الجلجثةِ ليَجْلبوا الأشياء التي تُرِكتْ هناك.
أنضم الجنود لزملائهم الذينَ كَانَ يَحْرسُون بوّابة المدينةَ قُرْب الجلجثة؛ وذهب كاسيوس إلى بيلاطس وقص عليه كل ما رآه، ووَعدَ أَنْ يَعطيه تقرير كامل عن كل شيءِ سيَحْدثَ إن وَضعُ تحت سيطرته الحراسِ الذين يَسْألونه اليهود أَنْ يَضعهم حول القبرَ. استمعَ بيلاطس لكَلِماته برّعبِ ، لكن اخبره في رده أن خرافاته تبَلغ الجنونِ.
التقى يوسف الرامى ونيقوديموس ببطرس ويعقوب الكبير والصغير في المدينةِ. ذرفوا جميعاً دّموعِ غزيرة، لكن بطرس كان مغُموِراَ تماماً بالحزن. لقد عَانقهم ولام نفسه لكونه لم يكن حاضر موتِ مُخلّصنا، وشَكرهم لكونهم أدوا مناسك الدفن لجسده المقدّسِ. اتفقوا على أنّ بابَ علية صهيون سيكون مَفْتوحَ لهم فى أى وقت، وبعد ذلك خَرجوا لينشدوا بعض التّلاميذ الآخرين الذين تشتتوا في جهاتِ متعدّدةِ. بعد ذلك رَأيتُ العذراءَ المباركة ورفاقها يَدْخلونَ علية صهيون؛ كذلك أتى ابن ادار وقَدْ أمن؛ تجَمّع جزء عظيم من الحواريين والتّلاميذ هناك. النِّساء القدّيسات شغلن جزءِ من البنايةِ حيث كانت العذراء المباركة توجد. تناولوا بعض الطّعامِ، وصَرفوا مزيد من الدقائق فى البكاء، وروت كل واحدة منهن على الأخريات ما قَدْ رَأتهَ. غير الرّجال ملابسهم وقد رَأيتهم يَقفونَ أسفل مصباحِ ويَحْفظونَ السبت لكن بدون الاحتفال بأي طقوس ، لأنهم كانوا قَدْ أكلوا حمل الفصح فى الليلة السابقة. لقد كَانوا جميعا قلَقينِ في الرّوحِ، وملآنين بالأسىِ. قضت النِّساء القدّيسات وقتهم في الصَّلاةِ مع العذراءِ المباركةِ تحت القنديلِ. فيما بعد، عندما غشى الليل تماماً، جاء لعازر وأرملة ناين والمرأة السّامرية دينا، ومارا التى من سوفان , جاءوا من بيت عنيا، وبعد ذلك، مرة أخرى، وُصف كل ما قَدْ حَدثِ، وذُرفت دموعِ غزيرة .
دينا، المرأة السّامرية، هى نفسها التي تَحدّثَت مع يسوع عند بئر يعقوب. لقد ولدَت قُرْب دمشق، من والدينِ كَاناَ أحدهم يهوديَ والأخر من الأمم. لقد مات والداها منذ الصغر، ولِكَونِها رُبّيتْ مِن قِبل امرأةِ سيئةِ، نبتت شرورها في قلبها مبكّراَ. لقد كان لها بِضْع أزواجَ، الذين كان كل واحد منهم يحل محل الأخر تباعاً، والأخير عِاش في سوخار، حيث تبعته وغَيّرتْ أسمها من دينا إِلى سالومه. كَانَ عِنْدَها ثلاثة بنات وابنان، الذين تبعا التلاميذ بعد ذلك. الراهبة إميريتش كَانتْ تَقُولُ بأنّ حياةَ هذه المرأةِ السّامريةِ كَانتْ نبويةَ لأن يسوع قَدْ تَكلّمَ إِلى كل طائفةِ السّامريّين في شخصها، وأنهم قَدْ ارتُبِطوا بأخطائهم برباطات عديدة بقدر ما ارتكبتْ هى من زنا.
مارا التى من سوفان كَانتَ موآبية، جاءت من سوفان، وكَانتَ من نسل عُرْفَةُ، أرملة كِلْيُونَ ابن نعمى. عُرْفَةُ تَزوّجَت ثانية في مؤاب. مِن قِبل عُرْفَةُ، زوجة شقيق زوج راعوث، مارا كانت ذات صله بعائلةِ داود، الذي جاء يسوع من نسلهَ. الراهبة إميريتش رَأتْ يسوع يُخرج من مارا أربعة شياطينِ ويمنحها مغفرة آثامها فى التاسع من سبتمبر فى السّنةِ الثّانية من حياته العامّةِ. لقد كَانتْ تَعِيشُ في عين نون، بعد ما طُلقت مِن زوجها، وهو يهودي غني، الذي أحتَفظَ بالأطفال الذين أنجبهم منها. لقد كَانَ لها ثلاث أطفال آخرين من الزنا.
تقول الراهبة إميريتش : " لقد رَأيتُ كيف أن الفرعَ الضّالَّ من شجرة داود قَدْ تنُقّى داخلها بنعمةِ يسوع، وانضمت لحضن الكنيسةِ. أنا لا أستطيع أن أعبر كم عديد من هذه الجذورِ والأغصان رأيتها تُصير مَضْفُورة كل منها مع الأخرى، تُفقد، وبعد ذلك تأتى إلى النور مرة أخرى. "
عاد يوسف الرامى إلى البيت متأخّراَ من علية صهيون، وكَانَ يَمْشي بشكل حزين جداً فى شوارعِ صهيون، يرَافقهَ بعض التلاميذ والنِساءِ، فجأة هاجمتهم فرقة من الرّجالِ المُسَلَّحين كَانوا كامنين بجوارِ محكمة قيافا، وقبضوا على يوسف الرامى، وهرب رفاقه وهم يطلقون صيحات الفزع. لقد سجنوه في برجِ متاخمِ لسور المدينةِ، لَيسَ بعيدَا عن المحكمةِ. هؤلاء الجنودِ كَانوا وثنيين، وليس عليهم حْفظ السبت، لهذا كان قيافا قادرَ أَنْ يستخدمهم فى السبتِ. كَانتْ النّية مُبيته أَنْ يُتْركَ يوسف الرامى حتى الموت جوعاِ، ويظل اختفائه سرا.
هنا ينتهي وصفُ كل ما حْدُثِ فى يومِ آلام إلهنا؛ لكننا سَنُضيفُ بعض الأمور الإضافيةِ التى تختص بيوم السبت من حيث الهبوط إلي الجحيم والقيامة .




Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:07 PM

الفصل التاسع والخمسون
أسم الجلجثة


بينما كنت أتَأَمُّلَ فى أسم الغولغوثا أو الجُلجثة، موضع الجمجمة، الذى أطلق على الصّخرةِ التي صُلِبَ عليها يسوع، اصبح مستغرقة بعمق في التّأملِ، وأنَظر بالرّوحِ كل الأجيال من زمن آدم وحتى زمن المسيحِ، وفي هذه الرؤى صار أصلِ هذا الاسم معُروِف لي. وها أنا أَعطي هنا كل ما أَتذكّرهُ عن هذا الموضوعِ.
لقد رَأيتُ آدم، بعد أن طُرد من الفردوس، يَبْكي في المغارة التى عرّقَ فيها يسوع دمَا وماءَ، على جبل الزيتون. رَأيتُ كيف قَدْ وُعِدَ شيث إِلى حواءِ في مغارة مزود البقر في بيت لحم، وكيف أنها ولدته في نفس ذلك الكهفِ. رَأيتُ حواء تعيش في بعض المغائر قُرْب حبرون " الخليل حاليا"، حيث تأسس دير للرهبان اليونانيين بعد ذلك.
ثم رأيت البلدة التى بنيت حيث توجد أورشليم حاليا، كما ظْهرت بعد الطّوفانِ، الأرض كَانتَ كلها غَيْر مأهولة، حجرية، سوداءِ، ومختلفة جداً عن ما سَبَقَ آن كَانتَ عليه من قبل. على عمقِ هائلِ تحت الصّخرةِ التي تُكوّنُ جبلَ الجلجثة ( الذي قَدْ تشُكّلْ في هذه البقعةِ بتدفق المياهِ )، رَأيتُ قبرَ آدم وحواء. رّأس وأحد الأضّلع كَاناَ مفقودان من أحد الهياكل العظميةِ، والرأس الباقية قَدْ وُضِعت ضمن الهيكل العظمي الذي لا يخصها. عظام آدم وحواء لم تترك كلها فى هذا القبرِ، لأن نوح أخذ البعض منها معه في السّفينةِ، وقَدْ نُقلوا من جيلِ إِلى جيلِ من قبّل البطاركةِ. نوح، وأيضا إبراهيم، كَاناَ يضعان دائما بعض من عظامِ آدم على المذبحِ عندما يقدمان ذبيحة، ليُذكّراَ الرب بوعده. عندما أعطى يعقوب ليوسف قميصه الملون، أعطاه في نفس الوقت بعض من عظامِ آدم، لتُحْفَظُ كآثار مقدَّسة‏. كان يوسف يلَبسهم دائما على صدره، وقَدْ وُضِعوا مع عظامه في وعاء الذخائر المقدسةِ الذي أحضره أبناء إسرائيل من مصر. لقَدْ رَأيتُ عديد من الأمور المشابهةِ، لكن البعض قَدْ نَسيتُه، ومرات أخرى أفشل فى أن أَصفَها.
فيما يتعلق بأصل أسم الجلجثةِ، ها أنا أَعطي هنا كل ما اَعْرفُه. لقد رأيت الجبلَ الذي يَحْملُ هذا الاسم كما كَانَ في وقتِ النّبيِ إيليا. لم يكن حينئذ على نفس الشكل الذى كان عليه فى وقت صّلبِ إلهنا، بل كَانَ تلَ، بعديد من الأسوار والمغائر التى تُشْبهُ القبورَ فوقه. رَأيتُ النبيَ إيليا يَنزل في هذه المغائر، أنا لا أستطيع أَنْ أَقُولَ سواء كان هذا في الواقع أم في الرؤيا فقطِ، ورَأيته يُخرجُ جمجمةَ من قبرِ كانت به عظامِ. شخص ما كان بجانبه, اعتقد أنه ملاكَ, قالَ له : " هذه هى جمجمةُ آدم." إيليا النّبي كَانَ توّاقَ أَنْ يَأْخذها، لكن الملاك مَنعه. رَأيتُ على الجمجمةِ بعض الشعر بلونِ جميل .
علّمتُ أيضا بأنّ النّبيِ بعد ما روُى له هذا، صار أسم هذه البقعةَ الجلجثةِ " الجمجمة". أخيراً، رَأيتُ أنّ صليبَ يسوع قَدْ وُضِعَ رأسيا على جمجمةِ آدم. لقَدْ أُعلمت بأن هذه البقعةِ هى المركزَ المضبوطَ للأرضِ؛ لقَدْ رَأيتُ هذا المركزِ من فوق، وكأني أراه بعينِ طائر. إن المرء يرى بهذه الطّريقةِ كل البلدانِ المختلفةِ والجبال والصحاري والبحار والأنهار والمدن وحتى أصغر الأماكن، سواء البعيدة أو القُريْبة, يراها في متناول اليد بوضوح أكثر مما يراه على الخريطةِ.




Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:07 PM

الفصل الستون
الصّليب ومعصرة العنب




بينما كُنْتُ أَتأمّلُ فى كَلِماتِ أو بالأصح فى أفكار يسوع عندما عُلق على الصّليب: " ها أنا أُعتصر كالنّبيذِ الذى وَضعَ هنا تحت المعصرة لأول مرة؛ أن دمي لابد أَنْ يواصل الَتدفّقَ حتى يأتى الماءِ، لكن خمرا لن يُصنع هنا فيما بعد " أُعطى لى تفسير بواسطة رّؤيا أخرى تَتعلّقَ بالجلجثةِ.
رَأيتُ هذا البلدِ الصّخريِ في فترةِ سابقةِ على الطّوفانِ؛ كان حينئذ أقل برية وقاحل أقل مما اصبحِ عليه بعد ذلك، وقَدْ كان فيه مزارع عنبِ وحقولِ. رَأيتُ هناك البطريرك يافث، رجل عجوز ذو مظهر أسمر فخم، مُحاطَ بأسرابِ وقطعانِ هائلةِ وأولاده لأجيال قادمةِ عديدةِ وهو نفسه كَانَ له مساكن منقورة في الأرضِ ومُغَطّاة بأسقفِ من أغصان الشجر، تنمو عليها الأعشابِ والزهورِ. كانت هناك كروم فى كل الدائرة، وطريقة جديدة فى صنع النّبيذِ كَانتْ تُحاولُ على الجلجثةِ، في حضورِ يافث. رَأيتُ أيضا الطّريقةَ القديمةَ لإعْداْدِ النّبيذِ، لكنى لا أستطيع أَنْ أَعطي سوى الوصف التّالي لها. في بادئ الأمر كان البشر يأْكلون العنب؛ بعد ذلك عصروه بمدقاتِ من أحجار مجوفة، وأخيراً في خنادقِ خشبيةِ كبيرةِ. معصرة النبيذِ الجديدةِ هذه، كانت تَشْبهُ الصّليبَ المقدّسَ في الشّكلِ؛ كانت تتكون من جذع شجرةِ مجوف توضع رأسيا، بكيس من العنبِ معَلّقا عليه. على هذا الكيس كانت تُربِطْ مدقة، يعلوها ثقل؛ وعلى كل من جوانبِي هذا الجزع كانت توجد أذرع مربوطة بالكيس، من خلال فتحات مصنوعة لأجل هذا الغرض، وعندما كانت تٌحرك هذه الأذرع بإنزال نهاياتهاِ، كانت تعصر العنبَ. فيتَدفّقَ العصيرُ خارج الجذع من خمسة فتحات، ويسقط في حوضِ حجريِ، حيث يتَدفّقَ خلال قناةِ مصنوعة من اللحاء والمكَسوة بمادة صمغيةِ، إلي صّهريجِ محفور في صّخرةِ حيث سُجن يسوع قبل صلبه. فى مقدمة عصارة النّبيذِ، عند الحوضِ الحجريِ، كان توجد شبكة كى تمنع القشور، التي كانت توُضِع على أحد الجوانبِ. عندما صنعوا عصارة نبيذهم، ملئوا الكيس بالعنبِ، سَمّروه إِلى قمةِ الجذع ووَضعَوا المدقةَ، وحركوا الأذرع الجانبية، ليجعلوا النّبيذَ يتدفق. كل هذا ذكرني بقوة بالصّلبِ، بسبب التّشابه بين معصرة النّبيذِ والصّليبِ. كَانَ لديهم قصبةُ طويلةُ، في نّهايتها أفرع، لكي تشَبهَ أشواكِ كبيرة، وكانوا يديرون هذا القصبة خلال القناةِ وجزع الشّجرةِ عندما يكون هناك أي إعاقةِ. لقَدْ تذُكّرتُ الرّمحِ والإسفنجةِ. كان هناك أيضا بعض الزّجاجاتِ الجلديةِ، والأواني المصنوعة من لحاء الأشجار والمكسوة بمادة صمغية. رَأيتُ بْعض الشبابَ، بلا شيء سوى قماشَ ملَفّوفَ حول خصرهم مثل يسوع، يعمِلون في معصرة النّبيذِ هذه. يافث كَانَ عجوز جداً؛ ذو لحيةَ طويلةَ، ورداء مصنوع من جلدِ الوحوشِ؛ ونَظرَ إلي معصرة النّبيذَ الجديدةَ برّضاِ واضحِ. لقد كان يوم عيد، وقدموا ذبائح على مذبحِ حجري من بعض الحيواناتِ التي كَانتْ تَجْري طليقة في الكرمة، عنزات وخراف. أنه لم يكن فى نفس المكانِ الذي جاءَ إليه إبراهيم ليَضحّي بإسحاق؛ الذى كان على جبل الموريا. لقَدْ نَسيتُ عديد من الدروس المختصة بالنّبيذِ والخلّ والجلود، والطرق المختلفة التى كان كل شيءِ يُوزّعُ بها إِلى اليمينِ وإِلى اليسار؛ وأنى آسفة لذلك، لأن هذه الأمورِ لها معنىُ رمزيُ عميق. إن كانت إرادة الرب لي أَنْ أَجْعلها معُروِفة، فهو سَيُريهم لي ثانية.




Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:07 PM

الفصل الحادي والستون
ظهورات بمناسبة موت يسوع



من بين الأموات الذي قاموا من قبورهم في أورشليم، والذين كَانوا حوالي مائة، لم يكنَ هناك أقرباء ليسوع. رَأيتُ في أجزاءِ متعدّدةِ من الأرضِ المقدّسة موتى آخرين يظَهرَون ويحملون شهادة عن ألوهية يسوع. هكذا رَأيتُ صادوق، الرّجل التقى، الذي وهب كل أملاكه للفقراءِ وللهيكلِ، يَظْهرُ لعديد من الأشخاصِ بجوارِ حبرون " الخليل حاليا ". صادوق هذا قَدْ عِاشَ قبل يسوع بقرن، وكَانَ مؤسسَ لجماعةِ الإسينيين, لقَدْ أشتاق بحماس لمَجيءِ المسيا، ونال بِضْع رؤى عن هذا الموضوعِ. لقد رَأيتُ بعض أموات آخرين يظَهرون إِلى التّلاميذ المَختبئين، ويَعطونهم تحذيرات مختلفة.
عم الرّعب والخراب حتى أكثر الأجزاءِ بعدا فى إسرائيل، ولم تحدث هذه الأعاجيب المخيفة في أورشليم فقط. بل سقطت أبراج السّجنِ الذى حرر يسوع منه بعض الأسرىِ مِن قِبل. فى الجليل، حيث سَافرَ يسوع كثيراً، رَأيتُ عديد من البناياتِ، وخاصة ديارِ أولئك الفريسيون الذين كَانوا أول من اضطهدوا مُخلصنا، والذين كَانواَ جميعا حينئذ في العيدِ، تصدعت وسقطت على الأرض، سْاحقُة زوجاتهم وأولادهم. حوادث عديدة حَدثتْ بجوارِ بحيرةِ جنيسارت. سقطت عديد من البناياتِ في كفر ناحوم؛ وتَصدّعَ حائط الصّخورِ الذي كَانَ أمام بستان زربابل القائد الروماني. فِاضتْ البحيرةُ في الواديِ، وانحدرت مياهها حتى كفر ناحوم، التي تبعد حوالي ميلَ ونصف. بيت بطرس ومنزل العذراءِ المباركةِ اللذان فى مُقدِّمة‏ المدينةِ، بَقيا قائمين. تزلزلت البحيرة بقوة؛ انهارتْ شواطئها في بِضْعَ أماكنِ، وشكلها تبدل كثيرا وأصبحت كما هى عليه الآن في الوقت الحاضر. حَدثتْ تغييرات عظيمة، خاصة في أقصىِ الحدّ الجنوبي الشرقي، لأنه كان هناك في هذا الجزءِ طريقَ طويلَ مُعبد من الأحجارِ، أنهار كل هذا الطّريقِ بالزّلزالِ. حَدثتْ عديد من الحوادثِ على الجانبِ الشّرقيِ للبحيرةِ، فى البقعة التى غرقت فيها خنازير الجرجيسيين ، وأيضا في كورة الجرجيسين، وفي كل منطقةِ كورزين. تزلزلَ الجبل الذى حدثت به معجزة إشباع الجموع الثانية، وأنشق الحجر الذى تمت عليه المعجزةِ لأثنين. فى منطقة العشر مدن، انهارتْ كل المدن حتى الأرضِ؛ وفي آسيا، في بِضْع نواحيِ، شُعِرَ الزّلزال بشدة، خاصة شّرقِ وشمال شرق بانياس. فى الجليل الأعلى، عديد من الفريسيون وَجدوا بيوتهم خرابِ عندما رَجعوا من العيدِ. تلقى عدد منهم أخبارَ ما قَدْ حَدث، بينما كانوا ما زالوا في أورشليم، ولهذا كانت جهود أعداء يسوع قليلةِ جداً ضد جماعةِ المسيحيينِ في عيد العنصرةِ.
سقطَ نصف مجمع الناصرة، الذي أخرج يسوع منه عنوة، بالإضافة إلي ذلك جزء من الجبلِ الذي سعى أعدائه أن يلقوه منه. تغيرات كثيرة حدثت فى الأردن بسبب كل هذه الصّدماتِ وتعَدل في عديد من الأماكنِ. فى كورة بنى ماكير وفي المدنِ الأخرىِ التى تخص هيرودس، كل شيء ظل هادئَ، لأن ذلك البلدِ كان خارج مجالِ التوبة والتحذيرِ، مثل أولئك الرّجالِ الذين لم يسَقطوا على الأرض في بستان الزّيتونِ، ولذلك، لم ينَهضا ثانية.
فى أجزاءِ عديدة أخرىِ كانت هناك أرواحُ شريّرةُ، رَأيتُ هذه الأرواح تختفي في أجسامِ كبيرةِ وسط الجبالِ المنهارة والبناياتِ. ذَكّرتني الزّلازل بتشنّجِ الذين تسكنهم الشياطينِ عندما يَشْعرُ العدو بأنّه يَجِبُ أَنْ يَهْربَ. فى كورة الجرجيسين، جزء من الجبلِ الذي ألقى الشّياطينِ أنفسهم من عليه مع الخنازيرِ في المستنقعِ، سقط في هذا المستنقعِ نفسهِ؛ ورَأيتُ حينئذ فرقة من الأرواحِ الشّريّرةِ تلقى بأنفسها في الهاويةِ، مثل سحابة مظلمةِ.





Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:08 PM


الفصل الثاني والستون
وضع الحرس حول قبر يسوع




في ليلة الجمعة، رَأيتُ قيافا وبعض رّجالِ اليهودِ مجتمعين ليتشاورا فيما بينهم عن أفضل أسلوب يَتّبعونهَ لمواجهة الأعاجيب التي تحَدث، ومواجهة التّأثيرات التى تُحدثها على الناسِ. استمرّوا فى مشاوراتهم حتى الصّباحِ، وبعد ذلك أسرعوا إِلى دارِ بيلاطس، ليُخبروه أن ذلك المُضِل‏ قالَ بينما كان بعد حي أنه بعد ثلاث أيامِ سَيقوم ثانية وأنه سَيَكُونُ من الصواب أَنْ يَأْمرَ بحراسة القبر حتى اليومِ الثالث، وإلا سيأتى تلاميذه ويَسْرقونه ويَقُولونَ للشعب ها هو قام من الموت فتكون الضلالة الأخيرة اشر من الأولى. قرر بيلاطس ألا يفعل شيء أكثر وأجاب : " عندكم حراس اذهبوا واضبطوه كما تعلمون " ومع ذلك‏ عَيّنَ كاسيوس كى يواصل مراقبة كل ما يحدث وأن يَعطيه تقرير كامل عن كل ما يحدث. لقد رَأيتُ هؤلاء الرّجالِ وعددهم اثنا عشرَ، يتركون المدينةِ قبل شروق الشمسِ، يرَافقَهم بعض الجنودِ الذين لا يرتدون الزيّ الرّوماني، لَكُونهم مختصين بالهيكلَ. يحَملون فوانيسَ مرَبوطة فى نهايةِ عصيان طّويلةِ، لكى يَكُونوا قادرون أَنْ يَروا كل شيء يحيطهم، على الرغم من ظلمة اللّيلِ، وأيضا ليكون لديهم بعض الضّوءِ في ظلمة مغارة القبرِ.
ما أن وَصلوا القبرَ، حتى اطمأنوا أولاُ بأعينهم أن جسدِ يسوع كَانَ حقاً هناك، رَبطوا حبلَ عبر باب القبرِ، وأخر عبر الحجر العظيم الذى وُضِع في المقدمة، خْاتمينُ الكلَ بختمِ ذو شكل نصفِ مستديرِ. ثم رَجعوا إِلى المدينةِ، وأقام الحرّاس أنفسهم مقابل الباب الخارجي. لقد كَانوا ستة جنود، يتناوبون الحراسة ثلاثة بعد ثلاثة بشكل متعاقب. لم يتَركَ كاسيوس مكانه، بل ظل جالسا أو واَقفاِ أمام مدخل الكهفِ، لكي يرى جانبِ القبرِ حيث استقرت أقدام مُخلصنا. لقَدْ نال كثير من النعم الدّاخلِية، وكانَ وُهب أَنْ يَفْهمَ عديد من الأسرارِ. لكونه غير مُتَعَوّدُ بالكاملُ عِلى حالة التنويرِ الروحيِ هذه، فقَدْ نُقِلَ تماماً خارج نفسه؛ وبَقى تقريباً كل الوقت غير واعي بوجود الأمور الخارجيةِ. لقَدْ تغُيرَ بالكامل، لقَدْ أَصْبَحَ إنسان جديدَ، وقضى طول النهار في محاسبة نفسه وتقديم الشكر بتوهج ويَمجدِ الرب في تواضع.







Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:09 PM


الفصل الثالث والستون
لمحة عن تلاميذ يسوع فى يوم السبت المقدّس




تجمع تلاميذ يسوع الأمناء ليَحْفظَوا ليلة السبت. كَانوا حوالي عشرون، ارتدوا ملابس بيضاءِ طّويلةِ، وتمنطقوا فى أوساطهم. كانت الغرفة مضاءة بقنديلِ؛ وعاد معظمهم بعد تناول الطعام إلى البيت. ثم تجَمّعوا ثانية فى الصّباحِ التّالي وجَلسوا يَقْرءونَ سوية ويَصلّونَ بالتناوب؛ وإن دخل صديقَ الغرفةَ، نَهضوا وحَيّوه بمودة .
فى الجزءِ الذى كانت تشغله العذراءِ المباركةِ كانت هناك غرفةَ كبيرةَ، مقَسّمَة إلي حُجيْرات‏ صّغيرةِ مثل الصوامع، كَانتْ تستعمل من قبل النِّساءَ القدّيساتِ للنَّوْمِ في الليل. عندما رَجعن من القبرِ، أضاءت واحدة منهن قنديل كَانَ مُعلّقُ في منتصف الغرفةِ، وتجمعن جميعاً حول العذراءَ المباركةَ، وشَرعوا فى الصَّلاة بحزن ِلكنْ بهدوء. بعد وقت قصير، جاءت مرثا وماروني ودينا ومارا، الذين أتوا توا مع لعازر من بيت عنيا، حيث قَدْ عَبروا السبت، دَخلَوا الغرفةَ. العذراء المباركة ومرافقيها أعطوهم تقرير مُفصّلَ من موتِ ودفنِ يسوع، يصحب كل رواية عديد من الدّموعِ. المساء كَانَ يَتقدّمُ، ودخل يوسف الرامى مع بضع تلاميذ آخرين، ليَسْألَ إن كانت أي من النِّساءِ يرَغبَن أَنْ يَرْجعَن إِلى بيوتهن، حيث أنه مستعد أَنْ يُصحبهن. البعض قْبل الاقتراح ورحلوا على الفور؛ لكن قبل أن يَصلوا محكمةَ قيافا، أوقف بعض الرّجالِ المُسَلَّحين يوسف الرامى وقبضوا عليه ووضعوه في برجِ مَهْجُورِ قديمِ كما ذكرنا من قبل.ِ
جلست النِّساءِ القديّساتِ اللواتي لم يتَركنَ البيت ليَسترحن فى ما يشبه صومعة: رَبطوا رؤوسهن بمناديل، جلسوا بحزن على الأرض، واتّكئوا على أرائكِ وُضِعت قبالة الحائطِ. بعد وقتِ نَهضن ونشرن أغطية الفراشَ التي لُفّتْ على الأرائكِ واستعدن للنوم. فى منتصف الليلِ، نَهضن وتجمعوا حول القنديل ليواصلوا صلواتهم مع العذراءِ المباركةِ.
عندما انتهت أم يسوع ورفيقاتها من صلاتهم اللّيلية (ذلك الواجبِ المقدّسِ الذي مورسَ مِن قِبل كل أولاد الرب المخلصين والنفوس المقدّسةِ، الذين أمّا قد شَعرا بأنفسهم مدَعوين إليه بنعمةِ خاصّةِ، أو الذين يَتْلون قاعدة أُعطتْ مِن قِبل الرب وكنيسته)، سَمعوا طرق على البابَ ودخل يوحنا وبعض التّلاميذ ليصحبوا النساء إِلى الهيكلِ. كانت الثالثة صباحا تقريبا حينئذِ، وذَهبوا مباشرة إِلى الهيكلِ، لقد كان مألوفَ بين عديد من اليهودِ أَنْ يَذْهبوا هناك قبل شروق فجر اليوم التالي لأَكل حمل الفصح؛ ولهذا السبب كان الهيكل مفتوحَ منذ منتصف الليلِ، حيث تبدأ التّضحياتِ مبكّرةَ جداً. لقد بَدأت تقريبا في نفس السّاعةِ التى وضع فيها الكهنة ختمهم على القبرِ. مظهر الأشياءِ في الهيكلِ كَانَت مع هذا مختلفة تماما عن ما كُنْتُ علية عادة في مثل هذه الأوقاتِ، لأن التّضحياتِ قَدْ توُقِفَت، والمكان كَانَ خاويا ومُقفراً لأن كل شخصِ قَدْ رحل بسبب أحداث اليومِ السّابقِ.
الهيكل كَانَ مع ذلك مفتوحا؛ القناديل مضاءة والناس في حريةِ أَنْ تَدْخل دهليز الكهنة، حيث كَانَ هذا امتيازَ مألوفَ فى هذا اليومِ، وأيضا فى اليوم الذي يَلي عشاء الفصح. الهيكل كَانَ خاويا تماماً كما قُلتُ من قبل، باستثناء كاهن أو خادم يعبر مصادفة؛ وحمل كل جزءِ من الهيكل مظاهر الاضطراب والأحداثِ الغير عادية والمخيفةِ التي حَدثتْ فى اليوم السابق.
كَان أبناء سمعان وأبناء شقيق يوسف الرامى، حُزاِنىَ بسَماعهم نبأ القبض على عمهم، لكنهم رَحّبوا بالعذراءِ المباركة ومرافقيها، وقادوهم في جميع أنحاء الهيكل بدون أى صعوبةَ. توقفت النِّساء القديسات في صّمتِ وتَأمّلنَ بمشاعرِ رّهبةِ عميقةِ كل العلاماتِ الفظيعةِ والتى أظهرت غضبِ الرب، وبعد ذلك استمعَن باهتمام لعديد من التّفاصيل. كانت تأثيرات الزّلزالِ ما زالَتْ مرئيُة، لأن القليلِ قَدْ عُمِلَ نحو إَصلاح الشقوق العديدةِ والشروخ في الأرض والجدرانِ. فى ذلك الجزءِ من الهيكلِ حيث يتصل الدّهليز بالقدّسَ، الحائط كان قد أهتزَ بشدة بالزّلزالِ، ونتج عنه شق عريض بما يكفيِ لعبور شخصِ من خلاله، وبقية الحائطِ بدا غير مستقرَ، وكان ممكن أن ينهار فى أي لحظة. حجاب القدّسِ أنشق لنصفين وتدلي علي الجانبينُِ؛ لاشيء كَانَ يَرى سوى جدران منهارة، بلاطَ مُفتت، وأعمدة متساقطة أمّا جزئياً أو بالكامل .
زارت العذراء المباركة كل الأجزاءِ التي جعلها يسوع مقدّسة في عينيها؛ انطرحتْ أمامها وقَبّلتها، ووَضّحتْ للآخرين والدّموعِ في عينيها أسباب تَبجيلهاِ لكل بقعةِ، عند ذلك فعلوا مثلها فى الحال.
التّبجيل الأعظم كان يُرى دائما مِن قِبل اليهودِ لكل الأماكنِ التي جُعلت مقدّسة بمظاهر القوةِ الإلهية، وكان من المألوف أَنْ توضع الأيادي بوقاّر على مثل هذه الأماكنِ، يُقبّلونها ويَنطرحوا إِلى الأرضِ أمامها. أنى أَعتقدُ أنه ليس هناك أي شئ مدهشِ في مثل هذا التقليدِ، لأنهم جميعا عَرفوا ورَأوا وشَعروا بأنّ إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، إنما هو إله حيّ، وأن سكناه بين شعبه كَانَ في الهيكلِ في أورشليم؛ بِناء على ذلك‏ كَانَ يمكنُ أَنْ يَكُونَ مُدهِشَ أكثرَ بشكل لانهائي إن لم يبَجّلوا تلك الأجزاءِ المقدّسةِ حيث قوته قَدْ أُظهرت على نحو خاص، لأن الهيكلِ والأماكنِ المقدّسةِ كَانت بالنسبة لهم ما للعشاء الربانى المباركَ من قداسة عند المسيحيين.
سارت العذراء المباركة فى الهيكلِ مع رفاقها، وأشارت لهم إلى البقعة حيث قُدّمتْ إلى الهيكل عندما كانت ما تزالَ طفلُة، والأجزاء التى عَبرتْها خلال طفولتها، والمكان الذى خُطِبتْ فيه إِلى القديس يوسف النجار، والبقعة التى وَقفتْ فيها عندما قَدّمتْ يسوع وسَمعتْ نبؤه سمعان الشيخ وبذكر كَلِماته بَكت بحرقة، لأن ها هي النبؤه قَدْ تحققت، وسيف الأسىِ قَدْ طَعنَ قلبها؛ أوَقفتْ رافقاها مرة أخرى عندما وَصلتْ لذلك الجزءَ من الهيكلِ حيث وَجدتْ يسوع يُعلّمُ عندما فَقدته وهو فى الثانية عشر من العمر، وقَبّلتْ الأرضَ التي وقف عليها آنذاك. عندما نظرت النِّساء القديّسات كل مكان تقدس بحضورِ يسوع، بَكين وصَلّوا فيه، ثم رَجعن إِلى صهيون .
لم تترك العذراء المباركة الهيكل بدون ذرف عديد من الدّموعِ، بينما كانت تتَأمّلْ حالة الخرابِ التي وصل إليها، مظهر الخرابِ الذي بدا يناقض بوضوح الحالة العاديةِ للهيكلِ فى يومِ العيد. وبدلاً من الأغاني وترانيم الابتهاج، يسود الصمت الحزين هذا الصّرح الضخم، وفى مواضع العابدين المبتهجين والأتقياء، تَجوّلتْ العين على خلاء واسع وكئيب. بكل صدق، وآسفاهً، أن هذا التّغييرِ يَدْلُّ على الجريمةِ المخيفةِ التي اُرتكبتْ مِن قِبل شعب الرب، وتَذكّرتْ كيف أن يسوع قَدْ بَكى على الهيكلِ وقال : " اهدموا هذا الهيكلِ وأنا أقيمه في ثلاثة أيامِ مرة أخري." أنه عنى هدم هيكلِ جسدِه الذى قَدْ تم مِن قِبل أعدائه، وقد تَنهّدتْ برغبة متلهفة لفجر اليومِ الثالث عندما تتحقق كَلِمات الحقِ الأزلي.
كان الفجرِ يلوح عندما وصلت مريم ورفاقها المسكن، واختلوا في البنايةِ التي على اليمينِ، بينما دخل يوحنا وبعض التّلاميذ العلية وتجمع حوالي عشرون رجلَ حول قنديلَ، وانشغلوا في الصّلاةِ. بين الحين والآخر يقترب أشخاص جدد من البابِ، يدَخلَون على نحو خجول، يقتربَون من المجموعةِ التى حول القنديلَ، ويخاطبوهم ببضع كَلِماتِ حزينةِ ترافقها الدّموعِ. كل شخصُ أظهر ليوحنا مشاعرِ الاحترام؛ لكونه مكث مع يسوع حتى الموتَ؛ لكن مشاعرِ الاحترام هذه امتزجت بشعور عميق من الخزيِ والارتباك، عندما فَكَّروا مَليّا‏ فى تصرفهم الجبان بتَرْكِ ربهم وسّيدهم في سّاعةِ الضيقِ. تَكلّمَ يوحنا إِلى كل شخصِ بأعظمِ محبة وحنو؛ أسلوبه كَانَ معتدلَ ومتواضعَ كما لطفلِ، وبدا أَنْه يَخَافَ أن ينال المدحَ. رَأيتُ المجموعةَ تَأْخذُ وجبة واحدة خلال ذلك اليومِ، لكن أعضائها كَانَوا في معظم الوقت صامتين؛ لَم يُسمع صوتَ فى الدّار، والأبواب أغُلِقت بأحكام، ولو أنه في الحقيقةِ، لم يكن هناك إمكانيةُ أن يُزعجهم أى أحد، لأن الدّارُ تخص نيقوديموس، وهو قد تركها لهم لوقتِ العيد .
مكثت النِّساء القدّيسات في هذه الغرفةِ حتى المساءِ؛ كانت الغرفة مضاءة بقنديلِ وحيدِ؛ الأبواب قَدْ أُغلِقتْ، وأسدلت الستائر على النّوافذَ. أحياناً يتَجمّعون حول العذراءَ المباركةَ ويصَلّوا تحت القنديلِ؛ في أوقاتِ أخرىِ يجلسن فى جانبِ الغرفةِ، مغَطّيين رؤوسهم بمناديل سّوداءِ، أو يجَلسَن على الرماد علامة للحدادِ، أو يصَلّون بوجوههم نحو الحائطَ؛ من كانت منهن بصحةِ معتلة أخِذتْ طعام قليل، لكن الأخريات صمن .
لقد نَظرتُ إليهم مراراً وتكراراً، ورَأيتهم دوما في نفس الأسلوب، بعبارة أخرى، أمّا في صّلاةِ أو في حدادِ على آلامِ سيدهم الحبيبِ. عندما تَجوّلتْ أفكاري من تأملِ العذراءِ المباركةِ إِلى تأمل ابنها الإلهي، نَظرتُ القبر المقدسَ بستة أو سبعة حراسِ في المدخل, كاسيوس واقفا قبالة بابِ الكهفِ، مستغرقا في تّأملِ عميقِ، الباب الخارجي مُغَلقَ، والحجر موجود أمامه. على الرغم من الباب السّميك الذي يفصل بين جسدِ مُخلصنا وبيني إلا أننى استطعت أَنْ أراه بوضوح؛ لقد كان واضحاً تماماً بضوءِ إلهى، وكان هناك ملاكان بجانبه يُمجّدانه. لكن أفكاري تحولت حينئذ إِلى تأملِ النفس المُباركة لمخلصي، وصورة شاملِة وصعبة لهبوطه إلي الجحيم قَدْ أُظهرت لي، التي أستطيع أَنْ أتذكّرَ فقط جزء صغير منها، سَأَصفُها على قدر طاقتي.







Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:09 PM


الفصل الرابع والستون
الهبوط إلى الجحيم


عندما مات يسوع، بعدما صرخ بصوت عالي " أَبتاه، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي " رَأيتُ نفسه السّماويةَ تحت شكلِ يُشبه نيزكِ ساطع تخترق الأرض عند موضع الصّليبِ، مصحوبة بالملاك غبريال وبعديد من الملائكةِ الأخرىِ. طبيعته الإلهية ظلت متّحدة إِلى نفسه وإلى جسده أيضا، الذي كان ما زالَ مٌعلق على الصّليبِ، لكنى لا أستطيع أَنْ أُوضّحَ كيف كان هذا مع أنى رَأيت ذلك بوضوح في ذهني. المكان الذي دخلته نفس يسوع قَدْ قُسّمَ إلي ثلاثة أجزاءِ، بدت لي مثل ثلاث عوالمِ؛ وشَعرتُ أنّها كَانت مستديرَة، وأن كل جزء منفُصِلِ عن الآخرِ .
نَظرتُ فضاءَ ساطع وجميلَ قبالة عالم النسيانَ؛ الذى كان مطَليا بالزّهورِ، نسائم لذيذة تهَبّْ منه؛ ونفوس عديدة قَدْ وُضِعتْ هناك قبل قبولها في السّماءِ. عالم النسيان، هو المكان الذى كانت تَنتظرُ فيه النفوس الفداء، قَدْ قُسّمَ إلي مقصوراتِ مختلفةِ، ومُحاطَا بغلاف ضبابيِ سميكِ. ظَهرَ إلهنا متألقاَ بالنور ومُحاطَ بالملائكةِ، التي صاحبته بشكل منتصر بين أثنين من هذه المقصورات؛ واحدة على اليسار بها البطاركة الذين عِاشَوا قبل زمن أبينا إبراهيم، والتى على اليمين بها أولئك الذينِ ِ عِاشواَ من أيامِ أبينا إبراهيم وحتى القديس يوحنا المعمدان. هذه النفوس لم تميز يسوع في بادئ الأمر، لكن على الرغم من هذا كانت ممتلئة بأحاسيسِ الفرح والرجاء. لم يكن هناك بقعةَ في تلك المناطق لم تَتسّعُ بمشاعرِ السّعادةِ. مرور يسوع ممكن أن يُقارنُ بهَبّوبِ نسمه من الهواءِ، بومضةِ نور مفاجئةِ، أو بالاغتسال بالنّدىِ، لكنه سريع كالعاصفةِ. بعد المرورِ بين المقصورتين، وَصلَ إلى بقعةَ مظلمةَ حيث كَانا آدم وحواء يَقفانِ؛ تَكلّمَ إليهم، انطرحوا ومَجّدوه في نشوةِ فرح تامةِ، وانضما فى الحال لفرقةَ الملائكةِ، ورَافقوا إلهنا إِلى المقصورةِ التى على اليسارِ، التي احتوتْ على البطاركة الذين عِاشوا قبل أبينا إبراهيم. المدخل كان مثل بابِ مغُلِق، لكن الملائكةَ طَرقتْ واعتقد أنى سَمعتهم يَقُولونَ : " اَفْتحُوا هذه الأبوابِ. " عندما دَخلَ يسوع منتصراِ تفرقت الشّياطينِ، صْارخُة في نفس الوقت، " ماذا هناك بينك وبيننا؟ ما الذى أتى بك هنا ؟ هَلْ ستَصْلبنا أيضا ؟ " طردتهم الملائكة بعيدا، بعد أن قَيّدتهم أولا. النفوس المسكينة المحبوسة في هذا المكانِ كَانَ لديها فقط حِس داخلي‏ ضئيل وفكرة مُبهمة عن حضورِ يسوع؛ لكن فى اللّحظةَ التى اخبرهم بها أنه هو بنفسه، انفجروا بفرح فى استقبال حافلَ ورَحّبوا به بتراتيلِ البهجة والفرح. نفس إلهنا حينئذ أخذت طريقها إِلى اليمين، نحو ذلك الجزءِ الذي يكَوّنَ علم النسيان حقاً؛ وهناك لاقى اللّصِ اليمين الذي حملته الملائكةِ إِلى حضن إبراهيم، بينما جرجرت الشياطين اللص السّيئِ إلي جهنمِ. وبعد ذلك دَخلَ الرب حضن إبراهيم، تصاحبه عديد من الملائكةِ والنفوس المقدّسةِ، وأيضا مع تلك الشّياطينِ التي قُيّدتْ وطُرِدَت من المقصورةِ.
هذه النّاحيةِ ظَهرتْ لي أكثر ارتفاعا من الأجزاءِ المحيطةِ؛ وأستطيع فقط أن أصف أحاسيسي بدُخُولها، بمُقَارَنتها بأحاسيس شخصِ يَجيءُ فجأة إلى داخلِ كنيسةِ، بعد ما كانَ لبعض الوقتِ في سراديب‏ الدّفنِ. الشّياطين، التي قَدْ قُيّدتْ بقوة، كَانتْ مشمئزةَ بشدة من أَْن تَدْخلَ، وقَاومتْ بأقصى قوتها، لكن الملائكةَ أرغمتها على أَنْ تَتقدّم. تجمع كل الأبرار الذين عِاشواَ قبل زمن المسيحِ هناك؛ البطاركة وموسى والقضاة، والملوك على الجانبِ الأيسرِ؛ وعلى جانبِ الأيمنِ الأنبياء وأسلاف إلهنا وأيضا أقربائه القُريْبين، مثل يواقيم وحنة ويوسف النجار وزكريا وإليصابات ويوحنا المعمدان. لم تكَنَ هناك شياطينُ في هذا المكانِ، والمشقة الوحيدة التي كَان يشُعِر بها أولئك المَوْضُوعين هناك كَانت رغبة متلهفة لإنجازِ الوعدِ؛ وعندما دخل إلهنا حَيّوه بالتّراتيلِ المُفرحة والامتنان والشّكرِ لإنجازه للوعد، انطرحوا ومَجّدوه، والأرواح الشّريّرة التي كَانتْ سُحِبتْ إلي حضن إبراهيم عندما دخل إلهنا قَدْ أُرغمتْ على أَنْ تَعترفَ بخزيِ أنها قَدْ قُهِرت. عديد من هذه النفوس المقدّسةِ أمرها الرب أَنْ تَرْجعَ إِلى الأرضِ، وتعود لأجسادها، وهكذا تُقدم شهادة مهيبة ورائعة عن الحقِيقة. في ذات هذه اللّحظةِ تَرك عديد من الموتى قبورهم في أورشليم وبعد ما أنجزتَ المُهمة التى ائتمنوا عليها رقدوا ثانية.
رَأيتَ بعد ذلك إلهنا، بموكبه المنتصرِ، يَدْخلُ موضع قَدْ مُلئ بالوثنيين الأخيار الذين لكونهم كَانَ لديهم بصيصُ ضعيف من الحقيقةِ، قَدْ اشتاقَوا إلى إنجازها: هذا الموضع كَانَ عميقَ جداً، ويحتوى بضع شياطين، وأيضا بعض من أصنامِ الوثنيين. رَأيتُ الشّياطينَ تُرغم على أَنْ تَعترفَ بالمكر الذى مَارسوه فيما يتعلق بهذه الأصنامِ، ونفوس الوثنيين المساكين تَلقى بنفسها تحت أقدامِ يسوع، وتمَجّده ببهجةِ يتعذر وصفهاِ: هنا، على نفس النمط، الشّياطين كَانتْ مقيدة بالسّلاسلِ وجُرت بعيدا. رَأيتُ مُخلصنا يُؤدّي عديد من الأعمالِ الأخرىِ؛ لكنى عَانيتُ بحدة في نفس الوقت، حتى أنى لا أستطيع أَنْ اسردها. أخيراً، رأيته يَقتربُ من إِلى مركزِ الهاويةِ العظيمةِ، بعبارة أخرى، إِلى جهنمِ نفسها؛ وتعبير مُحياه كَانَ أكثر حدّةِ.
المظهر الخارجي لجهنمِ كَانْ مُروّعُ ومخيف؛ كانت هائلة، ثقيلة المظهر، والصّوان الذي تشَكّلتَ منه، مع أنه أسود، إلا أنه له سّطوعِ معدنيِ؛ والأبواب المظلمة والثّقيلة جدا قَدْ ثَبّتت بتلك المزاليج الفظيعةِ التي لا أحد يستطيع أَنْ يَنْظرها دون أن يرتِعد. آهات عميقة وصرخات اليأسِ تُميز بوضوح بينما الأبوابَ مغُلِقة بإحكام؛ لكن، أه, من يستطيع أَنْ يَصفَ الصّراخ والعويل المُخيف الذي يفجرِ الأذنِ عندما تُحلّ المزاليج وتُفتح الأبواب ؛ وأه, من الذى يستطيع أَنْ يُصف المظّهر الكئيب لساكني هذا المكانِ التّعسِ!
إنّ الشّكلَ الذي تُصور عليه أورشليم السّماوية عموماً في رُؤاي هو صورة مدينةِ جميلةِ ومُنَظَّمةِ بشكل جيدِ، ودرجات المجد المختلفة التي ينالها المنتخبين تُبرهن عنها روعةِ قصورهم أو الثمار الرّائعة والزّهور التي تُزين بها حدائقِهمِ. جهنم أٌظهرت لي تحت نفس الشّكلِ، لكن كل شئ داخلها ضيق، مضطرب ومزدحم؛ كل شيء يَمِيلُ أَنْ يَمْلأَ العقل بأحاسيسِ الألمِ والأسىِ؛ إنّ علاماتَ غضبِ وانتقام الرب مرئيُة في كل مكان؛ اليأس، كعقابِ، يَقْضمُ كل قلبِ، والتنافر والبؤس يسودان بالكامل. فى أورشليم السّماوية الجميع فى سلامُ وانسجام أبدى، بِداية ونهاية كل شيءِ هو سعادةَ صافيةَ وكاملة ؛ إنّ المدينةَ ملآنة بالبناياتِ الرّائعةِ، مزَيّنةَ بأسلوب يأخذ بكل عينِ ويُبهجُ كل إحساسِ؛ إنّ سأكنى هذا المسكنِ المبهجِ يَفِيضُون بالنشوة والاغتباط، الحدائقِ مشرقة بزّهورِ جميلةِ، والأشجار مغَطّاة بثّمارِ لّذيذةِ تَعطي حياة أبدية. فى مدينةِ جهنم لاشيء يُرى سوى زنزاناتَ كئيبةَ، كهوف مظلمة، صحاري مخيفة، مستنقعات نتنة ملآنة من كل نوع قابل للتخيلِ من الزّاحفِ السّامةِ والمُثيرة للاشمئزاز. فى السّماءِ أنت تَنْظرُ السّعادةَ واتحاد القديسين المسالمَ؛ في جهنمِ، مشاهد أبدية من التنافر الرديء وكل أنواع الخطيئةِ والفسادِ، إمّا تحت أكثر الأشكالِ ترويعاً قابل للتخيل، أو ممَثّلَة بأنواعِ مختلفةِ من العذابِ المُخيفِ. كل شئ فى هذا المسكنِ الكئيبِ يَمِيلُ إلى أَنْ يَمْلأَ العقل بالرّعبِ؛ لا كلمةَ رّاحةِ تُسمعُ أو فكرة مُوَاساة يسمح بها المجال؛ الفكر الوحيد هو أن عدالة الرب القدير والتى تُسدد إلى أقصى حد‏ ليست سوى ما استحقّوه بالكامل وهى الإدانةُ التى تستحوذ على النفس وتُغرقُ كل القلبِ. تَظْهرُ الرّذيلةُ في أصحابها فى ألوان مُثيرة للاشمئزاز متجهمة، عاريةَ من القناعِ الذي تختبئ تحته في هذا العالمِ، وتُريِ أفعى لعينة تُلتَهِم أولئك الذين تعلقوا بها أو راعوها هنا تحت. باختصار، جهنم هي هيكلُ الألمِ واليأسِ، بينما ملكوت الرب هو هيكلُ السّلامِ والفرحِ. هذا سهلُ أَنْ يَفْهمَ عندما يُري؛ لكنه من شبه المستحيل أَنْ يوُُصفَ بوضوح.
الانفجار الكبير للأقسامِ واللعنات ونداءات اليأسِ والصياح المخيف الذي أنفجر كدوي الرّعدِ عندما فُتِحتْ أبوّاب جهنمِ بالملائكةِ، سَيَكُونُ من الصعب حتى َتخيّلَه؛ تكلم الرب أولا إِلى روحِ يهوذا، وأرغمت الملائكة كل الشّياطينِ أَنْ تَعترف بيسوع وتُمجّده. إنهم كَانوا يُفضّلونَ بشكل مُطلَق‏ المزيد من العذاب عن مثل هذا الإذلالِ؛ لكن الكل قَدْ اُلزمَ أَنْ يخضع. كثيرين قَدْ قُيّدَوا في دائرةِ قَدْ وُضِعتْ حول دوائر. فى مركزِ جهنمِ رَأيتُ هاويةَ مظلمةَ ومروّعَه المظهرَ، وفي هذه كان إبليسِ موضوع، بعدما تقيد بقوة بالسّلاسلِ؛غيوم سميكة من دخان أسود كبريتي كان يصعد من أعماقها المخيفةِ، وتغَلّفَ شكله المخيف في طّيّاتِ كئيبةِ، هكذا تُخفيه بشكل فعّال عن كل مشاهدِ. الرب بنفسه قَدْ أمر بهذا؛ ولقَدْ أُخبرتُ على نفس النمط، إن كنت أَتذكّرُ بشكل صحيح أنه سَيُحَرّرُ قبل سنة 2000 للمسيح بخمسين أو ستين سنة. تواريخ عديد من الأحداثِ الأخرىِ قَدْ أُشير إليها لكنى لا أَتذكّرها الآن؛ لكن سَيفك عددَ محدد من الشّياطينِ قبل إبليسِ كى تُجرب البشر، وأَنْ تَخْدمَ كأدوات انتقام إلهي. لابد أَنْ أَعتقدَ أنّ البعض يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحْلُول حتى في الوقت الحاضرِ، والآخرون سَيُطلقونَ في وقتِ قصيرِ.
سَيَكُونُ من المستحيل تماماً لي أَنْ أَصفَ كل الأشياءِ الذي أُظهرت لي؛ أن عددهم كَانَ عظيمَ جداً لدرجة أننى لم أتَمَكّن من أَنْ أقللها لأرتبها وأعرفها وأُعيدها بوضوح. بالإضافة إلى أن آلامي كانت عظيمةُ جداً، وعندما أَتكلّمُ عن موضوعِ رُؤاي أنظرها في عينِ ذهني مرَسومة بمثل هذه الألوانِ الشّديدة الوضوحِ، أن المنظر كافي تقريباً أَنْ يُسبّبَ ضعف مُهلك لنفسي .
رَأيتِ بعد ذلك حشود غير معدودة من النفوس المفدية مُحَرّرة من موضع العذاب ومن عالم النسيانِ، وتتبع إلهنا إِلى بقعةِ مبهجةِ تَقع فوق أورشليم السّماوية، حيث وضع فيها منذ وقت قليل جداً، روحَ شخصِ عزيزَ جداً علي. روح اللّصِ اليمين قَدْ اُخِذَ أيضا هناك، وتحقق وعد إلهنا : " اليومِ, ستكون معي في الفردوس ".
ليس في قدرتي أَنْ أُوضّحَ الوقت المضبوط لحدوث كل حدث من هذه الأحداثِ، ولا أستطيع أَنْ أروى نصفِ الأشياءِ التي رَأيتُها وسَمعتُها؛ لأن البعض كَانَ غامضَ حتى لنفسي، والأخرى سَيساء فهمها إن حَاولتُ أن أرويها. لقَدْ رَأيتُ إلهنا فى أماكنِ عديدة مختلفةِ. حتى في البحرِ ظَهرَ لي كى يُقدّسَ ويحرر كل شيء مخلوقِ. الأرواح الشريّرة هَربتْ في اقترابه، وألقت بنفسها في هاويةِ مظلمةِ. لقد رأيته أيضا في أجزاءِ مختلفةِ من الأرضِ، أولا داخل قبرِ آدم، تحت الغولغوثا؛ وعندما كَانَ هناك أنفس آدم وحواء صَعدتا إليه، وتَكلّمَ إليهما لبعض الوقتِ. ثم زارَ قبور الأنبياءِ التي دُفِنتْ علي عمقِ هائلِ تحت الأرض؛ لكنه عَبرَ خلال التّربةِ في لمحة عينِ. أرواحهم عادتْ ودخلت أجسادهم فوراً، وتَكلّمَ إليهم ووَضّحَ أعجب الأسرار. ثم رَأيته، ترَافقهَ فرقةِ مُختَاَرةِ من الأنبياءِ، من بينهم ميزت داود، زار أجزاءِ من الأرضِ التي قَدْ قُدّستْ بمعجزاته وبآلامه. وضح لهم بأعظم حبِّ وصلاح الرّموز المختلفة للشريعة القديمةِ وكيف أنها تعبّر عن المستقبلِ؛ وأراهم كيف أنه بنفسه قَدْ حقق كل نبؤِه. منظر إلهنا مُحاطَ بهذه النفوس السّعيدةِ، ومتألقا بالنور، كَانَ يفوق الوصف بينما كان ينساب منتصرا خلال الهواء، أحياناً يعبر بسرعةِ البرقِ، على الأنهارِ، ثم مُختَرِقا خلال أصلب الصّخورِ إِلى مركزِ الأرضِ، أو مُتحركا بلا ضوضاء على سطحها.
أنى لا أستطيع أَنْ أَتذكّرَ شيء سوى الحقائق التي رويتها والتى تختص بهبوط يسوع إلي عالم النسيانِ، حيث ذَهبَ من أجل أَنْ يُقدّمَ إِلى النفوس المحتجزة هناك نّعمةَ الفداء التي كسبها لهم بموته وبآلامه؛ ولقد رَأيتُ كل هذه الأشياءِ في فترة قصيرةِ جداً من الوقتِ؛ في الحقيقةِ، أن الوقت عَبرَ بشكل سريع جدا حتى أنه بدا لي أنه ليس سوى لحظةَ. إلهنا، على أية حال، عَرضَ أمامي، في نفس الوقت، صورة أخرى، التي نَظرتُ فيها الرّحمةَ الهائلةَ التي يَمْنحُها في الوقت الحاضرِ إلى النفوس المسكينة التي في العذابِ؛ لعل فى كل ذكرىِ لهذا اليومِ العظيمِ، عندما تَحتفلُ كنيسته بسر موته المجيد، يَلقي نظرةَ رحمة على النفوس التى في العذاب، ويُحرّرُ بعض الذينِ أثموا ضده قبل صلبه. رأيت هذا اليومِ يسوع يُنجى عديد من النفوس؛ البعض كنت أعرفه والآخرون كَانوا غرباءَ بالنسبة لي، لكنى لا أستطيع أَنْ أَسمّي أيا منهم.
إلهنا، بالنزول إلى الجحيم، َزْرُع في بستان الكنيسة الرّوحيةِ، شجرة غامضة، ثمارها تعني استحقاقاته المُعينة لراحةِ ثّابتةِ للنفوس المسكينة التى في العذابِ. مجاهدي الكنيسةِ يَجِبُ أَنْ يَفْلحَوا الشّجرة، ويجمعون ثمارها، من أجل أَنْ يُقدّمونها إِلى ذلك الجزءِ المتألمِ من الكنيسةِ الذي لا يستطيع أَنْ يفعَلُ شيء لنفسه. هكذا بكل استحقاقات المسيحِ؛ نحن يَجِبُ أَنْ نَعْملَ معه إن رْغبُنا أَنْ نَحْصلَ على حصّتنا منها؛ نحن يَجِبُ أَنْ نَكْسبَ خبزنا بعرقِ جبيننا. كل شيء قد فعله إلهنا من أجلنا في حينه يَجِبُ أَنْ يُنتجَ ثمار للأبدية؛ لكننا يَجِبُ أَنْ نجمّعَ هذه الثّمارِ، التى لا يُمكنُ بدونها أَنْ نَمتلكها في الأبدية. إنّ الكنيسةَ هى أكثر الأمهاتِ تدبيرا وتّفكيراً؛ إنّ السّنةَ الكنسية لهي بستان هائل ورائعةُ، فيها تتجمع كل تلك الثّمارِ للأبد، حتى نَستعملها في حينهِ. كل سنةِ تَحتوي ما يكفي أَنْ يسد احتياجات الجميع؛ لكن الويلَ للبستانيِ المهملِ أو الغشّاشِ الذي يَسْمحُ أن تهلك أي ثّمرةِ موضوعه تحت عنايته؛ إن َفْشلُ في أن يتاجر بتلك النِّعَمِ التي تُعيدُ الصحة للمرضى والقوة للضّعفاء والطّعام للجوعى! عندما يأتى يوم الحساب، سَيَطْلبُ سيد البستان حساب صارم، ليس فقط عن كل شجرةِ، بل أيضا عن كل ثّمرةَ نبتت في البستان.







Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:10 PM


الفصل الخامس والستون
عشية القيامة



نحو نهاية يومِ السبت، جاء يوحنا ليَرى النِّساء القديّسات. حاول أن يَقدم بعض التّعزيةِ، لكنه لم يتَمَكّنَ من أَنْ يمنع دموعه، ومكث لفترة قصيرة معهم. كَانَ فى زيارتهم أيضا كل من بطرس ويعقوب الكبير، بعد ذلك اختلوا فى صوامعهم، أعطوا متنفس لأحزانهم، جلسوا على الرماد, وحْجبُوا أنفسهم أكثر.
صلاة العذراءِ المباركةِ كَانتْ بلا توقفَ. عينيها ظلت دوما مُثبّتة بشكل داخلي على يسوع، وقَدْ توهجت تماماً برغبة عارمة أن تنظر مرة أخرى من أحَبّتْه بمثل هذا الحبِّ المتعذر وصفه. فجأة وَقفَ ملاك بجانبها، ودعاها أن تنَهضَ وتَذْهبُ إلى بابِ منزلِ نيقوديموس، لأن الرب كَانَ قُرْيب. قفز قلب العذراءِ المباركةِ بالبهجةِ. لَفّتْ عباءتها بعجالة حولها، وتَركتْ النِّساء القديّسات، دون أن تُعلمهم إلى أين هي ذْاهبةُ. رَأيتُ مشيتها المسرعةَ إِلى مدخلِ صغيرِ كان في سور المدينةِ، يماثل المدخل الذي دَخلتْ منه عندما رْجعُت مع مرافقيها من القبرِ.
كان حوالى الساعة التاسعة ليلا، عندما وصلت العذراء المباركة للمدخل، رَأيتهاُ تقف فجأة في بقعةِ منعزلة جداً، وتنظر لأعلى في نشوةِ مبهجة، لأنها رأت ألهنا على قمةِ سور المدينةِ، متألقا بالنور، بدون ظهور الجراحِ، ومحاطَ بالبطاركةِ. لقد نزل نحوها، التفت إِلى مرافقيه، وَقدمها لهم قائلا " ها هى مريم، ها هى أمي " ظَهرَ لي يُحيّيها بقبلةِ، واختفىَ بعد ذلك. سَجدتْ العذراءُ المباركةُ لأسفل، وقَبّلتْ الأرض التي وَقفَ عليها بإجلال، وطبعة يديها ورُكَبتيها ظلت مَطْبُوعةَ على الأحجارِ. هذا المنظر مَلأها ببهجةِ يتعذر وصفهاِ، وانضمّتْ فى الحال مرة أخري بالنِّساءِ القديّساتِ اللواتي كن منشغلات في إعْداْدِ الأطياب والحنوطِ. لمَ تخبرهم بما رَأتْه، لكن ثباتها وقوه فكرها قَدْ عادا إليها, لقد تجددتْ تماماً وأُراحت كل الباقينِ، وسَعتْ أن تَقوّي إيمانهم.
عندما عادت مريم كانت كل النِّساءِ القدّيساتِ يَجْلسنَ على منضدةِ طويلةِ، يتدلى غطائها حتى الأرض؛ حزم الأعشابِ كُوّمتْ حولهم، وقد تم خَلطهم سوية وترَتيّبهم ؛ كانت توجد أيضا قوارير صغيرة، تَحتوي على زيوت عطرية وماء العنبرِ، أيضا باقاتِ الزّهورِ الطّبيعيةِ، ميزت منها زهرة السوسن. المجدلية، مريم ابنة كلوبا، سالومه، يونا، ومريم سالومه، قَدْ اشترينَ كل هذه الأشياءِ من المدينةِ خلال غياب مريم. نيتهم كَانتْ أَنْ يَذْهبنَ إلى القبرِ قبل شروق الشمسِ فى اليوم التاليِ، من أجل أَنْ يَنْثرنَ هذه الزّهورِ والعطورِ على جسدِ سيدهم الحبيبِ.







Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:13 PM

الفصل السادس والستون
يوسف الرامى طليقَ بمعجزة سمائية‏


بعد وقت قصير من عودة العذراءِ المباركةِ إِلى النِّساءِ القدّيساتِ، رأيت السّجنِ الذي حُبس فيه يوسف الرامى. كَانَ يَصلّي بتوهج، عندما أنير كل المكان فجأة بنور رائع، وسَمعتُ صوتَ يَدْعوه بالاسم، بينما فَتحْ السّقفِ في نفس اللحظة، وظهر شكل ساطع، مُمسك بلفائف تَشْبهُ التى لَفَّ بها جسد يسوع. أمسك يوسف بها بكلتا يديهِ، وسُحب لأعلى من الفتحةِ، التي أغَلقتَ ثانية بمجرد خروجه منها؛ واختفىَ الظّهور فى اللّحظةَ التى كَانَ فيها فى أمانِ في قمةِ البرجِ. لَستُ اَعْرفُ سواء كان الرب بنفسه أو ملاك هو الذي حرر يوسف .
مَشى يوسف الرامى على قمّةِ السور حتى وَصلَ إلى جوارَ العلية، التي كَانتَ قُرْب السور الجنوبيِ لصهيون، وبعد ذلك قفز وطَرقَ باب ذلك الصّرحِ، حيث كانت الأبوابِ قَدْ أُغلقت. التلاميذ الذين تجمعوا هناك كَانوا بغاية الحُزِنَ عندما فقدوا يوسف، الذي اعتقدوا أنه قَدْ ألقي في حفرة. عظيمة كانت َ بهجتهم عندما فَتحوا البابَ ووَجدوا أنه هو بنفسه؛ حقاً، كَانت تقريباً بنفس القدر فرحتهم عندما نجا بطرس بطريقة معجزية من السّجنِ بعد ذلك ببضع سَّنَواتِ. عندما روى لهم ما حَدثَ، كانوا ممتلئين بالدّهشةِ والفرح؛ وبعد أن شُكْرواِ الرب بتأجج أعطوه بعض المرطبات التي كان بغاية الاحتياج إليها. لقد تَركَ أورشليم فى نفس اللّيلةِ، وهَربَ إِلى أرمنيا، موطنه الأصلي، حيث بَقى حتى عرف أنه يستطيع أَنْ يَرْجعَ بأمان إِلى أورشليم
بالمثل رَأيتُ قيافا بقرب نهاية يومِ السبت، في دارِ نيقوديموس. كَانَ يَتحدّثُ معه ويسُأله عديد من الأسئلةِ بشّفقةِ مزعومة. أجاب نيقوديموس بقوة واستمر يُؤكّدَ على براءة يسوع. لم يبَقيا معا طويلا .






Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:16 PM

الفصل السابع والستون
ليلة القيامة


بعد ذلك رأيت قبر الرب. كل شئ حوله كَانَ هادئَ وصامتَ. كان هناك ستة جنودُ على أهبة الاستعداد، كانوا إمّا جالسين أو واقفين قبالة البابِ، وكاسيوس كَانَ معهم. شكله كَانَ شكل إنسان مستغرق في تّأملِ ومتوقعِ حدثِ عظيمِ. جسد فادينا المقدّس قَدْ لُفَّ في الأكفان ومُحاطَ بالنور، بينما جلس ملاكان في وضع العبادة، واحد عند الرّأسِ، والآخر عند القدمينِ. لقَدْ رَأيتهم في نفس الوضعِ منذ أن وُضع الجسد المقدس في القبرِ. كانت هذه الملائكةِ فى زي الكهنة. وضعهم، والأسلوب الذي أجازوا به أياديهم على صدورهم، ذَكّرني بالملائكةِ التي أحاطت بتابوت العهدِ، فقط هم كَانوا بدون أجنحةَ؛ أو على الأقل أنا لم أرَي لهم أجنحة. كل القبرِ ذَكّرني بتابوت العهدِ في فتراتِ تاريخية مختلفةِ. محتمل أن كاسيوس كَانَ مدرك لحضورِ الملائكةِ، والضّوءِ السّاطع الذي مَلأَ القبر، لأن موقفه كَانَ مثل موقف إنسان في تّأملِ عميقِ أمام سر العشاء الرباني المباركِ.
ثم رأيت إلهنا يَدْخلُ القبرِ من خلال الصّخرِ برفقةَ البطاركةِ الذين حَرّرهمَ. لقد أراهم الجراحَ التي تغطى بها جسده المقدّسِ؛ وظَهرَ لي أن الأكفان التى التف بها قد أزيلت، وأن يسوع أراد أَنْ ترى النفوس الألم البالغ الذى قَدْ تَحمّلَه كى يفديهم. ظَهرَ الجسد لي واضحا تماماً، حتى أن عمقَ كل الجراحِ كان مُمكنُ أَنْ يُرى؛ وهذا المنظر مَلأَ النفوس المقدّسةَ بالإعجابِ، مع أن مشاعر عميقة من الشّفقةِ جذبت الدموعَ من أعينهم.
رؤيتي التالية كَانتْ غامضةَ جداً لدرجة أنى لا أستطيع أَنْ أُوضّحَها أو حتى أرويها بأسلوب واضحِ. ظَهرَ لي أن نفس وجسد يسوع قَدْ أخذا سوية خارج القبرِ، بدون أن تتَحّدِ النفس ثانية بالجسد بالكامل، الذي كان لم يزل ساكنا فى القبر. اعتقد أنى رَأيتُ ملاكان كَانا سْاجدانِ ويُمجّدانِ عند رّأسِ وقدميِ الجسدِ المقدّسِ، يَرْفعانه ويَحْفظانه في الوضعِ المضبوطِ الذي كان فيه راقدا في القبرِ ويَحملانه غير مُغطى ومشَوّهَ بالجراحِ عبر الصّخرة، التي اهتزت بينما يعَبرون. ثم ظَهرَ لي أن يسوع قَدّمَ جسده، موسوم بعلامات آلامه، إِلى أبيه السّماويِ، الذي، جلسَ على عرشِ، مُحاطَ بربوات غير معدودةِ من الملائكةِ التى كانت مُستغرقة فى سعادة في إنشاد تراتيل العبادة والتهليل. الحالة كَانتْ من المحتمل هى نفسها عندما مات يسوع، كثير جداً من النفوس المقدّسةِ دخلت ثانية أجسادها، وظَهرتْ في الهيكلِ وفي أجزاءِ مختلفةِ من أورشليم؛ لأنه لَيسَ على الأرجح‏ أن الأجسادِ التي تحَرّكوا بها كَانتْ حيَة حقاً، لأنه في تلك الحالةِ كَانَ لابد أَنْ تَمُوت ثانية، إلا إنهم رَجعوا إِلى حالة موتهم بدون صعوبةِ ظاهرةِ؛ لكنه يُفتَرضُ أنّ ظهورهم في الشّكلِ الإنسانيِ كَان َمشابهَ إِلى ظهور الرب يسوع، عندما رَافقَ جسده ( إن صح التعبير مجازا ) إِلى عرشِ أبيه السّماويِ.ْ
فى تلك اللحظةِ اهتزت الصّخرةِ بغاية القوة، من القمّةِ إِلى القاعدة، حتى أن ثّلاثة حرّاسِ سقطوا وغابوا عن الوعي تقريباً. الأربعة الآخرين كانوا بعيدين في ذلك الوقت، لأنهم ذُهِبواَ إلى المدينةِ ليُحضروا شيء ما. الحرّاس الذين طُرحوا ساقطين نُسِبوا الصّدمة المفاجئة إِلى زلزالِ؛ لكن كاسيوس، الذي مع أنه غَيْر واثِق‏ لما يدل عليه كل هذا، مع ذلك شَعرِ بهاجس داخلي أنه مقدمة لحدثِ هائلِ، وَقفَ مَذهولا بتّوقعِ مضطرب مُنتَظِر أَنْ يَرى ما يَتْلى ذلك. رَجع الجنود الذين كانوا قَدْ ذُهِبوا إلى أورشليم فى الحال .
رأيت النِّساءَ القدّيساتِ ثانية: لقَدْ انتهوا من إعْداْد الأطياب، وكَن يَسترحنَ في غرفهم؛ غير مَمدّينُ على الأرائكِ، بل يتكئن على أغطية الفراشِ، التي قَدْ لُفّتْ. لقد رَغبوا أَنْ يَذْهبوا إلى القبرِ قبل بزوغ فجر اليومِ، لأنهم خَافوا لقاء أعداءَ يسوع لكن العذراءَ المباركَة، التي تجدّدتِ بالكامل وامتلأت بالشّجاعةِ مجددا منذ أن رَأتْ ابنها، وَاستهم وأوصتهم أَنْ يَنَاموا لبعض الوقتِ، وبعد ذلك يَذْهبنُ بجراءة إِلى القبرِ، لأن لا أذىُ سيلحق بهن؛ على ذلك تبعوا نصيحتها فوراً، وسَعوا أن يَنَمن.
نحو الساعة الحادية عشر ليلا, اتشحت العذراء المباركة بعباءةَ رمادية وتَركتَ الدّار وحيدة تماماً، مدفوعة بمشاعرِ الحب المتعذرة الكبتِ، عندما رَأيتها تَفعَلُ هذا، قلت لنفسي، " كيف ممكن لهذه الأمِ المقدّسةِ، التي بغاية الإنهاك من الألمِ والتعب، أَنْ تُخاطرَ أَنْ تَمْشي وحيدة فى الشّوارعِ في مثل هذه الساعةِ؟ " رَأيتها تذَهبَ أولا إِلى دارِ قيافا، وبعد ذلك إِلى قصرِ بيلاطس، الذي كَانَ بعيد بمسافةِ عظيمةِ؛ لقد رَاقبتها خلال كل رحلتها الفردية على طول الطريق الذي كَانَ قَدْ وطئه ابنها حاَمّلاَ صليبه الثّقيلِ؛ لقد توَقفتْ في كل مكان حيث قَدْ عَانى مُخلصنا معاناة خاصة، أو نال فيه أي إساءةِ جديدة من أعدائه البرابرة. مظهرها، بينما كانت تسير ببطء، كَانَ مظهرها مظهر شخصِ ينشد شيئا ماَ؛ لقد انحنتْ كثيرا على الأرض، مَسّتَ الأحجارَ بأياديها، وبعد ذلك غمرتها بالقُبَلِ, إن الدّمَ الثّمينَ لابنها الحبيبِ كان عليها. لقد مَنحها الرب في هذا الوقتِ أنوار ونِّعَمِ خاصةِ، وكَانتْ قادرةَ بدون أدنى صّعوبةِ أَنْ تُميّزَ كل موضع تقدس بآلامه. لقد رَافقتها خلال كل زيارتها المقدسة، وسَعيتُ أن أُقلّدها بقدر قوتي، بقدر ما سمح لى ضعفي.
ثم ذهبت مريم إلى الجلجثةِ؛ لكن عندما وَصلت إليها، توَقفتْ فجأة، ورَأيتُ مُخلصنا واقفا أمامها. يتقدمه ملاك والملاكان اللذان قَدْ رَأيتُهما في القبرِ كانا بجانبه، والنفوس التي حررها تتبعه بالمئات. جسد يسوع كَانَ رائع وجميلَ، لكن مظهره لم يكنَ مظهر جسدِ حيّ، مع أن صوت قد صدرَ منه؛ وسَمعته يَصفُ للعذراءِ المباركةِ كل ما فعلَه في عالم النسيانِ، وبعد ذلك يُطمئنها أنه سيقوم ثانية بجسده المُمَجَّدِ؛ حينئذ سيُظهر نفسه إِليها، وأنها يَجِبُ أَنْ تَنتظرَ قُرْب صخرة جبل الجلجثةِ. ثم مضى مُخلصنا نحو أورشليم، واتشحت العذراء المباركة ثانية بطرحتها، انطرحَت فوراً على البقعة التي أشار إليها. كانت الساعة حينئذ على ما أَعتقد تتجاوز منتصف الليل، لأن زيارة مريم لطريقِ الصّليبِ قَدْ استغرق ساعة على الأقل؛ ثم رأيت بعد ذلك نفوس القديسين الذين حررهم يسوع يجتازون بدورهم طّريقِ الصّليبِ، ويَتأمّلُون الأماكن المختلفة حيث قَدْ تَحمّلَ مثل هذه الآلامِ المخيفةِ من أجلهم ومن أجل كل الخليقة. جَمّعت الملائكة التي رَافقتهم قطع لّحمِ مُخلصنا الإلهى التي كَانتَ قَدْ تناثرت مِن جسده بسبب الضّربِ المتكررِ الذى نالهَ وحَفظوهاْ، وأيضا الدّماءِ التي نزفت على الأرضِ فى كل بُقَعة .
رَأيتُ مرة أخرى جسد الرب المقدّس راقدا كما رأيته أولاَ في القبرِ؛ الملائكة كانت مستغرقة في إرجاع قطع لحمه التى قَدْ جَمّعوها، وأنهم نالوا معونة خارقَة في تأدية ذلك. تَأمّلته بعد ذلك في أكفانه، محاطَ بنور ساطع وملاكان يمجدانه بجانبه. أنى لا أستطيع أَنْ أُوضّحَ كيف تحدث كل هذه الأشياءِ، لأنها بعيدة عن فهمنا الإنسانيُ؛ وحتى إن فْهمتها أنا تماماً عندما أراها، فأنها تبدوا مظلمةَ وغامضةَ عندما اَسْعي أن أوضّحها للآخرين.
ما أن أشرق بصيص ضعيف من الفجرِ، رَأيتُ المجدلية ومريم ابنة كلوبا، يونا زوجة خوزى وسالومه يتركن المسكن، ملتفين في إزارهم. حاَملين الأطياب؛ أضاءت إحداهن شمعة في يدّها، سَعتْ أن تَخفيها تحت عباءتها. رَأيتهن يتجهن نحو البابَ الصّغيرَ لدارِ نيقوديموس.







Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:16 PM

الفصل الثامن والستون

قيامة الرب


لقد نظرت نفس الرب بين ملاكين، كانت في ثياب محاربين: كانت مضيئة، مُشرقة، متألقة كالشّمس في منتصف النهار؛ تخترق الصّخرة، تمسّ الجسد المقدّس، تجتاز فيه، ويتحد الاثنان فى الحال، وصارا واحدا. ثم رأيت الأطراف تتحرّك، وجسد يسوع أتحّد ثانية بنفسه وبلاهوته، قام ونفض الكفن الملتفّ حوله وأضئ كل ما فى الكهف .
فى نفس اللّحظة رأيت انفجار حية ضخمة مخيفة على الأرض أسفل القبر. لقد كانت حية ترفع رأسها لتهاجم يسوع؛ وكان لها رأس بشرى. لكن الرب أمسك بعصا بيضاء فى يده، مثبت بها راية كبيرة؛ ووضع قدمه على رأس الحية، وضرب ذيلها ثلاث مرات بعصاه، بعد ذلك اختفت الحية. لقد كنت أرى هذه الرّؤيا نفسها عديد من المرات قبل القيامة، ورأيت مثل هذه الحية، تسعي أن تخفي نفسها في وقت الحبلِ بيسوع: شَبهَ الحية التي أغرت والدينا الأوائل في الفردوس، فقط كانت أكثر ترويعاً. اعتقدتُ بأن هذه الرّؤياِ كَانَت إشارة للكَلِماتُ النّبوية " بنسل المرأةِ يَسْحقَ رأسِ الحية " والذي كَانَ كله مقصودَ أَنْ يَبرهن على غلبة إلهنا على الموتِ، لأنه في نفس اللّحظةِ التي رَأيته يَسْحقُ فيها رأسَ الحية، اختفي القبر من بصري أيضا.
ثم رَأيتُ الجسد المُمَجَّد للرب يقوم، ويعَبرَ خلال الصخور الصلبِة بسهولة وكأن هذه الصخور قَدْ تشُكّلَت من مادة مرنةِ. اهَتزّتْ الأرض، ونزل ملاك في زيِ محاربِ من السّماءِ بسرعةِ البرقِ، دَخلَ القبرَ، رَفعَ الحجر ووَضعه على الجانبِ الأيمنِ، وجلسَ فوقه. برؤية هذا المنظر سقط الجنودِ على الأرض، وبَقوا كأنهم بلا حياة. عندما رأى كاسيوس الضّوءَ السّاطع الذي أنار القبر، اقتربَ من المكانِ حيث وُضِعَ الجسد المقدّس، نَظرَ ومَسَّ الأكفانَ وتَركَ القبر ليَذْهبَ ويُخبر بيلاطس بكل ما حَدث. إلا أنه تَلكّأَ لوقتَ قصيرَ ليُراقبَ تقدم الأحداثِ؛ لأنه على الرغم من أنه قَدْ شَعرَ بالزّلزال ورَأىَ الملاكَ يحركَ الحجرِ، ونَظرَ القبرِ الفارغِ، إلا أنه لم يرىَ يسوع بعد.
فى ذات اللّحظةِ التي دخل فيها الملاكِ القبرَ واهتزت الأرضَ، رَأيتُ الرب يَظْهرُ إِلى أمه المقدّسةِ فى الجلجثةِ. جسده كَانَ جميلَ ومرحَ، وجماله كَان جمال كائن سماويِِ. كان مكُتسِيا بعباءةِ كبيرةِ، بدت بيضاء بتألق، كما كانت تهفهف فى الهواءِ، ترفرف ذهاباً وإياباً مع كل نسمةِ رّيحِ، وتعكس آلاف الألوان الرائعة كلما عَبرتْ أشعة الشمسِ عليها. أشرقتْ جراحه المفتوحة على نَحْو ساطع‏، وكانت مُمكنُ أَنْ تَرى من مسافةِ عظيمةِ: جراح يديه كَانتْ كبيرَ جداً حتى أنه ممكن وضع الإصبعِ فيها بلا صعوبةِ؛ ونفذت أشعة الضّوء منها، منفرجة من جهةِ أصابعه. نفوس البطاركةِ رَكعتْ أمام أمِ مُخلصنا، وتكلم يسوع إليها مُشيرا إلى قيامته، مُخبرا إياها بأشياء عديدة قَدْ نَسيتُها. أراها جراحه؛ وانطرحت مريم لتُقبّلَ قدميه المقدّسة؛ لكنه اَخذَ يدّها، أقامها، واختفىَ.ِ
عندما كُنْتُ على مسافةِ من القبرِ رَأيتُ أضواءَ عذبة متوهِّجة هناك، ورأيت بقعةَ مضيئةَ كبيرةَ في السّماءِ فوق أورشليم.









Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:17 PM


تأمل الرب يسوع


الجمعة المقدّسة قَدْ تلاه فجرِ أحد القيامة المجيدِ. إن كنت قَدْ قَرّرتُ أَنْ لا أفني العالم، فذلك يَعْني أننّي أُريدُ أَنْ أُجدّده وأن أنعشه. أن الأشجار القديمة تَحتاجُ أَنْ تَفْقدَ أوراقها وأن تُشَذَّب لكي تستطيع أَنْ تَعطى نباتات جديدة. أما الأغصان القديمة والأوراق الجافّة، فتصير للُحرق .
افصلْوا الكباش الصّغيرةَ عن الخرافِ، لتستطيع أَنْ تجد مراعي خصبة مُعدة جيداً حيث تستطيع أَنْ تُشبع جوعها وأن تشرب من ماءِ ينابيع الخلاص الصافية ِ....إن دمى الفادى يسَقى الأراضي القاحلة التي أَصْبَحتْ صحاريَ عالمِ النفوس. وهذا الدّمِ سَيَجرى على الأرض دائما طالما أن هناك إنسان واحد ينبغى أن يخلص.
أحبائى, أنى اَرْغبُ ما لستم تُريدونهُ، لكنى أستطيع أَنْ أفعَْلُ ما لا تستطيعوا أَنْ تحصلوا عليه. أن مُهمتكم أَنْ تجعلوني محَبوب من النفوس، وأَنْ تُعلّموهم أَنْ َيعِيشوا معي. أنا لم أمتُّ على الصليبِ، وتعرضت لآلاف العذابات كى أزود جهنم بالنفوس، بل بالأحرىَ، كى أزود السماء بنفوس المختارين .



Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:18 PM


الفصل التاسع والستون
النّساء القدّيسات عند القبر


النّساء القدّيسات كن بالقرب من باب دار نيقوديموس في لحظة قيامة الرب؛ لكنهم لم يروا أي شئ من الأعاجيب التي كانت تحدث عند القبر. لم يكن مدركات بأنّ الحرس قد وضعوا حوله، لأنهم لم يزرن الموضع فى اليوم السّابق، لكونه كان السبت. كانت كل واحدة منهن تسأل الأخرى ماذا سيفعلن بخصوص الحجر الكبير الموضوع على الباب، من الشّخص الملائم الذى يجب أن يسألنه عن إزالته، لأنهن كن منسحقات بالأسى حتى أنهن ما فكّرن في الموضوع من قبل. نيتهن كانت أن يسكبن الطيب على جسد يسوع، وبعد ذلك ينثرن عليه زهور من أكثر الأنواع النّادرة والعطرة، هكذا يقدمون كل الكرامة الممكنة إلى سيدهم الإلهى في قبره. سالومه، التي جلبت أشياء أكثر من أي شخص آخر، كانت سيدة غنية، كانت تعيش في أورشليم، كانت تمت بصفة قرابة للقديس يوسف، قررت النّساء القدّيسات أن يضعن الحنوط على الحجر الذي أغلق باب القبر، وينتظرن حتى يأتي أحد ليدحرجه .
كان الحرّاس ما زالوا راقدين على الأرض، التشنجات القوية التى هزتهم أظهرت كم كان عظيماً رعبهم، والحجر الكبير قد ألقى على أحد الجانبين، حتى أن الباب ممكن فتحه بلا صعوبة. لقد استطعت أن أرى الأكفان التي كانت تلف جسد يسوع مبعثرة في القبر، واللفافة الكبيرة موضوعة في نفس المكان مثلما تركوها، لكنها ملتوية بطريقة بحيث أنك ترى فى الحال أنها لم تعد تحتوى على أي شئ سوى الحنوط التي كان قد وضع حول الجسد، والضّمادات كانت خارج القبر. المنديل الذي غلّفت به مريم الرّأس المقدّس لابنها كان ما زال هناك.
رأيت النّساء القديسات يأتون إلى البستان؛ لكن عندما ميزوا النور القادم من قناديل الحراس، وأشكال الجنود السّاجدة حول القبر، ارتعبن وتراجعن نحو الجلجثة. مريم المجدلية كانت أكثر شجاعة ودخلت البستان وتبعتها سالومه، بينما ظلت بقية النّساء بالخارج.
بدت المجدلية فزعة للحظة عندما اقتربت من الحراس. تراجعت بضع خطوات وانضمّت ثانية إلى سالومه، لكنهما استعادا رباطة جأشهما وسارا سوياً وسط الحرّاس السّاجدين، ودخلن الكهف الذى يحتوي القبر. أدركن على الفور أن الحجر قد دُحرج، لكن الأبواب كانت مغلقة. فتحت المجدلية الأبواب بسرعة، نظرت بحرص في القبر، وكم كانت عظيمة دهشتها برّؤية الأكفان التي أحاطوا الرب بها موضوعة فى أحد الأجناب، وأن الموضع الذى أودعوا فيه الجسد المقدّس فارغاً. ملأ نور سماوي الكهف، وجلس ملاك على الجانب الأيمن. تجمدت المجدلية من خَيْبَة الأمَل‏ والرعب. أنا لا اعرف إن كانت قد سمعت الكلمات التي خاطبها بها الملاك أم لا، لكنها تركت البستان سريعاً بقدر ما تستطيع، وركضت نحو المدينة لتخبر التلاميذ الذين تجمّعوا هناك بما قد حدث. أنى لست اعرف إن كان الملاك قد تكلّم إلى مريم سالومه، لأنى لم أراها تدخل القبر؛ بل رأيتها تترك البستان مباشرة بعد المجدلية، كى تروى كل ما حدث لبقية النّساء القديسات، اللواتي كنّ خائفات ومسرورات بالأخبار، لكن لم يستقر رأيهن إن كانوا سيذهبن إلى البستان أم لا .
في نفس الوقت كان كاسيوس قد بقى قرب القبر بأمل رؤية يسوع، كما اعتقد أنه سيظهر بالتأكيد للنّساء القديّسات؛ لكنه لم يرى شيء، فاتجه نحو قصر بيلاطس ليقص عليه كل ما حدث، توقف أولاً في الوضع الذى تجمعت فيه بقية النّساء القدّيسات، ليخبرهن بما قد رآه، وليحثهن أن يذهبن فورا إلى البستان. تبعوا نصيحته، وذهبن هناك فى الحال. ما أن وصلوا لباب القبر حتى نظروا ملاكان مكتسيان بأردية كهنوتية بيضاء باهرة. النّساء كنّ مرتعبات للغاية، غطوا وجوههم بأياديهم، وسجدوا على الأرض؛ لكن أحد الملاكين خاطبهم, دعاهم ألا يخافوا، واخبرهم إنهم لا يجب أن يطلبوا يسوع المصلوب هناك، لأنه حي، لقد قام، ولم يعد ساكنا بالقبر. أشار إليهم في نفس اللحظة إلى القبر الفارغ، وأمرهن أن يذهبن ويقصوا على التلاميذ كل ما قد رأوه وسمعوه. اخبرهن أيضاً أن يسوع سيذهب أمامهم نحو الجليل، وذكّرهم بالكلمات التي قالها مُخلصنا لهم فى مناسبة سابقة : " أن ابن الإنسان سيسلّم في أيادي الخطاة وأنه سيصلب، ويقوم فى اليوم الثالث ". حينئذ اختفي الملاكان، وتركا النّساء القدّيسات ممتلئات بالبهجة، مع أنهن قد تأثرن بشّدة بالطبع وبكين، نظروا إلى القبر الفارغ والأكفان وبدءوا على الفور يرجعن إلى المدينة. لكنهم كن مُنهكات بعديد من الأحداث المذهلة التي وقعت، حتى أنهم سرن ببطء جداً، وتوقفوا ونظروا للخلف كثيراً، على آمل رؤية الرب، أو على الأقل المجدلية.
في أثناء ذلك وصلت المجدلية إلى حيث تجمع التلاميذ. كانت مثارة وقرعت الباب بعجالة. كان بعض التلاميذ ما زالوا نائمين، وأولئك الذين كانوا مستيقظين كانوا يتحدّثون معاً. فتح بطرس ويوحنا الباب، لكنها كانت تصيح دون أن تدخل الدّار : " لقد أخذوا جسد سيدي، ولست اعرف أين وضعوه " ورجعت فورا إلى البستان. رجع بطرس ويوحنا للدّار، وبعد أن قالا بضع كلمات إلى التّلاميذ الآخرين تبعوها راكضين بسرعة بقدر ما يستطيعون، لكن يوحنا سبق بطرس.
ثم رأيت المجدلية تدخل البستان، وتوجهت نحو القبر؛ بدت قلقة بشّدة، من جهة بسبب الحزن، ومن جهة أخرى لكونها مشت بسرعة. ملابسها كانت رطبة تماما بالنّدى، وتعلقت طرحتها من جانب واحد، بينما شّعرها الذي كانت تتفاخر به كثيرا فى السابق قد سقط على كتفيها دون تنسيق، مشكّلاً عباءة. بكونها بمفردها، كانت خائفة من دخول الكهف، بل توقف للحظة خارجه، وسجدت لأسفل لترى القبر بشكل أفضل. لقد كانت تحاول أن تدفع شعرها الطّويل الذي سقط على وجهها حاجباً الرؤية عنها للخلف، عندما لاحظت الملاكان اللذان قد جلسا في القبر، وسمعت أحدهما يخاطبها قائلاً : " يا امرأة، لماذا تبكين ؟ " أجابت، بصوت مُختنق بالدموع لأنها قد غمرت تماما بالأسى باكتشاف أن جسد يسوع قد اختفى حقا : " لقد اخذوا سيدي، ولست اعرف أين وضعوه ". لم تقل شئ أخر، لكن برؤية الكفن الفارغ، خرجت من القبر وبدأت تنظر حولها في المناطق الأخرى. شعرت بهاجس داخلي أنها ليست فقط يجب أن تجد يسوع، بل أنه قريب إليها تماما؛ ووجود الملائكة بدا لا يزعجها على الأقلّ؛ لم تُظهر حتى أنها مدركة إنهم ملائكة، كل فكرها كان مُستغرقا بالكامل فى فكره واحدة " يسوع ليس هناك! أين يسوع؟ " لقد راقبتها هائمة كشخص مجنون، شعرها يطير على نحو طليق في الرّيح: بدا أن شعرها يغيظها كثيراُ، لأنها حاولت مرة أخرى أن تدفعه بعيد عن وجهها، وبعد ما قسّمته لجزأين، ألقته على كتفيها.
ثم رفعت رأسها ونظرت حولها، ولاحظت منظر شخص ما طويل، مكتسيا بملابس بيضاء، يقف على بعد حوالي عشرة خطوات من القبر على الجانب الشّرقي للبستان، حيث كان هناك علو قليل في اتجاه المدينة؛ الشّكل قد اختفى جزئياً من بصرها بنخلة، لكنها بوغتت بمن يخاطبها بهذه الكلمات : " يا امرأة، لماذا تبكين؟ من تطلبين؟ " ظنت أنه البستاني؛ لأن رداءه كان يشبه رداء البستاني الذى وصفه يسوع في المثل الذي قصه على النّساء القديسات في بيت عنيا قبل وقت قصير من آلامه. جسده لم يكن مضيء، مظهره بالكامل كان بالأحرى مظهر رجل مرتدي ثياب بيضاء ورؤى فى الغسق. بكلمات " من تطلبين ؟ " نظرت إليه وأجابت بسرعة : " سيدي، إن كنت أخذته، أخبرني أين وضعته؛ وأنا آتى وآخذه. " وبدت متلهفة. قال لها يسوع " يا مريم " حينئذ ميزت على الفور صوّته الحبيب، والتفتت بسرعة وأجابت " رابوني " وألقت بنفسها على ركبتيها أمامه، ومدت يديها لتمسّ قدميه؛ لكنه أومأ إليها أن تهدأ، وقال : " لا تلمسّيني، لأنى لم أصعد بعد إلى أبي؛ بل أذهبي إلى أخوتي وقولي لهم: أنى صاعد إلى أبي وأبيكم، إلى إلهي وإلهكم. ثم اختفى.
سبب كلمات يسوع " لا تلمسّيني " قد أتضّح لي بعد ذلك، لكنى لدى فقط تذكر غير واضح لهذا التّفسير. أعتقد أنه استعمل تلك الكلمات بسبب تهور مشاعر المجدلية، التي جعلتها لدّرجة ما تنسي السر العظيم الذي قد اكتمل، وشعر كما لو أن ما تنظره ما زال فى عينيها جسد بشري وليس جسداً ممجّداً.
أما بالنسبة لكلمات يسوع " أنى لم أصعد بعد إلى أبي " فأنا قد أُخبرت بأنّ معناها أنه قد قدّم نفسه إلى أبيه على نحو حار منذ قيامته، ليقدم له الشكر لانتصاره على الموت، ولأجل عمل الفداء الذي أتمّه. لقد رغب منها أن تستنتج من هذه الكلمات، أن الثّمار الأولى للفرح تخص الرب، وأنها يجب أن تعكس وتقدم الشكر له لأجل إتمام سر الفداء المجيد، ولأجل الغلبة التى نالها على الموت؛ وإن هي قبّلت قدميه كما تعودت قبل آلامه، فأنها ما كانت ستفكّر فى شئ سوى فى سيدها الإلهى، وفي نشوة الحبّ قد نسيت بالكامل الأحداث الرّائعة التي كانت تسبّب مثل هذه الدّهشة والبهجة في السّماء. لقد رأيت المجدلية تنهض بسرعة، بمجرد أن اختفى الرب، وتركض لتنظر ثانية في القبر, كما لو أنها ظنت أنها تحت تأثير حلم. رأت الملاكين ما زالا جالسان هناك، وتكلّموا إليها بخصوص قيامة الرب بنفس الكلمات التى خاطبوا بها المرأتان من قبل. رأت أيضاً الكفن الفارغ، وبعد ذلك، شعرت بالتأكيد بأنها ليست واهمة، وأن ظهور الرب كان حقيقي، سارت بسرعة للرجوع للجلجثة لتطلب مرافقيها، الذين كانوا يتجوّلون ذهاباً وإيابا، يراقبون عودتها بلهفة، ومطلقين العنان لنوع من الأمل المُبهم إنهم لابد أن يروا أو يسمعوا شيء ما عن يسوع.
استغرق كل هذا المشهدِ أكثر قليلاًَ من دقيقتان أو ثلاث دقائقِ. كانت حوالي الثالثة والنّصفِ عندما ظهر الرب إِلى المجدلية، ودخل يوحنا وبطرس البستان بينما كانت تَتْركها. يوحنا الذي سبق بطرس قليلاَ، وَقفَ في مدخلِ الكهفِ ونَظرَ داخله. رَأىَ الأكفان موضوعة على أحد الجوانبِ، وانتظرَ حتى جاء بطرس ودَخل القبرَ بعده، ورَأوا الأكفان فارغة. آمن يوحنا بقيامة الرب فى الحال، وفهما كلاهما الكَلِماتَ التى خاطبهم بها يسوع قبل آلامه بوضوح، وأيضا الفقرات المختلفة في الكتاب المقدّسِ التى تتعلق بذلك الحدثِ، الذي كان مازال غامضا إليهم. وَضعَ بطرس الأكفان تحت عباءته، ورَجعوا بعجالة إلي المدينةِ من خلال المدخلِ الصّغيرِ الذى يخص نيقوديموس.
مظهر القبر المقدسِ عندما دَخل التلميذان كَانَ هو نفسه عندما دخلته المجدلية أولا. الملاكان اللذان يَمجدان قَدْ جلسَا، واحد عند الرّأسِ، والآخر في الحدّ الأقصىِ من القبرِ، في نفس الموقفِ عندما كان جسده المبارك يرقد هناك. أنا لا أَعتقدُ أن بطرس كَانَ شاعر بحضورهم. سَمعتُ يوحنا بعد ذلك يُخبرُ تلميذي عمواس، أنه عندما نَظرَ في القبرِ رَأىَ ملاكَ. ربما قَدْ بوغت من قبل هذا المنظرِ، ولهذا رجع للخلف وجعل بطرس يَدْخلَ القبرَ أولا.
بدأ الحرّاس يفيقون في هذه اللّحظةِ، ونهضوا وجَمّعَوا رماحهم، وانزلواْ القناديل، التي كَانتْ على البابِ، كى يَلقونَ بصيصَ من الضوء على الأشياءِ التى تحيط بهمِ. ثم رَأيتهم يَمْشونَ بعجالة خارج البستان في خوفِ وهلعِ واضحِ، في اتجاه المدينةِ.
في أثناء ذلك انضمت المجدلية ثانية إلى النِّساءِ القديّساتِ، وروت لهم رُؤيتها للرب في البستان وبكَلِماتِ الملائكةِ بعد ذلك، وعندئذ ربَطوا ذهنيّا‏ فوراً ما كَانوا قَدْ رَأوه بأنفسهم، وذهبت المجدلية بسرعة إِلى أورشليم، بينما عادت النِّساءَ إِلى البستان حيث توَقّعوا أَنْ يَجدوا التلميذان. قبل أن يَصلوا البستان، ظَهرَ لهم يسوع. وقَدْ اكتُسِى في عباءةِ بيضاءِ طويلةِ، اخفتْ حتى يديه، وقالَ لهم " مرحبا " وثبوا بدّهشةِ، والقوا أنفسهم عند قدميه؛ تَكلّمَ معهم بضع كَلِماتَ، مد يده كما لو أنه يُشيرَ إلى شيء ما إليهم، واختفيْ. ذهبت النِّساء القديسات فى الحال إِلى العلية واخبروا التّلاميذ الذين تجُمّعوا هناك إنهم قَدْ رَأوا الرب؛ كَان التلاميذ مرتابينَ، ولَم يؤمنوا ولا بما ذكرته المجدلية. لقد تعَاملا فى كلتا الحالتين كأنهم متأثرين بتخيلاتهمِ؛ لكن عندما دخل بطرس ويوحنا الغرفةَ ورويا ما قَدْ رَأوا، لم يعَرفوا بماذا يُجيبوا، وقَدْ امتلئوا بالدّهشةِ.
ترك بطرس ويوحنا العلية فورا، الأحداثِ الرّائعةِ التي قَدْ حَدثتْ جعلتهم صامتين ومستغرقين في التفكير‏، وبعد قليل قَابلا يعقوب الصغير ووَتَدَّاوُسُ، اللذان رَغباَ أَنْ يُرافقوهما إِلى القبرِ. كل من يعقوب ووَتَدَّاوُسُ كانا منهكان بشّدة، لأن الرب قَدْ ظَهرَ إليهم قبل وقت قصير من لقائهم لبطرس ويوحنا. رَأيتُ أيضا يسوع يمر بقرب بطرس ويوحنا. أَعتقدُ أن يوحنا قد ميزه، لأنه انطلق‏ فجأة، لكنى لا أَعتقدُ أن بطرس قد رآه.









Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:19 PM


الفصل السبعون

الرواية التي أعطتْ مِن قِبل الحراسِ الذين وُضِعوا حول القبر


أسرع كاسيوس إِلى دارِ بيلاطس بعد حوالي ساعةِ من القيامةِ، كى يَعطيه تقرير مُفصل عن الأحداثِ الهائلةِ التي حَدثتْ. لم يكن بيلاطس قد استيقظ بعد، لكن كاسيوس سُمِحَ له أَنْ يَدْخلَ غرفة نومه. لقد قص عليه كل ما حَدثِ، واظهرَ مشاعره بنبرة قوية. لقد وَصفَ كيف أن الصّخرةَ قد انشقت، وكيف أن ملاك قَدْ نزل من السّماءِ ودَفعَ الحجر جانباً؛ تَكلّمَ عن الأكفان الفارغِة أيضا، وأضافَ بكل تأكيد أن يسوع هو المسيح المنتظرَ، ابن الرب، وأنه قَدْ قام حقاً. استمع بيلاطس إلى هذا التقرير وارتعدَ وارتجفَ بالرّعبِ، لكنه أخفى هياجه بأقصى قوته، وأجاب كاسيوس قائلا : " هل تؤمن أنت أيضاً بالخرافات؛ لقد كان بغاية الحماقة أَنْ تَذْهبَ إلى قبرِ ألجليلي؛ أن آلهته استغلّتْ ضعفك، وأظهرت كل تلك الرُّؤىِ السّخيفةِ كى تُخيفك. أَوصيك أَنْ تظل صامتا، ولا تسرد من جديدَ مثل هذه الحكاياتِ السّخيفةِ إِلى الكهنة، لأنك ستنال منهم ما يُسيئك " لقد ادّعىَ أَنهْ يَعتقدَ بأنّ جسدَ يسوع قَدْ أُخذ مِن قِبل تلاميذه، وأن الحراس قَدْ ارتشِوا ونَاموا، أو ربما كانوا مَخْدُوعين بالسّحرِ، قَدْ اخترعوا هذه القصة من أجل أَنْ يُبرّرَوا تصرفهم. عندما قال بيلاطس كل ما يستطيعه فى هذا الموضوع، تركه كاسيوس، وذَهبَ بيلاطس ليقدم تقدمته إِلى آلهته.
وصل الجنود الأربعة الذين كانوا فى حَراسة القبر بعد قليل إلي قصرِ بيلاطس، وبدءوا يُخبرونه بكل ما كان قَدْ سَمعهَ مسبقا من كاسيوس؛ لكنه لم يَستمعُ إلى شيء أكثرِ وأرسلهم إِلى قيافا. تجُمّع بقية الحرّاسِ في ساحة كبيرةِ بقُرْب الهيكلِ ممتلئة باليهودِ المسنينِ، الذين، بعد مشاورات سّابقةِ، اَخذَوا الجنودَ على أحد الجوانبِ ورّشوهم وّهددوهم سَعيَا أن يُقنعونهم أَنْ يَقُولوا بأنّهم ناموا، وبينما كَانوا نائمين جاء التلاميذ وأخذوا جسد يسوع. الجنود، مع ذلك، اعتَرَضوا، لأن التقرير الذي سيقدمه رفاقهم إِلى بيلاطس سيُناقضُ أي قصة سيخترعونها الآن، لكن الفريسيون وَعدوهم أَنْ يُرتّبوا كل شيء مع الحاكمِ. بينما كانوا ما زالوا يُعارضونَ، جاء الحرّاس الأربعة من مقابلةِ بيلاطس، وسعى الفريسيون أن يُقنعونهم أَنْ يَخفوا الحقيقة؛ لكنهم رَفضوا ذلك وأعلنوا بقوة إنهم لَنْ يُغيّروا ما أعلنوه أولا ولا قيد أنملة.
النّجاة الإعجازية ليوسف الرامى من السّجنِ قَدْ شاعت، وعندما آتهم الفريسيون الجنود بأنهم سَمحَوا للحواريون أَنْ يَحْملوا جسد يسوع، وهَدّدوهم بعقابهم بأقصى عقابِ إن لم يوجدوا الجسد، أجابوا، كما أنه من المحال تماماً عليهم أَنْ يُوجدوا جسد يسوع، فأنه كذلك من المحال للجنودِ الذين هاجموا يوسف الرامى أَنْ يُرجعونه ليسجنوه ثانية. لقد تَكلّموا بأعظمِ ثبات وشّجاعةِ؛ الوعود والتّهديدات كَانت غير مؤثّرةَ على حد سواء. أعلنوا إنهم لن يَتكلّمونَ إلا بالحق ولاشيء إلا الحق وأن عقوبة الموتِ التي أُجيزت على يسوع كَانتْ ظّالمةَ وجائرةَ؛ وأن الجريمة التي اُرتكبت بوَضْعه إِلى الموتِ كَانتَ السّببَ الوحيدَ لمقاطعةِ الاحتفال بالفصحِ. الفريسيون، لَكُونُهم غاضبين تماماً جعلوا الجنودَ الأربعة يُعتَقلونَ ويلقون في السّجنِ، والآخرون، الذين قَبلوا الرشاوى، أشاعوا أنّ جسدَ يسوع قَدْ حُمِلَ مِن قِبل التّلاميذ بينما كانوا نَائمين؛ سعى الفريسيون والصديقونين وأعضاء حزب هيرودس أن يروجوا هذه الأكذوبةِ بأقصى قدرتهم، ليس فقط في المعابد بلِ بين الشعب أيضاِ؛ وصاحبوا هذا التّصريحِ الباطلِ بالأكثر الافتراءات كذبا على يسوع.
كل هذه التدابير الوقائية نَفعتَ لكن قليلاَ، لأنه بعد القيامةِ، عديد من الأشخاصِ الذين سَبَقَ أَنْ ماتوا منذ أمد طويل نُهِضوا من قبورهم، وظَهرواَ إِلى من هم من ذريتهم الذين لم يكونوا قساة القلوب للدرجة التى تمنع نفّاذ النعمةَ، ويَحْثونّهم أنْ يتوبوا ويؤمنوا. أن هؤلاء الموتى قَدْ رآهم عديد من التلاميذ، الذين غلبهم الخوف واهتز إيمانهم وهَربَوا إلى القرى. لقد حَثوهم وشَجّعوهم أَنْ يَرْجعوا، وأعادوا لهم شجاعتهم المفقودة، قيامة هؤلاء الأموات لا تشبه بأقل درجة قيامة يسوع. الذى قام بجسدِ مُمَجَّدِ ليس معرض بعد لا للفساد ولا للموت، وصَعدَ إلي السّماءِ بهذا الجسدِ المُمَجَّدِ على مرأى من كل تلاميذه؛ لكن أجسادَ هؤلاء الموتى كانت جثثَ ساكنةَ، والأرواح الذي سَكنتهم ذات مرة قَدْ سُمِح لها أَنْ تَدْخلها وتُعيدا تحركهم لفترة، وبعد أداء المهمة الموكولة لهم، تركت الأرواح هذه الأجسادِ ثانية، التي رَجعتْ إِلى حالتها الأصليةِ في أحشاء الأرضِ حيث سَيَبْقونَ حتى القيامة في يوم الدينونة. لا يُمكنُ أَنْ أن نقارن عودتهم إِلى الحياةِ إلى إقامة لعازر من الموتِ؛ لأنه رَجعَ حقاً إِلى حياةِ جديدةِ، وماتَ مرة أخرى.











Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:19 PM

الفصل الحادى والسبعون



نهاية التّأملات


فى يوم الأحدِ التّالي , إن كنت أَتذكّرُ بشكل صحيح، رَأيتُ اليهودَ يَغْسلونَ ويطهرون الهيكل. يقدمون ذبائح تكفيرِ، يزيلوا البقايا ويسَعوا أن يَخفوا تأثيراتَ الزّلزالِ بوَضْعِ ألواح خشبيةِ وسجادِ على الهوّةِ والشّقوقِ التى حدثت في الجدرانِ والأرض؛ وأوصوا بالاحتفال بالفصحَ، التي كَان قَدْ قوطعْ في منتصفه، أعلنَوا أنّ الاضطراب كَانَ سببه حضورَ أشخاصِ ملوّثين، وسَعوا أن يُوضّحَوا ظهوراتَ الموتى. أشاروا إلي رؤيا حزقيال، لكني لَمْ أعُدْ أَتذكّرُ. لقد هَدّدوا كل من يتَجاسر ويَقُول كلمة عن الأحداثَ التي حَدثتْ، أو من يتجرأ أن يهمس بها، بالطّردِ وبعقوباتِ قاسية أخرىِ. لقد نَجحوا في إسْكاتِ بعض الأشخاصِ القساة القلوب، المدركين لذنوبهم ويرَغبَون أَنْ يُبعدواَ الموضوع من أذهانهم، لكنهم لم يؤثروا على من كانت قلوبهم ما زالَتْ تَحْتجزُ بعض بقاياِ من الفضيلةِ؛ لقد ظلوا صامتين لفترة، مُخبئين إيمانهم الدّاخليَ، لكن فيما بعد، اسْتِعْاَدوا شجاعتهم، أعلنوا إيمانهم بيسوع إِلى العالمِ بصوت عالي. رؤساء الكهنة كَانوا بغاية الارتباك عندما أدركوا كيف تنتشر تعاليم المسيحِ بسرعة فى كل أرجاء الوطن. عندما كان اسطفانوس شمّاساَ، كل من أوفيل والجانب الشّرقي من صهيون كَانا صغيرانَ جداً على أَنْ يَحتويا على الجماعات المسيحية العديدة، وأضطر جزء منهم أَنْ يقيم في بلدة تقع بين أورشليم وبيت عنيا .
رَأيتُ حنّان في حالةِ من الجنون ويتصرف كإنسان داخله شيطان؛ فى النهاية قَدْ أٌجبر أنْ يلزم بيته، ولم يحدث مرة أخرى مطلقاً أَنْ ظهر على الملأ. قيافا كَانَ ظاهريا أقل تأثيرا، لكنه كان يُباد داخليا بهذا الغضب والغيرةِ .
لقد رَأيتُ بيلاطس؛ كَانَ فى بحث عن زوجته في كل أجزاءِ المدينةِ، لكن جهوده لم تُثمرَ؛ لقَدْ اختبأت في دارِ لعازر في أورشليم. لا أحد فَكّرَ أن يبحث عنها هناك، لأن الدّارِ لم يكن بها سيدات؛ لكن أسطفانوس كان يحَملَ لها الطعامَ هناك، ويعلمها بكل ما يحدث في المدينةِ. أسطفانوس كَانَ ابن عمَ القديس بولس. لقد كَانا أبناءَ أخوين. فى اليومِ التالي للسبت، ذهب سمعان القيروانى إلى الحواريين وناشدهم أن يعلموه كى ينال المعمودية

Magdy Monir 07 - 11 - 2012 05:21 PM

رد: رؤية شاهد عيان على آلام المسيح وقيامته
 
هذا العمل المتميز
مترجم بواسطة الأخ
" صوت صارخ "

الرب يعوضه تعب محبته
ويجازيه أجراً سمائياً


الساعة الآن 10:13 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025