منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   كلمة الله تتعامل مع مشاعرك (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=45)
-   -   وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=25)

Mary Naeem 04 - 07 - 2025 11:32 AM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg
أحد توما

المسيح قام حقاً قام
ثمانية أيام مضت على خبر القيامة بتوكيدات وشهادات من ملائكة و شهود عيان كثيرين المجدلية والنسوة وتلميذا عمواس والأحد عشر وبالرغم من ذلك بقى توما وحده مصمماً على عدم قبول القيامة إلا بشروطه الخاصة وعلى العموم نحن نجد أن هناك تدرجاً في الإيمان بالقيامة:
الدرجة الأولى: يوحنا يؤمن بدون أن يرى يكفيه رؤية الأكفان الموضوعة في القبر الفارغ.
الدرجة الثانية: مريم المجدلية تؤمن بالقيامة دون أن تتحقق من شخصية الرب، ولكن بمجرد تذكر صوته.
الدرجة الثالثة: التلاميذ الأحد عشر آمنوا عندما رأوا وجسوا لحمه وعظامه وجروحه.
الدرجة الرابعة: توما، بعد أن استوفى لنفسه شرط الإيمان بوضع أصبعه في الجروح.
ثم أخيراً الدرجة فوق الأولى : وهي التي أعطى لها الرب الطوبى، وهي إيمان الذين صدقوا القيامة بالخبر وحسب.
الإنجيل لم يذكر لنا حادثة توما هذه المخجلة لكي يحط من قدر توما؛ بل لكي يوضح صعوبة الإيمان بالقيامة. فأصبح الإيمان بها يحفه القبول من اليمين بالمديح، كما يحفه الشك من الشمال بالتوبيخ. أما الطوبى، أي السعادة، فهي نصيب الذين يؤمنون ولا يطلبون شهادة العيان، لأن الحق يضيء قلوبهم.إذاً، فرواية توما لا تخص توما، بل هي حدثت لتكون ركناً ركيناً في استعلان شخص المخلص، كجزء حي في درجات سلم استعلان قيامة المسيح، كطوق نجاة للذين ستعصف بهم شكوك مثل شكوك توما!
وق. يوحنا يقدم لنا رواية توما على التوازي مع رواية تلميذي عمواس التي قدمها القديس لوقا. وكل من الروايتين حظت بظهور الرب وكل منهما حظي بالتوبيخ المناسب.
"قد رأينا الرب"
نفس ما قالته المجدلية: «قد رأيت الرب».لم تقع هذه البشارة المفرحة عند توما موقع التصديق، وذلك عن قصد من النعمة، ليكون أباً ومرشداً لكل الذين صاروا بعقولهم قوامين على قلوبهم، ومدوا أيديهم وأصابعهم عوض البصيرة ليتحسسوا بها طريق الحق. لقد صار توما في تاريخ الإيمان إمام الشكاكين. ويا ليت كل من يشك، ينطق بالنهاية بما نطق به توما لقد وقف توما على قمة الشكاكين مصمماً على حتمية أن تكون القيامة بنفس الجسد الذي تمزق على الصليب، وأن يكون على مستوى المس اليد ووضع الأصبع في نفس الجرح النافذ وفي نفس الجنب المطعون. ولكن لأن القيامة التي قامها الرب هي قيامة حقيقية بالجسد الميت فعلاً؛ لذلك لم يمانع الرب أبداً من تحقيق شرط تو ما وظهر له خصيصاً ليكمل له إيمانه هذا. فصار إيمان توما واعترافه المفاجئ: «ربي وإلهي» البرهان الأخير إزاء كل شكوك بأن المسيح قام حقاً، وبأنه قام بجسده الذي تمزق على الصليب هو هو فقال لهم "إن لم أبصر في يديه أثر المسامير، وأضع إصبعي في أثر المسامير، وأضع يدي في جنبه لا أومن".جروح الصليب مميتة، فكيف تصبح علامة حياة؟ إنه تعجيز! ولكنها هي حقاً معجزة توما يطلب المستحيل بالعيان واللمس، يطلب اقتران الموت بالحياة والحياة بالموت، فكان له ما شاء! إنها حقاً القيامة!
توما أراد أن يمسك بنار اللاهوت، فمسك ولم يحترق. توما أراد أن يُمثل بيده طعنة الحربة إن أهوال الصليب ضيعت من عقل توما كل معقولية الحياة من بعد الموت، لقد أصابت المسامير فكر توما بأكثر مما أصابت به يد الفادي الفادي قام ويداه في ملء الحركة والحياة، وفكر توما تسمر بالموت وبقى بلا حراك الجنب المفتوح بالحربة صار كهوة في إيمان توما، تفصل الميت عن الحياة، مع أن الدم والماء النازفين منه، كفيلان بأن يُحييا كل الأموات.
«لا أومن».
لقد جازف توما بكل إيمانه، لقد وضع إيمانه بالمسيح قائماً من الموت في كفة، ورؤية عينيه ولمس يده لآثار المسامير وطعنة الحربة في الكفة المقابلة! لقد ظن توما أن الإيمان بالقيامة رهن نظر العين ولمس اليد ولكن المسيح نفسه عندما ظهر للتلاميذ المجتمعين «أراهم يديه وجنبه»، فتوما وإن كان يُطالب بحقه الرسولي، كتلميذ له، في الرب المقام؛ إلا أن ما كان ينقص توما حقاً والذي وبخه المسيح على فقدانه، فهو الإيمان "ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام" "فجاء يسوع والأبواب مغلقة، ووقف في الوسط"
