منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الكتب الدينية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=56)
-   -   كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=272536)

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:08 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
هوذا آت طافرًا على الجبال، قافزًا على التلال. حبيبي هو شبيه بالظبي أو بغفر الأيائل



ومع أن العريس لم يأت بعد -إنه مجرد صوته الذي سمعته العروس- إلا أن قلبها قد امتلأ شوقًا إليه، وحنينًا إلى لقائه، ويقينًا بأن مجيئه أصبح قريبًا جد.. إن هذا الحنين وهذا اليقين هما بعمل الروح القدس الساكن فين.. "الروح والعروس يقولان تعال" وهو له المجد يجيب على القلوب المشتاقة إليه "أنا أصل وذرية داود كوكب الصبح المنير.. أن آتى سريع" (رؤ22: 16-20)، "لأنه بعد قليل جدًا سيأتي الآتي ولا يبطئ" (عب10:37).. ولا يمكن أن يتباطأ الرب عن وعده. وإن كان قد ما يقرب من ألفي عام من وقت أن وعد الرب "أنا آتي سريع" ولكن لا يفوتنا أن (يومًا واحدًا عن الرب كألف سنه وألف سنة كيوم واحد".

https://st-takla.org/Pix/Animals-Bird...le-Rhim-01.jpg
إن المتحدث هنا هي كنيسة الأمم – تكلم الشعب اليهودي في عتاب جاء متجسدًا خلال اليهود، تعرفت على "كلمة الله" [=واقفًا وراء حائطنا]، يتحدث معنا مباشرة.. لقد تقبلت رسالة تجسده خلال كوى الشريعة وشبابيك الأنبياء..
يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص "لقد بلغ بهاء (الكلمة) إلى الكنيسة أولًا عن طريق الأنبياء. أخيرًا بإعلان الإنجيل زالت ظلال الرموز بتمامها، وانهدام الحائط، واتصل جو البيت الداخلي بنور أعالي السموات. لم تعد هناك حاجة لنور الشبابيك مادام النور الحقيقي قد أضاء كل الداخل بأشعة الإنجيل".
إن النفس التي تريد أن تلتقي مع "كلمة الله" الظافر على الجبال القافز على التلال في كمال الحرية يلزمها أن تلتقي به على جبال أسفار العهد الجديد وفوق تلال أسفار العهد القديم.
في سفر أرميا نرى الرب يرسل قانصين وصيادين ليقتنصوا البشر على كل جبل وفوق كل تل (أر16:16) إنها نبوة على العمل الكرازي الذي للكنيسة، حيث تصطاد الكنيسة النفوس خلال الكتاب المقدس لتتمتع ببركات الخلاص.
على هذه الجبال المقدسة تلتقي النفوس بكلمة الله. فتراه الخاطب الذي يطلب يدها. هناك تسمع صوت دعوته لها فتختبر حبه وتتكشف أسراره الإلهية وتعاين مجده.
وكأن النفس ترتفع مع موسى النبي على جبل حوريب فترى العليقة المتقدة نارًا دون أن تحترق (خر3: 2)، فتدرك سر التجسد الإلهي، إذ ترى العذراء مريم وقد حملت جمر اللاهوت دون أن تحترق.. هي تصعد مع موسى على الجبل لتتسلم الشريعة: ليست منقوشة على لوحين من حجر، بل إن الكلمة ذاته يسكن في قلبه.. إنها تجلس مع الجموع لترى يسوع يفتح فاه ويعلم الناس مباشرة دون حواجز. إنها ترتفع معه على جبل تابور في التجلي وتدرك مجده وتسمعه يتحدث مع موسى وإيليا عن الأمور المختصة بخلاص البشر.. وكأنها ترتقي مع جبل التجربة لتراه يجرب ويغلب من أجلها!!

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:09 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
هوذا واقف وراء حائطنا يتطلع من الكوى، يوصوص من الشبابيك




https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...nocking-14.gif
"هوذا واقف وراء حائطنا"..
قد يكون ذلك الحائط رمز لضعفنا وتهاوننا وفتورنا – إنه حائطنا نحن وليس حائطه هو.. إنه يمنع تمتعنا بالرب كما ينبغي، ومع ذلك فهو واقف وراء حائطنا.. إن عين الإيمان تستطيع أن تراه والأذن الروحية تستطيع أن تسمعه "هأنذا واقف على الباب أقرع" (رؤ3: 20).
وقد تكون هذه العبارة "واقف وراء حائطنا.." وصفًا لحالة مؤمني العهد القديم – عهد الناموس والظلال – فلم يكن لهم امتياز النظر إلى مجد الرب بوجه مكشوف.. لقد كانوا يرونه من خلال كوى الرموز والطقوس والفرائض – ولقد كان الحجاب الذي يفصل بين قدس الأقداس والقدس بمثابة الحائط الذي من ورائه ينظر الرب إلى قديسيه في ذلك العهد.. ولكنه لم يكن لهم نور الإنجيل ولا معرفة الخلاص الكامل – ذلك الخلاص الذي فتش وبحث عنه أنبياء. الذين تنبأوا عن النعمة التي لأجلنا.. الذين أعلن لهم أنهم ليس لأنفسهم بل لنا كانوا يخدمون بهذه الأمور التي أخبرنا بها نحن الآن بواسطة الذين بشرونا في الروح القدس المرسل من السماء التي تشتهي الملائكة أن تطلع عليها (1بط1:10-12).
والمسيح أوضح الفارق الكبير بين ما رآه وسمعه أبرار العهد القديم وما رأته وسمعته خاصته "طوبى للعيون التي تنظر ما تنظرونه. لأني أقول لكم إن أنبياء كثيرين وملوكًا أرادوا أن ينظروا ما أنتم تنظرون ولم ينظروا وأن يسمعوا ما أنتم تسمعون ولم يسمعوا" (لو10:23، 24).
ويرى البعض أن "حائطنا" هنا إشارة إلى حالتنا الحاضرة، أعني وجودنا في هذه الأجساد الضعيفة بالمقابلة مع ما ستكون عليه عند مجيء الرب في مجيئه الثاني، وتغيير أجسادنا لنكون على صورة جسد مجده "فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز" – إننا نراه الآن بالإيمان فقط، كما من كوى وشبابيك، ولكن بعد قليل "سنراه كما هو" سنراه "حينئذ وجهًا لوجه. الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف كما عرفت" (1كو13:12).. على أنه من امتيازنا أننا وإن كما لا نراه الآن (بالجسد) ولكننا نحبه. ذلك وإن كنا لا نراه الآن لكن نؤمن به فنبتهج بفرح لا ينطق به ومجيد (1بط 1:8).
كذلك فإن أسفار العهد القديم المقدسة تعتبر بمثابة الكوى والشبابيك بما تتضمنه من مواعيد ورموز وذبائح وتقديمات ونبوات، منها يمكن رؤية المسيح، وبواسطتها يعلن هو ذاته لكل قلب متيقظ. وإنه من تلك الكوى لعيون مؤمنة تقية أن تراه كرئيس الكهنة بثياب المجد والجلال المسربل بهما وتراه كحمل الله المرفوع على صليب الجلجثة، وكالملك الممسوح في أمجاد ملكه العتيد.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:10 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أجاب حبيبي وقال لي: قومي يا حبيبتي يا جميلتي وتعالي. لأن الشتاء قد مضى والمطر مرّ وزال. الزهور ظهرت في الأرض. بلغ أون القضب

"أجاب حبيبي وقال لي قومي يا حبيبتي يا جميلتي وتعالي. لأن الشتاء قد مضى والمطر مَرّ وزال. الزهور ظهرت في الأرض. بلغ أوان القصب (تقليم الكرم) وصوت اليمامة سمع في أرضنا. التينة أخرجت فِجّها (البراعم الصغيرة) وقعال الكروم (العنب الذي لم ينضج) تُفيح رائحتها. قومي يا حبيبتي يا جميلتي وتعالي" (2: 10- 13).
أجاب.. نلاحظ أن العروس لم تكلم العريس.. لكن هذه الإجابة، إجابة على مشاعرها فهو العالم بكل شيء على نحو ما نقرأ عن يسوع مرارًا كثيرة "فعلم يسوع أفكارهم".. في أحيان كثيرة تكفي مشاعرنا والرب يجيب.
قومي.. إنها دعوة للقيام والتبعية على نحو ما قال الرب يسوع للمفلوج "قم أحمل سريرك وأمشي".
يا حبيبتي – يا جميلتي.. إذا كانت حبيبته فهي جميلة!! إن الحب يرى كل شيء جميلًا. ما أعجبك أيتها المحبة، إنك ترين كل شيء حسنًا (كل شيء طاهر للطاهرين) ومن ثمّ فهو جميل..
تعالي.. إنها دعوة للسير في طريق الكمال كما يقول غريغوريوس أسقف نيصص.. إن هذه الكلمة تحمل في طياتها القوة.. تعالي.. إنها تعّبر عن الرغبة - رغبة النفس - هو سيصحبها الطريق كله - إنما تحتاج هي أن تخطوا الخطوة الأولى. وهكذا بالنسبة للشهداء وما احتملوه من عذاب يجلّ عن الوصف نجد أنهم بمجرد أن كانوا يعلنون عن رغبتهم في التمسك بالسيد المسيح يحمل هو عنهم الآلام.
ولدينا قصة استشهاد فليسيتاس Felecitas - وهي أمه من قرطاجنة - مثالًا لذلك: فحينما شعرت بآلام المخاض وهي في السجن استعدادًا للاستشهاد قال لها أحد الحراس "إذا كنت لا تستطيعين احتمال هذا الألم فكيف إذن ستحتملين أنياب الوحوش ومخالبه" فقالت فليسيتاس "إني أتألم الآن. أما غدًا فيتألم عني آخر هو سيدي يسوع المسيح. اليوم القوه الطبيعية وفي الغد تنتصر فىّ النعمة الإلهية على أشد ما أعددتم لي من التعاذيب".. الله هو يسير معنا ويقودنا للسير من قوة إلى قوة – هو يكمل نقائصنا..
قومي، وتعالي.. هذا ترتيب منطقي – لا يمكن أن تسبق الخطوة الثانية الخطوة الأولى.
لأن الشتاء قد مضى والمطر مّر وزال .. لأن الأولى تعليلية.. فلا يمكن للنفس البشرية أن تتبع الحبيب وتسير في طريق الكمال ما لم يكن الشتاء قد زال. والمقصود بالشتاء الاضطرابات الشخصية وعواصف الرذائل فلا تعود تهتز بعواصف الشهوات (صلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء ولا في سبت – متى 24:20).
وعندما تهرب عن النفس أمثال هذه العواصف يمكن لزهور الفضائل أن تبدأ في الظهور (الزهور ظهرت في الأرض) – ويحين أوان القضب (تقليم العنب) – قال الرب يسوع "كل غصن فيَّ لا يأتي بثمر ينزعه. وكل مت يأتي بثمر أكثر" (يو15:2).. النفس في كمالها تقبل كل ما يأتي عليها من تجارب وآلام – هذا هو قضب الكروم.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:11 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
وصوت اليمامة سُمِع في أرضنا. التينة أخرجت فجّها، وقعال الروم تفيح رائحتها




https://st-takla.org/Pix/Christian-Sy...-Spirit-03.jpg
صوت اليمامة سمع في أرضنا.. إن الحمامة رمز للروح القدس ورموز لأمور كثيرة كالسلام (حمامة نوح) والوداعة.. فحين تبدأ النفس تزهر الفضيلة تستمع النفس جيدًا ما يقوله الروح القدس.
صوت اليمامة سُمع.. كانت الحمامة موجودة لكن صوتها لم يكن يسُمع بسبب الانشغالات والانهماكات الأرضية والجسدية.. أما الآن وقد توقفت أصوات عواصف الشهوات، حينئذ يستطيع الإنسان أن يسمع لصوت الحمامة الذي هو صوت الروح.
"التينة أخرجت فجها، وقعال الكروم تُفيح رائحته"..
الأشجار على اختلاف أنواعها تفهم بشكل عام كرمز لنفوس المؤمنين إذ كتب عنهم (كل غرس لم يغرسه أبى السماوي يقلع) (مت15:13)..
ويقول بولس (أنا غرست وأبلوس سقى) (1كو 3: 6) والرب نفسه يقول (اجعلوا الشجرة جيدة وثمرها جيدًا) (مت12: 33).
+ التينة ترمز للإنسان الروحي يثمر أثمار الروح "محبة وفرح وسلام.." (غل 5: 22). هذا الإنسان بدأ يحمل الفج أي البراعم الصغيرة – وبدأت قعال الكروم (العنب الصغير الذي لم ينضج) تفيح رائحتها.
فطالما الأمور هكذا في بدايتها فيجب أن الإنسان يتشجع ويجاهد أكثر ويتبع الحبيب. لذا فهو يقول لها "قومي يا حبيبتي يا جميلتي وتعالى"..

