منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   كلمة الله تتعامل مع مشاعرك (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=45)
-   -   وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=25)

Mary Naeem 14 - 08 - 2025 03:38 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


“أحنى رأسه وأسلم الرّوح”. بـهذه الكلمات يصف القدّيس يوحنّا الرّسول موت المسيح: يسوع، تحت ثقل الصّليب وأخطاء البشر كلّها، مات من جراء قوّة ودناءة خطايانا.
لنتأمّل في الرّبّ المجروح من الرّأس حتّى أخمص القدمين، حبًّا بنا. بعبارة تفيد عن الواقع، أقلّه جزئيًّا، نستطيع أن نكرّر، مع كاتب قديم من أجيال عدّة: إنّ جسد يسوع هو رافدة مذبح أوجاع.
عند رؤية المسيح شبيها بخرقة، جثّة هامدة منـزلاً عن الصّليب ومستودعاً بين يدي أمّه، عند رؤية يسوع محطّماً، قد نستنتج أنّ هذا المشهد هو البرهان الأوضح للانـهزام.
أين هي الجموع الّتي كانت تتبعه، والملكوت الّذي كان ينادي بمجيئه؟ لكنّ الأمر ليس انـهزامًا بل انتصارًا: هي الآن اللّحظة الأقرب للقيامة على الإطلاق، لحظة إعلان المجد الّذي اكتسبه بطاعته.

Mary Naeem 14 - 08 - 2025 04:30 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


ها قد عشنا مجدّدًا مأساة الجلجلة، وهو ما أسمح لنفسي بتسميته القدّاس الأوّل والتأسيسيّ، الّّذي احتفل به يسوع المسيح. ألله الآب يُسلِم ابنه إلى الموت. يسوع الإبن الوحيد يعانق الخشبة حيث ينبغي أن يُعَذَّبَ، وتُقبَلُ تضحيته ثمرة الصّليب من قِبَلِ الآب، فيفيض الرّوح القدس ويغمر البشريّة.
في مأساة الآلام تُهرَق حياتنا الخاصّة، وتاريخ البشريّة بأسرها. لا يمكن أن يُختصر الأسبوع المقدّس بذكرى بسيطة، لأنّه تأمّل في سرّ يسوع المسيح، الممتدّ إلى نفوسنا؛ فالمسيحيّ ملزم بأن يكون مسيحًا آخر، بل المسيح نفسه. فبالعماد، قد رُسِمنا كلّنا كهنة في عمق كياننا، “كيما تقرّبوا ذبائح روحيّة يقبلها الله عن يد يسوع المسيح”، وكيما نحقّق كلّ أعمالنا بروح الطّاعة لإرادة الله، مخلّدين هكذا رسالة الله الصّائر إنساناً.

بخلاف ذلك، يُفضي بنا هذا الواقع إلى التّوقّف عند بؤسنا، وأخطائنا الشّخصيّة. هذه النّظرة لا يجب أن تحبطنا، ولا أن توصلنا إلى موقف الّذي تخلّى عن الحماسات الكبرى والمشكّك. لأن السّيّد يريدنا كما نحن، مشاركين بحياته، مجاهدين لنكون قدّيسين. القدّاسة: كم مرّة نتلفّظ بـهذه الكلمة، وكأنّ صداها الفراغ.
بالنّسبة للكثيرين، إنّه حتّى هدف متعذّر بلوغه، موقع تقشّفيّ عامّ، وليس هدفًا ملموسًا، ولا حقيقة حيّة. لم يكن ذاك رأي المسيحيّين الأوّلين الّذين كانوا يعتبرون طبيعيّاً وغالبًا بعضهم بعضًا قدّيسين: “يسلّم عليكم جميع القدّيسين”، سلّموا على كلّ واحد من القدّيسين في المسيح يسوع.

