منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   القديس الأنبا أنطونيوس أب الرهبان (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=30)
-   -   حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=592102)

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:00 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
56. كانت هذه هي النصيحة التي أعطاها لمن آتو إليه. وكان يعطف علي المتألمين، ويصلي معهم، وكثيرا ما استجاب له الرب عن الكثيرين. ومع ذلك فإنه لم يفتخر إذا استجيب له، ولا تذمر إذا لم يستجيب. ولكنه كان يشكر الرب دواماً، ويطلب من المتألم أن يصبر ويعرف أن الشفاء لا يتوقف عليه ولا علي أي إنسان، بل هو من الرب وحده، الذي يفعل الخير وقتما يريد ولمن يريد. ولذلك كان المتألمون يقبلون كلمات الشيخ كأنها شفاء، عالمين بأنهم يجب أن لا يكونوا كسيري النفس، بل بالأحرى طوال الأناة. أما الذين كانوا يشفون فقد أمروا بتقديم الشكر لله وحده لا لأنطونيوس
57. كان هناك يشخص يدعي فرونتو وكان ضابطا في البلاط الملكي، ومصابا بمرض شديد، لأنه كان يعض لسانه، وكان يخشي أن يؤذي عينيه. وإذ أتي إلى الجبل طلب من أنطونيوس أن يصلي لأجله أما أنطونيوس فقال له: "انصرف فتشفي" ولكن أنطونيوس إذ كان منحصرا بالروح، وظل داخل صومعته بضعة أيام، قال له: "إن مكثت هنا لا يمكن أن تشفي، فاذهب وعندما تدخل أرض مصر سوف ترى الآية تمت فيك". فآمن وانصرف. وحالما أبصرت عيناه أرض مصر شفيت أمراضه، وأصبح صحيحا وفقاً لكلمة أنطونيوس التي أعلنها له المخلص في الصلاة.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:00 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
58. وكانت هناك أيضا فتاه من "بوسيربس طرابلس[108]" مصابة بمرض شنيع جداً. لأنه كان يسيل من عينيها وأنفها وأذنيها سائل إذا سقط علي الأرض تحول في الحال إلى دود وكانت مشلولة، ومصابة بمرض في عينيها. وإذ سمع والداها، وكانا يؤمنان بالرب الذي شفي المرأة نازفة الدم[109]، أن رهبانا ذاهبين إلى أنطونيوس، طلبا منهم أن يسمحوا لهما بالسفر معهم برفقة ابنتهما. ولما سمحوا لهما بقي الوالدان وابنتهما خارج الجبل مع بفنوتيوس المعترف والراهب. أما الرهبان، فدخلوا إلى أنطونيوس، ولما أرادوا إخباره بحالة الفتاة سبقهم وقص عليهم أنباء آلام الفتاة، وكيف أنها سافرت معهم. وعندما طلبوا السماح لها بالدخول رفض أنطونيوس قائلا: "أذهبوا، وأن لم تجدوها قد ماتت فستجدونها شفيت. لأن إتمام ذلك ليس لي حتى تأتى إلى أنا الإنسان الشقي، لكن شفاءها هو عمل المخلص الذي يظهر رأفته في كل مكان لكل الذين يدعونه. لذلك أصغى الرب إليها عندما صلت، وقد أعلنت إلىَّ رحمته أنه سوف يشفي الفتاة حيث هي الآن". وعندئذ تملكهم العجب. ولما خرجوا وجدوا والديها فرحين، والفتاه قد شفيت.
59. وكان هناك أخوان قادمين إليه وأعوزتهما المياه في الطريق. فمات أحدهما، وكان الآخر علي وشك الموت، لأنه لم تكن له قوة علي استمرار المسير، بل رقد علي الأرض متوقعاً الموت. أما أنطونيوس فإذ كان جالسا علي الجبل، دعا راهبين تصادف وجودهما وأمرهما قائلا: "خذا جرة ماء واركضا في الطريق إلى مصر. لأن أحد الرجلين الذين كانا قادمين قد مات فعلاً، وسيموت الآخر إن لم تسرعا إليه. لأن هذا قد أعلن إلي وأنا أصلي". لذلك ذهب الراهبان، ووجدوا واحداً ميتا فدفناه. وأنعشا الآخر بالماء، وأخذاه إلى الشيخ، لأن الطريق كان سفر يوم.
أما أن سأل أحد لماذا لم يتكلم قبل أن يموت الآخر، وجب أن لا يوجه سؤال كهذا. لأن قصاص الموت لم يكن من أنطونيوس، بل من الله الذي نقل الواحد وأعلن حالة الآخر. أما وجه العجب هنا فهو فقط في حالة أنطونيوس، لأنه إذ كان جالسا علي الجبل كان قلبه متيقظا وأعلن له الرب أشياء بعيدة .

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:01 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
60. ومرة أخري كان جالساً علي الجبل، وتطلع إلى فوق. فرأى في الهواء شخصا محمولاً إلى أعلي، وكان هنالك فرح عظيم بين الذين قابلوه. ولما تعجب وحسب أمثال هؤلاء مباركين صلي لكي يعرف حقيقة الأمر. ولحال جاءه الصوت: "هذه نفس أمون راهب نيترا[110] أما أمون هذا فكان قد لبث في النسك إلى سن الشيخوخة. وكانت المسافة من نيترا إلى الجبل الذي كان فيه أنطونيوس نحو سفر ثلاثة عشر يوماً. ولما رأى رفقاء أنطونيوس أنه منذهل سألوه ليعرفوا السبب، فعلموا أن أمون مات تواً. وكان اسمه ذائع الصيت لأنه طالما مكث هناك، وجرت علي يديه آيات كثيرة، هذه إحداهما: أراد آمون مرة أن يعبر نهر ليكوس (وكان وقتئذ في فيضانه) فطلب من زميله تيودوروس أن يبقي بعيداً، لكي لا يرى أحدهما الآخر عاريا عند اجتياز الماء عائمين. ولما انصرف تيودورس خجل أمون حتى من أن يري نفسه عارياً. وبينما كان متفكراً وهو ملئ بالخجل حمل إلى الشاطئ الآخر بغتة. أما تيودورس إذ كان رجلا صالحاً. فأقترب ورأى أن آمون عبر أولاً دون أن تسقط منه نقطة ماء. فسأله كيف عبر ولما رأي أن آمون لا يريد أن يخبره أمسك بقدميه. وصرح بأنه لن يطلقه قبل أن يعرف منه الحقيقة. ولما رأى أمون تصميم تيودوروس في إلحاحه، طلب منه أن لا يخبر أحداً قبل موته، وأخبره بأنه قد حمل، ووضع علي الشاطئ الآخر. وأنه لم يضع حتى قدميه علي الماء، وأن ذلك لم يكن ممكنا لأى إنسان بل للرب وحده، ومن يسمح هو لهم، كما فعل مع الرسول العظيم بطرس[111]، وعلي ذلك لم يخبر تيودورس بهذا إلا بعد موت أمون .
أما الرهبان الذين تحدث إليهم أنطونيوس عن موت آمون فقد سجلوا يوم الوفاة، ولما وصل الأخوة من نيترا بعد ذلك بثلاثين يوما سألوهم فعلموا أن آمون رقد في اليوم والساعة التي رأي فيها الشيخ نفسه محمولا إلى فوق. فتعجب هؤلاء وغيرهم من طهارة نفس أنطونيوس. وكيف أنه علم في الحال ما حدث علي مسافة سفر ثلاثة عشر يوما. ورأي النفس وهي صاعدة.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:02 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
61. وأيضا إذ وجد الكونت أرخيلاوس في إحدى المرات في الجبل الخارجي طلب منه مجرد الصلاة من أجل بوليكراشيا من لاودكية، وهي فتاة شريفة مسيحية، وكانت تتألم آلاماً شديدة في معدتها وجنبها بسبب الإفراط في النسك، وكانت ضعيفة الجسد جداً لذلك صلي أنطونيوس. وسجل الكونت تاريخ تقديم الصلاة، ولما انصرف إلى لاودكية وجد الفتاه قد شفيت. وعندما سأل عن وقت شفائها من ضعفها قدم الورقة التي كتب عليها وقت الصلاة. وإذ قرأها تبين أنها شفيت في ذات الوقت فتعجب الجميع لما عرفوا أن الرب قد شفاها من آلامها في الوقت الذي كان أنطونيوس يصلي فيه ويتوسل إلى صلاح المخلص من أجلها.
62. أما عن الذين أتوا إليه فكثيرا ما كان يتنبأ عن سبب مجيئهم قبل وصولهم ببضعة أيام، أو بشهر في بعض الأحيان. فالبعض إنما جاءوا لمجرد رؤيته. وآخرون بسبب ما حل بهم من أمراض، وغيرهم لأنهم كانوا يتألمون من الأرواح الشريرة والجميع لم يحسبوا مشقه السفر تعباً أو خسارة ، لأن كل واحد عاد واثقا أنه نال فائدة. ولكن رغم أنهم قالوا مثل هذه الأقوال، ورأوا مثل هذه المناظر. فإنه اعتاد أن يطلب منهم بأن لا يتعجبوا منه من أجل هذا، بل بالأحرى يجب أن يتعجبوا من أن الرب منح لنا نحن البشر أن نعرفه علي قدر طاقتنا.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:02 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
63. ومرة نزل إلى الصومعة الخارجية في مناسبة أخرى، وطلب منه أن يدخل سفينة مع الرهبان، فلاحظ هو وحدة رائحة كريهة جداً، أما الذين كانوا علي ظهر السفينة فقالوا أن الرائحة الكريهة منبعثة من السمك المملح في السفينة. فأجاب بأن الرائحة تختلف عن هذا. وبينما هو يتكلم صرخ شاب فيه روح شرير كان قد جاء واختبأ في السفينة. ولما وبخ الشيطان باسم الرب يسوع المسيح انصرف عنه، وشفى الشاب، وعرف الجميع أن الرائحة الكريهة منبعثة من الشيطان.
64. وجاء أيضا شخص ذو مركز رفيع به شيطان، وكان الشيطان مرعبا جدا. حتى أن المريض لم يعلم أنه ذاهب إلى أنطونيوس، وكان يأكل حتى البراز الخارج من جسده، والذين أحضروه طلبوا من أنطونيوس أن يصلي من أجله، فشفق القديس علي الشاب وصلي لأجله، وسهر معه الليل كله، ونحو الفجر هجم الشاب علي أنطونيوس فجأة ودفعه، ولما غضب الذين جاءوا معه قال أنطونيوس"لا تغضبوا علي الشاب، لأنه ليس هو الذي عمل هذا بل الشيطان الذي فيه. وإذ وبخ الشيطان وأمر أن يذهب إلى أماكن مقفرة تهيج هياجا جنونيا. وفعل هذا. فاشكروا الرب لأن هجومه هكذا علامة علي انصراف الروح الشرير". ولما قال أنطونيوس هذا عاد إلى الشاب صحيحا في الحال، ورجع إليه عقله أخيرا، وعرف أين هو وحيا الشيخ وشكر الله .

