منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   كلمة الله تتعامل مع مشاعرك (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=45)
-   -   وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=25)

Mary Naeem 23 - 07 - 2025 12:11 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17502450344441.jpg


أن الاتضاع يعطي الانسان كرامة
{ثوب التواضع هو مخافة الرب هو غنى وكرامة وحياة} أم 22 : 4 .
فلا تخاصم جسدك أو تكرهه بل ربيه وقوته لكن تدليله بالأكل الذائد
أو الكسل فيثور عليك ولا تضعفه وتهمله وتقسوة عليه فيعتل
ويعجز عن الخدمة كما يليق .
إن النسك والزهد المسيحي هو حياة ترك وبذل للذات من اجل
المسيح الذي بذل ذاته عنا فهو حب وبذل وصوم وجهاد روحي .

Mary Naeem 23 - 07 - 2025 12:12 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17502450344441.jpg


الطهارة والعفاف المسيحي.. فضيلة ايجابية تعني طهارة الوجدان وقداسة الفكر الداخلي وعفة الحواس والجسد سواء للشباب وللبتولين .
وللمتزوجين فالطهارة هي الامتناع عن عمل ما لا يحل من شهوات جسدية تتعارض مع السلوك الروحي حسب وصايا المسيح . فان الزواج المسيحي سر مقدس يعمل فيه الله ليوحد الاثنين {ويكون الاثنان جسداً واحداً فالذي جمعه الله لا يفرقه الإنسان} مت 19 : 5.
إن الأب السماوي يبارك الزواج المسيحي وهو الذي ككل أبوينا ادم وحواء في الفردوس وبارك الرب يسوع عرس قانا الجليل .
ويعمل الروح القدس ليقدس الزوجين ويرفع الزواج ليكون كسر اتحاد المسيح بالكنيسة ويقدس الرب البيت المسيحي وكلما كانت محبة الله في بيوتنا انتفى الخصام ويحب الرجل زوجته كنفسه ويبذل من اجل سعادتها وتحترم الزوجة رجلها وتطيعه في تفاهم وتضحية ولا يكون لأحد منهما سلطان على جسده بل للأخر .
ويوحد الروح القدس اتصالهما وتكون العشرة الزوجية تعبيراً عن هذا الحب المقدس والوحدة . وتكون ثمرة البطن الأبناء مصدر سعادة للأسرة ولبناء ملكوت الله على الأرض وفي السماء، وتكون الحياة في تفاهم وانسجام وحب واحترام وتعاون وبذل، شهادة لإيماننا وسعادة لحياتنا وعون للأسرة للسعادة على الأرض و الدخول للملكوت السماوي .

Mary Naeem 23 - 07 - 2025 12:14 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17502450344441.jpg


القلب هو مركز العواطف
ليس المقصود بالقلب فى الحياة الروحية مضخة الدم العاملة بلا توقف لتغذية الجسم كله بالدم بل الانسان الداخلى بما فيه من مشاعر وانفعالات ومحاسبة للذات والله يهتم كثيرا بالقلب والعواطف وتقديسها ويطلب منا ان نعطيه القلب { يا ابني اعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقي }(ام 23 : 26).
ويجب ان نتحفظ ونراقب قلبنا ومشاعره { فوق كل تحفظ احفظ قلبك لان منه مخارج الحياة }(ام 4 : 23)
ويطلب منا الله ان نحبه من كل القلب { ثم فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك} (مت 22 : 37)
وبالقلب نطلب الله ونعبده بمشاعر صادقة فنجده ويعلن لنا ذاته { ان طلبت من هناك الرب الهك تجده اذا التمسته بكل قلبك وبكل نفسك }(تث 4 : 29).

Mary Naeem 23 - 07 - 2025 12:28 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17502450344441.jpg


انتصار الانسان على الخطية او الانانية او الشيطان لابد ان ينبع من الداخل بالتوبة القلبية مع تجديد القلب والسعى للوصول الي نقاوة القلب ليحل الله بالإيمان فيه بنعمة الروح القدس لانه من فضلة القلب يتكلم الفم { الانسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح والانسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر فانه من فضلة القلب يتكلم فمه} (لو 6 : 45) . وليس معنى ان يكون القلب غير صالح ان يترك الانسان نفسه للشر بل ان نعود لله بالتوبة والاعتراف ونعمل على اصلاح القلب القاسى او الملتوى او المنقسم { فالان انزعوا الالهة الغريبة التي في وسطكم واميلوا قلوبكم الى الرب } (يش 24 : 23). { ولكن الان يقول الرب ارجعوا الي بكل قلوبكم وبالصوم و البكاء والنوح (يؤ 2 : 12). فيجب ان لا نقسى قلوبنا ونستمع لصوت الرب { اذ قيل اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم كما في الاسخاط} (عب 3 : 15). ويجب ان نصلى { ليحل المسيح بالايمان في قلوبكم} (اف 3 : 17). ان اقتناعنا بالاهتمام بنقاوة القلب واهمية خلاص انفسنا وسعينا فى طرق الجهاد يملأ قلوبنا بنعمة وثمار الروح القدس التى نحتاجها من محبة وسلام وفرح وإيمان ولطف وعفة وطول إناة وصبر فتكون صلواتنا مشاعر صادقة وقلوبنا طاهرة ومسكناً لله .

Mary Naeem 23 - 07 - 2025 12:31 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17502450344441.jpg


ان البعض تقودهم عواطفهم ومشاعرهم فقط بما فيها من محبة أو بغضة،
هدوء وفرح او غضب أو فتور، فتراهم يتصرفون بلا توازن داخلي
بين العواطف والفكر والضمير والروح وقيادة روح الله وكلامه .
لكن الانسان الحكيم هو الذى يتحرك وفقا لكل الانسان الداخلى
وحتى عواطفه تأتى متوازنة بين البساطة والعمق والجدية
والفرح وفى حياتنا نعطى لكل شئ وقته المناسب فى مجال الاهتمام
والرعاية للانسان وعلاقته بذاته وباسرته واصدقائه ودراست
وعمله وخدمته وعبادته ولكل المسئوليات التى توكل اليه .

Mary Naeem 23 - 07 - 2025 12:32 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17502450344441.jpg


الارادة هى قوة النزوع والرغبة لعمل شئ او الامتناع عنه وفقا لقيم الفرد أو تصوراته ومصالحه.
والانسان حر بطبيعته ولهذا فهو مسئول عن تصرفاته وافعاله أمام الله والناس والانسان المخلوق على صورة الله ومثاله هو خير بطبيعته ولكن هناك الكثير من العوامل التى قد تضعف من الاراده او تقويها والارادة السليمة تحتاج الى سلامة الجسد والنفس والروح والبيئة الاجتماعية ونضال الانسان فى مجتمعه للحصول على التكيف الاجتماعى وبناء الذات وفقا لإيمانه ومبادئه .

Mary Naeem 23 - 07 - 2025 12:35 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17502450344441.jpg


ان الشهوة سواء شهوة الجسد او المال او المناصب او الانتقام او غيرة قد تضعف الارادة لاسيما ان لم يضبط الانسان ذاته وشهواته ويطردها من القلب قبل ان تتملك فيه كما اشتهت امنا حواء الشجرة المحرمة { فرات المراة ان الشجرة جيدة للاكل وانها بهجة للعيون وان الشجرة شهية للنظر فاخذت من ثمرها واكلت واعطت رجلها ايضا معها فاكل} تك 6:3. لقد سيطرت شهوة الانتقام على قايين رغم قدرته على السيادة عليها لكنه انصاع لها وقتل اخيه { ان احسنت افلا رفع وان لم تحسن فعند الباب خطية رابضة واليك اشتياقها وانت تسود عليها} (تك 4 : 7). كما ان البيئة الخاطئة توثر على الارادة دون ان ترغم الانسان على الوقوع فى الخطأ لذلك فان يوسف العفيف رفض الخضوع للخطية وهو مباع عبد وسط ظروف صعبة لهذا علينا ان نبتعد عن مسببات الخطية لئلا تضعف ارادتنا { لا تضلوا فان المعاشرات الردية تفسد الاخلاق الجيدة} (1كو 15 : 33). فيجب ان نعاشر الاصدقاء الروحيين ونبنى انفسنا على ايماننا الاقدس فالله يريد خلاصنا { الله يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). لقد عاتب السيد المسيح قديما اهل اورشليم قائلاً { يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا} (مت 23 : 37).

Mary Naeem 23 - 07 - 2025 12:36 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17502450344441.jpg


ان اردت ان تحيا قوى الارادة فاعمل على ان تكون مسيطراً على ذاتك ضابطأ لنفسك فتحيا لا كقصبة تحركها الريح كيف تشاء ولكن كجبل لا تهزه الاحداث ولا تؤثر فيه الشرور المحيطة به .
المؤمن القوى بمبادئه واخلاقه وقيمة يؤثر فيمن حوله ان العيش فى مخافة الله وعبادته بمحبة وبنفس راغبة مصدر سعادة المؤمن { ماذا يطلب منك الرب الهك الا ان تتقي الرب الهك لتسلك في كل طرقه وتحبه وتعبد الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك} (تث 10 : 12).
لنصنع الحق ونقوله ونعمله مع أنفسنا قبل ان نطالب به الغير ونتواضع أمام الله الرحوم { قد اخبرك ايها الانسان ما هو صالح وماذا يطلبه منك الرب الا ان تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع الهك (مي 6 : 8).

Mary Naeem 23 - 07 - 2025 12:37 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17502450344441.jpg


لنحرص على الارتباط بالله ووسائط النعمة المقوية للارادة من صوم وصلاة وقراءة فى كلمة الله والاستجابة لعمل روحه القدوس ولنقتدى بمخلص النفوس الذى اذ وجد فى الهيئة كانسان وضع نفسه وأطاع الآب السمائى حتى موت الصليب من أجل السرور الموضوع امامه مستهينا بالخزى فجلس عن يمين العظمة.
ونحن يجب ان نغصب أنفسنا على طاعة الله ومحبته وصنع الخير من أجل ان نكون ابناء لله مقتدين بتعاليمه وكما علمنا {ملكوت السماوات يغصب والغاصبون يختطفونه }(مت 11 : 12) وعندما نبدأ بالتغصب لاكتساب عادات جيده تقوى ارادتنا وصلتنا بالله ونعمل الخير بالارادة الحرة.

Mary Naeem 23 - 07 - 2025 12:50 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/17502450344441.jpg


مَريَم تَسْتَمع ومَرتَا تَخْدُم ويَسوع يَحُكم





النَّص الإنْجيلي (لوقا 10: 38-42)



38 وبَينَما هُم سائرون، دَخَلَ قَريَةً فَأَضافَتهُ امَرَأَةٌ اسمُها مَرتا. 39 وكانَ لَها أُختٌ تُدعى مَريم، جَلَسَت عِندَ قَدَمَي الرَّبِّ تَستَمِعُ إِلى كَلامِه. 40 وكانَت مَرتا مَشغولَةً بِأُمورٍ كَثيرَةٍ مِنَ الخِدمَة، فأَقبلَت وقالت: ((يا ربّ، أَما تُبالي أَنَّ أُختي تَرَكَتني أَخدُمُ وَحْدي؟ فمُرها أَن تُساعِدَني)) 41 فأَجابَها الرَبُّ: ((مَرتا، مَرتا، إِنَّكِ في هَمٍّ وارتِباكٍ بِأُمورٍ كَثيرَة، 42 مع أَنَّ الحاجَةَ إِلى أَمرٍ واحِد. فَقدِ اختارَت مَريمُ النَّصيبَ الأّفضَل، ولَن يُنزَعَ مِنها)).





مُقَدِّمَةٌ


يُولِي لوقا الإِنجيليُّ ظ±هْتِمَامًا خَاصًّا بِظ±لْمُهَمَّشِينَ فِي ظ±لْحَيَاةِ ظ±لاجْتِمَاعِيَّةِ فِي فِلَسْطِينَ، كَالنِّسَاءِ. فَيَصِفُ فِي إِنْجِيلِهِ (لوقا 10: 38–42) ضِيَافَةَ مَرْثَا وَمَرْيَمَ لِيَسُوعَ، وَظ±سْتِقْبَالَهُمَا لَهُ كَصَدِيقٍ لِلْأُسْرَةِ: "مَرْثَا" ظ±لْعَامِلَةُ، ظ±لْمُنْصَرِفَةُ إِلَى ظ±لْخِدْمَةِ، وَ"مَرْيَمُ" ظ±لْمُتَأَمِّلَةُ، ظ±لْجَالِسَةُ عِندَ قَدَمَيْ يَسُوعَ مِثْلَ ظ±لتِّلْمِيذِ.



