![]() |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
مدرسة الإسكندرية والمجامع المسكونية من يدرس المجامع المسكونية الأولى، إنما يلتقي برجال الفكر المسيحي الإسكندري كأبطال إيمان وقادة فكر على مستوى مسكوني: لا يسهم في هذا مركز سياسي، لأن الإسكندرية عاشت خاضعة للدولة الرومانية تحكمها روما ثم بيزنطة فيما بعد حتى دخول العرب مصر، إنما يسندهم مركزهم الروحي التقوى اللاهوتي والإنجيلي، فكانت مدرسة الإسكندرية بما تحمله من قوة روح ومن فكر لاهوتي عميق ودراسات كتابية هي سر قوة آباء الإسكندرية. لم يطمع آباء الإسكندرية في مراكز قيادية لأغراض شخصية، إنما اتساع قلبهم بالحب الإلهي وعمق دراساتهم جذبت الكثيرين إلى مدرسة الإسكندرية وإلى برية مصر، يرتوون بلاهوتياتها ويتدربون على الحياة النسكية على يدي رهبان مصر. هذا بجانب ما اتسم به الأقباط منذ فجر المسيحية بالغيرة على الإيمان المستقيم، فكان لهم دورهم الايجابي لعلاج الكثير من المشاكل اللاهوتية في الشرق كما في الغرب. لم يقحموا أنفسهم في مشاكل كنائس أخرى ولا تطفلوا عليهم إنما بروح الحب والوحدة وخلال علاقات الأخوة الصادقة كانوا يستدعون لحل هذه المشاكل أو يطلب إليهم خلال رسائل متبادلة. عندما قبل الأباطرة الإيمان المسيحي وهدأت موجات الاضطهاد المتوالية، وجد الهراطقة مجالات متسعة لنشر أفكار مضادة للإيمان، خاصة آريوس ونسطور وأوطيخا وأبوليناريوس الخ. وكان لابد لآباء الإسكندرية أن يكون لهم دورهم الإيجابي في محاولة رد الهراطقة بطول أناة لكن ليس على حساب الإيمان الكنسي الإنجيلي. الآن اكتفى بعرض دور بعض آباء الإسكندرية في المجامع المسكونية، تاركًا الحديث عن القديس ديسقورس وموقف مجمع خلقيدونية منه لفصل مستقل وذلك لأهميته بالنسبة لنظرة الكنائس الخلقيدونية لنا، ولعدم إدراك البعض لحقيقة إيماننا بالنسبة لطبيعة السيد المسيح. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا أثناسيوس الرسولي ومجمع نيقية في كتابنا "الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة علم ولاهوت" الموجود هنا في موقع الأنبا هيمانوت أفردت فصلًا خاصًا عن البابا أثناسيوس والآريوسية. هنا اكتفي بما قاله القديس غريغوريوس النزيانزي: [عندما أمدح أثناسيوس، أكون ممتدحا الفضيلة؛ فإنني أذكر كل فضيلة عندما أشير إلى ذاك الذي اقتنى كل الفضائل: كان عمود الكنيسة الحقيقي، حياته وسلوكه يمثلان نظامًا للأساقفة، وتعليمه يمثل قانون الإيمان الأرثوذكسي] (1). سيم بطريركا (بابا) للإسكندرية عام 328م، ودامت رئاسته 46 عامًا، قضى منها أكثر من 17 عامًا في النفي بسبب مقاومته العنيفة لانتشار الآريوسية التي كان يسندها بعض الأباطرة، وقد نفى خمس مرات. في سنة 325م انعقد أول مجمع مسكوني في مدينة نيقية، وذلك بسبب خطورة انتشار الآريوسية التي أنكرت لاهوت السيد المسيح، وجعلت منه مخلوقا وجد قبل الزمن كأداة للخلق، يقوم بدور الوساطة بين الله والعالم. كما نادوا أيضا بأن الروح القدس ليس هو الله بل هو إله أقل من اللوغوس (الكلمة). انعقد المجمع بناء على دعوة الإمبراطور قسطنطين، حضره 118 أسقفًا، من بينهم البابا الكسندروس الاسكندرى يصحبه سكرتيره القديس أثناسيوس، وكان شابا صغير السن. لم يكن يسمح له كشماس أن يشترك في المناقشات، وقد قيل أن البابا سامه قسًا ليحق له الاشتراك في المناقشات، فدخل في حوار مع آريوس وأتباعه وأفحمهم بغيرته المتقدة وقدرته اللاهوتية وقوة حجته. كما وضع قانون الإيمان الذي تردده كل الكنائس اليوم. وإذ انتهى المجمع تركه يصحبه إعجاب كل الأساقفة كما تصحبه كراهية الجانب الهرطوقي الذي أثار ضده عواصف كثيرة في حياته. كتب عنه جون هنرى نيومان: [هذا الرجل الفائق. هو أداة رئيسية بعد الرسل، سلمت الحقائق المسيحية القدسية وأمنت بالكلمة] (2). |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا تيموثاوس ومجمع القسطنطينة انعقد المجمع المسكوني الثاني سنة 381 م بمدينة القسطنطينية، بدعوة من الإمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير، حضره 150 أسقفا، أساسا لمحاكمة مقدونيوس؛ منكر لاهوت الروح القدس. وهو رجل أرياسي استطاع أن يصير بطريركا على القسطنطينية. كان للبابا الإسكندري تيموثاوس دوره الفعال في المجمع، حتى قال المؤرخ سوزومين (3) إنه كان رئيسًا للمجمع. إذ انتهى المجمع من معالجة الأمور اللاهوتية بقوة، ونوقشت بعض الأمور الإدارية فدخلت الكرامة الزمنية إلى الكنيسة، فجعل المجمع كرامة الإسكندرية بعد روما والقسطنطينية، الأولى لأنها العاصمة والثانية لأنها رما الجدلدة، فانسحب البابا والأساقفة. هذا الانسحاب لم يقلل من غيرة آباء الإسكندرية في عملهم الإيماني على مستوى المسكونة، ولا قلل من تقديرنا لآباء المجمع إذ نذكرهم في كل قداس إلهي، كما لم يحط من شأن الإسكندرية، فنجد وليم وارل عند معالجته للحركة المسكونية، يقول: [كان كرسي (الإسكندرية) هو أهم الكراسي في الكنيسة، إذ كانت المدينة هي أهم مدن الشرق. بجانب هيبة مصر القديمة والإسكندرية بهيلينيتها، صيتها في التعليم المسيحي وقدرتها على القيادة] (4). |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
البابا كيرلس الكبير والنسطورية في 22 يونيو سنة 431 م انعقد المجمع المسكوني الثالث في مدينة أفسس، بأمر الإمبراطور ثيؤجوسيوس الصغير، حضره 200 أسقفًا. وكان القديس كيرلس الكبير -بابا الإسكندرية- رئيسًا للمجمع؛ وذلك لمحاكمة نسطور بطريرك القسطنطينية، هذا الذي قسم السيد المسيح إلى شخصين منفصلين، أبن الله وابن الإنسان. اهتم القديس كيرلس بتأكيد وحدة اللاهوت والناسوت دون اختلاط أو امتزاج. وقد ركز على لقب "ثيؤثوكوس" أي "والدة الإله" للقديسة مريم، لتوضيح أن المولود منها هو بالحقيقة الله الكلمة المتأنس، وليس إنسانا عاديا حل عليه اللاهوت فيما بعد. وقد سبق لنا معالجة هذا الموضوع في كتاب: كنيسة علم ولاهوت". |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الكنيسة القبطية والحركة الرهبانية
|
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