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:02 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
65. وقد روى الكثيرون من الرهبان ـ باتحاد في الرأي ـ أن أموراً كثيرة مماثلة تمت علي يديه. علي أن هذه لا تبدو عجيبة كثيرة كمسائل أخري معينة. لأنه في إحدى المرات عندما كان مزمعا أن يأكل وقام ليصلي نحو الساعة التاسعة أدرك بأنه قد أختطف بالروح. والعجيب أنه وقف ورأي نفسه كأنه خارج جسده، وأنه اقتيد في الهواء بواسطة أشخاص معينين. وبعد ذلك وقفت في الهواء كائنات أخرى مرعبة. وأرادت أن تعرقل مسيره، ولكن لما قاومها مرشدوه سألت عما إذا كان هو ليس مدينا لها. وعندما أرادت أن تخلص الديون منذ ولادته أوقفهم مرشدو أنطونيوس قائلين: "لقد مسح الرب خطاياه منذ ولادته، ولكن يمكنكم أن تحاسبوه منذ أن صار راهبا وكرس نفسه لله".
وبعد ذلك عندما اتهمته ولم تستطع إثبات أية تهمة عليه أصبح طريقه خالياً وأزيلت عنه كل العراقيل. وللحال رأي نفسه كأنه قد أتي إلى جسده، وأصبح أنطونيوس كما كان من قبل. وإذ نسي الأكل صار يئن ويصلي بقية النهار وطول الليل، لأنه دهش إذ رأي كيف أن مصارعتنا مع خصوم أشداء، وكيف أننا يجب أن نجتاز الهواء بجهود شاقة، ثم نذكر أن هذا هو ما قاله الرسول "حسب رئيس سلطان الهواء"[112]لأن العدو له فيه سلطان ليحارب ويحاول تعطيل الذين يجوزون فيه. ولذلك قدم النصيحة بكل قوة "احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير[113]. وذلك لكي يخزي المضاد إذ ليس له شئ رديء يقوله عنا [114]ونحن الذين تعلمنا هذا لنصغ إلى الرسول عندما يقول: "أفي الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست أعلم، الله يعلم" [115]أما أنطونيوس فقد رأي أنه أتي إلى الهواء، وصار يجاهد حتى تحرر.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:02 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
66. ثم أعطيت إليه أيضا هذه النعمة، وهى أنه عندما كان يجلس علي الجبل وحيداً. تحصل له حيرة في تأملاته، يعلن له هذا في الصلاة بواسطة العناية الإلهية، وتعلم الرجل السعيد من الله كما هو مكتوب.[116] وعندما كان يتناقش مرة مع بعض أشخاص أتوا إليه عن حالة النفس وعن طبيعة مركزها بعد هذه الحياة، ناداه واحد من فوق في الليلة التالية قائلا: "قم يا أنطونيوس وأفرح وأنظر" وإذ خرج (لأنه كان يعرف من ذا الذي يجب أن يطاع) تطلع إلى فوق فرأي واحداً واقفاً يصلي إلى السحاب، طويلا مرعبا، مزعجا، وآخرين صاعدين كأن لهم أجنحة. وبسط الشيخ يديه فصعد بعض الصاعدين بينما طار الباقون إلى فوق، وإذ خلا لهم الجو إلى السماء حملوا إلى فوق بلا عناء. عند ذلك صر المارد علي أسنانه، ولكنه شمت بأولئك الذين سقطوا. وللحال آتي الصوت إلى أنطونيوس: "أتفهم ما تري؟" فأنفتح ذهنه، وفهم أن هذا كان عبور النفوس وأن ذلك الكائن الطويل الذي وقف هو العدو الذي يحسد المؤمنين، وأن الذين أمسكهم وصدهم من العبور هم أتباعه، أما الذين عجز عن أن يمسكهم وهم يجتازون إلى فوق فهم الذين لم يخضعوا له.
وإذ رأي هذا، وكان يتذكره، كان يزداد جهادا كل يوم للتقدم إلى ما هو قدام. ثم أنه لم يكن يريد أن يتحدث عن هذه الرؤى. ولكنه عندما كان يصرف وقتا طويلا في الصلاة متعجبا ومتحررا، ويضغط عليه الذين معه بالأسئلة، كان يضطر إلى الكلام كأب لا يستطيع أن يخبئ شيئا عن أبنائه. وكان يعتقد أنه طالما كان ضميره خالصا فإن الشرح يقنعهم لكي يعرفوا أن النسك أثمر ثمار طيبة، وأن الرؤى كثيراً ما كانت عزاء عن أتعابهم.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:03 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
67. يضاف إلى هذا أنه كان لين العريكة، متواضع الروح، لأنه مع وصوله إلى هذه الدرجة من السمو فقد حافظ علي قانون الكنيسة بكل تدقيق. وكان يميل إلى أن كل الأكليروس يجب أن يكرموا أكثر منه، وحتى إن جاءه شماس لطلب المساعدة كان يتناقش معه فيما ينفع، لأنه كثيرا ما سأل أسئلة، ورغب في أن يصغي لمن كانوا حاضرين. وأن قال أي واحد قولا نافعاً كان يعرف أنه قد استفاد.
وعلاوة علي هذا فقد كانت طلعته تنم عن نعمة عظيمة وعجيبة وهذه النعمة أعطيت إليه أيضا من المخلص، لأنه كان إذا ما وجد وسط جماعة كبيرة من الرهبان، وأراد أحد أن يراه ممن لم يعرفوه سابقا، كان في الحال إذا ما مر بينهم يسرع إلى أنطونيوس كأنه قد انجذب بطلعته
ومع أنه لم يتميز عن الباقين في الطول أو العرض إلا أنه تميز عنهم في رصانة الأخلاق وطهارة النفس، لأنه إذ خلت نفسه من كل شائبة صارت هيئته الخارجية هادئة وهكذا حصل من فرح نفسه علي طلعة بهجة. وكانت تتبين حالة روحة من حركات جسمه، كما هو مكتوب "عندما يكون القلب فرحا يكون الوجه مشرقاً، وحينما يكون حزينا يكون الوجه مكتئباً[117]
هكذا عرف يعقوب الأفكار التى في قلب لابان وقال لزوجتيه: "أنا أرى أن وجه أبيكما ليس نحوي كأمس وأول من أمس. وهكذا عرف صموئيل داود لأنه كانت له عينان فرحتان وأسنان بيضاء كاللبن[118] وهكذا كان يعرف الناس أنطونيوس، لأنه لم ينزعج قط إذ كانت نفسه في سلام، ولم يكن ذليل النفس أبداً إذ كان قلبه جزلا.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:04 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
68. وكان عجيبا جدا في الإيمان والتقوى، لأنه لم يختلط قطعا بالمنشقين الميليتين[119]، إذ عرف شرهم وارتدادهم من البدء. ولا دخل في صداقة مع "المانيين "[120]، أو غيرهم من الهراطقة إلا إذا أراد أن يقدم لهم النصيحة لكي يرجعوا إلى التقوى. لأنه كان يعتقد ويؤكد أن الاختلاط بهؤلاء مضر، بل مدمر للنفس.
بنفس هذه الكيفية أيضا كره هرطقة الأريوسيين. وكان ينصح الجميع بأن لا يقتربوا منهم، ولا يعتنقوا عقيدتهم المنحرفة ومرة عندما جاءه بعض الأريوسيين وسألهم، وعرف فسادهم. طردهم من الجبل قائلا أن كلماتهم أشر من سم الأفاعي.
69. وفي إحدى المرات أيضا إذ أكد الأريوسيين كذبا أن آراء أنطونيوس تتفق مع آرائهم استاء منهم وغضب عليهم. وبعد ذلك استدعاه الأساقفة وكل الأخوة، فنزل من الجبل، ولدى دخوله الإسكندرية[121] شجب الأريوسيين قائلاً: إن هرطقتهم هي آخر الهرطقات، وممهدة للمسيح الكذاب. وعلم الشعب أن ابن الله ليس مخلوقا، ولا ظهر إلى الوجود من العدم، ولكنه هو الكلمة الأزلي، وحكمة الأب، ومساو له في الجوهر. ولذلك فمن الكفر أن يقال "أنه كان هناك وقت لم يكن موجودا"، لأن الكلمة كائن بالتساوى مع الآب دواما.
ولذلك فلا تكن لكم شركة قط مع الأريوسيين أشر الملحدين، لأنه لا شركة للنور مع الظلمة[122]، فأنتم مسيحيون صالحون، أما هم فعندما يقولون أن ابن الله الآب، كلمة الله مخلوق، فإنهم لا يخلفون عن الوثنيين، طالما كانوا يعبدون المخلوق دون الخالق[123]، بل ثقوا أن الخليقة نفسها غاضبة عليهم، لأنهم وضعوا الخالق رب الكل، الذى به وجدت كل الأشياء، في عداد تلك الأشياء التى خلقت.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:04 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 

