![]() |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
https://upload.chjoy.com/uploads/174860237813651.jpg لِيَكُونُوا كَعُشْبِ السُّطُوحِ، الَّذِي يَيْبَسُ قَبْلَ أَنْ يُقْلَع [6]. أسطح البيوت في الشرق الأوسط غالبًا ما تكون مسطحة، فإذا ما تجمعت طبقة صغيرة من التراب، ونزلت أمطار أو ندى تنبت بعض الأعشاب، لكن سرعان ما تجف لعدم وجود طبقة كافية من التربة؛ هكذا ييبس العشب قبل أن يُقتلع. إنها صورة للخدمة المظهرية المتشامخة، سرعان ما تزدهر، وسرعان ما تيبس وتُقتلع. * هذا في الحقيقة طبيعة الوفرة (الازدهار) للذين يعيشون في الشر، جاذبية أمور هذه الحياة تظهر وتختفي من وقتٍ إلى آخر، ينقصهم العون والوجود الحقيقي. لهذا يلزم للشخص ألا يعطي اهتمامًا لهذه الأمور التي لا تدوم، بل يشتاق إلى الأمور الخالدة التي لا تفنى ولا تتغير. القديس يوحنا الذهبي الفم * ربما تبدو مثل هذه الأمور للبعض تافهة ولا تستحق إعارتها الانتباه، لكن متى ركز الإنسان عيني ذهنه عليها فسيتعلم من أي عيب تخلّص الإنسان، وأي تدبير حسن توجده فيه. فإن الجري وراء الكرامات بطريقة غير لائقة لا تناسبنا ولا تليق بنا، إذ تظهرنا أغبياء وعنفاء ومتغطرسين، نطلب لا ما يناسبنا بل ما يناسب من هم أعظم منا وأسمى. من يفعل هذا يصير مكروهًا، وغالبًا ما يكون موضع سخريَّة عندما يضطر بغير إرادته أن يرد للآخرين الكرامة التي ليست له... يلزمه أن يعيد ما قد أخذه بغير حق. أما الإنسان الوديع والمستحق للمديح الذي بدون خوف من اللوم يستحق الجلوس بين الأولين لكنه لا يطلب ذلك لنفسه بل يترك للآخرين ما يليق به، فيُحسب منتصرًا على المجد الباطل وسيتقبل مثل هذه الكرامة التي تناسبه، إذ يسمع القائل له: "ارتفع إلى فوق". إذن العقل المتواضع عظيم وفائق الصلاح، يخّلص صاحبه من اللوم والتوبيخ ومن طلب المجد الباطل.. إن طلبت هذا المجد البشري الزائل تضل عن طريق الحق الذي به يمكنك أن تكون بالحق مشهورًا وتنال كرامة تستحق المنافس! فقد كُتب: "لأن كل جسد كعشبٍ، وكل مجد إنسان كزهر عشب" (1 بط 1: 24). كما يلوم النبي داود محبي الكرامات الزمنيَّة، قائلًا لهم هكذا: "ليكونوا كعشب السطوح الذي ييبس قبل أن يُقلع" (مز 129: 6). فكما أن العشب الذي ينبت على السطح ليس له جذر عميق ثابت لذا يجف سريعًا، هكذا من يهتم بالكرامات الدنيويَّة بعد أن يصير ظاهرًا في وقت قصير كالزهرة يسقط إلى النهاية، ويصير كلا شيء. إن أراد أحد أن يسبق الآخرين فلينل ذلك بقانون السماء، وليتكلل بالكرامات التي يهبها الله. ليسمُ على الكثيرين بشهادة الفضائل المجيدة، غير أن قانون الفضيلة هو الذهن المتواضع الذي لا يطلب الكبرياء بل التواضع! هذا هو ما حسبه الطوباوي بولس أفضل من كل شيء، إذ كتب إلى أولئك الذين يرغبون في السلوك بقداسة: أحبوا التواضع (كو 3: 12). وقد مدح تلميذ المسيح ذلك، إذ كتب هكذا: "ليفتخر الأخ المتضع (المسكين) بارتفاعه، وأما الغني فبتواضعه لأنه كزهر العشب يزول" (يع 1: 9-10). الذهن المتواضع والمنضبط يرفعه الله، إذ "القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره" (مز 51: 17). من يظن في نفسه أمرًا عظيمًا وساميًا فيتشامخ في فكره