منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   كلمة الله تتعامل مع مشاعرك (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=45)
-   -   وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=25)

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 01:32 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
ليس العيد فرصة للانغماس
في ملذات الجسد، بل لتجلِّي الفضيلة


https://images.chjoy.com//uploads/im...915af5300e.jpg



-5 ونحن كذلك عندما نأتي إلى هذا العيد، لا ينبغي أن نأتي بعد كما إلى الظلال القديمة لأنها قد تمَّت (أُكمِلَت) ولا كما إلى أعياد اعتيادية؛ بل لنُسرع الخُطَى بعَجَلة كما إلى الرب الذي هو نفسه عيد فصحنا (انظر 1كو 5: 7)، غير ناظرين إلى العيد كفرصة للانغماس في ملذات الجسد بل لتجلِّي الفضيلة.
لأن أعياد الأُمم (التي لا تعرف الله) مفعمة بالشراهة والتراخي التام، لأنهم يعتبرون الاحتفال بالعيد هو فرصة للبطالة عن العمل النافع، بينما نجدهم في الوقت نفسه يمارسون الأعمال التي تؤدِّي بهم إلى الهلاك (الأبدي)
أما أعيادنا (فينبغي) أن تقوم على ممارستنا الفضيلة والتعفُّف كما تشير لنا كلمة النبي في موضع ما قائلةً:
«هكذا قال رب الجنود: إن صوم الشهر الرابع وصوم الخامس وصوم السابع وصوم العاشر يكون لبيت يهوذا ابتهاجاً وفرحاً وأعياداً طيبة» (زك 8: 19)، ولأن هذه المناسبة لممارسة التقوى قد وافتنا، ومثل هذا اليوم قد حضر، والصوت النبوي قد أعلن أنه ينبغي الاحتفال بالعيد؛
إذن، فلنُعطِ كل اهتمامنا ونصغي لهذا الإعلان السار، ومثل مَن يركضون في السباق، هلمُّوا بنا نتبارى في تقديس الصوم (انظر 1كو 9: 24-27)، بالسهر في الصلوات، والتأمُّل في الأسفار المقدسة، وتوزيع الصدقات على المساكين،
ولنكن في سلام مع خصومنا، ولنجمع شتات المتفرِّقين خارجاً (عن الكنيسة)، ونطرح عنا الكبرياء ونرجع إلى تواضع القلب، عائشين في سلام مع جميع الناس حاثين الإخوة على المحبة.
وهكذا كان المغبوط بولس مُلزِماً نفسه مراراً بأصوام وأسهار. وكان يودُّ أن يكون محكوماً عليه باللعنة (محروماً من المسيح) من أجل إخوته (رو 9: 3). والمغبوط داود أيضاً الذي إذ أخضع نفسه بالصوم تجاسر على القول:
«أيها الرب إلهي إن كنتُ فعلتُ هذا، إن وُجِدَ ظلمٌ في يديَّ، إن جازيتُ مَن يُعاملونني بالسوء؛ فليُطارد الأعداء نفسي وليُدركوها فأصير كإنسان لا قيمة له» (مز 7: 3 حسب السبعينية)
إذا تمسَّكنا بهذه الأمور، فسنهزم الموت وننال عربون ملكوت السموات (انظر أف 1: 14،13)
لنُعيِّد أيضاً (ولنفرح) بالروح القدس الذي قد صار الآن أيضاً قريباً منا في يسوع المسيح الذي به ومعه للآب، المجد والسلطان إلى أبد الآبدين. آمين

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 01:58 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
عِظَة عن القيامة

للقديس يوحناالذهي الفم

من كان تقيّاً محباً لله، فليتمتَّع بهذا الموسمالبهيّ السنيّ. مَن كان حكيماً، فليدخل إلى فرح ربّه مسروراً. من تحمَّلمشقَّة الصوم، فلينَل الآن الدينار. مَن عَمِلَ من الساعة الأولى، فليأخذاليوم أُجرته الواجبة. مَن قَدِمَ بعد الثالثة، فليعيِّد شاكراً. مَن وافىبعد السادسة، فلا يتردّد، فإنه لا يَطاله عقاب. مَن تخلَّف إلى التاسعة،فليتقدَّم غير مرتاب. مَن لم يَصِل إلاّ في الحادية عشرة، فلا يخشَ منإبطائه. فإنَّ السيّد سخيٌّ يقبل الأخير كالأوَّل، يُريحُ عامل الحاديةعشرة كعامل الأولى، يرحم الأخير ويُكرِم الأوَّل، يُعطي لذاك ويُنعم علىهذا، يقبل الأعمال ويرتاح إلى النيَّة، يقدِّرُ العمل و يمتدح العزم. أُدخلوا إذن كلُّكم فرح ربنا. أيُّها الأوَّلون والآخرون، تمتَّعوابالجزاء. أيها الأغنياء والفقراء، اجذلوا معاً. أيها الممسكون والمتوانون،كرّموا هذا النهار. أيها الَذين صاموا والذين لم يصوموا، إفرحوا اليوم. المائدة حافلة، فتنعَّموا كلكم. العجل سمين، فلا يخرج أحد جائعاً. تمتّعواكلكم بوفرة الصلاح. لا يشكوَنَّ أحدٌ فقراً، فقد ظهر الملكوت المشترَك. لايبكينَّ أحد زلاَّته، لأنَّ الغفران قد أشرقَ من القبر. لا يخشَ الموتَأحد، لأنّ موت الخلص قد حرَّرنا. أخمدَ أنفاسَ الموت حين قبضَ الموت عليه. سبى الجحيمَ الذي انحدر إلى الجحيم. غاظها لما ذاقت جسدَه. ذلك ما أدركهأشعيا سابقا فأعلن قائلاً: اغتاظت الجحيم لما لقيَتك أسفل. اغتاظت لأنهاأُبطِلَت. اغتاظت إذ قد هُزئ بها. اغتاظت لأنها أُميتَت. اغتاظت لأنهاأُبيدت. اغتاظت لأنها قُيِّدَت. تناولت جسَداً فصادفت إلهاً. تناولت أرضاًفلقيَت سماءً. تناولت ما نظرَت، فسقطت لِمَا هو فيه غير منظور. أين شوكتكيا موت؟ أين غلبتك يا جحيم؟ قام المسيح والملائكة جذِلَت. قام المسيحوالحياة انتظمت. قام المسيح ولم يبقَ في القبر ميت. لأن المسيح، بقيامتهمن بين الأموات، صار باكورة الراقدين. فله المجد والعزّة إلى دهر الداهرين

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 01:59 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
كلمة البابا خلال الاحتفال بالأمسية الفصحية ليل السبت 2010


أيها الإخوة والأخوات الأعزاء
هناك أسطورة يهودية قديمة من كتاب منحول بعنوان "حياة آدم وحواء"، تروي أنه خلال مرضه الأخير، أرسل آدم ابنه سيث مع حواء الى منطقة الفردوس لطلب زيت الرحمة، ليُمسح به ويتعافى. وانطلق الاثنان للبحث عن شجرة الحياة، وبعد الكثير من الصلاة والنحيب، ظهر لهما رئيس الملائكة ميخائيل، وقال لهما أنهما لن يحصلا على الزيت من شجرة الحياة، وانه لا بد لآدم أن يموت. وفي واقت لاحق، أضاف بعض القراء المسيحيون كلمة تعزية على رسالة رئيس الملائكة، وهو أنه بعد 5500 سنة، سيأتي الملك المحب، المسيح، ابن الله الذي سيمسح جميع المؤمنين به بزيت رحمته. "زيت الرحمة، منذ الأزل والى الأزل، سيعطى لأولئك الذين يولدون من الماء والروح القدس. المسيح ابن الله، الحب الفائض، سينزل الى أعماق الأرض، ويرشد والدك الى الفردوس، الى شجرة الرحمة". في هذه الأسطورة نرى كل معاناة البشرية أمام مصير المرض، الألم والموت الذي فُرض علينا. واضحة مقاومة الإنسان للموت: في مكان ما ? طالما ردد البشر لا بد من وجود عشبة طبية ضد الموت.
عاجلاً أم آجلاً لا بد أن يكون من الممكن إيجاد دواء ليس ضد هذا المرض أو ذاك، بل ضد الموت بذاته. دواء عدم الموت. اليوم أيضاً لا يزال البشر يبحثون عن هذه المادة الشافية. العلم الطبي اليوم، يبحث هو أيضاً عن طرق للقضاء على أكبر عدد من مسببات الموت، وعن تأجيله قدر الإمكان، وعن تأمين حياة أفضل وأطول. ولكن فلنفكر قليلاً: كيف سيكون العالم لو استطاع الإنسان أن يؤجل الموت لدرجة انه يمكن للبشر أن يعشيوا مئات السنين؟ هل هذا بالشيء الحسن؟ البشرية ستشيخ بطريقة خارقة العادة، ولن يكون هناك مكان للشباب في العالم. ستنطفىء القدرة على التجديد، والحياة الطويلة الأمد لن تكون فردوساً، بل تصبح محكوماً عليها. لا بد للعشبة الطبية الحقيقية ضد الموت أن تكون إذن مختلفة. لا يجب أن تقتصر بكل بساطة على إطالة مدة الحياة، بل عليها أن تغير الحياة من الداخل. عليها أن تخلق في داخلنا حياة جديدة، قادرة بالفعل على منح الأزلية: عليها أن تغيرنا بطريقة أننا لا ننتهي مع الموت، بل ان نبدأ بالملء إنطلاقاً منها. الجديد والمؤثر في الرسالة المسيحية، في إنجيل يسوع المسيح، هو ما يقال الآن لنا: نعم، لقد تم لإيجاد هذه العشبة الطبية ضد الموت، دواء عدم الموت موجود، ويمكن الحصول عليه. في العماد، نحن نُعطى هذا الدواء. تبدأ في داخلنا حياة جديدة، حياة جديدة تنضج في الإيمان، ولا يمكن محوها بموت الحياة القديمة، بل إنها حينها تنتقل بالملء الى النور. البعض ربما سيجيب على ذلك قائلين: نعم، أسمع الرسالة بالطبع، ولكن ينقصني الإيمان. ومن يريد أن يؤمن سيسأل: هل الأمر بفعل كذلك كيف يمكننا أن نتخيله؟ كيف يتم هذا التحول من الحياة القديمة، حيث تنمو في داخلها الحياة الجديدة التي لا تعرف الموت؟ ومرة أخرى استشهد بمقولة يهودية قديمة تساعدنا على فهم المسيرة السرية التي تبدأ في داخلنا بالعماد. تخبر الرواية كيف اختُطف عانوخ الى عرش الله. غير أنه ارتعب أمام عظمة القوات الملائكية، وفي ضعفه البشري لم يستطع أن يتأمل بوجه الله. "حينئذ قال الله لميخائيل يتابع كتاب عانوخ "خذ عانوخ، وانزع عنه الثياب الأرضية. امسحه بالزيت الحلو وألبسه ثياب المجد!" ونزع عني ميخائيل ثيابي، ومسحني بالزيت الحلو، وكان هذا الزيت أكثر إشعاعاً من النور... كان بهاؤه شبيهاً بأشعة الشمس. وعندما نظرت الى نفسي وجدتني كالكائنات الممجدة" (Ph. Rech, Inbild des Kosmos, II 524).
هذا بالتحديد ما يحصل في العماد نلبس حلة الله الجديدة؛ هذا ما يعلمنا إياه الإيمان المسيحي. بالطبع هذا التغيير في اللباس هو مسيرة تدوم كل الحياة. ما يحصل في العماد هو فاتحة مسيرة تطال كل حياتنا تجعلنا مؤهلين للأبدية لنظهر بحلة يسوع المسيح النورانية، بحضرة الله، ونعيش معه الى الأبد.
في رتبة العماد هناك عنصران يظهر فيهما هذا الحدث ويصبح ضرورة لحياتنا. هناك قبل كل شيء رتبة التخلي والوعود. في الكنيسة القديمة، كان المعمَّد ينظر الى الغرب، رمز الظلمات، غياب الشمس، الموت، وبالتالي مملكة الخطيئة. كان المعّمد ينظر الى تلك الناحية ويقول ثلاث مرات "لا" للشيطان وجبروته وللخطيئة، وبكلمة جبروت أي أبهة الشيطان، هناك رمز الى عظمة عبادة الآلهة والمسرح القديم، حيث كان البعض يشعرون بلذة رؤية أشخاص أحياء تمزقهم الحيوانات. ما يقوم به المعمد، هو رفض لنوع من الثقافة التي تكبل الإنسان في عبادة السلطة، في عالم الوهم والعنف. ما يقوم به المعمد هو عمل تحرر من نمط حياة، يظهر بحلة اللذة، ولكنه كان يدفع بالإنسان الى تدمير أفضل مزاياه. هذا الرفض، يشكل اليوم أيضاً جزءاً أساسياً في رتبة العماد. فيه ننزع الثياب القديمة التي لا يمكننا المثول بها أمام الله. بكلمات أخرى: هذا التخلي هو وعد فيه نضع يدنا بيد المسيح، ليرشدنا ويلبسنا الحلة الجديدة. أياً كانت الملابس التي نخلعها، وأياً كان الوعد الذي نقوم به، يظهر جلياً في الفصل الخامس من الرسالة الى الغلاطيين، وما يسميه بولس بـ "أعمال الجسد" وهي عبارة تعني بالتحديد الملابس القديمة التي لا بد من نزعها. بولس يصفها هكذا: الزنى والدعارة والفجور وعبادة الأوثان والسحر والعداوات والخصام والحسد والسخط والمنازعات والشقاق والتشيع والحسد والسكر والقصف وما أشبه" (غل 5: 19 وما بعد). هذه هي الملابس التي نخلعها؛ إنها ملابس الموت.
ثم يلتفت المعمد الى الشرق رمز النور، وشمس التاريخ الجديدة، الشمس التي تشرق رمز المسيح. المعمد يختار اتجاه حياته الجديد: الإيمان بالإله الثالوث الذي يسلم إليه ذاته. وهكذا يلبسنا الله نفسه حلة النور، حلة الحياة. بولس يسمي هذه الثياب الجديدة "ثمار الروح ويصفها بهذه الكلمات: " المحبة والفرح والسلام والصبر واللطف وكرم الأخلاق والإيمان والوداعة والعفاف" (غل 5: 22).
في القديم، كان المعمد يُعرّى بالفعل من ثيابه. كان ينزل في جرن العماد وكان يُغطَّس فيه ثلاث مرات رمزا للموت الذي يعبّر عن راديكالية هذا التعري وهذا التغيير في الملابس. هذا الحياة التي مصيرها الموت، يسلمها المعمد للموت، مع المسيح، ويسمح للمسيح بإرشاده وسحبه نحو الحياة الجديدة التي تغيره للأبد. وبعد خروجهم من الماء، كان المعمدون يرتدون ثياباً بيضاء، ثياب نور الله، ويتسلمون شمعة مضيئة رمزاً للحياة الجديدة في النور الذي أضاءه الله نفسه فيهم. كان يعلمون ذلك: لقد نالو دواء عدم الموت، الذي في وقت المناولة يبلغ ملأه. فيها ننال جسد الرب القائم وهذا الجسد يجذبنا، ليحرسنا ذلك الذي انتصر على الموت ويحملنا عبر الموت. ضعفت هذه الرموز مع مر العصور، غير أن حدث العماد لم يتغير. فالعماد ليس غسلاً بسيطاً بل هو موت وقيامة، ولادة للحياة الجديدة.
نعم، العشبة ضد الموت موجودة. المسيح هو شجرة الحياة التي يمكن الوصول إليها. إذا جئنا إليه ننال الحياة. ولذلك سنرنم في ليل القيامة هذا، ومن كل قلبنا، الهللويا، ترنيمة الفرح الذي لا يحتاج الى كلمات للتعبير عنه. ولذيك يقول بولس الى أهل فيليبي: "افرحوا دائماً بالرب، وأقول لكم، افرحوا!" (في 4: 4). الفرح لا يُطلب بل يُمنح. الرب القائم يمنحنا الفرح: الحياة الحقة. يحرسنا الى الأبد حبّ ذلك الذي أعطي كل سلطان في السموات وعلى الأرض (راجع مت 28: 18). وهكذا نصلي ونحن متأكدين من أن الله يصغي الى صلاتنا: إقبل أيها الرب صلوات شعبك وتقادمه، لكيما ما حدث في السر الفصحي يتحول بقوتك دواء للحياة الأبدية. آمين
نقله الى العربية طوني عساف - وكالة زينيت العالمية


Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:00 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قيامة المسيح والمستحيلات العشر




المستحيل الأول:

من الممكن أن تكتب نهاية حياتك بيدك، ولكن من المستحيل أن تقدر علي القيامة من الأموات بكلتا يديك أو أن تعرف أيضا متي ستقوم؟! السيد المسيح له كل المجد كان يعرف أنه سيقوم. فقد قال رب المجد لتلاميذه: " كلكم تشكون فيّ في هذه الليلة لأنه مكتوب أني أضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية. و لكن بعد قيامي أسبقكم الي الجليل". (مت 26: 31، 32) وهذا يؤكد معرفة السيد المسيح بقيامته.


المستحيل الثاني:


إن غالبية الذين ماتوا أجبروا علي الموت لكن الذين قاموا أجبروا علي القيامة، وجميعهم أقامتهم قوتا دفع push أو جذب pull. ومن المستحيل أن يقوم شخص بإرادته وحده. أما السيد المسيح له كل المجد فلا قوة دفع دفعت به من داخل القبر، ولا قوة جذب جذبته من خارج قبره، لولا إيليا لما قام أبن أرملة صرفة صيدا، ولولا قوة السيد المسيح لما قامت أبنه يايرس. أما قيامة السيد المسيح فتنسب إلى الثالوث الأقدس حيث أن لاهوت المسيح هو الذي حفظ من الفساد ناسوته وهو الذي أقام الناسوت من بعد الموت، وهو الذي لم يفارق ناسوته لا قبل الموت حين كان المسيح جسداً بروح أو بعد الموت حيث أضحي جسداً بغير روح، والابن مات طواعية ولكن بقوته و أرادته قام، والروح القدس " وإن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكنا فيكم فالذي أقام المسيح من الأموات سيحيي أجسادكم المائتة أيضا بروحه الساكن فيكم " (رو8: 11).


المستحيل الثالث:


من المستحيل أن تعرف متي ستموت؟ ومن رابع المستحيلات إذن أن يعرف كائن بشري حياً أو غير حي متي سيقوم؟ أما السيد المسيح فكان يعلم جيداً متى سيموت فقد قال: "ولما أكمل هذه الأقوال كلها قال لتلاميذه تعلمون أنه بعد يومين يكون الفصح وابن الإنسان يسلم ليصلب" (مت 26: 1، 2)، وأيضا كان يعلم أين سيموت حيث نبه السيد أن موته صلباً سيكون في منطقة أورشليم وخارج المحلة حين قال: "وفيما كان يسوع صاعداً إلى أورشليم أخذ الأثني عشرا تلميذا علي إنفراد في الطريق وقال لهم نحن صاعدون إلى أورشليم وابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة فيحكمون عليه بالموت" (مت 20: 17– 19)، وأيضاً كيف سيموت حيث قال له المجد: " ويسلمونه إلى الأمم لكي يهزأوا به و يجلدوه و يصلبوه. وفي اليوم الثالث يقوم" (مت 20: 19)، وكان السيد المسيح له المجد يعرف متي سيقوم حيث المسيح تكلم عن قيامته بصيغتي (ثلاثة والثالث). فذكر أنه يمكث في قبره ثلآثة أيام، وذكر أنه يقوم من قبره في اليوم الثالث "انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه" (يو 2: 19).

المستحيل الرابع:




من الممكن أن تخطط لأعمالك وبرامجك حتى قبل آونة موتك، ومن المستحيل أن تضع برنامجاً تبدأه بعد الموت أو تكمله بعد القيامة. أما السيد المسيح له المجد فوضع قبل موته برنامج بعد قيامته.

المستحيل الخامس:


سهل جداً علي الأحياء والأموات في عالم البشر أن يهبوا الموت لبعض الأحياء و يتسببوا فيه، ولكن من المستحيل أن بشراً حياً أو مائتاً يمنح حياة لماءت، أما السيد المسيح له المجد فلكي يولد قتل الأطفال وبعد أن مات قام الراقدون من التراب!!

المستحيل السادس:
من الطبيعي والميسور علي الله أن يعطي الحياة للأحياء وللموتى، ومن المستحيل علي الإنسان المعرض للموت أن يقضي علي الله الحي، المسيح قام هذا أمر طبيعي له، وفوق طبيعتنا نحن، المسيح مات هذا أمر فوق طبيعته لا فوق طبيعتنا لأننا نحن والموت صوان لا يفترقان أما الموت و رب المجد لا يتفقان ولا يلتقيان.

المستحيل السابع:

كل إنسان يخرج من بطن أمه بصورة أجمل وأكمل من تلك التي بها دخل بطن أمه ماخلا المسيح. و كل إنسان يخرج من بطن قبره بصورة أكمل من تلك التي بها دخل ماعدا المسيح، ومن المستحيل أن تتجمع القيامة مع الجروح والثقوب والبثور، وليس من الضروري أن يصير كل كائن شيخاً، ولكن من الضروري أن كلا منا كان طفلاً قبلما يكون رجلاً، وكل منا خرج من ذات المستودع، الذي دخل فيه. ولكن خروج الإنسان من بطن أمه كان بصورة أكثر جمالا من تلك التي دخل إلي بطن أمه، ماعدا المسيح فقد دخل ملك وخرج عبد، ودخل إلها ليخرج منها إنساناً، هكذا القبر فالذي يدخل فيه أعرج يخرج سليم والأعمى يخرج منه مبصر، إلا رب المجد يسوع فقد دخل بجراحاته وخرج بها حتى تظل ختم المحبة.


المستحيل الثامن:


من السهل جداً التنكر للقيامة، ومن المستحيل قط التنكر للموت، أما ربنا يسوع فقد تعرض لكليهما، فاليهود تنكروا لقيامته، وغير المسيحيين أنكروا موته، ولكن المسيحيون نادوا بالأمرين معاً حين شهدوا: بموتك يا رب نبشر وبقيامتك نعترف...


المستحيل التاسع:

من المستحيل أن يحيا الجسد بغير الروح، ومن الممكن أن تعيش الروح بدون الجسد، أما السيد المسيح فلم ينفصل قط لاهوته عن جسده ولا من روحه. قبل الموت كان المسيح روحاً متحداً بناسوته، وكان ناسوت المسيح روحاً متحدة بجسد ذي نفس، وأما بعد الموت، فصار لاهوته متحداً بجسده الذي أضحي بلا روح، ومتحداً بروحه التي أصبحت بلا جسد، لذلك حفظ لاهوته جسد ناسوته .. ولم يري هذا الجسد فساداً.

المستحيل العاشر:





من البديهي أن يموت إنسان دون أن تكتمل رسالته ومن غير أن يكمل دوره. ومن المستحيل أن يكون له دوراً يؤديه لحساب رسالته بعد موته أو قبل قيامته.
أما الرب يسوع فدوره بعد موته كان أكبر وأكثر من عمله قبل الموت. فله دور أداه قبل موته و آخر قبل قيامته، وله دور قام بأدائه قبل صعوده، ورابع يؤديه قبل مجيئه الآتي، أما الدور الخامس سوف يقوم به بعد المجئ الثاني والقيامة العامة.

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:15 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 

قيامة المسيح




http://www.peregabriel.com/gm/albums...l_0820%7E0.jpg

بقلم القس نصرالله زكريا



صدق مَن قال أن قيامة المسيح هي حجر الزاوية الذي تقوم عليه الديانة المسيحية، فالمسيحية هي المسيح، تستمد وجودها من ميلاده، وحياتها من حياته، واستمراريتها من قيامته، وقوتها من شفاعته

فإن لم يكن المسيح قد قام لما صار للمسيحية وجود أو كيان، وأمسىَ المسيح نفسه غير صادق في نبوته وتعاليمه، وفي رسالته "الخلاص الخطاة الهالكين، الموتى بالذنوب والخطايا"، لأنه كيف لميت أن يقيم ميتاً نظيره

وفي دعواه بأنه ابن الله الذي له الحياة في ذاته (يوحنا 5: 26).

من أجل هذه الأسباب قامت معاول الكثيرين لتنال من حقيقة قيامة المسيح. فمن قائل أن المسيح لم يقم مطلقاً، إلي مدع بأن قيامة المسيح كانت من إغماء طويل انتابه نتيجة لآلام الصلب الرهيبة

ومَن معتقد أن المسيح قام في مبادئه وتعاليمه، إلى مؤمن بأن المسيح قام في عقول وتصورات التلاميذ، الذين آمنوا أن المسيح لابد وأن يقوم فكان إيمانهم هذا وراء قيامة المسيح من الموت.



ونحن نشكر الله لأن المسيح أبطل كل الادعاءات "لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ" (متى 28 : 6).

قام ناقضاً أوجاع الموت إذ لم يكن ممكناً أن يمسك منه (أعمال الرسل 2 : 24). وكيف لقبضة الموت أن تجرؤ على الإمساك برب ورئيس الحياة (أعمال الرسل 3 : 15).



قام المسيح ظافراً منتصراً على الموت فأكد بقوة إله أنه ابن الله لأنه »4 وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ: يَسُوعَ الْمَسِيحِ رَبِّنَا« (روميه 1 : 4). وثبّت دعواه بأنه ابن الله الذي له الحياة في ذاته، القادر علي أن يقيم من الموت كل من آمن به، أسمعه يقول: "أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا" (يوحنا 11 : 25).

وهو القادر على أن يخلص من الخطية كل مؤمن به (لوقا 19 : 9). وكل معترف بربوبيته وبقيامته من الموت، يقول رسول المسيحية بولس:

"إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ" (روميه 10 : 9).

وعندما تساءل حافظ السجن المودع فيه بولس وسيلاً طالباً الخلاص قائلاً ماذا ينبغي أن افعل لكي أخلص؟ كانت الإجابة "آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ" (أعمال الرسل 16، 30 - 31).



ومازال المسيح إلى يومنا هذا يُخلص ويُقيم من موت الخطية كل مَن يقبله بالإيمان في قلبه، ويعترف به ويصلبه ويموته وبقيامته،

لأنه هو وحده "الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا« (كولوسي 1 : 14).

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:15 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قيامة المسيح وإيمان التلاميذ:

http://www.peregabriel.com/gm/albums...5a3fa6dfc7.jpg

لم تكن قيامة المسيح قيامة مبادئ أو تعاليم، ولم تكن قيامة إيمان عرف طريقه إلى عقول التلاميذ، فأفكار التلاميذ كانت تتجه وتنحصر في الموت فقط، ولم يأت لتفكيرهم مطلقاً أن المسيح سيقوم كما قال لهم، وهذا يفسر لنا كيف أن مريم المجدلية لم تعرف المسيح المقام، وظنته البستاني (يوحنا 20 : 15). وبطرس في فشله وقف وسط التلاميذ قائلاً: "أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّد" فوافقوه ورافقوه (يوحنا 21 : 3)

كما أن توما عندما وصلته أنباء عن قيامة المسيح لم يستطع أن يصدق لإيمانه بأن المسيح مات وحسب، فكان شرطه إن لم يرَ أثر المسامير في يدي وقدمي المسيح، وإن لم ير الجنب المطعون فهو لن يصدق (يوحنا 2 : 34 - 35)، وهكذا الحال مع التلميذين اللذين كانا في طريقهما إلي قرية عمواس لم يكونا ليصدقا أن المسيح قام من الأموات (لوقا 34، 13 - 27).



كان إيمان التلاميذ يتجه نحو المسيح المصلوب، الذي ُدِفن وقُبر. وأذهانهم تدرك أن الذي علقت عليه آمالهم المسيانية في فداء إسرائيل قد مات، فأصبحت حياتهم يتملكها الخوف من تعقب وبطش اليهود بهم، فسجنوا أنفسهم في علية، وأحكموا غلق الأبواب عليهم (يوحنا 20 : 19)

وما كانت لهذه الحياة سوى الموت.



لكن يسوع المسيح الذي مات في أذهان التلاميذ، بعد قيامته من الأموات، تقابل هذا المائت وهو في طريقه إلي الحياة، مع التلاميذ -الأحياء- الذين في طريقهم إلى الموت، فأقام فيهم إيمانهم، الذي به وهم في طريقهم إلي الموت سوف يحيون إلى أن ينطلقوا إلى السماء ليتقابلوا مع المسيح الحي المقام، والذي في أذهانهم هو مائت.

هذا أيضاً يفسر لنا كيف تحول جبن التلاميذ إلى شجاعة منقطعة النظير حتى وإن قادتهم بشارتهم وكرازتهم بالمسيح المقام للصلب والرجم والموت.

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:16 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
القيامة ركيزة الإيمان


المسيح وقيامته الظافرة، أساس وركيزة المسيحية الحقة، إنه البشري الخالدة التي نادىَ بها التلاميذ، والذي منه جاءت قوة شهادتهم، وفعالية كرازتهم، يقول رسول المسيحية بولس:

"وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا، وَبَاطِلٌ أَيْضاً إِيمَانُكُمْ، وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضاً شُهُودَ زُورٍ لِلَّهِ لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ.. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! إِذاً الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضاً هَلَكُوا" (1كورنثوس 15 : 14 - 18).

فالمسيح المقام هو قوة كرازتنا بالخلاص الذي في المسيح، لأن قيامة المسيح هي بمثابة البرهان الواضح والدليل الأكيد علي إتمامه عمله الخلاصي، وبقبول الله لذبيحته وكفارته التي قدمها عن الإنسان الخاطئ، وهي في ذات الوقت الانطلاقة الكبرى في حياة وكرازة التلاميذ والرسل، ولئن قام المسيح حقاً من الموت

"أَرَاهُمْ أَيْضاً نَفْسَهُ حَيّاً بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ" (أعمال 1 : 3). فآمنوا به، وإذ قدم إرساليته العظمي لهم قائلاً:

"فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ" (متى 28 : 19 - 20)

فانطلقوا في أثر ذلك غير مبالين بما يلاقونه من اضطهاد أو استشهاد في سبيل ذلك المقام الذي رأته أم أعينهم.



وفي المسيح المقام يتأسس إيماننا وغفران خطايانا، يقول الكتاب المقدس عن المسيح "الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا" (روميه 4 : 25). فموت المسيح لم يكن إلا ذبيحة كفارية قدمها بإرادته لله الأب ملتمساً غفران خطايا الإنسان الساقط الهالك، لكن قيامة المسيح هي أساس التبرير، لأنها إعلان الله عن قبوله كفارة وذبيحة المسيح، فلو لم يقم المسيح لما صار لنا الفداء أو التبرير أمام الله، لكن والمسيح قد قام، وضع أساس المصالحة بين الله والناس.



ولنا في المسيح المقام الضمان والوعد بعدم هلاك المؤمنين الذين رقدوا في المسيح، لأن المسيح القيامة يعلن:

"أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا. وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيّاً وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ" (يوحنا 11 : 25 - 26). فكل من يؤمن بالمسيح فأنه ينتقل من الموت إلي الحياة ولن يسود عليه الموت الثاني الذي هو الطرح في بحيرة النار! (رؤيا يوحنا 20 : 14).



كما أنه في المسيح المقام يكمن لنا رجاء حي، يقول الرسول بطرس:

"مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ" (1بطرس 1 : 3).



فقيامة المسيح تعني ميلاداً جديداً، وحياة جديدة يملؤها الرجاء واليقين في المسيح الحي، المقام من الأموات وفي وعوده بضمان حياة أبدية سعيدة معه في السماويات.

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:17 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
القيامة ميلاد جديد


لقد آمن التلاميذ بالمسيح، معتقدين أنه هو المزمع أن يفدي إسرائيل، وعندما مات المسيح، مات إيمانهم، ودفن رجاءهم، وصارت حياتهم تجسيداً للفشل الكامل، لكن قيامة المسيح كانت ولادة جديدة، وإيماناً جديداً لحياة جديدة، ولرجاء حي لا يموت، لأنه مؤسس على مخلص حي لن يموت.



وقيامة المسيح تقدم رجاءً جديدًا للخطاة، لأنها أيضاً تعني ميلادًا جديدًا بالنسبة لهم، يقول الرسول بطرس، "مُبَارَكٌ اللهُ الَّذِي وَلَدَنَا ثَانِيَةً، بِقِيَامَةِ الْمَسِيحِ لأن الله إذ أرسل لنا ابنه قدَّم في هذا الابن حياة جديدة، وكل من يقبل الابن فهو يولد من فوق (يوحنا 3 : 3).

ويصير خليقة جديدة (2كورنثوس 5 : 17) وتتم الولادة الجديدة بقبول المسيح وبالإيمان به، هذا ما يخبرنا به البشير يوحنا في إنجيله

"وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ (المسيح) فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ" (يوحنا 1 : 12) ونلاحظ أن أولاد الله هم المؤمنون باسمه، أي الذين قبلوا المسيح في قلوبهم.