كان هناك نوع من الترقب لمجيء يسوع. فمن أسبوع كان التلاميذ قد حازوا على عطية الروح القدس الكفيل أن يشعرهم "بالأمور الآتية" وخاصة فيما للرب ومجيئه. جاء يسوع ووقف في "الوسط"، صحيح أنـــه جاء خصيصاً لتوما، ولكن حينما ظهر كان ظهوره للجميع والجميع له. ليس كبير أو صغير بينهم، فالكل فيه كبير، والكل فيه كريم ومكرم.
"وقال سلام لكم".
ليست هي مجرد تحية، ولكنها وديعة يستودعها الرب لكنيسته «سلامي أعطيكم»، فالرب لا يُقرى السلام، بل يعطيه، بل يسكبه ويبته فينا بثاً، ليسري في القلوب والأفكار والأرواح، ليبقى ويدوم ويترسخ داخل النفس، تلتجئ إليه يوم العاصف فتجده، وتستغيث به في الضيقة فتتسربل به.
"ثم قال لتوما: هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً".
عجيب أن الرب يعيد نفس الكلمات التي نطق بها توما وهو يتحدث مع زملائه، فكأن الرب كان واقفاً يستمع إلى شروط توما المغلظة، لم يعاتبه ولا حتى أخذه، بل بلطف يفوق كل لطف، أخضع جسده الذي ترتعب منه الأجناد السماوية لرؤية عين توما واللمس أصابعه عرى جروحه، وجعل جنبه المفتوح في متناول يده. وهكذا احتفظ الرب بعلامات الموت ليجعلها برهان الحياة، وجعل آثار الذلة والانسحاق لتكون هي هي أسباب المجد.ولكن ترى ماذا كان وقع كلمات الرب على توما، حينما ردد الرب المقام على مسامعه كل الكلام والشروط التي قالها للتلاميذ؟! أعتقد أنها فوق أنها أخجلته، فقد جعلته في غير حاجة لأن يمد يده أو إصبعه. ولكن حين مدها وحينما لمس إطاعة للأمر الذي صدر له، كان قد بلغ الإيمان في قلبه حد الصراخ والشهادة خبرة العين الروحية ابتلعت خبرة عين الجسد، ولمسة الروح في القلب طغت على لمسة اليد.
«لا تكن غير مؤمن، بل مؤمناً»
لم يكن توما غير مؤمن، وإلا لو كان هو فعلاً هكذا؛ أي غير مؤمن، لما ظهر له الرب على الإطلاق. ولكن لما استبد به الشك، كونه استثني من رؤية الرب، كان يطلب حقه في الرؤية العينية، إمعاناً في الوثوق الذي يطلبه. بمعنى أن توما كان في طريقه إلى الإيمان في حالة حصوله على ما احتاجه إيمانه: «أومن يا سيدي، فأعن عدم إيماني» الرب تنازل إلى مستوى شروط توما، ليقطع على كل توما، وعلى كل من يذهب مذهبه الطريق إلى عدم الإيمان.
"أجاب توما، وقال: ربي وإلهي"
هذه هي قمة الاستعلانات، بل هي قمة إنجيل يوحنا. والذي يزيد من قيمة هذا الاستعلان الذي استلهمه توما من رؤية الرب المقام، أنه جاء بعد أسبوع كامل من عذاب الشك وليل الظنون فهو، إن كان قد تأخر عن التلاميذ ثمانية أيام في التعرف على القيامة وتصديقها؛ إلا أنه سجل للكنيسة أول اعتراف علني بألوهية المسيح، خرج منه بتلقائية تعبر عن الحق الذي رآه كاعتراف إيمان بلغ الذروة، ليس في كل الأناجيل ما يُضاهيه إن ظهور الرب بحال قيامته كان كفيلاً بأن يُغيّر لا فكر توما بل روحه وحياته. إن ظهور الرب قوة، فالقيامة هي المجال الإلهي الفائق، الذي إذا دخله الإنسان يفقد رؤيته لنفسه والعالم، وكأنها أقنعة، يخلعها ليرى الحقيقة الدائمة، ولا يعود يرى نفسه إلا في الله : "ربي والهي" إنه يرى نفسه فيه ويراه هو في نفسه، وكأنه يُردد بلسان عروس النشيد: «أنا لحبيبي وحبيبي لي» لقد صار له المسيح وصار هو للمسيح فاستعلن له المسيح في ذاته رباً وإلهاً لقد تعرف على الله في المسيح، وتعرف على المسيح في الله. وأخيراً، أدرك توما أن المسيح ليس للمس اليد أو نظر العين !! فهو الملء الذي يملأ الروح والبصيرة والقلب، الذي لا تسعفه عين ولا يحيطه فكر قال له يسوع" لأنك رأيتني يا توما آمنت طوبى للذين آمنوا ولم يروا" لقد أمن المسيح على اعتراف وإيمان توما "ربي وإلهي"، ووافقه على إعلانه بلاهوته. فلو لم يكن المسيح إلهاً بالحقيقة ما كان قد ارتضى بهذا الإعلان. لقد رأى توما المسيح كما يريد المسيح أن يُرى.وهنا ظهرت رنة التوبيخ والعتاب في صوت المسيح لتوما، لأنه ما كان لائقاً بتلميذ عاشر الرب وسمع منه أنباء القيامة العتيدة، بل ورأى قوتها عياناً عند قبر لعازر، ثم بعد ذلك لا يؤمن، ولا يصدق من رأى وآمن ولكن شكراً لك أيها القديس توما، لأن بشكك ورثتنا الطوبى، بل أحسن الطوبى: «.. الذي وإن لم تروه تحبونه ذلك، وإن كنتم لا ترونه الآن، لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد» .
المتنيح القمص متى المسكين