وَمِنْ خِلَالِهِمَا، يَدْعُونَا يَسُوعُ إِلَى ظ±لرُّجُوعِ، فِي ظ±لصَّلَاةِ وَظ±لْعَمَلِ. فَهُنَاكَ ثَرْوَةٌ يُمْكِنُ أَنْ يُوَفِّرَهَا ظ±لْمَسِيحُ لِحَيَاتِنَا، عِنْدَمَا نُرَحِّبُ بِهِ وَنَسْتَقْبِلُهُ فِي ظ±لصَّلَاةِ وَظ±لْعَمَلِ. فَهَلْ نَسِيرُ عَلَى خُطَى مَرْيَمَ وَمَرْثَا فِي ظ±لضِّيَافَةِ نَحْوَ ظ±لْجَمِيعِ (رومة 12: 13؛ 13: 8)؟ وَهَلْ تَتَمَيَّزُ حَيَاتُنَا بِفَضِيلَةِ ضِيَافَةِ يَسُوعَ وَظ±سْتِقْبَالِهِ؟ مِنْ هُنَا تَكْمُنُ أَهَمِّيَّةُ ظ±لْبَحْثِ فِي وَقَائِعِ ظ±لنَّصِّ ظ±لْإِنْجِيلِيِّ وَتَطْبِيقَاتِهِ.





أولا: وقائع النص الإنجيلي (لوقا 10: 38-42)



38 وبَينَما هُم سائرون، دَخَلَ قَريَةً فَأَضافَتهُ امَرَأَةٌ اسمُها مَرتا



تُشِيرُ ْعِبَارَةُ "سَائِرُونَ" إِلَى يَسُوعَ وَتَلَامِيذِهِ فِي مَسِيرَتِهِمْ نَحْوَ أُورَشَلِيمَ، وَذظ°لِكَ تَمَامًا كَمَا أَشَارَ لُوقَا فِي بَدَايَةِ قِسْمِ "رِحْلَةِ يَسُوعَ."وَلَمَّا حَانَتْ أَيَّامُ ظ±رْتِفَاعِهِ، عَزَمَ عَلَى ظ±لِظ±تِّجَاهِ إِلَى أُورَشَلِيمَ" (لوقا 9: 51. فَهِيَ رِحْلَةُ ظ±لصَّلِيبِ، وَكُلُّ حَدَثٍ فِيهَا يَكْشِفُ بُعْدًا جَدِيدًا فِي مَعْرِفَةِ هُوِيَّةِ ظ±لْمَسِيحِ وَرِسَالَتِهِ. عبارة "قَرْيَةً" فيُرَجَّحُ أَنَّهَا "بَيْتُ عَنْيَا"، كَمَا ذَكَرَ يُوحَنَّا: "كَانَ رَجُلٌ مَرِيضًا، وَهُوَ لِعَازَرُ، مِنْ بَيْتِ عَنْيَا، مِنْ قَرْيَةِ مَرْيَمَ وَمَرْثَا أُخْتِهَا" (يوحنّا 11: 1). بَيْتُ عَنْيَا هُوَ ظ±سْمٌ آرَامِيٌّ: בض¼ضµ×™×ھض¾×”ض´×™×*ض´×™، وَيَعْنِي: "بَيْتُ ظ±لْبُؤْسِ" أَوْ "بَيْتُ ظ±لْبَائِسِ". تَقَعُ عَلَى سَفْحِ جَبَلِ ظ±لزَّيْتُونِ مِنَ ظ±لْجِهَةِ ظ±لْجَنُوبِيَّةِ ظ±لشَّرْقِيَّةِ، عَلَى بُعْدِ 3ظ«2 كيلومترات مِنْ أُورَشَلِيمَ، عَلَى طَرِيقِ ظ±لْقُدْسِ–أَرِيحَا. وَتُدْعَى ظ±لْيَوْمَ "ظ±لْعَازَرِيَّة" نِسْبَةً إِلَى لِعَازَرَ أَخِي مَرْيَمَ وَمَرْثَا. فِي هظ°ذِهِ ظ±لْقَرْيَةِ: أَقَامَ يَسُوعُ مَيْتًا، وَهُوَ لِعَازَرُ (يوحنّا 11: 44)، وَفِيهَا دَهَنَتْ مَرْيَمُ رِجْلَيْهِ بِظ±لطِّيبِ (يوحنّا 12: 3)، وَفِيهَا كَانَ يَقْضِي لَيَالِيهِ فِي أَيَّامِهِ ظ±لْأَخِيرَةِ (مرقس 11: 11). "دَخَلَ قَرْيَةً" تُشِيرُ هذِهِ العِبَارَةُ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا، وَهُوَ ظ±سْمٌ آرَامِيٌّ مَعْنَاهُ: "بَيْتُ ظ±لْبُؤْسِ" أَوْ "بَيْتُ ظ±لْبَائِسِ". وَهِيَ قَرْيَةٌ صَغِيرَةٌ تَقَعُ عَلَى ظ±لسُّفُوحِ ظ±لْجَنُوبِيَّةِ ظ±لشَّرْقِيَّةِ لِجَبَلِ ظ±لزَّيْتُونِ، عَلَى بُعْدِ نَحْوَ 3.2 كيلومتر مِنْ أُورَشَلِيم. وَتُدْعَى ظ±لْيَوْمَ ظ±لْعِيزَرِيَّةَ، نِسْبَةً إِلَى لِعَازَر، وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَكَمَةٍ صَخْرِيَّةٍ وَعِرَةِ ظ±لْمَسَالِكِ. كَانَ يَسُوعُ يَتَرَدَّدُ إِلَيْهَا مِرَارًا كَثِيرَةً، وَلاسِيَّمَا فِي أَيَّامِهِ ظ±لْأَخِيرَةِ. وَكَمْ مِنَ ظ±لْحَوَادِثِ ظ±لْهَامَّةِ جَرَتْ فِيهَا بَيْنَ ظ±لرَّبِّ وَلِعَازَرَ وَأُخْتَيْهِ، ظ±لَّذِينَ كَانُوا يَسْكُنُونَ فِي هظ°ذِهِ ظ±لْقَرْيَةِ: (متى 17: 21، 6: 26، مرقس6: 26، 11: 11-12، يوحنا 1: 11-12)، وَلا يَزَالُ قَبْرُ لِعَازَرَ وَخَرَابَاتُ بَيْتِهِ مَوْجُودَيْنِ حَتَّى ظ±لْيَوْمِ. وَأَمَّا ظ±لْقَبْرُ فَهُوَ مَنْحُوتٌ فِي ظ±لصَّخْرِ، لَهُ مَدْخَلٌ يُقَدَّرُ عُلُوُّهُ بِـ 1ظ«214 م، وَعَرْضُهُ ظ*ظ«6096 م، وَيَحْوِي 27 دَرَجَةً تُفْضِي إِلَى غُرْفَةٍ تَبْلُغُ مِسَاحَتُهَا 2:7م ²، وَفِيهَا أربعة نَوَاوِيسَ. وَكُلَّمَا دَخَلَ ظ±لرَّبُّ بَيْتَ إِنْسَانٍ أَوْ حَيَاتَهُ، كَانَ ذظ°لِكَ إِيذَانًا بِبِدَايَةٍ جَدِيدَةٍ. فَقَدْ يُقَامُ مَيْتٌ مِنَ ظ±لْقَبْرِ، كَمَا أَقَامَ يَسُوعُ لِعَازَرَ. إِنَّهُ حَيْثُمَا يَحِلُّ ظ±لرَّبُّ، تَبْدَأُ حَيَاةٌ جَدِيدَةٌ، وَتُشْرِقُ نِعْمَةُ ظ±لْقِيَامَةِ. وعبارة "فَأَضَافَتْهُ" تُشِيرُ إِلَى فَضِيلَةٍ مِحْوَرِيَّةٍ فِي ظ±لْحَيَاةِ ظ±لْمَسِيحِيَّةِ، هِيَ ظ±لضِّيَافَةُ، وَهِيَ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ خِدْمَةٍ، بَلْ عَلامَةُ إِيمَانٍ وَمَحَبَّةٍ. فِي كَثِيرٍ مِنَ ظ±لنُّصُوصِ ظ±لْكِتَابِيَّةِ، يُشَبَّهُ مَلَكُوتُ ظ±للَّهِ بِوَلِيمَةٍ (لوقا 14: 15). وَيُوصِي بُولُسُ ظ±لرَّسُولُ: "وُدُّوا ظ±لضِّيَافَةَ" (رومة 12: 13)، وَيَقُولُ فِي ظ±لْعِبْرَانِيِّينَ: "فِيهَا أَضَافَ أُنَاسٌ مَلَائِكَةً وَهُمْ لَا يَدْرُونَ" (عب 13: 2، راجع تكوين 18: 1–5). فَظ±لضِّيَافَةُ فِي ظ±لْمَفْهُومِ ظ±لْمَسِيحِيِّ هِيَ: تَرْحِيبٌ بِظ±لْمَسِيحِ نَفْسِهِ (متى 25: 35–40)، وَظ±سْتِقْبَالٌ لَهُ فِي ظ±لْإِخْوَةِ وَظ±لْقُدَّاسِ ظ±لْإِلَهِيِّ (لوقا 24: 29–30)، وَتَحَقُّقٌ لِعُضْوِيَّةِ ظ±لضَّيْفِ فِي ظ±لْعَائِلَةِ ظ±لرُّوحِيَّةِ (أفسس 2: 19). عبارة "مَرْثَا" فِي ظ±لْيُونَانِيَّةِ خœل½±دپخ¸خ±، وَفْقَ ظ±لْأَصْلِ ظ±لْآرَامِيِّ ×‍ض¸×¨ض°×ھض¸×گ، وَمَعْنَاهَا "ظ±لسَّيِّدَةُ" أَوْ "رَبَّةُ ظ±لْبَيْتِ". هِيَ أُخْتُ لِعَازَرَ وَمَرْيَمَ (يوحنّا 11: 1)، وَتُذْكَرُ أَوَّلًا دَائِمًا، مِمَّا يُشِيرُ إِلَى أَنَّهَا الأُخْتُ ظ±لْكُبْرَى. تُجَسِّدُ ظ±لْخِدْمَةَ وَظ±لنَّشَاطَ، وَهِيَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ، يُحِبُّهَا ظ±لْمَسِيحُ (يوحنّا 11: 5). وَعَلَى ظ±لرَّغْمِ مِنْ أَنَّهَا تَشْتَكِي إِلَى يَسُوعَ بِكُلِّ صِدْقٍ، فَإِنَّهَا لَا تُدْرِكُ أَنَّهُ "ظ±لنَّصِيبُ ظ±لصَّالِحُ" (لوقا 10: 42)، وَأَنَّ ظ±لْكَلِمَةَ تَسْبِقُ ظ±لْخِدْمَةَ. وَفِي يُوحَنَّا 11: 27، تَقُولُ مَرْثَا: "أَنَا قَدْ آمَنتُ أَنَّكَ ظ±لْمَسِيحُ، ظ±بْنُ ظ±للَّهِ، ظ±لْآتِي إِلَى ظ±لْعَالَمِ" – وَهُوَ ظ±عْتِرَافٌ إِيمَانِيٌّ يَرْقَى إِلَى مَا قَالَهُ بُطْرُسُ (متّى 16: 16).



39 وكانَ لَها أُختٌ تُدعى مَريم، جَلَسَت عِندَ قَدَمَي الرَّبِّ تَستَمِعُ إلى كَلامِه.