عزيزي.. هل نلت الحياة الجديدة؟.. جاء المسيح ليموت عوضاً عن خطاياك.. وقام أيضاً لتبريرك.. منه جاءت الحياة.. بل هو نفسه الحياة.. فهل اختبرته في حياتك؟ وهل عرفت الحياة طريقها إلى حياتك؟ أصلي أن تفتح قلبك له.. ولتؤمن به.. فتنال الحياة الجديدة.. والولادة الجديدة.. فتغدوا متأكداً من قيامتك.. من قبر خطاياك.. متأكداً أن الحياة تسري فيك.

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:19 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
القيامة و الحياة الجديدة
http://www.peregabriel.com/gm/albums...ormal_0610.jpg
المسيح قام! إذاً انحلّت المشكلة!
صدِّق! لا تستخفنّ! ما أنت بحاجة إليه، في أعماق ذاتك، قد أُعطي لك بالكامل. بإمكانك أن تتأكّد، من ذلك، وبنفسك. ولكنْ، فقط إذا ما كان لك ذهن منفتح وتفرح بالحقّ يتسنّى لك هذا الأمر.

بدل أن يكون موقفك رافضاً، في المبدأ، لما هو مطروح عليك والرفض المبدئي موقف غير علمي بدل أن تتمسّك برأي زُرع فيك عن غير حقّ أنّ القيامة "خبريّة"، ما رأيك أن تتبنّى موقفاً أكثر واقعية وأكثر تجرّداً وتقول، على نحو إيجابي:
"أنا لا أعرف ولا أستطيع أن أحكم في الأمر. ولكنْ إذا كان ما يُطرَح بشأن قيامة المسيح صحيحاً، وثبت لي أنّه صحيح، فأنا مستعد أن أقبل به بفرح"؟ إذا ما كانت نيّة قلبك سليمة، إذا ما كنت، في قرارة نفسك، صادقاً ومستعداً لأن تتبنّى الحقيقة المستجدّة عليك في شأن هذه المسألة، فدعني أؤكّد لك أنّه مستحيل ألا تأتي إلى قيامة المسيح وإلى الإيمان بالربّ يسوع المسيح.
كيف يمكنني أن أكون قاطعاً إلى هذا الحدّ؟ لأنّي أعرف الذي تكلّم. فقط أعرني انتباهك قليلاً واسمعني بكيانك!
ما مشكلتك ومشكلتي؟ ما مشكلة البشريّة جمعاء؟ حياة الإنسان على الأرض، عملياً، كتلة مشكلات، بعضها قابلٌ، بشرياً، للحلّ وبعضها غير قابل للحلّ. لو تسنّى لك أن تنظر في مشكلاتك، في العمق، لاكتشفت أنّ وراءها كلّها مشكلة واحدة أساسية:
الخوف من الموت (عب 2: 15). حُلّ هذه المشكلة تجدْ حلاً يقينياً لكل معاناتك. كل البشريّة، إذ ذاك، تُشفَى. الحروب تنتهي. الصراعات تزول. القلق يتبدّد. ويسود سلام عميق وأكيد في العالم يدوم إلى الأبد.
ولكنْ لا حلول بشريّة للخوف من الموت. فقط محاولات لا عدّ لها للهرب من الموت فاشلة. وكلّما حاولت أن تهرب أنتجتْ محاولتُك مشكلات أكبر وأعمق.
خذ العنف مثلاً. لماذا يقمع الناس بعضهم بعضاً ولماذا يتقاتلون؟ أليس لشعورهم بأنّ الآخرين تهديد لهم؟ إذاً الخوف هو مشكلتهم. أَحِلَّ السلام محلّ الخوف في القلب ينتفي مبرِّر العنف. يسقط العنف من ذاته. خذ الصراع بين الطبقات الإجتماعية.
خذ الإدمان، إدمان المخدّرات والمسكرات والمقامرة. خذ الجشع. خذ النهم. خذ الشغف بالألعاب. خذ الإغراق في متع الحياة على أنواعها. خذ ما شئت تجدْ أن تصرّفات الناس محكومة، في العمق، بالخوف من الموت. الإنسان يعاني القلق والسأم والضجر والفراغ. وهذه كلّها مؤشّرات الموت.
حتى المعتقدات الدينية يمكن أن تكون، في الممارسة، مساعي للهرب من شبح الموت. الديانات، في أحسن الحالات، خليط من نفسانيات وأخلاقيات وما ورائيات.
تسعى إلى تنظيم علاقة الإنسان بنفسه وبالمجتمع وبالغيبيّات. ربما تدعو الناس إلى فضائل إجتماعية كالصدق والاستقامة والأمانة والإحسان والمسامحة وسواها، وربما تساعد الإنسان على اكتشاف قواه الذاتية الكامنة فيه، وتمدّه بما يعينه على الامتداد إلى عالم آخر غير عالمه حلاً لمشكلة الموت لديه.
تَعِدُه بالجنّة، أو بما يعادلها، إن هو فعل كذا وكذا. كل هذه، بيسر، يمكن أن تسيطر على وجدان الإنسان وهواجسه وأن يصير لها فيه مفعول الأفيون. تخلق له عالماً غير عالمه وتسكره بوعودها. وكثيراً ما يكون هذا العالم وهمياً، لكنّه يتحكّم بفكر الإنسان وتصرّفاته. يخرجه أحلامياً من الواقع الأليم الذي هو فيه إلى وعد بحياة لا موت فيها بعد الموت.
إذ ذاك يرضى الإنسان أن يقيم في الجحيم هنا ليأتي إلى الجنَّة هناك. يتمسّك الناس بمثل هذه المعتقدات لدرجة يكونون معها مستعدّين لأن يعنفوا ولأن يقتلوا، من أجل الدين، مَن يتصدّى لهم أو يرفض أن يذعن لهم أو يقف في وجههم ويهدّدهم في معتقداتهم، وهم يظنّون، عن حسن نيّة، أنّ لهم في ذلك ثواباً عظيماً. هذا، في الواقع، أحد أسباب الصراعات الكبرى بين الشعوب اليوم: العنف باسم الله! والقتل باسم الله! الديانات تتحوّل، بيسر، في وجدان المؤمنين بها، إلى أحزاب وشعارات ذات منحى سياسي بمقادير.
الديانات، التي هي على هذه الصورة، إن هي، في العمق، سوى اختراعات بشريّة القصد منها وضع ضوابط لتفلّت الناس وربط هذه الضوابط بقوى خفيّة برباط الثواب والعقاب.
المسيحيّة، بهذا المعنى، ليست ديناً، لا بل هي نقضٌ للأديان قاطبة! في وجدان بعض المسيحيّين المسيحيّة دين من الأديان، لذا يتعاطونها كما يتعاطى غير المسيحيّين دياناتهم. الفرق يكون في الشكل لا في المضمون. لكن هؤلاء يخطئون الهدف.
المسيحيّة لا تهدف إلى تحسين الأخلاق ولا ترمي إلى اكتشاف الإنسان قواه الذاتية ولا ترسله إلى الآخرة لينعم بالسعادة التي هو محروم منها هنا. المسيحيّة ليست نظرة جديدة مختلفة إلى الحياة الحاضرة المائتة. المسيحيّة حياة جديدة بالكامل منذ الآن. طبعاً ثمّة كلام على ملكوت الله ولكن لا كحقيقة تأتي في المستقبل، بل كحقيقة آنية تمتدّ إلى الأبد. "ها ملكوت الله داخلكم" (لو 17: 21). في كل حال الحياة الأبدية في المسيحيّة ليست حياة إلى الأبد، بالمعنى الزمني للكلمة، بل نوعية حياة.
"هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنتَ الإله الحقيقي [الآب السماوي] وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو 17: 3). الحياة الأبدية هي الاشتراك في حياة الله الأزلي الأبدي. كذلك نتكلّم على قيامة الربّ يسوع المسيح في الجسد من الموت، لكنَّ ما يعنينا فيها، مباشرة، هو أن قيامة الربّ يسوع تنتقل إلينا بمثابة حياة جديدة

"حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدّة الحياة" (رو 6: 4). قيامة يسوع أتتنا بحياة جديدة، لا بمعنى التمنّي ولا بالمعنى المستقبلي للكلمة، بل بمعنى الحياة الجديدة التي يبثّها فينا يسوع الآن. لهذا أعطانا الروحَ القدس، روحَ الحياة الجديدة. ولهذا اقتبلنا المعمودية باسمه.
هذا كلام كبير ليس برسم المحاججة ولا الإقناع ومن حقّ القارئ أن يقف منه موقفاً حيادياً. لكن الكلام يُعرف بمفاعيله كما تُعرف الشمسُ بنورها وحرارتها والحياةُ في الشجرة بأوراقها وثمرها. عمل الروح القدس، أي الحياة الجديدة، يُعرف في القدّيسين. لا أتكلّم على القدّيسين الذين يصنعون العجائب فقط بل، بخاصة، على القدّيسين الذين اقتبلوا الحياة الجديدة وأثمروا.
أتكلّم، إذاً، على العجائب الروحيّة التي أبانتها الحياة الجديدة في القدّيسين. الزانية، كمريم المصرية، التي صارت معلِّمة للعفّة، والقاتول، كموسى الأسود، الذي صار معلِّماً للوداعة، والسارق، كإبراهيم اللص، الذي صار مثالاً يُحتذى في الأمانة، والبخيل، كبطرس الرحيم، الذي صار معطاء سخيّاً مبدِّداً على المحتاج.
وإن ننسى لا ننسى الكافر، كبولس الرسول، الذي صار معلِّماً للشريعة الجديدة في كل المسكونة. هل تعلم كيف تغيّر هؤلاء؟ تغيّروا لأنّ قوّة حلّت وبدّدت الخوف من الموت فيهم. استقرّ فيهم سلام غير سلام العالم. كان هذا سلام المسيح القائل: "سلامي أُعطيكم لا كما يعطيكم العالم". الحياة الجديدة التي مدّهم بها الروحُ القدس، روحُ الحياة، جعلتهم أقوى من الموت. عبثاً نحاول أن نجد أسباباً بشريّة نعلِّل بها التغيير الهائل الذي حصل لهم. متى كانت العفّة، بشريّاً، تأتي من الزنى؟ ومتى كان العنف يولّد الوداعة؟ متى كانت اللصوصية تنتج أمانة؟
ومتى كان البخل ينشئ سخاء وكرماً؟ متى كان الكافر يتحوّل إلى مُسَار لأقوال الله؟ هذه كلّها صور عن القيامة من الموت. وهذه كلّها تشهد لنعمة الله المجدِّدة في هؤلاء القوم وأمثالهم.
وماذا بإمكانك أن تقول عن الشهداء في المسيحيّة؟ لكل ديانةٍ شهداؤها، طبعاً على أساس قِيمها. أما الشهداء في المسيحيّة فمعجزة مدهشة لا مثيل لها. ليس أنّهم يتخطّون حاجز الخوف من الموت وحسب. غيرهم قد يتخطّى حاجز الموت أيضاً إذا ما كان مشحوناً بأفكار سياسية أو بأوهام دينية أو بخيالات حادّة. ولكن مَن يقدر، في آن، أن يكون هادئاً، فرحاً، وديعاً، لا يكنّ لجلاّده أي ضغينة، محبّاً لأعدائه؟ تصوّروا أنّ القدّيس كبريانوس القرطاجي أمر لجلاّده، وهو ذاهب إلى الموت، بعشرين ذهبية، كأجرة له على تعبه. أهذا من صنع البشر؟ الناس الذين كانوا يلاحظون شهداء المسيحيّة كانوا دائماً يتساءلون باستغراب كبير:
من أين تأتي المسيحيّين هذه القوّةُ الداخلية التي تجعلهم يُقبلون على الموت كما يُقبل الناس على الحياة؟ الشهيد في المسيحيّة هو الشاهد لقيامة الربّ يسوع المسيح بامتياز. الشهيد ثمرة هذه القيامة. قوّة قيامة يسوع هي الفاعلة فيه. الشهيد هو الإثبات!


طبعاً قوّة الله لا تفعل في الإنسان من غير مساهمة الإنسان نفسه. لا نتصوّرن أنّ الخوف من الموت يزول فينا آلياً. لا بد من التعب في حفظ الوصيّة. لا بد من غصب النفس عليها. لا بد من الجهاد الداخلي من أجلها. نساهم في الحياة الجديدة بما أُوتينا. لكنّ هذه المبادرات كلّها لا يأتيها صاحبها إلاّ إذا كان راغباً جدِّياً في الحياة الجديدة، طالباً الحقّ بشغف ولو كلّفه الأمر غالياً. طبعاً مهما فعل الإنسان لا يمكنه أن يبلغ الحياة الجديدة.
هذه تُعطى له من فوق لأنّه يريدها ويطلبها. ومهما فعل ليس دليل بشري يمكن أن يقنعه بصدقية الحياة الجديدة. النعمة هي التي تقنعه متى حلّت فيه. بشرياً لا شيء تَقْبَله إلاّ إذا كنتَ مقتنعاً به. إلهياً تبدي استعداداً عميقاً للقبول بما يُعرض عليك، إذا ثبت لديك أنّه حقّ، فيأتيك الإثبات من ذاته من حيث لا تدري.
إذ ذاك تصير مؤمناً. الله يعطيك أن تصير مؤمناً. قبل ذلك تنتظر، بصدق، كشفاً. تنتظر ولا تملّ من الانتظار فيأتيك الإيمان وتأتيك النعمة ولا تعرف كيف ولا متى. تصارع نفسك! والله، علاّم القلوب، لا ينساك، لكنّه لا يأتيك إلاّ متى تهيأت.
حَسْبُك أن تعرف أنّك إن أحببت الحقّ أحبّك الحقّ، أي يسوع، وكشف لك ذاته حياة جديدة. الباقي تفصيل، وحده العليّ عارف به.
هذا ما يجعلك في قلب القيامة.
هذا الكلام لي ولك وللجميع. ليس لفئة دون سواها. كلّنا معطى القيامة إذا ما رغب فيها. القيامة لكل الناس إذا ما أرادوا. الحياة الجديدة ممدودة للجميع. لذا قال الذهبي الفم في خطبة الفصح: "المملكة العامة قد ظهرت... لا يخافن أحد من الموت لأنّ موت المخلّص قد حرّرنا. فإنّه أخمده لما ضُبط فيه...
قام المسيح واستقرّت الحياة. قام المسيح وليس ميت في القبر لأنّ المسيح بقيامته من الأموات قد صار مقدمة الراقدين. فله المجد والعزّة إلى دهر الداهرين، آمين"
***********************************

**

**

********

********

**

**

**

**

**

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:20 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
"هذا هو اليوم الذي صنعه الربّ"

الطوباويّ غيريك ديغني



http://www.peregabriel.com/gm/albums...ormal_0675.jpg




"هذا هو اليوم الذي صنعَه الربّ! فلنبتهج ونفرح به" (مز118: 24).


يا إخوتي، فلننتظر الربّ مبتهجين بفرح عظيم، كي نراه ونستمتع بنوره.


لقد تهلّل إبراهيم لمجرّد أنّه فكّر في رؤية يوم الربّ. لذا، استحقّ أن يراه وأن يبتهج به" (يو8: 56). أنت أيضًا، يجب أن تسهر كلّ يوم على أبواب الحكمة، وأن تؤمّن الحراسة مع مريم المجدليّة على قبر المسيح.


عندئذٍ، أؤكّد لك أنّك ستشعر معها بمدى صحّة ما ورد في الكتاب:


"الحكمة ساطعة لا تذبل، تسهل مشاهدتها على الذين يحبّونها ويهتدي إليها الذين يلتمسونها. تسبق فتعرّف نفسها إلى الذين يرغبون فيها. ومَن بكّر في طلبها لا يتعب لأنّه يجدها جالسةً عند بابه" (حك6: 12-14). لقد وعد هو نفسه بذلك: أنا أُحِبُّ الذينَ يُحِبّوَنني والمُبتَكِرونَ إلَيَّ يَجِدوَنني (مثل8: 17).


هكذا وجدت مريم يسوع في الجسد، هي التي جاءت إلى القبر قبل بزوغ الفجر. صحيح أنّه ما عاد يفترض بك أن تعرفه معرفة بشريّة (2قور5: 16)، بل بحسب الروح. لكنّك ستجده روحيًّا إن كنت تبحث عنه بتوق شديد مثل مريم.


"نَفْسي في اللَّيلِ اشتاقَتْكَ وروحي في داخِلي تَبتَكِرُ إِلَيكَ" (أش26: 9). أيّها الإخوة، اسهروا إذًا وصلّوا بإيمان! اسهروا لا سيّما أنّه طلع فجر اليوم الذي لا غروب له!



أجل، "هذا وإنّكُم لَعالِمونَ بِأَيِّ وَقتٍ نَحنُ: قد حانَت ساعةُ تَنبَهُّكمِ مِنَ النوم، فإنَّ الخَلاصَ أقرَبُ إلَينا الآنَ مِنه يَومَ آمَنّا. قد تَناهى الليلُ واقتَرَبَ اليَوم" (رو13: 11-12).

يا إخوتي، اسهروا كي يطلع عليكم نور الصباح، يسوع المسيح، "فطلوعه ثابت كالفجر" (هو6: 3)،


لأنّه مستعدّ لتجديد سرّ قيامته الصباحيّة إكرامًا للذين يسهرون من أجله.

عندها، يمكنك أن ترتّل بقلب مبتهل: "فالربّ قد أنارنا. هذا هو اليوم الذي صنعَه الربّ، فلنبتهج ونفرح به!

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:21 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
أحد القيامة المجيد
من كتابات الآباء الأولين

أغلق القديس مرقس الستار عن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي وهما تنظران من بعيد أين وُضع جسد الرب،
وانفتح ستار القيامة لنراهما مع سالومي يحملن حنوطًا منطلقات نحو القبر ليدهن جسده،
فإن من يلتقي مع الرب في صلبه ويرافقه طريق الألم حتى الدفن يحق له التمتع ببهجة قيامته.
"وبعدما مضى السبت
اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسلومه حنوطًا
ليأتين ويدهنه.
وباكرًا جدًا في أول الأسبوع أتين إلى القبر إذ طلعت الشمس.
وكن يقلن فيما بينهن:
من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟
فتطلعن ورأين أن الحجر قد دُحرج، لأنه كان عظيمًا جدًا" [1-4].
يرى القديس أمبروسيوس أن السيد المسيح قام بعد انتهاء يوم السبت مع نسمات بداية الأحد.
كأن النسوة وقد حملن الطيب وانطلقن نحو القبر يمثلن كنيسة العهد الجديد التي انطلقت من ظلمة حرف السبت إلى نور حرية الأحد، تتمتع بعريسها شمس البرّ مشرقًا على النفوس المؤمنة، محطمًا الظلمة.
يقول القديس جيروم: [بعد عبور حزن السبت أشرق الآن يوم السعادة الذي صارت له الأولوية على كل الأيام، عليه أشرق النور الأول، وقام الرب غالبًا الموت.]
إن كان "السبت" يشير إلى الراحة تحت ظل الناموس، يقدم رمزًا للراحة الحقيقية في المسيح يسوع القائم من الأموات، فقد انتظر الرب نهاية السبت ليقوم في بداية اليوم الجديد، معلنًا نهاية الرمز وانطلاق المرموز إليه.
لذلك كتب القديس البابا أثناسيوس الرسولي عن عيد الفصح: [عيد الفصح هو عيدنا... ولم يعد بعد لليهود، لأنه قد انتهى بالنسبة لهم، والأمور العتيقة تلاشت.
والآن جاء شهر الأمور الجديدة الذي فيه يلزم كل إنسان أن يحفظ العيد مطيعًا ذاك الذي قال: "احفظ شهر أبيب (الأمور الجديدة) واعمل فصحًا للرب إلهك" (تث 16: 1)
انطلقت النسوة نحو القبر ولم يكن يفكرن في الجند الحراس للقبر ولا في الختم، لأنهن تركن القبر قبل أن يذهب اليهود إلى بيلاطس يطلبون حراسة القبر وختمه،
إنما كن يفكرن في الحجر: "من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟" لقد نسى الكل أمام أحداث الصليب المرعبة أمر قيامته، لذلك كانت النسوة يفكرن في الحجر الذي يغلق باب القبر، ولم يفكرن في ذلك القادر أن يقوم والباب مغلق!
يعلق الأب سفريانوسأسقف جبالة والمعاصر للقديس يوحنا الذهبي الفم، على هذا الحجر فيقول:
[ما هو هذا الحجر إلا حرفية الناموس الذي كُتب على حجارة، هذه الحرفية يجب دحرجتها بنعمة الله عن القلب حتى نستطيع أن ننظر الأسرار الإلهية، ونتقبل روح الإنجيل المحيي؟ ق
لبك مختوم وعيناك مغلقتان، لهذا لا ترى أمامك بهاء القبر المفتوح والمتسع!]
يقول الأنبا بولس البوشي: [قام الرب والحجر مختوم على باب القبر، وكما وُلد من البتول وهي عذراء كنبوة حزقيال (حز 44: 1-3).
وأما دحرجة الملاك للحجر عن باب القبر، فلكي تعلن القيامة جيدًا، لئلا إذا بقي الحجر مختومًا، يُظن أن جسده في القبر.]

الملاك يكرز بالقيامة

"ولما دخلن القبر رأين شابًا جالسًا عن اليمين،
لابسًا حلة بيضاء فاندهشن.
فقال لهن: لا تندهشن،
أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب،
قد قام. ليس هو ههنا.
هوذا الموضع الذي وضعوه فيه.
لكن اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس أنه يسبقكم إلى الجليل.
هناك ترونه كما قال لكم" [5-7].
قدم لنا الإنجيليون أكثر من زيارة للنسوة إلى القبر، وصوّر لنا كل منهم أكثر من منظر حتى يُكَمل بعضهم البعض أحداث القيامة.
هنا يحدثنا الإنجيلي مرقس عن دخول النسوة إلى القبر ليشاهدن ملاكًا على شكل شابٍ يجلس عن اليمين يلبس حلة بيضاء.
هذا الدخول كما يقول القديس أغسطينوس لا يعني دخولهم الفعلي داخل القبر، وإنما اقترابهن منه جدًا حتى صرن كمن في داخل القبر ينظرن كل ما فيه.
وقد رأين ملاكًا في الداخل، مع أنهن رأيناه في وقت آخر خارجه، وكما يقول القديس أغسطينوس أيضًا أن الملائكة كن في داخل القبر وخارجه أيضًا.
لقد تحول القبر كما إلى سماء تشتهي الملائكة أن تقطن فيه بعد أن كانت القبور في نظر الناموس تمثل نجاسة، لا يسكنها سوى الموتى والمصابون بالبرص أو بهم الأرواح شريرة. ومن يلمس قبرًا يصير دنسًا، ويحتاج إلى تطهير.
وكأن دخول السيد المسيح إلى القبر نزع عنه دنسه وحوّله إلى موضع بركة، يشتهي المؤمنون في العالم كله أن يلتقوا فيه، ويتمتعوا ببركة الحيّ الذي قام فيه.
ظهر الملاك على شكل شاب، وليس على شكل طفل أو شيخ، فإنه إذ يكرز بالقيامة يقدم لنا في شخصه سمة الحياة المُقامة في الرب، الحياة التي لا تعرف عدم نضوج الطفولة ولا عجز الشيخوخة. إنما هي دائمة القوة، لا تضعف ولا تشيخ. أ
ما جلوسه عن اليمين يرتدي حلة بيضاء، فيشير إلى حياتنا المقامة في الرب التي ترفعنا لتوجد عن يمين الله، ونلبس حلة الطهارة والفرح.
يقول البابا غريغوريوس (الكبير): [ظهر لابسًا ثيابًا بيضاء ليعلن أفراح عيدنا.]
كما يقول القديس جيروم: [الآن صار العدو هاربًا وأُعيد الملكوت. الثوب الأبيض المشرق خاص بالفرح الحقيقي حيث كان ملك السلام يُطلب فيوجد ولا يُنزع عنا. هذا الشاب إذن أعلن طبيعة القيامة لمن يخافون الموت.]
أما رسالة هذا الملاك الكرازية فقد حوت الآتي:
أولاً: أعلن رسالة القيامة لطالبات المصلوب: "أنتن تطلبن يسوع الناصري المصلوب"، وكأنه لا يستطيع أحد أن يتقبل رسالة القيامة في حياته الداخلية أو يلتقي بالسيد المسيح القائم من الأموات ما لم يطلبه في أعماقه الداخلية.
ثانيًا: مع أن السيد المسيح كان قد قام لكن الملاك يلقبه :
"الناصري المصلوب"،
فكلمة "الناصري" تشير إلى تجسده حيث نشأ في الناصرة، وصار ناصريًا، وكأن قيامته أكدت تجسده،
وحققت الرسالة التي لأجلها جاء. أما دعوته "المصلوب"، فإن القيامة لم تنزع عن السيد المسيح سمته كمصلوب، إنما أعلنت قبول ذبيحة الصليب. في القديم أرسل الله نارًا يلتهم الذبيحة التي قدمها إيليا مؤكدًا قبوله إياها،
أما في العهد الجديد فجاءت القيامة تعلن مجد ذبيحة الصليب، لا بالتهام الذبيحة بل بإعلان قوة الحياة التي فيها، إذ هي ذبيحة المسيح الحيّ القادر أن يقيم من الأموات.
القيامة جعلت ذبيحة الصليب حاضرة على الدوام تهب قوة قيامة لمن ينعم بالشركة فيها.
ثالثًا: إذ التقين بالقبر حيث المسيح القائم من الأموات تمتعن بقوة الشهادة للسيد المسيح أمام الآخرين:
"اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس أنه يسبقكم إلى الجليل، هناك ترونه كما قال لكم".
لقد جاءت النسوة يملأ الحزن قلبهن، لكن قيامة السيد حولته إلى فرح، وأعطتهن إمكانية الكرازة بالقيامة لينطلق الكل نحو الجليل يلتقي بالقائم من الأموات حسب وعوده.
رابعًا: جاءت الدعوة أن يلتقي الكل به في "الجليل"، التي تعني "العبور". فإن كان السيد قام من بين الأموات إنما ليعبر بنا من الموت إلى الحياة، ومن الألم إلى مجد القيامة، ومن إنساننا القديم إلى الحياة الجديدة التي صارت لنا فيه.
ويرىالقديس أغسطينوس أن الجليل وهي تعني "العبور"، تعني عبور التلاميذ إلى الأمم للكرازة بينهم بعد أن فتح لهم الطريق، بقوله :
"ها أنا أسبقكم إلى الجليل".

***********************************
**
**
********
********
**
**
**
**

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:25 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
القبر الفارغ


للأب متى المسكين

إن كان الصليب هو علامة الغلبة التي غلب بها الرب الخطية والجسد والعالم، فأصبح رمز النصرة في الجهاد ضد هذه الأعداء الثلاثة؛
فالقبر الفارغ الذي تركه لنا الرب مفتوحاً هو علامة الغلبة على الموت، وشهادة ما بعدها شهادة للقيامة من بين الأموات العتيدة أن تكون!
وإن كان يوجد في العالم الآن صلبان كثيرة، اصطبغ عليها شهداء كثيرون بذات صبغة الرب! إلا أنه ليس في الأرض كلها إلى الآن إلا قبر واحد فارغ!
يحجُّ إليه المؤمنون الذين برَّحت بهم مشاعر الحب والأمانة والوفاء، بشبه مريم المجدلية، ومعهم هدايا وعطور ومشاعر هي أثمن من الذهب الفاني، يسكبونها هناك على جدرانه، وفي انحناء وخشوع وورع، يُقبِّلون الأرض والصخور، يذرفون دموع الرجاء، رجاء اللُّقيا، بشبه الخاطئة.

أي تغيير أصاب الإنسان بقيامة الرب!
أي تجديد أصاب الطبيعة طُرّاً!
أي انقلاب أصاب المعاني والمفهومات والاصطلاحات!
- هوذا الإنسان يولد من جديد،
فالقيامة وهبت الإنسان حياة من بعد موت!
- والقبر مستودع الظلام والموت،
صار مصدر النور والحياة.
- والذهاب إلى القبور للنحيب والبكاء،
انقلب وأصبح حِجّاً وعزاءً وتقديساً!
وذهبي الفم في عظته عن الفصح يتأمَّل في القبر الفارغ فيراه حقيقة تنطق بالغفران!
[وقد أشرق من القبر حقيقة الغفران].
وهذا حق، لأنه إن كان بالصليب قد تمَّ الغفران؛
فبالقبر الفارغ استُعلن وصار برهاناً.
إن حقيقة الصليب تظل مخفية عن الأفهام، كما سبق وقلنا، إلى أن يُشرق على القلب نور القيامة؛
وخطايا الإنسان تظل ثقلاً ضاغطاً على الضمير، إلى أن يُرفَع الحجر عن الذهن فتتبدَّد الآثام والذنوب والمعاصي؛
حينما تواجه الأكفان موضوعة، والرب قائم كاسراً شوكة الموت المسمومة، وشوكة الموت هي الخطية بأصولها وفروعها.

+ + +
مَنْ ذا يستطيع أن يغلب في معركة الدنيا ويواجه صليب حنَّان أو صليب هامان، إن لم تكن حقيقة القيامة قد اتحدت بفكره وضميره، بل انفعلت في نفسه وجسده، وأعدَّته لمواجهة الموت لحساب الخلود؟

وإن كان يتحتَّم على مَنْ يريد أن يقوم مع الرب أن يموت معه، فلن يستطيع أحد أن يموت معه إن لم يكن سر القيامة قد سَرَى في كيانه كما يسري النور في الظلمة.

الموت رعبٌ هو، وكل الطرق المؤدية إليه مخيفة، إلى أن تُشرق القيامة، فتُبدِّد سلطانه وتُخضعه للإنسان حتى يطأه بأقدام الإيمان كما وطئت أقدام الشعب قديماً نهر الأردن وهو في عزِّ كبريائه!

فإن كان هذا الجيل فيه لمسة الجُبن والرعدة، فلأنه لم ينعجن بعد بعجين الفصح فلم تَسْرِ فيه روح القيامة!

انظر إلى الرسل كيف تقبَّلوا أولاً أخبار الصليب والموت، بدون قيامة. فملأت الرعدة أوصالهم، وانتابهم جزع وخوف أليم، فكادوا يندمون، أو هم ندموا، على زمن تقضَّى مع هذا المصلوب المائت، إذ شعروا أنه سيورِّثهم الخزي والعار والمهزأة أمام سلطات الدين والدنيا بل وبين الأهل والعشيرة! حتى كادوا يتبدَّدون!
ثم انظر ما حدث لما انطلقت بشارة القيامة، كيف تجمَّعوا بل كيف تغيَّروا وتجدَّدوا، بل كيف كرزوا وبشَّروا؟! فصار لهم العار والمهزأة فخراً، وصار العذاب والألم فرحاً، والصليب والموت إكليلاً!!

لقد تيقنوا أنه حتى ولو أُحكِمَ على الجسد في القبور بالأحجار والأختام، فسوف تنفتح من تلقاء ذاتها يوماً، فتقوم هذه الأجساد عينها بشبه الرب.

+ + +

فالقيامة، يا إخوة، هي قوَّة الشهادة، هي رؤيا الخلود!

هي حالة تجلٍّ، نرى فيها الألم عَذْباً، والصليب حبّاً، والقبر فارغاً!

هي إحساس سرِّي إن بلغناه بلغنا الذروة، فهو نهاية الإيمان لأنه هو الاتحاد بالله.

+ + +

صلاة

يا كاسر شوكة الموت، يا غالب الجحيم،

بقيامتك:

نقضتَ أوجاع الجسد، وألغيتَ سطوة الألم؛

أقمتَ الاتضاع، أحييتَ المحبة، مجَّدتَ الصليب؛

أدخلتَ الحياة الجديدة إلى عالمنا الميت؛

بدَّدتَ يأس الإنسان؛

وعِوَض العجز والذلَّة،

نفختَ فيه صورة سلطانك؛

كشفتَ سرَّ الإنجيل، وأضأتَ الطريق،

وفتحتَ ذهننا لإدراك سرِّ الخلود؛

أسَّستَ رجاءنا بغير المنظور،

وبكل وعد الله، وبكل ما هو آتٍ؛

قوَّيتَ إيماننا بنصرة الروح على الجسد،

وغلبة الحق على الباطل،

وحقيقة الدهر الآتي.

رفعتَ المحبة، لنتخطَّى الألم، ونتجاوز الموت،

ونتشجَّع في بذلها إلى أقصى حد.

أدخلتَ في قلبنا سرَّ الفرح الحقيقي

الذي لا يمكن لأحد أن ينـزعه منا.

- أنا اليوم أتنسَّم من قبرك رائحة حياتي.

- وآخذ من حنوطك مسحة لقيامة الجسد.

- الآن تحوَّلت حقيقة القبر عندي من مقرٍّ إلى عبور.

- وعِوَض قسمات الحزن ولطخات الدم،

ينطبع بهاء نور وجهك في قلبي.

- الآن جروح يديك ورجليك،

تجعلني أسمو بجروحي.

- وجنبك المفتوح، شهادة حياة، تُبدِّد عني كل أهوال الموت.

- قيامتك، يا سيدي، أكَّدت لي وعد مجيئك،

فلا تُبطئ، وتعالَ سريعاً.