نسك إنجيلي تعرف الكنيسة القبطية باتجاهاتها النسكية، ليس فقط بسبب انطلاق الحركات الرهبانية فيها، وإنما كملامح تمس حياتها كلها بعبادتها. قامت هذه الاتجاهات على أساس إنجيلي. "لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟" (مت 16: 26). "اذهب وبع كل مالك ووزعه على الفقراء وتعال اتبعني" (مز10: 21؛ لو 18: 22). "اقمع جسدي واستعبده حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضًا" (1كو9:27). هذا الفكر الإنجيلي وجد استعذابا عند الأقباط الذين التهبت قلوبهم بمحبة الأبدية. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الحياة النسكية والعالم الآتي بينما ارتبطت أغلب الحضارات القديمة بالحياة الزمنية فكانوا يسعون وراء الملذات الوقتية إذ بالفكر المصري يبتلغ بالعالم الآتي. فكان المصريون القدماء يعتقدون فيما يسمى بالقيامة، أي في إمكانية عودة الميت إلى الحياة أبديا إن مورست بعض الطقوس (2). لهذا يلزم تحنيط الأجساد في مقابر مختومة، حتى لا يقدر أحد أن يزور القبر ويسكن فيه غير النفس (كا). لذلك كانت المقابر تزود بكل احتياجات الحياة اليومية من ملابس وطعام وشراب واوان وسكاكين وكراسي وأسلحة ومركبات وحلى للنساء وأدوات لعب للأطفال (3). عندما قبل الأقباط المسيحية ازداد شوقهم للعالم الآتي والتهب حنينهم له، لكن على أساس إنجيلي. فعوض انشغالهم بعودة الأرواح إلى الأجساد المحفوظة في المقابر اشتهوا أن ترتفع أرواحهم وأفكارهم وقلوبهم لتنعم بالحياة السماوية حتى وهم بأجسادهم يسلكون على الأرض. بمعنى آخر، شوقهم للعالم الآتي أعد الطريق لممارسة الحياة النسكية على أساس إنجيلي. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
مفهوم النسك القبطي النسك في الكنيسة القبطية ليس غاية في ذاته يشتهى المؤمنون بلوغها، إنما هو تجاوب عملي للمحبة الإلهية. فإن كان ربنا قد قدم حياته لأجلنا، يليق بنا نحن من جانبنا أن نتوق إلى تقديم حياتنا ذبيحة حب من أجل الله. إننا نزهد الملذات الزمنية كعلامة عن شوقنا الداخلى للتمتع بالنعيم الأبوي خلال الحياة الجديدة في المسيح يسوع. المؤمنون خاصة الرهبان لهم هدف واحد ألا وهو التمتع بملكوت الله الداخلى كعربون لملاقاة الله وجها لوجه في الحياة الأبدية. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
النسك والحياة الكنسية كثيرًا ما تحدثت عن النسك في الكنيسة القبطية ومفاهيمها اللاهوتية وحياتها التعبدية وسلوكها. لذا اكتفى هنا بإبراز النقاط التالية: 1- أثر الحياة النسكية على الكنيسة القبطية واضح في عبادتها، فالألحان طويلة لكنها ممتعة ومبهجة للنفس، أصوامها كثيرة تتعدى النصف سنة سنويا، ليتورجياتها تتركز حول انتظار مجيء السيد المسيح (بفكر اسخاتولوجى). 2- عرفت الكنيسة القبطية بكثرة عدد شهدائها حتى يتطلع البعض إلى بقائها كعمل إلهي معجزي. مدن بأسرها استشهدت، وكان الشهداء يواجهون مضطهديهم بفرح كمن ينتظر التمتع بإكليل الاستشهاد. 3- كان للفكر النسكي الروحي أثره على اللاهوت الإسكندري، إذ حمل اتجاها خلاصيًا، فتركز اللاهوت في التمتع بالخلاص (سوتيريولوجى). اللاهوت ليس موضع أفكار فلسفية للمباحثات بقدر ما هو متعة لتذوق عمل الله الخلاصي في حياة المؤمن (4). 4- الحياة النسكية لا تعنى معاداة الجسد وحواسه وطاقاته، وإنما بالحري التطلع إليه بقدسية خاصة كمعين للنفس (5). 5- إن كانت الحياة النسكية قد مهدت الطريق لبدء انطلاق الحركات الرهبانية بكل صورها من نظام الوحدة، ونظام الجماعات، ونظام الشركة، فإن هذه الحركات كانت تهدف إلى حياة الاتحاد مع الله، بصورة أو أخرى. لهذا فهم المصريون الوحدة لا بمعنى العزلة عن الناس بل الوحدة مع الله. فالراهب حتى وإن عاش في البرية وحده لا يعتزل بقلبه البشرية بل يحملهم بالحب في قلبه، يصلى من أجلهم، ويئن مع أنينهم، مشتاقا نحو خلاص الكل. 6- قاوم كثير من الآباء المصريين المبالغة في النسك، خاصة إن كان بدون إفراز (تمييز) أو حكمة. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الحركة الرهبانية المصرية من مصر انطلقت كل النظم الرهبانية إلى العالم كله، وذلك في القرن الرابع، لترد قلب الكنيسة إلى الحياة الداخلية بعد أن قبلت الدولة المسيحية، وانفتح باب الإمبراطور أمام الأساقفة والكهنة. غير أن هذه النظم التي أسسها الأقباط لم تظهر خلال خطة كنسية مسبقة، إنما ظهرت إلى النور خلال حب طبيعي التهب بقوة في قلوب كثير من المسيحيين الأوائل. 1- في العصر الرسولي، مارس كثيرون النسك بغية التمتع بكمال الإنجيل. 2- أشعل الاتجاه الاسخاتولوجى (الأخروي) في الكنيسة شوق المؤمنين نحو مجيء عريسهم، فاستحسن بعض المؤمنين أن يعيشوا في بتولية مكرسين كل أوقاتهم للعبادة كتهيئة لوليمة العرس السماوي. في القرن الثاني، كانت العذارى المسيحيات في سميرنا وكورنثوس يسرن في مواكب الليتورجية خلف الكهنة، أمام الأرامل. كذلك وجدت جماعات كثيرة من العذارى في الإسكندرية وفى مدن كثيرة من العالم، وكانت المقالات الخاصة بالبتولية تمثل جزءا حيا من كتابات الآباء في الثلاثة قرون الأولى. 3- شعر بعض العذارى والنساك بالحاجة إلى جو روحي معين فكانت العذارى يعشن معًا واستحسن الرجال تَرْك المدن ليعيشوا في أكواخ بسيطة في القرى، وكانوا يدعون "مكرسين". وإذ شعر البعض بالعطش نحو الحياة الملائكية هربوا إلى البرية، ولم نعرف منهم إلا القليل مثل القديس الأنبا بولا السائح الذي عاش قرابة تسعين عاما في البرية (حوالي 250 341م). 4- بظهور القديس أنبا أنطونيوس تأسست الحركة الرهبانية، وأعتبر أب الرهبة في العالم كله، وإن كان قد سبقه كثيرون، ذلك لعلاقته الوثيقة بقادة الكنيسة خاصة البابا أثناسيوس الذي كتب عنه للعالم الروماني. ولأنه فتح مغارته بعد حوالي عشرين عاما من العزلة التامة ليتتلمذ عليه قادة رهبان، ويحاور الفلاسفة ببساطة إيمانه، ويستقبل الحكام، كما كان للقديس دوره الحي في الكنيسة فنزل إلى الإسكندرية يسند الشهداء ويقف ضد الآريوسية. 5- ظهر القديس باخوميوس أب الشركة الذي أحس أن نظام التوحد لا يناسب كل راغبي الرهبنة، فأقام جماعة رهبانية داخل أسوار الأديرة. 6- أقام القديسون أنبا مقاريوس الكبير وأنبا آمون وغيرهما نظام الجماعات في منطقة وادي النطرون. حيث جاء كثيرون من أنحاء العالم يمارسون الحياة النسكية على أرض مصر، ويكتبون عنها لينقلوا الفكر إلى الخارج. هذا ويلاحظ أن قادة هذه الأنظمة الثلاثة لم يتعصبوا لأنظمتهم، بل كانوا يتزاورون ويمتدح كل منهم النظامين الآخرين. 7- قامت الحركة الرهبانية النسائية جنبا إلى جنب مع حركة الرهبنة للرجال، وساهم الرهبان في بناء أديرة النساء. وظهرت قيادات نسائية لها دورها الفعال مثل الأم سارة والأم ثيؤدورة. كما تخفى بعض النساء المصريات والأجانب في زى رجال وعشن حياة ناسكة في أديرة الرجال وغلبن بنسكهن وجهادهن وروحانياتهن الكثيرون. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
