منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   أية من الكتاب المقدس وتأمل (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=43)
-   -   اكبر مجموعة ايات من الكتاب المقدس مع التأملات (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=9217)

sama smsma 17 - 05 - 2012 09:46 AM

"لا تكونوا مديونين لأحد بشيء، إلا بأن يحب بعضكم بعضا." (رومية8:13)


يجب علينا ألا نتخذ هذا العدد وكأنه يمنع كل شكل من أشكال الديون. لا يمكننا في مجتمعاتنا اليوم أن نتهرّب من فواتير الهواتف والغاز والكهرباء والماء، وفي ظروف مُعينّة نكون تلاميذ أفضل عند شراء بيت بقرض إسكان وبهذا ندفعه على أقساط بدل دفع نفس المبلغ الشهري للإيجار، ومن المستحيل اليوم إدارة عمل دون التعاقد مع بعض الديون.
لكن هذا العدد حتماً يمنع ممارسات أخرى، فإنه يمنع الدخول في الدين عندما تكون فُرص التسديد ضئيلة، ويمنَع من الإقتراض لنشتري سلعة تَخسر من قيمتها، كما ويمنع من تراكم الديون المؤجلة، ويمنع من الدخول في دَينٍ لأمور لسنا بحاجة إليها، ويمنع الغرق تحت الديون حتى رؤوسنا وإغراء الإنفاق فوق طاقتنا خاصة عندما يكون بحوزتنا بطاقة استدانة، إنه يمنع من إضاعة مال الرَّب عندما نُطالب بدفع فوائد مصرفية عالية عندما يكون رصيدنا مُدان.
إن هدف هذا العدد هو أن ليُخلصنا من مطالبات الدائنين الملحّة ومن مشاكل زوجية نابعة من الإنفاق الذي يفوق قدرتنا ومن محاكم الإفلاس إذ أن كل هذه تُدمِّر شهادتنا المسيحية.
وبصورة عامة ينبغي أن نمارس مسؤوليتنا المالية بالعيش المتواضع وفي نطاق قدرتنا، متذكّرين دائماً أن المُقترض هو عبدأً للمُقرض (أمثال7:22).
الدين الوحيد المُلزم للمسيحي هو واجبنا في محبة بعضنا البعض، فنحن ملزمون بمحبة غير المؤمن ومشاركته بالإنجيل (رومية14:1)، وملزمون بمحبة الإخوة وبذل أنفسنا لأجلهم (يوحنا الأولى16:3). هذا النوع من المديونية سوف لا يضعنا في متاعب مع القانون، بدلاً من ذلك وكما يقول بولس هو تتميم الناموس.

sama smsma 17 - 05 - 2012 09:47 AM

"والان يا رب أنظر الى تهديداتهم، وامنح عبيدك أن يتكلموا بكلامك بكل مجاهرة." (أعمال29:4)

عندما كان المسيحيون الأوائل يواجهون الإضطهاد لم ينتظروا ظروفهم كي تتغيّر، بل مجّدوا ﷲ وسط هذه الظروف.
كثيراً ما نفشل إذ نحذو حذوهم، نؤجّل عملنا إلى حين تتحسن الأحوال، نرى في العقبات عوائق بدل أن نراها حجارة نعبر عليها، نعتذر لإستسلامنا وفشلنا على أساس أن الظروف لم تكن مواتية.
يبقى الطالب غير مشارك بالخدمة المسيحية إلى أن يتخرَّج، ثم ينشغل بالعاطفة والزواج، وبعد ذلك تأتي ضغوطات العمل والعائلة لتبقيه بعيداً عن الخدمة، يقرر الإنتظار حتى التقاعد عندها سيتحرر لكي يقدّم ما فضِل له من العُمْر للرَّب، وعندما يصِل إلى سنّ التقاعد يكون قد فقد طاقته ورؤياه فيستسلم لحياة الفراغ.
قد نجد أنفسنا مُجبرَين على العمل مع أناس يسلبوننا بطرق ملتوية. ربّما يكون لدى هؤلاء مراكز قيادة في الكنيسة، ومع أنهم أمناء ويعملون بِجِدّ، نلاحظ أنهم معارضون. فماذا علينا أن نفعل؟ هل ننزوي جانباً منتظرين القيام ببعض خدمات الدفن من الدرجة الأولى؟ لكن هذا لا يفيد، إن أناساً كهؤلاء يعمّرون طويلاً مما يبعث على دهشتنا وانتظار خدمة الدفن لا يأتي بنتائج.
لم ينتظر يوسف حتى يخرج من السجن لكي يجعل حياته ذات معنى، فقد كان يخدم ﷲ داخل السجن. أصبح دانيال قوةً لِلّه بينما كان في سبي بابل، فلو انتظر حتى ينتهي السبي لفاته الوقت، وبينما كان بولس في الأسر كتب رسائل أفسس، فيلبي، كولوسي وفيلمون دون أن ينتظر حتى تتحسن ظروفه.
الحقيقة الواضحة هي أن الظروف لن تكون مثالية أبداً في هذه الحياة، وللمسيحيين لا يوجد أي وعد بأن الظروف ستتحسن. وهكذا ففي الخدمة كما في الخلاص، الآن هو وقت مقبول.
قال مارتن لوثر: «يبدو أن كل من يرغب الإنتظار حتى تلوح مناسبة مواتية تماماً لعمله فلن يجدها بتاتاً»، وقال سليمان الحكيم مُحذرّاً: «من يرصد الريح لا يزرع، ومن يراقب السحب لا يحصد» (الجامعة4:11).

sama smsma 17 - 05 - 2012 09:48 AM

"إرمِ خبزك على وجه الماء فإنك تجده بعد أيام كثيرة." (الجامعة1:11)


يُستعمل الخبز هنا مجازاً ليعني القمح الذي يُصنع منه الخبز. كان القمح يُنثر على وجه الماء عند الفيضان في مصر، وعند انحسار الماء يبدأ بالنمو ولكن الحصاد لا يأتي إلا «بعد أيام كثيرة».
نعيش اليوم في مجتمع «فوري»، نريد نتائج فورية، عندنا قهوة فورية، شاي وحساء وشوفان، كذلك عندنا حساب فوري في المصرف وإعادة سريعة لبرامج تلفزيونية.
لكن ليس الأمر كذلك في الحياة والخدمة المسيحية، فأعمالنا الحسنة لا تُكافأ فوراً ولا تُستجاب صلواتنا دائماً في الحال. ولا نرى نتائج خدمتنا فوراً.
يكرر الكتاب المقدس استعمال الدورة الزراعية مثالاً للخدمة الروحية؛ «خرج الزارع ليزرع»، «أنا غرست، وأبولُّس سقى ولكن ﷲ كان يُنمِّي»، «أولاً نباتاً، ثم سنبلاً ثم قمحاً كثيراً في السنابل». تكون العملية تدريجية وتمتد على فترة من الزمن، فمثلاً ينمو الكوسا أسرع من البلّوط، لكنه يحتاج إلى بعض الوقت. لذلك فإن تَوقُّعَ نتائج فورية لأعمال الخير التي نعملها لا يكون واقعياًّ، وتوقُّع إستجابة فورية لصلواتنا لا يدل على النُضج، كما أنه ليس من الحكمة أن تطلب إعترافاً بالإيمان من شخص يسمع الإنجيل لأول مرة، ذلك أن الإختبار العادي يكون بالعطاء، بالصلاة والخدمة بلا كلل على مدى فترة من الزمن. إعمل هذا واثقاً من أن عملك للرَّب لن يذهب هباءً، لأنك بعد فترة سترى نتائج لا تكفي لتضخِّمك بالكبرياء ولكن لكي تُشجعك على الإستمرار في عملك، وسوف لا تُعرَف النتائج الكاملة حتى نصل السماء حيث أن بعد كل شيء هي المكان الأفضل والأضمن لنرى ثمار جهودنا.

sama smsma 17 - 05 - 2012 09:49 AM

"أيضا في الضحك يكتئب القلب." (أمثال13:14)


لا شيء كامل في هذه الحياة. الضحك يختلط بالحزن، وفي كل قطعة ماس عيب ما، ولدى كل شخص عيب في شخصيته، وكما أنه في كل تفاحة توجد دودة كذلك توجد في الحياة.
حسنٌ أن يكون الإنسان مثالياً، لقد وضع ﷲ فينا تلهفاً للكمال، لكن حسنٌ أيضاً أن نكون واقعيين، لأننا سوف لا نجد كمالاً مطلق تحت الشمس.
يسهل على الصغار الإعتقاد بأن عائلتهم هي الوحيدة التي فيها نزاعات، أو أن والديهما هما الوحيدان اللذان لا يملكان شخصية تلفزيونية جذّابة.
يسهل علينا أن نُحبط بسبب شركة كنيستنا المحلية، معتقدين كل الوقت أن كل شيء على ما يرام في الكنيسة الأخرى في الجهة الأخرى من الشارع.
أو يَسهُل قضاء العمر كله بالتفتيش عن أصدقاء مثاليين على نحو مطلق. نتوقّع الكمال في الآخرين مع أننا لا نستطيع أن نكون كاملين بأنفسنا.
علينا أن نواجه الحقيقة كما هي بأن لكل فرد هفواته الشخصية التي تكون عند البعض أكثر بروزاً من سواهم، وكلما ارتفع مقام الشخص كلما بدت عيوبه جلية واضحة، وبدلاً من أن تخيب آمالنا من الأخطاء يكون من الأفضل أن نؤكد على الميزات الحسنة في المؤمنين الآخرين حيث توجد ميزات حسنة عند كل واحد أيضاً، على أن كافة هذه الصفات الصالحة تجتمع في شخص واحد ألا وهو الرَّب يسوع المسيح.
أعتقد أن الرّب قَصدَ أن يترك فينا رغبة شديدة نحو الكمال هنا على الأرض لكي نتوجه بأنظارنا نحو الذي يخلو من العيب أو الخطيئة ويجتمع فيه كلٌ جمال الخُلق. ولا خيبة أملٍ فيه.

sama smsma 17 - 05 - 2012 09:51 AM

«وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيراً فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ» (عبرانيين11:12).

إنها لحقيقة أن «البحار الهادئة لا تصنع ملّاحين»،
لأنه من خلال المِحن نُطوِّر الصبر. ومن خلال الضغوطات ننضُج.
هذا ما أدركه الناس في العالم من أن الصعوبات تحتوي على قيم تربوية كبيرة. قال تشارلز كيتيرنج مرة: «تُعتبر المشاكل كُلفَة النجاح، فلا تَجلب لي شيئاً سوى المشاكل، فأما الأخبار السّارة فتُضعفُني».
لكن ومن قلب العالم المسيحي خصوصاً، لدينا الكثير من الشهادات التي تتحدث عن الفوائد التي تَنتُج عن التجارب.
نقرأ مثلاً: «الألم يمُرّ، لكن إحتمال الألم يدوم إلى الأبد».
ويضيف الشاعر الأبيات التالية تأكيداً لهذا:
كثيرة هي الإحتفالات البهيجة بين أبناء النور
يقول عن أحلى موسيقاه «تعلمتها في حلكة الليل»
وكثير من الأناشيد المتداولة التي تملأ بيت الآب
نفَثت أول مراجعة لها في ظلال غُرفة حالكة.
لقد كتب سبيرجن بطريقته التي لا تُضاهى: «أخشى أن كل النعمة التي حصلت عليها، وراحتي وأوقاتي المريحة وساعاتي السعيدة ربما لا تساوي سوى فلس واحد، لكن الصلاح الذي حصلت عليه من أحزاني وآلامي وكآبتي لا يُقدَّر بثمن، وأي شيء لا أدين به للمطرقة والمبرَدِ؟ إن الألم هو أفضل قطع الأثاث في بيتي».
ومع هذا لماذا نستغرب؟ ألا يقول لنا كاتب العبرانيين المجهول، «وَلَكِنَّ كُلَّ تَأْدِيبٍ فِي الْحَاضِرِ لاَ يُرَى أَنَّهُ لِلْفَرَحِ بَلْ لِلْحَزَنِ. وَأَمَّا أَخِيراً فَيُعْطِي الَّذِينَ يَتَدَرَّبُونَ بِهِ ثَمَرَ بِرٍّ لِلسَّلاَمِ» (عبرانيين11:12).

sama smsma 17 - 05 - 2012 09:52 AM

"أديّان كل الأرض لا يصنع عدلا؟" (تكوين25:18)


عندما تكون في الحياة أسرارٌ يصعب علينا فهمها، يمكننا الإسترخاء في الثقة بأن قاضي كل الأرض هو إله البِرّ المطلق واللانهائي.
هناك مسألة وَضْع الأطفال الذين يموتون قبل بلوغ سن المُساءلة. بالنسبة للكثيرين منا يكفي أن نعرف أن «لمثل هؤلاء ملكوت ﷲ». نحن نؤمن أنهم آمنون بدم يسوع، ولكن بالنسبة للآخرين الذين لا يزالون غير راضين، فإن كلمات العدد السابق ينبغي أن تكون كافية كما ويمكن الإعتماد على ﷲ أن يفعل ما هو صواب. وهناك دائماً مشكلة الإختيار والمصير المعروف مسبقاً. فهل يختار ﷲ البعض للخلاص دون القيام في نفس الوقت باختيار البعض للهلاك؟ بعد ما كان للكالفينيين والأرمينيين ما يقولونه في هذا الأمر، فنحن لدينا ثقة تامة بأنّ لا ظلم عند ﷲ.
مرة أخرى يبدو أن هناك ظُلماً حسب الظاهر وهو أن الشرير يزدهر في حين أن الصالحين يمرون في ضيقات شديدة. وهنالك السؤال المتكرر فيما يتعلّق بمصير الوثنيين الذين لم يسمعوا الإنجيل قط؛ ويحتار الإنسان أكثر من أي وقت مضى، لماذا سمح ﷲ بدخول الخطيئة. نحن نقف في كثير من الأحيان عاجزين عن الكلام في وجه المآسي كالفقر والجوع والضعفات الجسدية والعقلية الفظيعة. نهمس والشك يُساورنا؛ «إن كان ﷲ هو المُهيْمن، فلماذا يسمح بكل هذا؟»
يرُدُّ الإيمان قائلاً؛ «إنتظر حتى يُكتب الفصل الأخير، لم يرتكب ﷲ الخطأ الأول بعد. فعندما نكون قادرين على رؤية الأمور من منظور أكثر وضوحاً، فإننا ندرك أن «قاضي كل الأرض يعمل عدلاً». لقد كتب جون أوكسينهام:
يكتب ﷲ بأحرف كبيرة جداً لا تراها أنظارنا القصيرة البصر
نتوقَّف كسكتة دماغ ونحاول فهم كل الغموض
عن ذبول آمال الموت والحياة الحرب غير المنتهية والصراع الباطل
لكن هناك مشهداً أكبر وأوضح سنرى فيه، أنَّ ﷲ دائماً على حقّ

sama smsma 17 - 05 - 2012 09:52 AM

"حماقة الرجل تعوج طريقه وعلى الرب يحنق قلبه." (أمثال3:19)


لا كتاب عن علم النفس مثل الكتاب المقدس، إنه يعطي أفكارًا حول السلوك البشري لا يمكنك العثور عليها في أي مكان آخر. فهُنا على سبيل المثال، يصف لنا كيف أن عناد الإنسان يدمّر حياته، وبدل أن يلوم نفسه، فهو يستدير ملوِّحاً بغضبه تجاه الرَّب.
كم يُعتبر هذا حقيقياً بالنسبة للحياة! عرفنا أُناساً جاهروا بأنهم أصبحوا مسيحيين ولكنهم فيما بعد تورَّطوا بأشكال من أعمال الفجور الجنسية الخسيسة مما سبّب لهم العار والفضيحة والإفلاس المالي. لكن هل تابوا؟ كلاّ، لقد تحولوا إلى أفراد معادين للمسيح ومنكرين للإيمان بل لقد أصبحوا مُلحدين شرسين.
تتعمق جذور الإرتداد في السقوط الأخلاقي بأكثر ممّا ندرِك. حَدَّث أ.ج. بولوك عن لقائه مع شاب كان يتفوّهَ بالعديد من أشكال التشكك والإستنكار بما يتعلّق بالكتاب المقدس. فعندما سأله بولوك «بأي خطيئة أنت منغمس؟» إنهار الشاب وبدأ يسرد قصةً صارخة مع الخطيئة والبذاءة.
يكمن الأذى الفادح في طريقة إنحراف الإنسان المشتعلة ضد ﷲ بسبب النتائج المترتبة عن خطاياه. لقد قال و.ف. إيدني: «إنه فكرٌ شنيع جداً أن نتَّهم عناية ﷲ بالنتائج الصادرة عن عمل يُنهينا عنه». أما الحقيقة فهي؛ «أِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ، وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً» (يوحنا20:3)! يذكّرنا الرسول بطرس بأن المستهزئين الذين هم «سَالِكِينَ بحَسَبِ شَهَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ» هم «جُهالٌ بِإرادَتِهم»، ويعلّق بولوك على هذا بقوله: «وهذا يُبرِز حقيقة مهمة وهي أن العَجْز وعدم الرغبة في الحصول على الحقيقة عن ﷲ راجعان إلى حد كبير جداً إلى ما هو أخلاقي. فغالباً ما يريد الإنسان الإستمرار في خطيئته أو أن للجسد كراهية طبيعية لِلّه، أو ربما يُستاءُ من طبيعة النور الفاحص وتأثير كبح الكتاب المقدس. لا يكمُن الخطأ في الرأس بقدر ما هو في القلب».

sama smsma 17 - 05 - 2012 09:53 AM

"لا آكل حتى أتكلم كلامي." (خروج33:24)


بقدر ما كان خادم إبراهيم ذا إحساس بالإلحاح فيما يتعلق بإرساليته، كذلك يجب أن نكون نحن. هذا لا يعني أننا يجب أن نتراكض في جميع الإتجاهات في نفس الوقت، ولا يعني أنه ينبغي أن نفعل كل شيء بسرعة وعصبية، لكنه يعني أننا يجب أن نقدِّم أنفسنا للمهمة التي أمامنا كأمر ذي أولوية.
علينا أن نتبنى الموقف الذي عبَّر عنه روبرت فروست في السطور التالية:
«الغابة جميلة، معتمة وعميقة،
لكن عندي مواعيد للوفاءِ بها،
وأميالاً لأقطعها قبل أن أنام».
وقد كتبت إيمي كارمايكل عندما إستولت عليها روح الفكرة: «نذر ﷲ عليّ ألاّ أبقى أتلاعبُ في الخيال أو أقطف أزهار البرية، حتى ينتهي عملي وأُقدِّم حساباً».
وكتبت في موضعٍ آخر: «إثنتا عشرة ساعة قصيرة فقط، لا تترك أيهّا الراعي الصالح شعور الإلحاح يموت فينا، دَعنا نبحث معكَ في التلال».
يُقال أن تشارلز سيمون أبقى صورة لهنري مارتن في مكتبه وأنه في كل مكان ذهب اليه في الغرفة كان يبدو له أن مارتن ينظر إليه ويقول: «كن جِدّيّاً، كن جِدّيّاً، لا تتهاون لا تتهاون»، فيجيب سيمون «سأكون جِدياً، سأكون جِدياً ولن أتهاون ولن أتهاون لأن النفوس تهلِك، وينبغي تمجيد يسوع».
ها هو الإلحاح في كلمات الرسول بولس المقدام، «…أَفْعَلُ شَيْئاً وَاحِداً: إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ. أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ ﷲِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (فيلبي13:3-14).
ألم يحيا مخلّصنا المبارك بموجب هذا الحسّ من الإلحاح؟ فلقد قال: «وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا وَكَيْفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟» (لوقا50:12).
لا عُذر للمؤمنين المتقاعسين عن أداء واجبهم!

sama smsma 17 - 05 - 2012 09:54 AM

"أنا ساكنة في وسط شعبي." (ملوك الثاني13:4)


لقد أبدَت إمرأة شونمية مشهورة حُسن الضيافة لأليشع كلما مرّ من تلك الطريق، وأخيراً إقترحت على زوجها أن يَبنِيا غرفة نوم إضافية ليكون للنبي غرفته الخاصة به، ورغبة منه في أن يكافئ هذه المضيفة الكريمة سألها أليشع عمّا يمكنه أن يفعله من أجلها، ربما يتوسَّط لها عند الملك أو قائد جيشه، فكان جوابها البسيط «إنني أسكن وسط شعبي». وبكلمات أخرى، أنا سعيدة بنصيبي في الحياة، أحب الناس العاديين الذين أعيش وسطهم ولا أرغب بشكل خاص الإرتفاع والإنتقال لأعيش وسط الطبقة العليا، فهذا لا يجذبني.
لقد كانت إمرأة حكيمة! أولئك الذين لا يَقنعون إلا بالإختلاط مع المشهورين والأغنياء والطبقة الأرستقراطية، غالباً ما يحتاجون إلى أن يتعلموا بأن أفضل المختارين من البشر لا تصل أخبارهم إلى الصحف أو زاوية المجتمع.
كانت لي بعض الإتصالات مع أسماء مشهورة في العالم الإنجيلي، لكنني أعترف أنه في معظم الأحوال كانت إختباراتي معهم مُحبِطةً، وكلّما قرأت عنهم أكثر في الدعاية الصاخبة وفي الصحافة المسيحية إزدادت خيبة أملي بهم، فإذا كان لا بد لي من الإختيار فسأختار هؤلاء المواطنين المتّواضعين الأتقياء الراسخين غير المعروفين لهذا العالم لكن المعروفين جيداً في السماء.
يعكِسُ أ.و. توزر مشاعري بشكل جيد فيما كتبه، «أنا أومن بالقديسين. لقد تعرّفت على الهزليين والتقيتُ بالمروِّجين، كما التقيتُ بالمؤسِّس الذي يضع أسمه على واجهة البناية لكي يعرف الناس أنه مؤسسها، التقيت برعاة البقر المتجددين غير المتجددين بالكامل، والتقيت بالعديد من المؤمنين غريبي الأطوار في أنحاء الولايات المتحّدة وكندا.، لكن قلبي يبحث عن قديسين، وأريد أن ألتقي بالناس الذين يشبهون الرَّب يسوع المسيح… في الواقع إن ما نريده ويجب أن يكون لنا هو جمال الرَّب إلهنا في صدور البشر. إن القدّيس الفاتن الجذّاب يساوي خمسمائة من المسيحيين المروِّجين ومصمِّمي الطوائف».
وقد أعربَ تشارلز سيمون عن إحساس مشابه حين قال: «منذ اليوم الأول إنطلقت لأجل الساعة الحاضرة… كانت علاقتي مع أفضل مَنْ على الأرض، وكل واحد منهم كان يسعى بكل جهده وقواه ليُظهِر لي المحبة لأجل المسيح».
يا لحلاوة المرأة الشونمية برؤياها الروحية وبكلماتها، «أنا ساكنة في وسط شعبي».

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:01 AM

«يَسْمَعُهَا الْحَكِيمُ فَيَزْدَادُ عِلْماً» (أمثال5:1).

الفرق الجوهري بين الرجل الحكيم والرجل الجاهل في سفر الأمثال هو أن الحكيم يسمع بينما الجاهل لا يسمع.
إذاً ليست المشكلة في المقدرة العقلية عند الجاهل، فقد يتمتع في الواقع بقدرة فكرية غير عادية، لكن مشكلته أنه لا يمكنك أن تقول له شيئاً، فهو يعمل من خلال أوهامه القاتلة بأن لا حدود لمعرفته وأحكامه لا تُخطئ، فإذا حاول أصدقاؤه إسداء نصيحة ما، يُقابَلون بالإزدراء لما بذلوه من جُهد، يراقبونه وهو يحاول التخلّص من النتائج الحتمّية التي تسببها الخطيئة والأعمال الغبية، لكنّهم عاجزون عن تجنّب الواقعة. وهكذا يمضي من أزمة إلى أخرى، وتصبح أحواله المالية كارثيّة وحياته الخاصة محطمة، وتتداعى أعماله إلى حافة الفوضى، لكنه يعلل كل ذلك بأن الحياة تسبب له المتاعب، ولا يدرك أنه هو أكبر عدو لذاته. إنه كريمٌ في تقديم النصح للآخرين، لكنه يغفل عن عدم قدرته على إدارة حياته، ويفرض ثرثرته ويتباهى بثقته بنفسه وبوحيه الذاتي.
أما الحكيم فإنسانٌ مصنوع من طينة أفضل، يعرف أن مقدرة الجميع قد تآذت بسبب السقوط، ويعرف أن الآخرين يرون ناحية من المشكلة يكون هو قد أغفلها، ومستعد للإعتراف بأن ذاكرته قد تخونه أحياناً، إنه مُهيؤٌ للتعليم، يرحّب بكل مساعدة لإتخاذ القرار السليم، وفي الواقع فهو يطلب مشورة الآخرين لأنه يعلم أن «الْخَلاَصُ فَبِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ» (أمثال14:11). وهو كسائر البشر، يقترف الأخطاء أحياناً، لكنه يملك فضيلة التعلُّم من أخطائه ويجعل من كل هفوة خشبة يقفز بواسطتها إلى النجاح، ويكون شكوراً للتوبيخ الذي يستحقّه ومستعد أن يقول «متأسف لقد أخطأت». يخضع الأولاد الحكماء لتأديب والديهم، أما الجهّال فيتمرّدون. يُطيع الشباب الحكيم قواعد السلوك الكتابيّة في ما يتعلّق بالطهارة الأخلاقيّة، أما الجهّال فلا يلتفتون. هكذا يحكم البالغون الحكماء على الأمور إن كان فيها مَسَرَّة الرّب، أمّا الجهّال فيسلكون فيما يرضي أنفسهم.
وهكذا يتقدّم الحكيم في الحكمة بينما يعلَق الجُهّال متمرغين في نزوات غبائِهم.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:02 AM

"وولد آدم ولدا على شبهه كصورته." (تكوين3:5)

إنها حقيقة أساسية في الحياة بأننا نُنجب أطفالاً على شبهنا ومثالنا. لقد أنجَب آدم إبناً على شبهه كصورته ودعا إسمه شيثا. وعندما رأى الناس شيثا قالوا ما يُردِّده الناس منذ ذلك الحين «كما الأب هكذا الإبن».
إنها أيضاً حقيقة واقعية في الحياة الروحية إذ نلد أولاداً كصورتنا. عندما نعتاد على تعريف الآخرين على الرَّبّ يسوع، فإنهّم يأخذون خصائص شبيهة بالتي فينابشكل تلقائي، وهذه ليست مسألة وراثية بل تقليداً، فهم ينظرون إلينا كمثال لما يجب أن يكون عليه المسيحي، وبدون وعي يُشكِّلون سلوكهم مثلنا، وسرعان ما يُظهرون شَبَه العائلة،
وهذا يعني أن المكانة التي أعطيها للكتاب المقدس في حياتي ستضع المعايير لأولادي في الإيمان، كما أن تشديدي على الصلاة سينطبع فيهم أيضاً، وإذا كنتُ عابداً سينكشف ذلك عليهم أيضاً. أمّا إذا كنت ألتزم بمطالب التلمذة الصارمة فسيعرفون أن هذا هو المقياس لجميع المؤمنين، ومن ناحية أخرى إن كنت لا أهتم بكلام المُخلّص وأحيا لأجل المال والشهرة والملذات فعلي أن أتوقّعهم يحذون حذوي.
رابحو النفوس الحماسيون يتوقعون إنجاب عاملين حماسيين، والذين يجدون متعة وفائدة من حفظ آيات الكتاب يمررون هذه الرؤيا لأولادهم الروحيين.
فإذا كنت متقاعساً عن حضور إجتماعات الكنيسة فقلَّما تستطيع أن تتوقّع من حُماتُك أن يختلفوا عنك، وإذا إعتدت التأخر فمن المتوقع أن يتأخروا هم أيضاً، وإذا جلست في الصفوف الخلفية فلا تستغرب إن كان هذا يؤثر عليهم ليفعلوا نفس الشيء.
من ناحية أخرى، إن كنت منضبطاً ويُعتمد عليك ومدققاً في الوقت ومشاركاً فعّالاً فسيُقلِّدُك تلاميذُك.
إن السؤال المهم لكل منا هو؛ «هل أرضى بإنجاب أولاد كصورتي؟» يقول بولس الرسول، «كونوا متمثّلين بي» (كورنثوس الأولى16:4). هل يمكنك قول هذا؟