Mary Naeem 04 - 07 - 2025 11:34 AM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


بقى توما وحده مصمماً على عدم قبول القيامة إلا بشروطه الخاصة وعلى العموم نحن نجد أن هناك تدرجاً في الإيمان بالقيامة:
الدرجة الأولى: يوحنا يؤمن بدون أن يرى يكفيه رؤية الأكفان الموضوعة في القبر الفارغ.
الدرجة الثانية: مريم المجدلية تؤمن بالقيامة دون أن تتحقق من شخصية الرب، ولكن بمجرد تذكر صوته.
الدرجة الثالثة: التلاميذ الأحد عشر آمنوا عندما رأوا وجسوا لحمه وعظامه وجروحه.
الدرجة الرابعة: توما، بعد أن استوفى لنفسه شرط الإيمان بوضع أصبعه في الجروح.
ثم أخيراً الدرجة فوق الأولى : وهي التي أعطى لها الرب الطوبى، وهي إيمان الذين صدقوا القيامة بالخبر وحسب.
الإنجيل لم يذكر لنا حادثة توما هذه المخجلة لكي يحط من قدر توما؛ بل لكي يوضح صعوبة الإيمان بالقيامة. فأصبح الإيمان بها يحفه القبول من اليمين بالمديح، كما يحفه الشك من الشمال بالتوبيخ. أما الطوبى، أي السعادة، فهي نصيب الذين يؤمنون ولا يطلبون شهادة العيان، لأن الحق يضيء قلوبهم.إذاً، فرواية توما لا تخص توما، بل هي حدثت لتكون ركناً ركيناً في استعلان شخص المخلص، كجزء حي في درجات سلم استعلان قيامة المسيح، كطوق نجاة للذين ستعصف بهم شكوك مثل شكوك توما!

Mary Naeem 04 - 07 - 2025 11:35 AM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


"قد رأينا الرب"
نفس ما قالته المجدلية: «قد رأيت الرب».لم تقع هذه البشارة المفرحة عند توما موقع التصديق، وذلك عن قصد من النعمة، ليكون أباً ومرشداً لكل الذين صاروا بعقولهم قوامين على قلوبهم، ومدوا أيديهم وأصابعهم عوض البصيرة ليتحسسوا بها طريق الحق. لقد صار توما في تاريخ الإيمان إمام الشكاكين. ويا ليت كل من يشك، ينطق بالنهاية بما نطق به توما لقد وقف توما على قمة الشكاكين مصمماً على حتمية أن تكون القيامة بنفس الجسد الذي تمزق على الصليب، وأن يكون على مستوى المس اليد ووضع الأصبع في نفس الجرح النافذ وفي نفس الجنب المطعون. ولكن لأن القيامة التي قامها الرب هي قيامة حقيقية بالجسد الميت فعلاً؛ لذلك لم يمانع الرب أبداً من تحقيق شرط تو ما وظهر له خصيصاً ليكمل له إيمانه هذا. فصار إيمان توما واعترافه المفاجئ: «ربي وإلهي» البرهان الأخير إزاء كل شكوك بأن المسيح قام حقاً، وبأنه قام بجسده الذي تمزق على الصليب هو هو فقال لهم "إن لم أبصر في يديه أثر المسامير، وأضع إصبعي في أثر المسامير، وأضع يدي في جنبه لا أومن".جروح الصليب مميتة، فكيف تصبح علامة حياة؟ إنه تعجيز! ولكنها هي حقاً معجزة توما يطلب المستحيل بالعيان واللمس، يطلب اقتران الموت بالحياة والحياة بالموت، فكان له ما شاء! إنها حقاً القيامة!