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:12 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
يا حمامتي


https://st-takla.org/Pix/Ethiopia/Nor...astles-077.jpg
"يا حمامتي في محاجئ (الشقوق) الصخر في ستر المعاقل (الحصون) أريني وجهك. أسمعيني صوتك. لأن صوتك لطيف ووجهك جميل"
(2: 14)..
"الصخرة كانت المسيح"
(1كو 10: 4).
"يا حمامتي .." إنه يدعو حمامته – هكذا يدعو الله النفس البشرية، وهذا يطمئن المؤمن أنه صار ملكًا للرب (أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدى. أبى الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل، ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبى) (يو10: 28،29).
أنت حمامتي فلقد (أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها.. لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن وشيء من مثل ذلك، بل تكون مقدسة وبلا عيب) (أف 5).
إذ كان المسيح وديعًا "لا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف. وفتيلة مدخنة لا يطفئ" فحمامته وديعة (حمامة نوح).. (كونوا بسطاء كالحمام"(مت 10: 16).

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:26 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
في محاجئ الصخور، في ستر المعاقل




https://st-takla.org/Gallery/var/resi...adamat-095.jpg
"في محاجئ الصخر، في ستر المعاقل أريني وجهك أسمعيني صوتك"
مع أن الحمامة ضعيفة في ذاتها، وليس باستطاعتها أن تحمى نفسها وصغارها من الطيور الكاسرة الجارحة، لكنها يمكنها أن تجد خلاصها ونجاتها في محاجئ الصخر أي في جراحات المسيح. هناك تستقر النفس هادئة آمنة في ذلك الجنب المطعون- هناك تجد مكانًا أمينًا إلى جوار ذلك القلب الكبير الذي فاض منه دم وماء غفرانًا لكل العالم.. في ذلك المكان لا يمكن لأجناد الشر الروحية أن تدركها وتلحقها.. يتكلم سليمان في الأمثال عن الوبار ويقول "الوبار طائفة ضعيفة ولكنها تصنع بيوتها في الصخر"(أم 30: 26)
و ليس في محاجئ الصخر تجد أمانها بل هناك ما هو أدعى للأمان والاطمئنان "في ستر المعاقل – في ستر الحصون".. إنها تشير إلى مكان الشركة السرية مع الله.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:27 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أريني وجهك. أسمعيني صوتك. لأن صوتك لطيف ووجهك جميل




https://st-takla.org/Pix/Saints/Copti...ry_Face-02.jpg
"أريني وجهك، أسمعيني صوتك"
"أريني وجهك" لقد صرنا ننظر مجد الرب بوجه مكشوف "ونحن معًا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد" (2كو 3: 18).. لا أثر للقناع القديم الذي كان يوضع على الوجه، بل صار لها أن تتأمل مجد الله بدون خوف "ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحق" (يو 1: 14).
"أسمعيني صوتك" وإذ تصير مستحقة أن يقال عنها ما قيل عن موسى "موسى يتكلم والله يجيب" (خر 19:19), يتحقق فيها قوله "أسمعيني صوتك".
"لأن صوتك لطيف ووجهك جميل".. وهذا تعبير عن محبة العريس لعروسه..

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:28 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
خذوا لنا الثعالب الصغار المفسدة الكروم، لأن كرومنا قد أقعلت



"خُذُوا لَنَا الثَّعَالِبَ، الثَّعَالِبَ الصِّغَارَ الْمُفْسِدَةَ الْكُرُومِ، لأَنَّ كُرُومَنَا قَدْ أَقْعَلَتْ (أزهرت)".
نلاحظ هنا، العريس يربط نفسه بالعروس في أمر العناية بالكروم فيقول "خذوا لنا", لأن (كرومنا) – كأن فرح العريس مرتبط بفرح العروس، وأن ما يؤلمها ويؤذيها يؤلمه ويؤذيه.. قال الرب يسوع لشاول "أنا يسوع الذي أنت تضطهده" (أع 9: 5). لذا نراه مهتمًا بسلامتها وصيانتها من كل أذى وضرر.. إنه لا يريد لأيّ شيء أن يعطل الشركة المقدسة.

https://st-takla.org/Pix/Portraits-Ge...hris-Coyle.jpg
ما هى الثعالب الصغيرة؟
(1) قد تكون إشارة للخطايا التي تبدو صغيرة ولا نحترس منه.. يقول القديس مرقس الناسك "يقدم لنا الشيطان خطايا صغيرة تبدو كأنها تافهة في أعيننا. لأنه بغير هذا لا يقدر أن يقودنا إلى الخطايا العظيمة".. لنتذكر كلمات الرسول "امتنعوا عن كل شبه شر"(1تس 5:22).
ويرى أوريجانوس أن الثعالب الصغيرة هي قوى الشياطين المضادة والشريرة التي تحطم زهور الفضائل في النفس وتبدد ثمر الإيمان خلال الأفكار الفاسدة والمفاهيم المضللة التي تبثها.
نحن محتاجون للاحتراس حتى إن كنا كاملين في جهادنا. فالاحتراس فضيلة مسيحية هامة. لقد رأت الشهيدة بربيتوا في حلم سلما كبيرًا ذهبيًا يصل الأرض بالسماء. كان ضيقًا بحيث لا يتسع إلا لشخص واحد. وعلى جانبيه آلات التعذيب. ومن أسفل تنين مرعب، عند الدرجات الأولى لهذا السلم، متحفز لاقتناص من يحاول الصعود للسماء. وفى الحلم رفعت بربيتوا رأسها، فرأت معلمها ساتروس saturus وهو يصعد. وحينما وصل إلى نهاية السلم من أعلى قال لها (بيربيتوا.. إني في انتظارك. ولكن احذري لئلا يلتهمك التنين) حينئذ قالت بربيتوة "باسم يسوع سأصعد. ولن أخاف التنين) وبجرأة وضعت رجلها على التنين وكأنه الدرجة الأولى من درجات السلم، ثم ابتدأت تصعد مسرعة.
(2) وعلى حسب رأى أوريجانوس أيضًا قد تكون الثعالب الصغيرة هي التعاليم الفاسدة والهرطقات. وهى إشارة إلى مقاومة المعلمين المنحرفين. ويجب مقاومة التعاليم الفاسدة وهى بعد صغيرة ومبتدئة.
لقد علمنا الكتاب المقدس أن نحذر الثعالب الصغيرة لكن لا نخافها، فقد أعطانا الله سلطانًا أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو (او 10: 19).. إننا نقول بنعمة المسيح "يا بنت بابل الشقية طوبى لمن يمسك أطفالك ويدفنهم عند الصخرة" والصخرة هي المسيح.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:30 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
حبيبي ليَّ، وأنا له



"حبيبي لي وأنا له الراعي بين السوسن. إلى أن يفيح النهار وتنهزم الظلال أرجع وأشبه يا حبيبي الظبي أو غفر الأيائل على الجبال المشبعة"
(2: 16, 17).
بالتجسد الإلهى نزل ابن الله الكلمة إلى النفس البشرية ليخطبها لذاته.. وبقيامته المقدسة دعاها للقيام معه وبه وبلا خوف من سلطان الخطية, لكنه طلب إليها أن تحذر الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم.. استجابت العروس لدعوة العريس "قومي.. وتعالى"، وهكذا دخلت وليمة عرس الصليب والقيامة لتنعم بالاتحاد معه، فأخذت تناجيه قائلة "حبيبي لي وأنا له".

https://st-takla.org/Gallery/var/resi...-Advent-04.jpg
في الكنيسة القبطية يسمى سر الزواج "عقد أملاك وزواج". أما السبب، فلأن في هذا السر يقدم كل منهما نفسه ليصير ملكًا للأخر كقول الرسول "ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل، وكذلك الرجل أيضًا ليس له تسلط على جسده بل للمرأة" (1كو 7: 4). ومن هنا فلا يطلب أحدهما ما لنفسه بل ما هو للأخر، متخليًا عن الكثير من رغباته من أجل الطرف الآخر. وفى نفس الوقت يقدم كلا منهما ما يملك للأخر.
هذا السر تراه النفس البشرية والكنيسة في أكمل صورة على الصليب حيث قدم الرب دمه مهرًا لها ليدخل كلا منهما في ملكية الآخر.. وهكذا تقول العروس "حبيبي لي وأنا له"..
رأته على الصليب معلقًا فأدركت بحق مفهوم العرس السماوي، فقد اشتراها بحبه الكامل، وقدم حياته فدية لحياتها. لهذا فهي أيضًا تلتزم بتقديم حياتها له بفرح حتى أنها في الحياة الأبدية في السماء تتغنى وتقول "لأنك ذبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة" (رؤ 5: 9) هذه هي الحقيقة يعلنها الرسل فيقول بطرس "عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة وبذهب.. بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح"(1بط1:18،19). ويقول بولس "قد اشتريتم بثمن فلا تصيروا عبيدًا للناس إنكم لستم لأنفسكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفى أرواحكم التي هي لله" (1كو 7: 23 ؛6: 19،20).. ويؤكد على هذه الحقيقة يوحنا في سفر الرؤيا على نحو ما أعلنت له "هؤلاء هم الذين يتبعون الخروف حيثما ذهب، هؤلاء اشتروا من بين الناس باكورة لله وللخروف"(رؤ 14: 4).
"حبيبي لي وأنا له"
اختبر القديس أغسطينوس هذه الحياة فيقول في مناجاته لله:
"إلهي. إنني إذ أتأمل ضميري، أراك ناظرًا نحوى دائمًا، ومنتبها إلى نهارًا وليلًا بجهد عظيم ، حتى كأنه لا يوجد في السماء ولا على الأرض خليقة غيري. تسهر على وكأنك قد نسيت الخليقة كلها! تهبني عطاياك، كأني وحدي موضوع حبك!" ويقول أيضا.. "أتوسل إليك أخبرني أين أنت؟! أشتهى الموت لكي أراك. إنني لا أريد العيش بعد لكي أحيا بك. امتلكني بكليتي فألتصق بك تماما"!!

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:31 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
الراعي بين السوسن




https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...hepherd-17.jpg
في أول هذا الإصحاح الثاني تكلم العريس عن نفسه"كسوسنة الأودية".. ولكنه صار هنا الراعي (السوسن) بين السوسن. وكأن كل الذين أحبوه صاروا سوسنا!! وكأن العروس تقول "أيها السوسنة المتألمة، لقد أثمرت شجرة صليبك اتحادًا عجيبًا فجعلت من نحن أيضًا "سوسن" على مثالك.. إن النفس التي أحبتك صارت على مثالك، وكنيستك حملت سماتك وشاركتك حتى في اسمك"!!
ويرى القديس إيرونيموس أن السوسن يشير إلى البتولية، وكأن الرب البتول قد صار راعيًا للبتوليين الذين لم يدنسوا أنفسهم ولا ثيابهم.
لقد اتحد البتول بنا فصار كل منا فينا بتولا ً. لقد صار لنا الفكر البتولي والقلب البتولي والحواس البتولية..إلخ.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:32 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
إلى أن يفيح النهار وتنهزم الظلال، أرجع وأشبه يا حبيبي الظبي أو غفر الأيائل على الجبال المشعبة




https://st-takla.org/Pix/Portraits-Ge...pton-Water.jpg
"إلى أن يفيح النهار وتنهزم الظلال أرجع وأبه يا حبيبي الظبي وغفر الأيائل على الجبال المشبعة" إذ دخلت النفس وليمة العرس الإلهي وتذوقت قيامة الرب في حياتها أي اختبرت القيامة الأولى قيامة النفس من موت الخطية اشتهت القيامة الثانية وقيامة الجسد في مجيء الرب الأخير، فصارت تستعطف العريس قائلة "ارجع يا حبيبي".. إنها وكأنها تقول له: في مجيئك الأول كنت وراء حائطنا ولم أعرفك. ولكن الآن عرفتك أنت كالظبي والأيل الصغير فصارت لي كخبرة معك. وأقول نعم تعال أيها الرب يسوع فإني أريد أن أعيش معك إلى الأبد..
في هذه المرة هي لا تريد من وراء الحائط بل علانية على السحاب في النهار الجديد.
" إذ يفيح النهار وتنهزم الظلال"
بمجيئه الأول وتمتعها بشركة آلامه وتعرفها على قيامته تحول ليلها إلى نهار جديد. فالرب قد جعلنا "أبناء نور وأبناء نهار، ليس من ليل ولا ظلمة"(1تس5:5). والنفس تردد مع الرسول "قد تناهى الليل وتقارب النهار. فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار"(رو 13: 12, 13).
وإذ ندخل إلى وليمة القيامة نسمع الله يردد "بسطت يدي طول النهار" (أش 65: 2). أي أن الآب قد بسط يديه بالحب خلال صليب الابن يريد أن يضم حتى الشعب المعاند.
إننا بالقيامة الأولى ندخل إلى النهار الجديد، لكننا نرفع أعيننا إلى القيامة الأخيرة ومجيء الرب الأخير نرى كأن حياتنا في ظلال تنتظر النهار الأبدي فنفرح معترفين بضعفنا "إلى أن يفيح النهار وتنهزم الظلال"، نراه آتيًا على الجبال المشبعة المملوءة ضيقًا، لكي يهزم ظلال الزمن ويدخل بنا إلى النهار الذي ليس فيه ليل الذي وصفه يوحنا في الرؤيا "ولا يكون ليل هناك ولا يحتاجون إلى سراج ونور الشمس، لأن الرب الإله ينير عليهم وهم سيملكون إلى أبد الآبدين" (رؤ22:5).