70. لذلك فرح كل الشعب لما سمعوا أن الهراطقة المضادة للمسيحية قد شجبها شخص كهذا. وركض كل شعب المدينة ليروا أنطونيوس. وجاء إلى الكنيسة اليونانية ومن يدعون كهنتهم قائلين: "نطلب أن نرى رجل الله". لأنهم هكذا لقبوه جميعاً، لأنه في ذلك المكان أيضا طهر الرب الكثيرون من الشياطين، وشفي المجانين. وطلب كثيرون من اليونانيين مجرد لمس الشيخ، معتقدين أنهم سيستفيدون. ويقيناً أنه اعتنق المسيحية في تلك الأيام القلية الكثيرون ممن كان يجوز أن يعتنقوها في سنة كاملة، وعندما ظن البعض أنه قد تعب من ازدحام الجماهير، وعلي هذا الأساس صرفهم عنه، قال دون أي اضطراب أن عددهم ليس أكثر من عدد الشياطين الذين صارع معهم في الجبل.
71. وعندما كان منصرفاً. وكنا نحن نعد له الطريق، ووصلنا[124]إلى البوابة، وصرخت امرأة من الخوف وقالت: "انتظر يا رجل الله، فإن ابنتي معذبة جدا من شيطان، أتوسل إليك أن تنتظر لئلا أؤذى أنا أيضا نفسي من الركض". ولما سمعها الشيخ. وسمع رجاءنا نحن أيضا. أنتظر بكل ارتياح. وإذ اقتربت المرأة انطرحت الفتاة علي الأرض. ولكن لما صلي أنطونيوس ودعا اسم المسيح، قامت الفتاه صحيحة إذ خرج منها الروح النجس، وباركت الأم الله، وقدم الجميع الشكر. وفرح أيضا أنطونيوس نفسه مرتحلا إلى الجبل، كأنه مرتحلا إلى بيته ووطنه.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:04 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
72. كذلك كان أنطونيوس حصيفا جداً، وكان وجه العجب أنه ولو لم يتعلم القراءة أو الكتابة كان حاضر البديهة وفي غاية الذكاء. جاءه مرة فليسوفان يونانيان مؤملين أن يقيسا ذكاءهما بذكاء أنطونيوس، وكان وقتئذ في الجبل الخارجي، وإذ علم حقيقة شخصيتهما، وذلك من مجرد مظهرهما، جاء إليهما وقال لهما بواسطة مترجم: "لماذا أجهدتما نفسكما أيها الفيلسوفان لتأتيا إلى رجل جاهل؟" ولما قالا أنه ليس جاهلا بل حصيفا جدا، قال لهما: "إن كنتما قد أتيتما إلى رجل جاهل فقد أسرفتما في تعبكما، أما أن كنتما تعتقدان أنني حكيم فتستطيعان أن تصبرا ، لأننا ينبغى أن نقتدي بما هو صالح. ولو كنت قد ذهبت إليكما لاقتديت بكما. أما وقد أتيتما إلى وجب أن تكونا مثلي، لأنني مسيحي". فانصرفا منذهلين سيما لما رأيا أنه حتى الشياطين تخشى أنطونيوس.
73. وفي مرة أخرى قابله في الجبل الخارجي آخرون كهذين الفيلسوفان، وظنوا أن يهزءوا به لأنه لم يتعلم الحروف. فقال لهم أنطونيوس "ماذا تقولون، ما الذي وجد أولاً العقل أم الحروف؟ وأيهما علة الآخر، هل العقل علة الحروف، أم الحروف علة العقل؟". وعندما أجابوا بأن العقل هو الذي وجد أولاً، وأنه هو مخترع الخروف، قال أنطونيوس: "إذاً فمن كان له عقل راجح أصبح في غير حاجة إلى الحروف".
وأذهلت هذه الإجابة كلا من الواقفين والفلاسفة، فانصرفوا منذهلين إذ رأوا فهما غزيراً كهذا في رجل غير متعلم، لأن طباعه لم تكن خشنة كمن قد عاش في الجبل وشاخ فيه بل كانت رقيقة مهذبة، وكان كلامه مصلحاً بالملح الإلهي، حتى أنه لم يتضايق منه أحد، بل سر منه كل الذين زاروه.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:05 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 