Mary Naeem 04 - 07 - 2025 11:36 AM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


توما أراد أن يمسك بنار اللاهوت فمسك ولم يحترق.
توما أراد أن يُمثل بيده طعنة الحربة إن أهوال الصليب
ضيعت من عقل توما كل معقولية الحياة من بعد الموت

لقد أصابت المسامير فكر توما بأكثر مما أصابت به يد الفادي
الفادي قام ويداه في ملء الحركة والحياة،
وفكر توما تسمر بالموت وبقى بلا حراك الجنب المفتوح بالحربة
صار كهوة في إيمان توما، تفصل الميت عن الحياة
مع أن الدم والماء النازفين منه، كفيلان بأن يُحييا كل الأموات.

Mary Naeem 04 - 07 - 2025 11:38 AM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


«لا أومن».
لقد جازف توما بكل إيمانه، لقد وضع إيمانه بالمسيح قائماً من الموت في كفة، ورؤية عينيه ولمس يده لآثار المسامير وطعنة الحربة في الكفة المقابلة! لقد ظن توما أن الإيمان بالقيامة رهن نظر العين ولمس اليد ولكن المسيح نفسه عندما ظهر للتلاميذ المجتمعين «أراهم يديه وجنبه»، فتوما وإن كان يُطالب بحقه الرسولي، كتلميذ له، في الرب المقام؛ إلا أن ما كان ينقص توما حقاً والذي وبخه المسيح على فقدانه، فهو الإيمان "ووبخ عدم إيمانهم وقساوة قلوبهم لأنهم لم يصدقوا الذين نظروه قد قام" "فجاء يسوع والأبواب مغلقة، ووقف في الوسط"
كان هناك نوع من الترقب لمجيء يسوع. فمن أسبوع كان التلاميذ قد حازوا على عطية الروح القدس الكفيل أن يشعرهم "بالأمور الآتية" وخاصة فيما للرب ومجيئه. جاء يسوع ووقف في "الوسط"، صحيح أنـــه جاء خصيصاً لتوما، ولكن حينما ظهر كان ظهوره للجميع والجميع له. ليس كبير أو صغير بينهم، فالكل فيه كبير، والكل فيه كريم ومكرم.

Mary Naeem 04 - 07 - 2025 11:41 AM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


"وقال سلام لكم".
ليست هي مجرد تحية، ولكنها وديعة يستودعها الرب لكنيسته «سلامي أعطيكم»، فالرب لا يُقرى السلام بل يعطيه بل يسكبه ويبته فينا بثاً، ليسري في القلوب والأفكار والأرواح، ليبقى ويدوم ويترسخ داخل النفس، تلتجئ إليه يوم العاصف فتجده، وتستغيث به في الضيقة فتتسربل به.
"ثم قال لتوما: هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي، وهات يدك وضعها في جنبي، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً".
عجيب أن الرب يعيد نفس الكلمات التي نطق بها توما وهو يتحدث مع زملائه، فكأن الرب كان واقفاً يستمع إلى شروط توما المغلظة، لم يعاتبه ولا حتى أخذه، بل بلطف يفوق كل لطف، أخضع جسده الذي ترتعب منه الأجناد السماوية لرؤية عين توما واللمس أصابعه عرى جروحه، وجعل جنبه المفتوح في متناول يده.

وهكذا احتفظ الرب بعلامات الموت ليجعلها برهان الحياة، وجعل آثار الذلة والانسحاق لتكون هي هي أسباب المجد.ولكن ترى ماذا كان وقع كلمات الرب على توما، حينما ردد الرب المقام على مسامعه كل الكلام والشروط التي قالها للتلاميذ؟! أعتقد أنها فوق أنها أخجلته، فقد جعلته في غير حاجة لأن يمد يده أو إصبعه.
ولكن حين مدها وحينما لمس إطاعة للأمر الذي صدر له، كان قد بلغ الإيمان في قلبه حد الصراخ والشهادة خبرة العين الروحية ابتلعت خبرة عين الجسد، ولمسة الروح في القلب طغت على لمسة اليد.