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:34 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
طلبت من تحبه نفسي.. بالنسبة للكنيسة



"في الليل على فراشيطلبت من تحبه نفسي، طلبته فما وجدته. إني أقوم وأطوف في المدينة في الأسواق وفى الشوارع أطلب من تحبه نفسي. طلبته فما وجدته. وجدني الحرس الطائف في المدينة، فقلت أرأيتم من تحبه نفسي. فما جاوزتهم إلا قليلا حتى وجدت من تحبه نفسي، فأمسكته ولم أرخه حتى أدخلته بيت أمي وحجرة من حبلت بي. أحلفكن يا بنات أورشليمبالظباء وبأيائل الحقل ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء"
(3:1-5).
يمكن تفسير هذا الحديث من وجهتين: حديث الكنيسة لعريسها المسيح، وحديث النفس البشرية كعضو في هذه الكنيسة..
بالنسبة للكنيسة:

https://st-takla.org/Pix/Christian-Ar...ostasis-01.jpg
منذ ارتفع المسيح على الصليب، طلبته الكنيسة ثلاث مرات ولم تجده إلا في المرة الأخيرة.
(أ‌) في المرة الأولى "في الليل".
(ب‌) لعل ذلك إشارة إلى الظلمة التي غطت الأرض لحظات الصليب من الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة (مت27: 45-52) .. تحول النهار إلى ليل. وكأن التلاميذ قد عمهم الظلام فكريا فلم يستطيعوا أن يدركوا أسرار الروح حتى أن اثنين منهم وهما تلميذا عمواس قالا في شك "كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدى إسرائيل".
(ب) في المرة الثانية ليلًا "أيضًا"..
لم تكن العروس على فراشها بل كانت تطوف المدينة في الأسواق والشوارع – وهذا إشارة إلى تلاميذ الرب بعد دفنه ودخولهم العلية وتحول وقتهم كله إلى ليل. كانت الأبواب والنوافذ مغلقة. لقد حاولوا أن يسترجعوا قوتهم ويقوموا يبحثون عنه في المدينة في الأسواق والشوارع. لقد كان الوقت سبتا" ولم يذوقوا طعم الراحة.
(ج) عند القبر الفارغ – خرجت مريم المجدلية فجر الأحد والظلام باق، ولم تبال بالسير في الشوارع والأسواق حتى وصلت القبر – وكأنها خرجت نيابة عن الكنيسة حزينة القلب وسألت الملاك بدموع عمن تحبه نفسها. وما جاوزته قليلا" حتى رأت الرب والتصقت به. لقد أمسكت به أولا، لكنها إذ أرادت أن تبقى هكذا سألها أن تسرع وتخبر التلاميذ أن يلتقوا به في الجليل.. وكأن القديسة مريم دخلت به إلى الكنيسة بيت أمها وحجرة من حبلت بها.
أما حديث الكنيسة فهو "أحلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبأيائل الحقل ألا تيقظن الحبيب حتى يشاء" انه حديث عتاب مملوء حبا موجه من الكنيسة المسيحية إلى جماعة اليهود ورؤساء كهنتهم الذين سخروا بالعريس على الصليب وقالوا "إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب.. إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به" (مت 27: 40-42).. وكأن الكنيسة بعد أن دخلت إلى قيامته عادت تقول لبنات أورشليم لماذا كنتن تستعجلن العريس أن يقوم. أسألكن بحق الأنبياء (الظباء وأيائل الحقل) أن تتركن إياه ليقوم في اليوم الثالث حيث شاء. ان كان قد رقد على الصليب فراجعن النبوات واذكرن انه يقوم متى يشاء!!

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:34 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
طلبت من تحبه نفسي.. بالنسبة للنفس البشرية



"في الليل على فراشيطلبت من تحبه نفسي، طلبته فما وجدته. انى أقوم وأطوف في المدينة في الاسواق وفى الشوارع أطلب من تحبه نفسى. طلبته فما وجدته. وجدنى الحرس الطائف في المدينة، فقلت أرأيتم من تحبه نفسي. فما جاوزتهم الا قليلا حتى وجدت من تحبه نفسى، فأمسكته ولم أرخه حتى أدخلته بيت أمى وحجرة من حبلت بى. أحلفكن يا بنات أورشليمبالظباء وبأيائل الحقل ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء" (3:1-5)
يمكن تفسير هذا الحديث من وجهتين: حديث الكنيسة لعريسها المسيح، وحديث النفس البشرية كعضو في هذه الكنيسة..

https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...f-Jesus-24.jpg
"في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي، طلبته فما وجدته"
إن أمر ربنا الصريح هو "اطلبوا تجدو.. ومن يطلب يجد" (مت7:7-8)، غير أن الأمر كان على النقيض مع العروس فإنها طلبت حبيبها فلم تجده، أما السبب، فلأنها طلبته وهى على فراشها، أعنى طلبته في حالة تراخى وفتور ونوم روحي "تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون رديا" لكي تنفقوا في لذاتكم) (يع 4:3).. لذلك يقول "استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح" (أف 5:14).
إن النفس البشرية في بحثها عن المسيح قد تطلبه بثلاث طرق لكنها لا تجده إلا في الطريق الأخير:-
(أ) تطلبه بمجهودها الذاتي.
(ب) تطلبه خلال الخدام وحدهم.
(ج) أخيرًا تطلبه بثقة في قدرة عمل الله فيها دون تجاهل لجهادها ولخدمة العاملين في كرمه.
(أ) المرحلة الأولى طلبته على فراشها – انه يمثل وقت ضعفها وتراخيها.
(ب) المرحلة الثانية خرجت النفس من ذاتها إذ تركت فراشها قائلة "أقوم" ودخلت المدينة تبحث عن عريسها. خرج أغسطينوس إلى الأسواق بالبحث عن الله يطلبه في كتب الفلاسفة، والى الشوارع بالبحث عنه في الطبيعة، لكنه لم يجد الله. اذ لغباوته خرج يطلب الله خارج نفسه، مع أن الله كان في داخله عميقا أعمق من عمقه وعاليا أعلى من علوه.
(ج) في المرحلة الثالثة بحثت عنه خلال الحراس الذين هم خدام الكلمة وفى هذه المرة أيضا لا تقدر بعريسها إلا بعد أن تجاوزتهم قليلا". فالخدام يسندون النفس لكنهم لا يقدرون أن يدخلوا بها إليه إلا بعمله هو. فهو وحده الذي يجتذب القلب نحوه.. حقًا أن الكهنة ملتزمون بالحراسة لكن "إن لم يحرس الرب المدينة فباطلا" يسهر الحراس" (مز1:27).. "من هو بولس ومن هو أبولس.. أنا غرست وأبولس سقى لكن الله كان ينمي" (1كو3: 5، 6).

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:35 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
من هذه الطالعة من البرية؟




https://st-takla.org/Pix/Ethiopia/Eth...astery-004.jpg
"من هذه الطالعة من البرية coming out of the wilderness كأعمدة من دخان معطرة بالمر واللبان وبكل أذرة (مساحيق) التاجر" (نش 3: 6)
من هذه الطالعة من البرية. من المتكلم؟
+ أما العريس نفسه الذي يسندها ويشجعها، مؤكدا لها انه يراها طالعة..
+ وأما السمائيين الذين تطلعوا إلى البشر الترابيين وقد أنفتح أمامهم باب الفردوس..
+ وأما بنات أورشليم اللائي كن قبلا يعيرن كنيسة الأمم بسوادها بسبب عدم انتسابها للآباء والأنبياء لأنها من الأمم، لكنها تظهر الآن خلال اتحادها بالمسيا المخلص جميلة وبهية تصعد من مجد إلى مجد.
إن هذه الطالعة من البرية رمز للنفس البشرية الطالعة من برية العالم.. والبرية ليست غريبة على شعب الله فقد تاه فيها قديما مدة 40 عاما – تمتعوا فيها بمحبة الله وعنايته، ولكنهم في نفس الوقت تدربوا. فقد تعرضوا للدغات الحيات القاتلة بسبب عصيانهم وتذمرهم..
أما الآن فقد اتحد المؤمنون بالمسيح الذي يخرج بالنفس من برية العالم إلى حرية مجد أولاد الله.. يقول ذهبى الفم "نحن الذين كنا قبلا" غير مستحقين للمجد الأرض، نصعد الآن إلى ملكوت السموات، وندخل السموات. ونأخذ مكاننا أمام العرش الإلهي".

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:37 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
كأعمدة من دخان




https://st-takla.org/Pix/Things-Tool-...__Smoke-01.jpg
حينما كان الله يحل بمجده. فوق جبل سيناء، كان الجبل يدخن (خر 18:19).. وحينما كان يحل بمجده في خيمة الاجتماع والهيكل كان البيت يمتلئ من الدخان.. هذا ما رآه إشعياء. ففي الرؤيا التي أعلنت له، ورأى فيها السيد جالسا على كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل يحيط به السيرافيم "اهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ وامتلأ البيت دخان" (اش 4:6).. وهذا عين ما رآه يوحنا في السماء، يقول (وامتلأ البيت دخانا من مجد الله ومن قدرته" (رؤ 8:15).
إذًا "ان الدخان دليل المجد والقوة، وكان يشير إلى حلول الله وحضوره والعروس هنا في شكل عمود من دخان – والعمود يعبر عن الثبات والرسوخ "من يغلب فسأجعله عمودا" في هيكل إلهي ولا يعود يخرج إلى خارج" (رؤ 12:3)..
والدخان شيء يحدث وينبعث نتيجة للنار – وهو يشير إلى قوة الروح القدس التي تمد العروس وتكسبها قوة جديدة.. الدخان في حد ذاته شيء يسهل تفريقه، لكننا نجده في شكل عمود وهذا يشير إلى حالة من الثبات، وقد أعطيت لها بواسطة امتلائها بقوة الروح القدس.
كما يشير الدخان إلى حياة الصلاة كقول يوحنا الرائي (فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك أمام الله) (رؤ8: 4).
علي أية الحالات أم تكن العروس كأعمدة من دخان من النوع الذي يخنق ويرمز لعلامة غضب الله والشر، لكن العروس كانت كأعمدة من دخان معطرة بالمر واللبان.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:37 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
معطرة بالمر واللبان وبكل أذرة التاجر




https://st-takla.org/Pix/Plants-Trees...Al-Morr-01.gif
المر: يرمز إلى أن هذه العروس قد دفنت مع المسيح الذي كُفن بالمر والطيب..
فهي لابد لها أن تدفن معه حتى تقدر أن تقوم معه (فدفنا معه بالمعمودية للموت, حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب, هكذا نسلك نحن أيضا في جدة الحياة) (رؤ6:4).
ندفن في المعمودية فيموت إنساننا العتيق, وتولد ميلادًا جديدًا روحيا حتى نقدر بالروح القدس أن نرتفع إلى أبينا السماوي.
اللبان: رمز للصلاة.. وهو أيضا رمز لشفاعة المسيح الكفارية التي قدمها كرئيس كهنة.
كل أذرة التاجر: (المساحيق), وهي أدوات الزينة التي تشتريها النفس من المسيح نفسه (التاجر) الذي وحده يقدر أن يزين النفس ويجملها كعروس له.
إن التاجر هنا مكتوبة بصيغة المفرد وتشير للرب يسوع وتذكرنا بالتاجر الذي يطلب لآلئ حسنة (مت 13: 45).
والمعني أن العروس قد امتلكت غني حياته الممجدة, وكأن الرب هو التاجر الذي أغناها