وينتفخ في علو فارغ يكون مرذولًا وتحت اللعنة، إذ يسلك على خلاف المسيح القائل: "تعلموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 29). كما قيل: "لأن الله يقاوم المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (1 بط 5: 5). لقد أظهر الحكيم سليمان في مواضع كثيرة الأمان الذي يحل بالذهن المتواضع، إذ يقول: "لا تنتفخ كي لا تسقط" (ابن سيراخ 1: 30)؛ كما يعلن ذات الأمر بطريقة تشبيهية: "المعلي بابه (بيته) يطلب الكسر" (أم 17: 19). مثل هذا يبغضه الله بعدل إذ يُخطئ في حق نفسه ويود أن يتعدى حدود طبيعته بغير شعور.. أسألك، على أي أساس يظن الإنسان في نفسه أمرًا عظيمًا...؟! ليت كل إنسان ينظر إلى حاله بعينين حكيمتين، فيصير كإبراهيم الذي لم يُخطئ في إدراك طبيعته بل دعي نفسه ترابًا ورمادًا (تك 18: 27). كما أن العشب الذي ينبت على السطح ليس له جذر عميق ثابت لذا يجف سريعًا، هكذا من يهتم بالكرامات الدنيوية بعد أن يصير ظاهرًا في وقت قصير كالزهرة يسقط في النهاية ويصير كلا شيء. القديس كيرلس الكبير |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* هذا في الحقيقة طبيعة الوفرة (الازدهار) للذين يعيشون في الشر، جاذبية أمور هذه الحياة تظهر وتختفي من وقتٍ إلى آخر، ينقصهم العون والوجود الحقيقي. لهذا يلزم للشخص ألا يعطي اهتمامًا لهذه الأمور التي لا تدوم، بل يشتاق إلى الأمور الخالدة التي لا تفنى ولا تتغير. القديس يوحنا الذهبي الفم |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* ربما تبدو مثل هذه الأمور للبعض تافهة ولا تستحق إعارتها الانتباه، لكن متى ركز الإنسان عيني ذهنه عليها فسيتعلم من أي عيب تخلّص الإنسان، وأي تدبير حسن توجده فيه. فإن الجري وراء الكرامات بطريقة غير لائقة لا تناسبنا ولا تليق بنا، إذ تظهرنا أغبياء وعنفاء ومتغطرسين، نطلب لا ما يناسبنا بل ما يناسب من هم أعظم منا وأسمى. من يفعل هذا يصير مكروهًا، وغالبًا ما يكون موضع سخريَّة عندما يضطر بغير إرادته أن يرد للآخرين الكرامة التي ليست له... يلزمه أن يعيد ما قد أخذه بغير حق. أما الإنسان الوديع والمستحق للمديح الذي بدون خوف من اللوم يستحق الجلوس بين الأولين لكنه لا يطلب ذلك لنفسه بل يترك للآخرين ما يليق به، فيُحسب منتصرًا على المجد الباطل وسيتقبل مثل هذه الكرامة التي تناسبه، إذ يسمع القائل له: "ارتفع إلى فوق". إذن العقل المتواضع عظيم وفائق الصلاح، يخّلص صاحبه من اللوم والتوبيخ ومن طلب المجد الباطل.. إن طلبت هذا المجد البشري الزائل تضل عن طريق الحق الذي به يمكنك أن تكون بالحق مشهورًا وتنال كرامة تستحق المنافس! فقد كُتب: "لأن كل جسد كعشبٍ، وكل مجد إنسان كزهر عشب" (1 بط 1: 24). كما يلوم النبي داود محبي الكرامات الزمنيَّة، قائلًا لهم هكذا: "ليكونوا كعشب السطوح الذي ييبس قبل أن يُقلع" (مز 129: 6). فكما أن العشب الذي ينبت على السطح ليس له جذر عميق ثابت لذا يجف سريعًا، هكذا من يهتم بالكرامات الدنيويَّة بعد أن يصير ظاهرًا في وقت قصير كالزهرة يسقط إلى النهاية، ويصير كلا شيء. إن أراد أحد أن يسبق الآخرين فلينل ذلك بقانون السماء، وليتكلل بالكرامات التي يهبها الله. ليسمُ على الكثيرين بشهادة الفضائل المجيدة، غير أن قانون الفضيلة هو الذهن المتواضع الذي لا يطلب الكبرياء بل التواضع! هذا هو ما حسبه الطوباوي بولس أفضل من كل شيء، إذ كتب إلى أولئك الذين يرغبون في السلوك بقداسة: أحبوا التواضع (كو 3: 12). وقد مدح تلميذ المسيح ذلك، إذ كتب هكذا: "ليفتخر الأخ المتضع (المسكين) بارتفاعه، وأما الغني فبتواضعه لأنه كزهر العشب يزول" (يع 1: 9-10). الذهن المتواضع والمنضبط يرفعه الله، إذ "القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره" (مز 51: 17). من يظن في نفسه أمرًا عظيمًا وساميًا فيتشامخ في فكره وينتفخ في علو فارغ يكون مرذولًا وتحت اللعنة، إذ يسلك على خلاف المسيح القائل: "تعلموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 29). كما قيل: "لأن الله يقاوم المستكبرين، وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة" (1 بط 5: 5). لقد أظهر الحكيم سليمان في مواضع كثيرة الأمان الذي يحل بالذهن المتواضع، إذ يقول: "لا تنتفخ كي لا تسقط" (ابن سيراخ 1: 30)؛ كما يعلن ذات الأمر بطريقة تشبيهية: "المعلي بابه (بيته) يطلب الكسر" (أم 17: 19). مثل هذا يبغضه الله بعدل إذ يُخطئ في حق نفسه ويود أن يتعدى حدود طبيعته بغير شعور.. أسألك، على أي أساس يظن الإنسان في نفسه أمرًا عظيمًا...؟! ليت كل إنسان ينظر إلى حاله بعينين حكيمتين، فيصير كإبراهيم الذي لم يُخطئ في إدراك طبيعته بل دعي نفسه ترابًا ورمادًا (تك 18: 27). كما أن العشب الذي ينبت على السطح ليس له جذر عميق ثابت لذا يجف سريعًا، هكذا من يهتم بالكرامات الدنيوية بعد أن يصير ظاهرًا في وقت قصير كالزهرة يسقط في النهاية ويصير كلا شيء. القديس كيرلس الكبير |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
https://upload.chjoy.com/uploads/174860237813651.jpg الَّذِي لاَ يَمْلأ الْحَاصِدُ كَفَّهُ مِنْهُ، وَلاَ الْمُحَزِّمُ حِضْنَهُ [7]. بدأ المزمور بخدمة الصليب، حيث يُصلب المؤمنون الحقيقيون مع السيد المسيح المصلوب. يحتملون الآلام والحرث على ظهورهم، فيصيرون أشبه بفردوسٍ مثمرٍ يحمل ثمر الروح. وينتهي بخدمة الشكليات والمظهريات التي تهرب من الصليب، وتطلب الأمجاد الزمنية، فتكون كعشب السطوح الذي يظهر ابن يوم وييبس قبل أن يُقلع. خدمة الصليب تبدو كأنها فاشلة، إذ كاد أن يترك الجميع المصلوب يوم صلبه، حتى تلاميذه هربوا، والذين تمتعوا بأعمال محبته لم نسمع لهم صوت، ربما بعضهم كانوا ضمن الصارخين: "اصلبه! اصلبه!" أما خدمة الشكليات فبرّاقة وتبدو ناجحة ومزدهرة وجذابة للنفوس. لكن لننظر فنرى مجد قيامة المصلوب! وانهيار الخدمة الشكلية! * ينمو عشب السطوح على قرميد أسطح البيت، يُرى في العلا وبلا جذور. كم كان أفضل له لو أنه نما في الأسافل، لكان قد أزهر وسبب فرحًا عظيمًا! إذ ظهر في العلا، يبس سريعًا. لم يُقلع لكنه يبس. لم يصدر بعد ضده حكمًا من الله، ومع ذلك استنزف حيويته.... سيأتي الحاصدون لكنهم لا يملأون حزمهم منهم. سيأتي الحاصدون وسيجمعون الحنطة في البيدر، ويربطون الزوان معًا، ويطرحونه في النار. هكذا أيضًا عشب السطوح يُزال، وما يُقتلع منه يُلقى في النار، لأنه