![]() |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الندامة لا معنى أبداً لسر التوبة ما لم ترافقه الندامة أي التوبة الباطنية والقصد الصادق في اتخاذ الوسائل اللازمة لمحاربة الخطيئة. والندامة لا تخشى النزول حتى عمق الخطيئة، حتى عمق الكيان. ففي الشعور الصادق بالذنب أمسك خطيئتي بيدي وأنظر إليها وجهاً لوجه، واعترف بها، واقبلها. وأتحمل نتائجها، وفي الوقت نفسه أنكرها فكرامة الإنسان الكبرى وعظمته تقومان على تحمله مسؤولية عمله. فالندامة إذاً هي قرار عميق يتخذه التائب في عمق كيانه بالعودة إلى كنف الثالوث الأقدس للانطلاق في مرحلة جديدة من حياته ويوجه فيها كل طاقاته إلى محبة الله والقريب. تنطوي الندامة على تغيير في العقلية وتبدل في التفكير، إنها انقلاب على الذات، عزوف عن الخطيئة وعودة إلى الله أنها موت للحياة حسب قول بولس:"نحن الاحياء. نسلم دائماً إلى الموت من أجل المسيح، لتظهر حياة المسيح أيضاً في جسدنا المائت." (2قو4/11). والندامة هي التي قادت بطرس إلى دموع التوبة. أما التحسر فقاد يهوذا إلى حبل الشنق. ولا مجال للمصالحة بدون الندامة أي التأسف على إهانة الله والقريب والعزم على عدم الرجوع إلى الخطيئة والعودة إلى الله. وتكون الندامة مطلقة وشاملة عندما نعطي الله الأولوية ولا نُفضل عليه شيئاً واحداً وأن نرذل جميع خطايانا المميتة دون استثناء لأنها تمس الله في صداقته مساً خطيراً ونرذل جميع الخطايا العرضية لأنها تنال من صداقة الله أيضاً. والندامة نوعان: 1- كاملة: إن الندامة كاملة إن هي انطلقت من محبة صادقة لله ومن الشعور بأننا أهنا كائناً كنا قد اخترنا أن نحبه فوق لك شيء. 2- غير كاملة: تكون الندامة غير كاملة إن هي انطلقت من دافع إيماني غير المحبة كالعدل الإلهي مثلاً. وتقتضي الندامة أن يكون عند التائب نية التغير والتجدد والأمانة للرب واتخاذ الوسائل الواقعية والممكنة لمنع التكرار فإن المسيح يشدد دائماً على ذلك. "اذهبي. ولا تعودي إلى الخطيئة من بعد." (يو8/11). وإن صدمنا بقلة النتائج الظاهرة في صراعنا ضد الخطيئة فهذا لا يعني عدم صدق الندامة. فالإنسان ضعيف ونعمة الله ليست عصا سحرية، نعمته خمير يفعل فعله وإن لم يكن بالسرعة التي نتمناها إنما هي تجعلنا ننهض من كبوتنا ونجدد العزم على المضي قدماً. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الاعتراف https://images.chjoy.com//uploads/im...c7a3ac6533.jpgيقول لاكروا في الاعتراف: "إن رفض الاعتراف بالذنب هو رفض الذات والشعور الصادق بالذنب هو ثمرة للنقد الذاتي أي الاعتراف بوجود نقص وعدم اكتمال، وإدراك للمجهود الذي به يمكننا متابعة اكتمالنا وتحقيقه". كثيراً ما كان كبار القديسين يلجأون إلى سر التوبة مثل: فرنسيس، منصور دي بول، تريزيا الطفل يسوع، شربل مخلوف... ذلك أن المرء كلما تقدم في القداسة، اكتشف ضعفه وازداد شعوره بأدنى الهفوات. ومنهم ما كان يعترف يومياً مثل مار منصور ذلك أن الزجاج كلما ازداد نقاوة وصفاء ازداد تأثراً بأدنى الغبار. أما الإنسان البعيد عن القداسة فيعترف كلما شعر بالحاجة إلى التوبة الصادقة. كالتكفير عن سقطة جسيمة، تقويم عادة سيئة خطرة اقبال على حياة جديدة (زواج_نذور....) الاحتفال بالأعياد الكبرى كالميلاد والفصح والعنصرة.. أو بمناسبة رياضة روحية أو خلوة شخصية أو نهضة كنسية. كل ذلك شرط أن لا يصبح الاعتراف عادة رتيبة، فالاعتراف هو الاعتراف برحمة الله ومحبته الغافرة، قد نظر إلي أنا الخاطئ فأشيد له واعترف برحمته ومحبته وأن المسيح قد أدركني بمحبته ، فأسعى أن أدركه بمحبتي. فالاعتراف مصالحة، والمصالحة حدث يحتفى به، كما كان من أمر المجدلية وزكا العشار والابن الشاطر.. وكما في القرون المسيحية الأولى في رتبة العماد. قد يقول البعض لماذا أعترف بخطاياي وأنا عالم بأني سوف أعود إلى الخطيئة في المستقبل؟ الجواب: هو أنه ينطلق من نظرة خاطئة إلى سر التوبة , تعتبر هذا السر مجرد ً غسل من الخطايا ً فهذا لا يعفيني من أن أكون نظيفاً الآن، ورفض الغسل يزيدني تلوثاً، فالتوبة ليست مجرد غسل من الخطايا بل هي عودة الى محبة الله التي ابتعدت عنها. إنها إعلان لمحبة الله التي ترافقني في كل أعمالي الصالحة والشريرة في الماضي والحاضر والمستقبل ، ولأمتلئ من محبة المسيح، التي تدفعني إلى الأمام لتكون حياتي في المستقبل جواب محبة على محبة الله الدائمة. إن رفض الاعتراف بالذنب هو رفض السمو والنمو، فحين يصل الاعتراف بالذنب الى عمق الذات، فانه يسبب قفزة وارتفاعاً ، كالكرة التي تسقط على الأرض وتصطدم بها ، ثم تقفز إلى الأعلى. وكثيراً ما يعجز الإنسان عن القفز لأنه لا يريد أن يلمس أرضية كيانه ولأنه يرفض أن يسقط الى عمق ذاته ، ففي هذه الحالة ليس هناك إعادة نظر ولا تجدد ولا سمو. فبالصلاة التي يكون موضوعها الاعتراف بمحبة الله والاشادة بالمغفرة التي يسكبها علينا على الدوام برحمته الغافرة ، نستقي القوة لمتابعة طريقنا في الحياة مع المسيح. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الحل من الخطايا https://images.chjoy.com//uploads/im...f7f435a5fd.jpg إن الكاهن يمثل الكنيسة التي تمثل الله والبشر، فالكاهن خادم سر التوبة، يمثل الله والبشر معاً، فالذي يغفر الخطايا ليس الكاهن ولا الكنيسة بل الله نفسه، والكاهن ليس سوى شاهد لحضور المسيح. والتائب لا يقرّ بخطاياه أمام إنسان بل أمام المسيح وأمام الله. ان الكنيسة تندد بالخطيئة التي هي منافية لحياة الله فلا مساومة بينها وبين الخطيئة، ولا تواطؤ بينها وبين الشرير، شأنها شأن عريسها: "من كان من الله سمع كلام الله ، فإذا كنتم لا تسمعون فلأنكم لستم من الله بل أولاد ابيكم ابليس".ً ( يو 8 / 47-44 ). فالكنيسة على غرار سيدها تربط الخطيئة صراحة وجهرا كما أنها يمكن أت تحرم الخاطئ من حياة الشركة كالتناول (متى 18- 17) ولكنها في نفس الوقت تخضع نفسها وحكمها لسيدها. يمتد دور الكنيسة إلى أن تحل ما ربطته مانحة التائب غفران الله، وتحرره وتدخله في شعب الله، لأن الله جامع البشرية في جسده، أي الكنيسة. هكذا تصرف المسيح في حياته العلنية، إذ غفر الخطايا للمقعد عندما لاحظ إيمان الجموع، ومع السامرية التي دعت أهل بلدتها للمشاركة بيسوع في حياتها الجديدة ، فتصالح الجميع مع يسوع. ومثل اللاوي وزكا والمرأة الخاطئة والزانية ولص اليمين صفح عنهم يسوع أمام الجميع كما صفح عن بطرس أمام التلاميذ ، ومثل الابن الشاطر عندما أدخل الاب ابنه المهتدي الى بيته وأهله، خلافا للابن البكر الذي رفض الدخول. فمثلما تصرف يسوع تتصرف الكنيسة، فلا تحل الخاطئ حلاً فردياً بل جماعياً تدخله في جماعة المؤمنين وتحضنه من جديد.فلا بد من المبادرة الاولى من قبلنا، مبادرة الاقرار والانهيار لكي تتم المصالحة ويغمرنا الرب بعطاياه. روى أحدهم أن شحاذاً انتظر يوماً مرور الأمير في المنطقة، وهو يقول في نفسه: "هذه فرصة العمر".. أطل الموكب الملكي. وقف الشحاذ على حافة الطريق ومدّ يده. وإذا بالأمير يوقف عربته، ينزل منها، يمد يده هو نحو الشحاذ مستعطياً!.. ذُهل الشحاذ! لكنه أخرج من جيبه حبة قمح واحدة، ووضعها في يد الامير... وفي المساء أفرغ الشحاذ جيوبه، فوجد بين حبوب القمح العديدة حبة واحدة من ذهب. فلطم جبينه وقال :" ليتني أعطيته كل ما معي ". هكذا هو الله انه يتخذ منا في سر التوبة موقف الشحاذ "أعطني خطاياك". وهو يريد أن يغدق علينا ذهب السماء كله أي ملئ الحياة حياته هو، لكنه لن يستطيع شيئا، احتراماً لنا ، ما لم تصدر منا مبادرة الإقرار. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مفاعيل سر التوبة ان سر التوبة لا ينتهي بالحلة التي ينالها التائب من الله والمسيح بواسطة الكاهن، بل يمنح التائب السلام والوحدة مع الله ومع نفسه والآخرين ومع الكنيسة والعالم: 1- مع الله: إن الله لا يكتفي بأن يمنح غفرانه، بل ويمنح ذاته وحبه، بحيث يأتي الى الخاطئ، آباً وابناً وروحاً قدساً، يجعلون عنده مقرهم. ( يو 14 / 23 ). فالتائب يفتح باب قلبه للإله الواقف وهو يقرعه طالباً السماح بالدخول ( رؤيا 3\20 ). وإذا فعل يصبح المسيحي المملوء خلقاً جديداً على مثال المسيح: ابناً في الابن: "اعتمدنا بروح واحد لجسد واحد" (1كو 12/13). "إن الذي مسحنا هو الله، وهو الذي ختمنا وجعل عربون الروح في قلوبنا" (2كو1/21- 22 ). "فصرنا شركاء في الطبيعة" ( 2 بطرس 1/4 ). 2- مع الذات: من جراء العودة إلى الذات الأصيلة المرتبطة بالله ارتباطاً كلياً ، ذلك الإله الذي يسكن الانسان ويجدده ، يبلغ الانسان اكتماله وغاية وجوده ، ويستعيد توازنه الأصلي ، وهذا لا يعني أنه يصبح معصوماً عن الخطأ، لكنه سوف يتقدم في التواضع والمحبة. 3- مع الآخرين: الاتحاد بالله لا يكون صحيحاً إن لم ينفتح الإنسان على كل إنسان، فالمحبة الحقيقية لا تعرف الحدود، والاتحاد بالله يكون وهماً إن هو انغلق على الذات الإلهية أو الذات الشخصية، ولم ينفتح على الذات الأخوية. 4- مع الكنيسة: لأن الله يسكن في الكنيسة، كما في هيكله، ولأن جميع الأخوة أعضاء الجسم الكنسي: "نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح، وكل منا عضو للآخرين" ( رومية 12/5 ). 5- مع العالم: بحيث يعود التائب فيدخل "دينامية" قيامة المسيح الذي لا يزال يعمل في تاريخ العالم، فيلتزم في بيئته رسالة الملكوت. "اذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس وعلموهم أن يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها أنا معكم كل الأيام الى انقضاء الدهر" (متى 28/19-20). ويندد بالشر ويكافح جميع أنواع الظلم. إن هذا التجدد لا يتوقف عند هذا الحد من السلام والوحدة مع الله والذات والقريب والكنيسة والعالم. إنما هناك اهتداء من الوثنية إلى الإيمان ومن الإيمان إلى الاندفاع الكلي في طريق الكمال. كما يقول اكليمنضوس الأسكندري. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
البعد اللاهوتي لسر التوبة https://images.chjoy.com//uploads/im...3f731ddba3.jpg كل شيء ينبع من الله الخلق والعهد كمبادرة من الحب الإلهي، أي أن الله هو المبادر الأول للمحبة، وأعظم ما أوحى به إلينا يسوع المسيح أن "الله محبة"، فهو في حد ذاته محبة، لذلك هو ثالوث أي تبادل حب بين الآب والابن والروح بينهما وعطاء متبادل فيما بينهم. ومن أروع ما فاض من الله هذا الكائن البشري الذي هو على صورته كمثاله والذي أقام عهداً معه وبلغ هذا العهد ذروته عندما: "جاد بابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" ( يو 3/16-17 ). عندما يقترف الانسان الخطيئة، فلم يقترفها في ذاتها، إنما في محبة الله، التي يرفضها الإنسان. فالخطيئة هي الوجه السلبي لمحبة الله.. لم يخلقها الله، لذلك لا وجود لها أنطولوجياً (كيانياً). هي إذاً نقص في حد ذاتها، كما أنّها نقص في الإنسان لا نقص من شيء ، إنما نقص مطلق ، إذ هي نقص من الإنسان تجاه الله وبالتالي تجاه البشر. وهي أخيراً نقص، لأن الله يخلص منها، فيزيلها، فتعود الى اللاكيان، اللاشيء ، اللاوجود. فلا تستقي الخطيئة معناها إلا عندما يحرر الله الإنسان منها أي عندما تزول. هكذا استطاع اغوسطينوس أن يصرخ فيها: "طوباكِ، أيتها الخطيئة، لأنكِ استحققتِ لنا مخلصاً مثل هذا". فهي تُظهر محبة الله في التجسد والفداء، ولكن في ذلك تحكم على نفسها بالزوال بفضل التجسد والفداء اللذين يحرران الانسان منها، ويستعيضان عنها بالنعمة. ففي البدء لا خطيئة ، وفي النهاية لا خطيئة ، لذلك هي لا شيء. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كرازة يوحنا المعمدان بمعمودية التوبة بحث أبائي + «جاء إلى جميع الكورة المحيطة بالأردن، يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا» (لو 3: 3). بين همهمات الواقفين المنتظرين دورهم في المعمودية، انفتحت السماء (لو 3: 21) وانشقَّت، ونزل الروح القدس على الرب يسوع، وهو في نهر الأردن. والأردن يعني النزول. إنه ”نزول“ نهر الله، نزول بقوة. إنه الرب مُخلِّصنا، وفيه ننال معموديتنا بالماء الحقيقي والماء المُخلِّص. والمعمودية هي أيضاً «لمغفرة الخطايا» (مر 1: 4)(1). الإيمان بالمسيح هو أعلى غاية للتوبة:إن ثمار التوبة هي في غايتها العظمى ”الإيمان بالمسيح“. وبجانبها الحياة الإنجيلية الحقَّة، وأعمال البرِّ والتقوى على أساس أنها المضادة لحياة الخطية. وأعمال البر هي الثمار اللائقة بالتوبة التي ينبغي على التائب أن يحياها(2). والعلاَّمة أوريجانوس، يعتبر أن التوبة هي إعدادٌ لمعمودية يوحنا. اسمعه يقول: [الصوت الصارخ في البرية، السابق للمسيح، كرز في برية النفس التي لم تكن تعرف السلام. ولم يكن في ذلك الزمان فقط؛ بل أيضاً الآن، نور بهيج وملتهب يأتي أولاً ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا، ثم يتبعه النور الحقيقي، مثلما قال يوحنا نفسه: «ينبغي أن ذلك يزيد وأني أنا أنقص» (يو 3: 30). فقد جاءت البشارة إلى البرية وانتشرت إلى كل الكور المحيطة بالأردن](3). أما القديس يوحنا ذهبي الفم، فيرى أن إعداد الطريق هو أن نطلب ثمار التوبة. ففي عظاته على إنجيل القديس متى يقول: [هكذا كتب النبي (إشعياء) أنه سوف يأتي قائلاً: «أَعِدُّوا طريق الرب، قوِّموا في القفر سبيلاً لإلهنا» (إش 40: 3). حتى يوحنا نفسه قال حين جاء: «اصنعوا أثماراً تليق بالتوبة» (لو 3: 8)، والتي توازي «أَعدُّوا طريق الرب» (لو 3: 4). انتبهوا، أنه من خلال كلمات النبي، ومن خلال بشارته هو نفسه؛ استُعلِن الأمر نفسه. فقد جاء يوحنا صانعاً طريقاً ومُمهِّداً وليس مُعطياً العطية - أي الغفران - ولكن مُرشداً تلك النفوس التي ينبغي أن تؤمن بإله الكل](4). إعداد الطريق لاستقبال المسيح:أما القديس كيرلس الكبير، فيُرشد أولاده في طريقهم الروحي قائلاً: [كان يوحنا آخر الأنبياء، وقد اختير أيضاً لكي يكون رسولاً. ولأجل هذا، حيث لم يكن الرب قد أتى، قال: «أَعدُّوا طريق الرب». وما معنى ذلك؟ تعني: استعدُّوا لاستقبال أيِّ شيءٍ يريد المسيح أن يصنعه. اسحبوا قلوبكم من ظل الناموس، استبعدوا الصور الغامضة، ولا تُفكِّروا بانحراف. اصنعوا طُرُق الله مستقيمة، لأن كل طريق يؤدِّي إلى الخير هو مستقيمٌ وسويٌّ، ولكن المُعْوَجَّ يؤدِّي بمَن يسيرون فيه إلى الهلاك](5). ويصف العلاَّمة أوريجانوس الطريق الذي يعدُّه يوحنا المعمدان بأنه في القلب، فيقول: [«أَعدُّوا طريق الرب»، ما هو هذا الطريق الذي ينبغي أن نعدَّه للرب؟ بلا شكَّ أنه ليس طريقاً مادياً. وهل يمكن أن يَعْبُر كلمة الله مثل هذه الرحلة؟ أَلاَ ينبغي أن يُعَدَّ الطريق للرب في الداخل؟ أَلاَ ينبغي أن تُبنَى الطُرُق المستوية والسهلة في قلوبنا؟ هذا هو الطريق الذي دخل به كلمة الله. هذا هو موضع الكلمة: في أماكن القلب الإنساني](6). مجيء الخلاص:ويرى القديس يوحنا ذهبي الفم أنَّ إشعياء النبي يتنبَّأ أن التغيُّر في الطبيعة يشير إلى مجيء الخلاص. اسمعه يقول: [حينما يقول: «كل وادٍ يمتلئ، وكل جبل وأَكَمَة ينخفض، والشعاب تصير طُرُقاً سهلة»، فإنه يُشير إلى ارتفاع المتضعين واتضاع الواثقين في أنفسهم، فغلاظة قلب الناموس تغيَّرت إلى يُسْر الإيمان. لأنه يقول لا يكون بعد تعب ومشقة، ولكن نعمة وغفران الخطايا، مُتحمِّلاً تكلفة الطريق إلى الخلاص. ثم يذكر أسباب هذه الأمور: «يُبصر كل بشرٍ خلاص الله»، ليس فقط يهود ودخلاء؛ بل كل الأرض والبحر وكل جنس البشر سوف يخلصون. ويقصد بكلمة ”الأشياء المُعْوجَّة“ كل حياتنا الفاسدة، العشَّارون والزواني، اللصوص والسَّحَرة، وكل مَن انحرف من قبل، كلهم يعودون إلى الطريق الصحيح. مثلما قال الرب يسوع نفسه: «إن العشَّارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله» (مت 21: 31)، لأنهم آمنوا](7). لا يزال حتى الآن يعمل:ويُشير العلاَّمة أوريجانوس إلى أنَّ بشارة يوحنا المعمدان في الإعداد لمجيء المسيح ما تزال تعمل حتى الآن، فيقول: [إني أومِن أن سرَّ يوحنا لا يزال يعمل في العالم اليوم. إن كان أحد سيؤمن بالمسيح يسوع، فإنَّ روح يوحنا وقوته تأتي أولاً إلى نفسه، و”تُعدُّ شعباً مستعدّاً للرب“، فتجعل طُرُق القلب الخشنة سهلة، وتُعدِّل طُرُق القلب](8). أما القديس أُغسطينوس أسقف هيبُّو، فيصف ”خلاص الله“ بأنه ”مسيح الله“، فيقول: [انتبه إلى النص: «ويُبصر كل بشرٍ خلاص الله». ليست هناك أية صعوبة أن يكون المعنى: ”ويرى كل بشر مسيح الله“. على كلٍّ، لقد رأينا المسيح في الجسد، وسوف نراه في الجسد حين يأتي مرة أخرى ليدين الأحياء والأموات. والكتاب المقدس يحوي نصوصاً كثيرة تبيِّن أنه «خلاص الله»، خاصةً كلمات الرجل الشيخ الوقور سمعان، الذي أخذ الصبي بين يديه وقال: «الآن، تُطلِق عبدك، يا سيِّد، حسب قولك، بسلام. لأن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك» (لو 2: 30،29)] |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