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:32 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
القبر الفارغ


للأب متى المسكين

إن كان الصليب هو علامة الغلبة التي غلب بها الرب الخطية والجسد والعالم، فأصبح رمز النصرة في الجهاد ضد هذه الأعداء الثلاثة؛
فالقبر الفارغ الذي تركه لنا الرب مفتوحاً هو علامة الغلبة على الموت، وشهادة ما بعدها شهادة للقيامة من بين الأموات العتيدة أن تكون!
وإن كان يوجد في العالم الآن صلبان كثيرة، اصطبغ عليها شهداء كثيرون بذات صبغة الرب! إلا أنه ليس في الأرض كلها إلى الآن إلا قبر واحد فارغ!
يحجُّ إليه المؤمنون الذين برَّحت بهم مشاعر الحب والأمانة والوفاء، بشبه مريم المجدلية، ومعهم هدايا وعطور ومشاعر هي أثمن من الذهب الفاني، يسكبونها هناك على جدرانه، وفي انحناء وخشوع وورع، يُقبِّلون الأرض والصخور، يذرفون دموع الرجاء، رجاء اللُّقيا، بشبه الخاطئة.

أي تغيير أصاب الإنسان بقيامة الرب!
أي تجديد أصاب الطبيعة طُرّاً!
أي انقلاب أصاب المعاني والمفهومات والاصطلاحات!
- هوذا الإنسان يولد من جديد،
فالقيامة وهبت الإنسان حياة من بعد موت!
- والقبر مستودع الظلام والموت،
صار مصدر النور والحياة.
- والذهاب إلى القبور للنحيب والبكاء،
انقلب وأصبح حِجّاً وعزاءً وتقديساً!
وذهبي الفم في عظته عن الفصح يتأمَّل في القبر الفارغ فيراه حقيقة تنطق بالغفران!
[وقد أشرق من القبر حقيقة الغفران].
وهذا حق، لأنه إن كان بالصليب قد تمَّ الغفران؛
فبالقبر الفارغ استُعلن وصار برهاناً.
إن حقيقة الصليب تظل مخفية عن الأفهام، كما سبق وقلنا، إلى أن يُشرق على القلب نور القيامة؛
وخطايا الإنسان تظل ثقلاً ضاغطاً على الضمير، إلى أن يُرفَع الحجر عن الذهن فتتبدَّد الآثام والذنوب والمعاصي؛
حينما تواجه الأكفان موضوعة، والرب قائم كاسراً شوكة الموت المسمومة، وشوكة الموت هي الخطية بأصولها وفروعها.

+ + +
مَنْ ذا يستطيع أن يغلب في معركة الدنيا ويواجه صليب حنَّان أو صليب هامان، إن لم تكن حقيقة القيامة قد اتحدت بفكره وضميره، بل انفعلت في نفسه وجسده، وأعدَّته لمواجهة الموت لحساب الخلود؟

وإن كان يتحتَّم على مَنْ يريد أن يقوم مع الرب أن يموت معه، فلن يستطيع أحد أن يموت معه إن لم يكن سر القيامة قد سَرَى في كيانه كما يسري النور في الظلمة.

الموت رعبٌ هو، وكل الطرق المؤدية إليه مخيفة، إلى أن تُشرق القيامة، فتُبدِّد سلطانه وتُخضعه للإنسان حتى يطأه بأقدام الإيمان كما وطئت أقدام الشعب قديماً نهر الأردن وهو في عزِّ كبريائه!

فإن كان هذا الجيل فيه لمسة الجُبن والرعدة، فلأنه لم ينعجن بعد بعجين الفصح فلم تَسْرِ فيه روح القيامة!

انظر إلى الرسل كيف تقبَّلوا أولاً أخبار الصليب والموت، بدون قيامة. فملأت الرعدة أوصالهم، وانتابهم جزع وخوف أليم، فكادوا يندمون، أو هم ندموا، على زمن تقضَّى مع هذا المصلوب المائت، إذ شعروا أنه سيورِّثهم الخزي والعار والمهزأة أمام سلطات الدين والدنيا بل وبين الأهل والعشيرة! حتى كادوا يتبدَّدون!
ثم انظر ما حدث لما انطلقت بشارة القيامة، كيف تجمَّعوا بل كيف تغيَّروا وتجدَّدوا، بل كيف كرزوا وبشَّروا؟! فصار لهم العار والمهزأة فخراً، وصار العذاب والألم فرحاً، والصليب والموت إكليلاً!!

لقد تيقنوا أنه حتى ولو أُحكِمَ على الجسد في القبور بالأحجار والأختام، فسوف تنفتح من تلقاء ذاتها يوماً، فتقوم هذه الأجساد عينها بشبه الرب.

+ + +

فالقيامة، يا إخوة، هي قوَّة الشهادة، هي رؤيا الخلود!

هي حالة تجلٍّ، نرى فيها الألم عَذْباً، والصليب حبّاً، والقبر فارغاً!

هي إحساس سرِّي إن بلغناه بلغنا الذروة، فهو نهاية الإيمان لأنه هو الاتحاد بالله.

+ + +

صلاة

يا كاسر شوكة الموت، يا غالب الجحيم،

بقيامتك:

نقضتَ أوجاع الجسد، وألغيتَ سطوة الألم؛

أقمتَ الاتضاع، أحييتَ المحبة، مجَّدتَ الصليب؛

أدخلتَ الحياة الجديدة إلى عالمنا الميت؛

بدَّدتَ يأس الإنسان؛

وعِوَض العجز والذلَّة،

نفختَ فيه صورة سلطانك؛

كشفتَ سرَّ الإنجيل، وأضأتَ الطريق،

وفتحتَ ذهننا لإدراك سرِّ الخلود؛

أسَّستَ رجاءنا بغير المنظور،

وبكل وعد الله، وبكل ما هو آتٍ؛

قوَّيتَ إيماننا بنصرة الروح على الجسد،

وغلبة الحق على الباطل،

وحقيقة الدهر الآتي.

رفعتَ المحبة، لنتخطَّى الألم، ونتجاوز الموت،

ونتشجَّع في بذلها إلى أقصى حد.

أدخلتَ في قلبنا سرَّ الفرح الحقيقي

الذي لا يمكن لأحد أن ينـزعه منا.

- أنا اليوم أتنسَّم من قبرك رائحة حياتي.

- وآخذ من حنوطك مسحة لقيامة الجسد.

- الآن تحوَّلت حقيقة القبر عندي من مقرٍّ إلى عبور.

- وعِوَض قسمات الحزن ولطخات الدم،

ينطبع بهاء نور وجهك في قلبي.

- الآن جروح يديك ورجليك،

تجعلني أسمو بجروحي.

- وجنبك المفتوح، شهادة حياة، تُبدِّد عني كل أهوال الموت.

- قيامتك، يا سيدي، أكَّدت لي وعد مجيئك،

فلا تُبطئ، وتعالَ سريعاً.

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:32 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
عيد القيامة المجيد
القيــامـــــة
للأب متى المسكين
هذا هو هتاف الكنيسة الأولى الذي ألهب الروح فيها، مُنبئاً بافتتاح عصر الملكوت.
في يوم الجمعة العظيمة استودعنا آدم في المسيح بلحن ?غولغوثا?، ميِّتاً على الصليب.
وفي السبت الكبير دفنَّاه بأطياب وحنوط للجسد، وبموته انتهى عصر البشرية العتيقة.
واليوم ينبثق نور الحياة الجديدة من ظلمة قبر الإنسان الأول، ويقوم المسيح، الإنسان الثاني، مِن بين الأموات باكورة الخليقة الجديدة ورأسها، مُعلِناً بداية عصر الدهر الآتي وظهور ملكوت الله داخل القلوب.
يوم الجمعة العظيمة كان أعظم أحداث الخليقة قاطبة. كان يوم تصفية ليس لكل خطاياها وأوجاعها التي حملها المسيح في جسده على الصليب فحسب، بل كان تصفية جذرية ونهائية لعنصر الظلمة ورئيسها وجوهر الخطيئة ذاتها وينبوعها.

لقد دان الله الخطيئة والعالم في الجسد، فمات المسيح على الصليب حاملاً في جسده لعنة آدم وكل بنيه، وشوكة الموت مغروسة في جبينه. وبموت البار من أجل كل الأَثـَمَة بل من أجل البشرية الأثيمة كلها، تمَّ حُكْم الناموس في كل ذي جسد!!
فإن
القيامة التي أكملها الرب في اليوم الثالث وفي الجسد الميت ذاته، بذات جروحه المميتة العميقة الغائرة وجنبه المفتوح، هي بالنسبة للمسيح قيامة من بين الأموات
أما بالنسبة لجسد آدميتنا الذي مات به فهي خليقة جديدة:
عندما انتهى العالم إلى قرار صلب المسيح، قال الرب لصالبيه:

فإن كانت القيامة بالنسبة للمسيح هي أولاً وبالضرورة قيامة:
إن القيامة التي قامها المسيح بكل مجدها وهباتها لم تأتِ من فراغ بل بدأت من قبر ومن ظلمة، من موت حقيقي، من تسليم كلِّي للذات في يدي الآب، من طاعة شُجاعة مُذعنة مُريدة سارت بأقدام الحب حتى الموت، موت الصليب!!
يستحيل أن نذوق القيامة ونحن لم نُكمِل واجبات الموت وطقوس الدفن الإرادي، لأن الذي يريد أن يقوم مع المسيح يتحتَّم عليه أن يعتمد لموته ويُدفن معه بإرادته حيًّا.
يستحيل أن ينقلنا الآب إلى نور ملكوت ابن محبته، ونحن فينا شيء من الظلمة.
لا يمكن، بل ويستحيل أن تعْبُر
فالإنسان الجسدي والإنسان الروحاني كلاهما يعيش في هذا العالم، وكلاهما يفرح ويحزن ويطمئن ويندم ويجوع ويعطش وينام ويؤدِّي كل مهام هذه الدنيا.

ولكن الأول يعيش ويعمل كل شيء للجسد ومن أجل الجسد وخوفاً على الجسد وحباً للجسد، ويموت مع الدنيا؛ والثاني يعيش ويعمل بالروح لمجد الله فقط.

لذلك فهو يعيش فوق الدنيا ولا يذوق الموت أبداً.
لا يمكن بل ويستحيل أن يَعْبُر الإنسان إلى دائرة القيامة والحياة الأبدية وهو بعد يعيش بالجسد

أو من أجل الجسد أو خوفاً على الجسد أو حباً في الجسد.
هوذا الله قد خلق، بقيامة المسيح من بين الأموات، كل شيء جديداً، لأن الأمور العتيقة مضت كلها، لقد تصفَّت نهائياً على الصليب، مع كل ما لا ينسجم مع ملكوت الله.
لقد جمع الله في ابنه كل معاثر بني آدم مع تفاهات البشر وكل ما كان يعوِّقهم عن الله وما كان يعوِّق الله عنهم،
وصلبها في جسده؛ حيث ماتت الآدمية عن كل ماضيها في الخطيئة والتعدِّي، ثم أكملت كل مستلزمات موتها في القبر والهاوية.

ثم أقامها المسيح معه في اليوم الثالث خليقة أخرى جديدة فيه ومنه، ليس فيها ما يعوِّقها عن المسير في جدَّة الحياة وبمقتضى ناموس الروح في ملكوت الله. وكأنما قوة الصليب بمفهومه كموت حقيقي قد صارت لنا باب الخلاص من كل ما يعوِّق الخلاص، حيث بقوة موت المسيح يموت الجسد وتموت فيه كل الأهواء مع الشهوات، ويموت العالم من داخل النفس ويخلص الإنسان من طوفان هلاك محيط.
بالصليب انتهى دهر
الصليب صار كسيفِ لهيب النار المتقلِّب لحراسة الطريق المؤدِّي إلى ملكوت الله حتى لا يدخله أحد ولا شيء ما من الخليقة العتيقة!!
والقيامة هي الباب الجديد الذي افتتح به الرب أزمنة الخلاص وبهجة الملكوت وأنار طريق الخلود.
أما أزمنة الخلاص وبهجة الملكوت والحياة مع المسيح، فلا تبتدئ من القيامة بل من خلف آلام الصليب
حيث في سرِّ الألم والموت يعتمد الإنسان للمسيح لميلاد حياة جديدة وقيامة ليس فيها للألم أو الموت سلطان بعد على حياة الإنسان، إلاَّ ما هو لتعميق الخلاص وكشف الرؤيا وتسهيل العبور.
أما الصليب بالنسبة للسائرين في بداية الطريق نحو الملكوت السعيد فيبدو ثقلاً لابد منه، يسألون بلهفة وحزن النفس لو أمكن أن يَعْبُر أو يعبروا من دونه
وكأنهم يريدون أن يلبسوا مسكنهم السمائي على العتيق المُرقـَّع.
أما بالنسبة للذين استحثوا المسير وقاربوا النور، فيبدو الصليب أمامهم ضرورة حتمية، من أجلها بدأوا وعلى أساسها ساروا.
أما بالنسبة للذين هلَّت عليهم نسمات القيامة من بعيد، واستمعوا لنشيد الخلاص الصادق من وراء أسوار الجسد، واستيقظت أرواحهم واستعدَّت للحدث العظيم الآتي؛ فيبدو الصليب أمامهم

وكأنه هبة الله العظمى ورحمة السلام الحقيقي وباب الخلاص، الذي جعل العبور من الموت إلى الحياة ومن الظلمة إلى النور ومن سلطان الشيطان إلى ملكوت الله ومن وُثـُق الجسد العتيق إلى حرية أولاد الله في المجد؛ جعله أمراً ممكناً ومضمونـاً بعد أن كان شيئاً مستحيلاً!

وهكذا:
ويلاحظ هنا في هذه الآية أن الأول في الموت جاء بفعل ماضٍ: ، أما فيجيء كفعل المستقبل الدائم:

وهذا معناه أن اتحادنا مع المسيح في موته أمر، واتحادنا معه في قيامته أمر آخر، لأنه في موته كنا حقًّا فيه، أي في جسم بشريته. فبشريته هي نحن، لأنه بتجسُّده أَخَذَ الذي لنا ومات بما لنا.
أما في قيامته فلا يتأتَّى أن نتحد به تلقائياً، إذ يتحتَّم أن المسيح القائم من بين الأموات يدخل إلينا:

لما مات، ولكن لكي نقوم معه ينبغي أن
إلينا ويصنع منزلاً وإقامة!! ولكن لا يستطيع المسيح أن يعطي قيامته كفعل حياة جديدة إلاَّ في إنسان أكمل موته تماماً عن حياته العتيقة. هذا ما كان قد سبق وعلَّم به كثيراً

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:35 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
ابتسم من فضلك فالهك حي

وقف فتى صغير أمام واجهة مكتبة مسيحية تعرض لوحات فنية، وأخذ ينظر بشغف وتأمل إلى صورة زيتية للرب يسوع المسيح على الصليب· وإذا بِرجُل يقترب منه، ويقف بجانبه، وينظر متفكرًا إلى ذات الصورة، ثم بعد فترة وجيزة يلتفت إلى الفتى ويسأله: "هل تعلم مّن هذا"·
أجاب الفتى: "نعم يا سيدي، إنه الرب يسوع المسيح، فاديَّ الذي أحبني ومات على الصليب لكي يُخلصني·وهؤلاء الناس حوله هم الجنود الرومان الذين قتلوه·
وتلك المرأة التي تبكي هي أمّهُ؛ العذراء المطوبة القديسة مريم"·
رَبَت الرجل على كتف الولد ومضى مبتسمًا· ولم يكن قد ابتعد كثيرًا حتى شعر بأحدهم يجري وراءه، ويشده من كُمّ قميصه· كان ذلك الفتى الذي تكلّم معه قبل لحظات، وقد استوقفه، وقال له: "عفوًا يا سيدي، لقد نسيت أن أخبرك شيئًا آخر مهمًا جدًا؛ إن الرب يسوع المسيح لم يَعُد بَعدُ مُعلَّقًا على الصليب، وليس هو في القبر، بل إنه حيٌّ لأنه قام من الأموات، وهو الآن في السماء"·
كان ذلك الفتى قد عرف المخلِّص الحي الذي مات وقام، وهو حيٌّ الآن· لقد عرف حقَّ الإنجيل الكامل، وأراد أن يعرِّف الرَّجُل الذي سأله أن بشارة الإنجيل لا تقتصر على أن الرب يسوع عاش ومات ودُفن، بل تشتمل أيضًا على أنه قد قام من بين الأموات، وأنه حيٌّ الآن في السماء «وأُعرِّفكُم أيها الإخوة بالإنجيل الذي بشرتكم به، وقبلتموه، وتقومون فيه، وبه أيضًا تخلصون··· أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنه دُفن، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب» (1كورنثوس15: 1-4)·
أيها الأحباء: إن قيامة المسيح من بين الأموات حقيقية جوهرية في المسيحية· فالإيمان المسيحي يُخبرني عن شخص مبارك ومجيد، غالب ومنتصر، هو الآن مُخلِّصًا، يُعطي التوبة وغفران الخطايا لكل من يأتي إليه ويؤمن باسمه·
والإيمان المسيحي يقود النفس ليس إلى أسفل صليب فارغٍ خالٍ، وليس إلى قبر، حتى ولو كان هذا القبر أيضًا فارغٍ خالٍ· ولكنه يقودني إلى قدمي المُخلِّص المُقام والمرتفع· إن «ربي والهي» ليس على الصليب الآن، وليس هو في القبر· أين هو إنه مُقام وممجَّد في السماء· هو مخلِّصي المُقَام و المنتصر على الموت والقبر·
لقد تجسد ربنا (يوحنا1: 14)، وكالقدوس لم يكن للموت سلطان عليه لأنه لم تكن فيه خطية، ولكنه وضع حياته باختياره (يوحنا10: 1· وصُلب رب المجد، وذاق بنعمة الله الموت، ثم قام، وبذلك كسر شوكة الموت· وبموته وضع الأساس لإبادة ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس (عبرانيين2: 14)· وقيامة المسيح هي البرهان أن الله قَبِلَ عمله في الموت، وأن الجميع مطاليب الله العادل قد وفيَّت في الصليب تمامًا· ونستطيع نحن أن نفتخر بهذه الحقيقة: أن ذاك الذي حمل في جسمه خطايانا على الخشبة، قد أُقيم «بمجد الآب» (رومية6: 4)؛ وفي هذا الضمان الأكيد الراسخ بأن خطايانا قد ذهبت عنا إلي الأبد·
نعم، لقد مات وقام، وتبرهن أنه ابن الله (رومية1: 4)، وتبررنا نحن بقيامته (رومية4: 25)· وصار لنا رجاء حيّ (1بطرس1: 3 ،21)· ولأنه حيّ سنحيا نحن أيضًا (يوحنا14: 19)· وهو الذي طمأن قلب يوحنا، تلميذه الساقط الضعيف، قائلاً له: «لا تخف» - ويا لها من كلمة تُبدِّد الخوف وتأتي بالطمأنينة والسلام «أنا هو الأول والآخر، والحي وكُنت ميتًا، وها أنا حيٌّ إلى أبد الآبدين!··· ولي مفاتيح الهاوية والموت» (رؤيا1: 17 ،1·)
وإننا لا نستغرب ما أحدثه الشيطان من ضجة في سفر الأعمال، عندما بَشَّر الرسُلُ وعلَّموا الناس الحق، لأنهم بماذا بشَّروا «في يسوع بالقيامة من الأموات»،
«وبقوةٍ عظيمةٍ كان الرسُلُ يؤدّون الشهادة بقيامة الرب يسوع»
(أعمال4: 2 ،33)، فلو كانوا قد بشَّروا بيسوع المسيح كمَن عاش على الأرض فقط، لما اهتم الشيطان بالأمر لأنه مات، وشخص ميت لا يُخلِّص ولا يمكن أن يهب حياة للموتى بالذنوب والخطايا·
ولكن الرُسُل نادوا بأن الله قد أقامه من الأموات بالبر عن يمين الله، وهو الحياة والبر والقداسة والفداء لكل نفس تؤمن به (1كورنثوس1: 30)· ولذلك لا عجب أن الشيطان حاول!
ذلك اليوم أن يضع الرُسُل في السجن، لأن القيامة التي كانوا ينادون بها هي البرهان القاطع على أن المسيح قد هزمه وألغى قوة الموت· وإذ أزيل الموت، الذي هو أجرة لخطية الإنسان، برهنت قيامة المسيح على أن الخطية قد أُزيلت·
ونحن نذكر أنه في صباح القيامة نزل ملاك ودحرج الحجر عن قبر المسيح· ولماذا؟
ليس لكي يُسهّل للمسيح الخروج من القبر، حاشا! فالمسيح كان قد قام فعلاً من قبل وغادر القبر والحجر عليه؛ إذ أن له سلطان أن يضع نفسه وله سلطان أن يأخذها·
بل وأكثر من ذلك قام «بمجد الآب» تعبيرًا عن السرور والرضا الذي وجده الله في عمل المسيح الكامل (رومية6: 4)···
إذًا لماذا دحرج الملاك الحجر؟! لكي يُمكنني أنا أن أنظر داخل القبر وأراه فارغًا، فأهتف قائلاً: هللويا! إن مُخلَّصي الذي اجتاز الموت لأجل خطاياي قد خرج منه· وهكذا يُمكنني أن أتحوَّل عن القبر الفارغ لكي أتطلع، كمؤمن، إلى !
مجدالله، وهناك عاليًا، أعلى من أولئك الملائكة الذين لم يُخطئوا قط، أرى هناك «إنسان» لأجلي، إنسانًا
«فيه يحلّ كل ملء اللاهوت جسديًا» (كولوسي1: 19؛ 2: 9)· هو مُخلِّصي الذي ذهب إلى الموت لأجل خطاياي، ومات موتي، وهو الآن مُقَام من الأموات، وأنا مُقَام معه ومقبول فيه، لذلك يُمكنني الآن أن أرنم بنغمة عالية:
قام حقا مَن قضى إذ به الآبُ ارتضى
ليمينه ارتقى فوق كلِّ اسمٍ سَما
عزيزي المؤمن··
لا تخف··
ارفع رأسك وابتسم مطمئنًّا··
فالرب يسوع المسيح حيّ، وسوف يظل إلى الأبد
«الله الحيّ»·

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:36 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
همسات روحية

لنيافة الأنبا رافائيل

قام في اليوم الثالث حسب الكتب



(الجزء الثاني)



http://www.peregabriel.com/gm/albums...ormal_JD15.jpg



3- القيامة في الأنبياء




لقد قمنا مع المسيح وفيه، وفي ذلك يتنبأ هوشه النبي قائلاً:

"يحيينا بعد يومين وفي اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه" (هو6: 2)، "هكذا هو مكتوب، وهكذا كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات في اليوم الثالث" (لو24: 46).

.ليس هو فقط الذي يقوم، ولكننا نقوم معه وفيه "فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله" (كو3: 1)



V كيف نقوم معه؟

يشرح ذلك معلمنا بولس "مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضاً معه بإيمان عمل الله الذي أقامه من الأموات" (كو2: 12)،

لذلك يتنبأ حزقيال النبي عن قيامتنا قائلاً: "هأنذا افتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي، وآتي بكم إلى أرض إسرائيل" (حز37: 12) ويعقب على ذلك هوشع النبي بقوله: "من يد الهاوية أفديهم، ومن الموت أخلصهم" (هو13: 14)


والمسيح داس الموت بموته، فصار الموت بالنسبة لنا بلا قوة، وانتهى مهابته وسطوته إلى الأبد..وفي ذلك يتنبأ إشعياء النبي قائلاً:


"يبتلع الموت إلى الأبد، ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه، وينزع عار شعبه عن كل الأرض، لأن الرب قد تكلم" (إش25: 8)،

"أين أوباؤك يا موت؟ أين شوكتك يا هاوية؟" (هو13: 14)



وهذه هي التسبحة التي أنشدها معلمنا بولس الرسول معلناً فرحته بقوة القيامة ومفعولها:

"ابتلع الموت إلي غلبة، أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟" (1كو15: 55،54)




4- قيامة الأموات في العهد القديم

لقد أقام إيليا ابن أرملة صرفة صيدا (1مل17: 22) وأقام أليشع ابن الشونمية (2مل4: 35)..

لقد كانت قيامة هؤلاء عربوناً لقيامة المسيح، ونبوة تسبق وتعلن إمكانية القيامة من الأموات..وأيضاً كانت قصة يونان النبي ودفنه في بطن الحوت ثلاثة أيام، كانت رمزاً لدفن المسيح وقيامته "لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون إبن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال" (مت12: 40)


لقد أراد الله بطول العهد القديم أن يهيئ أذهان شعبه، لقبول قيامة السيد المسيح من الأموات..عربوناً لقيامتنا نحن..الآن بالمعمودية وفي الأبدية بالحقيقة

Mary Naeem 06 - 09 - 2014 02:55 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
الخلاصُ والإيمانُ

تبدو العلاقة بين الخلاص والإيمان غير مفهومة فهمها اللاهوتي الصحيح عند الكثيرين ,إذ لأول وهلة يفهمُ الإنسان أنّ عليهِ أن يؤمن بالمسيح حيث الإيمان يشمل أن المسيحَ ماتَ من أجل خطايانا وأقيمَ لأجلِ تبريرنا (رو25:4),كما تقول الآية , وبهذا الإيمانِ نخلُص :"إن اعترفتَ بفمِكَ بالرّبِ يسوعِ ,وآمنتَ بقلبك أنّ اللهَ أقامهُ من الأمواتِ خلُصت"(رو 9:10). والخلاص هو بغفرانِ الخطايا والإنعتاقِ من عقوبة الموت الأبدي كون المسيح ماتَ على الصّليب من أجلِ خطايانا ,كما أن الخلاص يشمل قبول الحياةِ الأبدية كونِ المسيح داسَ الموتَ وقامَ من الأمواتِ و أقامنا معهُ في جدّة الحياةِ.
هُنا يقوم الفهم من جهةِ الخلاص أنهُ يتمُ بالإيمانِ .أيّ أنّ الأيمانَ هو واسطة الخلاص أو هوَ الذي يهبُنا الخلاص , ولكن هذه المعلومة اللاهوتيّة معكوسة.
والصحيح هو أن الخلاص أكملُه المسيح للإنسان وقدّمهُ هبة مجانيّة للخطاة .فالذي يؤمن أي يصدق ,يحسب الله إيمانُه له خلاصاً .إذاً ,فالإيمان هنا ليس هو ثمن الخلاص ,لأنّ الخلاصَ تمّ مجاناً ووُهبَ مجاناً وبلا ثمن من أيّ نوعٍ ,وتصويرِ الأمرِ عملياً هو هكذا:
المسيحُ أكملَ الخلاص وحملهُ على يديهِ وقدّمهُ للخاطئ ,فالذي يمدُ يده ويأخذهُ يكون قد خَلُص .فالإيمانُ ليسَ ثمناً ولا واسطة للخلاص ,بل هو تصديقٌ واخذٌ معاً.هذا لأن الله في المسيحِ يريدنا أن نخْلُص بدافع الحُب والرّحمة للخاطئ ("لا يموتُ الخاطئ بل يحيا"),فلا يتطلب من الإنسان الخاطئ إلا أن يُصدّق حُبّ الآب :"نحن قد عرفنا وصدّقنا المحبة التي لله فينا "(1يو 16:4) , ويتقبل منهُ هديّة الخلاص الذي اقتطعهُ لنا من لحم ابنهِ ودمهِ.
بهذا لا يُشكّل الإيمان أيّ جُهدٍ فكريّ أو نفسي أو جسدي عند الإنسانِ الخاطئ لكي يخلص ,بل كُلّ ما يطلبه الله منهُ أن يقبل ويرضى بالخلاص الذي أُكمل , هو معروض عليه ليأخذُه لنفسه كحقٍ لهُ ليعيشَ به فوراً حسبَ مشيئة الله والمسيح :"الذي يريد أنّ جميعَ النّاسِ يخلصونَ وإلى معرفةِ الحقّ يقبلون "(1تي 2:4). [1]
صحيح أنّ الخلاصَ ليسَ منكم وليسَ من أعمالٍ ,
ولكنّ الخلاصَ هو لَكُم ولهُ أعمالٌ صالحةٌ يتحتم أنْ نسلكَ فيها!!
ولكن فرق كبير بينَ أن يكونَ لنا عملٌ صالح خاص نقومُ بهِ,
وبينَ أن يكونَ الله قد أعدّ لنا أعمالاً صالحة لنسلك فيها.
هذا يعني أن الخلاص يشمل عطيةَ البر . وقد رتب الله في صميم طبيعة الخلاص أن يحيا الإنسان في قداسة ,لأن طبيعة الخلاص نفسها قائمة على القداسة ,ولابُدّ للقداسة أن تُعلنَ ذاتها بالأعمال.
هُنا الأعمال هي أعمالُ الله بالأساسِ ,وقد زرعها في صميمِ الخلاص والبر اللذين منحهما للإنسان, فأصبحَ الأنسانُ مُطالباً بأن يأتي هذه الأعمال ويُتقنها لأنها جزء لا يتجزأ من خلاصهِ وبرّ الله فيه.
+ "إن كانَ أحدٌ في المسيح(في الخلاص ) فهو خليقة جديدة ." (2كو 17:5)
+ "وتلبسوا الإنسانَ الجديد المخلوقِ بحسب ِ الله في البرّ وقداسة الحق."(أف24:4)
واضحٌ أنّ الخليقة الجديدة في المسيح لها أعمالٌ صالحة في البرّ وقداسة الحق.
وهُنا يستحيلُ أن يوجد خلاصٌ إلا وله أعمال ,أو يوجد إنسان جديد ولا يعملُ أعمالاً صالحة ,لأنها في صميمِ طبيعة الإنسانِ الجديد الذي خلقهُ الله على صورتهِ ليشهدَ لله ويعمل أعمالَ الله !!
وهذا ما حدده ق.بولس من قوله:"كما اختارنا فيهِ قبلَ تأسيسِ العالمِ لنكونَ قديسينَ بلا لومٍ قدامه في المحبة "(أف4:1),كما يُعبر عن هذا أيضاً في موضعٍ آخر :"الذي بذلَ نفسهُ لأجلنا (فداء وخلاص) لكي يفدينا من كُلِّ إثمٍ ويطهّرُ لنفسهِ شعباً خاصاً غيوراً في أعمالٍ حسنة ."(تي 14:2)
وهل العنبُ في الكرمةِ يخرجُ عنباً كما يشاءُ أبيضَ أو أحمرَ له بذرة أو بدون ؟ أم أن على الغصن أولاً أن يثمر (عمل) والإّ يُقطع ويُطرح في النّارِ .
ثم عليه أن يَطرح (عملاً) عنباً كما تُمليهِ عليهِ الكرمةُ ,سبق وأن اختزنتهُ في طبيعتها بحسب صورتها؟
وما الأعمالُ الصّالحة التي سبقَ الله فأعدّها لنا,إلاّ كما قالَ المسيحُ :"أنا هو الطريقُ والحقُّ والحياةُ"(يو 6:14), "من يتبعني فلا يمشي في الظلمة "(يو 12:8),"فسيروا ما دامَ لكم النّورُ لئلا يُدرككم الظلامُ "(يو 35:12).فالمسيحُ نفسه هو الطريقُ وهو النّور وهو مجالُ الأعمالِ .
+ " إن سلكنا في النّورِ كما هو في النورِ فلنا شركة (كنيسة) بعضنا مع بعض ..."(1يو 7:1)
+ "ما هو حق فيه وفيكم أنّ الظلمة قد مضت والنورُ الحقيقيّ الآنَ يُضيء ."(1يو8:2)
أيء أنّ المسيحَ أوجدَ لنا المجالَ المنير الذي نعملُ فيه الأعمالَ ,وذلكَ بوجودهِ وعملهِ فينا .
+ "الله هو العاملُ فيكم أن تريدوا وأن تعملوا..." (في 13:2)
+"بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً."(يو 5:15)
وهكذا تصبح الأعمالُ الصّالحةُ "بالله معمولة "(يو21:3), ومع المسيحِ مرسومة , وبالرّوحِ معلومةٌ.
وبذلكَ تصيرُ الأعمالُ الصالحة جزءاً لا يتجزأ من "مدحِ مجدِ نعمتهِ التي أنعمَ بها علينا في المحبوب ","لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكُم الذي في السّمواتِ ."(متى 16:5)
أمّا الأمثلةُ الصّالحة فذكرها المسيح :مثلاً في تصويرِ نفسه بالضُعفاءِ والغرباء والمساكينَ والمسجونينَ والجياعِ والعطاشِ والعرايا .فكلّ عملٍ موجه لهؤلاء مجّه للمسيح رأساً .فهذا نموذج جيّد للعمل الصّالح وعلى أضعف مستوى
أمّ أعظمُ الأعمالِ وأفخرهُا فهي: الشّهادةُ للمسيح , وخدمة كلمة الإنجيلِ ,وإنارةُ الآخرين في معرفةِ ابن الله وردّ الكثيرينَ إلى البر!!
محبة الجميعِ بشهادةِ محبة الأعداء !!
البذل, "هذه أعطت كلّ ما عندها " فلسي أرملة!!(لو1:21-4)
دعْ الموتى يدفنون موتاهُم أمّا أنت فاذهب ونادِ بملكوتِ الله !!(لو60:9)
يعوزك شيءٌ واحدٌ اذهب بِعْ كُلّ ما لك...وتعالَ اتبعني!!(مر21:10)
ومن ترك يأخذُ مائة ضعف هنا والحياة الأبدية !!(متى 29:19)
أنتم الذينَ تعبتم معي وتعبتموني في التجديد ...(متى28:19)
[2]

_____________

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:24 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
ظهور السيد المسيح بعد القيامة
ظهور السيد المسيح بعد القيامة: لشهود كثيرين في أماكن عديدة متفرقة يبعد أحدها عن الآخر مسافات شاسعة، وقد ظهر أيضاً في ظروف ومناسبات متعددة ومتباينة:
1. فقد ظهر لمريم المجدلية (مر 16: 9).
2. ولبعض النساء التلميذات (مت 28: 9).
3. ولبطرس (1 كو 15: 5).
4. وللتلميذين الذين كانا ذاهبين إلى عمواس (لو 24: 15-31).
5. وللرسل العشرة وفي هذه المرة لمسوا يسوع وجسوه، واكل أمامهم فأثبت لهم أنهم لا يرون رؤيا بل يرون حقاً المسيح المقام (لو 24: 36-43).
6. وظهر للإحدى عشر رسولاً وتوما معهم ولم يكن توما موجوداً في المرة السابقة التي ظهر فيها المسيح للرسل ولذلك شك ولم يؤمن إلا لما ظهر لهم يسوع وتوما معهم (يو 20: 21-28).
7. ظهر لسبعة من التلاميذ الذين كانوا يصطادون في بحر الجليل (يو 21: 1-24).
8. وظهر للأحد عشر رسولاً في الجليل (مت 28: 16 و 17).
9. وظهر لخمس مئة من المؤمنين (1 كو 15: 6). وربما تم هذا الظهور في نفس الوقت الذي ظهر فيه للأحد عشر رسولاً في الجليل.