Mary Naeem 04 - 07 - 2025 11:43 AM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


«لا تكن غير مؤمن، بل مؤمناً»
لم يكن توما غير مؤمن، وإلا لو كان هو فعلاً هكذا؛ أي غير مؤمن

لما ظهر له الرب على الإطلاق. ولكن لما استبد به الشك
كونه استثني من رؤية الرب، كان يطلب حقه في الرؤية العينية
إمعاناً في الوثوق الذي يطلبه. بمعنى أن توما كان في طريقه
إلى الإيمان في حالة حصوله على ما احتاجه إيمانه:
«أومن يا سيدي، فأعن عدم إيماني» الرب تنازل إلى مستوى
شروط توما ليقطع على كل توما وعلى كل من يذهب مذهبه الطريق إلى عدم الإيمان.

Mary Naeem 04 - 07 - 2025 11:45 AM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


"أجاب توما، وقال: ربي وإلهي"
هذه هي قمة الاستعلانات، بل هي قمة إنجيل يوحنا. والذي يزيد من قيمة هذا الاستعلان الذي استلهمه توما من رؤية الرب المقام، أنه جاء بعد أسبوع كامل من عذاب الشك وليل الظنون فهو، إن كان قد تأخر عن التلاميذ ثمانية أيام في التعرف على القيامة وتصديقها؛ إلا أنه سجل للكنيسة أول اعتراف علني بألوهية المسيح، خرج منه بتلقائية تعبر عن الحق الذي رآه كاعتراف إيمان بلغ الذروة، ليس في كل الأناجيل ما يُضاهيه إن ظهور الرب بحال قيامته كان كفيلاً بأن يُغيّر لا فكر توما بل روحه وحياته. إن ظهور الرب قوة، فالقيامة هي المجال الإلهي الفائق، الذي إذا دخله الإنسان يفقد رؤيته لنفسه والعالم، وكأنها أقنعة، يخلعها ليرى الحقيقة الدائمة، ولا يعود يرى نفسه إلا في الله : "ربي والهي" إنه يرى نفسه فيه ويراه هو في نفسه، وكأنه يُردد بلسان عروس النشيد: «أنا لحبيبي وحبيبي لي» لقد صار له المسيح وصار هو للمسيح فاستعلن له المسيح في ذاته رباً وإلهاً لقد تعرف على الله في المسيح، وتعرف على المسيح في الله. وأخيراً، أدرك توما أن المسيح ليس للمس اليد أو نظر العين !! فهو الملء الذي يملأ الروح والبصيرة والقلب، الذي لا تسعفه عين ولا يحيطه فكر قال له يسوع" لأنك رأيتني يا توما آمنت طوبى للذين آمنوا ولم يروا" لقد أمن المسيح على اعتراف وإيمان توما "ربي وإلهي"، ووافقه على إعلانه بلاهوته. فلو لم يكن المسيح إلهاً بالحقيقة ما كان قد ارتضى بهذا الإعلان. لقد رأى توما المسيح كما يريد المسيح أن يُرى.وهنا ظهرت رنة التوبيخ والعتاب في صوت المسيح لتوما، لأنه ما كان لائقاً بتلميذ عاشر الرب وسمع منه أنباء القيامة العتيدة، بل ورأى قوتها عياناً عند قبر لعازر، ثم بعد ذلك لا يؤمن، ولا يصدق من رأى وآمن ولكن شكراً لك أيها القديس توما، لأن بشكك ورثتنا الطوبى، بل أحسن الطوبى: «.. الذي وإن لم تروه تحبونه ذلك، وإن كنتم لا ترونه الآن، لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد» .

Mary Naeem 04 - 07 - 2025 11:52 AM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg
ميلاد المسيح وميلاد الإنسان