|
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
القديس بولا الطيبي (رئيس السواح) من قيادات الرهبنة القبطية 1- القديس بولا الطيبي (رئيس السواح) من قيادات الرهبنة القبطية: كتب سيرته القديس جيروم عام 374 أو 375 م. نشأ في شمال الصعيد، نال قسطا وافرا من العلوم اليونانية والمصرية، وإذ بلغ السادسة عشر من عمره نال قسطًا وافرًا من الميراث عن والديه. وفى أثناء اضطهاد داكيوس (حوالي سنة 250 م.) انطلق إلى البرية بعد أن تعرض لرغبة أخيه بطرس في اغتصاب ممتلكاته. وإذ بلغ من العمر المئة والثلاثة عشر سنة يمارس الحياة الملائكية وهو على الأرض التقى به القديس أنطونيوس، حيث ناداه الأنبا بولا باسمه، وصارا يتحدثان عن عجائب الله ويسبحانه. عند الغروب نزل غراب كان مستقرا على نخلة وألقى خبزة كاملة أمامهما، مع أنه كان قد اعتاد أن يلقى نصف خبزة للقديس أنبا بولا. في اليوم الثالث صرف الأنبا بولا الأنبا أنطونيوس ليحضر له ثوب القديس أثناسيوس الذي وهبه إياه، لكي يكفنه به. وإذ عاد الأنبا أنطونيوس وجد الأنبا بولا راكعا كمن يصلى، وأخيرا اكتشف أنه قد رقد. جاء أسدان وحفرا في الرمل حتى يدفن القديس بولا. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
القديس أنطونيوس من قيادات الرهبنة القبطية 2- القديس أنطونيوس من قيادات الرهبنة القبطية: ولد حوالي سنة 251 م. في مدينة كوما (قمن العروس) بمصر الوسطى. في الثامنة عشر من عمره إذ سمع الإنجيل: "إن أردت أن تكون كاملا فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء. وتعال اتبعني" (مت 19: 21)، قام ببيع ممتلكاته وأودع أخته في بيت العذارى، وسكن في كوخ يتتلمذ على يدي رجل قديس. بعد فترة رحل إلى الصحراء الغربية ليجاهد بنفسه في قبر منحوت في جانب الجبل. وفى سن الخامسة والثلاثين استقر على الضفة الشرقية من النيل في منطقة بسبير، حيث عاش متوحدا، فجاء كثيرون يطلبون التلمذة. انطلق إلى البرية الداخلية بجبل القلزم ليعيش في هدوء. لكن محبته الداخلية ألزمته بزيارة الإسكندرية ليسند الشهداء عام 316م، ويسند البابا أثناسيوس ضد الاريوسية عام 352 م. جاء إليه كثيرون يتتلمذون على يديه. تنيح عام 352م. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
القديس باخوميوس من قيادات الرهبنة القبطية 3- القديس باخوميوس من قيادات الرهبنة القبطية: ولد بصعيد مصر حوالي سنة 290م، قبل المسيحية في مدينة إسنا بالصعيد بسبب كرمهم وحبهم للأعداء، فترك الجيش واعتمد حوالي سنة 307 م. في "شينوفسكيون". تتلمذ على يدي القديس أنبا بلامون المتوحد، حتى ظهر له ملاك وأرشده لتأسيس نظام الشركة. كان قائدا ناجحا محبا لخلاص النفوص، فأسس أديرة كثيرة بصعيد مصر بنظام دقيق محكم، كما أنشأ دير للراهبات تحت قيادة أخته. ترجمت أصول نظامه إلى اليونانية واللاتينية؛ استخدمها الأنبا باسيليوس الكبير، كما استخدمت في بلاد الغال في القرن الخامس، تبناها بندكت أب الرهبنة الغربية وقيصريوس أسقف أرل. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
القديس آمون من قيادات الرهبنة القبطية 4- القديس آمون من قيادات الرهبنة القبطية: عاصر الأنبا أنطونيوس، ولد حوالي سنة 275 م.، ولما بلغ الثانية والعشرين من عمره ألزمه عمه بالزواج، فعاش مع زوجته في نتريا كناسكين، وبعد 18 سنة طابت منه زوجته أن ينفرد عنها، فخرج إلى جبل نتريا والتف حوله كثيرون، فأسس نظام الجماعات جنبا إلى جنب مع الوحدة. نظام الجماعات هو نظام وسط فيه لا يلتزم الرهبان بالشركة اليومية في العبادة معا والطعام وإنما يومي السبت والأحد فقط، غالبا ما يسكنون في قلال أو مغاير متقاربة، حول كنيسة في الوسط. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
القديس مقاريوس الكبير من قيادات الرهبنة القبطية 5- القديس مقاريوس الكبير من قيادات الرهبنة القبطية: (حوالي 300-390 م.) مؤسس رهبنة الجماعات ببرية الإسقيط، زار القديس انطونيوس على الأقل مرتين. ألزمه والده بالزواج، لكن الله سمح بانتقال زوجته البتول. سكن في كوخ بقرية يمارس الحياة النسكية حوالي عشرة سنوات تحت مشورة أحد النساك. تاق إلى الوحدة فسكن في الإسقيط. وكان شاروب يرافقه. عاش محبا للعبادة والنسك بقلب متسع بالحب فتتلمذ على يديه كثيرون، فجاء إلى البرية شرقيون وغربيون للتلمذة. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
القديس شنودة رئيس المتوحدين من قيادات الرهبنة القبطية 6- القديس شنودة رئيس المتوحدين من قيادات الرهبنة القبطية: كان أبًا (رئيسًا) للدير الأبيض في أتريب بصحراء طيبة لأكثر من 56 عاما (القرن الرابع / الخامس)، قاد 2200 راهبًا، و1800 راهبة. دعي رئيس المتوحدين إذ مارس الوحدة من حين إلى آخر، كما شجع رهبان ديره على الانسحاب نحو البرية بعد ممارستهم حياة الشركة. في سنة 431 رافق القديس كيرلس الكبير في مجمع أفسس المسكوني. اشتهر بحركة تحرير الأدب القبطي من كل ثقافة هيلينية، ولم يسمح لأجنبي أن يلتحق بجماعاته، لذا حسب قائدا سياسيا ومصلحا اجتماعيا بجانب عمق روحانياته. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
القديسة الأم سارة من قيادات الرهبنة القبطية 7- القديسة الأم سارة من قيادات الرهبنة القبطية: وجدت أول جماعة رهبانية نسائية في العالم في مدينة الإسكندرية على يدي القديسة سينكليتكى، وقد حفظ البابا أثناسيوس سيرتها وتعاليمها، كما أسس القديس باخوميوس ديرين للراهبات، وظهرت راهبات متوحدات في البرية. وجاء إلى مصر بعض أمهات دير أجنبيات مثل القديسة ميلانيا الكبرى (سنة374) وحفيدتها ميلانيا الصغرى (سنة 418). هذا ولا نتجاهل القديسة مريم المصرية التي تابت في أورشليم، وعاشت 48 سنة في البرية عبر الأردن لم تر وجه إنسان سوى القديس زوسيما مرتين في السنتين الأخيرتين من حياتها. كثير من الراهبات نلن عطية القيادة الحقة والتمييز الروحي، منهن القديسة سارة التي قيل عنها أنها عاشت 60 عاما بجوار النهر لم ترفع عينيها قط لتنظره. لها أقوال كثيرة حفظت مع أقوال أباء البرية. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