74. بعد هذا جاءه أيضاً آخرون وكان هؤلاء يعتبرون حكماء بين اليونانيين، وطلبوا منه سبب إيمانه بالمسيح. ولما حاولوا أن يحاجوه بصدد الكرازة بالصليب الإلهي، قاصدين الاستهزاء، توقف أنطونيوس قليلاً، وشفق أولاً علي جهلهم، ثم قال بواسطة مترجم استطاع ترجمة كلماته بمهارة: "أيهما أجمل، هل الاعتراف بالصليب، أم أن تنسبوا الزنى ومضاجعة الأولاد لما تسمونه آلهة؟ لأن ما اخترناه نحن هو علامة الشجاعة وعلامة أكيدة علي احتقار الموت، أما أنتم فقد اخترتم شهوات الخلاعة" وثانيا "أيهما أفضل: هل القول بأن كلمة الله لم يتغير ولكنه، وهو هو بنفسه، اتخذ جسداً بشرياً من أجل خلاص الإنسان وغيره، وحتى إذا ما اشترك في الميلاد البشري أمكن أن يجعل الإنسان شريكا للطبيعة الإلهية الروحية [125] ، أم تشبيه الذات الإلهية بالحيوانات عديمة الإحساس ، وبالتالي عبادة البهائم ذوات الأربع، والزحافات وأشباه الناس، لأن هذه موضوع احترامكم أيها الحكماء. وكيف تتجاسرون علي تهزيئنا نحن الذين نقول أن المسيح ظهر كإنسان إذ رأى أنكم وقد أحدرتم النفس من السماء تؤكدون أنها قد ضلت وسقطت من قبة السماء إلى الجسد؟ وليتكم قلتم أنها سقطت في الجسم البشري فقط، دون أن تؤكدوا أنها تتغير إلى البهائم ذوات الأربع والزحافات، لأن إيماننا يصرح بأن مجيء المسيح كان لخلاص البشر، أما أنتم فتضلون إذ تقولون أن النفس لم تخلق. ونحن إذ نتأمل في قدرة ومحبة العناية الإلهية نعتقد أن مجيء المسيح في الجسد لم يكن أمراً مستحيلا علي الله".
ولكنكم رغم اعتباركم النفس بأنها شبه العقل [126] فإنكم تربطونها بالسقطات، وتتوهمون في أساطيركم بأنها متغيرة، وبالتالي تبتدعون تلك الفكرة بأن العقل نفسه متغير بسبب النفس، لأنه مهما كانت طبيعة الشبيه فيتحتم أن تكون هي نفس طبيعة المشبه به. فاذكروا كلما خطرت ببالكم مثل هذه الأفكار عن العقل أنكم تجدفون علي أب العقل نفسه.[127]

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:05 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
75. أما عن الصليب فأيهما أفضل: هل حمله عند الاصطدام بمؤامرة من الأشرار ، دون الخوف من الموت، مهما أتى في أي وضع من أوضاعه[128]، أم الثرثرة الكثيرة عن تحركات أوزوريس، وإيزيس، ومؤامرة تيفون، وطيران كرونس وأكله أولاده وذبح أبيه؟ لأن هذه هي حكمتكم، وأن هزأتم بالصليب فكيف لا تتعجبون من القيامة؟ لأن نفس الأشخاص الذين أخبرونا عن الأخيرة كتبوا عن الأول. ولماذا عندما تذكرون الصليب تخرس ألسنتكم عن ذكر الأموات الذين قاموا، والعمي الذين نالوا البصر، والمفلوجين الذين شفوا، والبرص الذين طهروا، والمشى علي البحر، وباقي الآيات والأعاجيب، التي تبين أن المسيح ليس إنسانا بل هو الله؟ أنتم تبدون في نظري بأنكم تظلمون أنفسكم كثيرا، ولم تقرأوا كتابنا المقدس بانتباه. فاقرأوا وانظروا كيف أن أعمال المسيح تبرهن علي أنه هو الله أتى إلى الأرض لخلاص البشر.
76.ثم خبرونا عن معتقداتكم الدينية. ماذا تستطيعون قوله عن المخلوقات عديمة الإحساس سوى عدم الإحساس والشراسة؟ أما إن كنتم ـ كما أسمع ـ تريدون أن تقولوا أنكم تتكلمون عن هذه الأشياء كمجرد أساطير فتقولون أن هتك عرض الفتاة برسيفونا يرمز للأرض، وأن عرج هيفاستوس يرمز إلى النار، وأن الهواء يرمز إلى هيرا، والشمس يرمز إليها أبولون، والقمر أرطاميس، والبحر بوسيدون، فإنكم لا تعبدون الله نفسه، بل تعبدون المخلوق دون الله خالق كل الأشياء. وإن كنتم قد ابتدعتم مثل هذه الأساطير بسبب جمال الخليقة، فكان خليقا أن تقفوا عند حد الإعجاب بها، وإلا فقد حان لكم أن تحولوا مجد البناء إلى المنزل الذي بناه، وتحولوا مجد القائد إلى الجندي. أي جواب تعطونه عن هذه الأمور إذا لكي نعرف إن كان في الصليب ما يستحق الاستهزاء"؟

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:05 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
77. وعندما وقعوا في حيرة، وتلفتوا هنا وهناك، ابتسم أنطونيوس وقال: "إن المنظر نفسه يحمل الدليل المقنع لهذه الأمور. ولكن طالما كنتم تفضلون الارتكاز علي حجج وصفية، وطالما كنتم تريدوننا أن لا نعبد الله إلا بعد مثل هذه البراهين التي تحذقونها، فهل لكم أن تخبرونا أولاً كيف تعرف بدقة كل الأمور بصفة عامة ومعرفة الله بصفة خاصة؟ هل بطريقة الحجج الوصفية أم بعمل الإيمان. وأيهما أفضل، الإيمان الذي يأتي بعمل الله الداخلي أم الحجج الوصفية.
وعندما أجابوا بأن الإيمان الذى يأتي بالعمل الداخلي أفضل وأنه هو المعرفة الدقيقة، قال أنطونيوس "حسنا أجبتم، لأن الإيمان ينشأ من ميل النفس، أما المنطق فمن ذكاء مخترعه، لذلك فإن الذين يحصلون علي العمل الداخلي بسبب الإيمان ليسوا في حاجة إلى الحجج الوصفية، بل هي زائدة عن الحاجة، لأنكم تحاولون أن تبرهنوا بالكلام ما نعرفه بالإيمان، وكثيرا ما عجزتم حتى عن التعبير عما نعرفه نحن، ولذلك فإن عمل الإيمان الداخلي أفضل وأقوى من حججكم الفنية.
78. لذلك نحن المسيحيين نتمسك بالسر، لا في حكمة الحجج الفلسفية، بل في قوة الإيمان المعطى لنا بغني من الله يسوع المسيح. وللتدليل علي صحة هذا القول: هوذا الآن نحن نؤمن بالله. دون تعلم القراءة والكتابة، عارفين من أعماله عنايته الشاملة بكل الأشياء.
وللتدليل علي أن إيماننا فعال هوذا نحن الآن مدعمون بالإيمان بالمسيح، أما أنتم فتعتمدون علي مماحكاتكم الكلامية. وهوذا خرافات الأوثان قد تلاشت، وأما إيماننا فيمتد في كل مكان، هوذا أنتم بحججكم ومماحكاتكم لم تحولوا أحداً من المسيحية إلى الوثنية. أما نحن فإذ ننادى بالإيمان بالمسيح ندحض خرافاتكم، لأن الجميع يعترفون بأن المسيح هو الله وابن الله.
انتم بفصاحتكم لا تعطلون تعليم المسيح. أما نحن فبمجرد ذكر المسيح مصلوبا نطارد كل الشياطين التى تخشونها كأنها آلهة، فحيث وجدت إشارة الصليب [129] ضعف السحر فتلاشت قوة العرافة.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:05 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
79. " أخبرونا إذا أين هي أقوال آلهتكم؟ أين هو سحر المصريين؟ أين هي ضلالات السحرة؟ متى بطلت كل هذه وبدأت تضعف إلا عندما قام صليب المسيح؟ أهذا يستحق أن يكون موضوع هزء وسخرية ؟ أو ليس بالأحرى تلك التي انقشعت أمامه وافتضح ضعفها؟ والعجيب أن ديانتكم لم تلق أي اضطهاد، بل يكرمها الناس في كل مدينة، أما أتباع المسيح فيلقون الاضطهاد. ومع ذلك فديانتنا تزدهر وتتكاثر أكثر من ديانتكم. كل ما عندكم يتبدد، رغم ما يلقاه من تمجيد وإكرام. أما إيمان المسيح وتعاليمه فقد ملأت العالم، رغم هزئكم بها واضطهاد الملوك لها فى أغلب الأديان لأنه متى ازداد ضياء معرفة الله؟ أو متى ظهر ضبط النفس وسمو البتولية؟ ومتى احتقر الموت إلا عندما ظهر صليب المسيح؟ وهذا ما لا يشك فيه أحد حينما يرى الشهيد محتقرا الموت من أجل المسيح، ويرى عذارى الكنيسة حافظات أنفسهن طاهرات وبلا دنس من أجل المسيح.
80. وهذه العلامات كافية للبرهان علي أن إيمان المسيح وحده هو الديانة الحقة. ولكن انظروا، أنتم لا تؤمنون بعد، ولا تزالون تطلبون حججا، وعلى أي حال فإننا نقدم برهاننا، كما كان معلمنا لا بكلام الحكمة المقنع[130]، بل نقنع بالإيمان الذى يسبق براهين الحجج. هوذا هنا بعض المعذبين جداً بالشياطين (وكان هنالك وقتئذ بعض المرضى المعذبين جدا بالشياطين، فأتى بهم في الوسط وقال) فهل تستطيعون تطهيرهم بالحجج أو بأي فن أو سحر تختارون، داعين أصنامكم؟ وإلا فكفوا عن منازعتنا إن عجزتم، وعندئذ ترون قوة صليب المسيح.
قال هذا ودعا المسيح. ورشم المرضى مرتين أو ثلاث مرات بعلامة الصليب، وللحال وقف الرجال أصحاء، وفي عقلهم السليم، وقدموا الشكر للرب في نفس اللحظة. فتعجب الفلاسفة وذهلوا للغاية من فهم الرجل ومن الآية التى صنعت. أما أنطونيوس فقال: "لماذا تتعجبون من هذا؟ لسنا نحن الذين نعمل هذه الأمور، ولكن المسيح هو الذى يعملها بواسطة من يؤمنون به، لذلك آمنوا أنتم أنفسكم أيضا تروا أنه ليست لدينا حيل كلامية، بل إيمان عن طريق المحبة التى وجدت فينا نحو المسيح، والتي إن حصلتم عليها أنتم أنفسكم لما طلبتم فيما بعد حججا وصفية، بل اعتبرتم الإيمان بالسيد المسيح كافياً".
هذه هي كلمات أنطونيوس، وإذ تعجبوا من هذا أيضا حيوه وانصرفوا معترفين بالفائدة التى نالوها منه.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:06 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 