Mary Naeem 14 - 08 - 2025 04:31 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


فيما نحن أمام لحظة الجلجلة هذه، وبما أنّ يسوع قد مات ومجد
انتصاره لم يظهر بعد، فنحن أمام مناسبة مؤاتية لفحص أشواقنا
لحياة مسيحيّة، للقداسة، حتّى نقاوم نقائصنا عبر فعل إيمان،
ونأخذ القصد بإدخال الحبّ في أعمالنا اليوميّة، واثقين بقدرة الله.
فاختبار الخطيئة ينبغي أن يقودنا إلى الألم، إلى قرار أكثر نضجًا
وأعمق لنكون مخلصين، لنتماثل فعليًّا بالمسيح، فنثابر مهما كلّف
الأمر في هذه المهمّة الكهنوتيّة الّتي أوكلها إلى تلاميذه بدون استثناء،
والّتي تحثّنا على أن نكون ملح ونور العالم.

Mary Naeem 14 - 08 - 2025 04:32 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


إنّ التّفكير بموت المسيح يُعبّر عنه بالدّعوة لوضع ذواتنا،
بصراحة مطلقة، أمام واجبنا اليوميّ، فنحيا الإيمان الّذي نعلنه بجدّيّة. إذ لا يمكن أن يكون الأسبوع المقدّس فسحة مقدّسة، في إطار حياة تحرّكها حصراً المصالح البشريّة.
بل ينبغي أن يكون مناسبة للدّخول في عمق حبّ الله، فنتمكّن من إظهار هذا الحبّ للنّاس، عبر كلامنا وأعمالنا .
لكنّ الرّبّ يحدّد شروطًا. وينقل إلينا القدّيس لوقا أحد إعلاناته، الّذي لا يمكن أن نتجاهله: “من أتى إليّ ولم يبغض أباه وأمّه وامرأته وبنيه وإخوته وأخواته، بل نفسه أيضًا، لا يستطيع أن يكون لي تلميذًا”. تلك كلمات قاسية. طبعًا لا فعل “كَرِهَ” ولا فعل “أَبْغَضَ” يعبّران جيّدًا عن فكرة يسوع الأساسيّة. لكن، على كلّ حال، فكلمات الرّبّ هذه كانت قويّة، لأنّها لا تقتصر أيضًا على “أَحبب أقل”، كما نفسّرها أحيانًا بطريقة مخفّفة، لتلطيف العبارة. إنّه مُروِع هذا التّعبير الجازم، لا لأنّه يتضمّن موقفًا سلبيًّا أو قاسيًا، علماً بأنّ يسوع المتكلّم الآن هو نفسه الّذي يأمر بمحبّة الآخرين كما نحبّ نفسنا، والّذي يضحّي بحياته من أجل البشر: فهذه العبارة تعني ببساطة أنّ أمام الله لا وجود لأنصاف الحلول. نستطيع ترجمة كلمات المسيح ب “أَحبب أكثر، أَحبب أفضل”، أو بألاّ نحبّ حبًّا أنانيًّا، ولا حبًّا لا يتبصّر بالعواقب ، علينا أن نحبّ على مثال حبّ الله.

Mary Naeem 14 - 08 - 2025 04:32 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


لنركّز انتباهنا على آخر متطلّبات يسوع: “حتّى حياته نفسها”. ألحياة، ألنّفس ذاتـها، هذا ما يطلبه الرّب. فإذا كنّا معتدّين، أو غير مبالين إلاّ برفاهيّتنا الشّخصيّة، وإذا أضحت ذواتنا محاور لوجود الآخرين والعالم، فلا يحقّ لنا لا أن نُدعى مسيحيّين، ولا أن نعتبر أنفسنا تلاميذاً للمسيح. إذ ينبغي أن نبذل ذواتنا بالعمل والحقّ، لا بالكلام وحسب. فإنّ حبّ الله يدعونا إلى حمل الصّليب عاليًا، وإلى الشّعور بثقل البشريّة كلّها، ونتمّم تصاميم إرادة الآب الصّريحة والمحبّة في آن، في الظّروف الخاصّة بحالة وعمل كلّ فرد. في المقطع الّذي نعلّق عليه، يتابع يسوع: “من لم يحمِل صليبه ويتبعني، لا يستطيع أن يكون لي تلميذًا”.
لنقبلنّ بلا خوف مشيئة الله، ولنأخذنّ بلا تردّد، القصد ببناء حياتنا كلّها بما يتطابق مع تعليم ومتطلّبات إيماننا. ولنكن واثقين أنّنا سوف نجد في ذلك المقاومة، والألم والعذاب ؛ لكن، إذا ما سلكنا بموجب الإيمان حقًّا، لن نكون تعساء مطلقًا. حتّى في الحزن، والوشايات، سوف نكون سعداء، وتلك السّعادة تدفعنا إلى حبّ الآخرين، لنشركهم في فرحنا الفائق الطبيعة.

