![]() |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الله ساهر هذه الليلة
الله ساهر هذه الليلة .. انه لا ينعس ولا ينام الله ساهر هذه الليلة انه لاينعس ولا ينام أطفأت الأم مصباح الحجرة، وذهبت لتنام بجوار طفلتها الصغيرة.. وما أن أطفأت النور حتى غمرت أشعة القمر جانباً من الحجرة، نفذت إليها عبر زجاج النافذة.. إلا أن الصغيرة فى هذه الليلة كانت قلقة غير قادرة على النوم.. سألت أمها " هل القمر هو مصباح السماء".. أجابتها : نعم يا صغيرتى.. إنه كذلك عادت وسألتها " هل سيطفئ الله مصباحه هذه الليلة ويذهب لينام" فأجابتها الأم : " كلا ، مصابيح الله دائماً مضاءة".. بدت علامات الارتياح على وجه الصغيرة، ثم قالت بصوت هادئ: "سوف أنام الآن، ليس ما هناك مايخيفني.. الله ساهر هذه الليلة".. ما أكثر احتياجنا إلى هذا الإيمان البسيط الذى يبدد المخاوف ويلاشى القلق. ألم يقل لنا الوحى الصادق عن الله: " حافظك، إنه لا ينعس ولا ينام" تذكر دائماً أن الله لن يغفل لحظة واحدة عن حمايتك.. ثق فى هذا، ولن يقدر شئ ما أن يؤذيك.. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الوصايا والأسرار والمواهب * وصايا الله العشر 1- أنا هو الرب إلهك, لا يكن لك إله غيري 2- لا تحلف باسم الله بالباطل 3- إحفظ يوم الرب 4- أكرم أباك وأمك 5- لا تقتل 6- لا تزن ِ 7- لا تسرق 8- لا تشهد بالزور 9- لا تشته إمرأة قريبك 10- لا تشته مقتنى غيرك * وصايا الكنيسة 1- إسمع القداس أيام الآحاد والأعياد 2- صم الصوم الكبير وسائر الأصوام المفروضة 3- انقطع عن الزفر يوم الجمعة 4- إعترف بخطاياك قلما يكون مرة واحدة بالسنة 5- تناول القربان الأقدس قلما يكون في عيد الفصح 6- أوفِ البركة أي العشر 7- إمتنع عن إكليل العرس في الأزمنة المحرمة * خطايا ضد الله 1- إهمال واجباتنا الروحية 2- فتور 3- قلة إحترام في الكنيسة 4- شرود العقل في الصلا ة 5- مقاومة النعم 6- حلف 7- تذمر 8- قلة ثقة بالله 9- قلة الصبر وعدم التسليم للإرادة الإلهية * خطايا ضد القريب 1- دينونة باطلة 2- حسد 3- رغبة في الإنتقام 4- مشاجرة 5- تجديف 6- نميمة 7- استهزاء 8- ضرر في ماله 9- قدوة رديئة 10- احتقار 11- معصية 12- قلة رحمة وقلة أمانة * خطايا ضد الذات 1- كبرياء 2- حياء بشري 3- كذب 4- أفكار وأشواق وأقوال وأفعال مضادة للطهارة 5- شراهة 6- احتداد الطبع 7- عيشة عديمة النفع ومتنعِّمة 8- كسل في تتميم واجبات وظيفتنا * أسرار الكنيسة 1- المعمودية 2- التثبيت - الميرون 3- القربان الأقدس 4- التوبــة 5- مسحة المرضى 6- الكهنوت المقدس 7- الزواج * مواهب الروح القدس 1- الحكمــة 2- الفهــم 3- المشـورة 4- القــوة 5- العلــم 6- التقــوى 7- مخافة الله * المشورات الإنجيلية 1- الفقــر 2- العفــة 3- الطاعــة * أعمال الرحمة الجسدية 1- إطعام الجياع 2- إرواء العطاش 3- كسوة العراة 4- إيواء الغرباء 5- زيارة المرضى 6- زيارة المسجونين 7- دفن الموتى * أعمال الرحمة الروحية 1- مشورة المرتابين 2- إرشاد الجهال 3- نصح الخطأ ة 4- تعزية الحزان 5- غفران الإساءات 6- احتمال المنكدين 7- الصلاة من أجل الأحياء والراقدين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأسرار بنيتها ورموزها ومفاعيلها http://www.peregabriel.com/gm/albums...normal_012.jpgالأب منير سقّال " جسدي قريب منه ، التصقت به فضمني إليه ، ما كنت لأعرف أن أحب الرب ، لو لم يسبقني هو ويحبني . هل يفهم المحبة غير المحب ؟ أضم الحبيب إلي ، فتهيم به نفسي .حيث راحته ، فأنا هناك ، لن أكون بعد اليوم غريباً ، لأن الجفاء ليس من شيم العلي الرحيم . أنا مشدود إليه ، لأن المحب وجد حبيبه . " ( النشيد الثالث من موشحات سليمان ) القران الروحي مقدمـة موضوع الأسرار ، هو تركيز على ينابيع العمل الليتورجي الأساسي . ونأمل أن نستزيد من القراءة والاطلاع على موضوع كهذا بالغ الأهمية في حياتنا وحياة الكنيسة . " كي تنمو المحبة في النفس وتثمر ، مثل حبة جيدة ، يجب على كل مؤمن أن ينفتح تلقائياً على كلام الله ، وبعون نعمته يعمل حسب مشيئته ، ويشترك بتواتر بالأسرار ، لا سيما الافخارستيا . " ( فاتيكاني 2 ، ك 42 ) إن الأسرار كلها موضوعات إيمان ، وقد حددتها عقيدة الكنيسة .وممارستها هي التي تخلق المسيحيين وتخلق الكنيسة ، فالمسيحية من دون عماد أو افخارستيا أو كهنوت أو زواج … ليست سوى منظمة فلسفية أو جمعية خيرية . ولا شك أن الأسرار متضمنة كلها في تجسد يسوع المسيح وحياته وموته وقيامته ، كما في ينبوعها ، وهي تتدفق مع الدم والماء من جنبه المطعون على الصليب . دوافع عدة تجعل شرح الأسرار حاجة ماسة ، منها : كثيرون من مدّعي المسيحية يهملون اليوم طريق الأسرار أو يرفضونها ، حتى الأمس القريب كانوا يكتفون ببعض الإجراءات : عماد ، قربانة أولى ، زواج ، قداس الأحد … فالأسرار أخذت تختفي من حياتهم وغالباً ما يدعون أنهم لا يزالون على علاقة حياتية بالمسيح ، ذاك أنهم لا يفهمون شيئاً من الأسرار ولا من المسيح . غير أن هذه ليست سلبية محضة : فالعمادات والزيجات تعّد بطريقة أفضل في جماعات الإيمان والاعترافات أصبحت أحداثاً كنسية وقداس الأحد يستعيد حرارة وصدق المسيحية الناشئة . وأيضاً ، يعرف الممارسون الكثير عن الأسرار ، أشياء قد لا تكون هي الجوهرية ، علينا أن نعيد النظر في ممارستنا ، التي لا تجذب الشباب لكي يبقوا معنا ولا تستهوي غير الممارسين لكي يأتوا إلينا . يجب أن ننسى ما نعرف عنها وأن نتباعد لكي نكتشف بعناء جديد وننطلق من جديد . الأسرار أسرار إيمان و لا تعود تفهم إذا صدئ الإيمان . يقولون أنا مؤمن لكنني لست ممارساً . بماذا تؤمن ؟ وأي إيمان هو إيمانك ؟ غيرهم يمارسون ، ولكن هل هم مؤمنون ؟ وأي إيمان هو إيمانهم ؟ حقيقة الأسرار هي رهن نور إيمان من يتقرب منها . أتودون أن نجدد نظرتنا الإيمانية ؟ ما هو السر ؟ ربما أول ما يجب أن ننسى قد تكون تلك العلاقة الواضحة لكلمة " سر " التي نلصقها غالباً على طقوس الحياة الدينية الكاثوليكية السبعة . وكلمة " سر " لم تأخذ معناها الواضح إلا من القرن الثاني عشر . وهذا المعنى آخذ اليوم في الضياع إلى أن نجد المعنى الأوسع الذي أعطته إياه الكنيسة مدة طويلة من الزمن . كما أن كلمة سر غير موجودة في الكتاب المقدس ، إنه اشتقاق من كلمة لاتينية " سكرمنتوم " وليس له مقابل في اليونانية ، و " سكرمنتوم " كلمة قانونية تعني القسم المقدس ( قسم اليمين في المحاكم اليوم ) ، ثم أصبح " سرمان "، وإذ لم يكن هناك أفضل استعملوا كلمة سكرمنتوم لترجمة كلمة " ميستاريون " الموجودة في كتب العهد الجديد الأصلية ، وطوال ما ينيف على الألف سنة ، استعملت الكنيسة هذه الكلمة بمعانٍ عديدة ، فهي تعني حقائق الإيمان والعبادة المسيحية المتنوعة : سر التجسد والفداء ، كلام الكتاب المقدس والأحداث والأعمال والحركات المقدسة والطقوس المسيحية … فقط في القرن الثاني عشر احتفظوا بهذه الكلمة للدلالة على هذه السبع " علامات المقدسة الكبرى التي أسسها السيد المسيح لكي تعني النعمة وتمنحها . "كم سر يوجد ؟ طيلة ألف ومئتي سنة في الكنيسة ، لم يكن معنى كلمة " سر " قد اتضح بعد . لذلك لم يكونوا يعرفون كم يوجد سر . وبعد ذلك كانوا يعيشون واقع الأسرار بعد أن حدّدوها وعدّدوها . قبل ذلك الوقت كان كل شيء ، بنوع أو بآخر سراً أي علامة من الله : العالم ، الكنيسة ، الكتاب المقدس ، القريب وخاصة الفقير . فلم يكن حصر هذه الكلمة بعلامات مميزة لحضور الله . إن الأسرار هي : علامات العهد الذي يعيشه الله معنا في يسوع المسيح . وقبل كل شيء : المسيح سر الآب والكنيسة سر المسيح : هذان هما السران الأولان للّقاء بالله الذي نعيشه عملياً في العماد والافخارستيا والمصالحة …المجمع الفاتيكاني الثاني والأسرار لقد وعى المجمع روتين الممارسين وعدم تكيف بعض الطقوس ، فلذلك أمر بتجديد كتاب رتب الأسرار كلها ، وقال : " إن غاية الأسرار هي تقديس البشر وبنيان جسد المسيح وأخيراً تأدية العبادة لله . ولكن بصفتها علامات ، لها أيضاً دور تعليمي . هي لا تفترض الإيمان وحسب ، ولكنها تغذيه أيضاً بالكلمات والأشياء وتقويه وتعبر عنه ولذلك سميت أسرار إيمان " ( ل 59 ) أجل إنها تعطي النعمة ولكن الاحتفال بها يهيئ المؤمنين أفضل تهيئة لقبول النعمة قبولاً مستمراً ولتأدية العبادة لله ، بصورة صحيحة ، ولممارسة المحبة . وبالتالي لمن الأهمية بمكان أن يفهم المؤمنون بسهولة علامات الأسرار وأن يقبلوا عليها بتواتر شديد ، إذ أنها رسمت لتغذي الحياة البشرية .الفكرة تكمن في جعل كل سر أكثر بلاغة وأكثر " دلالة " ليس فقط بالنسبة إلى المؤمنين . فإذا كانت الأسرار علامات خلاص كامل في يسوع المسيح ، فهي ملك البشرية جمعاء : فيجب أن تعني شيئاً لغير المعمدين ، على الأسرار أن تقول شيئاً لإنسان كل مكان . إرادة الروح القدس والكنيسة واضحة : إحياء إيمان الممارسين ، تفجير الأسرار في صميم حياة الإنسان . أصل الأسرار كل الأسرار تعود بجذورها إلى الإنجيل المقدس . كل سر ، إنما هو ذكرى وحضور : ذكرى أعمال يسوع الخلاصية وتعاليمه السماوية ، وحضور شخصه الإلهي – الإنساني ، كل سر هو " تأوين " لعمل وتدبير الله الخلاصي ، للحصول على حياة الشركة مع الله . كل سر هو واقع تجسد كلمة الله يسوع المسيح لخلاص الإنسان وتأليهه . كل سر هو إنجيل يسوع يبشر بخلاصه يروي لنا حياته من ميلاده إلى موته وقيامته . إلى المسيح إذاً تعود الأسرار : فالمسيح وقد قبل العماد أمر الرسل أن يعمدوا ، وهو الذي أرسل الروح عليهم ليثبتّهم في الإيمان ووعد به المؤمنين به ، هو الذي حول الخبز إلى جسده والخمر إلى دمه وقال لرسله : اصنعوا هذا لذكري ، راسماً إياهم كهنة العهد الجديد وأعطاهم سلطاناً بعد قيامته لغفران الخطايا وأرسلهم إلى المدن والقرى ليدهنوا بالزيت ويشفوا المرضى وهو الذي قدس الزواج بحضوره الشخصي عرس قانا الجليل .من الرمز إلى الحقيقة " إنه من الأهمية بمكان أن يفهم المؤمنون سهولة علامات الأسرار وأن يقبلوا عليها بتواتر شديد ، إذ أنها رسمت لتغذي الحياة الإنسانية " ( ل59 ) .العلامة والرمز هما من حواضر حياتنا الإنسانية ، نجدها تحت شكل المادة والكلمة ، والحركة والإنسان ، نتبادلها بعضنا مع بعض ومع الله ، نعيشها في علامات الأزمنة وعلامات الكنيسة وعلامات تاريخ الخلاص وعلامات الليتورجيا وهي تتنوع بتنوع الأمكنة والحضارات وتتطور في مسيرة الزمن ، بعضها من وضع إلهي كالأسرار وبعضها كنسي كما في الليتورجيا وشبه الأسرار وبعضها من وضع بشري كما في تعدد المجتمعات . فالرمز إذا هو العلامات الحسية في طقوس الأسرار ، كالماء والزيت والخبز والخمر … أما الحقيقة فهي تقديس الإنسان أو النعمة أو الصورة أعمق وأشمل هي الاشتراك في حياة الله والاتحاد به بقوة الروح القدس في المسيح ابن الله المتجسد الذي مات وقام وهو جالس عن يمين الآب ، وهو الحقيقة بيّنها الكلام الذي يرافق العلامات . فمن المسيح وحده تستمد رموز الأسرار شرعيتها ومعانيها : فالمسيح هو صورة الله الذي لا يُرى إذ قال : " من رآني فقد رأى الآب " ( يو 14/9) ، هو الذي عنده الخبر اليقين عن الآب لأنه هو وحده رآه " الله لم يره أحد قط الإله الابن الوحيد الذي في حضن الآب هو نفسه أخبر " ( يو 1/18 ) ويتمم أعماله ويعمل مشيئته . إن يسوع بتجسده وذروته الصليب ، حقق في ذاته معنى الرمز والحقيقة ، وفيه تجد الرموز حقيقتها لأنه جمع في ذاته الإله والإنسان ، إنه الله الذي صار إنساناً ليتجلى فيه لطف الله ومحبته وخلاصه ، إنه الصورة أو الرمز الجوهري للآب ، إنه بكر كل خليقة فيه تجد الخليقة معناها وغايتها . وما تشير إليه وما تعكسه من مجد الخالق . فالمسيح جمع إذاً في ذاته عالم الحسيات وعالم الروحيات ، عالم الناس وعالم الله ، فلا يمكن لأي خليقة أخرى أن تحل محله ولا يمكن لأي رمز من الرموز أن يحوي الحقيقة الروحية ويعبر عنها ، مهما سما هذا الرمز . فاعلية الرمز إن المسيح حاضر دوماً مع كنيسته ، ولا سيما في الأعمال الطقسية ، إنه حاضر في ذبيحة القداس ، وفي شخص خادم السر ، والذي يقدم نفسه الآن بواسطة الكهنة ، هو الذي قدم ذاته على الصليب … إنه حاضر بقوته في الأسرار بمعنى إنه عندما يعمد أحد هو المسيح نفسه الذي يعمد ، هو حاضر في كلمته … لهذا تعتبر الطقسيات بحق ممارسة لمهمة المسيح الكهنوتية ، ممارسة تعني بعلامات حسية تقديس الإنسان ، ونحققه بطريقة خاصة في كل منها … " ( ل 7 ) .لقد قلنا أن الأسرار وضعها المسيح لتقديس المؤمنين به ، وهو أثناء حياته على الأرض استعمل لغة الناس ليكلمهم ويصنع لهم الآيات . كذلك لا يزال المسيح ، بعلامات الأسرار الحسية وبقوة الروح القدس يواصل تقديس المؤمنين به الذين يشركهم بموته وقيامته أي في حياته الجديدة الممجدة . إن العلامات لا تحوي النعمة كشيء جامد ، قوّتها الخلاقة تأتيها من المسيح ، ولا يمكن فصلها عن حياة المسيح على الأرض وحياة الثالوث ، فمهمة المسيح أيضاً جعلهم أبناء الله وذلك بحملهم في تيار البنوة الذي عاشه المسيح بحياته وكرسه بموته وقيامته و أدخلنا فيه بالروح القدس . إن نعمة الروح القدس ، نعمة الأسرار لتبلغ غايتها فينا ، يجب أن نتعاون مع الله لاستثمارها والاستزادة من فوائدها . المسيح السر الأساسي الأسرار إذاً ، هي أعمال إلهية لا إنسانية ، هي العلامة على أن الله يخلص " ظهور الله ذاته منظورا ً " ، هو يسوع ، وأكبر عمل يعمله الله هو تأنسه ، هاكم ثمرة هذا السر " عندما بلغ ملء الزمان ، أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة ، لنصير نحن أبناء الله " ( غل 4/4 ) . فالمسيح هو السر الأول ، السر الحقيقي ، لأنه الأداة والعلامة الفعالة لتأليه الإنسانية . في التجسد ، في يسوع الناصري ، رُفعت الطبيعة البشرية إلى الكرامة الإلهية ، طبيعتنا نحن جميعاً . هذا هو سر عبوره نحو الآب وعبور جميع الناس معه وبفضله : إنه سر الفصح . ولن تكون سائر الأسرار سوى سر الفصح يتحقق في حياة البشر . إن حب الإنسان يسوع هو التجسد البشري لحب الله الفادي ، وأعماله تحمل قوة خلاص إلهية ، ولكن بما أن الشكل الإلهي يبدو لنا في صورة بشرية منظورة ، فأفعال يسوع الخلاصية أفعال سرية . فالسر يعني فعلاً هبة إلهية خلاصية في شكل خارجي ملموس ، شكل يمكن التحقق منه هو تجسيد لهذه الهبة . هذه الأعمال لم يطمسها الزمن . فالمسيح ، سر اللقاء بالله ، هو معنا حتى انتهاء العالم لكي يعود فيعمل هذه الأعمال لنا نحن ، من خلال أسرار الكنيسة .الكنيسة سر المسيح يريد الله أن يخلص جميع البشر ، هذا هو سر الخلاص ، السر الفصحي ، فصح تعني عبور ، عبور الله نحونا ، عبر المسيح نحو الآب ، بموته وقيامته وفيهما يجذبنا كيلا نؤلف معه سوى جسداً واحداً ؛ الكنيسة . شعب الله هذا يولد بقوة الروح القدس من الإيمان والأسرار ، والكنيسة هي سر الخلاص . لقاء شخصي مع المسيح الحي ومع الجماعة الكنسيّة . والكنيسة هي في المسيح كالسر أي العلامة والإدارة للوحدة الوثيقة في الله ولوحدة الجنس البشري بأسره ( دستور عقائدي في الكنيسة 1 ) . وهي ترسلنا إلى المسيح كما العروس إلى عريسها ، ليست هي المسيح بل علامته ، سر المسيح : تعلنه وتجعل الناس يجدونه فيها . المسيح المتجسد هو وجه الآب ، فيجب أن تكون الكنيسة للبشر وجه المسيح الصاعد إلى السماء وعلامة فعالة تجعله حاضراً حسياً في العالم أي أن تكون " سر المسيح " . هكذا بالعلامة السرية التي تنوب عن ظهورات القائم من الموت كل الذين لم يعيشوا شخصياً مع يسوع ، بإمكانهم أن يلتقوه بدورهم وأن يعرفوه مؤكدين : إنه هو حقاً .الكنيسة وأسرارها إن المسيح القائم من الموت ضرب لنا موعداً في كنيسته . فهي كما نعلم ، سر المسيح كما أن المسيح هو سر الآب . لا إيمان حقيقياً بالمسيح يسوع لمن يرفض أن يدخل في كنيسة المسيح . فلا نزعمنّ أننا نلتقيه في الناس إذا رفضنا أن نتعرف إليه في مجموعة خاصته التي أسسها عند قوله : هاأنا معكم طول الأيام حتى انتهاء العالم . ( متى 28/20 ) . من خلال علامة هذه الأسرار الحسية ، يرى الإيمان المسيحي الرب حاضراً شخصياً وجسدياً . في كل سر نحن نتصل بالمسيح المحيي بطريقة حقيقية وجسدية وإن مختلفة في كل سر . الإيمان بالمسيح يفترض إذاً ممارسة الأسرار ، كما أن الإيمان بالخبز يفترض الأكل . الإيمان المسيحي بحاجة إلى طقوس الأسرار إذ فيها يعطينا المسيح القائم من الموت موعداً . الأسرار هي للمؤمنين … ليست الأسرار للأطهار ، لم يأت المسيح للأطهار بل للمؤمنين فأول كنيسة مع المسيح هي كنيسة خطأة ، هم كل شيء ولكن لا أطهار ، لكنهم مؤمنون ، وكنيسة المؤمنين لم تكن يوماً كنيسة الأطهار ، وكنيسة الأطهار لم تكن إلا نادراً كنيسة المؤمنين ، فالأسرار هي احتفال الإيمان هي أسرار إيمان . والإيمان بالمسيح ليس فقط الإيمان بالله ، وإلا لكان اليهود والمسلمون والوثنيون مسيحيين … الإيمان المسيحي هو في جوهره الإيمان " بالمسيح " مخلصاً : إيمان صريح بيسوع الإله الذي مات وقام لاجل خلاص البشر . فالكنيسة ترغب بحرارة أن توصل المؤمنين إلى المسيح ، والأسرار هي احتفالات بحضور المسيح وعمله .الكلمة هي الأولى الشيء الوحيد المشترك في مجمل الأسرار هي العبادة التي تعبر عن المعنى : الأسرار تتطلب الكلمة لكي تقول ما يحقق الله في السر . وكلام الأسرار هذا هو كلمة الله ، كلمة الله الحاضر الذي يدعو ويلتزم بنا ويغيرنا ، كلمة وكلمة الله لا تخدع أبداً . كل كلمة إلهية هي عمل إلهي . لا نفتش عن فاعلية السر خارجاً عن هنا . هذه هي القوة التي أظهرها المسيح في علامات الإنجيل : قم وامش … طاليتا قومي … اذهب فابنك حي . هذا هو جسدي ، هذا هو دمي … هذه هي الكلمة في كل الأسرار . وكلمة الله هذه هي بهذه القوة لكونها شخصاً ، ابن الله ، الكلمة . فالكلمة هي ذاتها شخصياً معنى العلامات ، والمسيح هو دائماً هنا شخصياً وهو القدوس ، فلا نفتش عن كاهن قديس … وليس المهم التنقل من قداس إلى قداس ومن حَلة إلى حَلة كما لو أن الأسرار قد ضعفت فاعليتها ، المهم أن ندع السر يعمل فينا ، وهذا يتطلب إيماناً وإنصاتاً ووقتاً … والوقت هنا وقت الاحتفال ، لكن يجب أن يوجهنا إلى زمن لا ينتهي . يوم الاحتفال ، يعيش الزوجان ملء زواجهما ، ومع ذلك يلزمهما سنون طويلة ليحققا ملء السر ، ليكتشفا كيفية حضور القائم من الموت في كل حياتهما . الأسرار فينا " ينابيع تتدفق للحياة الأبدية " ( يو 4/14 ).بما أني أحب الابن ، صرت ابناً بدوري ، من اتحد بالحي الذي لا يموت ، لا يجوز الموت عليه . من وضع مسرته في الحياة . صار هو أيضاً من الأحياء |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التواضع
القديس باسيليوس الكبير نقلها إلى العربية المطران أبيفانيوس زائد "فقالت مريم تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى تواضع أمته فها منذ الآن تطوبني جميع الأجيال لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس" (لوقا 46:1-49). لو كان للإنسان الأول العظمة الحقيقية لكان في مجد دائم أمام الله، ومعظَّماً بقوله تعالى ومسروراً بالحياة الأبدية. لكن الأرضي غيّر في نفسه الرغبة في مجد الله. وآملاً بالكثير بادر إلى أشياء لم يحصل عليها، فأضاع ما كان قادراً أن يحصل عليه. ومنذ ذلك الحين أصبح التواضع العلاج الأكبر للشفاء من المرض والطريق للرجوع إلى الحالة الأولى أي ألاّ يخلق الإنسان لنفسه مجداً بل أن يفتش عنه عند العلي. فبهذا فقط يقدر الإنسان أن يصلح خطأه. وبهذا فقط تُداوى العلة. لقد أغوى الشيطان الإنسان وأسقطه مؤمّلاً إياه بالمجد الكاذب ولم يزل يشجعه بالآمال الكاذبة ناصباً له الفخاخ. فلا تتكبرْ أيها المسيحي أمام أحد حتى أمام المثقَلين بالخطايا، لأن التواضع يعصمك عن الخطايا العظيمة. ولا تبرّرْ نفسك أكثر من غيرك لأن بتبريرك نفسَك على حسب معرفتك تتعرض لدينونة الله العلي فقد قال رسول المسيح: "لا أحكم في نفسي لأني لست أشعر بشيء في ضميري لكني لست مبرراً بذلك فأما الذي يحكم فيّ فهو الرب" (كورنثوس الأولى 3:4و4) فإن عملت صالحاً حسب ظنك فاشكر الله ولا تفتخر أمام القريب لأنه قيل: "فليختبر كل واحد عمله حينئذ يكون افتخاره من جهة نفسه لا من جهة غيره" (غلاطية 4:6). إحذرْ أن تكون معادلاً للشيطان في السقوط، فقد افتخر قبل الإنسان فسقط وحلّ الإنسان محله. لا تكن حاكماً متساهلاً مع نفسك متباهياً بأعمالك الحسنة متناسياً هفواتك مفتخراً بخدماتك التي عملتها اليوم مسامحاً نفسك بما عملت من السيئات أمس. إن كانت أعمالك الحاضرة تدعوك للفخر بها، فكّرْ بأعمالك الماضية لتتخلص من حماقة العجرفة. وإن رأيت قريبك أثيماً فلا تنظر إلى الإثم وحده بل فكّرْ به وبما أتاه من الأعمال الصالحة، وكم تحمّل من المشقات! لا تحكم عليه بحسب الظاهر فتجده أفضل منك، إن الله تعالى لا يحكم على المظاهر لأنه عندما وبّخ الملك يوشافاط عن إثمه ذكر حسناته أيضاً قائلاً: "إني وجدت فيك أموراً صالحة" (أخبار الأيام الثاني 3:19). فلنتعلمْ التواضع حتى يسطع فينا نور المجد الأبدي الذي هو هبة كاملة حقة من السيد المسيح، فإننا نتوصل إلى التواضع الخلاصي بترك التكبّر المهلك، فلا نهمل شيئاً لئلا يحصل لنا شرّ منه لأن النفس تتردى بأعمالها. إذن! يتوجب عليك يا متّبع المسيح ألا يُرى فيك شيء زائد إن كان في هيئتك الظاهرة أو في لباسك أو خطواتك أو مقعدك أو طعامك أو فراشك أو دارك. وليكن حديثك مع قريبك مائلاً إلى التواضع والوقار لا التكبّر والعجرفة، لا تتصنّع في حديثك، بل اجتهد أن تصدّ عنك الكبرياء. كن ليناً مع الآخرين وديعاً مع الحزم لا تحقد على الوقح، أحِبْ الضعيف، عزِّ التعيس المنكود الحظ، عُدْ المريض، لا تحتقر أحداً لا تفتخر بما عملت من برّ. أنِّبْ نفسك على خطاياك حتى تكون صِدّيقاً. فالصِدّيق هو الأول في اشتكاء نفسه (أمثال 17:18) وحتى تكون مثل أيوب: "إذ خفتُ من الجمهور وخشيتُ إهانة العشائر فصمتُّ ولم أبرز إلى الباب" (أيوب 34:31). لا تكن قاسياً بالتوبيخ، لا تدِنْ غيرَك لأجل أشياء تافهة، أصلِحْ روحياً الخطأة كَبارٍّ صارم كما علّم الرسول بولس: "تبصَّر أنت لنفسك لئلا تُجرَّب أنت أيضاً" (غلاطية 1:6) تجنّب المدح والثناء بقدر الإمكان، تذكّر أن المسيح قال أنّ كلّ من تظاهر أمام الناس بأعماله الصالحة خسر المكافأة عليها من الله: "إنهم قد أخذوا أجرهم" (متى 2:6). لا تخسر أجرك من الله بتباهيك أمام الناس، لأن العلي يرى من فوق. فتِّش عن المجد أمام الله فيعطيك جائزة المجد. إن كنت مستحقاً للأولوية فلا أحد ينكرها عليك. كن معادلاً للمرؤوسين: كَمَن يكون مثالاً للرعية (1بطرس 3:5) إنّ السيد له المجد أَمَرَ: "من أراد أن يكون فيكم أولاً يكون للجميع خادماً" (مرقس 44:10) وباختصار، كُنْ متواضعاً حتى تتمجَّد بالتواضع. وهكذا ترتفع رويداً رويداً نحو المجد، نحو مجد الملائكة، نحو المجد أمام الله لأنك إن تمثلت بتواضع السيد المسيح يعترف بك كتلميذ ويمجدك. "تعلموا مني فإني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" (متى 29:11) بذلك يبشّر السيد يسوع المسيح أتباعه جميعاً، فله المجد والملك إلى دهر الداهرين آمين. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إذا كانت الكبرياء قد أسقطت رئيس ملائكة من السماء .