غربةُ الإنسان في عصرنا https://images.chjoy.com//uploads/im...351e28b82b.jpg تركوني أنا ينبوع المياه الحي واحتفروا لأنفسهم آباراً، آباراً مشقّقة لا تمسك الماء" (ارميا ٢:۱٣). يؤكد غير قليل من المعطيات السائدة في بيئاتنا الاجتماعية أننا نعيش في عصر لا يقيم وزناً لفضائل مثل التيقظ الروحي والسهر على حفظ الحواس وصون النفس من الزلل. مجتمعاتنا الجادة في طلب السعادة عبر وسائل اللذّة والاستهلاك والتكنولوجية لم تعد تتحسس الابعاد الروحية للقيم كالجمال والطبيعة والفن والجسد... البشر جملةً في حركة متسارعة الى اللهو. كلام كثير يذاع هنا وثمّة عن "حقوق الانسان"، ومعظمه لا غاية له سوى استغلال الانسان وانتهاك حرماته أو بكلام آخر جعله باسم الحرية عبداً. هذا، ويذهب غير قليل من المحلّلين الاجتماعيين الى أن فلسفات الأنسنة والتي هي وليدة عصور "التنوير الغربي"، لم تترك مكاناً للبعد الروحي في حياتنا. حضارة اليوم تدعو كلّ واحد منّا وتمهّد له السبيل للاستغناء همّا هو ديني روحي، ليكتفي بالغايات الآنية لوجوده، فيرتاح الى ما يحقّقه من انجازات بشرية صغيرة كانت أم كبيرة، ويبني أهراءات المال والسلطة واللذة التي تؤمّن مستقبل مجتمعه واستقراره. غير أن الحقيقة الأكثر صدقاً أن انساننا المعاصر، العابث، إنما يتذرّع بفلسفات الانسنة وسواها ليبرّر إخفاقه في اكتناه الحقائق الروحية وعيشها. إننا عوضاً عن أن نواجه ذواتنا برصانة وصدق نميل في معظم الأحيان الى خلق الأعذار المبنية على الظروف والمعطيات الخارجية المتعدّدة والشديدة التعقيد، لنقول من ثم إن التعاليم الروحية للكنيسة أضحت بعيدةً عن الواقع لا صلة لها بالانسان المعاصر وتطلّعاته وأشجانه. لكن المحاسبة النزيهة للضمير تظهر غير هذا. ما ينكشف، حين نتحقق عن كثب من واقع المشكلة، أن الانسان اليوم هو بأمسّ الحاجة الى القيم المسيحية الروحية التي هي السبيل الأنجح بل الأوحد الى حلحلة أزماته وتهدئة اضطرابه. غير أن البشر يفضلون الهروب من كل هذا. الانسان المعاصر يخاف الدين وما فيه من إلزام ووعيد، لأن الشعور بالذنب يُثقل كاهله. صورة الإله القاضي حامل الميزان في يمناه ليحاسب بصرامة كلاًّ عمّا فعل باتت منفّرة تكسر ظهر الانسان عوضاً عن أن تساعده. هذه الصورة الحقوقية لله والتي كرّسها لاهوت الغرب مع ترتوليان، مروراً بأوغسطين وأنسلمس ووصولاً الى سخولاستيكيّة الإقويني ومن حذا حذوه، جعلت الناس يجحدون الاله. ما لا شك فيه أن "اللاهوت المسيحي" في بعض اتجاهاته المدرسيّة قد أذنب إذ خسر كل إمكانية في محاورة الناس، بل جعل الانسان المعاصر يفقد غايته، يفقد الرؤيا السليمة في حياته التي كان علم اللاهوت وحده قادراً على تزويده بها. فحين ينزاح اللاهوت عن مساره الأصيل، يميل البشر الى إرواء عطشهم إما من روحانيات غريبة، وإما بالإقبال الأعمى على اللذة وأسبابها، أو بنوع من اللامبالاة وعدم الحسّ... "اللاهوت المسيحي" يذنب حين يفقد أصالته، يفقد رسالته الرعائية التبشيرية وإمكانية شفاء الانسان وبلسمة جراحه. لا يعود اللاهوت ذاك السامري الشفوق الذي ينحني ليرفع الانسان من وهدة جراحه. يُضحي صيغاً فكرية عقيمة لا تسلّي سوى المتحذلقين عوض أن يكون منهاجاً لشفاء الانسان "لتكون له حياة (بالاستنارة) وليكون له افضل (بالتمجيد)" (يوحنا ۱٠:۱٠). وحدها اسرار الكنيسة قادرة اليوم على انتشال الانسان من دوامة الظروف الحياتية التي تسيّره وتستعبده. ولكن مفتاح هذا كلّه يبقى ذلك الشعور الذي انتاب الابن الشاطر حين اشتهى أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله، ولم يستطع. ساعتئذٍ، يخبرنا الإنجيل، أنه "رجع الى نفسه... وقال أقوم أذهب الى أبي وأقول له أخطأت يا ابي الى السماء وأمامك..."(لوقا ۱٥:۱٧-۱٨). هذا الشعور بسوء حالنا، وحاجتنا الى المسارعة الى المسيح هو سرّ التوبة، الذي به وحده يمكن خلاص إنساننا اليوم. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الشعور بالذنب المَرَضي والمعرفة الواعية للخطيئة https://images.chjoy.com//uploads/im...cd61d58a87.jpg "من يعرف خطيئته خير من الذي يقيم الموتى" (القديس اسحق السرياني). يصف علم النفس المستحدث شعورَ الانسان بالذنب بأنه حالة عُصابيّة. وأنه كسائر "الأمراض النفسية" يؤدّي تدريجيّاً بصاحبه الى شيء من التراجع فالتدهور ثم التداعي. أو على الأقل يضايقه بمقدار يحدّ من انتاجيته الفكرية والعملية بحيث يفقد فاعليته في مجتمع دينه وديدانه التنافس في الانتاج والاستهلاك. ويماهي علماء النفس ما بين الشعور بالذنب ولون من الفرح بالخطيئة كامن في حنايا عقل الانسان الباطن، حيث يتحرك بفاعلية كبرى وهو مستعد أن يؤدّي في لحظة غير منتظرة الى الانفجار والتعبير بشكل جامح أو عنيف عن هذا التضعضع في شخصية الفرد أو حتى المجتمع برمته. وكثير من المغالين في التحليل يحمّلون الدين مسؤولية هذه الحالة. إذ يرون فيه نظاماً أخلاقياً يحدّ الانسان بموانع ونواهي لا تؤدي إلا الى كبت ما فيه من حيوية. ولكن إن طبقنا منهج سيغموند فرويد نفسه، وهو خير من درس جدلية الشهوة والكبت في الانسان، أفلا يتضح لنا أن عقدة الذنب هذه إنما تعود في جذورها الى البنية الاوديبية للأسرة، الى الاضطراب وعدم الاتزان في مناخ العائلة التي نشأ فيها الولد في سنيه الخمس الأولى خاصّة، والى ما صادفه من صدمات وكبت في المرحلة اللاحقة في نموّه وتفتّحه الاجتماعي والعاطفي. فمشكلة الشعور بالذنب إذاً، لا تأتي من قيم دينية يتربى عليها الانسان، بل من تلوث أو فساد في عائلته، كما نلاحظ اليوم في الكثير من البيئات "الحديثة" حيث انفرط عقد الاسرة وبات كلٌّ يعيش على هواه. الشيء الأول الذي ينبغي لنا أن نقف عنده هو أن القيم الروحية وما فيها من ضوابط، إنما تجمع شمل الاسرة وتبقي اللحمة فيها بحيث يتأمّن جوّ معتدل ملائم لتفتّح الفرد ونموّه بشكل متزن. أما الأمر الثاني فهو أن الشعور بالذنب المرضي والناتج عن كبت وعقد، هو غير الإدراك الواعي للخطيئة الذي عبّر عنه داود في مزموره الخمسين "لأني أنا عارف بإثمي وخطيئتي أمامي في كل حين"، والذي يتأتّى من شفافيّة أو بصيرة تشبه أعين الشيروبيم الدائمة اليقظة التي تشاهد جمال الخالق وتستحي لقبحها امامه، فتشتاق الى مصالحته. والشوق يولّد في الانسان حركة، يصير فيه ديناميكيّة بخلاف الشعور المرضي بالذنب والذي ما هو إلا جمود وموت. "ووعي الخطيئة"، أي هذه الحساسية الروحية التي عبّر عنها اللّص المصلوب عن يمين المسيح وزكّا العشّار حين أدرك قصر قامته فاعتلى الجميزة، أساسٌ هامّ لفهم الانان لسرّ الاعتراف بل للحياة الروحيّة كلّها. لا بدّ للانسان من أن يعرف معنى الخطيئة من حيث هي واقع يؤثّر على كيانه بجملته، يشتّت قواه ويبعثر مواهبه فيصير عقيماً لا يقوى على الدنوّ من مبدأ الحياة أي "معرفة الله" (يو ۱٧:٣) التي تعطي معنىً وهدفاّ لوجود كل انسان. الخطيئة تقود الانسان الى العبث. وتجاهُل الخطيئة عبر طرحها خارج مفاهيمنا الاخلاقية يقود بدوره الى العبث. لأن الحقيقة لا يقربها الانسان إلا بالمواجهة الصادقة للذات والله والمجتمع. فوعي الخطيئة هو قبل أي شيء عودة الى حيّز الواقع، أي استدراك النفس التائهة في التخيلات لحالها المتدهورة. وهذا ما يسمّى في قاموس آباء الكنيسة "يقظة روحية" أي معرفة الانسان لحاله الواقع، وسهره على معالجة الاعوجاج فيها، والمحاولة الجادة منه للتمسك بهذا الوعي وما يصحبه من مسعى جاد. لذا فإن كل تطبيق شكلي لطقوس سر الاعتراف يبقى عديم الجدوى إذا لم يسبقه أو يصحبه نزوعُ النفس الأصيل الى تبديل ما فيها من قباحة تؤذي علاقتها الحميمة بالمسيح. شعورنا بالحاجة الى التوبة هو الأساس لسرّ الاعتراف. ولا اعتراف من غير توبة. لأن الاعتراف تكميل لما في النفس من ندامة وحزن مغبوط وشوق الى الله. الله يجتذب الانسان بنعمته الى التوبة. والتوبة تقتاد الانسان بنعمة الله إلى الاعتراف. والاعتراف يؤول بالانسان الى مغفرة الخطايا. وما المغفرة إلاّ بدايةً للنمو الروحي. فنحن لا نعترف لنفي ديناً على الله، بل لنكسر الحواجز الدهريّة القائمة في دربنا الى وحدة الحال مع المسيح. نعترف لنعبّر لله عن تعلّقنا به، وعن حاجتنا الى نعمته الشافية، وعن رغبتنا في الانفتاح عليه والاتحاد بشخصه. وهكذا لطالما عَبَرَ المسيحيّون المجاهدون بالتوبة، وفي كل الأزمنة، من الاستنارة الى الكمال فالتمجيد بنعمة الروح القدس. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الانسان المعاصر وأزمة التواصل مع الآخر https://images.chjoy.com//uploads/im...e88ab25b54.jpg أسوأ ما في التطور الواسع النطاق لوسائل الاتصال في عالمنا، والتي يقال إنها جعلت الكون قرية صغيرة، أنها عزلت الانسان بشكل كامل عن اخيه الانسان. الثورات المتتالية، النهضة الأوروبية وما رافقها من حركة ادبية وفنية، الثورة الصناعية وما صاحبها من قيام لطبقة بورجوازية لها فكرها ومجتمعها، الثورة الفرنسية وانهيار الانظمة الملكية والثيوقراطيات، الثورة البلشفية وسيادة مارد الإلحاد، الحربان العالميتان وفقدان قيمة الانسان الذي بات يُباد كالبرغش بعشرات الآلاف، ثم ثورة الطلاب التحررية في فرنسا عام ۱٩٦٨... كل هذه وما آلت اليه من تفلت واتجار بالجنس والقيم، حوّلت العلاقات بين الناس الى آليات لا حياة فيها ولا عافية: مجرد اتجاه الى من نحتاجه أو لنا مصلحة في صحبته. أليس هذا استمراراً لسقطة آدم التي لعنت الارض وكل ما فيها فباتت الحيوانات التي كانت تألف وجهه تفرّ هاربة منه وبات عارياً يسعى بالأغطية الى شيء من الطمأنينة أو راحة البال فلا يجد لأنه فقد محبته وفقد مصدر سلامه واستقرار. لا أشاء أن انقض حاجة الانسان في مجتمعاتنا الى وسائل الاتصال، ولكن ما أود تسطيرَه أن هذه الوسائل باتت ناجحة في تستّر الانسان خلف قناع كاذب: يدّعي الانفتاح بينما هو يعتكف على أناه لعجزه عن تخطّي عقدها. الانسان المعاصر يتصل بالجميع ولكنه لا ينجح في لقائهم الشخصي. لا مجال البتة للقاء الوجوه. قد تشاهد من تعرفه على شاشة الكومبيوتر ولكنك تعجز عن ان تجلس إليه لتنظر في عينيه. تتكلم كثيراً مع الناس ولكنك نادراً ما تفتح قلبك لهم، لأنه لا يمكنك أن تأتمنهم على ما في القلب. العلاقات البشرية في مجتمعاتنا غدت هكذا سطحية هامشية. والانسان بات منغلقاً على ذاته غير قادر على تخطي حدود أنانيتها. حتى فضيلة الحب لم تنجُ من هذا الداء. الحب البشري بات ملوّثاً، حبّاً أنانياً خالياً من أي بذل إلا على صعيد القبيلة أو العائلة الصغيرة. نحن اليوم في قريتنا الكونية التي تطال أطرافها أرجاء الكون بأسره ضيّقون أكثر من اي وقت مضى، فالانفتاح الحقيقي إنما يكون في تخطّي حاجز الخطيئة الذي يعرقل الانسان. كلٌّ منّا رازح تحت أعباء آثامه منكمشٌ عليها، وإن أقرّ بها فهو يقرّ بينه وبين نفسه فقط، لأنها من "خصوصياته"، أو يعترف بها "بينه وبين الله" كما يقول. كلٌ منا يحوّل حياته الداخلية الى قدس أقداس لا يلجه أحد ولا حتى المسيح لأن الباب بات مقفلاً بالخطيئة وحب الذات. "هائنذا واقف على الباب أقرع، يقول الرب، فإن سمع احد صوتي وفتح لي أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي" (رؤ ٣:٢٠) المسيح يشاء بسر التوبة أن يكسر طوق الانعزال الذي يحيط بنا من خلال الخطايا. هو يدعونا الى أن ندخل في سر الكنيسة من جديد إذ نطرح على عتباتها آثامنا ونلج لابسين حلّة جديدة لنشارك الابن بالعجل المسمّن. فإن المؤمن حين يلتجئ الى الكاهن وينحني بعد اعتراف تحت البطرشيل، يدخل في هذا السر الذي به تنفتح القلوب على نعمة الله وعلىكنيسته، فيتصالح مع السماء ومع الناس ويصير من جديد وارثاً لفردوس آدم المفقود. الانسان يستعيد دالته لدى الله فتصير صلاته مسموعة مقبولة بل إحساناً الى الناس. يخرج من ركود الخطايا القابعة في القلب الى نور جدّة الحياة، ويلتقي مجدداً الاخوة. ولعل هذا اللقاء المحبّ خيرُ دواء وسلوة للنفس المتعبة والرازحة تحت الأحمال. لأنه كما يقول فرويد "أجمل شعور لدى الانسان هو أن يحسّ المرء بأنه محبوب ممن هو يحبّه". وهذه المحبّة إن تمكنت من تخطي الأنانية كما يذكّرنا الأب يوحنا رومانيدس، فهي تصير شفاءاً للانسان. وإن رقّت بالأكثر تستحيل إيقونة لمحبة الله التي بها يكون كل بذل وعطاء، وكل "تأنٍ ورفق" (۱كور ۱٣:٤)، حتى تصطلح العلاقات الاجتماعية بخلوّها من الريب، وتتشكل بسر التوبة كنيسة المسيح ملكوت الله على الارض. لأن الكنيسة في بعدها الانساني الأعمق، ما هي إلا كما يعرّفها القديس أفرام السرياني "جماعة الخطأة الذين يتوبون". |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الاعتراف علاج للمرض الروحي في الانسان "ولكن لكي تعلموا أن لابن الانسان سلطاناً على الأرض على ترك الخطايا، حينئذٍ قال للمفلوج قم احمل سريرك واذهب الى بيتك" (متى ٩:٦). كم هو غريب هذا الأمر الذي يختبره الأرثوذكس في اعترافهم! فإنهم في لقاء مع أب روحي في اعتراف غير طويل يتمكّنون من أن يتخلّصوا من كل اضطراب أو توتر من شأنه أن يعرقل مسيرة حياتهم. بينما ترى الناس في المجتمع يصرفون الساعات والأشهر في الاختلاف الى الأطباء النفسيين، ويعللون النفس بالآمال، ويدفعون المبالغ الطائلة دون أن يحصلوا على اية نتيجة جدية تذكر. إذ إن العلاج في أكثر الحالات يقتصر على لون من التخدير للهوى القابع في الانسان، اي خفض لحدّة التوتر في النفس عبر إيجاد الاشكال الاجتماعية المقبولة للتعبير عما فيها من أهواء معابة (ما يسمى في الطب النفسي تصعيداً). فكأن التحليل النفسي لا يسعى إلا الى إقناعنا بقبول ما في النفس من نزعات وما يسمّيه "تخطياً لعقد"، أي بكل بساطة: الرضى بما نحن عليه من عدم استقامة، ليكون بهذا "سلام الانسان". أما في أسرار الكنيسة فالامر يختلف بالكلية. الكنيسة تصرّ على معالجة المشكلة من جذورها. وهذا يتطلب في طبيعة الحال مرشداً روحياً مختبراً وليس اي انسان. لأن الوعي الروحي المصحوب بالجهاد الحقيقي هو السبيل الى تمييز طبيعة الهوى أو مصدر التشويش في النفس ومعالجته بما يوافقه. والخبرة الأرثوذكسية في أن الانسان يتخذ مرشداً يصير له أباً روحيّاً فريدةٌ في العالم المسيحي. فهي ليست مجالاً لتخطي الانسان لكل ذاتية في الحكم في الأمور الروحية فحسب، بل أن المسيحي، كما يوضح القديس سمعان اللاهوتي، يجد في شخص الأب الروحي من يسير امامه ممسكاً بيده ليمهد له السبيل "الى ينبوع المياه الحقيقي ليغسل فيه وجهه ويرحض كل أثر للادناس". ولن أتوسع في مناقشة أو شرح ما يوضحه الآباء عن آلية الاضطراب الحاصل في نفس الانسان من جراء خطيئته، والذي يؤدي الى انفصال الذهن عن القلب أي تشظي شخصيّة الانسان، والتشتت في الافكار الأثيمة، ثم جمود القلب وموته. هذا البعد المورفولوجي في المرض الروحي أتركه ههنا جانباً لأقف عند البعد الاجتماعي النفسي والذي هو مرض مَلَكَة الحب في الانسان. فالحب الانساني كما ذكرنا، يصير بالخطيئة أنانياً يتجه به الانسان الى نفسه عوض أن يكون معطاءاً منفتحاً على الله والآخرين. هذه الفيزيولوجيّة المعطّلة لحواس الانسان الروحية هي تماماً المرض الروحي. فالانسان من حيث يدري أو لا يدري يستعمل كل الأشياء بأنانية واستغلال. "أناه" تصير محور الكون. وهذا الأمر، الذي لن يخالفه البتة عالم النفس ألدر، هو جذر كل خطيئة. أمّا صحّة الانسان فتكون في تخطّيه لذاته عبر اتجاهه الى وجه خالقه وتقديمه له السبح النقي والشكران. وهذه الحقيقة الانسانية الروحية عبّر عنها آباء الكنيسة حين عرّفوا الانسان "بالكائن الهيمنولوجي"، أي أن معنى وجوده قائم في أن يكون الله الذي يليق به كل تسبيح محور حياته. فيحيا "بكل كلمة تخرج من فمه" (متى ٤:٤؛ لو ٤:٤۱)، ويجد ذاته المشتتة، حين يتجه الى المسيح، يجد ذاته تلتئم لتشكل صورة الله. وفي صورة المسيح المصلوب ليدفُن الصورة القديمة التي فينا، نجد قيامة صورتنا من الفساد. الانسان حين يعترف، يستدعي النعمة لتجلي أدران النفس وتعيده الى حقيقة صورة الله. وإذ تبدو صورة الله في الانسان من جديد، يعود الله ليتخذ المكانة المركزية في حياتنا، ويصير المسيح "الكل في الكل" (۱كولوسي ٣:۱۱). وعوضاً عن أن نكون عبيداً رازحين تحت نير الخطيئة وكثافة "الأنا" ننعتق لنصير أبناءاً "وارثين لله بيسوع المسيح" (غلاطية ٤:٧) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كل إنسان يحتاج إلى التوبة