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:04 AM

"كيف تقدرون أن تُؤمنوا وأنتم تقبلون مجدا بعضكم من بعض؟ والمجد الذي من الإله الواحد لستم تطلبونه؟" (يوحنا44:5)

يشير لنا الرَّب بهذه الكلمات أننا لا يمكننا السعي لطلب إستحسان الناس ومصادقة ﷲ في آن واحد. إنه يؤكد لنا أيضاً أنه ما أن نبدأ في السعي للإعتماد على الإنسان، نكون قد وجّهنا ضربة شديدة لحياة الإيمان.
وفي سياق مماثل عبَّر بولس الرسول عن التناقض الأخلاقي بين التطلع لإستحسان البشر وإستحسان ﷲ؛ «فَلَوْ كُنْتُ بَعْدُ أُرْضِي النَّاسَ لَمْ أَكُنْ عَبْداً لِلْمَسِيحِ» (غلاطية10:1).
إسمحوا لي بالتوضيح التالي؛ هنا شاب مؤمن يريد الحصول على درجة متقدمة في بعض حقول اللاهوت، لكنه يريد الشهادة من جامعة مُعترَف بها، وللأسف فإن الجامعات المعتمدة التي تقدِّم هذه الشهادة هي تلك التي تُنكر الحقائق العظيمة والأساسية للإيمان. ولكي يحصل على شهادة تحمل إسمه يعني أنه مستعد أن يستلمها من أُناس، مع أنهم علماء معروفون، إلا أنهم أعداء صليب المسيح، فلا محالة أنه سيتنجَّس في هذه الدراسة ولن يعود للحديث الروحي بنفس الثقة.
إن الرغبة التي تستحوذ عليك لكي يعرف العالم أنك متعلمٌ أو عالم مشهور مبنية على مخاطر. هنالك خطر متربِّص للتنازل والتضحية بمبادئ الكتاب المقدس من أجل إتخاذ موقف أكثر تحرراً، فتصبح أكثر نقداً للمعلمين الأصوليين بدل إنتقاد التعليم الحديث.
إن المعاهد المسيحية تواجه خيارات مؤلمة عند التفكير في السعي للإعتراف بها من مؤسسات معتمدة في عالم الثقافة، ثم إن الرغبة الشديدة التي تساورك لتكون حامل شهادة معترف بها ستقودك في النهاية إلى التقليل من التركيز على الكتاب المقدس وإعتماد مبادئ دنيوية كتبها أناس يفتقرون إلى الروح القدس.
إن الشيء الذي ينبغي أن نرغب فيه هو «أَنْ تُقِيمَ نَفْسَكَ ِللّهِ مُزكّى»، على أن البديل عن ذلك مكلِفٌ جداً لأن «العملة التي نبيع بها الحق، تحمل دائماً صورة ضدّ المسيح مهما بدت باهتة» (ف.و. جرانت).

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:05 AM

"إختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء." (كورنثوس الأولى27:1)

إذا استطاع نجارٌ صنع قطعة أثاث جميلة من فضلات الخشب والنجارة فهو يكتسب لنفسه مديحاً أكثر مما لو صنع تلك القطعة من أفضل المواد، وعندما يستخدم ﷲ أشياء هي حماقة لا قيمة لها وضعيفة لتحقيق نتائج مجيدة، فهذا يأتي بالمجد لمهارته وقدرته. لا يمكن للناس أن يعزو النجاح للمواد الخام، إنهم مجبرون على الإعتراف بأنه لا يمكن إلاّ أن يكون الرَّب هو الذي يستحق المجد.
يوفّر سِفر القضاة لنا أمثلة توضيحية متكررة عن كيف أن ﷲ يستخدم ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء، وعلى سبيل المثال كان إهود رجلاً أعسر من سبط بنيامين، واليَد اليسرى في الكتاب المقدس تشير إلى الضعف، لكن إهود استطاع أن يقتل عجلون ملك موآب ويجلب الراحة لبني إسرائيل لمدة ثمانين سنة (قضاة12:3-30).
قاتَل شَمخر بن عناة الفِلسطينيين مستخدماً مِنخس البقر واستطاع بهذا السلاح الغريب أن يقتل ستمائة فلسطيني ويُنقذ بني إسرائيل (قضاة31:3)، ومع أن دبورة كانت تنتمي إلى «الجنس اللطيف» فقد استطاعت مع ذلك، وبقوة ﷲ أن تفوز بالنصر الكبير على الكنعانيين (قضاة1:4 حتى 31:5). كان جيش باراق المؤلّف من عشرة آلاف جندي ضعيفاً بالمقارنة مع تسعمائة من المركبات الحديدية التي كانت لسيسرا، ومع هذا كان النصر في الميدان لباراق (قضاة10:4، 13)، وقامت ياعيل، وهي عنصرٌ آخر من «الجنس اللطيف» بقتل سيسرا بسلاح ما هو بسلاح – بوتد خيمة (21:4)، وتقول الترجمة السبعينية أنها أمسكت بالوتد بيدها اليسرى. سار جدعون لمقاتلة المديانيين بجيش خفَّضه ﷲ من 32000 جندي إلى 300 (قضاة1:7-7). يُصوَّر جيشه على شكل رغيف من طحين الشعير، وبما أن هذا الخبز كان طعام الفقراء فتكون الصورة عبارة عن الفقر والضعف (13:7)، وقد كانت أسلحة جدعون غير تقليدية مصنوعة من الجرار الخزفية والمشاعل والأبواق (10:7). وبدا وكأن هذه لا تكفي لضمان الغلبة فكان ينبغي أن تُكسر الجرار (19:7). قُضي على أبيمالك بحجر رحى أُلقي على رأسه بواسطة إمرأة (53:9)، وكان المنقذ العسكري يحمل اسم تولع، الذي معناه دودة (1:10). لم تكن أم شمشون تحمل إسماً عندما نسمع عنها للمرة الأولى إذ كانت عاقراً (2:13)، وأخيراً قتل شمشون ألف فلسطيني بسلاح غير فتاك لم يكن سوى فك حمار (15:15).

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:05 AM

"هو يبيدهم… فتطردهم وتهلكهم." (تثنية3:9)

نرى في جميع معاملات ﷲ مع البشر إندماجاً غريباً بين كل ما هو إلهي وما هو بشري.
خُذ الكتاب المقدس على سبيل المثال، هنالك الكاتب الإلهي وهنالك كُتاب بشريون كتبوا منقادون بالروح القدس.
وبقدر ما يتعلَّق الأمر بالخلاص، فقد قام به الرَّب من بدايته وحتى نهايته. لا يستطيع الإنسان القيام بأي عمل لينال الخلاص أو ليستحقه، ولكن عليه أن يقبله بالإيمان. من الواضح أن ﷲ يختار أفراداً للخلاص، لكن عليهم أن يدخلوا من الباب الضيّق، وهكذا يكتب بولس إلى تيطس قائلاً؛ «…إيمان مختاري ﷲ» (تيطس1:1).
من وجهة نظر إلهية نحن «بِقُوَّةِ ﷲِ مَحْرُوسُونَ». ومن الناحية البشرية – «بِإيمَانٍ» (بطرس الأولى5:1) «أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ ﷲِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ».
إن ﷲ فقط من يستطيع أن يقدّسني، لكنه لا يقدّسني دون تعاون من جهتي،
ولا بدَّ أن أضيف إلى إيماني فضيلة ومعرفة وتعفّفاً وصبراً وتقوى ومودّة أخوية، ومحبة (بطرس الثانية5:1)، ويجب أن ألبس سلاح ﷲ الكامل (أفسس13:4-18)، وعلي أن أخلع الإنسان العتيق وألبس الإنسان الجديد (أفسس22:4-24)، ينبغي أن أسلك بالروح (غلاطية16:5).
في الواقع أنك تجد دمجاً ما بين الإلهي والبشري في كل ناحية في الخدمة المسيحية؛ فبولس يزرع، وأبلّوس يسقي وﷲ الذي ينمّي (كورنثوس الأولى6:3).
وعندما نأتي لموضوع القيادة في الكنيسة المحلية نتعلَّم أن ﷲ وحده يستطيع أن يجعل من الشخص شيخاً، ويُذكِّر بولس شيوخ أفسس أن الروح القدس قد أقامهم أساقفة (أعمال28:20)، ولكن إرادة الإنسان تلعب دوراً، إذ ينبغي أن يَبتغي ممارسة الأسقفيّة (تيموثاوس الأولى1:3).
أخيراً، نرى في القطعة التي بدأنا بها، أن ﷲ هو الذي يبيد أعداءنا، لكن يجب علينا نحن أن نطردهم ونهلكهم (تثنية3:9).
لكي تكون مؤمناً متّزناً، ينبغي أن تعترف بهذا الدمج ما بين الألوهية والإنسانية، يجب أن نصلي وكأن كل شيء معتمِدٌ على ﷲ، لكن نعملَ وكأن كل شيء يعتمدُ علينا، أو نستغل الحَضّ في المعركة «سبِّح الرّب ومرِّر السلاح»، وقد قال أحدهم أننا يجب أن نصلّي لحصاد جيّد بينما نستمر في حراثة الأرض.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:17 AM

«أَلَيْسَتْ سَاعَاتُ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ؟» (يوحنا9:11)


لقد ذُعر التلاميذ عندما اقترح يسوع أن يعود إلى أرض يهوذا، فقد حاول اليهود مؤخراً أن يرجموه وها هو يتكلم الآن عن زيارة أخرى، ورداً على تخوُّف التلاميذ قال يسوع: «أليست ساعات النهار إثنتي عشرة؟» للوهلة الأولى يبدو السؤال وكأن لا علاقة له البتّه بموضوع الحديث، فالذي كان يريد أن يقوله المخلّص هو التالي: إن يوم العمل يتكوّن من إثنتي عشرة ساعة، وعندما يكون الشخص مُسَلِّماً ذاته للّه، عندها يكون لكل يوم برنامجه الخاص ولا يمكن لأي شيء أن يُعيق تتميم ذلك البرنامج، وحتى لو عاد يسوع إلى أورشليم وحتى لو كان اليهود يحاولون قتله مرة أخرى فلن ينجحوا ذلك لأن عمله لم يكتمل وساعته لم تأتِ بعد.
إنها لحقيقة أن كل إبن ٍللّه«لا يموت إلى أن يتم عمله»، هذا يجب أن يُعطينا سلاماً وإتزاناً لحياتنا، فإذا كنّا نحيا ضمن إرادة ﷲ، وإذا تتبعنا قوانين معقولة في الصحة والأمان، فلن نموت ولو دقيقة واحدة قبل الميعاد، لا شيء يضرُّنا إلا بما تسمح به مشيئته.
إن العديد من المسيحيين يمرضون قلقاً بسبب الطعام الذي يتناولونه والماء الذي يشربونه والهواء الذي يستنشقونه. ففي مجتمعنا المتيقّظ لمشكلة التلوّث يوجد دائماً ما يوحي بأَنَّ الموت يتربّص بهم على الأبواب، لكن لا داعي لهذا القلق «أليست ساعات النهار إثنتي عشرة ساعة؟» ألم يُسيّج ﷲ حول المؤمن (أيوب10:1) بما لا يقوى الشيطان على اختراقه؟
إن كنّا نؤمن بهذا فسيوفِّر علينا الكثير من التخمين ثانيةً. سوف لا نقول «لو وصلت سيارة الإسعاف بسرعة أكبر» أو «لو وَجدَ الطبيب هذا الورم الخبيث قبل أربعة أسابيع» أو «لو استقل زوجي طائرة شركة أخرى». لقد تم التخطيط لحياتنا بحكمة مُطلقة وقوة مُطلقة ولدى ﷲ توقيت كامل لكل منّا وقطاراته تسير وِفق جدولٍ متكامل.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:22 AM

«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ» (غلاطية22:5)


تُعلّمنا عبارة «ثَمَرُ الرُّوحِ» في البداية أنّ الفضائل التي سيأتي ذِكرها تتأتى فقط بواسطة الروح القدس، والإنسان غير المتجدد لا يمكنه إظهار أيّ من هذه النِعَم، وحتى المؤمن الحقيقي لا يمكنه أن ينسخها بقواه الذاتية، لذلك فعندما نفكر بهذه النِعَم يجب علينا أن نتذكر أنهّا خارقة وليست من العالمَ.
إن المحبة التي نتكلم عنها هنا، على سبيل المثال، ليست الشغف العاطفي «eros»، بل المحبة المُضحِية، «agape»، إنها نوع المحبة التي أظهرها ﷲ لنا ويريدنا أن نُظهرها للآخرين.
إسمحوا لي بالتوضيح التالي: كان الدكتور ت.أي. ماكولي والد إد. ماكولي أحد المرسلين الخمسة الذين قُتلوا على يد قبيلة الأوكا-الهنود الحُمر في الإكوادور، ففي إحدى الليالي وبينما كنت والدكتور ماكولي الأب خاشعين على ركبنا نُصلّي في مدينة أوك بارك- ألينويز، عاد بأفكاره إلى الإكوادور إلى حيث نهر الكوراري الذي يُخفي سِرّ مكان جثّة إبنه إد؛ وصلّى: «يا ربّ دعني أعيش بما فيه الكفاية لأرى أولئك الذين قتلوا أولادنا قد حصلوا على الخلاص كيما ألقي بذراعيّ حول أعناقهم وأقول لهم أني أحبهم لأنهم أحبوا مسيحه»، وعندما قمنا رأيت فيضاً من الدموع ينساب متدحرجاً على خدّيه.
لقد استجاب ﷲ لصلاة المحبة هذه. وأقرَّ بعضٌ من أولئك الأوكا الهنود إيمانهم بالرَّب يسوع المسيح. سافَر ماكولي إلى الإكوادور والتقى بالذين قتلوا إبنه وألقى ذراعيه حول أعناقهم وأخبرهم كم يحبهم لأنهم يحبون مسيحه.
هذه هي المحبة المضحّية «أجابي»، إنها غير متحيّزة، بل إنها تطلب الخير الأسمى للجميع، القبيح والجميل، الصديق والعدو، إنها لا تضع شروطاً ولا تطلب شيئاً مقابل عطائها الدائم، إنها مُضحِّية ولا يهمها أبداً كم يكلِفُها ذلك، وهي غير أنانية وتهتم أكثر لإحتياجات الغير دون نفسها، إنها طاهرة ولا أثر فيها لنفاذ الصبر أو الحسد أو الكبرياء أو الإنتقام أو التفاخر.
المحبة هي أعظم فضيلة في الحياة المسيحية وبدونها تكون أَنبَل مساعينا بلا قيمة.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:23 AM

