![]() |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الله يحبك! الله محب البشر، لا يحبهم في مقاييس قليلة. لهذا لا تقل إنني ارتكبت الزنا والدعارة وفعلت خطايا فظيعة، ليس مرة بل مرات، فهل يغفر لي؟ هل يهبني عفوًا؟! اسمع ما يقوله المرتل: “ما أعظم جودك الذي ذخرته لخائفيك” (مز 31: 19)، فإن معاصيك المتراكمة لن تعلو مراحم الله الكثيرة. جراحاتك لن تغلب مهارة الطبيب الفائقة. سلِّم نفسك له بإيمان. أخبر الطبيب عن مرضك المزمن. قل أيضًا مثل داود: “قلت أعترف للرب بذنبي”، فيحدث معك ما قد حدث معه، فتقول للتو “أنت رفعت آثام خطيتي” (مز 32: 5). أمثلة عن محبة الله لأناس ساقطين يا من أتيت لسماع التعاليم متأخرًا، أتريد أن ترى محبة الله المترفقة؟ أتريد أن تنظر حنو الله وغنى طول أناته؟! اسمع ما حدث مع آدم. آدم – أول خليقة الله البشرية – عصى الله، أما كان يمكن أن يُفرض عليه الموت فورًا؟! لكن أنظر ماذا فعل الله بالإنسان في محبته العظيمة؟ لقد طرده من الفردوس، إذ صار بالخطيئة غير مستحقٍ للعيش هناك، “وأقامه ليسكن مقابل الفردوس حتى متى تطلع إلى حيث سقط وتأمل ما كان عليه وما بلغ إليه، يخلص بالتوبة. قايين أول مواليد البشر صار قاتلاً لأخيه، مخترعًا كل الشرور، وأول الحاسدين والقتلة. ومع هذا بماذا حكم الله عليه بعد أن أزال أخيه من الوجود؟ “تكون متنهدًا ومرتعبًا على الأرض” (راجع تك 4: 12). يا لبشاعة الإثم، ويا لخفة الحكم! |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وفي الطوفان هذه الأمور تكشف عن محبة الله المترفقة الحقيقية، لكنها قليلة إن قورنت بما يلي ذلك: تأمل ما حدث في أيام نوح فإن الجبابرة أخطأوا، وانتشر على الأرض شر عظيم بسببه حدث الطوفان. بقى الله يهدد خمسمائه عامًا، وفي المئة السادسة جاء بالطوفان على الأرض. تأمل مدى اتساع محبة الله المترفقة على مدى هذه المئات من السنوات! أما كان يمكنه أن ينفذ في الحال ما قد صنعه بعد انتظار مئات السنين! لكنه أمد في الزمن لكي يهبهم مهلة للتوبة فلو أنهم تابوا لما أخفقوا في التمتع بمحبة الله المترفقة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ترفق يسوع المسيح بالخطاه براحاب الزانية الوثنية تعال معي الآن إلى فئة أخرى خلصت بالتوبة. قد تقول امرأة ما: لقد ارتكبت الزنا والدعارة ودنست جسدي بكل أنواع الترف والإفراط فهل لي خلاص؟ حولي عينيك إلى راحاب، وتطلعي أيضًا إلى الخلاص. إن كانت زانية عامة تزني علنًا خلصت بالتوبة، أفما تخلص بالتوبة والصوم من سقطت في الزنا قبل قبولها النعمة؟! اسألي كيف خلصت؟ إنها فقط قالت: “الرب إلهكم هو الله في السماء من فوق وعلى الأرض من تحت” (يش 2: 1). إنها تقول: “إلهكم” دون أن تجسر لتنسبه لنفسها بسبب حياتها المملوءة ضلالاً. وإن أردتم التأكد من خلاصها بشهادة من الكتاب المقدس فإنك تجد في سفر المزامير: “أذكر راحاب وبابل بين الذين يعرفونني (مز 87: 4). يا لعظمة حنو الله المترفق، فإن الكتاب المقدس يشير حتى إلى الزانيات. إنه لا يقول: “اذكر راحاب وبابل” فقط بل يكمل “بين الذين يعرفونني”، فالخلاص نبلغه بالتوبة سواء كنا رجالاً أو نساء على قدم المساواة. أمثلة أخرى لا، بل وإن أخطأ الشعب كله. فهذا ليس بكثير على حنو الله المترفق فقد صنع الشعب (القديم) عجلاً، ومع ذلك لم يكف عن محبته. هم أنكروا الله، أما هو فلم ينكر نفسه… ليس فقط الشعب، بل حتى هارون رئيس الكهنة أخطاء، إذ يقول موسى “وعلى هارون غضب الرب جدًا ليبيده فصليت أيضًا من أجل هارون في ذلك الوقت (فسامحه)”. ماذا إذن؟ يصلى موسى من أجل رئيس كهنة مخطئ فيغلب الله (بالمحبة) بينما لا تقبل شفاعة يسوع ابنه الوحيد عند الآب؟! إن كان هرون لم يُمنع من الكهنوت السامي بسبب عصيانه، فهل تمنع من الدخول إلى الخلاص يا من أتيت من بين الأمم؟! فقط تب يا إنسان هكذا، فلا ترفضك النعمة! عُد بلا خجل إلى طريقك الذي للحياة، فإن الله بحق محب للبشر، ولا تقدر كل الأزمنة أن تخبر عن محبته المترفقة، بل وكل الألسنة إن اجتمعت معًا لا تستطيع أن تخبر بما يليق بها. وإنما نحن نخبركم قليلاً مما ورد بشأن محبته للبشر المتحننة… ترفقه بداود الساقط …تعال إلى داود الطوباوي واقبله مثالاً للتوبة. فبقدر ما كان عظيمًا سقط. إذ قام من نومه وأخذ يتمشى على السطح في المساء، تاركًا لنفسه أن ينظر بغير حرصٍ، فشعر بشهوة بشرية. لقد أكمل خطيته لكنه لم يمت بسببها، وذلك بسبب صراحته في الاعتراف بها، عندما جاءه ناثان النبي كمتهم مفاجئ له ليشفي جرحه. إنه يقول له بأن الرب غاضب وأنت تخطيء. لقد عُرض الأمر على الملك الحاكم، فلم يتهاون داود الملك، إذ لم يهتم بمن يكلمه بل بالله الذي أرسله. إنه لم يتعجرف بحشود الجند المحيطين به، لأنه تطلع إلى جنود الرب الملائكية. لقد ارتعب إذ رأى من لا يُرى (عب 11: 7). لهذا قال للرسول بل بالأحري أجاب الرب مرسله قائلاً: “أخطأت إلى الرب” (1 صم 12: 13). أنظر إلى تواضع الملك! تأمل اعترافه… لقد حدث كل شيء على وجه السرعة، فما أن ظهر النبي كمتهم حتى أعترف الخاطئ بخطيئته، وإذ أسرع بالاعتراف نال الشفاء بأقصى سرعة! فناثان الذي هدد هو بنفسه نطق للحال: “الرب أيضًا قد نقل عنك خطيتك”. يا لعظمة رقة مراحم الله!… 12. هكذا إذن أراحه النبي، لكن الطوباوي داود إذ سمعه يقول: “الرب قد نقل عنك خطيتك”، لم يكف عن التوبة. ومع أنه كان ملكًا، لبس المسموح عوض الأرجوان، وجلس في الرماد عوض التاج الملكي… لا بل جعل الرماد طعامه، قائلاً: “إني قد أكلت الرماد مثل الخبز” (مز 102: 10). لقد غسل عينيه الشهوانيتين بالدموع قائلاً: “أعوِّم كل ليلة سريري، وبدموعي أبل فراشي” (مز 102: 7). وعندما سأله موظفوه أن يأكل خبزًا لم يسمع لهم، بل بقي صائمًا سبعة أيام كاملة. إن كان الملك قد اعترف هكذا، أفما يليق بك أيها الشخص العادي أن تعترف؟ أيضًا عند عصيان أبشالوم عليه كان أمامه طرق كثيرة للهروب، أما هو فاختار الهروب خلال جبل الزيتون (2 صم 15: 23)، وكأنه يناشد المخلص إذ من هناك صعد الرب إلى السماوات. وعندما لعنه شخص بمرارة قال “دعوه” (2 صم 16: 10)، عالما أن من يغفر يُغفر له! رحمته مع سليمان وآخاب ملك السامرة لقد رأيت نفع الاعتراف. لقد أدركت كيف يوجد خلاص للتائبين. سليمان أيضًا سقط، لكنه قال: “إني تُبت . أيضًا أخآب ملك السامرة، صار أشر عبدة الأوثان. صار إنسانًا وحشيًا قاتلاً للأنبياء، غريبًا عن الصلاح، مغتصبًا حقوق الآخرين وكرومهم (1 مل 21: 19). لكنه عندما قتل نابال مخدوعًا من إيزابيل وجاءه إيليا النبي يهدده خلع ثيابه ولبس المسوح، فماذا قال الله الرحوم لإيليا؟ “هل رأيت كيف أتَّضَع (نُخس في قلبه) أخآب أمامي”؟ (1 مل 21: 29) وكان الله يريد أن يهدئ غيرة إيليا المتقدة من جهة التائب ويلطفها، إذ قال له: “لا أجلب الشر في أيامه”. ومع تأكده أنه لا يترك شره سامحه، ليس جهلاً بما سيكون عليه في المستقبل، بل كواهبٍ للغفران حسب التوبة المقدمة في ذلك الوقت. فإن عدل الله يقتضيه أن يحكم في كل قضية حسبما هي عليه في حينها. ومع بربعام وأيضًا يربعام كان قائمًا عند المذبح يقدم ضحايا للأوثان، يده ملطخة بالدماء، هذا عندما قبض علي النبي الذي وبخه، بخبرته أدرك قوة الواقف أمامه، فقال له: “تضرع إلى وجه الرب إلهك” (1 مل 13: 6) وبسبب هذا القول رجعت يده مرة أخرى كما كانت. إن كان النبي شفي يربعام، أفما يستطيع المسيح أن يشفيك وينقذك من خطاياك؟! ومع منسى وأيضًا منسى كان شريرًا إلى أبعد حد. لقد نشر إشعياء ومزقه، وتدنس بكل العبادات الوثنية، ولطخ أورشليم بدم الأبرياء، لكنه عندما أُسر استخدم خبرته في محنته مستعينًا بالتوبة كعلاج، إذ يقول الكتاب عنه أنه “تواضع جدًا أمام الرب، وصلى إليه، فاستجاب له، ورده إلي مملكته” (إش 38: 1). فإن كانت التوبة قد أنقذت من نشر النبي ومزقه، أفما تخلصك أنت يا من لم ترتكب مثل هذا الشر العظيم؟! ومع حزقيا أتريد أن تعرف ما هي قوة التوبة؟ أتريد أن تعلم سلاح الخلاص القوي وتدرك قوة الاعتراف؟ حزقيا بالاعتراف ضرب خمسة وثمانين ألفًا ومائة من أعدائه. يا له من أمر عظيم، لكنه يحسب قليلاً بالنسبة لما أذكره لك. إذ بالتوبة استطاع الملك أن يحصل على تغيير في القول الإلهي الذي نطق به فعلاً. إذ لما مرض قال له إشعياء: “أوصِ بيتك، لأنك تموت ولا تعيش”. هل يمكن أن يقوم استثناء بعد، أو يوجد رجاء شفاء بعدما قال له النبي: “لأنك تموت”؟! لكن حزقيا لم يكف عن التوبة. وبتذكره ما هو مكتوب: “متي رجعت وبكيت تخلص” (راجع إش 30: 15)، اتجه بوجهه إلى الحائط وهو على سريره، رافعًا ذهنه إلى السماء (حيث لا تعوق الحائط بلوغ الصلوات بورعٍ إلى السماء) وقال: “أذكرني يا رب. يكفي أن تذكرني فأشفي!” (راجع إشعياء 38) إنك لا تخضع للزمان، بل أنت خالق القانون. أنت واهب قانون الحياة وتدبيرها حسب إرادتك، إذ لا تعتمد حياتنا على يوم ميلادنا، ولا على اقتران النجوم معًا في برجٍ واحد كما يظن البعض في غباوة. ذاك الذي كان يمكنه إلاّ يرجو الحياة بسبب العبارة النبوية، صار له خمسة عشر عامًا مضافة إلى حياته، وكانت العلامة أن الشمس رجعت إلى خلف عشر درجات. حسنًا! من أجل حزقيا رجعت، وأمّا من أجل المسيح انكسفت. لم ترجع درجات بل انكسفت معلنة بذلك الفارق بين حزقيا ويسوع! الأول أبطل قرار الله (بالتوبة)، أفما يقدر يسوع على غفران الخطايا؟! أرجعوا ونوحوا على أنفسكم! أغلقوا أبوابكم وصلوا لكي يغفر لكم! صلوا لكي ينزع عنكم النار المحرقة، لأن له السلطان أن يطفئ حتى النار، وله قوة أن يبكم حتى الأسود! مع حنانيا وصاحبيه لكنك إن كنت لا تؤمن بهذا، فتأمل ما حدث مع حنانيا وصاحبيه، أي عواصف اطفأوها؟! كم من مياه كانت تحتاج إليها النار لإطفاء لهيبها الذي ارتفع تسعة وأربعين ذراعًا إلى فوق؟! فإذا ارتفع اللهب قليلاً إلى العُلى، تدفق عليها الإيمان، إذ تكلموا ضد كل الشرورإذن توبتهم أطفأت اللهب إن كنت لا تؤمن بقدرة التوبة على إطفاء نار جهنم فلتتعلم هذا من حنانيا. لكن قد يقول أحد السامعين الحاذقين: هؤلاء الفتية خلصهم الله بعدل، إذ هم رفضوا الاشتراك في عبادة الأصنام فوهبهم الله هذا السلطان. إذ يثور هذا الفكر فإنني أقدم مثلاً آخر بخصوص التوبة[16] ماذا تظن في نبوخذ نصر؟ ألم تسمع عنه في الكتاب المقدس كيف كان متعطشًا لسفك الدماء، وحشًا كالأسد؟! ألم تسمع عنه أنه أخرج إلى النور عظام الملوك من قبورهم (إر 8: 1، با 2: 25). ألم تسمع أنه حمل الشعب إلى السبي؟ ألم تسمع أنه خلع عيني الملك بعدما أراه أولاده يذبحون؟! (2 مل 25: 7) ألم تسمع أنه كسر الشاروبيم إلى أجزاء؟! لست اقصد الشاروبيم غير المنظورين – هذا ما لا يخطر على الفكر قط يا إنسان- بل الصورتين المنحوتتين على غطاء التابوت الذي في وسطه يتكلم الله بصوته، كما داس تحت قدميه حجاب القدس، وأخذ مذبح البخور وحمله إلى مذبح الأوثان؟! (2 أي 26: 7) أخذ كل التقدمات، والهيكل حرقه من أساساته أية عقوبة شديدة يستحقها هذا من أجل ذبحه الملوك وحرقه القدس وسبيه الناس وحمله الأواني المقدسة إلى بيت الأوثان؟! أما يستحق الموت عشرات الألوف؟! لقد رأيت تفاقم شروره! تعال لترى محبة الله الحانية! لقد تحول إلى وحش بري، وتأدب بالسكنى في البرية لكي يخلص. لقد صارت له مخالب كالأسد، إذ كان زائرًا علي القدس. أكل العشب كالثور، إذ كان بهيمي لا يعرف من الذي أعطاه المملكة. تبلل جسده بالندي، لأنه رأى النار تنطفئ بالندي ولم يؤمن[26]. وماذا حدث؟ يقول “بعد هذا أنا نبوخذنصر رفعت عيني إلى السماء… وباركت العلي، وسبحت وحمدت الحي إلى الأبد” (دا 4: 34). إذ عرف العلي نطق بالحمد لله، وتاب عن فعله. لقد عرف ضعفه فأعاده الله إلى كرامة ملكه. 20. ماذا إذن؟ هل عندما اعترف نبوخذنصر الذي فعل كل هذه الأعمال ردّه إلى الملك وغفر له، وأنت عندما تتوب إلاّ يهبك مغفرة الخطايا وملكوت السماوات متي عشت في حياة بلا لوم؟! الرب محب للبشر، مسرع إلى المغفرة، لكنه يظهر العقوبة (التأديب)! إذن ليته لا ييأس أحد من خلاصه. فبطرس الرسول أنكر الرب ثلاث مرات، لكنه تاب وبكي بمرارة. بالبكاء تطهر قلبه، فلم ينل فقط المغفرة عن إنكاره، بل وعاد إلى كرامة الرسولية كما كان. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لماذا لا يجب الإعتراف على الله مباشرة؟ وماذا أفعل إذا كانت هناك خطية معينة لا أستطيع الإعتراف بها إلى أبي الكاهن؟ http://www.peregabriel.com/gm/albums...ta1_281129.jpg الإجابة: أولاً.. نحن لا نعترف للكاهن، إنما نعترف لله في وجود الكاهن، ومن فم الكاهن نسمع صوت الله لنا "والآن نحن جميعاً حاضرون أمام الله لنسمع جميع ما أمرك به الله" (أع33:10). ولو كان الاعتراف على الله فقط، ما قال معلمنا بولس الرسول: "إعترفوا بعضكم على بعض (بشر لبشر) بالزلات" (يع16:5). ثم لماذا نقول هذا في الأعتراف فقط أن أعترف على الله مباشرة؟ هل الله يناولك أو الله يقرن زواجك؟! أم أن كل هذه الأمور تتم في وجود الأب الكاهن الذي يتمم أوامر سيده، والذي من فمه تُطلَب الشريعة، هكذا قال رب الجنود: "إسأل الكهنة عن الشريعة" (حج11:2). فالكاهن معلم يعلم الشريعة، وهو أيضاً أب نكشف له أسرار النفس ليداويها.. والإعتراف على الكاهن واجب لأنه هو المؤتمَن من قِبَل الله "كخدام المسيح ووكلاء سرائر الله" (1كو9:4). وإن الكاهن يأخذ نعم الله ويقدمها للناس "لأن كل رئيس كهنة مأخوذ من الناس يُقام لأجل الناس في ما لله (أي فيما يتعلق بنِعَم الله وتعاليم الله)" (عب9:5). ثم أن الإعتراف في وجود الأب الكاهن لا ينفي الاعتراف أولاً لله، ثم بدون الآعتراف على الكاهن، كيف تسمع صوت الحل عن خطاياك؟ ولا تقل إن الكاهن إنسان خاطئ مثلي فلماذا أعترف عليه؟ نعم، هو إنسان خاطىء ولكن عمل الروح القدس في الكاهن لا يتوقف على قداسته الشخصية، بل على إستحقاقات المسيح رأساً، وإن كان ينبغي في سر الإعتراف بالذات أن تحتار مَنْ تستريح له وتثِق فيه. إن داود الذي قال: "لك وحد أخطأت والشر قدامك صنعت" (مز50)، قال أيضا "اعترف بخطيئتي ولا أكتم إثمي. قلت أعترف للرب بذنبي وأنت رفعت آثام خطيئتي" (مز32). ولكن يتعذَّر علينا التحدث مع الله مباشرة؛ إذ لما كلَّم الله شعبه قديماً من على جبل حوريبب إرتعبوا وقالوا لموسى: "كلِّمنا أنت فنسمع ولا يكلمنا الله لئلا نموت" (خر19:20). والأعتراف على الكاهن ضروري حتى يعين الإنسان على توضيح الخطأ من الصواب، لأنه كثيراً ما توجد بعض الأمور غير الواضحة وأحياناً يكون سبب عدم وضوح الخطأ هو الضمير الواسع الذي يستبيح كل شيء أو يستهين بالخطيئة وأحياناً يكون الضمير مرسوماً يرى الخطيئة في كل شيء. وكما يقول الكتاب: "ويل لِمَنْ هو وحده إن وقع؛ إذ ليس ثانٍ ليُقيمه" (جا10:4). والإعتراف على الأب الكاهن يريح النفس ولا سيّما عندما نسمع صوت التحليل الممنوح له من الله. وبدون الإعتراف على الكاهن كيف تسمع هذا الصوت للحل عن خطايانا؟ كما سمع داود بعد إعترافه بخطيئته لناثان النبي صوت الحِل منه قائلاً: "الرب أيضاً قد نقل عندك خطيئتك؛ لا تموت" (2صم12). وفي سفر التثنية (4:26) "وتأتي إلى الكاهن الذي يكون في تلك الأيام وتقول له: أعترف اليوم للرب الملك" (وهذا يُظهِر أن الاعتراف للكاهن هو اعتراف لله). ولا تقل أنني أخجل من الإعتراف على الكاهن، فأيهما أهوَن أن تتحمل مرارة الخجل فيُردِعك الخجل عن تكرار الخطيئة وصنعها مرة أخرى فتتخلص نفسك بإعترافك، أم أن تهرب من مرارة الخجل وتهلك بخطاياك في يوم الدين.. يوم أن تظهر خطاياك مكشوفة ليس للكاهن فقط بل لله والملائكة ولجميع البشر؟! ولكن لو كانت هناك خطيئة تؤرق مضجعك كثيراً ولا تقدر أن تعترف بها لأبيك، تستطيع الذهاب لأب آخر لا يعرفك وتعترف عنده بهذه الخطيئة، وتعرف علاجها وتأخذ إرشاداً.. ولكن لا يكون هذا الأمر عادة، حيث أنه إذا كنت واثقاً من أنك تعترف على الله، فإنك لن تخجل من أب إعترافك.. ولكن الإعتراف هو -عفواً- كالقيء! فإنك يجب أن تلفظ كل ما في داخلك من أخطاء لتتنقى منها.. ولقد قال الحكيم يشوع بن سيراخ في سفر حكمته (31،24:4) لا تستح (أي لا تخجل) من امر نفسك، فإن من الحياء ما يجلب الخطيئة ومنه ما هو مجد ونعمة. ولا تستحِ أن تعترف بخطاياك ولا تُغالِب مجرى النهر (أي الشعور الجارف بالإعتراف)". وقال سيلمان الملك: "مَنْ يكتم خطاياه لا ينجح، ومَنْ يقرّ بها ويترُكها يُرحَم" (أم13:28). + + + |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التوبة https://images.chjoy.com//uploads/im...7dc0cddfbe.jpg كي ننال الحياة الأبدية لابد لنا من التوبة لخلاص نفوسنا، لنملأ أعيننا دموعاً فتنفتح حدقتا ذهننا فنصير كلنا وارثي الملكوت. لنهتف مع العميان "ارحمنا يا ابن داوود"(متى 30:20) ولنتقدم إلى المسيح وندنو منه وليكن لنا شوق إلى الفردوس ولنترك الموتى يدفنون موتاهم ونجِّد لئلا يغلق باب الملكوت قبل وصولنا فقد أتى نصف الليل وقد قرب مجيء العريس(صلاة الختن) لتتجهزي يا نفس ولتستعدي لئلا يأتي ويراك غارقة في أوحال الشطارة (الابن الشاطر). يا أيها الخطاة الذين أنا متقدمهم لماذا نيأس ونستسلم؟! طالما يقام عرسٌ في السماء إذا تُبنا فممن نخاف؟ الثالوث الأقدس الطاهر يدعونا فلا تتنهدن ولا نرهب ولا نتوانى. لنبك ههنا قليلاً لئلا نبكي هنالك كثيراً فالسيد له المجد آتي كالبرق ولن نلحظه إلا وقد صار أمامنا ماسكاً بيد الخراف المختارة ورامياً بيده الأخرى الجداء المرذولة. فالإنسان إذاك يحصد ما زرع فنحن البشر الخاطئين لن نجد سوى الخوف لأن مداينتك لمرهوبة يارب. لماذا لا نهتم ولماذا لا نكترث بالكتب المقدسة وبكلمات المسيح وتعاليم رسله وأنبيائه وقديسيه، ولا بتذكرات الأخوة. فليكن بمعلومنا أن هذه الأقوال هي التي ستديننا في الدينونة الرهيبة! لأن الرب قال لرسله: "من يسمع منكم فقد سمع مني ومن احتقركم فقد احتقرني ومن احتقرني فقد احتقر الذي أرسلني" (لوقا 6:10)، "من رذلني ولم يقبل أقوالي فله من يدينه الكلمة التي نطقت بها هي تدينه في اليوم الأخير" (يوحنا 48:12). لنجتهد سائرين قبل مجيء ذلك اليوم الرهيب لنلقي أنفسنا في لجة رأفات الله فهو القائل: "تعالو إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم "(متى 28:11) فهو "يريد للجميع أن يخلصوا" (1تيمو 4:2) إنه يدعو الجميع للمجيء إليه، ولكن من يأتي إليه؟ من عنده وصاياه ويحفظها ويستمع إلى أقواله ويؤمن به وبالذي أرسله. لنتوب نحن الخطاة وننظر تعطف المسيح القائل: "إني لم آت لأدعو صدِّيقين بل خطاة إلى التوبة" (لو 32:5) لنتوب كي لا نخجل أمام المحفل الرهيب عندما يميز الراعي الجداء عن الخراف فتفتح الكنوز فطوباهم الذين جاعوا وعطشوا إلى البر لأنهم سيشبعون وويل للمشبعين لأنهم سيجوعون. طوبى للنائحين لأنهم سيضحكون وويلٌ للضاحكين الآن لأنهم سينوحون. وطوبى للراحمين لأنهم سيرحمون وويلٌ لمن ليس لديه رحمة. لنتوب غير ناظرين إلى المتوانين والمتنعمين فهؤلاء يجفون كالحشيش ولا نحب هذا الدهر لأنه يطرب الإنسان ساعة واحدة ويرسله إلى العذاب عارياً. فالرب يقول: "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه" (متى 26:16). وبما أن لنا وقتاً بعد لنبدد خطايانا فها الرب واقفٌ على الباب يقرع، لنبددها بالدموع والحاجة إلى الدموع لنغسل إرادتنا ولنهتف مع داوود: "تغسلني فأبيَّض أكثر من الثلج" (مز 9:50) ولنسمع قول الرب: "طوبى لكم أيها الباكون الآن فإنكم ستضحكون" (لوقا 21:6). ولنبغض الشباب المتنعم والزينات والوشاء ولنمقت التلوينات بالصباغ والتصفيق والتزيين والتبختر والأغاني الشيطانية المعارف والصفارات وتحلية الأيدي والأصوات الوحشية لأنها كلها بذار الشيطان. ولنذكر أننا في المعمودية بصقنا على الشيطان وتبعنا المسيح وملائكة السماء سجلت اعترافنا وحفظتها ليوم الدينونة. مجيء الرب الإله يقترب وهو آتٍ بالفرح لجميع الذين يحبونه، وبالعزاء للنائحين لا على الأموات بل على الخطايا التي حرمتهم الملكوت السماوي. لنتوب قبل انقضاء الوقت، ما دام لنا وقت لنتوب، لأنه متى انقضى لنا الوقت سنأتي ونقرع باب المسيح الذي لن يعرفنا وسيقول لنا "ابعدوا عني يا فاعلي الإثم" (لوقا 27:13) لأنك لم تَرحَم فلن تُرحَم ولم تسمع تضرعات الفقراء فلن أسمع تضرعاتك، سمعت آياتي فضحكت، حللت أوامري وأوامر رسلي وأنبيائي وعملت مشيئات الشيطان واعتديت على الناس وعرَّيتهم وسلبتهم أموالهم. كيف سأدخلك مكاناً لم ترسل إليه شيئاً، لا دموعاً ولا صوماً ولا سهراً ولا تسبيحاً، لا بتولية، ولا صدقة ولا صبراً. ولكن ذاك مسكن المتمسكنين من أجلي. فالرسول بولس يخبرنا: "ما لم تره عين ومالم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر ما أعده الله للذين يحبونه" (1كو9:2). ويروى أن أخاً سأل الأب بيمين قائلاً: وما هي التوبة؟ أرجوك اشرحها لي. فأجابه الأب: التوبة هي أن لا تقع في الخطيئة مرة ثانية. ولكن كيف لا نقع في الخطيئة؟ يجيبنا القديس أفرام السرياني بأن ذكر اسم الله يطرد الشياطين فلنتجنب الخطايا بذكر اسم الله ولنذكر الموت ولنشغل أنفسنا بكيفية كون الظلمة البرانية والنار التي لا تطفأ والدود الذي لا يموت وصريف الأسنان؟ (متى 12:8) فمن يذكر الموت دائماً لا يخطئ كثيراً. لنرم عنَّا ثقل الخطايا والرب يرتضي أن يداوي الإنسان ذاته بدموعه وبتنهداته، فينفتح باب التوبة لنسرع قبل إغلاقه فالرب لا يحب المتوانين ولا المتكاسلين فنحن لا نعلم الساعة التي يغلق بها الطبيب عيادته. لنا حرية الاختيار فإما نبكي قليلاً ونتوب إلى الرب وإما أن نبكي وسط النار دون فائدة. لنا الفرصة لننال التعزية بينما هناك نذهب للهلاك الأبدي والنار التي لا تطفأ. لنسدد اليسير اليسير من ديوننا ولنتوب إلى الرب بصدقٍ ولنطلب منه التواضع ولنقرن توبتنا بذكر الله وذكر دائم لخطايانا وتجديفنا ولننسى ما فعلناه من الصالحات القليل ولنصرخ مع بولس الرسول القائل: "أنسى ما خلفي وأمتد إلى ما هو أمامي" (فيليبي 13:3) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الاعتراف رأينا ماهية التوبة وحتى لا تكون توبتنا ناقصة رتبت لنا الكنيسة سرَّاً لغفران الخطايا حسب السلطان الممنوح من المسيح إلى الكنيسة وهذا ما نسميه بسر التوبة والاعتراف. الخطوة الأولى والأصعب هي أن يقرَّ الإنسان داخلياً بأنه أخطأ فيقول القديس اسحق السرياني: "الإنسان الذي يُقرُّ بخطيئته هو أهم ممن يقيم الموتى". العناصر المساعدة على الاعتراف الداخلي: 1. الصلاة (الوقفة أمام الله) 2. سماع كلمة الله الإنجيل والوعظ 3. الإرشاد الروحي 4. الإحسان وعمل الفضائل، وأكثر ما يعبر عنها صلاة القديس أفرام السرياني. والخطوة الثانية هي المثول أمام أب الاعتراف، ففي الماضي كان الاعتراف جماعياً أما اليوم فهو اعتراف فردي. فالكاهن هو الذي يقبل الاعتراف ففي التوبة والاعتراف تجديد واستمرار للمعمودية ويخبرنا القديس يوحنا السلمي أن طرق التوبة خمس: 1. معرفة الخطايا 2. ترك خطايا القريب 3. الصلاة 4. الرحمة 5. التواضع ويقول القديس سلوان الآثوسي: "ما هو الدليل على أن الله غفر لك خطاياك؟ إذا كنت تكره الخطيئة فهذا يعني أن الله غفر لك، وإذا كنت تتحنن وتشفق على الذي تراه يخطئ وتفرح مع الذي يعود عن خطيئته وإذا كنت تسامح الذين أخطأوا إليك فهذا يعني أن الله قد غفر لك إذا كنت أحببت هذا يعني أن محبة الرب فيك، التائب هو الذي يتألم مع كل الناس خاصةً مع أولئك الذين لا يعرفون الله". ورُبَّ سائل لماذا نعترف؟ ألا تكفي التوبة والندامة والاعتراف أمام الله؟! فنقول له: الإنسان يعترف أمام الله والإخوة والتوبة تحدث مصلحة بينهم. والكاهن ممثل الجماعة فهو مرشد وخادم السر حسب السلطان المعطى له من الله: "من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو 23:20) فهذه موهبة روحية أعطيت للتلاميذ، لإرشاد النفوس إلى التوبة، فالكاهن ليس صاحب الغفران بل هو خادم السر، فالله هو الذي يغفر الخطايا. فالكاهن يطلب باسم يسوع المسيح غفران الخطايا: "يا ولدي الروحي إني أنا الحقير لا أقدر أن أغفر الخطايا لكن الله هو الذي يغفر الخطايا.........." |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأبوة الروحية والاعتراف من يلد أولاداً يدعى أباً وكذلك من يلد أبناءً بالروح يدعى أباً روحياً، وهو إنسان مصَلٍ يطلب معونة الله ويستلهم مشيئته، فله خبرته في الحياة مع الله وهو طبيب يعالج أمراض النفس بصبر ومحبة كثيرين ويرشدها إلى خلاصها. لذلك لا يسمح للكهنة فور رسامتهم بقبول الاعتراف بل يبقون فترة يكتسبون خلالها الخبرة المطلوبة ثمَّ يرفعُّون إلى رتبة أب روحي. وبولس الرسول يحدثنا بمفهوم واضح عن الأبوة الروحية في رسالته الأولى إلى أهل كورنثس: "لا أكتب هذا لأجعلكم تخجلون بل لأنصحكم نصيحتي لأبناء أحباء فلو كان لكم في المسيح عشرة آلاف مرشد فما لكم آباء كثيرون لأني أنا الذي ولدتكم في المسيح يسوع بالبشارة التي حملتها إليكم فأناشدكم أن تقتدوا بي" (1كو 14:4-16) فالرسول المصطفى يدعو أهل كورنثس أولاده الأحباء فيوصيهم ويقسو عليهم بمحبته فهو ولدهم بالروح القدس وغذّاهم بالكلمة الإلهية هنا يظهر الفرق بين المرشد والأب الروحي فالمرشد يعلم في المسيح ولكن لمرة ويغيب أما الأب فيرشد ويتابع فهو يلد الابن بالمسيح ويتابع مسيرة حياته فيحضنه بمحبته وبطول أناته. المرشد هو المعلم أما الأب هو المحب سابقاً وحالاً ولاحقاً. ونجد نموذجاً ثانياً للأبوة الروحية في موقف الأب الرحيم في مثل الابن الشاطر الذي نتلوه في الأحد الثاني من التهيئة للصوم الكبير (لو 11:15-32) ولكن توبة الابن واعترافه بخطأه فكانت الفرصة لظهور الرحمة الأبوية. فرجع الابن الضال إلى نفسه وأحس بخطيئته وصمم على الاعتراف بها أمام الله والذين أساء إليهم علناً ويحدر نفسه إلى مرتبة العبيد فعاد إلى جماله الأول بفضل محبة أبيه الكبيرة التي برزت إثر توبة الابن. كل انسان يخطئ أمام أحد أخوته يخطئ أمام الكنيسة كلها لأن أذية عضو تنعكس على الجسم كله وكذلك الخطيئة هي خطيئة أمام المسيح الذي بذل دمه من أجل هذا الأخ كما من أجلي أنا أيضاً. هذه العملية هي من عمل الروح القدس وهذا ما متفق عليه بين الآباء كلهم وعلى أساسه يمكن أن نفهم حسن العلاقات بين الأب الروحي والمتقدم إليه وكذلك وظيفة الأب الروحي ودور الابن المتقدم إليه. ويقول القديس سلوان الآثوسي: "مشاكلنا تأتي لأننا لا نسأل مشورة الشيوخ الذين أعطوا موهبة كبيرة ليرشدونا وتأتي أيضاً لأن الرعاة لا يطلبون إلى الله دائماً أن يعلمهم كيف يجب أن يتصرفوا" ونجد في قول قديسنا أنه يجب على الآباء أن يصلوا ويطلبوا الروح القدس الذي يعلمنا ويعلمهم كيف يتصرفون. هناك نقاط ينبغي على الأب الروحي أن يتنبه لها وإلا فالعلاقة ستنهار: ·لا بد أن يكون للأب الروحي ضعفات بشرية ولكن عليه ألاَّ يتقبل الأفكار الشريرة وأن لا يكون مضلاً وخاضعاً لتقليد الكنيسة الحي. ·الأب الروحي هو شبيه المسيح وأيقونته فيجب عليه يتقيد به. ·الأب الروحي يتمم خدمته في الروح القدس لذلك يستوجب الاحترام وصلاته تقدر كثيراً فالله يحفظنا بصلوات أبينا الروحي. وللابن الروحي كذلك عدة نقاط هي: ·ينبغي أن يقول كل شيء للأب المعرف وإذا أخفى بعض الأمور أو ابتدأ يشك بقدرة الأب الروحي وينتقده ويناقشه فيفسد الاعتراف ويعرقل عمل الروح القدس وقد يوقفه. ·لكن عندما يكون الأب الروحي في صلاة لمعالجة الموقف والبن الروحي في حالة تواضع وثقة فهذا يسهل عمل الروح القدس. ولكن الناس الذين لم يعترفوا بعد قد يسألون لماذا نلتجئ إلى أب روحي؟ وكيف نعرف مشيئة الله؟! ونجيبهم بأن الإنسان يبغي في كل وقت أن يعرف مشيئة الله ويعرفها عن طريق كلمة الله في قراءة الإنجيل وحفظ الوصايا وعن طريق الصلاة فهي تساعد الإنسان على سماع هذا الصوت ولكن أغلب الناس لا يسمعون هذا الصوت ولا يفهمونه بل يتبعون صوت الأهواء التي يخفي ضجيجها صوت الله. ولذلك نلتجئ إلى أب روحي لأنه يتمتع بخبرة روحية أكبر ويستطيع أن يميز الخير عن الشر لا كما نميزه نحن ولأننا عن طريق التواضع والطاعة والتوبة نجد الطريق الأضمن إلى معرفة مشيئة الله. يقول القديس سلوان الآثوسي: "كيف يستطيع الإنسان أن يعرف مشيئة الله؟ عليه أن يتقبل أولاً كلمة من أبيه الروحي كتعبير عن مشيئته الله. لكن إذا اعترض المعترف أو قاوم ولو داخلياً، لا يعود كلامه مفيداً لأن الروح القدس لا يحتمل النقاش أو العنف". ويسأل البعض هل يمكن أن لا يكون الأب الروحي كاهناً؟ نعم، الإرشاد الروحي لا يقتصر على الكهنة. كل عضو في الكنيسة يمكن أن يساهم في نمو إخوته روحياً، خاصةً إذا كان بخبرة روحية وبموهبة إلهية لإرشاد النفوس إلى الخلاص، وباهتمام متواصل في جو من الصلاة والمحبة. ولكن الكاهن هو الشخص الأنسب لإتمام سر التوبة من إرشاد وتعليم وأبوة روحية. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التوبة شرط للدخول في ملكوت الله https://upload.chjoy.com/uploads/1358025560211.jpg " جاء يسوع إلى الجليل يعلن بشارة ملكوت الله فيقول : تمّ الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وآمنوا بالبشارة " ( مر 1/ 14 – 15 ) . التوبة تلك التي دعا إليها يسوع في الإنجيل ، مفتتحاً تبشيره العلني للناس ، لها أبعاد سامية أكثر شمولاً وعمقاً مصدرها من منطلق تأنس الكلمة ابن الله . فالمسيح هو الخاطئ الأكبر ، بوصفه ممثلاً البشرية جمعاء ، آدم أول البشر ، الواقع تحت اللعنة والمطرود من الفردوس ، وصرح بولس بأبلغ عبارة إذ قال : إن الذي لم يعرف خطيئة جعله خطيئة من أجلنا ( 2 كور 5/21 ) . ولقد تحمل بجسده ونفسه كل نتائج الخطيئة حتى الموت . وبالتالي ، المسيح هو التائب الحقيقي عن آدم وذريته ، هو آدم الجديد ، فإنه بطاعته الكاملة لأبيه السماوي أعاد ، في شخصه ، الإنسانية إلى الله ، صالح الإنسان بنفسه مع أبيه ، بل وحده به ، " الكل من الله الذي صالحنا مع نفسه بالمسيح " ( 2 كور 5/18 ). إن انتصار يسوع على الخطيئة والشر وبسطه لسيادة الله على البشر والكون ، يعطي الإنسان الإمكانية ليتجاوب مع الدعوة إلى الدخول في الملكوت بالانتصار معه على الخطيئة والشر . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الخطيئة خروج عن محبة الله https://images.chjoy.com//uploads/im...f545cfcedf.jpg ننطلق من الأساس : الله محبة ، إذاً خلق الله عن محبة ، ولقد خلق الإنسان سيداً على الكون على صورته ومثاله عاقلاً وحراً مثله ليقدر على التجاوب مع حبه ، ولكي يعقد معه علاقة اتحاد ، عهداً ، بكلمة . ولكي يحول الكون ملكاً لهذا الحب ، وهذا ما يدعوه الكتاب المقدس : حب الله . ولكن الإنسان لم يستطيع أن يبقى أميناً لهذا الحب ، فبدلاً من ذلك تحول إلى الكون وإنشغف به ، مبتعداً معه الكون كله . لذا خرج الإنسان من إطار حب الله له ووقع في عبودية الخطيئة . الخطيئة هي إذاً رفض الحب العجيب الذي يكنه لنا الله في الوحي ، الرفض أو على الأقل الفشل الجزئي والمؤقت لدعوتنا الإلهية . الخطيئة هي ألا تكون قلوبنا وسيرتنا على مستوى مصيرنا . هي ألاّ يكون لنا قلب ابن ، قلب إله . من هنا كل مسيحي خاطئ ، لأنه ، مهما بلغ من القداسة يبقى بعيداً عن هذا الحب الإلهي الذي أحبنا به وظهر لنا في يسوع المسيح . فكل معمّد تقي ، يحثه إيمانه إلى مسيرة ارتداد لا تنتهي أبداً في هذه الحياة : " حب المسيح يحرقنا " ( 2 كور 5/14 ) . ونقيض هذا الضمير الحساس : انفصال الإنسان عن الله . انفصال الزوج الزاني والابن الضال الذي يصفق الباب ويمضي . الخاطئ ، في عمق كيانه ، لم يعد " شريكاً في الحياة الإلهية ، لأنه اختار أن يقطع علاقة العهد مع الله . مأساة العلاقة ، تحط الخطيئة الإنسان عن كرامته ، تنزع منه حياة الله ، ابن النور انحط فصار ابن الظلام . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الله حنان https://images.chjoy.com//uploads/im...f983eef2a0.jpg هذه العلاقة الحياتية بالله لا يقدر الخاطئ أن يسترجعها ، تماماً كما لا يقدر الغصن المقطوع أن يعود من ذاته إلى الشجرة فأصبح في حالة من الشفاء لا تشفى … لكن الله حنان ، يحب الخطأة ، يحب أعداءه ، يغفر سبعين مرة سبع مرات … قبل أن يرجع الابن الضال ، كان أبوه قد غفر له ، ذلك أنه كان دائماً محبوباً . الخروف الضال محبوب ، حتى وقت ضياعه وبسبب ضياعه . الله هو الحب غير المشروط ، إنه يحب وإن لم نحبه ، هذه هي المجانية " النعمة " ، أكثر من ذلك ، انه يحب لأنه ليس محبوباً ، هذه هي الرأفة ، إذ لا شقاء أكبر من الامتناع عن حب الله . هو لا يتغير في حبه أبداً ، هو دائماً كلي الحب ، دائماً كلي الغفران ، حتى نحو الخاطئ العنيد . الإنسان هو الذي يتغير في حريته المتقلبة ، فيتم الانفصال ، بينما الله لا يقطع حبه أبداً ، هو مستعد أبداً للغفران وللتفهم وللاستقبال ، بمقدور الخاطئ أن يستفيد كل وقت من حب الله غير المشروط . للمغفرة يكفي وجود شخص واحد ، أما المصالحة ، فيجب أن يكون هناك شخصان . حرية الخاطئ الضعيفة في الحب تحولت إلى رفض مميت ومتعمد لحب الله . فإن قبل أن يفتحها لقبول الغفران ، جاءت المصالحة مباشرة " بينما كان الابن الضال بعيداً ، رآه أبوه فتحنن عليه وتقدم منه وألقى بيديه على عنقه وقبّله " ( لو 15/20 ) . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مصالحة مع الله https://images.chjoy.com//uploads/im...e3004b968f.jpg من قبل الله ، بما أن الغفران دائم ، فالمصالحة جاهزة أبداً للإنسان ، يقدمها لنا الله في المسيح يسوع ، ربنا : " كل شيء يأتي من الله الذي صالحنا معه المسيح واسند إلينا – نحن الرسل – خدمة المصالحة . فنحن سفراء المسيح وكأن الله يعظ بألسنتنا . فنسألكم باسم المسيح أن تصالحوا الله . ذلك الذي لم يعرف الخطيئة جعله الله خطيئة من أجلنا كيما نصير له براً لله " ( كول 5/14 – 21 ) .أي أن نشترك بقداسة الله . هذا الاشتراك يفرض على الإنسان تغييراً كاملاً يشمل جميع نواحي حياته . هذا التغيير هو حتمي يفرضه القرار الذي يتخذه الإنسان تجاه عمل المسيح الخلاصي . يتغير من إنسان ساقط ، بعيد عن الله إلى إنسان متجرد متحد به . هذا التغيير يتم بالسعي للسمو إلى " ملء قامة المسيح " . هذا هو عمل التوبة الناتج عن المصالحة مع الله التي أتمها المسيح ابن الله المتجسد . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مصالحة مع اخوتنا https://upload.chjoy.com/uploads/135854745361.jpg لكن كيف نتصالح مع الله إن لم نتصالح مع سائر بنيه ؟ كيف نعود إلى البيت دون أن نقبّل سائر اخوتنا وأخواتنا؟ " اطلعنا الله على سر مشيئته ، أي ذلك التدبير الذي ارتضى قضاءه في المسيح ، ليحققه عندما تتم الأزمنة فيجمع في المسيح كل شيء … فهو سلامنا وقد جعل من الجماعتين جماعة واحدة وهدم بجسده الحاجز الذي يفصل بينهما أي العداوة … إرادة الله أن يخلق من شخصه إنساناً جديداً ويصلح بينهما وبين الله . وقد قضى على العداوة بصليبه ، وجاء يبشركم بالسلام … لأن لنا به سبيلاً إلى الله في روح واحد " ( أفسس 1/9 – 10 ، 2/14 – 18 ) . ففي الوقت عينه ، التوبة سر الإنسانية المتصالحة . ليس فقط " تسوّت " بل " تصالحت " . ليس تصميم الله الأزلي فقط وحدة البشر في الأخوّة وتجمّع الاخوة في المحبة ، بل هدم الحواجز واتحاد الأعداء والاتفاق الأخوي بين أناس فرّقت بينهم شريعة الغريزة ، فجعلتهم يقاومون الله ، ويترصد بعضهم بعضاً ومزّقتهم في الأعماق . تصميم الله هو " السلام " ، هذه الأعجوبة التي تضع حداً لحالة الحرب . " سلام المسيح " يضع حداً للانفصال المثلث – مع الله والقريب والذات – الذي هو الخطيئة . فالمسيح ليس فقط " ضحية تكفير عن خطايانا " ( 1 يو 2/2 ، 4/10 ) ، بل هو يعيد خلقنا من نسيج حب وغفران : " إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة . لقد زال كل قديم ، وها كل شيء جديد " ( 2 كور 5/17 ) . وبالتالي فمحبتنا لأخينا الإنسان هي من محبتنا لله ، وبغضنا للإنسان هو بغض لله المتأنس في ذلك الإنسان . وكل لقاء مع القريب هو لقاء مع الله ، وما يعمل للقريب يعود لله مباشرة " كل ما فعلتموه بأحد اخوتي هؤلاء فبي فعلتموه " ( متى 25/40 ) . فلا مصالحة مع الله قبل أن يسبقها مصالحة مع القريب ، ولا محبة فينا لله إذا ملأ الحقد قلبنا ، ولا قربى إلى الله أبينا السماوي ، إذا أبعدنا القريب من حياتنا ومعاملتنا ، وقاطعناه . " إن لم تغفروا للناس زلاتهم فأبوكم أيضاً لا يغفر لكم " ( متى 6/15 ) ، وقد جعلها السيد المسيح في صُلب الصلاة الربية " أغفر لنا خطايانا ، كما نغفر لمن أساء إلينا " ( متى 15/12 ) . في سر التوبة ، سر المصالحة : يستقبل الله الآب ولده التائب العائد إليه ، يحمل المسيح الخروف الضال على كتفيه ويعود به إلى الحظيرة . والروح القدس يعيد تقديس هيكل الله ويسكن فيه بغناه . هذه العودة إلى الله تظهر أخيراً في مشاركة مجددة وتقوية في مائدة الرب ، وهذا فرح عظيم في وليمة الكنيسة أن يعود الابن من بعيد . " الابن العائد من بعيد " ، " الخروف الضال " ، الهيكل المقدس من جديد " ، هذه العبارات لا ذكر فيها للروتين الممل ، لا يمكن أن تكون " المصالحة " أمراً عادياً صغيراً ، إنها " حدث " . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عطية يسوع الفصحية https://upload.chjoy.com/uploads/135776195221.jpg لقد أعطى يسوع دمه " دم المصالحة المهراق عن كثيرين لمغفرة الخطايا " ( متى 26/28 ) ، وبعد القيامة كانت الرسالة " السلام لكم ، كما أرسلني أبي ، كذلك أنا أرسلكم ، خذوا الروح القدس . من غفرتم خطاياه غفرت له ، من ربطتموه عليه ، ربطت عليه " ( يو 20/ 19 – 23 ) . ها هو المسيح في ذروة رسالته وقد " ثبت أنه ابن الله في القدرة ، بقيامته " ( روم 1/4 ) ، إنه يجمع ، كما في يديه ، أهم ما في هذه الرسالة التي أخذها من الآب لينقلها إلى الرسل ، إلى الكهنة . ما هي هذه الرسالة ؟ مغفرة الخطايا . فعطية المسيح الفصحية للكنيسة وللعالم هي مغفرة الخطايا . نرى هنا المخلص يؤسس سر التوبة وسلطان الحل الإلهي . بالإضافة إلى ذلك ، يؤسس الكنيسة كمكان وسلطة ووسيلة لمغفرة الخطايا . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المصالحة حدث https://upload.chjoy.com/uploads/1354487790631.jpg من المؤسف أن نكون ، مهما كانت أساسية الحلة السرية ، قد قصرنا تدريجياً " مغفرة الخطايا " على سر التوبة ، وسر التوبة على الاعتراف أي الإقرار ، كما قصرنا الجماعة على الكاهن . يجب أن يكون السر حدثاً بالنسبة إلى الكاهن والتائب ، كما هي الحال في الإنجيل . المصالحة حدث . فالمسيح صالح لاوي العشار وزكا كبير العشارين والخاطئة المشهورة ، يقول المجمع الفاتيكاني الثاني : " احتفال مشترك ومشاركة فعّالة من قبل المؤمنين يجب أن يحلا ، كلما أمكن محل الحفلة الفردية والشبه شخصية . هذا ينطبق بنوع خاص … على توزيع الأسرار " نجد هنا المصالحة ، الحدث الجماعي الذي يعرضه علينا الإنجيل دائماً : قصة مخلّع كفرناحوم :" مغفورة لك خطاياك " ( لو5/17 ، مر2 ، متى 9 ) . لا أثر لأي حوار حميم : وكان الجمهور غفيراً بحيث لم يكن هناك محل أمام الباب " ( مر2/2 ) . هذا الرجل تحمله جماعة . إيمان هذه الجماعة ، حمل يسوع على إعلان المغفرة : الإنجيليون الثلاثة يذكرون الحدث باتفاق وهم يعنون ما يقولون : فلما رأى يسوع إيمانهم قال للمخلّع : " مغفورة لك خطاياك " ، هنا يعلن يسوع سلطانه السامي . لولا الجماعة ، لما حدث شيء . المرأة الزانية : " اذهبي ولا تعودي تخطئين " ( يو 8/1 – 11 ) . هذا أفضل نص للتوبة الجماعية ، إذ يشرك الجماعة . في هذا الحشد ، الجميع خطأة ما عدا يسوع . امرأة واحدة تعي خطيئتها ، هي الزانية . كلمة يسوع العلنية ستغيّر كل القلوب وتحمل علنا على اعتراف ومغفرة للجميع . الخاطئة في بيت سمعان ( لو 7/36 ) وقارورة الطيب : إنه احتفال علني بمصالحتها مع يسوع ومع سمعان ومع الحضور . وتفجر غفران الرب علناً أيضاً . كما في حالة المرأة الزانية ، كل الأفكار ، وكل أفكار الحضور ارتدت، أعاد الرب الاعتبار إلى هذه المرأة أمام الجميع بينما الفريسي وجميع من معه لم يسمع كلامه . ارتدت الأفكار لأن الجمهور محتشد ويسوع في وسطهم يلفظ كلمته . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الاعتراف https://upload.chjoy.com/uploads/1354487726073.jpeg ولكن ما يحل بالاعتراف والكتمان الذي يرافقه حتى في أوقات التوبة العلنية ؟ كثيرون من المسيحيين يقولون : المهم في السر هو الإقرار . إذ يجب أن يتألم الخاطئ لذكر خطاياه . كلا . أن هذا إلا من قبيل المازوشية . فالغفران هو غير هذا . الغفران نشعر به أمام شخص نحبه والمحب لا يطرح عليك أسئلة ، حبه يحمله على البوح . هناك لطف غريب وكتمان غريب في موقف المسيح حيال الخاطئ . فإن كان زكا رغب في تغيير حياته ، فلأن المسيح جاء إليه من دون أن نسأله شيئاً . المجدلية ارتمت على قدمي يسوع الذي لم يطلب منها أكثر من ذلك . فهو يعرف معنى هذا العمل . السامرية تكلمت على حياتها بكل حرية من دون أن تحملها على ذلك أسئلة دقيقة . لم يكن المسيح يعرّف أحداً : الزانية والخاطئة والسامرية والمجدلية واللص وبطرس … لم يعترفوا بشيء وقد غفر لهم . لو كان يسوع في كرسي الاعتراف لما طرح أسئلة ولكان يكفيه أن نبين له معاناتنا ليغفر لنا قبل أن نفوه بكلمة . أجل . لو كان يسوع في كرسي الاعتراف ، لما طرح أسئلة . إلا إذا أجاب إلى طلب أو إذا لزم مساعدة شخص يفتش عن الكلام . أجل " فالشخص الذي يحبك لا يطرح أسئلة " كذلك المسيح في الإنجيل لا يطرح أسئلة ، لا يجبر أحداً على ذكر خطاياه ، لا له ولا لرسله ولا لخلفائهم . عندما يحثهم القديس يعقوب ( 5/16 ) " اعترفوا بخطاياكم بعضكم لبعض " فهو يتحدث عن تواضع جماعي . وعندما يقول القديس يوحنا ( 1 يو 1/9 ) : " إذا اعترفنا بخطايانا " فهو يعني : إذا أقررنا أننا خطأة أمام الله " محبة المسيح هي التي تحملنا على بوح " حر . لكننا نرى أن جميع الذين تحملهم محبة المسيح على معرفة ذواتهم خطأة وعلى التوبة ، جميع هؤلاء يقرّون بخطاياهم عفوياً . هذا الإقرار عبّر عنه زكا بالكلام ( لو 19/8 ) وكذلك اللص ( 23/41 ) ، عبّرت عنه المجدلية بالحركات ( 7/36 ) ، والزانية بالقبول والصمت ( يو 8/ 9 – 11 ) وكذلك السامرية وبطرس بصمته المتألم ( 21/17 ) . من هنا ينطلق الاعتراف السري : اعتراف شخصي لا يمارسه زكا على طريقة الزانية أو اللص ، لكنه اعتراف حر . هو حاجة حررها الحب : إذ الغفران يسبق دائماً الاعتراف . في كل مناسبة ، يبين المسيح انه " لم يأت ليدين العالم بل ليخلص العالم " ( يو 3/17 ، 12/47) فهو ليس قاضي تحقيق . " الاعتراف " يعني أن الخاطئ يقر بمسؤوليته أمام الله (1يو 1/ 8 – 10 ) وأمام أخوته (يعقوب 5/16) ويأخذ الاحتياطات الضرورية للارتداد . في الاعتراف يعيش الخاطئ مصالحة كنسية ، عربون وعلامة المغفرة الإلهية . هذا ما سموه " سر التوبة " أو " سر المصالحة " . مصالحة مع الجماعة التي هي رمز وعربون للمصالحة مع الله . وما بقي ثابتاً في سر التوبة وسط كل التحولات التي مرت عليه في الزمن ، هو التأكيد على غفران الله ، وإن الله غفر مسبقاً وإنه لم يبق على التائب إلا أن يقبل هذا الغفران إذ يعود إلى الله بانسحاق قلب . عندئذٍ تكون المصالحة . وتأتي الحلة إعلان غفران الله . الله الذي يعرض علينا غفرانه دائماً . والعلامة أن القلب ارتد لقبول هذا الغفران هي في الموت عينه انفتاح القلب للاخوة في الكنيسة " من أحب الله أحب أخاه أيضاً " ( 1 يو 4/21 ) ، أغفر لنا كما نحن نغفر . هل نستنتج من هذا كله وجوب إلغاء الاعتراف الفردي ؟ حاشا . إذ نكون قد محونا كنزاً عظيماً ومتيناً يتناقض مع نية الكنيسة الصريحة . فهي تقترح ممارسة الحلة الفردية والمصالحة الجماعية على التوالي . إذ يجب أن نجد : الجماعة . فالاحتفال الجماعي يشدد على أن غفران خطايانا يتضمن المصالحة مع الكنيسة بكاملها ، وعلى أن الكنيسة كلها تمنح الغفران للتائبين بواسطة خدمة الكهنة . قال المسيح لسمعان بن يونا واعداً : : سأعطيك مفاتيح السماوات . فكل ما تربطه يكون مربوطاً … " ( متى 16/19 ) ، ثم جدد هذا الوعد لجميع الرسل في مساء أحد القيامة : " خذوا الروح القدس ، فمن غفرتم خطاياهم غفرت لهم ، ومن أمسكتم خطاياهم أمسكت " ( يو 20/ 22 – 23 ) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أفكار خاطئة عن الندامة
https://images.chjoy.com//uploads/im...104773bff4.jpg إنَّ نعمة الله تُقاس بمقدار الهوَّة التي يحفرها فينا الندم. وما ينقصنا هو الإحساس بذنبنا وبخطيئتنا. لا لإحساس يقود إلى اليأس ووخز الضمير، بل إحساس بندامة حقيقيَّة. وللوصول إلى النبع، يجب النزول إلى القعر، إلى جذور الكيان. ففي الندم سرُّ شباب، وسرُّ حياة، وسرُّ طفولة رائعة. فنحن نعيش عادة في المناطق الوسطى من كياننا، ونخطئ نصف الخطأ، ونعود إلى الله نصف عودة. كل ما فينا هو في الوسط، ويجري في مناطق وسيطة بطريقة فاسدة للغاية. فلسنا أمواتاً ولا أحياء. ولسنا حارين ولا باردين، بل فاترين? ولذلك فإنَّ ندامتنا ليست ندامة حقيقيَّة، بل مجرَّد شكليَّات، أو، وهو أسوأ ما في الأمر، تبرير للذات. ونقول في أنفسنا: «في الواقع، ليس هذا أمراً شنيعاً جداً، فالجميع يفعلون ذلك». ونستند إلى كلِّ أنواع الظروف التي تخفِّف ثقل الذنب، ونُلبس خطايانا أجمل الثياب، ونُزيِّنها، ونخفي شكلها الحقيقي، وناتي بها أمام الرب وهي في هيئة هفوة صغيرة لطيفة وخفيفة الظل، تدعو إلى الشفقة. وفي الواقع، فإنَّنا نُعطي أنفسنا، بهذا التصرُّف، "الحلَّ" من الخطايا مُقدَّماً، ونشعر بأننا قد تبرَّرنا. وإنَّ رفضنا لتحمُّل مسؤوليَّة أخطائنا سببه أنَّنا لا نملك شيئاً بديلاً لوخز الضمير واليأس. الندامة لا تخشى النزول حتَّى عمق الخطيئة، حتَّى عمق الكيان. ففي الشعور الصادق بالذنب، أمسك خطيئتي بيدي وأنظر إليها وجهاً لوجه، وأعترف بها، وأقبلها، وأتحمَّل نتائجها، وفي الوقت نفسه أنكرها. فكرامة الإنسان الكبرى وعظمته تقومان على تحمُّله مسؤوليَّة عمله. منذ أيام، قال لي شخص في الاعتراف: «يا أبانا، ارتكبتُ هذه الخطيئة الشنيعة وفعلتها بملء إرادتي وحريَّتي وبانتباه تام، لا سهواً. وأنا أدين نفسي، وأندم عليها من كلِّ قلبي». وعند سماعي هذا الاعتراف، طأطأتُ رأسي، وقلتُ في نفسي: «هذا أمرٌ رائع?!» فالإدراك الكامل للخطأ، والندامة الصادقة عليه يجعلانكم تدخلون إلى أعماقكم وتصلون إلى النبع وتتجدَّدون. رفض الاعتراف بالذنب هو رفض السموِّ والنمو. فحين يصل الاعتراف بالذنب إلى عمق الذات، فإنَّه يسبِّب قفزة وارتفاعاً، كالكرة التي تسقط على الأرض، فهي حين تصل إلى الأرض وتصطدم بها تقفز إلى الأعلى. وكثيراً ما يعجز الإنسان عن القفز لأنه لا يريد أن يلمس أرضيَّة كيانه، ولأنَّه يرفض أن يسقط إلى عمق ذاته. ففي هذه الحالة، ليس هناك إعادة نظر ولا تجدُّد ولا سمو. اسمعوا ما يقوله لاكروا في هذا الصدد: «إنَّ رفض الاعتراف بالذنب هو رفض للذات. والشعور الصادق بالذنب هو ثمرة للنقد الذاتي، أي الاعتراف بوجود نقص وعدم اكتمال وإدراك للمجهود الذي به يمكننا متابعة اكتمالنا وتحقيقه». |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أنا أكثر قيمة من حياتي