"مَرْيَمُ": فِي ظ±لْيُونَانِيَّةِ: خœخ±دپخ¯خ±، وَهُوَ ظ±سْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ ظ±لْعِبْرِيَّةِ ×‍ض´×¨ض°×™ض¸×‌، وَيَحْمِلُ مَعَانِيَ عِدَّةً، مِثْلَ: "ظ±لرَّائِيَة"، "ظ±لسَّيِّدَة"، أَوْ "ظ±لْعِصْيَان". أَمَّا فِي ظ±للُّغَةِ ظ±لْمِصْرِيَّةِ ظ±لْقَدِيمَةِ، فَيَعْنِي ظ±لِظ±سْمُ: "ظ±لْمَحْبُوبَة". هِيَ أُخْتُ مَرْثَا وَلِعَازَر (يوحنّا 11: 1–5)، وَتَلْمِيذَةُ ظ±لرَّبِّ ظ±لَّتِي جَلَسَتْ عِندَ قَدَمَيْهِ مِرَارًا (لوقا 10: 39؛ يوحنّا 11: 32؛ 12: 3)، إِذْ كَانَتْ تُفَضِّلُ ظ±لْإِصْغَاءَ لِكَلِمَاتِ يَسُوعَ عَلَى ظ±لِظ±نْشِغَالِ بِظ±لْخِدْمَةِ فِي ظ±لْبَيْتِ. وَلِهظ°ذَا قَالَ عَنْهَا يَسُوعُ: "فَقَدِ ظ±خْتَارَتْ مَرْيَمُ ظ±لنَّصِيبَ ظ±لْأَفْضَلَ، وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا" (لوقا 10: 42). عِنْدَ مَوْتِ لِعَازَرَ، نَرَاهَا فِي ظ±لْبَيْتِ، يُحِيطُ بِهَا ظ±لْيَهُودُ ظ±لَّذِينَ جَاءُوا يُعَزُّونَهَا (يوحنّا 11: 19–20، 45). وَلَمَّا شَاهَدَ يَسُوعُ بُكَاءَهَا، تَأَثَّرَ وَبَكَى (يوحنّا 11: 28–35). وَقَبْلَ مَوْتِ يَسُوعَ بِبِضْعَةِ أَيَّامٍ، خِلَالَ وَلِيمَةٍ فِي بَيْتِ عَنْيَا، صَبَّتْ مَرْيَمُ ظ±لطِّيبَ عَلَى قَدَمَيْ يَسُوعَ فِي بَيْتِ أَخِيهَا لِعَازَرَ (يوحنّا 12: 1–3). وَيُقَالُ إِنَّ ظ±مْرَأَةً (بِدُونِ ذِكْرِ ظ±سْمِهَا) سَكَبَتِ ظ±لطِّيبَ عَلَى رَأْسِهِ فِي بَيْتِ سِمْعَانَ ظ±لْأَبْرَصِ فِي بَيْتِ عَنْيَا، وَيُرَجَّحُ أَنْ تَكُونَ ظ±لْحَادِثَتَانِ وَاحِدَةً، وَقَدْ وَقَعَتَا فِي بَيْتِ سِمْعَانَ أَثْنَاءَ إِقَامَةِ ظ±لْمَسِيحِ فِي بَيْتِ لِعَازَرَ. وَرُبَّمَا كَانَتْ مَرْيَمُ نَفْسُهَا هِيَ ظ±لَّتِي سَكَبَتِ ظ±لطِّيبَ عَلَى رَأْسِهِ وَدَهَنَتْ قَدَمَيْهِ أَيْضًا. أَمَّا عِبَارَةُ "مَرْيَمُ، جَلَسَتْ عِندَ قَدَمَيْهِ"، فَتُشِيرُ إِلَى مَوْقِفِ ظ±لتِّلْمِيذِ (أَعْمَالُ ظ±لرُّسُلِ 22: 3)، فَمَعْنَى ظ±لْجُلُوسِ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ هُوَ: ظ±لتَّتَلْمُذُ وَظ±لْإِصْغَاءُ لِلتَّعْلِيمِ. فَقَدِ اتَّخَذَتْ قَرَارًا حُرًّا، وَجَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيِ يَسُوعَ، حَيْثُ أَدْرَكَتْ أَنَّ الْخَيْرَ الْحَقِيقِيَّ يَكْمُنُ لَهَا هُنَاكَ. وَقَدْ جَاءَ فِي يُوحَنَّا 12: 3: "تَنَاوَلَتْ حُقَّةَ طِيبٍ مِنَ ظ±لنَّارَدينِ ظ±لْخَالِصِ ظ±لْغَالِي ظ±لثَّمَنِ، وَدَهَنَتْ قَدَمَيْ يَسُوعَ، ثُمَّ مَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِهَا. فَعَبِقَ ظ±لْبَيْتُ بِظ±لطِّيبِ". وَأَمَّا عِبَارَةُ "تَسْتَمِعُ إِلَى كَلاَمِهِ"، فَفِي ظ±لْأَصْلِ ظ±لْيُونَانِيِّ: ل¼¤خ؛خ؟د…خµخ½، وَفِي ظ±لْعِبْرِيَّةِ: ש×پض°×‍ض·×¢، وَمَعْنَاهَا: "ظ±لْفَهْمُ وَظ±لطَّاعَة". وَهظ°ذِهِ ظ±لْكَلِمَةُ هِيَ جَوْهَرُ وَصِيَّةِ ظ±لْإِيمَانِ فِي ظ±لشَّعْبِ ظ±لْيَهُودِيِّ: "ظ±سْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: إِنَّ ظ±لرَّبَّ إِلظ°هَنَا، رَبٌّ وَاحِدٌ" (تثنية ظ±لِاشْتِرَاعِ 6: 4). وَقَدْ حَثَّ ظ±لأَنْبِيَاءُ ظ±لشَّعْبَ عَلَى ظ±لِظ±سْتِمَاعِ لِصَوْتِ ظ±للَّهِ، وَوَبَّخُوهُ عَلَى رَفْضِ كَلِمَةِ ظ±للَّهِ وَعَدَمِ ظ±لْعَمَلِ بِهَا (أشعيا 6: 9–11، إرميا 6: 10). كَذظ°لِكَ دَعَا ظ±لْآبُ ظ±لسَّمَاوِيُّ ظ±لشَّعْبَ إِلَى ظ±لِظ±سْتِمَاعِ لِظ±بْنِهِ ظ±لْحَبِيبِ، فَقَالَ: "هظ°ذَا هُوَ ظ±بْنِيَ ظ±لْحَبِيبُ ظ±لَّذِي عَنْهُ رَضِيتُ، فَلَهُ ظ±سْمَعُوا" (متّى 17: 5).




40 وكانَت مَرتا مَشغولَةً بِأُمورٍ كَثيرَةٍ مِنَ الخِدمَة، فأَقبلَت وقالت:
((يا ربّ، أَما تُبالي أَنَّ أُختي تَرَكَتني أَخدُمُ وَحْدي؟ فمُرها أَن تُساعِدَني))



عِبَارَةُ "مَشغُولَةً بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ مِنَ ظ±لْخِدْمَةِ": فِي ظ±لْأَصْلِ ظ±لْيُونَانِيِّ: د€خµدپخ¹خµدƒد€ل¾¶د„خ؟، وَمَعْنَاهَا: "مُنْهَمِكَةٌ" أَوْ "مُرْتَبِكَةٌ" وَمُتَشَتِّتَةٌ. تُشِيرُ هظ°ذِهِ ظ±لْعِبَارَةُ إِلَى مَرْثَا، ظ±لَّتِي لَمْ تَرَ فِي يَسُوعَ صَدِيقًا فَحَسْب، بَلْ أَيْضًا مُعَلِّمًا رَبَّانِيًّا وَنَبِيًّا مُكَرَّمًا، فَأَرَادَتْ أَنْ تُكْرِمَهُ بِظ±سْتِقْبَالٍ مَادِّيٍّ فَاخِرٍ. ظ±نْهَمَكَتْ فِي ظ±لْخِدْمَةِ وَظ±رْتَبَكَتْ فِي تَفَاصِيلِ ظ±لإِعْدَادِ، لِكَيْ تُهَيِّئَ مَائِدَةً تَلِيقُ بِضَيْفِهَا ظ±لْجَلِيلِ، مِمَّا شَغَلَهَا عَنِ ظ±لْجُلُوسِ مَعَهُ وَظ±لِظ±سْتِمَاعِ إِلَيْهِ. فَقَدْ انْشَغَلَتْ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ شَتَّتَتْ ذِهْنَهَا، فَلَمْ تَعُدْ هِيَ مَنْ يُدِيرُ مَا تَفْعَلُ، بَلْ أَصْبَحَتْ خَاضِعَةً لِمَا تَفْرِضُهُ عَلَيْهَا الْمَهَامُّ وَالِانْشِغَالَاتُ. لذلك مَا بَدَا فِي ظ±لظَّاهِرِ تَقْوًى وَضِيَافَةً، أَخْفَى تَوَتُّرًا دَاخِلِيًّا، إِذْ إِنَّ مَرْثَا، بِظ±نْدِفَاعِهَا فِي ظ±لْخِدْمَةِ، ظ±بْتَعَدَتْ عَنْ جَوْهَرِ ظ±لْحُضُورِ ظ±لْإِلَهِيِّ ظ±لْجَالِسِ فِي بَيْتِهَا. عِبَارَةُ "فَأَقْبَلَتْ": تُفِيدُ ظ±لْعِبَارَةُ حَرَكَةً مُبَاغِتَةً وَمُنْفَعِلَةً، فَهِيَ إِشَارَةٌ إِلَى ظ±لِظ±نْفِعَالِ ظ±لْعَصَبِيِّ لِمَرْثَا، كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذظ°لِكَ تَذَمُّرُهَا وَشَكْوَاهَا: "يَا رَبُّ، أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي تَرَكَتْنِي أَخْدِمُ وَحْدِي؟". تُفِيدُ ظ±لْعِبَارَةُ عَدَمَ تَمَالُكِ مَرْثَا نَفْسَهَا، فَقَدْ وَجَّهَتِ ظ±للَّوْمَ إِلَى يَسُوعَ نَفْسِهِ، وَبِشَكْلٍ غَيْرِ مُبَاشِرٍ، نَهَرَتْ مَرْيَمَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُبَالِ بِظ±رْتِبَاكِهَا، وَلَمْ يَطْلُبْ مِنْ مَرْيَمَ أَنْ تُسَاعِدَهَا. وَغَايَتُهَا فِي ذظ°لِكَ كَانَتِ ظ±لِظ±هْتِمَامَ بِإِعْدَادِ مَا يَلِيقُ بِرَبِّهَا. وَقَدْ أَصَابَتْ مَرْثَا فِي أَنْ ذَكَرَتْ هُمُومَهَا لِلرَّبِّ، كَمَا قَالَ ظ±لرَّسُولُ بُطْرُسُ: "أَلْقُوا عَلَيْهِ جَمِيعَ هَمِّكُمْ، فَإِنَّهُ يُعْنَى بِكُمْ" (1 بطرس 5: 7). على الرّغم من كرمِ مرثا في استقبالِ يسوع، كانت نقطةُ ضعفِها في أنّها انشغلت بخدمتِه عن البقاءِ معه، ففضّلت العملَ له على الجلوسِ عند قدمَيه. "يَا رَبُّ، أَمَا تُبَالِي؟" تُشِيرُ إِلَى شُعُورِ مَرْثَا بِالْوَحْدَةِ. إِنَّهَا تَشْتَكِي مِنْ أَنَّهَا تُرِكَتْ وَحِيدَةً فِي الْخِدْمَةِ، وَتَشْعُرُ أَنَّهُ لَا أَحَدَ، حَتَّى الرَّبُّ نَفْسَهُ، يَهْتَمُّ بِهَا. هظ°ذَا النِّدَاءُ نَسْمَعُهُ فِي قُلُوبِ كَثِيرِينَ الْيَوْمَ، وَخُصُوصًا مِمَّنْ يَخْدِمُونَ فِي خِدْمَاتٍ صَعْبَةٍ أَوْ فِي وَاقِعٍ يُرْهِقُهُم بِالْأَعْبَاءِ وَالْمَهَامِّ. فَكَمْ مِنْ مَرَّةٍ نَشْعُرُ أَنَّنَا وَحِيدُونَ، وَأَنَّهُ لَا أَحَدَ يَرَانَا أَوْ يُقَدِّرُ مَا نَقُومُ بِهِ؟ نَصْرُخُ مِثْلَ مَرْثَا: "يَا رَبُّ، أَمَا تُبَالِي؟ وَلَكِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ، بِلُطْفِهِ وَحَنَانِهِ، يُجِيبُنَا كَمَا أَجَابَ مَرْثَا، لِيُظْهِرَ لَنَا أَنَّهُ مَعَنَا، وَيَرَانَا، وَيَهْتَمُّ بِنَا أَكْثَرَ مِمَّا نَظُنُّ. إِنَّهُ يَدْعُونَا لِنُرَتِّبَ أَوْلَوِيَّاتِنَا، وَلِنَضَعَ جُلُوسَنَا عِنْدَ قَدَمَيْهِ فِي الْمَقَامِ الأَوَّلِ، حَتَّى تَكُونَ خِدْمَتُنَا نَابِعَةً مِنَ الشَّرَكَةِ مَعَهُ، لَا مِنِ الْوِحْدَةِ أَوِ التَّوَتُّرِ. "أُخْتِي تَرَكَتْنِي": تُشِيرُ إِلَى أَنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ فِي ظ±لْبِدَايَةِ تُسَاعِدُ مَرْثَا فِي أَعْمَالِ ظ±لْبَيْتِ، ثُمَّ جَلَسَتْ عِندَ قَدَمَيْ يَسُوعَ لِتُصْغِيَ إِلَى كَلِمَاتِهِ، فَنَسِيَتْ أَعْمَالَهَا وَظ±لْوَاجِبَ تُجَاهَ أُخْتِهَا وَظ±لضَّيْفِ. فَكَأَنَّ هُنَاكَ مُشْكِلَةً فِي تَقَاسُمِ ظ±لْوَاجِبَاتِ، وَظ±لْإِقْرَارُ مِنْ مَرْيَمَ بِظ±حْتِيَاجَاتِ مَرْثَا لَمْ يَكُنْ أَمْرًا مُسَلَّمًا بِهِ. فَعِنْدَمَا يَغِيبُ الْجَوْهَرُ، تَضْمَحِلُّ رُوحُ الشَّرِكَةِ، وَيَبْدَأُ الإِنْسَانُ فِي النَّظَرِ إِلَى الآخَرِ، حَتَّى أَقْرَبِ الْمُقَرَّبِينَ، عَلَى أَنَّهُ مُنَافِسٌ أَوْ خَصْمٌ يَسْلُبُهُ شَيْئًا مَا. لَمْ تَحْتَفِظْ مَرْثَا بِشَكْوَاهَا لِنَفْسِهَا، بَلْ عَبَّرَتْ عَنْهَا بِصِدْقٍ أَمَامَ يَسُوعَ. هظ°ذِهِ الْمُبَادَرَةُ تُمَثِّلُ خُطْوَةً أُولَى عَلَى طَرِيقِ الشِّفَاءِ. "فَمُرْهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي": تُشِيرُ إِلَى أَنَّ مَرْثَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ بِـمَرْيَمَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى ظ±لْعَمَلِ إِلَّا بِإِذْنِ يَسُوعَ وَأَمْرِهِ. فَصَارَ ظ±لْخَادِمُ يُمْلِي عَلَى ظ±لرَّبِّ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَهُ، فِي تَقْدِيرٍ خَفِيٍّ أَنَّ ظ±لْخِدْمَةَ أَهَمُّ مِنَ ظ±لْكَلِمَةِ. إِنَّ مَرْثَا تَتَّخِذُ مَكَانَ الْمُعَلِّمِ، فَهِيَ لَا تَكْتَفِي بِعَدَمِ الإِصْغَاءِ، بَلْ تُبَادِرُ إِلَى تَعْلِيمِ الرَّبِّ نَفْسِهِ، فَتُخْبِرُهُ مَاذَا يَقُولُ، وَكَيْفَ يَتَكَلَّمُ: "فَمُرْهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي"! وَيُعلق ظ±لْقِدِّيسُ يُوحَنَّا ظ±لذَّهَبِيُّ ظ±لْفَمِ: "مَا عَابَ يَسُوعُ عَلَى مَرْثَا خِدْمَتَهَا، بَلِ ظ±ضْطِرَابَ قَلْبِهَا." فَـمَرْثَا لَيْسَتْ شَخْصًا غَرِيبًا عَنَّا، بَلْ هِيَ تَسْكُنُ فِينَا جَمِيعًا: تَسْكُنُ فِي ظ±لْكَاهِنِ ظ±لْمُنْشَغِلِ بِظ±لْبَرَامِجِ أَكْثَرَ مِنَ ظ±لصَّلَاةِ، فِي ظ±لْخَادِمَةِ أَوِ ظ±لْمَسْؤُولِ ظ±لْمَهُوْسِ بِظ±لتَّرْتِيبِ عَلَى حِسَابِ ظ±لرُّوحِ، فِي ظ±لْمُكَرَّسِ ظ±لَّذِي يَغْرَقُ فِي ظ±لْوَاجِبَاتِ وَيَنْسَى ظ±لْوُقُوفَ عِنْدَ قَدَمَيِ ظ±لرَّبِّ. فَكَمْ مِنْ مَرْثَا تَسْكُنُ كَنَائِسَنَا؟ تَخْدِمُ وَتَكِدُّ، وَلظ°كِنْ بِقَلَقٍ وَتَذَمُّرٍ، لَا بِسَلَامِ مَرْيَمَ وَصَمْتِهَا.