. عندما قال فى قلبه "أصعد إلى السموات أرفع كرسى فوق كواكب الله وأجلس على جبل الاجتماع أصير.. أصير مثل العلى"(1).ـ لذلك فالاتضاع هو الحل العملى لعدم السقوط. وقد علمنا رب المجد درس عملى فى الاتضاع بأن ولد فى مزود بقر، إذ لم يكن له مكان فى المنزل (2).ـ يقول القديس ماراسحق [ ليس من يذكر زلاته وخطاياه لكى يتواضع يسمى تواضعاً وأن يكن ذلك حسناً جداً، إلا أنه يدنو فقط من التواضع، ويحاول أن يصل إليه أما المتواضع الحقيقى فلا يحتاج إلى أن يقنع نفسه أو ذاته أو يغصب فكره للشعور بالتواضع أو خلق أسبابه بل صار طبيعياً عنده أن لا يحسب ذاته شيئاً بلا تعب ].ـ وقال القديس يوحنا الدرجى [ ليس من يذم نفسه ويلومها هو المتضع لأنه من ذا الذى لا يستطيع أن يحتمل نفسه ؟ إنما المتضع الحقيقى هو الذى يحتمل تعيير ومذمة غيره ولا ينقص حبه له ]. ويقول القديس مكسيموس [ من أحكم الاتضاع فقد أحكم كل الفضائل ].ـ قال القديس برصنوفيوس [ إقتن الاتضاع فإنه يكسر جميع فخاخ العدو].ـيقول القديس يعقوب السروجى [ الاتضاع هو بيت اللاهوت وأينما وجد سكن الله فيه ].ـ والاتضاع درجات لذلك يجب على المؤمن أن يأخذ تداريب الاتضاع درجة درجة حتى يصل إلى ما يسمح به الله بعد جهاده المستمر. (1)- (أش14: 13). (2)- (لو2: 7). ولإتقان الاتضاع حاول أن تطبق التدريبات الآتية : ـ1ـ إعرف نفسك جيداً وقد قال القديس ماراسحق [ الإنسان الذى عرف ضعفه وعجزه، قد وصل إلى حد الاتضاع ].ـ ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم [ تفطن أيها الإنسان فى ضعف طبيعتك ويكفيك هذا فى اقتناء الاتضاع دائماً لأنك حينئذ تعرف أنك تراب ورماد، والموت قريب منك ومرافق لك ]. ـ ـ2ـ طـاعـة الآخـرين .. القديس يوحنا الدرجى يقول [ المستكبر يحب الرئاسة والمتضع يحب الطاعة .. فمن الطاعة تعمل للاتضاع، ومن الاتضاع تحصل على الشفاء من الأوجاع ].ـ ويقول القديس أنبا بفنوتيوس [ عليك يا ابنى أن تطيع وتتضع للآباء الروحانيين ولا تسقط مثل الشياطين لأنهم بالعظمة والمعصية لأبى الأرواح سقطوا وهلكوا ].ـ يقول القديس أنبا بيمن [ عوّد جسدك لطاعة نفسك وعوّد نفسك لطاعة الله ].ـ ـ3ـ لا تـدين أحـداً .. السيد المسيح يقول "لا تدينوا لكى لا تدانوا لأنكم بالدينونة التى بها تدينون تدانون وبالكيل الذى به تكيلون يُكال لكم ولماذا تنظر القذى الذى فى عين أخيك وأما الخشبة التى فى عينيك فلا تفطن لها"(1).ـ يقول القديس أنبا باخوميوس [ لا تدين أحداً من الناس ولو رأيته ساقطاً فى الخطية لأن الدينونة تأتى من تعظم القلب، أما المتضع فإنه يعتبر كل الناس أفضل منه ].ـ يقول القديس توما الكمبيسى [ إذا رأيت أحداً يخطئ جهراً أو يأتى إحدى الكبائر فليس لك أن تعد نفسك أفضل منه وتدينه لأنك لا تدرى كم من الزمان يمكنك أن تدوم ثابتاً فى الصلاح ].ـ ـ4ـ لا تحتقر أحـداً .. الكتاب يقول "لا تحتقر أمك إذا شاخت"(2)، ويقول أيضاً "من يحتقر قريبه يخطئ"(3).ـ يقول القديس أنبا أشعياء [ كما أن الميت لا يتكلم البتة كذلك المتضع لا يزدرى بأحد ولا يحتقر أحداً حتى ولو رآه للأصنام ساجداً ].ـ ويقول القديس توما الكمبيسى [ لا يضرك شيئاً أن تتذلل لجميع الناس إنما يضرك كثيراً أن تتعاظم ولو على واحد من الناس ]. ـ (1)- (مت7: 1). (2)- (أم23: 22). (3)- (أم14: 21). ـ5ـ لا تهتم بمديح الناس .. لأن كثرة المديح يفسد قلب الإنسان ويعتقد فى نفسه أنه أحسن الناس، وبالتالى قد يصل إلى الكبرياء، ويفقد تواضع القلب. يقول بولس الرسول "ليس من مدح نفسه هو المُزكى بل من يمدحه الرب"(1). ـ يقول الأنبا موسى الأسود [ على مثال الصدأ الذى يأكل الحديد كذلك مديح الناس الذى يفسد القلب إذا مال إليه، وكما يلتف اللبلاب على الكرم فيفسد ثمره، كذلك السبح الباطل يفسد نمو الإنسان إذا كثر حوله ].ـ فإذا جاءنا مديح من الناس على عمل معين فإننا ننسب هذا العمل إلى الله وإلى فضل الله وإحسانه علينا. ويقول القديس مارإسحق [ من عدا وراء الكرامة هربت منه، ومن هرب منها بمعرفة تبعته وأرشدت الناس إليه ].ـ بولس الرسول اختطف للفردوس وسمع كلمات لا ينطق بها ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها(2).. ولم يرد أن يذكر اسمه بل قال "أعرف إنسان فى المسيح .. واعرف هذا الإنسان أفى الجسد أم خارج الجسد لست أعلم الله يعلم"(3).ـ وعندما أراد أن يفتخر قال "من جهة هذا أفتخر ولكن من جهة نفسى لا أفتخر إلا بضعفاتى"(4).ـ 6- احتمل الإهانة والتوبيخ .. يقـول القديـس برصنوفيوس [ هذا هو الاتضاع الكامل أن نحتمل الشتيمة والعار، وكل شئ أصاب معلم الفضيلة ربنا يسوع المسيح ]. والسيد المسيح قال لتلاميذه "سيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان لأنه يسلم إلى الأمم ويستهزأ به ويشتم ويتفل عليه ...إلخ"(5). (1)-(ـ(2كو10: 18). (2)- (2كو12: 4). (3)- (2كو12: 2، 3 (4)- (2كو12: 5). (5)- (لو18: 32). وتم ذلك بالحرف الواحد .. ويقول بطرس الرسول عنه "فإن المسيح أيضاً تألم لأجلنا تاركاً لنا مثالاً لكى نتتبع خطواته الذى لم يفعل خطية ولم يوجد فى فمه مكر. الذى إذا شُتم لم يكن يشتم عوضاً وإذا تألم لم يكن يهدد بل كان يُسلم لمن يقضى بعدل"(1).ـ وبولس الرسول يقول "لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح لأنى حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوى "(2). ويقول القديس بطرس الرسول "غير مجازين عن شر بشر أو عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين أنكم لهذا دعيتم لكى ترثوا بركة"(3).ـ وعندما شتم شمعى بن جيرا الملك داود قال له "أبيشاى بن صروية للملك لماذا يسب هذا الكلب الميت سيدى الملك دعنى أعبر وأقطع رأسه فقال الملك .. دعوه يسب لأن الرب قال له سب داود .. لعل الرب ينظر إلى مذلتى ويكافئنى خيراً عوض سبته بهذا اليوم"(4).ـ فتواضع الملك داود منعه من أن يرد على أحد أفراد الشعب عندما شتمه وترك الأمر لله ويقول فى اتضاع "لعل الرب ينظر إلى مذلتى ويكافئنى". وهكذا نتعلم ألا نرد الشر بالشر أو الشتيمة بالشتيمة بل نجعل الرب هو المنتقم لنا حيث يقول بولس الرسول "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء بل أعطوا مكاناً للغضب لأنه مكتوب لى النقمة أنا أجازى يقول الرب"(5)،(6).ـ ـ7ـ لا تغضب ولا تُغضب أحداً .. القديس برصنوفيوس يقول [ من كان متضعاً فإنه لا يغضب ولا يخاصم ولا يدين أحد، ولكنه يرى الناس كلهم أخير منه ].ـ (1)- (1بط2: 21- 23). (2)- (2كو12: 10). (3)- (1بط3: 9). (4)- (2صم16: 9- 11). (5)- (تث32: 35). (6)- (رو12: 19). ورب المجـد قال فى عظته على الجبل "إن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم"(1).ـ وبولس الرسول يقول لأهل أفسس "ليُرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث. وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم الله أيضاً فى المسيح"(2).ـ ويقول سليمان الحكيم "تعقل الإنسان يبطئ غضبه وفخره الصفح عن معصية"(3).ـ ونقول تدريب لسريعى الغضب : إعط لعقلك ربع دقيقة ليفكر بالصواب قبل أن تسرع فى الرد الخطأ لأن الله أعطى عقلاً حكيماً للإنسان ليفكر به وليجاوب كل من يسأل بترو. ـ8ـ المتواضع يخدم الكل .. السيد المسيح أعطانا مثلاً فى الخدمة المتواضعة عندما غسل أرجل تلاميذه وأوصاهم أن يفعلوا ذلك مثله. ثم بعـد ذلك أخـذ يشـرح لهم ما فعـله فقـال " أتفهمون ما قد صنعت بكم. أنتم تدعوننى معلماً وسيداً وحسناً تقولون لأنى أنا كذلك. فان كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت أرجلكم فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض. لأنى أعطيتكم مثالاً حتى كما صنعت أنا بكم تصنعون أنتم أيضاً. الحق الحق أقول لكم أنه ليس عبد أعظم من سيده ولا رسـول أعظم من مرسله"(4).ـ القديس يوحنا ذهبى الفم يقول [ اتضع أيها الإنسان ولا تتكبر على من تجتمع به ولا تسـتح من أن تخـدم الغريب .. أليـس أنك تخـدم نظيرك فى العبودية ؟ وكفاك أنك تتمثل برب المجد الذى غسل أرجل تلاميذه ].ـ وعندما تقدمت أم ابنى زبدى إلى السـيد المسـيح طالبة أن يكون ابناها عن (1)- (مت5: 22). (2)- (أف4: 31، 32). (3)- (أم19: 11). (4)- (يو13: 12- 16). يساره وعن يمينه فى ملكوت السموات فقال لها يسوع "لستما تعلمان ما تطلبان أتستطيعان أن تشربا الكاس التى سوف أشربها أنا .. ثم قال أنتم تعلمون أنه رؤساء الأمم يسودونهم والعظماء يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم. بل من أراد أن يكون فيكم عظيماً فليكن لكم خادماً .. كما أن ابن الإنسان لم يأت ليُخدم بل ليَخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين"(1).ـ ـ9ـ المتواضع يحتمل التجارب بفرح .. المسـيح كمثال لنا جُـرب لكى يعين المجربين .. كما يقول بولس الرسول "من ثم كان ينبغى أن يشبه اخوته فى كل شئ لكى يكون رحيماً ورئيـس كهنة أميناً فى ما لله حتى يكفر خطايا الشعب. لأنه فى ما هـو قـد تألـم مجرباً يقدر أن يعين المجربين"(2).ـ يقول القديس ماراسحق [ يسمح الله بالتجارب والعوارض أن تأتى علينا حتى للقديسين لكى ندوم فى الاتضاع، فإذا قسيت قلوبنا تجاه التجارب يشدد الله التجارب ويصعَّبها أما إذا قابلنا التجارب باتضاع وقلب منسحق فالله سوف يخرج التجربة بالرحمة ].ـ والقديس يعقوب الرسول يقول "أحسبوه كل فرح يا اخوتى عندما تقعون فى تجارب متنوعة. عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبراً وأما الصبر فليكن له عمل تام لكى تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين فى شئ وإنما إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطب من الله الذى يعطى الجميع بسخاء ولا يُعير"(3).ـ وبولس الرسول أصيب بمرض معين فقبله بفرح، فيقول "ولئلا أرتفع بفرط الإعلانات أعطيت شوكة فى الجسد. ملاك الشيطان ليلطمنى لئلا أرتفع. من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقنى فقال لى تكفيك نعمتى لأن قوتى فى الضعف تكمل. فبكل سرور أفتخر بالحرى فى ضعفاتى لكى تحل على نعمة المسيح"(4).ـ (1)- (مت20: 20- 38). (2)- (عب2: 17، 18). (3)- (يع1: 2- 5). (4)- (2كو 12: 7- 9). والقديس توما الكمبيسى يقول [ التجارب تفيد الإنسان فائدة عظمى، ولو أنها مزعجة ومرهفة إلا أنه بسببها يتضع الإنسان ويتأدب ويتنقى ].ـ ـ10ـ يجب أن يسلك الإنسان بتواضع فى حياته كلها .. ومن أجمل الآيات التى نبتدأ بها فى صلاة باكر قول بولس الرسول "أسألكم أنا الأسير فى الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التى دعيتم إليها بكل تواضع القلب والوداعة وطول الأناة محتملين بعضكم بعضاً فى المحبة"(1).ـ والإنسان المتضع هادئ فى حديثه متضع فى جلسته، ومشيته، وفى ألفاظه .. ومؤدب فى حديثه، ويعامل الجميع برقـة وببشاشـة .. طالباً بركة الجميع وصلواتهم لذلك يحبه الجميع. وهو يهرب من المتكآت الأولى، ومن الرئاسة والكرامة ولا يتحدث عن نفسه مطلقاً، وإن ذكر شئ من حسناته أو فضائله فهو ينسب كل شئ إلى الله. وهو يفعل الخير فى الخفاء .. بعيداً عن الرياء والتظاهر غير ناظر مطلقاً إلى إعجاب الناس بل إلى إرضاء الله وحده. وإن وضع فى مركز كبير لا يأمر ولا يتسلط وإنما يحتفظ بسلوكه المتواضع فيعامل الكل كإخوة .. يحمل أثقال الكل، ويحاول أن يخدم الجميع، ولا يتشبث بفكره، ولا مانع عنده أن يُغير رأيه إذا ثبت خطأه، وبكل بساطة وصراحة يعترف بخطئه، ولا يحاول مطلقاً أن يبرر ذاته أو يلتمس لنفسه الأعذار. لذلك فهو بعيداً عن العناد وسهل فى معاملاته .. سهل فى أخذه وعطائه .. سهل فى التفاهم معه .. قابل للنصيحة والإرشاد، ومستعد للتعلم حتى من هم أقل منه. وهو أيضاً طويل الأناة .. طويل الروح .. لا يغضب بسرعة .. متسامح إلى أقصى حد .. قنوع فى حياته .. شاكر الله كل حين. (1)- (أف4: 1- 4). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكِبَر و التواضع / للقديس يوحنا الذهبي الفم عِظَة: الكِبَر والتواضع /للقديس يوحنا الذهبي الفم فدعاهم يسوع وقال لهم:علمتم أن الذين يحبّون رؤساء الأمم يسودونهم وعظماءهم يتسلَّطون عليهم، أما أنتم فلا يكون بينكم هكذا، بل مَن أراد أن يصير عظيماً فيكون لكم خادماً (مر 10/42) إذن، لا تخف أن تضيّع مجدك بتواضعك. فبالتواضع ترتفع أكثر من قبل. إن التواضع باب الملكوت السماوي. فلماذا تسير نحو الباب المعاكس. لماذا تتسلّح ضد نفسك؟ إن شئت أن تكون عظيماً فلا يكون ذلك. إن كانت عظمتك عن طريق الكبر فلا بدّ لك من السقوط. فإذا لم تطلب العظمة كنت عظيماً لأن العظمة تأتي من التواضع. إن عظمة التواضع هي العظمة الحقيقية لأنها لا ترتكز على الكلام والألقاب. فالذي يترك الكبرياء يكون عظيماً، والذي يتَّصف بها يكون صغيراً ولو كان سيداً. ان المجد الذي يأتي عن طريق العنف والقسر لا يلبث أن يضيع. أما المجد المرتكز على الأعمال الصالحة فهو ثابت لا يتزعزع ولن يزول. لذلك نحن نكرِّم قدّيسي الله الذين ارتفعوا على الجميع بتواضعهم ولم يستطع الموت أن ينزع مجدهم عنهم. لنثبت هذا ببراهين معقولة: اعتاد الناس حسب الاصطلاح أن يدعوا العالي مَن كان كبير الجسم وطويل القامة أو كان واقفاً في مكان مرتفع. والواطيء من كان على العكس. فلنبحث مَن هو العالي الحقيقي. أهو المتكبِّر يا ترى أم المتواضع؟ اننا نثبت جيداً أن لا شيء أعلى وأرفع من التواضع، ولا شيء أدنى وأوطأ من الكبر. المتكبر يرى نفسه أعلى من الجميع ولا يجد أحداً معادلاً له مهمَا سما، لأنه يطلب المزبد ويحتقر الآخرين، ويطلب منهم أن يجلُّوه ويحترموه. فيا للجهالة! ما أبعد غرضه عن العقل السليم، انه يطلب الاحترام ممن لا يحترمهم ولا يعدّهم شيئاً، وهكذا بهذا الارتفاع الزائف يهبط إلى الحضيض. وبعدم اعتباره غيره يكشف عن شخصه ويدلّ على أن الأخلاق السيئة صفة المتكبرين! أما الكبير الحقيقي فيحترم الآخرين ولا يتكبَّر عليهم ويعدّ احترامهم إياه أمراً عظيماً. وبهذا يكون كبيراً حقّاً. ولبعده عن الشهوات الرديئة لا يطغى عليه الغضب، ولا يتظاهر بالرفعة، ولا يأكله الحسد والغيرة. فهل من نفس أرفع من هذه النفس المنزّهة عن الصفات الرديئة؟ أما المتكبِّر فعكس ما ذكر، لأن نفسه ثائرة بالحسد والبغض والغضب. فمن هو المتكبر الحقيقي؟ أذلك الذي تناله الشهوات ولا تتسلّط عليه؟ أم الذي يكون عبداً لها فيضطرب ويرتعد منها؟ أي هو الطائر المحلِّق في الفضاء؟ أذلك الذي يطير فوق سهام الصياد أم الذي يهبط إليها لعجزه عن الارتفاع؟ هكذا المتكبِّر يقع في أول أحبولة لميله إلى الهبوط إلى الحضيض، وعكسه المتواضع الذي يرتفع إلى ما فوق الشمس ويحلِّق في طبقات الجوّ تاركاً الملائكة وراءه حتى يقترب من عرش إله المجد. ثم لكي نبين حقارة المتكبرين نسأل مَن هو المحتقر يا ترى؟ أذلك الذي يقدم ذبيحته أمام العليّ، أم ذلك الذي لا يجسر أن يتقدّم إليه؟ وقد تقول: ما هي ذبيحة المتواضع؟ فأُجيبك بقول مرنِّم المزامير: ?الذبيحة لله روح منسحق. القلب المتخشع المتواضع لا يرذله الله? أترى طهارة المتواضع؟ انتبه جداً لرجاسة المتكبر! ان كل ذي قلب متعجرف لا يبرر أمام الله، ناهيك أيضاً بأن المتواضع مسكن لله. أما المتكبر فيتعذّب مع إبليس لأن عذاب المتكبر كعذاب إبليس. وهكذا يحصل المتكبر على عكس ما يريد أن يتكبر حتى يحصل على الفخر والاعتبار فيمسي عرضة للهزء والاحتقار. فهل من حالة أتعس من الحالة المذكورة؟ نعم انها لشرّ مستطير! ان المتواضع يرضي الله وهو محبوب ومغبوط ويتمتع بثقة البشر لأنهم يحترمونه كأب، ويحبّونه كأخ، ويقبلونه كأعزّ الناس لديهم. لا يكره الله شيئاً كالكبرياء. لذلك، منذ البدء، عمل على إبادة هذه الخصلة الذميمة من البشر، التي بسببها نموت، ومن أجلها نعيش في غور البكاء، ونصرف حياتنا بالتعب والمشقات، فلا يجدينا الكبر شيئاً بل يسلبنا ما لدينا. فالإنسان الأول وقع في الخطيئة بالكبرياء لأنه أراد أن يكون معادلاً لله فأضاع ما كان عنده. أما التواضع فلا يسلبنا شيئاً بل يزيدنا نعمةً وخيراً. لنسِرْ إذاً إثر التواضع حتى نسمو ونسعد في حياتنا ونحصل على المجد الآتي بنعمة سيدنا يسوع المسيح ومحبته للبشر الذي له مع الآب والروح القدس المجد والملك والشرف والسجود من الآن وإلى دهر الداهرين. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التواضع القديس خوسيماريا أعظم قيمة التواضع! لأنه نظر إلى تواضع أمّته ففوق الإيمان، والمحبّة، والطهارة من أيّ دنس، جاء في النشيد البهج الذي ترنّمت به أمّنا في بيت زكريا: لأنّه نظر إلى تواضعي، فلهذا سوف تدعوني مغبوطة جميع الأجيال. 590 لا ترغب في أن تكون مثل دوّارة الهواء المذهّبة تلك في المبنى الكبير: فمهما اشتدّ لمعانها، وارتفع مكانها، فلا شأن لها في رسوخ البناء. - ليتك تكون حجراً منحوتاً قديماً مخفيّاً في الأساس، تحت الأرض، حيث لا يراك أحد: فبفضلك لا ينهدم البيت. 592 لا تنس أنّك مستودع القمامة. فلذلك، إذا استعان بك البستاني، فغسلك ونظّفك وملأك أزهاراً زاهية فلا عطرها ولا لونها اللذان يجمّلان قبحك يبرّران وقوفك موقف المتباهي. - تواضع: ألا تعلم أنّك وعاء المهملات؟ 596 لا يؤلمنّك أن يرى الآخرون نقائصك؛ ما يجب أن يؤلمك: إهانة الله والعثار الذي قد تسبّبه. - ما عدا ذلك، فليعلم الناس ما أنت عليه وليحتقروك. لا يحزننّك أن تكون لا شيء، لأنّ يسوع في هذه الحال يكون عليه أن يودع فيك كلّ شيء. 599 إنّك تراب قذر وساقط. ولو رفعك نفح الروح القدس فوق أشياء الأرض جميعها، وجعلك تلمع كالذهب عندما يعكس في الأعالي، إلى جانب بؤسك، أشعّة شمس العدل السّامية، فلا تنس حقارة طبعك. فإنّ لحظة كبرياء تردّك إلى الحضيض، فتكفّ عن أن تكون نوراً لتصير وحلاً. 600 أنت، وكبرياء؟ وبم؟ 605 قلت لي، بعد اعتراف نصوح: أبت، كيف تستطيع أن تطيق هذه النفاية؟ - لزمت الصمت وأنا أفكّر بأنّه إذا كان تواضعك يدفعك إلى هذا الاحساس نفاية. كومة نفاية! -، فيكون باستطاعتنا بعد أن نصنع من بؤسك كلّه أمراً عظيماً. 606 انظر ما أعظم تواضع يسوعنا: عرشه في أورشليم كان جحشاً! 607 التواضع طريق آخر صالح لبلوغ السلام الباطني.هومن قال هذا: تعلّموا مني، فإنّي وديع ومتواضع القلب فتجدوا سلاماً لنفوسكم. 609 إنّ معرفة ذاتنا تقودنا، وهي ممسكة بيدنا، الى التواضع. 418 إنّ السرّ في إبراز الأشياء الوضيعة جدّاً، بل في إبراز ما يضع أكثر ما يضع، هو أن تحبّ. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التواضع القديس خوسيماريا أعظم قيمة التواضع! لأنه نظر إلى تواضع أمّته ففوق الإيمان، والمحبّة، والطهارة من أيّ دنس، جاء في النشيد البهج الذي ترنّمت به أمّنا في بيت زكريا: لأنّه نظر إلى تواضعي، فلهذا سوف تدعوني مغبوطة جميع الأجيال. 590 لا ترغب في أن تكون مثل دوّارة الهواء المذهّبة تلك في المبنى الكبير: فمهما اشتدّ لمعانها، وارتفع مكانها، فلا شأن لها في رسوخ البناء. - ليتك تكون حجراً منحوتاً قديماً مخفيّاً في الأساس، تحت الأرض، حيث لا يراك أحد: فبفضلك لا ينهدم البيت. 592 لا تنس أنّك مستودع القمامة. فلذلك، إذا استعان بك البستاني، فغسلك ونظّفك وملأك أزهاراً زاهية فلا عطرها ولا لونها اللذان يجمّلان قبحك يبرّران وقوفك موقف المتباهي. - تواضع: ألا تعلم أنّك وعاء المهملات؟ 596 لا يؤلمنّك أن يرى الآخرون نقائصك؛ ما يجب أن يؤلمك: إهانة الله والعثار الذي قد تسبّبه. - ما عدا ذلك، فليعلم الناس ما أنت عليه وليحتقروك. لا يحزننّك أن تكون لا شيء، لأنّ يسوع في هذه الحال يكون عليه أن يودع فيك كلّ شيء. 599 إنّك تراب قذر وساقط. ولو رفعك نفح الروح القدس فوق أشياء الأرض جميعها، وجعلك تلمع كالذهب عندما يعكس في الأعالي، إلى جانب بؤسك، أشعّة شمس العدل السّامية، فلا تنس حقارة طبعك. فإنّ لحظة كبرياء تردّك إلى الحضيض، فتكفّ عن أن تكون نوراً لتصير وحلاً. 600 أنت، وكبرياء؟ وبم؟ 605 قلت لي، بعد اعتراف نصوح: أبت، كيف تستطيع أن تطيق هذه النفاية؟ - لزمت الصمت وأنا أفكّر بأنّه إذا كان تواضعك يدفعك إلى هذا الاحساس نفاية. كومة نفاية! -، فيكون باستطاعتنا بعد أن نصنع من بؤسك كلّه أمراً عظيماً. 606 انظر ما أعظم تواضع يسوعنا: عرشه في أورشليم كان جحشاً! 607 التواضع طريق آخر صالح لبلوغ السلام الباطني.هومن قال هذا: تعلّموا مني، فإنّي وديع ومتواضع القلب فتجدوا سلاماً لنفوسكم. 609 إنّ معرفة ذاتنا تقودنا، وهي ممسكة بيدنا، الى التواضع. 418 إنّ السرّ في إبراز الأشياء الوضيعة جدّاً، بل في إبراز ما يضع أكثر ما يضع، هو أن تحبّ. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التواضع (للمطران باسيليوس منصور) أيها الأخوة الأحباء، في هذا الأحد تبتدىء أحاد التهيئة للصوم الكبيرو إنجيل اليوم يروي عن إنسانيّن صعدا ليصليا في الهيكل، الأول صلى وهو منتفخ ومتكبر وهو يشعر بذاته أنه شيءمهم و أخر هو العشار الذي لم يشأ أن يرفع رأسه أمام الله، بل كان يقر بخطاياه كما يقول داوود النبي:وخطيئتي أمامي في كل حين. الأول نزل إلى بيته بدون تبرير، أي لم ينل شيئاً على ما فعله، أما الثاني فقد أخذ تبريراً دون ذاك،كما يقول ربنا يسوع المسيح أي أن الفريسي قد نال على صلاته وتواضعه أجراً، وهذه الفضيلة التي تريد الكنيسة أن تنبهنا عليها في بدء جهادنا الروحي، وقبل أن ندخل في أي نوع من أنواع الجهاد، يجب أن نمتلكها لكي نكون محصّنين كما يكون الجنود في الحصن، أسواره ترد عنهم السهام والضربات والنار ، لأنه في الحقيقة كما يقول آباؤنا القديسون:من دون التواضع. يتعرَّض الإنسان دائماً في قواه الروحية للسرقة، للنهب، للتلف من ذاته و من الآخرين. الإنسان دون التواضع لا يستطيع أن يحافظ على شيء، لأن التواضع هو حصن الفضيلة، لهذا عندما ظهر الشرير للقديس أنطونيوس، بكل طرقهِ وحيلهِ المختلفة التي ينتبه لها الإنسان والتي لا ينتبه لها، أي الحروب من اليمين والشمال، الحروب الروحية والحروب الجسدية وغير ذلك، تنهد وصرخ نحو الله وقال: يارب من يَخْلص من هذه كلها، فقال له:المتواضع. لهذا بولس الرسول يحذرنا أولاً وأخيراً ويقول لنا:أنت يا من تظن نفسك واقفاً أحذر ألا تسقط، لأن الإنسان عندما يظن نفسه شيئاً عظيماً يبدأ بنسيان الله وخاصة إذا كان كذلك الفريسي، أي أنه يصوم لأنه واجب، يصوم لأنه هو قادر أن يصوم، لأنه قادر أن يعمل الخير، وكأنه لا حاجة له إلى الله؛ أو كأنَّ الله بحاجة لصومهِ وصلاتهِ وعبادتهِ.هو بحاجة إلى الشريعة، لأنه من دون الشريعة، الخطيئة غير موجودة، لهذا لا يستطيع أحد أن يتبرر بأعمال الناموس، العمل الروحي الجاف الذي لا يتصف بالتواضع، هو عمل يؤدي إلى الكبرياء. التواضع ليس فقط أمام الله، التواضع أمام الناس، فضيلة التواضع صعبة جداً جداً، لأن الإنسان لا يفكر فقط لكي يُعطي، تأخذهُ الحمية لكي يعطي من دون أن ينسى شيء، عندما يُعطي الإنسان عمل رحمة وهو مسرور، لا يعطي كل شيء من ذاته، أما المتواضع فهو الذي ينسى ذاته أمام الآخرين، لذلك لم تستطيع الملائكة، حتى ولا الملائكة أن تتواضع، لهذا قسمٌ كبيرٌ من الملائكة كما يقول لنا الكتاب ويقول آباؤنا القديسون قد سقط...إبليس لماذا سقط من السماء؟ لأنه لم يستطيع أن يتواضع، كان من أعظم الملائكة، لم يستطيع أن ينسى ذاته. آدم وحواء لماذا سقطا؟?ليس لأنهما لم يصوما أو لأنهما أكلا من التفاحة. أو لأنهما أرادا أن يتزوجا وإلى ما هنالـك كما يظن البعض، هذا كله مبارك من الله إن كانت الشجرة وإن كان الزواج، وإن كان أي شيء جعله الله لأجل الإنسان، بل لأنهما قالا إن الله لا يريدنا أن نصبح مثله نميز بين الخير والشر، وياليتهما ما ميّزا الخير عن الشر، لكانا بقيا كطفلين في ملكوت السماوات، ولكنا استرحنا من التعب و المرض والألم والموت( نتائج السقوط)... الكبرياء، لقد ظنّا أنهما شيء كبير، لكن هما شيء كبير مع الله، وليس بدون الله، عندما تَكَبرا سقطا، وسقط العالم كله، ويقول لنا بولس الرسول:إن الطبيعة تئنُ معنا متمخضة، كثيرون من الأنبياء لم يستطيعوا أن يتواضعوا، تجارب القديسين كانت في التواضع، يقول لنا يوحنا السلمي:إن الإنسان الذي يصل إلى مراقي روحية عظيمة، في آخر المطاف سيأتي إبليس ليجربه بخطيئة الدينونة، مثلما بدأ آدم بمقارنة نفسه مع الله، يبدأ بمقارنة ذاته بالناس، هذا ماذا يعمل وماذا يستطيع أن يفعل؟. فيفكِّر انه شيء كبير، ويسقط من هناك، من العلو الروحي دفعة واحدة، إذنفالتواضع شيءٌ لا يُكتسب دفعةً واحدةً، التواضع هو علم، كما يقول بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس:إنكَ تعرف الكتب المقدسة، وهذه تصيركَ حكيماً للخلاص. الإنسان لا يصبح حكيماً أو محامياً أو أستاذاً، لا يصل إلى كمال العمل الذي يقوم به دفعة واحدة، إلا إذا أعطاه الله ذلك، هو لا يمكنه!!..، من أصعب الفضائل أن يمتلك الإنسان هذه الفضيلة... إنسانٌ متعبٌ بماله، متعبٌ في بيته، متعبٌ في تثقيف نفسهِ، تأتي وتقول له إنسَ ذاتك أمام الآخرين، صعب، لأنه هذه هي الطبيعة البشرية، تقول لابن العائلة. أو لذي المالانسَ ذاتك أمام الآخرين، صعب.من يذهب إلى الكنيسةِ أو إلى المجتمعٍ، ليتفاخربلباسهِ الجميل لتراهُ الناس بها، تقول له تواضع، صعب، لأنه ليس مهيئاً، المجتمع الذي حوله لم يهيئه بأنه لا شيء أمام الله، وبالتالي لا شيء أمام صورة الله، التي مات يسوع المسيح لأجلها، وتواضع متخذاً صورة عبدٍ، الله وحده قادرٌ أن يتواضعحتى أقصى التواضع، وأن يتنازل إلى أسفل دَرَكات التنازل. لو امتلك الناس فضيلة التواضع، فلن نشاهد أناساًتتنازع فيما بينها، لأن الأولكان سيقول للثاني: يا أخي أعذرني، أنا أخطأت، فلو كنت في مستوى فهمك وإدراكـــك..الخ، ولكن هناك الذات، وهناك الأنانية، وهناك اجتهاد الإنسان على ذاتهِ كذاتٍ بشرية، وليست كهيكل للروح القدس. ولا يعني التواضع عدم طموح الإنسان، وسعيه لتحقيق مراكز وغايات نبيلة يستخدمها في النهاية لأجل خلاصه وخدمة البشر، لأنَّ هذا يعني استخدام المواهب التي أعطاهُ إياها الله لغايات صالحة، وتفقد قيمتها إذا اختلطت بالكبرياء (لا لنا لا لنا يارب، بل لاسمكَ أعطِ مجداً). إذن فالفضيلة دروسها صعبة جداً، والإنسان يتمرن عليها شيئاً فشيئاً، لعله في يوم من الأيـام يصيب منها شيئاً، ليقول له ربنا يسوع المسيح: هنيئاً لك لقد تواضعت نفسك فارتفع إلى هنا واجلس عن يمين الأب. نرجو إلى الله أن يعطينا جميعاً هذه القوة لننال خلاصاً أبدياً. آمـــــين. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أقوال آبائية في التواضع الاتضاع عمل الهى كبير , وطريقه متعبه للجسد " القديس يوحنا الدرجى" ما هو التواضع ؟ هو ضمير لايتعظم فى نفسه وبماذا يكمل الاتضاع ؟ يكمل بان لايظن الضمير فى نفسه انه حكيم وما هى زينته ؟ عندما يفكر الانسان انه ليس احد ارذل منه , ويتحقق انه انقص من الجميع "القديس يوحنا التبايسى" الاتضاع هو ان تعد جميع البشر افضل منك متاكدا من كل قلبك انك اكثر منهم خطيه " القديس انطونيس الكبير" الاتضاع هو ان يحقر الانسان ذاته فى كل شىء "مار اسحق" الاتضاع هو بيت اللاهوت , واينما وجد سكن الله فيه "مار يعقوب السروجى" ما هو الاتضاع ؟ الاتضاع هو ان يحسب الانسان نفسه ترابا ورمادا ويقول : " انا من انا " ! ومن يحسبنى انى شيئا , ومالى انا مع الناس لانى عاجز ولايقول عن امر " ماذا ؟ , او ماذا يكون هذا ؟ " ويكون ماشيا بخضوع كثير فى طرقه ولايساوى نفسه بغيره , واذا احتقر ورذل لايغضب "القديس برصنوفيوس" |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الــوداعــــة والـتـواضــــع قال الرب يسوع: «تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم، احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحةً لنفوسكم، لأن نيري هيّن وحملي خفيف» (مت 11: 28ـ30) أيها المؤمنون: إن التواضع والوداعة، فضيلتان سماويتان ساميتان، تكمّل إحداهما الأخرى، ففي تواضعنا نعظّم اللّـه معترفين بفضله الجمّ علينا، فهو خالقنا والمعتني بنا وعلينا أن نواظب على تقديم الشكر له تعالى، معترفين بضعفنا وبافتقارنا إلى رحمته، واثقين بيقين أن كل ما نملكه من مواهب سماوية وأرضية، وما نتمتع به في الحياة من نِعم، إنما هما هبة مجانية منه تقدس اسمه، فلا يحق لنا إذن أن نتباهى ونتعجرف بل علينا أن نعترف بفضل الله، متجنّبين الكبرياء التي تبعدنا عن الله، وتصمّ آذاننا عن سماع كلامه الحي، وتسوقنا إلى عبادة الذات والإلحاد، وعلينا أن نجعل التواضع يملأ عقلنا وقلبنا بنور المسيح ويؤجّج فيهما جذوة الإيمان بالله، والاتكال عليه والتسليم بالحقائق الإيمانية التي أوحاها إلينا تعالى بكتابه المقدس الذي هو كلمة اللّـه الحية وبذلك نمجّد اسمه القدوس مع صاحب المزامير القائل: «ليس لنا يا رب ليس لنا لكن لاسمك أعطِ مجداً»(مز 115: 1). ففضيلة التواضع إذن هي أساس جميع الفضائل المسيحية ومنتهاها، أما الوداعة فهي ثمرتها الناضجة، ورفيقتها في الجهاد الروحي، الملازمة لها دائماً. فعندما ترسخ فضيلة التواضع في قلب الإنسان وعقله، وتغدو مَلَكَة، أي صفة راسخة في نفسه، إذ يلمسها الناس بكل تصرفاته، حيث يمتلك ذلك الإنسان ناصية الوداعة ويؤتى الشجاعة الروحية الكافية لمقارعة إبليس اللعين والتغلب على التجارب الصعبة ويهبه اللّـه القوة الكافية لضبط النفس وكسر حدة الغضب، وضبط الفكر العدواني والحدّ من نزواته، مبتعداً عن الحقد والضغينة والبغضاء، متمثلاً بوصايا الرب القائل: «لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضاً، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاً»(مت 5: 39 و40) و«أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم»(مت 5: 44) بهذا فقط تصير الوداعة طبيعة لنا فنعامل الناس باللطف والمحبة، ونكون قد تشبّهنا بالمسيح ربّنا الذي أمرنا أن نتعلّم منه لأنه وديع ومتواضع القلب. فقد بدت هاتان الفضيلتان واضحتين في كل تصرفاته له المجد خلال تدبيره الإلهي في الجسد، حيث أحبّ الأطفال فاستأنسوا إليه وأحبّوه، وعطف على النساء، وأشفق على الخطاة ومهّد لهم الطريق للعودة إلى اللّـه بالتوبة الصادقة كما سامح أعداءه ومبغضيه، وهكذا علّمنا هاتين الفضيلتين بالمثال والأقوال والأمثال، فإذا تشبّهنا به، واقتفينا أثره، نجد سلاماً مع اللّـه بالتسليم التام للإرادة الربانية في السرّاء والضرّاء، كما نجد سلاماً مع أنفسنا فننال راحة الضمير بمحبتنا لله الذي أحبّنا وإطاعة أوامره وتجنّب نواهيه، والقيام بالفروض البيعية، وأن نكون بسلام مع القريب محبّين إياه مقابلين إساءاته بالمغفرة، مصلّين لأجله، كوصية الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس «أن يكون ذا رفق نحو الجميع صبوراً مؤدّباً بالوداعة المقاومين عسى أن يعطيهم اللّـه توبةً لمعرفة الحق»(2تي 2: 24و25). بوداعته وتواضعه صحّح الرب يسوع مفهوم العالم حول الفضائل السماوية والقيم السامية، فإذا عُدَّت الوداعة قبل ميلاد الرب يسوع بالجسد ضعفاً، فهي في المسيحية قوة روحية فائقة، وإذا اعتبر التواضع في الماضي ضعةً فهو في المسيحية سموٌ وترفعٌ عن الرذائل ونصرٌ مُبين على إبليس اللعين وأتباعه المتعجرفين، وإدانةٌ لكبريائهم التي هوت بهم إلى دَرَك المعصية فصاروا أعداءً لله والبشر كما ورَّطت الكبرياء الإنسان أيضاً فتمرّغ في خطية التمرّد على الخالق واستحقّ الموت عقاباً. لذلك، ولكي ينقذ الرب يسوع الإنسان من المعصية ويعيد إليه الحياة، عالجه بالتواضع وأمره بالتحلّي بفضيلة الوداعة قائلاً لتلاميذه: «ها أنا أرسلكم كغنم وسط ذئاب، فكونوا حكماء كالحيات، وبسطاء كالحمام»(مت 10: 16). أجل، وعى تلاميذ الرب عظمة معلمهم الإلهي، وعرفوا قدر أنفسهم الضعيفة وتأكدوا من افتقارهم إلى الرب دائماً، ولا غرو فقد أوضح الرب لهم هذه الحقيقة بقوله: «اثبتوا فيَّ وأنا فيكم، كما أنّ الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته إنْ لم يثبت في الكرمة كذلك أنتم أيضاً إن لم تثبتوا فيَّ أنا الكرمة وأنتم الأغصان، الذي يثبت فيَّ وأنا فيه هذا يأتي بثمرٍ كثير، لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً»(يو 15: 4و5). أيها الأحباء: في هذا الزمن العصيب تجتاز كنيستنا المقدسة مرحلة قاسية تشكل منعطفاً حاداً وخطراً، في تاريخها الحديث. فالهجرة العشوائية تحاول تبديد أبنائها في متاهات دروب العالم مبعدة إياهم عن جذورهم التاريخية، وينابيع القيم الروحية التي ورثوها عن آبائهم الميامين. كما أن أعداء الحق يتربصونهم ليصطادوهم في شباكهم وقد نصبوا لهم الأشراك الخبيثة، في الوطن والمهجر، فهناك أصحاب البدع القديمة الوخيمة، وهناك الفرق المستحدثة التي تدّعي المسيحية والمسيحية براء منها، وقد جاء أتباعها ذئاباً خاطفة بثياب حملان تريد الفتك بقطيع المسيح، وهناك الكبرياء أم الرذائل التي ساورت عقول بعض العلمانيين فجاؤوا بآراء فائلة باطلة، محاولين الهيمنة على الكنيسة والعبث بنظمها الإدارية التي هي وضع إلهي لا بشري لأن الكنيسة هي مؤسسة روحية وهي جسد المسيح السري، والمسيح رأسها وقد أقام رسله الأطهار لخدمة أبنائها وأعطاهم السلطان على ذلك فهم المسؤولون عن إدارتها وتدبير شؤونها والعناية بأعضائها وهم ممثلوها الشرعيون وحماة عقيدتها الدينية واسمها وتراثها ولغتها وتقاليدها وحضارتها، ومعالمها، وصفاتها وسماتها التي منحتها إياها السماء وثبّتها التاريخ عبر الدهور والأجيال، والمسيح في داخلها فلن تتزعزع وقد وعدها بقوله «وأبواب الجحيم لن تقوى عليها»(مت16: 18) «وسيندحر من يشهر سيفاً في وجهها»، لأن سلطانها سماوي. فعلينا بروح الوداعة والتواضع أن نقدم النصح والإرشاد لهؤلاء الضّالين فإذا عادوا إلى طاعة الكنيسة فستفرح السماء بخاطئ واحد يتوب، ونرحّب به في الكنيسة، وإذا أصرّوا على محاربة الكنيسة وبثِّ الفتن في صفوفها لتفريق أبنائها وأصمّوا آذانهم عن سماع صوت الرعاة الحقيقيين، فعلينا أن نمارس صلاحياتنا الروحية للدفاع عن العقيدة السمحة والتقليد الشريف، وتأديب المتمرّدين على النظم البيعية، مكمّلين ما أوصانا به الرسول بولس في حال كهذه قائلاً: «فاعزلوا الخبيث من بينكم»(1كو5: 13). أيها الأحباء: إن حلول موعد الصوم الأربعيني المقدس يُعدّ فرصة ذهبية سانحة لنا لنجاهد روحياً ونقتدي بالرب يسوع بتواضعه ووداعته، ونمارس الفضائل السامية ونقرن إيماننا بالأعمال الصالحة وبخاصة أعمال الرحمة كتوزيع الصدقات ومساعدة الفقراء ورعاية الأيتام والأرامل إلى جانب محبتنا لكنيستنا السريانية الأرثوذكسية المقدسة ونظمها الادارية ولغتها السريانية وطقوسها البيعية وتعاليم آبائها القديسين. تقبّل اللّـه صومكم وصلواتكم وأهلّكم لتحتفلوا بعيد قيامته من بين الأموات ببهجة وسرور والنعمة معكم ܘܐܒܘܢ ܕܒܫܡܝܐ ܘܫܪܟܐ. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الـوداعــة بقلم القمص ميخائيل جرجس صليب الوادعة والتواضع فضيلتين متلازمتين فالوديع متواضع القلب، والمتواضع وديع فى سلوكه لذلك قال رب المجد "تعلموا منى فإنى وديع ومتواضع القلب تجدوا راحة لنفوسكم"(1)ـ. وفى عظة المسيح على الجبل قال "طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض"(2)ـ والقديس يوحنا ذهبى الفم يعلق على هذه الآية بقوله [ أى نوع من الأرض سيرثونها ؟ البعض يقولون أنها أرض روحية .. ولكن ليـس الأمر هكذا .. إنه يعنى أرض حسية كما فعل بولس الرسول حين قال اكرم أباك وأمك لكى تطول أيامك على الأرض(3).. إذن فهو يقصد لا المكافأة الروحية فقط بل والأرضية أيضاً ].ـ لأن الودعاء سيحبهم الناس، ويكونو أصدقاء كثيرين لهم، بعكس المتكبرين فإن الناس تبتعد عنهم وتكرههم وقيل عن المسيح أنه "عادل ومنصور وديع"(4).ـ وينصح الرسول بولس أهل كورنثوس بأن يتمثلوا بوداعة المسيح قائلاً لهم "ثم أطلب إليكم بوداعة المسيح وحلمه (حليم) مستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح"(5).ـ لذلك إن أردت أن تدرب نفسك على حياة الوداعة حاول أن تطبق التدريبات الآتية : ـ1ـ لا ترفع صوتك وأنت تتكلم وتعلم فالسيد المسيح قيل عنه "لا يصيح ولا يرفع ولا يُسمع فى الشارع صوته"(6).ـ ـ2ـ لا تجرح الناس بكلمات قاسية بل فكر قبل أن تنطق الكلمات .. وعامل كل الناس بكل وداعة كما يذكر بولس الرسول صفات الإنسان المسـيحى ..ـ (1)- (مت11: 29). (2)- (مت5:5). (3)- (أف6: 2). (4)- (زك9:9). (5)- (2كو10: 1- 5). (6)- (أش42: 3). "مستعدين لكل عمل صالح. ولا يطعنوا فى أحد، ويكونوا غير مخاصمين، حلماء مظهرين كل وداعة لجميع الناس"(1).ـ وقد ذكر القديس بولس أن من ثمار الروح .. الوداعة قائلاً "وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف"(2).ـ ـ3ـ لا تكن قاسياً فى معاملاتك مع الناس بل رحيماً كما فعل السيد المسيح مع المرأة السامرية ففى حديثه معها قال لها "إذهبى إدع زوجك"(3) مع أنها كانت غير متزوجة ولم يرد أن يحرجها أو يتكلم معها بكلام قاس بل بوداعة جذبها إلى الإيمان حتى أنها بشرت أهل مدينتها "فخرجوا من المدينة وأتوا إليه"(4).ـ ـ4ـ لا تدين الآخرين وإن علمت أن إنساناً أخطأ فعامله بوداعة كما يقول الرسول بولس "أيها الإخوة إن إنسبق إنسان فأخذ فى زلة ما فاصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة ناظراً إلى نفسك لئلا تجرب أنت أيضاً"(5).ـ ـ5ـ هناك فضائل متصلة ببعضها البعض، كما يقول بولس الرسول فى رسالته إلى أفسس " فاطلب إليكم أنا الأسير فى الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التى دعيتم بها. بكل تواضع ووداعة وبطول أناة محتملين بعضكم بعضاً فى المحبة ـ"(6) ـ وكما يقول فى موضع آخر " وأما أنت يا إنسان الله فاهرب من هذا واتبع البر والتقوى والإيمان والمحبة والصبر والوداعة"(7).ـ ـ6ـ الصلاة والتسبيح تدرب الإنسان على الوداعة كما يقول داود النبى "أبارك الرب فى كل حين دائماً تسـبيحه فى فمى بالرب تفتخر نفسى يسمع الودعاء فيفرحون"(8).ـ (1)- (تى3: 1، 2). (2)- (غلا5: 22) (3)- (يو4: 16). (4)- (يو4: 30). (5)- (غلا6: 1). (6)- (أف4: 1). (7)- (1تى6: 11). (8)- (مز34: 1، 2). ـ7ـ الرب طوّب الودعاء ووعدهم بأمور كثيرة لذلك يقول المرنم "الرب يرفع الودعاء ويضع الأشرار فى الأرض"(1).ـ ويقول فى موضع آخر "الرب راضى عن شعبه يجمل الودعاء بالخلاص ـ"(2).ـ وفى موضع ثالث يقول "الأرض فزعت وسكنت عند قيام الله للقضاء لتخليص كل ودعاء الأرض"(3).ـ ـ8ـ أطلب من الله أن يعلمك الوداعة فالكتاب يقول "الرب صالح ومستقيم لذلك يعلم الخطاة الطريق. يدرب الودعاء فى الحق ويعلم الودعاء طرقه"(4).ـ ـ9ـ الإنسان الوديع هادئ الطبع، ولا يغضب بسرعة والهدوء يأتى من الداخل الإنسان أى من القلب لذلك يقول سليمان الحكيم "حياة الجسد هدوء القلب"(5).ـ ـ10ـ الإنسان الوديع لا يتكلم كثيراً بل يتكلم عند الحاجة القصوى، لذلك يقول سليمان الحكيم "هدوء اللسان شجرة حياة واعوجاجه سحق فى الروح"(6).ـ ونقرأ أيضاً فى سفر الجامعة إذ يقول "الهدوء يسكن خطايا عظيمة"(7) والإنسان الوديع يميل إلى حياة الهدوء ويبعد عن الصخب وكثرة الكلام. (1)- (مز147: 6). (2)- (مز149: 4).(3)- (مز76: 8). (4)- (مز25: 8، 9). (5)-(أم4: 30). (6)- (أم15: 4). (7)-(جا10: 4). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الشر والألم !!