http://www.peregabriel.com/gm/albums...epherd_001.jpg كل إنسان يحتاج إلى التوبة . لأنه لا يوجد أحد بلا خطية . الكل معرض للخطأ . والذي يقول إنه لا يخطيء هو بغير شك واحد من اثنين : إما أنه إنسان لا يحاسب نفسه جيداً ، وإما أن مقاييسه الروحية في حاجة إلى تعديل . شعور الإنسان باحتياجه إلى التوبة ، هو دليل صحة نفسية ، دليل على أنه يريد أن يصلح حاله وينقي قلبه . أما الذي لا يشعر بحاجته إلى التوبة ، فلا بد انه سيبقى في أخطائه ، تمنعه كبرياؤه من الاعتراف بالخطأ ... إنه بار في عيني نفسه ، ولكنه ليس باراً أمام الله وأمام الناس ... حتى أن القديسين أنفسهم كانوا يجاهدون من أجل التوبة ، ولكن في مستويات عليا غير المستويات العادية ... إن كان الأمر هكذا ، فما هي التوبة إذن ؟ ليست التوبة هي مجرد ترك الخطية وعدم السلوك فيها ... فكثيراً ما يحدث أن يترك الإنسان الخطية لأسباب غير روحية ، يتركها ليس محبة للبر ، وليس لمحبته لله وإنما لأسباب أخرى ، يكون في خلالها خاطئاً دون أن يخطيء . فقد يبتعد الإنسان عن الخطيئة أحياناً بسبب الكبرياء ، أو بسبب العناد ، أو بسبب الخجل ، أو بسبب الخوف : الخوف من أن يضبط ، أو الخوف من النتائج . أو بسبب أن الفرصة لم تكن متاحة ، أو بسبب أن الخطية متعذرة أو رافضة ... وقد يرفض الخطية من أجل التظاهر بالبر أو من أجل مديح الناس ... وفي كل هذه الحالات لا تكون الخطية في سلوكه ، وإنما قلبه ... هو يريد ولكنه لا يفعل ... والله فاحص القلوب والأفكار ، يعرف تماماً أن مثل هذا الإنسان ليس تائباً . إنه لا يزال في حياة الخطيئة ، ولا تزال للخطية سيطرة عليه ، وإن كان لا يخطيء بالفعل ... إن التوبة هي حالة تغيير في القلب . هي نقطة تحول في حياة الإنسان ... هي تجديد للقلب .. هي حياة جديدة يحياها الشخص تختلف اختلافاً كلياً عن حياته الأولى في السقوط . وقد يتغير إنسان ويسير في الفضيلة ، ولكنه لا يعتبر تائباً إلا إذا استمر في حياة الفضيلة دون أن يرجع إلى الوراء . فكثيرون يظنون أنهم تابوا ، وأن حياتهم قد تجددت ، ويستمرون في هذا الوضع الجديد مدة ، تحدث لهم نكسة روحية ، فيرجعون إلى أخطائهم ، والبعض يقومون ثم يسقطون ، ثم يقومون ويسقطون . وفي هذه الذبذبة لا نستطيع أن نقول إنهم تابوا ... ربما يكونون في مجرد محاولات للتوبة ... إن ترك الخطية ولو إلى فترة ، ليس هو التوبة الحقيقية ... فقد يبعد الشخص عن الخطية ، أو تبعد الخطية عنه ، ليس لأنه قد صار باراً ، وإنما لأنه في هذه الفترة بالذات غير محارب بهذه الخطيئة بالذات ... إن الشيطان ذكي في حروبه، يعرف متى يحارب ، يعرف متى يحارب ، وكيف يحارب ، وبأية خطيئة يحارب الإنسان . وإن وجد الإنسان مستعداً استعداداً كاملاً ومتحفزاً كل التحفز لمواجهته في ميدان معين ، قد يترك هذا الميدان ويحاربه في موقع آخر . فإن وجدت نفسك مستريحاً فترة ما من خطيئة معينة ، لا تظن أنك قد صرت نقياً من جهتها . ربما يكون الشيطان قد تركك إلى حين ريثما يعد لك كميناً في موضع آخر ، ثم يرجع إلى محاربتك مرة أخرى على حين فجأة بهذه الخطيئة التي ظننت أنك قد تبت عنها . لذلك كن حريصاً باستمرار ، يقظاً باستمرار ، مستعداً باستمرار ، لأنك لا تعرف في أية ساعة أو بأي شكل تأتيك الحرب الروحية .. وقد تستريح فترة من خطيئة معينة بالذات ، ليس لأنك تبت عنها ، وإنما بسبب شفقة الله عليك . أراد لك فترة راحة حتى لا تكل في الجهاد ، أو لكيلا تقع في اليأس ... وربما تكون الخطيئة قد بعدت عنك بسبب صلوات بعض القديسين الذين تشفعوا فيك أن يمد لك الله يد المعونة حتى لا تسقط . ربما تكون القوة الحافظة المحيطة بك هي التي دافعت عنك ، ولا يكون قيامك راجعاً لتوبة .. هناك إذن فرق كبير بين إنسان منتصر في حياته الروحية ، وإنسان غير محارب . وتظهر التوبة على حقيقتها إذا حوربت فانتصرت . وقد ينتصر إنسان في حرب خفيفة ولكنه يضعف ويسقط إذا كان أغراء الخطيئة شديداً وقاسياً . أما التائب الحقيقي فهو رجل الله الذي يحارب حروب الرب في عنفها وينتصر . ويستمر أمامه الأغراء ، ويستمر في نصرته ... مثل يوسف الصديق ... هذه هي التوبة . إنها حياة النصرة . حياة الإنسان الذي يجاهد من أجل الرب وينجح . حياة القلب الذي يرفض الخطية مهما ضغطت عليه ... ترك الخطية هو بداية حياة التوبة . أما كمال التوبة فليس هو ترك الخطية ، وإنما هو كراهية الخطية . وقد يكره الإنسان الخطية أحياناً بعض الوقت اشمئزازاً منها أو كرد فعل لبشاعتها ، ثم يرجع بعد حين ، بعد زوال هذا الانفعال فيشتاق إليها مرة أخرى . ليست هذه هي التوبة . إنما التوبة هي كراهية حقيقية للخطية ، كراهية دائمة بسبب أن هذه الخطية لم تعد تتفق اطلاقاً مع طبيعة الإنسان الجديدة التي تجددت بالتوبة ... على أن كراهية الخطية هي حالة سلبية . أما الحالة الإجابية فهي محبة الله . والتوبة الحقيقية هي النتيجة الطبيعية لدخول محبة الله في القلب . إنها استبدال شهوة بشهوة . إنها حلول شهوة البر محل شهوة العالميات . حلول الله محل العالم في قلب الإنسان . التوبة هي الدرجة الأولى في السلم الروحي . منها يرتقي الإنسان درجة درجة في حياة القداسة والنقاوة حيث يصل أخيراً إلى الكمال . والكمال هو قمة الدرج الروحاني ... وهذه القداسة ، وهذا الكمال ، لا يعلنهما الله للإنسان دفعة واحدة ، لئلا يقع في صغر النفس ، ويرى أنه ليس من السهل عليه الوصول .. الكمال كالأفق ، هو آخر ما تصل إليه رؤيتك . عنده ترى السماء والأرض متعانقين . فإذا ما وصلت إليه ترى افقاً آخر في انتظارك بعيداً عنه . وعندما تصل إلى هذا الأفق اللآخر تتطلع إلى افق أبعد . وتظل تنتقل من افق إلى افق ، ترقى من كمال إلى كمال أعلى . وأعلى ما يصل إليه الإنسان من كمالات هو جهالة بالنسبة إلى الله الذي فيه يرتكز الكمال الذي لا يحد ، له المجد في كماله إلى الأبد ، آمين . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اعتراف مختصر أمام الكاهن المعرّف
من الاعتراف الكامل للقديس ديمتري روستوف نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي أعترف أمام الرب إلهي وأمامك، ايها الأب الموقّر، بكل خطاياي التي لا تُحصى، التي فعلتها إلى هذا اليوم وإلى هذه الساعة، بالفعل، بالقول وبالفكر. أنا أخطأ يومياً وفي كل ساعة بعقوقي لله على بركاته التي لا تُحصى وعنايته الخيّرة بي أنا الخاطئ. لقد أخطأت: بالكلام البطال، إدانة الآخرين، العناد المتعمّد، العُجب، قساوة القلب، الحسد، الغضب، الافتراء، عدم الانتباه، إهمال خلاصي، الطيش، اللامبالاة، قلة الاحترام، حدة الطبع، فقدان الرجاء، رد الشر بالشر، المرارة، عدم الطاعة، التأفف، تبرير الذات، معارضة الآخرين، التشبث بالرأي، لوم الآخرين، النميمة، الكذب، العبث، إغواء الآخرين، محبة النفس، الرغبة، الأكل والشرب حتى التخمة، التفاهة، الكسل وعدم التركيز في الصلاة في الكنيسة والبيت، التغيب عن الخدم الإلهية بسبب الكسل وقلة الاهتمام، التمتع بالأفكار النجسة، النظرات والأعمال البذيئة، اشتهاء الممتلكات الزائدة وامتلاكها، الاستخفاف بالحاجات المادية والروحية للآخرين ولنفسي، عدم الاهتمام بالأرض وببيئتها. لقد أخطأت بالفعل، والقول، والفكر؛ بالنظر والسماع والشمّ والذوق واللمس وكل ما تبقى من حواسي العقلية والجسدية، وبالمشورة والسيطرة والقبول والاستفزاز والمداهنة والتقاسم والسكوت والدفاع. (هنا على المعترِف أن يذكر بشكل خاص كل خطيئة أخرى تثقل نفسه) أنا أيضاً أتوب وأطلب مغفرة كل الخطايا التي لم أعترف بها لكثرتها ولكثرة نسياني. أنا أتعهد للمسيح بتغيير قلبي وفكري وتصرفي وأتوسل نعمته. سامحني وحلّني أيها الأب الموقّر، وباركني لأشترك في أسرار المسيح المقدسة والمحيية اغفران الخطايا ولحياة أبدية |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكنيسة شبيهة بفلك نوح من الممكن أيضاً أن نؤكد دون مبالغة أن الكنيسة ميناء أعظم حتى من فلك نوح. لأن فلك نوح استضاف الحيوانات العجماوات وحفظ حياتها سالمة, بينما الكنيسة وهي تقدّم لهم الملجأ تحوّلهم إلى جدة الحياة. سأوضّح لكم هذا: تخيلوا مثلاً صقراً دخل إلى الفلك فإنه سيخرج صقراً كما هو, وكذلك الذئب إن دخل فسيخرج ذئباً كما هو, ولكن إن دخل الكنيسة صقر فعلى العكس سوف يخرج حمامة وديعة, وأيضاً الذئب إن دخل الكنيسة سيخرج خروفاً هادئاً, والحية ستخرج حملاً وديعاً. إذن فالكنيسة لا تعمل على تحويل طبيعة الكائنات ولكن تنتزع منهم الشر. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
منفعة التوبة هذا هو السبب الذي لأجله أحدّثكم باستمرار عن التوبة. حقاً أنها تسبب خوفاً وضيقاً للخاطئ, ولكنها ترياق صالح تعالج فيه علل الخطايا, وهي تفتديه من آثامه. ومقابل الدموع الغزيرة تجعل لـه دالة عند الله, فهي سلاح مخيف ضد الشيطان, نصل بتّار قادر على الاستئصال, فالتوبة تمنحنا الرجاء في الخلاص, وهي عدوّة لليأس, هي التي تمنحنا مفاتيح السماء, وهي التي تسمح لنا بأن نصل للفردوس وهي إلى النهاية تنتصر على الشرير وتقوي رجاءنا في الأفلات منه (وهذا هو الدافع الأساسي والسبب الحقيقي الذي من أجله أحدثكم الآن عن التوبة). أأنتم خطاة. لا تيأسوا فأنا أصر على أن أقدم لكم الرجاء كدواء وكأفضل علاج لضعفكم, لأني أعرف إلى أي مدى يمكن للثقة المستمرة والرجاء في الله أن تكون سلاحاً فعالاً مقابل الشيطان. لن أكف من أن أكرر لكم أنه إذا أخطأتم لا تستمروا في اليأس. إن أخطأتم كل يوم فتوبوا كل يوم. أسألكم سؤالاً فقولوا لي ماذا نفعل عندما تتهدّم مبانينا القديمة. إلا نضع جانباً الأشياء المتهدمة لنقيم بدلاً منها الجديد. ولا ندّخر الجهد في بذل كل اهتمامنا لهذا التعمير. فليكن لنا مثل هذا بالنسبة لأنفسنا, فإن خضعتم للخطية فجددوا أنفسكم بالتوبة. ستقول لي: كل حياتي وأنا واقع تحت سطوة الخطية وأنت تقول لي الآن إذا أنت قدّمت توبة فستجد الخلاص والعتق. - نعم بكل تأكيد. وإذا سألتني: من أين لك هذه الثقة أقول لكم: من مراحم الله تجاه البشر. لا تفتكروا أنني أبني ثقتي هذه فقط على توبتكم, لأني أعرف أنها لا تقوى على طرد كل الشرور من القلب. إذا كانت لا توجد غير التوبة فقط لكان يحق لكم أن تكونوا قلقين. أما إذا كان صلاح الله هو أساس اعتمادنا, فيجب أن تثقوا. فمراحم الله نحونا لا نهائية، بل أقول أيضاً إنها تفوق كل تعبير. إن ضعفاتكم محدودة أما علاجها فليس لـه حدود. حتى وإن كانت أخطاؤكم لا تُحصى فهي لا تزيد كونها أخطاء بشرية. وهي لا تُقاس إزاء صلاح الله اللا نهائي. فلتكن لكم ثقة في الله, لأن التوبة ستنتصر على رذائلكم. تخيلوا شعلة سقطت في البحر ـ هل يمكنها بعد ذلك أن تظل مشتعلة. إن خطاياكم ستتلاشى عندما تتلامس مع صلاح الله مثل انطفاء الشعلة إذا لامست الماء, بل إن المحيط رغم اتساعه فهو لـه حدود, أما المراحم الإلهية فهي غير محدودة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرذائل تُقتلع قليلاً قليلاً لا أقصد علىالإطلاق بمثل هذا الكلام أن أسقطكم في السلبية, لكني على العكس أحثكم على مزيد من الاجتهاد. مرات عديدة حذرتكم من التردد على المسارح وأنتم سمعتم هذا الكلام ولم تلتفتوا إلى نصائحي, بل ذهبتم للمسارح دون أن تعيروا أي اهتمام لتوصياتي لكم, ولكن لا تخجلوا من العودة هنا مرة أخرى لتسمعوني. ستقول لي: لكني قد سمعتك سابقاً ولم أطعك. فما الفائدة من العودة هنا؟ أنتم إذن تعترفون بأنكم سخرتم من نصائحي وهوذا أنتم خجلتم وخزيتم. أنتم بصعوبة تخفون انزعاجكم بينما لا أحد يوبخكم. إذن فكلماتي لا تزال محفورة في نفوسكم, وحتى في غيابي فهي تعمل فيكم. أنتم لم تحفظوا نصائحي وهو ذا أنتم الذين تلومون أنفسكم فبسبب ذلك قد تناقص ذنبكم إلى النصف. لأنه مع أنكم قد احتقرتم نصائحي, فأنتم قد اعترفتم بخطاياكم بمجرد قولكم: أنا لم أتبع نصائحك. إنني أعتبر أن كل من لام نفسه بأنه قد سقط عن الوصية هو الآن على الطريق الصحيح. هل لكم نظرات خاطئة تلومون أنفسكم عليها؟ هل ارتكبتم خطأ؟ هل سحرتكم زانية؟ هل بمجرد خروجكم من المسرح وتذكركم ما سمعتموه. أتشعرون بالخزي حينئذ تعلوا ها أنتم متضايقون؟ تضرعوا إلى الله وللوقت تقومون. تقول: الويل لي لقد سمعت تحذيراتك ولم أعرها أي اهتمام, فكيف أستطيع العودة إلى الكنيسة؟ كيف أستطيع من جديد أن أسمع كلامك؟ ولكن هنا بالذات يوجد سبب أكبر لكم لكي تعودوا وتنضموا إلينا من حيث أنكم خالفتم. فالآن ستسمعونني مرة أخرى وسأعطيكم نصائحي وفي هذه المرة ستعملون بها. لو أن الطبيب وصف لكم دواء لم يأت بعد بالنتيجة المرجوة. ألا تعتقدون أنه يقدمه لكم مرة أخرى في الغد؟ تخيلوا حطّاباً: إنه يأخذ بلطة لكي يقطع بلوطة فيبدأ بقطع الجذور. إن لم تقطع الشجرة من الضربة الأولى فهو لن يتردد من الضرب ثانية وثالثة ورابعة وعاشرة إن احتاجت. افعلوا أنتم بالمثل: إن بلوطتكم لهي شجرة عقيمة وثمارها لا تخدع إلا الحيوانات الغبية. تلك الشجرة هي الزانية. إنها قد تأصلت منذ وقت طويل داخل فكركم ولقد غلقت ضمائركم بحبائلها. إن كلماتي تشبه البلطة ـ لقد سمعتم كلماتي مرة ولكن هل تعتقدون أن الشيء الذي تأصل منذ وقت طويل يمكن أن يسقط بضربة واحدة؟ أتجدوه أمراً غريباً أن يسقط في المرة الثانية أو الثالثة أو المرة العشرين أو حتى بعد ربوات من المرات؟؟ إطلاقاً. الشيء الوحيد الذي يهم هو أن تهدموا هذا الانعطاف الرديء الذي التصق بكم كعادة خبيثة. إن اليهود اغتذوا بالمن وطالبوا ببصل مصر ـ لقد كانوا يقولون باكين: ’’لقد كنا سعداء في مصر‘‘ هذا الوضع المحزن والوضيع للغاية لم يكن سوى تعبير عن عادة سيئة. فافهموا حسناً أنه لا يكفي أن تسلكوا سلوكاً لا غبار عليه لمدة عشرة أو عشرين أو ثلاثين يوماً حتى أرفعكم فوق السحب وأهنئكم وأقبلكم. ولكن الشيء الأهم بالنسبة لي هو ألا تسقطوا في اليأس, وكل ما أطلبه منكم هو أن تشعروا بالخجل وأن تلوموا أنفسكم. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الخطأ وعلاجه منذ فترة حدثتكم عن المحبة, فبالرغم من أنكم سمعتموني إلا أنكم مضيتم وسلبتم الآخرين ولم تعملوا بوصيتي ـ لا تترددوا مع ذلك في العودة للكنيسة اخجلوا من أخطائكم وليس من توبتكم, وافهموا جيداً ما هو عمل الشيطان الذي يحاول أن يعمله فيكم. فنحن أما شيئان : الخطية والتوبة. الخطية هي الجرح الذي تحمل لـه التوبة العلاج. إن ما يوجد للجسد يوجد أيضاً للروح. فكما للجسد توجد جروح وأدوية. هكذا أيضاً للروح فلها خطايا كالجروح وأيضاً التوبة كعلاج. فبينما الخطية يقابلها الخزي فإن التوبة يجب أن تكون مصحوبة بالثقة (في محبة الرب لرجوع الخاطئ). تابعوا شرحي أتوسل إليكم ـ لأنه إذا فقدتم متابعة كلامي هربت فائدته منكم. نحن إذن لنا جرح ودواء, الخطأ والتوبة. الجرح هو الخطأ والعلاج هو التوبة. الخطأ يسبب نوعاً من الغرغرينا بينما التوبة توقفه. الخطية تزيد هذه الغرغرينا وتغطي المريض بالعار والخزي. التوبة على العكس مصدر للثقة والحرية والتطهير. انتبهوا لذلك, الخجل رد فعل للخطية, والثقة ملازمة للتوبة. هل أدركتم ما أريد أن أقوله. إن الشيطان يقلب الأمور ويربط الثقة بالخطية والخزي بالتوبة. سأشرح هذه المسألة, لن أمل من الكلام حتى لو كان عليّ أن أتابع حديثي حتى المساء, سأعالج هذا الموضوع ولن أتهرب منه. نحن إذن أمام جرح مماثل للغرغرينا وعلاج ودواء يهدف إلى التطهير من هذه الغرغرينا. هل الدواء هو الذي يُنشئ الفساد وهل الجرح هو الذي يسبب الشفاء. هذه الأسباب وهذه النتائج أليست هي مرتبطة بحسب ترتيبها الطبيعي؟ هل تظنون أنها قابلة للتبديل. طبعاً لا. فلنصل إذن لمشكلة النفس المدنسة بالخطايا, وأما اختصاص التوبة هو الثقة والتعقل والاستقامة ’’حاسب نفسك لكي تتبرر‘‘ (أم18: 17) إن الشيطان يعلم أن الخطية تلد إحساساً بالخزي يكفي لأن يقتاد الخاطئ إلى الطريق المستقيم, وأن التوبة تلد إحساساً من الثقة كفيل بأن يجتذب التائب. لذلك فإنه يعمل على أن يقلب الوضع لكي يربط التوبة بالخزي ويربط الخطية بالثقة. سأعطيكم مثالاً لذلك: رجل أُمسك بشهوة مستعرة لزانية, فيتبعها كما لو كان أسيرها, ويدخل لديها ودون أدنى إحساس بالخزي يستسلم لها ويُسلّم نفسه للخطية ـ أكرر ـ أنه لم يُظهر أي خجل عند ارتكابه الخطية, ولكن عندما يخرج ويريد أن يتوب هل في تلك اللحظة يخزى يا للتعاسة. هل وأنت بين براثن تلك المرأة لم تشعر بالخزي والآن وأنت تنوي التبوة تُمسك بالخزي. لقد قلتم لي إنه خزي, ولكن لماذا لم يختبر هذا الخزي وقت ارتكابه الخطية. لماذا يخجل من التحدث عن إثمه إذ أنه ارتكبه دون خجل انظروا دهاء الشيطان فأثناء استسلام هذا الرجل لم يدع الخزي يحتاجه, ولكنه يعمل على أن يفضح ضعفه, لأنه يعرف أنه لو كان قد خجل لكان تقهقر أمام الخطية. ولكن على العكس فإنه يسلمه للخجل في لحظة التوبة, لأنه يعلم أن هذا الإحساس سيكون عقبه في توبته. إن هدفه حينئذ يكون مضاعفاً فهو من ناحية يجتذب فريسته نحو الخطية ومن الناحية الأخرى يمنع التوبة. لماذا هذا الخلط في الأمور. في لحظة ارتكاب الفعل الأثيم لا تُظهرون أي خجل والآن وأنتم على وشك أن تتعالجوا من الخطية تخجلون. هل تخجلون من التحرر من الخطية؟ كان يجب أن يكون هذا هو سلوككم وأنتم تخطئون. هل انتظرتم حتى وقت التبرير لتحمرّوا خجلاً بينما ذلك لم يرد عليكم حينما كنتم تخطئون. ’’حاسب نفسك لكي تتبرر‘‘ يا للصلاح الإلهي. إن الرب لم يقل تهربا من العقوبة ولكن قال ’’لكي تتبرّر‘‘ أما كان يكفي أن لا تعاقبه حتى أنك تبرره أيضاً. بالتأكيد. لكن اسمعوا بالأولى أين نجد مثالاً لمثل هذا التبرير؟ أما نحن فبعدل جوزينا لأننا ننال استحقاق ما فعلناه, لكي يسمع هذه الكلمات من يسوع ’’اليوم تكون معي في الفردوس‘‘ (لو23: 43) إنه لم يعده بأن يجنبه كل ملامة وكل عقاب. بل دفعة واحدة اقتاده مبرراً إلى الفردوس. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الاعتراف المقدس هل لاحظتم أن اللص قد تبرر بفضل اعترافه عن خطاياه؟ إن الإحساس الإلهي نحو البشر عظيم جداً. إنه لم يشفق على ابنه الخاص لكي يشفق على العبد. لقد سلم ابنه الوحيد لكي يفتدي العبيد الجاحدين وسفك دمه كثمن لهم. يا للإحسان الإلهي أرجوكم لا تعودوا تحتجّون بقولكم: لقد أخطأت كثيراً فكيف يمكن أن أخلص. لأن ما لا تستطيعون أن تعملوه, فالله يستطيعه, وقدرته قادرة حتى إلى محو كل خطاياكم. انتبهوا لما سأقوله: الله يمحو خطاياكم بحيث أنه لا يعود يتبقى لها أي أثر. مثل هذه الأعجوبة لا توجد في الطبيعة, فالطبيب يستطيع أن يظهر كل مهارته وحذقه كلي يعالج جرحاً, ومع ذلك لن يصل لمحو كل أثر لذلك الجرح تخيلوا مثلاً أن رجلاً ضُرب على عينيه عدة مرات, فحتى ولو كل مرة اعتنى بجرحه فمع ذلك ستتبقى هناك ندبة (أثر الجرح) وهذه الندبة ستشهد بعد ذلك على الجرح القديم. سيبذل الطبيب قصارى جهده لكي يمحو هذه الندبة ولكنه لن يستطيع, لأنه سيصطدم دائماً بضعف الطبيعة إلى جانب محدودية علمه وأدويته. أما الله فإنه يمحو كل الخطايا ويفعل هذا بحيث لا يترك أي أثر لأية ندبة, ويحرر النفس من كل شر ويجعلها تستعيد جمالها الأصلي. وهو يقدم لها بره كله لكي يقيها كل عقوبة, وفي النهاية يجعل الخاطئ من كل الأوجة مماثلاً لمن لم يخطئ. وبالإجمال فإن الخطية تختفي تماماً وكأنها لم توجد قط, فلا ندبة على الإطلاق ولا أثر ولا شاهد ولا دليل. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إشعياء النبي فلنسأل الآن إشعياء النبي الذي تأمل الساروفيم, والذي سمع الإنشودة الخالدة والذي تنبأ بنبوات متعددة تخص المسيح ’’رؤيا إشعياء (النبي) بن أموص التي رآها على يهوذا وأورشليم‘‘ إن النبي في هذه الرسالة يسلّمنا رؤيا لـه وهذه كلماتها الأولى ’’اسمعي أيها السموات واضغي أيتها الأرض لأن الرب قد تكلم‘‘ لكنك لم تتكلم عن ما أعلنته في البداية يا إشعياء. فرسالتك يجب أن تكون مختصة بيهوذا وأورشليم. وهوذا أنت قد تركت هذا الأمر جانباً لتخاطب السماء والأرض. لماذا تصرف وجهك عن البشر العاقلين لكي تخاطب عناصر عديمة العقل. اعلما أن الكائنات العاقلة قد انحطت حتى إلى مستوى أقل من الكائنات المجردة عن العقل, ومن ناحية أخرى فإن موسى عندما قاد العبرانيين إلى أرض الموعد, أحس بقلبه بأولئك الذين في المستقبل سوف يحتقرون الطريق التي وصفها لهم فهتف أيضاً قائلاً ’’أنصتي أيتها السموات فأتكلم ولتسمع الأرض أقوال فمي‘‘ (تث32: 1) أنني أشهد عليكم السماء والأرض إنه إذا وصلتم أرض الموعد وتركتم المسيح إلهنا فأنتم سوف يصيبكم التشتيت في كل الأمم. عندما أتى إشعياء كان التهديد على وشك أن يصير حقيقة. فلم يستطيع إشعياء أن يخاطب لا موسى ولا أولئك الذين سمعوا حينذاك لأن الكل كانوا قد ماتوا, فلذلك خاطب عناصر الطبيعة التي سبق أن أخذها موسى كشاهد. لقد نقضتم وعدكم أيها اليهود وتركتم الله. كيف أدعوك يا موسى وأنت قد مُت ومهمتك قد انتهت. هل أدعو هارون ولكنه هو أيضاً قد رحل عن العالم. ألم تعد تعرف لمن توجه كلامك يا إشعياء خاطب إذن العناصر الجامدة. اسمعي أيها السموات: لهذا السبب وعلى مدى حياتي أيضاً لم استشهد لا بهارون ولا بأي واحد آخر لأنهم جميعاً مائتون ـ لهذا فأنا أدعوكِ أيها الأشياء الطبيعية لأنك باقية. لذلك صرخ إشعياء قائلاً ’’اسمعي أيها السموات وأصغي أيها الأرض‘‘ لأن موسى يوصيني (بمثاله) أن أدعوكِ اليوم. ولكن هناك أيضاً سبب آخر: إنه كان يخاطب اليهود: أيتها السموات اسمعي لأنكِ أنتِ التي أسقطتِ المن, أيتها الأرض, أصغي لأنكِ أنتِ التي أعطيتِ السلوى. اسمعي اسمعي أيتها السموات لأنك التي جعلتِ المن يسقط, أنتِ التي جاءت فيك هذه الظاهرة فوق الطبيعية من العلا ـ تحوّلت لحقل فائض الخصوبة. أصغي أيها الأرض لأن هنا على الأرض قد تهيأت مائدة عظمية. لم تكن الطبيعة هي التي عملت في ذلك الزمان ولكن هناك لزوم لبذل جهد فوق الطاقة لكي ينضج الحصاد. ولم يكن هناك احتياج لطّباخ ولا أيضاً لتوصيات خاصة. المن مصدر غذاء حقيقي مقدس, كان هو البديل لكل أنواع الأغذية الأخرى. لقد تناست الطبيعة ضعفها, كيف أن ملابسهم لم تبل وأحذيتهم لم تتهرأ كل ذلك كان يخدمهم. ’’أسمعي أيتها السموات وأصغي أيتها الأرض‘‘ بالرغم من كل العجائب التي لم يُسمع بها وبالرغم من هذه الإحسانات فقد أُهين الرب, لمن سأتكلم هل لكم. لكن لم يسمعني إنسان لقد أتيت ولم يوجد أحد, لقد تكلمت ولم يسمعني أحد, لذلك فإلى الأشياء غير العاقلة أوجه كلامي حيث أن ذوي العقول قد انحطوا المستوى محزن. لهذا السبب أيضاً فإن نبياً آخر إذ رأى السلوك غير العاقل لملكهم وهو يوقد للوثن ويهين الله والكل يرتعد خوفاً فصرخ: ’’يا مذبح يا مذبح اسمعني‘‘ (1مل 13: 3) ما هذا أتخاطب حجراً أيها النبي. نعم لأن هذا الملك قد صار عديم العقل أكثر من الحجر. ’’أسمعني يا مذبح أسمعني, هذا ما يقوله الرب‘‘ والمذبح أيضاً انشق والحجر سمع وانفلق وذُرى الرماد في كل جهة. ومع ذلك فإن الملك ظلّ أصم وإزاء هذه الكلمات, إذ مد يده بشدة لكي يمسك النبي, لكن الله تدخل ويبّس يده. أترون إحسان الله في هذا الفعل وتدركون مدى خطأ العبد؟ إن الله لم ييبّس تلك اليد من البداية. لعل مشهد المذبح المنشق يقتاد الملك إلى الصواب. وبالفعل لو لم يكن الله قد أجرى هذه المعجزة (انشقاق المذبح) لكان عفا عن الملك, لكن حيث أنه لم يقدّم سلوكه لدى رؤيته المذبح المنشق فقد صب الله غضبه عليه. لقد رفع الملك يده ليضرب النبي فيبست تلك اليد في موضعها. هكذا انتصبت راية النصر, فلا الجنود المسلحين ولا الحرس الموجود بأعداد غفيرة استطاعوا أن يشفوا هذه الضربة, وظلت اليد يابسة تشهد بانحطاط الإثم وتعلن انتصار التقوى وتُظهر الضلال الجنوني للملك, ولكن (في نفس الوقت) تشهد بالإحسان الإلهي تجاه البشر, وهكذا لم يستطيع شيء أن يعيد الصحة إلى هذه اليد. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
منافع التوبة (4) بسب كثرة التفاصيل الجانبية نكاد نبتعد عن موضوع حديثنا الأول, لذلك سأذكركم به, إنني أقصد من كلامي أن أوضح لكم أنه لو كان أحد مغطى بالجروح, فإنه يكفي أن يتوب ويعمل أعمالاً صالحة لكي يمحو الله خطاياه بالكلية حتى لا يعود يتبقى أي أثر أو ندبة, أو دليل لجرح قديم. سأبذل لك قصارى جهدي لكي أبر بوعدي. ’’أسمعي أيتها السموات وأنصتي أيتها الأرض لأن الرب تكلم‘‘ فماذا قال ’’ربيت بنين ونشأتهم أما هم فعصوا عليّ الثور يعرف قانية (أبنائي عديمو العقل أكثر من الحيوانات) والحمار معلف صاحبه (إنهم أكثر غباء من الحمير) أما إسرائيل فلا يعرف شعبي لا يفهم ويل للأمة الخاطئة‘‘ لكن ألا يوجد رجاء للخلاص. لماذا هتاف اليأس هذا لأني لا أجد (استجابة) للشفاء وماذا أيضاً. لأنني قدمت أدوية عديدة والجرح لا يستجيب, أيضاً أنا تركته. ماذا أستطيع أن أفعل أيضاً لقد سأمت من محاولات الشفاء. ’’الويل‘‘ كلمة تقال في نحيب النسوة الذي يكون مناسباً لهذا الحال انتبهوا لي حسناً: لماذا إذن هذا الويل. إن شعور النبي هنا مشابه تماماً لشعور طبيب يجد أن مريضه لم يعد لـه أن أمل في الشفاء. فهو يبكي وأسرة المريض وأصدقاؤه في حالة غم وهم يتأوّهون لمصيره. كل هذا غير مفيد تماماً, فحتى ولو سكب العالم كله الدموع على شخص في النزع الأخير فلن يستطيعوا أن يعيدوه للحياة. إن موشحات الحزن على الميت لا يمكن أن تصير أناشيد قيامة. لكن ليست الأمور هكذا بالنسبة للنفس. أبكوا جرحها فيكون لديكم كل الفرص لإنعاش وإقامة من كانت نفسه مائتة. كيف يتضح هذا. بمجرد أن يموت الجسد لا يمكن إنعاشه بأية قوة بشرية. بينما النفس الميتة من الممكن إعادتها للحياة بتقويم السلوك. كثيراً ما يكفي أنكم تنوحون عندما ترون مستبيحاً لكي تعيدوه للطريق المستقيم. لهذا لم يكتف بولس الرسول بكتابة تعاليمه ومواعظه للمؤمنين, بل يضيف البكاء والتأوهات إلى الإنذارات التي وجهها لكل واحد منهم. ولكن لماذا خلط البكاء مع الإنذارات. لكي إذا ظهرت إنذاراته غير مجدية فدموعه تحل محلها. إن دموع النبي تعبر عن نفس الأحاسيس, فعندما رأى الرب سقوط أورشليم فقد خاطب المدينة الساقطة بهذه التعبيرات التي تشبه نحيب إنسان ’’يا أورشليم يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها‘‘ (مت23: 37) والنبي قال ’’ويل للأمة الخاطئة الشعب الثقيل الإثم‘‘ (إش1: 4) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
النحيب على الخطية ما أسوأ صحة هذا الجسد, أتنظرون جروحه العديدة ’’نسل فاعلي الإثم أولاد مفسدين‘‘ لماذا تنوح هكذا ’’تركوا الرب استهانوا بقدوس إسرائيل علام تُضربون‘‘ بأي شيء سأضربكم, أبالمجاعة أم بالوباء, كل العقوبات استنفذتها ولكنها لم تقض على رذيلتكم ’’تزدادون زيغاناً كل الرأس مريض وكل القلب سقيم لا يوجد جرح ولا إحباط‘‘ هذه لغة جديدة ـ فمنذ قليل كنت تقول ’’نسل فاعلي الشر أولاد مفسدين تركوا الرب استهانوا بقدوس إسرائيل. وأيضاً ’’الويل للأمة الخاطئة‘‘ لم تكف عن النحيب والبكاء والرثاء وعددت الجروح هوذا الآن يبدو أنك تنفي قولك الأول إذ تقول ’’لا يوجد جرح ولا إحباط‘‘ (حسب الترجمة السبعينية). اسمعوا في البداية كان يوجد جُرح, فجزء من الجسد كان مصاباً بينما كان بقية الجسد سليماً, لكن بعد ذلك صار كله جرجاً واحداً ’’من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة بل جُرح وإحباط وضربة طرية لم تُعصر ولم تُعصب ولم تُليّن بالزيت. بلادكم خربة, مدنكم محروقة بالنار, أرضكم تأكلها غرباء قدامكم‘‘ (إش1: 6) بالرغم من كل المصائب التي سكبتها عليكم فأنتم لم تغيروا سلوككم. لقد أظهر كل مهاراتي والمريض مازال يصارع الموت. ’’اسمعوا كلام الرب يا قضاة سدوم, أصغوا إلى شريعة إلهنا يا شعب عمورة. لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب‘‘ كيف هل يخاطب السادوميين. لا بل يدعو اليهود سادوميين لأنهم كانوا يتمثلون بتصرفاتهم. ’’اسمعوا كلام الرب يا قضاة سدوم, أصغوا إلى شريعة إلهنا يا شعب عمورة, لماذا لي كثرة ذبائحكم يقول الرب. أتخمت من محرقات كباش وشحم مسمنات, لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة, البخور هو مكرهة لي, روؤس شهوركم وأعيادكم أبغضتها نفسي أصوامكم واحتفالاتكم لست أطيقها, حين تبسطون أيديكم أستر عيني عنكم‘‘ (إش1: 10ـ 15) هل رأيتم من قبل غضباً كهذا, يدعوا النبي السماء ويبكي ويتأوه وينتحب ويعلن أنه لا يوجد جرح وإحباط. الله ساخط ولا يقبل ذبيحة ولا رأس شهر ولا سبتاً ولا تقدمة ولا صلوات ولا حتى أيادي مرفوعة نحوه. أترون الجرح. أترون هذا المرض عديم الشفاء الذي أصاب ليس واحداً أو اثنين ولا عشرة بل آلاف. ماذا يمكن أن يصنع بعد ذلك؟ يقول ’’اغتسلوا تنقوا‘‘ (إش1: 16) هل هناك خطأ بعد ذلك يدعو إلى اليأس. فبعد أن قال الله حالاً لن أسمعكم. هنا يدعونا أن نتطهر لماذا هذه اللغة المزدوجة. في الواقع إن هذه الكلمات وتلك تعمل لخيركم, الله يبدأ بإخافتكم ولكن رب معترض يقول: إن كنت لا تسمعهم بعد ـ إذن فلم يعد لهم أي رجاء في الخلاص.وفي هذه الحالة لماذا تقول لهم تنقوا. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الله أب الله أب ممتلئ حناناً وهو الصالح وحده, وأحشاؤه تتحرك أكثر من أي أب فلكي تفهموا حسناً أنه يتصرف كأب فقد وضع هذا السؤال لأولاده: ماذا سأفعل يا يهوذا. إلا تعرف ماذا ستفعل يا رب. نعم أنا أعرف. لكن لا أستطيع أن أعمد إلى هذا. فثقل الخطايا يتطلب عقوبة لا تتفق مع عظيم إحساني تجاه البشر. فماذا سأفعل إذن. هل يجب أن أسامحكم لكن هذا سيزيد عدم إكتراثكم. هل يجب أن ألاحقكم بغضبي. صلاحي يمنعني. فما العمل. هل أعاملكم كسدوم. هل أفنيكم كعمورة. يتقلب عليّ قلبي. مع أن الله فوق الأحاسيس البشرية إلا أنه يستعير هنا أحاسيس الإنسان ويظهر حنانا؟ً يفوق حنان الأم ’’قلبي أنقلب عليّ‘‘ فالأم لا تتلكم بغير هذا عن طفلها. لكن الله لم يقنع بأن يذكر انقلاب قلبه اللائق بالأمومة بل يضيف أيضاًً ’’قد انقلب عليّ قلبي اضطرمت مراحمي جميعاً‘‘ (هو11: https://www.chjoy.com/vb/ هل اضطراب الله حقاً. لا فاللاهوت فوق هذه الانفعالات ولكن كما قلت إنه يستعير لغتنا. لقد انقلب عليّ قلبي فاغتسلوا وتنقوا لنعد إلى وعدي (عدم الاستطراد) لقد أكدت لكم أن الله يشفي الخطاة. البشر المحملين بخطايا لا تُعدّ والشبيهة بالقروح. بمجرد أن يتوبوا لا يبقى هناك أي أثر أو ندبة أو علامة على الجرح. ’’اغتسلوا تنقوا انزعوا شر أفعالكم من أمام عيني, تعلموا فعل الخير‘‘ (إش1: 17) ماذا تعني بـ ’’فعل الخير‘‘ ’’اطلبوا الحق انصفوا المظلوم اقضوا لليتيم حاموا عن الأرملة‘‘ هذه التوصيات ليس فيها أي تثقيل وهي تبدو متوافقة مع الطبيعة, لأن هذه الحالات تثير الشفقة حقاً. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ابذلوا الجهد يقول الرب: ’’هلم نتحاجج‘‘ ابذلوا بعض الجهد من جانبكم وأنا سأرتب الباقي. أعطوني حتى ولو شيئاً قليلاً وأنا سأمنحكم الكثير. هلم إذن. لكن إلى أين. هلموا إليّ أنا الذي أسخطتموني وضايقتموني إليّ أنا الذي قلت لكم إنني لا أسمعكم. راجياً بذلك أن الخوف المتولد من التهديد يقتادكم لتبديد غضبي. اذهبوا لمن لا يسمعكم لكي يسمعكم. ولكن ماذا ستفعل. لن أترك فيكم أي أثر أو ندبة أو علامة على جرح قديم ’’هلم نتحاجج يقول الرب, إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج‘‘ (إش1: 18) أبلا ندبة. أبلا غضن. أمع هذا البهاء من النقاوة. ’’إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج‘‘ أأتقياء بدون أي دنس. كيف سيصير هذا إنها كلمات الرب نفسه. هل وعدتكم بخلاف هذا. هكذا استطعتم أن تدركوا عظمة مواعيد الله من جهة ومن جهة أخرى كمال الله الذي يسبغها علينا. كل شيء مستطاع لله. إنه قادر على تطير الإنسان حتى ولو كان كله نجاسة. فلنتقوى بهذه التعاليم ونزداد نضوجاً بمعرفة هذا لدواء أعني التوبة. ولنقدم لـه السجود اللائق لأن لـه القوة والمجد إلى دهر الدهور آمين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصفات الأساسية لممارسة سر التوبة
http://www.peregabriel.com/gm/albums...Appearance.jpg المسيحي- ككل إنسان- ضعيف ومحدود ولا يستطيع أن يعمل كل ما يريد ولا يريد جديا كل ما عليه أن يعمل. فهذا التوتر القائم بين ما هو عليه وما هو مدعو ليكون، بين المثال الذي يتوق إليه والواقع الذي يعيشه، هذا التوتر قادر على أن يوقظ فيه طاقات غير متوقعة. فهذه الطاقات تعمل بقوة الروح القدس على إنضاج الضمير، وتساعد على بدء مسيرة العودة للوحدة مع الله والقريب. ولكي تكون هذه المسيرة مجدية، لابد من بعض الصفات الأساسية لهذه الممارسة. 1) ممارسة شخصية متواترة وواعية أ- ممارسة شخصية واعية: ممارسة سر التوبة ممارسة شخصية وواعية تعني قبوله بخشوع وإيمان وليس بصورة آلية وكأنه واجب مزعج فُرض علينا ويجب القيام به بأية طريقة كانت. إن ممارسة كهذه سوف تتحول إلى عمل روتيني ولن تعطي الثمار المرجوة. لربما يشير تناقض عدد المتقدمين من سر التوبة واقعياً إلى الناحية العددية لا إلى الناحية النوعية: أي تناقص عدد المتقدمين من السر لا عدد الذين نالوا السر فعلاً. من المحتمل أن الأكثرية لم تكن واعية لمتطلبات سر التوبة. وأحياناً ومراراً ما يلجأ المؤمن إلى السر ليخدّر ضميره ويسكته، أو لأنه يجد في هذه الممارسة حلاً سهلاً للتخلص من الخطايا... ولذا فإن اللجوء إلى السر يُعتبر بالنسبة للعديدين أكثر أهمية من التخلّي عن الخطيئة بالذات، والسبب يعود إلى البحث عن الحل الأسهل. ومن هنا فمن المحتمل أن يكون السبب الرئيسي في تناقص عدد المتقدمين إلى سر التوبة هو عدم وضوح الربط القائم بين سر التوبة وواقع الحياة والالتزام الرعوي والاجتماعي. وعلينا ألا نكتفي بتحويل السر إلى نظام مستقل يُريح الضمير فردياً، دون الذهاب إلى عمق المشكلة التي تكمن في الاهتداء الداخلي، اهتداء القلب والعقل لكي يصبح إنساناً جديداً وأداة مصالحة في بيئته وكنيسته والعالم بأسره. فبالإضافة إلى الحس بالخطيئة، تقود الممارسة الشخصية الواعية إلى اهتداء القلب واهتداء العقل: يتكلم البابا يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي حول "وظائف العائلة المسيحية في عالم اليوم" عن الارتداد التدريجي، الذي لن يتحقق إلا باهتداء العقل والقلب: "علينا أن نقاوم الظلم الناشئ عن الخطيئة التي تسربت إلى أعماق بنيان العالم اليوم، وذلك بالاعتماد على ارتداد العقل والقلب... ولا يمكن لمثل هذا الارتداد إذ ذاك إلا أن يكون له أثره التجديدي المفيد حتى في بناء المجتمع" (9). 1- معنى هذين الاصطلاحين: من المناسب توضيح المقصود بعبارة اهتداء (ارتداد) القلب واهتداء (ارتداد) العقل، لكي لا يُساء فهمهما فنتوقف عند العبارة وننسى المضمون: اهتداء القلب: يجب ألا تؤخذ كلمة "قلب" بالمعنى الكتابي، حيث يشير القلب إلى الإنسان بكليته. إنما المقصود بهذه العبارة التوبة الذاتية (subjective)، أي تلك التي يُعمل بها بنية طيبة وتلك التي تتوقف على التوبة عن الخطيئة ذاتها وليس عن جذورها. اهتداء العقل: المقصود بهذه العبارة، التوبة الموضوعية (Objective) أي تلك التي لا توقف على العواطف والأمنيات الطيبة، بل تذهب إلى أعمق من ذلك، إلا الالتزام المحسوس الملموس والمطابق للشريعة الوضعية. 2- أولوية اهتداء العقلية على اهتداء القلب: إذا كان اهتداء القلب يعمل من الشخص قديساً ، فإن اهتداء العقلية (تغيّر العقلية) هو الذي يجعل منه مسيحاً فعلياً. لاشك أنه يوجد قديسون غير مسيحيين، على سبيل المثال قديسو العهد القديم، وكما يوجد اليوم في مختلف الديانات غير المسيحية. قديسون، هؤلاء الذين يعملون "بنية طيبة" كل ما يعتقدون بأن الله يطلبه منهم إن كانوا فعلياً وموضوعياً على خطأ. يكفي أن نتذكر، على سبيل المثال، ما حدث مع "يفتاح" حينما قدّم ابنته ذبيحة محرقة (قضاة 11، 29-39). وبولس الرسول الذي، قبل اهتدائه إلى المسيحية، كان يظن أنه يعمل خيراً بزج المسيحيين في السجن. وبهذا المعنى نفهم قول السيد المسيح: "تأتي ساعة يظن فيها كل من يقتلكم أنه يؤدي لله عبادة" (يو 2:16-3). فإن لم يكن هناك اهتداء عقلية، سوف تحدث انشقاقات داخل الكنيسة الواحدة والجماعة الواحدة والإيبارشية الواحدة كما في الماضي (روم 10و2). إذ إن القديس الذي لم يجتهد بعد في تغيير عقليته يصعب عليه قبول شخص يخالفه عقليته، ويُصبح من الأصعب عليه تمييز الخطيئة من الإنسان الذي يُخطئ. ولذا فإنه معرّض بصورة مستمرة لمخالفة الوصية الإلهية التي نادى بها المسيح يسوع "لا تحكموا على أحد" (مت 1:7). إن القديس المسيحي هو ذلك الذي اهتدى بعقليته والذي يضع القداسة في المحبة (نور الأمم 42). إنه لا يتصرف بصدق النية فحسب، بل بضمير صادق، أي بانسجام مع شريعة الله ومحبة القريب (1بط 8:4). القديس المسيحي هو الذي لا يدّعي بأنه الحقيقة بل يتغذى من الحقيقة، من كلمة الله. فالقديس بهذا المعنى هو الإنسان المتواضع الذي لا يحكم على أحد بل يحاول أن يفهم ويحاور. فبدون اهتداء العقلية نحن أيضاً معرّضون ولو "بنية طيبة" للاكتفاء بنوع من القداسة ومن العبادات. هذا النوع من التدين لا فائدة منه، لأنه عقيم ولا يتحول إلى حياة، لا يوجد فيه ما يُسمى بالـ "Transfer" أي التحول أو الاهتداء. فبدون اهتداء عميق للقلب، وبدون اهتداء صادق للعقلية، وبدون الاهتداء الذي يقود إلى المصلحة، يبقى السر دون نمو. 3- ليس الاهتداء الداخلي مجرد أمنيات: أمنيات تستيقظ في قلوبنا بمناسبة عظة أو قداس أو رياضة روحية أو تأمل. طبعاً نشكر الله دائماً على الأمنيات الطيبة التي تولد في قلوبنا. ولكن الارتداد الداخلي هو التزام ملموس محسوس في حياتي. وما لم تتحول هذه الأمنيات إلى واقع محسوس في الحياة فإنها تظل عاقراً بلا ثمر. يساعدنا هذا كله على أن نفهم أن ارتداد القلب بدون ارتداد العقلية لا يكفي. فهو كالأمنيات التي لا تتحول إلى التزام ملموس. فمن يساعدنا على تحويل الأمنيات إلى التزام محسوس؟ من يساعدنا على فهم حقيقة تصرفنا والسبب العميق الذي يقودنا إلى أخذ هذا الموقف أو ذاك تجاه زميل أو تجاه أحد أفراد الأسرة. ب- ممارسة متواترة لتوبة: منذ القرون الأولى وخاصة، لدى الرهبان في الصحاري، وفي الفترة نفسها التي بدأت فيها ممارسة سر التوبة بصورة فردية، وُجدت عادة اللجوء إلى إنسان حكيم لهدف الاسترشاد الروحي. وكن لها غاية علاجية أي إصلاح النقائص ودفع الإنسان إلى الكمال. واتسعت هذه العادة وعمّت ليس الرهبانية فحسب بل المؤمنين الراغبين في تنمية حياتهم الروحية. وفي القرن السابع عندما بدا الاعتراف الفردي، أصبح يشمل الخطايا العرضية بالإضافة إلى الخطايا المميتة . أما المجمع التريدنتيني فأكّد على عدم ضرورة الاعتراف بالخطايا العرضية إلا إنه شجّع المؤمنين على الاعتراف بها واعتبرها هامة. فمنذ ذلك الحين أصبح للجوء إلى الاعتراف المتواتر محوراً أساسياً للحياة الروحية. تحرض المسيحي على ذلك دعوته المسيحية والوثائق الكنسية ومثال القديسين. يعلمنا التاريخ بأن الكثير من القديسين كانوا يلجأون إلى السر بصورة متواترة. القديس أغناطيوس دي لويولا والقديس فرنسيس كسفاريوس والقديس شارل بورومة كانوا يعترفون كل أسبوع. أما القديس فرنسيس دي سال فيومياً. لربما يتساءل البعض عن المقصود بـ "القبول المتواتر للسر" في أيامنا هذه. أي كم مرة علينا أن نلجأ إليه لكي يُصبح متواتراً؟ ليست القضية موضوع عدد معين في الشهر أو في الأسبوع فالأمر مربوط بمسؤولية كل شخص وما يراه مناسباً لنموه الروحي: "إن لم أغسلك فليس لك نصيب معي" (يو 8:13). إذا كنا، رغم اعترافاتنا المتواترة، نجد أننا غير حاصلين على تلك النقاوة التي نرجوها، فكيف لو تركنا العنان لطبيعتنا لتسير مع تيار العالم المعاصر وموقفه من الاعتراف والخطيئة. يُصبح السر المتواتر هاماً في حياتنا إذا أشار إلى مرحلة جديدة في مسيرتنا الداخلية نحو الاندماج مع القيم الإنجيلية + + + |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التوبة في حياة الإنسان الخادم في الكنيسة الأب افرام كرياكوسالموضوع دقيق، يعرض العلاقة بين التوبة والخدمة. هذا شيء دقيق وصعب لأنه مجهودٌ شخصيٌ وجماعيٌ في آنٍ معاً: ينطلق من دافع شخصيّ داخليّ ويذهب إلى رسالة نحو الجماعة والعالم. بالنسبة للموضوع والعنوان المطروح أنطلق من تحديد للتوبة للقدّيس يوحنا الدمشقي الذي جاء في كتابه المعروف عن الإيمان الأرثوذكسي: "التوبة هي العودة من ما هو ضدّ الطبيعة إلى ما هو بحسب الطبيعة من الشيطان إلى الله، عبر الوجع والجهاد أو التقشف والنسك". نقول باختصار كما نعرف من تاريخ الكنيسة إن التوبة هي العودة إلى الله. وهنا أورد بعض النقاط التي تساعدنا على تحديد ما هي العودة إلى طبيعة الإنسان الأصلية، سيرة العودة، وثانياً في عمل الشيطان ضدّ المسيح anti Christ وتخطّي العقبات التي يضعها الشيطان لنصل إلى الله. وهي تتطلب هذه المعاناة: هذا الألم الداخلي، شيئاً من الجهاد والتدريب النسكي. ما يناسب موضوعَنا اليوم هو خبرة بولس الرسول عند اهتدائه على طريق دمسق (أعمال الرسل26: 15-18): "فقلتُ – بولس الذي كان شاول – من أنتَ يا سيّدُ؟ فقال أنا يسوع الذي أنت تضطهده – ونعرف أن اضطهاد المسيح يتمّ عندما يخطىء الإنسان – ولكن قمْ وقفْ على رجليك لأني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادماً وشاهداً لما رأيتَ وما سأظهره لك به، منقذاً إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أُرسلك إليهم لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلماتٍ إلى نور ومن سلطان الشيطان إلى الله حتى ينالوا بالإيمان بي غفرانَ الخطايا ونصيباً مع القدّيسين". من يحلّل هذا المقطع يرى فيه خلاصةَ اللاهوت الأرثوذكسي. سأحاول أن أعرض بعض نقاط هذه المسيرة التي تبدأ في داخل الإنسان وتنطلق إلى العالم. هي مسيرةُ الخلاص، لذلك يعتمدها الآباء، هي عملُهم، برنامجُهم طيلة الحياة، من الولادة حتى القبر (باعتبار أن بعد الموت لا مجال للتوبة). إذا اعتبرنا أننا كنا في حالة الخطيئة أي التي هي ضد الحالة الأصلية نكون، حسب عبارة القدّيسين وأعمال الرسل، مستعبَدين للشيطان. هذا ما يقوله القديس بولس في رسالة رو5: 12 "لأنه كما بإنسانٍ واحد دخلت الخطيئة إلى العالم وبالخطيئة الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع". القضية هي أننا كنا ولم نزل، إذا ما ابتعدنا عن الله، في هذا الإستعباد وفي تعبير عصري: نحن مستعبدون لـ "غريزة البقاء" Instinct de conservation، هذه الغريزة المركّزة على الذات الأنانية المفتّشة عن اللذة. وهذا ما حرّرنا منه الله بالمحبة على الصليب. لذلك يقول القديس يوحنا الدمشقي نحن بحاجة إلى الألم وكما يقول القديس اسحق السرياني: "الذي يعترف بخطيئته (ويبكي ويتألم عليها) هو كمن عَبَر من الموت إلى الحياة". هناك إحساس بالموت لا بدّ منه في طبيعة الإنسان الضعيف ومن ينقذنا من هذا الشيطان ويحرّرنا منه سوى المسيح وحده، بالتصاقنا به وبكلامه. إيماننا هو وحده الذي يستطيع أن ينقذنا من إبليس، وبدون ذلك لا نستطيع التخلّص منه. إذا كنا مستعبدين لهذه الدنيا، وهذا شيء طبيعي حسب البعض، لا نستطيع أن ننطلق إلى المسيح. 1 – نحن نتوجع عندما نتأمل هذه الطبيعة الضعيفة التي نحملها، والأحداث كلّها تُظهر بوضوح هذا الإنسان الذي يتعذب ويتصارع ويتمخّض ولكن نحن المؤمنين نتوجع بصورة خاصة لأننا نحب الله، نحبّ أن نصعد هذا السلّم، أن لا نبقى على الدرجة التي نحن فيها. محبتّنا تدفعنا إلى أن ننسلخ عن أنفسنا عن أنانيتنا. "إن كان أحدٌ يأتي إليّ ولا يُبغض أباه وأمه وامرأته وأولاده وأخوته وأخواته حتى نفسه أيضاً فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً" (لوقا14: 26). إذ عندها لا تكون تخدم الله بل نفسك. محبتنا لله، عشقنا له، يدفعنا إلى أن نتخلّى عن أنفسنا. 2 – نحن أيضاً نتألم لأننا فقدنا النعمةَ الإلهية. نعمل من أنفسنا، من تفكيرنا وليس من نعمة الله. الإنسان متروك إلى قواه البشرية فقط، لم يعد مسنوداً من النعمة الإلهية. هذا عندما نعي طبيعتنا الضعيفة نعود نتوق إلى التمتع بهذه النعمة وهذا لا يحصل إلاّ إذا تخطينا أنفسنا. يقول القدّيس غريغوريوس بالاماس "الذي لا يرى الله لا يستطيع أن يتخطى نفسه، رؤية المجد الإلهي لا بدّ منها لكي يتخطى الإنسان أهواءه وشهواته". لا نستطيع الخروج من هذا الجسد إلاّ إذا عشقنا الربّ. الذي يعشق شخصاً آخر يتخلى عن كل شيء. لكل هذه الأسباب التي ذكرتها، ولهذه الحاجة للعودة إلى الله إلى المجد الذي فقدناه، لا بدّ من اعتراف. الاعتراف ضعفنا في الكنيسة أننا لا نعترف. يبقى قلبُنا مغلقاً. لماذا الاعتراف؟ الاعتراف هو الإقرار بالخطيئة. هنا نعود إلى قول القدّيس نيقوديموس الآثوسي الذي يتكلم عن سر الاعتراف والتوبة: "إننا بحاجة لمعالجة هذه النفس المريضة، أولاً لأن الأفكار السيئة، إن لم تُكشف تصبح أفعالاً، وإن كُشفت ضعف فعلها". ويقول أيضاً: "التوبة والاعتراف يجعلانك تستعيد حريتك ويُطلقاك لخدمة المجتمع، لأنك أصبحت حراً بالمسيح وتتصالح مع الجماعة". ويشهد بولس: "إن تألّم واحد تألمت الجماعة" (1كور12: 26). يقول القديس باسيليوس: "الذي يمرض في نفسه لا بدّ أن يستشير طبيباً لكي يساعده على الشدّة". وفي رسالة يعقوب: "اعترفوا بعضكم لبعض وصلّوا بعضكم لبعض لكي تشفوا" (يعقوب5: 16). من هذا المنظار يجب أن تعالج الكنيسة نفوسَ الناس وتعزّيهم وتشفيهم وإلاّ تركتهم للأطباء النفسانيين والسحرة والشيوخ والمشعوذين. هل تتخلّى الكنيسة عن رسالتها: "الكنيسة هي مستشفى بكل معنى الكلمة". أسّسها الرب والرسل وخلفاؤهم لتشفي نفوسَ الناس وتقودهم إلى الخلاص. يقول القديس نيقوديموس: "التوبة والاعتراف مدرسة لشفاء الإنسان من الداخل". بالنسبة لهذه المدرسة، لهذا العمل، يقول إن هناك دوراً لي أنا المعترف، ثم دوراً للكاهن ثم دوراً لله. في هذه العملية الشفائية، دوري أنا هو أن أحاول أن أفتح قلبي، أن أكشف عن نفسي حتى لا يسيطر الداء عليّ وهذا معروف في الإرشاد النفسي، ودور الكاهن الذي يمثّل الجماعة هو الإرشاد والمصالحة مع الله والجماعة والمساعدة في إعادة الحريّة للإنسان. أمّا دور الله وهو الأهم والذي ننساه نحن المؤمنون، فمختلف عن المساعدة التي يقدّمها الأطباء وعلماء النفس، دور الله يكمن في عمل النعمة الإلهية فينا، هذه النعمة التي فقدناها بسبب خطيئتنا. نجد أنفسنا أمام الكاهن الذي أعطاه الله هذا السلطان وهذه النعمة، من خلاله نستعيد النعمة الإلهية التي وحدها تشفي. هذا هو إيماننا. يقول الذهبي الفم: "كل شيء في الإنسان يتمّ باسم الآب والابن والروح القدس". إذا أردتُ أن أركّز على جدّية هذا السعي الذي يتطلب فهماً وإيماناً ومعرفةً بأننا بحاجة إلى أن نفحص أنفسنا ونعالج أنفسنا ونلتصق بالله وعيش مع الله، أن لا نخاف من كلّ ظروف الحياة القاسية، أن نسعى للتضحية للخدمة، أن نمتثل بالملائكة. للملائكة وظيفتان: تسبيح الله على الدوام والثانية، التي هي نتيجة كونهم يعيشون مغتذين من وجه الله، من كلمته، عند ذلك "يُرسلون إلى الخدمة من أجل الذين يرثون الخلاص" (عب1: 14). علينا أن نتمثل بالملائكة، أن نلتصق بالله عن طريق الصلاة والتسبيح، أن نعود إليه بالتوبة والاعتراف، حتى نستحق حمل رسالة المسيح إلى هذا العالم، أوّلاً إلى الكنيسة التي عند ذلك تتجدد والى العالم كلّه بعد ذلك. آمين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التوبة وكمالها
http://www.peregabriel.com/gm/albums...l__2__1sh1.jpg البابا شنودة التوبة درجات وخطوات يسير فيها الإنسان: 1- الخطوة الأولى هى الشعور بسوء الحالة والرغبة فى تغييرها، كما حدث بالنسبة إلى الإبن الضال، الذى رجع إلى نفسه، وشعر بأنه يكاد يهلك جوعاً، ووجد أن الحل الأمثل؛ هو فى الرجوع إلى أبيه. 2- الخطوة الثانية هى ترك الخطية، والإبتعاد عن كل الطرق المؤدية إليه. والمقصود بترك الخطية، ليس ترك St-Takla.org image: A man kneeling under the Cross صورة: رجل يسجد تحت أقدام الصليبخطية معينة وإنما ترك الخطية عموم. 3- وفى هذه النقطة يبدأ الإنسان يكتشف نفسه. وكلما ينمو فى الروح. يكتشف أخطاء جديدة له لم يكن يدركها من قبل، فيعمل على تركه. وهكذا يدخل فى مراحل كثيرة من تنقية النفس، حتى ترجع إلى صورة الله. 4- وترك الخطية فى حياة التوبة، ينبغى أن يكون تركاً دائماً ثابتاً فلا يرجع إلى الخطية مرة أخرى. وهكذا كانت توبة القديسين. لم نسمع أن أوغسطينوس رجع إلى الخطية مرة أخرى. وكذلك موسى الأسود، ومريم القبطية وبيلاجيه. كانت التوبة فى حياة كل هؤلاء، تحولاً ثابتاً نحو الله، وبلا رجعة إلى الخطية. 5- على أن كمال التوبة- كما قال القديسون - لا يكون مجرد ترك الخطية، وإنما يكون كراهية الخطية فالذى يترك الخطية بالفعل، ولكنه يظل مشتاقاً إليها بالقلب لا يكون قد تاب على وجه الحقيقة، ولأن قلبه لم يتب عنها وهو معرض أن تحدث له نكسة من جهة الفعل ايضاً. وعلى كل فالقلب هو الأساس والرب بقول " يا إبنى أعطنى قلبك ". 6- ومثل هذا التائب لا يستطيع أن يخطئ، لأن كل مشاعره ورغباته أصبحت لا تتفق مع الخطية، ولا تقبله. كما أنه لا يحتاج إلى جهاد للبعد عن الخطية، لأنه يبعد عنها تلقائياً، لكراهيته له. 7- والتوبة الحقيقية ينبغى أن يكون لها ثمار. كما قال الكتاب "إصنعوا ثماراً تليق بالتوبة.. وأول هذه الثمار محبة لله تملك القلب، تغير الحياة، وتثمر بالبر + + + |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مسالك التوبة الخمس القديس يوحنا الذهبي الفم هل تريد أن أُعدِّد لك مسالك التوبة؟ إنها كثيرة ومنوَّعة، و تقود كلّها إلى الجنَّة.1. المسار الأول يبدأ بإدانة خطاياك الخاصَّة: “كنْ البادئ بالإقرار بخطاياك وسوف تُبرَّر منها. ” من أجل هذا السبب كتب النبيّ: “أنا قلت، سوف أعرض خطاياي أمام الرب، وأنت غفرت شرور قلبي” لذلك عليك، أنت أيضًا، أن تدين خطاياك، هذا سيكون كافيًا أمام الله حتى يغفر لك، لأن الإنسان الذي يدين خطاياه الخاصة سيكون أبطأ بالعودة إلى الخطأ ثانية. حِثْ ضميرك على اتهام نفسك داخل منـزلك، حتى لا يتهمك أمام عرش دينونة الربّ. 2. هذا إذًا مسار جيِّد للتوبة. ومسار آخر، لا يقلّ قيمة عن الأول، وهو تناسي الأذى الذي يلحقه بنا أعداؤنا، من أجل أن نسود على غضبنا ونغفر لأترابنا (العبيد) خطاياهم التي اقترفوها بحقِّنا. هكذا سوف ينفتح أمامك مسار جديد للتغلُّب على الخطيئة: “فإنه إن غفرتم للناس زلاَّتهم يغفر لكم أيضًا أبوكم السماوي.” 3. هل تريد أن تتعلّم مسارًا ثالثًا؟ إنها الصلاة الحارَّة والمتيقِّظة والنابعة من القلب. 4. أما إذا أردت أن تسمع عن مسار رابع، أنصحك بالصدقة التي تفيض قوتها وتطال بعيدًا. 5. بالإضافة إلى ذلك، إذا عاش الإنسان حياة بسيطة ومتواضعة وحفظ المسارات التي سردتها عليك، سوف تُنـزع عنه خطيئته. برهانًا على ذلك العشَّار الذي لم يكن لديه أية أعمال حسنة ليخبر عنها، ولكن تواضعه الصادق أراحه من حمل خطاياه الثقيل. وهكذا أكون قد أرشدتك على خمس مسالك إلى التوبة: إدانة خطاياك، ومغفرة ذنوب قريبك، والصلاة، والصدقة، والتواضع. لا تكنْ عديم الحركة وخاملاً، بل سِرْ كل يوم في هذه المسالك. إنها سهلة ولا يمكنك التحجُّج بعدم قدرتك على تحقيقها. لأنك، حتى ولو كنت تعيش في عوز كبير، يمكنك دائمًا وضع غضبك جانبًا، وأن تتضع، وأن تتحلى بالمثابرة، وأن تدين خطاياك. فقرك لا يقدِّم إليك عذرًا للتملُّص من ذلك. فالفقر ليس عائقًا أمام تحقيق وصايا الربّ ويمكنك أن تتصدَّق إلى الفقراء وأن تحسن إليهم دائمًا. لقد برهنت الأرملة على هذا بعد أن وضعت فلسيها في الصندوق [مرقس 12: 42]. الآن وقد تعلَّمنا كيف نشفي جراحنا، دعنا نستعمل هذه الأدوية. حتى إذا تعافينا وأصبحنا بصحة أصيلة، يمكننا أن نقترب من المائدة المقدَّسة بثقة ونلتقي بعظمة المسيح، ملك المجد، ونحصل على البركات الأبديَّة من خلال النعمة والرحمة ومحبَّة يسوع المسيح ربِّنا ومخلِّصنا. + بشفاعات رئيس كهنتك يوحنا، أيها المسيح إلهنا، ارحمنا وخلصنا. آمين. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ممارسة سر التوبة تقود إلى الحس بالخطيئة وبالتالي إلى الخيار الجذري
أ- الحس بالخطيئة: المسيحي كأي إنسان هو خاطئ، إلا ن السيد المسيح فداه ومنحه نعمة المغفرة. لقد سبق وتكلمنا عن فقدان الإحساس بالخطيئة في العالم مما أدى إلى تناقص عدد المتقدمين من سر التوبة... فهل لديّ حس الخطيئة وهل أنا مقتنع بالخلل الذي تسببه الخطيئة في حاتي وفي العالم... ليس المقصود التركيز على الخطيئة بقدر ما يلزم التركيز على مغفرة الخطيئة. في قانون الإيمان نقول ونؤمن بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا. فيتجلى السيد المسيح في من خلال مغفرة الخطايا. وما الحلة التي أنالها إلا إحياء لعمادي، إنه "معمودية جديدة". يعطي العهد الجديد الأهمية للخاطئ وليس لخطيئة. ويقدم لنا أمثلة لأناس خطأة. كصورة لخطيئتنا نحن. وإن صورة بطرس الرسول التائب هي صورة كل مسيحي يتوب: الخطيئة هي عدم الأمانة لرسالة معينة أُوكلت إلينا. ب- اهتداء "إلى" أم اهتداء "عن": تقابل كلمة "توبة" العربية الكلمة اللاتينية "Paenitentia" والكلمة اليونانية " Metanoia" أي الندم والاهتداء وتغيير العقلية والمسار المتبع. نفهم أن "سر التوبة"، يعني "سر" أي أداة، علامة، إشارة اهتداء. لذا لا معنى لسر التوبة إن لم يكن مرفقاً بالاهتداء كما أنه لا معنى للرمز دون الواقع الذي يرمز إليه. ومن هنا تأتي أهمية تعمق فكرة الاهتداء وتغيير العقلية كشرط أولي للمصالحة مع القريب ولعيش الحياة المسيحية بطريقة إنجيلية. نلاحظ من الصفحات الأولى للكتاب المقدس ابتعاد الإنسان عن الله، وما تبع هذه الخطوة من انفصال بين الأشخاص والشعوب. وتاريخ الخلاص هو سلسلة من الأعمال التي صنعها الله حبّاً بالإنسان ليرده إلى الحالة الأولى من الصداقة معه. كانت المحاولة الأولى للعودة من خلال الشريعة المعطاة على جبل سيناء، "وصايا الله العشر"، إلا أن النتائج لم تكن مرضية. لذا حاول الأنبياء بث فكرة الارتداد بعبارات تشير إلى أن روح الله يحوّل الإنسان من الداخل بتغيير قلبه(إر31:31-34، حز 26:36). وجاء السيد المسيح منادياً "توبوا وآمنوا بالإنجيل". إن بشارة المسيح للتوبة هي صدىً لدعوة الأنبياء للعودة، إنها دعوة مُلّحة لتغيير القلب والعقل وإعادة توجيه الحياة نحو إله "المحبة". إنه تحوّل جذري لتغيير العقلية نتيجة تقبّل البُشرى الجديدة التي تفتح القلب للمسيح والقريب. من كل ما سبق نفهم أن التوبة لا تعني مجرد التعرّف على الخطيئة أو الاعتراف بكوننا خطأة أو الندم على خطأ سبق أن اقترفناه. عندما نقول اهتداءً نشير إلى المستقبل أكثر منه إلى الماضي. إنه ليس اهتداءً "عن" إنما اهتداء "إلى". جـ- الاهتداء خيار جذري: ليس قبول سر الاعتراف حدثاً من أجل المشاركة في احتفال ديني معين أو تذكرة تخوّلنا إقامة الأسرار المقدسة ولا مجرد أمانة لوصية