«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: …فَرَحٌ» (غلاطية22:5)

لن يجد الإنسان الفرح الحقيقي إلا إذا وجَد الرَّبّ أولاً، عندها يدخل في ما يُسمّيه بطرس «فَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ» (بطرس الأولى8:1).
عندما تكون الظروف مُواتية يمكن لأي شخص أن يبتهج، لكن الفرح الذي هو ثمر الروح لا يتأتى نتيجة الظروف الأرضية، إنه ينبع عن علاقتنا بالرَّب وعن الوعود الثمينة التي أعطاها لنا. ولكي تُسلَب الكنيسة من فرحها نهائياً ينبغي أولاً خلع المسيح عن عرشه.
يمكن للفرح المسيحي أن يتعايش مع الآلام، ويربط الرسول بولس ما بين الإثنين عندما يقول، «لِكُلِّ صَبْرٍ وَطُولِ أنَاةٍ بِفَرَحٍ» (كولوسي11:1)، وقد تَسَلَّم القديسون في تسالونيكي الكلمة «فِي ضِيقٍ كَثِير، بِفَرَحِ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (تسالونيكي الأولى6:1)، كما شهد القدّيسون المتألموّن على مرّ القرون كيف ألهمهم الرّب ترنيمات في حُلكة الليل.
يمكن للفرح أن يتعايش مع الحزن، وبإمكان المؤمن أن يقف إلى جانب قبر عزيز عليه ويذرف دموع الحزن لخسارته، ومع هذا يفرح لمعرفته أن هذا المحبوب موجود في حضرة الرَّب. لكن لا يمكن للفرح أن يتعايش مع الخطيئة. فكلما أخطأ المسيحي يفقد ترنيمته، ولا يمكن أن يعود إليه الفرح بخلاصه إلا بعد الإعتراف بالخطيئة وتركها.
لقد قال الرَّب يسوع لتلاميذه أن يفرحوا عندما يُشتمون ويُضطهدون ويُتّهمون زوراً (متى5: 11، 12)، وقد فعلوا! ونقرأ عنهم أنّهم قد غادروا قاعة المحكمة بعد سنوات قليلة «لأنهم حُسِبوا مُستأهّلين أن يُهانوا من أجل إسمه» (أعمال41:5).
يزداد فرحنا كلّما ننمو في معرفة الرَّب، ففي البداية، قد نفرح بالمضايقات البسيطة أو بالأوجاع المزمنة، أو بمتاعب طفيفة، لكن روح ﷲ يرغب بأن يأتي بنا إلى النقطة حيث نرى ﷲ عندما تكون الظروف في أسوأ حالاتها، ونبتهج، مع علمنا بأن طرقه كاملة. نكون ناضجين روحياً عندما نستطيع أن نقول مع حَبَقُّوق «فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَاماً. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاوِدِ فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلَهِ خَلاَصِي» (حَبَقُّوق17:3، 18).

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:23 AM

«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: …سَلاَمٌ» (غلاطية22:5)


حالما نتبرر بالإيمان نحصل على السلام مع ﷲ بربِّنا يسوع المسيح (رومية1:5)، وهذا يعني نهاية العداوة التي كانت بيننا وبين ﷲ لأن المسيح قد عالج ما سبَّبَ هذه العداوة، أي خطايانا.
يكون عندنا أيضاً سلام في ضمائرنا إذ نَعلَم أن العمل قد أُكمل، لقد دفع المسيح عقاب خطايانا وأن ﷲ قد نسيها، ولكن بعد ذلك يريدنا الروح القدس أيضاً أن نتمتّع بالسلام مع ﷲ في قلوبنا، وهذا هو الهدوء والسكينة التي تأتي من معرفة أن أوقاتنا هي بين يدي ﷲ وأنه لن يحدث لنا أي أمر دون أن تسمح إرادته.
وهكذا نحافظ على هدوئنا عندما تنفجر إحدى عجلات سيارتنا على الطريق السريع، ولا نفقد هدوئنا عندما يكون إزدحام في حركة السير مما يسبب فوات موعد إقلاع الطائرة، فالسلام يعني المحافظة على هدوئنا حين يحدث تحطُّم السيارة، أو عندما يشتعل زيت المقلى في المطبخ.
ثمر الروح هذا مكَّنَ بطرس من النوم عميقاً وهو في السجن، ومكَّنَ إستيفانوس من الصلاة لأجل قاتليه المعتدين، ومكَّنَ بولس من طمأنة الآخرين عند تَحَطًُم السفينة.
عندما تمرّ الطائرة في إضطراب هوائي وتتمايل كريشة في مهب الريح، وعندما يتأرجح جناحا الطائرة المرِنين 4 أمتار صعوداً ونزولاً، وعندما يبدأ معظم الركاب في الصراخ من الهلع بينما الطائرة تترنَّح، تنخفض وترتفع، يُمكِّن سلام المؤمن أن يحني رأسه ويستودع روحه بين يدي ﷲ ثم يُسبِّحه لكل ما يمكن أن يحدث.
ولنأخذ توضيحاً آخر؛ يستطيع روح ﷲ أن يعطينا سلاماً بينما نجلس في عيادة الطبيب ونسمعه يقول: «يحزنني أن أخبرك أن مرضك خبيث»، يُمكِّننا ﷲ من أن نجيب قائلين: «أنا مستعد لأترك يا دكتور، لأني بنعمة ﷲ مخلَّص وبالنسبة لي ما هذا سوى ترك جسدي لأكون مع الرَّب».
وبكلمات ترنيمة بيكيرستث الجميلة؛ «سلام، سلام كامل، في عالم الخطيئة المظلم، بكثرة واجباته المُلحِّة وبالأحزان العاصفةِ حولنا، وأحباءٌ بعيدون عنا، ومستقبل غير معروف، لأننا نعرف يسوع وأنه على العرش جالس».

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:24 AM

«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: …طُولُ أَنَاةٍ» (غلاطية22:5)


إن طول الأناة هو الفضيلة التي تتحمّل بصبر بل وبإنتصار عندما تكون تحت أوضاع الحياة المتفاقمة، وبينما يُقصد منها التجاوب بصبر مع الظروف السيئّة، فإنها عادة ما تعني، تحمُّل إستفزازات الناس برحمة.
إنّها طول أناة مع الناس، فكَّر للحظة بضخامة خطايا الجنس البشري في وقتنا الحاضر؛ تشريع الدعارة، وشيوع اللِّواطة (الشذوذ الجنسي)، والقوانين التي تسمح بالإجهاض، وإنهيار الزواج والبيت، ورفض جملة من المعايير الأخلاقية، وطبعاً، خطيئة الرفض المطلق لتتويج إبن ﷲ الوحيد رباًّ ومخلّصاً، فإنه قلّما يستطيع المرء أن يلوم ﷲ لو أراد أن يبيد الجنس البشري بضربة قاضية، لكنه لا يفعل هذا، لأن صلاحه يهدف ليقود الإنسان إلى التوبة، ولأنه لا يشاء أن يهلِك أحداً.
ومشيئته هي أن طول أناته يُنتَج ثانية في حياة شعبه بينما هم يرضخون للروح القدس، وهذا يعني أننا ينبغي ألاّ نكون سريعي الغضب، وأن لا نفقد إنضباطنا بسهولة وأن لا نحاول الإنتقام من الناس الذين يخطئون بحقّنا وبدلاً من ذلك، وكما قال شخص ما؛ نعرض «نوعاً من الصبر المُنتصر».
بينما كانت الشقيقتان كوري وبتسي تن بوم، تتحمّلان آلاماً لا توصف في أحد معسكرات الإعتقال النازي، كانت بتسي غالباً ما تقول بأنه ينبغي عليهما أن تساعدا هؤلاء الأشخاص بعد إطلاق سراحهما، كان عليهما ببساطة أن تجدا طريقة لمساعدتهم، وكانت كوري تعتقد أن شقيقتها تخطّط بعض البرامج لإعادة تأهيل ضحايا النازية. لكن لم تدرك كوري بأن بتسي تقصد بذلك المُضطَهِدين إلا لاحقاً. لقد أرادت أن تجد طريقة لتُعلِّمهم بأن يُحبوا، وعلَّقت كوري على ذلك؛ «كنت أتساءل، وليس للمرة الأولى، أي نوع من الأشخاص كانت أختي هذه؟ وأي طريق تتبع بينما أنا أسير إلى جانبها على طريق الأرض القاسية؟ إن الطريق الذي إتبعته بتسي كان طريق طول الأناة، وسارت عليه كوري كذلك بالرغم من إنكارها المتواضع.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:25 AM

«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: …لُطْفٌ.» (غلاطية22:5)


إن ميزة اللطف توصَف وبترتيبٍ بأنها: اللطافة، الكرم، السخاء التي ينتج عنها عمل الإحسان وإظهار الرحمة وإضفاء الخير على الغير، ثمّ إن الشخص اللطيف يكون عادة كريماً وغير قاس، متعاطفاً، لا يُظهِر عدم مبالاة، ونافعاً لا يتأبى عن المساعدة، ومُراعياً لشؤون الغير، شفوقاً ومُحسناً.
هنالك اللطف الطبيعي الذي يُبديه حتى أهل العالم لبعضهم البعض، لكن اللطف الناتج عن الروح هو خارق للطبيعة، إنه يفوق ويزيد عن أي عمل يستطيع أن يقوم به الإنسان من ذاته، إنه يُمكِّن المؤمن من أن يُقرِضَ دون توَقُّع شيء بالمقابل، ويُمكِّنه من إظهار حسن الضيافة لمن لا يستطيع أن يعامله بالمِثل، كما ويُمكّنه من الرد على كل إهانة بأدب.
لقد أظهر أحد الطلاب الجامعيين المسيحيين هذا اللطف الخارق للطبيعة نحو طالب آخر مدمن على الكحول. لقد أصبحت الأوساخ كريهة لدرجة أنه طُرد من قِبل زملائه وأخيراً طُرد من مقر إقامته. كان لدى المسيحي سرير إضافي في غرفته، فدعا ذلك السِّكير ليقيم معه، وكان على المؤمن أن يقوم كل يوم بتنظيف قيء زميله، وأن يخلع عنه ثيابه ويُدخله إلى الحمّام ومن ثم يضعه في سريره. لقد كان عمله هذا إستعراضاً عظيماً للُّطفْ المسيحي. لنُكمِل القصة؛ لقد أتت المكافأة أخيراً، ففي إحدى فترات الصحو سأل الشاب المنغمس في الملذات زميله بغضب، أنت، أنظر إلي، لماذا تفعل كل هذا لأجلي، وعلام تسعى؟ فأجابه المسيحي «أسعى وراء نفسك»، فحصل عليها.
عندما كان الدكتور أيرونسايد ينظِّف مخزن بيته ذات يوم، دعى تاجر خردوات واتفق معه على أجرة نقل الورق والمجلات والسجاد والمعادن، لقد تظاهر دكتور أيرونسايد أنه يُساومه على سعر معقول لنقل الخُردة، لكن رجُل الخردة ربح المساومة أخيراً، وعندما كان ينقل آخر حزمة إلى سيارته، دعاه الدكتور وأرجعه قائلاً له؛ «لقد نسيت شيئاً، أريد أن أعطيك هذه بإسم الرَّب يسوع» وناوله عشرة دولارات. إبتعد تاجر الخردة وهو يقول: «لم يعطني أحد من قبل شيئاً بإسم يسوع».
«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: …لُطْفٌ».