https://images.chjoy.com//uploads/im...7dc0cddfbe.jpg كثيرا ما يثار بين أوساط المتشككين بالأيمان مشكلة الشر والألم ولماذا يسمح الله بهم للأنسان الذى من المفروض أن الله يحبه ؟ بداية لا أعرف سببا ليجعل هؤلاء متمسكين بأن الله هو من سمح بالألم أو الشر !! ما معنى السماح المقصود هنا هل تم عرض الموضوع على الله ووافق عليه ؟ أرى أنه من الظلم لله أن ننسب له سماحه بالألم أو الشر لأن طبيعة الله لا تتوافق مع الشر أو الخطيئة فكيف يوافق على ما لا يتوافق مع طبيعته ؟ هل الله كان سببا أو وافق على أن يمارس الأنسان التدخين سنين طويلة من عمره ثم عندما يمرض بمرض عضال خبيث نقول الله سمح بكدة عشان كذا وكذا ولكل شخص سبب .. هل الله كان سببا أو وافق على المصانع والسيارات التى تؤذينا وتؤذى الطبيعة بعوادمها وسمومها وتؤثر سلبا على مناخ الأرض ؟ هل الله كان سببا فى طمع الدول ورغبتها فى أستعمار دول أخرى لنهب ثروتها وحدوث الحروب التى يموت بسببها الملايين وتدمر دول بسببها ؟ هل الله سمح لك بأن تترفه وتنعم بكل وسائل الراحة وترى شخصا يأكل من صناديق القمامة ولا تهتم لأمره ؟ هل الله من وافق وسمح بأن تترك الدول التى تلقى طعاما فى القمامة دولا أخرى بها أناسا يموتون جوعا ويأكلون بعضهم ؟ وأنت يا من تلقى على الله التهم بأنه سبب فشلك الدراسى أو الأسرى أو الزوجى .. لم يكن الله هو من سمح بتكاسلك وعدم حكمتك فى أختيارك وتسرعك فى ردود أفعالك فكر جيدا الله أعطاك الأرض لتعملها ( تك 2 : 15 ) لا لتمتلكها .. الله قال حب قريبك كنفسك ( مت 19 : 19 ) لا أن تحب نفسك وتنسى وتطغى على من حولك .. يا من تتهم الله بسماحه بالألم أو الشر للأنسان أعد حساباتك فالله غير مجرب بالشرور ( يع 1 : 13 ) . أنت تريد الحرية والله أعطاها لك كاملة فيجب عليك أن تكون مسئولا عن هذه الحرية ولا تنوح بعد ذلك متهما الله أنه لا يتدخل فى أمورك ولا يعمل معك معجزات خارقة للطبيعة لمصلحتك الشخصية لا تتعامل مع الله أنه مصباح سحرى تعرفه فقط لتنفيذ رغباتك وأحتياجاتك بدون علاقة شخصية حميمية معه .. وأنا هنا أتحدث عن الغالبية العظمى فى الأمور وليست الحالات الشاذة التى ليست لها تفسير لأنه توجد أمور لا يستطيع الأنسان أن يأتى لها بتفسير الأن .. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنيسة هي كرمة الله المثمرة
شعب المسيح نحن المسيحيون اغصان في كرمة المسيح يسوع وعندما يثبت الغضن في الكرمة تاتيه العصارة اي روح الله القدوس فيصبح مثمرا ان ثبتنا فيه وثبت كلامه فينا والغصن الذي لا يثمر يقطع ويلقى في النار والكنيسة تتمجد وتنشر كلمة الله عندما نكون نحن مثمرين انا وانت والمؤمنون الاخرين يجب ان نستثمر وزناتنا لمجد اسمه القدوس فبالتالي الكنيسة تنهض وتاتي بحصاد كتير باسم الرب يسوع المسيح نفوس كتيرة تخلص وسط الالام والضيقات لانه لديهم رجاءا عظيما بوعوده لينا ولكنيستنا بصلاتنا الحارة والنابعة من كل قلوبنا لان الرب قد قال ان ثبتم في وثبت كلامي فيكم يكون لكم ما تريدون رغم ظروفنا الصعبة حاليا ثقتنا بالهنا عظيمة والرب سوف يتمجد في كنيسته وفي شعبه لانها هذه مشيئة الله وارادته هي لصالحنا كلنا وطوبى لمن يظطهد ويهان ويسبى لانه مسيحي فقط فالكنيسة ستتمجد وستنتشر وتاتي بحصاد كتير كتير جدا بالهها وربها يسوع المسيح له كل المجد امين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الدرس الأخير
الدرس الأخير كان مختصرًا جدًا، ولكنه فعّال كثيرًا ويلخِّص ما سبقه من الدروس! فمن خلال سيرته الذاتية، وصفاته الشخصية، ورسائله الروحية عرفنا الكثير عن ذلك التلميذ الكبير. إنه سمعان الملقّب "بطرس" والذي كان مقدامًا سريع التأثّر، شديدًا في ردّ فعله، دون حساب للعواقب... ولكنه أصبح رسولاً حكيمًا واثقًا متّزنًا يعرف كيف يواجه الأمور وحتى العسيرة منها برحابة صدر، فيعطيها أفضليّاتها بكل تفهّم وتقدير بعد أن تتلمذ على يدَي معلمه العظيم القدير، حتى ذلك الدرس الأخير. من خلال دروسه الوافية، صاغت يد الرب من بطرس المتسرع المتقلقل شخصية لامعة قائدة، تركت بصماتها في بناء كنيسة المسيح وسلام هذا العالم . حيث كان له في المجتمع المسيحي الأول شرف القيادة وعظيم الأثر. كان ذلك آخر درس تلقّاه من الرب يسوع "قبيل صعوده إلى السماء" وكان نهاية المطاف في المعارف الروحية التي اكتسبها سامعًا طائعًا ومطبّقًا، ويا له من درس عظيم. بحكم طبعه الموروث، كان بطرس يحب دائمًا أن يبرز شخصه ويجلس في مقعد القيادة، ناظرًا حوله ومصغيًا إلى كل ما يقال، لعلّه يجد ثغرة يلج من خلالها لكي يبدي رأيه ويُظهر أفضليته... وقد بقي هذا شأنه حتى تلقّى ذلك الدرس المفيد. "لماذا تتداخل في شؤون غيرك؟" قالها المعلم بأسلوب رائع مليء بحكمة السماء. "إِنْ كُنْتُ أَشَاءُ أَنَّهُ يَبْقَى حَتَّى أَجِيءَ، فَمَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِي أَنْتَ!" (يوحنا 22:21). وبفعل ذلك الدرس صار التلميذ معلّمًا ! فنحن نقرأ ما كتبه قائلاً: "فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِل، أَوْ سَارِق، أَوْ فَاعِلِ شَرّ، أَوْ مُتَدَاخِل فِي أُمُورِ غَيْرِهِ" (1بطرس 15:4). فقد وضع خطية التداخل في أمور الغير بين كبار الخطايا كالقتل والسرقة وفعل الشر. وإذا ما نفذنا إلى عمق الإعلان الإلهي، وجدنا أن التداخل مرض روحي له أعراض كثيرة، بعضها واضح المعالم والبعض الآخر متخفٍّ في طيات الأذهان ومتغلغل في أعماق العواطف والميول. حتى إنه يقيم صداقاتٍ لا أساس حقيقيًّا لها، ويُنشئ عداواتٍ لا سبب منطقيًا لها. أولاً: مظاهره ( 1 ) نرى بعضًا من الأشخاص وقد كرّسوا ذواتهم لتصيّد أخطاء الآخرين وسقطاتهم، فهم يجدون لذّتهم في تقصّيها، وتسليتهم من خلال سردها وتضخيمها، في الوقت الذي فيه هم غارقون بما هو أدهى منها حتى الأذنين، وربما ذلك ليبعدوا الأنظار عن ذواتهم. ( 2 ) ومنهم، رغم ادعائه الإيمان، فهو لا يستطيع أن ينسى، ليس الإساءة فقط، بل ما يظنه خطأً إساءة إلى شخصيته التي تأبى إلا أن تحاول إظهار برها الذاتي وصلاحها الفريد. ( 3 ) ومنهم من يجد في نفسه الرغبة في استماع الأحاديث عن أخبار الضعفات والانتقادات والهزء بالغير أكثر من الحديث عن تعضيدات كلمة الله وتشجيعها للضعفاء والمغلوبين على أمرهم. ( 4 ) ومنهم من يسوءُه الاستماع إلى نصائح الذين يعظونه عن الغفران، والمسامحة، والابتعاد عن لوم الآخرين وتجريحهم، وتكرار الثلب بمناسبة وبغير مناسبة، واستبدال ذلك بمساعدة الآخرين على تجاوز صعوباتهم. ( 5 ) والأسوأ من هؤلاء جميعًا ذلك الذي يسعى كي يدمّر شخصيات الآخرين باتهاماته الباطلة، أو بالغمز واللمز والاستهزاء، لكي يقيم على أنقاضهم بنيان شخصيته المهلهلة، ثم يحاول تثبيت أركانها بتأليف القصص والأقوال من نسج خياله سعيًا للتعالي على غيره مهما كان الثمن الذي يتكلّفه الآخرون في سبيل ذلك. ثانيًا: العوامل المسببة له ( 1 ) الكبرياء والتشامخ، هذه الصفة التي يحملها البعض وهي بغيضة في نظر الله، "الَّذِي يَغْتَابُ صَاحِبَهُ سِرًّا هذَا أَقْطَعُهُ. مُسْتَكْبِرُ الْعَيْنِ وَمُنْتَفِخُ الْقَلْبِ لاَ أَحْتَمِلُهُ" (مزمور 5:101). وهنا نرى الروح القدس يربط بين الاستغابة والكبرياء بشكل واضح، فالمستكبر يحاول الحطّ من سمعة الآخرين لكي يرفع نفسه. ( 2 ) الفضول، وهو مسيطر على طبائع الكثيرين للتلهّي بأمور الغير، وهو خصلة موجودة كثيرًا في شرقنا الأوسط، فينظر المرء إلى جاره مثلاً، ماذا يأكل أو يشرب أو يلبس... إلى لائحة طويلة من الانتقادات والمواصفات لإشباع رغبة دفينة في النفس. ( 3 ) روح الانتقاد والدينونة. البعض لا يفتأون يوزعون دينوناتهم على الآخرين بسبب وبدون سبب، ولكن الكتاب يقول بصراحة: "مَنْ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ عَبْدَ غَيْرِكَ؟ هُوَ لِمَوْلاَهُ يَثْبُتُ أَوْ يَسْقُطُ" (رومية 4:14). ويقول الرب يسوع في موعظته على الجبل: "وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟" (متى 3:7). ( 4 ) الحسد، وهو أيضًا من أشدّ العوامل التي تؤدي بالمرء للتداخل في أمور غيره حتى العداء، كما فعل إخوة يوسف. لقد نعتوه بـ "صاحب الأحلام"... أبغضوه وقصدوا قتله لولا عناية الله، فباعوه عبدًا وهو من لحمهم ودمهم. وليس أدلّ على ذلك أيضًا من حسد الكتبة والفريسيين للرب يسوع المسيح رغم كل لطفه وإحساناته إلى الكثيرين كما تقول الكلمة الإلهية: "فَجَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ مَجْمَعًا وَقَالُوا: مَاذَا نَصْنَعُ؟ فَإِنَّ هذَا الإِنْسَانَ يَعْمَلُ آيَاتٍ كَثِيرَةً" (يوحنا 47:11). ( 5 ) نقص المحبة، أو لنقل بشكل صريح "البغضة" لأن وجود محبة من نوع ما لبعض الأشخاص ليست محبة في نظر الرب الذي قال: "لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ؟" (متى 46:5). فالبغضة متأصلة في القلب الذي لا يسمح لمحبة الله أن تدخل فتنيره وتنقّيه. ولكن حين تغمره تلك المحبة عندها يصبح رؤوفًا بالآخرين حساسًا لآلامهم، حريصًا على حرياتهم وخصوصياتهم. ثالثـًا: العلاج تقدم لنا كلمة الله صفات العلاج الناجع لذلك الداء الدفين، فتعلمنا أن الإيمان الحق، وتسليم الذات بالكامل للرب، والخضوع التام للمشيئة الإلهية كفيلة بتغيير مسار الحياة، وتهذيب طبائع النفس، وكبح جماح العواطف الخاطئة، وذلك يستوجب: ( 1 ) الصلاة المخلصة الجادة، بكل تصميم وإرادة حقيقية لوضع الذات تحت يد الرب الأمينة والتوسل إليه لامتلاك القلب بالكامل وإخضاعه لسلطانه المطلق. ( 2 ) الإذعان لإرشادات الكلمة الإلهية وتحذيراتها، والتقيّد بما تقرره تلك الكلمة وترك التبريرات والفلسفات التي يختلقها البعض لكي يريحوا ضمائرهم المتعبة، ويستمروا تحت تأثيرات العوامل الموروثة، والتربية المغلوطة والأهداف الشخصية، سائرين على نفس الدرب القديم. ( 3 ) والأهم من كل ذلك، فمن مطاليب كلمة الله المشددة "التواضع"، وليس المقصود بذلك التواضع الظاهري المفتعل، حيث أنك ترى في تواضع بعض الأشخاص قمة الكبرياء. لذا فالتواضع يجب أن يكون بحسب الكتاب: * منهجًا للنفس غير مرتبط بالأوضاع والظروف وغير قابل للاحتمالات أو متعلق بزمن معين أو شخص مقصود أو حالة خاصة. * هدفًا منشودًا ومطلبًا حقيقيًّا يتنامى بواسطة الصلاة والتضرع ويتثبت في العواطف والإحساسات يومًا بعد يوم إلى أن يصبح كاملاً. * عملاً نابعًا من أعماق نفس المؤمن الذي يشعر دائمًا بحاجته العظمى للتمثّل بشخص الرب يسوع المسيح، لا لسبب ما إلا حبًا بالرب وطاعة له حيث قال: "اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ" (متى 29:11-30). فالرب القدير هو الذي يعطينا القوة والاستطاعة للتخلص من الأشياء التي يريد أن ينقينا منها لنصبح أدوات نافعة للسيد منتظرة لقاءه له كل المجد إلى الأبد. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
على ماذا نشكر الله ؟
نحن نشكر الله على الافراح والمسرات ولكن نحن لا نشكره في وقت الضيقات والالام والامراض بل نبقى منزعجين وغير راضين على ما يجري حولنا ولكن ان شكرنا الله على الضيقة ففيها يتمجد اسم الله القدوس ونكتسب عمقا روحيا ونقترب من الله بشخصه فيجب علينا ان نشكر الله لانه انعم علينا بالوجود اولا حيث ان الله غير محتاج لعبادتنا بل نحن محتاجين لربوبيته ويجب ان نشكر الله على الطبيعة التي سخرها لاجلنا ويجب ان نشكر الله المواهب التي اعطاها ايانا ويجب ان نشكره على ايماننا الذي وهبنا اياه ويجب ان نشكره لاننا مازلنا احياء ويجب ان نشكره انه اهدانا بيئة روحية ويجب ان نشكره لانه لا يعاملنا حسب تصرفاتنا ولا يعاقبنا جراء خطايانا ويجب ان نشكره على احساناته ونعمه علينا ويجب ان نشكره على الصحة فالصحة تاج على رؤوس الاصحاء لا نحس بها الا عندما نتمرض ويجب ان نشكره على الخير لذي نراه والذي لا نراه ويجب ان نشكره على نعمة روح الله القدوس التي ترشدنا وتهدينا لاننا هيكل روح الله القدس ويجب ان نشكره على نعمة الفداء اذ احبنا الله حتى بذل ابنه الوحيد من اجل فدائنا و يجب ان نشكره على وعوده لنا في الكتاب المقدس واخيرا نشكره لانه جعلنا ابناءا واحباءا له |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصلاة الربية الابانا " الأبانا " تعتبر 'الصلاة الربّيّة' (أبانا الذي في السماوات ليتقدّس اسمُك...)، كما أسماها، لأوّل مرّة، القدّيس كبريانوس القرطاجيّ (+258)، من أكثر الصلوات التي يتلوها مسيحيّو العالم شهرةً، وذلك أنّها 'الصلاة' التي علّمها يسوع للكنيسة، وأرادها نموذجًا لكلّ صلاة . منذ البدء أبدى آباء الكنيسة اهتمامًا بالغًا بهذه الصلاة، فتركوا تفسيرات كثيرة عنها، وعملوا على إدراجها في الأسرار المقدّسة والصلوات الكنسيّة، وهي موجودة اليوم في جميع صلواتنا الجماعيّة والفرديّة . أوّل مَنْ شَرَحَ الصلاة الربّيّة وأدخلها في ترتيب سرّ المعموديّة هو العلاّمة ترتليانوس (الذي اعتبرها 'مختصر الإنجيل كلّه'). ثمّ تبعه، في مسعاه، القدّيس كبريانوس الذي كان يطلب من الموعوظين (وهم وثنيّون ويهود آمنوا بالربّ يسوع وكانوا يستعدّون لتقبّل سرّ المعموديّة) حفظها غيبًا وتلاوتها علنًا أمام الكنيسة أثناء قبولهم المعموديّة. حذا حذو ترتليانوس وكبريانوس معظمُ آباء القرن الرابع فأدرجوا هذه الصلاة في خدمة القدّاس الإلهيّ . ففي كنيسة أورشليم، مثلاً، كان القدّيس كيرلّس يشرحها أثناء الخدمة الإلهيّة، ويطلب من المؤمنين تلاوتَها قبل أن يتقدّموا من المناولة، وهذا ما يفعله المؤمنون اليوم . يدّعي بعض علماء التفسير أنّ ثّمّة قرابة بين الصلاة الربّيّة والصلوات اليهوديّة في زمن يسوع من حيث المبنى والمعنى . غير أنّ هذا الإدعاء ليس واقعيًا، لأنّ الصلاة الربّيّة 'لا تتمحور حول خبرة إسرائيل ولا حول الشهادة التي عليه أن يؤدّيها لله...' . ولعلّ أبرز ما يميّزها عن كلّ الصلوات التي قبلها هو تلك الحرّيّة التي تدفع المؤمنين إلى أن ينادوا الله الذي لا يدنى منه: 'أبانا'. ولا يخفى أنّ ترتيب الطلبات فيها ابتكاريّ وله معانيه الجديدة، وهو يميّز تعليم يسوع عن غيره، ونرى أنّه به يعلو على كلّ تعليم آخر ويتخطّاه . الصلاة الربّيّة - على الرغم من صغرها - صلاة غنيّة بمعانيها، وقد وصلتنا عن يد الإنجيليّين متّى (6: 9-13) ولوقا (11: 2-4)، في صيغتين تفترق الواحدة عن الأخرى، بأمور عدّة، ولعلّ هذه الفروقات في الصيغتين تعود إلى الاستعمال الليتورجيّ في كنائس مختلفة. سعى العديد من المفسّرين إلى معرفة أيّ من الصيغتين هو الأقدم فتشعّبت آراؤهم واختلفت. لن ندخل، في هذه العجالة، في مقارنة نصّي متّى ولوقا لنعرف أيّا منهما هو الأقدم، يكفي أن نؤكّد أنّ المسيحيّين الأوائل اقتنعوا بأنّ الأمانة لفكر يسوع أهمّ، بما لا يقاس، من ترداد كلماته تردادًا حرفيًّا. ولا ينفعنا، في هذا المجال، أن نتبع القاعدة الأصعب التي يقول بها المفسّرون، فيما يقارنون بين النصوص، لمعرفة الكلمات التي خرجت من فم يسوع حرفيًّا أو الوصول إلى رواية حدث كما أتّمه. فإذا فضّلنا الصيغة الأقصر لهذه الصلاة، وهي صيغة لوقا (التي يرى بعض أنّها الأصل)، نهمل ما عند متّى من ميزات خاصّة (إيقاع متناسق، عبارات ساميّة...)، قد لا تناسب العقليّة اليونانيّة التي خاطبها لوقا، وربّما دفعته إلى تقصيرها وتكييفها. اعتاد بعض المعلّمين القدماء على تقسيم الصلاة الربّيّة إلى قسمين؛ يقول العلاّمة ترتليانوس: 'ما أروع الحكمة الإلهيّة التي رتّبت هذه الصلاة فبعد أمور السماء (وهي الطلبات الثلاث الأولى) تأتي أمور الأرض وحاجاتها' (ويقصد بذلك الطلبات الأخرى). غير أنّ هذا التقسيم - كما هو هنا - يجب أن نفهمه بتوافقه ومجمل فكر يسوع الذي يدعو إلى عيش الآخرة أوّلاً والعمل على تبيانها 'الآن وهنا' (يقول الربّ: 'اطلبوا أوّلاً ملكوت الله وبّره...') . وذلك أنّ الذي يُرضي الله ليس أن نقدّس اسمه بإخلاصنا له فقط، ولكن بعملنا على خلاص البشر أيضًا (وهذا عينه من دوافع الإخلاص لله). فلا يجوز أن نفهم، مثلاً، أنّ الطلبة الثانية في الصلاة الربّيّة: 'ليأتِ ملكوتُك'، تختصّ فقط برغبة المؤمنين في حلول الملكوت الآتي، لأنّ أولاد الله الحقيقيّين لا يعترفون بمجد الله الأخير فحسب، أو يتـوقون فقـط إلى اليـوم الـذي يملك فيه على كلّ أحبائه 'ويُخضع كلّ أعدائه تحت قدميه'، ولكنها أيضًا (تختصّ) بترجمة إيمانهم ورجائهم في هذا الدهر، وذلك لأنّ مُلك الله - بالنسبة إليهم - هو في خلاص البشر الذي يبتدئ هنا في هذا العالم. وهذا يمنعنا منعًا باتًا مـن التمييز بين ما هـو عموديّ (إرضاء الله) وبين ما هو أفقيّ (الاهتمـام بالناس وحاجاتهم)، إذ كيف نهتمّ بالله إن لم نلقَ أبناءه كأخوة (أنظر رسالة الإنجيليّ يـوحنا الأولى)؟ فالله هو أبونا جميعًا، وفي وعينا لبنوّتنا له يجتمع شوقنا الدائم إلى حلول ملكوته ويقوى عملنا على تقديس العالم. وفي السياق عينه يجب أن نفهم أنّ طلبة 'الخبز الجوهري' لا يتعلّق معناها بالخبز المادّي الـذي نأكله في هـذا العالم فحسب، ولكن أيضًا الخبز السماويّ الذي يعطيه الربّ للذين سيُجلسهم على مائدته الأخيرة 'مع إبراهيم واسحق ويعقوب'، وهي تحثّنا تاليًا على أن نطلب دائمًا جسد الربّ الذي نتناوله في القدّاس الإلهيّ . الصلاة الربّيّة هي صلاة الكنيسة التي أدركت أنّ المسافة بين الأرض والسماء قد زالت، وهي صلاة الغنج الأكبر الذي يهبه الروح القدس للذين يعملون بمشيئة الآب في كلّ زمان ومكان . أبانا كنّا قد قدّمنا الكلام على الصلاة الربّيّة في مقالة آنفة، وسنعمل، بإذن الله، على شرحها في مقالات عدّة. نبدأها اليوم بالتأمل في هذا النداء الحميم والغنيّ بمعانيه الذي يفتتح الربّ به الصلاة، وأعني به: 'أبانا'. ولا نريد، في هذا المقال، أن نخرج عن الخطّ الذي رسمه التراث الأرثوذكسي، وأعني تأكيده القاطع أنّ الله هو فوق كلّ كلام وأبعد من أن تحبسه تحديدات ومفاهيم. ' فإله يمكن إدراكه ليس هو الله'. وهذا يعني أنّ إلهًا نزعم أنّنا نقدر على فهمه، عقليًا، بصورة كاملة، هو إله من اختراعنا، وليس هو الإله الحقيقيّ. غير أنّ هذا لم يمنع تراثنا من أن يؤكّد أيضًا، وفي السياق عينه، أنّ الله الذي لا يسعه مكان أو زمان ولا يمكن وصفه أو رؤية جوهره، هو إله شخصيّ، ومعرفتنا له تحدّدها كشوفاته في التاريخ، وتاليًا إيماننا به ومحبّتنا إيّاه. وذلك أنّ الإيمان ليس هو، في جوهره، حقيقة منطقيّة، بل علاقة شخصيّة وتسليم كامل لمن تنازل وبذل دمه حبًّا بنا. سنحاول، إذًا، بنعمة الله، انطلاقًا من تنازل يسوع ابن الله الوحيد الذي سمح لنا بأن ننادي أباه: 'أبانا'، أن نكتشف - في زمن شيوع اليتم وزوغان الضمير عن المحجّة - عمق هذا النداء الذي يحمل كلّ حقيقة الله، ويبيّن، تاليًا، أسس علاقة البشر بعضهم ببعض. والواقع أنّ بعض الآباء القدّيسين، ومنهم: مكسيموس المعترف وديونيسيوس الأريوباجي ويوحنّا الذهبيّ الفم...، أطلقوا لفظة 'أبانا' على الثالوث القدّوس. فالنداء، في مداه الأوّل، يدلّ، آبائيًّا، على العلاقة التي تربط الله المثلّث الأقانيم، وهو، تاليًا، يُدخلنا عمق معرفته. وليس هذا فقط، وذلك أنّ نداء 'أبانا' لا يضعنا في خطّ عموديّ حصرًا، ولكن أفقيّ أيضًا، أي إنّه لا يدلّنا على هذه العلاقة الثالوثيّة أو يطلب منّا اعترافًا بأنّ الله هو أبو يسوع أزليًّا فحسب، بل أيضًا على كون الله هو أبو جميع البشر، وأنّ ارتباط البشر بعضهم ببعض هو، بيسوع المسيح، ارتباط أخويّ. يقول ثيودورس أسقف مصّيصة في مقدّمة شرحه الصلاة الربّيّة: 'لذلك عليكم أن تقدّموا ما يجب لا للآب فقط، بل عليكم أيضًا أن تسالموا بعضكم بعضًا أنتم الأخوة، وجميعكم في قبضة يد أب واحد'. ويؤكّد القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم، في تعليقه على هذا النداء، هذا الكلام، بقوله: 'وعلاوةً على ذلك، يعلّمنا (يسوع في الصلاة الربّيّة) أن نجعل صلاتنا مشتركة، لمصلحة أخوتنا أيضًا. إذ لا يقول (المؤمن): 'أبي الذي في السموات'، بل 'أبانا' مقدّمًا تضرّعاته من أجل الجسد المشترك، غير ناظر قطّ إلى مصلحته الخاصّة، بل إلى مصلحة قريبه في كلّ مكان'. يختصر هذان البعدان (العموديّ والأفقيّ) كلّ الحياة المسيحيّة ومتطلّباتها. فالله الذي يطلب 'قلب' الإنسان يرفض رفضًا قاطعًا أن يختزل المسيحيّ البشر أخوته بالعِرق أو الطبقة أو الجنس أو الدين أو المذهب أو الثقافة، أو أن يميّز بين البارّ والخاطئ (برأيه طبعًا)، وذلك لأنّ كلّ إنسان، هو 'صورة الله'، والله تاليًا أعطى جميع البشر، بابنه يسوع، نعمة البنوّة، أي وهبهم أن يصيروا 'أبناء الله'. ولعلّ أعمق ما يذكّرنا به نداء 'أبانا'، في سياق هذين البعدين، هو أنّ كلّ صلاة، في عمقها ومداها، هي صلاة جماعيّة، فالذي يصلّي وحده في صومعته أو غرفته... هو يصلّي إلى الإله أبي الجميع، وتاليًا كعضو في عائلته (الكنيسة)، ويريده الربّ أن يعي ارتباطه بأخوته وبكلّ إنسان في العالم، وأن يفعّل التزامه فلا يكون بعيدًا أو متفرّجًا. هذا ما يدلّنا عليه نداء 'أبانا'، وبعد. لا يريدنا يسوع، فيما نخاطب الله، أن نكلّمه بمنطق العهد القديم الذي لم يخلُ من الاعتراف بحنان الله على أولاده (انظر: خروج 4: 22؛ تثنية 32: 6؛ إشعيا 63: 8...، حكمة 3 :9 و 5: 5)، وذلك أنّ العهد الأوّل الذي أعطي في سيناء يلد العبوديّة (غلاطية 4: 24)، وجميع الذين أُخضعوا لشريعة الناموس كانوا عبيدًا (افسس 2 :15)، بل أن نعرف أو أن نقبل أن يقودنا روح الله إلى معرفة كوننا 'أبناء الله' المدلّلين، وأن ننادي الله بالطريقة عينها التي كان يلفظها الأطفال الآراميّون فيما كانوا يتدلّلون على آبائهم: 'أبّا' (أو كما نقول بلغتنا: 'بابا'). لقد نقلنا يسوع الذي يحقّ له وحده أن يخاطب أباه ببساطة كلّيّة وألفة حميمة (متّى 11: 25، 26: 39؛ مرقس 14 :36، 15: 34؛ لوقا 10: 21، 23: 46 وما يوازيها)، بنعمة روحه القدّوس، من حالة الخوف والبعد والجهل، وقرّبنا من الله أبيه، وأعطانا أن نناديه بجرأة الأطفال (بابا) من دون أن تطالنا دينونة (كما تدعونا خدمة القدّاس الإلهيّ). وهذا ما أكّده أحد آباء الكنيسة في القرن الخامس تعليقًا على ما قاله الرسول بولس في رسالته إلى كنيسة رومية، وهو: لأنكم ' لم تتلقّوا روح عبوديّة لتعودوا إلى الخوف، بل روح تبنٍّ به ننادي: أبّا، يا أبت! وهذا الروح نفسه يشهد مع أرواحنا بأنّنا أبناء الله' (أنظر 8: 14-16)، إذ قال: 'حين أضاف الرسول لفظة 'أبّا' علّمنا معنى الثقة التي يتّصف بها أولئك الذين اعتادوا أن ينادوا الله هكذا. وفي الواقع، الأولاد وحدهم يتعاملون مع آبائهم بحرّيّة كبيرة...، فيستخدمون غالبًا هذه اللفظة في التحدّث إليهم'. عندما نصلّي: 'أبانا'، يجب أن نفكّر في وحدة الحياة التي لنا مع الله في المسيح يسوع بالروح القدس، وأن نفكّر تاليًا في أنّ هذا النداء لا يكون نداءنا حقًا ما لم نسمح للروح الذي حلّ في قلوبنا بأن يفيض فينا المحبّة الحقّ للبشر جميعًا، ونقبل أن نكون أداة الشهادة التي ينيرها هو (أي الروح) ويقودها في العالم (رومية 5: 5 أبانا الذي في السموات لا تعني عبارة 'أبانا الذي في السموات' أن الله ليس موجودًا في الأرض، أو كما نقول في طقوسنا ' في كل مكان' (أو انّه بمعنى آخر، محدود في مكان). المسيحيّة الشرقيّة ذهبت إلى أبعد من هذا التصريح، ففي تعليمها، المتعلّق بالتجسّد خصوصًا، أكّدت أن كل مسافة أو فرق بين الأرض والسماء، أو ما هو فوق وما هو تحت، ألغي في المسيح يسوع. ولعلّ الكلام الذي تورده كتبنا المقدّسة، فيما تربط بين التجسّد ونهاية الزمان (غلاطية 4: 4؛ عبرانيّين 1: 2)، خير تعبير عن أنّ كلّ شيء قد 'ابتلع' في المسيح يسوع. فيسوع هو، وحده، في هذا الدهر وفي الدهر الآتي، 'المكان' (إذا جاز التعبير) الذي يتجلّى فيه الله المثلث الأقانيم ويظهر للذين قبلوا حبّه وسيادته. وهذا يمكن توضيحه بتأكيد آخر، وهو أنّ الله الذي هو، في جوهره، 'غير مدنو منه' (قد يكون هذا التعريف هو أحد أهمّ معاني عبارة 'أبانا الذي في السموات') هو إله محبّ (أنظر: إنجيل يوحنّا ورسائله). فالمحبّة هي التي تبسط حقيقة الله الأزلية وكلّ عمله الخلاصيّ في التاريخ. وهذا يعني أنّ قلب الإنسان هو مسكن الله الحقيقي، 'إنّ ملكوت الله في داخلكم'، يقول يسوع (لوقا 17: 21). ولعلّ كلامه الوارد في إنجيل يوحنّا يوضح ما نريد قوله هنا، وهو: 'إذا أحبّني أحد حفظ كلامي فأحبّه أبي ونأتي إليه فنجعل لنا عنده مُقامًا' (14: 23). فالقلب البشريّ هو، في العمق، سماء الله الحقيقيّة، وما سنقوله في ما يلي هو تفصيل لهذه الثوابت . يعرف العارفون أنّ عبارة 'الأب الذي في السموات' كانت، في التقليد العبريّ، في زمن يسوع، تدلّ - رغم ندرة استعمالها - على تسامي الله وتعاليه وبآنٍ على قدرته وسلطانه في الأرض وعلى 'كلّ الساكنين فيها' (مزمور 24: 1). ولا يخفى أنّ محرّري العهد القديم أبدوا تحفظًا واضحًا في استخدام لفظة 'أب' للدلالة على الله، وذلك خلافًا لديانات الشرق الأدنى القديم التي الآلهة في أساطيرها آباء عن طريق الإنجاب. الله، في العهد القديم، هو 'أب'، ولكن عن طريق الاختيار (اختار الله إبراهيم ونسله)، وهذا الاختيار يبيّن محبّته وحمايته شعبَهُ ويفترض، تاليًا، طاعة الشعب وأمانته لله. والعبرانيّون، في كلّ حال، ما كانوا يجترئون على التلفّظ باسم الله أو مناداته بدالّة في صلواتهم الشخصيّة (فهذا عندهم يسيء إلى تسامي الله). أمّا يسوع ابن الله الوحيد الذي أتى ليحرّرنا من العبوديّة وينتشلنا من كلّ بعد وجفاف وخوف، فقد علّم أتباعه أن ينادوا أباه بحرّيّة ودالّة: 'أبانا الذي في السموات'، وذلك أنّه أراد أن يكشف أنّ الله هو أب حنون ومترئف لا بإسرائيل فحسب، ولكن بالبشر جميعًا. لقد فتح يسوع باب الملكوت لجميع البشر، وألغى كلّ مسافة وعرق وجنس ولغة، وذلك لأن السماء لا تظلّل أناسًا دون غيرهم، وأكّد، تاليًا، أنّ ما يطلبه الله من البشر جميعًا هو أن يثقوا برحمته وقدرته وأن يحيوا أخوة مع البشر كافة. هذا ابتكار ابن الله المتجسّد الذي يمكّننا من فهمه وقبوله الروح القدس الذي نلنا مواهبه في المعموديّة. فالروح، في الأخير، هو الذي يعطينا أن نعرف الله أبًا، وأن نكتشف قوّة الخلاص الذي تمّ من أجلنا 'ونوجّه حياتنا وجهة تتعالى عن حدود الأرض' فنرتقي بمحبّته إلى السماء. و'السموات' موطن المؤمنين، ومنها ينتظرون 'مجيء المخلّص الربّ يسوع المسيح الذي سيغيّر هيئة جسدنا الحقير فيجعله على صورة جسده المجيد...' (فيلبّي 3: 20و21). يقول ثيودورس أسقف مصّيصة في شرحه هذه الصلاة: ' أريدكم (أعضاء كنيسته) أن تقولوا أبانا الذي في السموات 'حتّى تتمثّل أمام عيونكم، في الدنيا، الحياة السماويّة حيث أعطي لكم أن تنتقلوا يومًا. فإنكم - قد نلتم التبني - صرتم مواطني السماء. أجل هذا هو المقرّ اللائق بأبناء الله'. وهذا أحد أهمّ أبعاد الإيمان المسيحيّ، وذلك أنّ المسيحيّين الذين يرتبطون ارتباطا صميمًا بمن 'يسكن في النور الذي لا يدنى منه' (1 تيموثاوس 6: 16)، هم يعيشون في الأرض بموجب قانون موطنهم الحقيقيّ (السماء) الذي هو في قلوبهم. ولا يعني هذا أنّ المسيحيّين يحتقرون العالم أو ينفصلون عنه، ولكن أنّهم في العالم وليسوا منه، وأنّ خصوصيّتهم تكمن في رسالتهم وفي كونهم، وهم في حيّز هذا الوجود، يعبدون 'الأب الذي في السموات' بإخلاص كلّيّ لا يشوبه تقاعس أو غشّ، إخلاص يفسّره إيمانهم وطاعتهم، وتاليًا رفضهم كلّ إغراء يصدر عن إبليس أو عن الذين يتبعونه. فيا 'أبانا الذي في السموات' أعطنا أن نفهم حبّك وتنازلك وتعاليك لئلا نحتجزك في الأرض ونقفل عليك، فنقفل حينئذٍ على حالنا. هبنا روحك القدّوس لنعرف أنّك وحدك في قلبنا مالكًا وأنّنا بابنك الحبيب ارتقينا، وارتقى العالم كلّه، من الأرض إلى السماء. ليتقدّس اسمك تبدأ الطلبة الأولى في الصلاة الربيّة بدعوة المؤمنين إلى تقديس اسم الله (والاسم، في التقليد الكتابيّ، هو الشخص ذاته). ويدلّنا سياق هذه الصلاة وبآن الكتب المقدّسة (انظر مثلا: إنجيل يوحنا 17) على أن اسم الله هو الآب نفسه. في العهد القديم عرّف الله عن نفسه بقوله: 'أنا يهوه، هذا هو اسمي' (خروج 3 :14-15، 6: 2-3). واسم 'يهوه'، في اللغة العبريّة، ليس، كما يقول أتباع بدعة 'شهود يهوه' اليوم، اسمًا علمًا، ولكن صفة، ويعني 'الكائن' أو 'الذي يكون' (الطبعة اليسوعيّة للكتاب المقدّس ترجمت حرفيًا هذه العبارة، هكذا: 'أنا هو مَن هو'). فإذا قال الله: 'أنا يهوه'، فهو يدلّ على كيانه الذي لا يُدرك، وبآنٍ على ما يكشفه في تجلّياته وفعله في التاريخ وأمانته لشعبه (يستعمل العبرانيّون عادة، تجنّبًا للتلّفظ بالاسم المقدّس الذي أوحي به الله لموسى، عبارات أخرى، مثل: الأزليّ، السيّد، الكليّ القدرة، السموات، القدّوس والمبارك...). ولا يأتي هذا الاسم (يهوه) في الكتب المقدّسة - وهو غير وارد في العهد الجديد، الا إذا قبلنا، وعن حقّ، أن اسم 'يسوع' يعني، في اللغة العبريّة: يهوه يخلّص - من دون ذكر حدث يتبعه ويكون بمثابة صفة له، يقول الله مثلا: أنا يهوه إلهكم الذي أخرجكم من أرض مصر، أو أنا يهوه إله إبراهيم واسحق ويعقوب... والله، في العهد القديم، يقدّس اسمه عندما يكشف عن ذاته وقدرته: 'أظهر لهم قداسته في ما بينهم'(عدد 20: 13؛ انظر حزقيال 28: 22 ،25، 36: 16-38، 38: 18-23). وهذا ما يدفع الإنسان إلى أن يلتفت نحو الله ويعترف بقداسته فيلتزم عبادته ويمدحه ويسجد له (عدد 27: 14؛ تثنية 32: 51؛ اشعيا 8: 13). والله، تاليًا، عن طريق المفارقة، يدلّ على قداسته حين يشرك الإنسان فيها، يقول: 'كونوا قدّيسين كما أنّي أنا قدّوس'(أحبار 11: 14)، وهذا من باب كبير أيضًا يكشف قداسة القدّوس الواحد. أما في العهد الجديد فالله يكشف عن ذاته بصفته أبًا قدّوسًا (وهذا أكمل كشوفاته في التاريخ)، هو أب لابن وحيد أرسله من أجل أن يخلّص الإنسان الذي انفصل عنه بارتكابه الإثم، وأن يهبه التبنّي ويعيده إليه، وذلك أنّ 'إرادة الله قداسة البشر' (1 تسالونيكي 4: 3)، وهذا يعني أنّه يريد (ويعمل من أجل) أن يلتفت الناس إليه، بمحبّة كليّة، وأن يعلّوا قداسته بقبولهم عطاياه في كلّ أقوالهم وأعمالهم (أنظر: أفسس 1: 3 و4)، وأنّه يريدهم، تاليًا، أن ينشروا قداسته في الأرض، أو، كما يقول القدّيس كيرلّس الإسكندريّ في شرحه هذه الطلبة، أن 'يشفعوا من أجل كلّ سكّان الأرض'. ويسوع هو قدّوس الله، وقد قدّس الكنيسة لمّا مات عنها (يوحنا 17: 19؛ افسس 5: 26 وعبرانيين 9: 13، 10: 10،14 ،29، 13: 12). ولمّا وهبها الروح القدس خصّصها لله إلى الأبد (فعل ' قدّس' يعني، في اللغة العبريّة حرفيًّا: 'فصل'، 'ميّز'، أو أيضًا 'كرّس')، فالروح نفسه هو الذي يقودها، في التاريخ، لتثمر القداسة ولتكون 'أمّة مقدّسة' (1 بطرس 2: 5)، 'ومملكة كهنة' (رؤيا 5: 10)، ولتعرف ذاتها واحدة، وتعلن قداسة الله بلا انقطاع (رؤيا 4: 8). يوازي تقديس اسم الله تمجيده (علمًا أن الفعلين غير مترادفين). وهذا، في زمن يسوع، لم يكن يعني قط 'إجلال الله وتسبيحه، بل الشهادة حتّى إراقة الدمّ' كما يؤكّد اللاهوتي الأرثوذكسي أوليفييه كليمان. يقول القدّيس يوحنا الذهبيّ الفم: 'جدير بالذي يدعو الله أبًا أن يصلّي لا ليطلب شيئًا قبل مجد أبيه، بل أن يحسب كلّ الأشياء ثانوية بالنسبة إلى عمل تسبيحه'، ويتابع بقوله: إنّ السيّد يأمر من يصلّي 'أن يطلب تمجيد الآب أيضًا بحياته'. وهذا عينه ما أوحى به ثيودورس أسقف مصيصة في تعليقه على هذه الطلبة، إذ قال: 'قبل كل شيء افعل ما يوفّر المديح لله أبيك'. وهذا الكلام يوسّع آفاق التمجيد، وذلك لأن الصلاة تُظهر صدقَها حياةُ الناس الشاهدين للحقّ (الأمينين حتّى الدمّ) فهي (الصلاة) ليست كلامًا فحسب، ولكنّها أيضًا سلوك وإخلاص. والله يستعمل هذا الإخلاص ليأتي بالعالم البعيد عن الحقّ إلى تمجيده، وفق قول السيّد المبارك في عظة الجبل: 'هكذا فليضئ نوركم (أي إخلاصكم لله الذي تعيشونه في شركة الكنيسة) للناس، ليروا أعمالكم الصالحة، فيمجّدوا أباكم الذي في السموات' (متى 5: 16). أمّا إذا أتينا نقيض هذا فإنّنا نسيء إلى الله وقداسته، 'أي إنّ كلّ الغرباء عن إيماننا يقولون عنّا، وهم يشاهدوننا منصرفين إلى أعمال سيئة: ليسوا أهلاً لأن يكونوا أبناء الله'، كما يقول أيضًا ثيودوروس أسقف المصيصة. لقد أوحينا أنّ موقف يسوع الذي قاده إلى الصليب هو أكمل إعلان لقداسة الله، ولعلّ هذا يكشف لنا السبيل الحقّ الذي يجب أن يسلكه المؤمنون ليقدّسوا اسم الله. فالموت عن كلّ إثم هو نوع من أنواع الإخلاص الذي يُظهر، بقوّة، هذه القداسة. فالله، في الأخير، يُعرَف وتظهر قداسته في المؤمنين الذين لا يساومون على محبّته. ويبقى هذا، في سياق تنازل الله، دلالة ساطعة، في التاريخ، على أن الله حيّ ومخلّص كل الذين يمجّدونه ويشكرونه، وانه قدّوس في ذاته وفي الذين يعملون بحبّهم ودمهم 'من أجل خلاص العالم'. ليأتِ ملكوتك أو ' ليأتِ روحك القدّوس'، كما يقول نصّ قديم لإنجيل لوقا. وملكوت الله هو قوّة الله ونوره وفرحه ونعمته وملكه.... ولقد بدأ حقًّا، حسب شهادات الكتب المقدّسة، في التاريخ الخلاصيّ (ولو أنّ الشرور، في كلّ وجوهها، مازالت موجودة في العالم)، وهو سيُعلَن كاملاً في اليوم الأخير، وفق الوعد الصادق. في الطلبة الأولى صلّينا ' ليتقدّس اسمك'، وتقديس اسم الله، كما بيّنا معنى العبارة في مقالة آنفة، هو الذي يحضّ المؤمنين على أن يستعجلوا حلول ملكوته كاملاً. غير أنّ هذا لا يعني، حصرًا، أنّ إخلاص المخلصين هو الذي يدفع الله إلى أن ينهي 'أزمنة الناس'، فقد يكون العكس هو الصحيح (أنظر: لوقا 8: 18؛ متّى 24: 12)، بل إنّ حياتهم الصادقة هي، في جوهرها، كشف لهذا الملكوت العظيم وامتداد له. والواقع أنّ يسوع ردّد، في بدء كرازته، ما قاله يوحنّا المعمدان قبله ( والأنبياء عمومًا تناولوا، بوجه خاصّ، موضوع 'مُلك الله'...)