https://images.chjoy.com//uploads/im...bbf5e4542a.gif قال شاب حُكم عليه بالإعدام عند موته: «أنا أكثر قيمة من حياتي». وتعني هذه العبارة المذهلة أنَّ هذا الشاب، الذي ارتكب جميع أنواع الجرائم والآثام، لاحظ ساعة موته أنَّ هذا كلَّه لا يعبِّر عن حياته الحقيقيَّة، وعن "أناه" الحقيقي. فبالنسبة إلى العدالة الصرفة، هو مذنب. ولكنَّه في عمق كيانه كان يقول: «كلُّ هذا ليس أنا». مَن منَّا لم يشعر بعد ارتكابه خطيئة أنَّ ما فعله ليس جوهر ذاته؟ فالندم الحقيقي ليس في أن ننكر الشرَّ الذي اقترفناه، بل في أن نضع أنفسنا أعلى من الشر. وان نقول: «نعم، هذا صحيح، لقد خطئت، ولكنَّ هذه الخطيئة لا تعبِّر عن عمق حياتي، وانا أرفض أن أنسب ذاتي إليها، فأنا أكثر قيمة من خطيئتي. لقد أردتها وفي الوقت نفسه لم أردها». كيف أمكن للصِّ اليمين أن يمحو آثام حياة بكاملها بفعل واحد؟? لقد تمكَّن من هذا لأنَّه دخل عميقاً في ذاته بفعل الندامة الوحيد، واستطاع أن يجدِّد كلَّ حياته وأن يفتدي ماضيه. وأمام هذا الصفح الذي منحه المسيح مجَّاناً وفجأةً، قد نصرخ ونقول معارضين: «هذا ظلم»، فيجيب المسيح: «كلا، هذا عدل». لأنَّه وإن عجز الإنسان عن محو جميع أفعاله وجرائمه، فهو قادر على مستوى نيَّته العميقة وكيانه الجوهري أن يريد شيئاً آخر، وأن يختار مرَّة أخرى، وأن يُضفي على حياته بُعداً جديداً. هذه هي التوبة: أن يختار الإنسان مرَّة أخرى، ويريد لنفسه صورة جديدة. وهذا هو الرجاء. وبتعبير آخر، لا أنكر ماضيَّ حين أرفض تحمُّل تبعته، بل حين أقول: «أنا أكثر قيمة من حياتي، ولا أريد نفسي كما كنت عليها. لا أريد أن أكون كما كنت عليه». فالتوبة هي العودة إلى الـ"أنا" الأصليَّة، إلى شخصي في جذوره، والتوبة هي تجاوز الشريعة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصفح المسيحي
https://upload.chjoy.com/uploads/1354307183692.jpg إنَّ صفح المسيح هو بالتحديد ذلك الفعل الذي يعيد صياغة الإنسان ويجدده في مركزه، وصفحنا هو أيضاً فعل يمكنه أن يخلق الآخر مرَّة أخرى، ويجدده في مركزه. إنَّه يقوم على أن نقول للآخر: «إنَّ ماضيك قد نُسي ومُسِح، وإنَّني أعطيك فرصة، وإنَّك تستطيع أن تبدأ حياتك مرَّة أخرى». فأعطي إمكانيَّة الفداء لهذا الشخص اليائس المذلول المحطَّم. وبين الزوجين أو بين الأصدقاء، يمكننا دائماً إحصاء أخطاء الماضي: «تذكَّر أنَّك فعلت كذا، وقلت كذا، وفي العام الماضي فعلت كذا، وفي الشهر الماضي حدث منك كذا?». «نعم، أذكر هذا وأقرُّ به، وأنت على حقٍّ، لقد فعلتُ ذلك». وتحني رأسك، في حين يسحقك الآخر ويدوسك ويوبخك ويتلذَّذ بانتقامه. حينئذ تدافع عن نفسك: «نعم، لقد فعلتُ ذلك الشيء. ولكنَّك أنت ايضاً فعلتَ كذا وقلتَ لي كذا?»، وحينئذ يبدأ الشجار والعراك. ويتوه كلٌّ منهما في دائرة جهنميَّة من الاتهامات القاسية. يقول لنا الإنجيل: «لا تدينوا لئلا تُدانوا» (متَّى 7/1). نعم لا تدينوا ولا تحكموا على أحد، لأنَّكم لا تعلمون ما يختفي في داخل الإنسان. فما تعرفونه وتحكمون عليه هو الماضي. أمَّا المستقبل فلا تعرفونه، وهو مملوء بالوعود? وللوصول حقاً إلى هذا المستوى من الغفران، علينا أن نبدأ من أنفسنا، ونعترف بأنَّنا خطأة، وأن نقبل لأنفسنا أن يُصفَح عنَّا. في غالب الأحيان، لأنَّنا نرفض الإقرار بذنوبنا، نرفض أن نسامح الآخرين. فنحن نقول في الصلاة الربيَّة: «واغفر لنا ذنوبنا كما نحن نغفر للمذنبين إلينا» فبالإقرار بخطيئتنا نصبح قادرين على غفران خطايا الآخرين وعقد المصالحة + + + |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ستعود بقوة أعظم الذين أظهروا عنفًا زائدًا في شرورهم، يظهرون نفس الغيرة عند عودتهم إلى الحياة الصالحة، وذلك لشعورهم بثقل الدين العظيم المدينون به. هذا ما أعلنه السيد المسيح عندما حدَّث سمعان عن المرأة الخاطئة: ?أنظر هذه المرأة. إني دخلت بيتك وماء لأجل رجليْ لم تعط.وأما هي فقد غسلت رجليًّ بالدموع ومسحتهما بشعر رأسها. قبلة لم تقبلني. وأما هي فمنذ دَخلتْ لم تكف عن تقبيل رجليْ . بزيت لم تدهن رأسي. وأما هي فقد دهنت بالطيب رجليْ. من أجل ذلك أقول لك قد غفرت لها خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيرًا. والذي يغفر له قليل يحب قليلاً ? (لو 7: 44-47). لهذا السبب أيضًا، إذ يعرف الشيطان أن الذين ارتكبوا شرورًا كثيرة، عندما يبدأون في التوبة يسلكون فيها بغيرة أعظم، بقدر شعورهم بثقل خطاياهم، لهذا ُيخيفهم ويرعبهم لئلا يبدأوا في العمل. فإن ابتدأوا لا يمكن صدهم بل يلتهبون كالنار تحت فاعلية التوبة. فتصير نفوسهم أنقى من الذهب النقي، مدفوعين بضميرهم وتذكرهم لخطاياهم السابقة، كما لو كانوا مدفوعين بعاصفة قوية نحو سماء الفضيلة. هذه هي النقطة التي يستفيد منها الذين سقطوا عمن لم يسقطوا، إذ يعملون بنشاط أوفر لكن كما قلت، إن أمكنهم أن يبدأوا، فصعوبة العمل وقسوته هي في وضع القدم على البداية، والوصول إلى مدخل التوبة، ودفع العدو وطرحه، ذاك الذي يحنق علينا ويحاربنا. أما بعد الدخول فلا يعرض الشيطان حنقه الزائد بعدما فشل، وسقط حيث كان قويًا. فننال نشاطًا أوفر، ونجرى بسهولة في هذا السباق الحسن. ليتنا نضع أمامنا عودتنا. ليتنا نسرع إلى المدينة التي في السماء، التي فيها سُجلت أسماؤنا، واخترنا لكي نجد فيها مكانًا كمواطنين. أما يأسنا من نفوسنا فلا يقف عند هذا الشر، وهو أن يُغلق أبواب هذه المدينة في وجوهنا، ويجرنا نحو البلادة والاستهتار بل يُسقطنا في الطيش الشيطاني أيضًا. فالسبب الذي لأجله صار الشيطان كما هو عليه، أنه سقط أولاً في اليأس التام، ومن اليأس سقط في الطيش. فعندما تُحرم النفس من خلاصها، تبدأ تغرق إلى أسفل. مختارة لنفسها أن تفعل وتقول كل ما يضاد خلاصها. فكما أن المجانين عندما يفقدون سلامة عقلهم، لا يعودون يخافون ولا يخجلون من شيء، بل بدون خوف يتجاسرون على صنع كل شيء، ولو أدى إلى سقوطهم في النار أو ماء عميق أو هوة. فالذين أمسكوا بجنون اليأس من الآن فصاعدًا لا يمكن ضبطهم بل يسيرون مندفعين نحو الرذيلة من كل جانب. وإن لم يأتيهم الموت كحٍد فاصٍل لجنونهم وعنفهم، يصنعون لأنفسهم أضرارًا لا حد لها. لذلك أتوسل إليك قبل أن تنحدر بعمق في هذا السكر، أن تسترد حواسك، وترتفع بنفسك، وتنزع عنك تلك النوبة الشيطانية، منفذًا ـ بهدوء وبالتدريج ما لم تستطع أن تنفذه دفعة واحدة |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ستنال مكافأة مضاعفة إنني أتوسل إليك وأطلب منك أن تذكر سمعتك الأولى، وذلك الإيمان الذي كان لك. فإننا نريد أن نراك مرة أخرى على برج الفضيلة، وفي مثابرتك الأولى. أذكر أولئك الذين يتعثرون بسببك، هؤلاء الذين يسقطون ويزداد توانيهم وييأسون من طريق الفضيلة. لقد خيّم الحزن على رابطة أصدقائك ذو السيرة الحسنة، بينما حلّ الفرح والسرور بين جماعات غير المؤمنين وأولئك الأحداث المتوانين. لكن إن رجعت مرة أخرى إلى استقامتك السابقة، فستنعكس النتيجة. فينتقل عارنا إليهم، بينما نفرح نحن بإيمانك العظيم ناظرينك متوجًا وحائزًا على النصرة في صورة أبهى مما كنت عليه. فإن مثل هذه النصرة تجلب شهرة أعظم وسعادة أوفر. إنك لن تنال المكافأة عن إصلاحك فحسب، بل بما ستقدمه من نصائح وتعزيات للآخرين أيضًا، بكونك تصير مضرب المثل لمن يسقط مثلك، فيتشجع ويقوم وتُشفي نفسه. إذن لا تهمل هذه الفرصة المربحة، ولا تسحب أنفسنا إلى الهاوية التي كنا فيها، إننا في حزن، بل دعنا نتنسم الحرية مرة أخرى، وتزول عنا سحابة القنوط التي تساورنا من جهتك. والآن لنَدَعْ جانبًا موضوع متاعبنا، فإننا نحزن على ما يحلّ بك من المصائب ولكن إن أردت أن تعود إلى رشدك، وتنظر بوضوح وتسير في الجمهور الملائكي، فإنك ستعتقنا من الحزن وُتزيل عنا النصيب الأوفر من الخطية. شهادة الكتاب المقدس أما عن كون أولئك الذين يرجعون بعد التوبة يضيئون بلمعان مضاعف أكثر من أولئك الذين لم يسقطوا، فهذا أتيت به من الكتب المقدسة، فعلى الأقل أولئك العشارين والزواني ورثوا الملكوت قبل كثير من الباقين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
توبة واعتراف بلا رجاء https://upload.chjoy.com/uploads/1354487661073.jpg إنني أعرف حقًا انك تعترف بخطاياك، وتسمي نفسك بائسًا بلا حدود. لكن ليس هذا كل ما أطلبه منك، بل اشتاق أن تتيقن من أنك تتبرر. لأنه طالما تقدم هذا الاعتراف دون أن تشعر بفائدته، فحتى إن أدنت نفسك، فإنك لن تتخلص من الخطايا المقبلة. فإنه لا يستطيع أحد أن يمارس شيئًا بغيرة وبطريقة مفيدة ما لم يقتنع أولاً بفائدتها. فالزارع بعدما يبذر الحبوب، لن يحصد شيئًا ما لم ينتظر المحصول. لأنه من يقبل أن يتعب نفسه عبثًا، مادام سوف لا يربح شيئًا من تعبه؟! هكذا من يزرع كلمات ودموعًا واعترافًا، إن لم يصنع هذا برجاء حسن لن يستطيع أن يتخلص من كونه مخطئًا، إذ لا يزال يخطئ بخطية اليأس? لا تقف عند حد اتهام نفسك بخطاياك، بل لتكُنْ كمن يريد أن يتبرر بالتوبة. لأنه بذلك يمكنك أن تُخجل نفسك المعترفة حتى لا تعود تسقط في الخطايا مرة أخرى. لأن اتهام الإنسان لنفسه بعنف واعترافه بأنه خاطئ أمر شائع حتى بين غير المؤمنين أيضًا. فكثيرون ممن يعملون في المسارح، من رجال ونساء، هؤلاء الذين اعتادوا أن يقوموا بأعمال معيبة، يدعون أنفسهم بائسين، لكنهم لا يقولون هذا بقصد مفيد. فهذا لا أدعوه اعترافًا، لأن إعلانهم عن خطاياهم لم يصحبه تأنيب الضمير ولا دموع حارة ولا تغيير في السلوك إنما يقدم البعض هذا الاعتراف لمجرد نوال شهرة من السامعين لصراحتهم في الحديث فالذين هم تحت تأثير اليأس سقطوا في حالة من عدم الحساسية، فيستهينون بنظرة أصدقائهم لهم، كاشفين لهم أفعالهم الشريرة كما لو كانوا يتحدثون عن خطايا الآخرين وما هي جذور اليأس وأصله؟ انه التراخي. إننا لا يجب أن ندعو التراخي جذور اليأس فحسب، بل هو مربيته ووالدته فالتراخي يؤدى إلى اليأس، وهو في نفس الوقت يزداد باليأس. وكل منهما يقوى الآخر في تبادل شريرفإن قطعنا أحدهما إلى أجزاء، فبسهولة نقدر على الثاني. فمن ناحية نجد أن الإنسان غير المتراخي لن يسقط في اليأس. ومن ناحية أخرى نرى أن الذي يتقوى بالرجاء الحسن ولا ييأس من نفسه، لن يقدر أن يسقط في التراخي |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يارب هيىء لى أسباب التوبة http://www.peregabriel.com/gm/albums...02/confes1.jpg هوذا موسم للتوبة والنقاوة أرجو أن تحسبنى فيه مع أهل نينوى القديسين الذين لم نسمع عن سبب آخر لتوبتهم سوى " مناداة يونان " يوما واحدا قائلا لهم " إنه بعد 40 يوما تنقلب المدينة " ! ... والذين لم تشهد لهم ياربى يسوع المسيح عن أعمالهم سوى أنهم " تابوا بمناداة يونان " ( مت 12 : 41 ) ! بمجرد سماعهم هذا النداء قامت المدينة كلها وتاب الشعب جميعه لهذا السبب الواحد كأنهم أطفال صدقوا مناداة يونان فى الحال ، وتابوا فى الحال ... كانت توبتهم بعمق وشمول بعد إيمانهم وتصديقهم . حتى الملك نزل عن كرسيه لكى يجلس الله على كرسى الملك واختار هو التراب ونزع عن نفسه رداء الملك وتغطى بالمسوح ... كل ذلك فعله لمجرد أنه سمع ماقيل عن مناداة يونان ... لقد أعطى هؤلاء التائبون القديسون مالم يقدمه أهل السفينة نفسه : فأهل السفينة إحتاجوا إلى أسباب: 1- عصيان يونان 2- كسل يونان ونومه 3- ريح شديدة وعاصفة كادت تكسر السفينة ... حتى تجردوا عن أمتعتهم الكثيرة والثمينة وتابوا ونذروا وآمنوا . أما يونان فاحتاج إلى أسبابأكثر : 1- لقد دعاه الرب للخدمة كسبب أول مثلما دعا يهوذا إلى خدمة الصندوق لعل دعوة الخدمة ذاتها تفبق الخادم إلى توبته فيتشرف ويشرف ... ثم 2- نداء أهل السفينة إليه للإستيقاظ والصلاة لإلهة ، ثم 3- إلقاء القرعة عليه ، ثم 4- الفضيحة أمامهم والتحقيق معه : " ماهو عملك ؟ ومن أين أتيت ؟ وما هى أرضك ؟ ومن أى شعب أنت ؟ " 5- ثم الحوت الذى مهما كان كغواصة حامية لكنه سجنا يضغط ( ولو بضيق التنفس أو التنفس غير الطبيعى ) على يونان ليتوب ... وهنا بعد خمس أسباب ظهرت أول بادرة توبة وهى صلاة من جوف الحوت ... ومن أجل هذه البادرة أمر الرب الحوت بإخراجه على أرض نينوى . بعد هذه الفتيلة المدخنة من جانب يونان والتى لايحتقرها الرب أبدا مهما كان ماضى صاحبها أمامه ...بعدها 6- أعاده إلى رتبة الكارزة مره ثانية مثلما صنع مع بطرس " أتحبنى ؟ " ..." ارع خرافى " ، حتى أنه إستخدم أسلوب الكرازة السريع فقد استغرق ندائة لنينوى يوما واحدا وهى مسيرة ثلاثة أيام ... وكأن الرب يعلن له أن التوبةالسريعة والعميقة والقوية لأهل نينوى ليس لإعداده المناسب للكرازة ولا لقدرته على التبليغ أو فصاحته فى الإقناع ، بل بعمل الله فى القلوب المستعدة لإلتقاط إشاراته السماوية بينما كان يونان فى قلبه لايتوقع ذلك ، وكان يمكن لهذة النتيجة الباهرة أن تفرحه إذ استخدم الله ضعفه وسرعته فى عمل إلهى كبير تاب بواسطتة 120 الف نسمة ، الإ أنه إعتاظ ووقف يصلى " آه يارب" ! . وهذا سبب سابع لتوبة يونان نفسه : 7- أن الله المحب سمح له بالصلاة والوقوف قدامه والتأوه من شىء ليس فى محله لعل وقفته أمام الله ترهبه وتفيقه !! ... لكنه فى الصلاة برر حكمته فى الهروب مع أنه بخوف قال عن الرب أنه رحيم ورءوف ... وكان نتيجة أو ثمرة هذه الصلاة أنه خرج خارج نينوى وجلس شرقى منها وبنى لنفسه مظلة منتظرا تحقيق كلمته فى أن توبتهم توبة سطحية سيعقبها سقوط سريع ! ... فأعاد الرب من جديد سببا ثامنا للتوبة وهى 8- اليقطينة ، النبات الذى نمى فى ليلة لعله يفرح ... وفرح فعلا فرحا عظيما . 9- حتى أرسل الرب الدودة فى وقت لايراها يونان فيها لئلا يقضى عليها إذ رآها تفسد اليقطينة ، أرسلها فى وقت طلوع الفجر لتضرب اليقطينة . 10- ثم عند طلوع الشمس أرسل الرب . 11- ريحا شرقية تحمل معها حرارة الشمس وتزيد من ضربة اليقطينة حتى انكسر يونان جدا وقال " موتى خير من حياتى " وهنا 12- نزل الرب بشخصه تعالى ليعاتب يونان : لماذا فرح ؟ ولماذا اغتنم ؟ وكيف لايشفق هو تعالى ويفرح على مدينة بها 120 الف نسمة " لايعرفون شمالهم من يمينهم " وبهائم كثيرة ... قد استفادوا وتابوا بهذه الإثنى عشر سببا سعى الرب من أجل توبة يونان خادمة ونبية ! أهكذا ياإلهى تتعب فى توبة خدامك وأولادك ؟!! اننى أفهم الآن لماذا قلت ياسيدى : " إن العشارين والزوانى يسبقونكم إلى ملكوت الله " ( مت 21 : 31 ) ... لقد سبق أهل نينوى الوثنين الأممين النبى اليهودى وخادم الرب فى التوبةوسرعة الإستجابة لندائها ولسبب واحد من الأسباب ... ياإلهى ... أناديك أن تعوننى لكى لا أتعبك فى توبتى ، بعد أن أتعبتك خطاياى وأحزنتك شرورى وآثامى ... أريد ياإلهى أن أكون مريحا لك فى توبتى ، فلا لتستغرق معى الأسباب الإ سببا واحدا : مناداة أو عظة أو قراءة أو حدث أطيعك من خلاله طاعة سريعة وعميقة ... نعم هيىءنفسى بالطاعة الطفولية الكاملة من أول سبب للتوبة تعرضه أمامى ... بشفاعة دمك الغالى وأهل نينوى القديسين أعطنى يارب توبة السبب الواحد . " من كتاب يوميات تائب لأبونا يوسف أسعد " |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما هو المهم في سر التوبة والمصالحة وفي ممارسته الصحيحة؟ https://images.chjoy.com//uploads/im...99490d299a.jpg الجواب: يعرض الإرشاد الرسولي وسيلتين مهمتين لبلوغ هذه الغاية وهما التعليم المسيحي، والحوار . فالتعليم المسيحي هو من أجل أن يكون المؤمن عالماً بأهمية هذا السر و قدسيته ومفاعيله ،أما الحوار ،فلكي يستطيع كل إنسان انطلاقاً من وضعه الخاص، أن يتفهّم هذا التعليم ويأتي بلهفة إلى قبول هذا السر. - يتم هذا التعليم المسيحي من خلال مبادرات عديدة في الوعظ والمحاضرات والمناقشات والمباحثات ودورات الثقافة الدينية ... وفي إقامة الرسالات الشعبية والرياضات الروحية على مستوى المجموعات المنظمة أو التجمعات التلقائية. - أما الحوار فيمكن أن يتم في أي وقت ومكان، لكن الحوار الأهم هو الذي يتم في أجواء سر التوبة بالذات حيث نعمة السر تُلهِم المرشد والتائب إلهاماً خاصاً. - وإلى جانب توضيح معنى الخطيئة ومفاعيلها، يركّز التعليم المسيحي على وجهين متكاملين من سر التوبة وهما "عمل" التوبة و "إحلال" المصالحة. أ- عمل التوبة : التوبة تعني من خلال الإنجيل المقدس، التغيير الذي يحدث في أعماق القلب تحت تأثير كلام الله و بالنظر إلى الملكوت (متى 4/17)، وتعني أيضاً تغيير الحياة تجاوباً مع تغيير القلب. إنما هذا التغيير لا يكون صحيحاً ما لم يترجم إلى أعمال توبة: "اعملوا أعمالاً تليق بالتوبة" (لوقا 3/8). ومن هذه الأعمال: الجهاد الروحي ascèse أي الجهد اليومي العملي، الرامي بمساندة النعمة، إلى إهلاك الحياة من أجل المسيح، فإن هذه هي الطريقة الوحيدة لإيجادها (متى 16/24)، وقمع ما هو جسدي، وتغليب ما هو روحي و التسامي باستمرار فوق ما هو أرضي سعياً إلى ما هو في العُلى حيث المسيح (كولوسي 3/1). فالتوبة هي ارتداد، وباليوناني (متانويا)، والكلمة تعني حرفياً: انقلاب النفس واتجاهها نحو الله. ولابد من استعدادات لهذا الارتداد، وعلى التعليم المسيحي أن يشرحها بمفاهيم تتوافق ومختلف الأعمار وتنوع الأحوال على الصعيد الثقافي و الأخلاقي و الاجتماعي. ب- المصالحة : مصالحة الإنسان مع الله ، مع إخوانه ، مع ذاته و مع الخليقة كلها ... والمصالحة لكي تكون كاملة تستدعي التحرر من الخطيئة التي يجب رفضها في أعماق جذورها. وفيما يحثنا المجمع على السعي إلى المصالحة بكل قوانا، ينبهنا إلى أنها قبل كل شيء، عطية يجود الله بها علينا, فالله هو الذي صالحنا بالمسيح وأعطانا خدمة المصالحة ... (2قور5/18) فبهذه العطية تُفضّ الكثير من الخلافات وتحسم العديد من النزاعات وتمّحي الانقسامات صغيرة كانت أم كبيرة، وتُسترجع الوحدة ... وقد شدّد يسوع على موضوع المصالحة الأخوية عندما تكلم عن تقدمة الخد الآخر، وترك الرداء لمن يطلب الثوب، ووجوب المغفرة حتى للأعداء مرات لا عدّ لها ... (متى 5/38-48) وهناك أيضاً مصالحة على مستوى العائلة البشرية جمعاء، ومن خلال ارتداد قلب كل من الناس، وعودته إلى الله. فَوَحْدة البشر لا يمكن أن تتحقق ما لم يغير كلٌ من الناس ما في نفسه. وباعتقادنا أن المصالحة السرية، التي تُعطى لأبناء الكنيسة, تتحول إلى ينبوع للمصالحة العامة, إذ أن النعمة التي تُوهب لهؤلاء الأبناء تصبح خميرة روحية تُفصح من جرّاء وجودها عن إمكانية تصالح الناس مع بعضهم على غرار ما يقول بولس الرسول :" ذلك فإن الله كان في المسيح يسوع مصالحِاً للعالم وغير محاسب لهم على زلاّتهم، ومستودِعاً إيانا كلمة المصالحة (2قور 5/19) فالغفران المُعطى للمؤمنين من خلال سر التوبة، فيما يكون فيهم منبع سلام وراحة، يشير بالوقت نفسه إلى أنّ الخلاص دخل إلى العالم وبدأ يعمل عمله فيه. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التعليم المسيحي وممارسة التوبة https://images.chjoy.com//uploads/im...d948150388.jpg أ- أصل هذا السر : سر التوبة يتأصّل في ذبيحة المسيح الخلاصية: "اشربوا منها (الكأس) كلكم فهذا هو دمي دم العهد الذي يُراق من أجل جماعة الناس لغفران الخطايا" (متى 26/27-28) مغفرة الخطايا سلمها يسوع، بواسطة الروح أناساً بسطاء ، مُعرَّضين للوقوع في الخطيئة، أعني رسله، بقوله لهم: "اقبلوا الروح القدس ، من غفرتم خطاياه غُفرت له، ومن أمسكتموها عليه أُمسِكت" (يوحنا 20/22). "فلقد خوّل يسوع الرسل هذا السلطان - الذين بإمكانهم نقله – على ما فهمت الكنيسة ذلك منذ فجر وجودها – إلى خلفائهم الذين تلقّوا من الرسل أنفسهم رسالة مواصلة عملهم ومسؤولية هذا العمل العادي، بوصفهم مبشرين بالإنجيل و خَدَمة فداء المسيح ب- سر التوبة هو الطريق العادي لنيل الصفح و الغفران : فليس من الحماقة إذاً و حسب، بل من الاعتداد الباطل ترك أسرار النعمة والخلاص التي رسمها الرب، وإهمالها كيفياً، والادّعاء بقبول الغفران من دون اللجوء إلى السر الذي رسمه السيد المسيح "فالكلام الذي يعرب عن الحَلّة، عند منح هذا السر، و الحركات التي ترافقه يدل، في عظمته، على بساطة لها معناها: "أغفر لك"، أو "ليَغِفر لك الله" ... ووضع اليد، و إشارة الصليب المرسومة على التائب هذا كله يدل على أن هذا الأخير يتلقّى قوة الله ورحمته وفيها يُمنح ما في آلام المسيح وموته وقيامته من قوة خلاصية. ج- سر التوبة والنقاط الأخرى المتداخلة فيه: هناك نقاط أخرى في سر التوبة والمصالحة: كنوعية هذا السر ودوره وأعمال التائب... سيأتي ذكرها في العناوين اللاحقة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لستُ أرى نفعاً لسر التوبة، طالما أني حاصل على الغفران من الله مباشرةً. فلماذا الإلحاح على اقتبال هذا السر؟ https://images.chjoy.com//uploads/im...915af5300e.jpg الجواب: أ- نظرة تاريخية إن سر التوبة وُجد في الكنيسة منذ العصور الأولى، وقد وُجدت وثيقة قديمة منذ حوالي سنة 150 في روما هي كتاب "الراعي لهرماس"… الذي يطرح السؤال على إمكانية منح سر التوبة للذين أخطأوا بعد العماد… ثم جاء ترتليانوس بأطروحته عن التوبة يرفض فيها مصالحة الخاطئ خاصة إذا ما اقترف إحدى الخطايا الثلاث: الزنى أو القتل أو الجحود. لكنه بعد موجة الاضطهاد القاسية التي حدثت في منتصف القرن الثالث من قبل الإمبراطور داسيوس (250-253)، وسقط الكثيرون في خطيئة الجحود، قام القديس قبريانوس يكتب ويدعو إلى إعادة الساقطين تحت وطأة الاضطهاد إلى حضن الكنيسة ومنحهم المصالحة. ووافقت الكنيسة على ذلك في مجمع قرطاجة عام 251، وقبلت بأن يُمنح سر التوبة مرةً واحدة في الحياة فقط. إلى أن أتى الرهبان الارلنديون في منتصف القرن الخامس، وعمّموا مبدأ التوبة الشخصية الخاصة حيث يوجد الكاهن والتائب وجهاً لوجه بمعزل عن الناس، فيصغي الكاهن إلى اعتراف التائب ويفرض عليه كفّارة مناسبة غالباً ما كانت مُضنية للحصول على الندامة الكاملة… ودخل في هذا الاعتراف السري جميع أنواع الخطايا… وسارت الأمور على هذا المنوال مع تطورات طفيفة إلى أن جاء مجمع اللاتران المنعقد سنة 1215 فأعطى قراراً يُلزِم كل مؤمن بعد بلوغه سن التمييز أن يعترف بخطاياه وجهاً لوجه إلى الكاهن أقلّه مرة في السنة … وأصبح عمل الاعتراف هذا سراً من أسرار الكنيسة السبعة... وجاء الإصلاحيون وبالأخص مارتن لـوتر (1483-1546)، فأصدر كتابه عن "أسر بابل" عام 1520 رافضاً فيه الأسرار البيعية السبعة ومكتفياً فقط بالسرين الأساسيين العماد والافخارستيا، ومبرراً عمله هذا بأن المسيح لم يرسم بذاته سر التوبة، وبالتالي يمكن الاعتراف إلى الله مباشرة والاكتفاء بأعمال التوبة التقليدية. لكن الكنيسة الكاثوليكية لا تزال على ما حددته المجامع الكبرى المسكونية، فكان رد واضح في المجمع التريدنتيني على مزاعم الإصلاحيين الذي وسَّع تعاليم مجمع اللاتران وأتت المجامع الأخرى لكي تثبِّت هذه التعاليم. ب - الفحوى اللاهوتي تعتبر الكنيسة أنّ الإنسان عندما يرتكب خطيئة ما ثقيلة فإنما يخَطأ ضد الله وضد الكنيسة في آن... وبالتالي ضد البشرية كلها والعالم... لذلك فهو لا يستطيع أن يُصالح نفسه بنفسه مع الله والآخرين. فسلطان "الحل والربط" (يوحنا 20/23) أعطي للرسل وخلفائهم في الكنيسة لكي يعملوا به حسب الأصول المرعية، فيصالحوا التائب باسم المسيح ويردّوه إلى الحظيرة البيعية بواسطة سر التوبة والمصالحة فيعود إليها مسترجعاً مكانته الأولى وكرامته. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
طالما أن هناك أعمال توبة واردة في الكتاب المقدس والتعليم الكنسي، فلماذا الاعتراف؟ https://images.chjoy.com//uploads/im...f2100b5640.gif الجواب: إن أعمال التوبة هي بالواقع كثيرة وتعترف الكنيسة بقيمتها وتشجع المؤمنين عليها. نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: الصوم والصلاة والصَدَقة... ولهذه الأعمال الثلاثة مفاعيل كبيرة مُعترف بها منذ القديم. ونضيف إلى هذه الأعمال: - الجهود الحثيثة المبذولة من أجل مصالحة القريب والاهتمام بخلاصه. - اللجوء إلى شفاعة القديسين – ممارسة أعمال المحبة – ممارسة العدالة والحق والدفاع عنهما – الإقرار بالذنوب أمام الآخرين والتأديب الأخوي – احتمال الأوجاع والاضطهاد... وما يغذي عمل التوبة المستمر أيضاً: قراءة الكتاب المقدس، وليتورجيا الساعات وكل أعمال التقوى والعبادة، والقيام بزيارات حج وبأعمال رسولية وخيرية إلخ... لا يخفى ما لهذه الأعمال من فعّالية لكي تضعنا في أجواء التوبة المستمرة، كما يحصل للقديسين، الذين يمارسون هذه العمال بطريقة دائمة... ويمكن ممارسة مثل هذه الأعمال قبل الإقبال على سر التوبة أو بعده... لكن الخطيئة المميتة إذا ما اقتُرِفت فلا يمكن محوها إلا بالرجوع إلى السر المقدس وسر التوبة والمصالحة... |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أنا لا أشعر بحاجة إلى الاعتراف، بل أكتفي بالمشاركة في سر الافخارستيا، ألم يقل يسوع: https://images.chjoy.com//uploads/im...5b702b6444.jpg "خذوا واشربوا هذا هو دمي الذي يبذل لأجلكم لمغفرة الخطايا؟". (راجع متى 26/28) الجواب: نحن نعلم أنه في سر الافخارستيا، وخاصة في قسم التقديس، يتم للإنسان أن يُقدِّم نفسه مع المسيح المذبوح، "ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله" (روما 12/1)... يقدم ذاته كما هي مبرَّرة كانت أم خاطئة، ويحصل من ثم على نعم ذبيحة المسيح والقداسة النابعة منها... وكذلك في المناولة فإنه يتحول بنعمة هذا الزاد القدوس إلى إنسانٍ بار ساعٍ نحو الكمال، وقادر ان يشارك في تقديس الآخرين والعالم. لكن قُدسية سر الافخارستيا بالذات تفترض من أجل المشاركة به، نقاوة مُسْبقه في القلب والضمير، ومحو الخطايا وخاصة المميتة منها تجاوباً مع نداء القديس بولس: "فمن أكل خبز الرب، أو شرب كأسه ولم يكن أهلاً لهما فقد أذنب إلى جسد الرب ودمه." (1قور 11/27). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف أستطيع أن أندم ندامة كاملة طالما عندي قناعة أني سأرجع إلى الخطيئة فيما بعد، وأنا مازلت أرتكب الخطايا نفسها؟... https://images.chjoy.com//uploads/im...bed0337da0.jpg الجواب: هذه المشكلة صعبة وأساسية، إذ أن الندامة ليست مُجرّد شعور بالخجل أو بالألم أو بالكآبة أو بفداحة الأعمال المرتكبة وشناعتها، هي قبل كل شيء: رفض الخطيئة رفضاً قاطعاً. وتقترن الندامة بالقصد الثابت أي بعزم التائب ألاّ يعود إلى ارتكاب الخطيئة... ولا يمكن للتائب أن يكوّن هذا القصد إن لم يتأمّل بقداسة الله ويقترب من محبته... ويفكّر من ثم بحقيقته الباطنية الخاصة التي أقلقتها الخطيئة وقلبتها، تفكير كهذا يؤجِّج فيه الحنين إلى البيت الأبوي مثل "الابن الشاطر" فيطلب التحرّر من أعماقه، ويعود إلى أبيه ويستعيد مكانته المفقودة، وفرحه العميق، فرح الخلاص. ولا ننسَ أن الندامة قبل أن تكون عملاً شخصياً محضاً، فإنها أصلاً دعوة من الروح القدس ونعمة من قِبَلِهِ. وإلى الذي يقول إني لا محالة سأعود إلى الخطيئة ذاتها، نجيب: أولاً اشكر الله إلهك لأنك لم تقترف خطايا جديدة... ثم تذكّر كم من مرة ساعدتك النعمة أن لا تقع بهذه الخطيئة نفسها فانتصرتَ على تجاربها وإيحاءاتها، وإذا صدف أنك عُدْتَ إليها، أفستبقى فيها معذّباً أو بعيداً... فما أحرى من سر التوبة أن يساعدك على النهوض وبخاصة متى كانت الخطيئة "ثقيلة"... |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لست أفهم معنى الكفّارة، لأن البعض يقول إنها تشبه نوعاً من "التسعيرة" لكل من الخطايا؟ https://images.chjoy.com//uploads/im...495e4f0049.gif فما رأيكم؟... الجواب: الكفّارة هي الفصل الأخير الذي يتوّج العلامة السرّية للتوبة. ويُعنى بها الأعمال التكفيرية التي يفرضها الكاهن على التائب قبل أن يعطيه الحَلّة. فقد تكون الكفارة مُجرَّد صلاة يطلبها الكاهن أو أعمالاً تعويضية عن الضرر الناتج عن الخطيئة إلى ما هنالك. ليست الكفارة إذاً الثمن الذي يدفعه التائب عن خطيئته، فذبيحة المسيح وحدها هي الثمن (1يوحنا 2/2)، ولكن الكفارة المُعطاة للتائب هي علامة الالتزام الشخصي ببدء حياة جديدة ، شيمتها إماتة الجسد والذات، إذ أنه تبقى بعد الحلة منطقة مظلمة عند التائب ناتجة عن الجراح التي أوجدتها الخطيئة. وهذه الأخيرة تستوجب تسليط أنوار محبة المسيح عليها بالصلاة المتحدة بصلاة الروح القدس (الذي يصلي فينا بأنّات لا توصف: روما 8/26) وبأعمال بر وصلاح تشير إلى فرح المصالحة السرية وتُغذّيه في آن. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صعوبات نفسية https://images.chjoy.com//uploads/im...fd93d7065f.jpg أ- الخوف من مواجهة الذات هناك بعض الأشخاص الذين يخافون من مواجهة ذواتهم والدخول إلى أعماقها، كي لا يروا الظُلُمات الداخلية فيفزعون. لذلك يديرون وجوههم عنها لكي لا يروها، فيعتقدون أن المشكلة قد حُلّت. ب- اللامبالاة منهم من يرى الأعمال والأقوال التي اعتادها المجتمع بأنها "عادية". لا بل قد يعطيها معنى إيجابياً : "شطارة"، "بدنا نعيش"، "ليش لأ" ، "أشكر ربك نحن أحسن من غيرنا" ... و إلى ما هنالك. لذلك فهم لا يشعرون بأنهم خطئوا أو ابتعدوا عن الله. وهناك آخرون، عن طيب نية، يقولون: "ما عندي خطايا: ما سرقت ولا قتلت ولا زنيت"... ج- الحياء من جراء الإقرار بالخطايا وهذا هو العائق الأهم بنظرنا... لذلك منهم من يقول إنّ المسيح أوصى بالتوبة لا بالإقرار، ومنهم من يطالب بتبديل صيغة الإقرار وتخفيفها فتُصبح كما هو معمول بها في الكنائس الأرثوذكسية. د- الخوف من مواجهة الكاهن إما عن خوف وإما من داعي عدم كشف الذات أمام إنسان آخر؛ أو يُعتقد بأن الكاهن بعد الاعتراف، سوف ينظر لنا نظرة توحي بأننا مكشوفون أمامه؛ أو أنّ البعض يقول: "من هو هذا الكاهن الملاك والقديس لكي أعترف له بخطاياي؟... الجواب: على هذه الأسباب النفسية أ- الهروب من الذات الهروب من الذات هو كسياسة النعامة... فإذا كانت الخطيئة مميتة، فلا ينفع الهروب منها، لأنها تبقى في الضمير أداة تأنيب واضطراب... إلاّ إذا فَسُد الضمير كلياً، فلا يبقى للمؤمن إلاّ نعمة الله الخاصة شرط أن لا يهرب منها التائب عندما تحل عليه. ب- اللامبالاة القسم الأول من هذه الصعوبة "شطارة... ونحن أحسن من غيرنا"، هي أشبه بالمزحة منها بالحقيقة... فهي لا تصمد أمام ارتكاب خطيئة ثقيلة. أما عن القسم الثاني فإننا نقول إنّ فحص الضمير لا يمكنه أن يتجاهل مقاربة الشر والخطيئة، وهذه الأخيرة لا تكون بالفعل فقط، بل أيضاً بالفكر والقول والإهمال. (راجع متى الفصل 5/21-48: "سمعتم أنه قيل، أما أنا فأقول لكم...") ج- الإقرار بالخطايا أما عن صعوبة الإقرار بالخطايا، فإنها لا تخفى على أحد... فبعض الروحيين يُدخِلون المعاناة من هذه الصعوبة في المشاركة الشخصية بالتكفير عن الخطيئة... لكن سر التوبة هو نوع من العمل القضائي لدى محكمة "سريّة" هي محكمة رحمة أكثر منها محكمة عدالة خارجية أو ضيقة. والمقارنة مع المحاكم البشرية هي من باب الاستعارة ليس إلا. فمنح المغفرة يتطلب معرفة ما في قلب الخاطئ ليمكن حَلُّه ومصالحته وشفاؤه... فالعلوم الإنسانية، وبخاصة تلك التي تتعاطى التحاليل النفسية، تتطلب هي أيضاً إقراراً "كاملاً" من قِبَل الشخص المُقبِل عليها للاستفادة منها. وهذا الإقرار السِرّي ينتزع بالوقت عينه الخطيئة نوعاً ما من أعماق القلب الخفية ويشدّد على طابع الخطيئة الشمولي والاجتماعي، إذ أنّ هذه متى ما اقتُرِفت طالت قلب الله والكنيسة وبالتالي البشرية والكون. لذلك فإن الجماعة الكنسية نفسها هي التي تستقبل، بواسطة خادم السر، الخاطئ التائب وتمنحه المغفرة باسم المسيح. وإذا صحّ ما قيل: إنّ العالم والبشرية خُلِقا من أجل الكنيسة، فإن المصالحة مع الكنيسة هي المصالحة مع البشرية والكون برُمتّه. د- الخوف من الكاهن - لا بُدَّ هنا من الأخذ بعين الاعتبار شخصية الكاهن: إنه شخص مُميَّز في الكنيسة. هو حامل سر الكهنوت المقدس، الذي يصيّره "أخاً روحياً ومعلماً وأباً" ،ويمنحه سلطان "الحل والربط" وهذا ليس بقليل. - وبالإضافة إلى ذلك فإنه ملزم كلياً بالحفاظ على سر التائب حفاظاً تاماً... - وإذا صحّ الاعتقاد بأن نظرته إلى المؤمن ستتغيّر بعد سماع اعترافه، فإنه (أي الكاهن) يكون عندها في حال الخطأ أو الخطيئة... وغالباً ما يكون العكس تماماً، إذ إن الكاهن عند قيامه بخدمة سر التوبة، يشعر أحياناً كثيرة بالنعمة الفاعلة في قلب التائب ووجدانه، وهذا الشعور يعوم فوق كل خطيئة يسمعها، ويُعتبر من مفاعيل النعمة الحالية المتأتية من سر الكهنوت بالذات. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