10. ثم ظهر ليعقوب (1 كو 15: 7).
11. وظهر للأحد عشر رسولاً فوق جبل الزيتون عند الصعود (اع 1: 2-9).
12. ثم ظهر لشاول الطرسوسي وقت أن كان عدواً للمسيحيين وكان ذاهباً إلى دمشق ليضطهدهم (اع 9: 1-5). وهذه السحابة من الشهود الكثيري العدد تؤيد من غير شك، حقيقة قيامة يسوع المسيح من بين الأموات كحقيقة تاريخية ثابتة.

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:25 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
أهداف ظهورات السيد المسيح

كان السيد المسيح يظهر للتلاميذ عبر 40 يوما بعد القيامة بدءا من أحد القيامة وحتى خميس الصعود وكانت أهداف الظهورات كما يلى :-
1 - تأكيد حقيقة القيامة :-
لقد كان الرب يظهر للتلاميذ فى أماكن كثيرة وبأعداد كبيرة وفى أوقات متعددة على مدى 40 يوما وكان يظهر لهم بجسد القيامة النورانى ويدخل الى العلية والابواب مغلقة تماما كما يدخل النور من الزجاج دون أن يكسره
بالطبع كان من المتوقع ان يشكوا أن جسد القيامة هذا مجرد خيال او رؤيا أو أضواء لذلك كان الرب يسوع يعود مؤقتا الى صورة الجسد الاول الحسى الذى يمكن أن ُيرى
وُيلمس ويمكن أيضا أن يأكل و يشرب وذلك لكى يؤكد لهم أن جسد القيامة هو بعينه الجسد الاصلى بعد أن مات وقام وتغير الى هذا الشكل المجيد النورانى والروحانى.

ولا غرابة فى ذلك ولا صعوبة فنحن رأينا الله فى العهد القديم وهو الروح غير المحدود وقد ظهر فى شكل انسان يأكل ويشرب كما حدث مع
1 - ادم : فى جنة عدن حين كان يتمشى الرب فى الجنة ويتخاطب مع ادم وحواء.

2 -ابراهيم : حين ظهر له فى شكل انسان وأكل معه وشرب وتحدث معه عن خراب سدوم و عمورة وكان مع الرب ملاكان ذهبا فأهلكا المكان بعد أن ظهرا مع الرب فى شكل رجلين وبعد اتمام المهمة عاد الرب الى الوضع الاول : روح غير مرئى و لا محسوس وعاد الملاكان الى شكلهما الاول فى السماء روحين لا يأكلان ولا يشربان .
3 - جدعون : حين ظهر الرب له فى شكل انسان.
4 - منوح : أبو شمشون وامأته.
5 - يعقوب : حين ظهر له فى شكل انسان صارعه حتى طلوع الفجر وباركه.
6 - دانيال : حين ظهر له فى شكل انسان أيضا .
وهكذا استطاع الرب أن يؤكد لتلاميذه أنه هو هو المسيح الذى مات وهو الذى قام بجسد نورانى واستطاعوا أن يلمسوا جراحاته ويأكلوا ويشربوا معه وبعدها انطلق التلاميذ يبشرون
بالفادى وفى أعماقهم ويقينهم أحداث الصلب وحقيقة القيامة

2 - اعلان طبيعة جسد القيامة
لقد قام الرب من بين الاموات بجسد يتسم بالصفات التالية
1 - نورانى : أى مصنوع من النور .
2 -روحانى : أى فيه مسحة روحانية .
3 - سمائى : أى قادر أن يخترق السموات الثلاثة سماء الطيور والجلد وسماء الافلاك والنجوم وسماء الفردوس مكان انتظار الارواح البارة .. ثم يصعد هذا الجسد فوق السموات الثلاثة ليستقر فى سماء السموات حيث عرش الله ليحيا مع الله الى الابد فى ملكوته فى أورشليم السمائية.
4 - ممجد : حيت يتمجد هذا الجسد النورانى بأكاليل كثيرة منها :
اكليل القداسة : لأن جسد القيامة لا يخطىء
واكليل الفرح : فلا حزن هناك.
واكليل الخلود حيث لا موت الى الابد.
وهذا كله سيحدث فى اليوم الاخير فى المجىء الثانى للسيد المسيح حين يظهر على السحاب مع ملائكته القديسين والراقدون بيسوع يقومون بأجساد نورانية ويصعدون الى السماء للقاء الرب أما الاحياء بالجسد فى ذلك اليوم فيتغيرون ( بعد موت سريع جون دون فى القبر ) ويلبسون أجساد نورانية ويصعدون هم أيضا الى السحاب بقوة المسيح ليلتقوا بالرب وملائكته واذ يجتمع الكل حول الرب يسوع فى السحاب يصعد بهم الى أورشليم السمائية لنكون كل حين مع الرب والى الابد.
3- مكأفأة وطمأنة المحبين :-
فبعد الدفن وكان السبت يلوح استراحت المريمات بحسب الوصية وفى الفجر باكرا جدا والظلام باقى
( كما يحدثنا انجيل معلمنا متى ) تحركت المريمات بحب شديد الى القبر ومعهن الحنوط حيث لم يتمكن من تحنيط الجسد بصورة كاملة بسبب دخول السبت ( غروب يوم جمعه الصلبوت ) لم يأخذن معهن تلاميذ رجال وكن يسألن أنفسهن : من يدحرج لنا الحجر ؟ حيث كان الحجر ثقيلا يغلق باب القبر .
وبعد أن سرن فى الطريق الطويل دون اجابة لهذا السؤال وصلن الى القبر ( مع مطلع الشمس كما يقول معلمنا مرقس ) واذ بالحجر مدحرج والمسيح قد قام ورأين منظر ملائكة بشروهن بالقيامة المجيدة وطلبن منهن التبشير بالقيامة.
وخارج القبر ظهر الرب يسوع للمريمتين فسجدتا له وأمسكتا بقدميه وتأكدتا من قيامته المجيدة ورجعتا الى البيت وتحدثتا مع الرسل .
ثم جاءت مريم المجدلية مرة أخرى مع بطرس ويوحنا وكان يوحنا شابا فوصل الى القبر مبكرا ورأى أن السيد المسيح لم يكن فى القبر ثم جاء بطرس بعده ووجد الاكفان مرتبة فى القبر ويسوع قد قام.
أما المجدلية فجلست تبكى الى أن ظهر لها الرب يسوع فظنت أنه البستانى الى أن ناداها باسمها : " يا مريم " فصاحت فى فرح : " ربونى " أى يا معلم وتأكدت مرة أخرى من قيامته المقدسة وانصرفت بفرح تكرز بهذه الحقيقة المجيدة .
ونفس الامر حدث مع التلاميذ فى العلية اذ دخل اليهم والابواب مغلقة ثم أكل معهم وأشاع السلام فى قلوبهم وأرسلهم للخدمة والكرازة وقد تكرر هذا الظهور للتلاميذ كثيرا فتيقنوا من قيامته وفى احدى الظهورات ظهر الرب مرة أخرى لأكثر من 500 شخص عاشوا أكثر من 25 سنة بعد القيامة يكرزون بالمسيح الحى الى أن ظهر لهم - المرة الاخيرة _ على جبل الزيتون وصعد أمامهم الى السموات جسديا .
4- قبول توبة بطرس :-
كان بطرس الرسول في ضعف ما قبل حلول الروح القدس قد أنكر 3 مرات أنه يعرف المسيح وكان ذلك أثناء أحداث المحاكمة والصلب حيث كان الجو متوترا والهجوم على السيد المسيح شديدا تمهيدا لصلبه المحي .
وبعد أن نظر الرب إلى بطرس وهو ما زال تحت المحاكمة على يد بيلاطس وهيرودس وقيافا ? ندم بطرس الرسول على إنكاره للسيد المسيح وتذكر تحذير الرب له حينما صاح الديك وتاب معلمنا بطرس " و بكى بكاء مرا " ( مت 26: 75)

وإذا أراد الرب أن يؤكد له قبوله لهذه التوبة الجميلة :

1- ظهر له وحده بعد القيامة " ظهر لصفا "
2- قال الملاك لمريم المجدلية ومن معها : اذهبن وقلن لتلاميذه ولبطرس : انه يسبقكم إلى الجليل هناك ترونه
( مر 16 : 7) ومعروف أن بطرس واحد من التلاميذ لكن الرب خشى أن لا يعتبر بطرس نفسه أنه ما زال من التلاميذ لذلك ذكر اسمه هو بالذات تأكيدا لقبول التوبة.
3- ظهر له مع 6 تلاميذ آخرين على بحر طبرية واختصه بحديث مستفيض وحوار خاص أعلن فيه معلمنا بطرس محبته للسيد المسيح فأعاده الرب إلى رتبته الرسولية قائلا : " ارع خرافي ... ارع غنمى
( يو 21 : 17،16،15) وهكذا أكد الرب له 3 مرات أنه أعاده إلى رتبته الرسولية بعد أن كان قد أنكر 3 مرات أنه يعرف يسوع.
ثم أنبأ الرب معلمنا بطرس بموته ( مصلوبا منكس الرأس ) حينما قال له : " اتبعنى ..... مشيرا إلى أي أية ميتة كان مزمعا أن يمجد الله بها " ( يو 21 : 19 )
وهكذا أثبت الرب لنا محبته للخطاة التائبين وغفرانه الأكيد وإعادتهم إلى الخدمة والشهادة .
5- علاج شك توما الرسول :-
فحين ظهر الرب في العلية بأورشليم يوم أحد القيامة لم يكن معلمنا توما معهم ولما قال له الرسول : " إن لم أبصر في يديه أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أؤمن "
( يو 20 : 25 )
وإشفاقا على معلمنا توما ومزيدا من تأكيد القيامة ظهر الرب في العلية في الأحد التالي للقيامة " اليوم الثامن " ( ورقم 8 هو رمز للأبدية بعد رقم 7 ... أيام الخليقة ) وأعطى الرب فرصة لمعلمنا توما الرسول أن يلمس أثر المسامير في يديه ويضع يده في جنبه المطعون قائلا له : "هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا "
فصاح معلمنا توما الرسول قائلا : " ربى والهى "
ولئلا يصير هذا منهجا يتبعه الناس في الإيمان بالمسيح فيطلبون البرهان الحسي بدلا من يقين الإيمان قال الرب لتوما في عتاب رقيق : " لأنك رأيتني يا توما آمنت طوبى للذين آمنوا ولم يروا "
( يو 20 : 26-29 )
وهكذا تأكدنا من حقيقة القيامة وضرورة الإيمان ورفض منهج الشك وطلب البراهين الحسية مكتفين بيقين الإيمان الذي شرحه لنا معلمنا بولس قائلا : " أما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والايمان بأمور لا تُرى "
( عب 11 : 1 )
فنحن مهما حاولنا بالعقل البشرى أو بالعين المجردة أن نتعرف على حقيقة وجود الله لن نتمكن من ذلك دون إيمان يقيني بأن عين الروح ترى ما لا تراه عين الجسد.
6- أحاديث أمور الملكوت :-
قضى الرب يسوع الأربعين يوما ? من أحد القيامة وحتى خميس الصعود ? يشرح ويفسر لتلاميذه " الأمور المختصة بملكوت الله " ( أع 1 : 3 )
وهذه الأحاديث الهامة كلها تسلمها الآباء الرسل شفويا وسلموها لنا من خلال تعاليمهم ومبادئهم و قوانينهم و ترتيباتهم في الصلوات والأسرار المقدسة .. وهى أمور في غاية الأهمية لم ترد مكتوبة بالحرف في أسفار الإنجيل ولكنها وردت في تسليم الآباء الرسل لتلاميذهم فيما بعد كالقديس بوليكاربوس أسقف أزمير والقديس أغناطيوس " حامل الإله " وغيرهما ....
وهذه حقيقة بل عقيدة هامة وهى أننا نستلم تعاليمنا المسيحية من مصدرين هما :
1- الكتاب المقدس كما سلمته لنا الكنيسة في العصور الأولى.
2- التقليد الكنسي الرسولى كما استلمه آبائنا الرسل من السيد المسيح وكما سلموه للأجيال التالية.
وها نحن نقرأ أن السيد المسيح عمل معجزات كثيرة لم تدون في أسفار الإنجيل كما نرى معلمنا يوحنا الرسول مشتاقا أن يتكلم مع تلاميذه فما لفم وليس " بحبر وقلم " ( 3 يو 13 )
كما أن الرسول بولس أوصى تلاميذه في تسالونيكى قائلا : " اثبتوا إذا أيها الإخوة وتمسكوا بالتقليدات التي تعلمتموها سواء كان بالكلام أم برسالتنا " ( 2 تس 2 : 15 ) " نوصيكم أيها الإخوة باسم ربنا يسوع المسيح أن تتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب وليس حسب التقليد الذي أخذه منا " ( 2 تس 3 : 6 )

إن الأربعين المقدسة التي سلم فيها الرب تلاميذه أسرار ملكوت الله هي أقوى دليل على أهمية " التقليد الرسولى الكنسي " بجوار أسفار الكتاب المقدس فهو بمثابة المذكرة التفسيرية التفصيلية للكتاب المقدس التي تشرح لنا عمليا ممارسات الكنيسة في الأسرار والقداسات والطقوس و الرسامات .... الخ.
7 - أرسال التلاميذ للكرازة : -
أرسل الرب من خلال هذه الظهوارات ? تلاميذه القديسين للخدمة والبشارة قائلا لهم : " سلام لكم كما أرسلنى الآب أرسلكم أنا " ( يو 20 : 21 ) قال لهم هذا يوم أحد القيامة فى العلية و " نفخ وقال لهم : اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت " ( يو 30 : 22 ، 23 )
وهكذا أعطى الرب تلاميذه سر الكهنوت المقدس وسلطان الحل و الربط الذى سبق أن أنبأهم به قائلا : " كل ما تربطونه على الارض يكون مربوطا فى السماء وكل ما تحلونه على الارض يكون محلولا فى السماء " ( مت 18 : 18 )
وهو نفس ما قاله سابقا لمعلمنا بطرس حينما أعلن إيمانه بالرب فى نواحى قيصرية إجابة على سؤاله للتلاميذ : " من تقولون إنى أنا ؟ فأجاب سمعان بطرس وقال : أنت هو المسيح ابن الله الحى فأجاب يسوع وقال له : طوبى لك يا سمعان بن يونا إن لحما ودما لم يعلن لك يا سمعان لكن أبى الذى فى السموات وأنا أقول لك أيضا أنت بطرس ( = صخرة ) وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستى وأبواب الجحيم لن تقوى عليها وأعطيك مفلتيح ملكوت السموات فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا فى السموات وكل ما تحله على الأرض يكون محلولا فى السموات " _ مت 16 : 15 -19 )

وهكذا من خلال الأربعين المقدسة حصلنا على البركات الكثيرة التالية :
1- تأكيد حقيقة القيامة 2- إعلان جسد القيامة
3- مكافأة المحبين وطمأنتهم 4- قبول توبة التائبين
5 - علاج شك الشكاكين 6- إعلان أسرار ملكوت الله
7 - إرسال التلاميذ للكرازة بالانجيل


Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:29 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
الأحد الثالث من زمن القيامة

http://www.lexamoris.com/diesdomini/...es/emmaus2.jpg

هو اليوم الأوّل، يوم الأحد، يوم قيامة السيّد من بين الأموت. هو يوم الظهور لمريم المجدلّية وللنساء عند القبر. هو يوم الأنوار في أورشليم، الأنوار المشعّة من خارج القبر.
ولكنّه يوم الخوف والشّك، يوم اليآس والألم لتلميذين يغادران أورشليم بينما "النور يخفت والليل قد إشرف على الحلول". أنوار قيامة السيّد في إورشليم لم تبلغ القلوب الخائفة. يسيران، يتحادثان في كلّ ما حصل، علّ أحدهم يستطيع الأجابة:
أين ذهبت وعوده كلّها؟ أين هي معجزاته التي كان يصنعها؟ ما الّذي حصل؟ ماذا نفعل نحن الآن، وقد تركنا كلّ شيء وتبعناه؟


هو ليل الإيمان يهبط على القلوب الجريحة، يملأها الخوف والضياع. لا أمل، لا رجاء، أحلامهم كلّها تبخّرت، فمعلّمهم موضوع في القبر، والكون بأسره ضدّهم.

ماذا يفعلان؟ آيهربان، إم يعودا أدراجهما الى مدينة شهدت على تبدّد رجاء التلاميذ؟
الرجاء اضمحلّ، والوعود تبخّرت، لقد أخطأوا منذ البداية، وثقوا به، فخذلهم، تركهم وحدهم في عالم يريد الآن هلاكهم؟


"لقد انتهى كلّ شيء، لم تمّ كلّ شيء! ألم يقل هو على الصليب إن كلّ شيء قد تمّ؟ لم يعد لحياتنا هدف بعد الآن، لقد وضعنا به ثقتنا، فتركنا وحدنا! أين هو الآن؟ ألم يقل أنّ سوف يكون معنا؟ ألم يقل أنّه والآب واحد؟
ألم يقل أنّ الله قد آعطاه الرسل هو لم يفقد منهم أحد؟ كيف لا وقد تركنا تحت رحمة رؤساء المجمع يفتّشون عنّا ليهلكونا! كيف أمكن أن نكون بسطاء، كيف سمحنا لذاتنا أن نؤمن أن ابن الناصرة سوف يعطينا الخلاص!".


يتكلّمان يتحادثان ويهربان، يريدان الإبتعاد عن مدينة احتضنت كلّ آمالهم، يريدان أن ينسيا كلّ شيء، يريدان أن يععودا الى حياة انتزعهما منها يسوع الناصريّ، ليعدهما بنصيب إفضل.

يريدان العودة الى صيد السمك بعد أن حصلا على الوعد بآن يصبحا صيّادي بشر، يعملان على خلاص العالم من خلال المسيح المخلّص. فماذا علّهما يفعلان الآن، والمخلّص ليس معهما؟

إنجيل تلميذي عمّاوس هو إنجيل كلّ تلميذ خائف، هو قصّة كلّ قلب جريح، هو صورة سقوط التلميذ في الشّك، واليأس وفقدان الأمل.
هي قصّتنا نحن أيضاً، نهرب خارج أورشليم، نخاف الألم، نخاف الخطر، نظنّ أن وعود الرّب لن تتحقّق وأن كلّ ما قاله لنا كان وهماً. هي قصّتنا نحن اليوم حين نظنّ أن شرّ العالم هو أقوى من حضور المسيح. هذا الإنجيل هو مختصر سيرة حياتنا:
نعجز عن رؤية أنوار القيامة، نهرب لأنّ ليل اليأس والشّك أقبل، نظنّ أن المسيح قد تركنا، لا نلتفت اليه يسير الى جنبنا، يريدنا أن نطرح عنّا الشّك ونعود اليه، فهو حاضر، وهو يعطينا الخلاص.


لقد سمعا "بعض النسوة تخبرن أنّه قد قام وظهر لهنّ"، رغم ذلك هربا، فكيف يمكن أن يقوم ذاك الّذي رأوه معذّباً، مهاناً، مسمّراً على الصليب بين لصوص، مطعونا بالحربة؟ كيف يقوم من وضع في قبر ليس له، وأقفلوا قبره بصخرة ثقيلة ثقل يأسهم وخوفهم؟

كيف يمكننا أن نؤمن نحن اليوم بالقيامة وكلّ ما هو حولنا يبشّرنا بالموت والعنف والدمار؟ كيف اؤمن بالقيامة حين أرى صديقاً يموت، وقريباً يعاني مرض لا علاج منه؟ كيف اؤمن بالقيامة أنا، وفي عالمي آلاف الأطفال مشرّدين، جائعين، مستغلين؟
كيف اؤمن بالقيامة والحروب تملأ الكون، والخصام يعمّ كلّ العالم، وحولي عنف ودمار وإرهاب وطنين السلاح يفتك بالأبرياء.


نعم، خوفنا من القيامة هو أكبر من خوفنا من موت يسوع، فيسوع الميت يسهل دفنه، نضعه في زاوية ما من زوايا قلوبنا، ندفنه هناك، نخفيه في قعر نفوسنا، ونحيا حياتنا. ولكن منطق قبول المسيح القائم من بين الأموات هو صعب، لأنّه يتطلّب التزاماً، وإيماناً وتضحية، صلاة وسهر وعطاء. قبول المسيح القائم يعني أن أقبل في حياتي منطق القيامة:
أرفض العنف وحضارة الموت، وأعلن منطقاً لا يتلائم ومنطق ما يحيط بي. منطق القيامة يجعلني أبدو مجنوناً أمام الآخرين، مجنون لأنّي آحيا المصالحة مع الذات ومع الآخرين، مجنون لأنّي أقبل المغفرة وأغفر لمن أساء لي، مجنون لأنّي أقف الى جانب المحتاج والمريض والمتألّم، وأقول لمن يجد نفسه وحيداً:
لا تخف، فأنا بقربك، أحمل اليك يسوع القائم. مجنون لأنّي اؤمن أن الخير لا بدّ أن ينتصر، وأن الموت ما هو الاّ انتقال تليه القيامة. نعم، قبول منطق القيامة صعب عليّ، ومن الأسهل لي أن أترك يسوع مدفوناً في أعماق نفسي.


ولكنّه حاضر، هو بقربي، يسير معي، يسألني، ويشرح لي. يفسّر لي الكتب ويكسر الخبز أمامي، يقول لي: أما كان عليّ إن أتألم حبّاً بك؟ الا ترى كم أحببتك؟ الم تسمع الأنبياء يخبرونك أن سوف يأتي من يحمل خطيئتك، يرفعها عنك ويموت من أجلك؟

هو حاضر معي كما كان حاضراً مع تلميذي عمّاوس ذاك المساء، يقول لي: لا تخف الموت، لا تخف الشرّ الّذي يحيط بك، لا تخف المرض فأنا قبلك حملت أوجاعك لأشفيك.
لا تخف القبر فما هو إلاّ انتقال، لا تدع الظلم يفقدك الرجاء، فأنا احتملت الظلم، حكموا عليّ كمجرم، أسلمت الرّوح بين لصيّن، وعلمت أن لا بدّ للآب من أن يحوّل الظلم الى أمل، واليأس الى رجاء، والموت الى قيامة.


لا تخف الإلتزام بمنطق القيامة، فمنطق القيامة وحده يشفي العالم، ويعطي السلام. كن رسول منطق القيامة، كن الشمعة المنيرة ظلام العنف وقلّة العدالة. لا تقل، ماذا يمكن لشمعتي الصغيرة أن تغيّر، فالنور الّذي تحمله أنت هو نور القيامة الّذي دحرج الحجر الثقيل عن قبري وأنار العالم. لا تخف، فأنا معك. أما قرأت الكتب؟

لقد انفتحت إعينهم ذاك المساء عند كسر الخبز، عرفوا المسيح القائم الّذي كسر جسده من أجلهم. من يمكنه، سوى المسيح، أن يعطي حياته في سبيل من أعطوه الألم والموت؟ في كسر الخبز ذاك الأحد، أدرك التلاميذ ما لم يدركون طوال الطريق: الجواب لم يكن جواب العقل والمنطق، بل جواب الحبّ الأسمى.


http://www.seeingjesus.me/holyimage/...sREMBRANDT.jpg

الجواب كان المسيح ذاته يقول لهم:
"كسرت الخبز من أجلكم، كسرت ذاتي حبّاً بكم، وهبتكم الدّم يغسلكم عند الجلجلة، وهبتكم الدّم يغفر خطيئتكم على المذبح، أنا أنا، في عليّة الأسرار، على صليب الجلجلة، في القبر الفارغ، في الكتب المقدّسة وفي الإفخارستيّا. أنا المسيح معكم، فما بالكم تقسّون قلوبكم ترفضون الإصغاء، لا تخافوا، دعوا رجاء القيامة ينتصر فيكم".

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:31 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
تلميذا عمواس

http://www.peregabriel.com/gm/albums...rmal_00969.jpg
يروي لنا القديس لوقا الإنجيلي لقاء السيد المسيح مع تلميذين للسيد وهما في طريقهما إلى عمواس، قرية تبعد حوالي 7.5 ميلاً شمال غربي أورشليم، يرجح أنها في موقع قرية"الخماسية" أو "القبيبة".

هذان التلميذان أحدهما "كليوباس" [18] وهو اسم مختصر من "كليوباتروس" أو "المجد الكامل
أما الثاني فيرى الدارسين أنه لوقا الإنجيلي نفسه، ويرى العلامة أوريجينوس والقديس كيرلس الكبير أن الشخص الثاني يدعى "سمعان" من السبعين رسولاً، خلاف سمعان بطرس وسمعان القانوي.


ويلاحظ في القصة كما رواها القديس لوقا الآتي:


أولاً: كان التلميذان - وهما من السبعين رسولاً - يسيران في طريق عمواس الذي يمتد سبعة أميال ونصف، فإن كان رقم 8 يشير للحياة الأبدية، لأن رقم 7 يشير إلى زماننا الحاضر، فإن هذين التلميذين قد عبرا الحياة الزمنية لكنهما لم يبلغا قوة القيامة وكمالها (رقم 8). بمعنى آخر سلوكهما في هذا الطريق يشير إلى الإنسان الذي يؤمن بالقيامة في فكره وتكون موضوع حديثه لكنه لا يتمتع بها ولا يمارسها.
كثيرون يؤمنون بالقيامة بل ويكرزون بها لكنهم لا يعيشونها. هؤلاء لا يزالوا في طريق عمواس يحتاجون إلى ظهور السيد لهم وحديثه معهم ليلهب قلوبهم في الحياة الداخلية بالحياة المقامة، فيعيشونها قبل رحيلهم من هذا العالم.


ثانيًا: يحدد الإنجيلي تاريخ هذا اللقاء، بقوله: "في ذلك اليوم" [13]، أي في يوم أحد القيامة، وكان ذلك نحو الغروب حيث قارب النهار أن يميل [21] وكأن التلميذين بقيا النهار كله تقريبًا في أورشليم يسمعان ويتحاوران مع بعضهما أو مع النسوة وبطرس ويوحنا الذين ذهبوا إلى القبر، كما كانا يسترجعان الذكريات عن أحاديث الرب بخصوص قيامته قبل آلامه، ومع هذا لم يحملا يقين الإيمان، إنما "كانا يتكلمان بعضهما مع بعض عن جميع هذه الحوادث" [14].


ثالثًا: "وفيما هم يتكلمان ويتحاوران، اقترب إليهما يسوع نفسه، وكان يمشي معهما" [15]. حقًا لم يكونا على يقين الإيمان لكنهما كانا مشغولين بالسيد يتكلمان ويتحاوران، وفي ضعفهما لم يستطيعا إدراك الحق، فحّل الحق في وسطهما يعلن ذاته ويسندهما إذ سبق فأكد لنا:
"حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" ( مت 18: 20).




رابعًا: "ولكن أُمسكت أعينهما عن معرفته" [16].
ربما عجزا عن معرفته، لأنه إذ قام حمل جسده نوعًا من المجد عن ذي قبل، لذا لم يستطيعا معرفته، كما حدث مع مريم المجدلية (يو 20: 14)، والتلاميذ على شاطئ البحيرة (يو 21: 4). وربما كان علة عجزهما عن معرفته ضعف إيمانهما وتباطؤهما في الفهم الروحي، أو بقصد إلهي حتى يكشف لهما السيد أسراره الإلهية وتحقيق النبوات فيه. "ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب" [27]
v إذ صار له الجسد الروحي (ذات جسده المولود به من العذراء يحمل طبيعة جديدة تليق بالحياة السماوية) لا تمثل المسافات المكانية عائقًا لحلوله (بالجسد) أينما أراد، ولا يخضع جسده لنواميس الطبيعة بل للناموس الروحي والفائق للطبيعة.

لذلك كما يقول مرقس أنه ظهر لهما "بهيئة أخرى" (مر 16: 12)، فلم يسمح لهما أن يعرفاه.
قيل: "أمسكت أعينهما عن معرفته"، حتى يعلنا حقًا مفاهيمهما المملوءة شكًا، فينكشف جرحهما ويتقبلا الشفاء، ولكي يعرفا أنه وإن كان ذات الجسد الذي تألم قام ثانية لكنه لم يعد منظورًا للكل، وإنما لمن يريدهم أن ينظروه.
وأيضا لكي لا يتعجبا أنه لم يعد يسير وسط الناس (كما كان قبل القيامة)، مظهرًا أن تحوله لا يناسب البشرية بل ما هو إلهي، مقدمًا نفسه مثالاً للقيامة المقبلة حيث نصير سائرين كملائكة وأبناء الله.
http://adventus.org/en/wp-content/up...to_emmaus1.jpg


الأب ثيؤفلاكتيوس
vبحق حجب إعلان نفسه عنهما بظهوره بهيئة لا يعرفونها؛ فعل هذا بخصوص الأعين الجسدية من أجل ما فعلاه هم بنفسيهما داخليًا بخصوص عين الذهن. فإنهما في الداخل وإن كانا قد أحبا لكنهما شكا. فإذ تحدثا عنه ظهر لهما، ولكنهما إذ شكا أخفى هيئته عنهما.
البابا غريغوريوس (الكبير)
إن كانت أعينهما قد أمسكت عن معرفته، لكنه تقدم بنفسه إليهما ليبدأ الحديث معهما، إذ سألهما: "ما هذا الكلام الذي تتطارحان به، وأنتما ماشيان عابسين؟" [17]. فإن كان السيد قد تألم وصلب فالموت لم يفصله عن تلاميذه، وإن كان قد قام فقيامته لم تبعد به عنهم. من أجلنا قد صلب ومات وقام لكي يقترب إلينا ويبادرنا بالحب، مشتاقًا أن يدخل معنا في حوار، لكي يقدم ذاته لنا، فنفتح أعيننا لمعاينته وقلوبنا لسكناه فينا.
على أي الأحوال، إن قصة لقاء السيد المسيح بتلميذي عمواس اللذين أُمسكت أعينهما عن معرفته هي قصة كل إنسان روحي، يرافقه الرب كل الطريق، ويقوده بنفسه، ويلهب قلبه، ويكشف له أسرار إنجيله، ويعلن له قيامته، ويفتح بصيرته لكي يعاينه ويفرح به.
يقول القديس أغسطينوس: [ليس غياب الله غيابًا. آمن به فيكون معك حتى وإن كنت لا تراه. فعندما اقترب الرب من الرسولين لم يكن لهما الإيمان... لم يصدقا أنه قام، أو أنه يمكن لأحد أن يقوم... لقد فقدا الإِيمان ولم يعد لهما رجاء... كانا يمشيان معه في الطريق. موتى مع الحيّ، أمواتًا مع الحياة. كانت "الحياة" تمشى معهما، غير أن قلبيهما لم يكونا ينبضان بالحياة.]




خامسًا: "فقال لهما: ما هذا الكلام الذي تتطارحان به وأنتما ماشيان عابسين؟!" [17].
إن كنا في هذا العالم نبكي على خطايانا ونحزن لكن خلال لقائنا مع المسيح المقام يلزمنا ألا نمشي عابسين بل نفرح بالرب، لأن ملكوت الله هو "برّ وسلام وفرح في الروح القدس" (رو 14: 17).