، وهو: ' توبوا فقد اقترب ملكوت الله' (متّى 3: 2-4: 17 وما يوازيها). وهذا - في نداء يسوع - يعني أنّه حضر. أن نؤمن بحضور الملك يعني أن نقبل ملكوته وننتسب إليه. فليس ملكوت الله أرضًا أو سماء، ولكنّه شخص المسيح الذي 'فيه صرنا أبناء'، كما يقول أوريجانس. وليس هو، تاليًا، حدثًا أخرويًّا فحسب، وذلك أنّ 'ما لم تره عين أو تسمع به أذن أو يخطر على بال بشر' (1كورنثوس9: 2)، يمكن أن يذوق المؤمنون ومضاته هنا في هذا الدهر، وأن يمتشقوا إلى كماله، وذلك في طاعتهم برَّ الله وفي نشوة الأسرار المقدّسة وحياة الشركة. لقد ظنّ بعض الناس أنّ يسوع جاء ليؤسّس مملكة أرضيّة. وفي الواقع أراد بعضهم أن يختطفوه ليقيموه ملكًا (يوحنّا 15 :6). المفاهيم القديمة (الحروب والويلات والاستعمار الرومانيّ...) ساهمت في هذا التفكير واستعجال اليوم الأخير. وذلك أنّ الناس الأتقياء تجعلهم الأزمنة الرديئة أن ينتظروا تغيير أوضاعهم، أو أن يُبطل الله، بحضوره، الزمان والمكان ليحلّ عدله. والعبرانيّون ذاقوا قديمًا خبرة حكم الله، وقد أعطاهم الله - بعد أن ألحّوا عليه - أن تكون أرض إسرائيل مملكة زمنيّة يحكمها ملك يمثّل الله. وكانت السقطة. وتتالت الخيبات. فزاد شغفهم بالرجاء الآتي، وانتظار ذلك اليوم الذي يكون فيه الله 'الكلّ في الكلّ'، يوم يعود ويحكم هو نفسه ملكًا على شعبه ويوفّر لهم حياة ملؤها الخير والبركات. جاء يسوع، وأسقط كلّ المفاهيم المغلوطة. ورفض رفضًا قاطعًا اقتراح إبليس الذي عرض عليه أن يملك على 'جميع ممالك الدنيا ومجدها' (متّى8: 4 و9). وكشف أنّ 'مملكته ليست من هذا العالم'(يوحنّا 18: 36). وأدان كلّ تحريف أو ترقّب للملكوت الأخير ليس مؤسّسًا على 'السهر' (اليقظة) وطاعة الله. وذلك أنّه أراد أن يكشف مرّة وإلى الأبد أنّ الملكوت فيه، وليس هو شيئًا آخر. ولعلّ أصرح تعبير عن حقيقة الملكوت الذي أتى يسوع يعلنه 'ومكانه' (إذا جاز التعبير)، هو قول الربّ في إنجيل لوقا: 'ملكوت الله في داخلكم' (17 : 21)، وهو يريد أن يقول إنّ المؤمنين بي يشدّهم حبّهم إلى الملكوت الآتي، أو إنّ حبّهم ذاته يجعلهم يذوقون، في هذا الدهر، ما يرجونه في اليوم الأخير، أو، بلفظٍ آخر، هم الذين يدركون أنّ الهدف الرئيس في حياتهم هو أن 'يمتلكوا الله في نفوسهم'، وهذا، كما يقول الأب ليف (جيله)، لا يعني أن يحتجزوه 'في حياتهم الشخصيّة الضيّقة'، ولكن أن يعملوا ويناضلوا 'لكي ينشروه في ما حولهم'، وذلك أنّ الله الذي لا تهمّه الممالك والسلاطين يطلب قلوب البشر، فهو جاء من أجل البشر ومات عنهم لمّا أسلمه اليهود للصلب، وحكم عليه العالم، وهزأ به وعيّره، والحقّ أنّ العالم قضى على نفسه لمّا مات ابن الله على الخشبة. ما من شكّ في أنّ نصر يسوع كان فيه، هو مَلَكَ لمّا 'ذُبح'، وأضاء سلطانه نورًا ساطعًا وخبت كلّ أنوار العالم، وكان مكتوبًا فوق رأسه علّة الحكم: 'هذا يسوع ملك اليهود' (متّى 27: 37). لقد حكى يسوع الملك قصّته في هذه الطلبة وكشف سرّه. وهل أحلى من الصلاة عندما تكون حكاية؟ تكلّم يسوع كثيرًا، في أمثاله، على هذا الملكوت المدهش الذي فيه (استعمل يسوع عبارة 'ملك الله' 90 مرّة من أصل 120 في العهد الجديد)، وكشف أنّه عطيّة الله (يسوع هو عطيّة الله) وأنّه موهبة مجّانيّة يغدقها الله بابنه على الذين يوافقون بطاعتهم إرادة الروح ويحيون بعمقٍ فاعلٍ شركة الكنيسة (محبّة الله و الأخوة). نعم، إنّ يسوع حقّق ملكوته بإتمامه تدبير أبيه، ونحن ننتظر أن يظهره تامًّا في يومه، ولهذا نصلّي برجاء كبير: ' آمين! تعال أيّها الربّ يسوع' (رؤيا يوحنّا 22: 20). غير أنّ تعاليم يسوع حول الملكوت تبيّن، تاليًا، أنّ أنوار هذا الملكوت المدهش تضيء في العالم الذي مازال البشر فيه يريدون للشيطان سلطة، وذلك ليعرف الجميع أنّ كلّ إنسان - مهما عظمت خطاياه - قادر، إذا شاء حرًّا أن يرمي عنه رداء العار، على القيام والتجدّد، وذلك لأنّ نور الربّ يشرق على 'المقيمين في بقعة الموت وظلاله'. حين يصلّي المسيحيّون 'ليأت ملكوتك' فهم يوجّهون أبصارهم نحو اكتمال الملكوت راجين اعتلانه هنا بتقويض سلطة إبليس وخلاص البشر. ولكنّ هذا، في كلّ حال، لا يعني أنّ هذا الاكتمال المجيد يتعلّق بجهود البشر المخلصين الذين لا يحكمهم، في الدنيا، شرّ أو صنم، ولا يقبلون أن يلطّخوا شرف الآب وحكاية ابنه. فهؤلاء يعرفون أنّ اكتمال الملكوت سرّ يحفظه الله، وهم في وسعهم، بالشوق، أن يرجوا حضوره كاملاً، وأن يهيّئوا قلوبهم، بودّهم وإخلاصهم، لاستقبال هذا الملكوت الأخير الذي افتتحه يسوع بمجيئه وقيامته. لتكن مشيئتُكَ كما في السماء كذلك على الأرض ليست مشيئة الله في السماء 'إرادة حقوقيّة'، بل هي 'خلاص العالم' (راجع: يوحنّا 6 : 39- 40؛ وأفسس 1: 3 - 10)، أو كما يقول اللاهوتي الأرثوذكسيّ المعاصر أوليفييه كليمان: هي 'دفع تدفّق حياة، ما يعطي الوجود ويجدّده عندما يتيه'. وهذه المشيئة كشفها الله الآب، في ملء الزمان، في ابنه يسوع الذي لم يكن فيه 'نعم ولا، بل نعم وآمين' (2 كورنثوس 1 : 19)، وهي التي تطيعها الملائكة في السماء (مزمور 103: 20)، وتعلّيها صلوات القدّيسين (رؤيا 11: 4)، وهي، في الأخير، ما يريد الله أن تظهر في الكنيسة المجاهدة قبل أن يستقبلها في ملكوته الأخير بعد أن تكون قد تخلّصت من كلّ ما يناهض مشيئته. والله الذي بيّن صدقه وحبّه علانيةً يفعل ما يشاء باستقلاليّة تامّة وقدرة مطلقة. غير أنّ قصده يتحقّق، في العالم، من خلال جوابنا نحن البشر وطاعتنا له كأبناء أحبّاء. فهو يريدنا قدّيسين (1تسالونيكي 4 : 3). ولقد أعطانا روحه ليقوّم تقاعسنا ويقوّي فينا كلّ عزم لنكون موافقين وعاملين 'في سبيل رضاه' (فليبي 2: 13؛ عبرانيّين 13: 21). لقد رأينا في طلبتَيْ: 'ليتقدّس اسمك' و'ليأتِ ملكوتك'، أهمّيّة أن يكون الإنسان منفتحًا على متطلّبات الله في حياته. وهنا، في هذه الطلبة، نجد المعنى عينه، وذلك أنّ مشيئة الله لا تتمّ في الأرض كلاميًّا فحسب، ولكن بالفعل أيضًا، أي بطاعة الحياة. هذا ما أظهره يسوع 'في ضيعة يقال لها جثمانيّة' (متّى 26: 42 وما يوازيها)، إذ صلّى قبل آلامه بثقة كاملة واستسلام كامل وحرّ لمشيئة الله أبيه، استسلام هو، في حقيقته، تعبير عن خضوعه لأبيه وتواضعه أمامه (قال: لتكن مشيئتك لا مشيئتي). الربّ، في هذا النزاع الأخير، لم يطلب أن ينجّيه أبوه من الموت القريب، بل أراد أن يدلّ على تجاوبه وإرادةَ أبيه. وهذا ما يطلبه الربّ من الذين يرغبون بأن يعرفوا الله مخلّصًا وقدّوسًا: أن يتشبّهوا بيسوع فيثقوا بالله مهما كانت ظروفهم صعبة، ويبتعدوا عن كلّ شرّ يهاجمهم ويصلحوا أنفسهم دائمًا على ضوء رحمته ومحبّته (أنظر: رومية 12 : 1- 2). ما يبيّن، إذًا، أنّنا قَبِلْنا هذه الطلبة هو أن نتخلّى عن مشيئتنا. وذلك لأنّ 'من يتخلَّ عن مشيئته فهو قدّيس'، كما يقول أبونا البارّ يوحنّا السلّميّ (المقالة 9/17). وهذا (أن نتخلّى عن مشيئتنا) لا يعني، بالطبع، أن نكون بلا مشيئة، ولكن أن تصبح مشيئة الله هي إيّاها مشيئتنا. فالذين يطلبون مشيئة الله حقًّا هم أولئك الذين لا يقيمون وزنًا لما في هذا العالم من مغريات، وهم الذين مهما اشتدّت عليهم التجارب والمحن، لا يهادنون ولا يساومون على الحقّ، بل يقبلون النعمة التي أعطيت لهم بالمسيح الذي خلّص العالم من كلّ شرٍّ وموت لمّا استسلم كلّيًّا لمشيئة أبيه. يقول القدّيس كيرلّس الإسكندريّ: 'أولئك الذين يتوسّلون في صلواتهم أن تتمّ مشيئة الله على الأرض، ينبغي بالضرورة أن يحيوا هم أنفسهم بلا لوم، وألاّ يبالوا بالأمور الأرضيّة، بل أن يتحرّروا من كلّ دنس، ويقفزوا خارجًا من حفرة الإثم 'مكمّلين القداسة في خوف الله' (2 كورنثوس 7: 1). لا يُكرهنا يسوع على شيء، فهو لا يطلب منّا أن نقبل إرادته غصبًا عنّا، ولكن بحرّيّة تامّة. والحرّيّة هي صورته فينا. يريدنا أن ننفذّ إرادته لأنّه ربّنا، ولأنّه يعرف مصلحتنا أفضل منّا. لا يُكرهنا الله على شيء، لأنّنا أبناؤه، ولسنا عبيدًا. العبد ( قد) لا يقتنع دائمًا بما يريده سيّده، ولو نفّذ إرادته. أمّا الابن فيعرف أنّ أباه يحبّه فيطيعه في كلّ حال، ولو قسا عليه يعرف أنّ قسوته وجه من وجوه حبّه إيّاه. صحيح أنّ الأبرار يستعبدون أنفسهم لله (لوقا 17: 10)، ولكنّه هو لا يراهم عبيدًا، بل أبناء، يقول يسوع: 'لا أدعوكم عبيدًا بعد اليوم، لأنّ العبد لا يعلم ما يعمل سيّده. فقد دعوتكم أحبّائي لأنّي أطلعتكم على كلّ ما سمعته من أبي' (يوحنّا 15: 15). ولعلّه من المفيد أن نذكر أنّ بعض علماء التفسير رأوا أنّ عبارة 'كما في السماء كذلك على الأرض' لا ترتبط بهذه الطلبة حصرًا، ولكن بما سبقها أيضًا. وهذا ما أوحى به قديمًا العلاّمة أوريجانس بقوله: 'يمكننا أن نفهم عبارة متّى (كما في السماء كذلك على الأرض) بمعنى أوسع. فالصلاة المطلوبة منّا هي كالتالي: ليتقدّس اسمك كما في السماء كذلك على الأرض، ليأت ملكوتك كما في السماء كذلك على الأرض، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض. فاسم الله قدّسه سكّان السماء؛ وملك الله أقيم فيهم؛ وإرادة الله تحقّقت فيهم. فكلّ هذه الأشياء التي هي ناقصة لسكّان الأرض، بوسعها أن تتحقّق إذا عرفنا أن نكون أهلاً لأن يستجيب الله لنا'. غير أنّ هذا التوسّع، يجب أن لا يولّد لنا، كما يقول الأب ليف (جيله)، فيما نتلو هذه الطلبة 'تأثيرات خاطئة'... لأنّه لا يمكن أن تجري مشيئة الله على الأرض تمامًا وكمالاً كما هي في السماء، وذلك لسبب بسيط، وهو أنّ الأرض ليست كاملة، أبديّة، نهائيّة كما هي السماء. الأرض مسيرة أمّا السماء فغاية. الأرض مؤقّتة تتكامل باستمرار وتتحسّن بغير انقطاع. أمّا السماء فهي نهاية، تكميل، كلّيّة. ولكن بين تحقيق المشيئة الإلهيّة في السماء وتحقيقها على الأرض تجاوب وتناظر وتقابل. إنّ السماء نموذج الأرض، أو بكلمة أصحّ هي إكمال وتتميم ذلك الذي يبدأ على الأرض'. في الأخير، تكشف لنا هذه الطلبة خلاص الله الـذي صالح، بمـوت ابنه وقيامته، السماء والأرض (السماويّين والأرضيّين) ووحّدهما به. هذه هي مشيئته التي خالفها الجـدّان الأوّلان في الفـردوس فأُخرجا خارجه بعيدًا عـن الله، والتي جاء يسوع متجاوزًا كلّ حدودٍ ومسافةٍ وضعتهما الخطيئة ليعيدنا إلى الله أبيه. وهو ينتظـر دائمًا أن نعمل نحن رضاه لتسـود مشيئته فـي الأرض، ليكون في الأرض نور السماء وحبّها وإخلاصها. خبزنا الجوهريّ أعطنا اليوم ثمّة جدل كبير ومعقّد بين علماء التفسير حول ما تعنيه لفظة 'جوهريّ' (epiousios) في هذه الطلبة. والواقع أنّ هذه اللفظة، التي استعملت في العهد الجديد حصرًا في الصلاة الربّيّة، يمكن أن تعني، في أصلها اليونانيّ، حسب اشتقاقاتها المتنوّعة: الخبز الضروريّ للعيش ( خبزنا اليوميّ )، الخبز من أجل المستقبل، أو خبز الغد...، أو الخبز الجوهريّ. وهذا المعنى الأخير هو الذي تستعمله كنيستنا الأرثوذكسيّة وتجده أكثر توافقًا وسياق الصلاة الربّيّة. ومع أنّ كلّ حصر لا يرى في هذه الطلبة سوى طلب الحاجات الأرضيّة هو ناقص، فإنّ طلبة الخبز الجوهريّ لا تهمل طلب حاجات الإنسان الضروريّة للحياة. وذلك أنّ الله الذي يحضّ المؤمنين على أن يطلبوا أوّلاً ملكوت الله وبرّه (متّى 6: 33)، يحمل أتباعه على أن يدركوا جوده وإحسانه هنا في حياتهم دائمًا، وأن ينتظروا منه كلّ شيء بثقةٍ لا تتزعزع. فإذا قال الربّ صلّوا: 'خبزنا... أعطنا'، فهو يريد منهم أن يتوجّهوا إليه معترفين به إلهًا وسيّدًا على حياتهم، وأن يثقوا بفعله وخلاصه في زمانهم الحاضر. يعلّمنا يسوع، في إنجيله، أن نتّكل على الله وحده في كلّ شيء (اطلبوا تجدوا، اقرعوا يُفتح لكم...). أن نتّكل عليه في كلّ شيء، أو أن نسلّم حياتنا له، هو أن نستلمها منه. نقول 'خبزنا... أعطنا'، والخبز هو من ضرورات هذه الحياة. هو، كما ترى التوراة، عطيّة من السماء وكرمًا من الله يتوّج عمل البشر. يسوع يريدنا دائمًا أن نطلب الخبز، في صلواتنا، من الله أبينا لنتعلّم أن نكون أمامه كالأطفال الذين ينتظرون كلّ شيء منه (متّى 7: 9 وما يوازيها). يقول القدّيس كيرلّس الإسكندريّ في شرحه هذه الطلبة: 'إنّه من الأليق جدًّا بالقدّيسين (أي المسيحيّين) أن يسعوا بكلّ جهد ليحسبوا مستحقّين العطايا الروحيّة. ولكن من جهة أخرى ينبغي لنا أن نفهم أنّه حتّى إذا ما كانوا يطلبون مجرّد الخبز العاديّ، إلاّ أنّه لا لوم عليهم البتّة في ذلك إذا كانوا يسألونه من الله حسبما يدعوهم المخلّص أن يفعلوا هكذا، لأنّ هذا يليق بتقوى حياتهم'. أن نطلب، إذًا، من الله خبز اليوم أمر يقينا من الاتّكال على ذواتنا حصرًا، أو أن ' ننهك أنفسنا باهتمام اليوم التالي'. فيسوع لا يريدنا أن نهتمّ بالغد أو بأيّ ملك أرضيّ، بل أن نؤمن بعناية الآب المطلقة (متّى 6: 25- 34)، بعنايته بنا 'اليوم'. وهذا ما يؤكّده أيضًا القدّيس كيرلّس بقوله: ' فالربّ إذ أوصاهم أن يسألوا من أجل الخبز، أي من أجل خبز يوم واحد. فهذا برهان واضح على أنّه لا يسمح لهم بامتلاك أيّ شيء، بل يطلب منهم أن يمارسوا الفقر اللائق بالقدّيسين'. ويقول أيضًا: 'إذًا فلنسأله ونحن ' ملقون كلّ همّنا عليه' (1بطرس 5: 7) ما يكفي لحياتنا، أي الطعام والكساء وكلّ ما يقوم بأود الحياة متجنّبين كلّ رغبة في الغنى. لأنّ ذلك يهدّد حياتنا بالدمار، وإن كانت هذه هي إرادتنا فإنّ المسيح يقبلنا ويباركنا'. عناية الله الآب بنا حقًّا 'اليوم' بيّنها يسوع بخاصّة في حادثة تكثير الخبز في البريّة (متّى 14: 14- 21)؛ الخبز الذي قدّمه أصلاً أناس من أجل غيرهم؛ فتكون، تاليًا، إرادة يسوع في تعليمنا أن نطلب الخبز هي أن نتحسّس جوع الآخرين وقلقهم وأن نطعمهم من 'خبزنا'، أن نسدّ جوع أخوتنا المنتشرين حولنا وفي العالم من عطايا الله. فهذه الطلبة لا تسمح للمسيحيّ بأن يعتقد أنّ الخبز الذي يطلبه من الله هو خبزه الشخصيّ فحسب، بل 'خبزنا' أيضًا، أي خبزه وخبز أخوته في آنٍ. ولعلّه من المفيد جدًّا أن نذكر هنا ما كتبه أوليفيه كليمان في شرحه هذه الطلبة، إذ قال: إنّ 'التقاسم يجب أن نمارسه أوّلاً ما بين إنسان وإنسان، عائلة وعائلة، ربّما في إطار رعايانا التي من المرغوب فيه أن تصير تقريبًا جماعات(شركويّة) رعويّة حقيقيّة. علينا أن نضع تصميمًا لذلك في محيطنا، أن نحبّذ الوصول إلى تحقيقه في مواقفنا المدنيّة، على صعيد الأمّة، في احترام الغريب، المهاجر واستقباله، لا لكي نتمثّله، بل بالمحافظة على ثقافته، إن رغب في ذلك. وعلى صعيد البشريّة التامّة، أكرر أيضًا ذلك. نستطيع أن نحلم، أن نقترح، أن نحدّد بدقّة نظامًا اقتصاديًّا عالميًّا. نحن بحاجة إلى علماء اقتصاد صارمين وواقعيّين، ولكن قادرين أيضًا على أن يضعوا علمهم في خدمة الصلاة'. ويتابع متوجّهًا إلى الله بقوله: 'أعطنا، نحن، جميع البشر، الخبز الضروريّ، وليكن أيضًا خبز الملكوت، خبز الحلم الأخويّ (المودّة الأخويّة) والجمال'. يرفعنا هذا القول الأخير إلى أن نرى في طلبة 'خبزنا الجوهريّ أعطنا اليوم' معنى أعمق من طلب الحاجات الأرضيّة، لأنّ يسوع الذي قال 'ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان' (متّى 4: 4) يريدنا 'اليوم' أن نطلب 'الخبز الجوهريّ'، وهذا، كما فهم الآباء عمومًا، يدلّ على كلمة الله التي يقرأها المؤمن في الكتاب المقدّس ويجدها في تعليم الآباء القدّيسين وفي مقرّرات المجامع المسكونيّة، وعلى 'الخبز النازل من السماء'، أي 'يسوع الإله المخلّص الذي يقدّم لنا جسده ودمه في سرّ الشكر (المناولة)' (كما يقول أوريجانس وكبريانوس وغيرهما)، وعلى خبز الملكوت، خبز مائدة اليوم العظيم الآتي. ثمّة مواقع عديدة، في العهد الجديد، يشبّه فيها الربّ ملكوت الله بمائدة (متّى8: 11، 26: 29، مرقس 14: 25 ولوقا 22: 18؛ رؤيا 19: 9). ذلك أنّه أراد أن ينشد أتباعه أوّلاً الحياة الأبديّة، وأن يعكسوا توقهم إليها في حياتهم اليوميّة، وأن يسمحوا للمحبّة بأن تغلبهم ليسود الملكوت في هذا 'العالم الحاضر الخدّاع' وتحلو الحياة لمن غلبه اليأس، ويرجو. يريدنا يسوع في هذه الطلبة أن نحبّ ملكوت الله، نطلبه ونمتدّ إليه، لأنّه هو وحده الحقيقة الواقعيّة الذي نرى ومضاته في محبّة الله والناس، بخاصّة أولئك الذين وحّد يسوع نفسه بهم وجعلهم مرقاتنا إلى وجهه المنوَّر. واترك لنا ما علينا كما نترك نحن لمن لنا عليه يتكلّم العهد القديم كثيرًا على مغفرة الخطايا. فالله الذي لا يحبّ الخطيئة ويجرحه ابتعاد شعبه عنه وتصلّب رقابهم، هو إله رحيم ومترئّف بشعبه، ويحبّهم كما يحبّ الأب أبناءه والعريس عروسه (هوشع 2: 1؛ إرميا 2: 2؛ حزقيال 16 و23)، وهو يعدهم بالمغفرة والحياة إذا قبلوا دعوته وعادوا إليه بالتوبة (مزمور 31 : 5؛ إشعيا 55: 7-9؛ إرميا 3: 12-14؛ حزقيال 18 : 31-32 وهوشع 14 : 2- 9...). وهذا عينه يتابعه العهد الجديد، فيكشف لنا أيضًا صورة الآب الغفّار والحنون الذي أرسل ابنه إلى العالم لينقذ الناس من شقائهم ويطّهرهم، بموته وقيامته، من خطاياهم ويلبسهم حلّة جديدة، هي إيّاها حلّة العرس. والحقّ أنّ الربّ ترك لنا كلّ 'ما علينا'، لا بل حمله هو (1بطرس 2: 24)، لمّا عُلّق مصلوبًا على رابية من روابي أورشليم. وكشف - على الصليب - أنّ محبّة الله تفوق بما لا يقاس كثرة خطايانا، وأنّ هذه المحبّة تطالنا فعلاً إذا سمحنا لله بأن تسكن رحمته فينا، وتركْنا نحن أيضًا بدورنا ' لمن لنا عليه'. من النوافل القول إنّ من يعترف بأنّ الله رحيم، هو بالضرورة يقرّ بأنّه إنسان خاطئ، وبأنّ الله، تاليًا، قادر على أن يعيد له مكانته الأولى، أي أن يصنعه جديدًا. وإذا فكّرنا قانونيًّا، فإنّ اعترافنا بذنوبنا يعني أنّنا لا نستحقّ مغفرة الله، بل عقابه. ولكنّ محبّة الله تمنعنا من أن نفكّر على هذا المنوال، لأنّ منطقه يخالف منطق هذا العالم وقوانينه. فهو يغفر للناس لأنّه يحبّهم، وليس لأنّ البشر يستحقّون (رومية 5 : 8). وهذا الفعل عينه يريدنا الربّ أن نترجمه مع الآخرين، وذلك أنّ من يقرّ بخطاياه لا يرى خطايا البشر شيئًا. وليس هذا فقط، ولكن أن نعرف أنّ كلّ شرّ يرتكبه أحد بحقّنا، ليس هو بشيء أمام الشرور التي نرتكبها نحن بحقّ الله. يقول القدّيس غريغوريوس النيصصيّ: 'إنّ ديون أخوتنا لنا، لو قارنّاها بتجاوزاتنا تجاه الله، لبدت وكأنّها بضع قطعة نقديّة لا تذكر، يسهل عدّها، قياسًا بالوزنات التي تلقّيناها من الله، وهي لا تحصى' (أنظر مثل 'العبد غير الشفوق'، في متّى 18: 23- 35). فالله يريدنا أن نغفر للآخرين ذنوبهم كما غفر لنا المسيح (أفسس 4: 32؛ كولوسي 3: 13)، وهو يرتّب غفرانه الأخير على أساس غفران البشر بعضهم لبعض. عظمة هذه الطلبة أنّها تحضّ المؤمنين على أن تكون أخلاقهم شبيهة بأخلاق أبيهم السماويّ. وهذا ممكن لا لأنّ الإنسان قادر عليه، بل لأنّ الله الآب نفسه يمكّن أخصّاءه منه. وهذا لا يفهمه الذين يصرّون على سلوك الطرق الرديئة - فهؤلاء لا يمكنهم أن يصلّوا هذه الطلبة أو يسلكوا بموجبها - ولكن الذين انتموا، برضاهم، إلى ملكوت الله. وإذا عدنا إلى موقع الصلاة في إنجيل متّى، نجد أنّ الربّ بعد أن علّم أتباعه هذه الصلاة، قال لهم: ' فإن تغفروا للناس زلاّتهم يغفر لكم أبوكم السماويّ، وإن لم تغفروا للناس لا يغفر لكم أبوكم زلاّتكم' (6: 14- 15). وهذا يفترض أن يتحمّل أتباع يسوع الحقيقيّون، في أحيان كثيرة، الظلم وأن يبتعدوا عن الحقد ويتنازلوا عن كلّ انتقام (أنظر متّى 5: 39- 40). فالرحمة واجبة في كلّ حال، وهي واجبة قبل الذبيحة. وذلك أنّ الله لا يرضى أن يقف أمامه عابدًا من أظلم قلبَهُ الحقد. يقول الربّ: ' فإذا كنتَ تقرّب قربانك إلى المذبح وذكرت هناك أنّ لأخيك عليك شيئًا، فدعْ قربانك هناك عند المذبح، واذهب أوّلاً فصالح أخاك، ثمّ عُدْ فقرّب قربانك' (متّى 5: 23- 24). وهذا يؤكّد أنّ الشركة مع الله تمرّ عبر مصالحة القريب، هذه المصالحة التي لا يؤجّلها أمر ولا حتّى تقديم العبادة لله نفسه. ومن الثابت أنّ الربّ أعطى المغفرة مكان الصدارة في حياة الجماعة، نقرأ: 'فدنا بطرس وقال له: 'يا ربّ، كم مرّة يخطأ إليّ أخي وأغفر له؟ أسبع مرّات؟' فقال له يسوع: لا أقول لك: سبع مرّات، بل سبعين مرّة سبع مرّات' (متّى 18: 21- 22). وهذا يجب أن نفهمه في سياق تصرّفات الله معنا. فالله الذي رحمته كاملة يدعونا إلى الاقتداء به. دونكم هذه القصّة الرائعة التي توضح أهمّيّة المغفرة: 'كان نيكفورس أنطاكيًّا من عامة الشعب التقيّ البسيط. وكان صديقًا حميمًا لأحد الكهنة ويدعى سبريسيوس. ثمّ حدث فتور بين الصديقين فنزاع فانقطاع. ودام ذلك زمانًا طويلاً، إلى أن أحسّ نيكفورس بخطئه فقرّر أن يسعى إلى الصلح. فأرسل بعض الأصدقاء المشترَكين إلى الكاهن مرّة ومرّتين طالبًا صفحه. غير أنّ الكاهن سبريسيوس رفض الاعتذار. ثمّ أرسلهم مرّة أخرى، ولكن من دون جدوى. أخيرًا ذهب نيكفورس نفسه إلى منزل الكاهن يلتمس المغفرة، ولكنّ هذا الأخير كان مصمّمًا على أن يصمّ قلبه عن كلّ اعتذار. وكانت الكنيسة، في ذلك الوقت (أواسط القرن الثالث)، تعاني اضطهادًا مريعًا... فأُمسك الكاهن سبريسيوس وسيق إلى الموت، وخيّره الولاة، قبل تنفيذ القضاء، بين العذاب فالموت وبين أن يجحد المسيح. فأبى أن ينكر الربّ... فعذّبوه، وحكموا عليه بقطع رأسه، وساقوه إلى موضع تنفيذ الحكم. علم نيكفورس بما حدث. فحزن وخاف أن يموت صديقه قبل أن يتصالحا ويتصافيا. فلاقاه على الطريق وانطرح عند قدميه طالبًا أن يغفر له. فازدراه ولم يجبه. فكرّر نيكفورس ما فعله مرّة وأخرى، حتّى إنّ الجنود الذين كانوا يسوقون الكاهن سخروا منه لأنّه يحاول نيل رضا إنسان لا يلبث أن يموت، فلم ينل منه سوى الازدراء. ولمّا انتهوا إلى مكان الإعدام، كانت نعمة الروح القدس قد فارقت ذلك الكاهن الحقود. ولمّا رأى سبريسيوس السيّاف يتهيّأ لقطع رأسه ارتعدت فرائصه هلعًا. فما كان منه إلاّ أن صرخ: 'لا تفعل، فأنا طوع أوامر القيصر وعبد للآلهة'. وقع هذا الكلام كالصاعقة على نيكفورس الذي كان مازال واقفًا ينتظر لعلّه يحظى بغفران الكاهن، واشتعل قلبه بالغيرة المقدّسة وأخذ يصرخ: 'أنا مسيحيّ، أنا مسيحيّ'. فأطلق الجنود سراح الكاهن الجحود الذي لم يطع قول الربّ (متّى 6: 14 -15)، وقطعوا رأس نيكفورس، فنال إكليل الشهادة جزاء تواضعه ومحبّته'. ما هو ثابت في كشوفات الكتب المقدّسة أنّ الله لا يغفر لنا لأنّنا نغفر نحن للآخرين. ولكن لأنّه يغفر ينتظـر أن نغفـر نحن أيضًا. فرحمـة الله أوّلاً تفهمنـا عملـه الخلاصيّ وتحدّد سلوكنـا مع الآخريـن، وهي تعطينـا أن نمتدّ إلى اليوم الـذي سيختار فيه الله مـن تشبّهـوا برحمة ابنه التي هي محكّ الإيمان الصادق والحقيقيّ. ولا تُدخلنا في تجربة لكن نجّنا من الشرّير هي آخر طلبة في الصلاة الربّيّة. السؤال الذي يطرح ذاته، هو: ما هي التجربة التي يطلب المؤمن من الله ألاّ يدخله فيها؟ ويتبعه سؤال آخر عالجته معظم تفسيرات الصلاة الربّيّة، وهو : من هو المجرّب؟ والجواب عن هذين السؤالين سنبيّنه في ما يلي. في الكتب المقدّسة وردت كلمتان متناقضتان بمعنى التجربة، هما: الامتحان والإغراء. الامتحان، هو طريقة تأديبيّة يمرّر الله فيها الإنسان (تكوين 1: 22؛ خروج 15 :25، 16: 4، 20: 20؛ تثنية 8: 2، 16؛ قضاة 2: 22، 3: 1 و4؛ 2 أخبار 31: 32)، لينقّيه كما ينقّى الذهب والفضّة (حكمة 3: 6؛ مزمور 66: 10)، هو (الامتحان)، إذًا، فرصة تساعد الإنسان على أن يكتشف إيمانه وتقوده إلى أن يحيا لله وحده. وأمّا الإغراء فهو حركة تردّد في النفس البشريّة بين النعمة الإلهيّة والخطيئة. المغري دائمًا هو الشيطان (أو الشهوة التي في داخل الإنسان)، وهي، بهذا المعنى، دعوةٌ إلى الموت (يعقوب 1: 13- 15؛ أنظر أيضًا: 1كورنثوس 7: 5؛ رؤيا 2: 10)0 وهذا (الإغراء الذي مصدره الشيطان) هو معنى التجربة في هذه الطلبة. هذه المقدّمة تردّ على الذين يتبادر إلى ذهنهم أنّ الله هو الذي يجرّب (يغري) الناس. فالله قدّوس ولا يمكن أن يعمل عمل الشيطان (سيراخ 15: 11 و12). ولكن، يقول بعض: إنّنا نتوجّه إلى الله في هذه الصلاة، ونقول له: 'لا تدخلنا في تجربة'. جوابنا هو: أنّ هذه العبارة لا تعني لا تجرّبنا، بل تعني، حسب المصطلحات الساميّة: لا تسمح بأن ندخل، أن نقع ونسقط، ويمكننا أن نترجم النصّ اليوناني هكذا: 'لا تجعلنا، أو لا تدعنا ندخل في تجربة. وكأنّنا نقول لله: لا بدّ من أن نُجرَّب (متّى 4: 1، 16: 22- 23، 26: 36 وما يوازيها)، لأنّك تريدنا أن نختارك أحرارًا، فلا تتخلّى عنّا وساعدنا في وقت المحنة، لأنّ الشرّير المغلوب لم يُبطل إغراءه، وأنت يا ربّنا 'نجّنا منه'. وهذا يعني أنّ أحدًا في الأرض لا يمكنه أن يختار الله سيّدًا على حياته ومعينًا له في شدائده ومحنه ومدافعًا عنه في أوقات التجربة إلاّ حرًّا. يقول الأب ليف (جيله): 'الله يفضّل أن يرى محبّته محتقرة ويدوسها الناس من أن يمسّنا ويضغط على حرّيتنا'. بيد أنّ هذه الطلبة تفيد أيضًا، وبشكل خاصّ، ازدياد الشرّ في 'آخر الأزمنة'، حيث يبلبل الشيطان وعبيده أفكار المؤمنين ليوهم الضعفاء بأنّه هو سيّد الكون وعريس الأمّة. وهذه التجربة هي واحدة من أقوى التجارب التي يمكن أن تواجه الإنسان، لأنّها يمكن أن توحي إليه بأن الله يتفرّج على الناس في محنهم ولا يتدخّل. فمن مثل هذه التجربة التي تقود إلى الجحود نطلب النجاة (لوقا 22: 31 و32). ولعلّ هذا ما دفع بعض المفسّرين إلى أن يترجموا هذه الطلبة هكذا: 'أيّها الربّ، احفظنا من الجحود'. وهذا يمكننا أن نشعر بوجوده، في هذه الأيّام، عن طريق الظلم والإباحيّة والشكّ الذي يثيره الألم، وعن اعتبار المسيحيّة إيديولوجيّة، أو مجموعة عادات وتقاليد قديمة، وعن إبدال حياة الشركة بالفرديّة أو الانفلاش أو الاستهتار أو التفرّج، وعن افتتان البشر بالعجائب وصانعيها... ويبقى أنّ هذا المعنى الأخير (ازدياد الشرّ في آخر الأزمنة) يحمل معنى آخر، ولعلّه الأقوى، وهو ما يرتبط بموقف الله الأخير، أي دينونته لكلّ إنسان، وكأنّ المؤمن يقول في هذه الطلبة: لا تجعلني، في يوم الدينونة، عن شمالك. غير أنّ الدينونة هي حكم الله الأخير على حياة كلّ إنسان ومواقفه وتصرّفاته هنا في الأرض. فكلّ سقوط في خطيئة يسبّب لنا، إن لم نتب عنها كلّيًّا، الانفصال عن الله. ولذلك فإنّ الإنسان المؤمن مدعوّ إلى أن ينضمّ إلى يسوع الغالب بموته وقيامته، ليخوض حربًا طاحنة ضد الخصم الأكبر (الشيطان) الذي يسعى إلى استعباد البشر. وهذه الحرب التي لا هوادة فيها سلاح المؤمن فيها غلبة الربّ ذاتها التي نذوق بركاتها في السهر وطاعة كلمة الله والاندماج الواعي في كنيسة خصّصت ذاتها لله. وهذا يفترض إيمانًا عميقًا واتّكالاً كاملاً على الله الذي 'بدونه لا نستطيع شيئًا'. فالله هو الذي يحمي شعبه من إغراء الخطيئة ويدافع - معهم - عنهم ليثبّت في الأرض مخطّط حبّه دائمًا. وذلك لأنّه آب رحيم وقائد الكنيسة وربّانها في بحر هذا العمر الهائج. يقول الرسول بطرس في رسالته الأولى ' كونوا قنوعين ساهرين. إنّ إبليس خصمكم كالأسد الزائر يرود في طلب فريسة له، فقاوموه راسخين في الإيمان، عالمين أنّ أخوتكم المنتشرين في العالم يعانون الآلام نفسها. وإذا تألّمتم قليلاً، فإنّ إله كلّ نعمة، الإله الذي دعاكم إلى مجده الأبديّ في المسيح، هو الذي يعافيكم ويثبّتكم ويقوّيكم ويجعلكم راسخين' (5: 8- 10). ثمّ إنّ الله الأمين في مواعيده لا يسمح بأن يجرَّب الإنسان فوق طاقته (1كورنثوس 10: 13؛ 2تسالونيكي 3: 3). وهذا يعني أنّه يمنحه، في ظروفه الصعبة، نعمة ابنه الحبيب (عبرانيّين 2: 10- 18)، ليتمكّن من أن ينتصر على كلّ شرّ يداهمه. فنصر يسوع الذي تمّ على الصليب هو حاضر في زمان أحبّائه الذين ولدوا من الله لئلاّ يمسّهم شرّ إبليس (1يوحنّا 5: 18)، ويثبتوا على إخلاصهم. يريدنا يسوع، في هذه الطلبة الأخيرة، أن نلتمس من الله الآب عونه ورضاه وحمايته من كلّ شرّ وشرّير يتربّص بنا في العالم. وهذا ما يلتقي وصلاة يسوع التي رفعها إلى الله أبيه من أجل تلاميذه في عشيّة موته، إذ قال: 'لا أسألك أن تخرجهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير' (يوحنّا 17: 15). فلنطلب إلى الربّ، فيما نتلو هذه الطلبة، برجاء كبير، أن يحفظنا هو اليوم وفي كلّ يوم في صلاته ومحبّته ويردّ عنا هجمات الشرّير، لأنّه حبيب الآب الغالب دائمًا. لأنّ لك الملك والقدرة والمجد... تختم الصلاة الربّيّة بتسبيح ليتورجيّ كان المسيحيّون الأوائل يتلونه باطّراد (لأنّ لك الملك والقدرة والمجد أيّها الآب والابن والروح القدس الآن وكلّ أوان وإلى دهر الداهرين، آمين). وهذا التسبيح يخصّ المؤمنين جميعًا، ولو أنّ الكهنة يعلنونه وحدهم في الخدم الليتورجيّة. ما يؤكّده الدارسون أنّ هذا التسبيح غير موجود في المخطوطات القديمة، ولا نجده قبل القرن الثاني المسيحيّ (في كتاب الديداكيّة). غير أنّ أهمّيّته، فيما يدعم استعماله تقليد الكنيسة الحيّ وطقوسها وإيماننا بأنّه يعكس مشيئة يسوع، أنّه يدعونا إلى إتمام الصلاة بالتضرّع إلى الله المثلّث الأقانيم. فبعد أن عظّمنا، في الصلاة التي علّمنا إيّاها يسوع، الله في سماواته وقدّسنا اسمه وطلبنا حلول ملكوته وعاهدنا مشيئته ورجونا فرحه الأخير (هنا في حياتنا أيضًا) وغفرانه وحمايته، نسبّحه، ثالوثًا، كملك وقدير ممجّد، نسبّحه لأنّ إتمام ما قلناه (في الصلاة الربّيّة) يخصّه، لأنّه القادر على أن يساعدنا عليه. فالصلاة الربّيّة لا يمكن لأحد من الناس أن يتمّمها بقدرته الذاتيّة، ولكن بنعمة الله ودعمه. نختم الصلاة، إذًا، بتسبيح. والتسبيح أحد عناصر الصلاة الحيّة وذروتها، أو هو، كما يسمّيه المطران جورج (خضر) 'الدعاء الأكبر' . هو والصلاة يطلبان بعضهما بعضًا ويحرّك أحدهما الآخر. هما معًا يساعدان المؤمن على الارتقاء نحو 'وجه الآب' الكلّي القدرة والجمال. وتسبيح الله على صفاته وعلى صنائعه هو خصوصًا ركيزة رجاء المؤمنين. فكلّما وقفنا، مؤمنين، أمام الله لنسبّحه على حبّه المجّانيّ وملكه وقدرته ومجده، يزداد رجاؤنا فيسكب الله علينا ما يساعدنا على التسبيح مجدّدًا. يبدأ هذا التسبيح بلفظة 'لأنّ'، التي تؤكّد أنّ الله الذي توّجهنا إليه في الصلاة الربّيّة قادر على إعطائنا ما طلبناه، لأنّنا أبناؤه، ولأنّ ما طلبناه هو ضمن إمكاناته. الملك، كما ورد معناه في المزمور 102: 19 ('ملكوته يسود الجميع') يفيد سيادة الله على الخليقة، علينا، كملك، وهو ما رجوناه في طلبة 'ليأت ملكوتك'. وهو الأمر الذي لا يرضى عنه الشرّير الذي طلبنا من الله في الصلاة، بإلحاح، أن ينجّينا منه ومن كلّ تجربة تصدر عنه. فالشرّير يكره التسبيح ويعتبره كذبًا. ويثير المؤمنين محاولاً أن يمنعهم من إتمامه. ولذلك قلنا أعلاه بضرورة أداء المؤمنين هذا التسبيح، لأنّهم بذلك يبيّنون أنّ الشرّير الذي يريد تقويض مملكة الله هو الكاذب، كما وصفه يسوع، ومصدر الكذب، ويبيّنون، تاليًا، أنّ الله هو 'ملكهم قبل الدهور' الذي 'يصنع الخلاص في الأرض' وينقذهم من براثين الشرّير. أمّا قدرة الله فتدلّ، كونها والمجد من صفات ملكه، على سيادته التي يظهرها في إحسانه على خليقته الحرّة. هي ليست قدرة متهكّمة أو متعسّفة، ولكنّها القدرة التي تبيّن أن الله صالح في جوهره وصالح في تدبيره الخلاصيّ. وإذا قلنا لله 'لك المجد' فإنّنا نريد مـن قـولنا أن نؤكّد أنّ الله صانعنا وفادينا. هو، الآن وكلّ أوان وإلى دهـر الداهرين، مجيد في ذاته وفي ما يعمله في العالم. ونريـده أن يكون مجيدًا في قلوبنا التي لا يمـلك عليها إن لم نقدّمها له أحرارًا كأبناء حقيقـيّين. وهـذا يفترض تعهّدًا منّا بأنّنا لن نخون حبّه أبدًا. وأنّنا سنلتزم، ما حيينا، تسبيحه وعبادته في كلّ وقت. ومن قدر على اتّخاذ هذا القرار، بجدّيّة كاملة، يشركه الله في حياته الإلهيّة ويورثه الملكوت الـذي أعدّه لأحبّائه والمخلصين له. ولعلّه من المفيد أن نذكر أنّ موقع الصلاة الربّيّة التي يتلوها المؤمنون في القدّاس الإلهيّ هو بعد استحالة القرابين وقبل تقدّمهم من مناولة جسد الربّ ودمه. وهكذا يكون هذا التسبيح إعلان الكنيسة المجتمعة التي تمجّد الله الحاضر والآتي في آخر الأزمنة. فالإفخارستيا شأنها أن تنبّه المؤمنين أو تذكّرهم بأنّ هذا الملكوت الآتي حاضر الآن وهنا، وهم يمكنهم أن يذوقوه بالشوق والواقع 'الآن' ويقبلوه 'الآن' في اجتماعهم المقدّس. فكنيسة المسيح المجتمعة حوله هي 'المكان' (إذا جاز التعبير) الذي يحضر فيه الله المثلّث الأقانيم بمجده، يحضر ليرفعهم إلى 'فوق'، إلى 'المكان' الذي أعلنوا في الخدمة عينها أنّهم منتمون إليه. كلّما قلنا لله المثلّث الأقانيم: 'لأنّ لك الملك والقدرة والمجد'، فلنذكر أنّه ملك وقدير وممجّد باستقلال عنّا، وأنّ هذا التسبيح يكون صلاتنا الحقيقيّة إذا قبلناه ملكًا وحيدًا على حياتنا، وفهمنا أنّه معيننا ومنقذنا، بقدرته، في أوقات الفوضى وفي كلّ وقت. ولنذكر، تاليًا، أنّنا إذا تخلّينا، في حياتنا، عن كلّ مجد زائل يريد العالم أن يوهمنا أنّه أبديّ، يهبنا الله المجد الحقيقيّ في يوم الفرح الأخير ويعترف بنا أنّنا أبناؤه حقًّ |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
آيات من الكتاب المقدس عن الصلاة
https://images.chjoy.com//uploads/im...b5a83739e7.jpg 1- فدعوا الرب الرحيم باسطين اليه ايديهم فالقدوس من السماء استجاب لهم سريعا" (سفر يشوع بن سيراخ 48: 22) 2- "باركوا الرب يا عبيد الرب سبحوا وارفعوه الى الدهور" (تتمة سفر دانيال 1: 85) 3- "ايها الرب الاب يا اله حياتي لا تتركني ومشورة شفتاي" (سفر يشوع بن سيراخ 23: 4) 4- "اسْمَع يَا رَبُّ صَلاَتِنَا وَتَضَرُّعِنَا، وأنْقِذَنَا لِأجْلَك، وَأَنِلْنَا حُظْوَةٌ أَمَام وُجُوه الذين أَجْلُونَا" (سفر باروخ 2: 14) 5- "صرخ كل الشعب إلى الرب بابتهال عظيم، وذَلَّلوا نفوسهم بالصوم والصلاة هم ونساؤهم" (سفر يهوديت 4: 8) 6- "تضرُّع الفقير يبلغ إلى أذنيّ الرب؛ فيجرى له القضاء سريعاً" (سفر يشوع بن سيراخ 21: 6) 7- "أُبَارِكُ الرَّبَّ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَفِي كُلَّ حِيِنٍ تَسْبِحَتَهُ فِي فَمِي" (سفر المزامير 34: 1) 8- "سَمِعَ الرَّبُّ تَضَرُّعِي. الرَّبُّ يَقْبَلُ صَلاَتِي" (سفر المزامير 6: 9) 9- "مُبَارَكٌ الرَّبُّ، لأَنَّهُ سَمِعَ صَوْتَ تَضَرُّعِي" (سفر المزامير 28: 6) 10- "أَحْبَبْتُ لأَنَّ الرَّبَّ يَسْمَعُ صَوْتِي، تَضَرُّعَاتِي" (سفر المزامير 116: 1) 11- "اَلَّلهُمَّ اِلْتَفِتْ إِلَى مَعُونَتِي. يَا رَبُّ أَسْرِعْ وَأَعِنّي" (سفر المزامير 70: 1) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصلاة بين الصراخ والتمجيد وخرّ عند قدمي يسوع شاكراً المطران بولس المطران حلب "أشكرك يا ربّ لأنّك لم تستجب لي"!!! * الأولى أنّه اكتشف فيما بعد أن طلبه الذي لم يتحقّق لم يكنْ في صالحه، لأنّه لم يكن يعلم آنذاك ما هو صالحه. والآن بعد مرور الزمن ظهر أن الصمتَ الإلهيّ على ذلك الطلب كان دراية بمصلحة هذا الإنسان وعناية به وليس هجراناً وتغاضياً. * أو بالحالة الثانية، أنّه كانت لهذا المسيحيّ درجة من الإيمان بعناية الله وصلاحها وبمحبّة سيده لدرجة، يعرف فيها أن الصمت الإلهيّ أو التلبية في حالتيهما هما الإجابة الإلهيّة الصالحة والموافقة للإنسان. وأن الطلب يعقبه الشكر عليه قبل الإجابة، بغضِّ النظر عن نوعها. الإجابة الإلهيّة هي صالحُنا بغضِّ النظر عن مقدار وكيفية إدراكنا لها. وتتكرر هذه الحالة في حادثة الأبرص العاشر، ففي النصّ الإنجيلي مشهدان: الأوّل هو مشهد صرخة قلبية متألمة متضرعة، بأجمل العبارات، التي أحبها الأدبُ المسيحيّ وتبنّاها الرهبان والعلمانيون كصلاة دائمة "يا يسوع ابن داؤود ارحمنا". والمشهد الثاني هو العبد السامري الذي عاد وشكر، عند هذا المشهد توقف يسوع وأشاد به. تكون الصرخة الصلاة من القلب، وكما يقول القدّيس مكسيموس المعترف، لسببَين: السبب الأوّل هو الشعور بتردّي الوضع البشريّ، أي الملل من ذلك الوضع الذي يضيِّق على الإنسان. وفي حالتنا هنا في النصّ، كان وضع البَرَص مؤلماً جداً. فالأبرص عند اليهود ملعون، ومعزول، ومطرود من المجتمع ولا يُتعامل معه ومحروم من المحبّة. وبَرَصُهُ هذا كان دليلَ خطيئته. فهو إلى جانب وضعه الجسدي المتردي كان يعاني من وضعه الإنسانـيّ والاجتماعيّ المتردي أيضاً. وإذا كان مرض البرص شكلاً من أشكال تردي الوضع البشريّ، فإن أي ظرف آخر لا يقل عن البرص حرجاً وألماً ينـزع من داخلنا صرخة قوية "يا يسوع ارحمني". البرص الروحي، الخطايا الشخصيّة، الآلام الداخلية والنتانة الحقيقيّة، هذه كلّها البرص الحقيقيّ، أعمال الظلمة هي التي تفتك دائماً بكثير من الناس. وهذا البرص الخفي إذا ما عاينه الإنسان في ذاته هو كافٍ ليدفعنا إلى تضرعٍ قلبيٍّ وصلاة حارة. إن معاينة الذات تدفع فينا الرغبة الشديدة لتجديد هذه الذات، وتدفعنا إلى الطلب بحرارة. ولكن من أين لنا أن نعرف ذواتنا، دون الهدوء ومراجعة الحسابات ومراقبة النفس والتصرّفات؟ وذلك كلّه على ضوء وصايا الإنجيل ونموذج حياة القدّيسين، بالإضافة إلى المطالعات الروحيّة الدائمة والاعتراف المتواتر! فهذه كلّها إذن يجب أن تسبق الصلاة لتكون هذه الأخيرة صادقة وصارخة أما السبب الآخر للصلاة الحارة فهو إدراك مقدار العطاء وحجم المحبّة الإلهيّة، كما نجده في المشهد الثاني، لذلك السامري الذي عاد وشكر، فهو ما يلفت انتباهنا ويستحق منا التأمل به. غالباً ما نتوجّه إلى الله مرّات عديدة متضرّعين وسائلين، وعندما ننال سؤالنا، كما حصل مع التسعة البرص السابق ذكرهم، عندما نحظى بما نريد، لا نعود إلى الله شاكرين. يجب ألا تكون "الحاجة" هي المسألة بيننا وبين الله كهدف وغاية. عندما يحتاج الابن يطلب ولكن تلبية هذا الطلب هي مجرّد "علامة" على عناية الأب بابنه. كلّ ظرف بالحياة، من ضيق أو ألم أو احتياج أو فقر أو عوز، هو فرصة توجهنا إلى الله بصرخة قلبية وبصلاة طلب، لكن يجب أن تصير بعدها سبباً "للقاء" مع العناية الإلهيّة ولشكر الربّ. فصلاة الطلب أي الصراخ القلبي يجب أن تقودنا إلى صرخة التمجيد والشكر. لا يمكننا أن نفهم الله كخادم لطلباتنا، بل كمعتن بنا. كلّ طلب يستجاب هو إشارة على تدخل الله في حياتنا وسبب لكي نحوّل صلاتنا إلى الشكر. ظروف الحياة ليست مستقلة بحد ذاتها كغايات، وإنّما هي ظروف نتعامل فيها مع الله فنكتشف حبه وعنايته بنا. صرخة التوجع حين تُستجاب إما بتحقيقها أو بالصمت يجب أن تنقلب إلى تَسبحة. المسألة ليست حلاً لمشاكل أو حاجات. إنّما المسألة هي أن نسير مع الله وأن يسير هو معنا، أنّه عمانوئيل الذي جاء يحمل معنا وعنا أتعابنا. الصلاة الحقيقيّة هي تلك التي تبدأ بالطلب وتنتهي بالتمجيد، وبالعكس كلّ صلاة هي مزيفة إذا لم تنته بالشكر والتسبيح. تبدأ صلاتنا بطلبات إلى الله الذي نتكلّ عليه ويجب أن تنتهي بتسبحة الشكر لله الذي نكتشفه بعنايته أباً وراعياً. نبدأ إذن طالبين أموراً لحياتنا، فنجد ونلتقي حياتنا، التي هي "هو". نبدأ كالتسعة وننتهي كالعاشر. صلواتنا وطلباتنا طريق لمعرفة الله وللقياه والحياة به. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصلاة هي الجواب http://www.peregabriel.com/gm/albums...l_blJ27392.jpg الإنسان بصَلاتِه. لا هو بقواه الفكرية ولا النفسية ولا الجسدية ولا بما يقتنيه. كل هذه تموت. إذاً ليست هي بشيء. عابر سبيل. ليس الإنسان مشروع موت بل مشروع حياة. لو كان الإنسان يولد أصلاً ليموت لما كان هناك معنى لوجوده ولا قيمة. حياته تكون تافهة وموته تافه. في حسّه العميق توّاق هو إلى الحياة. وليس توّاقاً إلى الحياة وحسب، بل ما يسري فيه، في مياهه الجوفية العميقة، يمدّه بتيّار الحياة بلا انقطاع. لو لم يكن مجرى الحياة في الإنسان دفّاقاً لما أمكنه أن يستمر، أن يندفع إلى الأمام، يوماً بعد يوم. لو ملأه حسُّ الموت دون الحياة لتوقّف عن الحياة في الكيان وزال. اذاً الحياة، في الواقع والخبرة، هي ملء الإحساس في الكيان ولو كان الإنسان ليموت. الحياة الأبدية لديه بديهية كيانية. هذا مزروع فيه. هكذا انبرأ. الموت شيء طارئ وليس من طبيعة الإنسان. السؤال هو: من أين تأتيه الحياة وليست له حياة في ذاته إذ كل نفسٍ ذائقةٌ الموت؟ صدّق أو لا تصدّق: من الصلاة! الصلاة هي التي تصله بنبع الحياة الأبدية، بالله. الصلاة هي حبل الصرّة الذي يمدّ الإنسان بالحياة. لهذا السبب بالذات يستبين القول الإلهي بديهياً أنّه "ينبغي أن يُصلَّى في كل حين ولا يُمَلّ" (لو 18: 1). وكذا "صلّوا بلا انقطاع" (1 تسا 5: 17). وإن قلنا صلاة قلنا صلة بالله. وأما الله فوحده يسوع قدّمنا إليه. هو قال: "مَن رآني فقد رأى الآب" و "ليس أحد يأتي إلى الآب إلاّ بي" و"ليس أحد صعد إلى السماء إلاّ الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء". والله، كما كشفه الربّ يسوع، بات واضحاً لعين الإيمان مَن يكون. يسوع كشف وجه الآب وأرسل لنا الروح القدس. من الآن فصاعداً إن قلنا "الله" قصدنا "الإله الواحد"، "الآب والابن والروح القدس". هذا مَن نصلّي إليه. هذا مَن بتنا على صلة به. ليس أنّ الله واحد أو ثلاثة في العدد، أو واحد وثلاثة في آن معاً. الله لا يُعدّ لأنّه لا يُحدّ. الوحدة هي الملء وفوق الملء والكمال والتمام. الوحدة هي الجوهر الواحد، هي الطبيعة الواحدة. لذا كل ما في الآب وللآب والابن والروح القدس واحد. ومع ذلك هكذا تجلّى: آباً مميَّزاً عن الابن مميَّزاً عن الروح القدس بلا اختلاط ولا تشويش. هذا هو الإله الواحد الذي نصلّي إليه، إذاً. وهذا انكشف بيسوع. فمَن ليس له الابن ليس له الآب أيضاً ولا له الروح القدس. على هذا، من بعد يسوع، متى قلنا "الله" قصدنا "الآب والابن والروح القدس"، أو قصدنا "الآب" أو "الابن" أو "الروح القدس" وفق ما يُستدَلّ من سياق الكلام. وحتى لو قصدنا "الآب" أو "الابن" أو "الروح القدس" فإنّ الثالوث يبقى حاضراً كلّه لأنّه ليس أيٌّ من الأقانيم قابلاً لأن يكون معزولاً عن الأقنومَين الباقيين. هذه المداخلة كانت لازمة لنعرف مَن نصلّي إليه. الصلاة إلى الله، بالمعنى العام للكلمة، لم تعد كافية. إذاً ليست كل صلاة صلاة. الموضوع ليس موضوع فرْض. الموضوع موضوع وداد وصلة بإله تعرف مَن يكون لأنّه انكشف لك. على هذا نقول إن غاية الحياة البشرية هي الانوصال في المحبّة بالله، آباً وابناً وروحاً قدساً، وأداةُ هذا الانوصال هي الصلاة. الصلاة، بهذا المعنى، هي أهم عمل يمكن أن يقوم به الإنسان وأكثر الأعمال قربى إلى قلب الإنسان لأنّ الصلاة، ووحدها الصلاة، هي الجواب على شوق الإنسان وتوقه ونزوعه إلى الحياة الأبدية. ولأنّ الصلاة هي على هذه الأهمية المركزية في حياة الإنسان فإنّ كل شيء يعمله الإنسان هو إما تهيئة للصلاة وإما ثمرة لها، كل شيء بلا استثناء. اسمعوا هذه النبذة من سيرة البار نيقيطا الكييفي المتوحّد المعيَّد له في 31 كانون الثاني: هذا استقامت سيرته في وقت لاحق، ولكن في مطلع سعيه وقع في تجربة قاسية. كان يريد أن يصل إلى الرفعة بسرعة. طلب من الله موهبة صنع العجائب. احتال عليه عدوّ الخير. ظهر له إبليس كأنّه ملاك. أول ما قاله له: "لا تصلِّ. فقط اقرأ الكتب لأنّك من خلال الكتب سوف تجد نفسك في حوار مع الله وسوف تتمكّن من إسداء النصح للناس الذين يأتون لزيارتك". وانطلت على نيقيطا الحيلة. توقّف عن الصلاة واستغرق في القراءة حتى لمع. درى الآباء القدّيسون بأمره فصلّوا وطردوا إبليس من أمامه فنسي كل ما كان يعرفه من الكتب. حتى القراءة نسيها بالكلية...". أوردتُ لكم هذه النبذة لأقول لكم كل ما يُبعدكم عن الصلاة إلى الله ليس من الله بل من الشيطان، عدوّ الخير. قد يخطر ببالكم فكرٌ يقول لكم يكفيكم أن تعملوا أعمالاً صالحة. هذه تعادل الصلاة، لا بل هي أهمّ منها. لا تصدّقوا! إذا لم تَصُبَّ أعمالكم، مهما كان ظاهرها برّاقاً، في الصلاة فإنّها لا تنفعكم شيئاً ولا تعطيكم الحياة الأبدية. من دون صلاة، في أعمالكم، ولو بدت خيِّرة، الكثيرُ من الهوى والكبرياء والمجد الباطل، من حيث تدرون ولا تدرون. لو كانت أعمالكم نقيّة حقّاً، لكانت تدفعكم، بصورة تلقائية، إلى الصلاة. لو كانت لمجد الله فعلاً، ولخير الآخرين دون تباهٍ، لما أمكنها إلاّ أن تحرِّك نفوسكم إلى الصلاة لأنّ الصلاة هي كمال الأعمال الصالحة. الصلاة هي ثمرة الروح القدس لكم. لذلك نقول، استطراداً، إنّ كل ما يصرفكم عن الصلاة من أعمال وأفكار، كقراءة الكتب والأعمال الإنسانية والنشاطات المختلفة هي مشروعات نفسانية فكرية أهوائية تصبّ في فخاخ عدوّ الخير. لا تُضحّوا بالصلاة مهما كانت الاعتبارات لديكم لأنّ الصلاة هي الجواب وهي الحلّ لكل هَمّ ولكل مشكلة. كل شيء تعملونه اعملوه بروح الصلاة. وتذكّروا ما قلتُه لكم: كل الأعمال والتدابير في حياتكم إما أن تكون تهيئة للصلاة أو ثمرة لها. فإن داومتم على أموركم اليومية بهذا الفكر نفعتم أنفسكم دنيا وآخرة وتيسَّرت أموركم، وإن ضحّيتم بالصلاة لكل عمل أو نشاط فإنّكم تتعبون عبثاً ولا تنتفعون شيئاً. لا تنسوا: الإنسان صلاة. بالصلاة يصير إنساناً وبدون الصلاة يتحوّل آلة أهواء وشهوات |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عظة عن الصلاة للقديس يوحنا الذهبي الفم يجب على المرء أن يطوب كل من خدموا الله وأن يتمثل بهم لسببين: أولاً: لأنهم وضعوا كل رجاء خلاصهم في الصولات المقدسة. ثانياً: لأنهم حفظوا ما كتبوه في التسابيح والعبادات التي قدموها لله برعده وفرح نقالين لنا بذلك كنوزهم الروحية هذه جاذبين كل الأجيال التالية إلي غيرتهم المقدسة. فمن الطبيعي أن ينتقل سلوك المعلمين لمن يعلمونهم وأيضاً من الطبيعي أن يتشبه المتعلمون بسلوك المعلمين وفضائلهم حتى نحيا في صلاه وعبادة لله وتفكير دائم في إرداته فالحياة والغنى والسعادة هي أن نصلي لله بنفس نقيه غير دنسه فكما أن الشمس هي نور لعيني الجسد، هكذا الصلاة هي نور للنفس فإن كانت تعتبر خسارة فادحة ألا يرى الأعمى الشمس فكم بالحرى تكون الخسارة عندما لا يصلى المسيحي دائماً أو لا يقدس نفسه بنور المسيح بواسطة الصلاة؟!. كيف لايندهش ويعجب الإنسان لهذه المحبة التي أظهرها الله لنا مانحاً إيانا كرامة كبيرة جتى جعلنا مستحقين أن نصلي إلأيه ونتحدث معه. حينما فإننا نتكلم مع الله آخذين طبيعة الملائكة وبهذا يتضح أننا نختلف كثيراً عن الحيوانات غير العاقلة. فإن كانت الصلاة هي عمل الملائكة إلأا أن الصلاة في ذاتها هي أظم من الملائكة إن حديثنا مع الله هو عمل يفوق عمل الملائكة: وكون الصلاة هو أمر يفوق الملائكة فهذا ما نعرفه منهم عندما يقدمون صلواتهم في خوف ورعدة، معطين إيانا إمكانية أن نعرف ونتعلم أنه عندنا نقدم صلاة إلي الله فيجب أن تكون بمخافة وفرح. فمن ناحية نقدمها بمخافة معتبرين أنفسنا غير مستحقين أن نتحدث مع الله. ومن ناحية أخرى نقدمها بملئ الفرح بسبب ما أعطانا من كرامة عظيمة إذ أن جنسنا البشري الفاني قد نال مثل هذه النعمة العظيمة حتى أنه يتمتع دائماً بالحديث مع الله والذي من خلاله نتجاوز وضعنا كمائتين وزائلين. فمن جهة إننا بحسب الطبيعة مائتين ومن جهة أخرى فإننا دخل إلي الحياة الأبدية بالحديث مع الله ونحن نثق أن من يصلي إلي الله يرتفع فوق الموت وكل فساد. وكما أننا عندما نتمتع بنور الشمس لا نكون في ظلام هكذا عندما نتمتع بالحديث إلي الله عن طريق الصلاة، فلا نكون بعد في حالة فساد وبسبب عظم هذه الكرامة الموهوبة لنا فإننا نعبر إلي الحياة الأبدية. إن كل الذين يتحدثون إلي الملك يأخذون كرامة منه، ولا يمكن أن يبقوا بعد فقراء وبالأكثر جداً فإن أولئك الذين يصلون إلي الله ويتحدثون معه لن تكون لهم نفس فاسدة فهذا أمر مستحيل فموت النفس هو في عدم التقوى والإنغماس في الخطية وعكس ذلك فإن إنتعاش النفس هو في الصلاة إلي الله وهذه الصلاة تنعكس على السلوك الروحي. إذن فحياة البر والصلاة تنير نفوسنا وتغنيها بأسلوب فائق. أيحب أحد البتولية؟ أيريد أحد أن يكرم العفة داخل الزواج؟ أيريد أحد أن يكبح غضبة وأن يعامل رفيقه بلطف ورقة؟ أيريد أن يكون نقياً من الدنس؟ أيشتهي أحد الأمور المستقيمة؟ فالصلاة هي التي تجعلنا نسمو وهي التي تصقل حياتنا وتجعل طريق التقوى أسهل وأيسر لأنه عندما نطلب من الله علفه أو قداسة أو وداعة أو كرامه فلا يمكن أبداً أن تذهب طلباتنا سدى يقول الكتاب: " إسألو تعطوا أطلبوا تجدوا إقرعوا يفتح لكم" ( متى7:7 ) وأيضاًً يقول" لأن من يسأل يأخذ ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له" ( لو11:10) وفي موضع آخر يقول" فإن كنتم وأنتم أِرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيده فكم بالحري الآب الذي من السماء يعطي الروح القدس للذين يسألونه " واضح من هذا الكلام وبهذا الرجاء أن الرب يحث الجميع على الصلاة ونحن من جانبنا يجب أن نخضع لله وأن نعيش دوماً بالتسابيح والصلوات وأن نهتم جداً بالصلاة لله. وبهذا نستطيع أن نحيا الحياة التي تليق بالإنسان والنفس التي لا تصلي ولا تشتهي أن تتمتع بالإنسان والنفس التي لا تصلي ولا تشتهي أن تتمتع بالعشرة الدائمة مع الله هي نفس بلا حياة وهي غير حكيمة. أيوجد برهان على الجهالة أكثر من هذا عندما نتجاهل حجم هذه الكرامة التي صارت لنا بالصلاة؟ ألا نعرف أن الموت الحقيقي للنفس هو عدم الصلاة إلي الله؟ إن جسدنا يصير ميتاً عندما تغادره النفس ويصير نتناً هكذا فإن النفس عندما لا تتجه للصلاة تكون مائتة وتسعة ونتنة فتجاهل الصلاة هو الموت ذاته وهذا ما علمنا إياه النبي العظيم دانيال الذي فضل أن يموت على ألا يحرم من الصلاة ولو لثلاثة أيام لأن ملك الفرس لم يأمرة أن يجدف لكن فقط راقبة ثلاثة أيام ربما يصلي إلي إلهه وليس إلي الملك. عندما تفارقنا القوة الإلهية يختفي كل صلاح من نفوسنا في حين أن قوة الله تحتضن أتعابنا وتيسرها وذلك عندما يرانا الله محبين للصلاة ومنتظرين الخيرات السمائية على الدوام. إذن فعندما رأى شخصاً غير محب للصلاة ولا تحترق نفسه شوقاً إليها فيتضح لي أن هذا الإنسان لا يملك في نفسه شيئاً من الكرامة وعندما أرى شخصاً متعطشاً للصلاة ويعتبر أن الإهمال الدائم للصلاة هو من ألأمور المميتة للنفس أستنتج أنه يحيا كل فضيلة وهو هيكل حقيقي لله. الإنسان المتعقل يظهر من سلوكة: كيف يتزين كيف يمشي كيف يفتح فاه ويضحك كما يقول سليمان الحكيم بالأكثر فإن الصلاة والسجود لله هي علامة القداسة الكاملة هي الزينة الإلهية والروحية التي تنثر البهاء والجمال الفائق في إنساننا الداخلي وتهذب حياة كل منا ولا تدع أي شيء غير لائق أن يسود داخلنا، مقنعه إيانا أن نهتم بالأمور الإلهية أكثر من أي شيء أخر وتعلمنا أن نطرد عنا كل حيل الشرير ملقين كل الأفكار غير اللائقة وتجعل نفوسنا رافضة للمتع الشريرة. هذا هو إفتخارنا الذي يكلل كل من يؤمن بالمسيح هو أل نستعبد لأي شيء مضل وأن نحمي نفوسنا في حرية وحياة تقوية نقية. يتضح لي إذن وهو أمر جلي لكل أحد أنه لا يصح أن يحيا الإنسان بدون صلاة وفضيلة وأن الصلاة تكمل مسيرة الحياة. لكن كيف يمارس الإنسان الفضيلة لو لم يأت ويلق بنفسه على واهب الفضيلة ومانحها؟ وكيف يشتهي أحد أن يكون عفيفاً ونقياً دون أن يتكلم بفرح مع ذاك الذي يطلب منا هذه الأمور وأمور أخرى أكثر منها! وأريد أن أخبركم إننا إن كما ممتلئين بالخطايا أي شيء أعظم وأفضل من الصلاة- فهي الدواء الفعال لكل مرض داخل النفس فأهل نينوي قديماً غفرت خطاياهم بالصلاة أمام الله لأنهم عندما داوموا على الصلاة صاروا أنقياء والمدينة التي كانت مشهورة بالفجور والشرور وحياة العبث تحولت جذرياً بالصلاة منتصرة على العاداتل القديمة وتزينت بالشرائع السمائية مزادنة بالعفة ومجبة الناس واللطف والعناية بالفقراء. لأن الصلاة لا يمكن أن تلازم النفس دون أن تؤثر على كل سكان المدينة وهي أيضاً عندما تسكن نفس الإنسان تملأه بالتقوى وتنمية في الفضيلة طاردة الشر خارجاً. لهذا لو أن شخصاً ما دخل مدينة نينوي وكان يعرفها جيداً من قبل فإنه سوف لا يعرفها بعد توبتها. هكذا تحولت المدينة فجأة من تلك الحياة غير اللائقة إلي حياة التقوى مثل إمرأة فقيرة كانت تلبس ملابس ممزقة بالية لو رآها أحد فيما بعد مزينة بملابس ذهبية، سيجد صعوبة في التعرف عليها. هذا ما حدث مع هذه المدينة. لأ، من يعرف فقر المدينة وخلوها من كنوز الروح سوف لا يعرف أي مدينة هذه التي يراها الآن والتي إستطاعات الصلاة أن تغيرها بهذا الشكل وأن تقود سلوكها وحياتها نحو الفضيلة فالمرأة التي قضت كل حياتها في الفجور والزنا حصلت على خلاصها بمجر أن وقعت على أقدام المسيح إن الصلاة لا تطهر النفس فقط لكنها أيضاً تصد عنها أخطار كثيرة، فعلى سبيل المثال أن الملك والنبي الرائع داود أنقذ من حروب كثيرة ومخيفة بواسطة الصلاة وهي الوسيلة الوحيدة التي قدمها لجيشة كسلاح مؤكداً لجنودة للحصول على ألإنتصار دون أن يتحركوا أو يبذلوا جهداً، الملوك الآخرون إعتمدوا في آمالهم للحصول على النصر على خبرة ضباطهم وعلى ضاربي السهام المشاة والفرسان. بينما نجد أن داود العظيم قد بنى جيشة بالصلوات المقدسة غير مكترث بغرور ضباطه ولواءاته وفرسانه وغير جامع للأموال ولا صانع لأسلحة ولكنه أحضر قوات سمائية من المساء إلي الأرض- وهذه الأسحلة الإلهية الحقيقية هي الصلاة والملاذ الوحيد لأولاد الله. إن قوة ودراية المسلحين وضاربي السهام، وخبارتهم ومكرهم تظهر مراراً أنها أمور باطلة أمام الشجاعة التي يظهرها الطرف الآخر. في حين أن الصلاة هي السلاح الروحي والحماية الأكيدة التي تصد ليس محارباً واحداً بل ألوية كثيرة, هكذا فإن داود العظيم عندما أتى إليه جليات مثل شيطان مخيف طرحه أرضاً لا بسلاح ولا بسيف لكن بالصلاة. فكما تمثل الصلاة سلاحاً قوياً بالنسبة للملوك في المعارك هكذا تمثل لما أيضاً سلاحاً قوياً ضد محاربات الشياطين. إن الملك حزقيا هزم الفرس في الحرب دون أن يسلح جيشه لكنه وقف للصلاة في مقابل جموع محاربيه. وهكذا تجنب الموت إذا أنه إرتمى بورع وخشوع في أحضان الله وأعطى مرة أخرى حياة للملكة بالصلاة فقط. فكون الصلاة تظهر النفس الخاطئة فهذا ما علمتا إياه العشار الذي طلب من الله الغفران وأخذه ، وعلمنا إياه أيضاً الأبرص الذي شفي عل الفور بمجرد أن إرتمى في أحضان الله. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صلاة التوبة للقديس أفرام السوري "أيها الرب وسيد حياتي، أعتقني من روح البطالة، والفضول، وحب الرئاسة، والكلام البطال. وأنعم علي أنا عبدك الخاطئ بروح العفة، واتضاع الفكر، والصبر، والمحبة. نعم يا ملكي وإلهي، هبني أن أعرف ذنوبي وعيوبي، وأن لا أدين إخوتي، فإنك المبارك إلى الأبد" هي صغيرة بالحجم ولكن مليئة بالقوة والعمق الروحي، نظَمها كاتب التسابيح القديس أفرام السوري الشاعر والناسك الكبير، المدعو "قيثارة الروح القدس"، وأعطتها الكنيسة مكانة هامة في ليتورجيتها وخاصة في فترة "الصوم الكبير" قال أحد الآباء الروحيين عن هذه الصلاة: "أنا أرددها على مدار السنة في قانون صلاتي اليومي، وأنصح كل المسيحيين، أن يقوموا بالمِثل. لأنه بتردادها تعطي روح التواضع والتوبة والتميز الروحي، إذ تمتلك نعمة كبيرة من الله ". وسنتطرق نحن أيضا لهذا الأمر متعمقين بفحوى صلاة القديس أفرام السرياني وممارستها كما هو معروف تُرَدَّد هذه الصلاة في كل فترة الصوم الكبير بالترافق مع ثلاث سجدات كبيرة، ما عدا يومي السبت والأحد. فالكاهن مع الشعب (الذين يسمح وضعهم الصحي) يسجدون، وهم يتفوّهون بها، ثلاث سجدات كبيرة نرى من فحوى صلاة القديس أفرام أننا نصلي لله أن يحمينا من أربع أرواح شريرة: روح البطالة، الفضول، حب الرئاسة والكلام البطال، أي أربعة أهواء، وبعدها نبتهل إليه أن يمنحنا أربعة أرواح خيّرة: روح العفة، اتضاع الفكر، الصبر والمحبة، أي أربعة فضائل. ومن الواضح أن الأرواح الشريرة الأربعة ليست إلا: "أجناد الشر الروحية في السماء" (أفسس 12:6). التي تحاربنا بدون توقف. و حيث أن الأهواء ليست إلا علامات لعبودية الإنسان لهذه الأرواح الشريرة. فلنصلي لله أن يساعدنا كي لا نقع في عبوديتها، عبودية الشيطان، الذي يريد أن يوصلنا إلى الموت الأبدي. وأما الأرواح الخيّرة، فليست هي إلا مواهب الروح القدس التي نلناها بالمعمودية بمسحة الميرون المقدس والتي يسميها أشعياء النبي: "روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب". (أشعياء 2:11). نطلبها من الله، ونرجوه أن يساعدنا كي تكون فاعلة فينا. + + + تحدَّث كثير من الآباء عن الأهواء والفضائل، ومنهم: القديس أفرام، القديس يوحنا الدمشقيوالقديس يوحنا السلمي...الخ، ويقولون بأن لها أسماءٌ كثيرة. وكما أن الأشكال التي يمكن أن يأخذها الشر لا تنتهي، كذلك قدرة الإنسان لفعل الخير غير محدودة. هكذا يحدد البار بطرس الدمشقي عدد الأهواء بما لا يقل عن 298 وعدد الفضائل بـ228 (الفيلوكاليا). ومن الطبيعي أن نتساءل لماذا حدد القديس أفرام فقط أربع من هذا العدد الكبير من الأهواء والفضائل؟ ولماذا قام بتحديد هذه دونَ غيرها؟ للإجابة على هذه التساؤلات سنتوقف عند كل واحدة من الأهواء والفضائل المذكورة في صلاة القديس أفرام :ش روح البطالة: ليست هي البطالة الجسدية البسيطة. إذ خُلق الإنسان منذ البدء ليعمل، وعمله هو حاجة طبيعية، لتأمين حاجاته: طعام، لباس، مسكن.... القديس أفرام يتحدث عن بطالة أكثر عمقاً، تلك التي تمنع الإنسان من تطبيق الوصايا الإلهية. يقول القديس مرقص الناسك: "الله حاضر في الوصايا" ويظهر في حياتنا أكثر كلما عشنا متمّمين وصايا. بالتالي، تطبيق الوصايا هو حالة الإنسان الجديد، الذي هو على صورة الله، و مدعو للقداسة ويكون إلهاً بالنعمة. وإذا لم نحقّق ذلك يكون السبب الكسل والبطالة، تلك البطالة التي تعارض تقدم الإنسان الروحي، وتؤدي لذبوله أو حتى لموته الروحي. الفضول: هو علامة العبودية للمادة، التي تلصقنا بالأرضيات، ومرتبط بالبطالة ومخالف لتتميم الوصايا، يسعى لانشغالات وهمية بالكامل مع العالم الخارجي، وللاهتمام بأمور كثيرة، ليعيش الإنسانُ الأفراحَ ويبتعد عن الأحزان. وبحسب القديس مكسيموس إن التمتع بالماديات والكسل هو هدف الإنسان ذي الأهواء الكثيرة وموضوع اهتمامه الدائم. وبالمقابل يوصي الآباء بـ "عدم الاهتمام بالدنيويات" وأن يكون الاهتمام الوحيد للإنسان هو الخلاص. حب الرئاسة: هو روح الشر الذي يفسد علاقتنا بالقريب، إذ يدفعنا إلى تجاهله ونجعله أداة رخيصة ووسيلة للربح. يُحطُّ من قيمة الآخرين، واضعاً إياهم من مرتبة الأشياء. يقول السيد المسيح إن القيمة الحقيقية للإنسان ليست المكانة التي يحتلّها بل الخدمة التي يقوم بها: "من أراد أن يكون فيكم عظيماً فليكن لكم خادماً" (متى 26:20). خدمة القريب هي وصية كتابية وعمل عظيم: هي خدمة إلهية. نجد أن حب الرئاسة مرتبط بـ"الفضول". بالحقيقة عندما يكون اهتمام الإنسان مرتبط بالماديات، يتحول لشيء أو أداة لا قيمة لها.ش الكلام البطال: يقول القديس يوحنا السلمي بأنها الحط من أهم نِعَمْ الله للإنسان: موهبة الكلام. إذ يُظهر الكلام البطال فساد العالم الداخلي للإنسان، والذي ينتقل للآخرين ويفسدهم. وهو "عرش المجد الباطل، ونتائج الشهوة والفساد" لذلك يقول لنا السيد أننا في يوم الدينونة سنعطي حساباً عن كلامنا: "ولكن أقول لكم إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين" ( متى 36:12). ولهذا يفضِّل الآباء القديسون الصمت الذي هو لغة الدهر الآتي (القديس إسحاق السرياني). بعد أن قمنا بتعريف بسيط لكل واحدة من هذه الأرواح الشريرة نرى وبنظرة بسيطة ثانية إليها أنها مرتبطة ببعضها البعض أيضاً، مولِّدةً حالة من الانحطاط والانهيار للإنسان المستسلم لها. فمن البطالة وعدم الاهتمام بالخلاص، يتعلق الإنسان بالفضول، ومنها يسقط في حبّ الرئاسة، وبعدها لا يقيم حساباً للآخر بل يُحطُّ من قيمته، ويبلغ به المطاف إلى أن لا يهتم بذاته بسبب انشغاله بالكلام البطال.ش يشير الآباء القديسون إلى أنه يوجد مبدأ جوهري لتقدُّم الحياة الروحية هو حفظ طهارة الضمير في أربع اتجاهات: http://www.peregabriel.com/gm/albums...al_32222~0.jpg نحو الله، حافظين وصاياه. نحو القريب، الشيء الذي يصوننا من كل شيء يعاكس محبتنا للقريب. نحو الأشياء، مستخدمين إياها وفق الغرض الذي خُلِقت من أجله، أي وفقاً لحاجاتنا. نحو ذواتنا، ضابطين الأهواء ومستخدمين المواهب، التي أخذناها من الله، بشكل جيد.ش هذه الاتجاهات الأربعة التي تحفظ الضمير طاهراً تُقتَل من قبل الأهواء الأربعة التي ذكرها القديس أفرام السوري. فالبطالة تقتل الضمير في توجُّهه نحو الله، الفضول يقتل الضمير في توجُّهه نحو الأشياء، التي نستخدمها في هذه الحالة لهلاكنا وليس لخلاصنا. حبُّ الرئاسة يقتل الضمير في توجُّهه نحو القريب، والكلام البطال يقتل الضمير في توجُّهه نحو أنفسنا، بواسطة تدمير الكلام الذي هو هبة كبيرة من الله.ش الأهواء الأربعة هذه ليست سوى تعبير عن حالة روحية مريضة، مفسدة لسلوك الإنسان تجاه كل ما يحيط به: نحو الله، نحو القريب، نحو الأشياء و نحو نفسه. ش الشخص غير المهتم بخلاصه، المهتم بأمور كثيرة، المستبدُّ بالآخر والطويل اللسان، هو نموذج عن هذه الحالة النفسية المريضة، عن الإنسان الخاطئ. لذلك نفهم الآن لماذا اختار القديس أفرام فقط هذه الأهواء الأربعة في صلاته. + + + بالمقابل نرى في الجزء الثاني من صلاته ما هي مواصفات الحالة الروحية السليمة. إذ نطلب: "وأنعِم عليَّ أنا عبدك الخاطئ بروح العفة، واتضاع الفكر، والصبر، والمحبة". وسنتوقف عند كل واحدة منها على حِدَةٍ:ش روح العفّة: يجب أن لا نفهم العفّة فقط كطهارة جسدية من الخطايا المميتة. فالطهارة هي الخطوة الأولى لـ"اللاهوى"، وهي حالة النفس النقية من الأهواء، المهيّأة لعمل الفضيلة. قال العبرانيون في سبي بابل: "كيف نرنّم ترنيمة الرب في أرض غريبة" (مز4:137). ويشرح الآباء هذه الآية معلِّمين إيانا أنه لا يمكننا أن نثمر ثمار عمل صالح مادمنا موجودين تحت عبودية الخطيئة. لذلك يذكر القديس أفرام السرياني روح العفة كأول الفضائل. اتّضاع الفكر: هو حالة وجود الإنسان السليمة: فمن جهةٍ الأجسادُ ضعيفة وعاجزة ومن جهة ثانية كل ما يملكه الإنسان، حتى وجوده، هو هبة من الله. لذلك يقول الآباء أنّ اتّضاع الفكر يتحقق بأن يعتبر الإنسان ذاته أقل من الآخرين حتى أقل من الخليقة وأن يُعيد كل أعماله الحسنة لله.ش الصبر: هو تعبير حقيقي للإنسان المتواضع، الذي يعرف خطاياه ويدرك أنه، كعبد ضال لا يطبق وصايا سيده، يستحق عقاباً لا نهاية له من الله. لذلك يصبر بفرح على شدائد و تجارب الحياة لأنه متأكد: "أنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله" (أعمال 22:14) وأنه فقط: "الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص" (متى 13:24).ش المحبة: هي كمال كل الفضائل. الذي لديه العفة والتواضع والصبر يحب الله والقريب. لأنه حيث تكون المحبة يكون الله، الذي هو المحبة(1يو 8:4). تشكِّل الأهواء الأربعة انحداراً، يبدأ من البطالة بالاتجاه نحو الأسفل، وبالمقابل الفضائل الأربعة هي سلّماً يبدأ من العفة حتى الوصول إلى الله، وهي معاكسة لتلك الأهواء وتشفينا منها. فالعفة تشفي مرض النفس من الكلام البطّال، واتضاع الفكر يقوي العلاقات بين الناس، والصبر يحرّر من عبودية الأشياء، أما المحبة فتشفي من اللامبالاة إزاء الخلاص. لأن كل شيء من نبع الطهارة هو طاهر، وخاصة بالنسبة للسان، والذي لديه روح التواضع يقيم حساباً للقريب أكثر من ذاته، والذي يصبر لا يبني رجائه على الأشياء، والمحب لله يحاول باستمرار أن يطبق وصاياه.ش وهكذا فالإنسان المتعفف والمتواضع و الصبور والمحب لله هو صورة عن الإنسان الروحي المتحرّر من الأهواء.ش نرى أن اختيار هاتين السلستين من الأهواء والفضائل في صلاة القديس أفرام السوري لهما معنى روحي كبير، وتفضيا بنا إلى وجود حالتين روحيتين: حالة المتلوث بالأهواء وحالة المتطهر بواسطة الفضائل. أي من جهة أولى حالة الخطيئة التي نطلب من الله الشفاء منها، ومن جهة ثانية حالة الإنسان الروحي التي نطلب من الله بشدة أن يهبنا إياه.ش + + + أما الجزء الثالث من صلاة القديس أفرام: "نعم يا ملكي وإلهي، هبني أن أعرف ذنوبي وعيوبي، وأن لا أدين إخوتي، فإنك المبارك إلى الأبد" فهو أعمق ما طلبناه في القسم الثاني من الصلاة،ش ولكن بشكل مختصر. فمعرفة الإنسان لذنوبه هي علامة التواضع، وعدم إدانة الآخرين هي علامة المحبة "التي تتأنى وترفق. المحبة لا تحسد. المحبة لا تفاخر ولا تنتفخ... تحتمل كل شيء ..." (اكو 13) هاتان الفضيلتان مرتبطتان معاً بقوة. يقول القديس يوحنا السلمي: "هما المحبة والتواضع، الأولى ترفع والثانية تثبِّت المرتفعين ولا تدعهم يسقطون". ش في نهاية الصلاة ومع طلب قمة الحياة الروحية: المحبة والتواضع، يريد القديس أن يعلمنا بأن الخلاص من الأهواء واقتناء الفضائل يفتح أمامنا طريق الخلاص والتشبُّه بالله لتحقيق مثالهش الذي هو كلي المحبة والتواضع + + + أما إذا ألقينا نظرة شاملة على الصلاة بكل ترتيبها، فماذا نلاحظ؟ نلاحظ أولاً: أننا نرى صورةً لإنسانٍ ملوَّثٍ بالأهواء الأربعة فنصلي لله أن يبعدنا عنها، ثم نرى صورةً لإنسانٍ متجدِّد بواسطة مواهب الروح القدس الأربعة ونطلب من الله أن يساعدنا للسير في هذا الطريق. بعد هذا وبإصرارنا على ترداد هذه الصلاة الصامتة تتواضع أنفُسنا وتعطينا ثقة ورجاء أكبر بمعونة الله. بالنهاية ماذا يريد القديس أفرام من ترتيب صلاته بهذا الشكل؟ التوبة الجسدية، أي السجود حتى وصول الرأس للأرض، هي العلامة المنظورة للتوبة: بالسجود نعترف بسقوطنا بالخطيئة وبحالتنا الفاسدة التي نحن فيها، ثم بنهوضنا نعبر عن إرادتنا للنهوض والخلاص من الخطيئة، أن نولد روحياً ثانية. لكن كلمة توبة تعني ولادة النوس ثانية، والتغيير، وتحول الإنسان الخاطئ لإنسان جديد روحياً.ش يا له من أمر عجيب تقوم به هذه الصلاة العجائبية، أي أنها تحثُّنا على التوبة: إذ نقولها بفمنا وبالوقت ذاته نصلي بجسدنا، بكل كياننا، نعرف خطايانا ونسقط بتواضع نحو الأرض ولكن نقوم فوراً مشيرين إلى رغبتنا السريعة بالتقويم (السجدات). وكأننا نقول: "يا رب، تغاضَ عن سقطتي وكم أنني عديم الفائدة وعبد للأهواء وساقط. لكن لا أريد أن أبقى هكذا، أنا خاصتك، خلّصني، واجعلني مسكناً لروحك القدوس" يوجد هنا شيء أبعد من فعل صلاة، هناك عمل توبة كامل يغيّر الإنسان ويجدِّده كتجلّي حقيقي. كما يحدث تجلي حقيقي في القداس الإلهي على المائدة المقدسة، إذ في القداس الإلهي وبحلول الروح القدس يتحول الخبز والخمر لجسد السيد(الاستحالة) ودمه، هكذا يحدث في صلاة التوبة: إذ بالتواضع أمام الله، بتوبة عميقة، إيمان ثابت، جهاد مستمر ونعمة الله، يتحوّل الإنسان الخاطئ إلى بارّ. وكما أنّ استدعاء الروح القداس في القداس الإلهي يتم بقبول سريع من الله، هكذا يتم تغيُّر الإنسان بواسطة التوبة الحقيقية والجهاد الطويل ونعمة الله بشكل سريع.ش وهذا ما يؤكده الكتاب المقدس، صرخ العشار من أعماق قلبه: "أللهم ارحمني أنا الخاطئ" (لو 13:18). وحالاً تبرّر. وكذلك لصُّ اليمين صرخ على الصليب: "اذكرني يا سيد" وللحال سمع من الرب: "اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 43:23).ش إذا كان القداس الإلهي هو عمل محبة من الله للإنسان، فإنّ عمل التوبة هو اتصال الإنسان بالمحبة الإلهية.ش وبقبول الله لذبيحة التوبة يتطهر الإنسان ويتجدَّد ويتغير كلياً: "إن كانت خطاياكم كالقرمز، تبيضّ كالثلج" (أشعياء 18:1). هكذا هي قوية وعميقة وكاملة قوة التوبة. ولهذا رتبت الكنيسة المقدسة، وخاصة في فترة الصوم الأربعيني، أن يهيئ الإنسان نفسه بواسطة التوبة ليستقبل القائمَ في حياته |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المعبد المطران بولس يازجي "بيت أبي بيت صلاة" لذلك منذ البدايات كان الإنسان يبحث عن مكان يقف فيه ويخاطب الله فيه! ولطالما العطش إلى هذا الحوار دفع الناس أن تبني هياكل لله! وغالباً ما كانت على القمم والجبال، وكأنّه التعبير عمّا في أعماق القلب البشريّ من مفاهيم علاقة من أعلى النقاط على الأرض- فوق الأرضيّات، أو هناك على أقرب نقطة إلى السماء. ولطالما بقي الشوق إلى بناء المعبد مدلولاً عن حبّ الإنسان إلى الصلاة وبناء الرباط مع الله. وماذا يجري هناك في المعبد حين يلتقي الإنسان بالله؟ "العبادة". وماذا تعني العبادة، ومن هذا المنظار العميق لها؟ إنّها "ما يجري حين يلتقي الإنسان بالله" في لقاء حقيقيّ واضح. أولى ثمار هذا اللقاء هي الرهبة، والإنكسار والخشوع. هذه ثمار لقاء المطلق بالمحدود. وبقدر ما يحمل هذا اللقاء من رهبة يتضمّن أيضاً رجاءً وسلاماً واطمئناناً... "المصالحة" مع الله، من أهمّ الأشواق البشريّة. هناك أمام الله في العبادة وفي الهيكل، يقف الإنسان في الخشوع متأمّلاً بين دعوته وواقعه، الأمر الذي يقوده مع شعوره برحمة الله وحبّه وحنانه إلى التوبة. اللقاء مع الذات، هو ثاني ما يحصل في المعبد. هناك حيث يقرع صدره كالعشّار "يا ربّ ارحمني أنا الخاطئ"، وكالابن الضال "يا ربّ أخطأت إلى السماء وأمامك فاقبلني...". وهنا تبدأ المعركة الداخليّة مترافقة مع نعمة الربّ من أجل الوصول إلى كمال دعوتنا من واقع أوهاننا! أي في المعبد يبدأ الإنسان بتأليه ما هو بشريّ فيه. على ضوء الوصايا الإلهيّة، وكما قال المزمور "ناموسك نبراس لقدمَيّ". يسير الإنسان مع ذاته في خطوات، تحت غمام التواضع وبركة الله، في درب معرفة ذاته، بضعفاتها وبملكاتها، مرتقياً على سلّم المعرفة الإلهيّة إلى دعوته التي يشاؤها الله له على صورته ومثاله. الأمر الثالث الذي يحصل عفوياً، ومباشرة، في المعبد، هو لقاء الإنسان بأخيه الإنسان. يمكن للإنسان أن يلتقي بالله في أي مكان وأن يصادف ذاته في أكثر من مكان وبأكثر من أسلوب، لكن من أهم خواص المعبد، هي حياة الشركة والصلاة الجماعية. وبالنسبة لنا، الضوء الإنجيليّ يفضح بقساوة أيّة محاولة "تقطيع" في مجمل العلاقة بالله. أي بما أن اللقاء مع الله والذات يصير تحت ضمانة الوصيّة الإلهيّة - الإنجيليّة فإن هذه الوصيّة بطبيعتها تعلن إنجيليّاً أنّه لا يمكننا أن نلاقي الله إلاّ عبر القريب، وأنّه لا يمكننا أن نحبّ الله الذي لا نراه إذا كنّا لا نحبّ القريب الذي نراه. وأن مَنْ يقول أنّه يحبّ الله وهو لا يحبّ قريبه فهو كاذب. الوصيّة الإلهيّة تضع اللقاء (العبادة) في إطار الروح والحقّ. أي أنّها تمنع إفساد العبادة وحصرها في مجرّد علاقة نظريّة بين الإنسان والله الساكن سماه. "كلّ ما نفعله بهؤلاء الصغار فإننا لله نفعله". يخبرنا النصّ الإنجيليّ هنا عن حدث يخصّ بالتمام من يحبّ المعبد والذين يعتبرون أنفسهم من خدّامه. وينبّه المؤمنين والمخلصين للعبادة وعشّاق المعبد وليس البعيدين عنه. إنّه حدث "تطهير المعبد" بيد يسوع. بيت أبي بيت صلاة، والخطر هو أن تحوّله الدوافع البشريّة إلى بيت لصوص - وبيت تجارة. حيث لا تتحقّق في المعبد غاياته الثلاث. فالخطر الأوّل هو ألاّ يلتقي الإنسان بالله في المعبد. وهذا ممكن أن يحصل والخبرة الشخصيّة لكلّ منّا، بتواضع، يمكنها أن تذكّره بلحظات ليست قليلة- في أحسن الأحوال- حين ندخل المعبد ثم نخرج منه دون أي لقاء حيّ بالله! وهذه الحالة إذا صارت عادة تفسد العبادة. يمكن للإنسان أن يدخل المعبد ويتكلّم هناك مع ذاته فقط، كما جرى للفريسي، وكما حدث مع الناس في هذا العيد كما يرويه النصّ الإنجيليّ اليوم. "أدخل إلى بيتك وأسجد نحو هيكل قدسك بخوفك"، "يا ربّ وجهك أنا ألتمس"، "جعلتُ الربّ أمامي كلّ حين"، والخطر الثاني هو ألا نلتقي هناك مع ذواتنا وألاّ نعاين أنفسنا ولا نتذكّر دعوتنا متغافلين عن واقعنا. حين لا تقودنا الكلمة الإلهيّة في العبادة إلى التوبة، ولا تكسر الحضرة الإلهيّة قلوبنا وتملؤها خشوعاً، حين نعرض في المعبد ذواتنا بدل أن نستعرضها، حين نفسد العبادة فنستخدمها لتبرير ذواتنا وليس لتطهيرها، حين تُهدي ذاتُنا لذاتنا رضاها ومديحها بدل أن تقدّم لله توبتها مترجّية في طلب الرحمة والغفران، عندها لا نكون مع ذواتنا ولا نلتقيها في المعبد. المعبد مصنع، حين ندخله ونجري مع روحه وأدواته، يخلع عنا غباوة البِشْرة وضعفاتها وينـزع قشرة الإنسان العتيق فيجددنا بالنعمة إلى رقّة الإنسان الجديد وجماله. الإنسان الروحيّ الذي يرتوي في المعبد من الحضرة الإلهيّة حبّاً للناس ورقّة ويقتني دموع توبة يلتفت نظره إلى أخيه الإنسان الحاضر منه والغائب، القريب والغريب. الخطر الثاني إذن هو أن نبدأ "بتأنيس" كلّ ما هو إلهيّ في المعبد بدل أن نكمل فينا كلّ نقص بشريّ ونؤلّه ما هو فينا إنسانـيّ. أما الخطر الثالث فهو، أن ندخل المعبد لنستغل فيه القريب بدل أن نبذل ذاتنا لأجله. أَلم يحصل هذا عند "الخدام" و"المتعبّدين" في هذا الحدث الإنجيليّ، حين صار العيد، وهو يوم المعبد الأوّل وأهمّ أيّام العبادة، صار فرصة للربح والمصلحة والبيع والشراء. هذه صورة العبادة - العادة، وهذه مظاهر المعبد - المتجر، وهذه صورة العابدين - اللصوص الذين يسرقون من المعبد حقّه ويسلبون من العبادة فقط جوهرها! هناك فعلاً خطر حقيقيّ وتجربة عميقة لكلّ مؤمن في كلّ وقت وهي أن يصيّر المعبد والكنيسة والعبادة مصدراً لتحقيق الذات ومطاليبها وإشباع رغباتها في قوالب للخدمة تتفرّغ من مضمونها الحقيقيّ، مسلوبة من غناها وغايتها. بدل أن يكون المعبد هو المذبح الذي يدخله المؤمن فيمدّ ذاته عليه ويبذلها. الخطر أن ندخل المعبد لنربح لذاتنا بدل أن نعطيها، أن ندخل المعبد لنستخدم الآخر بدل أن نخدمه. "بيت أبي بيت صلاة"! صلاة في صفائها وفي رهبة اللقاء مع الله. صلاة في عمقها وتواضعها وتوبتها في اللقاء مع الذات. صلاة في حقيقتها وغايتها في بذل الذات وحبّ القريب. آميــن |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصـــــــلاة
http://www.peregabriel.com/gm/albums...s25C325A9e.jpg قال الرب يسوع: «اسألوا تُعطوا، اطلبوا تجدوا، اقرعوا يفتح لكم لأن كلَّ من يسألُ يأخذُ ومن يطلبُ يجدُ ومن يقرعُ يفتحُ له» (مت 7: 7و8). «الحق الحق أقول لكم كل ما تطلبون من الآب باسمي يعطيكم» (يو 16: 23) أعيروا آذانكم يا جميع عابري طريق الحياة الدنيا، يا من أتعبتكم تكاليف الحياة المختلفة، وأقلقتكم همومها المتنوعة الكثيرة، فإن الرب يسوع يصف لكم الدواء لهذا الداء وهو أن ترفعوا الصلوات إلى الآب السماوي باسمه، ويعدكم بأن تستجاب طلباتكم الحارة إذا قدمتموها إليه تعالى بالإيمان المتين الذي يعرّفه الرسول بولس قائلاً: «وأما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى»(عب11: 1) والإيمان باللّـه هو الاعتراف بالفكر والقلب واللسان بوجوده تعالى وبكل الحقائق الإيمانية التي أعلنها لنا ابنه الحبيب ربنا ومخلصنا يسوع المسيح. فاسكبوا إذن نفوسكم وقلوبكم وعقولكم أمامه بتواضع ووداعة وتوبة نصوح وندامة كاملة على كل ما اقترفتموه من الذنوب، فيتغمّد اللّـه خطاياكم ويريحكم من أتعابكم مبتهجاً بعودتكم إليه تائبين، مثلما ابتهج والد الابن الضال بعودة ابنِه إليه تائباً فغفر له تمرّده وتبديده أمواله في عيشة الترف والخطية، وقبِل توبته واعترافه بخطيته لما قال لأبيه بحزن وندامة وأسف: «يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقاً بعد أن ادعى لك ابناً، فقال الأب لعبيده أخرجوا الحلّة الأولى وألبسوه، واجعلوا خاتماً في يده، وحذاء في رجليه، وقدّموا العجل المسمّن واذبحوه فنأكل ونفرح لأن ابني هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوجد فابتدأوا يفرحون»(لو15: 21 ـ 24). ولكي يشجعنا الرب يسوع على المثول أمام الآب السماوي كأبناء له بالنعمة والتضرّع إليه تعالى باسم ابنه الحبيب، وعبادته بالروح والحق وتفريغ شحنة همومنا الكثيرة قدامه، علّمنا أن ندعو أباه السماوي قائلين: «أبانا الذي في السموات» لنخاطبه بدالة البنين، وعقد الرب يسوع المقارنة بين صلاح الآب السماوي وبين عاطفة الأب البشري تجاه أولاده قائلاً: «أم أيّ إنسان منكم إذا سأله ابنه خبزاً يعطيه حجراً وإن سأله سمكة يعطيه حية، فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة فكم بالحري أبوكم الذي في السموات يهب خيرات للذين يسألونه»(مت7: 9 ـ 11). أيها الأحباء: مما لا يختلف به مؤمنان، وقد سارت به الركبان، أن الإنسان منذ بدء وجوده ينازل إبليس وجنده في حرب ضروس، وبهذا الصدد يحثّنا الرسول بطرس على مقاومة عدونا إبليس بقوله: «اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو فقاوموه راسخين في الإيمان عالمين أن نفسَ هذه الآلام تُجرى على إخوتكم الذين في العالم»(1بط 5: 8و9). فالصلاة إلى اللّـه ضرورية جداً للاستعانة به تعالى دائماً، لينقذنا من عدونا الشرس إبليس الذي يصفه الرب يسوع بقوله لليهود: «أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا ذاك كان قتّالاً للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق»(يو8: 44). وإبليس اللعين هذا لا يزال ينصب لنا الفخاخ ليصطادنا محاولاً إدخالنا بالتجارب لنسقط في وهدة الخطية كما فعل بآدم أبي الجنس البشري، ولذلك علّمنا الرب يسوع في الصلاة الربية أن نطلب من الآب السماوي قائلين: «لا تدخلنا بالتجربة لكن نجنا من الشرير». وقد أعلن لنا الرب يسوع محبة اللّـه لنا بقوله: «لأنه هكذا أحبّ اللّـه العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية»(يو3: 16). فالرب يسوع قد فدانا بدمه الكريم وأعطانا الغلبة على إبليس، فإذا واظبنا على تقديم الصلاة إلى الآب السماوي باسم ابنه الحبيب يسوع المسيح الذي جرب مثلنا في كل شيء ما عدا الخطية والذي أعطانا الغلبة على إبليس لا بد أن يكون الرب معنا في صراعنا مع إبليس فنظفر على عدو اللّـه والبشر بقوة الرب يسوع الذي يوصينا قائلاً: «اسهروا وصلّوا لئلا تدخلوا في تجربة أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف»(مت26: 41). كما يقول عن بعض أجناس الأبالسة الذين يدخلون البشر ويعذّبونهم: «وأما هذا الجنس فلا يخرج إلاّ بالصلاة والصوم»(مت17: 21). فما أقوى الصلاة التي يصلّيها المؤمن التائب بل البار برفع قلبه وعقله ونفسه إلى السماء فتدخل أمام عرش العظمة كبخور طيب الرائحة وتستجاب. وفي صدد قوة الصلاة، يلقي علينا الرسول يعقوب درساً خالداً بقوله: «طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها. كان إيليا إنساناً تحت الآلام مثلنا وصلّى صلاة أن لا تمطر فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر، ثم صلّى أيضاً فأعطت السماء مطراً وأخرجت الأرض ثمرها»(يع5: 16 ـ 18). فعندما يرفع المؤمن قلبه ونفسه وعقله إلى اللّه بإيمان متين ورجاء وطيد ومحبة خالصة، يسمع اللّه صلاته ويغفر له ذنوبه بعد أن يكون قد سامح من أخطأ إليه. فهذا العشار التائب الذي صلّى إلى اللّه في الهيكل بتواضع وانسحاق القلب وقد وقف بخشوع وهو يقرع صدره قائلاً: «اللهم ارحمني أنا الخاطئ»، يقول الرب يسوع عنه: «أقول لكم إن هذا نزل إلى بيته مبرراً»(لو18: 13و14). وهذا اللص التائب الذي صلب مع الرب يسوع وأعلن إيمانه به وهو على الصليب ورفع صلاته إليه برجاء وطيد قائلاً: «اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك»(لو23: 42) استجيبت طلبته حالاً واستحق أن يسمع وعد الرب الصادق قائلاً له: «الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس»(لو23: 43). وأما إذا لم تستجب صلاتنا، فلنفحص نفوسنا إن كنا قد قدّمنا الصلاة بإيمان أم لا وإن كنا قد تبنا إلى ربنا الذي لا يقبل صلاة الخاطئ إلاّ في حالة واحدة هي عندما يطلب الخاطئ المغفرة من اللّـه بتوبة صادقة، وبدموع ساخنة وعزم على ألاّ يعود إلى الخطية. وقد لا يستجيب اللّـه صلاتنا لأن في استجابتها ضرراً لخلاص نفوسنا، وهو أدرى بما ينفعنا. كما قد يتمهّل الرب باستجابة صلاتنا لإظهار قوة إيماننا بقدرته، ويذكر الإنجيل المقدس حادثة المرأة الكنعانية التي سارت وراء الرب يسوع عندما كان في تخوم صور وصيدا وكانت تصرخ: «ارحمني يا سيد يا ابن داود ابنتي مجنونة جداً»(مت15: 22) فلم يجبها الرب حالاً بل تمهّل كأنه لا يريد أن يلبّي طلبها وذلك ليظهر للجمهور قوة إيمانها فكانت بلجاجة وثبات تواصل الصراخ، وبعد أن كلّمها، تبيّن للناس من جوابها له أنها كانت ثابتة على الإيمان به، وقد أجابته بتواضع وحكمة فمدح الرب إيمانها وشفى ابنتها المجنونة. فهي قدوة لنا لنصلي بلا فتور. وإذا اعترضنا على ما يجري لنا في الحياة من تجارب فيكون ذلك بتواضع وحكمة ونحن نقول: لتكن مشيئتك يا رب. وقد علّمنا الرب يسوع الصلاة بمثاله إذ كان له المجد ينفرد بالآب السماوي كل يوم مرات عديدة بصلوات حارة، وعندما كان الرب يسوع يصلّي كانت صلاته مناجاة الذات للذات فهو والآب واحد في الجوهر وهو في الآب والآب فيه كما قال هو عن نفسه (يو14: 10). وعندما سأله تلاميذه مرة أن يعلّمهم الصلاة، علّمهم أن يتوجّهوا بالصلاة إلى الآب السماوي قائلاً: «متى صلّيتم فقولوا أبانا الذي في السموات» (مت6: 9 ـ 13 ولو11: 1 ـ 4). وعلّمهم وعلّمنا الصلاة التي ندعوها الصلاة الربية المختصرة جداً، والتي جعلها نموذجاً لنا نقيس به طلباتنا التي نقدمّها للّه تعالى، وقد ضمّنها مواضيع الصلاة التي تشمل شكر اللّه تعالى على نعمه التي يسبغها علينا دائماً، وتمجيد اسمه القدوس، وطلبتنا إليه ليسدّ لنا حاجات النفس والجسد، وهكذا نعبده بالروح والحق. فعلينا أن نواظب على الصلاة الجمهورية في الكنيسة المقدسة مع المؤمنين كافة، والاشتراك بالقداس الإلهي، كما وأن نقتدي بآبائنا الميامين بإقامة الصلاة في دورنا صباح مساء لأفراد العائلة كافة، إلى جانب صلواتنا الفردية، لنستمرّ على الاتصال بإلهنا العظيم ونستمدّ منه تعالى القوة والحكمة والظفر على عدونا إبليس وجنده والحماية من أتباعه البشر الأشرار. وحيث أننا بحاجة إلى أن نعرف إرادة ربنا علينا أن نواظب على قراءة الكتاب المقدس وننصت جيداً لنسمع وصايا ربنا يسوع المسيح بتقوى ومخافة اللّه، ونعمل بها، ونتجنب نواهيه له المجد، ونقدّم له صلاة الشكر والامتنان مؤمنين به أنه إلهنا ومخلصنا وفادينا لأنه بدون إيمان لا توجد صلاة، فكيف نصلي لمن لا نؤمن به، والرب يوصينا قائلاً: «لذلك أقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم»(مر11: 24) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يسوع يُصلّي ويُعلِّم الصلاة https://images.chjoy.com//uploads/im...9b3df10959.jpg ١. يسوع يصلّي أ. يسوع تعلّم الصلاة من مريم، التي كانت ''تحفظ كلّ الأشياء وتتأمّلها في قلبها'' (لوقا ١٩،٢ و٥٢؛ راجع ت م ك ك ٢٥٩٩) ب. يسوع صلّى صلاة شعبه في المجمع والهيكل (راجع متى ٢٣،٤؛ مرقس ٣٩،١؛ لوقا ٤١،٢؛ لوقا ١٤،٤-١٥) وصلّى المزامير (متى ٣٠،٢٦؛ مرقس ٣٤،١٥) وشرح الكتب القدّسة (لوقا ٢١،٤؛ لوقا ٢٧،٢٤و٤٤) ج. لصلاة يسوع طابع خاصّ: علاقة مع الآب السماويّ (راجع متى ٩،٦؛ متى ٢٥،١١؛ لوقا ،٤٩،٢ يوحنا ١،١٧) والرّوح القدس (لوقا ١،٤ و١٨؛ لوقا٢١،١٠؛ يوحنا ١٤،١٦)، وهو يصلّي غالباً في العزلة (لوقا ١٨،٩)، وعلى الجبل (مرقس ٤٦،٦؛ يوحنا ١٥،٦)، وقبل الفجر (مرقس ٣٥،١)، وفي الليل (لوقا ١٢،٦). د. يسوع يحضّر لأعماله بالصّلاة، فيقوم بها عندما اعتمد في نهر الأردن (لوقا ٢١،٣) وقبل اختياره للتلاميذ (لوقا ١٢،٦)، وقبل أن يعلّمهم الصلاة (لوقا ١،١١)، وقبل التجلّي (لوقا ٢٩،٩)، وقبل إحياء ألعازر (يوحنا ٤١،١١-٤٢)، وقبل آلامه (مرقس ٣٥،١٤) هـ.. يسوع يحمل البشر في صلواته ويقدّمهم للآب: فيُصلّي لبطرس (لوقا ٣٢،٢٢) ولتلاميذه وللذين سيؤمنون على يدهم (يوحنا ٩،١٧و٢٠) (راجع ت م ك ك ٢٦٠٢ + صلاة يسوع الكهنوتيّة: يوحنا ١٧+ فداء المسيح: عبرانيّين ١٢،٢-١٨). ٢. يسوع يُعلِّم الصلاة أ. يسوع قدوة في الصلاة: تَأَمَّلَ التلاميذ بمعلّمهم كيف يُصلّي، فتعلّموا الصلاة (ت م ك ك ٢٦٠١ و٢٦٠٧؛ راجع لوقا ١،١١) ب. الصلاة الربيّة (متى ٩،٦-١٣ ولوقا ٢،١١-٤) تُعتبر قلب تعليم يسوع عن الصلاة: فالذي يُصلّي يبتهل إلى الله بصفته أب، فيُقدِّم الاهتمام بقصد الله على أيّ اهتمام آخر، فيهتمّ باسمه، وبملكوته، وبتحقيق إرادته، ويطلب أيضاً من هذا الأب الخبز، والمغفرة بعد إتمام المصالحة مع أبناء الآب الواحد، وأخيراً يطلب عدم الانزلاق في تجارب الشرير. ج. توجيهات يسوع في الصلاة: الثقة في الصلاة (مرقس ٢٤،١١؛ لوقا ٩،١١-١٣)؛ المداومة على الصلاة (لوقا ٥،١١-٨؛ لوقا ٧،١٨)؛ الاتحاد مع الإخوة (متى ١٩،١٨)؛ الابتعاد عن صلاة المرائين (متى٥،٦) والصلاة الوثنيّة (متى ٧،٦)؛ الغفران في الصلاة (مرقس ٢٥،١١). د. خطّة يسوع التربويّة في الصلاة: الانتقال من صلاة الطلب إلى الصلاة الحقيقيّة، ومن الرغبة في عطايا الله إلى الرغبة في أن يهب الله ذاته. مثلاً: المرأة السامريّة تُقاد من رغباتها الخاصّة نحو الرغبة في عطاء الله (راجع يوحنا ١٠،٤)؛ والجموع التي أكلت الخبز وشبِعَت (يوحنا ٥،٦-١٥)؛ تُقاد نحو الغذاء الباقي للحياة الأبديّة (يوحنا ٢٧،٦). ''إسألوا تُعطوا، أطلبوا تجدوا، إقرعوا يُفتح لكم'' بمثل هذه الأقوال والمواعيد، يحثّنا ربّ الجميع على الصّلاة. فعلينا أن نمتثل لقول الله، ونعيش دوماً في التسابيح والصلوات، وأن نكون أشدّ تعلّقاً بعبادته مما بنفوسنا. فالذي لا يُصلّي ولا يشتاق إلى المناجاة الإلهيّة هو ميتٌ لا شعور فيه ولا تفكير. وخير دليل على الحماقة تجاهل شرف الصّلاة، وقلّة الغرام بها، وأن يفوتَ الإنسان أنّ موت النفس في ابتعادها عن تقوى الله. فكما أنّ جسمنا عند رحيل النفس عنهُ يُمسي ميتاً منتناً، كذلك قلبنا إن لم تحيهِ الصلاة كان ميتاً وشقياً منتناً.'' (القديس يوحنا الذهبي الفم، عظة في الصلاة) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