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:39 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
هوذا تخت سليمان حوله ستون جبارًا من جبابرة إسرائيل. كلهم قابضون سيوفًا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل. الملك سليمان عمل لنفسه تختًا من خشب لبنان. عمل أعمدته فضة، وروافده ذهبًا، ومقعده أرجوانًا، ووسطه مرصوفًا محبة من بنات أورشليم



(هوذا تخت سليمان Solomon's couch حوله ستون جبارا من جبابرة إسرائيل. كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب, كل رجل سيفه علي فخذه من هول الليل. الملك سليمان عمل لنفسه تختا من خشب لبنان. عمل أعمدته فضة, وروافده ذهبا, ومقعده أرجوانا, ووسطه مرصوفا محبة من بنات أورشليم) (نش 3: 7-10).
تخت سليمان
تخت أي محفة تُحمل وفراش (سرير)

https://st-takla.org/Pix/Bible-Verse-...rseArt-043.jpg
تخت سليمان هو الكنيسة التي يحل الرب داخلها ويملك عليها إلى الأبد..
+ التخت مصنوع من خشب لبنان أي أرز لبنان.. إن الخشب في الكتاب المقدس يشير إلى طبيعة الرب البشرية. إنه مثل الأرز فارع عظيم جليل, يسمو في بره فوق كل البشر.
+ أعمدته من فضه والفضة ترمز للفداء- لذا فهذه الأعمدة الفضية تشير بوضوح إلى فدائه. أنها تشير إلى المسيح الذي تجسد ليصنع الفداء بدم نفسه. ومن الناحية العلمية تكشف عن عمل الصليب في حياة المؤمن.
+ روافد التخت أي قاعدته وأرضيته من ذهب. والذهب يرمز للطبيعة الإلهية. ومعني هذا أن الامر مؤسس علي صفات إلهية وطبيعة إلهية. لقد صرنا شركاء الطبيعة الإلهية بالمعمودية التي بها ولدنا ولادة ثانية من الماء والروح.
+ ومقعده أرجوانًا - والأرجوان رمز للملوكية. إن هذا يكشف عن الحقيقة أن الرب ملك- ولكنه ملَك علي خشبة (الصليب).
+ ووسطه مرصوفا محبة من بنات أورشليم- وهذا يشير إلى محبة كل القديسين له.
+كان التخت بأعمدته وأرضيته ومقعده ووسطه المرصوف بالمحبة هو مركبة سليمان الخاصة لكنه أيضا وسيلة انتقال عروسه. ولم تكن المركبة ملكا لها فقط, لكنها كانت التي يركب فيها الملك نفسه.. هذه المركبة تكشف عن المجد الذي صارت فيه بنعمته.
+ هذا الموكب يظهر العريس وحوله ستون جبارًا كلهم رجال حرب, حاملين سيوفهم علي فخذهم, يجاهدون وسط أهوال ليل هذه الحياة.. انه الموكب الذي تعيشه الكنيسة المجاهدة حول المسيح عريسه.. وكأن المسيح نائم وسط سفينة حياتنا (مت 8:24؛ مر4:38) فلا خوف علينا مهما بلغت الاضطرابات شدة في بحر هذا العالم.
والستون جبار حول التخت يشير إلى أنه حول الصليب تجتمع كل الكنيسة المجاهدة كرجال حرب حتى كما غلب ذاك يغلبون هم أيضا به ومعه.. كل مؤمن يحمل علي فخذه سيفه الذي هو كلمة الله (وهم غلبوه بدم الخروف (أي الصليب) وبكلمة شهادتهم (كلمة الله) ولم يحبوا حياتهم حتى الموت) (رؤ 12:11).
ان الستين جبارا من جبابرة إسرائيل يرمزون إلى أبناء الملكوت إسرائيل الجديد الروحي, المختارون الذين قبلوا الصليب ودخلوا مع الله في عهد جديد.. هؤلاء جاءوا إلى الوليمة في حب متسلحين بسيف الروح لابسين خوذة الخلاص ودرع البر مجاهدين حتى الدم ضد الخطية لذا ينصحنا الرسول (أخيرا يا أخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس. فان مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم علي ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات. من أجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل.. ممنطقين أحقاءكم بالحق، ولابسين درع البر, وحاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله) (أف 6:10-17).
+لكن لماذا عدد هؤلاء الجبابرة 60
العدد 12 يشير إلى ملكوت الله علي الأرض لان الثالوث القدوس (3) يملك علي أركان المسكونة الأربعة (4) – وبذا فان ملكوت الله علي الأرض يعني (3×4) لذا فان أسباط إسرائيل 12, وعدد التلاميذ 12- وعدد أبواب أورشليم السمائية 12- وطول المدينة مضاعفات العدد 12.
و كل واحد من هؤلاء الجبابرة حمل خمسة سيوف – والعدد خمسة يشير إلي أنهم بشر (الحواس الخمسة)- أي سيف لكل حاسة فيكون العدد (12×5=60).
{سيف العين هو أن تتطلع علي الدوام نحو الرب لتري باستقامة ولا تتدنس بشيء – وسيف السمع هو الإصغاء للروحيات وعدم الإنصات للأباطيل وهكذا (غريغوريوس النيسي)}.,
+ الستون جبارًا الذين حول التخت هو إشارة إلي كل المؤمنين الذين عليهم حماية الإيمان والكنيسة باستعداد روحي.

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:40 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
اخرجن يا بنات صهيون وانظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به أمه في يوم عرسه وفي يوم فرح قلبه




https://st-takla.org/Pix/Saints/07-Co...rusalem-01.jpg
(أخرجن يا بنات صهيون وانظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به أمه في يوم عرسه وفي يوم فرح قليه) (نش 3: 11)
هذه هي الدعوة التي توجهها الكنيسة للعالم للتمتع بوليمة الصليب.. إنها تطلب من البشرية أن تخرج أي تخرج عن 1اتها وأنانيته.. حتى ما تري الرب يسوع سليمان الجديد وقد توجته أمه, أي أمة اليهود بإكليل الشوك.
وبالنظرة الروحية يري المؤمنون التاج السرًي للمصلوب ألا وهو كما يقول القديس كيرلس الأورشليمي (غفران خطايانا وإزالة اللعنة) {اغفر لهم يا أبتاه.. قد أكمل}.. هذا هو عرسه ويوم فرح قلبه (من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينًا بالخزي), وقدم دمه الزكي مهرًا لعروسه الكنيسة!!

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:40 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ها أنتِ جميلة يا حبيبتي، ها أنت جميلة




https://st-takla.org/Pix/Ethiopia/Eth...-Day-3-077.jpg
"ها أنت جميلة يا حبيبتي ها أنت جميلة عيناك حمامتان من تحت نقابك. شعرك كقطيع معز رابض علي جبل جلعاد. أسنانك كقطيع الجزائر الصادرة من الغسل اللواتي كل واحدة متئم وليس فيهن عقيم. شفتاك كسلكة من القرمز. وفمك حلو. خدك كفلقة رمانة تحت نقابك. عنقك كبرج داود المبني للأسلحة. ألف مجن غلق عليه كلها أتراس الجبابرة. ثدياك كخشفتي طبية توأمين يرعيان بين السوسن. إلي أن يفيح النهار وتنهزم الظلال أذهب إلي جبل المر وإلي تل اللبان. كذلك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة" (4: 1- 7).
يتحدث العريس الملك في هذا الأصحاح إلي عروسه بأسلوب عذب يكشف به عن جمالها ونظرته لها, ومدي إعجابه بها وأنه لا مثيل لها في جمالها فيقول لها" ها أنت جميلة يا حبيبتي ها أنت جميلة".. ثم أخذ يتغني بسبع صفات من صفاتها يتجلي فيها جمالها. كان يتأملها واحدة واحدة بعين الإعجاب..
لقد تغني بجمالها في العينين, والشعر, والأسنان, والشفتين, والخد, والعنق, والثديين.. ولأن كل واحدة من هذه الصفات كانت جميلة, كما أن العدد 7 يشير إلي الكمال، لذا قال العريس " كلك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة".
و قبل أن نتناول بالحديث كل صفقة من هذه الصفات السبع نقول إن هذا الجمال الفائق في عيني العريس لا دخل للطبيعة فيه, لكن جمالها هو هبة إلهية خلقتها عليه نعمته. "سوداء وجميلة" (1: 5).. كما أن ذلك يرجع إلي محبة الله لجبلته. إنه من خلال هذه المحبة يراها جميلة.. علينا أن ندرك أننا في ضعفنا لا جمال روحي لنا وإن وجد فإنه عطية من الله " لا أنا بل نعمة الله التي معي" (1 كو 15: 10).

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:41 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
عيناكِ حمامتان من تحت نقابك



+ العينان جميلتان كعيني حمامة لأنها شبه حمامة الروح القدس.. وإذ تنظر علي الدوام الروح القدس تتجلي صورته علي عينيها فيكون لها البصيرة الروحية البعيدة.

https://st-takla.org/Pix/Ethiopia/Nor...astles-077.jpg
+ والعين تشير إلي النور والفطنة الروحية "سراج الجسد هو العين. فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيرًا" (مت 6: 22).. والعين تشير إلي القدرة علي التميز الروحي.. كلما عشنا في الروح كلما كانت لنا العين بسيطة كالحمام. والإدراك الروحي نناله من الروح القدس الذي يشبه بالحمامة.
+ أما كونها تحت النقاب فلأن هذه الصفة الجميلة لا يعرفها العالم ولا يدركها لأنها خفية عن نظرهم, لكنها جميلة في عيني المسيح.. كم كانوا مكرمين وأعزاء لقلب الرب في أيام جسده أولئك الذين إذ تبعوه في زمان رفضه أثبتوا أن لهم فطنة وقدرة علي التمييز الروحي وبالحري البصيرة الروحية المقدسة، أولئك الذين استحقوا قول الرب لهم "طوبي لعيونكم لأنها تبصر" (مت 13: 16).
+ إن العينين تحت النقاب تشيران إلي جمال روحي سري غير مدرك من الناس بل هو للمسيح ولمسرته دون سواه. وهو يحتفظ به ليستخدمه في الوقت المناسب حسب قصده وحكمته. فقد أعطي لبولس رؤي سماوية " مناظر الرب وإعلاناته" عندما اختطف إلي الفردوس، ولكنه احتفظ بها تحت نقاب, ولم يشر إليها لمدة 14 سنة (2 كو 12). فالمتحدث بمثل هذه الأمور يفته بابا للمجد الباطل. ولكن إخفاءها تحت النقاب إلي الوقت المعين يؤول إلي مجد المسيح.
+ وثمة أمر أخر، وهو أن وصف العينين أنهما تحت النقاب لأن المؤمنين مهما تمتعوا ببصيرة روحية في هذا العالم، لكنها تعتبر كما لو كانت تحت نقاب متى قورنت بالرؤية في الحياة الأبدية.. "لأننا نعلم بعض العلم.. فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز لكن حينئذ وجها لوجه. الآن أعرف بعض بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف كما عرفت" (1كو 13: 9, 12).

Mary Naeem 10 - 04 - 2014 04:42 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
شعرك كقطيع معز رابض على جبل جلعاد



"شعرك كقطيع معز رابض علي جبل جلعاد ".