دور الكاهن بشكل عام https://images.chjoy.com//uploads/im...bb483a95e1.jpg وبمناسبة الرد على هذه الأسباب لا بد لنا من أن نتوقف على دور الكاهن لما له من أهمية في منح هذا السر المقدس. فالتعليم المسيحي المُعطى جماعياً لا يكفي وحده... بل يجب أن تُؤمَّن ظروفٌ يلتقي بها الكاهن والمؤمن ويتبادل وإياه في شؤون حياته الإيمانية الشخصية. وسر التوبة والمصالحة يتيح لهما مناسبة فريدة يضفي عليها السر قدسية خاصة، فيتم فيها إصغاء كبير من قِبل الكاهن، وتفهّم عميق لحالة التائب، وإعطاء تعليم الكنيسة وتلقّيه بطريقة مُشخْصَنة والتشديد على الرحمة الإلهية وفرح الله والملائكة والقديسين لعودة الخاطي. ولهذا الدور، علاوة على ما ذكرنا أعلاه أوجه عديدة أهمها: 1- التشبه بالمسيح : - إن الكاهن، خادم التوبة، مثله على المذبح حيث يحتفل بالإفخارستيا، يعمل "بشخص المسيح" ... والمسيح الذي يحضّره الكاهن والذي يتم بواسطته سر مغفرة الخطايا، يبدو: - أخاً للإنسان( متى 12/49-50 ، روم 8/29) - حبراً رحيماً أميناً شفوقاً ( عبرا2/17) - طبيباً يشفي و يقوي ( لوقا 5/31) - راعياً يسعى دائماً وراء النعجة الضالة ( لوقا 15) - معلماً أوحد ... يرشد إلى سبيل الله (متى 22/17) - قاضياً للأحياء و الأموات ( أعمال 10/42) - حاكماً يحكم بالحق و ليس حسب الظواهر (يوحنا 8/16) 2- أعمال الكاهن : 1- الإطلاع على نقائص المؤمن و زلاته 2- تقدير رغبته في النهوض و ما يقتضي له من حهود . 3- تبيّن عمل الروح القدس في قلبه – و نقل الغفران إليه 4- تشجيع التائب على عدم الرجوع إلى الخطيئة 3- صفات الكاهن: "خدمة الكاهن هذه هي أصعب خََدَماته وأكثرها دقةً وإرهاقاً وخطراً... وبالوقت نفسه هي أجملها وأدعاها إلى التعزية" . ولذلك فإن خدمته هذه تتطلب منه صفات أساسية: أ- صفات إنسانية : كالفطنة و الرصانة و القدرة على التمييز، والحزم المُلطَّف بالعذوبة والطيبة. ونضيف عدم الحِشْرية الزائدة بالتوقّف على الأعمال المُذِلَّة... ب- صفات علمية: لابد له من الإطلاع المتجدّد على مختلف العلوم اللاهوتية، وأن يكون ضليعاً في معرفة كلام الله معرفة حية، عميقة مستساغة للأسماع، ويجب أن ينهل من العلوم الإنسانية و منهجية الحوار بما فيه الكفاية. ج- صفات روحية: ما يحتاج إليه الكاهن بالأَوْلى هو الحياة الروحية الناشطة الصادقة ... وأن يعطي بأفعاله البراهين عن خبرة حقيقية بالصلاة المُعاشة، وممارسة الفضائل الإنجيلية والطاعة لإرادة الله والمحبة للكنيسة والانقياد لسلطتها التعليمية، وهذه الصفات الروحية تقوده إلى أن يترك كل شيء، عندما يأتيه تائب ولا يتخلّف، عن إهمال أو لِحُججٍ أخرى، عن الموعد المضروب للمؤمنين في كرسي الاعتراف ... ويبذل المزيد من العناية لكي لا يذهب إلى هذه المهمة السِرّية بدون استعداد. د- ميزة الكاهن الأساسية: الاعتراف الشخصي : • حياة الكاهن الروحية .... تتعلق من حيث نوعيتها و حرارتها، بممارسة شخصية متواترة واعية لسر التوبة ... فإذا كان الكاهن لا يعترف أو يعترف اعترافا سيئاً فإنّ كيانه الكهنوتي وعمله يتأثران سلبياً من جراء ذلك ... ولا تلبث الجماعة التي يرعاها من أن تلاحظ هذا الأمر. • خبرة الاعتراف الشخصي عند الأسقف والكاهن يجب أن تصبح حافزاً على مزاولة خدمة هذا السر المقدس، مزاولةً ناشطة مثمرة متأنية، حارة ... تجعلهما راعيين صالحين لإخوتهما ... فتنكسر شوكة الخطيئة ... ويبرز مكانها سلام وبر وفرح. • موضوع الحوار داخل سر التوبة والمصالحة يتأثر بكل ما ذكرنا ... وهناك من الكهنة من يُغفِله بسبب قلة الوقت أحياناً ... أو عدم التهيئة لذلك أو الخوف من عدم الجدارة وفقدان المستوى الثقافي ... فالاستعداد الكافي ليس متوفراً عند جميع المُعرِّفين ... لكنه يبقى أنّ "الحلَّة" تُعوِّض عن نقص الحوار .... وتتجاوب معها قداسة الكاهن الشخصية فيشعر التائب بها و يتأثر بمفعولها المنسكب في قلبه تفهّماً وحناناً وتشفعاً وصلاة ... |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التعرف على الخطيئة أيضاً وأيضاً والعلامات التي تدل عليها https://images.chjoy.com//uploads/im...ede251340b.jpg ما ذكرنا أعلاه عن معرفة الحالة الخاطئة ومن ثم عن التعرّف إلى الخطيئة يبدو غير كافٍ بالنسبة لعقلية مُتعلْمِِنة وبخاصة عند شباب اليوم. فيأتي السؤال كالآتي: هناك أوضاع مُعقَّدة وحالات صعبة، ومُناخات متلبّدة لأعمال قد نقوم بها لا يمكن التمييز فيها بسهولة والتيقن أننا خَطِئنا أم لم نَخَطأ. فهل من علامات إضافية تدل بالتأكيد على ارتكاب الخطيئة أو عدم ارتكابها؟! للإجابة على هذا السؤال، نستعين بآراء الأب كزافييه تيفينو Xavier Thévenot ونستنتج علامات خمس: 1: العلامة الأولى : المخالفة : • المخالفة هي تعدٍ على وصية إلهية أو مانع أدبي أو شريعة اجتماعية .... و ليس من السهل تحديد العلاقة بين المخالفة و الخطيئة .... فيمكننا القول إنّ كل خطيئة هي مخالفة، لكن ليس كل مخالفة هي خطيئة. فأحياناً المخالفة ليست إرادية .... وأحياناً يجهل الشخص وجود مانع أدبي لعمل ما، أو أنه يعتقد أن مخالفة هذا المانع لا تؤثِّر في علاقته مع الله .... • و يمكن أيضاً أن يكون المانع المفروض على عمل ما أو الدافع إليه يضرُّ بإنسانية الإنسان (مثلاً تلقي الأمر بقتل الأسير) ... كأنّ الإنسان وُجد من أجل الشريعة، لا الشريعة من أجل الإنسان. • وقد يحصل أخيراً، أنّ مخالفة مانع ما يسمح بالمحافظة على مانع أهم، فنجد ذواتنا أمام ما يسمى عند اللاهوتيين" بتنازع القيم: "de valeurs conflit" • ولكن الوصية الوضعية، الإلهية والكنيسة، تبقى المرجع الأساسي لتقييم المخالفة، تقييماً يجب أن يكون بمؤازرة الروح القدس في جو من الصلاة والتفكير السليم، والاهتمام بالحصول على رأي المراجع الكنسية. وإلاّ أصبحت "المخالفة" دليلاً على خطيئة قائمة. 2- العلامة الثانية : الانحراف و الأعمال المنحرفة : الانحراف هو حالة شخصية أو ميل في الكيان الداخلي يجد الإنسان من خلاله أنه في وضع أدبي لا يتطابق مع قاعدة سارية في المجتمع الذي يعيش فيه. أنواع الانحراف متعدّدة، فمنهم من عنده ميل إلى إشعال الحرائق، ومنهم إلى السرقة و منهم إلى تعذيب الذات و الآخرين، ومنهم من يهوون سكب الدم أو الانتحار، أو الإدمان... وللميدان العاطفي انحرافاته أيضاً كالتوْق إلى التواصل الجنسي بطرق غير طبيعية والقبوع في حالات الشذوذ المتنوعة. ففي شتى أنواع الانحراف، يجب الرجوع إلى الكنيسة، فهي أم و معلمة، ولا تَني عن متابعة التطورات الحضارية لعالم اليوم وتعقّداتها ، وبصفتها "خبيرة في الإنسانية" فإنها تغرف من كنوزها "جدداً وقدماء" وترمق أولادها والعالم بنظرة حب وحنان. والحال أن الكنيسة تقول: إنّ الانحراف لا يكون خطيئة بحد ذاته في كثير من الأحوال بل ميل فاسد جامح يصعب فيه تقدير المسؤولية الشخصية.... فالخطيئة هي في اقتراف الأعمال المنحرفة ... وإنّ الإنسان المنحرف يبقى شخصاً محبوباً من الله عليه أن يعمل ما بوسعه بمؤازرة النعمة ومساعدة الآخرين على التخلص من انحرافه، وإذا لم يُفلِح في ذلك فَلَه أن يتعامل مع حالته الخاصة من دون أن يُفعِّلها بأعمال منحرفة . أعمال كهذه إذا ما حصلت فإنها تعود إلى الخطيئة و تكون علامة لها ... 3-العلامة الثالثة : الألم و التألم : * من الناس، من يعتبر أن هنالك معادلة بين الألم والخطيئة.... فإذا ما تألم أحد فلابد أن يكون قد أخطأ هو أو غيره... هذا الاعتبار رفضه يسوع في قصة الأعمى منذ مولده. فعندما سأله تلاميذه "من أخطأ هو أمْ أبواه حتى وُلِد أعمى "أجابهم" لا هو أخطأ ولا أبواه" (يوحنا 9/1-3). * لكنه في الوقت نفسه نرى مقاطع كتابية تعد بالفرح والسلام والسعادة لمن يعيش حسب الفرائض الإنجيلية في اتّباعهم للمسيح ... وتَعِِد على عكس ذلك بالويلات لمن يستغلّ الآخرين، أويغتني بطريقة غير مشروعة أو يقيّم نفسه كنبي كاذب. ( لوقا 6/24) ... * وفي غير موضع من الكتاب المقدس تظهر صلة بين الخطيئة وقوى الشر من ناحية، وبين حالات المرض والتعاسة والضياع من ناحية أخرى فكيف نوفّق بين هذه المعطيات الكتابية؟ * يوجد تمييز عند اللاهوتيين ما بين الآلام الطبيعية أو المفروضة علينا من قِبل الطبيعة، وبين الألم الأدبي الناتج عن الخطيئة . فإنه لفي طبيعة الإنسان أن يعاني من الفشل والأوجاع الجسدية والتمزقات الناجمة عن تعثُّر مشاريعه، وصولاً إلى الخوف المستمر من مجابهة الموت المحتّم ... آلامٌ كهذه لا يمكن أن تُعتبر كعواقب لخطايا شخصية، لأنها ناتجة عن طبيعة الإنسان المحدودة. * بينما تنكشف لنا في المقابل مغبّة الخطيئة المؤلمة عند تعاملنا السلبي مع الآفات الطبيعية التي نعاني منها وتقودنا إلى التمرد والعصيان أو إلى الكفر والإلحاد ... أو تظهر هذه المغبة من خلال شرور إضافية ناتجة مثلاً عن استغلال الإنسان للإنسان سواء أكان هذا الاستغلال صادراً عن شخصنا بالذات، أو كنا نحن ضحيته. وحدها هذه المغبّات الأخيرة المؤلمة تشير إلى ضميرنا أننا في حالة الخطيئة . 4-العلامة الرابعة : مادة العمل أو محتواه (راجع ما قلنا ه في القسم الأول من هذا الموضوع عن أنواع الخطيئة، وعن الخطيئة المميتة، والخطيئة العرضية) 5- العلامة الخامسة : وجود الندم و الشعور بالذنب: - بعض المسيحيين يقولون : أنا لا أشعر بالندم، "إذاً أنا لم أفعل شراً" والبعض الآخر : أنا أشعر بندم كبير "فخطيئتي إذاً عظيمة" - لكنه ما يحصل غالباً هو أن قلة الشعور بالذنب أو تزايدها لا يتوافقان تماماً مع جسامة الخطيئة المرتكبة فإذا كان لابد للخاطئ أن يشعر بالندم ، فإنه لا يمكن أن يقيّم حالته الخاطئة ارتكازاً على هذا الشعور وحده ورغم ذلك يبقى الندم (ومن ثم الشعور بالذنب) منبهاً مهماً إلى وجود الخطيئة . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سر التوبة نيافة الأنبا رافائيل http://www.peregabriel.com/gm/albums...normal_012.jpg هو رجوع الخاطئ إلى الله ومصالحته معه باعترافه بخطاياه، أمام كاهن الله ليحصل على حل لمغفرة ذنوبه كما أمر المسيح معطياً السلطان للكهنة بذلك: "وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً فى السموات. وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً فى السموات" (مت 19:16)، "وإن لم يسمع منهم فقل للكنيسة، وإن لم يسمع من الكنيسة، فليكن عندك كالوثنى والعشار. الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً فى السماء، وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً فى السماء" (مت 17:18،18)، "من غفرتم خطاياه تغفر له. ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو 23:20). كان يتم بالاعتراف بالإقرار بالخطايا "وكان كثيرون من الذين أمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم" (أع 18:19). شروط التوبة : 1- انسحاق القلب والندامة على الخطية "ذبائح الله هى روح منكسرة، القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره" (مز 17:51)، "أقوم واذهب إلى أبى وأقول له يا أبى أخطأت إلى السماء وقدامك. ولست مستحقاً بعد أن أدعى لك إبناً. اجعلنى كأحد اجراك" (لو 18:15،19)، "وأما العشار فوقف من بعيد لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء. بل قرع على صدره قائلاً اللهم ارحمنى أنا الخاطئ" (لو 13:18)، "لأن الحزن الذى بحسب مشيئة الله ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة. وأما حزن العالم فينشئ موتاً" (2كو 10:7). 2- العزم الثابت على إصلاح السيرة "فلما رأى كثيرين من الفريسيين والصدوقيين يأتون إلى معموديته قال لهم يا أولاد الأفاعى من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتى، فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة" (مت 7:3،8)، "بعد ذلك وجده يسوع فى الهيكل وقال له: ها أنت قد برئت.. فلا تخطئ أيضاً، لئلا يكون لك أشر" (يو 14:5)، "فقالت لا أحد يا سيد. فقال لها يسوع ولا أنا أدينك، اذهبى ولا تخطئ أيضاً" (يو 11:8)، "فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكى تأتى أوقات الفرج من وجه الرب" (أع 19:3)، "فأذكر من أين سقطت وتب وأعمل الأعمال الأولى، وإلا فإنى أتيك عن قريب وأزحزح منارتك من مكانها إن لم تتب" (رؤ 5:2). 3- الإيمان الثابت بالمسيح والرجاء الوطيد فى تحننه لأن "ليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص" (أع 12:4)، "له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا" (أع 43:10)، "فمن ثم يقدر أن يخلص أيضاً إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، إذ هو حى فى كل حين ليشفع فيهم" (عب 25:7). 4- الاعتراف الشفوى بالخطايا أمام الكاهن كوكيل الله. "فإن كان يذنب فى شئ من هذه يقر بما قد أخطأ به. ويأتى إلى الرب بذبيحة لإثمه عن خطيته التى أخطأ بها.. فيكفر عنه الكاهن من خطيته" (لا 5:5-7). "لكن إن أقروا بذنبوبهم.. التى خانونى بها وسلوكهم معى الذى سلكوا بالخلاف.. أذكر ميثاقى" (لا 40:26-42). "إذا عمل رجل أو امرأة شيئاً من جميع خطايا الإنسان وخان خيانة بالرب. فقد أذنبت تلك النفس فلتقر بخطيتها التى عملت.." (عر 6:5،7). "وتأتى إلى الكاهن الذى يكون فى تلك الأيام وتقول له: اعترف اليوم للرب إلهك إنى دخلت الأرض التى حلف الرب لآبائنا أن يعطينا إياها" (تث 3:26). "إن كنت قد كتمت كالناس ذنبى لإخفاء إثمى فى حضنى.." (أى 33:31). "فقال يشوع لعخان يا ابنى أعط الآن مجداً للرب إله إسرائيل، واعترف له وأخبرنى الآن ماذا عملت. لا تخف عنى" (يش 19:7). "فقال داود لناثان قد أخطأت إلى الرب، فقال ناثان لداود الرب أيضاً قد نقل عنك خطيتك لا تموت" (2 صم 13:12). "وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً فى السموات. وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً فى السموات" (مت 19:16). "وإن لم يسمع منهم فقل للكنيسة. وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثنى والعشار. الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً فى السماء. وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً فى السماء" (مت 17:18،18). "ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له. ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو 22:20،23). "أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلوا عليه بزيت باسم الرب. وصلوة الإيمان تشفى المريض والرب يقيمه، وإن كان قد فعل خطية تغفر له" (يع 14:5-16). 5- كان الرسل يوقعون التاديبات على الخطاة بدليل "ولكن إن كان أحد قد أحزن فإنه لم يحزنى بل أحزن جميعكم بعض الحزن لكى لا أثقل... مثل هذا يكفيه هذا القصاص الذى من الأكثر ين" (2كو 5:2،6). نتائج هذا السر : 1- مسامحة الخاطئ وغفران خطاياه "اعترف بخطيتى ولا أكتم إثمى. قلت أعترف للرب بذنبى وأنت رفعت آثام خطيتى" (مز 5:32). "ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره، وليتب إلى الرب فيرحمه وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران" (أش 7:55). "من غفرتم خطاياه تغفر له. ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو 23:20). "إن قلنا إنه ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا. إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل أثم" (1يو 9:1،10). 