جاء عن القديس أغسطينوس في اعترافاته أن الله كان يمزج عبادته بنشوة روحية تفوق كل ملذات العالم لكي يفطمنا عن لذة الخطية.
قيل عن القديس أبوللو الذي التقى به القديس جيرومفي منطقة طيبة أنه كان دائم البشاشة، وقد اجتذب كثيرين إلى الحياة النسكية كحياة مفرحة في الداخل، ومشبعة للقلب بالرب نفسه. كثيرًا ما كان يردد القول:
[لماذا نجاهد ووجوهنا عابسة؟! ألسنا ورثة الحياة الأبدية؟ اتركوا العبوس والوجوم للوثنيين، والعويل للخطاة، أما الأبرار والقديسون فحري بهم أن يمرحوا ويبتسموا لأنهم يستمتعون بالروحيات.]




سادسًا: ما هو إيمان تلميذي عمواس؟
بلا شك لم يكونا بعد قد استطاعا أن يدركا لاهوته، ولا أن يقبلا سرّ الصليب، إنما كانا يتوقعان فيه محررًا لإِسرائيل أو فاديًا لليهود من الحكم الروماني. وقد حطم الصليب آمالهما، إذ قال كليوباس عن السيد المسيح:
"كان إنسانًا نبيًا مقتدرًا في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب.
كيف أسلمه رؤساء الكهنة وحكامنا لقضاء الموت وصلبوه.
ونحن كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدي إسرائيل،
ولكن مع هذا كله اليوم له ثلاثة أيام منذ حدث ذلك.
بل بعض النسوة منّا حيرننا، إذ كن باكرًا عند القبر.
ولما لم يجدن جسده أتين قائلات:
إنهن رأين منظر ملائكة قالوا أنه حيّ.
ومضى قوم من الذين معنا إلى القبر،
فوجدوا هكذا كما قالت أيضًا النسوة،
وأما هو فلم يروه" [19-24].
ويعلل الإنجيلي يوحنا عدم إيمان التلاميذ بقوله: "لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب أنه ينبغي أن يقوم من الأموات" (يو 20: 9).

ويضيف القديس كيرلس الكبيرلتلميذي عمواس عذرًا آخر... وهو أن الأخبار التي نقلتها النسوة لم تكن كافية أن يؤمنا بالقيامة، بل كانت موضوع دهشة وحيرة:
"بعض النساء منا حيرننا..." لأنها تحمل أنباء القبر الفارغ وشهادة الملائكة. ولا حتى الأخبار التي نقلها بطرس لأنه لم يرَ سوى القبر الفارغ والأكفان، كما قال التلميذان: "وأما هو فلم يروه" [12].


سابعًا: إذ أعلن التلميذان ضعف إيمانهما أو خطأه، قدم لهما تأكيدات من الناموس والأنبياء، إذ قال لهما: "أيها الغبيان والبطيئا القلوب في الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء. أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده؟! ثم ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب" [25-27].


يقول القديس كيرلس الكبير: [قدم الرب للتلميذين موسى والأنبياء، وكشف لهما ما غمض عليهما من معانيهما. فالناموس هو تمهيد للطريق، وخدمة الأنبياء هي إعداد الناس لقبول الإيمان. لأن الله لم يرسل شيئًا بلا فائدة، بل لكل شيء فائدته في وقته. فالأنبياء هم الخدام الذين أرسلهم السيد أمامه لتكون نبواتهم تمهيدًا لمجيئه. وكأن هذه النبوات كنز ملكي مختوم، ينبغي أن يفتح في الوقت المناسب ما فيه من رموز.]


ثامنًا: "ثم اقتربوا إلى القرية التي كانا منطلقين إليها، وهو تظاهر كأنه منطلق إلى مكان أبعد" [28].لم يقل لهما أنه منطلق إلى مكان أبعد، وإنما تظاهر هكذا، لكي لا يقحم نفسه بنفسه في موضعهما، إنما إذ يطلباه ويصرا في طلبه يستجيب.

الله لا يقحم نفسه في حياتنا بغير إرادتنا، لكنه يطلب أن ندعوه، ونلح في الدعوة معلنًا كمال حرية الإنسان في قبوله أو رفضه. هذا من جانب ومن جانب آخر،

كما قال البابا غريغوريوس (الكبير) إنهما إذ كانا لا يزالا غريبين في الإيمان "تظاهر كأنه منطلق إلى مكان أبعد".




تاسعًا: "فألزماه قائلين: امكث معنا، لأنه نحو المساء وقد مال النهار" [29].
النفس التي ذاقت ما ذاقه التلميذان لا تكف عن أن تقول مع عروس النشيد: "في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي...فأمسكته ولم أرخه، حتى أدخلته بيت آمي وحجرة من حبلت بي... شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني... تحت ظله اشتهيت أن أجلس، وثمرته حلوة لحلقي" (نش 3: 1، 4، 2: 3، 6).


يقول القديس أغسطينوس: [إن كنت تريد الحياة تشبه بالرسولين حتى تتعرف على الرب. لقد ألحا عليه بالدعوة، وتظاهر هو كأنه ينوي مواصلة الطريق... غير أنهما أمسكا به وقالا له: امكث معنا لأنه نحو المساء.]

كما يقول: [امسك بالقريب إن أردت أن تتعرف على مخلصك، فقد أعادت الضيافة إلى التلميذين ما نزعه الشك وعدم الإيمان، وأعلن الرب ذاته عند كسر الخبز... فتعلم أين تطلب الرب فتحظى به على مائدة الطعام.]



عاشرًا: "فلما اتكأ معهما أخذا خبزًا وبارك وكسر وناولهما، فانفتحت أعينهما وعرفاه، ثم اختفى عنهما" [30-31].

http://198.62.75.4/opt/xampp/custodi...02Emmaus07.jpg


يرى البعض أن ما فعله السيد المسيح هنا هو "سّر الإفخارستيا"، وأن الرب يعلن ذاته خلال هذا السرّ، يفتح أعين مؤمنيه الداخلية لمعاينته،

وإن كان البعض الآخر يرى أنه لم يكن "سّر اإأفخارستيا"، إذ لا نسمع عنه أنه أخذ كأسًا أيضًا وناولهما، كما لم يذكر عند كسر الخبز أنه جسده المبذول عنهما، كما فعل في العشاء الأخير.


يقول القديس أغسطينوس: [متى أعلن الرب عن نفسه؟ عند كسر الخبز... لذلك عندما نكسر الخبز نتعرف على الرب، فهو لم يعلن نفسه إلا هنا على المائدة... لنا نحن الذين لم نستطع أن نراه في الجسد، ولكنه أعطانا جسده لنأكل. فإذا كنت تؤمن بهذا فتعال مهما كنت. وإذا كنت تثق فاطمئن عند كسر الخبز.]


يقول الأبثيؤفلاكتيوس: [تُفتح أعين الذين يتقبلون الخبز المقدس لكي يعرفوا المسيح، لأن جسد الرب يحمل فيه قوته العظيمة غير المنطوق بها.]

يعلل القديسكيرلسالكبير اختفاء السيد المسيح عنهما بقوله:

[لقد اختفى الرب عنهما، لأن علاقة الرب بتلاميذه بعد القيامة لم تعد كما كانت عليه من قبل. فهم في حاجه إلى تغيير، وإلى حياة جديدة في المسيح... حتى يلتصق الجديد بالجديد وغير الفاسد بالفاسد. وهذا هو السبب الذي جعل الرب لا يسمح لمريم المجدلية أن تلمسه كما ذكر(يو 20: 17) - إلى أن يصعد ثم يعود مرة أخرى.]


أحد عشر:ختم القصة بقوله: "فقاما في تلك الساعة، ورجعا إلى أورشليم...".

هذا هو غاية عمل الله فينا أن يهبنا قوة القيامة، إذ يقول: "قاما"، بهذه الحياة المقامة نرجع إلى أورشليم العليا التي تركناها، نرجع إلى مدينة الله الملك العظيم (مت 5: 35)،

إلى "أورشليم العليا التي هي أمنا جميعًا" (غل 4: 26). بمعنى آخر يحوّل الله اتجاهنا، فبعد أن كنا متجهين إلى عمواس معطين ظهورنا لأورشليم، نعطي ظهورنا لعمواس متجهين بوجهنا وقلبنا وفكرنا نحو أورشليم.
+ + +
ملحوظة: كم مرة كنا فيها مثل تلميذي عمواس، نطلب الخلاص بالطريقة التي نراها نحن وليس بحسب رأي الرب. فمن هو مريض ولا يستجيب الله صلواته ويشفيه يظن أن الله لم يخلصه كما ظن تلميذي عمواس أن المسيح لم يخلصهم لأن الخلاص في مفهومهم هو خلاص من الرومان.
وأيضا عليك أن تلاحظ أن مرض بولس كان لخلاصه. وإذا تعرضت إرادتنا مع إرادة الرب فإن عيوننا تعمى ولا نعرف الرب ولا نراه كما حدث مع تلميذي عمواس بل نتصادم معه.


Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:34 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
الأحد الثالث من زمن القيامة


في هذا الأحد الثالث من زمن القيامة، تضعنا ليتورجيتنا المارونية، أمـام نص مـن إنجيل لوقا (24/13-35)، غني بالمعاني وواسع للتأمّل، ممّا يساعدنا على الولوج في سر المسيـح.

فنحن مدعوون الى السّير مع تلميذي عمّاوس، لكي نستقبل معهما، " الضيـف الغريب"، لكيما تضطرم قلوبنا وتنفتح أعيننا مع كسر الخبز.
فإذاً نحن أمام تلميذين يتركان أورشليم - والتي سيعودان اليها لاحقاً ( وهذا ما يميّز إنجيل لوقا الذي تبدأ أحداثه في مدينة أورشليم وتنتهي فيها) ? قاصدين قرية تُدّعى عمّاوس، والجدير بالذكر، أنهما كانا خائبين، يائسين، لما حلَّ بمعلّمهما ،

فهما حزينين لأنَّ آمالهما تبدّدت بموت يسوع، ولم يصدقا كثيراً ما سمعاه حول قيامته ( هذه حالة كل الرسل والتلاميذ على ما يبدو).
https://st-takla.org/Pix/Bible-Maps/1..._Emmaus-01.jpg

وإذ "بيسوع نفسه"وهنا يود الانجيلي أن يقول أن يسوع شخصياً ظهر، وليس طيفاً أو خيالاً اعترى التلميذين يدخل على الخط، يبادر الى لقاء التلميذين، يسير معهما ويسألهما عمّا يتحدثان، فيعتبرانه " غريباً عن أورشليم" ، عن هذه المدينة التي من المفترض حسب النبوءات، أن يتمّ فيها الخلاص عندها استفاضا بالكلام عن قدرة يسوع الناصري وأعماله، ودوره النبوي، واعتباره فادياً لاسرائيل، ولكن هذا تبدّد عندما أُسلم الى الموت، رغم بعض الاصداء المُدهشة التي تردّد : أنه حيّ.

يسوع يترك التلميذين يعبران عن صدمتهما، ثم يشرع كمعلّم فيشرح لهما حدث القيامة: منطلقاً من الكتب المقدسة، متّبعاً ترتيب التوراة بأقسامها الثلاث الكبرى، والتي تُشير الى تألّم المسيح، وموته، دون أن تقف هنا، بل تصل الى المبتغى والاساس، أي القيامة، والتي على ضوئها تفهم كل الكتب، وبالتالي كل أعمال وأقوال المسيح ونبوءاته.
إذاً ففي تصميم الله أن يتألّم المسيح وأن يموت ومن ثمَّ "يدخل في مجده" أي يقوم.

وبعد ذلك الشرح الكتابي المستفاض والعميق، يمرّ الوقت مسرعاً، مع رفيق درب التلميذين، فيدعوانه الى المكوث معهما، طالما حلّ المساء، كيف لا وقد أُخذا كلّياً بهذا "الرفيق" ؟!
وهنا ندخل من جديد، مع الانجيلي لوقا، بحدث أساسي يكمّل كل ما رأيناه سابقاً ، وهو فعل الكسر، الذي يتخطّى اللقاء العائلي اليهودي، الى اللقاء الاسراري المسيحي، ولذا توقف عند ذكره لوقا في هذا النص مرتين، الاولى عندما قام به يسوع نفسه، والثانية، عندما أخبر التلميذين الرسل ومن معهم عمّا جرى معهما.

إن حدث " كسر الخبز" يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعشاء الأخير، إذ في كليهما يقوم يسوع بأربع حركات: أخذ الخبز، وبارك (شكر)، وكسر وناول.

و"كسر الخبز" ، ليس مجرّد ذكرى عابرة ووقوف على الاطلال، بل هو شراكة واتحاد مع القائم من بين الاموات.

فكل هذه العملية، أزاحت البرقع عن عيون التلميذين، فعرفا الرب، وبالتالي تغلّبا على يأسهما، وعادا إلى أورشليم، وأخبرا اخوتهم بما جرى، وكيف عرفاه عند كسر الخبز فلم يستطيعا البقاء في عمّاوس، رغم هبوط الظلام، إذ إن نور الرب القائم، كشف لهما عتمة قلة (بطىء) ايمانهما، وأنار قلبيهما جاعلاً اياهما " سريعَين " في الايمان، فهرعا ليحملا البشارة الى الرسل والاخوة.

إن ظهور الرب يسوع للتلميذين السائرين، من أورشليم نحو عمّاوس، وشرحه الكتب المقدسة لهما، مشعلاً قلبيهما، وانتهاء الظهور بكسر الخبز، يجسّد الاحتفال الليتورجي.
ففي " مشوارهما" مع يسوع، وايضاحه لهما ما يقوله موسى والانبياء عنه، يضعنا أمام ليتورجية الكلمة، التي نتأمّل فيها في القسم الأول من القداس الالهي.
أما كسر الخبز، فيحملنا الى ليتورجية وليمة الافخارستيا، التي نعيشها في القسم الثاني من القداس، غائصين في سر موت المسيح وقيامته، مصغين الى كلماته التي قالها في العشاء الأخير ولم يزل يردّدها:

"خذوا كلوا، هذا هو جسدي واشربوا، هذا هو دمي".
وبالتالي نتغلّب على اليأس والقنوط، لنصبح مبشرين بقيامة الرب، فنكون عندها في ليتورجية الحياة والرسالة وتصحّ عندها هذه المقولة: " إن القداس يبدأ عندما ينتهي".

فالكلمة والخبز، الانجيل والافخارستيا، مائدتان (ضمن وليمة واحدة) يأتي اليهما تلميذ المسيح ليستمدّ القوة والحياة لكل كيانه وللعالم من حوله، ويقول المجمع الفاتيكاني الثاني:

" لقد احترمت الكنيسة دوماً الكتب الالهية كما فعلت أيضاً نحو جسد الرب بالذات وهي لا تنفكّ، ولا سيّما في الليتورجية المقدّسة، تأخذ خبز الحياة على مائدة الكلمة وعلى مائدة جسد المسيح، لتقدّمه للمؤمنين".

هذا ما نعيشه في كل قداس فنحن عندما نذهب الى الكنيسة، إنّما نكون بأقدامنا البشرية حاضرين فيها، وتكون عقولنا وقلوبنا الملتهبة بنار حب الله، حاضرة أمام القبر الفارغ وذلك يتمّ دون أية أزدواجية في حياتنا، لأنّنا في حضرة الله القدّوس، الذي يخضع له الزمن، فالماضي والحاضر والمستقبل هم كطرفة عين أمامه.

فالذبيحة الالهية تأخذنا الى "طريق عمّاوس"، لنسير مع يسوع ونفهم من خلاله الكتب المقدّسة، ونمكث معه؛ وبالتالي نسافر روحياً لنلتقي به متألّماً ومائتاً، ومنتصراً على الموت بقيامته.

فالافخارستيا هي العلامة الكبرى لقيامة الرب، وهي سر الدخول في ملكوت الله، دخول عالم السماء في عالم الارض، لكي تدخل الكنيسة التي في الارض في عالم السماء، الافخارستيا هي تذكار ( وليست ذكرى من الماضي) لحضور يسوع الدائم في كنيسته بعد غيابه الجسدي، وصدى صوته يتردّد في أعماق قلوبنا قائلاً :

" إصنعوا هذا لذكري" (لو 22/19).

ففي القداس " نندمج " مع الرب القائم، لكي نُدحرج عن قلوبنا حجر الخطيئة، ونقوم منتصرين ("بقوّة الذي يقوّينا ")، ونردّد بافتخار هذا النشيد الرائع من ليتورجيتنا:

" وحدّت يا رب لاهوتك بناسوتنا وناسوتنا بلاهوتك، حياتنا بموتك وموتنا بحياتك أخذت ما لنا ووهبتنا ما لك لتُحيينا وتُخلّصنا لك المجد الى الابد".

وختاماً، نطلب من ربنا يسوع المسيح، رفيق الدرب الأمين، أن يُبقي قلوبنا مضطرمة بحبه،

ومهما "حان المساء ومال النهار" ، نمكث معه في كنيسته، ضمن الأسرار المقدّسة، لنظل شهوداً صادقين لقيامته.

الأب نبيل رفّول ر.م.م.

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:39 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
أحد ظهور يسوع لتلميذي عمّاوس


(لو 24/13-35)

http://www.oceansbridge.com/painting...t%20emmaus.jpg



تتمحور كل من أناجيل زمن القيامة حول ظهور يسوع المعلّم والمرافق والحاضر في حياة تلاميذه بعد قيامته من بين الأموات. بعد موت يسوع إذ بالتلاميذ يعيشون حالة إحباط وتشتّت وفشل ذريع حيث عاد كل منهم إلى تجربة الماضي أي إلى ما كان عليه. عاد بطرس الرسول ورفاقه إلى صيد السمك ورجع تلميذا عمّاوس إلى قريتهما بعد خيبة أملٍ كبيرة. فبعد أن رأينا نشأة الكنيسة وتكوين صورتها في ظهور يسوع وسط تلاميذه والأبواب مغلقة، نرى في هذا النصّ ظهور يسوع لإثنين منهم على طريق عمّاوس وهما يتحادثان بكل تلك الأمور التي حدثت ويشرح لهما الكتب المقدّسة ولم يعرفاه إلاّ عند كسر الخبز. هذا ما يؤسس لتأسيس سّر الإفخارستيا في قسميه: قسم الكلمة وقسم الخبز الذي يشكّل جوهر الحياة المسيحيّة.


http://t0.gstatic.com/images?q=tbn:X...o%20Emmaus.jpg




"وكانا يتحادثان بكل تلك الأمور التي حدثت" نستخلص من هذا النصّ بأن هناك أزمة حاصلة بعد موت يسوع حيث الجماعة المسيحيّة أضحت مقسّمة ومشتّتة. إثنان من التلاميذ يعودان بعد أن خاب أملهما إلى قريتهما وهما يتحادثان بكل تلك الأمور التي حدثت ليسوع الناصري، فهما يعلمان بأدق التفاصيل كلّ ما يختص بيسوع لكن عيونهما حُجبت عن معرفته:" وكنّا نحن نرجو أن يكون هو الذي سيفدي إسرائيل". ان ما يجري في هذا الحدث يشهد له اثنان من التلاميذ وليس إذًا عمليّة خياليّة. في هذه الأزمة النفسيّة والإيمانيّة يدخل يسوع في حياة التلميذين بصفة الغريب بالرغم من السنوات التي أمضياها معه ويبدأ يشرح لهما الكتب المقدّسة. حرّكهما ذاك الغريب إذ جعلهما يتكّلمان وحضّهما على قراءة الماضي بانتباه فأشعل قلبهما وأنار عقلهما.

ان يسوع القائم من الموت لم يظهر على هامش حياة أزمة التلاميذ بل في وسط محنتهم وهو لم يقترب من تلميذيّ عمّاوس فقط بل أخذ يسير معهما بالرغم من أعينهما التي أمسكت عن معرفته. عندما يدخل يسوع في حياتنا اليوميّة وقضاياها المعقّدة عندئذ يبدأ تاريخ حياتنا يُستكمل بوجوده ونخبره وقائع حياتنا والفشل الذي وصلنا إليه عبر ما كنّا نظّنه سوف يتمّ حسب مخيلتنا وتخطيطنا البشري. فنحن نريد أموراً لا تتماشى مع مخطّط الله، لكنه في ظهوره بيننا يمنحنا معرفته ويصحّح تفكيرنا. ولا نريد حتى أن نؤمن بشهادة الآخرين الذين ينقلون لنا شهادة حياتهم عن قيامة الله فيهم:"غير أن نسوة منّا قد حيّرتنا، فإنهّن بكّرن إلى القبر فلم يجدن جثمانه فرجعن وقلن انهنّ أبصرن في رؤية ملائكة قالوا إنه حي...



http://www.shjolg.com/images/emmaus.jpg





"ان تلميذي عمّاوس لا يعرفان يسوع في الطريق ولا يفهمان حدث موته ولا يؤمنان بقيامته رغم شهادة النساء وبعض التلاميذ. لكن يسوع يتخّطى فشهلما وإيمانهما ويبدأ يشرح لهما ما تقوله عنه الكتب المقدّسة. وقد عرفاه عندما كسر الخبز أمامهما كما فعل في العشاء السرّي. من هذا المنطلق تكّون صورة الإفخارستيا التي أعطتهما القوة والدفع والمعرفة، ثمّ يعودان إلى أورشليم يبشّران التلاميذ.



http://www.tarateel.net/articles/emmaus.jpg



ان المشاركة في مائدة الإفخارستيا تعطي القوة والجرأة للشهادة ليسوع القائم من بين الأموات حيث يقوم التلميذان حالاً ويعودان في الليل دون انتظار انبلاج الصباح، يعودان إلى أورشليم بعزم جديد ويشتركان في حدث القيامة والشهادة له. حيث يدخل يسوع يدخل اليقين والفرح مكان الشكّ والحزن، ويمنح قوّة جديدة للعودة إلى جماعة الرسل في الليل. يشرح يسوع الكتب ويعلّم الجماعة التي تتمحور حوله ويحوّل الليل الى نور والتعب إلى قوّة والعوز والجوع إلى شبع وبحبوحة.

ان هذا التحّول أعاد تكوين الجماعة بعودة المسافرين إلى أورشليم حيث تحدث كل منهما عن خبرته. فالكنيسة تتكوّن من خلال الخبرات التي تعيشها وتتداولها الجماعة:"كلّما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي أكون أنا في وسطهم". هذا الحدث يرسم مسبقاً صورة الكنيسة، حيث يعي التلميذان أهمية الطريق في اكتشاف القائم من الموت. ان طريق الحياة يمرّ بمسيرة صعبة واختبار مؤلم ومواجهة لا بدّ من أن نعيشها لكن حدث القيامة يمنعنا من المكوث في اليأس والإحباط والفشل. ان معرفة يسوع لا تتمّ بالعقل والفهم فقط بل بالقلب وهو المكان الذي تحصل فيه معرفة سّر الله عبر الكنيسة والكتب المقدّسة:"ألم تكن قلوبنا مضطّرمة فينا حين كان يكلّمنا في الطريق ويشرح لنا الكتب المقدسة؟"(لو24/32). ان الكتب المقدسة تبقى مختومة بصعوبات الفهم، يسوع فقط يمكنه أن يفتح أذهان التلاميذ ليفهموا الكتب(لو24/26).



http://www.oceansbridge.com/painting...t%20emmaus.jpg



"فانفتحت أعينهما وعرفاه فإذا هو قد توارى عنهما" نرى أنه عندما كان يسوع يظهر نفسه لتلاميذه كان يختتم نهاية ظهوره بكسر الخبز وهذا ما بدا ظاهراً في الأناجيل وخاصة في ظهوره لتلميذيّ عمّاوس حيث أخذ الخبز وباركه وأعطاهما عند ذلك عرفاه. ان تكثير الخبز الذي يرمز إلى الإفخارستيا في إنجيل يوحنا (يو6) حيث أخذ يسوع الأرغفة الخمسة والسمكتين وشكر ووّزعهما على الشعب. وعلى شاطئ بحيرة طبريّة طلب يسوع إلى تلاميذه قائلاً:"هاتوا من ذلك السمك الذي أصبتموه الآن"(يو21/10)، ثمّ أخذ يسوع الخبز وناولهم وفعل مثل ذلك في السمك"(يو21/13). كل هذه الأمثلة الثلاثة تحمل جميعها مضموناً إفخارستياً الذي هو إحتفال بعطيّة الله الخلاصيّة للإنسان. لذلك تحتفل الكنيسة بهذا السّر بما تحقّق في التاريخ بقيامة يسوع من الموت. فالإفخارستيا هي المكان الذي تتمّ فيه معرفة يسوع المسيح، ليس اللاهوت ولا الفلسفة ما يكشف عبر النظريات عنه، يسوع هو نفسه يكشف عن ذاته على المائدة المقدّسة.

لهذه المائدة مكانة هامّة في العهد الجديد إذ تعني الملكوت والشراكة في حياة الوليمة، ولا يريد المسيح ان يبقى أحد خارج العرس وبعيداً عن هذه المائده. هذه الإفخارستيا تكّون الكنيسة وتعطي القوة للعيش في الجماعة وعدم وجود المسيح يبدّد المجتمعين ويحبط حياتهم ويفقدون كل مبادرة أخويّة إلى بعضهم البعض. فالإفخارستيا هي من أهم الأسرار التي تجعلنا نتّحد بالمسيح ونتحّول إليه ونشهد لقيامته فينا.

كانت الإفخارستيا في الكنيسة الأولى سّر الغفران والشفاء وهذا ما تحمله إلينا اليوم. فيسوع الذي شفى المرضى وغفر للخطاة أثناء حياته العلنيّة هو حاضر في الإفخارستيا بقوّة القائم من الموت. ففي الإفخارستيا نتّحد به من خلال التناول المقدّس حيث يأتي ويسكن في قلوبنا ويحوّلنا إليه فنصبح واحداً معه كما الكرمة والأغصان(يو15)، ويتمّ التعبير عن إيماننا من خلال هذه الصلاة:"أيها الرب يسوع المسيح لا يكن لي تناول جسدك ودمك دينونة لي وهلاكاً بل تعطّف واجعلها حماية لنفسي وعلاجاً لجسدي". كما كان الفصح عبور الشعب من العبودية إلى الحريّة هكذا الإفخارستيا هي العبور من عبودية القلق إلى يقين حرّ في الإيمان في حياة المسيح المستترة، والخروج من عبودّيات التكرار اليومي إلى حريّة يوم الرب وجدّته. فالذبيحة هي عملية إتحاد بالآخرين من خلال البعدين:البُعد الإلهي والبُعد الإنساني في أن معاً بمعنى أننا عندما نجتمع للإشتراك في الذبيحة الإلهيّة نعيش إختباراً مشتركاً للتحرّر من العبوديات المختلفة التي يرمز إليها العبور من مصر إلى أرض الميعاد، هذا العبور معاً يجعل من الجماعة المتضامنة شعب الله في حلّه وترحاله. ان رواية القديس يوحنا للعشاء الأخير تتضمن غسل الأرجل 13/1-17)، هي تعبّر عن روح الخدمة وما يتحقّق في الذبيحة هو ممارسة عمليّة حيث تتمّ الذبيحة ضمن المحبّة الأخويّة. فالقديس متى يؤكّد كملة يسوع:"إذا قدّمت قربانك وعلمت أن لأخيك ديناً، فاترك قربانك واذهب أولاً فصالح أخاك"(متى 5/23-24). لذا لا يمكن أن تكون هناك إفخارستيا إذا لم يكن هناك غفران ومصالحة. يسوع بعد قيامته من الموت جمع في شخصه الماضي والحاضر والمستقبل أي لم يعد هناك زمان ولا مكان وهذا ما يحدث في عيش الإفخارستيا الذي يجعلنا نتحرّر من الماضي ويجعلنا نعيش الحاضر ويوجهّنا نحو المستقبل.

لذلك لا شيئ يعوّض عن هذا العمل الإفخارستي أي عن حضور الذبيحة الإلهيّة في حياتنا التي هي تاريخ الخلاص مع الإنسان منذ القديم حتى اليوم. فكم من المسيحيين يختارون من الحياة المسيحيّة ما يناسب أهواءهم وتفكيرهم. هناك أناس لديهم (فتلة روحيّة) فيتذرّعون بأنهم لا حاجة لهم بأن يعترفوا للكاهن فيعترفون وحدهم لله. وهناك أناس لا يأتون إلى الكنيسة إلا إذا كانت الكنيسة خالية من المؤمنين لأن زحمة الناس تمنعهم من لقائهم بالله. ان كل هؤلاء أضحوا بحاجة ماسّة إلى نعمة الله لكي يصحّح تفكيرهم ويشفي إيمانهم وينمحهم إدراك نعمته.

فكلنا معرّضون بأن يكون لدينا كل المعلومات والبراهين الثابتة والكافية عن الله لكننّا قد نفتقد إلى معرفة سّره وهوّيته. هذا يمكن بأن نعيشه في الكثير من الأحيان ويعيشه أصحاب البدع والهرطقات الذين لا يعترفون بالأسرار وخاصة الإفخارستيا إذ أنهم يملكون كل المعلومات التاريخية عن الله للمجادلة لا للعيش لكنهم بعيدون كل البعد عن إدراك سرّه وهويته. وهذا ما عاشه كل من تلميذيّ عمّاوس اللذين كانا يدركان كل ما كان يتعلّق بيسوع الناصري، لكنهم لم يعرفاه إلاّ عند كسر الخبز. لذلك نحن مدعوون لأن ندرك أن الإفخارستيا أي (الذبيحة الإلهية) يجب أن تكون لنا بمثابة خطّ أحمر في حياتنا لا يمكن تجاوزه لأنه لا يمكن بأن يستعاض عنه.

فمن خلال إنجيل تلميذيّ عمّاوس نحن مدعوون لأن نؤمن بأن خيبات الأمل والإحباط والفشل يظلّ لنا بمثابة القناة التي تتسرّب فيها قدرة الله ونعمة محبته إلى نفوسنا المضطّربة. ان معرفتنا لله تبقى معرفة ناقصة ومبهمة إن لم تنطلق من الكتاب المقدّس، والإفخارستيا هي المكان الوحيد الذي تتمّ فيه معرفة الله وخلاصه حيث تحدث فيها كل التحّولات. يقول القديس بيو:"ان المسيحي الذي يدرك عظمة الذبيحة الإلهية في حياته لا يمكنه إلاّ أن يقسم حياته إلى قسمين: القسم الأول من حياته يصرفه في حضوره وعيش هذا السّر، والقسم الثاني يظلّ يشكر الله على عظمة هذا السّر الممنوح للانسان". يوم نشعر أن الرب بعيد وغائب عن عيوننا نحن مدعوون لأن نؤمن أنه يكون أقرب إلينا ممّا يمكننا تصوّره، هو يظهر في وسطنا ويسير معنا. فالعلّة تكمن في قصَر نظرنا عن رؤيته:"أما كان قلبنا يشتعل في صدرنا حين حدّثنا في الطريق ؟" ففي زمن الأزمات والمحن التي تعصف بنا اليوم ومهما اهتزّت قلوبنا وساورتنا الشكّوك والمخاوف ومهما ضعفنا وتردّدنا، نحن مدعوون لأن نؤمن بأن الله حاضر في وسطنا ويقود مسيرة حياتنا ويفتح قلوبنا للآية للإيمان به.



أسئلة للتامل والتفكير:

1-
ما مدى معرفتي للكتاب المقدّس؟ هل ندرك ان معرفتنا لله دون الكتاب المقدّس هي معرفة ناقصة ومبتورة؟ هل نؤمن ونثق في ليل التجارب والمحن والأزمات بأن الله يسير بيننا ويقود مسيرة حياتنا وقراراتنا؟




2-
هلّ ندرك عظمة سّر الإفخارستيا في حياتنا اليوم أم نظّنه عملا تقوّياً عادياً يمكن أن يُستعاض عنه بأي شيئ آخر؟ هل نؤمن بأن هذا العمل هو الأوحد الذي نختبر فيه حضور الله الذي يجعلنا نتحّول ونتحرّر وندرك هوّيته؟




3-
كيف نفهم هذا القول:" وعرفاه عند كسر الخبز وتوراى عنهما؟"هل ندرك بأن العمل الإفخارستي أصبح بديلاً عن يسوع القائم من الموت؟ هل ندرك بأن كل ذبيحة إلهيّة هي تكرار لكلّ ما عمله يسوع على الأرض؟




صلاة: أيها القائم من الموت لتعيد لنا الحياة، يا من تظهر في وسط إحباطنا وفشلنا وتسير معنا في كل لحظة من تاريخ وجودنا. إفتح عيوننا وعقولنا لنفهم الكتب المقدّسة التي تقود قلوبنا إليك. دعنا نفهم سّر حضورك فيما بيننا الذي يتجلّى في كلّ ذبيحة إلهيّة حيث تظهر وتتجلّى عظمة حبّك وسعة رحمتك وسمو غفرانك. فعندما يحين المساء ويميل النهار إفتح قلبنا للآية لنظلّ نؤمن بأنك في زمن المحن والتجارب تظهر في وسطنا، وعندما يسارونا الشكّ تقود قراراتنا وخياراتنا وتسير بيننا فنشهد لقيامتك. لك المجد إلى الأبد أمين.