القديسة إيلاريا من قيادات الرهبنة القبطية 8- القديسة إيلاريا من قيادات الرهبنة القبطية: في القرن الرابع، ابنة الإمبراطور زينون، هربت إلى شيهيت حيث مارست الحياة النسكية في زى راهب، ولما أصيبت أختها تيؤبستا بروح شرير أرسلها شيوخ البرية إليها لتصلى عليها دون أن يعرفوا أنها فتاة. فصلت عليها طوال الليل وكانت تقبلها، وإذ شفيت أخبرت الإمبراطور عن الراهب (ايلاري) الذي شفاها وكان يقبلها فانزعج. وإذ دعاها إلى القصر كشفت له أمرها أنها ابنته بعد أن وعدها ألا يعيقها عن العودة إلى مغارتها. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الرهبنة المصرية والعالم المسيحي الرهبنة القبطية كأعمق حركة إنعاش روحي حدثت في تاريخ الكنيسة جذبت رهبان من بلدان كثيرة، فجاء إلى مصر يونان ورومان وكبادوك وليبيون وسوريان ونوبيون وأثيوبييون وغيرهم. في اختصار شديد كان للرهبنة القبطية أثرها على العالم المسيحي: 1- قاما البابا أثناسيوس بنشر الفكر الرهباني أثناء نفيه في تريف (336-337)، وعندما هرب إلى روما سنة 339. كما كتب "حياة أنطونيوس" سنة 357 الذي انتشر في العالم. 2- ترجم النظام الباخومي إلى اليونانية بواسطة بالاديوس وإلى اللاتينية بواسطة جيروم. زار القديس باسيليوس الأديرة الباخومية (337-358) وتأثر بها. 3- قوانين الأب بندكت من (480-550) استقاها من النظام الباخومي. 4- إذ عاش القديس يوحنا كاسيان سبع سنوات في مصر سجل كتابية الشهيرين عن الرهبنة القبطية: " المناظرات"، "الدساتير". 5- عاش الأب أوغريس البنطي (346-329) الذي احتل مركزًا رئيسيًا في تاريخ الرومانية المسيحية، كراهب في منطقة نتريا لمدة عامين، وفى منطقة القلالي لمدة 14 عامًا. 6- قام القديسان جيروم (342-450م) وروفينوس (345-410) بزيارة مصر. 7- قضى بالاجيوس (حوالى 365-245م) أسقف هيلينوبوليس ومؤرخ الرهبنة الأولى سنوات كثيرة مع رهبان مصر، وتتلمذ على يدى الأب أوغريس، ووضع كتاب كـ"التاريخ اللوسياكى" حوالي سنة 419م. 8- تتلمذ مار أوجين على يدي القديس باخوميوس، وأسس ديرا في نصيبين ببلاد فارس، كما ترجم القوانين الباخومية إلى الفارسية والسريانية في منتصف القرن الرابع. بحسب التقليد الكلداني قيل أن سبعين راهبًا مصريًا قاموا بمساعدته في إنشاء عدة أديرة هناك. 9- تتلمذ القديس هيلاريون من غزة على يدي أنبا أنطونيوس وحيث عاد إلى بلاده ليمارس الحياة النسكية. 10- تهذب القديس ابيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص (حوالى 315-403) بالفكر الرهباني القبطي. 11- حوار سلبيكوس ساويرس حوالي 430 م.، سجل ما رآه الرحالة بوستيميان في زيارة إلى مصر عام 399 ومقدما نظرة رائعة للرهبنة المصرية. 12- زارت الراهبة الاسبانية إثيريا (ايجريا) مصر في القرن الرابع. 13- زارت الأم القديسة ميلانيا الكبرى الرومانية برية مصر. 14- أقام القديس يوحنا الذهبي الفم في أحد الأديرة الباخومية في صعيد مصر، من سنة 373 حتى 381 م. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الحركة الرهبانية القبطية اليوم لعل أحد ملامح الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم هو التزايد المستمر في راغبي الالتحاق في الحياة الديرية، حتى بدأ التفكير في تعمير الأديرة التي خلت من الرهبان. في الوقت الحاضر يوجد أحد عشر ديرا للرجال وستة أديرة للنساء؛ أديرة الرجال منتشرة في المناطق الصحراوية، أما أديرة النساء ففي داخل المدن. اهتم البابا كيرلس السادس بتعمير دير القديس مارمينا بجوار الإسكندرية. كما اهتم البابا شنودة الثالث بتعمير دير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، حيث أقام فيه مقرا بابويا لحبه الشديد للرهبنة، يقضى فيه قرابة نصف الأسبوع بانتظام. هذا وقد التحق بالأديرة رهبان من الشبان الذين هاجروا إلى أمريكا وكندا واستراليا بعد أن نجحوا في حياتهم العملية. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
مجمع خلقيدونية وكنيسة الاسكندرية
|
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
أهمية إعادة دراسة مجمع خلقيدونية صارت الحاجة ماسة في العصر الحديث إلى إعادة دراسة مجمع خلقيدونية وتقييمه من جديد، لا يقصد تفتيح الجراحات التي أصابت كنيسة الإسكندرية على أيدي أخواتها الكنائس الرسولية الأخرى، وإنما أود هنا توضيح أن كنيسة الإسكندرية على وجه الخصوص، انقطعت صلتها بالكنائس الأخرى، بعد القرن السابع، وذلك لأسباب سياسية، ولقرون طويلة، مما فتح المجال لاتهامها. 1- إنها كنيسة أوطاخية، لقيت خطأ بالمونوفيزيت، أي القائلة بالطبيعة الواحدة وبمعنى أن الطبيعة الإلهية قد ابتلعت الناسوت تماما. الأمر الذي هو غريب عن فكرها وعقيدة أبائها، ولم تقبله قط كما سنرى. 2- صور الدكتور جاك تاجر (1) أن المسيحية كانت غريبة في أرض مصر -حتى القرن الخامس- وأن المصريون قبلوا المسيحية لعوامل سياسية، حتى شعر بطاركتهم بعطف العالم المسيحي عليهم وتقديره لعلمهم ونبوغهم، فاغتنموا كل فرصة سنحت لهم للتخلص من وصاية الإمبراطور عليهم، كما تعاونوا على فرض وجهة نظرهم فيما يتعلق بالمسائل الدينية حتى ولو كانت مخالفة لرئيسهم المباشر أي البابا الروماني. هذه الصورة المرة بعيدة كل البعد عن حقيقة الكنيسة القبطية، فالتاريخ يشهد بأن المسيحية لم تكن غريبة في مصر وقد استشهدت مئات الآلاف في العصر الروماني. ومن مصر انطلقت كل الحركات الرهبانية الإنجيلية، وفى مصر نشأت أول مدرسة مسيحية في العالم وعرف آباؤها على مستوى المسكونة؛ أما مخالفة البطاركة لرئيسهم الروماني فلا حاجة للرد عليها، إذ يكشف التاريخ عن علاقات الود والاحترام المتبادل بين الإسكندرية وروما. تصوير الكنيسة القبطية ككنيسة منشقة لعوامل تحررية من بيزنطية أمر غير واقعي؛ على العكس نجد أن محاولة الأباطرة لحل الخلافات اللاهوتية بالقوة العسكرية، واضطهاد البطريرك الملكي المعين من الإمبراطور للأقباط يسنده في ذلك سلطانه العسكري خلق ثورة داخلية في نفوس الأقباط ضده. 3- حاول البعض تصوير القديس ديسقورس كرجل عنيف، حاسبين أن نفيه لم يكن إلا بسبب طبيعته العنيفة. وقد ظهر اتجاه جديد بين الدارسين لمحاولة تصوير آباء الإسكندرية مثل القديسين أثناسيوس وكيرلس بالعنف عوض جهادهم وبذلهم للحفاظ على الإيمان الكنسي الحق. وإنني في هذا المجال لا أنكر الجهود التي تبذلها الكنيسة في الشرق والغرب للوحدة بعد أن أدرك كثير من اللاهوتيين حقيقة إيماننا بخصوص طبيعة السيد المسيح. وقد أصدرت عدة مطبوعات في هذا الشأن (2). الآن اكتفى بتقديم عرض بسيط خاصة من الجانب اللاهوتي للكشف عن موقف الكنيسة القبطية من مجمع خلقيدونية. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