الشعر يشير إلي التكريس والطاعة كما في حالة النذير.. "إلي كمال الأيام التي انتذر فيها للرب يكون مقدسا ويربي خصل شعر رأسه.. إنه كل أيام انتذاره (تكريسه) مقدس للرب" (عدد 6: 5, 8)..
https://st-takla.org/Pix/People-Gener...rl-Hair-01.gif
وكم هي جميلة في عيني المسيح صورة هذا التكريس!!
+ والشعر له مدلول آخر في الكتاب المقدس.. إنه غطاء. وشعر المرأة الطويل الذي يماثل شعر النذير يعبر عن الخضوع.. وجميل أن نقدم ذواتنا في خضوع تام للرب.. إنه الوسيلة الوحيدة التي نعلن بها سلطان المسيح أمام العالم.
+ إن كان السيد المسيح هو رأس الكنيسة, فكما يقول القديس أمبروسيوس – فإن الكنيسة هي الشعر المحيط بالرأس الذي يعيش عليه. بدون الرأس لا يساوي هذا الشعر شيئا, ولا يكون له وجود.
+ وكون شعر العروس هو "كقطيع المعز"، فإنه يرسم أمامنا صورة جميلة لوحدة المؤمنين وارتباطهم معا. إن خضوع المؤمنين الفردي للرب وتكريس حياتهم له يؤول إلي اتحادهم وارتباطهم معا. إن كلمة قطيع تصور القديسين لا كأفراد بل جماعة (قطيع), رعية واحدة لراع واحد.
+ وماذا عن جبل جلعاد؟ إنه الجبل حيث المرعي الدسم ووفرة العشب, فصار مثلا لحياة الشبع.. فحينما وعد الرب شعبه قديما أن يخلصهم من بابل وضيقها وعنفها, وعدهم أن يدخل بهم إلي الشبع فقال لهم "أرد إسرائيل إلي مسكنه فيرعي كرمل وباشان وفي جبل أفرايم وجلعاد تشبع نفسه" (إر 50: 19).. وقال في سفر ميخا " لترع في باشان وجلعاد كأيام القدم" (ميخا 7: 14).
+ وقديما كان البلسان ينبت في جلعاد. وكان يعرف برائحته العطرة واستخدمه الأطباء في شفاء الجروح والأمراض..
لهذا قال إرميا " حزنت أخذتني دهشة . أليس بلسان في جلعاد أم ليس هناك طبيب. فلماذا لم تعصب بنت شعبي" (إرميا 8: 21, 22). وكأنه علي جبل جلعاد يعصب الطبيب الحقيقي الرب يسوع جراحات نفوسنا ويشفي أمراضنا ببلسانه..

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:44 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أسنانك كقطيع الجزائر الصادرة من الغسل، اللواتي كل واحدة مُتْئِم، وليس فيهن عقيم




https://st-takla.org/Pix/Holy-Bible-C...reastplate.jpg
الأسنان تشير إلي القدرة علي فهم كلمة الله والتغذي بها.. إن اللبن هم طعام الأطفال الذين ليست لهم أسنان بها يمضغون الطعام القوي. ولكننا إذ ننمو في النعمة تصير لنا القدرة علي تناول طعام البالغين, أي الاغتذاء بالمسيح ذاته.
+ ولماذا يشبه الأسنان بقطيع الجزائر؟! (= الغنم المجزوزة) teeth are like a flock of shorn sheep
الصوف في الكتاب المقدس يشير إلي حياة الجسد. لذا كان محظورا علي الكهنة في العهد القديم أن يدخلوا القدس بثياب مصنوعة من الصوف, إنما تكون ثيابهم من الكتان النقي إشارة إلي بر المسيح الذي نناله بالروح القدس.. والغنم المجزوزة أي التي يقض صوفها- أي يقطع الإنسان عن نفسه أفكار الجسد وأعماله بالروح القدس الذي لنا بالمعمودية المقدسة وهي التي أشار إليها بقوله " الصادرة من الغسل".. كما أكدت الشريعة الموسوية بعدم لبس الثياب الصوف مختلط بكتان. "لا تلبس ثوبا مختلطا صوفا وكتانا معا" (تث 22: 11). لأنه كما يقول بولس " اية خلطة للبر والإثم, وأية شركة للنور مع الظلمة. وأي اتفاق للمسيح مع بليعال. وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن" (2 كو 6: 14, 15).
+ أخيرًا تتميز الغنم بالثمر الكثير "كل واحدة متئم وليس فيهن عقيم".. أي أن كل واحدة من الغنم تلد توأمين – أي اثنين.. إن في هذا إشارة إلي كثرة الثمر.
يري أغسطينوس في عبارة "كل واحد متئم" إشارة إلي الوصيتين المتكاملتين معا محبة الله ومحبة القريب, فيهما يكمل الناموس والأنبياء (مت 22: 40). ويري القديس كيرلس الأورشليمي إنها تشير إلي النعمة المزدوجة التي يتكمل الإنسان بها أعني الماء والروح وخلال النعم التي أشار إليها العهدان: القديم والجديد.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:45 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
شفتاك كسلكة من القرمز

" شفتاك كسلكة من القرمز scarlet، وفمك حلو"
إن كانت أسنان العروس تشير القدرة علي التغذي بالطعام القوي، وإلي ما يدخل من طعام, فإن شفتيها تشيران إلي ما يخرج منها. وما يخرج من شفاهنا هو ثمر ما تناولنا من طعام. فالإنسان الذي يتغذي علي الطعام الروحي يظهر جمالها في كلامها الحلو. إنه بقدر ما يتغذي الإنسان الداخل بقدر ما يتغير ذلك الإنسان إلي صورة المسيح. وتكون الشفاه العبر عما في الداخل " الإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح. والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشرور. فإن من فضلة القلب يتكلم فمه" (يو 6: 45).
إن أسنان العروس تعبر عن النضوج ولا علاقة لها بحالة الطفولة..
ومتي تغذ ت النفس في الداخل بالطعام الروحي فإن الشفاء تلهج بما في باطنه..
+ إن كل صفة من صفات الجمال التي للعروس اكتسبتها من المسيح لأنها: من لحمه ومن عظامه " علي نحو ما كانت حواء من ادم من لخمه ون عظامه.. نقرأ عن المسيح "انسكبت النعمة علي شفتيه" (مز 45:2) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا).." كلمات النعمة الخارجة من فمه" (لو 4: 22) (=مشابهين صورة ابنه).
+ "شفتاك كسلكة (=خيط) من القرمز".. وسلكة القرمز تشير إلي أمرين:
* إنها تشير إلي الفداء كما يظهر من قصة راحاب التي علقت حبلا من القرمز في كوة بيتها (يش 2: 21).
* و تشير إلي جلال الملوك – إن القرمز هو اللون الملوكي "فعروه وألبسوه رداء قرمزيا وضفروا إكليلًا من شوك ووضعوه علي رأسه وقصبة في يمينه وكانوا يجثون قدامه ويستهزئون به قائلين السلام يا ملك اليهود" (مت 27: 28، 29).
* وهذا كله يشير على أن حياة العروس قد تطهرت من ناحية، ومن ناحية أخرى أن شفتيها خاضعتان لمليكها وعريسها.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:46 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
خدك كفلقة رمانة تحت نقابك




https://st-takla.org/Pix/Food-n-Drink...omegranate.gif
"خدك كفلقة رمانة تحت نقابك"
الخد رمز للجمال، والخدود لها دور في إظهار الجمال. كما أنها جزء من الوجه يكشف انفعالات الفرح والحزن والغضب.. فكل هذه الانفعالات تظهرها بوضوح تعبيرات الوجه.
والمقصود بفلقة الرمانة، أن الرمانة قد فتحت وصار باطنها مرئيًا وظاهر.. والرمان في الكتاب المقدس يشير إلى الحياة الغنية بسبب وفرة بذوره المكتنزة بالعصير الحلو الأحمر.
إن سرّ جمالها هو دم المسيح الأحمر القاني الذي يقدسها فلا يكون للدنس أثر في داخلها. كما يشير الاحمرار إلى احتشام النفس وحيائها وهى صفة ممدوحة. إنها لا تشابه أهل العالم في العجرفة.. إن هذا الجمال تحت نقابها لأنه من الداخل.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:48 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
عنقك كبرج داود المبني للأسلحة. ألف مجن عُلق عليه كلها أتراس الجبابرة





https://st-takla.org/Pix/Bible-Illust...VS-Goliath.gif
"عنقك كبرج داود المبنى للأسلحة. ألف مجن عُلق عليه كلها أتراس الجبابرة"
العُنُقْ رمز لإرادة الإنسان. وما يفعله الإنسان بإرادة ذاتية مما يجعله متكبرًا وغير خاضع لله يسميه الكتاب صلابة عنق (إش ٣: ١٦). لكن عنق العروس لا يدل على صلابة بل على إرادة مخضعة لإرادة الرب وهذا ما يجعلها جميلة في عيني العريس.
لقد شبه عنقها بالبرج وهذا يعنى أنها مستقيمة وليست محدبة ومحنية كما نقرأ عن المرأة المنحنية التي لم تكن تستطيع أن تنتصب، تلك التي ربطها الشيطان ثماني عشرة سنة. لقد كانت منحنية إلى أسف لا تبصر شيئًا إلا الأرض. أما العروس فهي منتصبة ليست مقيدة من الشيطان ولا تنظر إلى الأرضيات.
إن تشبيهها بداود (برج داود) إنما يذكرنا بداود الذي كان حسب قلب الله الذي صنع كل مشيئته (أع ١٣: ٢٢).. لقد قتل داود هذا جليات حينما قال له "أنت تأتى إلىّ بسيف وبرمح وبترس، وأنا آتى إليك باسم رب الجنود" (١صم١٧: ٤٥).
إن هذا البرج كان مبنيًا للأسلحة وعُلق عليه ألف مجن.. إن عدد الدروع (ألف) يشير إلى طبيعة هذه الأسلحة رقم ١٠٠٠ يشير للحياة السماوية. وهكذا يتضح أن أسلحة الكنيسة سماوية روحية "أسلحة محاربتنا ليست جسدية، بل قادرة بالله على هدم حصون" (٢كو١٠: ٤). إن استفانوس مثل للعنق الذي كالبرج وهو يحاج أما مجمع اليهود (أع ٧: ٨-٦٠).

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:49 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ثدياك كخشفتي ظبية، توأمين يرعيان بين السوسن




https://st-takla.org/Pix/Animals-Bird...o-Fauns-01.jpg
"ثدياك كخشفتيّ ظبية (توأم من الغزلان الصغيرة) توأمين يرعيان بين السوسن".
الثديان هما رمز للتطور والنضوج والنمو وهما هنا رمز للنضوج والنمو الروحي وهما أيضًا رمز التغذية، أي تغذية الآخرين ونموهم.
إن السيد المسيح يظهر للكنيسة متمنطقًا عند ثدييه بمنطقة من ذهب (رؤ١: ١٣) إذ يقدم العهدين القديم والجديد كثديين ترضع منهما الكنيسة وتتقوت بهما. فإن الكنيسة أيضًا صار لها العهدان كثديين يتقوت بهما أولادها.
تظهر كلمة الله الواردة في العهدين القديم والجديد كتوأم من الغزلان الصغيرة ولدا من أم واحدة، وفى ذلك إشارة إلى تكامل العهدين معًا دون أدنى تمييز بينهما. فالعهد القديم تنبأ عن العهد الجديد، والجديد كشف القديم ووضّحه. والسوسن يشير إلى جماعة المؤمنين.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:50 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
إلى أن يفيح النهار وتنهزم ظلال الليل، أذهب إلى جبل المر وإلى تلّ اللبان



يبدو أن هذه الكلمات هي كلمات العروس.. فبعد أن مدحها العريس مظهرًا نواحي الجمال فيها، تعلن العروس لعريسها أن سر هذا كله هو صليب العريس وقيامته. لهذا تتعهد أمامه أن تذهب معه إلى جبل المرّ تدخل معه حياة الألم، وتُدفَن معه في القبر كما تذهب معه إلى تل اللُبان لتحيا كل أيام غربتها في صلاه دائمة حتى يفيح نهار الأبدية وتنهزم ظلال الزمان.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:50 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
كلك جميل يا حبيبتي، ليس فيكِ عيبة



وكانت إجابة العريس:
"كلك جميل يا حبيبتي ليس فيك عيبة" (نش٤: ٧)
إنه وكأنه يختم حديثه بالقول: إنه يطول الحديث عن وصف جمال من خرجت معه إلى شركة آلامه (جبل المرّ) ودخلت معه في حياة الصلاة والشركة.. إن حبي لك يخفى كل ضعفاتك. ودمى يستر كل خطاياك. مبرزًا كل جمال أزينك به، فلا أرى فيك عيبًا قط.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:52 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
هلمي معي من لبنان يا عروس، معي من لبنان. انظري من رأس أمانة، من رأس شنير وحرمون، من خدور الأسود، من جبال النمور