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:26 AM

«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: …صَلَاحٌ» (غلاطية22:5)

إن الصلاح يعني تفوٌق الشخصية. وقد وصفه أحدهم؛ «بإنه فضيلة تجدها في كل زاوية» ممّا يعني ببساطة بأن الشخص الذي يملكه هو صالح، فاضلٌ وبارٌّ في كل ناحية من نواحي الحياة.
الصلاح هو عكس السوء، فالرجل الشرير يمكن أن يكون مخادعاً، لا أخلاقياً، غادراً، ظالماً، قاسياً، أنانياً، كارهاً، طمّاعاً أو غير معتدل، أما الرجل الصالح، ومع أنه غير كامل، إلا أنه يمثّل الحق والعدل والطهارة وميّزات مماثلة أخرى مرغوب فيها.
إن الرسول بولس يُميِّز ما بين الرجل البارّ والرجل الصالح في رومية7:5. فالرجل البارّ يكون عادلاً وأميناً ومستقيماً في معاملاته، لكنه يمكن أن يكون بارداً وذو علاقه فاترة مع الآخرين. أما الصالح من الناحية الأخرى فهو حنون ومحبوب. نادراً ما يموت أحد لأجل البارّ لكن لأجل الصالح يجسر أحد أن يموت. ومع هذا علينا أن نتذكّر بأن الصلاح قد يكون حازماً، لأنه ليس جيداً التغاضي أو التساهل مع الخطيئة، لهذا يمكن للصلاح أن يوبِّخ، يقوِّم ويؤدِّب، ويمكننا أن نرى الرَّب يسوع أنه نفسه الصلاح المتجسِّد، يُنظّف الهيكل من التجارة والتُّجار.
إن إحدى الميزات الفريدة للصلاح هي أنه يستطيع التغلُّب على الشر. لقد كتب بولس للمؤمنين في رومية؛ «لا يغلبنّك الشر بل إغلب الشَّر بالخير». عندما نسمح لكراهية أحدهم أن تُفسد مزاجنا، نكون حينها قد غُلبنا بِشرّه، لكن عندما نَعلو فوقها ونظهر ونُظهر النعمة والرحمة والمحبة، نغلب الشر بالخير.
يقص ماردوخ كامبل عن قسّيس تقيّ يعيش في إحدى المناطق المرتفعة والذي حاولت زوجته أن تجعل حياته بائسة. فبينما كان في أحد الأيام يقرأ كتابه المقدس، خطفت الكتاب من بين يديه وألقته في الموقد، فنظر إلى عينيها وقال بهدوء: «لا أعتقد أنني جلست يوماً قبالة نار دافئة كهذه»، لقد غلب شَرَّها بصلاحه، فأصبحت زوجة مُحِبة ولطيفة. لقد وصف كامبل هذه المرأة قائلاً، «إنقلبت إيزابيل إلى ليديا. إنقلبت شوكته إلى زنبقة» لقد انتصر الصلاح.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:30 AM

«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: …إيمَان» (غلاطية22:5)

يُفهم ثمر الروح هذا عادة على أنه أمانة وليس الإيمان الذي يُخلّص أو الثقة بالله التي نمارسها يوماً بعد يوم (مع أنها قد تضُم ذلك)، لكن هذا الثمر بالحريّ هو إخلاصنا وثقتنا في تعاملنا مع الرَّب ومع بعضنا البعض وقد عرَّفه شخص ما على أنه «وفاء لنفسه ولطبيعته ولأي وَعدٍ تقطعه وأي تعهُّد إلتزمت به».
عندما نقول أن الشخص عند كلمته، نعني أنه عند التعامل معه لا تكون حاجة لإتفاقية مكتوبة. فإذا كان قد التزم بالقيام بشيء ما فيمكن الإعتماد عليه بتنفيذه.
إن الرجل الأمين يحافظ على مواعيده بدقة، يسدّد حساباته في وقتها، يُداوم على حضور إجتماعات الكنيسة المحلية، يقوم بكل ما أوكل إليه من مهام دون الإستمرار بتذكيره بها، إنه مُخلصٌ لنذور زواجه بلا مواربة، ويسدد كل إحتياجات أسرته، ينجز ما يمليه عليه ضميره بتوفير المال ليقدّمه لعمل الرَّب وهو أيضاً حذر فيما أوكِلَ به من الوقت والمواهب. إن الأمانة تعني إلتزاماً شخصياً بكلامه حتى لو كلفه ذلك تكلفة شخصية باهظة. «الأمين يحلف للضرر ولا يُغيّر» (مزمور4:15). وبعبارة أخرى فإنه لا يُلغي موعد عشاء عندما يستلم دعوة أخرى قد تكون بها مأكولات أفضل أو شركة ملائمة أكثر، إنه لا يتراجع بكلامه بخصوص ما عليه تنفيذه من أجل أن يذهب لرحلة ترفيهية (إلا إذا استطاع القيام بترتيب آخر بدله)، يبيع بيته بالسعر المتَّفق عليه حتى ولو عَرض عليه شخص آخر عشرة آلاف دولار إضافية.
إن أقصى أنواع الأمانة هي تلك التي يكون الشخص فيها مستعداً أن يموت بدل التنازل عن ولائه للمسيح. عندما طلب ملكٌ من أحد المسيحيين الأوفياء سحب إعترافه بالمسيح أجابه قائلاً: «لقد فكَّرَ به القلب ونطقَ به الفم وكتبته اليد وإن كانت حاجة لمشيئة الرّب فالدم مستعد لختمه». عندما عُرض على بوليغراب الحياة مقابل إنكار الرَّب، إختار أن يُحرق مربوطاً إلى عمود خشب، وقال؛ «خدمت ربّي مدّة ست وثمانين عاماً ولم يضُرّني بشيء بتاتاً، فأنا لا أستطيع الآن أن أتنكّر لسيدي وربّي».
كان الشهداء أوفياء حتى الموت، وبذا سينالون إكليل الحياة (رؤيا10:2).

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:31 AM

«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: …وَداعَةٌ» (غلاطية23:5)

عندما نفكِّر في الوداعة نميل إلى التفكير بالممثلّ الكوميدي كاسبار ميلكيتوست شخصية أفلام الكوميديا الذي تجسدت فيه صفات الضعف والحياء. لكن ثمر الروح هذا يكون مختلفاً كلياً، فالوداعة تتأتى من قدرة خارقة للطبيعة، وليس عن ضعف.
إن أول ما تشير إليه الوداعة، الخضوع بمحبة لكل معاملات ﷲ في حياتنا. فالإنسان الوديع يخضع لمشيئة ﷲ دون تمرُّد أو تساؤل أو تَذمُّر، وهو يُدرك أن ﷲ «حكيم جداً عن أن يخطئ ومُحِبُ شديد الحب عن أن يكون قاسياً» وعندما يدرك ذلك لن يعود هناك مجال لصدفة أو حادث. إنه يؤمن بأن ﷲ يعمل كل شيء معاً للخير في حياته.
تشتمل الوداعة أيضاً على علاقة المؤمن بالآخرين، بإعتباره متسامحاً بذاته بدل أن يكون جازماً، ومتواضعاً وليس متكبراً. الإنسان الوديع يمارس الإنكسار، فعندما يقول قولاً خاطئاً أو يصدر عنه شيئاً خاطئاًً فإنه يتغلّب على الكبرياء عندما يقول، «آسف وأرجو أن تغفر لي!» فهو يُفضّل خسارة ماء وجهه على خسارة إحترامه الذاتي. وعندما يُعاني بسبب عمل ما هو صواب، يتحمّل ذلك بكل صبر ودون التفكير للردّ بالمثِل، وعندما يُتّهم زوراً، يمتنع عن الدفاع عن نفسه وكما يقول رينش، «يَقبَل الإنسان الوديع جِراحات وإهانات الغير على أنها قد سُمح بها من ﷲ لأجل تأديبه وتطهيره».
وصف أحدهم الوديع بأنه «الشخص الذي يقبل إرادة ﷲ دون إستياء، وهو الذي يستطيع أن يكون لطيفاً ومتواضعاً بسبب قوّته الداخلية ويخضع لسيادة ﷲ الكاملة». عندما أخبر أحد أفراد الرعية القس ألكسندر وايت أن أحد زملائه من القسس إنتُقد لعدم إيمانه، استشاط غضباً، وعندما أضاف الزائر أن النُقاد يقولون بأن الدكتور وايت نفسه ليس مؤمناً حقيقياً، قال له، «أرجوك أن تترك غرفة مكتبي لكي أبقى وحيداً وأفحص قلبي أمام الرَّب». هذه هي الوداعة.
نحن جميعنا مدعوّون لنحمل نير ذلك «الوديع والمتواضع القلب»، وبينما نعمل هذا سنجد راحة لنفوسنا وسوف نرث الأرض حتماً.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:32 AM

«وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: …تَعَفُّفٌ» (غلاطية22:5)


أخيراً، إن أفضل ما نقدمه من ثمر الروح هو ضبط النفس. فقد أصبح ضبط النفس مرتبطٌاً بشكل خاص بالإمتناع عن تناول المشروبات الكحولية، ويشتمل ضبط النفس على فكرة الإعتدال أو التقشُّف في كل نواحي الحياة.
يستطيع المؤمن بقوة الروح القدس أن يمارس ضبط النفس في مجال أفكاره، شهيّته للطعام والشراب، كلامه وحياته الجنسية، مزاجه وكل القوى الأخرى التي أعطاه اللّه إياها، فلا حاجة به لأن يكون مُستعبَداً لأية رغبة أو عاطفة.
لقد ذكَّر بولس الكورنثيين أن الرياضي يمارس ضبط النفس في كل شيء (كورنثوس الأولى25:9). وهو نفسه قد قرّر ألاّ يقع تحت عبودية أي شيء (كورنثوس الأولى12:6) فكان يقمع جسده ويخضعه لئلاّ يُرفض بعد ما كان يعظ الآخرين (كورنثوس الأولى27:9).
إن المؤمن المُنضبط يَتجنّب الإفراط في تناول الطعام، فإن كان للقهوة أو الشاي أو الكولا سيطرة عليه فيتخلّص من هذه العادة، كما ويرفض أن يكون للتبغ سيادة عليه بكل أشكاله، ويتجنّب إستعمال المُسكِّنات، والحبوب المنوّمة أو الأدوية الأخرى بإستثناء الحالات المنصوص عليها طبياً، إنه يضبط أوقات نومه، وإن كان يعاني من مشكلة الشهوة فعليه أن يتعلّم كيف يطرد الأفكار غير الطاهرة ويُركِّز على الأفكار الطاهرة ويبقى منشغلاً بالأعمال البنّاءة. فبالنسبة له فإن كل إدمان أو خطيئة تُحدِق به هي بمثابة جُليات ينبغي أن يتغلّب عليه.
كثيراً ما نسمع مسيحيين يَشْكون من أنهم لا يستطيعون كسر عادة معينة، إن إنهزاماً كهذا يضمن الفشل، وهذا يعني أن الروح القدس ليس قادراً على إعطاء النصر المطلوب. الحقيقة هي أن الناس غير المخلّصين الذين لا يسكن فيهم الروح القدس غالباً ما يكونون غير قادرين على الإقلاع عن التدخين أو الشرب أو القمار أو الشَّتم، فكم بالحريّ يكون من السهل على المسيحيين المقدرة على التخلّص من تلك العادات بواسطة سكنى الروح القدس!
إن ضبط النفس، مثال ثمار الروح الثمانية الأخرى، قوة خارقة، تُمكِّن المؤمنين من التدرُّب على ممارسة الإنضباط على ذواتهم بطرق لا يمكن مجاراتها.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:33 AM

«كُنْ مُرَاضِياً لِخَصْمِكَ سَرِيعاً مَا دُمْتَ مَعَهُ فِي الطَّرِيقِ لِئَلَّا يُسَلِّمَكَ الْخَصْمُ إِلَى الْقَاضِي وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الشُّرَطِيِّ فَتُلْقَى فِي السِّجْنِ.» (متى25:5)


إنَّ الدرس الذي يطفو على السطح ونتعلمه من هذه المقطع هو أنه لا يجوز للمؤمن أن يميل للإنخراط في الدعاوى القضائية. إن التوجه للقضاء ردّة فعل طبيعية لطلب التعويض عن الأضرار والمظالم، ولكن المؤمن مُوجَّه بحسب مبادئ أسمى من ردّة الفعل الطبيعية، وفي كثير من الأحيان تذهب مشيئة ﷲ بعكس الميل الطبيعي.
تكتظ قاعات المحاكم اليوم بقضايا طلب التعويضات جراء حوادث، وحالات سوء تصرُّف وقضايا طلاق ومطالبة بميراث. ففي كثير من القضايا يُسرع الناس إلى المحامي آملين في الحصول على الثراء السريع، لكن ينبغي على المسيحي تسوية الأمور بقوة المحبة وليس عن طريق الدعاوى القانونية، وكما قال أحدهم: «إذا توجهت للدعاوى القانونية، فالدعاوى القانونية ستمسك بك لتَدفعَ آخر فِلس لديك».
من المؤكد أن المستفيد الوحيد في هذا المجال هو المحامي، فأُجره مضمون. وقد وصف أحدهم هذه العملية بالطريقة التالية: «يَمسك المدّعي رأس البقرة بينما يَمسك المتهم بذيلها والمحامي يحلبها».
تُنهي كورنثوس الأولى 6 بشكل إيجابي المؤمنين عن التوجه للقضاء ضد مؤمنين آخرين لسبب واحد وهو أنه عليهم أن يأتوا بخلافاتهم إلى شخص ذي حكمةٍ في الكنيسة، ولكن إذا مضينا إلى أَبعدَ من ذلك ينبغي أن يكونوا على إستعداد لتحمُّل الخديعة والظُلم بدلاً من التوجه للقضاء أمامَ قاض في محاكم العالم وهذا سيلغي تماماً قضايا الطلاق بين الوالدين المؤمِنين. ولكن ماذا عن القضايا بين المؤمن وغير المؤمن؟ ألا يحق للمؤمن أن يدافع عن حقوقه؟ الجواب هو، أنه من الأفضل التخلي عن حقوقه ليثبت أن المسيح يُحدث تغييراً في السلوك في حياة الشخص. إن الأمر لا يتطلب حياة روحية لرفع قضية ضد مَن أخطأ إليك، بل إنه يتطلب حياة روحية لإيداع القضيّة للّه واستخدامها كفرصة للشهادة عن قوة المسيح التي تخلّص وتغيّر، وبقدر الإمكان ينبغي للشخص أن يعيش بسلام مع جميع الناس (رومية18:12).
بدأ شخص ما ببناء جدار بينه وبين جاره. جاء الجار وقال له: «عندما اشتريتَ هذا العقار فقد اشتريت قرار محكمة معه، ينبغي أن يكون هذا الجدار على بعد مِترَين داخل أرضك»، فأجابه الجار: «علمت أن جاري سيكون رجلاً طيباً، لذا أقترح عليك ما يلي؛ أنت تبني الجدار حيث تعتقد انه يجب أن يكون ثم أرسِل لي الفاتورة وأنا سأدفع مقابلها»، لم يُبن هذا الجدار قط لأنه لم تعد له حاجة. مِن قصص ستانلي جونز.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:34 AM

«بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي فَعَلْتُمْ» (متى40:25)