41 فأَجابَها الرَبُّ: ((مَرتا، مَرتا، إِنَّكِ في هَمٍّ وارتِباكٍ بِأُمورٍ كَثيرَة،



"مَرْثَا، مَرْثَا": يُكَرِّرُ ظ±لسَّيِّدُ ظ±لْمَسِيحُ ظ±سْمَ مَرْثَا، وَهظ°ذَا ظ±لتَّكْرَارُ يُضْفِي عَلَى ظ±لْكَلَامِ نَبْرَةً مِنَ ظ±لْمَحَبَّةِ وَظ±لْعَطْفِ، فَهُوَ تَوْبِيخُ ظ±لصَّدِيقِ، لَا تَوْبِيخُ ظ±لدَّيَّانِ. وَقَدِ ظ±سْتَخْدَمَ ظ±لْمَسِيحُ نَفْسَ ظ±لْأُسْلُوبِ مَعَ غَيْرِه: "سِمْعَانُ، سِمْعَانُ" (لوقا 22: 31)، وَ"شَاوُلُ، شَاوُلُ" (أعمال الرُّسُل 9: 4). فَلَا شَيْءَ يُسَكِّنُ قَلْبَ ظ±لْمُضْطَرِبِ مِثْلَ أَنْ يُنَادِيَهُ ظ±لرَّبُّ بِظ±سْمِهِ، وَفِي ذظ°لِكَ ظ±لتَّكْرَارِ تَنْبِيهٌ إِلَى أَهَمِّيَّةِ ظ±لْكَلَامِ ظ±لَّذِي سَيَتْلُوهُ. "مرثا تتكلّم فقط… وصوتُها يَعلو، أمّا صوتُ يسوع، فلا يُسمَعُ إلّا بعدَ أن يُنصِتَ لصوتِ قلبِها المضطرب! "إِنَّكِ فِي هَمٍّ وَظ±رْتِبَاكٍ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ": فِي هظ°ذِهِ ظ±لْعِبَارَةِ يُوَبِّخُ ظ±لْمَسِيحُ مَرْثَا، لَيْسَ عَلَى خِدْمَتِهَا فِي ذَاتِهَا، بَلْ عَلَى ظ±نْشِغَالِهَا ظ±لْمُفْرِطِ وَظ±رْتِبَاكِهَا فِي تَفَاصِيلِ ظ±لْخِدْمَةِ، مِمَّا حَجَبَهَا عَنْ جَوْهَرِ ظ±لِّلِقَاءِ مَعَ ظ±لرَّبِّ. فَلَمْ تَعُدِ ظ±لْخِدْمَةُ تَجَلِّيًا لِلْمَحَبَّةِ، بَلْ عِبْئًا وَمَصْدَرَ تَذَمُّرٍ وَشَكْوَى. وَقَدْ سَبَقَ أَنْ قَالَ ظ±لرَّبُّ لِتَلَامِيذِهِ: "لَا يُهِمَّكُم لِلْعَيْشِ مَا تَأْكُلُونَ، وَلَا لِلْجَسَدِ مَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ ظ±لْحَيَاةُ أَعْظَمَ مِنَ ظ±لطَّعَامِ، وَظ±لْجَسَدُ أَعْظَمَ مِنَ ظ±للِّبَاسِ؟" (متى 6: 25). َظ±لْمَسِيحُ يُبْدِي ظ±هْتِمَامَهُ بِظ±لْأَوْلَوِيَّاتِ، وَيَدْعُو مَرْثَا إِلَى تَجْدِيدِ نَظْرَتِهَا، لِتَرَى فِي حُضُورِهِ كَأَوَّلِيَّةٍ، وَفِي كَلِمَتِهِ كَمَصْدَرٍ لِلسَّلَامِ. إِنَّ نِدَاءَ يَسُوعَ: "مَرْثَا، مَرْثَا" هُوَ نِدَاءٌ مَفْعَمٌ بِظ±لْحَنَانِ، مُوَجَّهٌ إِلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ يَعِيشَانِ فِي هَمٍّ وَظ±رْتِبَاكٍ. يَسُوعُ لَا يَلُومُ مَرْثَا عَلَى خِدْمَتِهَا، بَلْ لِأَنَّهَا غَفَلَتْ عَنْ جَوْهَرِ ظ±لْحُضُورِ. إِنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ نُقْصِيَ ظ±لْعَمَلَ، بَلْ أَنْ نُدْخِلَ فِيهِ رُوحَ ظ±لْإِصْغَاءِ؛ أَنْ نَبْدَأَ مِنهُ، لَا مِنْ أَنْفُسِنَا؛ أَنْ نَنْطَلِقَ مِنْ حُضُورِهِ، لَا مِنْ هُمُومِنَا. فَظ±لْحَيَاةُ ظ±لْمَسِيحِيَّةُ لَيْسَتْ سِبَاقَ وَاجِبَاتٍ، بَلْ لِقَاءَ مَحَبَّةٍ؛ لَيْسَتْ سَعْيًا لِإِرْضَاءِ ظ±لْآخَرِينَ، بَلْ ثَبَاتًا فِي وَجْهِ يَسُوعَ. فَهَلْ نَسْمَحُ لَهُ أَنْ يُنَادِينَا بِظ±سْمِنَا، وَيُعِيدَ تَرْتِيبَ فَوْضَانَا بِسَلَامِهِ؟



42 مع أَنَّ الحاجَةَ إلى أَمرٍ واحِد. فَقدِ اختارَت مَريمُ النَّصيبَ الأّفضَل، ولَن يُنزَعَ مِنها)).