بين الفكر اللاهوتي الإسكندري والفكر الأنطاكي يرد كثير من الدارسين مشكلة الصيغة الخاصة بطبيعة السيد المسيح إلى الصراع بين اللاهوت الإسكندري واللاهوت الأنطاكي؛ فبينما تبنت مدرسة الإسكندرية "الاتحاد الأقنومي" أو "الاتحاد الطبيعي" بين لاهوت السيد المسيح وناسوته لتأكيد وحدة يسوع المسيح، إذا بمدرسة أنطاكية تقبل نظرية "الحلول" أو "السكن"، بمعنى أن اللاهوت سكن في الناسوت، كما لو كان شخصين في واحد، وذلك بقصد توضيح أنه لم يحدث اختلاط بين اللاهوت والناسوت، ولتجنب نسب الضعف البشرى للاهوت. نقطة البداية بالنسبة لمدرسة إسكندرية هي: "والكلمة صار جسدا" (يو 1: 14)، أما بالنسبة للأنطاكيين فهي: "فإنه فيه يحل كل ملْ اللاهوت جسديًا" (كو12:9). هنا يلزمنا توضيح النقاط التالية:1- مع وجود نقاط خلاف بين المدرستين يوجد نقاط تلاق بينهما. 2- سبب الصراع هو إساءة البعض تفسير مفاهيم المدرستين، فأساء كل من أبولليناريوس (الذي أنكر أن للسيد المسيح نفسا بشرية) وأوطيخا إلى مدرسة الإسكندرية؛ بينما أساء نسطور (الذي أكد وجود شخصيتين للسيد المسيح) ويؤدور وثيؤدورت أسقف قورش وهيا أسقف الرها إلى مدرسة أنطاكية. 3- لعبت السياسة الخاصة بالدولة والكنيسة دورا في خلق هوة بين المدرستين. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الاتحاد الأقنومي ومدرسة الإسكندرية أوضح القديس كيرلس في صراعه ضد نسطور "الاتحاد الأقنومي" كاتحاد شخصي، طبيعي، حقيقي، متحفظًا على الأقل عن فكرتين: أ] اللوغوس كأقنوم أبدي اتحد الناسوت الذي لم يكن له كيان قبل التجسد، ولا يمكن أن ينفصل عن اللاهوت. صار شخصًا بتقبله أقنومية خلال اللوغوس، إنما صار أقنومًا بالاتحاد مع اللوغوس. ب] اتحاد الطبيعتين معا هو اتحاد داخلي حق. رفض القديس كيرلس نظرية "الحلول" الأنطاكية، أي أن لاهوت السيد المسيح قد حل أو سكن في ناسوته، أو نظرية "الأقباط" أو "المشاركة الشديدة"، لأنها غير كافية لإعلان الاتحاد، وتعطى مجالا لانقسام طبيعتي المسيح كما علم نسطور (4). |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الطبيعة الواحدة أو الطبيعية المتجسدة الواحدة يقول أن غالبية الأساقفة في مجمع خلقيدونية كانوا يؤمنون بالصيغة الكنسية التقليدية المسلمة بواسطة القديس أثناسيوس، وهو: "الطبيعية الواحدة لكلمة الله المتجسد". هذه الصيغة تختلف عن "الطبيعة الواحدة" الأوطاخية. سبق أن أوضحت من خلال كتابات القديس كيرلس والآباء غير الخلقيدونيين مثل القديسين ديسقورس وسويرس الأنطاكى وفيلوكسينوس معنى الطبيعة الواحدة، "ميا فيزيس"، والتي يمكن إجمالها في النقاط التالية: 1- نقصد بكلمة "قيا" "واحد"، لكن ليس "الواحد المفرد" أو "الواحد البسيط"]. إنما الوحدة "واحد من طبيعتين"، كما قال القديس ديسقورس. 2- إصرار القديس كيرلس على "الطبيعة الواحدة" إنما لتأكيد وحدانية المسيح، كخط دفاع إيماني ضد النسطورية. 3- تطلع النساطرة إلى كلمة "واحدة" بمعنى إما أن طبيعة ابتلعت الأخرى، أو حدث مزج بين الطبيعتين واختلاط لتكوين طبيعة واحدة، لكن القديس كيرلس أوضح مؤكدا أنه لم يحدث ضياع لطبيعة ما ولا امتزاج بين الطبيعتين إنما حدث وحدة حقيقية. 4- يسوع المسيح واحد من الآب في جوهره (ومساوٍ له)، وفى نفس الوقت واحد معنا نحن البشر (من نفس جوهر ناسوتنا). 5- هو الإله المتجسد (الله والإنسان في نفس الوقت). 6- أوضح القديس ساويرس أن الطبيعية الإلهية لكلمة الله لم يصبها تغير بعد التجسد. 7- أن الكلمة صار إنسانا حقيقيا. 8- ناسوت السيد المسيح كامل، له الجسد والنفس معا. 9- لم يتشكل ناسوت السيد المسيح قط قبل التجسد، بمعنى إنه لم يوجد ناسوت وبعد ذلك حل فيه اللاهوت. حاول بعض الدارسين أن ينسبوا الفكر اللاهوتي الإسكندري لاتجاه الكنيسة المصرية نحو الحياة النسكية (تجاهل الجسد) واهتمامها بتأله الإنسان. وقد قدمنا ردا على هذا الرأي (6). |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الديوفيزيس (الطبيعتان) في اللاهوت الأنطاكي لكي نتفهم الصيغة الأنطاكية: "طبيعتان بعد الاتحاد"، يلزمنا أن نتعرف على وضعها خلال الجدال الخاص بطبيعة السيد المسيح الواحدة والطبيعتين: 1- لم يستطع الأريوسيون تقبل لاهوت السيد المسيح، لأن هذا يجعل منه شخصين: الله وإنسان. 2- أكد القديس أثناسيوس وحدة اللاهوت والناسوت، مكررًا عقيدة شخص واحد في "جسد المسيح" إنه جسده وليس غريبا عنه. بهذا يسوع المسيح شخص واحد وليس شخصين، له طبيعة واحدة، دون تجاهل للدور الديناميكى" الحركي" لحضرة لاهوته وناسوته. 3- استخدم ابولليناريوس أسقف لاودكيا الصيغة الإسكندرانية "طبيعة ولعدة" بمنهجه اللاهوتي الخاص به. ففي شغفه على الدفاع عن الإيمان الكنسي ضد الآريوسية ظن أن اللوغوس اتحد بجسد إنسان مجرد، وأن اللوغوس قام بدور النفس، هذا الذي اتحد بجسد قبله من العذراء مريم. بمعنى آخر لكي يحقق الاتحاد الأقنومي اعتقد أن ناسوت المسيح غير كامل (جسد بدون نفس). 4- تشكك القادة الأنطاكيون في "الاتحاد الأقنومي" للقديس كيرلس وحسبوه فكرًا ابولليناريا، لذلك تبنوا نظرية" حلول "اللوغوس في الناسوت، وذلك ناسوت المسيح وأنه كان إنسانا حقيقيا وكاملا. أعلن نسطور هذه النظرية عندما رفض دعوة القديسة مريم "تيؤتوكوس"، رافضًا القول الإسكندري: "مات ابن الله". في الواقع رغب الأنطاكيون في تأكيد ثلاث حقائق خاصة بالتجسد: أ] ناسوت المسيح حقيقي وكامل. ب] لا يوجد اختلاط بين الطبائع التي للمسيح. ج] لاهوت المسيح غير خاضع للألم، الله لم يتألم، ولا مات. لكنهم في نفس الوقت يتحدثون عن المسيح كشخصين، وابنين [ابن الله وابن الإنسان]. ثنائية شخص المسيح واضحة في عبارات القادة الأنطاكيين، لكنهم إذ اعتادوا إنكار الثنائية عند دفاعهم عن أنفسهم، يظن بعض الدارسين المحدثين أنهم لم يقصدوا الثنائية بل رفضوها، حتى نسطور نفسه. لذا تشكك بعضهم فيما إذا كان نسطور نفسه بحق نسطوريًا، وإن كان لا يزال غالبيتهم ينظرون إلى الأنطاكيين على أنهم يفرقون طبيعتي السيد المسيح. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الأحداث السابقة لمجمع خلقيدونية
|
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