"هَلُّمي معي من لبنان يا عروس معي من لبنان. انظرى من رأس أمانة، من رأس شنير وحرمون من خُدورالأسود من جبال النمور" (نش٤: ٨).
رأينا فيما سبق كيف يتحدث العريس إلى العروس مظهرًا محبته العميقة لها وإعجابه بها وبجمالها وأنه ليس فيها عيبة.. ولكنه في نفس الوقت إذ يرى الأخطار المحدقة بها يدعوها لتصحبه "هَلُّمي معي" حيث النجاة والأمان. وفى نفس الوقت يدعوها العريس لحياة الجهاد الروحي الجهاد الذي يسميه بولس الجهاد القانوني "لا نكلل إن لم نجاهد قانوني".. إن النفس أمامها أعداء روحيين يشبههم بالأسود والنمور!! والرب يحارب عنكم وأنتم تصمتون.. أما هذه الحرب التي يكون فيها الله معنا فنلاحظ عليها:
• إن خرجت النفس محتمية في الرب فإنها بالضرورة تغلب وتنتصر وبدونه تنهزم "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيء".
• إن الله يدعو عروسه أن تخرج من لبنا، حيث حياة السهولة والتنعم لتصارع مع قوات الشر، وهى بصحبة عريسها لتقهر الأسود والنمور.
• مبدأ الخروج هو من رأس أمانة (= الإيمان) فنحن بالإيمان نحيا "أما البار فبالإيمان يحي".
• إن مباهج هذا العالم التي تجتذبنا تخفى وراءها أشد أعدائنا. فلبنان يخفى وراءه الأسود والنمور!! كم من أولاد الله جذبتهم الرغبة الملحة في التشبه بالعالم، وأشياء تبدو أنها بريئة، وسلكوا الطريق التي تظهر مستقيمة في أعينهم.. لكن الرب يكشف الخطر وصوته ينادينا أن نبتعد عن مواطن الخطر.. من رأس الإيمان ومن رأس شنير وحرمون، ينادينا "هلموا إلىّ".
• ونلاحظ أن العريس حين ينذر عروسه من مخاطر الأسود والنمور لا يقول لها "اذهبي وابعدي لأن الخطر قريب منك" بل يقول لها "هلمي معي" هذا هو أسلوب الله. وفى القرب منه كل الأمان. إن كلمة "هلمي" فيها معنى الشركة، وكلمة "اذهبي وابعدي" فيها معنى الانفصال!!

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:53 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
قد سبيت قلبي يا أختي العروس، قد سبيت قلبي بإحدى عينيك، بقلادة واحدة من عنقك




https://st-takla.org/Pix/Jesus-Christ...okrator-01.jpg
هنا يخاطب الرب خاصته بلقب جديد. كان يدعوها قبلًا "حبيبتي" و"عروسي" لكنه يدعوها الآن "أختي العروس".. هذان اللقبان نجدهما في هذا الإصحاح والإصحاح الذي يليه.. وهذا اللقب يعبر أن الرب له بخاصته علاقتين فهو ليس عريسًا فقط، بل صار أخًا لخاصته لأنه "إذ تشارك الأولاد في اللحم والدم، استرك هو أيضًا كذلك فيهم" (عب٢: ١٤) وهو "البكر بين أخوة كثيرين" و"القدوس والمقدسين جميعهم من واحد فلهذا السبب لا يستحى أن يدعوهم أخوة قائلًا أخبر باسمك أخوتي" (عب٢: ١١، ١٢). والمسيح بعد قيامته المجيدة من بين الأموات يعلن تلك العلاقة المباركة في حديثه مع مريم المجدلية "اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يو٢٠: ١٧).
يقول العريس للعروس "قد سبيت قلبي يا أختي العروس قد سبيت قلبي". إن لبنان بمناظرها الطبيعية الخلابة لم تستطع أن تلهيه عن محبة عروسه، بل إن العروس هي التي سبت قلبه سبيًا..!! إن مباهج جنة عدن في نظر آدم لم تكن شيئًا بمقارنتها بسروره من وجود حواء معه.. لقد كانت هي جزء من كيانه "عظم من عظامي ولحم من لحمى".. لقد ألقى على آدم سبات وخرجت حواء من جنبه، وهكذا آدم الثاني نام على الصليب وخرجت الكنيسة من جنبه الذي طعن بالحربة!! كم تكون النفس البشرية عزيزة في عيني عريسها!! (قيمة التجسد، حين اشترك معنا ابن الله في الجسد الواحد).
إن المحبة هي التي "سبت قلب العريس" المحبة وحدها التي هي أقوى من الموت. ومن هو الإنسان الذي يأسر قلب المسيح الكبير؟! إنه الخاطئ الذي خلصته نعمة الله المجانية.. لقد بذل حياته فداءً عنه، فكيف لا يكون محبوبًا إلى قلبه محبة تفوق العقل؟! وإذا كان المسيح دفع ثمنًا لا يقدر، فإن قيمة نفس الإنسان بالتالي لا تقدر.. إن المسيح هو التاجر الذي مضى وباع كل ما كان له واشترى اللؤلؤة الواحدة الكثيرة الثمن!! لا نعجب إذن إن كان العريس يقول لمحبوبته العروس "قد سبيت قلبي"، فداود بروح النبوة قال "الملك قد اشتهى حسنك" (مز٤٥: ١١) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا). وهو عما قريب سيراها في المجد "كعروس مزينة لرجله" (رؤ٢١: ٢).
ماذا يقصد العريس بقوله لعروسه "قد سبيت قلبي بإحدى عينيك". بإحدى عينيك يقصد بها البصيرة الداخلية والعين الداخلية. لأن الإنسان له بصيرتان خارجية يرى بها الأمور المنظورة، وداخلية يعاين بها الله وهى القلب. إن ما يأسر قلب الله هي دموع البصيرة الداخلية.
فى رسالة بعث بها القديس جيروم إلى كاهن ضرير بأسبانيا تحدث عن العين التي تسبى قلب الله قائلًا "يليق بك ألا تحزن بسبب حرمانك من العينين الجسديتين اللتين يشترك فيهما النمل والذباب والزحافات كسائر البشر، بل افرح بالحرى لأن لك العين التي قيل عنها في نشيد الأناشيد قد سبيت قلبي بإحدى عينيك" إن هذه العين هي التي تعاين الله.
أما قوله "بقلادة واحدة من عنقك".. إنها القلادة التي تزين العنق الداخلية. وهى ليست شيئًا آخر سوى حمل نير المسيح وطاعة الوصية الإلهية كما جاء في سفر الأمثال "اسمع يا ابني تأديب أبيك ولا ترفض شريعة أمك، لأنهما إكليل نعمة لرأسك وقلائد لعنقك" (أم١: ٨، ٩).. فالعروس تتزين بقبولها تأديبات الله بفرح وسرور وحفظها شريعة أمها أي الكنيسة..

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:53 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ما أحسن حبك يا أختي العروس. كم محبتك أطيب من الخمر. وكم رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب




https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-Mariam-08.jpg
"ما أحسن حبك يا أختي العروس. كم محبتك أطيب من الخمر. وكم رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب" (نش٤: ١٠)
يفتتح الروح القدس سفر النشيد بكلمات العروس التي وجهتها إلى عريسها "لأن حبك أطيب من الخمر.. نذكر حبك أكثر من الخمر" (١: ٢، ٤).. وها هو العريس يناجى عروسه بنفس هذه الكلمات "ما أحسن حبك يا أختي العروس. كم محبتك أطيب من الخمر".. إن مصدر هذه المحبة هي العريس. ومصدر محبتنا لله مصدرها المسيح. وبقدر ما تزداد شركتنا واتصالنا به بقدر ما تزداد هذه المحبة.
لقد تعجب رؤساء اليهود وشيوخهم في معجزة شفاء مُقْعَدْ باب الهيكل الجميل عندما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا وشجاعتهما في الشهادة للمسيح مع أنهما إنسانان عديما العلم وعاميان. لكنهم عرفوا "أنهما كانا مع يسوع" (أع٤: ١٣). فإن كنا في صحبة المسيح فلابد وأن تظهر صورته في حياتنا.. إن محبتنا ليست سوى انعكاس لمحبته لنا.. إن محبتنا لله لا تقارن بمحبته لنا، ومع ذلك فإن محبتنا له تنعش قلبه وتحرك عواطفه.
· أما عن رائحة أدهانها التي هي أطيب من كل الأطياب.. نقول من أين لها رائحة الأدهان الطيبة؟ لقد كانت بحسب الطبيعية ميتة روحيًا ورائحتها نتنة { حنجرتهم قبر مفتوح} (رو3: 13),لكن نعمة ربنا المخلّصة قد غيرتها وصيرتها خليقة جديدة..في شركتنا المقدسة والحلوة مع المسيح نكتسب رائحة أدهانه الطيبة فتظهر رائحة المسيح الذكية في حياتنا المقدسة, وهذا هو عمل الروح القدس فين..
· ويرى غريغوريس النيسي أن هذه الرائحة التي تفوح والتي هي أطيب من كل الأطياب, إنما إشارة سمو كنيسة العهد الجديد التي فاقت بعبادتها رائحة كل عبادة قُدمت قبل ذلك.. لم تعد الكنيسة تقدم ذبائح حيوانية بل الذبيحة الفريدة التي يشتمها الآب رائحة رضا. فأنه خلال هذه الذبيحة يشتم الله كل عبادتنا وكل جهادنا الروحي كرائحة طيبة أفضل من كل الأطياب..

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:54 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
شفتاك يا عروس تقطران شهدًا. تحت لسانك عسل ولبن، ورائحة ثيابك كرائحة لبنان



· " شفتاكِ يا عروس تقطران شهدًا. تحت لسانكِ عسل ولبن, ورائحة ثيابكِ كرائحة لبنان" (4: 11).

https://st-takla.org/Pix/Animals-Bird...rg__Bee-01.jpg
ماذا يرى العريس في عروسه؟ إنه يراها كالنحلة التي قيل عنها "النحلة ضئيلة بين الطير وشهدها أعذب من يُستساغ من الطعام" (ابن سيراخ 11: 3). إن الشهد والعسل هما ثمرة المثابرة على العمل في صبر وجهاد, فالنحلة تنتقل من زهرة إلي زهرة لتمتص رحيقها حتى تمتلئ وتحوله في داخلها إلي شهد يُشبع الآخرين.
· ماذا يرى العريس في عروسه.. إنه يرى تحت لسانها لبنًا وعسلًا.. وكأنه يراها الأرض المقدسة التي تفيض لبنًا وعسلًا (خر3: 8، 17).. إن الأرض التي تفيض لبنًا وعسلًا التي وعد بها الرب شعبه لتكون لهم موضع راحة جسدية وشبع جسدي ومركز للعبادة إنما هي رمز للنفس البشرية التي تصير موضع راحة للرب يستريح فيها, وتفيض – لا لبنًا وعسلًا – بل من ثمر الروح لبنًا وعسلًا روحيًا يشتهيه الله وملائكته ويفيض على الآخرين.
· أما عن الشهد الذي يقطر من شفتيها, فيشير إلي كلمات النعمة التي تصدر عنها. أما العسل فكالكنز المخفي تحت اللسان, إنه كلمة الله.. حينما أكل حزقيال كلمة الله صار في فمه كالعسل حلاوة (حز3: 3), ويقول داود "إن كلماتك حلوة في حلقي, أفضل من العسل والشهد في فمي" (118 ف113).. وهي "أحلى من العسل والشهد" (مز 19: 10). ويقول سليمان في الأمثال: "الكلام الحسن, شهد عسل حلو للنفس وشفاء للعظام" (أم16: 24).
· "رائحة ثيابكِ كرائحة لبنان"
إن الثياب تشير إلي الصورة الخارجية, وكون رائحة ثياب العروس كرائحة لبنان العلي المرتفع, معنى ذلك إن حياتها الظاهرة أمام الآخرين هي حياة السمو والارتفاع الروحي..

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:55 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أختي العروس جنة مغلقة




https://st-takla.org/Pix/Nature/www-S..._Garden-01.jpg
· العروس جنة مغلقة, عين مقفلة, ينبوع مختوم لأنها لله وحده دون سواه. إنها جنته,. وهذا ما يجعلها جميلة في عينيه, وهذا ما يجب أن نراعيه في حياتنا, أن تكون حياتنا له وحده.. إن جنته ليست حديقة عامة كل من يريد أن يدخله.. إنها مغلقة لتكون له وحده..
وهكذا يتم فبنا قول الرسول "لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (2كو11: 2). هذه الكلمات يوجهها الرسول للمؤمنين جميع.. فالعذراوية هنا ليست عذراوية الجسد, بل عذراوية الروح. فالعذراء هي التي لم تعرف رجلًا معرفة الزواج. وهكذا النفس العذراء هي التي لم تعرف العالم معرفة الزواج أيضًا, فالزواج من شأنه أن يجعل الاثنين واحدًا, والزواج بالعالميات يجعل الإنسان والعالم شيئًا واحدًا, والسيد المسيح يريد أن نكون له وحده ومن خلاله نحب الناس. فتكون محبة مسيحية, ولكن أية محبة بدون المسيح ربما تنحرف هذه المحبة.
· عندما كان يموت إنسان ما من إسرائيل في خيمته, فكل غناء مفتوح ليس عليه سدادة بعصابة يكون نجسًا. (عدد19: 15).. ونحن موجودون في عالم ساده الموت الروحي, وقد غشى فساده ورائحته المنتنة كل شيء, فلكي نكون طاهرين يجب أن نكون أواني محكمة القفل.. المسيحي يحتاج في هذه الأيام الصعبة أن يكون مقفلًا ومغلقًا ومختومًا. وإن كان العالم في هذا يعتبرنا ضيقين ولكن ما أعظم الفرح الذي نناله حينما نحفظ حياتنا للمسيح وحده!!