Mary Naeem 14 - 08 - 2025 04:33 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


مَوْتُ المَسيحِ يَدْعُونَا لِمِلءِ الحَيَاةِ المَسيحِيَّةِ
ها قد عشنا مجدّدًا مأساة الجلجلة، وهو ما أسمح لنفسي بتسميته القدّاس الأوّل والتأسيسيّ، الّّذي احتفل به يسوع المسيح. ألله الآب يُسلِم ابنه إلى الموت. يسوع الإبن الوحيد، يعانق الخشبة حيث ينبغي أن يُعَذَّبَ، وتُقبَلُ تضحيته ثمرة الصّليب من قِبَلِ الآب، فيفيض الرّوح القدس ويغمر البشريّة.
في مأساة الآلام تُهرَق حياتنا الخاصّة، وتاريخ البشريّة بأسرها. لا يمكن أن يُختصر الأسبوع المقدّس بذكرى بسيطة، لأنّه تأمّل في سرّ يسوع المسيح، الممتدّ إلى نفوسنا؛ فالمسيحيّ ملزم بأن يكون مسيحًا آخر، بل المسيح نفسه. فبالعماد، قد رُسِمنا كلّنا كهنة في عمق كياننا، “كيما تقرّبوا ذبائح روحيّة يقبلها الله عن يد يسوع المسيح”، وكيما نحقّق كلّ أعمالنا بروح الطّاعة لإرادة الله، مخلّدين هكذا رسالة الله الصّائر إنساناً.
بخلاف ذلك، يُفضي بنا هذا الواقع إلى التّوقّف عند بؤسنا، وأخطائنا الشّخصيّة. هذه النّظرة لا يجب أن تحبطنا، ولا أن توصلنا إلى موقف الّذي تخلّى عن الحماسات الكبرى والمشكّك. لأن السّيّد يريدنا كما نحن، مشاركين بحياته، مجاهدين لنكون قدّيسين. القدّاسة: كم مرّة نتلفّظ بـهذه الكلمة، وكأنّ صداها الفراغ. بالنّسبة للكثيرين، إنّه حتّى هدف متعذّر بلوغه، موقع تقشّفيّ عامّ، وليس هدفًا ملموسًا، ولا حقيقة حيّة. لم يكن ذاك رأي المسيحيّين الأوّلين الّذين كانوا يعتبرون طبيعيّاً وغالبًا بعضهم بعضًا قدّيسين: “يسلّم عليكم جميع القدّيسين”، سلّموا على كلّ واحد من القدّيسين في المسيح يسوع.
أمّا الآن فيما نحن أمام لحظة الجلجلة هذه، وبما أنّ يسوع قد مات ومجد انتصاره لم يظهر بعد، فنحن أمام مناسبة مؤاتية لفحص أشواقنا لحياة مسيحيّة، للقداسة، حتّى نقاوم نقائصنا عبر فعل إيمان، ونأخذ القصد بإدخال الحبّ في أعمالنا اليوميّة، واثقين بقدرة الله. فاختبار الخطيئة ينبغي أن يقودنا إلى الألم، إلى قرار أكثر نضجًا وأعمق لنكون مخلصين، لنتماثل فعليًّا بالمسيح، فنثابر مهما كلّف الأمر في هذه المهمّة الكهنوتيّة الّتي أوكلها إلى تلاميذه بدون استثناء، والّتي تحثّنا على أن نكون ملح ونور العالم.