قد يبس حتى قبل أن يُقتلع. "لا يملأ الحاصد كفه منه، ولا المحزِّم حضنه" [7] والحاصدون هم الملائكة، يقول الرب (مت 13: 39). القديس أغسطينوس * مرعب هو الموسم غير المثمر، والذي تحدث فيه خسارة في المحاصيل... مرة أخرى مرعب هو الحصاد الغير لائق، عندما يعاني الفلاحون من ثقل قلوبهم، فيجلسون بجوار قبر محاصيلهم الذي أنعشته الأمطار الخفيفة، لكن الزوابع اقتلعته، "الذي لا يملأ الحاصد كفه منه، ولا المحزِّم حضنه" (مز 129: 7). ولا ينالون البركة التي يمنحها العابرون بالمزارعين. بالحقيقة إنه لأمر بائس هو التطلع إلى أرضٍ قفر، نُزع عنها زينتها، هذه التي يولول يوئيل عليها في صورة المأساة الشديدة لخراب الأرض وفاجعة المجاعة (يوئيل 1: 10). يولول نبي آخر عندما يقابل جمالها السابق بالفوضى التي حلت بها في النهاية، وبهذا يتحدث عن غضب الرب عندما يضرب الأرض: أمامه جنة عدن، وخلفه برية قفر. القديس غريغوريوس النزينزي |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* ينمو عشب السطوح على قرميد أسطح البيت، يُرى في العلا وبلا جذور. كم كان أفضل له لو أنه نما في الأسافل، لكان قد أزهر وسبب فرحًا عظيمًا! إذ ظهر في العلا، يبس سريعًا. لم يُقلع لكنه يبس. لم يصدر بعد ضده حكمًا من الله، ومع ذلك استنزف حيويته.... سيأتي الحاصدون لكنهم لا يملأون حزمهم منهم. سيأتي الحاصدون وسيجمعون الحنطة في البيدر، ويربطون الزوان معًا، ويطرحونه في النار. هكذا أيضًا عشب السطوح يُزال، وما يُقتلع منه يُلقى في النار، لأنه قد يبس حتى قبل أن يُقتلع. "لا يملأ الحاصد كفه منه، ولا المحزِّم حضنه" والحاصدون هم الملائكة، يقول الرب (مت 13: 39). القديس أغسطينوس |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* مرعب هو الموسم غير المثمر، والذي تحدث فيه خسارة في المحاصيل... مرة أخرى مرعب هو الحصاد الغير لائق، عندما يعاني الفلاحون من ثقل قلوبهم، فيجلسون بجوار قبر محاصيلهم الذي أنعشته الأمطار الخفيفة، لكن الزوابع اقتلعته، "الذي لا يملأ الحاصد كفه منه، ولا المحزِّم حضنه" (مز 129: 7). ولا ينالون البركة التي يمنحها العابرون بالمزارعين. بالحقيقة إنه لأمر بائس هو التطلع إلى أرضٍ قفر، نُزع عنها زينتها، هذه التي يولول يوئيل عليها في صورة المأساة الشديدة لخراب الأرض وفاجعة المجاعة (يوئيل 1: 10). يولول نبي آخر عندما يقابل جمالها السابق بالفوضى التي حلت بها في النهاية، وبهذا يتحدث عن غضب الرب عندما يضرب الأرض: أمامه جنة عدن، وخلفه برية قفر. القديس غريغوريوس النزينزي |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
https://upload.chjoy.com/uploads/174860237813651.jpg وَلاَ يَقُولُ الْعَابِرُونَ: بَرَكَةُ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ. بَارَكْنَاكُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ [8]. يكشف لنا سفر راعوث عن عادة جميلة كانت قائمة، ألا وهي عندما يعبر صاحب الحقل بالحصادين، يحييهم قائلًا: "الرب معكم". ويجيبونه: "يباركك الرب" (را 2: 4). * أنتم تعرفون أيها الإخوة أنه من العادة عندما يعبر أناس على عاملين يخاطبونهم، قائلين: "بركة الرب عليكم". هذه العادة كانت سائدة على وجه الخصوص في الأمة اليهودية... إنه لا يجوز لأحد يعبر ويرى أحدًا يمارس أي عملٍ في حقلٍ أو كرمٍ أو حصادٍ أو أي شيء من هذا القبيل دون أن يبارك... من هم العابرون؟ هؤلاء الذين بالفعل عبروا هنا في مدينتهم خلال الطريق، أي خلال هذه الحياة، وهم الرسل والأنبياء. من الذين باركهم الأنبياء والرسل؟ هل الذين رأوا فيهم جذور المحبة! القديس أغسطينوس إن كان يليق بصاحب الحقل حين يلتقي بالحصادين أن يحيي الواحد الآخر بأن الله حاضر في وسطهم، وأنه يبارك صاحب الحقل، فيليق بالمؤمن أيضًا إلا ينشغل بخطاياه السابقة لئلا بتذكرها يفسد نقاوة قلبه. هذا ما تحدث عنه الأب بفنوتيوس في مناظرته مع القديس يوحنا كاسيان. * أما بالنسبة لما قلته منذ قليل، أنه بسبب هدف موضوع أمامك لا تريد أن تذكر خطاياك السابقة مرة أخرى، فبالتأكيد يلزم ألا تذكرها، إلا إذا باغتتك بغير إرادتك، فللحال أطردها فإنها تحرم الروح بقوة عن التأمل النقي، خاصة بالنسبة للمتوحد، فهي تعرقله في وصمات هذا العالم وتغرقه في الخطايا النجسة. فبينما تتذكر الأمور التي كنت تصفها في جهل وطيش... فإنه حتى وإن كنت في تذكرك لها لا تشعر بلذة، فلا أقل من أن عفونة النجاسات تفسد روحك برائحتها الكريهة وتبطل أريج رائحة الحياة الصالحة، أي رائحة الطيب الذكية. عندما تخطر بذاكرتك الخطايا السابقة، اهرب منها كما يهرب الإنسان البار الشريف متى وجد امرأة عاهرة شريرة تطلبه في الطريق العام بواسطة حديثها معه أو تقبيلها إيَّاه. فإنه إن لم يهرب منها للحال، متباطئًا في الحديث معها بأحاديث مشوبة، فإنه وإن رفض التمتع باللذة المعيبة إلا أنه لا يقدر أن يتجنب احتقار العامة له ونظرات السخرية المتسلطة عليه. هكذا نحن أيضًا، بتذكرنا المهلك هذا نسقط في أفكار كهذه. لهذا يلزمنا أولًا أن نمتنع عن التمسك بها، منفذين وصية سليمان القائل لا نذهب إلى هناك ولا نبطئ في مكانها، ولا نثبت نظرنا عليها، لئلا عندما ترانا الملائكة المارة بنا، أننا مشغولون بأفكار نجسة، فلا تقدر أن تقول لنا: "بركة الرب عليكم" (مز 8:129). فإنه يستحيل أن يستمر الفكر مشغولًا في الأمور الصالحة، إن كان النصيب الأكبر من القلب غارقًا في تأملاته الأرضية الشريرة. لقد حق قول سليمان: "عيناك تنظران الأجنبيات، وقلبك ينطق بأمور ملتوية. وتكون كمضطجع في قلب البحر أو كمضطجع على رأس سارية. يقول "ضربوني ولم أتوجع. لقد لكأُوني ولم أعرف" (أم 33:23-35). يلزمنا أن نهجر لا الأفكار الشريرة فحسب، بل والتفكير في الأمور الزمنية، رافعين اشتياقات نفوسنا نحو الأمور السمائية كقول مخلصنا: "حيث أكون أنا هناك أيضًا يكون خادمي" (يو 26:12). لأنه يحدث أيضًا حتى من باب العطف أن نفكر في سقطات الغير أو أخطائهم، فنتأثر باللذة ونسقط بالتالي في هموم الآخرين. فتكون النتيجة أن ما بدأنا به حسنًا ينتهي نهاية مهلكة، لأنه "تُوجَد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت" (أم 12:14). الأب بينوفيوس |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* أنتم تعرفون أيها الإخوة أنه من العادة عندما يعبر أناس على عاملين يخاطبونهم، قائلين: "بركة الرب عليكم". هذه العادة كانت سائدة على وجه الخصوص في الأمة اليهودية... إنه لا يجوز لأحد يعبر ويرى أحدًا يمارس أي عملٍ في حقلٍ أو كرمٍ أو حصادٍ أو أي شيء من هذا القبيل دون أن يبارك... من هم العابرون؟ هؤلاء الذين بالفعل عبروا هنا في مدينتهم خلال الطريق، أي خلال هذه الحياة، وهم الرسل والأنبياء. من الذين باركهم الأنبياء والرسل؟ هل الذين رأوا فيهم جذور المحبة! القديس أغسطينوس |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إن كان يليق بصاحب الحقل حين يلتقي بالحصادين أن يحيي الواحد الآخر بأن الله حاضر في وسطهم، وأنه يبارك صاحب الحقل، فيليق بالمؤمن أيضًا إلا ينشغل بخطاياه السابقة لئلا بتذكرها يفسد نقاوة قلبه. هذا ما تحدث عنه الأب بفنوتيوس في مناظرته مع القديس يوحنا كاسيان. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* أما بالنسبة لما قلته منذ قليل، أنه بسبب هدف موضوع أمامك لا تريد أن تذكر خطاياك السابقة مرة أخرى، فبالتأكيد يلزم ألا تذكرها، إلا إذا باغتتك بغير إرادتك، فللحال أطردها فإنها تحرم الروح بقوة عن التأمل النقي، خاصة بالنسبة للمتوحد، فهي تعرقله في وصمات هذا العالم وتغرقه في الخطايا النجسة. فبينما تتذكر الأمور التي كنت تصفها في جهل وطيش... فإنه حتى وإن كنت في تذكرك لها لا تشعر بلذة، فلا أقل من أن عفونة النجاسات تفسد روحك برائحتها الكريهة وتبطل أريج رائحة الحياة الصالحة، أي رائحة الطيب الذكية. عندما تخطر بذاكرتك الخطايا السابقة، اهرب منها كما يهرب الإنسان البار الشريف متى وجد امرأة عاهرة شريرة تطلبه في الطريق العام بواسطة حديثها معه أو تقبيلها إيَّاه. فإنه إن لم يهرب منها للحال، متباطئًا في الحديث معها بأحاديث مشوبة، فإنه وإن رفض التمتع باللذة المعيبة إلا أنه لا يقدر أن يتجنب احتقار العامة له ونظرات السخرية المتسلطة عليه. هكذا نحن أيضًا، بتذكرنا المهلك هذا نسقط في أفكار كهذه. لهذا يلزمنا أولًا أن نمتنع عن التمسك بها، منفذين وصية سليمان القائل لا نذهب إلى هناك ولا نبطئ في مكانها، ولا نثبت نظرنا عليها، لئلا عندما ترانا الملائكة المارة بنا، أننا مشغولون بأفكار نجسة، فلا تقدر أن تقول لنا: "بركة الرب عليكم" (مز 8:129). فإنه يستحيل أن يستمر الفكر مشغولًا في الأمور الصالحة، إن كان النصيب الأكبر من القلب غارقًا في تأملاته الأرضية الشريرة. لقد حق قول سليمان: "عيناك تنظران الأجنبيات، وقلبك ينطق بأمور ملتوية. وتكون كمضطجع في قلب البحر أو كمضطجع على رأس سارية. يقول "ضربوني ولم أتوجع. لقد لكأُوني ولم أعرف" (أم 33:23-35). يلزمنا أن نهجر لا الأفكار الشريرة فحسب، بل والتفكير في الأمور الزمنية، رافعين اشتياقات نفوسنا نحو الأمور السمائية كقول مخلصنا: "حيث أكون أنا هناك أيضًا يكون خادمي" (يو 26:12). لأنه يحدث أيضًا حتى من باب العطف أن نفكر في سقطات الغير أو أخطائهم، فنتأثر باللذة ونسقط بالتالي في هموم الآخرين. فتكون النتيجة أن ما بدأنا به حسنًا ينتهي نهاية مهلكة، لأنه "تُوجَد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت" (أم 12:14). الأب بينوفيوس |
الساعة الآن 12:26 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025