وُلِدَ المسيح من روح الله القدوس، ومن عذراء لم تعرف رجلاً تُدعى مريم، فكان ميلاداً إلهيّاً، لم يحدث له نظير قط لا من قبل ولا من بعد! سبق أن تحدَّثَتْ عن هذا الميلاد الأسفار المقدَّسة، وجميع الأنبياء تنبَّأوا عنه بآياتٍ كثيرة، وكانت الحوادث كلها تتَّجه نحوه، وتنتهي إليه، حتى الزمن قيل إنه سيبلغ مِلأَه يوم مجيئه، وقد كان، فبُدئ بالتاريخ جديداً منذ الميلاد.
وهكذا لم يكن المسيح نبيّاً ليتنبَّأ عن مجيء أحد آخر، ولا رسولاً ينتهي عند تكميل رسالته، بل كان هو «كلمة الله» صار جسداً، صائراً في صورة الناس آخِذاً شكل العبد! (في 2: 7)، وعاش كإنسان بين الناس، ودَعا نفسه «ابن الإنسان».
ولكنه كان ذا مجدٍ إلهي، رآه أخصَّاؤه رؤيا العيان مجداً فريداً «مجداً كما لوحيدٍ من الآب» (يو 1: 14). وهو قال عن نفسه: إن الله أبوه (يو 5: 18). والله ناداه من السماء على مسمعٍ من تلاميذه: «هذا هو ابني الحبيب، له اسمعوا» (مر 9: 7).
ولكنه وَضَعَ نفسه كالعبد، اختياراً، باتضاعٍ عجيب ومُذهل، حتى يرفع كل العبيد إلى درجة بنوَّته!! «لا أعود أُسمِّيكم عبيداً... لكني قد سمَّيتكم أحبَّاءَ لأني أَعْلَمتُكم بكلِّ ما سمعته من أبي» (يو 15: 15)، وأخلى نفسه قدر ما أمكنه من كلِّ مجدٍ ظاهر حتى يتفرَّغ لشركة الآلام مع الناس، هذه الآلام التي وُلد خصيصاً لكي يحملها عنهم كاملة، ليرفع لعنتها عن بني الإنسان، ويُتوِّجها في النهاية بموتٍ اختياري، قَبِلَه كقضاء دين وحُكْم تأديب، عن كلِّ خطاة الأرض، ليهبهم بموته براءة. وهكذا لم يَعُد الموت للإنسان قضاء دَيْنٍ وحُكْمَ تأديب عن خطية وعن إثم وتعدٍّ، بل حُكْم براءة وكفَّارة!
وقام المسيح من بين الأموات بمجد وجلال ومشيئة سبق أن أعلن عنها، فأَعطى للإنسان بالقيامة قوَّة الغلبة على الموت، وطبيعة الحياة الجديدة الممتدَّة مع الله بعد الموت وإلى الأبد، يستمدُّها الإنسان من المسيح وبروح الله منذ الآن كعربون لِمَا هو آتٍ. فأصبحنا، ونحن الآن في قيامة المسيح، لا يمنعنا الموت عن البقاء في حياةٍ مع الله لا تزول.
هكذا احتضن المسيح العالم كله بآلامه وموته وقيامته، فوَهَبَ الإنسان ميلاداً جديداً في ميلاده، وآلاماً شافية بآلامه، وموتاً بموته، وقيامة مُبرَّرة لحياةٍ أخرى أبدية. أو بمعنى آخر، فإنَّ المسيح جعل الإنسان خليقةً جديدة روحية بعد أن كانت خليقةً ترابية وحسب. وصارت حياة الإنسان مُمتدَّة في الله إلى مالان‍هاية.
وبالتالي، لم يَعُد تراب الأرض أو الجنس أو اللون أو العنصر الذي ينحدر منه الإنسان، سبب فخر أو علَّة عار فيما بعد! فالإنسان، كل إنسان، قد تجنَّس بالمسيح، وبالتالي بالله في المسيح!!
ولم تَعُد المرأة من دون الرجل، ولا العبد من دون الحُر، ولا الفقير من دون الغَني، ولا الجاهل من دون الحكيم، لا كأن‍ها حقوق إنسان تؤخذ بالمنطق أو تؤخذ غِلاباً؛ بل هي عطية الله للإنسان بميلاد المسيح، إذ رَفَع البشرية فيه إلى درجة بنوَّته، فصار الكل أبناء الله يُدْعَوْن!! والبنون متساوون في كلِّ شيء.
لقد وُلِدَ الإنسان جديداً يوم ميلاد المسيح، لميراث أبوي محفوظ له في السموات، لفرح لن يُن‍زع منه، ومجد لا يُنطَق به. هو عطاءٌ مجَّاني للإنسان الذي شبع شقاءً عَبْر الدهور، فكما كان ميلاد المسيح أعظم هبات الله للإنسان، هكذا صار لنا هذا الميراث معه في السماء كعطية مجَّانية، كالشمس والهواء للخليقة الترابية، فمَنْ ذا يشتري الشمس أو مَنْ ذا يبيع الهواء؟ هكذا الله في المسيح لا يبيع برَّه بثمن، ولا قيامته ولا ميراثه في المجد.
كل مَنْ يسأل يأخذ، ومَنْ يطلب يجد، ومَنْ يقرع يُفتَح له (لو 11: 10). بل وأكثر من ذلك، فإنه يسبقنا إلى باب السؤال عينه: «هأنذا واقفٌ على الباب وأقرع. إنْ سَمِعَ أحدٌ صوتي وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشَّى معه وهو معي» (رؤ 3: 20).
إن بنويَّة الله للإنسان قد صارت مَشاعاً على وجه الأرض كلها لكل بني الإنسان، في ميلاد المسيح!
+ ( +
البشرية لم تستوعب ميلاد المسيح بعد، بمعناه الـ ”فوق بشري“، لأن عقلها صار لها فخّاً وعثرة، غير أن‍ها تسير وتتحرَّك نحو هذا الميلاد بحركة تفوق وعيها. فالبشرية يشدُّها إلى أعلى صوتٌ مُبهَم يُقلقها من الداخل ويضطرم فيها اضطراماً، تُعبِّر عنه بمفهومات تنطقها دون أن تكتشف بعد مصدرها العلوي، وتُخرجها كصيحات ترتفع من كل أقطار الأرض معاً وفي نَفَسٍ واحد. فالكل يُنادي بضرورة وحتمية السلام، سلام على مستوى العالم كله!! وحقوق الإنسان لكل إنسان!! وحرية الشعوب، والرأي، والتعبير، والعبادة، وحق تقرير المصير، وعدم الانحياز، ورفع الفوارق بين الطبقات والحياة الأفضل.