عودة الجدال اللاهوتي حول شخص المسيح في المجمع المسكونى الثالث بأفسس عام 341 م. عزل نسطور من كرسيه وحرم كما أدينت تعاليمه، وثبت قانون إيمان نيقية، وصدرت موافقة رسمية على لقب "ثيؤتوكوس". لكن هذه القرارات واجهت هجوما من أصحاب الفكر الأنطاكي، إذ حضر يوحنا الأنطاكي وفى صحبته ثيؤدورت أسقف قورش وأساقفة آخرون كانوا متأخرين، فعقدوا مجمعا منافسا تقرر فيه حرمان القديس كيرلس وميمنون أسقف أفسس وعزلهما عن كرسيهما بتهمة استخدام العنف مع الهراطقة. وكان لكل فريق من يناصره في البلاط. فكان الإمبراطور في حيرة لم يعرف أي الفريقين يناصر، لذلك وضع القديس كيرلس في السجن لمدة شهرين، ثم سمح له بعد ذلك بالعودة إلى كرسيه، أما نسطور فنفي في مصر حيث مات في صعيد مصر. تمت مصالحة نهائية بين يوحنا وكيرلس سنة 443، حيث أرسل الأول بولس أسقف الرها إلى الإسكندرية يحمل "اعتراف إيمان" لكيرلس، وبعث كيرلس برسالته الشهيرة إلى أنطاكية. أي "صيغة إعادة الاتحاد". وقد فهم كل طرف هذه الصيغة بطريقته الخاصة لمجرد إيجاد مصالحة. هذه الصيغة قبلها القديس كيرلس حتى يقبل الأنطاكيون مجمع أفسس دون شروط، أما الأنطاكيون لم يرضهم إعادة الاتحاد تمامًا وكانوا في ثورة بسبب نفى نسطور. إذ لم يكن "إعادة الاتحاد" مشبعًا للطرفين، اللاهوت الإسكندري واللاهوت الأنطاكي، إذ سنحت الظروف للجدال عاد بصورة عنيفة انتهى بالانشقاق المر الذي حدث في مجمع خلقيدونية، يمكننا في إيجاد تلخيص أهم الأحداث: في سنة 435 م. انتخب هيبا أسقفا للرها الذي تحول إلى تلميذ غيور لثيؤدور أسقف الميصة القائد الأنطاكي، فبدأ الجدال العقيدي من جديد يرتكز على كتابات تيؤدور. وفى سنة 443 احتل دومنيوس الأسقفية عوض يوحنا الأنطاكي وكان يسترشد بثيؤدورت أسقف قورش. وفى سنة 444 تنيح القديس كيرلس ليخلفه البابا ديسقورس على كرسي الإسكندرية. وفى سنة 446 م. رسم فلفيان على القسطنطينية ويبدو أنه كان يؤمن بـ"الطبيعة الواحدة المتجسدة لله الكلمة من طبيعتين" لكن تيؤدورت أسقف قورش غير ذهنه. أرسل البابا ديسقورس رسائل لأخوته الأساقفة حسب التقليد الكنسي، وكان رد ثيؤدورت رقيقًا للغاية يمتدح فيه اتضاعه ورقته، لكن الأخير دخل في عداوة مرة ضد البابا ديسقورس، لأن ديسقورس لام دمنيوس برقة على تشجيعه للثنائية النسطورية من جهة شخص المسيح، واستهانته بمجمع أفسس، وإعلانه أن نسطور ليس هرطوقيا، وقد أجابه دمنيوس برسالة رقيقة، جاء منها أنه سر بخطابه بسبب محبته وانفتاحه. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
القديس ديسقورس وأوطيخا كان أوطيخا رئيس دير بالقسطنطينية، ناسكًا شيخًا، بليغًا لكنه لم يكن لاهوتيًا، له شهرته في الأوساط الديرية، وفى البلاط الإمبراطوري، على مستوى الشعب. تقبل من صديقه القديس كيرلس صورة من قرارات مجمع أفسس، كما قبل الصبغة اللاهوتية "الطبيعة الواحدة لله الكلمة المتجسد". وفى غيرته ضد النسطورية بدأ يدافع عن "الطبيعة الواحدة" ضد "الطبيعتين" دون أساس لاهوتي سليم، فانحرف إلى القول بأن اللاهوت ابتلع الناسوت. إلى يومنا هذا لا يستطيع الدارسون الجزم بحقيقة شخصية أوطيخا ولاهوتياته، فكثيرًا ما كان يستخدم عبارات أرثوذكسية تضاد أفكاره الرئيسية، ربما لأنه كان متزعزعًا في معرفته اللاهوتية أو عن خداع أو ربما لحذره لئلا يفقد شهرته. حدث نزاع بين أوطيخا وثيؤدورت، فيه اتهم الأخير القديس كيرلس بالأبولينارية ونشر هجومًا مطولًا ضد كيرلس وأوطيخا؛ كما حاول يوسابيوس أسقف دوريليوم إثارة فلافيان بطريرك القسطنطينية لمحاكمة أوطيخا. حاول البطريرك معالجة الأمر بشيء من الحكمة لكن يوسابيوس أصر فعقد مجمع بالقسطنطينية سنة 448 لم يحضر أوطيخا الجلسات الست الأولى، وأمام الضرورة حضر وأنكر أنه قال بأن جسد يسوع نزل من السماء كما كرر أنه أخذ جسده من العذراء مريم، وأن جسده كامل، لكنه رفض القول بأن جسده واحد معنا (مساو لنا). أصر يوسابيوس أن يجيب أوطيخا على سؤالين هما: هل كان المسيح واحدًا معنا؟ هل يحمل طبيعتين بعد الاتحاد. وكان مترددا في إجابته على السؤال الأول بينما أكد أن أباء الكنيسة قالوا بالطبيعة الواحدة. خرج كثير من الدارسين (2) لمناقشات هذا المجمع أن أوطيخا لم يكن هرطوقيا أكيدا، وأن يوسابيوس لم يكن يهدف إلى كسب أوطيخا للحق بل يدفعه لقبول ثنائية نسطور. وان حكم المجمع على أوطيخا كان متسرعًا. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
مجمع أفسس الثانى (سنة 449 م) إدانة أوطيخا سببت متاعب كثيرة في القسطنطينية؛ مساعدوه اتهموا فلافيان ومساعديه بالنسطورية، فاضطر فلافيان إلى حرم بعض القيادات الديرية، مستخدما العنف معهم. التجأ أوطيخا إلى الإمبراطور خلال صديقه خريسوفيوس كبير الحجاب، كما لجأ إلى روما والإسكندرية وأورشليم وتسالونيكى. وقد كتب لأون أسقف روما رسالة إليه يمتدحه فيها على غيرته ضد الثنائية النسطورية، وفى نفس الوقت كتب إلى فلافيان ديسقورس بابا الإسكندرية يدعوه لعقد مجمع لمناقشة الأمر. لاون الذي لم تكن لديه معرفة صادقة لطبيعة الصراع بين لاهوت الإسكندرية ولاهوت أنطاكية أرسل طوفسه (رسالته) إلى القسطنطينية في 13 يونيو 449م، لا من أجل مصالحة الطرفين وإنما بغية تشويه اللاهوتيين الاسكندريين. جاء في تعليق: [بالكاد تجد للاهوت موضعا فيها. القديس لاون لم يناقش ولا قدم براهين وإنما حكم وبت في المصاعب] (4). كان هدف لاون" الباباوية" أكثر من عقيدة الكنيسة كما سنرى من خلال أحداث مجمع خلقيدونية، وقد دعاه: [أبا البابوية] (5). هذا الاتجاه واضح، إذ كتب للإمبراطور يقول له إنه لا حاجة لعقد مجمع، وأنه قد عين مندوبين عنه يقومون بتقديم ما يحتاج إليه الإمبراطور، معلنا أن طومسه فيه الكفاية (6). اقتنع الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني بضرورة عقد مجمع فطلب من القديس ديسقورس أن يمارس سلطته في المجمع كرئيس وطلب من يوبيناليوس أسقف أورشليم وتلاسيوس أسقف قيصرية كبادوكية أن يكونا رئيسين شريكين معه. جاءت قرارات مجمع أفسس هكذا:1- إعادة اعتبار أوطيخا، وفى هذا لا يلام القديس ديسقورس لأننا نجد لاون أسقف روما نفسه يكتب إلى بولشاريا والى فلابيانوس وإلى يوليوس أسقف كايوس بأن أوطيخا انزلق في الهرطقة عن جهل، إن تاب فليعامل حسنا (3). هذا وقد أكد أوطيخا في المجمع أن كلمة الله نزل من السماء بلا جسد، وقد صار جسدا من ذات جسد العذراء دون أن يتغير أو يتحول، وإنه هو الله الكامل قبل الدهور صار إنسانا كاملا لأجلنا. 2- إدانة القيادات النسطورية كما قال شادويك، في كتابه "الكنيسة الأولى"؛ مثل هيبا أسقف الرها، دانيال أسقف حران، ايرياؤس أسقف صور، وثيؤدورت أسقف قورش، ودمنوس الأنطاكى وفلابيانوس بطريرك القسطنطينية. ولا تزال محاضر الجلسات (بالسريانية) تكشف عن اتجاهات هؤلاء الآباء نحو الثنائية النسطورية. يرى كثير من الخلقيدونيين أنه وإن كان انشقاقا قد حدث في مجمع خلقيدونية إنما هو رد فعل لمجمع أفسس الثانى، أولا لأن ديسقورس حذف طومس لاون، وثانيا لأن ديسقورس كان عنيفا |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