كنسيّة معينة. كما أنه لا يعني بالضبط راحة نفسية، إنه أكثر من ذلك. إنه خيار جذري ومستمر يعطي معنىً جديداً لحياتنا فيحررنا من الماضي ويفتح آفاقنا للمستقبل، إنه تحد. حسن الاستعداد أ- الاستعداد المباشر: لكي نقبل سر التوبة بصورة تساعدنا على النمو الروحي في حياتنا المسيحية، لابد وأن نستعد لهذا السر استعداداً كافياً وجيداً. ليس المقصود هنا تحضير لائحة بالنقائص وإلا لتحول السر إلى مجرد إقرار بها. علينا ألا نحوّل فحص الضمير إلى تمرين للذاكرة وجمع أكبر عدد ممكن من الخطايا والنقائص ونكتفي بذلك وننسى أن فحص الضمير هو مرحلة من السر نفسه ويجب أن تُظهر منذ تلك اللحظة كُره الخطيئة والعزم على ألا نعود إليها. كما أن حُسن الاستعداد يعني ألا نكتفي بالحد الأدنى والضروري لكي يتم السر. لذا ليست الأفعال بحد ذاتها هي الأهم بل الاستعداد الروحي. "تكون الندامة الحقة بالتخلّص الحقيقي والكياني من هذا الروح وهذا الموقف الذي وصلنا عملياً إلى العيش فيه، وبالتغلّب على الجمود الذي يُبقينا أسرى الفتور". إنه من غير الممكن الوصول إلى هذه الحالة بمجرد تحضير سريع لبضع دقائق حرصاً على وقتنا من الضياع. حُسن الاستعداد إذا يعني أن نبدأ مسيرتنا بالصلاة والتأمل لكي نصل إلى تحريك ضميرنا الذي لا يمكن تحريكه بقوانا الشخصية والتخلّص من فتورنا الروحي. إن هذا الفتور الذي هو سبب نعاسنا وعدم شعورنا بالجوع والعطش إلى أي شيء ناجم مراراً عن نقص محبة أكثر منه عن ضعف بشري. ليس سر التوبة لحظة منفصلة عن الحياة. يجب أن تكون لحظة اللجوء إلى سر التوبة نقطة وصول ونقطة انطلاق. نقطة وصول: أي تشير إلى وجود فترة سابقة بدأنا فيها مسيرة التوبة لنصل إلى نقطة معينة. ونقطة انطلاق: تشير إلى أن المسيرة م زالت مستمرة ويجب ألا تتوقف أبداً. يذكرنا هذا بحادثة الفتى الذي اقتحم السماء: الفتى غريكوئتس الذي أراد يوماً أن يصل إلى السماء. وإذ كان يظن أنه ليس بالبعيد أخذ يتسلق الجبل وكلما وصل إلى قمة لاحظ أن السماء فرّت إلى قمة أعلى. ومع ذلك لا يتردد بالرغم من التعب، ها هو يحمل عصاه ويتابع المسيرة لأن الرغبة أقوى من التعب. ب- فحص الضمير اليومي: إن محاسبة النفس من القواعد الأساسية في الحياة الروحية. وأول أسباب عمى القلب هو إهمال محاسبة النفس. وهذه المحاسبة لابد منها كل يوم ، وهي تهدي إلى التوبة الحقيقية . إن إدراك الكاهن لنواقصه هو دليل الحرارة . وليس أسرع من اعتراض الفاتر إلى تبرير نفسه ، ويا ليتنا نحكم على أنفسنا بالقساوة عينها التي نحكم بها على غيرنا. ومن عرف كيف يحاسب نفسه لا يصعب عليه أن يتبين ما يطلبه منه الله، على نور تأمل الإنجيل والنظر في تصرفه الرسولي. المهم أن تبقى فينا الطواعية الكافية لإلهامات الروح. وألا نجعل من عاداتنا وأساليبنا وميولنا قواعد منـزلة: "استيقظ أيها النائم فيضيء لك المسيح " (أفسس14:5). جـ- روح التوبة: لقد ذكّر سينودس الأساقفة ب "مركزية التوبة" في رسالة الإنجيل وحياة الرسل، إذ بدأ السيد المسيح رسالته منادياً: "توبوا وآمنوا بالإنجيل"، توبوا فقد اقترب ملكوت السموات". وأكّد على ضرورة الاحتفال بهذا السر ضمن هذه الحقيقة وضمن هذا الواقع. حتى نستطيع أن نعيش سر التوبة ونستفيد من نعمته، علينا أن نسأل أنفسنا هل لدينا روح التوبة. وما سر التوبة إلا لحظة من لحظات حياة التائب المستمرة. وإذا تجاهلنا روح التوبة أو انعدمت التوبة من حياتنا، فمن المستحيل إعطاء سر التوبة قيمته الأساسية. بما أن سر التوبة ما هو إلا تحقيق لروح التوبة، لابد لحياتنا المسيحية أن تعكس طابع التوبة في تقشف مستمر... لقد ركّز البابا بولس السادس في رسالته "توبوا" عدد 49، على أهمية التقشف في حياة المسيحي. ويدعو إلى الارتداد الداخلي من خلال ممارسة أفعال توبة خارجية وطوعية: الأمانة المستمرة للواجب اليومي تقبّل الصعوبات والمحن بصبر، احتمال الآلام بالمشاركة مع آلام المسيح. ويؤكد قداسته على ضرورة الإماتة الجسدية بكون طبيعتنا ضعيفة. لأنه بعد خطيئة آدم أصبح للجسد ميول معاكسة لميول الروح، فالجسد يشتهي ما هو ضد الروح والروح يشتهي ما هو ضد الجسد(غل5/17). يقول المعلم ترتليانوس "حيث لا إصلاح فلا توبة صادقة". كل إنسان، يستثقل من أعمال التوبة، إلا أن المعلم الإلهي قد قال لكل البشر: "إن لم تتوبوا تهلكوا بأجمعكم" (لو 5:13). فلنجدد روح التوبة الحقيقية، ليبقى روحاً حياً قوياً بممارسة أفعال التوبة ممارسة قلبية صادقة |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حول الاعتراف والأب الروحيّ http://www.peregabriel.com/gm/albums..._Might_jpg.jpg الأب بايسيوس الآثوسي إعداد راهبات دير مار يعقوب الفارسي المقطّع – دده، الكورة سؤال: هل ينعم بالراحة الداخليّة مَن لا يعترف؟ الجواب: كيف يكون مرتاحاً؟ لكي يشعر الإنسان بالراحة التامة يجب أن يطرد من داخله كلّ سوء وهذا لا يتم إلاّ بالاعتراف. يفتح قلبه لأبيه الروحيّ ويقرّ بذنوبه وزلاّته باتضاع، فتُفتح أمامه أبواب السماء، لتحلّ نعمة الله عليه بغزارة، ويتحرّر من وقر خطاياه. كما يهتمّ الإنسان المريض أن يكون دوماً على اتصال وثيق بالطبيب، هكذا على من يريد أن يكون ذا صحة روحيّة سليمة أن يكون دوماً على اتصال ويثق بأبيه الروحيّ. مهما كان الإنسان ذا مستوى روحيّ سامٍ، ومهما استطاع أن ينظّم أموره الروحيّة بنفسه، لا يستطيع أن يجد راحة تامّة إلاّ باللجوء من وقت لآخر إلى الاعتراف، لأنّ الله يشاء أن يصلح الإنسانَ إنسانٌ آخر مثله. إنّه تدبير إلهيّ يقود الإنسان إلى الإتضاع. لا يثمر الإنسان الروحيّ ثماراً روحيّة إلاّ بالاعتراف الصحيح، لأنّه بواسطته يطرد من نفسه كلّ ما هو غير مفيد. من ضروريّات الحياة اليوم أن يلجأ المرء إلى أب روحيّ لكي يعترف ويجد إرشاداً. يجب على الآباء الروحيّين أن يضعوا لأبنائهم برنامج حياة روحيّة من صلاة ومطالعة ومداومة على حضور الخدم الكنسيّة ومناولة الأسرار المقدّسة، لأنّهم بهذا يحفظون أولادهم الروحيّين من الضياع، وهؤلاء يحيون حياة مطمئنّة دون قلق أو خوف. من ليس له أبٌ ليرشده في مسيرته الروحيّة يعش قلقاً تعِباً، وبصعوبة يصل إلى هدفه المنشود. وإن أراد حلّ مشاكله بنفسه، فإنّه، مهما كان متعلِّماً، فإنَ روح الكبرياء والاعتداد بالذات هي التي تحرّكه لذلك يبقى في تخبّط وظلام. وأمّا من يقصد أباً، بروح التواضع ونكران الذات، ليسأل نصحاً وإرشاداً يُساعَد، لأنّ الله سوف يمنح الأب الروحيّ، بدون شكّ، البصيرة ليعطيه الجواب والحلّ الملائمين. من الأفضل جدّاً أن يكون للزوجين أب روحيّ واحد. لأنّه باختلاف الآباء تختلف أيضاً الآراء، وقد يخلق هذا جوّاً من التوتر بين الطرفين. وأمّا الأب الواحد فإنّه يعرفهما كليهما ويصلح أخطاءهما، فتحفظ بهذا دفّة حياتهما مسيرها بدقّة وبشكل صحيح. من لا يقبل ملاحظات أبيه الذي يحبّه فإنّه، من الواضح، لا يستطيع أن يفيد نفسه بنفسه مهما كان حاذقاً. إن لم ننظّف أنفسنا بواسطة الاعتراف، عندما نتمرّغ في أوساخ الخطيئة، فإنّنا نضيف إلى طيننا طيناً آخر، وعندئذ، تصعب عمليّة التنظيف وتتعذر جداً. عندما يكون الأب الروحيّ مستنيراً يفهم ويميّز الحالات بعضها من بعض، ويمنح النصائح والإرشادات كما تقتضي كلّ حالة. لا يحتاج المرء إلى ساعات طوال وإلى كلام كثير لكي يعطي صورة واضحة عن نفسه إن كان ضميره حيّاً ويعمل بشكل صحيح. ولكن إن كان داخله مشحوناً بالقلق، فإنّه لو تكلّم ساعات فلن يعطي الصورة الواضحة عن نفسه. عندما نخطأ إلى إنسان ما علينا أن نطلب منه المسامحة ونصطلح معه قبل توجّهنا إلى الاعتراف للإقرار بذنبنا، لأنّه بهذا فقط تحلّ علينا نعمة الله. أمّا إذا اعترفنا بخطايانا دون أن نكون قد اصطلحنا مسبقاً مع أخينا فلن نجد السلام الحقيقيّ لأنّنا لم نتّضع. سؤال: لماذا لا يشعر المرء، وهو يعترف، بنفس الألم عندما يقترف الخطيئة؟ الجواب: قد يكون قد مرّ زمن طويل على اقتراف الخطيئة، واندمل الجرح ونسينا خطيئتنا. أو يكون الإنسان قد برّر نفسه أثناء الاعتراف. لذلك أشير عليك أن أسرعْ إلى الاعتراف ولا تؤجل واحذر أن لا تبرّر ذاتك مطلقاً، لأنّ من يعترف ويبرّر ذاته لا يلقى الراحة الداخليّة عكس من يؤثّم نفسه ويلومها، فإنّه يشعر بغبطة داخليّة كبيرة بسبب ضميره الحيّ. كلّ أب روحيّ لا يكون مستعداً أن يذهب إلى الجحيم، إن اقتضى الأمر، محبّة بخلاص أبنائه الروحيّين لا يسمّى أباً روحيّاً. بالاعتراف الصحيح يُمحى كلّ الماضي، وينفتح باب جديد للحياة، وتحلّ نعمة الله لتغيّر الإنسان بجملته، ويختفي الاضطراب والحزن ويحلّ الهدوء والسلام، ليس داخليّاً فقط بل وخارجيّاً أيضاً إذ ينعكس سلامه على تصرّفاته وسكناته. لقد أشرت مرّة على البعض بأن يلتقطوا لأنفسهم صوراً فوتوغرافيّة قبل الاعتراف وبعده ليروا بأنفسهم التغيّر الحاصل على ملامحهم، لأنّ الوجه يعكس حالة الإنسان الداخليّة. نعم إنّ أسرار الكنيسة تصنع العجائب، فكلّما اقترب الإنسان من يسوع المسيح الإله والإنسان كلّما تألّه وشعّ بالنعمة الإلهيّة. إن أراد أحد أن يعيش حياة روحيّة حارّة تحت إرشاد أب روحيّ مختبَر سيذوق طعم الفرح العلويّ، الروحيّ، السماويّ، ولا يعد يهتمّ في ما بعد بالأمور الأرضيّة، الماديّة، الجسديّة |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في من يخطئون متواتراً و يتوبون مراراً قليلة + صلاة للقديس مار افرام السرياني في من يخطئون متواتراً ويتوبون مراراً قليلة حتى متى أيها الخليل تحتمل العدو وتكمل كل حين ما يسره ويؤثره، حتى متى أيها الصديق تخدم الجسديات الحاملة الموت وتتعبد لها، تمسك بمشورتي فتحييك وتطهر نفسك مع جسدك، تقدم إلي المخلص كافة الذين يجثون لدية بتوبة حارة، قد استيقظت فلا تغرق بالسكر وتخطئ كل يوم وتبني وتنقض مضاهياً للصبيان الذين يبنون بيوتاً وينقضونها، حد عن العقرب الذي عرفت قرصته، أهرب بحرص من الحية التي اختبرت سمها لأن من يصدم الحجر نفسه دفعتين أعمى وأحمق لا يبصر ما يجب أن يهرب منه، إذا كان لك مثل هذا الحرص فتزداد في التوبة، وإذا حويت مثل هذا العزم فأسترحم الخالق وأستعطفه متواضعاً ومكتئباً مطرقاً ومبتهلاً متوجعاً علي ما لحقك متوقعاً الأواخر هكذا خلص زكا العشار، هكذا ظهر متى عبداً للمسيح، كذلك المرأة الزانية الفاسقة الفاجرة المتنعمة المستكلبة التي كانت عثرة من يعاينها لما مسحت رجلي المخلص بشعرها أنتشلت من جباب المآثم العميقة هكذا واضع أنت حاجبيك فتظهر مرحوماً وتخلص ذاتك لأن اللـه يقوم الذين يحتقرون ذاتهم والمتواضعين ويقتلع ويرذل الذين يعلون ذاتهم، أبصر مدينة أهل سدوم وعمورة الجنس الجافي القاسي الجنس الجسور والدنس المختبط في الهواجس كل وقت السقيم بهيام الفجور والمجامعات المنافية للشريعة، فأمطر عليهم الكبريت والنار وأباد الجنس كله، أبصر أيضاً نينوى البهية والجميلة المزهرة بالخطايا النابعة الرذائل فتوعد أن يقبلها وأمر بسرعة بدمارها وسقوطها، فلما عاين المتنعمين لابسين مسوحاً وفي الرماد والجوع والصوم والنوح والبكاء والدموع متقشفين مصفرين مرعوبين مرتعدين متغيرين متساوين الأحرار والعبيد، التجار والفقراء، الرؤساء والمرؤسين، المقتدرين والمطيعين، الذكور والإناث، الشيوخ والأطفال منذ اللبن، وكلهم أعفاء ترأف رحم خلص شفق تعطف، وحل بصلاحه النقمة التي تواعدهم بها، وأحتمل أن يكون نادماً أفضل من أن يظهر قاسياً هكذا يعذب الخطاة الذين لا ينعطفون إلى التندم، ولا يسمح أن يهلك السريع إذعانهم بل يشفق عليهم، فلهذا أسرعوا تضرعوا أخلصوا تحفظوا، فالرب مستعد بالإحسان وبالشفاء سريع إلي الإغاثة، نشيط إلي الأقتداء، فياض علي المستمعين، فاتح للقارعين، واهب للطالبين، مفضل علي المحتاجين، لا يحسد الذين يطلبون، ولا يدفع الواقعين بل يعطيهم يده، يفتح إذا طلبوا حلاً، يتوعد الذين لا يخضعوا لسيادته، إن كنت غلطت فُقْ، أو سقطت أرجع أبتهل تضرع أسجد أسأل أطلب خد ايقن انك تعطي، أسأل أن تخلص توسل إلي القادر أن يعطي إذا وقعت أنهض، إذا تقومت تقدم، إذا برئت أثبت، إذا عوفيت بالجملة وخلصت فحد عن المرض الذي طرحته، لا تضرم اللهيب الذي طفأته، لا تعبر بالحمأة التي بالجهد غسلت منها لئلا تماثل الخنازير التي تفرح بالحمأة، لا تغاير الكلاب التي تلحس فيها فمن يضع يده علي سيف الفدان مرة ويلتفت إلي الوراء لا يجد الملك، ومن أغتسل دفعة لا يحاضر إلي الوسخ. إن المسيح واحد، الأمانة واحدة، الصليب واحد، الموت واحد، النعمة واحدة، الألم واحد، القيامة واحدة، لا يجب أن يذبح من قد ذبح ولا يدفع ذاته فداء عنك، قد فديت فلا تصر عبداً مختاراً للعبودية، مرتين غسلت أستحميت فلا تتوسخ فإن ليست حمام أخرى منصوبة مستعدة للغسل. صلاة: أشفيني يارب فأبرأ أيها الطبيب الحكيم والمتحنن أتوسل إلي صلاحك أشفِ جراحات نفسي وأضئ عيني ذهني لأتأمل تتابيرك الصائرة إليَّ كل حين فإذ قد تفه قلبي وذهني فلتطيبهما وتملحهما نعمتك بملح الحياة، فماذا أقول لك يا ذا العلم السابق الفاحص القلوب والكلى أنت وحدك قد عرفت أني مثل أرض لا ماء لها قد عطشت إليك نفسي وصبا إليك قلبي لأن من يحبك تشبعه نعمتك كل حين، فكما أستمعتني كل حين لا تعرض الآن عن وسيلتي، فإن ذهني كالمسبي طالباً إياك وحدك، فمنذ الآن أرسل نعمتك سريعاً لتوافي لإغاثتي وتشبع جوعي وتروي عطشي، إليك أشتاق أيها السيد الذي لا يشبع منه لأن من يستطيع أن يشبع منك إذا أحبك بحق وظمأ إلي نورك يا معطي النور أعطيني وسائلي وامنحني طلبتي وأقر في قلبي نقطة واحدة من نعمتك وليتوقد فيه لهيب محبتك كالنار في الغابة وليأكل الشوك والقرطب أي الأفكار الخبيثة أعطيني بسماحة وبلا عدد كما يليق بالإله المعطي الإنسان، وامنحني بما أنك ملك الملوك أكثر منحتك كما يليق بك أيها الإله الصالح، وإن كنت قد غدرت وخالفت وأخالف بما أنني ترابي لكن يا من ملأت الجرار من بركتك أملأ عقلي من نعمتك، يا من أشبعت خمسة آلاف أشبع فقري من خلاصك، أيها المتعطف علي الناس أعطي عبدك الطالب إليك طلبته لأن ها الهواء يتباهم والطيور تبذل نغماتها من قبل مجد حكمتك الجزيلة، والأرض كلها لابسة حلة الأزهار المتلونة التي نسجت بغير أيدي بشرية تبتهج معيدة عيدين العيد الواحد من أجل أبنها البكر آدم لأنه عاش، والآخر من أجل سيدها، والبحر ها هو ينمو ويزداد من نعمتك ويغني من يسيرون فيه، نعمتك منحتني دالة أن أتكلم أمامك والشوق الذي شملني يضطرني أن أتقدم إليك، إن كان الثعبان الذي قتل الإنسان منذ القديم يتقدم في هذا الزمان فيفتح فمه، فكم أولي بعبدك التائق إليك أن يفتح فمه لتشريف ومديح نعمتك، أيها القائل والمادح فلسي تلك الأرملة أقبل طلبة عبدك، وأنمي ابتهالي، وامنحني سؤالي لأصير هيكلاً لنعمتك وتسكن فيَّ لتعلمني كيف أرضيها لكي ما تقرع معزفتي بلحن تخشع وتملأني سروراً أو تجبح ذهني كبحاً كأنه بلجام لئلا يضل فيخطئ إليك وأخرج من ذلك النور. أستمع يارب أستجب يارب طلبتي وامنحني أنا الضائع أن أدعى في ملكك، فقد كنت نجساً فطهرت، وغبياً فتحكمت، وجاهلاً فصرت نجيباً، وأحصيت في رعية منتخبيك. إن جماعة القديسين المبتهجين في الفردوس الذين أرضوك يشفعون فيَّ ويتضرعون إليك فأسمع طلبتهم وخلصني بوسائلهم لكي ما أقرب لك مجداً. أنت يارب قلت بنبيك ” أفتح فمك فأملأه ” فها قد فتح فم عبدك مع قلبه فأوعبه من نعمتك لكي ما أثني عليك بالتبريك كل حين، أيها المسيح الإله مخلصنا، أيها المتعطف الصالح أمطر في قلبي مطر نعمتك، وكما أن الأرض المزروعة لا تستطيع أن تربي من ذاتها الغلات بغير أفتقاد خيريتك، هكذا قلبي لا يستطيع أن ينطق بالمرضيات إلا بنعمتك، أو يثمر ثمر العدل إلا بها، ها أوان الحصاد يربي الغلات والشجر يتكلل بالأزهار الملونة، فليضئ ذهني ندى نعمتك وليوشه بأزهار الخضوع والتواضع والمحبة والصبر، وماذا أقول الآن ها صلاتي ضعيفة ومآثمي قوية وعظيمة وخطاياي تضغطني وأمراضي تتمرض عليَّ. فيا من فتحت عيني الأعمى أفتح عيني ذهني لكي ما أتأمل في كل حين جمالك، يا من فتحت فم الحمار أفتح فمي إلي مديحك وتشريف نعمتك، يامن وضعت لجماً للبحر بكلمة أمرك أضع علي قلبي لجماً بنعمتك لكي لا يجنح يميناً أو يساراً من جمالك، يا من أعطيت ماءً في القفر للشعب الذي لا يذعن المجاوب أعطي نفسي تخشعاً وعيني دموعاً فأبكي بها ليلاً ونهاراً علي أيام حياتي بتواضع عزم ومحبة وقلب نقي، فلتدنِ طلبتي إلي حضرتك يارب وأعطيني من زرع قداستك لكي ما اقدم لك أغماراً مملوءة خشوعاً، وأشكر صارخاً المجد لك أيها المعطي، أسمع يارب صلاة عبدك بشفاعة كافة قديسيك. يا من لم يزل مباركاً إلي الدهور. آمـين. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
طقس اعتراف كاهن على كاهن آخر سر التوبة و الاعتراف:طقس اعتراف كاهن على كاهن آخر يجب أن يكون لكل كاهن أب اعتراف أكبر منه سنا وأقدم منه كاهنوتا وأكثر منه خبرة وتجربة يعترف عليه ويتتلمذ على يديه، وينتظم جدا فى المواظبة على الاعتراف بكل همة ونشاط وتدقيق، لئلا يسقط فى التهاون ويفقد حياته الابدية. ويكمل عليه قول بولس الرسول: "حتى بعد ما كرزت للاخرين لا اصير أنا نفسى مرفوضا" (1 كو 9: 27). وليستمع كل كاهن الى نصيحة معلمنا بولس الرسول "لاحظ نفسك والتعاليم وداوم على ذلك، لأنك أن فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمونك أيضا" (1 تى 4: 16). فى جلسة الاعتراف يجب منع الدالة، بل يجلس الكاهن أمام أب اعترافه كمتهم أمام قاضى أو مريض أمام طبيب، ويعترف بكل جدية وصراحة وأمانة وتدقيق طالبا الحل والغفران وخلاص النفس. بعد جلسة الاعتراف يخلع الكاهن المعترف عمامته ويركع أمام أب اعتراف ويجنى رأسه فى انسحاق ليقبل التحليل. أثناء التحليل لا يضع الكاهن يده بالصليب على رأس الكاهن المعترف بل يضعها على كتفه أو يرفع الصليب قريبا من رأس الكاهن المعترف دون أن يلمس رأسه، وهكذا يصلى له الصلوات والتحاليل الخاصة بالاعتراف كما سبق ذكرها. فى نهاية التحاليل يعمل الكاهن المعترف مطانية لابيه الروحى ويقبل الصليب ويده شاكرا الله على نعمة الحل والغفران التى نالها بالاعتراف والتحليل ملاحظات: 1- لا يضع الكاهن الصليب على رأس الكاهن المعترف لأنه مساو له فى رتبة الكهنوت، بينما البركة ينالها الصغير من الكبير كما قال معلمنا بولس "بدون أى منازعة الأصغر يبارك من الاكبر" (عب 7: 7). 2- اذا اعترف كاهن (قس أو قمص) على اسقف فمن الحق له أن يضع يده بالصليب على رأس الكاهن المعترف ويصلى له التحليل لأنه أكبر منه فى الرتبة |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بعض الملاحظات حول الاعتراف