هنا في هذا العدد تشجيع مستحق القراءة وتحذير من شأنه في نفس الوقت أن يظهر لنا نقصنا. فكل ما نعمله مع إخوة يسوع يُحسَب وكأننّا عملناه له.
يمكننا إظهار اللطف للرَّب يسوع كل يوم بإظهار اللطف لإخوتنا المؤمنين. عندما نُظهر استضافتنا لشعب ﷲ نكون كمن استضاف الرَّب في بيته، وإذا قدّمنا لهم غرفة النوم الرئيسية نكون كأننا قدّمناها له.
إن كل واحد تقريباً يسرع ما أمكنه ذلك لعمل كل شيء ممكن للمخلّص لو أنه أتى اليوم كملك الملوك وربّ الأرباب، لكنه كثيراً ما يأتي طارقاً بابنا متواضعاً جداً ومتخفّياً، وهذا ما يضعنا في الإختبار. فالطريقة التي نُعامِل بها أحد إخوته الأصاغر هي الطريقة التي نعامله بها.
قَدِمَ واعظٌ كبير السن إلى أحد الإجتماعات على أمل أن يُمنَح فرصة ليشارك القديسين بكلمة من عند الرَّب، لم يكن هذا الخادم يتمتّع بشخصية حماسية وربما لم يتمتّع بأسلوبٍ حركيّ على المنبر، لكنّه كان خادماً للرَّب يحمل لهم رسالة من الرَّب، فقال له شيوخ الكنيسة أنهم لن يطلبوا منه أن يبقى ليعظ لهم في إجتماعاتهم واقترحوا عليه أن يتوجّه إلى كنيسة في حي السكّان السود، فرضخ لنصيحتهم وذهب فاستُقبل من الإخوة هناك بحفاوة ودفء، وخلال أسبوع إجتماعاته أصابته نوبة قلبية وتوفيَ، فكان وكأن الرَّب يقول للإخوة في الكنيسة العصرية؛ «ربما لم تريدوا أن تقبلوه، لكننّي أنا قبلته. لقد رفضتموني عندما رفضتموه».
يخبر الشاعر إدوين ماركهام في قصيدته بعنوان «كيف أتى الضيف العظيم» عن إسكافي جهّز نفسه لزيارة من الرَّب كان يحلم بها، فلن يأت الرَّب أبداً. لكن عندما حضر أحد المتسوّلين، وضع الإسكافي حذاءً في رجليه، وعندما جاءت إمرأة مسنّة ساعدها الإسكافي وحمل عنها أغراضها وأعطاها طعاماً، ولما جاءت إليه طفلة ضائعة، أعادها الإسكافي إلى أمها.
وفي هدوء الليل سمع صوتاً خافتاً يقول:
تشجَّع لأننّي وفّيتُ بكلامي ثلاث مرّات حضرتُ إلى باب بيتك الودود
وثلاث مرات وقع ظلّي على أرضك كنت المتسوّل الدّامي القدمين
كنت المرأة التي أعطيتها طعاماً كنت الطفلة في الشارع بلا مأوى

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:35 AM

«انْظُرُوا مَا تَسْمَعُونَ» (مرقس24:4)


يحذرنا الرَّب يسوع لنَتنبَّه لما نسمعه. نحن مسؤولون للتحكُّم لما يدخل من خلال آذاننا ونحن مسؤولون على حد سواء لنستخدم ما نسمعه بطريقة صحيحة.
ينبغي ألا نصغي لما هو زائف بشكل صارخ، فالبِدَع الهرطيقية تنشر دعايتها بكثافة غير مسبوقة، تبحث دائماً عمّن هو مستعدٌ للإستماع إليها. يوصينا يوحنا بألاّ نستقبل الهرطوقيين في منازلنا أو حتى نلقي عليهم التحية لأنهم أعداء المسيح.
يجب ألا نصغي للخداع الهدّام، فالعديد من طلاب معاهد وجامعات ومدارس اللاهوت عادة ما يكونون عرضة لوابل من التشكيك والإنكار المتعلق بكلمة ﷲ يومياً، يستمعون لتفسيرات تُبعد إمكانية العجائب، ويُدينون الرَّب يسوع بثنائهم القليل، كما ويقللون من المعنى الواضح لكلمة الكتاب، فإنه من المستحيل الجلوس والإستماع لهذه التعاليم الهدّامة دون التّأثُّر بها، وقد يتنجّس ذهن الطالب حتى لو لم يُهدَم إيمانه، «أَيَأْخُذُ إِنْسَانٌ نَاراً فِي حِضْنِهِ وَلاَ تَحْتَرِقُ ثِيَابُهُ؟ أَوَ يَمْشِي إِنْسَانٌ عَلَى الْجَمْرِ وَلاَ تَكْتَوِي رِجْلاَهُ؟» (أمثال27:6-28). فالجواب الواضح هو كلاّ.
ينبغي ألا نصغي لإيحاءات غير طاهرة، فإن أسوأ شكل من أشكال التلوُّث في مجتمع هذه الأيام هو تلوث الفكر، فالكلمة التي تصف بشكل جيد معظم الصحف والمجلات والكتب وبرامج الإذاعة والتلفاز وكذلك الأفلام السينمائية وأحاديث البشر هي القذارة، وبالتعرض الدائم لمثل هذه يكون المؤمن في خطر فقدان إحساسه بالإثم الذي يتجاوز الخطيئة، وهذا ليس الخطر الوحيد! فعندما نتلقّى في أذهاننا قصصاً خسيسة وموحية، فإن لها طريقة لكي تعود لتنتاب أفكارنا في أقدس لحظاتنا.
ينبغي ألاّ نملأ أفكارنا بأمور لا قيمة لها وتافهة، فالحياة قصيرة جداً والعمل مهم جداً؛ «يجب على الجميع أن يكونوا جِديّين في عالم مثل عالمنا». ومن الناحية الإيجابية، علينا أن نصغي بإنتباه لكلمة ﷲ، فكلّما ملأنا أفكارنا بكلمة ﷲ وأطعنا تعاليمها المقدّسة، كلما ملأنا أفكارنا بحسب فكر ﷲ، وكلما تحولنا إلى شبه صورة المسيح كلما إزداد إنفصالنا عن التلوُّث الأخلاقي في بيئتنا.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:37 AM

«فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي فَهَذَا يُخَلِّصُهَا» (لوقا24:9)


كمؤمنين، هنالك في الأساس موقفان يمكن أن نتخذهما في حياتنا، فيمكننا إما أن نخلِّص ذواتنا أو نُهلكها عن قصد لأجل المسيح.
الشيء الطبيعي هو محاولة تخليصها، يمكننا أن نعيش حياة مركزها الذات. في محاولة لحماية أنفسنا من الجُهد والإزعاج، يمكننا وضع خِطط دقيقة لحفظ أنفسنا من الصدمات ونتجنَّب أي شكل من أشكال عدم الراحة. يصبح بيتنا كقلعة خاصة على مدخلها لافتة تقول «ممنوع الدخول» إلاّ لأفراد العائلة مع قليل فقط من مقتضيات الضيافة للآخرين، وقراراتنا تُتخذ بناءً على كيفية تأثيرها علينا، فإذا كانت تُعطِّل خططنا أو تنطوي على الكثير من العمل أو تتطلب إنفاق المال لمساعدة الآخرين فنرفضها. إننا نميل إلى إيلاء إهتمامٌ مُفرط بصحتنا الشخصية، ونرفض أي خدمة تتطلب منا سهر الليالي، أو عدوى من مرض أو خوف من موت أو أية مخاطر جسدية، إننا نولي أيضاً أولوية قصوى لمظهرنا الشخصي أكثر من إحتياجات مَن هُم حولنا، وبإختصار، إننا نعيش لتلبية إحتياجات أجسادنا التي بعد سنين قليلة وقصيرة سوف يأكلها الدود ما لم يأت الرَّب أولاً.
عندما نحاول تخليص حياتنا نخسرها، فنحن نُعاني من مآسي الوجود بإبداء الأنانية ونخسر بركات الحياة لأجل الآخرين.
إن البديل هو أن نهلك حياتنا لأجل المسيح، فهذه حياة خدمة وتضحية، ففي حين لا نُعرِّض أنفسنا لمخاطر لا داعي لها أو لحُكم الإستشهاد، علينا ألا ندير ظهرنا إزاء عمل الواجب بحجة أن علينا أن نعيش بأي ثمن. هنالك منطق في تسليم أرواحنا وأجسادنا لِلّه ليعمل بها حاسبين إياه فرحاً أعظم أن نَبذِلَ ونُبذَل لأجله. بيتنا مفتوح، أملاكنا مُستهلكة، ووقتنا مُتاحٌ لكل مَن هُم بحاجة إليه.
وهكذا عندما نسكُب حياتنا لأجل المسيح وللآخرين، نجد الحياة التي هي بالحقيقة حياة. فبخسارة حياتنا نكون في الواقع قد خلّصناها.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:39 AM

«لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ» (لوقا26:19)


إن كلمة «له» في بداية هذا العدد تعني أكثر من ممتلكات، إنها تتضمّن فكرة إطاعة ما تعلّمناه واستخدام ما قد أُعطينا، وبعبارة أخرى، ليس فقط ما لدينا، بل ما نعمله بما لدينا.
ها هو مبدأ عظيم لنا، ففي دراسة الكتاب المقدس، عندما نتبع النور الذي تلقيناه، يمنحنا ﷲ المزيد من النور، والشخص الذي يتقدّم أكثر في الحياة المسيحية هو ذاك الذي يقررّ أن يعمل بما يقوله الكتاب المقدس حتى لو لم يرَ غيره ممن حوله يفعل ذلك. وبعبارة أخرى، ليست المسألة مقدار الذكاء الذي لدى الشخص. فالكتاب المقدس يفتح كنوزه بسهولة أكبر للقلب المطيع. لقد قال هوشع النبي: «لِنَعْرِفْ فَلْنَتَتَبَّعْ لِنَعْرِفَ الرَّبَّ» (هوشع3:6)، وهكذا كلمّا مارسنا ما تعلّمناه، كلما أعلن ﷲ لنا أكثر فأكثر.
إن معلومات تتبعها تطبيقات تقود إلى التكاثر، أما معلومات دون تطبيقات فتؤدّي إلى الخمول.
ينطبق هذا المبدأ أيضاً على الهبات والمواهب. فالرجل الذي تضاعفت وزنته عشرة أضعاف أُعطِي سُلطة على عشر مدن، والذي زادت وزنته خمسة أضعاف أُعطي سُلطة على خمس مدن (متى25: 19-26).
إن هذا يُظهر بأن قيامنا بمسؤولياتنا بصورة صحيحة يُكافأ بإمتيازات ومسؤوليات أعظم. فالرجل الذي لم يعمل شيئاً بوزنته فَقَدَها، لذلك فإن أولئك الذين يرفضون إستخدام ما لديهم لأجل الرَّب، يخسرون بالتالي المقدرة تدريجياًّ لفعل ذلك. «إن لم تستخدمها تخسرها».
إننا نعلم بأنه عندما لا نستعمل عضواً من أعضاء جسدنا، يَضمُر أو يُتلف كلياً، وبالاستعمال المتواصل يحدث التطور العادي، هكذا الأمر مع الحياة الروحية، فإن دَفنّا موهبتنا، إما عن خجل أو كسل، فسرعان ما نجد أن ﷲ قد ضرب صفحاً عنا واستخدم آخرين مكاننا. لذلك من المهم جداً أن نطيع تعاليم الكتاب، ونطالب بالمواعيد واستخدام أية قدرات أعطانا ﷲ إياها.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:41 AM

«لاَ تَكُونُوا كَفَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ بِلاَ فَهْمٍ» (مزمور9:32)


يبدو لي أن الفرس والبغل يصوّران موقفين خاطئين يمكن أن يكونا لدينا عندما نكون طالبين إرشاد الرَّب، فالفرس يريد أن يعدو إلى الأمام بينما البغل يريد أن يتخلَّف عن الركب، يبدو أن الحصان عديم الصبر مبتهج ومندفع، أما البغل، من الناحية الأخرى فهو عنيد لا يلين وكسول. يقول كاتب المزمور أن لا فهم عند كِليَهما، وينبغي السيطرة عليهما بالشكم والكبح، وإلاّ فلن ينفعا صاحبهما بشيء، فاللّه يرغب أن نكون حسّاسين لقيادته غير مندفعين بحكمتنا وغير مترددين عندما يظهر لنا إرادته.
إليك بعض القواعد التي قد تساعدك في هذ المضمار:
أطلب من ﷲ أن يؤكد قيادته لك على فم شاهدين أو ثلاثة، فقد قال في كلمته: «تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثةٍ» (متى16:18). يمكن أن يكون من بين هؤلاء الشهود آيةً من الكتاب المقدس ومشورة من مؤمنين أو تقارُب ظروف بطريقة عجيبة، فإذا حصلت على إثنين أو ثلاثة من تلك المؤشرات المميزة لإرادته فلن يُساورك شك أو مخاوف.
إذا كنت تطلب إرشادات ﷲ ولم يأتِك أي منها، فيكون إرشاد ﷲ لك أن تلزم مكانك. صحيح أن «ظلمةً بخصوص الذهاب هي بمثابة نورٌ للبقاء».
إنتظر حتى يتّضح الإرشاد تماماً لدرجة أن رفضك له قد يكون عصياناً.
مُنِع بنو إسرائيل من الرحيل إلى أن يتحرّك أمامهم عامود النار والسحابة. وعليه لا ينبغي أن تؤخذ أية تبريرات من جانبهم عُذراً للقيام بعمل مستقل، فقد كانت مسؤوليتّهم أن يرحلوا عندما تتحرك السحابة لا قبل ذلك ولا بعد.
وأخيراً، ليملك في قلوبكم سلام المسيح كما يقول كولوسي15:3، وهذا يعني أنه عندما يرشد ﷲ حقاً، فهو يؤثر على تفكيرنا وعواطفنا ليكون لنا سلام بخصوص الطريق الصحيح ولا سلام في أي طريق آخر.
إذا كنا حريصين على معرفة الإرادة الإلهية وإطاعتها بسرعة فلن تكون هناك حاجة لشكم ولجام تأديب ﷲ.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:44 AM

«لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضاً» (فيلبي4:2)