حذف طومس لاون اعتبر الأسقف الروماني عدم قراءة طومسه إهانة للسلطة البطرسية، لذا وصف هذا المجمع باللصوص. ولازال للأسف كثير من الكتاب الغربيين يستخدمون ذات التعبير. جدير بالملاحظة أن هذا الطومس لم يكتب كمستند للمجمع، بل هو رسالة سبق أن وجهت للإمبراطور، وأرسلت صورة منه مع مندوبي روما. هذا وقد سبق فانتشر هذا المستند في الشرق قبل اجتماع المجمع، وأن الأساقفة وليس ديسقورس وحده رفضوا قراءة الحق بالنسبة له قد ثبت، وإنه استطاع أن يموت بسلام (8). يقول الأب فلورسكى اليوناني: [إن أخذ طومس لاون بمفرده، ربما يخلق إيمانًا مضادًا ومبالغًا فيه بخصوص الطبيعيتين، خاصة بإصراره على نسب أعمال معينة للسيد المسيح لطبائع مختلفة دون التأكيد التام على وحدة شخص المسيح، بالرغم من نية البابا نفسه الصادقة والأرثوذكسية. على أي الأحوال، فإن المفسرين للطومس بواسطة المؤرخين واللاهوتيين الكاثوليك في العصور الحديثة غالبا ما يعلق اتجاها نصف نسطورى، هذا الاتجاه ظهر حديثا بواسطة بعض الكتاب الرومان الكاثوليك] (9). |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
هل كان القديس ديسقورس عنيفًا؟ 1- لم يعقد المجمع بناء على طلب البابا ديسقورس مما يؤكد له نفع شخصي. 2- لم يصف الخطاب الإمبراطوري القديس ديسقورس بألقاب تكريم أكثر من غيره، مما يدل على عدم وجود اتفاقات مسبقة بين الإمبراطور والقديس. 3- تكشف رسائل الإمبراطور عن وجود اضطرابات لاهوتية في إيبارشية القسطنطينية. 4- أخذت القرارات في المجمع بالتصويت، ولم ينسحب أحد سوى فلابانوس ديوسابيوس عند إصدار الحكم. 5- في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها يوبيناليوس الأورشليمي لقب لاون بالقديس ومحب الله. هذا يكشف عن روح المجمع. 6- عندما سأل لاون فالنتينوس امبراطور الغرب وأمه وأخته للتوسط لدى ثيؤدسيوس ليعقد مجمعا آخر، أجاب الأخير برسالة يمتدح فيها المجمع وكان كيف خوف الله يسوده. 7- في رسالة الإمبراطور الافتتاحية يكشف عن عنف ثيؤدورت أسقف قورش. إذن فالعنف كان سائدا من الجانب النسطوري. 8- لم ينطق البابا ديسقورس كلمة ذم في لاون أسقف روما، بينما وصفه الأخير بالسفاح المصري ومعلم أخطاء الشيطان. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
مجمع خلقيدونية وجلساته
|
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
لاون أسقف روما ومجمع خلقيدونية إذ فشل مندوبو روما في حماية فلابيانوس وجماعته، كتب لاون إلى ثيودوسيوس الثاني وإلى كنيسة القسطنطينية ضد ديسقورس، وأخيرًا سأل إمبراطور الغرب خلال أخته وأمه أن يتدخل لدى أخيه، غير أن يثؤدوسيوس رفض الطلب ممتدحًا القديس ديسقورس والمجمع. ومع ذلك جاءت الأحداث تخدم أسقف روما: 1- وجد فرصته في التحالف مع معارضي مجمع أفسس الثاني ليهاجم اللاهوت الإسكندري، ملقبًا مجمع أفسس الثاني: "المجمع اللصوصي". 2- استغل موت فلابيانوس للتعاطف مع مقاومي مجمع أفسس الذين فسروا موته بأنها بسبب أتعاب جسدية لحقت به في المجمع. غير أن هذا الاتهام لم يوجه ضد القديس ديسقورس في مجمع خلقيدونية، إنما وجه إليه اتهام أنه دانه ظلمًا. 3- في 28 يوليو 450 م. مات ثيؤدوسيوس لتحتل بولشاريا أخته ورجلها مرقيان الملك في 28 أغسطس، بعد أن كسرت نذر بتوليتها. عرفت بولستاريا بإرادتها الصلبة، فقامت بإعدام رئيس الحجاب خريسافوس ونفت أوطيخا، وصارت تساند روما ضد الإسكندرية لترفع من شأن كرسي القسطنطينية. لهذا جمعت توقيعات على طومس لاون، وكان لاون يأمل أن يعقد مجمعا في ايطاليا لكنها لم تسمح أن يكون لروما السلطة العليا، وأصرت على عقد المجمع في الشرق. حاول لاون إلغاءه ففشل. فأرسل مندوبيه ولأول مرة يصف لاون في رسالته أوطيخا كمخادع وشرير مثل نسطور. وكان الهدف من ذلك ليس أوطيخا بل القديس ديسقورس. في الظاهر كان المجمع منعقدا ضد أوطيخا، لكن الواقع هو تحطيم كرسي الإسكندرية، فأوطيخا كان راهبًا شيخًا منفيًا، لم يستدعى لمناقشته. والقديس ديسقورس لم يدن على هرطقة عقيدته فقد حسب أورثوذكسيًا من بعض الآباء القادة في المجمع مثل أناتوليوس بطريرك القسطنطينية. هذا يؤكد الدارسون المحدثون أرثوذكسيته (1). |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الجلسة الأولى من مجمع خلقيدونية (8 أكتوبر 451) إذ بطأ القضاة يعلنون نظام أعمال المجمع انبرى فستسبينوس (باسخاسينوس) المندوب الروماني يقول: [لدينا قرارات من كلى الطوبى، الرجل الرسولي، أسقف مدينة روما، رأس كل الكنائس، بأن ديسقورس ليس له موضع في المجمع، فان عارضها يلزم طرده خارجا. نحن ملتزمون بطاعة هذا الأمر. لذلك فليأمر سموكم بأن يخرج وإلا رحلنا نحن] (2). عندما سأل القضاة، ماذا فعل ديسقورس مخالفا للقوانين أجاب مندوب روماني آخر: [لقد وضع نفسه في مركز قاض، وأدار مجمعا دون استئذان الكرسي الرسولي، الأمر الذي لم يحدث قط ولا يصح أن يحدث] (3). أما الاتهامات التي وجهت ضد القديس ديسقورس، فهي:1- رئاسة مجمع أفسس: واضح أنه ليس اتهاما حقيقيا، لكن محاولة من روما لفرض سلطة على الكنيسة الجامعة، الأمر الذي لم يقتنع به القضاة المدنيون. واضح بطلان هذا الاتهام، لأن الذي دعي له هم الأباطرة ورسائلهم لا زالت محفوظة، ولأن لاون نفسه أرسل مندوبين غضبوا لأن الطومس لم يقرأ ولم يعترضوا على عقد المجمع، أخيرا فان القديس ديسقورس كان معه رئيسان آخران معينان من قبل الإمبراطور. 2- قصة الأوراق البيضاء:قال اسطفانوس أسقف أفسس أنهم ألزموا بالتوقيع على أوراق بيضاء باستخدام العنف. ويظهر بطلان هذا الاتهام من أن يوسابيوس أسقف دوريليوم لم يشر إلى ذلك في التماسه للإمبراطور مع أنه كان حاضرا المجمع. لو أن هذه القصة صادقة لماذا لم نسمع عنها خلال العامين السابقين للمجمع حتى من مساندي طومس لاون؟! هذا ولما سألهم القديس ديسقورس بخصوص تسجيل أعمال المجمع اعترفوا بأن كل أسقف كان يصحبه كاتب، وأنه توجد نسخ متعددة. ويظهر بطلان هذا الاتهام، عندما سئل الأساقفة عن حرمهم لفلابيانوس، اعتذروا مرتين: "كلنا أخطأنا، نسأل العفو"، ولم يقولوا أنهم قد وقعوا بيضاء. هذا وجاءت الأقوال متضاربة في أمر قصة الأوراق البيضاء، كما لام القديس ديسقورس علانية الأساقفة الذين أدعوا هذا الأمر أنه يجب أن يكون الأسقف شجاعًا لاسيما حينما يوقع بخصوص الإيمان الثمين (4). 