81. ووصلت شهرة أنطونيوس حتى إلى الملوك، لأن الإمبراطور قسطنطين وولديه قسطنطينوس وقسطنس كتبوا خطابات إليه، كما إلى أب، ورجوه أن يرسل الرد إليهم، ولكنه لم يتفاخر بالخطابات، كما أنه لم يغتبط بالرسائل، بل لبث كما قبل أن يكتب الأباطرة إليه، ولكنهم عندما أحضروا إليه الخطابات دعا الرهبان وقال: "لا تتعجبوا، إن الله كتب الشريعة للبشر، وكلمنا في أبنه"[131]. فإنه لم يرغب قبول الخطابات قائلاً: إنه لا يعرف أن يكتب ردا لرسائل كهذه. ولكن لسبب حث الرهبان له، لأن الأباطرة كانوا مسيحيين، ولئلا يعثروا علي أساس أنهم قد امتهنت كرامتهم، لذلك قبل أن تقرأ الخطابات عليه، وكتب الرد مادحا إياهم لعبادته للمسيح ومقدما إليهم النصيحة في الأمور المتعلقة بالخلاص طالبا أن لا يفكروا كثيرا في الحاضر، بل ليذكروا بالأحرى الدينونة العتيدة ويعرفوا أن المسيح وحده هو الملك الحقيقي الأبدي. ورجاهم أن يكونوا رحماء ، وأن يهتموا بالعدل وبالفقراء. أما هم ففرحوا لاستلامهم الرد….
هكذا كان عزيزا عند الجميع، وكان الجميع يتمنون أن يعتبروه أباً