إن الكلمة الرئيسية في فيلبي الأصحاح الثاني هي «لآخرين». لقد عاش الرَّب يسوع من أجل الآخرين، وبولس عاش من أجل الآخرين، وتيموثاوس عاش من أجل الآخرين وأبفراس عاش من أجل الآخرين، ونحن أيضاً ينبغي أن نعيش من أجل الآخرين.
لقد طُلب منا أن نفعل هذا ليس فقط لأنه العمل الصحيح بل لأن هذا يؤول لخيرنا أيضاً، فإذا كان العيش لأجل الآخرين مُكلِفاً، فإن الثمن سيكون أفدَح إن لم نقم بذلك.
إن مجتمعنا حافلٌ بالناس الذين يعيشون فقط لأجل مصالحهم الشخصية بدل أن يشغلوا أنفسهم بخدمة الآخرين، يجلسون في بيوتهم بكآبة، ويفكّرون في كل ألم وكل وجع وسرعان ما يتبيّن أنهم مصابون بوسواس المرض، وفي وحدتهم يشتكون بأن لا أحد يَهتمُ بهم فيقعون فريسة للشفقة على ذواتهم. وكلما فكّروا بأنفسهم أكثر كلما زادت كآبتهم وتصبح حياتهم متجهة نحو رعب مظلم فيتوجهون إلى الطبيب ويبدأون بابتلاع كميّات من الأدوية التي لا يمكنها علاج مشكلة التركيز على الذات، ومن ثم يبدأون بزيارة الطبيب النفسي ليجدوا بعض الراحة لضجرهم وتعبهم من الحياة.
إن أفضل علاج لمثل هؤلاء الناس هو حياة الخدمة للآخرين، فهناك أشخاص يقبعون في البيت ويحتاجون لزيارة، ويوجد مواطنون مسنون بحاجة إلى أصدقاء، كما ويوجد مستشفيات ترحِّب بمساعدة متطوّعين، ثم هنالك أناس يفرحون لإستلام رسالة أو بطاقة، ويوجد مُرسلون يرحبون بأخبار من الوطن، ثم هنالك نفوس بحاجة للخلاص ومؤمنون بحاجة للتعليم. باختصار، لا يوجد أي عذر لأي شخص ليكون ضجراً، فهناك ما يكفي من العمل لملء حياة كل شخص بنشاطات مثمرة، وفي عملية الحياة ذاتها لأجل الآخرين نحن نوسِّع دائرة الأصدقاء ونجعل حياتنا أكثر متعة ونجد إكتفاء ورضى. لقد قال ب.م. دِرهام، «القلب المليء شفقة للآخرين قلّما ينغمس في أحزانه أو يتسمّم بالشفقة على ذاته».
نعم، الآخرين يا ربّ الآخرين ليت شعاري يكون الآخرين
ساعدني لأحيا لأجل الآخرين لكيما أحيا مثلك.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:46 AM

«إِلْعَنُوا مِيرُوزَ قَالَ مَلاَكُ الرَّبِّ. إلْعَنُوا سَاكِنِيهَا لَعْناً, لأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتُوا لِمَعُونَةِ الرَّبِّ, مَعُونَةِ الرَّبِّ بَيْنَ الْجَبَابِرَةِ» (قضاة 23:5).



إن ترنيمة دبورة تُكرر اللعنة على ميروز لأن سكانها وقفوا في الحِياد بينما كان جيش إسرائيل منخرطاً في قتال الكنعانيين، وسبط رأوبين أيضاً نالهم التحقير، لقد كانت نواياهم حسنة لكنهم لم يغادروا حظائر غنمهم، أما جلعاد وآشير ودان فقد ذُكروا بالإحتقار لعدم تدخُّلهم.
قال دانتي؛ «أحمى الأماكن في الجحيم محجوزة للذين يحافظون على الحياد في زمن الأزمات الأخلاقية».
ترددت نفس المشاعر في سِفر الأمثال حيث نقرأ؛ «أَنْقِذِ الْمُنْقَادِينَ إِلَى الْمَوْتِ وَالْمَمْدُودِينَ لِلْقَتْلِ. لاَ تَمْتَنِعْ. إِنْ قُلْتَ: «هُوَذَا لَمْ نَعْرِفْ هَذَا» أَفَلاَ يَفْهَمُ وَازِنُ الْقُلُوبِ وَحَافِظُ نَفْسِكَ أَلاَ يَعْلَمُ؟ فَيَرُدُّ عَلَى الإِنْسَانِ مِثْلَ عَمَلِهِ» (أمثال24: 11-12).
علَّق كيندر؛ «إنه الراعي الأجير وليس الحقيقي، من يترجى ظروفاً سيئة، مهاماًّ ميئوس منها، وجهالة مغفورة؛ فالمحبة لا يمكن إسكاتها بصمت ولا محبة ﷲ كذلك».
ماذا نعمل لو اجتاحت بلادنا موجة من اللّاسامية، وسيق اليهود إلى غرف الغاز، والأفران؟ فهل نخاطر بحياتنا لكي نمنحهم اللجوء؟ أو إذا إضطُهد بعض من إخوتنا المسيحيين واعتُبر إيوائهم جريمة كبرى، فهل نرحب بهم في بيوتنا؟ ماذا نفعل؟
لنأخذ مثالاً أقلُّ قساوة لكنه أكثر عصريةً، لنفترض أنك كنت مديراً لمنظمة مسيحية حيث يتم الضغط على أحد الموظفين الأوفياء ليُرضي مديراً آخر يتمتّع بثروة مالية وذو تأثير، عندما يتم الإدلاء الأخير في التصويت، هل ستبقى هادئاً وتلزم الصمت؟
لنفرض أننا كنا في السنهدريم عند محاكمة يسوع، أو عند الصليب عندما صُلب، فهل كنا سنقف على الحياد أم كنا سنقف إلى جانبه ونؤيّده؟
«السكوت ليس دائماً من ذهب، في بعض الأحيان يكون فقط لونه أصفر».

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:47 AM

«يا أبي، أخطأتُ. «(لوقا 21:15)

بعد أن عاد الإبن الضالّ تائباً ركض والده لملاقاته، وقع على عنقه وقبّله. إنه ليس جيداً مَنح المغفرة قبل التوبة أوّلاً، فالمبدأ الكتابي هو «إِنْ تَابَ فَاغْفِرْ لَهُ» (لوقا3:17).
ليس هناك أي ذِكِر إن كان الأب قد أرسل معونة للإبن الضال طالما كان في البلاد البعيدة، ففي الواقع لو عمل هذا لاعتُبر عرقلة لعمل ﷲ في حياة المتمرّد. لقد كان هدف الرَّب أن يَصِلَ بالعاصي حتى تبلغ الأزمة أقصاها، فقد كان يعلم بأَنّ الإبن سيصل إلى قرارة نفسه، وأنه لن يرفع بصره قبل أن يتردّى أوّلاً إلى الحضيض، وكلّما أسرع في التّردي إلى الأسفل كان إستعداده للإنكسار أسرع، لهذا كان على الوالد أن يُسلّم أمر إبنه للرَّب وينتظر حتى تستفحل الأزمة.
هذا أحد أصعب الأعمال التي تُلقى على كاهل والدين وخاصة الأمهات، إن الميل الطبيعي هو أن نَكفل الإبن أو الإبنة العاصي/ية من كل خطر يرسله ﷲ في طريقهما، لكن كل ما يفعله هذين الوالدين هو إعاقة الرَّب عن قصده وإطالة فترة الألم لمحبوبهما.
قال سبيرجن مرّة، «إن المحبة الحقيقية لأولئك الذين يخطئون هي بأن لا نصادق على خطأهم بل نحافظ على الولاء للمسيح في كل شيء». إنها ليست محبة السماح للشخص بالإنغماس في شروره، بل إن المحبة بالحريّ تترك الشخص إلى الرَّب والصلاة، «يا رب أعِده مهما يكن الثمن».
إن أحد الأخطاء التي ارتكبها داود كانت إعادة أبشالوم قبل أن يتوب، ولم يمر وقت طويل حتى بدأ أبشالوم يكسَب قلوب الناس ويتآمر للثورة ضد أبيه، وأخيراً طرد والده من أورشليم ومُسِحَ ملكاً بدله، وحتى عندما خرج على رأس جيشه ليقضي على داود، أمر الأخير رجاله ألاّ يقتلوا أبشالوم عند مواجهته، لكن تفكير يوآب كان أفضل فقام بقتل أبشالوم.
إن الوالدين اللذين يكونان مستعدين ليتحمّلا مراقبة كيف يسحق ﷲ إبنهما أو إبنتهما حتى حظيرة الخنازير، يوفّران على أنفسهما حزناً أعظم.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:48 AM

«لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ يَحْمَدُكَ. بَقِيَّةُ الْغَضَبِ تَتَمَنْطَقُ بِهَا» (مزمور10:76)

إن إحدى ميزات تاريخ البشرية العجيب هي الطريقة التي يجعل ﷲ بها غضب الإنسان يحمدهُ، فمنذ السقوط والإنسان يهُزَّ قبضته ضد ﷲ وضد أخيه الإنسان وحتى ضد نفسه، وبدل أن يحكم ﷲ في الحال على غضب كهذا فإنه يترك ذلك العمل لنفسه ويتحكم به لأجل مجده ولبركة شعبه.
لقد قامت مجموعة من الرجال بوضع خطة شريرة ضدَّ أخيهم، فباعوه لقافلة من البدو الذين أخذوه إلى مصر، فرفّعَه ﷲ ليكون ثانياً في السلطة ومخلّصاً لشعبه، وذَكَّر يوسف إخوته لاحقاً بقوله: «انْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرّا أمَّا ﷲُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْراً» (تكوين20:50).
لقد أدّى غضب هامان ضدَّ اليهود إلى تدمير نفسه وترفيع من أراد إهلاكهم.
رُمِيَ ثلاثة فتيان عبرانيّين في أتون نار حامٍية لدرجة أنه حتى أحرق الذين رموهم فيه، لكن الفتيان العبرانيين خرجوا دون أذى وحتى رائحة الدخان لم تعلق عليهم. فأصدر عندئذٍ الملك الوثني أمراً بقتل كل من يقول كلمة ضد إله اليهود.
لقد أُلقيَ دانيال في جُب الأسود لأنه صلّى لإله السماء، لكن خلاصه العجيب سبب في صدور تشريعٍ آخر بواسطة حاكمه الوثني طالباً الإنتقام واحترام إله دانيال.
لنأتِ لعصر العهد الجديد، فإن إضطهاد الكنيسة سبَّب إنتشاراً سريعاً للبشارة، فإن إستشهاد إستفانوس حمل في طياته بذرة إيمان بولس، ثم أن سَجن بولس أنتج أربع رسائل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الكتاب المقدس. ولاحقاً عندما ذُرَّ رماد جثمان جان هوس في النهر، فكل مكان جرى اليه النهر تبعه الإنجيل بعد وقت قصير.
مزّق الناس الكتاب المقدس ورموه للرياح، لكن أحداً ما التقط ورقة منه عشوائياً فقرأها وخَلُص خلاصاً مجيداً. إن الناس يستهزأون بما يتعلق وتعليم المجيء الثاني للمسيح، وبهذا يتمّمون النبوءة القائلة بظهور المستهزئين في آخر الأيام (بطرس الثانية3:4،3).
وهكذا فإن ﷲ يجعل غضب الإنسان يسبِّحه ومن لا يمجّده يُكبَح.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:49 AM

«قَدْ أَحْسَنْتَ بِكَوْنِهِ فِي قَلْبِكَ». (الملوك الأول18:8)

كانت إحدى أعظم رغبات قلب داود بناء هيكل للرَّب في أورشليم، فأرسل الرّب كلمة بأنه سوف لا يُسمح له ببناء الهيكل لأنه كان رجل حرب، لكن الرَّب أضاف هذه الكلمات الهامة، «قَدْ أَحْسَنْتَ بِكَوْنِهِ فِي قَلْبِكَ»، ويبدو واضحاً من هذا أن ﷲ يَحسُب الرغبة في العمل عندما نكون غير قادرين على تنفيذ رغباتنا لأجله.
إن هذا لا ينطبق في حالة أنّ فشلَنا في التنفيذ يرجع إلى مماطلة أو تقاعس عن العمل، فالرغبة هنا لم تكن لتكفي، وكما قيل فإن شوارع الجحيم مرصوفة بالنوايا الحسنة.
لكن هنالك مناسبات عديدة في الحياة المسيحية عندما نريد أن نعمل شيئاً لنرضي به الرَّبّ، تحول دونه ظروف خارجة عن إرادتنا. وعلى سبيل المثال، مؤمن حديث الإيمان يرغب في أن يعتمد لكن والديه غير المؤمنين يمنعانه عن ذلك، في هذه الحالة يحسب ﷲ عدم عمّاده كعُمّاد إلى أن يغادر البيت، عندها يستطيع إطاعة ﷲ إذ أصبح غير خاضع لمشيئة والديه.
زوجة مسيحية ترغب في حضور جميع لقاءات الإجتماع المحلي، لكن زوجها السكير يُصرّ على بقائها في البيت، هنا الرَّب يكافؤها على إطاعة زوجها وعلى رغبتها في الإجتماع مع الآخرين بإسمه.
إحدى الأخوات المسنّات بَكت عندما رأت غيرها يقدّمون الطعام في مؤتمر كتابي، لقد كانت هذه فرحتها العظمى لسنوات عديدة عندما فعلت ذلك لكنها الآن غير قادرة جسدياً، بالنسبة لها ستنال مكافأة ثمينة لأجل دموعها بينما يقوم الآخرون بالخدمة.
مَن يَعلم كم عدد اِلأشخاص الذين عرضوا أنفسهم للخدمة في حقول التبشير، لكنهم غير قادرين على السفر خارج مدينتهم؟ ﷲ يَعلم وسوف يُكافئ كل هذه الطموحات المقدّسة عند كرسي قضاء المسيح.
إن هذا المبدأ ينطبق أيضاً على العطاء، يوجد هؤلاء الذين يستثمرون الآن مضحّين في عمل الرَّب ويتمنّون لو استطاعوا تقديم الأكثر، ففي الأيام القادمة سيُظهر السِّفر الإلهي أنهم قدموا أكثر. المرضى والمقعدون وطريحو الفراش والمسنّون لا يُحرمون من مراكز الشرف الأولى لأنهم لا يستطيعون أكثر «لا يديننا الرَّب برحمته بحسب إنجازاتنا فقط بل بحسب أحلامنا».