إنّ التّفكير بموت المسيح يُعبّر عنه بالدّعوة لوضع ذواتنا، بصراحة مطلقة، أمام واجبنا اليوميّ، فنحيا الإيمان الّذي نعلنه بجدّيّة. إذ لا يمكن أن يكون الأسبوع المقدّس فسحة مقدّسة، في إطار حياة تحرّكها حصراً المصالح البشريّة. بل ينبغي أن يكون مناسبة للدّخول في عمق حبّ الله، فنتمكّن من إظهار هذا الحبّ للنّاس، عبر كلامنا وأعمالنا .
لكنّ الرّبّ يحدّد شروطًا. وينقل إلينا القدّيس لوقا أحد إعلاناته، الّذي لا يمكن أن نتجاهله: “من أتى إليّ ولم يبغض أباه وأمّه وامرأته وبنيه وإخوته وأخواته، بل نفسه أيضًا، لا يستطيع أن يكون لي تلميذًا”. تلك كلمات قاسية. طبعًا لا فعل “كَرِهَ” ولا فعل “أَبْغَضَ” يعبّران جيّدًا عن فكرة يسوع الأساسيّة. لكن، على كلّ حال، فكلمات الرّبّ هذه كانت قويّة، لأنّها لا تقتصر أيضًا على “أَحبب أقل”، كما نفسّرها أحيانًا بطريقة مخفّفة، لتلطيف العبارة. إنّه مُروِع هذا التّعبير الجازم، لا لأنّه يتضمّن موقفًا سلبيًّا أو قاسيًا، علماً بأنّ يسوع المتكلّم الآن هو نفسه الّذي يأمر بمحبّة الآخرين كما نحبّ نفسنا، والّذي يضحّي بحياته من أجل البشر: فهذه العبارة تعني ببساطة أنّ أمام الله لا وجود لأنصاف الحلول. نستطيع ترجمة كلمات المسيح ب “أَحبب أكثر، أَحبب أفضل”، أو بألاّ نحبّ حبًّا أنانيًّا، ولا حبًّا لا يتبصّر بالعواقب ، علينا أن نحبّ على مثال حبّ الله.
هذا ما هو عليه الأمر. لنركّز انتباهنا على آخر متطلّبات يسوع: “حتّى حياته نفسها”. ألحياة، ألنّفس ذاتـها، هذا ما يطلبه الرّب. فإذا كنّا معتدّين، أو غير مبالين إلاّ برفاهيّتنا الشّخصيّة، وإذا أضحت ذواتنا محاور لوجود الآخرين والعالم، فلا يحقّ لنا لا أن نُدعى مسيحيّين، ولا أن نعتبر أنفسنا تلاميذاً للمسيح. إذ ينبغي أن نبذل ذواتنا بالعمل والحقّ، لا بالكلام وحسب. فإنّ حبّ الله يدعونا إلى حمل الصّليب عاليًا، وإلى الشّعور بثقل البشريّة كلّها، ونتمّم تصاميم إرادة الآب الصّريحة والمحبّة في آن، في الظّروف الخاصّة بحالة وعمل كلّ فرد. في المقطع الّذي نعلّق عليه، يتابع يسوع: “من لم يحمِل صليبه ويتبعني، لا يستطيع أن يكون لي تلميذًا”.
لنقبلنّ بلا خوف مشيئة الله، ولنأخذنّ بلا تردّد، القصد ببناء حياتنا كلّها بما يتطابق مع تعليم ومتطلّبات إيماننا. ولنكن واثقين أنّنا سوف نجد في ذلك المقاومة، والألم والعذاب ؛ لكن، إذا ما سلكنا بموجب الإيمان حقًّا، لن نكون تعساء مطلقًا. حتّى في الحزن، والوشايات، سوف نكون سعداء، وتلك السّعادة تدفعنا إلى حبّ الآخرين، لنشركهم في فرحنا الفائق الطبيعة.