المتقدّم في الكهنة ألكسندر شميمن نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي 1. لا شكّ في أنّ الاعتراف هو أحد أوجه الرعاية الأكثر صعوبة وإحباطاً بالنسبة لكل كاهن حي الضمير. فمن جهة، هنا يلتقي القصد الوحيد الحقيقي لرعايته: النفس البشرية، الإنسان، واقفاً في حضرة الله، خاطئاً وبائساً. وهنا أيضاً، من جهة أخرى، يدرك درجة تغلغل المسيحية الإسمية في حياة الكنيسة. المفاهيم المسيحية الأساسية حول الخطيئة والتوبة والمصالحة مع الله وتجديد الحياة لم تعد صلبَ الموضوع. فهذه التعابير، ولو كانت ما زالت قيد الاستعمال، إلا إنّ معناها مختلف كثيراً عن المعنى الذي بُني عليه إيماننا المسيحي برمّته. 2. مصدرٌ آخرٌ للصعوبات هو التشويش النظري، أو حتى اللاهوتي، في طبيعة سرّ الكفارة. في الممارسة، الفهم الشكليّ والشرعي لهذا السر، وهو فهم من أصل غربي "لاتيني" (نسبة إلى لاتين روما)، يتواجد بتناقض ظاهري مع اختزال غير مفهوم للاعتراف إلى علمٍ للنفس. في الحالة الأولى، يأتي الإنسان إلى الكاهن، يعترف بانتهاكاته للناموس المسيحي، ويأخذ الحلّ الذي يؤهّله للسرّ التالي، أي المناولة. الاعتراف الصحيح مخفّض هنا إلى الحدّ الأدنى، وفي بعض الكنائس قد استُبدِل بصيغة عامّة يقرؤها المعترِف. كلّ التركيز هو على سلطة الحلّ عند الكاهن التي تُعتَبَر "شرعية" بغضّ النظر عن حالة نفس المعترِف. في الحالة الأولى، تتكشّف ميول لاتينية ويمكن وصف الحالة الثانية بالبروتستانتية. يتمّ التعاطي مع الاعتراف وكأنّه "مشورة" أو معونة وحلّ للصعوبات والمشاكل وحوار، ليس بين الإنسان والله، بل بين الإنسان ومرشد يُفتَرَض أنّه حكيم وخبير وصاحب إجابات جاهزة لكل المشاكل البشرية. كلا النزعتان، في أي حال، تحجبان وتشوّهان الفهمَ والممارسة الأرثوذكسيين للاعتراف. 3. تعود الحالة القائمة إلى عوامل عديدة. وبالرغم من جلاء استحالة تعداد كل هذه العوامل أو حتى إيجاز التطور التاريخي المعقّد لسرّ التوبة، لا بدّ من بعض الملاحظات الضرورية قبل أن نناقش بعض الحلول الممكنة. أ) بالأصل، فُهِم سرّ التوبة ومورِس كمصالحة للمقطوعين، أي المطرودين من الكنيسة، جماعة شعب الله، التي ملؤها في الاشتراك في جسد المسيح ودمه. المقطوع هو مَن لا يستطيع أن يقدِّم وبالتالي أن يتلقّى. كانت هذه المصالحة عملية طويلة والحلّ ختمَها الأخير، رمز وصورة "التوبة"، أي رفض التائب وإدانته لخطيئته ولتغرّبه عن الله، واعترافه (أي إعلانه وإدراكه) الفعلي بها كخطيئة. فكرة سلطة الحلَ لم تكن قائمة وكأنها "قوة بذاتها"، مستقلّة عملياً عن التوبة. كانت بالحقيقة الرمز الأسراري لتوبة مقبولة أتت إلى ثمارها. لذا، كانت الكنيسة، بشخص الكاهن، تشهد على وجود توبة حقيقية وأن الله قَبِلَها، و"صالح التائب وأتحده" مع الكنيسة. أياً تكن التغيرات في ممارسة السرَ، فهذا المعنى الأوّل والأساسي ما يزال نقطة الانطلاق لفهمه أرثوذكسياً. ب) أيضاً منذ البداية، تضمّنت الرعاية في الكنيسة الاهتمام بالنفوس، أي الإرشاد في الحياة الروحية، مساعدة الإنسان في عراكه مع آدم القديم في داخله. ولكن في البداية لم يكن الإرشاد ضمن سرّ الاعتراف، لكن تحت تأثير الرهبنة ونظريتها وممارستها الشديدتا التطور في هذا المجال، صار الإرشاد جزءً أساسياً من الاعتراف. مع ذلك، ولوقت طويل، بقي هذا الإرشاد، في الرهبنة ذاتها، متميزاً عن الاعتراف الأسراري وغالباً ما أوكِل إلى رهبان غير إكليريكيين. ما جعله وجهاً أساسياً من الخدمة الرعائية، وتقريباً المحتوى الأساسي للاعتراف، كان الدهرنة (secularization) المتدرّجة للمجتمع المسيحي. بعد قسطنطين، لم تعد الكنيسة أقليّة من المؤمنين أصحاب الفكر البطولي، بل نسبت بين ذاتها والعالم وصار عليها أن تتعاطى مع جماهير من المسيحيين الإسميين الذين يحتاجون للمساعدة والإرشاد المستمرّ والاهتمام الشخصي. التغيّر الهامّ في الممارسة الإفخارستية (من شركة وحدة كفعل جوهري للعضوية في جسد المسيح، إلى مناولة فردية مختلفة التواتر) تمّ في الفترة ذاتها وتحت تأثير نفس العوامل، ما عنى تحوّلاً حاسماً في فهم التوبة: من سرّ للمقطوعين من الكنيسة، صار سراً للذين في الكنيسة. تحوّل التركيز اللاهوتي من التوبة إلى الحلّ، وكأنّه عملياً العنصر الأساسي الجوهري الوحيد في السرّ. ج) إن دهرنة المجتمع المسيحي جعلته مفتوحاً ومتلقياً للفلسفات الإنسانوية والواقعية في الحياة التي أظلمَت فكرة المسيحية حول الخطيئة والتوبة بشكل جوهري. مفهوم الخطيئة كانفصال عن الله، عن الحياة الحقيقية الوحيدة فيه ومعه، حلّ محلّها تدريجياً نوع من القانونية الأخلاقية أو الطقسية حيث الخطيئة تعني بالدرجة الأولى انتهاك أحد القوانين القائمة. في مجتمع متمحور حول الإنسان ومكتفٍ بذاته مع أخلاقياته في النجاح واللياقة الظاهرية الصرفة، خضعت هذه القوانين لتحوّل جوهري. لم يعد يُنظَر إلى هذه القوانين كمعايير مطلقة، وتحوّلت إلى مجموعة قواعد أخلاقية مقبولة اجتماعياً. فيما مسيحي القرون الأولى كان يعرف دائماً أنه خاطئ وأن خطاياه تُغفَر، من دون أي أهلية له، وأنّه يَُدخَل إلى خدر العريس ويُعطى حياة جديدة ويُصَيَّر مشاركاً في الملكوت، فإن المسيحي المعاصر، لكونه في عيني المجتمع إنساناً محتَرَماً و"شخصاً لطيفاً"، فإن نظرته لنفسه "إيجابية" وينعم دائماً باحترام الذات بكل معنى الكلمة. إن نظرة الإنسان المعاصر للحياة، وهي التي بدورها تحدّد فهمه للدين، تستثني بالكليّة أي بُعد ذي عمق، سواء بُعد تغرّبه عن الحياة الحقيقية (الخطيئة) أو بُعد الحياة الجديدة في المسيح. بين الحين والآخر هو يقترف بعض الانتهاكات، وهي بالتأكيد عادية جداً وثانوية! ولكن بالنهاية: مَن لا يرتكب مثل هذه؟ لقد عرّفتُ مؤخّراً حوالي الخمسين شخصاً في إحدى الرعايا النموذجية في بنسلفانيا، لم يعترف أيّ منهم بأي خطيئة. ألا تخبرنا وسائل الإعلام يومياً بأننا نعيش في أفضل المجتمعات الممكنة وبين أفضل الموجودين من الناس؟ يبدو أن "المسيحيين" يأخذون هذا التأكيد بجدية. د) في النهاية، نجحت الدهرية في ضمّ الرؤساء والكهنة أنفسهم إلى صفوفها. تقوم حياة كنيستنا ببساطة على نظام من المديح والتزلّف المتبادَلَين. الرعية دائمة السرور بنفسها وتتطلب من الكاهن أن يشكر باستمرار شعبه "الرائع" على مساهماتهم، جهودهم، مساعدتهم وكرمهم، وأن يكون المرآة التي بها يمكنهم أن يكبِروا ذواتهم. هذه الروح ذاتها، روح النجاح، "الجوار الحَسَن"، والنشاطات الخارجية تعمّ حياتنا من فوق إلى أسفل. نجاح الكنيسة يُقاس من خلال الحضور، الثروة المالية وعدد "مشاريع" الرعية من مختلف الأنواع. أين مكان التوبة في كلّ هذا؟ إنّها بالفعل غائبة عن كلّ نسيج تعليم الكنيسة وسلوكها. يمكن للكاهن أن يدعو أبناء رعيته إلى إنجازات مادية "أكبر وأفضل"، ويمكنه بين الحين والآخر أن يعبّر عن عدم رضاه عن "حضورهم" و "تعهدهم"، يمكنه أن يحارب الماسونية ولجنة الكنيسة، لكنه هو نفسه لا يفكّر بعالم "شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ" (1يوحنا 16:2). هو نفسه لا يؤمن بالكنيسة كخلاص من يأس الخطيئة وظلمتها، ولا كمؤسسة لإرضاء "الحاجات الدينية" للأعضاء الملتزمين. في هذه الشروط الروحية، في هذا الوضع المسيحي المنحول، لا يمكن للاعتراف أن يكون إلاّ ما هو عليه بالفعل: إما "فرض ديني" إضافي يُنجَز مرة في السنة تطبيقاً لمعيار قانوني مجرّد، بحدّ ذاته نهاية واقعية لا نتائج روحية لها مطلَقاً، أو من ثمّ، مناقشة لمشاكل المرء (لا خطاياه، لأن الخطيئة لا تعود "مشكلة" ما أن تُدرَك طبيعتها)، هذه المشاكل التي في أغلب الأحيان لا حلّ لها لأنّ الحلّ الوحيد هو التحوّل إلى المسيحية الحقيقية. 4. أيمكن ترميم النظرة والممارسة المسيحيتين بالفعل؟ نعم، إن كنّا نملك الجرأة لمعالجة المسألة من جذورها لا ظاهرها وحسب. نقطة البداية لهذا الترميم هي في الوعظ والتعليم. إلى حدٍ ما، كل الوعظ المسيحي والتعليم يدعوان إلى التوبة، إلى تغيير الفكر وإعادة تثمين القيَم على ضوء المسيح. ما من حاجة للوعظ بشكل ثابت عن الخطيئة، للمحاكمة والإدانة. عندما يُواجَه الإنسان بالمحتويات الفعلية للإنجيل، بعمقه الإلهي وحكمته وجماله ومعناه الغامر، يصير قادراً على التوبة، لأن التوبة الحقيقية هي بالتحديد اكتشاف الإنسان للهاوية التي تفصله عن الله وعن عرضه الحقيقي للإنسان. عندما يرى الإنسان خدر العريس مزيّناً يدرك أنّه بلا لباس للدخول إليه. الكثير من وعظنا شكله فروضٌ مجردة: تقول الكنيسة أن نعمل كذا وكذا؛ لكن سرد الواجبات ليس وعظاً. يتضمّن الوعظ الرغبة بأن يصل إلى الناس المعنى الإلهي الإيجابي، لأن هذا المعنى هو الوحيد الذي يعطي هذه الفروض معنى و يجعلها محيية ومخلِّصة. ينبغي أن يتضمّن الوعظ المسيحي نقداً عميقاً وبنّاءً لفلسفة الحياة الدهرية وتقييماً للحضارة التي نعيش في خضمّها. على المسيحيين أن يحاربوا الأصنام دوماً، وهناك الكثير منها اليوم: "النجاح"، "المادية"، "الأمان"، "محورية المال"، وغيرها... إذ هنا مجدداً، وفقط ضمن هذا الحكم على هذا العالم، الحكم المسيحي الواسع فعلياً، يستعيد مفهوم الخطيئة معناه الحقيقي كانحراف للمحبة والاهتمام، كعبادة لقيَم ومعايير لا قيمة لها. هذا يعني بالتأكيد أن الكاهن المتحرّر من هذا التحديد للعالم قادر أن يضع الحقيقة الأبدية، لا الاعتبارات العملية، محوراً لخدمته. ينبغي أن الوعظ والتعليم يتضمّنان عنصراً نبوياً، أي عنصراً من الحكم الإلهي، دعوةً للتأمّل ملياً بكلّ ما في هذا العالم بعينَي المسيح. 5. إذاً، ينبغي استبدال الاعتراف على ضوء سر التوبة. فكل سرّ يتضمّن على الأقلّ ثلاثة عوامل على نفس الدرجة من الأهمية: التهيئة، الطقس الليتورجي، والإنجاز. إذا كانت حياة الكنيسة بالكامل، والوعظ والتعليم بشكل خاص، على نحو ما رأينا، هي تهيئة للتوبة بالمعنى الواسع فهناك مكان وحاجة للتهيئة الخاصة. لقد خصّصت الكنيسة فترات للتوبة: الصوم الكبير، صوم الميلاد، وغيرها من الأصوام. هنا الليتورجيا نفسها تصير مدرسة للتوبة (على سبيل المثال، الثروات التي لا تنفد في التريودي)، وهنا الوقت المناسب لتركيز الوعظ على سرّ التوبة نفسه. تسلسل القراءات الإنجيلية، المزامير، التسابيح والصلوات تمدّنا بمادة غزيرة، يكون هدف الوعظ تطبيقها على الناس وحياتهم ووضعهم الفعلي. الهدف هو إثارة حالة التوبة فيهم وجعلهم يتفحّصون حياتهم، لا من خلال خطايا وانتهاكات معزولة، بل من خلال دوافعها الأكثر عمقاً. أين هو الكنز الفعلي لقلوبهم؟ ما الذي يقودهم في حياتهم؟ كيف "يشعرون" بالزمن الغالي الذي منحهم إياه الله؟ ما معنى هذا التقدّم السريع نحو النهاية المحتومة؟ الإنسان الذي يفتّش في المحفّزات العميقة لحياته، الذي فهم ولو لمرّة أنّ الحياة بجملتها يمكن ويجب أن تُعزى للمسيح، هو على طريق التوبة التي هي دائماً تحوّلٌ وتغيّرٌ للفكر ورؤية متجددة وقرار بالعودة إلى الله. ينبغي بالضرورة أن تتضمّن التهيئة شرحاً عن الاعتراف: ترتيبه، صلواته ومعناه. 6. يتألّف طقس الاعتراف من أ) صلوات قبل الاعتراف، ب) نصائح للتائبين، ج) الاعتراف ود) الحلّ. يجب عدم إلغاء صلوات ما قبل الاعتراف. فالاعتراف يتجاوز مستوى الحوار الإنساني ومستوى التسليم الفكري المجرّد بالإثم. فقد يقول الإنسان أنه مذنب دون أن يحسّ بأي توبة. كلّ الأسرار هي أفعال تحوّل. التحوّل الأول في سر التوبة هو بالتحديد تحوّل الاعتراف البشري بالانتهاكات إلى توبة مسيحية، أي إلى أزمة مطهِّرَة للنفس البشرية التي تتحوّل نحو الله ومنه تتلقّى رؤية كلٍ من الخطيئة ومحبة الله الغامرة التي "تغطّي" تلك الخطيئة. لكن هذا التحوّل يتطلّب المعونة الإلهية وصلوات قبل الاعتراف تستحضر وتدعو هذه المعونة. إذاً، هذه الصلوات هي جزء أساسي من السرّ. بعد الصلوات تأتي التوجيهات. إنها ذروة الدعوة إلى التوبة الحقيقية "لستَ تعترف لي بل لله الذي أنت ماثل أمامه". لكنّه من الأساسي ألا يكون الكاهن واقفاً تجاه التائبين عند تلك اللحظة المهيبة عندما يشير إلى حضور المسيح. أفضل أشكال النصح هي في مماهاة الكاهن لنفسه مع كل الخطأة. "نحن كلنا نخطأ..." فهو ليس مدّعياً ولا شاهداً صامتاً. إنّه صورة المسيح الذي يحمل خطايا العالم، ومحبته الفاعلة هي التي تحرّك الناس إلى التوبة. الميتروبوليت أنطوني، معلّم الرعاية الروسي، حدّد جوهر الكهنوت بأنه "محبة شفوقة". التوبة هي سر المصالحة، أي سر المحبة، لا الحُكم. للاعتراف نفسه عدة نماذج. لكن، بما أن التائب لا يعرف عادةً أين يبدأ، فإن من مهمة الكاهن أن يساعده. الحوار هو بالتالي الشكل الأكثر عملانية. ومع أن كل الخطايا هي بالجوهر خطايا ضد الله، ضد حقيقته ومحبته، يُنصَح بتقسيم الاعتراف إلى ثلاث أجزاء: أ)العلاقة مع الله: أسئلة حول الإيمان نفسه، حول الشكوك الممكنة أو الانحرافات، الصلاة، الحياة الليتورجية، الصيام وغيره. الكثير من الكهنة يحصرون الاعتراف بالأعمال غير الأخلاقية، ناسين أنّ الجذر العميق لكل الخطايا هو في الإيمان الضعيف أو المشوّه، في نقص محبة الله. ب) العلاقة مع الناس: المواقف المبدئية كالأنانية ومحبة الذات، عدم الاهتمام بالآخرين، نقص الانتباه والاهتمام والمحبة. يجب الإشارة إلى كل أعمال الإساءة الفعلية وإظهار خطئها للتائب: الحسد، النميمة، القسوة وغيرها ج) العلاقة مع النفس: خطايا الجسد، التي تعاكس النظرة المسيحية للطهارة والاحترام "الشامل" للجسد كأيقونة للمسيح، إلخ. نقص الاهتمام الجدي، نقص كل جهد حقيقي لتعميق الحياة؛ الكحول، فكرة "المتعة" الرخيصة، عدم المسؤولية، العلاقات العائلية... يجب ألاّ ننسى أننا بالعادة نتعامل مع إنسان غير معتادٍ أن يفحص نفسه، مواقفه من الحياة شكّلتها المعايير الشائعة، وهو من حيث المبدأ مكتفٍ بذاته. إن وظيفة المعرِّف تقضي بأن يهزّ هذا الموقف "البرجوازي التافه"، ويظهر للتائب الأبعاد المسيحية الحقيقية للكمال، ويتحداه بفكرة الصراع الدائم. ما من أمل بمَسحَنة حياتنا الكنسية الناعمة التي مركزها المجتمع ما لم يدرك الناس أنّ الرؤية المسيحية للحياة مأساوية. نصيحة أخيرة لختم هذا الحوار: على الكاهن أن يدعو التائب إلى التغيير الضروري. الله لا يسامح الإنسان ما لم يرغب الأخير بحياة أفضل ويتخذ القرار بمحاربة خطاياه ويبدأ الصعود نحو الله. ما يبدو مستحيلاً عند الناس، ممكن عند الله. يجب أن يكون هذا الشرح الأخير عمل إيمان: حاول والله يساعدك لأنه وعد بذلك... ومن ثمّ، وفقط بعد هذا، يأتي الحلّ، كتتمة لكل هذا: الاستعداد والمجهود، التعليم والتأمّل، النصح والاعتراف. مرة أخرى، من وجهة نظر أرثوذكسية، لا يمكن أن يكون هناك حلّ ما لم يكن هناك توبة. الله لا يقبل إنساناً لم يأتِ إليه. و"المجيء" هو بالتحديد التوبة، عمل "التحوّل"، التغير الحقيقي الحاسم في مجمل موقف الإنسان. أن نفكّر بالحلّ وكأنّه محض "سلطة"، شرعية وفعّالة ما أن يتلفّظ به الكاهن، هو انحراف عن الأرثوذكسية نحو أسرارية سحرية و"قانونية" مرفوضة من روح الكنيسة الأرثوذكسية وتقليدها بالكامل. 7. إذاً، يجب ألاّ يُعطى الحل للإنسان إذا كان - غير أرثوذكسي، أي إذا كان يرفض علناً وبكامل إرادته تعاليم الكنيسة الأساسية - يرفض أن يتخلّى عن حالة الخطيئة، على سبيل المثال، الزنا أو السرقة أو ممارسة مهنة غير شريفة، وغيرها - يكتم خطاياه أو لا يعترف بأنها خطايا. في أي حال، علينا أن نتذكّر أن رفض إعطاء الحل ليس عقاباً. حتّى القطع في الكنيسة القرون الأولى كان يُعلَن على رجاء شفاء الإنسان. فهدف الكنيسة هو الخلاص وليس الحكم أو الإدانة. على الكاهن أن يتأمّل دوماً في مصير الإنسان بشكل عام، يجاهد لتحويله ولا أن يتبع قاعدة شكلية من العدالة. نحن نعرف أن الراعي الصالح يترك التسعة والتسعين خروفاً لكي يخلّص واحداً فقط. هذا يترك حرية كبيرة للكاهن الذي يُفتَرَض به أن يتبع ضميره الكهنوتي، لذا عليه أن يصلّي قبل أن يقرّر أيّ شيء وعليه ألا يكتفي بالتطابق الخارجي مع القوانين والتوجيهات |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سر الاعتراف في العهد الجديد