"ظ±لْحَاجَةَ إِلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ": فِي ظ±لْأَصْلِ ظ±لْيُونَانِيِّ: ل¼‘خ½ل½¸د‚ خ´ل½³ ل¼گدƒد„خ¹خ½ د‡دپخµل½·خ±، وَمَعْنَاهَا: "لظ°كِنْ هُنَاكَ حَاجَةٌ إِلَى وَاحِدٍ". تُفَسَّرُ عَلَى وَجْهَيْنِ: عَلَى ظ±لْمُسْتَوَى ظ±لْحَرْفِيِّ: يُرَجَّحُ أَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ قَدْرٍ قَلِيلٍ مِنَ ظ±لطَّعَامِ، إِذْ إِنَّ يَسُوعَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى مَائِدَةٍ زَاخِرَةٍ، بَلْ إِلَى طَعَامٍ بَسِيطٍ. عَلَى ظ±لْمُسْتَوَى ظ±لْمَعْنَى ظ±لرُّوحِيِّ، فَـ"ظ±لْوَاحِدُ" هُنَا يُرْمَزُ بِهِ إِلَى ظ±للَّهِ ظ±لْأَحَدِ، أَوْ إِلَى ظ±لْمَسِيحِ نَفْسِهِ، وَإِلَى كَلِمَتِهِ ظ±لَّتِي تُغَذِّي ظ±لنَّفْسَ. ظ±لْحَاجَةُ ظ±لْحَقِيقِيَّةُ لِلْإِنْسَانِ هِيَ ظ±لْإِصْغَاءُ لِصَوْتِ ظ±لرَّبِّ، وَظ±لِظ±هْتِمَامُ بِخَلَاصِ ظ±لنَّفْسِ . وظ±لْخَلَاصُ عَطِيَّةٌ إِلظ°هِيَّةٌ مَجَّانِيَّةٌ، لَا يُقَابَلُ بِثَمَنٍ، وَلَا يُكْتَسَبُ بِظ±سْتِحْقَاقٍ، بَلْ يُوهَبُ مِنَ ظ±للَّهِ بِنِعْمَتِهِ، وَيُفِيضُ عَلَى ظ±لْمُؤْمِنِ بِمَحَبَّةٍ خَالِصَةٍ، لِكَيْ يَحْيَا فِي نُورِهِ إِلَى ظ±لْأَبَدِ. ظ±لنَّصِيبَ ظ±لْأَفْضَلَ": تُشِيرُ إِلَى ظ±خْتِيَارِ مَرْيَمَ لِلنَّصِيبِ ظ±لَّذِي لَا يَبْلَى، أَيْ: ظ±لْحَيَاةِ ظ±لْأَبَدِيَّةِ. وَقَدْ أَكَّدَ يَسُوعُ فِي ظ±لتَّجْرِبَةِ: "لَيْسَ بِظ±لْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا ظ±لْإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ ظ±للَّهِ" (متّى 4: 4). فَكَلِمَةُ ظ±لرَّبِّ تُطْعِمُ ظ±لرُّوحَ، وَتُثَبِّتُ ظ±لْإِيمَانَ، وَتُقَدِّسُ ظ±لْقَلْبَ. يرى القديس أوغسطينوس أنَّ مرثا تُمثّل الحياة النشيطة، بينما مريم ترمز إلى الحياة التأمّليّة. ويقول:"مريم كانت ترتاح عند قدمي الكلمة الأزليّة، أمّا مرثا فكانت تقلق بشأن ما هو فانٍ ومؤقّت. الأولى اختارت النصيب الأفضل لأنّه أبديّ، أما الثانية فانشغلت بما لا يدوم. إِنَّ دَعْوَةَ ظ±لرَّبِّ لَيْسَتْ إِلَى ظ±لتَّخَلِّي عَنِ ظ±لْخِدْمَةِ، بَلْ إِلَى تَرْتِيبِ ظ±لْأَوْلَوِيَّاتِ. فَـيَسُوعُ لَا يُوَبِّخُ مَرْثَا لِأَنَّهَا تَخْدِمُ، بَلْ لِأَنَّ ظ±لْخِدْمَةَ شَغَلَتْهَا عَنِ ظ±لْإِصْغَاءِ. فَـ"ظ±لْكَلِمَةُ" يَجِبُ أَنْ تَسْبِقَ ظ±لْعَمَلَ، وَ"ظ±لصَّلَاةُ" أَنْ تَكُونَ نَبْعَ ظ±لْخِدْمَةِ. لَا يَتَدَخَّلُ الرَّبُّ لِيَأْخُذَ مَكَانَ مَرْثَا فِي إِدَارَةِ الْخِلَافِ الْعَائِلِيِّ، بَلْ يُوَجِّهُهَا نَحْوَ الطَّرِيقِ الَّذِي يُفْضِي إِلَى السَّلَامِ الْحَقِيقِيِّ، سَلَامِ الْقَلْبِ الْقَائِمِ عَلَى التَّرْتِيبِ الصَّحِيحِ لِلْأَوْلَوِيَّاتِ، وَعَلَى الإِصْغَاءِ لِلْكَلِمَةِ قَبْلَ كَثْرَةِ الْخِدْمَةِ. لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا": تُشِيرُ إِلَى أَنَّ مَا ظ±خْتَارَتْهُ مَرْيَمُ هُوَ مِيرَاثٌ أَبَدِيٌّ لَا يُنْزَعُ، فَهُوَ لَا يَزُولُ بِظ±لْمَوْتِ وَلَا يُسْلَبُ بِظ±لزَّمَانِ. فَمَنْ يَخْتَارُ مَحَبَّةَ ظ±لْمَسِيحِ، تَدُومُ فِيهِ هظ°ذِهِ ظ±لْمَحَبَّةُ، وَتُثَبِّتُ قَلْبَهُ، هُنَا عَلَى ظ±لْأَرْضِ وَفِي ظ±لسَّمَاءِ. أَمَّا ظ±لْأَطْعِمَةُ وَظ±لْمَادِّيَّاتُ، فَهِيَ زَائِلَةٌ: إِمَّا نَتْرُكُهَا بِظ±لْمَوْتِ، أَوْ هِيَ تَزُولُ مِنَّا فِي ظ±لْحَيَاةِ. دعوة يسوع إلينا: "لَا تَهْتَمُّوا لِلنَّفْسِ بِمَا تَأْكُلُونَ، وَلَا لِلْجَسَدِ بِمَا تَلْبَسُونَ... بَلِ ظ±طْلُبُوا مَلَكُوتَ ظ±للَّهِ، وَهظ°ذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ" (لوقا 12: 22، 31). فَــظ±لْخُدْمَةُ لَا تَكُونُ عَائِقًا إِذَا ظ±نْطَلَقَتْ مِنَ ظ±لْكَلِمَةِ، وَأَفْضَلُ طَرِيقٍ لِلْعَمَلِ، هُوَ ظ±لْإِصْغَاءُ إِلَى صَوْتِ ظ±لْمَسِيحِ ظ±لْقُدُّوسِ.





ثَانِيًا: تَطْبِيقُ ظ±لنَّصِّ ظ±لْإِنْجِيلِيِّ (لوقا 10: 38–42)



ظ±نْطِلَاقًا مِنْ هظ°ذِهِ ظ±لْمُلَاحَظَاتِ ظ±لْوَجِيزَةِ حَوْلَ وَقَائِعِ ظ±لنَّصِّ ظ±لْإِنْجِيلِيِّ (لوقا 10: 38–42)، نَسْتَنْتِجُ أَنَّهُ يَتَمَحْوَرُ حَوْلَ ظ±سْتِقْبَالِ مَرْيَمَ وَمَرْثَا لِيَسُوعَ فِي بَيْتِهِمَا.



فَـمَرْيَمُ ظ±سْتَقْبَلَتْهُ بِظ±لِظ±صْغَاءِ إِلَيْهِ، فَأَصْبَحَتْ مِثَالًا لِمَنْ يَتَفَرَّغُونَ لِسَمَاعِ كَلِمَةِ ظ±للَّهِ، وَيَضَعُونَهَا فِي قَلْبِهِمْ كَـ"نَصِيبٍ أَفْضَلَ".

وَأَمَّا مَرْثَا، فَقَدْ ظ±سْتَقْبَلَتْهُ بِظ±لضِّيَافَةِ وَظ±لْخِدْمَةِ، فَأَصْبَحَتْ مِثَالًا لِلَّذِينَ يُخْدِمُونَ ظ±لرَّبَّ فِي ظ±لْحَيَاةِ ظ±لْيَوْمِيَّةِ، وَيُعَبِّرُونَ عَنْ مَحَبَّتِهِمْ لَهُ بِـخِدْمَةِ ظ±لْإِخْوَةِ.



وَبِذظ°لِكَ يُقَدِّمُ لَنَا ظ±لنَّصُّ نَمُوذَجَيْنِ مُتَكَامِلَيْنِ فِي ظ±لْحَيَاةِ ظ±لرُّوحِيَّةِ: ظ±لْجُلُوسُ عِندَ قَدَمَي ظ±لرَّبِّ لِتَلَقِّي كَلِمَتِهِ، وَخِدْمَتُهُ فِي ظ±لْحَيَاةِ وَفِي ظ±لْأَخُوَّةِ. فَلَا غِنَى لِلْمُؤْمِنِ عَنْ كِلْتَا ظ±لْقَامَتَيْنِ: ظ±لْإِصْغَاءِ وَظ±لْخِدْمَةِ، بَيْدَ أَنَّ ظ±لْأُولَى تَكُونُ أَسَاسًا لِلثَّانِيَةِ.



1) مَرْيَمُ وَفَن ظ±لِظ±سْتِمَاعُ لِكَلِمَةِ ظ±للَّهِ



مَرْيَمُ" ظ±سْمٌ عِبْرِيٌّ: ×‍ض´×¨ض°×™ض¸×‌، وَيَحْمِلُ مَعَانِيَ عِدَّةً، مِنْهَا: "ظ±لرَّائِيَةُ"، "ظ±لسَّيِّدَةُ"، "ظ±لْعِصْيَانُ"، وَفِي ظ±لْمِصْرِيَّةِ ظ±لْقَدِيمَةِ: "ظ±لْمَحْبُوبَةُ". هِيَ أُخْتُ لِعَازَرَ وَمَرْثَا، مِنْ سُكَّانِ بَيْتِ عَنْيَا (يوحنّا 11: 1)، وَهِيَ ظ±لَّتِي دَهَنَتْ قَدَمَيْ يَسُوعَ بِظ±لطِّيبِ فِي بَيْتِ عَنْيَا قُبَيْلَ آلَامِهِ بِأُسْبُوعٍ (يوحنّا 12: 1–3)، وَأَدْرَكَتْ سِرَّ دَفْنِهِ وَقِيَامَتِهِ (مرقس 14: 8).



كَانَتْ مَرْيَمُ حَسَّاسَةً وَتَأَمُّلِيَّةً، ذَاتَ قَلْبٍ يُحِبُّ ظ±لرَّبَّ يَسُوعَ، وَدَخَلَتْ فِي شَرِكَةِ ظ±لْحَيَاةِ مَعَهُ، إِذْ كَانَتْ تَجْلِسُ عِندَ قَدَمَيْهِ لِتَسْتَمِعَ إِلَى كَلِمَاتِهِ، عَلَى مِثَالِ ظ±لتِّلْمِيذِ فِي ظ±لتَّقْلِيدِ ظ±لْيَهُودِيِّ ظ±لْقَدِيمِ (لوقا 8: 35). فَـظ±لْجُلُوسُ يُسَهِّلُ ظ±لْإِصْغَاءَ، وَقَدْ جَلَسَتْ مَرْيَمُ صَامِتَةً، تُصْغِي بِكُلِّيَّتِهَا إِلَى كَلِمَةِ ظ±لْمُعَلِّمِ، وَرَبَطَتْ كِيَانَهَا بِهِ.



لَمْ تَكُنْ مَرْيَمُ مُنْشَغِلَةً بِمَا تُقَدِّمُهُ مِنْ ضِيَافَةٍ، بَلْ بِـيَسُوعَ نَفْسِهِ، لَا تُرِيدُ أَنْ يَشْتَتَ ظ±نْتِبَاهَهَا أَيُّ شَيْءٍ سِوَاهُ، فَقَدْ رَكَّزَتْ عَيْنَيْهَا وَأُذُنَيْهَا عَلَيْهِ وَحْدَهُ. فَلَمْ يُغْدِقْ يَسُوعُ عَلَيْهَا عَطَايَا أَكْثَرَ مِنْ مَرْثَا، بَلْ هِيَ ظ±لَّتِي ظ±خْتَارَتِ ظ±لنَّصِيبَ ظ±لْأَفْضَلَ، بِـقَرَارٍ حُرٍّ وَوَاعٍ. وَيُعَلِّقُ ظ±لْقِدِّيسُ إِيرُونِيمُوس بِقَوْلِهِ: "كُونِي كَمَرْيَمَ، تُفَضِّلِينَ طَعَامَ ظ±لنَّفْسِ عَلَى طَعَامِ ظ±لْجَسَدِ. ظ±تْرُكِي أَخَوَاتِكِ يَجْرِينَ هُنَا وَهُنَاكَ لِيُدَبِّرْنَ بِلِيَاقَةٍ كَيْفَ يَسْتَضِفْنَ ظ±لْمَسِيحَ، أَمَّا أَنْتِ، فَإِذْ تَتْرُكِينَ ثِقْلَ ظ±لْعَالَمِ، ظ±جْلِسِي عِندَ قَدَمَيْ ظ±لرَّبِّ، وَقُولِي لَهُ: 'وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي، فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أُرْخِهِ'" (نشيد الأنشاد 3: 4). وَكَذظ°لِكَ، لَمْ يَتْرُكِ ظ±لرُّسُلُ كَلِمَةَ ظ±للَّهِ لِيَخْدِمُوا ظ±لْمَوَائِدَ (أعمال الرسل 6: 2).