الأب نبيل حبشي ر.م.م.




Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:41 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
طريق عمّاوس
الأب فوزي نصري اليسوعي
http://www.peregabriel.com/gm/albums...rection-10.jpg

الطريق الذي يقود إلى عمّاوس هو طريق حياتنا العادية، طريق فيها مطبّات، فيها منعطفات كثيرة لكن أيضا فيها دروب ممهّدة. هذا الطريق ليس طريقا خاصا بل عام: انّه طريق كلّ منّا.

دعونا نأخذ هذا الطريق مع " قلاوبا"، الذي يمكن أن يكون كلّ واحد منّا. لقد أدار ظهره لأورشليم وهو يائس، ترك أورشليم مدينة الله، كلّ شيء بالنسبة إليه انتهى " حتى تنتهي الرواية قصة الحبّ العجيب، مات بين المجرمين...." وجد رفيقا للطريق حتى يدردش معه في تلك الأمور التي حدثت: " كنّا نرجو"، كنّا قد وضعنا آمالنا في يسوع، لكن كلّ شيء قد انتهى.
أحيانا نحن أيضا يكون لنا الموقف نفسه، أي نقول : " كنّا نرجو..."
على هذا الطريق بالذات، على طريق قريتهما " عمّاوس "، كان المسيح ينتظرهما عالما بهذا اليأس الذي حلّ فيهما.
كانا اثنين فأصبحا ثلاثة، نحن نعرف هذا الشخص الثالث، لكنّ التلميذين لم يعرفاه بعد. يرافقهما يسوع على نفس الطريق ... طريق الحياة.
يعرف يسوع خزفية الرجاء، وكيف تصيب قلب الإنسان، ويعرف أنّ الظلام أحيانا يحجب الحقيقة الموجودة في قلب الإنسان: قلب كلّ واحد منّا.
الطريق طويل، لا بأس إن أدركهما الليل. فالموضوع بحاجة إلى وقت كي يفهمهما. يسوع يأخذ وقته، ونحن أيضا يجب أن نأخذ وقتنا. لا بدّ من انحسار الشتاء كي يأتي الربيع. الوقت مهمّ كي تنبت حبّة الحنطة التي دفنت في الأرض وتزهر وتعطي ثمرا.
لا بدّ من وقت للنمو.
إن تلميذي عمّاوس بحاجة إلى وقت كي تنفتح عيونهما ويعرفاه. الوقت مهمّ كي يتطهّر القلب بنار الحبّ.
الوقت مهمّ كي يشرح لهما القصّة من البداية، منذ الخلق، فالأنبياء، فالتجسّد، فالفداء وحتى القيامة.
الوقت مهمّ كي تعمل كلمة الله فينا وتوحي إلى قلب الإنسان حقيقة القيامة. الوقت مهمّ كي أقبل كلمة ربّي وأتركها تعمل فيّ وتشتعل.
يسوع، كلمة الله الحيّ، كلمة الله المحيية التي تجسّدت، هو نفسه يسير معنا على طريق حياتنا ويزرع شيئا فشيئا في قلبنا السلام.
ليست كلمته فارغة إنما هي حضور، وحضور فعّال.
سهرة ومشاركة وكسر خبز " عيش وملح":
تفضّل وابق معنا، لن نتركك تمضي. امكث معنا وشاركنا طعامنا.
سار يسوع على إيقاع خطواتهما وهو يسير على إيقاع خطواتنا.
احترم يسوع إيقاع أفكارهما وإيقاع نبض قلبهما إن صحّ التعبير. هو يحترم إيقاع ونبض أفكارنا وقلوبنا.
احترم يسوع إيقاع عاداتهما كما يحترم إيقاع عاداتنا، لذلك وقف ودخل معهما وشاركهما العشاء كما يشاركنا اليوم.
لقد أصبح كلّ شيء واضحا عندما أخذ الخبز وباركه، وهنا انفتحت عيونهم مع كسر الخبز الذي هو علامة حضور الله، علامة حضور يسوع الدائم في الإفخارستيا.
افتح عيوننا يا ربّ حتى نعرفك.
" امكث معنا يا ربّ". لقد عرفاه ودخل السلام قلبيهما وقد مال النهار...
ذهبت الظلمة عنهما، ونور معرفة المسيح أضاءت عيونهما وقلبيهما.
" امكث معنا يا ربّ".
http://www.ibiblio.org/wm/paint/auth...aus/emmaus.jpg


لكنّه لم يعد موجودا هنا، لقد اختفى، انه غير موجود بجسده لكن حاضر في غيابه، ونحن وإن لم نره رؤية العين لكننا نعرف ونؤمن أنّه حاضر في سرّ القربان.
كلّ شيء تغيّر، لم يبق شيء كما كان، من غير الممكن أن يبقى تلميذا عمّاوس على حالتهما الأولى: لقد امتلأ قلباهما بفرح القائم.
وفورا أخذا طريق العودة، في البداية كان الطريق طويلا، لكنّه أصبح الآن قصيرا، لقد عادا بسرعة إلى أورشليم حتى يدردشا في الأمور التي حصلت معهما. لقد انتعش رجاؤهما.

ليتنا نعرف: أن يسوع يمشي دائما معنا وان لم تعرفه أعيننا. هو يسير معنا ويعطينا علامات الطريق، طريقه هو. هذا الطريق الذي كابد فيه الألم والموت ليدخل في مجده، وهذا ما يعطي معنى لحياتنا، معنى لأحداث حياتنا، حتى المؤلم منها.

ليتنا نعرف: انّه في شكّنا وفي يأسنا، يقدّم يسوع لنا دائما مائدة لا ينقص عنها الخبز أبدا. خبز كلمته، خبز حياة جماعتنا، الخبز الذي يتوجب علينا تناوله ومشاركة الآخرين به.

ليتنا نعرف: أن مع يسوع، الحاضر معنا، يغدو الطريق الطويل الذي لا نهاية له قصيرا، والمملوء بالحُفر ممهّدا.
بالإيمان، نفهم أكثر أنّ يسوع هو رفيق الطريق. يرافق كلّ واحد منّا على طريق حياته الشخصية.
يأخذ يسوع إيقاع خطواتنا ويمشي وفق سرعتنا، ويحترم إيقاعنا سريعا كان أم بطيئا. انّه يرافقنا إلى أن تنفتح عيوننا، حتى نستنير وتدفأ قلوبنا وتمتلئ حرارة.
ليت كلامه يسكن قلوبنا كما سكن قلبي تلميذي عمّاوس، فنذهب ونُخبر نحن أيضا أنّه قام من بين الأموات. وهنا تبدأ رسالتنا، رسالة الحبّ التي تُترجم بالأفعال لا بالأقوال لأنّ يسوع هو الذي يرسلنا.

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:42 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
الأحد الجديد

http://www.peregabriel.com/gm/albums...homas_icon.jpg

هو الأحد الأوّل، لقد قام السيّد منذ ثمانيّة أيّام وانتهت بهجة القيامة لمن لا يفتّش عن القيامة إلاّ في هذا العيد. لقد عبرنا فصح الرّب ودخلنا في حقيقة صعوبات حياتنا المسيحيّة: أن نؤمن بما لا يمكن لعقل أن يفهمه، أن نصدّق أن الرّب قد قام، وأنّه قام من أجلي أنا. صعوباتنا الإيمانيّة هي صعوبة توما نفسه، أحبّ كثيراً فخاف أن يكون كلام الرّسل مجرّد اوهام، خاف من الأمل الخادع، خاف ان يعود الى ألم موت المسيح مرّة أخرى إذا اكتشف ان ما تقوله النسوة والرسل هو مجرّد وهم عابر. هي قصّتنا نحن، قصّة خوفنا من المجهول، نفضّل عدم التصديق، نفضّل أن نعتبر المسيح غائباً عن حياتنا لئلاّ نتألّم من فقده مرّة أخرى. هي قصّة اتّكالنا المبالّغ به على عقلنا وقوانا العاقلة وتفتيشنا عن حقيقة الله من خلال المنطق الإنساني والدلائل العلميّة. هي قصّة قلب خفت حبّه تحت وطأة عقل كثر شكّه. هي قصّة مجتمع لم يعد يؤمن الاّ بما هو ملموس، وبما هو في متطاول يده.
لقد حضر الرّب الى العليّة مرّة أخرى، من أجل توما هذه المرّة، فالرّب يرفض ان يخسر واحداً من القطيع ولو كان القطيع كبيراً جدّاً، فالرّب جاء من أجل الجميع، وخلاصه لا ينتهي الاّ بخلاص من لا يزال خارجاً، لذلك أسلمنا أن نكمل الخلاص معه، ان نعلن خلاصه للعالم ونبشّر بقيامته في كلّ لحظة من لحظات حياتنا.



http://www.omm.org.lb/arabic/spirit/...surrection.png
وبعد ثمانيّة أيّام: يرتبط هذا التاريخ بالآية 19، "وفي مساء ذلك اليوم، وكان يوم أحد". هو إذا يوم الأحد التالي إذا أخذنا بعين الإعتبار الطريقة اليهوديّة في عدّ الأيّام، إذ يضمّون اليوم الأوّل والأخير الى قائمة الايّام التي يريدون عدّها. في اليوم الثامن تمّ العديد من الأحداث المهمّة والمرتبطة بقيامة الرّب يسوع: رواية تلميذي عمّاوس، لم يتعرّف عليه التلميذان إلاّ من خلال كسر الخبز الإفخارستي، وهنا وتوما لم يؤمن به إلاّ بعد الدعوة الى لمس جسده، وحدث التجلّي في لوقا يتمّ في اليوم الثامن، لأنّه حدثٌ لا يُمكن للتلاميذ فهمه إلاّ من خلال قيامة الرب من بين الأموات، ومن خلال الإفخارستيا داخل الجماعة الكنسية. ما علاقة اليوم الثامن بالقيامة وبالإفخارستيا والكنيسة؟ "بالنسبة الى التقليد الرسولي، الذي يجد مصدره في يوم قيامة الرب ، تحتفل الكنيسة بالسرّ الفصحي كل ثمانية أيّام، في اليوم الذي يُدعى بحقّ يوم الرب أو يوم الأحد (Dies Dominica). إن يوم قيامة المسيح هو في الوقت عينه "اليوم الأوّل من الأسبوع"، تذكار اليوم الأول من الخلق، و"اليوم الثامن" الذي بعد "راحة السبت العظيم" إبتدأ المسيح "اليوم الذي صنعه الرب"، اليوم الذي لا يعرف غروباً، وعشاء الرب هو محوره لأن جماعة المؤمنين كلّها تلتقي فيه بالسيد القائم الذي يدعوها الى مائدته" . إن تسمية يوم القيامة، يوم الأحد، باليوم الأول بعد السبت، أي بعد اليوم السابع (متى 28، 1؛ مر 16، 2؛ لو 24، 1) قد كان سببه رؤية يوم القيامة كيوم أوّل وأخير، يربط الخلق وبالفداء.
إنجيل برنابا المنحول يتكلّم أيضاً عن اليوم الثامن كيوم قيامة الرب من بين الأموات وصعوده الى السماء في إطار إحتفال الجماعة الليتورجي: "نحن أيضاً نحتفل بفرح في اليوم الثامن، حين قام أيضاً يسوع من بين الأموات وصعد الى السماء" (بر 15، 9) إن آباء الكنيسة قد حافظوا على هذه النظرة، فنجد يوستينيانوس يقول: "نجتمع كلّنا معاً في يوم الشمس، لأن هذا هو اليوم الأول بعد السبت اليهودي، إنما أيضاً اليوم الأول الذي بعد أن بدّل فيه الله الظلمة والمادة، خلق الكون، وفي هذا اليوم أيضاً قام من الأموات بسوع المسيح فادينا" . والقدّيس أغوسطينوس يقول: "سيكون اليوم الثامن مثل اليوم الأول، والحياة الأولى (أي الخلق) لن تُلغى، بل تتبدل الى حياة أبدية" .
"كان التلاميذ في البيت مرّة أخرى". هذه الآية تحمل دلالة كنسيّة وأسراريّة افخارستيّة بغاية الأهميّة: البيت يشير دوماً الى الكنيسة، مكان لقاء الكنيسة الأولى. لن نبالغ فنقول أن التلاميذ كانوا مجتمعين لكسر الخبز في ذلك اليوم، فهم لا يزالوا مجموعة من الفارّين من وجه اليهود، يختبؤون خوفاً من الموت أو من العقاب. إنّما لا ننسى أيضاً أن هذا النّص قد انتقل من المرحلة الشفهيّة المتناقَلة الى حالة النّص المكتوب بعد فترة زمنيّة طويلة نسبيّاً، كان الكنيسة في أثنائها قد أوضحت نظرتها للإفخارستيّا وللقاء الكنسي ولمفهوم البيت- الكنيسة. تاريخيّاً، كان التلاميذ مختبؤون، أمّا من ناحية الجماعة التي تقرأ هذا النّص فاليوم الثامن يعني يوم الرّب، يوم اللّقاء وكسر الخبز، وتأتي كلمة "بيت" لتؤكّد على هذا الأمر. إن مسيحيّي جماعة يوحنّا قد قرأوا النّص من هذا المنظار وفهموا أن معرفة الرّب واللّقاء الحقيقيّ به تكون من خلال كسر الخبز ولمس يسوع بيد الإيمان ومعاينته كسيّد وكإله.
وكانَ توما معَهم: لسنا نعرف أين كان توما في لقاء الأسبوع السابق، فلا بدّ أنّه كان مختبئاً يترقّب ما سوف تؤول اليه الأمور في أورشليم. أما اليوم فقد انضمّ الى جماعة الرّسل. من العهد الجديد نعرف أن توما يتميّز بشكّه الدائم ورغبته في الحصول على ضمانات وتأكيدات محسوسة (مر 14، 5)، وبطبعه الحماسيّ غير الخالي من تهكّم (11، 16). إن توما هو صورة الإنسان المفتّش عن الفهم، يبحث عن أجوبة على أسئلته وعن ضمانات. إن التفتيش عن الفهم ليس خطأ، وسوف نرى في تاريخ الكنيسة عظماء مثل أغوسطينوس القائل: "أؤمن لكي أفهم وأفهم لكي أؤمن"، وتوما الأكويني الفيلسوف واللاهوتيّ الغائص في بحور العلوم الشاملة، وأنسلمس القائل بالإيمان الباحث عن الفهم. إنّما الخطأ في التفتيش عن الفهم هو الإنطلاق من نقطة: لا أومن إن لم أفهم. فالقدّيسين إنطلقوا من الإيمان وفتّشوا عن الفهم لكي ينيروا إيمانهم وإيمان الآخرين، وحين وصلوا الى نهاية طريق العقل، إستسلموا بين يديّ الله بعين الإيمان، دون حاجة الى ضمانات.
كلمات يسوع لتوما: إلانّك رأيت تؤمن؟ هو توبيخ قاسٍ للتلميذ الّذي عايش معلّمه وسمعه يقول للرجل الّذي جاء يلتمس شفاء فتاه: "أنتُم قوم لا تُؤمنونَ إلاَّ إذا رأيتُمُ الآياتِ والعَجائِبَ" (يو 4، 48). فالتتلمذ يعني الدخول في علاقة حبّ، والحبّ لا يبحث عن ضمانات، الحبّ يثق ويرجو ويعرف الإنتظار ليفهم حين يحين الأوان.
هَاتِ إِصبَعَكَ إِلى هُنا فَانظُرْ يَدَيَّ، وهاتِ يَدَكَ فضَعْها في جَنْبي، ولا تكُنْ غَيرَ مُؤمِنٍ بل كُنْ مُؤمِنا. لقد قبل يسوع تحدّي توما حبّاً به، جاء يتمّم مطلبه ليجعله مؤمناً، وفي عمل يسوع هذا استمراريّة لما تمّ على الصليب، فهو جاء يفتّش عن الخروف الضّال، والخروف الضّال هو واحد من تلاميذ الرّاعي المقرّبين، يجتذبه اليه من جديد لكيما من خلال يجتذب الكثيرين الى الأيمان والدخول في صداقة مع السيّد.
طلب توما هو تعبير عن رفضه لشكّ الصليب: لقد رأى التلميذ معلّمه يُصلَب، ومع المعلّم رأى وعود الله كلّها تضمحل. بموت يسوع تبدّدت آمال توما وطموحاته، سقط في لحظة الصلب أملَ إعادة المُلك الى إسرائيل. لقد آمن توما كثيراً لذلك كان رفضه قاسياً: آمن بمعلّم على قياسه، بربّ جاء يحقّق مشاريع توما الخاصّة، أو يتمّم إنتظارات جماعة الغيورين السياسيّة. طلب رؤية آثار الرمح والمسامير، لأن الرمح مزّق لا قلب يسوع فحسب، بل أحلام توما أيضاً، والمسامير خرقت، مع يدّي المخلّص، آمال التلميذ ومشاريعه الزمنيّة.
قبول يسوع لتحدّي توما كان لإعادة الإبن الى أحضان أبيه. لم يستجب الرّب لتحدّيات الصالبين الصارخين: "إن كان ابن الله فليخلّص نفسه نازلاً عن الصليب" كما لم يستجب لتجارب الشيطان الثلاثة. فتوما يختلف عن الباقين، لقد طلب الضمانة لأنّه أحبّ كثيراً، والرّب جاء يعيده لأنّه حضّر لتوما مشروع حياة، مشروع حمل الإنجيل الى أقاصي المسكونة.
إن قيمة إيمانِنا لا تظهر في المحتوى الفكريّ والقدرة على التحليل المنطقيّ لما آمنّا به، إنّما هي تكمن في القدرة على الدخول في علاقة شخصيّة مع يسوع المسيح، الحاضر، القائم في وسط الجماعة، والعامل في حياتنا. أن أومن لا يعني بالضرورة أن أفهم فكر حبيبي وأخضعه لنور المنطق، إن أومن يعني أن أحبّ هذا الشخص الّذي أدخلني الى حياته، أن أثق به وأن أنمو في معرفته. هذا لا يعني أن الإيمان لا علاقة له بالعقل، فالقدرة العقليّة هي أساسيّة في الإنسان، تساعدني على فهم محتوى الإيمان، إنّما حين يفشل العقل في إعطاء أجوبة شافية، عندها استسلم بين يديّ الربّ كابن له، أثق به، أفتّش عنه أن أكون مسيحيّاً لا يعني على الإطلاق أن أكون كائناً يهمّش عقله وذكائه والمواهب الفكريّة التي أعطاني إيّاها الله، بل أنا مدعو للتعرّف الى خالقي بكلّ أبعاد إنسانيّتي. إنّما الفارق بين الإيمان المفتّش عن الفهم وبين الإيمان الّذي يشترط الفهم ليستمرّ هو أن الأوّل يعرف أن لا إمكانيّة لعقلنا البشريّ أن يدرك سرّ الله بعمقه، إنّما يسعى الى التعرّف اليه أكثر فأكثر، معرفة سوف تستمر مدى الأبد، إنّما حين يدرك المفتّش الحدّ الأقصى لقوّته العقليّة، عندها يرتمي بثقة بين يديّ الله، يؤمن به لأنّه يحبّه ويثق به، ويقدر أن يعرف أسراره بواسطة الحبّ لا بواسطة العقل فقط. أمّا الإيمان الطالب الفهم كشرط لإستمراريّته فهو إيمان وُلد ميتاً، هو إيمان مشروط، ينقصه الحبّ والرّجاء، تنقصه الثقة، هو إيمان مبنيّ على عقليّة تجاريّة، بقدر ما أفهم بقدر ما أؤمن، عندها لا ضرورة للإيمان، لكان الإيمان أضحى يقيناً، ولكان الله أصبح مجرّد ثابتة علميّة لا تحتاج للإيمان.
لقد فتّش توما عن الفهم كما نفتّس نحن كلّنا، إنّما علم أن الرّب يطلب الصداقة والثقة، ويقدر أن يعطي الأجوبة والضمانات. ويا لها من ضمانات نالها توما فآمن: جراح وآثار مسامير. هذا هو سرّ إيماننا كلّه، لا يكفي أن نؤمن بإله تجسّد وهو مالك على الكون بأسره، نحن مدعّوون لنؤمن بإله تألّم من أجلنا، إله صار ضعيفاً، متألّماً، لا يعطينا أيّة ضمانة أننّا لن نتألّم، بل بالعكس، يعدنا بالألم والتضحية والصعوبات على هذه الأرض، لنعيش شخصيّاً مسيرة آلامه وصولاً الى القيامة. الضمانة الوحيدة التّي يقدّمها المسيح لنا هي جراحه، هي آلامه وقيامته، لتصبح لنا برنامج حياة، نقبل إلهاً تألّم بسبب الحب، فنقبل نحن بالتضحية بأنفسنا حبّاً به وبالآخرين.
توما هو مثال للكائن المؤمن الموجود في كلّ واحد منّا:
"توما، أحد الإثني عشر والملقّب بالتوأم، لم يكن معهم حين جاء يسوع (يو 20، 24). لقد كان الغائب الأوحد، علم بما جرى حين عاد إنّما لم يشأ أن يصدّق بما سمع. لقد عاد السيّد مجدّداً وكشف للتلميذ غير المصدّق جنبّه ليضع الإصبع، أضهر له يديه وآثار المسامير، وشفى جراح عدم إيمانه، شفى جرح خيانته. ماذا تجدون إيّها الإخوة في هذا كلّه؟ هل ظننتم أنّ بالصدفة كان هذا التلميذ غائباً، وحين عاد سمع، وحين سمع شكَّ وحين شكَّ لمسَ وحين لمسَ آمنَ؟. لا، لم يتمّ هذا صدفةً، إنّما بتدبير إلهيّ.


http://www.katibatibia.com/admin/med...st_juses23.jpg

لقد شاءت الرحمة الإلهيّة أن هذا التلميذ غير المصدّق، وبواسطة لمس معلّمه، يشفي فينا نحن جراح الخيانة. لقد اتى عدم إيمان توما علينا نحن بفائدة أكبر من إيمان سائر الرسل، لأنّ بلمسه السيّد عاد الى الإيمان، ومن خلاله خلعت نفسنا عنها كلّ شكّ وتثبّتت في الإيمان؟ لقد سمح الربّ أن يشكّ التلميذ بقيامته، إنّما لم يتركه في شكّه. لقد صار التلميذ الّذي يشكّ ويلمس لمس اليد شاهداً لحقيقة القيامة، كما كان خطيّب العذراء الأم حاميّاً للبتوليّة الأكمل" (البابا غريغوريوس الكبير، العظة 26).
من خلال شخص توما ندرك كم هي عظيمة الرّحمة الإلهيّة، التي تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بعيدها أيضاً في هذا الأحد الأوّل بعد القيامة. فالرحمة التي رفضت أن تتركنا في موت الخطيئة، وخلّصتنا بواسطة الآم الفادي، هي نفسها تأتي لتساعدنا في مسيرة إيماننا. نحن بالنعمة الإلهيّة مخلّصون، وبالنعمة الإلهيّة نثبت على إيماننا، وبمعونة الله نحافظ على معموديّتنا. الإيمان نعمة من الله نحافظ عليها بسعينا، بصلاتنا، بالتزامنا، بثقتنا بكلام الله لا سيّما في أكثر الأمور تعقيداً وصعوبة. حين نرفض أن نصدّق أن يسوع قد قام ويقيمنا معه في كلّ مشكلة تصادفنا نكون مثل توما، ويسوع يأتي ليظهر لنا رحمته ومحبّته غير المحدودة. حين تصبح الآلام والصلبان في حياتنا علامة شكّ وسبب رفض، يأتي يسوع ليظهر لنا جراحه وآلامه، يقول لنا أنّنا تلاميذ معلّم تألّم من أجل أحبّائه، ومات ليخلّصهم، وقام ليعلّمهم أن لا موت، ولا ألم ولا مشكلة ولا صعوبة يمكنها أن تكون عائقاً أمام من آمن بموت السيّد وبقيامته، فنحن دُعينا الى الرّجاء والى الإيمان دون أن نرى ونلمس، فنسمع صوت السيّد يقول لنا: "طوبى للّذين آمنوا دون أن يروا"، فعين الجسد لا تنفعنا شيئاً، لقد عايّنا ونعاين الرّب كلّ يوم بعين الحبّ الّتي لا تخطيء.





Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:46 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
الظهورات والعجائب



http://www.peregabriel.com/gm/albums...ormal_0720.jpg

الناس شغوفون بالظهورات والعجائب أو ما يُشاع أنّه ظهورات وعجائب. ما إن يُذاع أنّ ظهوراً جرى هنا أو عجيبة جرت هناك حتى يزحفوا في هذا الاتّجاه أو ذاك ليستطلعوا، بدافع الفضول، أو ليستبركوا، بدافع التقوى.


وكثيراً ما لا يكلِّف أحد نفسه عناء السؤال: هل ما قيل إنّه جرى صحيح أم هل هو مجرّد اختلاق؟ كيف نعرف؟ ما مقياس الخطأ والصواب؟ إلى مَن نعود لنتأكّد؟ مَن نسأل؟ رسمياً، الكنيسة، أكثر الأحيان، تتريّث. عملياً كهنة الرعايا تتفاوت آراؤهم وأحياناً تتضارب. مقاييسهم ليست واحدة.

في هذه الأثناء ترى الجمهور لا بل الجماهير تندفع بلا وعي كبير، أو ربما بلا وعي كاف. تتحرّك التقويّات العاطفية. رأيتُ! سمعتُ! هذا يزيد الخبر قليلاً. آخر يفهمه على غير مرماه. ثالث ينقله على طريقته الملحميّة. يصل الخبر على غير ما ابتدأ. ينأى عن الواقع. تتحكّم فيه الخبريّات. تتحرّك المشاعر.

المناخ الجماهيري يصير مشحوناً. تدخل وسائل الإعلام على الخط. يبحثون عن المثير! قال فلان وقال عِلتان. الإعلاميون خبراء في فنّ الإيحاء. يسوقون الأخبار في اتجاهات يرومونها عن حسن نيّة وعن سوء نيّة. وللإعلام سلطان.

في تلك الأثناء تتحرّك السلطات المحليّة، الدينيّة والمدنية، إثباتاً للوجود واستغلالاً للظاهرة الجديدة. تنشط وكالات السفر. تتحرّك شركات النقل. تروج تجارة باعة التذكارات. يصطفّ باعة القطايف والعوّامات. يتحرّك موسم التقويات مرة أخرى.

الكل يستفيد! يزدهر سوق الشمع والبخور والبركات. تنتفخ صناديق المال! شهر، شهران، ثلاثة! سنة سنتان ثلاث! يخبو وهج الظهور المزعوم (أو الأصيل!).

تبهت ألوان العجيبة المدّعاة. يعود كلٌّ إلى شأنه. يتحوّل الأمر إلى خبر يُسرد لتزكية المشاعر والإدّعاءات لا لتزكية التوبة إلى الله. ماذا يكونون قد جنوا؟ استفادوا؟ لم يستفيدوا؟ تعلّموا؟ لم يتعلّموا؟ صاروا أقرب؟ صاروا أبعد؟ اعتادوا العجائب؟ أحبّوا المسيح أكثر؟ تاهوا؟ ضلّوا؟

كلّ هذه تساؤلات تطرح! ولكن يبقى السؤال الأساس: أي موقع تحتلّه الظهورات والعجائب في خبرة الكنيسة؟ هذا أصلاً ما كان ينبغي أن يكون عليه السؤال! أي موقف عام يُستمدد من تعليم الآباء القدّيسين؟ كيف كان علينا أن نتصرّف؟

من حيث المبدأ الظهورات والعجائب حدثت ويمكن أن تحدث، ولكن ليس كل ما يحدث ظهوراً أو عجيبة. هذا يفترض به أن يكون بديهية. ربما ليس لدى كل الناس. الوهم له دور والتضليل الشيطاني له دور. الظهورات والعجائب ربما أتت بالقلّة من الناس إلى الإيمان.

لكن، بالنسبة للكثيرين، ولا إن قام واحد من بين الأموات يؤمنون. الموضوع موضوع ما إذا كانوا مستعدّين لأن يسمعوا كلمة الله أم لا، ما إذا كانوا يحبّون الحقّ أم لا. مَن له مِثْل هذا الاستعداد، هذا تأتيه الكلمة، بعجيبة ومن دون عجيبة. استعداده، متى استقرّت كلمة الله في قلبه، يتحوّل إلى عجيبة.

كل عمل الله عجيبة في كل حال! المهم أن يقترن بقبولنا نحن. "تكلّم يا ربّ فإنّ عبدك يسمع". "ليكن لي بحسب قولك". "إلى مَن نذهب، كلام الحياة الأبدية عندك". "أؤمن يا ربّ فأعن عدم إيماني".

وكلّما شعر بعجزه إزاءها عرف أنّه لا نفاذ له منها إلاّ برحمة من فوق. وكلّما شعر أنّه لا نفاذ له من خطيئته إلاّ برحمة العليّ قارب قريبه، وخطايا قريبِه، بواقعية أكبر ورحمة أشدّ.

إذ ذاك ينعصر قلبه عليه لأنّه بعدما أدرك ما فعلته الخطيئة في نفسه هو بات بإمكانه أن يدرك ما تفعله الخطيئة في الآخرين.

الظهورات والعجائب قد تدعم استعدادنا الطيِّب لأن نؤمن عملياً، في بعض الحالات، لا سيما القصوى: حالات المرض أو الشكّ الكبير أو الضعف الشديد. ثمّ الظهورات والعجائب قد لا تكون، أحياناً، للجماعة بل للفرد. يرسل الله تعزية لفلان أو لفلان. هذه لا تكون بالضرورة برسم الإعلان ولا برسم الإعلام.

تحويل أصحاب الظهورات والعجائب إلى نجوم تلفزيونيّة يعرّضهم روحياً، لأقسى الأخطار. قد تبدأ الظاهرة إلهية ثمّ تتحوّل إلى مفسدة إنسانية وتصير مِضغة شيطانية. هذه ليست أموراً للهو والإرتجال!

يُنقل من رسائل القدّيس برصنوفيوس الغزّاوي أنّ واحداً شُفي من علّة صعبة أصابته بعدما صلّى القدّيس من أجله. ولم يمضِ عليه وقت قصير حتى عادت العلّة فأصابته على أقسى مما كانت.

فلما بعث إلى القدّيس يستفسر أجابه رجل الله: جرى لك ما جرى لأنّك ثرثار! الربّ يسوع قال للمجنون الذي شفاه (مر 5) أن يذهب إلى بيته وإلى أهله ويخبرهم بكم صنع الربّ به ورحمه. لكنّه في غير مناسبة شفى الأصم الأعقد وأوصاه ومَن معه أن لا يقولوا لأحد (مر 7). الخروج عن قصد الله يعرِّض الناس لأخطار جسيمة.

ثمّ نحن، بعامة، لا نسلك بالعيان بل بالإيمان. لذا علينا ألاّ نتوقّع، وبالأحرى ألاّ نرجو، أن نرى مناظر وعجائب. إذا شاء الربّ أن يُنعم بها علينا فهذا شأنه.

هو يعرف تماماً متى وكيف يكون ذلك مناسباً حتى لا يتحوّل ما يريده لخيرنا إلى شرّ وعثرة لنا. والقول صحيح أنّ مَن اشتهت نفسه الرؤى والمناظر والعجائب هذا يكون، بسهولة، عرضة للتضليل.

الله، في مثل هذه الحالة، لا يعطينا ما نرغب فيه لأنّه لا يكون نافعاً لنا بل مضرّاً.

هيرودوس أنتيباس رغب في أن يرى يسوع ويعاين آية تُصنع منه. هل أعطاه السيّد ما يريد؟ رغم أنّه سأل الربّ يسوع بكلام كثير، لم يُجبه بشيء. هذا جعله يحتقر الربّ ويستهزئ به (راجع لو 23). الله يعرف ما في القلوب. يعطي أو لا يعطي بناء على ما في الداخل!

خطورة العجائب والظهورات تكمن في أنّه ليس من حقّ أحد أن يحكم، في شأنها، بحسب الظاهر. أولاً إذا كانت من روح الله فالحكم في شأنها يكون في الروح غير المنظور لا في الظاهر.

فقط مَن له روح الله يحكم في الأمر. فإذا كان للشخص المعني روح الله فإنّه لا يبالي، إذ ذاك، بالعجائب والظهورات.

وإذا لم يكن له روح الله فإنّ عليه أن يسأل مَن له الروح لأنّ الروح يحكم في كل شيء ولا يُحكم فيه من أحد. أما إذا لم تكن العجيبة أو الظهور من روح الله فإنّها إما أن تكون من بنات أوهام الناس أو من الشيطان.

كيف من الشيطان؟ من الشيطان لأنّ الشيطان قادر أن يُحدث العجائب والظهورات ولكن، فقط، في الظاهر.

أي قد يبدو الشيطان أنّه يُقيم ميتاً مثلاً. هذا ما يظهر به للناس، لكنّ الميت لا يكون قد قام. الشيطان خبير في الخداع الشبيه بالخداع السينمائي اليوم. من هنا أنّنا لا نحكم في أمر العجائب والرؤى على أساس ما يظهر منها لأنّ هذا مجال للوهم والخداع الشيطاني بامتياز.