2- محو الخطية وعدم ذكر الله لها "قد محوت كغيمة ذنوبك وكسحابة خطاياك" (أش 22:44). "فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التى فعلها وحفظ كل فرائض وفعل حقاً وعدلاً فحياة يحيا لا يموت. كل معاصيه التى فعلها لا تذكر عليه، فى بره الذى عمل يحيا" (حز 21:18،22). 3- التبرر من الخطية "اغسلنى كثيراً من إثمى ومن خطيتى طهرنى" (مز 2:51). "أقول لكم إن هذا نزل إلى بيته مبرراً دون ذاك" (لو 14:18). 4- نيل الخلاص والحصول على رجاء الحياة الأبدية "فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو أيضاً إبن إبراهيم" (لو 9:19). "أن يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكى تخلص الروح فى يوم الرب يسوع" (1كو 5:5). 5- الانعتاق من عقاب الخطية "فلما رأى كثيرين من الفريسيين والصدوقيين يأتون إلى معموديته، قال لهم: يا أولاد الأفاعى من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتى" (مت 7:3). "والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجرة فكل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى فى النار" (مت 10:3). "كلا أقول لكم. بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو 3:13). 6- المصالحة مع الله ونيل سلامه "فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح" (رو 1:5). "لأنه هو سلامنا الذى جعل الإثنين واحداً، ونقض حائط السياج المتوسط" (أف 14:2). 7- الحصول على رتبة البنوة التى فقدناها بالخطية "فرجع إلى نفسه وقال كم من أجير لأبى يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعاً. أقوم وأذهب إلى أبى وأقول له يا أبى أخطأت إلى السماء وقدامك، ولست مستحقاً أن أدعى لك ابناً، اجعلنى كأحد أجراك. فقام وجاء إلى أبيه" (لو 17:15-24). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في التوبة القديس أفرام السرياني في التوبة الجالسون في طاعة أب روحاني يخطر لهم العدو أفكاراً قائلاً: أنصرف من هنا وأجلس مع ذاتك فتفلح أكثر. فإن تنازل الأخ لمثل هذه الأفكار يفارق الأخوة، وإن أبصر العدو أن فكر الأخ مستفيق قليلاً يخطر له قائلاً: أدخل إلي البرية الداخلية. ثم إذا جلس الأخ مدة ما في البرية يخطر له فكر الضجر وطول المدة وضيقة الحوائج وقلتها وضعف الشيخوخة وتعب البرية فإن قدر العدو أن يزعج الأخ يسحبه منها ويأتي به إلي قرب ضيعة أو مدينة وحينئذ ينشئ له أفكار الزنا فيمتنع الأخ أن يدخل إلي المدينة أو يدنوا من الضياع فإذا أبصر العدو قصد الأخ يخيل بذهنه الحركات ويحتال علية فمن ذلك أنه يغري امرأة أن تأتيه وهو جالس في قلايته تقرع بابه بحجة أنها تائهة أو كأنها جاءت تستعطي صدقة أو بحجة أنها تطلب إنساناً تعرفه، فإذا فتح الأخ بابه وأبصر المرأة واقفة لدي قلايته تقول له المرأة: يا سيدي المعلم أين يسكن فلان ؟ وإذ قد مال النهار أعمل محبة واقبلني هذه الليلة لأني ضالة عن الطريق وأخشى أن تأكلني الوحوش، وربما تحضر المرأة معها امرأة مخادعة أخرى ولا يبعد أن تحملا مأكولات وحوائج ترومان بِها أن تخدع الأخ. فحينئذ يقاتل هذا من فكرين ! فيخاف أن يسقط من الوصية كمن لا تحنن له، أو يصنع الخير فيقتنص به ولئلا نسهب المقال نقول إذا غلب الأخ من الشهوة ورام بعد إكمال الإثم أن يبعدها ويصرفها تجاوبه قائلة: لماذا أذللتني ؟ اتصرفني من عندك. إلي أين أذهب ؟ كيف أظهر لوجه والدي ؟ هل يمكن من الآن أن ينكتم الأمر ؟ أعرف حقاً أنني لا أبتعد منك بل أجلس معك في قلايتك لتعولني من حيث ما شئت. فحينئذ يبتدئ الأخ ينتحب علي ذاته نادماً علي أنه فتح لها باب قلايته. فإذ قد عرفت ذلك أيها الأخ صُنْ نفسك فإنك إن وقعت في وهقها لا تستطيع أن تنجو منها إلا بتعب لأنه قيل: أنها بملث شفتيها صرعته. فإذ قد تقدمت وعرفت ما هي أواخر الخطيئة وما تسبب للذين يستعملونَها فيما بعد، فأهرب من لذة الألم فإن أثمارها أثمار الخزي، فقبل اللذة شهوة وبعد اللذة حزن، كرر الافتكار في أن اللذة يعقبها الحزن وأهرب من الخطيئة. أتخذ في عقلك الخزي من الناس بل الأولى خاف اللـه، أطرد الشيطان المريد أن يخدعك ويسرق أتعابك لتبقى غير حزين لأن العارف القلوب قد عرف انك ليس من أجل خبث أو مقت للناس تدفع المرأة بل لئلا يصنع بك الخير الشر، فإن قال أحد أن ضيافة الغرباء حسنة فأنا أطابقه لكن سبيل الرجل المحب للضيافة أن يضاهي الذي يصفي الفضة في البودقة فالنقي يأخذه لنفسه ويعرض عن النفاية، الأمر الذي معناه أحفظ الوصية وأهرب من الخطيئة كما تَهرب من فم الحية، لأن الذي قال: كنت غريباً فآويتموني. قال: لا تزني. تيقظ في حداثتك فإن توانيت فتوجد متعبداً للآلام وخادمها من شبيبتك إلي شيخوختك لأن من غرق في اللجة وإن تيقظ وجاهد لكن نَهضات الأمواج تقوي عليه، فأما من يغرق في الميناء فذلك مصفر من الاعتذار، بونيته أهلك سفينة سيده، أنت أيها الأخ في الميناء حاصل أحذر علي نفسك فلهذا لا يوافقنا أن نتصرف في الضياع إن أحوجتك ضرورة لتمضي إلي قرية فلا تحدث امرأة فإنِها كالمغناطيس تجذب نفسك، فُقْ إذاً فإن السقطة ليست موضوعة بعيداً، جاهد بتورعك وبخشية اللـه بإزاء المحبة لأن عدم الاستحياء أم الزنا، إن أبصرتك مائلاً نحوها تجذبك وتسقطك أشر سقطة، وإن كنت متورعاً فلا تثق بنفسك بل تيقظ لكي لا بحجة الخشوع والتبريك ترخي ذهنك بكلماتِها. قال بعض القديسين: إن النساء تبرزن كلمات تحركن بِها الألم، لكن كما قال المخلص: ها أنا أرسلكم كخراف بين ذئاب فصيروا عقلاء كالحيات وودعاء كالحمام. والرسول يوصي قائلاً: لا تصيروا سفهاء بل أفطنوا ما هي مشيئة اللـه ولا تسكروا بالخمر الذي فية نَهم الشهوة. فأعرف إذاً أيها الحبيب مستيقناً إنك إن كنت كالذهب النقي في العالم ولما جئت إلي العبادة توانيت ورقدت فلا تتباطأ أن تصير كالرصاص، وإن كنت جئت إليها محباً للرب حقاً فلا تتباطأ أن تصير كاللؤلؤة لا دنس فيك أو وسخ أو شئ مما يماثل هذه، هذا أؤثر أن أعرفك إياه أن من يستعمل الخطيئة قتاله أكثر من غيره لأن من يطرح حمأة في موضع ما يكثر نتانته هكذا من لا يمسك نمو الألم، وأعرف إنك إن توانيك في ذاتك فستندم أخيراً فإن الرسول يقول: من لا زوجة له يهتم بأمور الرب كيف يرضي الرب، ومن قد تزوج يهتم بأمور العالم كيف يرضي امرأته. فأنت أيها العابد لِمَ تختار اهتمام العالم وكيف تزعم أنك ترضي الرب، قد خصيت ذاتك من أجل ملكوت السموات وإن لم تمسك فستغتم أخيراً علي ضروب شتى كما يُعَلم القائل: مثل هؤلاء لهم حزن بالجسد لأن المتزوج قد ترك تقويم الفضيلة وتشاغل بمنزلة وامرأته وتربية أولاده وغير المتزوج يهتم بأمور الرب كيف يرضي الرب فإذ قد خصيت ذاتك من أجل ملكوت السموات فأثبت منذ الآن في هذا الحد لأنه قد كتب ” الأصلح ألا تنذر أولى من أن تنذر ولا تفي ” فتكلف أن تمسك فتجد أفكارك نقية وذهنك كميناء صاحي مملوء سكوناً ورجاء الخيرات العتيدة يسمن قوى نفسك كما من شحم ودسم. أطلب إليك أن لا تفسد بنوع آخر هيكل اللـه، ولا تحزن روح اللـه الساكن فيك، ولا تغم الملائكة المأمورين أن يحفظوك نهاراً وليلاً الذين يطردون الشياطين عنا حين يصرون علينا أسنانَهم صريراً لا يُرى لئلا يثلبونا في يوم الدينونة فنسقط في أنقلاب السدوميين لأنه إن كانت الحيطان تكتنفنا والسقف يغطينا والباب مغلق علينا والظلمة مشتملة لكن فلنخطر بأذهاننا أن الفاصل الظلمة من النور لا يكتم عنه شئ من أمورنا وليحقق هذا عندك النبي القائل: افقهوا أيها السفهاء في الشعب والمائقون، اعقلوا وقتاً ما أَمن نَصَبَ الأذن لا يسمع، أو الذي جبل الأعين لا يتأمل، الذي أدب الأمم لا يوبخ المفيد الإنسان علماً، الرب يعرف أفكار الناس أنَها باطلة. أرأيت أيها الحبيب أن اللـه لا يعاين أعمال الناس فقط بل وأفكارهم. إن أخطر لك العدو قائلاً: ستكون لك توبة فلذلك تمتع بما تؤثر. فقل: ما الحاجة أيها المحال أن أنقض بيتاً مبنياً بناءً حسناً وأبني أيضاً. إذ الرسول يقول: أعملوا صلاحكم بخشية ورعدة. فحيث تكون التقوى من البين أنه لا يوجد ولا لذة واحدة عالمية. فثابر أيها الأخ الحبيب علي خلاصك وإذا جلست في السكوت فأجمع أفكارك وقل لذاتك: أيها الإنسان لك مثل مدى هذا الزمان صانعاً شهوات الجسد وأمياله فماذا انتفعت ؟ ماذا ربحت ؟ هل زدت علي قامتك زراعاً واحداً ؟ أصرت سميناً ؟ فما خزنت لذاتك شيئاً آخر سوى طعام الدود، وإذا استفدت الكنز في السموات وأشبعت ذاتك خيرات وصرت هكذا بلا خشية فما الفائدة من خروجك من العالم. ويلك يا نفسي إنكِ أفضيت إلي مثل هذه السيرة ها أخوتكِ المتقوا اللـه قد تزينوا بالفضائل بالحقيقة وأنا أذهب إلي الظلمة، بالغدوة أتندم علي الأفعال التي عملتها وفي الليلة المقبلة أكمل أشر منها، وَهَبَ لي الرب حياة وعافية وأنا أُسخط بِهما عمداً الذي خلقني، يا نفسِ لِمَ تتوانين لِمَ تتهاونين، يا نفسِ اعرفي ضعفك حتى متى تقاومين من خلقكِ وتناصبين أوامره، أيها المحال الخبيث قد جعلتني عاراً للملائكة والناس لأني صرت مطيعاً مشورتك النفاقية لأنك أخطرت لي قائلاً: أعمل شهوتك مرة واحدة ولا تصنعها أيضاً ولا تعرف خطيئتك. وها هو ذلك الصغير قد صار لي هوة ولا يمكنني أن أناصب بإزاء شهواتك الخبيثة المتلونه، لأن الماء وجد ثقباً صغيراً فصنع هوة عظيمة واضحة للكل، لأن عادة الخطايا تقود الواقع إلي أشر حال لأنك أظلمت ذهني بالأفكار الدنسة وكردستني إلي حب الخطيئة، لمن أقول ليبكي عليَّ أنا الشقي لأن العدو أوقفني مجرداً من قبل ونيتي، فأنظر إلي التوكل علي اللـه ولا أيأس من خلاصي لأنه جزيل التحنن وفائق الصلاح، وماذا أقول للعدو الطاغي لأنه حل مسكي من أجل مرض معدتي وجعلني غريباً من السهر في الصلوات، غرس فيَّ محبة الفضة بسبب شيخوخة طويلة، جفف دموعي، غلظ قلبي، فصلني من الطاعة التي بالمسيح وجعلني غير مطيع وبطالاً، وصيرني حسوداً ومغتاباً. السارية التي في عيني لم يسمح لي أن أبصرها، وقذاء أخي يقدمه أمام عيني، يشير عليَّ أن أكتم أفكار قلبي وإذا سقط أخي في هفوة يجعلني أَهذ فيها، علمني أن أكون متكبراً وغضوباً وسخوطاً، وجعلني شرهاً وسكيراً ومحباً للذة، خسارات نفسي جعلها عندي مثل فوائد، صيرني متذمراً وعاجزاً ومهذاراً، جعلني ردئ العادة ومشارًّا، علمني أن أتنزه في القراءة والترتيل وأصلي ولا أعرف ما أقول. يسبيني مراراً كثيرة ولا أعلم، وعظت من قوم يتقون الرب فكنت أخالف وعظتهم الصالحة وأقبل كالأسنة أقوالهم، إذا انتفعت أغضب. يكفيك أيها المحال مثل هذا الهلاك، هلمي يا نفسي منذ الآن إلي ذاتك، علي من تعتمدين إذ تلبثين مغضبة من خلقكِ إلي متي تتصرفين في هذه الشرور، لا تنكري نعمة من يسترك لكي لا يبتعد منكِ فتدفعين إلي أيدي أعدائك. يا نفسي اهربي من المحال ومن أعماله فإنه ماقت الناس وقاتل الإنسان منذ القديم، إن قربت إليه لا يشفق عليك من الهلاك، أكرهي الخبيث والتصقي بالإله المتعطف علي البشر، أستحي يا نفسي منذ الآن وأقبلي إلي طريق الخلاص، جرحتِ فلا تيأسي من ذاتك، لأن المجاهد مراراً كثيرة يخر واقعاً وأخيراً يستوضح مكللاً، سقطتِ أنهضي، تشجعي وقولي الآن بدأت ولا تلبثي في الهفوة لكي لا تدفعي كالجثة طعاماً لطيور السماء والوحوش، أركعي لملك المجد معترفة بخطاياكِ فإن له كثرة رأفات جزيلة، فالمريدون أن يدخلوا إلي الملك الأرضي يُمنعون من البوابين وتدفعهم الجنود والخدام ويقدمون هدايا للرؤساء لينالوا مرادهم. فأنتِ إذا أثرتِ أن تدخلي إلي ملك الكل فلا يسبق إلي وهمك شئ من هذه، لا تطلبي هدية لأن ليس أحد يأخذها وليس من يمنع لأن الملك يوجد للحين مستعداً ومستقبلاً لأنه غير حقود ومحب للناس وغافر خطايا الراجعين. فتقدم بلا رياء ولا بقلب ضعيف بل تقدم إليه بضمير نقي لأنه قبل أن تتكلم كلمة صغيرة أو عظيمة عرف الأشياء التي عزمت أن تقولها له، وقبل أن تفتح فمك تقدم وعرف أفكار قلبك، فلا تنقسم ولا تكتم الألم فإن ليس الطبيب جافياً بل متوجع راثِ ليشفي بكلمة، قال فصار وصدق هذا من الأمور نفسها، قال للمقعد: لك أقول أنْهض وأحمل سريرك وأذهب إلي منزلك. ففي الحال صار الإنسان معافى وحمل سريرة ومضي متخطراً. قال للأبرص: أشاء فتطهر. فللوقت نقى من برصة. أقام العازر من الموت بعد أربعة أيام. ولكي لا نقول المعجزات واحدة فواحدة فنسهب القول، إن أعمال اللـه لا تحصى، إن التي بلت قدميه بدموعها ومسحتهما بشعرها بكلمة حل خطاياها قائلاً: ثقي يا بنت إمانك خلصك لأنه عين لا تنقص نابعة للناس أشفية فلا تتقسم إذاً لأنه لا يطرحك بل يريد أن تخلص، وهو الذي قال: إن كنتم أنتم الأشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا صالحة فكم أولى بأبيكم الذي في السموات أن يعطي الخيرات للذين يسألونه ويستسمحونه. تقدم إذاً إلي أب الرافات معترفاً بخطاياك بعبرات قائلاً: أيها الرب إلهي الممسك الكل قد أخطأت في السماء وقدامك ولست مستحقاً أن أدعى ابنك، ولا أن أتفرس وأبصر علو السماء من كثرة آثامي ولا أن أسمي اسمك المجيد بشفتي الخاطئتين، لأنني جعلت ذاتي غير مستحق للسماءِ ولا للأرض لأني أسخطك أيها الإله الصالح. أسألك يارب وأتضرع ألا تطرحني من وجهك ولا تبعد عني لئلا أهلك لأن لولا يدك سترتني كنت هلكت وصرت كغبار قدام الريح وكمن لم يظهر ألبتة في هذا العالم لأنني منذ تركت طريقك لم يلقيني يوم صالح لأن اليوم الذاهب في الخطايا المظنون صالحاً أَمر من سائر الأشياء المرة، فمنذ الآن أترجى نعمتك أن تعينني وتؤيدني إذا اهتممت بخلاصي، فالآن أسجد طالباً عضدني أنا الضال عن طريق العدل، أسكب عليَّ كثرة رأفاتك كما سكبتها علي الابن الشاطر فإنني قد أخذيت سيرتي، بددت ثروة نعمتك، ارحمني ولا تحقد علي سيرتي الطالحة كما لم تحقد علي الزانية ولا علي العشار، ترأَف عليَّ كاللص لأنه كان آيس من الكل فعضدته وجعلته ساكناً في فردوس النعيم. أقبل توبتي أنا العبد البطال فإنني آيست من الكل لأنك أنت يارب ما جئت لتدعو صديقين بل خطاة إلي التوبة لأنه آيس مني الكل، صلي أيها الحبيب وأعترف وليساعد الصلاة والاعتراف العمل لكي ما تقوم صلاتك كبخور قدام اللـه وتسمع أيها الإنسان عظيم أمانتك ليكن لك كما تريد والإله نفسه مرشد الضالين ومقوم الساقطين يمنحنا أن نكمل سيرة غير مذمومة ويقيمنا القاضي العادل في ذلك اليوم عن يمينه. آمــين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
طريق التوبة