هذه ليست مجرَّد شعارات، كما يظنُّها رَجُل السياسة أو الاجتماع أو الاقتصاد أو الدِّين، ولكنها خصائص الإنسان الجديد الذي يتعطَّش إليها، لأن‍ها وُهِبَت له لتكون جزءاً حيّاً من كيانه وطبيعته العُليا الجديدة، بدون‍ها كأنَّ الإنسان في شِبْه نوم يجلس في الظلمة وظلال الموت مُذَلاًّ بقيود كأن‍ها من حديد، حتى أشرق عليه نور الله يوم ميلاد المسيح: «أنا هو نور العالم، مَنْ يتبعني فلا يمشي في الظلمة» (يو 8: 12). لأن في المسيح تنازَل الله إلى أعماق كيان الإنسان وأضاء بحبِّه وقداسته كلَّ ظلام طبيعته، وبدَّد كلَّ أحزانه، وقطع كلَّ قيوده وأوهامه، وأعطاه كلَّ ما يتناسب والحياة الأفضل، ونعمة فوق نعمة (يو 1: 16)؛ كل خصائص الإنسان الجديد.
وطالما شعر الإنسان أنه فاقدٌ لهذه الصفات، فسيظل حائراً قلقاً، بل ثائراً مُتمرِّداً على كلِّ وضع، لا يفتأ يطلبها بإلحاح ويُحطِّم في سبيلها كلَّ القيود، لأن‍ها روحه الجديدة التي لن يستطعم للحياة بدون‍ها أي معنى.
وإن كانت هذه الخصائص التي يُنادَى بها الآن تبدو كأن‍ها مجرَّد حقوق أو أصالة إنسانية أو حق وطني أو تقدُّم حضاري أو افتخار بشري، إلا أنها في حقيقتها تظل تعبِّر تعبيراً خفياً عن امتداد روح الإنسان الجديد نحو الله، والتهيُّؤ المناسب للتلاقي معه على مستوى ميلاد المسيح!
المسيح وُلِدَ بجسد من روح الله ومن عذراء؛ جسد إلهي هو، مقدَّس، ممتد، لا حدود له، يشمل البشرية كلها بالتبنِّي؛ فقد قيل في الكتاب إن المسيح هو ”آدم الثاني“، رأس البشرية الجديدة، كل مَنْ قَبِلَه واعتمد باسمه، يولَد له بالروح ويصير ابناً لله فيه!
المسيح، إذن، هو رأس البشرية الجديدة بالتبنِّي! لذلك يقول الكتاب: إنه «آتٍ بأبناء كثيرين إلى المجد» (عب 2: 10). هؤلاء في حقيقتهم الروحية هُم جسده الكبير الممتد ليُغطِّي كل أجيال الدهور في السماء والأرض. يقول بولس الرسول عنهم وعنه هكذا: «ليجمع كل شيء في المسيح، ما في السموات وما على الأرض، في ذاك» (أف 1: 10).
ولكن المسيح لم يبلغ بعد إلى ملء قامته في الإنسان! لأن البشرية لم تبلغ بعد ملء قامتها في المسيح. البشرية إلى الآن تنمو فيه مجرَّد نموٍّ، ولكن لم تكتمل صورت‍ها النهائية لتُطابق صورة المسيح. المسيح بدأ يتصوَّر في الشعارات فقط، وكأن البشرية ”تتوحَّم“ بصورة جنينها الجديد، ولكنها في نفس الوقت تتقيَّأ، وباستمرار، تراثها الميت الذي عافته. فهي الآن في توتُّر بلغ أقصاه: حروب، نزاعات، مجاعات، عداوة، خصام، تحزُّب، تكتُّل، تحدٍّ، حرمان، تجويع، فقر، إباحية، ثورة على التقليد والعفة والروتين والدِّين، وعلى الله نفسه.
لماذا هذا التقيُّؤ كله؟ نعم، لماذا هذا كله معاً وفي جيلٍ واحد؟ أليس هذا لأن البشرية تجوز الآن مخاضها الأخير؟ إن‍ها تصرخ متوجعة: «لأن الأجنَّة دَنَت إلى المولد، ولا قوة على الولادة!» (إش 37: 3)
البشرية تصرخ بشعارات‍ها الجديدة وكأن‍ها ت‍هذي: سلام عالمي، سلام سلام وليس سلام! مؤتمرات كل يوم في كـل مكان وبلا هدوء، ما هذا؟ البشرية تريد أن تتغيَّر عن شكلها، ولكن لا يسعفها ميراثها التقليدي، سياسياً كان أو اجتماعياً أو اقتصاديّاً أو حتى الدِّيني!! لأن كل ميراثها أصبح يعوزه الروح. لقد تعفَّن القديم كله وأنتن، وقارَبَ على الاضمحلال، وأصبح لا يُشبِع البشرية ولا يُغنِي عن جوع، وليس أمل، في الواقع، إلاَّ في ميلادٍ جديد لبشرية جديدة تولَد من الروح!!
هذه هي الحياة الفُضلَى! ولا يمكن أن تكون حياة أفضل من حياة إلاَّ بمقدار عمل الروح، روح الله في التجديد. فالسياسة يعوزها الروح، والاجتماع والاقتصاد والدِّين وكل ضوابط البشرية، إذا لم يضبطها الله بروحه عاملاً في عمق كيان الإنسان بتجديدٍ يشمل الفكر والضمير العالمي، لأَخَويَّة على الأرض تستمدُّ روحها وأصالتها من بنويَّة واحدة لله؛ فسيظلُّ الإنسان يتقيَّأ نفسه. وأي شعار مهما أتقنه ونفَّذه، إنْ هو كان خالياً من روح الإنسان الجديد، أي من عمق معنى التبنِّي؛ فسيخرج هذا الشعار سَقْطاً ميتاً.
فالسياسة، مهما ارتقت، إنْ هي لم تَرَ في جميع الأجناس والألوان والشعوب والأوطان أبناءً متساوين لله الواحد، لهم حقوق متساوية في أرضٍ جديدة وسماءٍ جديدة، فهي سياسة أرضية ميتة وسَقْط ممسوخ متكرر لتقليد ترابي عافَه الإنسان جدّاً وتقيَّأه، وأصبح لا يطيق أن يسمع عنه أو يقرأ له!