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:50 AM

«وَلاَ أُصْعِدُ لِلرَّبِّ إِلَهِي مُحْرَقَاتٍ مَجَّانِيَّةً» (صموئيل الثاني24:24)

عندما طُلِب من داود أن يقدّم ذبيحة محرقة في المكان حيث أَوقفَ الرَّب الوباء، تَبرَّع أرونة على التّو ببيدره وبثيران وحطب للنار، لكن داود أصَرَّ أن يشتري هذه الأشياء لأنه لم يُرد أن يقدّم للرَّب شيئاً لم يكلّفه ثمناً.
نعرف أن الإيمان لا يكلف الإنسان المسيحي أي شيء، لكن ينبغي علينا أن نعرف أيضاً بأن حياة التلمذة الحقّة تكّلِّف كثيراً. «الديانة التي لا تكلّف شيئاً لا تساوي شيئاً».
غالباً ما يتم تحديد مدى التزامنا بإعتبارات مثل الملاءمة والتكاليف والراحة. نعم سنذهب لإجتماع الصلاة إذا كنا غير متعبين، أو كنا لا نعاني من آلام في الرأس، نعم سنُعلِّم درساً من الكتاب المقدس ما دام لا يتعارض ونزهة نهاية الأسبوع في الجبال.
نشعر بالإرتباك عندما نصلّي أمام الجمهور أو نعطي شهادتنا أو نبشِّر بالإنجيل لذلك نبقى صامتين، ولا نرغب في المساعدة مع طاقم الطوارئ خوفاً من إنتقال حشرات غير مرغوب فيها إلينا، نطرد أية فكرة للعمل في الحقل التبشيري فَزَعاً من الأفاعي والعناكب.
غالباً ما يكون عطاؤنا عبارة عن بقشيش بدل أن يكون تضحية، فإننا نعطي ما لا نفتقده بتاتاً بعكس الأرملة التي أعطت كل مالها، ثم إن ضيافتنا تتوقف على مقدار التكلفة والملاءمة والفوضى المتسببة للبيت، بعكس رابح النفوس الذي قال أنّ كل سجادة في البيت عليها بُقعٌ من تقيّؤات سكارى، وعندما نضطجع على فراشنا الوثير لا نعود متيسرين لمن هم في إحتياج إلينا، بعكس الشيخ الذي كان مستعداً أن يُوقَظ في أي وقت لكي يقدِّم مساعدة روحية أو مادية.
في كثير من الأحيان عندما يأتينا نداء المسيح نميل للسؤال «ماذا لي من هذا؟» أو «هل أربح شيئاً؟» لكن السؤال هو إلى حد ما: «هل هذه التقدمة مكلفةٌ حقاً؟» لقد قال أحدهم: «مِن المفضّل في الحياة الروحية أن تكلفنا الأمور من أن يُدفَع لنا».
عندما نفكر بما كلَّف المخلص لفدائنا نرى أنه مردود قليل لنتراجع عن إستعدادنا لدفع التكلفة والتضحية من أجله.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:51 AM

«وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أُعْطِيَتِ النِّعْمَةُ حَسَبَ قِيَاسِ هِبَةِ الْمَسِيحِ» (أفسس7:4)


ينبغي علينا أن نتذكّر دائماً أنه كلما كان الرَّب يقول لنا أن نفعل شيئاً فهو يعطينا القوة اللازمة، فجميع أوامره تشتمل تمكينه لنا حتى ولو كانت ضرباً من المستحيل.
قال يثرون لموسى، «إِنْ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ وَأَوْصَاكَ ﷲُ تَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ» (خروج23:18). «إن المبدأ هو أنّ ﷲ يتحمّل كل المسؤولية ليمنح القّوة لخادمه ليُتمّم كلَّ مهمّة عيَّنه لأجلها» (ج.أو. ساندرز).
لقد التقى الرَّب يسوع خلال خدمته مع مشلولين على الأقل (متى6:9، يوحنا9:5). وفي كلتا المناسبتين قال لكل منهما أن يقوم ويحمل سريره، وبينما مارسا إرادتيهما لإطاعته تدفقت الطاقة في أطرافهما العاجزة.
لقد أدرك بطرس أنه إذا دعاه الرَّب يسوع ليمشي على الماء فسيتمكن من المشي على الماء، وحالما قال يسوع «تعال» نزل بطرس من السفينة ومشى على الماء.
كان من المشكوك فيه أن يستطيع الرجل ذو اليد اليابسة أن يمدّ يده، إلا أنه عندما قال له ربُنا أن يقوم بذلك فعل وعادت يده سليمة.
إن فكرة إطعام الخمسة آلاف بقليل من الأرغفة والسمك كانت غير واردة على الإطلاق، ولكن عندما قال يسوع للتلاميذ «أعطوهم ليأكلوا» إختفى المستحيل.
كان لعازر قد وُضِع في القبر منذ أربعة أياّم، ولكن عندما ناداه يسوع «لعازر، هلمّ خارجاً» صاحَبت الأمر القوة اللازمة، فقام لعازر وخرج.
علينا أن نطاِلب بهذه الحقيقة، فعندما يقودنا ﷲ يجب ألاّ نتهرَّب بإدعاء أننا لا نستطيع القيام بالعمل، فإن هو دعانا للقيام بشيء فهو سيزوِّدنا بالقدرة على ذلك. لقد قيل: «لن تقودك مشيئة ﷲ إلى حيث لا تُساندك نعمته»، ومن الصحيح أيضاً أنه عندما يطلب ﷲ شيئاً، فهو الذي يدفع ثمن ما طلبه، فإذا كنا متأكدّين من قيادته فيجب أن لا نقلق بشأن المال، فهو سيُدّبِِّر.
إن الإله الذي شقّ البحر الأحمر ونهر الأردن كيما يعبر شعبه، هو نفسه اليوم. وهو لا يزال يعمل كي يزيل المستحيلات عندما يطيعه شعبه، وهو لا يزال يعطي النعمة اللازمة لكل ما يأمرنا به. إنه لا يزال يعمل فينا لنريد ونفعل مَسَرّة مشيئته.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:53 AM

«فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ» (تكوين1:1)


لو أننا فصلنا الكلمات الأربع الأولى من تكوين 1:1 عن باقي العدد، فإنها ستُشكِّل نوعاً من شعار لحياتنا جميعاً، يقول؛ «أوّلاً ﷲ».
نجد هذا الشعار قد إقتُرح في الوصية الأولى؛ «لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي» (تكوين02:3)، فلا أحد ولا شيء ينبغي أن يأخذ مكان الإله الحي الحقيقي.
نتعلَّم هذا الدرس من قصة إيليا والأرملة التي كان لديها ما يكفي من الدقيق والزيت لعمل رغيف أخير لها ولإبنها (ملوك الأول12:17). ومما يدعو إلى الدهشة أن قال لها إيليا: «إعْمَلِي لِي مِنْهَا كَعْكَةً صَغِيرَةً أَوَّلاً»، مع أن هذا يبدو أنانية لكنه لم يكن كذلك، كان إيليا يُمثلّ ﷲ، فكأنه يقول؛ «ضعي ﷲ أوّلاً ولن يخيب ظنكّ بأن يزوّدك بكل ضروريات الحياة».
لقد علَّم الرَّب يسوع نفس الشيء بعد قرون في الموعظة على الجبل حيث قال: «لَكِنِ أطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللَّهِ وَبِرهُ وَهَذهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ» (متى33:6). إن الأولوية المركزية في الحياة هي ملكوت ﷲ وبرُّه.
لقد أكَّدَ المخلِّص مجدداً مطالبته السابقة، في لوقا26:14، «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَإمْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً»، لذا فيجب أن يكون للمسيح المكانة الأولى.
لكن كيف نضع ﷲ في المرتبة الأولى؟ فإنه لدينا عائلة لنهتم بها، وعندنا وظيفتنا المدنية لنفتكر بها، ثم عندنا العديد من الواجبات التي تصرخ كلها لتأخذ أوقاتنا ومواردنا. يمكننا أن نضع ﷲ في المرتبة الأولى بأن نحبّه محبة بحيث تَظهَر كل محبة أخرى وكأنها كراهية بالمقارنة بها، بأن نستخدم كل شيء مادي كوكالة منه، متمسّكين فقط بالأشياء التي يُمكن إستخدامها فيما يتعلّق بملكوته، وبإعطاء الأولوية لأمور ذات نتائج أبدية، متذكّرين أنه حتى الأشياء الجيدة في بعض الأحيان تكون عدواً للأفضل.
إن مصلحة الإنسان الأولى تكمن في علاقته الصحيحة مع ﷲ، فالعلاقة الصحيحة هي عندما يُعطى ﷲ المكانة الأولى، وحتى عندما يضع الإنسان ﷲ في المرتبة الأولى، إلاّ أنه سيواجه بعض المشاكل ويجد الإكتفاء في هذه الحياة، لكن عندما يضع ﷲ في المرتبة الثانية، فسوف لا يحصل إلاّ على المشاكل وبؤس العيش.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:54 AM

«فَمَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِي أَنْتَ» (يوحنا23:21)

لقد قال الرَّب يسوع لتوه لبطرس أنه سوف يعيش ليصبح شيخاً، ثم يموت شهيداً، في الحال نظر بطرس إلى يوحنا وتساءل بصوت مرتفع إن كان يوحنا سينال معاملة أفضل، فكان جواب الرَّب: «فَمَاذَا لَكَ؟ إتْبَعْنِي أَنْتَ».
إن موقف بطرس هذا يذكِّرنا بكلمات داغ همرشولد، «على الرغم من كل شيء، فإنه بسبب مرارتك عندما ترى الآخرين يتمتعّون مما حُرمت أنت منه، فستكون دائماً مستعداً لثورة غضب، وفي أحسن الأحوال فإنها قد تظلُّ كامنة لبضعة أيام مشرقة، ومع ذلك، وحتى في هذا الحال الذي يرثى له، فإنها لا تزال تعبيراً عن مرارة الموت الحقيقية، الحقيقة التي يُستشفُّ منها أنه يُسمح للآخرين بالإستمرار في الحياة».
فإذا كنا نقبل كلمات الرَّب في قلوبنا فإنها تَحُلّ مشاكل عديدة بين المسيحيين.
من السهل الشعور بالإستياء عندما نرى الآخرين ناجحين أكثر منّا، حيث يَسمَح لهم الرَّب بإمتلاك بيت جديد، سيارة جديدة، أو بيت ريفي على شاطئ البحيرة.
نرى الآخرين ممن هم أقل منّا تقوى يتمتعون بصحة جيدة بينما نحن نعاني من مرضٍ أو إثنين من الأمراض المزمنة.
يتمتّع أولاد العائلة الأخرى بالظرافة ويتميزون في الرياضة والتعليم، بينما أولادنا عاديون مثل حديقة متنوعة.
نرى مؤمنين آخرين يقومون بأعمال لا نملك الحرية لكي نعملها، حتى لو لم تكن هذه الأعمال شريرة، فنشعر بالإمتعاض من حريتّهم.
من المحزن القول أن هناك حسداً معيَّناً بين الخدّام المؤمنين، يشعر أحد الوُعاظ بالإهانة لأن لآخَرٍ شعبية أكثر منه وله أصدقاء ومحترم أكثر في نظر الجمهور، وغيره منزعج لأن زميله يستعمل أساليب لا يوافق عليها.
لجميع هذه المواقف غير اللائقة، تأتي كلمات الرَّب بقوة ضاربة؛ «فَمَاذَا لَكَ؟ إتْبَعْنِي أَنْتَ». ليس من شأننا كيف يتعامل الرَّب مع المؤمنين الآخرين، فمسؤوليتّنا أن نتبعه في أي طريق أشار لنا إليها.

sama smsma 17 - 05 - 2012 10:54 AM

«اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ» (يوحنا8:3)

إن روح ﷲ ذات سيادة، يتحرّك كما يشاء، فنحاول نحن أن نصبّه في قالبنا الخاص، لكن محاولاتنا تفشل دائماً.
إن معظم تشبيهات الروح القدس هي؛ سوائل، ريح، نار، زيت وماء، ربما نحاول الإمساك بهذه الأشياء في أيدينا، لكن كأنها تقول «لا تحجِزني».
إن الروح القدس لن يفعل أي شيء خطأ من الناحية الأخلاقية، ولكنه في مجالات أخرى يحتفظ لنفسه بِحقّ العمل بطرق إستثنائية وغير تقليدية، فعلى سبيل المثال: في حين أنه صحيح أن ﷲ قد أعطى الرجل أن يكون رأساً، فلا يمكننا القول أن الروح القدس لا يمكنه أن يُقيمَ دبّورة لتقود شعب ﷲ، لو شاء ذلك.
ففي أيام الإنحطاط، يسمح الروح القدس بسلوك عادة ما يكون ممنوعاً، وهكذا فقد سُمح لداود ورجاله بأن يأكلوا من خبز الوجوه الذي كان محفوظاً للكهنة فقط، وكذلك تم تبرير عمل التلاميذ بقطفهم السنابل في يوم السبت.
يقول الناس أنه يوجد أسلوب محدد ومتوقَّع للتبشير في سفر أعمال الرسل، لكن الأسلوب الوحيد الذي يمكنني رؤيته هو سيادة الروح القدس.
إن الرسل وغيرهم لم يتبعوا كتاباً مُعيَّناً، بل تبعوا إرشاده الذي كان في معظم الأحيان مُغايراً تماماً عما كان يمليه الحِسّ السليم.
وعلى سبيل المثال، نرى الروح يقود فيلبس ليترُك إنتعاشاً ناجحاً في السامرة كي يشهد لوزير الحبشة الوحيد على طريق غزة.
يجب أن نَحتَرس في أيامنا هذه من الإملاء على الروح القدس بما يُمكن أو لا يُمكن عمله، نَعلَم أنه لن يفعل أي شيء خطأ، لكن يمكن في مجالات أخرى الإعتماد عليه في أن يفعل ما هو غير عادي. إنه لا يقتصر على مجموعة معينة من الأساليب، وهو غير ملتزم بطرقنا التقليدية في عمل الأشياء، لديه طريقته الخاصة للإحتجاج على الشكليّات والتقاليد والسُبات الروحي بإقامة حركات جديدة بقوة مُنعشة، لذا يجب أن نكون منفتحين لعمل سيادة الروح القدس، ولا ننزوي جانباً نوجِّه سهام النقد.


الساعة الآن 12:47 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025