3- تبرئة أوطيخا:قيل أن أوطيخا كان كذابًا، هذا ليس ذنب القديس ديسقورس الذي أعلن بوضوح في مجمع خلقيدونية أنه لا يبالى بالأشخاص بل بإيمان الكنيسة. 4- إدانة فلابيانوس ويوسابيوس:سأله القضاة كيف برأ أوطيخا الذي لم يقبل صيغة "إعادة الاتحاد لسنة 433 م." بينما حرم كل من فلابيانوس ويوسابيوس. هنا أثيرت المشكلة الرئيسية، فأوضح القديس ديسقورس ان القديس كيرلس تسنده كتابات القديس أثناسيوس يرفض صيغة "طبيعتين بعد الاتحاد". وإذ تحدث عن "الطبيعة الواحدة" صرخ بعض الأساقفة "أوطيخا يقول هذا، ديسقورس يقول هذا". هنا أوضح القديس: [لسنا نعنى اختلاطًا ولا امتزاجًا ولا تغييرًا. من يقل بالاختلاط أو التغيير أو الاختلاط فليكن اناثيما] (5)، كما أوضح أنه لا اعتراض له على القول "من طبيعتين بعد الاتحاد"]. هنا أعلن الحكم بواسطة القضاة المدنيين بعزل ستة أساقفة المسئولين عن مجمع أفسس الثاني من بينهم القديس ديسقورس ويوبيناسليوس وتلاسيوس. عند ختام الجلسة وعلى خلاف ما دبر بابا لاون كعمل رئيسي للمجمع قرر القضاة بأن مناقشة الإيمان المستقيم تتم في الجلسة التالية، وان كل مندوب يمكن أن يقدم بيانا إيمانا مكتوبا مع مراعاة أن الإمبراطور يؤمن بما يتفق مع قوانين نيقية والقسطنطينية وكتابات الآباء القديسين: غريغوريوس وباسيليوس وهيلارى وابروسيوس ورسالتي كيرلس (2، 3) اللتين قبلهما مجمع أفسس الأول. ملاحظة هامة: لم تقرأ الرسالة الثالثة في مجمع خلقيدونية بما فيها من الحرمانات الاثني عشر]، وأيضًا طومس لاون. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الجلسة الثانية من مجمع خلقيدونيا (10 اكتوبر 451) لم تأت هذه الجلسة بنتائج أفضل بالنسبة للخلقيدونيين بالرغم من غياب رؤوس الأفسس الثاني، لأن العزل كان قد أعلن في اليوم قبل السابق. عارض المجمع بقوة ضد الاقتراح بأنه يلزم تقديم: "تفسير آخر بجانب التفسير الذي علم به الآباء وأن يدون كتابه (6)]. هذا ومع أن كثيرين من الأساقفة وافقوا على الطومس قبل انعقاد المجلس لكن بعضهم خاصة أساقفة الليريون وفلسطين اعترضوا على ثلاث عبارات به، وطلب اثاكيوس أسقف نيكوبوليس فترة زمنية لمراجعة الطومس على الرسالة الثالثة للقديس كيرلس لنسطور. طلب أساقفة الليريون الترفق برؤساء مجمع أفسس لكن أحدا لم يلتفت إليهم. أعلن القضاة أن الجلسة القادمة ستكون بعد خمسة أيام، وأن من لديه شك في الطومس يلتقي بأناطوليوس بطريرك القسطنطينية فيوضح ما لبس عليه (7). |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الجلسة الثالثة من مجمع خلقيدونية (13 أكتوبر 451) فجأة لم تحترم فترة الأيام الخمسة، وعقد المجمع في 13 أكتوبر تحت رئاسة باسخانيوس المندوب الروماني دون حضور القضاة المدنيين والرجال الستة الذين أدينوا. وقد تجاهلت سجلات المجمع عدد الحاضرين في هذه الجلسة، غير أن انعقادها في "مارتيريون القديسة أوفيمية (8)" وهى كنيسة صغيرة عوض "كنيسة أوفيمي" في الجلسات السابقة يوحى أن العدد كان صغيرًا. لكي يتمموا الشكليات استعدى البابا ديسقورس من الحبس، فطلب تصريحًا من السلطات للخروج واشترط حضور القضاة المدنيين والرجال الذين أدينوا معه. في غيابه لم يجد المقاومين صعوبة في تحريض البعض على تقديم اتهامات ضده مثل أن حياته فاسدة وأن سخطًا عامًا في الإسكندرية ضده وأنه حرض على منع شحن القمح إلى ليبيا. هذه كلها اتهامات واهية قدمت في غيابه، واضح أنها مزيفة، لأن التاريخ نفسه يثبت تعلق الإسكندرية به، حتى مقاوميه لم يتهموه في حياته الشخصية، أما قصة القمح فهي القصة التي يمكن بها تحريض القصر الإمبراطوري ضده. كما اتهم أيضا بحرمانه بابا روما. مما بلفت النظر أن كلمات مندوبي روما الختامية توضح أن التجريد والعزل إنما صدرًا من لاون، وما على المجمع إلا الموافقة. هكذا يتضح أن القرار في الواقع يصدر من أجل عقيدة لاهوتية وإنما لأجل الدفاع عن سيادة السلطة البابوية الرومانية. وقد تخبط معاصروه في محاولة تبرير تجريده وعزله، لكن الغالبية العظمى لم ينسبوا إليه هرطقة ما، ولم يحكم عليه بالحرمان. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
الجلسة لرابعة لمجمع خلقيدونية (17 أكتوبر 451) لم يناقش موضوع صيغة إيمان جديدة بخصوص طبيعة السيد المسيح إلا بعد أن عزل القديس ديسقورس، ومع هذا يقول: [إنه فقط تحت الضغط المستمر من جانب الإمبراطور مرقيان وافق آباء خلقيدونية على تقديم نص جديد للإيمان، فإنه حتى الجلسة الرابعة للمجمع في 17 أكتوبر 451م، كان مندوبوا الإمبراطور يسمعون المجمع يردد ثانية أنهم لا يريدون تقديم نص جديد للإيمان غير أن قانون الإيمان النيقوي وما جاء بالقسطنطينية] (9). أيضا يقول: [أغلب الآباء كانوا يعارضون وضع نص جديد للإيمان، وكانوا يريدون الاكتفاء بالموافقة على بعض المستندات التي تعبر عن عقيدتهم] (10). كان من صالح الإمبراطور استبعاد الإسكندرية وإصدار قانون إيمان جديد يخرج من القسطنطينية ليقيم لها زعامتها في الشرق عوض الإسكندرية. مستخدمًا بابا لاون أداة لتحقيق ذلك بدوره كان ينظر إلى الإسكندرية كعائق له عن تحقيق سلطته البابوية على الكنيسة في العالم. |
رد: كتاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية القمص تادرس يعقوب ملطي
أحداث 22 أكتوبر 451 وقت المجمع الخلقيدوني جاء الأساقفة الشرقيون معهم مسودة لنص إيماني كي يتبناه المجمع، وكما جاء في: [نصها مفقود، كل ما نعرفه بالتأكيد أنه يؤكد أن يسوع المسيح "من طبيعتين". كان النص دقيقا ولكنه غامض، وبطريقة معينة غير مرضية، إذ أعلن ديسقورس نفسه قبوله. على أي الأحوال وافق أغلب الأعضاء على قبوله ما عدا مندوبو روما وبعض أساقفة المشرق (الذين لهم ميول نسطورية)] (11). هذا التعليق كاف ليبرز مدى ارتباط أساقفة المشرق في غالبيتهم بصيغة الإيمان الإسكندرانية، ويمكن للباحث أن يدرس لماذا فقدت هذه التسويدة التي قدمها الأساقفة. تحت تهديد مندوبي روما سأل القضاة المدنيون تقديم بيان جديد، لكن الأساقفة أصروا أن هذا تعريف الإيمان الأرثوذكسي (12). وكما يقول بمهارة فائقة ودبلوماسية رضخ المجمع لقبول التعديل (13). أما عن الدبلوماسية التي استخدمها القضاة المدنيين فتظهر كما جاء في (14) أن محاضر الجلسات بها فجوة في هذا الموضع، ربما أنهم أشاروا إلى نصر لاون لم يعارض فكر الكنيسة إنما يدافع ضد الأوطاخية. |
الساعة الآن 07:00 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025