وَقَدْ شَهِدَ ظ±لرَّبُّ لِـمَرْيَمَ أَنَّهَا قَدِ ظ±خْتَارَتِ ظ±لنَّصِيبَ ظ±لْأَفْضَلَ (لوقا 10: 41–42)، فَظ±خْتَارَتِ ظ±لنَّصِيبَ ظ±لصَّالِحَ، وَهظ°ذَا ظ±لنَّصِيبُ هُوَ: ظ±لْحَيَاةُ مَعَ ظ±لْمَسِيحِ. كَانَ ظ±لْمَسِيحُ لَهَا ظ±لْهَدَفَ ظ±لْأَسْمَى، وَهظ°ذَا هُوَ "ظ±لْأَمْرُ ظ±لْوَاحِدُ" ظ±لَّذِي لَمَّحَ إِلَيْهِ يَسُوعُ، وَظ±لَّذِي نَحْنُ بِظ±لْحَقِيقَةِ فِي حَاجَةٍ إِلَيْهِ، أَلَا وَهُوَ: قَلْبٌ مُتَفَرِّدٌ، مُكَرَّسٌ، يَجْعَلُ ظ±لْمَسِيحَ هَدَفَهُ ظ±لْأَوَّلَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ وَخِدْمَةٍ. وَمِنْ هُنَا تَنْبَعُ أَهَمِّيَّةُ ظ±لْإِصْغَاءِ لِكَلِمَةِ ظ±للَّهِ، لِكَيْ يَسْتَمِعَ ظ±للَّهُ إِلَيْنَا.



أ) ظ±لْإِنْسَانُ يَسْتَمِعُ إِلَى ظ±للَّهِ



يُعْتَبَرُ حُسْنُ ظ±لضِّيَافَةِ مِنْ سِمَاتِ ظ±لِظ±سْتِمَاعِ، وَنَرَاهُ بِوُضُوحٍ فِي تِلْكَ ظ±لْخِدْمَةِ ظ±لَّتِي قَامَتْ بِهَا مَرْيَمُ، إِذْ لَا تُوجَدُ ضِيَافَةٌ حَقِيقِيَّةٌ دُونَ ظ±لِظ±سْتِمَاعِ لِلضَّيْفِ. وَأَهَمُّ ضِيَافَةٍ هِيَ: ظ±لْحُضُورُ أَمَامَ ظ±لْمُعَلِّمِ بِرُوحِ ظ±لتِّلْمِيذِ. قَامَتْ مَرْيَمُ بِدَوْرِ ظ±لتِّلْمِيذَةِ، وَفَتَحَتْ مَجَالًا جَدِيدًا لِلضِّيَافَةِ مِنْ خِلَالِ ظ±لْإِصْغَاءِ وَظ±لْجُلُوسِ عِندَ قَدَمَيْ ظ±لْمُعَلِّمِ: "فَقَدِ ظ±خْتَارَتْ مَرْيَمُ ظ±لنَّصِيبَ ظ±لْأَفْضَلَ، وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا" (لوقا 10: 42). فَمَا هُوَ "ظ±لنَّصِيبُ ظ±لْأَفْضَلُ" ظ±لَّذِي ظ±خْتَارَتْهُ مَرْيَمُ؟ إِنَّهُ ظ±لِظ±سْتِمَاعُ إِلَى يَسُوعَ، ظ±لَّذِي يُشْبِهُ ظ±لِظ±سْتِمَاعَ إِلَى ظ±لشَّرِيعَةِ! ظ±لْوَحْيُ يَقُومُ عَلَى إِلْقَاءِ كَلِمَةِ ظ±للَّهِ لِلْإِنْسَانِ، وَيَنْتُجُ ظ±لْإِيمَانُ عَنْ ظ±لسَّمَاعِ، كَمَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِ بُولُسَ ظ±لرَّسُولِ: "كَيْفَ يُؤْمِنُونَ بِمَنْ لَمْ يَسْمَعُوهُ؟ ... فَظ±لْإِيمَانُ إِذًا مِنَ ظ±لسَّمَاعِ" (رومة 10: 17). وَلَمْ يَتَرَدَّدْ مُوسَى ظ±لنَّبِيُّ فِي تَشْجِيعِ ظ±لشَّعْبِ عَلَى ظ±لسَّمَاعِ بِقَوْلِهِ: "ظ±سْمَعُوا" (سِفْرُ ظ±لتَّثْنِيَةِ). وَكَذظ°لِكَ عَامُوسُ ظ±لنَّبِيُّ (عاموس 3: 1)، وَإِرْمِيَا ظ±لنَّبِيُّ (إرميا 7: 2).



وَفِي ظ±لْعَهْدِ ظ±لْجَدِيدِ، يُرَدِّدُ يَسُوعُ ظ±لْكَلِمَةَ نَفْسَهَا: "ظ±سْمَعُوا!" (مرقس 4: 3). فَـسَمَاعُ كَلِمَةِ ظ±للَّهِ (بِظ±لْعِبْرِيَّةِ: ש×پض°×‍ض·×¢) لَا يَعْنِي ظ±لِظ±سْتِمَاعَ بِظ±لْأُذُنِ فَحَسْب، بَلْ يَتَضَمَّنُ فَتْحَ ظ±لْقَلْبِ لَهَا، كَمَا فَعَلَ ظ±لرَّبُّ مَعَ لِيدِيَّةَ فِي فِيلِبِّي: "كَانَتْ تَسْتَمِعُ إِلَيْنَا ظ±مْرَأَةٌ تَعْبُدُ ظ±للَّهَ، ظ±سْمُهَا لِيدِيَّة... فَفَتَحَ ظ±لرَّبُّ قَلْبَهَا لِتُصْغِيَ إِلَى مَا يَقُولُ بُولُسُ" (أعمال 16: 14).



وَسَمَاعُ كَلِمَةِ ظ±للَّهِ يَتَطَلَّبُ أَيْضًا ظ±لْعَمَلَ بِهَا، كَمَا قَالَ يَسُوعُ: "مَثَلُ مَنْ يَسْمَعُ كَلَامِي هظ°ذَا فَيَعْمَلُ بِهِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ عَاقِلٍ بَنَى بَيْتَهُ عَلَى ظ±لصَّخْرِ" (متى 7: 24). وَهظ°ذِهِ هِيَ طَاعَةُ ظ±لْإِيمَانِ، كَمَا كَتَبَ بُولُسُ:"بِهِ نِلْنَا ظ±لنِّعْمَةَ بِأَنْ نَكُونَ رُسُلًا، فَنَهْدِيَ إِلَى طَاعَةِ ظ±لْإِيمَانِ جَمِيعَ ظ±لْأُمَمِ ظ±لْوَثَنِيَّةِ، إِكْرَامًا لِظ±سْمِهِ" (رومة 1: 5). عِنْدَمَا لَا يُرِيدُ ظ±لْإِنْسَانُ أَنْ يَسْمَعَ، يَقَعُ فِي مَأْسَاةٍ: "مَنْ لَا يَسْمَعْ لِكَلَامِي، أُطَالِبْهُ بِهِ" (تثنية 18: 16، 19). فَهُوَ يُغْلِقُ أُذُنَهُ وَقَلْبَهُ، كَمَا وَبَّخَهُم إِسْتِفَانُوسُ: "أَنْتُمْ تُقَاوِمُونَ ظ±لرُّوحَ ظ±لْقُدُسَ" (أعمال 7: 51). وَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ: "لِمَاذَا لَا تَفْهَمُونَ مَا أَقُولُ؟ لِأَنَّكُمْ لَا تُطِيقُونَ ظ±لِظ±سْتِمَاعَ إِلَى كَلَامِي... مَنْ كَانَ مِنَ ظ±للَّهِ ظ±سْتَمَعَ إِلَى كَلَامِ ظ±للَّهِ، فَإِنْ كُنْتُمْ لَا تَسْتَمِعُونَ، فَأَنْتُمْ لَسْتُمْ مِنَ ظ±للَّهِ" (يوحنّا 8: 43، 47).



ظ±للَّهُ وَحْدَهُ هُوَ مَنْ يَفْتَحُ أُذْنَ تِلْمِيذِهِ، كَمَا فِي أَشْعِيَا: "ظ±لسَّيِّدُ ظ±لرَّبُّ فَتَحَ أُذُنِي" (أشعيا 50: 5)، لِكَيْ يُطِيعَ، كَمَا فِي مَزَامِيرِ دَاوُدَ: "قُلْتُ: هَئَنَذَا جِئْتُ... لِأَعْمَلَ مَرْضَاتَكَ يَا إِلَهِي" (مزمور 40: 7–8). وَلِذظ°لِكَ، عِنْدَ مَجِيءِ ظ±لْمَسِيحِ، يَفْهَمُ ظ±لشَّعْبُ كَلِمَةَ ظ±للَّهِ وَيُطِيعُهَا (متى 11: 5)، وَيُنَادِي صَوْتُ ظ±لسَّمَاءِ:



"هظ°ذَا هُوَ ظ±بْنِيَ ظ±لْحَبِيبُ ظ±لَّذِي عَنْهُ رَضِيتُ، فَلَهُ ظ±سْمَعُوا" (متى 17: 5). وَكَانَتْ مَرْيَمُ، أُمُّ يَسُوعَ، نَمُوذَجًا فِي سَمَاعِ كَلِمَةِ ظ±للَّهِ وَحِفْظِهَا، كَمَا فِي ظ±لْوَقْتِ ظ±لَّذِي كَانَتْ فِيهِ تَتَأَمَّلُ فِي قَلْبِهَا: "كَانَتْ مَرْيَمُ تَحْفَظُ جَمِيعَ هظ°ذِهِ ظ±لْأُمُورِ، وَتَتَأَمَّلُهَا فِي قَلْبِهَا" (لوقا 2: 19)، فَظ±سْتَحَقَّتِ ظ±لطُّوبَى مِنْ فَمِ ظ±بْنِهَا: "طُوبَى لِمَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ ظ±للَّهِ وَيَحْفَظُهَا" (لوقا 11: 28).



ب) ظ±للَّهُ يَسْتَمِعُ إِلَى ظ±لْإِنْسَانِ



عِندَمَا يَسْتَمِعُ ظ±لْإِنْسَانُ لِكَلِمَةِ ظ±للَّهِ، يَسْتَمِعُ ظ±للَّهُ بِدَوْرِهِ لِلْإِنْسَانِ، وَيَسْتَجِيبُ لَهُ. فَـظ±للَّهُ يَسْمَعُ لِلصِّدِّيقِينَ، وَلِـمَنْ يَتَّقُونَهُ وَيَعْمَلُونَ بِمَشِيئَتِهِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِذظ°لِكَ ظ±لرَّجُلُ ظ±لْأَعْمَى ظ±لَّذِي شَفَاهُ يَسُوعُ: "نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ ظ±للَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ لِلْخَاطِئِينَ، بَلْ يَسْتَجِيبُ لِمَنِ ظ±تَّقَاهُ وَعَمِلَ بِمَشِيئَتِهِ" (يوحنّا 9: 31). كَذظ°لِكَ، يَسْتَجِيبُ ظ±للَّهُ لِمَنْ يَطْلُبُ مِنْهُ شَيْئًا مُوَافِقًا لِمَشِيئَتِهِ، كَمَا يُعَلِّمُنَا يُوحَنَّا ظ±لرَّسُولُ: "وَظ±لثِّقَةُ ظ±لَّتِي لَنَا بِهِ هِيَ أَنَّهُ إِذَا سَأَلْنَاهُ شَيْئًا مُوَافِقًا لِمَشِيئَتِهِ، ظ±سْتَجَابَ لَنَا" (1 يوحنّا 5: 14).



وَلِأَنَّ ظ±لْآبَ يَسْتَجِيبُ دَائِمًا لِظ±بْنِهِ ظ±لْحَبِيبِ، فَإِنَّ صَلَاةَ ظ±لْمُؤْمِنِ تَمُرُّ دَائِمًا عَبْرَ يَسُوعَ وَفِيهِ، كَمَا قَالَ: "عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْتَجِيبُ لِي دَائِمًا" (يوحنّا 11: 42).فَبِظ±بْنِهِ يَسُوعَ ظ±لْمَسِيحِ، يَفْتَحُ ظ±للَّهُ أُذُنَهُ لِنَا، وَفِيهِ نَجِدُ طَرِيقَ ظ±لصَّلَاةِ وَظ±لِظ±سْتِجَابَةِ.



1) مَرْثا: وَفَن الْخِدْمَةِ



"مَرْثا": ظ±سْمٌ آرَامِيٌّ «×‍ض¸×¨ض°×ھض¸×گ»، يَعْنِي «رَبَّةُ ظ±لْبَيْتِ». هِيَ أُخْتُ لِعَازَرَ وَمَرْيَمَ، عُرِفَتْ بِعَمَلِيَّتِهَا وَنَشَاطِهَا وَأَمَانَتِهَا فِي تَدْبِيرِ شُؤُونِ ظ±لْبَيْتِ وَظ±سْتِقْبَالِ ظ±لضُّيُوفِ، خُصُوصًا ظ±لرَّبَّ يَسُوعَ.