Mary Naeem 14 - 08 - 2025 04:35 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


أن يكون المرء مسيحيًّا، ليس لقب ترضية شخصيّ بحت: إنّه إسم – جوهر – يفترض رسالة. ذكّرنا سابقًا أن السّيّد يدعو جميع المسيحيّين ليكونوا ملح ونور العالم. وها هو القدّيس بطرس يحدّد الرّسالة، جاعلاً من نفسه صدىً لـهذه الوصيّة، ومعتمدًا على نصوص مأخوذة من العهد القديم، بقوله: “أمّا أنتم فإنّكم ذرّيّة مختارة وجماعة الملك الكهنوتيّة وأمّة مقدّسة وشعب اقتناه الله للإشادة بآيات الّذي دعاكم من الظّلمات إلى نوره العجيب”.
أن يكون المرء مسيحيًّا ليس أمرًا عرضيًّا، إنّها حقيقة إلـهيّة تتغلغل في الأعمق من حياتنا، وتمنحنا رؤية واضحة وإرادة موطّدة العزم للعمل كما يشاء الله. وهكذا ندرك أن سَفَرَ المسيحيّ في العالم ينبغي أن يصير خدمة متواصلة، متمّمة بطريقة مختلفة جدّاً، كما تقضي ظروف كلّ فرد، إنّما دائما حبًّا بالله والقريب. أن يكون المرء مسيحيًّا هو التّصرّف دون التّفكير بالأهداف الصّغرى من نفوذ أو طمع، ولا بالأهداف الّتي قد تبدو أكثر نبلاً، كحبّ الإنسانيّة أو التّعاطف مع الآخرين أمام تعاساتهم: إنّه التّفكير حتّى النّهاية القصوى والجذريّة للحبّ الّذي أبداه لنا يسوع المسيح بموته عنّا.

Mary Naeem 14 - 08 - 2025 04:37 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


الإيمان بالمسيح المائت والقائم الحاضر في كلّ لحظات حياتنا – وفي الّتي بينها – الّذي ينير ضمائرنا، داعيًا إيّانا إلى المشاركة بكلّ قوانا في تقلّبات ومشاكل التّاريخ البشريّ. فالمسيحيّ ليس مشرّداً في هذا التّاريخ، الّذي ابتدأ مع خلق العالم، وسوف ينتهي مع نـهاية الزّمان. إنّه مواطن من مدينة البشر، ونفسه عارمة بالشّوق إلى الله، فيبدأ باستشفاف حبّه تعالى منذ هذه الحقبة الزّمنيّة، ويدرك أنّ في الله وحده نجد الغاية الّتي دعينا إليها، نحن جميعا العائشين على هذه الأرض.
وإذا كانت شهادتي الشّخصيّة ذا منفعة، أستطيع القول إنّي اعتبرت دائمًا عملي ككاهن وكراع للنّفوس، مهمّة تبغي وضع كلّ إنسان بالمواجهة مع كلّ متطلّبات حياته، مساعدًا إيّاه على اكتشاف ما يطلبه الله منه عمليًّا، دون أن أضع حدوداً لـهذه الإستقلاليّة المقدّسة، ولـهذه المسؤوليّة الفرديّة السّعيدة، وهما ميزتا الضّمير المسيحيّ. فطريقة العمل هذه وهذا الرّوح يستندان على احترام سموّ الحقيقة المُعلَنة، وعلى حبّ حريّة الخليقة الإنسانيّة. كما يمكنني أن أضيف أنّها ترتكز على تأكيد لامحدوديّة التّاريخ، المفتوح على احتمالات عديدة، والّتي لم يشأ الله إغلاقها.