https://upload.chjoy.com/uploads/135448779072.jpg تسليم سلطان الحل والمغفره للتلاميذ والرسل جلي وواضح في العهد الجديد وقال الرب لبطرس الرسول "انت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي وابواب الجحيم لن تقوى عليها واعطيك مفاتيح ملكوت السماوات فكل ما تربطه على الارض يكون مربوطا في السماوات وكل ما تحله على الارض يكون محلولا في السماوات" (مت 16: 19). وكرر الرب هذا الوعد للتلاميذ "الحق اقول لكم كل ما تربطونه على الارض يكون مربوطا في السماء وكل ما تحلونه على الارض يكون محلولا في السماء" (مت18: 18). وكرر الرب الوعد ايضا بعد قيامته " ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له ومن امسكتم خطاياه امسكت" (يو20: 21-23). كان كل الذين يؤمنون بالكلمة كانوا يعترفون بخطاياهم للرسل وليوحنا المعمدان "واعتمدوا منه في الاردن معترفين بخطاياهم" (مت3: 6) وايضا "وكان كثيرون من الذين امنوا ياتون مقرين ومخبرين بافعالهم و كان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها امام الجميع وحسبوا اثمانها فوجدوها خمسين الفا من الفضة هكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة" (اع19:18). وصيه يعقوب الرسول بالاعتراف بالزلات وقال "اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات وصلوا بعضكم لاجل بعض لكي تشفوا طلبة البار تقتدر كثيرا في فعلها" (يع5: 16) ويوحنا الانجيلي قال"ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم" (يوحنا الأولى 1: 9). تسليم السر ليس فقط للحل بل ايضا للربط في الخطية الي الابد وهكذا ربط القديس بطرس الرسول سيمون الساحر وايضا حله من خطيته عندما اعترف بذنبه اليه "فقال له بطرس لتكن فضتك معك للهلاك لانك ظننت ان تقتني موهبة الله بدراهم ليس لك نصيب ولا قرعة في هذا الامر لان قلبك ليس مستقيما امام الله فتب من شرك هذا واطلب الى الله عسى ان يغفر لك فكر قلبك لاني اراك في مرارة المر ورباط الظلم فاجاب سيمون وقال اطلبا انتما الى الرب من اجلي لكي لا ياتي علي شيء مما ذكرتما" (اع 8:21-23). ربط القديس بولس الرسول الزاني الذي في مدينة كورنثوس وعند احساسه بالحسره والاسي غفر له خطيته حتي لايفقد الامل في التوبه ودعا الاخوة ان يقبلوه معهم في شركتهم مرة اخري وقد ذكر الرسول بولس ذلك في رسالته الثانية الي اهل كورنثوس (2: 5) "لكن ان كان احد قد احزن فانه لم يحزني بل احزن جميعكم بعض الحزن لكي لا اثقل مثل هذا يكفيه هذا القصاص الذي من الاكثرين حتى تكونوا بالعكس تسامحونه بالحري وتعزونه لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط لذلك اطلب ان تمكنوا له المحبة لاني لهذا كتبت لكي اعرف تزكيتكم هل انتم طائعون في كل شيء والذي تسامحونه بشيء فانا ايضا لاني انا ما سامحت به ان كنت قد سامحت بشيء فمن اجلكم بحضرة المسيح لئلا يطمع فينا الشيطان لاننا لا نجهل افكاره" لذا فان هذا السر قد اعطاه الرب الي الكهنه وهذا السر الدائم يظل لمغفرة الخطايا "واما هذا فمن اجل انه يبقى الى الابد له كهنوت لا يزول فمن ثم يقدر ان يخلص ايضا الى التمام الذين يتقدمون به الى الله اذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم" (عب7:25) فلا نخف اذا عندما نسقط في خطيه ما فالرب هو الذي يكمل ضعفنا ويعيننا الي ان نصل الي الكمال والقداسه به "يا اولادي اكتب اليكم هذا لكي لا تخطئوا وان اخطا احد فلنا شفيع عند الاب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايض" (1يو2:1). هذا المقال منقول من موقع كنيسة الأنبا تكلا. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سر الاعتراف في العهد القديم https://upload.chjoy.com/uploads/1354487790631.jpg توبه الاسرائيليين: (قض10: 15و16) "فقال بنو اسرائيل للرب اخطانا فافعل بنا كل ما يحسن في عينيك انما انقذنا هذا اليوم وازالوا الالهة الغريبة من وسطهم وعبدوا الرب فضاقت نفسه بسبب مشقة اسرائيل" وايضا "وانفصل نسل اسرائيل من جميع بني الغرباء ووقفوا واعترفوا بخطاياهم وذنوب ابائهم" (نح9: 2). توبة منسي الملك: (2مل23: 12و13) صورة سر التوبة والاعتراف، كاهن قبطي و رجل يعترف بخطاياه، رسم ت. سوسن في الشريعه امر الرب بالاعتراف بالخطيه وكيفيه تقديم ذبيحه لغفران الخطايا "فان كان يذنب في شيء من هذه يقر بما قد اخطا به وياتي الى الرب بذبيحة لاثمه عن خطيته التي اخطا بها انثى من الاغنام نعجة او عنزا من المعز ذبيحة خطية فيكفر عنه الكاهن من خطيته" (لا5:5-6) وايضا "اذا اخطا احد وعمل واحدة من جميع مناهي الرب التي لا ينبغي عملها ولم يعلم كان مذنبا وحمل ذنبه فياتي بكبش صحيح من الغنم بتقويمك ذبيحة اثم الى الكاهن فيكفر عنه الكاهن من سهوه الذي سها وهو لا يعلم فيصفح عنه انه ذبيحة اثم قد اثم اثما الى الرب" (عد5:17). وايضا "ويضع هرون يديه على راس التيس الحي ويقر عليه بكل ذنوب بني اسرائيل وكل سيئاتهم مع كل خطاياهم ويجعلها على راس التيس ويرسله بيد من يلاقيه الى البرية ليحمل التيس عليه كل ذنوبهم الى ارض مقفرة فيطلق التيس في البرية ثم يدخل هرون الى خيمة الاجتماع ويخلع ثياب الكتان التي لبسها عند دخوله الى القدس ويضعها هناك ويرحض جسده بماء في مكان مقدس ثم يلبس ثيابه ويخرج ويعمل محرقته ومحرقة الشعب ويكفر عن نفسه وعن الشعب" (لا 16: 21). اعترف عاخان بن كرمه بخطيئته "فقال يشوع لعخان يا ابني اعط الان مجدا للرب اله اسرائيل واعترف له واخبرني الان ماذا عملت لا تخف عني فاجاب عخان يشوع وقال حقا اني قد اخطات الى الرب اله اسرائيل وصنعت كذا وكذا". اعتراف شاول الملك لصموئيل النبي قائلا "اخطات لاني تعديت قول الرب وكلامك لاني خفت من الشعب وسمعت لصوتهم والان فاغفر خطيتي وارجع معي فاسجد للرب.... قد اخطات والان فاكرمني امام شيوخ شعبي وامام اسرائيل وارجع معي فاسجد للرب الهك فرجع صموئيل وراء شاول وسجد شاول للرب" (1صم15: 24-31) وكان لصموئيل سلطان الحل من الخطايا. اعتراف داود النبي والملك لناثان النبي واعطي داود الحل من الخطيه "فقال داود لناثان قد اخطات الى الرب فقال ناثان لداود الرب ايضا قد نقل عنك خطيتك لا تموت" (2صم12: 13و15) فمنذ العهد القديم نجد ان الكاهن هو الشخص الوحيد الذي سلطان مغفرة الخطايا "لان شفتي الكاهن تحفظان معرفة ومن فمه يطلبون الشريعة لانه رسول رب الجنود" (ملا2: 7). في الصلوات كانوا الانبياء يعترفوا للرب بخطيتهم فداود اعترف قائلا "اعترف لك بخطيتي ولا اكتم اثمي قلت اعترف للرب بذنبي وانت رفعت اثام خطيتي" (مز32: 5) وفي المزمور (51) قال "ارحمني يا الله حسب رحمتك حسب كثرة رافتك امح معاصي اغسلني كثيرا من اثمي ومن خطيتي طهرني لاني عارف بمعاصي وخطيتي امامي دائما اليك وحدك اخطات والشر قدام عينيك صنعت لكي تتبرر في اقوالك وتغلب في قضائك هانذا بالاثم صورت وبالخطية حبلت بي امي... استر وجهك عن خطاياي وامح كل اثامي" ودانيال في صلواته "وبينما انا اتكلم واصلي واعترف بخطيتي وخطية شعبي اسرائيل واطرح تضرعي امام الرب الهي عن جبل قدس الهي" (دانيال بالتتمة 9: 20) وايضا "وصليت الى الرب الهي واعترفت وقلت ايها الرب الاله العظيم المهوب حافظ العهد والرحمة لمحبيه وحافظي وصاياه اخطانا واثمنا وعملنا الشر وتمردنا وحدنا عن وصاياك وعن احكامك" (دا 9:4 ). صلاه عزرا: "فلما صلى عزرا واعترف وهو باك وساقط امام بيت الله اجتمع اليه من اسرائيل جماعة كثيرة جدا من الرجال والنساء والاولاد لان الشعب بكى بكاء عظيما... فاعترفوا الان للرب اله ابائكم واعملوا مرضاته وانفصلوا عن شعوب الارض وعن النساء الغريبة" (عز10: 1-11). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الاعتراف https://upload.chjoy.com/uploads/135776195221.jpg يقول الكتاب المقدس: "امتحنوا كل شئ تمسكوا بالحسن" (1 تس 5: 21). ولذلك فإنك كشاب مسيحي محب لله وغيور على كنيسته ينبغي عليك أن تتأكد من كل فكر أو رأي يقدم لك بأن تقرأ وتبحث، تسأل وتناقش من أجل أن تبني حياتك على الإيمان المستقيم. وحينما تؤسس حياتك على صخر الإيمان ربنا يسوع المسيح، وتعاليم الكتاب المقدس العظيم، وتعود إلى كتابات الآباء الأولين فإنك ستشعر حتما بالثقة والطمأنينة والفخر حينما ترى كنيستك وهي تعيش الإيمان المسلم من الرب ذاته للرسل الأطهار. وليكن هدفنا من التعلم أن نمارس ما نتعلمه في حياتنا لكي نستفيد بكل حسن من أجل نمو حياتنا في الإيمان، وانتصارنا على الحية القديمة المدعو إبليس، متطلعين إلى الحياة الأبدية حينما نحيا في حضرة إلهنا، نتمتع به ونتذوق حلاوته. وفي هذه الكلمات نجيب على سؤال هام هو: "تمارس الكنيسة سر الاعتراف، فهل توجد أدلة كتابية وتاريخية وآبائية تدل على ضرورة أن يكون الاعتراف أمام الكاهن؟ وهل الاعتراف لله غير كافياً". وللإجابة على هذا السؤال ينبغي أن نعلم حقيقتين هامتين أولهما: أن الوحيد القادر على غفران الخطايا هو الله عن طريق دم المسيح المسفوك على عود الصليب. والثانية: عن حياتنا المسيحية، فكل مسيحي هو عضو في جسد المسيح الحي الذي هو كنيسته المجيدة، ورأس هذا الجسد هو المسيح له كل المجد (أف 1: 22). ومن أجل بنيان هذا الجسد أعطى الله المواهب الروحية المتكاملة فقد "أعطي البعض أن يكونوا رسلا والبعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح" (اف 4: 11 , 12). ولذلك ينبغي عليك أن لا تحزن إذا وجدت نفسك بحاجة إلى آخر لكي يعمل معك ومن أجلك فبالتأكيد أن الله أعطاك موهبة روحية ولكنه لم يعطك كل المواهب والوظائف اللازمة لتسير في طريق الكمال. واعلم أيضاً أنك حينما تخطئ فإنك لا تسئ إلى نفسك فقط وإنما تسئ أيضاً إلى الجسد الذي تنتمي إليه (الكنيسة) , كما أنك تسئ أيضاً إلى الله القدوس البار. ولذا فإن الإنسان حينما يخطئ يطالب بأن يندم على خطيئته ويكرهها، ثم يقر بها أمام الكنيسة وحينها يقوم الله بغفران هذه الخطايا. وهذا ما فهمه المسيحيين الأوائل، وهذا ما نراه في سفر الأعمال حينما يقول: "وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم" (أع 19: 18). وقد أعطيت الكنيسة ممثلة في الرسل ومن خلفهم من الأساقفة (اع 20: 28) هذا السلطان من الرب يسوع حينما قال: "كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السموات وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السموات" (مت 16: 19). وقال أيضاً في سلطة الكنيسة: "وإن لم يسمع منهم فقل للكنيسة، وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار، الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السموات وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء" (مت 18: 17، 18). وبعد قيامته قال لتلاميذه بعدما نفخ في وجوههم : "اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر لهن ومن أمسكتم خطاياه أمسكت" (يو 20: 22، 23). ولكن، قد يقول قائل أن هذا سلطان عام للجميع وليس للرسل والكهنة فقط فأنا أستطيع أن أحل وأربط كالرسل تماماً!! وللإجابة نقول لا فإن الخطاب الموجه في الآيات السابقة كان موجها لقادة الكنيسة ممثلة في الرسل، كما أن أهل كورنثوس لم يستطيعوا ممارسة هذا السلطان إلا حينما مارسه الرسول بولس مع زاني كورنثوس الشهير (1كو 5: 1- 5). ولا تنسى أن مواهب الروح قد قسمت على الجميع وكما يقول الرسول "فإني أقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم أن لا يرتئي فوق ما ينبغي آن يرتئي بل يرتئي إلى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الإيمان" (رو 12: 3). وهذا ما فهمه جميع الآباء في القرون الأولى ومارسوه بكل قوة وتكلموا عنه وكتبوه في كتاباتهم التي مازالت باقية حتى اليوم ولا يستطيع أحد التشكيك فيها، ولا أظن أن شخصاً منصفاً محبا لله ومهتماً بخلاص نفسه ينكر آيات الكتاب وتفاسيرها ومن مارسوها ليقدم بدعة لا سند لها من الكتاب أو التاريخ أو أقوال الآباء. وهل يستطيع أحد أن بخرج لنا آية من العهد الجديد تقول: لا تعترفوا على يد الكهنة ؟!! ولن نورد اليوم أقوال الرسل أو شهادة آباء الكنيسة من الأجيال المختلفة أو شهادة التاريخ أو الكتب الطقسية والتي تحتوي على الكثير عن الاعتراف على يد الكهنة - ويمكن الرجوع إليها في العديد من الكتب والمراجع المتوفرة بمكتبات الكنيسة- ولكننا سنتحدث عن شهادة المحتجين (البروتستانت) أنفسهم لسر الاعتراف. 1. مارتن لوثر (1483 – 1546م): (ألماني، وهو قائد حركة الاحتجاج protests - ويسميها المحتجون بحركة الإصلاح - حينما احتج على بابا روما ليو العاشر سنة 1517 بسبب صكوك الغفران ). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الخطية لهيب نار متقدة! الخطية مرعبة للغاية، والعصيان مرض النفس الوبيل، إذ يشل طاقاتها خفية، ويجعلها مستحقة للنار الأبدية. إن الشر الذي يختاره الإنسان بنفسه هو نتاج الإرادة، وتظهر إرادتنا الحرة في ارتكاب الخطية من قول النبي بوضوح: “وأنا قد غرستك كرمة مثمرة، شجرة كاملة، فكيف تحولتِ إلى شجرةٍ بريةٍ وكرمةٍ غريبةٍ؟!” (راجع إر 2: 21) كان الزرع جيدًا ولكن الثمر جاء رديئا! فالزارع بريء، وأمّا الشجرة فتُحرق بالنار، لأنها زُرعت جيدة وبإرادتها حملت ثمرًا رديئًا. وكما يقول المبشر: “الله صنع الإنسان مستقيمًا، أما هم فطلبوا اختراعات كثيرة” (جا 7: 29). ويقول الرسول: “لأننا نحن عمله، مخلوقين… لأعمال صالحة وقد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها” (أف 2: 1-2). فالخالق صالح، خلقنا لأعمال صالحة، أما الخليقة فانحرفت إلى الشر بإرادتها الحرة. إذن الخطية كما قلنا شر مرعب للغاية، لكنها ليست بالمرض المستعصى شفاءه. هي مرعبة لمن يلتصق بها، لكن من يتركها بالتوبة يُشفى منها بسهولة. تصور إنسانًا يحمل نارًا في يديه، فإنه مادام يحمل الفحم يتأكد احتراقه، وإن ألقاها يلقى اللهيب أيضًا! لكن أن ظن أحد أنه لا يحترق إن أخطأ، فإن الكتاب المقدس يخبره قائلاً: “أيأخذ إنسان نارًا في حضنه ولا تحترق ثيابه؟!” (أم 6: 27) الخطية تحرق طاقات النفس (تكسر عظام الذهن الروحية، وتظلم نور القلب)[1]. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اهتم بحياتك الداخلية! قد يقول قائل: ماذا يمكن أن تكون الخطية؟ هل هي شيء؟ هل هي ملاك؟ هل هي شيطان؟ ما هذه التي تعمل في داخلنا؟ يا إنسان، إنها ليست عدوًا يحاربك من الخارج، بل هي برعم يبزغ في داخلك. (احفظ نفسك)، ولا تنشغل بأمر آخر، فستنتهي أعمال اللصوصية(التي للخطية). تذكر الدينونة، فلا يسيطر عليك الزنا ولا الدعارة ولا القتل ولا عصيان الشريعة، أما إن نسيت الله فالشر يراودك وترتكب المعصية. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الشيطان يخدعنا بأفكاره https://images.chjoy.com//uploads/im...f983eef2a0.jpg لست وحدك صانع الشر، بل يوجد من يدفعك إليه بعنف. إنه الشيطان الذي يقترح عليك الشر دون أن تكون له سيادة إلزامية على من يقبله. لذلك يقول المبشر: “إن صعدَت عليك روح المتسلط فلا تترك مكانك” أغلق بابك واطرده بعيدًا عنك، فلا يصنع بك سوءًا، أما إن قبلت فكر الشهوة بغير مبالاة، فستتغلغل جذوره فيك، ويُفتن ذهنك بحيله، ويهوي بك في هاوية الشرور. قد تقول: أنا مؤمن، لا تقدر الشهوة أن تصعد إليّ حتى وإن فكرت فيها كثيرًا! أما تعلم أن جذع الشجرة بالمقاومة المستمرة يستطيع أن يحطم حتى الصخرة؟! فلا تسمح للبذرة أن توجد فيك حتى لا تمزق إيمانك وتحطمه. اقتلع الشر بجذره قبلما يزهر، لئلا بإهمالك في البداية تحتاج بعد ذلك إلى فؤوس ونار. عالج عينيك في الوقت المناسب عندما يلتهبان، لئلا تصير أعمى، وتحتاج إلى طبيب! |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الشيطان يجرف معه البشرية الشيطان هو المصدر الأول للخطية وأب الأشرار. هذا القول ليس من عندي، بل هو قول الرب. “لأن إبليس من البدء يخطئ” (1 يو 3: 8، يو 8: 44)، إذًا لم يخطئ أحد من قبله. لكنه لم يخطئ عن إلزام، كأن فيه نزوع طبيعي للخطية، وإلا ارتدت علة الخطيئة إلى خالقه أيضًا، إنما هو خُلق صالحًا، وبإرادته الحرة صار إبليس، متقبلاً هذا الاسم من عمله. كان رئيس ملائكة، لكنه دُعي “إبليس” بسبب أضاليله. كان خادم الله الصالح، وقد صار مدعوًا شيطانًا بحق، لأن كلمة “شيطان” معناها “خصم”. هذا التعليم ليس من عندي، بل هو تعليم حزقيال النبي الموحى به، إذ رفع مرثاة عليه قائلاً: “كنت خاتم صورة الله، وتاج البهاء، وُلدت في الفردوس” (راجع حز 28: 12-17). يعود فيقول بعد قليل: “عشت بلا عيب في طرقك من يوم خُلقت حتى وُجد فيك إثم”. إنه بحق يقول: “حتى وُجد فيك إثم”، إذ لم يُجلب عليه من الخارج، بل هو جلبه لنفسه. وللتوّ أشار إلى السبب قائلاً: “قد ارتفع قلبك لجمالك بسبب كثرة خطاياك، طعنت فطرحت على الأرض”. هذا القول يتفق مع قول الرب في الإنجيل: “رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء” (لو 10: 18). ها أنت ترى اتفاق العهدين القديم والجديد! عندما طُرد سحب معه كثيرين، إذ يبث الشهوات فيمن ينصتون إليه. منه تنبع الدعارة والزنا وكل أنواع الشر. خلاله طُرد أبونا بسبب العصيان، وتحول عن الفردوس ذي الثمر العجيب إلى الأرض المنبتة شوكًا. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرب يردنا ويخلصنا ماذا إذن؟ قد يقول قائل: لقد سُلبنا وفُقدنا، أما من خلاص لنا؟! لقد سقطنا، أما يمكن أن نقوم؟! صرنا عُمى، أما يمكن أن نشفي؟ وفى كلمة، نحن أموات ألا يمكن أن نقوم؟! الذي أقام لعازر بعد موته بأربعة أيام ونتنه، ألا يقدر بالأكثر أن يقيمك يا إنسان وأنت حي؟! ليتنا لا نستهين بأنفسنا يا إخوة! ليتنا لا نهجر أنفسنا، فنسلك في اليأس. إذ مخيف هو عدم الإيمان برجاء التوبة. لأن من لا يتطلع إلى (يرجو) الخلاص لا يكف عن أن يزيد الشر شرًا، أما من يترجى الشفاء بسهولة يقدر أن يعتني بنفسه. اللص الذي لا يترجى العفو ييأس، أما من يرجوه فغالبًا ما يأتي إلى التوبة. ماذا إذن؟! هل تنسلخ الأفعى عن جلدها، وأنت لا تخلع خطيتك؟! إن كانت الأرض المملوءة شوكًا متي فُلحِّت جيدًا تصير خصبة، أفلا نترجّى نحن الخلاص؟ حاشا! بل بالأحرى طبيعتنا تربة صالحة للخلاص، إنما نحتاج إلى الإرادة! |
الساعة الآن 09:15 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025