نموذج الصّلاة المسيحيّة الأبانا https://images.chjoy.com//uploads/im...bb483a95e1.jpg مقدمة أودعَ يسوع تلاميذه، جواباً على طلبهم (''يا ربّ، علّمنا أن نصلّي'') الصلاة المسيحيّة الأساسيّة: ''الأبانا''. وهي تُدعى ''الصلاة الربّية'' لأنّها تأتي من الربّ يسوع، الابن الوحيد، وتتوجّه إلى أبينا السماوي''. ''الأبانا'' هي إذاً صلاة الكنيسة في كلّ آنٍ ومكان، وهي متأصّلة أساساً في الصّلاة الليتورجيّة وفي الأسرار: المعموديّة والتثبيت حيث نصبح إخوة يسوع وأبناء الآب وهياكل الروح القدس، وفي الافخارستيّا حيث ينكشف معناها الكامل. ١. ''أبانا'' ندعو الله ''أبًا'' لأنّه كشف لنا ذاته بابنه الذي صار إنساناً، ولأنّ روحه يجعلنا نعرفه. فنحن عندما نصلّي إلى الآب ندخل في شركة معه ومع ابنه يسوع بواسطة روحه القدوس. بالمعموديّة وَلَدنا الله من جديد لحياته إذ تبنّانا بابنِه يسوع فأصبحنا له أبناء. وعطيّة التبنّي تقتضينا توبةً وحياةً جديدة وتهبنا: قلباً متواضعاً وواثقاً؛ ورغبةً في التشبُّه بالله وإرادة ذلك. وعندما نقول أبا ''نا'' نلتمس العهد الجديد في يسوع المسيح، والشركة مع الثالوث الأقدس والمحبّة الإلهيّة التي تمتدّ بالكنيسة إلى مدى العالم. ٢. ''الذي في السماوات'' لا تدلّ على مكان بل على جلالة الله وحضوره في قلب الأبرار. والسماء، بيت الآب، هى الوطن الحقيقيّ الذي نسعى إليه، والذي منذ الآن ننتمي إليه. فنحن مواطنو السماء بقوّة النعمة. ٣. الطلبات السبع الثلاث الأولى موضوعها مجد الآب: تقديس الاسم، إتيان الملكوت وتتميم المشيئة الإلهيّة. أما الأربع الأخرى فتقدّم له رغباتنا: وهذه الطلبات تتعلّق بحياتنا الجسديّة والروحيّة، لتغذيتها أو لشفائها من الخطيئة، كما تتعلّق بجهادنا في سبيل غلبة الخير على الشرّ. ٤. ''ليتقدّس اسمك'' نطلب تقديس اسم الله لندخل في تصميمه وسرّ حبّه الإلهيّ، أي تقديس اسمه بنا وفينا، كما في كلّ أمّة وفي كلّ إنسان. ٥. ''ليأتِ ملكوتك'' بهذه الطلبة تقصد الكنيسة بوجهٍ أساسيّ عودة المسيح والمجيء الأخير لملكوت الله، وتصلّي أيضاً لأجل نموّ ملكوت الله في حياتنا ''هنا والآن''. ٦. ''لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض'' نصلّي إلى أبينا أن يضمَّ إرادتنا إلى إرادة ابنه لتتميم تصميمه الخلاصي في حياة العالم. وهنا تبلغ كلمات ''الله بيدبّر'' و''متل ما ألله بيريد'' التي نردّدها يومياً أسمى معانيها. ٧. ''أعطنا خبزنا كفاف يومنا'' بقولنا ''أعطنا''، نعبّر مع إخوتنا، عن ثقتنا البنويّة بأبينا السماويّ. ''خبزنا'' يعني الغذاء الأرضيّ الضروريّ لمعيشتنا جميعاً، ويعني أيضاً خبز الحياة، أي كلمة الله وجسد المسيح. وهو يُتنَاوَل في ''يوم الربّ''، كالغذاء الذي لا يُستَغنى عنه في وليمة الملكوت التي تسبقها وتمثّلها الإفخارستيّا. ٨. ''واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن لمن خطئ إلينا'' طلب يلتمس رحمة الله لإساءاتنا؛ وهذه الرحمة لا تدخل قلوبنا ولا تلمسنا إلاّ إذا غفرنا لأعدائنا على مثال المسيح وبمعونته. ٩. ''لا تدخلنا التجربة'' قولٌ نطلب فيه إلى الله أن لا يسمح بأن نسير في الطريق الذي يؤدّي إلى الخطيئة. وهذا الطلب يلتمس روح التمييز والقوّة، ونعمة التيقّظ والأمانة للربّ. ١٠. ''لكن نجّنا من الشرّير'' نصلّي كي يُظهر الله فينا الغلبة التي نالها المسيح على ''رئيس هذا العالم''، أي الشرّير، من خلال حياة البرّ والخير والاستقامة التي نعيشها. وكلمة ''آمين'' نعبّر بها عن دعائنا أن يتمّ الربّ هذه الطلبات السبع فيتحقـّق ملكوته في عالمنا. مراجع - تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة، الأعداد ٢٧٦١ - ٢٨٦٥ - شرح صلاة الأبانا بحسب القديس يعقوب السروجيّ |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صعوبات الصّلاة https://images.chjoy.com//uploads/im...1ef40c40af.jpg بعد أن تكلّمنا عن الصّلاة وينابيعها وطرقها، نتوقّف في هذا الموضوع على الصعوبات والتحديّات التي تعترض المؤمنين الراغبين في تعميق حياتهم الروحيّة، الواعين أن الصّلاة هي جهادٌ ضدّ النفس التي تميل بسرعة، مأخوذةً بحيل المجرّب ومغريات هذا العالم، الى الإبتعاد عن الإتحاد بالله. نختصر هذه الصعوبات والتحديّات بخمس ونعطي لكلّ منها الطريقة المناسبة لتخطّيها: تكمن الصعوبة الأولى في بعض مفاهيمنا الخاطئة للصّلاة. - ليست عمليّة نفسيّة للتخفيف عن الهموم - ليست تركيزاً داخلياً للوصول الى الفراغ الذهنيّ - ليست كلماتٍ شاعريّة وعواطف روحيّة - ليست هروباً من مشاكل وهموم العالم - لا تُقاس صحّة الصّلاة بما تدرّ علينا من نتائج الصّلاة هي موهبة من النعمة وجوابٌ ثابت من قِبلنا. بمعنى أنّ صلاتنا تأتي أيضاً من الروح القدس وليس منّا فقط. لذلك وُجب تصحيح هذه المفاهيم. التشتّت هي الصعوبة العادية إذ يشعر المصلّي وبشكلٍ متواتر أن أفكاراً تجتاحه في وقت تأملاته الشخصيّة أو الجماعيّة فتصرفه عن تركيزه على موضوع صلاته. اما الحلّ للتشتّت فلا يكون بالسعيّ الى مطاردته إذ ''يكون ذلك وقوعاً في فخاخه'' (ت ك ٢٧٢٩)، بل بتحويل موضوع تشتّتنا الى موضوع صلاتنا بحيث نصلّي على نية ما نحن مشتّتون فيه. التشتّت يُظهر لنا ما يُشغل قلبنا فلنجعله مناسبةً تقربّنا أكثر من الله. ويجب أن لا ننسى أن الله يعرف ضعفنا وهمومنا ومواضيع تشتّتنا ويتحسّس لحاجاتنا فهو يقبل أن نكون مُشتّتين من أن نكون غائبين! والأفضل أن نكون بكليتنا له. على كلّ حال، مهما كانت درجة تشتّتنا، يجب أن لا نتوقف عن الصّلاة. وبهذا المعنى يقول القديس برناردوس: ''لا تستخفّ ولا تزدري بصلاتك، لأن الله لا يستخفّ بها''. اليبوسة قد نشعر في أحيانٍ كثيرة أنّ الله غائبٌ عنا، ولا همّة لنا للصلاة فنشعر بالسأم والملل. إنّها تجربة صعبة الاحتمال ولكن يجب أن نعرف أنّ حبّ الله ليس فقط أحاسيس إنّما الحبّ الحقيقي يتخطىّ الجانب العاطفي الشعوري. الصحراء الروحيّة ضرورية لكي نعرف حقيقة حبنا لله. إنّها زمن التجربة وبنفس الوقت هي زمن الصمود والثبات والمزيد من الثقة، وحده المتواضع لا يتعجّب من شقائه وضعفه. هي كالزواج حيث يتحوّل الحبّ السابق إلى حياةٍ واعية لحضور الآخر حتى وإن كان صامتاً. يجب أن نتعلّم الإصغاء إلى صمت الله. كذلك، علينا، وقبل التحدّث إليه، أن نّصغي إلى كلامه الذي أعطاناه بأنواعٍ شتّى وخاصةً في الكتاب المقدّس. كلّمنا قبل أن نكلّمه. قلّة الثقة والإيمان وهي تجربة نقع فيها دائماً إذ نصلّي (خاصةً في صلاة الطلب) غير منتظرين ولا متأكدّين أنّ الله سيستجيب طلبنا. حالنا كحال أولئك الذين نبّههم كاهن رعيّتهم لأنّهم، أتوا الى الكنيسة ليصلّوا صلاة الإستسقاء، دون أن يجلبوا معهم مظلاتهم. من ناحية ثانية، يجب أن لا نيأس لأنّ صلاتنا لم تُستجب. صلاتنا هي دائماً مُستجابة ولكن ليس دائماً كما نرغب. الله وحده يعرف أكثر منا حاجاتنا وما هو خيرٌ لنا. صلاة الطلب هي طبعاً تعبيرٌ عن حاجاتنا ولكنها لا تكتمل إلاّ بالانفتاح على الثقة والتشبث بالإيمان. لنكن دوماً متأكدّين أنّ الله يسمع ويستجيب لصلاتنا ويعطينا العون الذي ينمي فينا الحياة الإلهيّة. صعوبة أخيرة تكمن في عجزنا من تجسيد صلاتنا في أعمالٍ وتصرفات. لا نفع لصلاةٍ لا تحققّ تحوّلاً إيجابيّاً في مسيرتنا الإنسانيّة وروحنة لالتزاماتنا الإجتماعيّة وثباتاً في قيمنا الإنجيليّة. لذلك يجب أن نُدرك أنّ ما هو أهمّ من صلاتنا هي مفاعيل الصلاة أكانت روحيّة داخليّة أو خارجيّة علائقيّة. ''لا أريد ذبيحة بل رحمة''. الصّلاة طريق صاعد تُفضي بنا إلى الثالوث. وكما في كلِّ صعود هناك تعبٌ وصعوبات، كذلك في الصّلاة صعوباتٍ لا يمُكننا تخطيها إلاّ بالتأمل والتشوّق الدائمين إلى الهدف، القمة، أي الوصول إلى يسوع. هدف الصلاة تماهينا بالمسيح، فلا شيء يجب أن يمنعنا عنه كما يقول القدّيس بولس. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصّلاة الشخصيّة والجماعيّة مع تركيز على دور الروح القدس هل ينبغي أن نفضّل الصّلاة الجماعيّة على الصّلاة الفرديّة؟ ليس بالسهل الإجابة، على هذا السؤال، التي تتطلب بعض الدقة. بالواقع، إنّ كل صلاة، حتى التي تصعد من عمق النفس، يجب أن تكون صلاة الكنيسة وبالتالي صلاة الجماعة. فالمصلّي عليه أن يحمل، حتى في مناجاته الشخصيّة، همّ العالم أجمع ونوايا الجسد السرّي الأكثر إلحاحًا. فإن كنا نميّز بين الصّلاة الشخصيّة وتلك الجماعيّة فإنّما بسبب اختلاف شكلهما وليس باختلاف روحهما الذي يجب أن يبلغ، كلّ وبحسب مظهره، جهدًا مشتركًا للاعتلاء نحو الرب والاتحاد بالروح القدس. أي بُعد نعطي، إذًا، للأفضلية المعطاة للصلاة الجماعية؟ إنّ الصّلاة الجماعيّة هي صلاة مشروعة شرط ألاّ تجعلنا نهمل أو حتى نلغي الصلوات الشخصية. ''أمَّا أنت، فإذا صَلَّيتَ فادخُلْ غُرفَتَكَ وأغلِقْ بابَها وصَلِّ لأبيكَ الَّذي لا تَراهُ عَينٌ، وأبوكَ الَّذي يَرى في الخِفْيَةِ هوَ يُكافِئُكَ'' (متى ٦،٦). وهناك عدد لا يستهان به ممن ينصرفون إلى مزاولة الصلاة الجماعيّة تاركين برنامج الحياة الداخليّة، خصوصًا التأمل. وهذا غلط، فوحدهم المصلّين، الذين لا يهملون متطلبات الحياة اليوميّة في الصّلاة الشخصيّة، يتلمسون الكنز المحتجب لحياة الكنيسة وصلاتها. هذا لا يمنعنا عن الإعلان بأنّ الصّلاة الجماعيّة هي أغنى من الصلاة الشخصيّة، وتشكّل عنصرًا لا غنى عنه في تقديس جسد المسيح السرّي، بالإضافة إلى ما يولّده تكرار الصلوات من الانفتاح على جديدها المتأصل. وعليه فإنّ الصّلاة، سواء كانت شخصيّة أو جماعيّة، يكفي أن تكون من وحي صلاة الكنيسة وتعاليمها لتعتبر صلاة الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسوليّة يحيها روح الرب القدّوس ويقودها. فنردد مع المرنّم هاتفين: ''إنّ الروح يصلي فيكم بأنّات لا توصف...''. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكتاب المقدّس ينبوع الصّلاة https://images.chjoy.com//uploads/im...9fbb32f4e2.jpg نحن نؤمن أنّ إلهنا يتكلَّم ونحن نقبله في الصّلاة الشخصيَّة كما في الصّلاة الجماعيَّة، ولكن خصوصًا في الصّلاة الليتورجيَّة. فالكتب المقدَّسة هي واقع ليتورجيّ ونبويّ إنّها أكثر من سفر مكتوب، فهي إعلان الروح القدس وشهادته بالنسبة إلى حدث المسيح (كلام الله، ٢٢). إنَّ المسيح هو حاضر في كلمته، لأنَّه هو الذي يتكلَّم حين تُقرأ الكتب المقدَّسة في الكنيسة (دستور عقائدي في الليتورجيا المقدسة، ٧ و٢٤). وللكتاب المقدَّس أهمِّيَّة قصوى في الصّلاة الشخصيّة وفي الاحتفال الليتورجيّ ولاسيّما في إفخارستيّا يوم الأحد، والأسرار، وصلاة الفرض، والرّتب، ومختلف أنواع التقوى الشعبيَّة. الكتاب المقدّس العهد القديم ينبوع صلاة إنّه يكشف لنا تدبير الله وعهده مع الشعب، فمحبّة الله التي تجلّت في الخلق والتحرير والوعد، وفي كتابات الأنبياء، هي نفسها المحبّة التي يحبّنا الله بها اليوم. فقد خاطب الله شعبه في الماضي وهو يخاطبنا اليوم أيضًا، وما الصّلاة الاّ مخاطبة متبادلة وحوار بين الله والإنسان. المزامير والأناشيد هي صلاة الجماعة والفرد وصالحة لمختلف المناسبات والحالات الروحيّة. يمكن أن نستعمل هذه الصلوات الكتابيّة للتعبير عن التوبة والشكوى (٥١،٦) والنَّوح (٣٥) والشكر (٩٢،٧٥) والتمجيد (١٠٠) وتجديد العهد مع الله (٥٠) وروح العبادة الجماعيّة (٢٤)؛ وطلب الحكمة (٤٩). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكتاب المقدّس العهد الجديد ينبوع صلاة
https://images.chjoy.com//uploads/im...c5e76c05e0.jpg إنّه يُخبرنا عن يسوع المسيح صورة الآب وعن أعماله وتعاليمه وآياته ومواقفه. إنّ يسوع المتّحد بالآب هو مثالنا في الصّلاة وقد علّمنا عن الصّلاة (متّى ٥،٦-٨) وكيفيّة الصّلاة الى الآب (متّى ٩،٦-١٥). إنّ كلام يسوع المسيح الذي هو روح وحياة يضيء حياتنا، يطهّرنا (يوحنّا ٣،١٥)، ويغذّينا في حجّنا على هذه الأرض. والروح القدس الذي يرشدنا إلى الحقّ ويذكّرنا بما قاله الربّ يصلّي فينا بأنّات لا توصف (رومة ٢٥،٨) ويُدخلنا في شراكة مع الآب والابن. إنّ كُتب أعمال الرسل والرسائل والرؤيا تتحدّث عن الصّلاة وتقدّم لنا صلوات وأناشيد ونصوصًا تساعدنا على الصّلاة الشخصيّة والصّلاة من أجل الآخرين، كما تبيّن لنا أهميّة الصّلاة في حياة الجماعة المؤمنة (أعمال ٢٣،٤-٣١) وحياة الرسول الشخصيّة (رومة ٥،١٥-٦ و١٣؛ أفسس ١٦،١-١٩؛ ١٦،٣-١٩؛ فيليبي ٩،١-١١؛ قولسّي ٩،١-١٢؛ تسالونيقي الثانية ١،١-١٢؛ عبرانيّين ٢٠،١٣-٢١؛ يعقوب ١٣،٥-١٨). اقتراحات للصلاة الشخصيّة مع الكتاب المقدّس القراءة الربيّة: قراءة نصّ كتابيّ، تأمّل، صلاة، ومشاهدة. الطريقة الإغناطيّة: وضع الذات في حضرة الله، طلب النعمة، قراءة متمهّلة وتذوّق، ومناجاة. اقتراحات للصلاة الجماعيّة مع الكتاب المقدّس تشجيع دراسة الكتاب المقدّس واستخدام نصوصه في رتَب التوبة، واجتماع الجماعات الرعويّة، وساعة السجود أمام القربان، وسائر الاحتفالات الطقسيّة واللاطقسيّة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصّلاة والحياة https://images.chjoy.com//uploads/im...ede251340b.jpg مقدمـة نعالج في هذا الموضوع الأخير العلاقة بين الصّلاة، أيّاً كان نوعها، والحياة، حياة مَن يصلّي. ونتساءل: هل تؤثر الصّلاة في تفكيرنا ومسلكنا، أم هناك فصل بين مجالين غير متداخلين: مجال الصّلاة ومجالات حياتنا الدنيويّة في كل مراحلها. وهل تشكّل الصّلاة التي لا تنفح الحياة عائقاً لتقدّمنا الروحيّ وعثاراً للآخرين؟ أ. يسوع يربط بين الصلاة والعمل (لوقا ٤٦،٦-٤٩) - إنّ العلاقة بالرب (الصّلاة) تُبنى على العمل بمشيئته، لا بالأقوال. - ولا ينفع الاعتداد بأنّنا ننتسب إليه ونتكلّم باسمه، ونعمل عكس ما يريد. يسوع يعتبر ذلك نفاقاً. - ولقد حذَّر يسوع من رياء الكتبة والفريسيين: قول دون عمل: (متى ٢٣) كما طوّب أمه وتلاميذه الذين يسمعون ويعملون: (لوقا ١٩،٨-٢١). - وكان الأنبياء يحذّرون أيضاً: هذا الشعب يكرّمني بشفتيه وقلبه بعيد مني: (متى ٧،١٥-٩). ب. ربط الحياة كلّها بالله لربط الصّلاة بالحياة لا بدّ من ربط حياتنا بالله واكتشاف إرادته والعمل بها. - إرادة الله ظاهرة في تصميمه الخلاصي (افسس ١) وفي وصاياه وفي الكتاب المقدّس والكنيسة. - وإرادة الله ظاهرة في ما نقوم به من واجبات ونتحمل من مسوؤليات بوحي من تعليم يسوع ومثله بنية مستقيمة دون استغلال مراكزنا والآخرين لمنفعتنا الخاصة. - وهذا يفترض الثقة البنوية بالله وطاعته لأنّه أبّ يحبّنا: مثل الابنين متى ٢٨،٢١-.٣٢ ج. وسائل ومقاييس من الوسائل - المحافظة على الصّلاة الشخصيّة اليوميّة، ورفع القلب الى الله وتذكّره بصلوات قصيرة أثناء العمل وقيادة السيارة... مثلاً: يا يسوع أنا أحبك؛ الشكر لك يا رب... - المثابرة على فحص الضمير اليوميّ لاكتشاف نِعم الله ومحبته لنا والشكر عليها، ولطلب معونته لإصلاح الذات واكتساب الفضيلة. الاستعانة بكتاب صلاة والعهد الجديد لتغذية صلاتنا وربطها بيسوع. وحفظ بعض الآيات وتردادها. مقياسان مهمّان - المغفرة والتسامح: متى .١٤،٦ - محبة الآخرين بخدمتهم والحفاظ على صيتهم. خاتمـة المشاركة في صلوات الرعيّة والطقوس ومعاشرة يسوع في إنجيله يخلق فينا الشوق لمحادثته والاصغاء اليه والاقتداء به وتتميم إرادته فنتخلّق بأخلاقه وذلك بمعونة الروح القدس وشفاعة أمنا مريم |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صلاة يسوع
الصلاة الهدوئيَّة مقدمة عن الصلاة: الصلاة استراحة للنفس. تحتل الصلاة لدى المؤمن الجهد الأكبر من حياته لأنها تجعله في صلة مع الله مصدر حياته وهدفها. والصلاة يجب أن تكون متواصلة. إن كان الحديث مع الله بتواضع, بإحساس النفس عميق, بإحساس بخطيئتها عندئذٍ لا تكون الصلاة عبئًا على الإنسان بل تريحه خاصة إذا كانت هكذا قلبية. دراسة الكتاب المقدس تساعد كثيرًا لهذا النوع من الصلاة لأن مطالعة الكتاب تُدخل الدفء إلى النفس وتنقل المصلي إلى أجواء روحية. يؤكد لنا الرب يسوع في الإنجيل "إن كل ما تطلبونه في الصلاة فآمنوا أنكم قد نلتموه فيكون لكم"(مر 11: 24). يقف فيها الإنسان أمام الله بالذهن بأعماق كيانه دون أن يستخدم الصور والتخيّلات. يقول القديس سلوان الآثوسي في هذا الصدد: "لا بالتخيلات والصور الممزوجة مع الفكر, لا بالوعي العقلي حيث يشترك الإدراك فقط, بل بالفكر والقلب معًا مع انسحاق وتوبة وإحساس بمحبة الله".يشهد الكتاب المقدس على مثل هذه الصلاة في حياة المسيحيّين الأولى. نقرأ في أعمال الرسل "هؤلاء كلّهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة مع النساء ومريم أم يسوع ومع أخوته"(أع 1: 14). وبولس الرسول يذكّر: "مصلّين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح وساهرين لهذا بعينه بكل مواظبة وطلبة لأجل جميع القديسين"(أف 6: 18).نحن نجد في الكتاب المقدَّس أن كل إعلان إلهي كان يُنظر إليه كظهور إلهي، كفعل الله المباشر. وجنبًا إلى جنب مع ذلك كان الاسم يحوي قوّة مزدوجة حسًا بالإله الحيّ من جهة ومعرفة به من جهة أخرى. من هنا الخوف من "نطق اسمه باطلاً" (خر 20: 7). فالاسم يسوع يدلّنا، أولاً وقبل كل شيء، على سبب مجيء الله في الجسد "لأجل خلاصنا". ففي أخذه طبيعتنا يشير الله إلى أنه بإمكاننا، نحن أيضًا، أن نصبح أبناء الله. ممارسة صلاة يسوع: "أيها الرب يسوع المسيح ارحمني"هذه هي العبارة التي نرددها عادة وفي صيغتها المطوّلة نقول:"أيها الرب يسوع المسيح يا ابن الله ارحمني أنا الخاطىء". تقوم هذه الصلاة على استدعاء الاسم، اسم يسوع, بصورة متواصلة مما يعطي الصلاة قوّتها. القوة تأتي من الاسم ومن استدعائه بصورة متواصلة. الاسم هو قلب الصلاة, يمكن لنا أن نقول "يسوع المسيح" أو نقتصر على اسم "يسوع". عادة نردّد الصلاة مسموعة لكن يمكننا أن نردّدها بالفكر. عندما يتعب اللسان يلتقطها الفكر وعندما يعتاد الفكر عليها ينزلها إلى القلب ليجتمع الفكر مع القلب فيصبح الإنسان كلّه يردّد الصلاة, يصلّي كيانه كله من كل قلبه وذهنه وفكره. ما يجعل هذه الصلاة عمليّة هو أننا نستطيع أن نردّدها في كل حين وفي كل مكان, في الغرفة, في البيت, على الطريق, في المكتب وفي الكنيسة... يمكن أن نصلي ونحن ماشين, واقفين أو جالسين ولكن ليس نائمين. على المبتدئين أن يختاروا في البداية أماكن هادئة وأوقاتًا معينة. هناك إذًا ممارسة مركزة ومبرمجة لصلاة يسوع (هذه الممارسة تدعى قانونًا مثلاً عند الرهبان) وهناك ممارسة حرّة تتم في كل وقت وفي كل مكان. إن صلاة يسوع لها قوة كبيرة إلى حدّ أنها تفعل حتى في اللاوعي. بهذا المعنى نفهم عبارة نشيد الأناشيد "أنا نائم وقلبي مستيقظ"(نش 5: 2 ). هكذا بفضل رحمة السيّد الغزيرة يحيط اسمه بهالة من الفرح والحرارة والنور "اسمك عطر مهراق... فاجذبني"(نش 1: 3-4). لا تتعارض صلاة يسوع مع الصلوات الليتورجية مع العلم أنه في بعض الأحيان يمكن لها أن تحلّ مكان صلاة الغروب والسحر والساعات ما عدا القداس الإلهي. ميزتها أنها تبسِّط حياتنا الروحية (تجعلها بسيطة غير معقدة) وتوحدّها. كل من يصلي صلاة يسوع يتَّحد بالمسيح عن طريق الصلاة وبه وفيه يتحد بأعضاء الكنيسة الجامعة. يتجاوز الانقسامات البشرية. استدعاء اسم يسوع طريق إلى الوحدة المسيحية. "لكن تأتي ساعة وهي الآن حاضرة" يقول يسوع للسامرية (يو 4: 23). أتت الساعة لأن يسوع حاضر. "أنا هو القيامة والحياة", يقول يسوع لمرتا في حادثة إقامة لعازر الرباعي الأيام (يو 11: 25). هي تساعدنا أيضاً أن ندخل في صلة مع أمواتنا. حياتهم الحقيقية هي في يسوع المسيح, في اسم يسوع نتصل بالقديسين "واسمه على جباههم"(رؤ 22: 4). "كل شيء يجمع في المسيح"(اف 1: 10.الاسم يسوع كامل, حضور شامل. عدسة تستقطب نور يسوع الساطع. اسمُ الذي هو نور العالم, يساعدنا على إضرام النار في القلوب "جئت لألقي ناراً على الأرض"(لو 12: 49), لنصبح إناءً مختارًا. فيقول لي المسيح كما لشاول "لأن هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي" (أع 9: 15). القديس غريغوريوس بالاماس (1296 - 1359) تكلم عن النُّور غير المخلوق والتمييز بين الجوهر والقوى. كل ذلك نتيجة خبرة صلاة يسوع. الصلاة أو الهدوء متَّصل بالإيمان القويم, بالأعمال الصالحة وبأعمال الرحمة. ترتبط أيضًا بقراءة الكتاب كما ذكرنا, بالسهر وبالصوم ونظام الطعام, إلى حدّ تستطيع فيها النفس أن تقول مع نشيد الأناشيد "لقد جرح قلبي بالعشق الإلهي ". "يا ربي يسوع المسيح، يا ابن الله، ارحمنا وارحم عالمك"_لقد أُعطي لنا اسم يسوع بكشف من العلى. وهو ينبثق من المدار الإلهي الأزلي وليس بأي شكل من الأشكال نتاج عقل أرضيّ, رغم أنه يعبّر عنه بكلمة بشريَّة يوميَّة. الكشف فعل وهو طاقة الألوهة، وينتمي بحدّ ذاته إلى مدار آخر يتخطّى الطاقات الكونيَّة. وفي مجده السماويّ اسم يسوع يفوق الكون ويسمو عليه. إن من يؤمن بأن وصايا الإنجيل أُعطيت من لدن الإله الواحد الحقّ يستنبط قوَّة من هذا الإيمان بالذات لكي يحيا على صورة المسيح. إن صلاة يسوع في جوهرها هي أرقى أنواع الصلاة في شكلها الخارجيّ، ولكن عمليًا، بسبب عدم تمكننا من الاستمرار فيها لوقت طويل "بذهن نقيّ"، يستعين المؤمنون بـ"المسبحة". هكذا باسم يسوع المسيح يصير ممكنًا أن نغطّي كل حدث داخلي أو خارجي. وهكذا تصبح هذه الصلاة العجيبة شاملة جامعة الهدوء القلبي والصمت في الصلاة: إن لفظ هدوئيّ يعني في الأصل الناسك أو الراهب الذي يعيش في عزلة, لا وسط جماعة رهبانيّة. من هذا المنطلق, تُفهم الهدوئيّة على أنها حالة وجدانيّة داخليّة. أما أعمق معاني الهدوئيّة فهو"العودة إلى الذّات". فالهدوئيّ، بالمعنى الحقيقيّ للكلمة، ليس هو من يمضي الوقت خارجًا في الصحراء, بل هو المسافر داخليًا في قلبه الخاص. ليس الهدوئيّ من ينقطع جسديًا عن الآخرين, مقفلاً باب صومعته, بل إنه من "يعود إلى ذاته" مقفلاً باب نفسه. ولئن كان الهدوئي متوحدًا يعيش في الصحراء, إلاَّ أن الوحدة ليست مكانًا جغرافيًا بل حالة روحيّة. فالصحراء الحقيقيّة موجودة في عمق القلب. الابتعاد عن الناس, والتزام الصمت, والعزلة: هذه هي درجات الهدوئيّة الثلاث. الدرجة الأولى مكانيّة, وهي "الابتعاد عن الناس" خارجيًا وجسديًا. الثانية خارجيّة وهي "الصمت" أي الامتناع عن الكلام. ومن أجل التوصّل إلى الراحة الداخليّة الحقيقيّة لا بدّ من العبور من الدرجة الثانية إلى الدرجة الثالثة, أي من الهدوئيّة الخارجيّة إلى الهدوئيّة الداخليّة _ إلى ما يدعوه القدّيس أمبروسيوس أسقف ميلانو (+ 397) "الصمت الفاعل والخلاَّق". إذًا, الهدوء القلبيّ يعني الانتقال من صلاتي أنا إلى صلاة الله الذي يعمل فيَّ أو, الانتقال من الصلاة "المرهقة" و"الصارمة" إلى الصلاة "العفويَّة" والمتدفّقة". والصمت الحقيقيّ أو الهدوء القلبيّ هو, في معناه الأعمق, مطابق لصلاة الروح القدس غير المنقطعة فينا. وكما يقول القدّيس إسحق السريانيّ: "عندما يسكن الروح القدس في إنسان ما فإنّ هذا الإنسان لا يكفّ عن الصلاة لأنّ الروح القدس يصلّي فيه طوال الوقت. فسواء نام هذا الإنسان أو استيقظ, ومهما فعل, لا تفارق الصلاة نفسه, سواء أكل أم شرب أم خلد إلى النوم, وحتى في سباته العميق, فإنّ روائح الصلاة العطرة تفوح في قلبه ومنه دون عناء".إن استدعاء اسم يسوع يساعدنا على أن نركّز حول نقطة واحدة شخصيّتنا المفكّكة. فاستدعاء اسم يسوع باستمرار يساعدنا على تسليم أمرنا لله والابتعاد عن الثرثرة المتواصلة. هكذا تستطيع صلاة اسم يسوع أن تُحلّ الهدوئيَّة في القلب، وينتج من ذلك أنّ ذكر اسم يسوع يجب أن يتبع إيقاعًا معينًا ومنظمًا من أجل بلوغ الهدف المنشود. ويجب أن يكون هذا الذكر مستمرًّا من دون انقطاع قدر المستطاع، فبعض العناصر الخارجيَّة كمسبحة الصوف والتحكّم بحركة التنفّس، تساعد على تحقيق هذا الإيقاع المنتظم. ثمّ خلال تلاوة الصلاة, يجب أن يكون الفكر خاليًا من كلّ تخيّل عقليّ. الخلاصة : ليست قضية صلاة يسوع في تاريخها بل في ممارستها، فهي لم تزل حيّة خاصة في الشرق المسيحي. هي وديعة من تراثنا المقدّس, كنز ثمين لا يقدّر. كل مصلّ يمكنه أن يعتاد عليها أن يستفيد من ثمارها. حسبنا أن نقرع باب رحمة الله. سيفتح لنا المسيح الإله. إن أحببناه كثيرًا أعطانا كثيرًا فلنقل إليه بحماس. هو يعطينا وصياه الخلاصية، وممّا قاله لنا في ما يختص بالصلاة باسم يسوع: "مهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن إن سألتم شيئاً باسمي فإني أفعله"(يو 14: 13-14) و"الحق الحق أقول لكم إن كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم. إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي. أُطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً"(يو 16: 23-24). الهدوئيَّة طريق مفتوح للجميع: الأمر الوحيد الضروريّ هو الصمت الداخليّ لا الخارجيّ. وعلى الرغم من أنّ هذا الصمت الداخليّ يفترض "أن نقصي في الصلاة" كلّ تخيّل أو تصوّر في الصلاة، فالنتيجة النهائيَّة لهذا الرفض هي "أن نؤكّد", وبحيوّية جديدة, لكلّ شيء ولكلّ شخص، قيمته النهائيَّة في الله؛ ذلك أن الطريق السلبيَّة هي في الوقت عينه "تأكيدًا" ولكنَّه متطرّف. والدليل على ذلك الروايات الموجودة في كتاب "سائح روسي على دروب الربّ". فالفلاّح المجهول، بطل الرواية، يكتشف أنّ ترداد اسم يسوع بلا انقطاع يمنح علاقته بالخليقة الماديّة شكلاً جديدًا، ويجعل كلّ الأشياء شفّافة إذ تتحوّل إلى سرّ الحضرة الإلهيَّة. يقول القدّيس إسحق السوريّ إنّ اقتناء طهارة القلب أفضل من محاولة هداية الأمم. وهو لا يريد بهذا أن يحتقر العمل الرسوليّ بل أن يقول إنّ الإنسان، ما دام لم يتوصَّل إلى درجة معيَّنة من الهدوء الداخليّ، فنجاحه في هداية أيّ إنسان يبقى ضعيف الاحتمال. وهذا ما يعبّر عنه الأنبا موسى (تلميذ القدّيس أنطونيوس الكبير)، بقوله: "لأنَّهم مارسوا الهدوئيَّة بعمق أولاً, امتلكوا قوة الله الساكن فيهم؛ وعندئذ أرسلهم الله بين البشر". المراجع: 1-"أحاديث روحيَّة"، الأرشمندريت أفرام كرياكوس، منشورات دير سيدة البلمند البطريركي، 1996. 2-"الملكوت الداخليّ"، كاليستوس وير، تعريب كاترين سرور، تعاونيَّة النُّور الأرثوذكسيَّة للنشر والتوزيع م.م.، بيروت 2001. 3-"في الصلاة"، الأرشمندريت صفروني (سخاروف)، نقلته إلى العربيَّة الأم مريم (زكَّا), منشورات التراث الآبائي، دوما 1995. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
همسات روحية
لنيافة الأنبا رافائيل روح الصلاة اتجه العالم إلى الفكر العلمي المادي المحسوس، وترك عنه روح الإيمان والصلاة والعبادة.. يؤمن الناس بما يرونه، وينشغلون بما يحققونه من إنجازات بالفكر والعقل والذكاء. تناسى الناس أن هناك الله الذي يحبنا ويستحق منَّا نظرة اهتمام وتقدير.. إنه ينادي في هدوء: "اِلتَفِتوا إلَيَّ واخلُصوا يا جميعَ أقاصي الأرضِ، لأني أنا اللهُ وليس آخَرَ" (إش45: 22).. ولكن ملايين البشر عنه لاهون .. حقًا قال الرب يسوع: "ماذا يَنتَفِعُ الإنسانُ لو رَبِحَ العالَمَ كُلَّهُ وخَسِرَ نَفسَهُ؟ أو ماذا يُعطي الإنسانُ فِداءً عن نَفسِهِ؟" (مت16: 26). لا شك أن الإنسان استطاع بهذه القدرة الجبارة التي وضعها الله فيه واسمها العقل .. أن يعمل إنجازات كثيرة جدًّا، ويتغلب على الطبيعة الغاشمة، ويبني السدود والأبراج، ويغلب الأمراض والأوبئة، ويصنع الحضارة بكل ما فيها من خير للبشر .. الله نفسه يفرح بهذه الإنجازات المفيدة، لأنه وضع فينا العقل والقدرة على التفكير من أجل هذا. لقد خلقنا الله متميزين عن باقي الخليقة بالعقل والإرادة والحرية، فهل من المعقول أن نستخدم هذه العطايا الإلهية للبُعد عن الله، ونتناسى بل ونتجاهل وجوده في الكون. يستطيع الإنسان أن يعطي لكل شيء وقتًا.. للعب والفرجة عن النفس وللإجازة والمصيف ولمتابعة أمواله في البنوك وأسهمه في البورصة، وللحب والعلاقات الإنسانية، وللقراءة والتعلم والتدريب، والعمل والإنتاج، ويعطي وقتًا للإعلام بكل أنواعه ووسائله .. أما الله فليس له وقت، بل ليس له مكان في خريطة اليوم، بل وفي حياتنا كلها. آه لو يعود الإنسان مرة أخرى إلى الإيمان. آه لو اقترنت الحضارة الحديثة بنعمة الإيمان. آه لو خصصنا وقتًا ضئيلاً للصلاة والحديث مع الله، والتمتع بحبه وأبوته ورعايته. ما المانع أن الحضارة الحديثة تشهد للإيمان ولا تتعارض معه؟ لماذا يتكبر الإنسان على الله نفسه، ويتجاهل وجوده، ويتجاهل أن الله هو صانع الإنسان وعقله وحكمته وذكائه؟ لماذا يتجاهل البشر أنهم لم يستطيعوا غلبة الموت؟ وهل يتوقع البعض أن حياة الإنسان ستنتهي بالموت، ولا يكون هناك الله يحاسبنا على حياتنا وأعمالنا؟ وهل حياة تنتهي بهذا المصير المتلاشي تستحق المثابرة والجهاد والتعب والعناء والإنتاج؟ إن أجمل ما في الحياة أننا سنقف أمام الله ليكافئنا عن أعمالنا. هل لم يفكر البشر في هذه اللحظة الجميلة التي سنتواجه فيها مع خالقنا الذي أوكلنا على أمر الحياة على الأرض حقًا .. ماذا ينتفع الإنسان؟ |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حول الموت والصلاة لأجل الراقدين من أحاديث المطران أنطوني سوروجسكي (بلوم) إذا كنتم تؤمنون بأن الصلوات لأجل الأحياء تساعدهم، فلماذا تعتبرون من غير المعقول أن تصلّوا لأجل الراقدين؟ إن الحياة متواصلة بحسب قول الإنجيلي لوقا: "وَلَيْسَ هُوَ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ" (لو20: 38). "المحبة قوية كالموت" (نش8: 6) على سبيل المثال، الكلام المكتوب أو المنطوق للوعاظ والفلاسفة والكتّاب ورجال السياسة والذي قد غيّر مصير إنسان واحد أو البشرية كلّها يبقى في دائرة مسؤولية أصحابهم سواء أكانت نتائج هذا الكلام سلبية أو إيجابية. وبالتالي يتعلّق مصير هؤلاء الناس بنوعية تأثيرهم على حياة الذين يعيشون بعدهم. إن آثار حياة كل إنسان تبقى قائمة حتى يوم الدينونة، ويتحدّد مصيره في الأبدية ليس فقط بالفترة القصيرة من حياته الأرضية بل بنتائج حياته وآثارها الإيجابية والسلبية. إن الذين قبلوا البذور مثل التربة الخصبة بإمكانهم التأثير على مصير الراقدين بصلواتهم التي يطلبون من الله فيها أن يبارك الإنسان الذي كان قد غيّر حياتهم وساعدهم على إيجاد معنى الحياة. وعندما يتوجهون إلى الله بهذه المحبة والإخلاص والشكر غير المحدود ويدخلون الملكوت الأبدي الذي لا يعرف الحدود الزمنية، فيصبحون قادرين على التأثير على مصير الإنسان الراقد. إننا لا نطلب من الله أن يكون غير عادل، كما لا نتضرّع إليه أن يغفر الإنسان الراقد بالرغم من كل ما ارتكبه من الخطايا فحسب، بل نرجو منه أيضاً أن يباركه من أجل كل ما صنعه من الخير وحياة الناس الآخرين دليل على ذلك. إن صلاتنا هي عمل المحبة والشكر لأن حياة الإنسان الراقد تجد استمراراً في حياتنا إلى حدّ ما. لا نرجو من الله أن يكون غير عادل ولا نتصوّر أن محبّتنا وتعاطفنا يفوق محبّة الله، ولا نطلب منه أن تزداد رحمته إثر طلباتنا، بل ندلي بشهادة جديدة أمام الله نرجو منه قبولها وبركة الإنسان الذي لعب دوراً كبيراً في حياتنا. ومن المهمّ أن نفهم أن الهدف من هذه الصلاة ليس إقناع الله بشيء بل الشهادة بأن حياة الإنسان لم تذهب هباء وأنه كان يحبّ ويُحَبّ. كل من كان مصدراً للمحبة بشكل من الأشكال له حق الدفاع أمام المحاكمة الإلهية، ولكن الذين بقيوا على الأرض بعده عليهم الإدلاء بالشهادة بما كان قد عمله من أجلهم. لا يجري الحديث هنا عن العواطف الطيبة فقط. يقول القديس إسحق السرياني أن الصلاة يجب ألا تقتصر على الكلام، بل لا بد أن تصبح حياتنا كلها صلاة لله. ولذلك إذا أردنا أن نصلّي من أجل أحبّائنا الراقدين فلا بد أن توافق حياتنا هذه الصلاة. لا يمكن أن نكتفي بشعور ينشأ من وقت إلى آخر تجاههم ونطلب حينئذ من الله شيئاً لأجلهم، بل من الضروري أنّ كل بذرة محبة وحق وقداسة كانوا قد بذروها تأتي بثمر في حياتنا، بحيث يمكننا أن نتمثّل أمام الله لنقول إن الإنسان الفلاني قد بذر خيراً وكانت له صفات جعلتني أسير في الطريق الصحيح، ولكن هذه الثمار من الخير ليست لي بل له وهي مجده وتبريره إلى حدّ ما. للكنيسة الأرثوذكسية نظرة معيّنة إلى الموت والدفن. تبدأ صلاة الجناز بقول: "تبارك الله إلهنا..."