ثمّ الشيطان، كما نعلم، إمعاناً في الخداع، قد يظهر بمظهر نوراني، كملاك من نور. قد يظهر بشكل أحد القدّيسين أو والدة الإله أو الربّ يسوع نفسه.

قد يستعمل الآيات الكتابية. ولكن في الشكل فقط، تمثيلاً.

وللشيطان أساليب متطوِّرة في التضليل. قد يبدو كأنّه يتنبّأ، لكنّه لا يعرف المستقبلات. يعرف ما يكون قد حدث. ميزته أنّه سريع الحركة بشكل فائق. بإمكانه أن ينقل إلى هنا خبر ما يكون قد حدث هناك في لحظات. لذا يبدو كأنّه يتنبّأ. فقط يتعاطى السبْق الصحفي والتخمين الذي قد يصحّ وقد لا يصحّ.

الخبراء يعرفون ذلك! اليوم لأنّنا نعرف، بفضل وسائل الاتصال الحديثة، أن بإمكاننا أن نقف على خبر ما يحدث في أي زاوية من زوايا الأرض في خلال ربع ساعة لا سيما بفضل الأقمار الإصطناعية، نعرف أنّ السرعة عمل آلي وليس تنبؤاً بما ليس معروفاً.

كذلك، قد يقول لنا الشيطان الصدق مرّة ومرّتين وثلاث. ليس هذا لأنّه يريد أن يأتي بنا إلى الحقّ بل لأنّه يريدنا أن نصدّقه. ومتى كسب ثقتنا فإنّه، إذ ذاك، يوقعنا في الضلال.

الشيطان كذّاب وأبو الكذّاب ولو صدق أحياناً. الصدق لا يعني الحقّ. صدقه يكون في معرض الكذب والاحتيال.

لكل هذه الأسباب كان آباؤنا حذرين، لا بل شديدي الحذر. بالنسبة إليهم كان خيراً لهم أن يرفضوا حتى الظهورات الحقّانية التي هي من الله، حرصاً على عدم الوقوع في شيء من أحابيل الشيطان، من أن يصدّقوا كل ظهور يأتي عليهم. إلى هذا الحدّ كانوا حريصين.

القدّيس ديادوخوس الفوتيكي كان يعتبر أنّ مَن يمتنع عن قبول حتى الظهورات الإلهية الأصيلة، من باب الحرص، ليس فقط لا يثير غضب الله عليه بل يلقى موقفُه لدى ربّه استحساناً.

آخرون كانوا، حتى إذا منّ عليهم ربّهم بموهبة صنع العجائب، يمتنعون عن تعاطيها تواضعاً معتبِرين أنفسَهم غير مستحقّين للمواهب الإلهية. لذلك، مثلُ هؤلاء كانت تأتي العجائب على أيديهم عفواً، عن غير قصد منهم أو لبساطتهم المتناهية. في كل حال كانوا يهربون من الأضواء. عينهم، بإزاء ربّهم، كانت على نواقصهم. لم يكن أحد منهم ليستغلّ كونه ذا دالة عند الله.

شيمتهم كانت، ولا زالت، ما عبّر عنه الرسول المصطفى بولس في شأن الربّ يسوع، في علاقته مع الله الآب: "فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً، الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خِلسة أن يكون معادلاً لله، بل أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس. وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه اسماً فوق كل اسم" (في 2: 5 ? 9).

بعض آبائنا قال ويقول بوضوح وصراحة: لكي تأمنوا العاقبة لا تطلبوا الظهورات ولا تصدّقوها، أيّاً تكن. لا تهتمّوا لا بالأحلام ولا بالتنبؤات. الحقّ أنّ هذه أرض محفوفة بالألغام.

ما يوجّه إليه آباؤنا الأنظار هو العجيبة الروحية. إذا كان أحد ضالاً فتاب هذا يكون قد ضاع ثمّ وُجد. إذا كان أحدٌ بلا إحساس، من جهة خطيئته، ثمّ أحسّ بها بعمق وصارت أمامه في كل حين هذا يكون كمَن كان ميتاً فعاش.

إذا كان أحد بخيلاً ثمّ صار سخياً، مبدِّداً على المساكين، هذا تكون يده قد شُفيت بعد شلل. إذا سلك أحد في الوقيعة بين الناس ثمّ صار صانع سلام، هذا تكون رِجله قد برئت بعد يباس.

مَن أحبّ الفقير، بعد إعراض، أهم ممَن يقيم الموتى ويشفي المرضى لأنّه كان ضالاً فوُجد وكان ميتاً فعاش. هذا يقوم إلى حياة أبدية لا فقط إلى حياة دهرية.


تبقى نقطة أخيرة، إذا منّ عليك الربّ الإله بتعزية، ظهوراً أو عجيبة أو ما أشبه، فإنّه، في العادة، يعطيك شعوراً بنخس القلب وعدم الاستحقاق وسكوناً في القلب. هذه التزمها ولا تضيِّعها. تسلَّح، في مثل هذه الحالة، بسلاح صلاة يسوع: "أيّها الربّ يسوع المسيح، يا ابن الله، ارحمني أنا الخاطئ". إذا ظهر لك كائن ما لا تصدّقه قبل أن تسأله أن يرسم على نفسه إشارة الصليب أو أن يقول صلاة يسوع أو أن يردِّد: "المجد للآب والابن والروح القدس".

فإذا كان شيطاناً فإنّه لا يستطيع أن يفعل شيئاً من هذا، بل يهرب ويتبدَّد. في كل حال عد إلى أحد الآباء المختبَرين، وأقول المختبَرين المعروفين، واعرض عليه مسألتك.

اسمع ما يقوله لك والتزمه كاملاً دون نقصان. قد يكون هذا أسقفاً، وقد يكون كاهناً، وقد يكون راهباً وقد يكون رجلاً من عامة الناس. لا تتصرّف، على سجيّتك، وكأنّك تعرف. ليس غير الخبير ينجو من فخاخ العدو. اهدأ! لا تعرِّض نفسك للخطر! لا تكن فضولياً! لا تتسرَّع! واعلم أنّه إن توفّرت فيك النيّة الصالحة سلمتَ بنعمة الله.

وإن كان فيك زغل فإنّك ساقط سلفاً مهما حسبت نفسك ذكياً وحكيماً. نقّ نيّتك واسلك بأمانة في الوصايا يوماً فيوماً.

كن مطيعاً لأحكام الكنيسة. لا تستهن بخبرتها. والله، إذ ذاك، يحفظك حفظاً جيّداً. كن بسلام واسلم

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:50 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
صعود المسيح

فلنفرح بعيد الصعود الذي به أجلسنا المسيح معه في السماويات، وأعد لنا المكان السعيد، الذي سبق فتكلَّم عنه، الذي هو جلوسنا معه عن يمين العظمة في الأعالي.
لأننا صرنا في المسيح مصالَحين مع الآب إلى الأبد، محفوظين برضا ورحمة القدير؛ وليس كما كان آدم الأول في مجرد فردوس وشجر وثمر، يفتقده الله من حين لآخر،

ولكن صرنا في فادينا الحبيب - آدم الثاني - مع الله على الدوام، وإن كنا متغرِّبين الآن عن وطننا السمائي، متألمين يسيراً ليتزكَّى إيماننا ونوجَد أهلاً لهذا النصيب الفاخر،
إلا أننا بالإيمان نعيش وكأننا مستوطنون دائماً بالرجاء الذي سكبه المسيح فينا، وبالحب الذي يحوِّل الألم إلى لذة، وغير الموجود يجعله أمامنا موجوداً بالرؤيا القلبية التي بالنور الخفي ترى النور غير المنظور، متوقعين بالصبر والشكر لحظة اللُّقيا التي نحظى فيها بوجه الحبيب،فلا يعود يُنزع منا إلى الأبد.



لأن مسرَّة المسيح قبل أن ينطلق إلى الآب، التي قدمها بصلاة إنجيل يوحنا الأصحاح 17، أن نكون نحن حيث يكون هو على الدوام لنرى مجده ونوجد فيه؛ هذا الذي صار لنا بعد صعوده حقيقة حية رآها اسطفانوس الشهيد بعينيه، والتي لما رآها وتحقق منها سهُل عليه أن يخلع خيمته الأرضية بسرعة، ناظراً بيقين الإيمان والعيان معاً المكان الذي أعده له المسيح والبناء العجيب الذي في السماء غير المصنوع بيدٍ، الأبدي، جسد المسيح الذي يملأ الكل والكل فيه.


نحن الآن نأكل جسده ونشرب دمه وعيوننا مقفولة لا نستطيع أن نرى بهاء هذا الجسد وروعة هذا الدم،
لئلا نفزع ونرتعب ونسقط على وجوهنا ولا نضبط قوة أن نفتح أفواهنا لتقبُّل جمر اللاهوت المخيف. ولكن ما بالنا لا نرى أنفسنا متحدين اتحاداً بهذا الجسد وهو في ملء نور اللاهوت،
ودم المسيح يسري فينا وهو حامل إلينا روح الألوهة يسكبها في كياننا فنصير ملوكاً وكهنة لله أبيه ونملك معه في ميراث بنوية الآب التي لا تُحدُّ؟


لأجل هذا يدعونا القديس بولس الرسول بإلحاح سرِّي لا يفهمه إلا الواصلون بالروح لسرِّ الوجود الإلهي: «إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس» (كو 3: 1)، الذي معناه أن القيامة وحدها لا تكفي.
فبعد القيامة هناك أمجاد الوجود في الحضرة الإلهية حيث جلس المسيح - بنا - عن يمين الآب رهن طلب الذين أحبوا المسيح ولم يطيقوا أن يبقوا بدونه أبداً.

فحيث المسيح يوجد الآن يكون لنا حق الوجود. وطلبنا هذا هو من صميم طلب المسيح نفسه ومسرته التي سبق وأن ألحَّ على الآب أن يمنحها لنا كلما طلبناها،

لأنها صارت من حقِّنا بسبب بشريتنا التي اتحد بها بوفاق وحبٍّ وعهد أن لا يخلعها أبداً ولا يهجرها إطلاقاً ولا ينساها لحظة واحدة أو طرفة عين!


أما أن «نطلب ما فوق حيث المسيح جالس»، فهو أن نطلب الوجود الدائم في حضرة الله، الذي صار لنا حقّاً أبدياً في المسيح، نطلبه الآن كطلب بدموع وإلحاح.
فإذا ما أخذناه لا يعود يُنزع منا لأنه نصيبنا المحفوظ لنا في السموات، الذي لا يتدنس قط بسبب قصورنا بعد، ولا يضمحل أبداً بسبب اضمحلال كياننا الجسداني.


والوجود في حضرة الله، بإحساس الاتحاد بالمسيح الذي أكمله فينا ولنا مجاناً، هو سر السعادة التي وفرها المسيح لنا في وسط أحزان العالم وبرغم كل عجز البشرية وقصورها المحزن والمؤلم.


الإحساس بالوجود في حضرة الله بالمسيح كفيل أن يُعطي الإنسان سلاماً قلبياً يفوق العقل بكل اضطراباته وعجزه.


ولكن هذه الحضرة ليست مسرة نلهو فيها، بل هي عينها الصلاة، الصلاة في ملء حرارتها وهدوئها ورزانتها، الصلاة الكاملة

التي فيها يهدأ الجسد وترتاح النفس وتبتهج الروح بذكر الثالوث وتمجيد الآب وترديد اسم المخلص ونداء الروح القدس بتواتر ورجاء ودالة مستمدة من الصليب والدم المسفوك.


وإن كان ينبغي أن نئن كثيراً في أنفسنا من أجل ثقل الجسد، وقد أصبح كالخيمة التي مزقتها الرياح المكروهة ونشتاق في أنفسنا أن نلبس فوقها الذي من السماء، ولكن هذا غير ممكن.
لابد أن نخلعها أولاً حتى نستطيع أن نلبس المسيح ونوجد فيه بلا مانع، لأن الفاسد لا يمكن أن يرث عدم الفساد. لذلك سوف تظل صلواتنا ممزوجة بالدموع، وفرحتنا بالوجود في الحضرة الإلهية يشوبها أنين الحسرة من أجل عدم قدرتنا الآن على لبس السمائي.


ولكن لنا ثقة أنه كما لبسنا الترابي نلبس السمائي أيضاً ولن نوجد أبداً عراة من نعمة الله، لأن الذي خلقنا هو نفسه أعاد خلقتنا وهيَّأها للتجديد المزمع أن يكون في ملء القداسة وبر الله.


لذلك ينبغي، أيها الأحباء، أن نعترف الآن بفقرنا جداً، مع أن غِنَى الميراث كله الذي للابن قد كُتب وتسجَّل لنا نصيباً، ولكن ليس لنا هنا غِنىً أبداً حيث عالم الخديعة والغش.

ليس لنا هنا مدينة باقية ولا وطن دائم ولا كرامة ولا صيت ولا اسم ولا راحة حقيقية، بل نطلب العتيد منها الذي ليس فيه غش ولا ظل دوران.

لذلك يقول القديس بولس الرسول مُلحّاً: «اطلبوا ما فوق»!! وهل ممكن لإنسان يطلب ما هنا ويسعى وراء ما هو في أفواه الناس أو في أيدي الناس أو في تراب الأرض،
ثم يستطيع أن يرى ما فوق أو يطلبه؟ فإما أن نسعى إلى أن نكمل ما هنا ليكون لنا فيه فرحنا وسرورنا وراحتنا ومجدنا، وإما أن نرفض ما هنا لنتفرغ لطلب ما فوق لمجد الله.


الذي يسعى وراء كرامة على الأرض، يطلبها في قلبه ويشتهيها في نفسه، لا يمكن أن يتبقَّى له قوة إيمان بما فوق يمكنه أن يشدَّ نفسه إليها ويطلبها.
الذي يطلب ما على الأرض، لا يمكن أن يقوى على طلب ما فوق!


الذي لم يتفرغ بالحق لطلب ما هو فوق، هو محروم من مجد الصعود، وضيَّع على نفسه ثمرة الصليب والقيامة. لأن المسيح احتمل الأحزان والآلام والصليب من أجل السرور الموضوع أمامه، سرور المصالحة العظمى في آخر مراحلها عندما قدَّم البشرية التي فيه للآب مفديَّة مبرَّأة مطهَّرة مغسولة بالدم، وأجلسها معه عن يمين الآب!


فكما تكلَّلت آلام الصليب بالقيامة، هكذا تكلَّلت القيامة بالصعود والجلوس عن يمين الآب. لذلك ففي الصعود سر الاحتمال الأعظم لكل ألم حتى الموت!!
وفي الجلوس في السماويَّات مع المسيح نهاية كل رجاء وكل فرح، بل وغاية كل الخليقة العتيقة والجديدة.


+ + + أما لنا نحن الرهبان، فالصعود الذي يمثل أوج النصرة على العالم هو عيدنا الذي نرى فيه أنفسنا تطير فوق هموم الدنيا وأوهامها وغرورها.
فلو تمثَّلتم معي وضع الرب وهو صاعدٌ والعالم كله واقع تحت قدميه، لأدركتم معنى الآية: «قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك» (مز 110: 1).

هكذا كل راهب خرج من العالم خروجاً صادقاً بالروح والحق جاعلاً قلبه وفكره فوق في السماء، هذا يكون قد حقَّق قوة الصعود التي وهبها لنا الله بالمسيح منذ الآن بالسر جزئياً، أي بالفكر والقلب، تمهيداً للتكميل الكلِّي المزمع أن يكون.


الراهب الحقيقي - إذن - هو مَن يعيش عيد الصعود مكتفياً بما فوق، وبالروح والحق، كل أيامه. لا يخشى شيئاً ما على الأرض:

لا شدَّة ولا ضيق ولا اضطهاد ولا جوع ولا عُري ولا خطر ولا سيف،



وهو لا يشتهي شيئاً ما مما على الأرض:
لا كرامة ولا صداقة ولا رئاسة ولا سلطان ولا مديح ولا اسم ولا شكل ولا لقب، لأنه يغتذي سراً بما فوق من طعام الحق وشراب الحب الذي كل مَن يغتذي به ينسى كل ما في هذا الدهر، ينسى أهله وينسى موطنه وينسى حتى نفسه.


كل إنسان في المسيح يترجَّى حياة الدهر الآتي حسب قانون الأمانة العام. أما الراهب، يا إخوة، فهو إنسان يعيش الدهر الآتي لأنه مات عن هذا الدهر الفاني. الصعود ليس فقط عيدنا - نحن الرهبان - بل هو عملنا اليومي تجاه هذا الدهر، وهو حياتنا الوحيدة التي تبقَّت لنا.


من الملابسات ذات المعنى وذات الفعل في إنجيل عيد الصعود، قوله: «وفيما هو يباركهم، انفرد عنهم، وأُصعِدَ إلى السماء» (لو 24: 51). لا يمكن أن ندخل حالة الصعود بالروح، يا إخوة، أو نتذوقها إلا إذا كنا في هذه الحالة عينها،

أي «وفيما نحن نبارِك», لا بد أن نكون على مستوى الصلاة والبركة على كل إنسان، على كل مُضطهِد، على كل مُسيء أو شاتم أو مُعيِّر أو مُخرِج كل كلمة شريرة علينا،

لا بد أن يكون قلبنا في حالة صفح كلِّي وسلام صادق وحنو ومودة لكل إنسان، حتى نستطيع أن ننفكَّ من قيود جاذبية الأرض والتراب وننطلق في إحساس الصعود ونتذوقه ونعيشه بالروح والحق.


ثم لابد أيضاً أن نكون في حالة «وانفرد عنهم»، حتى يمكن أن نمارس حالة إصعاد يُتمِّمها فينا المسيح فوق العالم. الانفراد عن الناس يؤهِّل الراهب لحالة تقبُّل قوة داخلية يمارس بها الخروج الدائم والإرادي من العالم.
الإنسان دائماً أبداً يجذب الإنسان أخاه إلى نفسه ليتعظَّم به أو يتقوَّى به أو يُمتَدَح به أو يتسلَّى به، والاثنان في النهاية كل منهما يخسر نفسه بهذا الجذب السلبي. لذلك كل انفراد عن الناس هو قوة، لو أن الانفراد كان مع الله وبالله، وهو حتماً يؤهِّل لحالة الانجذاب إلى الله، أو بمعنى آخر إلى إصعاد روحي بالحق وبالسرِّ.


لذلك قلتُ لكم إن عيد الصعود هو عيدنا نحن الرهبان، بالدرجة الأولى، وهو عملنا وهو حياتنا، لو استطعنا أن نكون دائماً في حالة بركة صادرة من أعماقنا تجاه جميع الناس، وكنا أيضاً في حالة انفراد إيجابي عن الناس من أجل الله.

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:52 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
عيد الصعود المجيد
اليوم الأربعون من القيامة

للقمص مكسيموس وصفي
http://www.peregabriel.com/gm/albums...al_sououd8.JPG

- مقدمة
" ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون. وأخذته سحابة عن أعينهم. وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس أبيض. وقالا أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء. إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء- حينئذ رجعوا إلى أورشليم من الجبل الذي يدعى جبل الزيتون الذي هو بالقرب من أورشليم " (أع 1).
فإذ قد سبقت السماء حاملة إلى الأرض البشارة المفرحة بنزول المسيح إليها وتجسده و تأنسه، فاليوم نزف إلى السمائيين بشارة فرح وابتهاج بقيامة الرب من الأموات وصعوده إلى السماء.
فأي شكر وتسبيح نقدمه لمخلصنا في هذا اليوم، الذي أقام طبيعتنا و أصعدنا معه، ذاك الذي في صعوده حملنا معه واجتاز السموات ورفع في المجد.
وعيد الصعود أو خميس الصعود من الأعياد السيدية الكبرى، ويعد مجد الأعياد لأن فيه صعد الرب بمجد عظيم إلى السماء أمام تلاميذه بعد أن أكمل تدبير الفداء والخلاص.

وتحتفل الكنيسة بالعيد حسب أوامر الرسل الأطهار إذ جاء في أقوالهم:

"ومن أول يوم الجمعة الأولى أحصوا الأربعين يوما إلى خامس السبوت ثم اصنعوا عيد صعود الرب. الذي كمل فيه كل التدبيرات وكل الترتيب وصعد إلى الله الآب الذي أرسله وهو مزمع أن يجعل أعداءه تحت موطئ قدميه". (الدسقولية الباب 31 ص 167، والمجموع الصفوي ص 198).

- الطقس الكنسي وخميس الصعود

في هذا اليوم يكتمل أربعون يوما بعد القيامة لذلك المحتم أن يأتي الصعود يوم خميس وتشير القراءات إلى أحداث هذا اليوم حيث ظهور المسيح الأخير لتلاميذه بعد أن ظهر مرات عديدة خلال الأربعين المقدسة، ثم أخذهم إلى بيت عنيا وباركهم، ومن بيت عنيا إلى جبل الزيتون القريب منها وعلى هذا الجبل كان الصعود.
- الصعود تاج الأعياد
تنحصر كتابات القديسون الأوائل بالتأملات الروحية حول هذا العيد. فقد مدحه القديس إبيفانيوس
( 320-403م) قائلا: "إن هذا اليوم هو مجد بقية الأعياد وشرفها، لأن الرب أكمل في هذا اليوم عمله الراعي العظيم بمحبته للخراف".
ويمدح القديس ساويرس الأنطاكي
(459-536م ) ، هذا العيد كأَجل الأعياد إذ يقول:

"إني احتفل بتقاليد الرسل القديسين التي سلمها لنا أعمدة الكنيسة كميراث أبدي لا يفنى بعد أن تسلموها كل واحد بدوره كما يتسلم الابن من أبيه، وهذه تمت على أيديهم وأزهرت في الكنيسة، ومن بين هذه التقاليد التي استلمناها ما تنادي به الكنيسة اليوم لتعلمنا به أن المسيح لأجلنا صعد إلى السموات".

وفي تأملات القديس يوحنا فم الذهب (347-407م)، عن هذا العيد إذ يشرح نبوة داود النبي ويقول:
"في صعود المخلص رافقته مواكب الملائكة ورؤساء الملائكة بالتسابيح وحولهم ضياء عظيم في نور ومجد لا يوصف، وعندئذ هتف الروح القدس آمرا القوات السمائية قائلا... ارفعوا أيها الرؤساء أبوابكم ليدخل ملك المجد ".
والسيد المسيح الملك الظافر الممجد في السماء والأرض في أحد الشعانين دخل السيد الظافر أورشليم الأرضية، واليوم في صعوده يدخل غالبا أورشليم السمائية،
كان في أحد الشعانين راكبا على جحش واليوم راكبا على السحاب، دخل أولا وسط تسابيح الشعب واليوم تستقبله الملائكة بالتسابيح أولا كانوا يصرخون خلصنا واليوم يهتفون خلصتنا، دخل أولا هيكل الذبائح واليوم يدخل بذبيحته القديسون،
أولا دخل ليتألم

واليوم دخل إلى مجده في السموات.

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:55 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
"تألم وقبر وقام من الأموات، وصعد إلى السموات، وجلس عن يمين أبيه.."
قانون الإيمان
في سرد حوادث الصعود للقديس لوقا يقول أن السيد فيما هو يبارك تلاميذه، انفرد عنهم وأصعد إلى السماء (لو 24: 51)، فالمسيح ارتفع فوق الأرض واجتاز السموات، فأي قوة تلك التي رفعته فوق جاذبية الأرض!
وليس فقط جاذبية المادة ولكن سلطانها أيضا، فهو بهذه القوة نزل إلى الجحيم بعد أن مات في مساء الجمعة العظيمة وصعد من الجحيم ولم يمسك منه، وبهذه القوة نفسها قام من الأموات في اليوم الثالث،
وبهذه القوة عينها صعد إلى السموات، لا شك أنها قوة لاهوته فبينما السيد هو الأزلي (لا بداية له) في صعوده، لكنه أراد فقط أن يصعد جسديا أمام تلاميذه لكي يشاهدوا صعوده، فكانت مشيئته أن يرتفع بالجسد إلى السماء، وهو فيما كائن باللاهوت لم يفارقها.
فهو إن كان قد نزل إلينا على الأرض وتجسد وتأنس ومشى على الأرض وعاش بجسد بشريتنا لكن لم يخل منه مكان في السماء أو على الأرض فهو مالئ الكل بلاهوته فبعد أن أكمل تدبير الفداء صعد لأنه:
"ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء " (يو 3: 13). وكما أخبر السيد تلاميذه عن آلامه وموته وقيامته (مر 10: 34)، أيضا سبق وأخبرهم عن صعوده إذ قال:
"أهذا يعثركم فإن رأيتم ابن الإنسان صاعدا إلى حيث كان أولا" (يو 6: 63)،

بل ذكر السيد ذلك عدة مرات "أنا أمضي لأعد لكم مكانا " (يو 14: 2، 28، 16: 7، 28، 20: 17) وأيضا في صلاته الوداعية إلى الآب:
"والآن أيها الآب مجدني أنت عندك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم" (يو 17: 5).
والسيد المسيح في اتضاعه كان يجري أعماله أمام تلاميذه، وقد أشار إلى ذلك صراحة حين صار صوت الآب فقال لهم السيد وقتئذ أن هذا الصوت كان من أجلهم هم. وهكذا كانت أعمال السيد ظاهرة لتلاميذه فهو بطبيعته كامل في كل شيء لم يكن محتاجا إلى الختان أو يُقَّدم مثل الأطفال إلى الهيكل،
ولم يكن في حاجة أن يعتمد لكنه تعمد لأجلنا فلم تكن المياه لتطهره بل هو نزل إليها ليطهرها ويقدسها، وعلى هذا المثال صعد إلى السماء قدام تلاميذه، لقد كانت مشيئته أن يصعد لا خفيه بل ظاهرا أمام تلاميذه، وليس معنى صعوده أن السماء كانت بدونه لحظة لأنه هو مالئ الكل بلاهوته،
لكنه صعد بجسده وأجتاز السموات من أجل خاصته (عب 4: 14)، فإن الذي نزل (ولم تخل السماء من لاهوته) هو الذي صعد أيضا (ولم يخل السماء من لاهوته) فوق جميع السموات لكي يملأ الكل في الكل (أف 1: 23، 4: 10)، ولذا قال عنه سفر الأعمال " هذا رفعه الله بيمينه رئيسا ومخلصا" (أع 5: 31).

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:57 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
" وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات" (أف 2: 6)
في صعود السيد المسيح أصعد البشرية معه، إذ كانت قبلا ساقطة وتحتاج لمن يصعدها، فبدون صعود السيد لم يكن ممكنا للطبيعة الترابية أن تصعد إلى السماء، والذين ليست لهم المسيح وبركات صعوده لن يكون لهم صعود إلى السماء، لأنه كيف يقدر الجسدانيون أن يصيروا روحانيين لو لم يتجسد منهم رب الأرواح،
وكما كان الترابي هكذا أيضا الترابيين وكما هو السماوي هكذا أيضا السماويون، وكما لبسنا صورة الذي من التراب (آدم) سنلبس صورة الذي من السماء (المسيح) (1 كو 15: 49).
ففي تجسد المسيح أخذ طبيعتنا البشرية من العذراء القديسة مريم واتحد بها، وفي قيامته تمجدت طبيعتنا فيه، وفي صعوده أصعدنا معه، لأنه حملنا معه.
فبعد أن اتحد الرب بجنسنا وأخذ منه جسدا تمجد هذا الجنس، فأصعده معه لأنه صعد بهذا الجسد الذي أخذه منا وجعله أهلا أن يصير سماويا إذ أعطى الطبيعة الترابية كرامة ومجدا باتحادها باللاهوت، وهو بذلك وهب لنا نحن الترابيين أن نبلغ رتبة السمائيين لأنه وهو: "باكورة جنسنا لاق بذاك الذي من أجله الكل وبه الكل وهو آت بأبناء كثيرين إلى المجد أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام. لأن المقدس والمقدسين جميعهم من واحد فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم إخوة" (عب 2: 10-11).
وبغلبة السيد المسيح على الموت وهب لنا هذه الغلبة ورفع طبيعتنا الساقطة المغلوبة "إذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم واشترك هو أيضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت " (عب 2: 14).
أي شكر وتسبيح نقدمه للسيد مخلصنا الذي رفع طبيعتنا و أصعدنا معه، ذاك الذي في صعوده حملنا معه. واجتاز السموات (عب 4: 14)، ورفع في المجد (1 تي 3: 16).

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 02:58 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
أي سحابة مقدسة تلك التي أخذت السيد المسيح عن أعين التلاميذ، أي سحابة تلك التي حجبته عن رؤيتهم؟
كيف تحجبه سحابة وهو "الذي جعل مسالكه على السحاب الماشي على أجنحة الرياح " (مز 104: 3 ). لعلها سحابة من القوات السماوية من أجناد الشاروبيم و الساروفيم المتوهجون نارا.
ولقد ارتبط السحاب بظهور الرب ومجده. فقد صار سحاب ثقيل على جبل سيناء عند حلول الله وحضوره وسط الشعب (خر 19: 16)، وكان عامود السحاب يتقدم الشعب في مسيرته (خر 13: 21)، والسحاب ملأ البيت لأن مجد الله حل فيه (2 أي 5: 14)،
وتحدثت النبوة عن السحاب هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر (إش 19: 1). وفي حادثة التجلي جاءت سحابة نيرة وظللتهم (مت 17: 5). وقد تنبأ داود النبي عن السيد "سحاب وضباب حوله" (مز 97: 2)، وقال سليمان أن الرب يسكن في الضباب (2 أي 6: 1).
إن السحاب وهو المرتفع في مكانه عن الأرض إشارة إلى السماء فكان جدير أن يظهر في صعود الرب إلى السماء وستكون السحب هي العلامة التي تظهر في السماء عند المجيء الثاني للرب
"هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين" (رؤ 1: 7)،
كذلك جعل الرب أن يكون اختطاف المؤمنين على السحاب (إش 4: 17) إننا نشتاق إلى تلك الساعة التي نتلاقى فيها في السحب لملاقاة الرب.

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 03:00 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
فرح السمائيين بالصعود

https://images.chjoy.com//uploads/im...9b3df10959.jpg
بينما كان التلاميذ ينظرون وهم شاخصون بعيونهم في السماء، حيث كان صعود الرب وجاءت السحابة وأخذته عن عيونهم، ظهر ملاكان بلباس أبيض و منظرهما بهي تحدثا مع الرسل، فإذا كانت الملائكة نزلت من السماء حاملة البشارة بالتجسد،
فقد نزل جبرائيل يبشر السيدة العذراء، ونزلت أجواق الملائكة تعلن فرح البشرية وقت ميلاده، ووقت التجربة جاءته أيضا الملائكة، وفي البستان ليلة آلامه نزل ملاك من السماء، وفي قيامة الرب نزلت الملائكة تبشر النسوة والرسل،
كذلك أيضا في صعود الرب ظهرت الملائكة وظهرت الجنود السمائيين تستقبل ملك الملوك ورب الأرباب، إنه إعلان عن ابتهاج السماء بصعود الرب وشركتها مع الأرض في الفرح وتقديم السجود للرب الظافر الصاعد إلى علاه و أصعدت البشرية معه لتسترد مكانها في السماء، وهذا ما جعل الملائكة تفرح وتبتهج فإذا كانت الملائكة تفرح بتوبة إنسان واحد (لو 15) فكم تكون فرحتها بعودة جنس البشر جميعه، ورجوع البشرية إلى السماء.

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 03:02 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
بعد أن تمم السيد المسيح عمل الفداء وصعد إلى السماوات جلس عن يمين أبيه، وليس المقصود هنا الجلوس الجسماني في المفهوم البشري فالله ليس له يمين أو يسار وليس هو محدود في طبيعته،
ولكن المعنى في جلوس الابن عن يمين أبيه هو أنه بعد أن أكمل عمل الفداء أخذ ماله من مجد وكان ذلك المجد مخفي في زمان تجسده "الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بعد ما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا جلس في يمن العظمة في الأعالي" (عب 1: 3)، فالسيد بعد أن اجتاز السماوات جلس عن يمين أبيه (مر 16: 19)، وهذه هي صورة المجد وكانت غير منظورة للتلاميذ وقت الصعود.
(والرب لم ينقص شيئا بسبب تجسده كذا لم يزد شيئا في صعوده، لا هو قل في تجسده ولا هو كثر في صعوده، فمجده لم ينقص حينما أخذ جسدا بشريا، ولا هو أخذ مجدا ليس له حينما صعد إلى السماء فإنه أي المسيح جلس عن يمين العظمة أي الآب وفي هذا الرد على هرطقة أريوس- "شرح (عبرانيين 1: 3) لأغسطينوس".
وهذا المفهوم يتضح في صلاة المسيح الوداعية "أنا مجدتك على الأرض، العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته، والآن مجدتني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم " (يو 17: 5).
وفي جلوسه عن يمين الآب جلس على عرش مجده (مز 46). "إذ بالعدل والحق أتقن كرسيه" (مز 97: 2)، فيسوع الذي وضع قليلا عن الملائكة بتجسده، جلس في يمين العظمة في الأعالي، صائرا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسما أفضل منهم (عب 1: 3-4).
إن السيد دخل إلى مجده وقد سبق إشعياء أن تنبأ عن هذا
"أنا الرب هذا اسمي ومجدي لا أعطيه لآخر" (إش 42: 8).
وفي جلوس السيد في مجده أخضع كل شيء تحت قدميه وهو ما شرحه القديس بولس الرسول "وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته، الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السماويات. فوق كل رئاسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل أيضا. وأخضع كل شيء تحت قدميه" (أف 1: 19-22).