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:06 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
82. وإذ اشتهر بأنه عظيم ، وكان يجيب علي أسئلة كل من يراه، عاد إلى الجبل الداخلي، وتمسك بنسكه العادي. وعندما كان يأتي إليه الناس وهو جالس أو ماش، كانوا يرونه صامتا[132]، كما هو مكتوب في دانيال. وبعد فرصة كان يستأنف حديثه مع الأخوة الذين كانوا معه. وكان رفقاؤه يدركون أنه قد رأى رؤيا. لأنه عندما كان يجلس علي الجبل كثيرا ما يرى ما هو حادث في مصر، ويرويه إلى سرابيون الأسقف [133] الذى كان معه في صومعته، وأن كثيرا بسبب ما رأى، وبعد فترة معينة عاد إلى الواقفين بجانبه بأنات ورعدة، وصلى. وإذ جثا علي ركبتيه ظل هكذا وقتا طويلا. وعندما قام ذلك الشيخ بكى، فأراد رفاقه أن يعرفوا جلية الأمر، وأتعبوه كثيرا حتى اضطر للكلام. وبأنات قال ما يلي: "يا بنى، كان خيرا لي أن أموت قبل أن يحدث ما ظهر لي في الرؤيا". وعندما سألوه ثانيه أنفجر بالدموع وقال: "إن الغضب يوشك أن يحل بالكنيسة، وهى علي وشك أن تسلم إلى أناس عديمي الإحساس كالبهائم، لأنني رأيت مائدة بيت الرب واقفا حولها بغال من كل جهة في حلقة مستديرة، ترفس الأشياء التي فيها كما يرفس القطيع عندما يقفز مضطربا" . ثم قال "وأنتم قد رأيتم كيف كنت أئن، لأنني سمعت صوتا يقول أن مذبحي سوف يتنجس".
هذه الأمور رآها ذلك الشيخ. وبعد سنتين حدثت ثورة الأريوسيين الحالية. ونهبت الكنائس، عندما اغتصبوا الأواني المقدسة بعنف، وحملوها للوثنيين، وعندما ألزموا الوثنيين الذين في السجون بالاشتراك في خدماتهم، وعملوا ما أرادوا علي المائدة في حضورهم، عندئذ فهمنا أن رفسات البغال كانت تنبي أنطونيوس بما يفعله الأريوسيين الآن بدون إحساس كالبهائم.
ولكن عندما رأى هذه الرؤيا عزى الذين معه قائلا: لا تنكسر نفوسكم يا أولادي، لأنه كما غضب الرب فإنه سيعود ويشفينا، ويعود إلى الكنيسة هدوءها ثانية، وتضئ كما اعتادت أن تضئ، وترون المضطهدين يتراجعون وينسحب الإثم ثانية إلى مخابئه، ويتكلم الإيمان المبارك بجسارة في كل مكان بكل حرية، فقط لا تدنسوا أنفسكم مع الأريوسيين، لأن تعليمهم ليس تعليم الرسل بل تعليم الشياطين وأبيهم إبليس ، لكنه بالأحرى عقيم وبلا معنى، وخال من أى فهم سليم مثل هذه البغال عديمة الإحساس.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:06 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
83. هذه هي كلمات أنطونيوس، ويجب أن لا نشك في إمكانية حدوث مثل هذه العجائب علي يد إنسان، فهذا هو وعد المخلص عندما قال "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل أنتقل من هنا فينتقل، ولا يكون شئ غير ممكن لديكم[134]، وأيضا "الحق الحق أقول لكم أن كل ما طلبتم من الأب باسمي يعطيكم، اطلبوا تجدوا" [135] وهو نفسه الذى قال لتلاميذه ولكل من يؤمنون به "أشفوا المرضى أخرجوا شياطين مجانا أخذتم مجاناً أعطوا"[136]
84. وعلى آي حال فإن أنطونيوس لم يشف المرضى بإعطاء الأمر بل بالصلاة والنطق باسم المسيح، ولذا فقد كان واضحا للجميع أنه لم يكن هو الذى يعمل بل الرب الذى أظهر رحمة علي يديه، وشفى المتألمين، أما نصيب أنطونيوس فكان الصلاة والنسك، اللذين من أجلهما لبث فى الجبل، فرحاً بالتأمل في الإلهيات، وحزينا عندما كانت تجهده كثره الجماهير، مما كان يضطره للانسحاب إلى الجبل الخارجي. فطالما ألح عليه كل القضاة أن ينزل إليهم، لأنه كان مستحيلا عليهم الدخول بسبب المتقاضين الذين يتبعونهم، لذلك طلبوا منه أن يأتى إليهم ليروه ، وعندما رفض الذهاب إليهم ظلوا ثابتين، وأرسلوا إليه الأسرى تحت حراسة الجند، لعله ينزل من أجل هؤلاء. وإذ كانت تضغط عليه الضرورة ورآهم ينتحبون دخل الجبل الخارجي، ولم يصبح تعبه بلا جدوى، لأن مجيئه كان نافعا للكثيرين، وللقضاة أنفسهم، إذ نصحهم ليفضلوا العدل علي كل شئ، ويخافوا الله، ويعرفوا أنه بالدينونة التى بها يدينون يدانون[137]. أما هو فأحب إقامته في الجبل أكثر من كل شئ.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:06 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
85. ومرة أخرى عاني نفس الضغط ممن كانت لهم حاجات ملحة وبعد توسلات كثيرة من قائد الجند نزل، وعندما جاء كلمهم بإيجاز عما يؤول إلى الخلاص، وعمن كانوا يحتاجون إليه، ثم أسرع في الانصراف. ولكن عندما توسل إليه الدوق ـ كما كان يدعى ـ لكي ينتظر، أجاب بأنه لا يستطيع البقاء بينهم وأقنعهم بابتسامة جميلة قائلا "إن بقى السمك طويلا علي الأرض الجافة مات. هكذا يفقد الرهبان قوتهم إن توانوا بينكم وصرفوا وقتهم معكم. لذلك كما يجب أن يسرع السمك إلى البحر، هكذا ينبغي أن نسرع إلى الجبل لئلا إذا تأخرنا ننسى ما بداخلنا". ولما سمع القائد هذا وأشياء كثيرة غيرها منه ذهل وقال: "يقينا إن هذا الرجل خادم الله، لأنه لو لم يكن محبوبا من الله فمن أين كان مثل هذا الفهم العظيم لإنسان جاهل؟".
86. وكان هناك قائد يدعى بلاسيوس اضطهدنا نحن المسيحيين بعنف بسبب رعايته للأريوسيين، ذلك الاسم المشئوم. وإذ اشتدت به قساوة القلب، حتى أنه ضرب العذارى، وجرد الرهبان وجلدهم. كتب أنطونيوس في ذلك الوقت خطابا وأرسله إليه، وهذه فحواه: "أنني أرى الغضب قادما عليك، لذلك كف عن اضطهاد المسيحيين لئلا يحل بك الغضب، لأنه الآن علي وشك المجيء إليك".
أما بلاسيوس فضحك، وألقى بالخطاب علي الأرض، وتفل عليه وأهان حامليه، وأمرهم أن يبلغوا أنطونيوس ما يلى: "طالما كنت مهتما بالرهبان فسآتي إليك أنت أيضا سريعا". ولم تمضى خمسة أيام حتى حل عليه الغضب، لأن بلاسيوس ونسطور[138]والي مصر. خرجا إلى أول مكان للاستراحة بعد الإسكندرية، ويدعي كيريو، وكان كل منهما ممتطيا جواده، وكان الحصانان ملكا لبلاسيوس وهما أهدأ ما في اسطبله. ولكنهما لم يبعدا كثيرا في طريقهما إلى المكان المقصود حتى بدأ الحصانان يطفران معاً كعادتهما، وفجأة عض الحصان الأهدأ ـ الذى كان راكبا عليه نسطور ـ بلاسيوس فأوقعه عن حصانه، ثم هجم عليه، فمزق فخده بأسنانه بحالة أليمة، حتى أنه حمل إلى المدينة في الحال، ومات بعد ثلاثة أيام. وتعجب الجميع لأن ما تنبأ به أنطونيوس تم سريعا.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:07 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
87. وهكذا حذر القساة. أما الباقون الذين جاءوا إليه فإنه علمهم حتى نسوا شئونهم في الحال. وهنئوا الذين اعتزلوا عن العالم. ثم أنه كان يواسى المظلومين بطريقة عجيبة جدا، حتى كان يخيل إليك أنه هو المتألم لا الآخرون.
وعلاوة علي هذا فقد كانت له القدرة علي إفادة الجميع، حتى أن جنودا كثيرين وأشخاصا ممن كانت لهم ممتلكات وافرة تركوا عنهم أثقال الحياة وترهبنوا بقية أيام حياتهم. وكأنه كان طبيبا وهبه الله لمصر. فمن ذا الذى كان حزينا وقابل أنطونيوس دون أن يرجع فرحا مسرورا؟ ومن ذا الذى أتي حزينا من أجل ميته ولم ينزع عنه حزنه في الحال؟ ومن ذا الذى أتي غاضبا ولم يتحول صديقا؟ ومن ذا البائس وكسير الروح الذي لم يحتقر الثروة ويعزى نفسه في فقره بمجرد الاستماع إليه والتطلع إليه؟ أي راهب أتى إليه ولم يتقو بعد أن كان خاملا متكاسلاً؟ أي شاب أتى الجبل ورأى أنطونيوس دون أن يحرم على نفسه الملذات في الحال ويحب الاعتدال؟ من ذا الذى جرب من الشيطان وأتى إليه دون أن يجد راحة؟ ومن ذا الذى أتى مثقلا بالشكوك دون أن يجد صفاء في ذهنه؟
88. والعجيب في نسك أنطونيوس أنه إذ كانت له موهبة تمييز الأرواح، عرف حركاتها. ولم يجهل أين وجه أحدها نشاطه وصوب هجومه. ولم يكن هو وحده الذى لم ينخدع منها، بل أنه إذ طيب خاطر الذين أثقلتهم الشكوك علمهم كيف ينتصرون علي حيلها مبينا لهم ضعف ومكر تلك الأرواح التى تسلطت عليهم. وهكذا نزل كل واحد من الجبل كأنه قد أعده للحرب غير مبال بمؤامرات إبليس وشياطينه.
وكم من عذارى مخطوبات حفظن عذراويتهن من أجل المسيح بمجرد رؤية أنطونيوس من بعيد. وأتى إليه الناس أيضا من أقطار أجنبية. وإذ حصلوا علي بعض الفائدة رجعوا ـ ككل الباقين ـ كأنهم تلقوا المعونة من أبيهم. ويقينا أنه عندما مات أحس الجميع بأنهم حرموا من أب، وعزوا أنفسهم بمجرد ذكرياتهم له، محتفظين في نفس الوقت بمشورته ونصائحه.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:07 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
89. وجدير بالذكر أن أقص عليكم كيف كان موته لكي تسمعوا هذا كرغبتكم. لأن نهايته هذه تستحق الإقتداء بها. فإنه كعادته زار الرهبان في الجبل الخارجي، وإذ عرف من العناية الإلهية أن نهايته قد اقتربت، قال للأخوة: "هذه آخر زيارة أقوم بها لكم، وإن رأينا بعضنا بعضاً مرة أخرى في هذه الحياة كان ذلك مثار للدهشة. أخيرا قد قرب وقت ارتحالي، لأنني أشرفت علي المائة وخمسة أعوام".
وعندما سمعوا هذا بكوا وعانقوا الشيخ وقبلوه. أما هو فتكلم بفرح. كأنه مسافر من مدينة غريبة إلى وطنه. ونصحهم بأن لا يتكاسلوا في عملهم، ولا يخوروا في تدريبهم، بل ليعيشوا كأنهم مماتون كل يوم، وكما قال لهم سابقا يجب أن يحرصوا كل الحرص علي حفظ النفس من الأفكار الدنسة، وأن يقتدوا بالقديسين بكل نشاط ، ولا تكون لهم أية خلطة "بالمانيين"[139]المنشقين، لأنكم تعرفون أخلاقهم الشريرة الفاسدة. ولا تكن لكم أية شركة مع الأريوسيين لأن كفرهم واضح للجميع ولا تنزعجوا إن رأيتم القضاة يحمونهم، لأن دفاعهم عنهم له نهاية. وعظمتهم زائلة ولمدة قصيرة، لذلك ابذلوا حرصا أوفر لحفظ أنفسكم بلا دنس منهم، ولا حظوا تقاليد الآباء سيما الإيمان المقدس بربنا يسوع المسيح الذى تعلمتموه من الكتب ، والذى طالما ذكرتكم به.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:07 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
90. ولما ألح الأخوة ليمكث معهم ويموت هناك رفض لأسباب كثيرة كان ينم عنها التزامه الصمت، وكان أخصها هذا السبب: أن المصريين معتادون إكرام أجساد الصالحين ـ سيما أجساد الشهداء ـ بالخدمات الجنائزية، ولفها بالأقمشة الكتانية عند الموت، وعدم دفنها تحت الأرض بل وضعها علي أرائك، وحفظها في منازلهم، ظانين أنهم بهذا يكرمون الراحلين.
وطالما حث أنطونيوس الأساقفة لأعطاء النصائح للشعب في هذه الناحية. كذلك علم العلمانيين ووبخ النساء قائلا: "إن هذا الأمر لا هو شرعي ولا هو مقدس علي الإطلاق ، لأن أجساد الأباء البطاركة الأولين والأنبياء محفوظة إلى الآن في مقابر. ونفس جسد الرب أودع قبراً وضع عليه حجر، وبقي مختبئا إلى أن قام في اليوم الثالث.[140] وإذ قال هذا بين لهم أن من لم يدفن أجساد الموتى بعد الموت تعدى الوصية حتى وأن كانت الأجساد مقدسة، لأنه أي جسد أعظم أو أكثر قداسة من جسد الرب؟ ولما سمع هذا الكثيرون دفنوا الموتى منذ ذلك الوقت تحت الأرض. وشكروا الرب إذ تلقوا التعليم الصحيح.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:07 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
91. أما هو، فإذ كان يعرف العادة، ويخشى أن يعامل جسده بتلك الطريقة، أسرع بدخول الجبل الداخلي الذى أعتاد الإقامة فيه، بعد أن ودع الرهبان في الجبل الخارجي. وبعد شهور قليلة حل به المرض. فدعا الراهبين اللذين كانا قد بقيا في الجبل خمسة عشر عاماً يمارسان النسك، ويخدمان أنطونيوس بسبب تقدمه في السن، وقال لهما: "إنني كما هو مكتوب[141] ذاهب في طريق الآباء، لأنني أرى أنني دعيت من الرب. فكونوا ساهرين، ولا تفسدوا نسككم الطويل، بل كأنكم مبتدئون الآن حافظوا علي عزمكم بغيرة، لأنكم تعلمون خداع الشياطين وكيف أنها متوحشة ولكنها قليلة القوة. لذلك لا تخافوها، بل بالحرى تنسموا المسيح دواماً، وثقوا فيه، عيشوا كأنكم تموتون كل يوم، التفتوا إلى أنفسكم، تذكروا النصائح التى سمعتموها منى. لا تكن لكم شركة مع المنشقين، ولا أية خلطة علي الإطلاق مع الأريوسيين الهراطقة لأنكم تعلمون كيف أنني تجنبتهم بسبب عداوتهم للمسيح وتعاليم هرطقاتهم الغريبة. لذلك كونوا أكثر غيره علي الدوام لأتباع الله أولا ، ثم التمثل بالقديسين، حتى يقبلونكم أيضاً بعد الموت كأصدقاء معروفين ، في المظال الأبدية، تأملوا في هذه الأمور وفكروا فيها. وإن كنتم تحترمونني وتهتمون بي كأب فلا تسمحوا لأى شخص يأخذ جسدى إلى مصر، لئلا يضعوني في البيوت، لأنني دخلت الجبال وأتيت هنا لأتفادى هذا.
" أنتم تعرفون كيف أنني كنت دواما أوبخ من تمسكوا بهذه العادة ونصحتهم ليكفوا عنها، لذلك ادفنوا جسدى، وخبئوه تحت الأرض بأنفسكم وحافظوا علي كلمتي حتى لا يعرف المكان أحد سواكما. لأنني في قيامة الأموات سأتقبله بلا فساد من المخلص. ووزعوا ثيابي، لأثناسيوس الأسقف أعطوا جلد خروف والرداء الذى أنا مضطجع عليه، والذى أعطانيه هو جديدا، ولكنه عتق معي، ولسابيون الأسقف أعطوا الجلد الآخر، واحتفظوا لنفسكم بالثوب المصنوع من الشعر[142] أما الباقي فخذاه يا ولدى. لأن أنطونيوس راحل ولن يبقى معكما فيما بعد".