، فلا بد من إدراك مدى خطورة هذا الكلام الذي يقال غصباً عن الموت والخسارة الصعبة والألم. أساس هذه الصلاة هي صلاة الصباح التي هي صلاة التمجيد والنور، حيث يقف أقرباء الراقد حاملين شموعاً مشتعلة في أيديهم وهي رمز القيامة. الفكرة الرئيسية من هذه الصلاة أننا نواجه الموت في الحقيقة، ولكن الموت لم يعد يخيفنا إذا كنّا ننظر إليه من خلال قيامة المسيح. وفي نفس الوقت من شأن هذه الصلاة إبراز ناحيتين للموت وازدواجيته. من ناحية، ليس من المعقول قبول الموت، إنه رهيب ونحن قد خُلقنا للحياة، ومن ناحية أخرى، الموت هو مخرج وحيد من العالم الذي أصبح رهيباً بسبب الخطيئة البشرية. لو ثبت عالم الخطيئة هذا إلى الأبد كما هو لكان جحيماً، ولكن الموت هو شيء وحيد يسمح بالخروج من هذا الجحيم المملوء بالألم والخطيئة. إن الكنيسة ترى هاتين الناحيتين، ونجد القديس يوحنا الدمشقي يتحدث في هذا الموضوع بكل وضوح، لأن الإنسان المسيحي لا يمكن أن يكون رومانسياً إذا جرى الحديث عن الموت. الموت هو الموت، وعندما نتحدث عن الصليب فيجب أن نتذكر أنه آلة الموت. الموت هو الموت بكل طبيعته البشعة والرهيبة، ولكن في نهاية المطاف هو الشيء الوحيد الذي يعطينا الأمل. من ناحية، نشتاق إلى الحياة، ومن ناحية أخرى، نشتاق إلى الموت أيضاً لأنه لا يمكن التوصل إلى كمال الحياة في هذ العالم المحدود. لا شكّ أن الموت هو الفساد ولكن هذا الفساد يقودنا بفضل النعمة الإلهية إلى كمال الحياة الذي لولا الموت لما كان من الممكن التوصّل إليه. يقول بولس الرسول: "الموت هو ربح" (في1: 21) لأننا ما دمنا في هذا الجسد نكون منفصلين عن المسيح. وعندما تكتمل مسيرتنا الأرضية بغضّ النظر عن الفترة الزمنية يجب أن نترك هذه الحياة المحدودة لدخول الحياة الأبدية. الجناز في الكنيسة الأرثوذكسية يقام حول التابوت المفتوح لأن الكنيسة تنظر إلى الإنسان ككائن متكامل له جسد وروح تهتمّ بهما على حد سواء. الجسد الذي تم تحضيره للدفن ليس كمجرّد ملابس تم خلعها لتحرير النفس كما يظن البعض، بل الجسد بالنسبة للإنسان المسيحي أهم من ذلك بكثير، فكل ما يحدث للنفس يشارك فيه الجسد أيضاً. إن التواصل مع هذا العالم ومع العالم الإلهي يتمّ من خلال الجسد إلى حدّ كبير. كل سرّ كنسي هو هبة من الله للنفس البشرية يشارك فيها الجسد أيضاً من خلال الأعمال والموادّ المعيّنة مثل الماء والزيت والخبز والخمر. لا يمكن أن نصنع خيراً أو نرتكب خطيئة إلا إذا شارك الجسد الروح في ذلك. ليس الجسد مخصصاً لمجرّد ولادة النفس ونضوجها ورحيلها، بل منذ اليوم الأول وحتى اليوم الأخير يكون الجسد مشاركاً للروح في كل ما يخصّها، ولا يكون الإنسان متكاملاً إلا بالروح والجسد معاً. فيبقى الجسد إلى الأبد مختوماً بختم الروح وحياتهما المشتركة. كما يرتبط الجسد بالروح هكذا يرتبط بالرب يسوع المسيح من خلال الأسرار الكنسية، فعندما نتناول جسد ودم الرب يتّحد الجسد بالعالم الإلهي الذي يمسّه من خلال هذا السر. إذا كان الجسد بلا روح فهو مجرّد جثة، أما الروح بلا جسد، حتى لو كانت روح القديس الصاعدة إلى السماء مباشرة، فهي لم تتوصل بعد إلى حالة النعمة تلك التي يُدعى إليها الإنسان بعد انقضاء الدهر عندما سينير مجد الله سواء في الروح أو الجسد. تُرجم من كتاب "مدرسة الصلاة" للمطران أنطوني سوروجسكي |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لماذا نفرح في التجارب؟! http://www.peregabriel.com/gm/albums...ormal_0430.jpg 1. عادة ما يأتي الشيطان ليهمس في أذاننا وقت التجارب بأن الله قاسٍ، لا يحبنا إذ سمح بهذه الآلام لنا، ولكن الشيطان كذاب وأبو الكذاب يو8: 44 ولنعلم أن:- 2. الله استمر في خلقة العالم ألاف الملايين من السنين ليجد آدم جنة يحيا فيها. 3. الألم دخل للعالم بسبب خطية آدم وليس بسبب قسوة الله "أنا اختطفت لي قضية الموت... وطبعًا اختطفت لي قضية الألم". 4. إذًا الألم ليس غضب من الله وكراهية وإلا فهل كان الله غاضبًا على المسيح وعلى بولس وعلى الطفل أبانوب. 5. قيل عن المسيح أن الله يُكمِّل رئيس خلاصهم بالآلام (عب 2: 10) ومن هنا نفهم أن الألم صار وسيلة للكمال. ولكن الألم يُكمِّل المسيح أي ليصير المسيح مثلى مختبرًا الألم، ليشابهنا في كل شيء. أما الألم لي أنا فيُكمِّلنى لأشبهه أنا الناقص الخاطئ. 6. المسيح جاء ليتألم معي ويشترك معي في الألم علامة محبة منه. والمسيح كإله قدير "حول العقوبة لي خلاصًا" فصار الألم طريق الكمال وبالتالي طريق السماء. ببساطة صار الألم لإصلاح العيوب التي فيَّ فأكمل. 7. الله استخدم الألم مع أيوب لينزع من داخله خطية كانت ستحرمه من السماء والله استخدم الألم مع بولس ليحميه من الكبرياء، حتى لا يسقط فيه. 8. صار الألم (والتجارب) كمشرط الجراح الذي ينزع من داخلنا حب الخطايا والميول المنحرفة، فكل منا تسكن الخطية فيه، لذلك ترك المسيح الألم لنا بعد الفداء (رو 7). 9. الشيطان في كذبه يستغل معاناتي من الألم ويشتكى الله بأنه قاسٍ، ويخفى عن عينيَّ محبته في تكوين العالم لأجلى، ولا يذكرني سوى بالألم. 10. هناك تعليم خاطئ، أن الله يجربني ليعلم ما في قلبي!! ولكن هذا خطأ. فالله فاحص القلوب والكلى ولا يحتاج لأن يجربني حتى يعرف ما في داخلي. بل هو يسمح بالتجارب لأكمل، فهو صانع خيرات "من تألم في الجسد كُفَّ عن الخطية" (1بط 4: 1)، "وبضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله" (أع 14: 22). وهذا التعليم الخاطئ كم سبب من ألام لأناس ظنوا أن الله يجربهم ليعرف ما في قلوبهم. 11. الله له أدوات يكمل بها الإنسان فهو يعطى عطايا مادية وبركات مادية وروحية تفرح الإنسان، ويسمح في نفس الوقت بآلام فهي طريق الكمال. وكلاهما (العطايا والآلام) هي طريق السماء. فكل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله (رو8: 28). 12. المشكلة الأساسية هي أننا مولودين بالخطية "بالخطية ولدتني أمي"، "والخطية ساكنة في جسدي" (رو 7: 17) وفي داخلنا عصيان وتمرد على الله. وأشهر انحراف في داخلنا هو محبة العالم والتلذذ به ونسيان الله وتركه. بل تحول العالم بدلًا من أن يكون أداة نحيا بها ليكون إله نسعى وراءه. لذلك فمحبة العالم عداوة لله (يع 4: 4) صرنا نتعبد للعالم، ولا نعرف طريقًا للذة سوى العالم وشهواته، ولم نعد نعرف أن الله قادر أن يشبعنا ويعطينا لذات روحية تسمو على اللذات العالمية. بل نسينا الله فصارت محبة العالم عداوة لله. ولذلك سمح الله بالألام أن تستمر... ولكن هل الألام تنقى ؟ حاشا بل التنقية هي بدم المسيح "دم يسوع المسيح إبنه يطهرنا من كل خطية" (1يو1: 7)، "والمتسربلون بثياب بيض في السماء غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف" (رو7: 14). إذاً ما فائدة الضيقة: 1. بها نزهد في محبة العالم بل تعمل على أن نكره الخطية التي سببت الألم. 2. نرتمي في حضن المسيح فيطهرنا دمه من كل خطية. أما من يجرى وراء العالم فكيف يطهره دم المسيح. التجارب هي فطام عن العالم، هي كأم تضع مرًا على إصبع طفلها حتى لا يضعه في فمه. والعجيب أن الله لا يتركني وسط التجارب، بل يعطيني عزاء وصبرًا لأتحمل، وهذا ما قالته عروس النشيد شماله (التجارب) تحت رأسي ويمينه (تعزياته) تعانقني (نش 2: 6). وهنا نجيب على السؤال لماذا نفرح في التجارب: 1. علامة حب من الله فمن يحبه الرب يؤدبه (عب 12: 6). وبهذا يجذبنا الله من محبة العالم. 2. طالما سمح الله بالتجارب فهو ينوى أن يخلصني من طبيعتي الساقطة والانحرافات التي في داخلي. فالفرح هو لأنني سأكمل بها وهي طريقي للسماء. 3. طالما هي شركة ألم مع المسيح فهي شركة مجد. إذًا هي طريقي للمجد. 4. بها تزداد تعزياتنا. ولكن لماذا لا نتعزى؟ أ. من لا يتعزى هو من شك في محبة الله وصدَّق خداع الشيطان أن التجربة علامة عداوة من الله. فقرر أن يتصادم مع الله، وإمتنع عن الصلاة، متصوراً أن الله يقسو عليه، ولا يريد أن يستمع له ويخرجه من التجربة. مثل هذا الإنسان تجده يشتكى الله دائماً أمام الناس، ويتصور أن الله يحب الناس كلها إلا هو. هو صَدَّق خداع إبليس. ب. امتنع عن الصلاة وطلب تعزيات الله. 5. والحل أ. أن يصدق هذا الإنسان أن الله يحبه وبالتجارب يكمله ويعده للسماء. ب. أن يؤمن بالله، ليس بأن الله واحد، فهذه حتى الشياطين تؤمن بها بل بأن الله صانع خيرات. ت. يقف ليصلى طالبًا التعزيات، ويقول لله " أنا أثق أن ما تسمح به هو للخير ولكني لست فاهم، ولكنك لا تخطئ فيما تسمح به يا رب. 6. التجارب لها هدف هام جداً. فبها نكتشف يد الله القدير. ربما بالخيرات المادية والروحية نكتشف الله الحنون، ولكن بالتجارب نكتشف يد الله القوية التي تستطيع أن تخرجنى من الضيقة. وبهذا ينمو إيماننا لكن بشرط أن نظل نشكر في خلال التجربة (كو2: 7) والشكر ممكن وسط الضيقة لو وضعنا في قلوبنا 1) الله لا يخطئ. 2) الله يحبنى. 3) الله صانع خيرات. 7. الله أب حنون يعلم التأثير المؤلم للتجربة على الإنسان، لذلك لا يتركه وحده بل يقول له "أنا معك" ويعطيه التعزية والفرح مما يجعله ينتصر على التجربة بل لا يشعر بها تقريبا. ويبدو أن هناك فهم خاطئ عند كثيرين، وهم الذين يتصورون أنه طالما الرب معنا فلا يمكن أن نتألم. وكان هذا موقف جدعون حينما قال له الملاك الرب معك (قض6: 12) فقال جدعون للملاك "إذا كان الرب معنا فلماذا أصابتنا كل هذه". ولكن ما حدث لهم من ضيقات كان لتأديبهم. وهذا من محبة الله (عب12: 6). ويقول الكتاب " وكان الرب مع يوسف "في بيت فوطيفار ومعه في السجن" (تك39: 2، 21) ورأينا ما حدث له من رعاية الله له والنعمة التي أعطاها له الله في أعين الجميع. وأنظر نتيجة تدابير الله مع يوسف. وهذا نفس ما حدث للثلاثة فتية، فهم لم يشعروا بآلام النار، بل تعزوا بوجود ابن الله معهم وسطها، وحُلَّتْ أربطتهم، بل كانوا شهادة للملك بأن الله مع أولاده يحميهم. إذًا لنفهم أن الله معنا في الضيقة يحفظنا فيها ويعزينا والنتيجة دائمًا للخير وهذا ما يفرحنا. أما ناقصي الفهم فمنطقهم"هل جزاء طهارة يوسف وحفظه للوصية أن يباع كعبد ويدخل السجن"! والإجابة أن تدبير الله كان لخير يوسف ولمصر ولكل المنطقة. تردد هذا السؤال عبر الكتاب المقدس لماذا الألم للأبرار؟ قاله أيوب وأرمياء وأساف (مزمور 73). وهذا سؤال الفلاسفة عبر العصور. وهنا يعقوب يقول بل نفرح في الألم لأنه تحوَّل إلى وسيلة للخلاص. وإذا فهمنا هذا لن نقول "لماذا أتت التجارب" بل نقول "لماذا لا تأتى التجارب" والفاهم يقول "لماذا لست أنا المجرب" ولا يقول "لماذا أنا المجرب يا رب". الألم دخل للبشرية بسبب خطيتي. والمسيح في محبته جاء ليشترك معنا في ألامنا، ويقول لنا الآن احتملوا معي بعض الآلام "أما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة " قال الأنبا بولا " من يهرب من الضيقة يهرب من الله". وقال أبونا بيشوي كامل "مَنْ ليس له صليب فليبحث له عن صليب، نفس بلا صليب كعروس بلا عريس". وبولس الرسول بالرغم من كل ألامه كان يقمع جسده ويستعبده، فهو يبحث عن صليب فوق صليب. فمن فهم مفهوم الصليب يجرى وراءه. لذلك قال داود النبى "أبلنى يا رب وجربنى، نقى قلبى وكليتىَّ" (مز26: 2) "سبعينية" فهو يطلب التجربة إذ فهم أنها تنقى وبالتالى يرى الله. وهذا هو نفس منطق يعقوب الرسول هنا أن نفرح في التجربة. أية 3: - عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْرًا. امتحان إيمانكم = امتحان لا تعني أن الله لا يعرف إيماننا فيمتحننا لكي يعرف، بل الله يعرف فهو فاحص القلوب والكلى، لكن نحن لا نعرف ما هي طبيعة إيماننا والله بهذا الامتحان يكشف لنا طبيعة ونوعية إيماننا. هكذا سأل المسيح فيلبس "مِنْ أين نبتاع خبزًا ليأكل هؤلاء، وإنما قال هذا ليمتحنه لأنه هو علم ما هو مزمع أن يفعل" (يو 6: 5-7) فلقد كان إيمان فيلبس ضعيفًا، والسيد أراد أن يظهر له هذا الضعف ليصلح من إيمانه. فالله يمتحن إيماننا ليظهر ضعفات إيماننا ويظهر لنا إيماننا المشوه من جهة الله، وأخطائنا الإيمانية، ويكشف عن معرفتنا المشوهة من جهة المسيح فالتجارب لازمة لتظهر نوعية إيماننا. فهناك من يتصادم مع الله مع أول تجربة، وهناك من لا يثق في غفران المسيح ويظل مثقل بالذنوب ومع كل تجربة يظن أن الله ينتقم منه فيزداد ابتعادًا عن الله. وماذا أفعل لو اكتشفت ضعف إيماني أو أن معلوماتي عن الله مشوهة؟ هناك حل واحد... المخدع = عليَّ أن أتعلم أن أدخل مخدعي وأصلى وأدرس كتابي المقدس وأعطى للروح القدس فرصة ليحكى لي ويعرفني بمن هو المسيح "هذا يأخذ مما لي ويخبركم" (يو 16: 14). وإصلاح الإيمان في منتهى الأهمية، فبدون إيمان لا يمكن إرضاؤه (عب 11: 6). وهذا سبب آخر للفرح بالتجربة، أنها ستكشف لي حالة إيماني المريضة فأذهب لحجرتي لأسمع صوت الروح القدس الذي يصحح ويشفى إيماني، ويعطيني ثقة ومحبة لشخص المسيح. إذًا التجارب التي يسمح بها الله لابد أنها ستصلح شيئًا ما في داخلي. لكن لابد من الصبر والقبول وعدم التذمر حتى تؤتى التجربة بثمارها. أما التذمر فيعطل عمل الله. ينشئ صبرًا = التجارب المتلاحقة مع رؤية يد الله القدير تجعل الإيمان يزداد. وهذا ما حدث مع داود، فلقد كانت له خبرات سابقة مع أسد ودب قتلهم، وهذا أعطاه إيمان قوى وقف به أمام جلياط. لذلك فالتجارب المتلاحقة مع الشكر وعدم التذمر تزيد الإيمان. والإيمان يولد صغيرًا وينمو، لذلك قال التلاميذ للسيد "زد إيماننا" (لو 17: 5) وإيمان أهل تسالونيكي كان ينمو (2 تس 1: 3) وبولس الرسول يقول أن الإيمان ينمو بالشكر وعدم التذمر (كو 2: 7) ومع التجارب تزداد التعزيات التي يعطيها الله كمسكن للآلام حتى نحتمل التجربة ومع زيادة الإيمان ومع التعزيات ينشأ الصبر. فالصبر ليس صبر الخضوع والاستسلام وليس هو شجاعة بشرية ولكنه توقع بثقة في تدخل الله، كما عمل معنا مرات كثيرة سابقًا، هو عطية إلهية نتيجة إيمان ينميه الله وتعزيات يعطيها الله (2 كو 1: 5). ولذلك تعلمنا الكنيسة الشكر في كل حين وعلى كل حال. ولكن الصبر حقًا هو عطية من الله ولكن الجهاد البشرى المطلوب هو الشكر مع عدم التذمر حتى نحصل على هذه العطية. أية 4: - وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ. ولماذا نصبر، ولماذا يعطينا الله صبرًا وما فائدته؟ أن نكون تامين وكاملين فكما رأينا أن فائدة التجارب أن نصبح كاملين. إذًا حتى نكمل علينا أن نصبر على التجربة حتى تأتى بثمارها ونكمل. فنحن مولودين بالخطية، لنا طبيعة متمردة عاصية، نحب العالم وهذا عداوة لله، والله يعالج كل هذا بأنه يسمح ببعض التجارب حتى نزهد في محبة العالم ولا نتعلق به بل نشتاق للسمائيات ونبدأ نتذوق لذتها محتقرين لذة الأرضيات وبهذا نكمل. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). هذا هو العمل التام للصبر أن نَكمُل. لكن علينا أن لا نتذمر وسط التجربة بل نشكر عالمين أن كل ما يسمح به الله هو للخير ولبنياننا وحتى نتزين بالفضائل وحتى ننال إكليلًا أبديًا (1 بط 5: 10). أما التذمر فهو يوقف ويعطل عمل الله ويوقف تعزيات الله التي بها نحتمل التجربة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الشباب في عالم فاسد
شبابنا اليوم يعيش متسلقا جبال الوهم يركض حينا ويتعب حينا آخر، أحيانا يمسك بيده إيجابيات ما يحصل من تقدم في هذه الحياة فينتج أمور رائعة ومفيدة له وللجميع من حوله. و يمسك حينا آخر بيده الأخرى فساد هذا العالم، فينتج خطرا وتمرد عن الله خالق كل شيء، فيغرق الشاب في سراب الخطية الغدارة التي تريد أن تهلكه فترميه أرضا. لهذا كلمة الله تحذر الشباب من فساد هذا العالم الشرير ومن الوقوع في شرك إبليس فتقول لهم بكل جدية: احذر من خطر الخطية: "لأنها طرحت كثيرين جرحى وكلّ قتلاها أقوياء" (أمثال 36: 6)، أيها الشاب، إبليس يحضّر لك العدة من أجل اتمام مهمته وهي الوقوع في فخ الخطية الخطير، فيجعلها تبدو مزينة ومشرقة ورائعة، خطرها أكبر بكثير مما تظن، تدخل كالأفعة في ملمس مغري حتى تتمكن منك لتبخ سمها القاتل في مكان قوتك فترميك بلا حراك. احذر منها وفكر جيدا قبل القيام بأي خطوة تدمر حياتك. ثبت نظرك على المسيح: "فإن قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله. اهتموا بما فوق لا بما على الأرض" (كولوسي 1:3)، أيها الشاب الذي تحيا في عالم الفساد تعال للمسيح واطلب منه الغفران وآمن به فهو يستطيع أن يمنحك الخلاص الكامل المنجز على الصليب، وبعد هذا انظر إلى فوق، اجعل قلبك متجها نحو الكنوز السماوية البعيدة عن فساد العالم، فمن هناك ومن المسيح مباشرة تأخذ القوة لكي تتغلب على خطر الخطية المحدق بك. قف واجه الأمر بقوّة المسيح "لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوّة والمحبة والنصح" (1 تيموثاوس 7:1). اسلك بالروح: "وإنما اقول اسلكوا بالروح فلا تكلمّلوا شهوة الجسد" (غلاطية 6:15)، الله يطالبك أيها الشاب أن تمتلىء بالروح القدس لكي تكون فعالا في تقديم رسالة المسيح للعالم وسط ظلام هذا المجتمع. لا تتراجع بل تقدم بخطى ثابتة معتمدا على شخص المسيح، فالله سيجعلك بركة لكثيرين من الشباب المنهار تحت نتائج الخطية المرعبة التي حطمت الكثير منهم ومن العائلات التي وقعت مستسلمة لها. اسلك بالروح وكن ذلك الشاب الذي يقف في الثغر لكي تفوح منك رائحة المسيح الذكية، حاملا شعلة الكلمة التي تنير القلوب وتعيد هذا الشباب المتمرد من ظلمة العالم إلى نور محبة الآب السماوي. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بين ظلم الأرض والحق الإلهي
كلما نظرت من حولك بنظرة صادقة خارجة من قلب متحّير وحزين، لن تجد للأسف سوى الظلم الموشح بالسواد النابع من عرين إبليس حيث يجول ليلا ونهارا لنشر ظلمه وسط أرضنا التي أصبحت منكوبة بسببه "اصحوا واسهروا لأن ابليس خصمكم كأسد زائر ملتمسا من يبتلعه هو" 1 بطرس 8:5. حروب ومجازر في كل مكان، أطفال ونساء يموتون بلا سبب فقط لأن رأيهم يخالف رأي الأخر. "من أين الحروب والخصومات بينكم أليست من هنا من لذاتكم المحاربة في أعضاكم" يعقوب 1:4، أليس إبليس بنفسه يلعب في أفكار الناس ليوجههم نحو الشر ونحو الفساد و الكره والحقد. باتت الأرض مليئة بالخطية حيث حطمت الكثير الذين أصبحوا في أسر ذلك اللعين حيث هدفه الوحيد إغراق الأرض بما فيها بالخطية لكي تنفصل عن الله فيأخذها معه إلى الدينونة النهائية. ووسط هذا الدمار و الخراب نجد الحق الإلهي الذي هو فوق الجميع يظهر بنوره الساطع البهي، نور مليء بالقداسة وبالحق وبالعدل وبالرحمة ليخرق هذا الصمت وهذا الكم الكبير من الظلم والحقد ليعلن محبة أزلية خارجة من قلب الله فتغّير القلوب المظلمة لتجعلها تتمسك من جديد بمرساة النجاة وسط أمواج البحر الهائجة فتعم السكينة والمحبة والغفران والمسامحة مكان السواد والظلم وتتغيّر الأفكار الشريرة إلى أفكار مليئة بالمحبة والخشوع" المجد الله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرّة" لوقا 14:2. كم نحتاج جميعا وخاصة في منطقة الشرق الأوسط الحبيبة لكي نرجع إلى كلمة الله حيث من خلالها نفهم معنى الحق الإلهي الرائع بحقيقته حيث يمتزج الحق مع الرحمة النابع من الله نفسه نحو الخطاة ليعطيهم فرصة النجاة من فخ إبليس "لأن رحمتك قد عظمت إلى السموات وإلى الغمام حقّك. ارتفع اللهمّ على السموات. ليرتفع على كل الأرض مجدك" مزمور 10:57. عزيزي القارىء: اذا كنت تتخبط في خطاياك وتعيش وسط الظلام الدامس والقلق يملىء قلبك وتشعر بأن لا أمل لك في الحياة، غّير مسارك نحو الحق الإلهي وستجد المسيح الذي حمل كل خطاياك على الصليب مستعدا ليمنحك الغفران التام والسلام الكبير اذا اتيت اليه بخشوع وتواضع تائبا عن كل ماضيك وحاضرك ومؤمنا بأنه يستطيع أن يمنحك الخلاص ويجعلك تنطلق إلى افق جديد تغوص فيه داخل بحر محبة الله الواسعة التي لا حدود لها. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في رسالة يعقوب الاصحاح الاول أية 22:- وَلَكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ. https://images.chjoy.com//uploads/im...99360ebe1f.jpg تفسير هذه الآية في (رو2: 13) "لأن ليس الذين يسمعون الناموس هم أبرار عند الله بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون " وفي تشبيه السيد المسيح لمن يسمع ولا يعمل تجده في (مت 7: 26، 27). وفي الآيات التالية نجد تشبيه الرسول نفسه لمن يسمع ولا يعمل. الآيات 23، 24:- لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعًا لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلًا، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلًا نَاظِرًا وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ،، فَإِنَّهُ نَظَرَ ذَاتَهُ وَمَضَى، وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُوَ. مَنْ يسمع الكلمة ولا يعمل بها يُشَبِههُ الرسول هنا بِمَنْ يرى وجه خِلقته في مرآة ويرى العيوب التي في وجهه (قذارة مثلًا)، وبالرغم مما رآه فهو يمضى دون أن يصلح شيئًا من عيوبه. بل يظل طوال النهار يفكر في وسامته وينسى العيوب التي كانت فيه. والكتاب المقدس هو كمرآة تكشف خفايا الروح وتظهر لنا خطايانا حتى نندم عليها ونقدم عنها توبة، المهم هو محاولة ترك الخطية وليس سماع الكلمة فقط وهكذا نستمع لعظات نكتشف فيها عيوبنا وسرعان ما نغادر المكان وننسى ما سمعناه من تعليم أو وعظ. ومعنى ذلك أن الاكتفاء بالاستماع لكلمة الله دون العمل بها لا يعمق الكلمة في داخلنا. ومن مثل السيد المسيح (مت 7: 26، 27) نفهم أنه حين نعمل أي نحاول تنفيذ ما سمعناه يكون هذا هو الأساس الصخري الذي يحفظ البيت من السقوط. أو هو الذي يثبت كلمة الله في داخلنا. وبدون العمل تُنسى كلمة الله ويضيع تأثيرها تمامًا كمن يبنى بيته على الرمال فلا يجد ما يرتكز عليه. إن تنفيذ الوصية والعمل بها يجعلنا نختبر المسيح ونعرفه حقيقة، ومن يعرفه سيرفض أفكار الشيطان عنه بأن المسيح قاسٍ إذا هبت رياح التجارب. أية 25:- وَلَكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ - نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ - وَثَبَتَ، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعًا نَاسِيًا بَلْ عَامِلًا بِالْكَلِمَةِ، فَهَذَا يَكُونُ مَغْبُوطًا فِي عَمَلِهِ. من إطلع = نظر بتفرس وتأمل وبحث واجتهاد، ليس كمن ينظر في مرآة بطريقة سطحية ويمضى وللوقت ينسى ما هو. بل ينظر ويدقق ليرى عيوبه ويستمع للوصايا وينفذها ليصلح من عيوبه. الناموس الكامل = بالمقارنة مع ناموس موسى الذي كان ناقصًا ولم يصل بأي أحد للكمال، مثلًا كل ما وصل إليه "لا تزن". لذلك جاء المسيح "لا لينقض الناموس بل ليكمل صورة من وحي سفر حزقيال 11: "وَأُعْطِيهِمْ قَلْبًا وَاحِدًا، وَأَجْعَلُ فِي دَاخِلِكُمْ رُوحًا جَدِيدًا، وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِهِمْ وَأُعْطِيهِمْ قَلْبَ لَحْمٍ،" (سفر حزقيال 11: 19) ناموس الحرية = بالمقارنة مع ناموس موسى الذي كان مؤدِّبنا إلى المسيح (غل 3: 24) هو إذن كان للتأديب أي يفرض عليَّ ما لا أريد أن أعمله. هو أوامر على من يسمعها أن ينفذها وإلا يعاقب فهو ناموس عبودية. أما ناموس المسيح فهو وصايا مكتوبة بالروح القدس على القلوب، ومن كتبت على قلبه ينفذها عن حب سكبه الروح القدس في قلبه (رو5: 5) + (يو14: 23) + (أر31: 33) أما ناموس موسى فكان مكتوبًا على ألواح حجرية خارج القلب. أما الروح القدس فحول القلب الحجري إلى قلب لحم (حز 11: 19). والمحبة التي يسكبها الروح القدس تحول القلب الحجري إلى قلب لحم فيطيع الوصية لا عن خوف بل عن حرية، حبًا في المسيح، لذلك هو ناموس كامل يخاطب من ولد من الله بطبيعة جديدة تشتمل على رغبات وأشواق بحسب كلمة الله. هذه الولادة ترقى طبيعة الإنسان وتنميها وتكملها. بل أن الإنسان الداخلي فينا والذي هو على صورة المسيح بحريته يختار طريق المسيح، فالمسيح داخلنا. وبهذه الطبيعة نعمل الأعمال الصالحة ومشيئة الله ونتشبه به في صفاته لأننا صرنا أبناءه. لقد حررنا المسيح بقوة الدم من سلطان الخطية ووهبنا حرية الأبناء. بهذا تصير كلمة الله بالنسبة لنا عملية فلا يكون الواحد منا بعد ذلك سامعًا ناسيًا، بل كلمة الله ثابتة فيه. في أعماق نفسه الداخلية. هذا العمل يهب لنا عذوبة رغم صعوبة الوصية، إذ نحمل نيرها لا بتذمر كعبيد أذلاء، ولا من أجل المنفعة كأجراء، بل نفرح بها كأبناء يتقبلون وصية أبيهم. ومن هو هكذا أي يفعل هذا العمل يكون مغبوطًا في عمله هذا. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وعد الله الرئيسي لاولاده في العهد الجديد هو ( ساكون لك الها وستكون انت لي ابنا او بنتا وساكون انا معك) وبقية وعود الله تنطوي ضمن فئة هذا الوعد الالهي فعند مجئ المسيح ثانية كما يقول الرسول يوحنا والاصحاح 21 ( ورايت سماءا جديدة وارضا جديدة اذ السماء والارض السابقتان قد مضتا ولا يكون هناك بحرا ابدا ورايت اورشليم الجديدة وهي المدينة المقدسة نازلم من عند الاب السماوي تزف لعريسها) حيث سيقضي المسيح على ابليس واعوانه ولا يكون للموت سلطان على كل من كتب اسمه في سفر الحياة اما الذي اسمه غير مكتوب في سفر الحياة سيطرح في بحيرة النار وسيمسح كل دمعة وحزن والم ومرض وسيكون هو لنا الها وسنكون نحن ابنائه وسيكون هو معنا الى الابد وسنلبس نحن المختومين بدم حمل الله الذبيح اجسادا روحانية وسنعيش امجادا سماوية روحانية مسبحين ومرنمين لالهنا القدوس مع الملائكة والكاروبيم الروحانيين ولسواريف القديسين كل وقت حيث سنعيش افراحا وامجادا سماوية حيث ما لم تره عين وما لم تسمع به اذن ما اعده الله للذين يحبونه ويتقونه |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الطهارة من مذكرات القديس جون بوسكو كان فكري كورقة بيضاء, لا شيء عليها, فارغة تماماً من المواضيع والكلمات. وقفت مذهولاً, لا بل مصعوقاً ومُفزَعاً. لم أجد نفسي في موقف شبيه بهذا منذ سيامتي الكهنوتيّة لسنوات خلت. وفجأة اختفت الجدران وتوارى الأولاد ووجدّت نفسي وسط برّية مترامية الأطراف. "ما هذا ؟" سألت نفسي. كنت في كنيسة على وشك البدء بوعظة, والآن أقف وسط البريّة في هذا السهل الكبير. قرّرت المسير والمضيّ قدماً لعلّني أقابل شخصاً أعرفه وأستعلم عن هذا المكان. ما أن قطعتُ مسافة قصيرة, حتّى وصلتُ إلى قصر فخم. امتَزَجَت الشُرُفات الجميلة والحدائق الخلابة والمسطحات الواسعة بالقصر وبالطبيعة من حولها. أمّا مقدّمة البناية فكانت مزانة بساحة عامّة. وفي إحدى الزوايا شاهدت كثيراً من الصبية مُلتفّين حول امرأة توزع المحارم أو المناديل لكلّ صبيّ . بعد استلامهم المناديل, انتقل الأولاد إلى التراس واصطفّوا عند حافّته, قريباً من الحاجز. ومع اقترابي سمعت السيّدة تنصح كلّ ولد بعدم فتح المنديل عندما تهبّ الرياح. "لكن إذا فاجأتك الرياح القويّة, أدر وجهك نحو اليمين وليس نحو اليسار مطلقاً". فور الإنتهاء من توزيع المناديل, اصطفّ الأولاد في مقدّمة التراس بصمت تام. ثم شاهدت أحد الصبية يفتح منديله المطوي وتلاه صبية آخرين, إلى أن فتح جميع الأولاد مناديلهم. كانت كبيرة الحجم ومطرّزة بإتقان من خيوط من ذهب وبأشكال فتّانة. كل منديل حمل الكتابة المذهّبة التالية: "ملكة الفضائل". وفجأة شعرت بنسيم عليل من الشمال مُنهياً مرحلة سكون الهواء التي لازمتني منذ بداية الحلم. بدأ الهواء يشتدّ تدريجيّاً مما اضطرّ بعض الصبية من طوي مناديلهم وتخبأتها, بينما لجأ آخرون إلى تعديل اتجاههم نحو اليمين كما نصحتهم السيّدة. أمّا البعض الآخر فتركوا مناديلهم تخفق وهي معرّضة للرياح الشديدة. في غضون ذلك تلبّدت السماء بالغيوم السوداء وانتشرت, إلى أن اكتسحت القبّة الزرقاء برُمّـتها. أضاء البرْق الفضاء من حولنا متزامناً مع هدير الرعد المخيف. ثمّ بدأ المطر والبَرَدُ والثلج بالسقوط. ويا للغرابة! إذ أبقى كثير من الصبية مناديلهم ترفرف وهي معرّضة للعاصفة. سحقت الأعاصير المناديل الناعمة بدون رحمة, إلى أن أضحوا متآكلين بالثقوب ومُمَزّعِين, لدرجة يصعب التعرّف عليها. ذُهِلت لما شاهدت من أحداث تجري أمامي, غير قادر على تفسيرها. لكنّ الصدمة الكبرى ما زالت بانتظاري. عندما اقتربت من الأولاد لأتفحّص الأمر, اكتشفت أنّني أعرفهم جميعاً. فَهُم طلابي من المدرسة! سارعت إلى أحد الأولاد لأسأله: "ألست فلان ؟ ماذا تفعل هنا ؟" ثمّ اتجهت نحو السيّدة سائلاً إياها: "ما معنى هذا ؟" فأجابت: "ألم تلاحظ النقش الذي يزيّن المناديل وما يحتويه من كلمات ؟" "بالطبع لاحظت النقوش أيتها السيّدة. فهي مذهّبة بالكلمات: " ملكة الفضائل ". "هل أدركت ماذا حدث ؟". "بكل تأكيد!". عرّض كافة الأولاد طهارتهم لرياح التجربة. بعضهم انتبهوا للخطر المُحدق وهربوا. هؤلاء هم الذين خبّأوا مناديلهم. وبعضهم الآخر أُخِذوا على غفلة واستداروا نحو اليمين, لعدم قدرتهم على طوي محارمهم في الوقت المناسب. هؤلاء هم الصبية الذين يلجأون فوراً للصلاة عند الإحساس بالخطر ويديرون ظهورهم للعدوّ. أمّا البعض الآخر أبقوا مناديلهم مُعرّضة لإغراءآت التجربة ووقعوا في الخطيئة. أحزنني هذا المشهد, لقلّة عدد الأولاد الذين حافظوا على طهارتهم, فتغرغرت عيوني بالدموع! بعد أن تمالكت نفسي ثانية, سألت أحد الرجال الذين قدِموا مع السيّدة: "لماذا أتلف المطر والثلج المناديل ؟ أليست هذه رموز للخطايا العرضيّة ؟" فأجاب: "ألا تعلم أنّه عندما تتعرّض الطهارة لضربات الشيطان تؤدّي للهلاك ؟ لا مجال للخطايا العرضيّة عندما توضع الطهارة على المحَكّ, فهي خطايا مميتة. على كلّ حال, لا تستسلم للإكتئاب. تعال وانظر". انتقلَ إلى الشُرفة وصرخَ على الأولاد مشيراً بيده: "أديروا وجوهكم إلى اليمين!" لبّت النسبة الكبرى منهم الأمر. وبقي القليل غير آبهين. فتمزّقت مناديلهم إلى قطع صغيرة. كما لاحظتُ أن مناديل الذين استداروا نحو اليمين قد تقلّصت وأصبحت ممتلئة بالرّقع. اختفت الثقوب من كثرة الرُّقع, واختفى أيضاً جمال المناديل الفتّان لتصبح بدون شكل . "هؤلاء الأولاد" أفادت السيّدة "وقعوا بفخ التجربة وخسروا طهارتهم, ولكنّهم استعادوا نعمة الله بالتقرّب إلى سرّ الإعتراف. أمّا الأقليّة الباقية الذين لم يتجاوبوا مع النصائح والتعاليم هم الذين يستمرّون في درب الخطيئة ويُعرّضوا أنفسهم للهلاك". حِلمُ المناديل ينبّهنا إلى البقاء مُتيقّظين عندما تحلّ التجارب. مع هبوب ريح التجربة نتطلّع إلى اليمين, إلى مريم العذراء للمساعدة. الأولاد الذين أبقوا مناديل " ملكة الفضائل " مُعرّضة للرياح والمطر والثلج, أصبحت مناديلهم مفعمة بالحُفر وبدون أيّ شكل أو جمال. أمّا الذين تقدّموا إلى سرّ الإعتراف واسترجعوا نعمة الله في قلوبهم, ترقّعت مناديلهم ولكنّها بقيت بدون شكل وخسرت منظرها الفتّان. الرب يغفر, لكنّ الطبيعة تُجازي. العادات التي تنال من الطهارة تُخفي في طيّاتها نتائج سلبيّة ومُرّة. المثابرة على الصلاح, والنيّة الطيّبة, ونعمة الله قادرة على تصويب الوضع. على الإنسان أن يُنمّي فضائل التقوى والتواضع والتضحية وأن يقوم بالأعمال الحسنة محبّة بيسوع المسيح. من يستمر في العادات السيئة يُعرّض نفسه للهلاك الأبديّ |
الساعة الآن 04:05 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025