المتنيح القمص متى المسكين

Mary Naeem 04 - 07 - 2025 11:55 AM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
https://upload.chjoy.com/uploads/175042667778271.jpg


وُلِدَ المسيح من روح الله القدوس، ومن عذراء لم تعرف رجلاً تُدعى مريم، فكان ميلاداً إلهيّاً، لم يحدث له نظير قط لا من قبل ولا من بعد! سبق أن تحدَّثَتْ عن هذا الميلاد الأسفار المقدَّسة، وجميع الأنبياء تنبَّأوا عنه بآياتٍ كثيرة، وكانت الحوادث كلها تتَّجه نحوه، وتنتهي إليه، حتى الزمن قيل إنه سيبلغ مِلأَه يوم مجيئه، وقد كان، فبُدئ بالتاريخ جديداً منذ الميلاد.
وهكذا لم يكن المسيح نبيّاً ليتنبَّأ عن مجيء أحد آخر، ولا رسولاً ينتهي عند تكميل رسالته، بل كان هو «كلمة الله» صار جسداً، صائراً في صورة الناس آخِذاً شكل العبد! (في 2: 7)، وعاش كإنسان بين الناس ودَعا نفسه «ابن الإنسان».
ولكنه كان ذا مجدٍ إلهي، رآه أخصَّاؤه رؤيا العيان مجداً فريداً «مجداً كما لوحيدٍ من الآب» (يو 1: 14). وهو قال عن نفسه: إن الله أبوه (يو 5: 18). والله ناداه من السماء على مسمعٍ من تلاميذه: «هذا هو ابني الحبيب، له اسمعوا» (مر 9: 7).
ولكنه وَضَعَ نفسه كالعبد، اختياراً، باتضاعٍ عجيب ومُذهل، حتى يرفع كل العبيد إلى درجة بنوَّته!! «لا أعود أُسمِّيكم عبيداً... لكني قد سمَّيتكم أحبَّاءَ لأني أَعْلَمتُكم بكلِّ ما سمعته من أبي» (يو 15: 15)، وأخلى نفسه قدر ما أمكنه من كلِّ مجدٍ ظاهر حتى يتفرَّغ لشركة الآلام مع الناس، هذه الآلام التي وُلد خصيصاً لكي يحملها عنهم كاملة، ليرفع لعنتها عن بني الإنسان، ويُتوِّجها في النهاية بموتٍ اختياري، قَبِلَه كقضاء دين وحُكْم تأديب، عن كلِّ خطاة الأرض، ليهبهم بموته براءة. وهكذا لم يَعُد الموت للإنسان قضاء دَيْنٍ وحُكْمَ تأديب عن خطية وعن إثم وتعدٍّ، بل حُكْم براءة وكفَّارة!


الساعة الآن 07:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025