أ – خِدْمَةٌ مُلْتَهِبَةٌ وَلَكِنْ مُرْتَبِكَةٌ

كَانَتْ مَرْثا تَتَحَمَّسُ لِخِدْمَةِ يَسُوعَ حَمَاسًا بَالِغًا: "فَظ±رْتَبَكَتْ فِي خِدْمَةٍ كَثِيرَةٍ" (لوقا 10: 40)، فَتَذَمَّرَتْ عَلَى أُخْتِهَا لِتَرْكِهَا وَحْدَهَا. هظ°ذَا ظ±لتَّوَتُّرُ يُنَاقِضُ تَعْلِيمَ ظ±لرَّبِّ: "هظ°كَذَا أَنْتُمْ، إِذَا فَعَلْتُمْ جَمِيعَ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ، فَقُولُوا: نَحْنُ خَدَمٌ لَا خَيْرَ فِيهِم، مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَفْعَلَهُ فَعَلْنَاهُ" (لوقا 17: 10).



ب – ظ±لْخِدْمَةُ فِي رُوحِ ظ±لْمَحَبَّةِ

ظ±لْخِدْمَةُ فِي ظ±لْكِتَابِ ظ±لْمُقَدَّسِ تَدُلُّ عَلَى خُضُوعِ ظ±لْإِنْسَانِ لِلَّهِ، وَهظ°ذَا ظ±لْخُضُوعُ يُحَرِّرُهُ مِنْ عُبُودِيَّةِ ظ±لْخَطِيئَةِ (يوحنّا 8: 34). "إِنَّ ظ±لطَّاعَةَ خَيْرٌ مِنَ ظ±لذَّبِيحَةِ" (1 صموئيل 15: 22). "كُلَّمَا صَنَعْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذظ°لِكَ لِوَاحِدٍ مِنْ إِخْوَتِي هظ°ؤُلَاءِ ظ±لصِّغَارِ فَلِي قَدْ صَنَعْتُمُوهُ" (متّى 25: 35–40).



ج – يَسُوعُ، ظ±لْخَادِمُ ظ±لْأَعْظَمُ

جَاءَ يَسُوعُ لِيَكْشِفَ مَجْدَ ظ±لْخِدْمَةِ ظ±لْحَقِيقِيَّةِ: "ظ±بْنُ ظ±لْإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدُمَ وَيَفْدِيَ بِنَفْسِهِ جَمَاعَةَ ظ±لنَّاسِ" (مرقس 10: 45). هظ°كَذَا يَرْفَعُ ظ±لْخِدْمَةَ إِلَى مَنْزِلَةِ ظ±لْحُبِّ ظ±لْبَاذِلِ.



د – ظ±لْخِدْمَةُ وَظ±لْأَمْرُ ظ±لْوَاحِدُ"

ظ±مْتَلَأَتْ مَرْثا هُمُومًا وَظ±ضْطِرَابًا لِأَنَّهَا أَغْفَلَتْ "ظ±لْأَمْرَ ظ±لْوَاحِدَ" (أي يَسُوعَ نَفْسَهُ). فَوَجَّهَهَا ظ±لرَّبُّ لِتَجْعَلَ مِنْهُ نَصِيبَهَا وَحَاجَتَهَا ظ±لْوَحِيدَةَ: "مَنْ لِي فِي ظ±لسَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ عَلَى ظ±لْأَرْضِ لَا أَهْوَى شَيْئًا" (مزمور 73: 25).



هـ – خِدْمَةُ ظ±لْكَلِمَةِ فِي حُرِّيَّةِ ظ±لْأَبْنَاءِ

"أَمَّا نَحْنُ، فَنُوَاظِبُ عَلَى ظ±لصَّلَاةِ وَخِدْمَةِ ظ±لْكَلِمَةِ" (أعمال 6: 4). ظ±لْمُؤْمِنُونَ يَخْدِمُونَ بِلَا رُوحِ عُبُودِيَّةٍ، بَلْ كَأَبْنَاءٍ أَحِبَّاءَ: "لَا أَدْعُوكُمْ خَدَمًا بَعْدَ ظ±لْيَوْم... بَلْ دَعَوْتُكُمْ أَحِبَّائِي" (يوحنّا 15: 15).



باختصار: يَجْمَعُ ظ±لنَّصُّ ظ±لْإِنْجِيلِيُّ بَيْنَ صَمْتِ مَرْيَمَ ظ±لَّذِي يَرْتَوِي مِنَ ظ±لْكَلِمَةِ، وَنَشَاطِ مَرْثا ظ±لَّذِي يَتَجَلَّى فِي ظ±لْمَحَبَّةِ ظ±لْعَامِلَةِ. وَلْيَكُنْ يَسُوعُ هُوَ "ظ±لْأَمْرُ ظ±لْوَاحِدُ" ظ±لَّذِي يُنَظِّمُ هُمُومَنَا، فَتُصْبِحَ خِدْمَتُنَا تَدْفُقًا حُرًّا مِنْ حُضُورِهِ فِينَا.



2) حُكْمُ يَسُوعَ: صِلَةٌ بين الخدمة والاستماع لَا مُفَاضَلَة



جُعِلَ يَسُوعُ حَكَمًا بَيْنَ مَرْيَمَ وَمَرْثَا بِطَلَبٍ مِنْ مَرْثَا نَفْسِهَا. فَمَاذَا سَيَخْتَارُ؟ ظ±لْخِدْمَةَ أَمِ ظ±لِظ±سْتِمَاعَ؟
ظ±لْعَمَلَ أَمِ ظ±لصَّلَاةَ؟ جَاءَ جَوَابُ يَسُوعَ كَأَنَّهُ لُغْزٌ. فَقَدِ ظ±خْتَارَتْ مَرْثَا أُمُورًا كَثِيرَةً، ظ±خْتَارَتِ ظ±لْكَمِّيَّةَ، أَمَّا مَرْيَمُ فَظ±خْتَارَتْ مَا هُوَ فَرِيدٌ، وَهظ°ذَا الْفَرِيدُ هُوَ "ظ±لْأَمْرُ ظ±لضَّرُورِيُّ ظ±لْوَاحِدُ"، ظ±لَّذِي سَمَّاهُ ظ±لرَّبُّ "ظ±لنَّصِيبَ ظ±لصَّالِحَ" (د„ل½´خ½ ل¼€خ³خ±خ¸ل½´خ½ خ¼خµدپل½·خ´خ± في الأصل اليوناني). ظ±لنَّصُّ لَا يُقَابِلُ بَيْنَ ظ±لْأُخْتَيْنِ لِيَقُولَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ، وَلَا يُعَارِضُ بَيْنَ خِيَارٍ صَالِحٍ وَخِيَارٍ أَفْضَلَ، بَلِ ظ±لْوَاقِعُ هُوَ أَنَّ كِلْتَيْهِمَا دُعِيَتَا إِلَى ظ±خْتِيَارٍ وَاحِدٍ: ظ±خْتِيَارِ يَسُوعَ نَفْسِهِ. لَمْ يُغْدِقِ يَسُوعُ عَلَى مَرْيَمَ عَطَايَا أَكْثَرَ مِنْ مَرْثَا، بَلْ مَرْيَمُ هِيَ مَنْ ظ±خْتَارَتْ ظ±لنَّصِيبَ ظ±لْأَفْضَلَ بِـقَرَارٍ حُرٍّ وَوَاعٍ، وَهُوَ: ظ±لِظ±صْغَاءُ إِلَى كَلِمَةِ ظ±لرَّبِّ وَظ±لدُّخُولُ فِي شَرِكَةِ حَيَاةٍ مَعَهُ.نَصِيبٌ لَا يُنْزَعُ: قَالَ يَسُوعُ: "لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا" (لوقا 10: 42). لِأَنَّ عَذُوبَةَ ظ±لْحَقِّ أَبَدِيَّةٌ. نَصِيبُ مَرْيَمَ لَا يُنْزَعُ مِنْهَا، بَلْ يَزْدَادُ فِي هظ°ذِهِ ظ±لْحَيَاةِ، وَيَكْتَمِلُ فِي ظ±لْحَيَاةِ ظ±لْأُخْرَى. أَمَّا نَصِيبُ مَرْثَا، فَهُوَ وَاجِبَاتٌ زَمَنِيَّةٌ، يُمْكِنُ أَنْ تُنْزَعَ مِنْهَا بِظ±لزَّمَنِ، أَوْ بِظ±لضَّعْفِ، أَوْ بِظ±لْمَوْتِ. فَـظ±لْخَيْرُ ظ±لْأَعْظَمُ لَا يَكْمُنُ فِي ظ±لْأَعْمَالِ بِنَفْسِهَا، وَلَكِنْ فِي ظ±لشَّرِكَةِ مَعَ ظ±لرَّبِّ، ظ±لَّذِي هُوَ بِظ±لْحَقِيقَةِ «ظ±لْأَمْرُ ظ±لْوَاحِدُ» ظ±لَّذِي لَا يُنْزَعُ.



لَا تَوْبِيخَ، بَلْ دَعْوَةٌ لِتَرْتِيبِ ظ±لْأَوْلَوِيَّاتِ. لَمْ يُوَبِّخْ يَسُوعُ مَرْثَا عَلَى ظ±هْتِمَامِهَا بِظ±لضِّيَافَةِ، وَلَا عَلَى خِدْمَتِهَا، بَلْ كَانَ يُرَشِّدُهَا لِتَرْتِيبِ أَوْلَوِيَّاتِهَا، لِئَلَّا تَنْشَغِلَ عَنْهُ فِي غَمْرَةِ خِدْمَتِهَا. كَمَا فَعَلَ مَعَ تِلْمِيذَيْ عِمْوَاس، حَاوَلَ يَسُوعُ أَنْ يُنِيرَ ذِهْنَ مَرْثَا، وَيَحْمِلَهَا عَلَى ظ±لصَّبْرِ، لِتَنْمُوَ فِي نِعْمَةِ ظ±لْإِيمَانِ، وَتُدْرِكَ أَنَّ ظ±لْأَهَمَّ هُوَ ظ±لْمَثُولُ أَمَامَ كَلِمَةِ ظ±للَّهِ وَظ±سْتِقْبَالُهُ كَضَيْفٍ وَسَيِّدٍ فِي آنٍ. مطلوب تَوَازُنُ ظ±لصَّلَاةِ وَظ±لْخِدْمَةِ: ظ±لْقَاعِدَةُ ظ±لذَّهَبِيَّةُ . "صَلِّ وَظ±عْمَل" — قَاعِدَةٌ ذَهَبِيَّةٌ بَنَى عَلَيْهَا ظ±لرُّهْبَانُ حَيَاتَهُمْ. فَـظ±لْمُؤْمِنُ ظ±لْحَقِيقِيُّ يَجْمَعُ فِي نَفْسِهِ مَرْيَمَ وَمَرْثَا: لَا عَمَلَ بِدُونِ صَلَاةٍ وَشَرِكَةٍ. وَلَا صَلَاةَ صَادِقَةً بِدُونِ مَحَبَّةٍ فَاعِلَةٍ. قِيلَ: "لَقَدْ خَدَمْتُ كَثِيرًا بَيْتَ ظ±لرَّبِّ، فَمَتَى أَخْدِمُ رَبَّ ظ±لْبَيْتِ؟ (أحد آباء الكنيسة). فَـظ±لْمَطْلُوبُ: أَنْ نَخْدِمَ، وَلظ°كِنْ دُونَ أَنْ نَنْشَغِلَ عَنْهُ، وَأَنْ نُصَلِّي، وَلظ°كِنْ دُونَ أَنْ نَتَخَلَّى عَنِ ظ±لْخِدْمَةِ.



مَنْ يَسِرْ فِي ظ±لْعَمَلِ بِلَا شَرِكَةٍ، كَمَا فَعَلَتْ مَرْثَا، يُصَابُ بِظ±لْقَلَقِ، وَظ±لِاضْطِرَابِ، وَظ±لتَّذَمُّرِ، وَظ±لْغِيرَةِ، وَظ±لشُّعُورِ بِظ±لنَّقْصِ، بَلْ وَحَتَّى بِلَوْمِ ظ±لرَّبِّ نَفْسِهِ. أَمَّا مَنْ يَدْخُلُ فِي شَرِكَةٍ حَيَّةٍ مَعَ ظ±لرَّبِّ، فَـإِنَّهُ يَسْتَقِرُّ فِي ظ±لسَّلَامِ، لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ: "لَا أَحَدَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْتَزِعَ مِنَّا رُوحَ ظ±لرَّبِّ ظ±لْحَيِّ وَظ±لسَّاكِنَ فِينَا". كَمَا يَقُولُ بُولُسُ ظ±لرَّسُولُ: "فَمَنْ يَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ ظ±لْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيقٌ أَمِ ظ±ضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟" (رومة 8: 35).