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:08 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
92. وإذ قال هذا قبلاه، ثم رفع رجليه، وكأنه رأى أصدقاء قادمين إليه وفرح بهم، لأنه إذ رقد بدت طلعته باشة، وعندئذ مات وضم إلى الآباء. أما هما فبناء علي وصيته لفاه ودفناه مخبئين جسده تحت الأرض، ولا يعرف أحد حتى اليوم أين دفن سوى هذين الاثنين والذى تقبل جلد الغنم من المغبوط أنطونيوس، والذى تقبل الثوب الذى كان يلبسه، حسبا ذلك كنزا نفيساً، لأن مجرد التطلع إلى هذين الرداءين كان يعتبر تطلعا إلى أنطونيوس. وكل من لبسهما كان يبدوا كأنه حامل نصائحه بفرح.
93. هذه هي نهاية حياة أنطونيوس في الجسد. أما الوصف الذى تقدم فهو لمحة عن نسكه، وأن كان هذا الوصف أقل مما يستحقه. فإنك بهذا يمكنك أن تدرك كيف كان أنطونيوس رجل الله عظيما. ذاك الذى منذ شبابه إلى سن متقدمة كهذه، احتفظ بغيرة ثابتة نحو النسك، ولم ينغلب بسبب تقدم سنة من شهوة الأطعمة الفاخرة، ولا غير طريقة ملابسه بسبب ضعف جسمه. ومع ذلك ظل سليما من كل أذى، لأن عينيه لم تظلما، بل بقيت سليمتين تماما، وكان يرى بوضوح، أما أسنانه فلم يفقد واحدة منا، بل زادتها شيخوخته ثباتا من اللثة. وظل قوى اليدين والقدمين. وبينما كان كل الناس يستعملون أطعمه منوعة وثيابا متعددة كان هو يبدو أكثر انشراحا وأوفر قوة
(ببساطة طعامه وملبسه).

أما ذيوع شهرته في كل مكان، واحترام الجميع له بإعجاب، واشتاق الذين لم يروه لمشاهدته، فكل هذا برهان واضح علي فضيلته ومحبه الله لنفسه. لأن أنطونيوس لم يشتهر بسبب كتاباته أو بسبب أية حكمة عالمية أو أي فن ، بل بسبب تقواه نحو الله فقط. وليس من ينكر أن هذه كانت موهبة من الله لأنه من أين كان ممكنا أن يسمع عن ذلك الرجل في أسبانيا وبلاد الغال. فى روما وأفريقيا، لولا الله الذى يجعل أخصاءه معروفين في كل مكان، والذى وعد أيضا أنطونيوس بهذا في البداية؟ لأنهم حتى إن عملوا في الخفاء، وأرادوا أن يبقوا متوارين، إلا أن الرب يظهرهم كمصابيح لإناره الجميع لكي يعرف كل من يسمعون أن وصايا الله قادرة علي أن تقود الناس إلى النجاح، فيزدادوا غيرة في طريق الفضيلة.

Mary Naeem 01 - 11 - 2018 04:08 PM

رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
 
94. لذلك إقرأوا هذه الكلمات لسائر الأخوة لكي يعرفوا ماذا يجب أن تكون عليه حياة الرهبان، ولكي يؤمنوا أن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح يمجد الذين يمجدونه، ويقود الذين يخدمونه إلى النهاية، ليس فقط إلى الملكوت، بل هنا أيضا يجعلهم ظاهرين (حتى ولو خبئوا أنفسهم وأرادوا الاعتزال عن العالم) ومعروفين تمام المعرفة في كل مكان، بسبب فضيلتهم والمساعدات التى يقدمونها للآخرين. وإن لزم الأمر إقرأوا هذا بين الوثنيين، حتى يعرفوا أن ربنا يسوع المسيح ليس فقط إلهاً وابن الله، بل أيضا أن المسيحيين الذين يخدمونه بالحق ويؤمنون به عمليا لا يبرهنون فقط علي عدم ألوهية الشياطين التى يظنها الوثنيون أنفسهم آلهة، بل أيضا يدوسونها تحت أقدامهم، ويطاردونها كمضللة ومفسدة للبشر.
وذلك بيسوع المسيح ربنا الذى له المجد إلى ابد الآبدين أمين.