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:56 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أختي العروس عين مقفلة، ينبوع مختوم




https://st-takla.org/Pix/People-Chris...cration-01.jpg
· " عين مقفلة".. لا يستطيع أن يرتوي من مياهها إلا صاحبها.
· " ينبوع مختوم".. العروس بجملتها لعريسها وله وحده. إنها قانعة بذلك. والمسيح كفايتها. وهي ينبوع مختوم له دون الآخرين.
إن الكلمات " مقفلة, مغلقة, مختوم" توحي بضرورة انفصال المؤمن عن العالم انفصالا مطلق.. فالمسيحي الحقيقي وإن كان في العالم ولكنه ليس منه " ليسوا من العالم كما إني أنا لست من العالم" (يو17).
إن العريس لا يمكن أن يرضى بغير ذلك " أسمعي يا أبنني وانظري وأميلي أذنيك وأنسي شعبك وبيت أبيك فإن الملك قد أشتهى حسنك" (مز45).
والعريس يريد عروسه له وحده -لا لشعبها- ولا لبيت أبيها!!
هذا ما نراه في رفقة التي تركت الكل من أجل اسحق. لقد نسيت شعبها وبيت أبيها وسارت في برية قاحلة بقلب ملئ بالمحبة والإخلاص لعريسها الذي لم تره ولا عرفته. وإذ رأته من بعيد نزلت عن الجمل وتغطت بالبرقع دليل الحياء والخضوع. لذا أشتهى اسحق حسنها وأحبه.. هذا هو واجبنا كأفراد وككنيسة

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:57 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أغراسك فردوس رمان مع أثمار نفيسة فاغية وناردين. ناردين وكركم. قصب الذريرة وقرفة مع كل عود اللبان. مرّ وعود مع كل أنفس الأطياب




https://st-takla.org/Gallery/var/albu...-Nardin-01.gif
" أغراسك فردوس رمان مع أثمار نفيسة:
فاغية (حناء)،
وناردين (هو طيب كثير الثمن يستخلص من نبات صغير الحجم به دهنت مريم أخت لعازر قدميّ المخلص (يو 12: 13)، كما سكبته هي أو غيرها على رأسه قبل الفصح بستة أيام (مر 14: 3) علامة حبها للرب)،
ناردين وكركم (الكركم هو نبات أصفر اللون يُطحَن ويختلط بزيت الزيتون ليستخدم طبيًا. يستخدم في الطعام والأدوية).
قصب الذريرة (عود له رائحة ذكية يُستخرَج منه زيت يستخدم في الأمور الخاصة بالذبيحة (إش 43: 24؛ إر 6: 20)
وقرفة (نوع من الخشب له رائحة طيبة، استخدم كأحد المركبات الخاصة بالزيت المقدس لتقديس هارون وبنيه (خر 20: 22). ولا يزال يُستخدَم كأحد عناصر زيت الميرون عند طبخه. ويستخدم كنوع من الأدوية)، مع كل عود اللبان. مّر وعود مع كل أنفس الأطياب" (4: 13, 14).
بالرجوع إلي (خر30: 23-25), نجد أن نفس هذه الأطياب هي أهم الأطياب العطرية التي عمل منها دهن المسحة المقدسة الذي مسح به هارون رئيس الكهنة وبنية. إنه إلي ما ينشئه الروح القدس في المؤمنين من صفات روحية مقدسة.
يذكر بولس الرسول في (غل5), قائمة مباركة لثمر الروح القدس " محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف".. كما إن الرب قد أعدّ فردوسًا لشعبه في السماء هكذا يريد أن في كل قلب مؤمن فردوسًا ملئًا بالثمار التي تفرح قلبه.. فردوسًا مليئًا بالمحبة والطهارة والصلاح والوداعة واللطف والشفقة.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:58 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
ينبوع جنات، بئر مياه حية وسيول من لبنان. استيقظي يا ريح الشمال، وتعالي يا ريح الجنوب. هبّي على جنتي فتقطر أطيابها. ليأت حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس



" ينبوع جنات بئر مياه حية وسيول من لبنان. استيقظي يا ريح الشمال وتعالي يا ريح الجنوب. هبّي على جنتي فتقطر أطيابها. ليأتِ حبيبي إلي جنته ويأكل ثمره النفيس" (4: 15, 16).

https://st-takla.org/Pix/Ethiopia/Nor...ir-Dar-052.jpg
يصف العريس عروسه مرة أخرى بأنها "ينبوع", "بئر مياه حيه" في هذا إشارة واضحة لعمل الروح القدس في الإنسان المؤمن.. نادى الرب يسوع في أخر يوم من عيد المظال وقال" إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب. من أمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حيّ. قال هذا عن الروح القدس الذي كان المؤمنين به مزمعين أن يقبلوه. لأن الروح القدس لم يكن قد أعطى بعد, لان يسوع لم يكن قد مُجد بعد" (يو7: 37-39).
لقد أًعطي الروح القدس من السماء ليسكن في المؤمنين ليكونوا كجنات مثمرة – والجنات لم تأتي بالثمار النفيسة بدون " ينبوع.. وبئر مياه حية".. وإلا جفت وصارت بلا ثمر.. " وسيول من لبنان" إنها إشارة إلي الروح القدس المنسكب من السماء.
كلمة " ريح" في اللغة اليونانية هي بذاتها كلمة " روح".
ربما يكون المعنى أن العروس تطلب من عريسها أن يرسل لها روحه القدوس ليحيطها من كل جانب, فتعطي ثمرًا متكاثرًا يفرح به العريس.
ربما كانت ريح الشمال وريح الجنوب إشارة إلي التجارب.. إنها لا تخاف مما يحيط بها لأن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله (رو8: 28), [ريح الشمال تشير الخطية, وريح الجنوب إشارة إلي البر الذاتي]. والعريس في هذه كلها لا يحفظها فقط بل يخرج من الأكل أُكْل ومن الجافي حلاوة!!
النفس تدعو قلبها " جنتي" أي خاصة بي, لكن سرعان ما تدعو عريسها قائلة "لينزل حبيبي إلي جنته".. إنها كرمه من عمل يديه وتحت رعايته, وهو في وسطها فلن تتزعزع.. إن القلب هو له, والثمر منسوب إليه " ثمره النفيس".

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 04:59 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
قد دخلت جنتي يا أختي العروس. قطفت مُرّي مع طيبي. أكلت شهدي مع عسلي. شربت خمري مع لبني. كلوا أيتها الأصحاب. اشربوا واسكروا أيها الأحباء


" قد دخلتُ جنتي يا أُختي العروس. قطفت مُرَي مع طيبي.
أكلت شهدي مع عسلي. شربت خمري مع لبنى. كلوا أيها الأصحاب. اشربوا واسكروا أيها الأحباء" (1:5)

https://st-takla.org/Pix/Plants-Trees...Al-Morr-01.gif
كانت آخر عبارة في الأصحاح السابق, قول العروس لعريسها " ليأتِ حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس".. وما لبث العريس أن أسرع بتلبية هذه الدعوة بلا أدنى تردد – لماذا؟
*لأن هذه الدعوة جاءت مطابقة لمشيئته "إن طلبنا شيئًا حسب مشيئته يسمع لنا".
*لأن هذه الدعوة تخص جنته – إنها إشارة إلى حياة التسليم الكامل.. فبعد أن قالت العروس لريح الشمال وريح الجنوب " هبّي على جنتي"، أردفت قائلة " ليأتِ حبيبي إلى جنته ويأكل ثمره النفيس"..إنها جنته هو. فكل الغروس في هذه الجنة هي من صُنعه هو دون سواه, وهي ثمار روحه القدوس.
*يقول العريس "قد دخلت جنتي". ويرى البعض أن هذه الجنة ليست شيئًا آخر سوى الموضع الذي صُلبَ فيه الرب!! لأن العريس يقول "قطفت مّري.. شربت خمري". أي انه شرب الخمر ممتزجًا بالمر الذي قُدمَ للرب وقت الصْلب.
* لكننا نتساءل: من هو هذا الذي تدعوه العروس لوليمتها؟
هو ذاك الذي " منه وبه وله وكل الأشياء" (رو 36:11) هو الذي يفتح يده ويشبع كل حيّ رضى (مزمور 16:145)..هو ذاك الذي وضعه هو في ثديها, وحملته على ذراعيها بالقوة التي كانت تسرى فيها بإِرادته " إن كنا نتكلم فكأقوال الله, وإن كنا نعمل فمن نعمة يعطيها الله".
*إن المائدة التي دعت العروس عريسها إليها هي جنة مغروسة أشجار حية وهي نحن وثمرها هي نفوسنا كما يقول المسيح " طعامي أن أعمل مشيئة أبي الذي أرسلني " هذا هو طعامه!!
*إن العريس الملك ينزل إلى القلب ويسكن فيه ويستريح, يقطف مّره مع طيبه أي يجني ثمار الصليب (= الّمر), مع بركات قبره المقدس (= الأطياب).. يرانا حاملين صليبه ومدفونين معه عن العالم!!
*في داخلنا يأكل شهده وعسله وكأنه دخل ارض الميعاد التي تفيض لبنًا وعسلًا!! يأكل ذات النوعين من الطعام الذي أكل منهما مع تلاميذه بعد قيامته المجيدة مبرهنا أنه حي قائم من بين الأموات.. وكأنه يجد كل ما في قلبنا حلو وشهي كالشهد والعسل.
ويشرب خمره أي حبه الذي سكبه في قلوبنا بروحه القدوس مع لبنه الذي يشير إلى البساطة (= الطفولة) والنقاوة.
*والعريس يدعو أصحابه وأحباءه أن يدخلوا معه جنته لكي يفرحوا ويشبعوا. من يكون هؤلاء الأصحاب..؟ إنهم السمائيون الذين يفرحون بخاطئ واحد يتوب.. إنهم أصدقاء العريس "مَنْ له العروس فهو العريس. وأما صديق العريس الذي يقف ويسمعه فيفرح فرحًا من اجل صوت العريس" (يو 29:3).

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:00 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
أنا نائمة وقلبي مستيقظ. صوت حبيبي قارعًا. افتحي لي يا أختي يا حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي، لأن رأسي قد امتلأ من الطلّ، وقصصي من ندى الليل. قد خلعت ثوبي فكيف ألبسه؟! قد غسلت رجليَّ فكيف أوسخهما؟!