كَثِيرًا مَا نُشْبِهُ مَرْثَا، نَرْكُضُ مِنْ مُهِمَّةٍ إِلَى أُخْرَى، وَنَظُنُّ أَنَّ حُبَّنَا لَكَ يُقَاسُ بِمَا نُنْجِزُهُ، لَا بِمَا نُصْغِي إِلَيْهِ. عَلِّمْنَا، يَا رَبُّ، أَنْ نَخْتَارَ "ظ±لنَّصِيبَ ظ±لْأَفْضَلَ" ظ±لَّذِي لَا يُنْتَزَعُ، فَنَخْدِمَكَ لَا بِتَعَبٍ وَقَلَقٍ، بَلْ بِحُضُورٍ هَادِئٍ، نَابِعٍ مِنَ ظ±للِّقَاءِ بِكَ.





خُلاصَة

يُقَدِّمُ لَنَا إِنْجِيلُ لُوقَا مَشْهَدًا إِنسَانِيًّا وَرُوحِيًّا عَمِيقًا فِي بَيْتِ مَرْثَا وَمَرْيَمَ: إِحْدَى ظ±لْأُخْتَيْنِ مُنْشَغِلَةٌ بِظ±لْخِدْمَةِ، وَظ±لْأُخْرَى مُنْصِتَةٌ عِنْدَ قَدَمَيْ ظ±لْكَلِمَةِ ظ±لْحَيَّةِ. لَا يُدِينُ يَسُوعُ ظ±لْعَمَلَ، وَلَا يَحْتَقِرُ ظ±لْجُهْدَ، بَلْ يُعِيدُ تَرْتِيبَ ظ±لْأَوْلَوِيَّاتِ. فَلَيْسَ ظ±لْمُهِمَّ فَقَطْ أَنْ نَخْدِمَهُ بِأَيْدِينَا، بَلْ أَنْ نَفْتَحَ لَهُ قُلُوبَنَا أَوَّلًا.



مَرْثَا تُمَثِّلُ ظ±لْعَمَلَ ظ±لرَّسُولِيَّ، وَظ±لْخِدْمَةَ ظ±لْيَوْمِيَّةَ، وَظ±لِظ±نْشِغَالَ بِأُمُورِ ظ±لْبَيْتِ وَظ±لضِّيَافَةِ وَظ±لرِّعَايَةِ. مَرْيَمُ تُمَثِّلُ ظ±لْحَيَاةَ ظ±لتَّأَمُّلِيَّةَ، وَظ±لْإِصْغَاءَ لِكَلِمَةِ ظ±للهِ، وَظ±لْجُلُوسَ فِي حَضْرَتِهِ، وَظ±لِظ±نْجِذَابَ إِلَى ظ±لْحَقِّ. لَكِنَّ يَسُوعَ لَا يَرْفُضُ أَحَدًا مِنْهُمَا، بَلْ يُلْفِتُ نَظَرَ مَرْثَا إِلَى أَنَّ ظ±لْهَمَّ ظ±لْمُفْرِطَ وَظ±لتَّشَتُّتَ قَدْ يَسْرِقَانِ مِنْهَا بَهْجَةَ ظ±لْحُضُورِ، وَيَدْعُوهَا إِلَى أَنْ تَبْدَأَ مِنَ ظ±لدَّاخِلِ، مِنَ "ظ±لنَّصِيبِ ظ±لْأَفْضَلِ" ظ±لَّذِي لَا يُنْتَزَعُ.



وَضَّحَ ظ±لنَّصُّ ظ±لْإِنْجِيلِيُّ ظ±لْعَلَاقَةَ ظ±لْقَائِمَةَ بَيْنَ ظ±لصَّلَاةِ وَظ±لْعَمَلِ، بَيْنَ ظ±لْمُنَاجَاةِ وَظ±لْخِدْمَةِ، مُبَيِّنًا أُسُسَ ظ±لْخِدْمَةِ وَمَفْهُومَهَا ظ±لْحَقِيقِيَّ. فَإِنَّنَا نَتَعَرَّفُ عَلَى يَسُوعَ مِنْ خِلَالِ ظ±لصَّلَاةِ وَظ±لْعَمَلِ، عَلَى مِثَالِ مَرْيَمَ وَمَرْثَا: نَتَعَرَّفُ عَلَيْهِ حِينَ نَخْدِمُ ظ±لْإِخْوَةَ، كَمَا صَنَعَتْ مَرْثَا، وَنُنَاجِيهِ حِينَ نَجْلِسُ عِنْدَ قَدَمَيْهِ، كَمَا صَنَعَتْ مَرْيَمُ.



فَقَدْ أَحَبَّ يَسُوعُ مَرْثَا ظ±لَّتِي ظ±سْتَقْبَلَتْهُ، وَأَحَبَّ مَرْيَمَ ظ±لَّتِي ظ±سْتَمَعَتْ إِلَيْهِ. وَعَلَى مَرْيَمَ أَنْ تَتَعَلَّمَ كَيْفَ تَسْتَقْبِلَهُ، وَعَلَى مَرْثَا أَنْ تَعْرِفَ كَيْفَ تَجْلِسَ لِتَسْتَمِعَ إِلَيْهِ. فَظ±لصَّلَاةُ تَقُودُنَا إِلَى ظ±لْعَمَلِ، وَظ±لْعَمَلُ يَنْبُعُ مِنَ ظ±لصَّلَاةِ. ذظ°لِكَ هُوَ ظ±لنَّصِيبُ ظ±لْأَفْضَلُ، ظ±لَّذِي لَنْ يُنْتَزَعَ مِنَّا.



وَيُؤَكِّدُ لَنَا إِنْجِيلُ ظ±لْيَوْمِ أَنَّ ظ±للهَ دَائِمًا يَزُورُ ظ±لْبَشَرَ، كَمَا فَعَلَ مَعَ مَرْيَمَ وَمَرْثَا. إِنَّهُ يَزُورُنَا فِي وَجْهِ ظ±لزَّائِرِ، وَظ±لْمَحْتَاجِ، وَظ±لضَّعِيفِ، وَظ±لْمَظْلُومِ، وَظ±لْمَرِيضِ، وَظ±لْمَحْزُونِ. فَمَنْ سَاعَدَ قَرِيبَهُ، لَقِيَ ظ±للهَ؛ وَمَنْ أَحَبَّ أَخَاهُ، أَحَبَّ ظ±للهَ فِي ظ±لْوَقْتِ ذَاتِهِ.



مَرْثَا مِثَالٌ لَنَا فِي ظ±لضِّيَافَةِ، وَظ±لضِّيَافَةُ شَهَادَةُ إِيمَانٍ. فَظ±لْمَسِيحُ سَيُعْلِنُ فِي سَاعَةِ ظ±لدَّيْنُونَةِ ظ±لطَّابِعَ ظ±لسِّرِّيَّ لِهظ°ذِهِ ظ±لضِّيَافَةِ، فَهِيَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ ظ±لْمَحَبَّةِ. فِي ظ±لضَّيْفِ، ظ±لْمَسِيحُ نَفْسُهُ هُوَ ظ±لَّذِي نَقْبَلُهُ أَوْ نَرْفُضُهُ (متى 25: 35–43).



فَمِنَ ظ±لضَّرُورِيِّ أَنْ نَرَى فِي كُلِّ مَنْ يَقْرَعُ بَابَنَا: ظ±بْنَ ظ±للهِ ظ±لَّذِي يَأْتِي لِيُغْمِرَنَا بِظ±لنِّعَمِ، وَيَجْعَلَ لَنَا مَقَامًا لَدَيْهِ (يوحنّا 14: 23). وَفِي ظ±لْمَجِيءِ ظ±لثَّانِي، سَيَكْشِفُ ظ±لسَّيِّدُ سِرَّ ظ±لضِّيَافَةِ، فَيُقَلِّبُ ظ±لْأَدْوَارَ: «يَتَمَنْطَقُ وَيُقَدِّمُ ظ±لْخِدْمَةَ عَلَى ظ±لْمَائِدَةِ» (لوقا 12: 37؛ رؤيا 3: 20).



مَرْيَمُ هِيَ مِثَالُ حَيَاةِ ظ±لصَّلَاةِ وَظ±لتَّأَمُّلِ. فَقَدْ جَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْ ظ±لرَّبِّ، وَأَصْغَتْ إِلَى كَلِمَاتِهِ، وَظ±خْتَارَتِ ظ±لْأَمْرَ ظ±لْوَاحِدَ ظ±لضَّرُورِيَّ: ظ±لتَّعَلُّقَ بِيَسُوعَ وَدُخُولَ ظ±لشَّرِكَةِ مَعَهُ. إِنَّهُ جَوْهَرُ ظ±لْخِدْمَةِ، وَظ±لْمَصْدَرُ ظ±لَّذِي نَسْتَمِدُّ مِنْهُ قُوَّتَنَا، وَنُطَهِّرُ بِهِ ظ±لْعَالَمَ.



فِي عَالَمٍ سَرِيعِ ظ±لْوَتِيرَةِ، مُمْتَلِئٍ بِظ±لْمَهَامِّ وَظ±لِظ±نْشِغَالَاتِ، نَسْهُو نَحْنُ أَيْضًا، وَنُسْتَدْرَجُ لِنَكُونَ مِثْلَ مَرْثَا: نَخْدِمُ كَثِيرًا، نَرْكُضُ كَثِيرًا، وَنُصَلِّي قَلِيلًا. لظ°كِنَّ ظ±لرَّبَّ يُذَكِّرُنَا: ظ±لصَّلَاةُ لَيْسَتْ هُرُوبًا مِنَ ظ±لْوَاجِبِ، بَلْ هِيَ ظ±لْقُوَّةُ ظ±لَّتِي تَجْعَلُ ظ±لْعَمَلَ مُثْمِرًا، وَظ±لْقَلْبَ هَادِئًا، وَظ±لْخِدْمَةَ نَابِعَةً مِنْ ظ±لْحُبِّ لَا مِنَ ظ±لِظ±ضْطِرَابِ. ظ±لْمَطْلُوبُ أَنْ يَجْتَمِعَ مَرْثَا وَمَرْيَمَ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ: أَنْ نَخْدِمَ، وَلَكِنْ بِرُوحِ ظ±لْإِصْغَاءِ. أَنْ نَعْمَلَ، وَلَكِنْ يَكُونَ مِنْبَعُنَا ظ±لصَّلَاةُ. أَنْ نَسْتَقْبِلَ يَسُوعَ، وَلَكِنْ لَا نَنْسَى ظ±لْجُلُوسَ عِنْدَ قَدَمَيْهِ. فِي هظ°ذَا ظ±لِظ±تِّحَادِ بَيْنَ ظ±لصَّلَاةِ وَظ±لْعَمَلِ، نَجِدُ ظ±لنَّصِيبَ ظ±لْأَفْضَلَ، ظ±لَّذِي لَا يُنْتَزَعُ مِنَّا، وَبِهِ نُصْبِحُ لِلعَالَمِ شُهُودًا لِحُضُورِ ظ±للهِ وَمَجْدِهِ فِي خِدْمَتِنَا وَصَمْتِنَا، فِي ظ±لرِّعَايَةِ وَفِي ظ±لتَّأَمُّلِ، فِي ظ±لْحَرَكَةِ وَفِي ظ±لثَّبَاتِ.


دُعَاء


يَا يَسُوع،
عَلِّمْنَا أَنْ نَخْتَارَ نَصِيبَ مَرْيَمَ،
فَنُصْغِيَ إِلَيْكَ قَبْلَ أَنْ نَخْدِمَكَ،
وَنُحِبَّكَ فِي ظ±لصَّلَاةِ لِنَرَاكَ فِي كُلِّ مَنْ نَخْدِمُهُ.
ظ±جْعَلْ مِنْ حَيَاتِنَا صَلَاةً عَامِلَةً،
وَعَمَلًا نَابِعًا مِنَ ظ±لصَّلَاةِ،
كَيْ يَكُونَ قَلْبُنَا لَكَ،
وَأَيْدِينَا لِأَجْلِ إِخْوَتِنَا. آمِين.


الساعة الآن 03:51 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025