Mary Naeem 14 - 08 - 2025 04:38 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


إنّ اتّباع المسيح لا يعني الإلتجاء إلى المعبد، برفع الأكتاف أمام تطوّر المجتمع، وأمام نجاحات أو شذوذ البشر والشّعوب.
بل على خلاف ذلك، إذ إنّ الإيمان المسيحيّ يدفعنا إلى رؤية العالم خليقة للرّبّ، وبالتّالي إلى تثمين، كلّ ما هو شريف وكلّ ما هو جميل، والإقرار بقيمة كلّ شخص، مصنوع على صورة الله، والإعجاب بـهذه الـهبة الخاصّة الا وهي الحرّيّة، الّتي تجعلنا أسياد أعمالنا الخاصّة، قادرين، بنعمة السّماء، على بناء مصيرنا الأبديّ.
إنّه تصغير للإيمان، أن نعتبره إيديولوجيّة أرضيّة وحسب، بشهر راية سياسيّة – دينيّة، دون أن نعلم باسم أيّة تولية إلـهيّة، لإدانة أولئك الّذين لا يفكّرون بنفس الطّريقة مثلنا، حول مسائل قابلة، بطبيعتها، لحلول عديدة ومختلفة.

Mary Naeem 14 - 08 - 2025 04:39 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