"وأنا نائمة وقلبي مستيقظ. صوت حبيبي قارعًا افتحي لي يا أختي حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي, لأن رأسي قد امتلأ من الطلّ وقصصي من ندى الليل. قد خلعت ثوبي فكيف البسه. قد غسلت رجليّ فكيف أوسخهما" (3:2:5).
"أنا نائمة وقلبي مستيقظ".. تأتي بأكثر من معنى:
ربما كان النوم هنا يعني الانصراف عن الله، والقلب المستيقظ يشير إلى الإنسان على قيد الحياة بحسب الجسد..

https://st-takla.org/Gallery/var/albu...nocking-14.gif
فمنذ البدء خلق الله الإنسان وأعطاه ناموسًا طبيعيًا (الضمير) يحضّه على فعل الخير وينهاه عن فعل الشر ويقوده لمعرفة الإله الحقيقي..لكن البشر " لما عرفوا الله لم يمجدوه ويشكروه كإله بل حمقوا في أفكارهم واظلم قلبهم الغبي. وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء، وأبدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة إنسان الذي يفنى والطيور والدواب والزحافات" (روا: 23:21).
وفي مرحلة تالية أعطاهم الناموس المكتوب لكن الناموس كشف لهم خطاياهم وشرورهم وقبح صورتهم الروحية دون أن يكون له القوة على تخليصهم.
وأرسل الله أنبياءه, لكن كان نصيبهم القتل والرجم " يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها. كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا " (مت 27:23).
أخيرًا يأتي "كلمة الله".. "صوت حبيبي قارعًا".. يقرع باب قلب الإنسان ويقف راجيًا النفس أن تفتح له.. أتى شمس البر ليُنّر الظلمة التي اخترناها لأنفسنا ولكننا فضلنا الليل على النهار الذي تُشرق فيه شمس البر.. " استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح" (أف 14:5).
+ وربما كان هنا النوم فتور المحبة.. في الأصحاح السابق كانت العروس " جنة مغلقة".."عين مقفلة".. "ينبوع محتوم".. تتدفق منها عواطف المحبة القوية, لكنها الآن نائمة.. إنه اختبار محزن، فبعد الوليمة العظيمة إذا بالعروس تقول " أنا نائمة".. إن هذه النفس لم تقدر أن تسهر معه الليلة آلامه.. لقد فترت محبتها التي يريدها الله قبل كل شيء.. يقول القديس يوحنا ذهبي الفم " لا شيىء أعظم من المحبة أن يساويها. ولا حتى الاستشهاد نفسه الذي هو قمة الأعمال الصالحة. فالمحبة بدون استشهاد تُصيّر تلاميذ المسيح. لكن الاستشهاد خلوًا من المحبة يعجز عن ذلك. وليس ذلك فقط، بل حتى أولئكَ الذين يستشهدون من غير محبة, فإن الاستشهاد لا يفيدهم شيئًا" [ في مديح شهداء رومية 1:1] وهناك عينة من ذلك في كنيسة الرسل.. فهناك فارق كبير بين مؤمني افسس الذين كتب إليهم بولس يقول " كذلك أنا أيضًا إذ قد سمعت بإيمانكم بالرب يسوع ومحبتكم نحو جميع القديسين لا أزال شاكرًا لأجلكم ذاكرًا إياكم في صلواتي" (افسس 16،15:1). وما وجهه المسيح إلى خادم كنيسة أفسس في سفر الرؤيا " لكن عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى.
فأذكر من أين سقطت وتب واعمل الأعمال الأولى" (رؤيا 5,4:2).
جدير بالملاحظة أن العروس هنا في حالة فتور في حبه.. هي لا تُرى في حالة شر ودنس ولكنها فقدت قوتها الروحية " أنا نائمة وقلبي مستيقظ". إنها في حالة قلق.. هي تحن إلى المسيح لكنها لا تميل لأن تجهد نفسها من أجله.. إنها في حالة البلّد والخمول الروحي التي معها تصبح الوجبات الروحية تُشكل عبئًا على كاهله.
معنى قول العروس " أنا نائمة وقلبي مستيقظ" إنها لا هي نائمة ولا هي مستيقظة.. ضميرها نائم ولكن قلبها في حال يقظة. ومن ثُم لا تجد لذاتها راحة!!
كان هذا هو موقف العروس: فماذا عن العريس؟!
إزاء تصرف العروس هل تغيرت مشاعر العريس بعد أن تغيرت مشاعرها؟
إن محبة المسيح لعروسة لم تتغير رغم فتور محبتها " صوت حبيبي قارعًا".. إن كلماته كلها تدل على ذلك " افتحي لي يا أختي حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي " إنه ما من مرة قبل هذه خاطبها بألفاظ وألقاب مثل هذه تدل على الإعزاز.
- قوله " افتحي لي ي.." إنما يشير إلى حرية إرادة الإنسان كما يقول في سفر الرؤيا " هوذا أنا واقف على الباب وأقرع.." (رؤ 3: 20). حتى عندما تقدم إلى تلاميذه ماشيًا على البحر وسط هياج الأمواج لم يقتحم سفينتهم بل يقول يوحنا " فرضوا أن يقبلوه في السفينة" (يو 6: 20) .
- إنه يدعوها " حبيبتي " نظرًا للعلاقة الخاصة. ويدعوها " حمامتي " إذ تحمل الروح القدس الذي نزل على شكل حمامة. ويدعوها " كاملتي " أي التي بلا عيب.
- إنه يتوسل إليها أن تفتح " لأن رأسي امتلأ من الطلّ وقصصي من ندى الليل " وكأنه يتوسل إليها بما احتمله من آلام وأحزان في جثيماني والجلجثة.. لقد دخل المسيح جثيماني ليلًا، وها هو يأتي إلى عروسه في الليل، ورأسه امتلأ من الطل وقصصه من ندى الليل..
لكن العروس قدمت اعتذارات واهية " قد خلعت ثوبي فكيف ألبسه. قد غسلت رجلي فكيف أوسخهما".. ما أوهى ما تقدمه النفس من اعتذارات في وقت فتوره.. لقد تشبهت بالذين قدموا أعذارًا لكي لا يحضروا العرس في مثل عرس ابن الملك (مت 22: 5).. إن كانت قد خلعت ثوبها فالمسيح هو ثوب البرً الذي يسترنا " قد لبستم المسيح" (غل 3: 27).. " البسوا الرب يسوع المسيح" (رؤ 13: 14). إنه هو الذي يلبس الضال بعد عودته الحلة الأولى (لو 15: 22).. إنه الثوب الذي قال عنه زكريا النبي " قد أذهبت عنك إثمك، وألبستك ثيابًا مزخرفة" (زك 3: 4).
إن كانت قد غسلت رجليها ولا تريد أن توسخهما، فلتعلم العروس أن القارع على الباب هو سيدها الذي تمنطق وغسل الأقدام.. هي غسلت رجليها جسديًا أما غسل الرب فهو من نوع آخر على نحو ما قال لبطرس حينما امتنع عن أن يغسل المعلم رجله " إن كنت لا أغسلك فليس لك معي نصيب" (يو 13: 8).. (إن غسل الأرجل رمز للتطهر مما يلحق الإنسان من خطايا طالما هو يعيش في الجسد. لأن ذرات التراب اللاصقة رمز للخطايا التي تلحق بنا دون أن نشعر).

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:01 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
حبيبي مدّ يده من الكوّة، فأنَّت عليه أحشائي. قمت لأفتح لحبيبي، ويداي تقطران مرًّا، وأصابعي مرّ قاطر على مقبض القفل

"حبيبي مدّ يده من الكوة فأنّت عليه أحشائي. قمت لأفتح لحبيبي، ويداي تقطران مرًا وأصابعي مرُ قاطر على مقبض القفل" (نش 5: 4، 5).
كانت نتيجة عدم إنصات النفس إلى صوت حبيبها، الذي أعلن حبه لها بطرق متنوعة ، أنه مدّ يده من الكوة (فتحة الباب The Hole of the door) -يده التي بها أثر مسمار الصليب- حتى ما ترى آثار جراحات الحب التي احتملها من أجلها، وكانت النتيجة أن أحشائها أنّت عليه..
حينما دخل الرب إلى التلاميذ في العلية والأبواب والنوافذ مغلقة "أراهم يديه وجنبه" (يو 20: 20).. وذلك لكي يثبت إيمانهم بقيامته، وليذكرهم بحبه لهم وبذله نفسه عنهم. إن هذه الكوة ليست سوى جنب الرب المفتوح بالحربة وجراحاته.. من خلالها يمد الرب يدّ محبته ليكشف عن حبه حتى ما تئن أحشاؤنا وإذا كانت الكوة هي فتحة الباب، أليس المسيح نفسه هو الباب؟!
ثم ماذا؟! حالما أنّت أحشاء العروس قامت لتفتح.. ألا يذكرنا ذلك بالابن الضال الذي بعد أن رجع إلى نفسه، قام وجاء إلى أبيه؟! يداها تقطران مرًا وأصابعها مرّ قاطر – إشارة إلى أن حياتها تفيح الآن برائحة موت المسيح.

Mary Naeem 11 - 04 - 2014 05:02 PM

رد: كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - الأنبا يوأنس أسقف الغربية المتنيح
 
فتحت لحبيبي، لكن حبيبي تحوَّل وعبر. نفسي خرجت عندما أدبر. طلبته فما وجدته. دعوته فما أجابني. وجدني الحرس الطائف في المدينة. ضربوني، جرَّحوني. حفظة الأسوار رفعوا إزاري عني. أحلفكن يا بنات أورشليم إن وجدتن حبيبي أن تخبرنّه بأني مريضة حبًا. ما حبيبك من حبيب أيتها الجميلة بين النساء. ما حبيبك من حبيب حتى تُحلِّفينا هكذا!



" فتحت لحبيبي، لكن حبيبي تحول وعبَر. نفسي خرجت عندما أدبر. طلبته فما وجدته. دعوته فما أجابني. وجدني الحرس الطائف في المدينة. ضربوني جرحوني. حفظة الأسوار رفعوا إزاري عني. أحلفكن يا بنات أورشليم إن وجدتن حبيبي أن تخبرنه بأني مريضة حبًا. ما حبيبك من حبيب أيتها الجميلة بين النساء. ما حبيبك من حبيب حتى تُحلّفينا هكذا" (5: 6-9).
قامت العروس تفتح لعريسها بعد تهاون فوجدته قد تركها وتحوّل عنها وعبر. والسؤال: لماذا فعل هكذا؟!
- من ناحية هو تأديب لتأخر الإنسان في الاستجابة.. إن حكمة الله من ذلك أن يعرّف الإنسان ضعفه، وهذا يكون حافزًا له على تلاشي هذا الضعف..

https://st-takla.org/Pix/Saints/01-Co...Stephen-05.jpg
- ومن ناحية أخرى هو بمثابة امتحان للإنسان في المثابرة.. حتى إذا ما نال الإنسان السعادة الروحية يحرص عليها فالأشياء التي يحصل عليها الإنسان بسهولة يُفرط فيها.
- يقول داود النبي "لا تتركني إلى الغاية" (مز 119: 8).. والمعنى أن داود يقول لله: أنا أعلم أنك تترك قديسك لأجل فائدتهم من أجل امتحانهم، وأنا لا أسألك ألا تتركني فذلك ليس لصالحي. إنه في موضع آخر يقول " خير لي أنك أذللتني حتى أتعلم حقوقك".. إن الامتحان هو فرصة للتدرّب.
- إن ترك الله لنا بعض الوقت هو لخير الإنسان (الطفل الذي يعلموه المشي).
" طلبته فما وجدته. دعوته فما أجابني".
طلبته العروس فما وجدته مع أنه ليس فقط واقفًا إلى جوارها، بل هو داخلها ينتظر أن يرى جهادها (ورد بقصة الأنبا أنطونيوس خلال جهاده مع الشياطين – أنهم تركوه مرة بين حيّ وميت. وحينما أفاق وجد مجد الرب يملأ المغارة. فقال أين كنت يا رب. أجابه كنت معك. ولماذا لم تتقدم لنجدتي. قال لأرى جهادك!!).
من هم الحرس الطائف في المدينة الذين ضربوها وجرحوها.
ومن هم حفظة الأسوار الذين رفعوا إزارها عنها؟
- الضرب والجرح ورفع الإزار لعله نوع من الاختبار القاسي والتأديب حينما يفشل التأديب السهل.
- وربما أشار هؤلاء الحرس وحفظة الأسوار إلى اليهود الذين لم يؤمنوا الذين أتعبوا الكنيسة بالضرب والتجريح كما حدث مع استفانوس أول شهداء المسيحية (أع 7: 57؛ 8: 1)
- مريضة حب.. لقد نسيت العروس جراحها التي جرحها بها حرس المدينة فلا تطلب من بنات أورشليم أن يخبرن حبيبها بما قاسته لأجله من جراح وآلام بل أن يخُبرنه بأنها " مريضة حبًا".. إنه مرض جميل، دليل الصحة الروحية.. وخير لنا أن نكون مرضى بحب المسيح من أن نكون أصحاء في محبة العالم.
- ما حبيبك من حبيب، أيتها الجميلة بين النساء. ما حبيبك من حبيب حتى تُحلّفينا هكذا. وكأن بنات أورشليم يقلن لها:
- إنك جميلة ولا ينقصك شيء، فمن هو هذا الحبيب الذي تنشغلين به.
- ومن هو هذا الحبيب الذي تحلفينا هكذا من أجل بقاء محبتك معه؟!!
- إن هذا الكلام يثير سؤالًا هامًا – كم يساوي المسيح في نظرك؟!
في نظر يهوذا الإسخريوطي كان يساوي 30 من الفضة وأنت كم يساوي في نظرك؟!


الساعة الآن 09:45 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025