[1]Anthony the Great
عن كتاب حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى تعريب القمص مرقس داود
[2]"وكان يعقوب إنساناً كاملاً"، أو "بسيطاً" حسب الترجمة الإنجليزيةأو "سليماً" حسب ترجمة اليسوعيين(تك25:27)
[3] مت 4 : 2
[4] أع 4 : 34 و 35
[5] مت 19 : 21
[6] مت 6 : 34
[7] ولعل المقصود بيت تسكنه العذارى
[8] والأرجح أن الكلمة تعنى صوامع الرهبان
[9] 2 تس 2 : 10
[10] مت 6 : 7، 1 تس 5:17
[11] أى 40:16 يرمز بهيموث ولوياثان للشيطان.
[12] أنظر تجسد الكلمة 8 : 2 ، 10 : 5
[13] 1 كو 15 : 10
[14] هو 4 : 12
[15] مز 118 : 7
[16] رو 8: 3، 4
[17] أف 6 : 11
[18] 1كو 9: 27
[19] المقصود الصابون
[20] 2 كو 12 : 10
[21] فى 3 : 14
[22] 1مل 18 : 15
[23] رو 8 : 25
[24] مز 27 : 3
[25] أنظر أع 8 : 20
[26] أنظر "تجسد الكلمة" 47 : 2
[27] مز 68 : 1 ،2
[28] مز 118 : 10
[29] رو 8 : 22
[30] بين النيل والفيوم
[31] أنظر "الرسالة الى الوثنيين" 1
[32] مز 90 : 10 حسب الترجمة السبعينية
[33] أو نصير ملوكاً
[34] رو 8 : 18
[35] جا 4 : 8، 6 : 2
[36] أى الفضيلة
[37] حز 18 : 26 اذا رجع البار عن بره و عمل اثما و مات فيه فباثمه الذي عمله يموت
[38] رو 8 : 28
[39] 1 كو 15 : 31
[40] لو 9 : 62 ، فى 3: 13، تك 19: 26
[41] لو17: 21
[42] يش 24 : 23
[43] مت 3 : 3
[44] يع 1 :20 ، 15
[45] أم 4 : 23
[46] اف 6 : 12
[47] ليس هذا رأي أثناسيوس نفسه الذي يعتبر أن الهواء قد تنقي من الأرواح الشريرة بموت المسيح بالنسبة للمؤمنين. أنظر " تجسد الكلمة" 25: 5 علي أن أثناسيوس لم يقصد أن يقول بأن سلطانها علي الأشرار قد بطل . كما أن أنطونيوس لم ينسب إليها أية سلطة علي المسيحيين
[48] 2 كو 2 : 11
[49] أنظر ف 13
[50] أى 41 : 18 - 21
[51] أي41 : 27 إلخ
[52] خر 15 :9
[53] أش 10 : 14
[54] أي 41 : 1
[55] أنظر أي 40 : 19 –24
[56] حب2 : 15 حسب الترجمة السبعينية
[57] لو 4 : 41
[58] مز 50 : 16
[59] مز39 : 1 – 2
[60] مز 38 : 13 –14
[61] يو8 : 44
[62] يشوع بن سيراخ 1: 25
[63] 2 مل 19 : 35
[64] مت 8 : 31
[65] أنظر تجسد الكلمة 3: 3
[66] لو 10 : 19
[67] هذه الفكرة المادية عن الشياطين قد تكون مستقاة من آراء أوريجانوس وغيرة، ولكنها ليست فكرة أثناسيوس، أو لعل المقصود الأجساد التي تتخذها أحيانا
[68] سوسنه43
[69] تجسد الكلمة 47
[70] أنظر مثلا الفصلين التاليين 60 ، 63 وهذا أبعد مما يذهب إليه أثناسيوس نفسه. وهو في نفس الوقت قريب مما قال عن الأحلام في رسالته إلى الوثنيين ف 30 وعن قدرة النفس في المرئيات" تجسد الكلمة" 17 : 3
[71] 2 مل 5 : 26
[72] 2 مل 6 : 17
[73] كو 2 : 15
[74] مت 12 : 19 أنظر أيضاأش42 : 2
[75] لو1 : 13
[76] مت 28 : 5
[77] لو 2 : 1
[78] يو 8 : 56
[79] لو 1 : 41- 44
[80] مت 4 : 10
[81] لو 10 : 20
[82] مت 7 : 22
[83] 1 يو 4 : 1
[84] مز 20 : 7
[85] مز 38 : 14
[86] رو 8 : 35
[87] لو 18 : 10
[88] 1 كو 4 : 6
[89] مز 9 : 6
[90] هذه ملاحظة هامة تتفق مع علم النفس
[91] يش 5 : 13
[92] سوسنة 51 – 59
[93] عد 24: 5 - 6
[94] مت 6 : 25 ، 31- 32 ، لو 12 : 29
[95] سنة 303 - 311
[96] استشهد في 25 نوفمبر 311م، أنظر تاريخ الكنيسة ليوسابيوس 7 : 32
[97] لو 11 : 9
[98] Bucolia في الوجه البحري
[99] اف 6 : 12
[100] مز 125 : 1
[101] أي 5 : 23
[102] مز 35 : 16
[103] أم 24 : 15 الترجمة السبعينية
[104] أف 4 : 26
[105] 2 كو 13 : 5
[106] 1 كو 3 : 5 ، رو 2 : 16
[107] غل 6 : 2
[108]Busiris Triplitana
[109] مت 9 : 20
[110] وادي النطرون
[111] مت 14 : 28
[112] اف 2: 2
[113] اف 6 : 13
[114] تي 2 : 8
[115] 2 كو 12 – 2
[116] اش 53 : 13، يو 6 : 45
[117] أم 15 : 13
[118] تك 31 : 5 ، 1 صم 16: 12، 17: 32
[119] نسبة إلى ميليتوس الأنطاكي وكان أسقف لأنطاكية ونفي ، ثم خلفه يوزيوس شريك أريوس في بدعته .
[120] اتباع مانى ( 215 – 276 م) الذى نادى بأن كل الأشياء نشأت من مصدرين : الظلام والنور. الخير والشر
[121] من 25 - 27 يوليه سنة 338
[122] 2 كو 6 : 14
[123] كانت هذه حجة طالما استعملت لتفنيد أراء الأريوسيين، ويصح تشبيه حجج أنطونيوس بحجج أثناسيوس
[124] هذا يظهر أثناسيوس مؤرخاً صادقا
[125] انظر تجسد الكلمة 54 : 3 ، 2 بط 1: 4
[126] نادى بلوتينوس بأن النفس صورة للعقل كما أن الكلام الذى تنطق به صورة الكلام الذي في النفس.
[127] من المدهش حقا أن نرى أنطونيوس، وهو يجهل اليونانية والحروف، يحاج عن النظريات الفلسفية الأفلاطونية. لقد قضي حياته كلها ـ فيما عدا زيارتين قصيرتين إلى الإسكندرية ـ بعيداً عن مثل هذه المناقشات ومع ذلك فليس من السهل أن نقول كيف أن شخصا قوى الذهن حاد الذاكرة استطاع أن يلتقط من مناقشة زواره الكثير عن تلك المواضيع العويصة.
[128] تجسد الكلمة 24: 3
[129] تجسد الكلمة 47 : 4
[130] 1 كو 2 : 4
[131] عب 1 : 2
[132] " مبهوتا" حسب ترجمة اليسوعيين( دا 4 : 16 ) أو " متحيرا" حسب ترجمة بيروت ( دا 4 : 19)
[133] أسقف تمويس وهو صديق أثناسيوس
[134] مت 17 : 20
[135] يو 16 : 23 – 24
[136] مت 10 : 8
[137] مت 7 : 2
[138] كان نسطور والياً علي مصر سنة 345 إلى 352
[139] أنظر الحاشية رقم 115
[140] يو 19 : 41 ، مت 27 : 60
[141] يش 23: 14
[142] قال جيروم أن أنطونيوس تقبل من بولس الطيبى (نسبة إلى طيبة ) بدله كهنوتية مصنوعة من أوراق النخيل، وكان يلبسها دواما في الأعياد، فلو كان لهذه التركة وجود وهى الأثمن من أرجوان الملوك لما كان قد غفل عنها أنطونيوس في الوصية بممتلكاته العالمية. ولذلك فإن عدم ذكر شئ عن هذه الحلة الكهنوتية في هذا الكتاب قد يلقى الشك علي رواية جيروم.


الساعة الآن 07:14 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025