أَلمَسيحيُّ أَمَامَ تَاريخِ البَشَريَّة
أن يكون المرء مسيحيًّا، ليس لقب ترضية شخصيّ بحت: إنّه إسم – جوهر – يفترض رسالة. ذكّرنا سابقًا أن السّيّد يدعو جميع المسيحيّين ليكونوا ملح ونور العالم. وها هو القدّيس بطرس يحدّد الرّسالة، جاعلاً من نفسه صدىً لـهذه الوصيّة، ومعتمدًا على نصوص مأخوذة من العهد القديم، بقوله: “أمّا أنتم فإنّكم ذرّيّة مختارة وجماعة الملك الكهنوتيّة وأمّة مقدّسة وشعب اقتناه الله للإشادة بآيات الّذي دعاكم من الظّلمات إلى نوره العجيب”.
أن يكون المرء مسيحيًّا ليس أمرًا عرضيًّا، إنّها حقيقة إلـهيّة تتغلغل في الأعمق من حياتنا، وتمنحنا رؤية واضحة وإرادة موطّدة العزم للعمل كما يشاء الله. وهكذا ندرك أن سَفَرَ المسيحيّ في العالم ينبغي أن يصير خدمة متواصلة، متمّمة بطريقة مختلفة جدّاً، كما تقضي ظروف كلّ فرد، إنّما دائما حبًّا بالله والقريب. أن يكون المرء مسيحيًّا هو التّصرّف دون التّفكير بالأهداف الصّغرى من نفوذ أو طمع، ولا بالأهداف الّتي قد تبدو أكثر نبلاً، كحبّ الإنسانيّة أو التّعاطف مع الآخرين أمام تعاساتهم: إنّه التّفكير حتّى النّهاية القصوى والجذريّة للحبّ الّذي أبداه لنا يسوع المسيح بموته عنّا.
نصادف أحيانًا مواقف نابعة من عدم معرفتنا لكيفيّة الغوص في سرّ يسوع. فنرى على سبيل المثال: عقليّة الّّذين يرون في المسيحيّة مجموعة ممارسات أو أعمالاً تقويّة، دون إدراك علاقتها بظروف الحياة العاديّة وبالإلحاح الّذي علينا أن نوفّره في التّجاوب مع حاجات الآخرين ، ومحاولة معالجة الظّلامات.
لذا أصرّح بأنّ من وجدت فيه تلك العقليّة، لم يَعِ بعد ما معنى تجسّد ابن الله: فهو لم يعِ بعد بأنّه اتّخذ جسدًا، ونفسًا، وصوتًا بشريًّا، وشاركنا في مصيرنا إلى درجة الشّعور بتمزّق الموت المريع. ويعتبر بعض الأشخاص المسيح ربّما، دون قصد منهم ، مثل غريب في وسط النّاس.
فيما بعضهم الآخر يميلون إلى التّصوّر بأنّ عليهم أن يضعوا خفية بعض المظاهر الأساسيّة للعقيدة المسيحيّة، ويتصرّفوا وكأنّ حياة الصّلاة، ومقاربة الله المتواصلة، تؤلّفان مهربًا أمام مسؤوليّتهم الخاصّة وتخلّيًا عن العالم، لكي يتمكّنوا من أن يكونوا بشريّين. فهؤلاء قد نسوا أنّ يسوع هو من جعلنا ندرك إلى أيّ حدّ ينبغي أن نحيا الحبّ وروح الخدمة. إنّنا عندما نسعى لفهم خفايا حبّ الله فقط، هذا الحبّ الّذي يبلغ بنا إلى الموت، نستطيع أن نكون قادرين على إعطاء ذاتنا كلّيّا للآخرين، دون أن تهزمنا صعوبة أو لامبالاة.
إنّه الإيمان بالمسيح، المائت والقائم، الحاضر في كلّ لحظات حياتنا – وفي الّتي بينها – الّذي ينير ضمائرنا، داعيًا إيّانا إلى المشاركة بكلّ قوانا في تقلّبات ومشاكل التّاريخ البشريّ. فالمسيحيّ ليس مشرّداً في هذا التّاريخ، الّذي ابتدأ مع خلق العالم، وسوف ينتهي مع نـهاية الزّمان. إنّه مواطن من مدينة البشر، ونفسه عارمة بالشّوق إلى الله، فيبدأ باستشفاف حبّه تعالى منذ هذه الحقبة الزّمنيّة، ويدرك أنّ في الله وحده نجد الغاية الّتي دعينا إليها، نحن جميعا العائشين على هذه الأرض.
وإذا كانت شهادتي الشّخصيّة ذا منفعة، أستطيع القول إنّي اعتبرت دائمًا عملي ككاهن وكراع للنّفوس، مهمّة تبغي وضع كلّ إنسان بالمواجهة مع كلّ متطلّبات حياته، مساعدًا إيّاه على اكتشاف ما يطلبه الله منه عمليًّا، دون أن أضع حدوداً لـهذه الإستقلاليّة المقدّسة، ولـهذه المسؤوليّة الفرديّة السّعيدة، وهما ميزتا الضّمير المسيحيّ. فطريقة العمل هذه وهذا الرّوح يستندان على احترام سموّ الحقيقة المُعلَنة، وعلى حبّ حريّة الخليقة الإنسانيّة. كما يمكنني أن أضيف أنّها ترتكز على تأكيد لامحدوديّة التّاريخ، المفتوح على احتمالات عديدة، والّتي لم يشأ الله إغلاقها.
إنّ اتّباع المسيح لا يعني الإلتجاء إلى المعبد، برفع الأكتاف أمام تطوّر المجتمع، وأمام نجاحات أو شذوذ البشر والشّعوب. بل على خلاف ذلك، إذ إنّ الإيمان المسيحيّ يدفعنا إلى رؤية العالم خليقة للرّبّ، وبالتّالي إلى تثمين، كلّ ما هو شريف وكلّ ما هو جميل، والإقرار بقيمة كلّ شخص، مصنوع على صورة الله، والإعجاب بـهذه الـهبة الخاصّة الا وهي الحرّيّة، الّتي تجعلنا أسياد أعمالنا الخاصّة، قادرين، بنعمة السّماء، على بناء مصيرنا الأبديّ.
إنّه تصغير للإيمان، أن نعتبره إيديولوجيّة أرضيّة وحسب، بشهر راية سياسيّة – دينيّة، دون أن نعلم باسم أيّة تولية إلـهيّة، لإدانة أولئك الّذين لا يفكّرون بنفس الطّريقة مثلنا، حول مسائل قابلة، بطبيعتها، لحلول عديدة ومختلفة.


الساعة الآن 05:58 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025