نقلاُ عن كتاب الملكوت الداخلي للأسقف كاليستوس وير " توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات" (متى 3, 2, 4, 17) بهذه الكلمات عينها بدأ كل من يوحنا المعمدان وسيّدنا يسوع المسيح بشارته. فالتوبة هي نقطة انطلاق البشارة السارة: بدون التوبة لا يمكن أت توجد حياة جديدة أو خلاص أو دخول في ملكوت السماوات. لو ألقينا نظرة على كتابات آباء الكنيسة القديسين لوجدنا أنفسنا أمام الحقيقة ذاتها التي تتكرر بإلحاح. فعندما سئل الأب ميليسيوس عما يفعله في الصحراء أجاب: "إنني إنسان خاطئ ولقد جئت إلى هنا لكي أبكي على خطاياي". ليست هذه التوبة مجرد مرحلة أو تمهيد لشيء آخر, بل هي تستمر مدى الحياة. وفيما كان الأنبا ساسين (صيصوي) ممدداً على فراش الموت, رآه تلاميذه الذين كانوا محيطين به يخاطب أحداً ما فسألوه "مع من تتكلم يا أبانا؟" أجابهم: "ها هي الملائكة أتت لتحملني وإني أرجوها أن تدعني أتوب قليلاً بعد". فقال له الشيوخ: "لا حاجة إلى أن تتوب يا أبانا" فأجابهم: "في الحقيقة لست متأكداً حتى من أنني بدأت أتوب". القديس مرقس الناسك (القرنان الخامس والسادس) يقول من جهته: "إننا لا ندان لكثرة خطايانا بل لأننا لم نتب عنها... التوبة لا بداية لها ولا نهاية, إنها تستمر حتى الممات, وهذا يسري على الصغار والكبار على السواء". يقول الأنبا إشعياء السياتي (القرنان الرابع – الخامس): "لقد منحنا سيدنا يسوع المسيح التوبة حتى الرمق الأخير لعلمه أن خديعة العدو عظيمة جداً فإن لم تكن هناك توبة, لن يخلص أحد". ماذا تعني لنا, في الواقع, كلمة توبة؟ هذه الكلمة توحي لنا بشكل عام بالندم على الخطيئة والشعور بالذنب والتحسس للألم والرهبة أمام الجروح التي سبّبناها لقريبنا ولأنفسنا. لكن كل رؤية مماثلة تبقى ناقصة. إذا كان الألم والرهبة هما فهلاً عنصرين أساسيين للتوبة فإنهما ليسا التوبة بكلّيتها ولا البعد الأهم منها حتى. لكي نفهم بشكل أفضل المعنى العميق للتوبة لا بد لنا من العودة إلى الأصل اليوناني للكلمة وهو "ميتانويا" الذي يعني حرفياً " تغيير النفس " أي ليس فقط الندم على الماضي بل التحول الجذري لنظرتنا واكتساب طريقة جديدة لرؤية الله والآخر وأنفسنا. فعلى حد قول راعي هرماس (القرن الثاني) التوبة "فعل حكمة عظيمة" وليست أزمة وجدانية بالضرورة. فالتوبة ليست الندم على الذات والشفقة عليها بل هي تحول حياتنا إلى محور واحد هام هو الثالوث القدوس أو مركزتها حول هذا المحور. "نفس جديدة", "تحول", "مَركَزة", هذا كله يدل على أن التوبة أمر إيجابي لا سلبي. فالتوبة هي "بنت الرجاء والتخلي عن اليأس" كما يقول القديس يوحنا السلمي. أن نتوب لا يعني أن ننظر إلى أسفل, باتجاه النواقص الموجودة فينا, بل إلى الأعلى باتجاه محبة الله, لا إلى الوراء, مع كل اللوم الذي نلقيه على أنفسنا, بل إلى الأمام وبكل ثقة. التوبة هي أن ننظر لا إلى ما لم نستطع أن نحقّقه أو نكوّنه, بل إلى ما يمكننا أن نحققه ونكونه بنعمة المسيح. يتجلى الطابع الايجابي للتوبة في كلمات النبي أشعياء (9, 1) التي ترد في إنجيل متى مباشرة قبل بدء المسيح بدعوة الناس إلى التوبة: "إنّ الشعب السالك في الظلمة قد أبصر نوراً عظيماً, والذين في الظلام أشرق عليهم النور". العلاقة بين التوبة ومجيء النور العظيم هامة جداً. ذلك أنه من المستحيل أن نرى خطايانا قبل رؤية نور المسيح. يشير إلى ذلك القديس ثيوفانس الحبيس (1815-1894) بقوله: "ما دامت الغرفة غارقة في الظلام فإننا لا نلاحظ قذارتها لكن إذا أضيئت بقوة نرى فيها حتى أصغر جبة غبار والأمر ذاته ينطبق على غرفة نفسنا فنظام الأشياء ليس هو أن نتوب أولاً ثم أن نعي المسيح لاحقاً بل نور المسيح الذي يدخل في حياتنا يجعلنا نفهم خطيئتنا الشخصة بشكل حقيقي". يقول القديس يوحنا كرونشتادت (1829-1908): "التوبة هي أن نعلم أن هناك كذبة في قلبنا". لكنّنا لا نستطيع أن نكتشف وجود هذه الكذبة قبل أن يكون لدينا حس بالحقيقة. كثيرون هم الذين يشعرون بالحزن بسبب أفعالهم الماضية, لكنهم يقولون بائسين: "لا أستطيع أن أسامح نفسي على ما فعلت". وبما أنهم غير قادرين على مسامحة أنفسهم فهم بالتالي غير قادرين على تصديق أن الله وأشخاصاً آخرين قد سامحوهم. هؤلاء الأشخاص على الرغم من عظم قلقهم لم يبدأو بالتوبة بعد ولم يبلغوا "الحكمة العظيمة" التي بواسطتها يعرف الإنسان أن المحبة هي المنتصرة, كما انهم لم يختبروا تغيير الذهن, الذي يرتكز على القول: الله قبِلني فالمطلوب منى الآن هو قبول الواقع التالي: أن الله قبِلني. هذا هو جوهر التوبة. إن خبرة التوبة تعاش بقوة خاصة في سر الاعتراف. فمعنى هذا السر تعبر عنه بامتياز الوصية التالية التي يوجهها الكاهن إلى التائب بحسب الطقس الروسي: "يا بنيَّ, إن المسيح موجود معنا بحال غير منظورة ليتقبل إعترافك. فلا تخجل, لا ترهب, ولا تُخف أي شيء بل أخبرني عن كل ما فعلته بدون أي تردد لكي تنال الحل من ربنا يسوع المسيح. فهذه أيقونته أمامنا, وأنا لست سوى شاهد لكي أشهد أمامه عن كل ما ستقوله لي. فإذا أخفيت عني شيئاً تكون خطيئتك مزدوجة. إحرص إذاً, بما أنك أتيت إلى الطبيب على ألا تغادره قبل أن تُشفى". يجب عدم النظر إلى سر الاعتراف من المنطلق القانوني فقط, بل من المنطلق العلاجي أيضاً فالاعتراف هو قبل كل شيء سر شفاء. واللافت في هذا الصدد كون بعض التفاسير الليتورحية البيزنطية لا تعتبر سري الاعتراف ومسحة الزيت سرين معترفين بل تعتبرهما وجهين متكاملين لسر شفاء واحد. ما نبحث عنه في الاعتراف هو أكثر من مجرد حل خارجي وقانوني للخطايا إننا نبحث عن شفاء لجراحاتنا الروحية العميقة, فلا نطرح أمام المسيح خطايا محددة فقط, بل واقع الخطيئة فينا أي الفساد العميق الذي يعتري طبيعتنا الذي لا يمكن التعبير عنه بكلمات محددة والذي يفوق وعينا وإرداتنا, هذا ما نطلب الشفاء منه بالتحديد. بما أن الاعتراف هو سر علاجي فهو ليس ضرورة مؤلمة أو نظاماً تفرضه علينا السلطة الكنسية بل هو فعل مفعم بالفرح والشكر الخلاصي. بواسطة الاعتراف نتعلم أن الله هو في الحقيقة "رجاء الذين لا رجاء لهم" كما نرتل في خدمة القداس الالهي بحسب القديس باسيليوس. إبتداءً من اللحظة التي ننظر فيها إلى الاعتراف على أنه من صنع المسيح لا من صنعنا نحن, يبدو لنا سر التوبة تحت ضوء أكثر إيجابية إذ يكفّ عن إضهار تشتتنا وضعفنا ليعكس محبة الله ومسامحته الشفائيتين. علينا أن نرى في أنفسنا ليس فقط الابن الضال الذي يمشي ببطء وخطى ثقيلة على درب العودة الطويل وإنما أيضاً الأب الذي يراه من بعيد ويسرع إلى ملاقاته. يعبر عن هذا تيتو كولياندر بقوله: "إذا خطونا نحو الله خطوة واحدة فإنه يخطو نحونا عشر خطوات". وهذا بالتحديد ما نعيشه في سر الاعتراف. والاعتراف كسائر الأسرار الأخرى فعل إلهي – إنساني تشترك فيه النعمة الالهية وإرادتنا الحرة وتتعاونان. فالاثنتان على درجة من الأهمية, لكن ما يفعله الله يبقى أهم بكثير. إذاً إن التوبة والاعتراف يسا مجرد شيء نفعله من تلقاء أنفسنا أو بمساعدة الكاهن بل هذا شيء يفعله الله معنا وفينا. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: "فلنأخذ دواء التوبة الخلاصي, ولنقبل من الله التوبة التي تشفينا لأننا لسنا نحن من نقدمها إليه بل هو الذي يقدمها إلينا". ما هو بالتحديد دور الكاهن في هذا العمل المشترك؟ من جهة, نجد أن دوره واسع وشامل جداً. فكل الذين لديهم أب اعتراف منعم عليهم بموهبة الارشاد الروحي يمكنهم أن يشهدوا على أهمية دور الكاهن إذ إن وظيفته تتعدى مجرد تقديم النصائح. فالتوبة ليست عقاباً أو شكلاً من أشكال التكفير بل هي وسيلة شفاء. النوبة دواء. وإذا كان الاعتراف الحقيقي بمثابة العملية الجراحية فالتوبة هي المقوي الذي يعيد للمريض عافيته خلال تماثله للشفاء. إذاً التوبة هي, شأن الاعتراف بكامله, أمر إيجابي في هدفه الأساسي: فهي لا ترفع حاجزاً بين الخاطئ والرب بل هي جسر يصل أحدهما بالآخر. "فاعتبر بلين الله ةشدّته"(روميه 11, 12) ليست التوبة تعبيراً عن قسوة الله فقط بل عن محبته أيضاً. إن الأب المعرف, المخول سلطة الربط والحل, يتمتع بهامش واسع من الحرية في اختيار الارشادات أو النصائح وفي التوبة العلاجية التي قد يفرضها على ابنه الروحي وبالتالي تقع على عاتقه مسؤولية كبرى. لكن دوره يبقى محدوداً فالاعتراف, كما رأينا, موجه إلى الله وليس إلى الكاهن. فالله هو الذي يمنح الغفران. إن الشفاء الذي نصبو إليه من خلال سر الاعتراف أسبه بالمصالحة. وهذا لأن إفشين الحل يقول: "لا تقصه (ها) عن كنيستك المقدسة الجامعة والرسولية بل اجعله (ها) متحداً (ة) بقطيع نعجك الطاهر". (في الطقس الروسي). هكذا فإن الخطيئة كما يطالعنا بذلك مثل الابن الضال, هي منفى وعبودية وإقصاء النفس عن العائلة. وكما يقول ألكسي خومياكوف (ت. 1860): "عندما يسقط أحدنا فإنه يسقط بمفرده". أما التوبة فهي بمثابة العودة إلى المنزل والعودة من العزلة عن الجماعة من أجل الدخول مجدداّ في العائلة. هذه هي خبرتنا حيال "الحكمة العظيمة" أو "تغيير الذهن" كما تعبر عنها كلمة توبة. فالتوبة المفعمة ألماً وفرحاً في آن معاً تعبر عن التوتر الخلاًق الذي لطالما طبع الحياة المسيحية على هذه الأرض والذي وصفه القديس بولس بأسلوب حي بقوله: "نجمل في أجسادنا كل حين موت المسيح لتظهر في أجسادنا حياة المسيح أيضاً(...) مائتين وها إنّنا أحياء (...) محزونين ونحن دائماً فرحون". (2كور 4, 10, 6, 9 -10). حياتنا إذاً حياة توبة مستمرة وبما أننا من تلاميذ المسيح فحياتنا هي أيضاً مزيج من حادثة الجسمانية والتجلي, والصلب والقيامة. يلخص القديس يوحنا السلمي هذه الحالة الداخلية بقوله: "من لبس, كلباس العرس, الفاجعة المغبوطة والمكلّلة بالنعمة يعرف الفرح الروحي" |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عالمنا اليوم يشهد العالم اليوم، ومنذ سنوات عديدة، تغيّرات اجتماعيّة وأخلاقيّة خطيرة؛ تتجلّى بظهور واسع لتيّارات فكريّة وروحيّة غريبة، تبلبل النفوس وتضرب الإيمان وتزعزع بقوّة أركان المجتمعات البشريّة، خصوصًا المسيحيّة. إضافة إلى انتشار واسع للكثير من البدع والهرطقات في كلّ مكان، تجرف معها ضعفاء النفوس من مختلف الأديان والاتجاهات والطبقات والأعمار. يرافق هذه التيّارات الإلحاديّة المنحرفة، إنفلات أخلاقيّ يضرب العالم، ويتسلّل إلى مجتمعاتنا ورعايانا، عبر مختلف الوسائل الإعلاميّة؛ وما أكثرها اليوم منها التلفزيون (الدش) والسينما وبعض المجلاّت بالإضافة إلى الانترنيت. تبثّ سمومها في كلّ مكان، وتهدّد بسقوط ما بقي من قيمٍ روحيّة واجتماعيّة وأخلاقيّة؛بعد ما مهّد لذلك، الفتور في الإيمان وعدم الوعي والثقافة الروحيّة، إلى الاستهتار في عيش وصايا الله وتعاليم الكنيسة، وفي ممارستنا المشوّهة للأسرار المقدّسة. وما تشريع الإجهاض (قتل الجنين)، وتشريع الزواج المثلي (رجل من رجل وامرأة من امرأة) وغيرها... إلاّ دليل ساطع على المستوى الروحيّ والاجتماعيّ، الذي وصلت إليه أنظمة بعض الدول الكبرى التي تتدّعي المسيحيّة والحضارة؛ وذلك رغم رفض الكنيسة ومعارضتها الشديدة والصارمة لها. فأيّة حضارة تقتل الجنين وتخالف الطبيعة البشريّة؟!... |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فقدان المحبّة أضف إلى ذلك، الاضطرابات الأمنيّة التي تلفّ العالم، بسبب فقدان السلام والمحبّة في نفوس زعماء العالم. فبدل أن يهتمّوا بأولويّات شعوبهم، من معالجة الأزمات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والمعيشيّة، التي أدّت إلى الفقر والجوع الذي يقضي على الكثيرين في الدول النامية، فملايين من البشر يموتون سنويًّا من الجوع، والبطالة تتفاقم سنة بعد سنة؛ إنّهم يتسابقون إلى التسلّح وامتلاك أسلحة الدمار والأسلحة النوويّة الفتّاكة، التي إذا ما استُعملت قضت على العالم بأسره. والجدير بالذكر، هو الانتشار الواسع للمجموعات الأصوليّة والإرهابيّة المنتشرة في كثير من دول العالم، تثير الاضطرابات وتهدّد بكلّ لحظة السلام والطمأنينة والحياة الطبيعيّة. نستطيع القول، إنّ العالم للأسف يمرّ بأسوأ مرحلة من تاريخه الحديث. من حيث تعاظم الشرّ والفساد، وحيث لم يعد للمحبّة مكان في النفوس؛ بعدما سيطرت روح المادّة والأنانيّة وعبادة المال والسلطة، وحلّت محل روح الأخوّة . إنّنا نعيش، ومنذ زمن بعيد، في عصر انحطاط روحيّ واجتماعيّ وأخلاقيّ، في عصر تمارَس فيه الخطيئة والفساد بكلّ بساطة ودون رادع، وكأنّ شيئًا لا يحصل. لقد اتّسعت وعمقت الهوّة بين الله وشعبه. فبدل التسابق إلى بناء حضارة المحبّة والسلام، أي حضارة السماء والإنجيل والبشارة، وجهّت الطاقات لفعل المعصية والاتجاه بها نحو حضارة الموت بمختلف وجوهها البشعة؛ والتي لا تؤدّي إلاّ إلى الدمار وموت النفس والهلاك الأبديّ. فكيف السبيل أيّها الإخوة إلى السلام والخير والعيش بحضور الله، وروح الإلحاد والعلمنة والإباحيّة والإنفلات والفجور والخلاعة والإنغماس في الملذّات الأرضيّة الدنيويّة، أصبحوا هدف الكثيرين، وحلّوا محلّ المحبّة والتواضع والتجرّد والتقشّف وفعل الإماتة وحمل الصليب وعيش الأسرار والصلاة. خاصّة في أوساط الشبيبة الضائعة المضطرّبة، والمنشغلة بأفكار ثورويّة، في العنف والجنس والمخدّرات. وهم الملقى على عاتقهم مستقبل الوطن والكنيسة. فأيّ مستقبل للوطن والكنيسة على هذه الحال؟ وأين دور المدارس والجامعات في توعية هؤلاء الشباب، خصوصاً بعدما قلّت فيها ساعات التعليم المسيحيّ إن لم نقل انعدمت! |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنيسة اليوم وما يجب التوقّف عنده أيضًا، هو الوجود القويّ لبعض البدع داخل الكنيسة، التي يحاول أصحابها جاهدين بكلّ الوسائل الماديّة والترغيبيّة بتشكيك المؤمنين بإيمانهم، عبر بثّ تعاليمهم المغلوطة وأفكارهم المنحرفة التي تناقض تعليم الكنيسة "الجامعة المقدّسة والرسوليّة" ، محاولين عن قصد وعن غير قصد، تضليل أكبر عدد ممكن من النفوس، بعد تشكيكهم بإيمانهم؛ إيمان الآباء والأجداد الذي أثمر عبر الأجيال قوافل من القدّيسين، ألا وهم الكواكب الساطعة في سماء الكنيسة، والذين ثبّتوا بوضوح صحّة تعاليمها.تحدث هذه الأمور كلّها، رغم خطورتها على الإيمان والنفوس، فيما نحن منشغلون في خلافات سياسيّة لا جدوى منها؛ لا بل تمعن في شرذمة صفوفنا وتضرب وحدتنا وتماسكنا، وتؤدّي إلى تفكّكنا وإضعافنا. إنّ الكنيسة اليوم في العالم، تمرّ بمرحلة صعبة وخطيرة، وتُشَنّ عليها حربًا قويّة من الداخل والخارج. فكلّنا يسمع ماذا يحصل لمسيحيّي بعض الدول، المهدّدين بوجودهم ومستقبلهم، وهذا أمر خطير إذا ما توقّفنا عنده جيّدًا؛ رغم أنّه ليس جديدًا على الكنيسة، فمنذ نشأتها وهي تقريبًا، تعيش حياة اضطهاد دائم، وأوّل المضطهدين هو معلّمها يسوع المسيح، وهو من قال: "سيضطهدونكم من أجل اسمي. ولن يغيب عنّا كلامه أيضًا: "إنّها على الصخر وأبواب الجحيم لن تقوى عليها". |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
خطر تفكّك العائلة أمّا العائلة، وهي أساس الكنيسة والمجتمع، هي أيضًا تُضطهَد وتعاني في الصميم خطر التفكّك والانهيار، وكَثُرت في أيّامنا العوامل التي تضرب أسسها ومكوّناتها، منها على سبيل المثال الزواج غير الكنسيّ (الزواج المدنيّ وغيره) الذي يحرُم الزواج من قدسيّته، ويعرّضه للتفكّك حسب المزاجيّة والأهواء. والمساكنة وعدم الالتزام يحرّر الرجال والنساء من واجباتهم والتزاماتهم العائليّة. والخيانة المتبادلة للأزواج، يهدّد العائلة فيضيع الأولاد ويتركون بيوتهم في عمر مبكر، خصوصًا بسبب موجات التحرّر التي تضرب الغرب وبدأنا نتلمّسها. إضافة إلى الاتجاه العام إلى عدم الإنجاب والإجهاض، وكلّ هذه الأمور بدأت ملامحها تظهر في مجتمعاتنا. وما يزيد في انتشارها، بعض وسائل الإعلام خصوصًا المرئيّ، الذي من خلال بعض البرامج يبيح الزنى والخيانة والتحرّر والانفلات والمساكنة...، مما لذلك من تأثير سلبيّ كبير على تماسك العائلة. أصبحنا نقلّد كلّ ما نرى ونسمع دون وعي ودون انتقاء وتميّز، ونستورد كلّ ما هو فاسد للأسف. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وقفة تأمّل أيّها الإخوة، ليس الهدف من عرض هذا الواقع السلبيّ، والمستقبل المظلم الذي ينتظر العالم، إلاّ لكي نتوقّف عنده جميعنا، ونتأمّل به، وندرك مدى ابتعادنا عن جوهر وجودنا، ألا وهو نشر المحبّة والسلام وإظهار صورة المسيح الحقيقيّة، لنكون شهودًا أُمناء لمن خلقنا وافتدانا. والهدف أيضًا، هو معرفة مدى ضلالنا وانحرافنا عن الطريق الصحيح، الذي رسمه لنا يسوع من خلال إنجيله، وأرادنا أن نسلكه. فيكون هذا الواقع المؤلم، حافزًا يدفعنا مجدّدًا لالتماس رحمة الله، الذي ينتظر عودتنا بفارغ الصبر. فلا سلام ولا خلاص إلاّ بيسوع المسيح "الطريق والحقّ والحياة". 000فهلاّ وقفنا أيها الإخوة، وقفة ضمير حيّ وواعٍ، تجاه مسؤوليّاتنا أمام هذه التغيّرات الخطيرة التي تعصف بالعالم، وهذا الإنهيار المريع في الأخلاق؛ وهلاّ فكّرنا بموضوعيّة في مستقبل أولادنا، دون أن نلقي التُّهم واللوم على بعضنا البعض؟! فكلّنا مسؤولين، رجال دين وعلمانيّين، فلا يسمحنّ أحدٌ لنفسه بالتنصّل من المسؤوليّة. لنوحّد جهودنا ونسير معًا يدًا واحدة ملتزمين العيش في حياة الكنيسة "الأم والمعلّمة"، مواظبين على الصلاة، والله يستجيب صلاة الجماعة. |
الساعة الآن 08:36 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025