وهو ما سبق أن تنبأ به داود النبي "قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك" (مز 11: 1)، ورآه دانيال النبي "أُعطى سلطانا ومجدا وملكوتا" (دا 7: 13).
إن السيد المسيح في حياته على الأرض أوضح ذلك الأمر لتلاميذه إذ قال لهما " دفع إلىَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض" (مت 28: 18).
وبعد أن جلس السيد وملك فإن الخليقة أصبحت تشترك مع السمائيين لتقدم السجود
"وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين مستحق هذا الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة" (رؤ 5: 12).
فالخليقة الساقطة التي عُتقت من الموت وارتفعت بصعود الرب وجلست معه في السماويات تجثو له وتمجده من أجل تدبير عمله المجيد،
لذلك رفعه الله أيضا وأعطاه اسما فوق كل اسم، لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء (الملائكة) ومن على الأرض (البشر) ومن تحت الأرض (الذين عتقهم من الجحيم) ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب مجد الله الآب (في 2: 8-11). وفي ذلك أيضا يقول القديس بطرس في رسالته عن المخلص
"إذ قد مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين قوات مخضعة له" (1 بط 3: 22 ).
وإننا إذ نتمتع ببركات هذا الصعود نشكر الله ونسجد له ونمجده إذ حسبنا نحن المؤمنين مع هؤلاء الساجدين له، ولساننا ينطق بالتسبيح لرب المجد،
لقد صعد السيد وجلس الملك في مجده، ومساكين هؤلاء الذين لا يريد و ن أن يملك عليهم فهم وقت الدينونة ينوحون وليس من فائدة "و حينئذ تنوح جميع قبائل الأرض" (مت 24: 30)، حقا أنهم مساكين لأنهم يصيرون تحت موطئ قدميه ويسمعون صوت الحكم المخوف هؤلاء الذين لم يريدوا أن أملك عليهم آتوهم واذبحوهم قدامي (لو 19: 27)، أما نحن فقد صار لنا جلوس السيد في مجده مصدر القوة والتعزية، وهي التي رآها إستفانوس وهو يستشهد وأعلنها أثناء محاكمته أمام المجمع اليهودي
"ها أنا أنظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائما عن يمين الله" (أع 7: 56).

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 03:03 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
الصعود و استعلان مجيئه الثاني


https://images.chjoy.com//uploads/im...7dc0cddfbe.jpg
تحدث الملاكان اللذان ظهرا للتلاميذ وقت صعود الرب عن سر مجيئه الثاني، وأخبرا أن يسوع الذي انطلق وصعد إلى السماء سيأتي في مجد أبيه، لقد كشف الصعود عن سر مجيئه رجاء الكنيسة الذي تنتظره وهي تسير نحو السماء تبشر بموت الرب وتعترف بقيامته من الأموات وصعوده إلى السموات، هذا المجيء الذي سبق الرب وأخبر به تلاميذه قائلا: "وحينئذ يبصرون ابن الإنسان آتيا في سحاب بقوة كثيرة ومجد" (مر 13: 26).
لقد ارتبط المجيء الثاني للرب بصعوده وهذا ما قاله السيد لتلاميذه "وإن مضيت وأعددت لكم مكانا آتي أيضا وأخذكم إليّ" (يو 14: 3).
وفي صعود الرب نالت الكنيسة قوة صعودها وارتفاعها، فتصعد وتأتي إليه في مجيئه الثاني حينما يدعوها "تعالوا إليّ يا مباركي أبي" (مت 25: 34).
- الصعود وكمال النبوات
تنبأ داود النبي عن صعود الرب في مجده وقال "صعد الله بتهليل الرب بصوت الصور (المزمار) رتلوا لإلهنا، رتلوا لملكنا رتلوا لأن الرب هو ملك الأرض كلها، رتلوا قصيدة فإن الرب ملك على كل الشعوب، جلس الله على كرسي مجده" (مز 46)، وسفر المزامير ملئ بإشارات كثيرة عن صعود الرب (مز 97: 1)، (مز 18: 10).
ويفسر القديس بولس البوشي (القرن 13) إشارة إلى الصعود في رؤيا يعقوب (تك 28: 11-13) حيث رأى سلما مرتفع من الأرض إلى السماء وملائكة الله نازلين وصاعدين عليه، والرب فوق أعلى السلم.. . فقد ارتفع الرب فوق في علاه وابتهجت الملائكة بصعوده.
ويرى أيضا في قصة الفأس و إليشع (2 مل 6: 1-2) رمزا آخر للصعود فقد كانت هناك فأس وأثناء القطع بها سقطت في الماء وغاصت في القاع، فجاء رجل الله وقطع عودا وألقاها في الماء في المكان الذي سقطت فيه الفأس عندئذ طفا الحديد على سطح الماء فمد الرجل يده وأخذه، وتأمل القديس بولس البوشي في القصة وقال أن سقوط الحديد يشبه سقوط البشرية التي تثقلت بالخطية وانحدرت متردية وسقطت في القاع ولم تقدر أن تصعد ثانية بسبب ثقل (دينونة) الخطية لكن الله تحنن عليها واتحد بجسد طاهر من القديسة مريم العذراء وأصعده بغير مانع وأعطى لجنسنا القدرة على الصعود.
وفي صعود النبيان أخنوخ (تك 5: 24)، وإيليا (2 مل 2: 11) نبوة سابقة تخبرنا عن صعود الرب وفيه رجاء لصعودنا معه، ففي صعودهما من الأرض إشارة لصعود السيد المسيح ولكن هناك اختلاف جوهري إذ أن أخنوخ الله نقله، وإيليا أرسل الرب مركبة نارية حملته،
أما صعود المسيح أمر فائق للعقل ومملوء مجدا إذ نزل أولا إلى الجحيم وهو يطأ قوات الظلمة إذ جعل أعدائه موطئا لقدميه، وسبى سبيا وصعد إلى السماء ومعه الغنائم، وجلس في عرش مجده (أف 4: 8).

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 03:06 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
المفهوم الروحي لعيد الصعود
إن بركات الكنيسة التي أخذتها في صعود الرب تملئ قلوب المسيحيين بالرجاء وأفواه المؤمنين بالتسبيح والشكر للسيد المسيح الذي غلب بقيامته وصعد في مجده، ومن هذه البركات في هذا العيد المجيد ما يتضح:

في صعود السيد المسيح إعلان عن لاهوته، فالذي عاش بالجسد معنا على الأرض وهو يخفي لاهوته، اليوم يتمجد فوق الخليقة كلها، فهو إله بطبيعته أزلي في جوهره،
والذين ينكرون لاهوت المسيح ولا يعترفون أن الله جاء في الجسد بماذا يجاوبون عن صعوده، فإذ ونحن نعيد اليوم بهذا العيد المجيد نعترف أن يسوع المسيح هو رب المجد (في 2: 11).

وفي هذا اليوم توجت البشرية إذ أن السيد الذي شارك البشرية في طبيعتها وأخذ جسدا، اليوم صعد بهذا الجسد إلى المجد،
ففي صعوده "دخل كسابق لأجلنا صائرا على رتبة ملكي صادق ورئيس كهنة إلى الأبد" (أف 1: 20-22)، فاليوم صعد إلى السماء، و أصعدنا معه.

وبصعود الرب إلى السماء لم نعد نرتبط بالأرض لقد أصبحنا سمائيين، لأنه صعد إلى السماء وهو يحملنا جميعا فيه "أنا فيهم وأنتم في ليكونوا مكملين إلى واحد" (يو 17: 23).
وفيه لم تعد طبيعتنا البشرية ساقطة لأن الرب أصعدها في هذا اليوم فصارت ذات كرامة بحلول السيد فيها ثم صارت ممجدة بعد قيامته وصعوده،


فالجسد الذي أخذه من القديسة مريم العذراء ومات على الصليب هو ذات الجسد الذي قام من الأموات وصعد إلى السموات،
وهو أيضا بذلك يعطي تأكيدا أنه لم يقم روحا فقط، ولكنه قام بجسده أيضا وهو الذي رآه التلاميذ يرتفع حتى غاب عن أعينهم.

في هذا العيد نبتهج بفرح إذ عاد التلاميذ إلى أورشليم بفرح عظيم، لقد وهب للكنيسة في هذا اليوم أن تنال فرحها بصعود الرب إلى السماء، ففي هذا العيد المجيد نبتهج ونحن لنا هذا الفرح في هذا اليوم.
فلنخرج مع التلاميذ إلى جبل الزيتون جبل الصلاة في اختلاء مع الرب،
بعيدا عن العالم حينئذ نكون في مجال جاذبية السماء،


ونثبت أعيننا في السماء حيث صعد الرب في مجده،


ولنرفع قلوبنا نقية ونفوسنا في اشتياق ونسجد مع التلاميذ في الجبل المقدس،


فنكون مع التلاميذ الذين رفع الرب يديه في هذا اليوم وباركهم ورجعوا بفرح عظيم. آمين.

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 03:09 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
شذرات من الآباء الشرقيين
الصعود

للقديس يوحنا الذهبى الفم

قدَّمَ المسيح الى الآب باكورة طبيعتنا، ونالت التقدمة حُظوة في عينيه نظراً لنقاوتها وسموِّ مُقدِّمها، فقبِلَها وأقامها إلى جانبه، قائلاً له:

اجلِسْ من عن يميني”.



فمن هي تلك الطبيعة التي قال لها الله: “اجلسي من عن يميني”؟ منَ الواضح أنها تلك التي كانت قد سمعت هذا القول: “إنك ترابٌ وإلى التراب تعود”.
ألمْ يكفِ أن تُرفَع فوق السموات؟ وتُقيم بين الملائكة؟ ألم يكن في هذا كفايةٌ للتعبير؟

كلا، وأَيْمُ الحق! لقد ارتفعتْ على الملائكة، وفاقت مراتب رؤسائهم ومقامَ الكروبين والسارافيم وسَمَتْ على القوَّات ولم تقف إلى أن استولت على عرش الرب عينه.


ألا ترى بُعدَ المسافة الفاصلة بين الأرض والسماء؟ أو لننطلق بالأحرى مما هو أسفل، ألا ترى المسافة بين الجحيم والأرض، والأرض والسماء، والسماء وأعلاها،

وأعلاها والملائكة ورؤسائهم والقوَّات السماوية وأخيراً عرش الملك؟ لقد جعل المسيح طبيعتَنا تجتاز هذه المسافة كلَّها.
تأَمَّل إذاً عمق الهاوية التي تدهورت فيها تلك الطبيعة في دورها الأول، وإلى أيِّ سموٍّ قد رُفعت.
لقد كان من المَحال أن تهبُطَ الطبيعة البشريَّة إلى أدنى مما بلغت، كما كان من المحال أن تصعد إلى أسمى مما رفعَها إليه المسيح بعد إنهاضِها.

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 03:12 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
الصعود الإلهي
الصعود الإلهي هو حدث ارتفاع المسيح الى السماء، وهو حدث كنسي بمعنى أنه يعبر بنا الى زمن الكنيسة . إنطباع الرحيل فيه لا يسمح للمستنيرين أن يتحسّروا تحسّرا عقيما على الماضي ولا أن يلقوا نظرة سراب الى المستقبل، فمع كون الصعود مفرقا حاسما ونهاية علاقة خارجية مع يسوع إلا أنه، بنوع خاص، افتتاح علاقة إيمان جديدة كليا وإعلان زمن جديد. والصعود،
تاليا، هو عيدُ الكنيسة لأنه، بالنسبة اليها، يحوي أكثر الوعود تمجيدا، لكونه باكورة صعودها هي الى السماء. فالمسيح الرب بما أنه رأس الجسد – الكنيسة – (أفسس 1: 20 – 23) وهو قائم بجسده عن يمين العظمة الإلهية (أعمال 7: 55؛ عبرانيين 1: 3 و8: 1) فالكنيسة تعلم علم اليقين أنها تشترك بالمجد ذاته ولو كان عليها أن تجاهد، إلى حين، جهادات الأرض. هذا ما بيّنه القديس يوحنا الذهبي الفم إذ قال:" لقد دخلت إنسانية الجميع نهائيا في ناسوت المسيح في الصعود السماوي، وقد تحققت أبديتنا من دون رجعة.... وأصبح منذئذ " موطننا في السموات" (فيلبي 3: 20).
حادثة الصعود هذه على عظمتها وقوة معناها لم تشغل في العهد سوى بالجديد ضعة أسطر. الكتابان الأساسيان اللذان يوردان الحدث هما كتابا لوقا: الإنجيل وأعمال الرسل. إيراد هذه الحادثة على يد كاتب واحد في كتابين، وجعلها في وقتين ومكانين مختلفين، له خصوصية لاهوتية سنحاول الوقوف أمام بعض معانيها. في إنجيل لوقا يكشف يسوع القائم من بين الاموات لخاصته ببراهين كثيرة أنه حي، فيحدّثهم ويعلّمهم ويؤاكلهم ومن ثم، يقول النص:" انفصل عنهم ورُفع الى السماء" (24: 51). إلا أن يسوع، قُبيل رحيله، يعمل معهم عملا خاصّا:"يباركهم"، والتلاميذ يسجدون له.
وهذان الأمران (البركة والسجود) مهمّان للغاية، لأنهما كعملين طقسيين ويختصان بالهيكل(هيكل اورشليم) يتممهما يسوع في " بيت عنيا" اي خارج منطقة الهيكل فيعلن، في آخر لحظة له على الارض، أنه وتلاميذه أحرار من الهيكل وأنهم هم الهيكل. وإذا رجع التلاميذ، بعد هذا، الى الهيكل ولازموه(لوقا 24: 53) حقيقتهم أنهم ينفّذون وصية الرب التي قالها لهم: " امكثوا انتم في المدينة إلى أن تلبسوا قوة من العلاء" (لوقا 24: 49). أي انتظروا موعد الآب الذي سمعتموه مني (يوم الخمسين) الذي سيجعلكم هو(الروح القدس) مقرّا لله وشاهدين لقيامتي في العالم أجمع.
الصعود الذي يجري، في كتاب أعمال الرسل، في جبل الزيتون (1: 4-11)، هو تتمة السرّ الفصحي ويشكل نقطة ابتداء زمن الكنيسة، ذلك أنه كشْفُ مسبق وتهيئة للحدث العظيم الذي هو "العنصرة". فالروح آت، والرب باق معنا(ولعله هذا يفسّر فرح التلاميذ في إنجيل لوقا 24: 52)إلا أننا لا يمكننا رؤيته بعد الآن إلا بمظاهر الروح القدس لذلك كان لا بدّ للمسيح أن ينطلق " لأنني إن لم أنطلق لا يأتكم المعزي" (يوحنا 16: 7)، وهذا لا يفضي، كما قال هو نفسه لتلاميذه، بالكنيسة إلى الحزن وإنما الى الفرح. فالصعود الإلهي ليس حدثا يؤكد على رحيل الرب – ولو كان هذا ظاهره – وإنما على حضوره معنا إلى الأبد، كما قال لتلاميذه: " هاءنذا معكم كل الأيام إلى منتهى الدهر" (متى 28ك 20) ولكن بروحه القدوس.
استعمل المسيحيون الأوائل لغات متعددة ليصفوا قوة هذا الحدث الخلاصي (لغة القيامة، لغة الارتفاع) وذلك أن عملية الفداء تفترض تتويجا، والصعود – من هذه الناحية- يشير إلى دخول المسيح في ملكه. يقول نرساي المعلّم الملقب بلسان الشرق (399-502) في حديثه عن صعود الرب: "حين نظرت ُ طينَنا انذهلت كثيرا كم عُظّم، فمع أنه تراب نال السلطان ومَلَكَ على الكون". إلا أن الفارق الزمني الذي نجده في كتابَي لوقا له، بلا ريب، أبعاده اللاهوتية.
ففي الإنجيل يتم كل شيء (القيامة وظهورات القائم لتلاميذه والصعود) في اليوم ذاته، لأن تمجيد يسوع يفترض صعودا إلى الآب، وهذا بمنطق القيامة لا يعوزه زمن أبعد من لحظة القيامة ذاتها، فيسوع القائم من بين الاموات لا يمكن لأي مكان أو زمان أن يحدّ من سلطانه. أمّا في كتاب أعمال الرسل فيتمّ الحدث عينه بعد أربعين يوما من القيامة، ومما لا شك فيه ان هذا الرقم التقليدي لا يشير الى زمن الصعود، ذلك أن ما أراده الكاتب هو أن يوازي بين يسوع وكنيسته، فكما استعد يسوع لرسالته أربعين يوما في البرية(لوقا 4: 2) فهو يهيىء كنيسته أربعين يوما فيكلّمها عن "ملكوت الله" (أعمال الرسل1: 3). صعود السيد الى السماء هو حدث ملازم للقيامة، ولكن مع انتشار تقليد "الأربعين يوما" (أعمال 1: 3) أصبحت القيامة تعني تجدد العلاقة الأرضية بين المسيح وتلاميذه، ويشكل الصعود حدثا منفصلا.
وتحتفل الكنيسة في اليوم الأربعين للفصح المجيد بعيد صعود السيّد المسيح إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب. والراجح أنّ الكنيسة، حتّى القرن الرابع الميلاديّ، كانت تعيّد هذا العيد مع عيد العنصرة في مناسبة واحدة. وكانت كنيسة أورشليم هي أوّل مَن جعلت من الصعود عيداً مستقلاًّ سرعان ما أصابت عدواه الكنائس كلّها.
لم تفصل الكنيسة الأولى بين أحداث الفصح والصعود والعنصرة، واعتبرت أنّ هذه الأحداث تشكّل حدثاً واحداً وتكمّل بعضها بعضاً. وقد قال القدّيس بطرس الرسول في خطبته الأولى يوم العنصرة: "فيسوع هذا قد أقامه الله، ونحن كلّنا شهود بذلك. وإذ كان قد ارتفع بيمين الله، وأخذ من الآب الموعد بالروح القدس، أفاض هذا الروح الذي تنظرونه وتسمعونه" (أعمال الرسل 2: 32-33). هنا، يجمل الرسول الأحداث الثلاثة بعبارة واحدة، لأنّها بالنسبة إليه لا يمكن فصلها ولا يمكن القيامة أن تكتمل إلاّ بصعود المسيح وجلوسه عن يمين الله وحلول الروح القدس على التلاميذ.
يذكر القدّيس لوقا الإنجيليّ الصعود في موضعين مختلفين: في الفصل الأخير من إنجيله وفي الفصل الأوّل من سفر أعمال الرسل. ففي الإنجيل يذكر لوقا أنّ المسيح ارتفع إلى السماء في اليوم نفسه الذي قام فيه (لوقا 24: 50-53). أمّا في سفر أعمال الرسل فيذكر لوقا نفسه أنّ يسوع تراءى لتلاميذه مدّة أربعين يوماً يكلّمهم بما يختصّ بملكوت الله، و"ارتفع وهم ناظرون وأخذته سحابة عن عيونهم" (أعمال الرسل 1: 9).
يبدو كأنّ في هذين النصّين تناقضاً من حيث إنّ الربّ يسوع صعد في اليوم الأوّل للقيامة إلى السماء، ثمّ القول بأنّه صعد بعد أربعين يوماً. ولكنّ هذا التناقض يزول إذا ما أدركنا أنّ المسيح بقيامته من بين الأموات قد أتمّ كلّ شيء، فيكون حدث قيامته وصعوده حدثاً واحداً. أمّا الأربعون يوماً فهي المدّة التي كان يسوع يتراءى فيها لتلاميذه لكي يهيّئهم لنوع جديد من حضوره بينهم.
إنّ عدد الأربعين في الكتاب المقدّس هو عدد رمزيّ يدلّ على مدّة طويلة تمهّد لحدث عظيم. فشعب العهد القديم سار أربعين سنة في الصحراء قبل دخول أرض الميعاد، والربّ صام أربعين يوماً قبل البدء ببشارته.
هكذا لم ينتظر السيّد المسيح أربعين يوماً لكي يصعد إلى السماء، بل صعد منذ اللحظة الأولى للقيامة، وما الأربعون يوماً إلاّ لتهيئة التلاميذ لحضور مختلف للربّ في ما بينهم. أمّا السحابة التي رفعت الربّ يسوع عن عيون تلاميذه فهي رمز لحضور الله.
فالله لا يمكن أن يُرى بأعين الجسد، لذلك يُرمز إليه دوماً في الكتاب المقدّس بالسحابة. ففي التجلّي يروي القدّيس لوقا أنّ سحابة قد ظلّلت الحاضرين، وكان صوت من السحابة يقول: "هذا هو ابني الحبيب فله اسمعوا" (لوقا 9: 34-35). يكون، إذاً، دخول السيّد المسيح في السحابة إشارة إلى دخوله في مجد الله.
أمّا "السماء" التي ارتفع إليها الربّ يسوع فليست الفضاء الخارجيّ الذي يحيط بالأرض، وليست مكاناً يمكن الصعود إليه بالقدرات البشريّة. إنّه عالَم لا تدركه حواسّنا ومخيّلتنا، ولكنّه عالم حقيقيّ ثابت أكثر حقيقة وثباتاً من عالمنا الحالي، وقد دشّنه الربّ عندما قام من بين الأموات. إنّ لفظ "السماء"، هنا في هذا المقام، لفظ معنويّ يشير إلى الله. إذاً، يكون الصعود إلى السماء صعوداً إلى مجد الله. في السياق عينه، عندما نقول إنّ السيّد المسيح "جلس عن يمين الآب" لا نقصد يميناً مكانيّة، إذ لا يمكن حصر اللامحصور في مكان محدّد. ولكنّنا، كما يقول القدّيس يوحنّا الدمشقيّ، "نعني بيمين الآب مجدَ لاهوته وكرامته اللذين يقيم فيهما ابن الله قبل الدهور، بصفته إلهاً، مساوياً للآب في الجوهر، ثمّ بصفته قد تجسّد، هو يجلس بالجسد (عن يمين الآب)".
من هنا أهمّيّة الصعود والجلوس عن يمين الله بالنسبة الى خلاص البشر، فالرسول بولس يشدّد على هذه الناحية في رسالته إلى أهل أفسس حين يقول: "حين كنّا أمواتاً بالزلاّت أحيانا مع المسيح، فإنّكم بالنعمة مخلَّصون. وأقامنا معه وأجلسَنا معه في السماويّات في المسيح يسوع" (2: 5-6).
وفي هذا المنحى أيضاً يذهب كاتب الرسالة إلى العبرانيّين حين يعتبر أنّ السيّد المسيح قد دخل إلى قدس الأقداس، أي إلى السماء، من أجل أن يشفع بنا: "لأنّ المسيح لم يدخل إلى أقداس صنعتها الأيدي رموزاً للحقيقيّة بل دخل إلى السماء بعينها ليتراءى الآن أمام وجه الله من أجلنا" (9: 24).
والمسيح، بحسب الرسالة ذاتها، هو سابقٌ لنا قد أعدّ لنا مصيراً أفضل إذا قبلنا الدخول معه إلى حضرة الله الأبديّة، فيقول صاحب الرسالة إلى العبرانيّين: "حتّى نحصل على تعزية قويّة نحن الذين التجأنا إلى التمسّك بالرجاء الموضوع أمامنا الذي هو كمرساة أمينة راسخة تدخل إلى داخل الحجاب حيث دخل يسوع كسابق لنا وقد أقيم حَبراً إلى الأبد على رتبة ملكيصادق" (6: 18-20). لقد صعد المسيح إلى السماء. رجاؤنا أن نكون معه حيث هو في مجده.
الصعود، بواقعه ومداه، هو صعودنا نحن أيضا. فالبشرية الجديدة تأتي من السماء حياة وسلوكا وشوقا لا ينقطع الى الموطن الحقيقي.
فإن عيّدنا للصعود، منتظرين الروح الالهي، فلنتذكر أننا مواطنو الملكوت وأننا مدعوون، كل يوم، لأن نعلن هذه المواطنية.


Mary Naeem 08 - 09 - 2014 03:14 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
خميس الصعود
زمن القيامة
http://www.samaloutdiocese.com/pictu...%20Day/A12.GIF

هو خميس الصعود، صعود الرّب الى السماء وجلوسه في المجد عن يمين الله الآب. نفرح ونبتهج لأنّ الرّب بقيامته أقامنا، وبصعوده يدعونا الى مشاركته مجد ملكوت السماوات. في هذا العيد نكتشف دعوتنا الحقيقيّة: أن نكون في مسيرة دائمة نحو الملكوت، لا نكلّ ولا نتعب رغم صعوبة الطريق، وضيق الباب. نسقط أحياناً ونحن نسير، نقوم بنعمة الله تائبين ونكمل المسيرة. وجودنا البشرّي لا ينتهي في هذا العالم، نحن لم نقم مع المسيح لنعود ونموت وندفن، فقيامتنا التي تتمّ بالرّب تأخذ كمال صورتها في حدث الصعود الى السماء، وجودنا البشري يأخذ قِمّة معناه في حدث الصعود. نحن لسنا مجرّد مخلوقات بين مخلوقات أخرى تتمايز عنها بالكيان أو بالشكل، بل نحن كائن فريد دعاه الرّب الى مشاركته مجد وجوده، دعاه ليصبح إلهاً من خلال مشاركته الحياة الإلهيّة.
صعود الرّب هو دعوة الى الرّجاء، نرجو على هذه الأرض ما سبق وحضّره لنا الرّب يسوع، نحيا في العالم منترقّبين ساعة اللّقاء، ساعة ملاقاة وجه الرّب الحبيب، عندها فقط يصل الإنسان الى غاية وجوده ويحيا السعادة الحقّة. حين يعلم أن الأرض هذه في مجرّد محطّة على طريق الأبد، نحلّ فيها حيناً ونتوق الى بيت الآب الأبديّ حيث نتّحد الى الأبد بالله خالقنا في رباط من حبّ لا ينتهي.
وقالَ لهُم: اَذهَبوا إلى العالَمِ كُلِّهِ، وأعلِنوا البِشارةَ إلى النـّاسِ أجمعينَ
حدث الصعود هو ليس حدث الهروب من العالم، بل هو يعطي العالم معنى وجوده الحقيقيّ. لم يقل الّرب للرسل: إبقَوا مجتمعين وصلّوا الى أن تحين ساعة صعودكم أنتم أيضاً"، بل أرسلهم الى العالم ليعلنوا للعالم حقيقة الإنجيل ويعطونه الخلاص. إن عمل الخلاص الّذي تمّ بموت الرّب وقيامته لا بدّ أن يبقى مستمرّاً من خلال رسالة الكنيسة التي تعلن الإنجيل وتكمّل في حياتها وجود الرّب ومحبّته للبشريّة.
حبّ الرّب للعالم ليس اختياريّاً أو إنتقائيّاً، إنّما هو حبّ شامل. الرّب يريد خلاص البشريّة كلّها، ولأنّه يثق بنا، أعطانا أن نكمل نحن عمله هذا. الصعود هو مسؤوليّة ثمينة وكبيرة تُلقى على عاتق كلّ واحد منّا. صعود الرّب الى السماء يدعونا الى أن نتحمّل مسؤوليّة خلاص الإخوة ونحمل لهم الإنجيل، دون تمييز بين مكان وآخر، بين لون وآخر، بين دين ودين أو بين الإنتماءات. عملنا هو أن نصبح مسيحاً آخر، نسعى الى خلاص البشريّة بأسرها، لنكون على مثال السيّد، كلاّ للكلّ لكي نربح الجميع الى الملكوت.
"هذه هي رسالتنا، أن نحمل الإنجيل الى الجميع، ليختبر الجميع فرح المسيح يسوع وليعمّ الفرح كلّ مدينة ندخلها. هل هناك مدعاة للفرح أكثر من هذا؟ هل هناك أعظم وأبهج من المشاركة في نشر كلمة الحياة في العالم بأسره؟ إعطاء ماء حياة الرّوح القدس؟ إعلان كلمة الحياة والشهادة لها في العالم، هذا هو محور رسالتنا... إن نكون معاونين في حمل الفرح الى الآخرين... خاصة من هم حزانى أو من قد فقدوا الرّجاء". (البابا بندكتوس السادس عشر، 27 نيسان 2008).
كُلُّ مَنْ يُؤمِنُ ويتَعَمَّدُ يَخلُصُ، ومَنْ لا يُؤمِنُ يَهلِك والّذينَ يُؤمِنونَ تُسانِدُهُم هذِهِ الآياتُ: يَطرُدونَ الشَّياطينَ باَسمي، ويَتكلَّمونَ بِلُغاتٍ جَديدةٍ، ويُمسِكونَ بأيديهِم الحيّاتِ. وإنْ شَرِبوا السُّمَّ لا يُصيبُهُم أذًى، ويَضعونَ أيديَهُم على المَرضى فيَشفونَهُم.
هذه الكلمات تحدّد غاية وجود الكنيسة: إكمال عمل المسيح ليعم إنجيله الأرض قاطبة، وإعطاء كلّ إنسان في كلّ مكان وزمان إمكانيّة إختبار خلاص الرّب في حياته الخاصّة. من يؤمن ويعتمد يخلص، لأنّه يشارك الرّب في صعوده وجلوسه عن يمين الآب. فالتبرير الّذي نناله بالرّب يسوع، ومن خلال المعموديّة، هو الّذي ينزع عنّا خطيئة آدم ويعيدنا من جديد الى حياة النعمة. لا معنى للكنيسة من دون رسالة، وإن نحن أهملنا هذه الرسالة، نخون رغبة الرّب ونفشل في تحقيق خلاصة في عالم اليوم.
خمس علامات تؤكّد حضور الرّب في حياة الكنيسة من خلال رسالة التلاميذ:
- يطردون الشياطين: هو تحقيق عملّي لما قام به الرّب في حياته وموته وقيامته، هو انتصار الخير على الشرّ وتحقيق ملكوت الرّب. هو الإلتزام في قناعات يسوع في حياة التلميذ اليوميّة، أن يكفر بما يقدّمه له روح الشرّ من ملذّات وحقد ودمار وعنف، وإعلان سلام المسيح وحبّه وغفرانه في عالم يتألم بسبب كثرة العنف والحروب.
- يتكلّمون بلغات جديدة: هي موهبة سوف تتحقّق ساعة العنصرة بحلول الرّوح القدس. هي القدرة على إعلان رسالة يسوع الى الشعوب كلّها. الربّ هو الّذي يساعدنا على إيصال إنجيله حتى عندما تخور قوانا الإنسانيّة ونفقد الأمل. تكلم الألسنة لإيصال الإنجيل هو القدرة على الدخول في علاقة مع كائن يختلف عنيّ، وحضارة غريبة وثقافة متمايزة، والرّب يعلن أن رسالتنا هي أن نزرع إنجيله في كلّ ثقافة وعرق ولسان.
- يمسكون بإيديهم الحيّات: الأفعى التي أعلن الرّب في سفر التكوين أنّها تسعى للسع عقبنا قد أمسكناها بأيدينا. نحن في عالم يملأه العنف والخوف واليأس، أفاعٍ كثيرة تسعى الى زرع الذعر في قلوبنا، والرّب يعلن أن أدوات الشرّ كلّها تعجز أمام تلميذ الرّب المؤمن. نحن مدعوّون الى أخذ المبادرة والسيطرة على الشرّ بالخير، إمساك الأفعى هو شلّ لحركتها، ونحن التلاميذ مدعوّون الى السيطرة على الشرّ الموجود أوّلاً في داخلنا وبعدها في الكون كلّه.
- وإنْ شَرِبوا السُّمَّ لا يُصيبُهُم أذًى: هذه العلامة ترتبط إرتباطاً وثيقاً بالعهد القديم، وبالتحديد بسفر العدد 21، 4-9. حين كاد الشعب يفنى بسبب لسعات الأفاعي والسمّ القاتل الّذي تسبّبه، أمر موسى الشعب بأن يجعلوا على قمّة الجبل أفعى نحاسيّة، يكون أن كلّ من نظر اليها يشفى. لقد صارت هذه الحيّة النحاسيّة المنصوبة على جبل نبو رمزاً للصليب الّذي غُرس على جلجلة أورشليم، وكلّ من نظر اليه يشفى. هي علامة من الرّب أن في صليب الرّب الخلاص، فلا خوف على من يتأمّل به من سمّ الشرّ والشيطان. بالصليب ينال التلميذ الغلبة على الخوف والموت والشّرير، لأنّ بالصليب فقط يطتشف معنى وجوده وقيمة حياته.
- ويَضعونَ أيديَهُم على المَرضى فيَشفونَهُم: هي أيضاً علامة نهيوّية تشير الى حضور الرّب الفاعل دوماً في كنيسته من خلال رسالة الكنيسة. لقد صار الشفاء للإنسان بواسطة المسيح يسوع، وصعود الرّب الى السماء يتحوّل الى فعل إرسال للتلميذ لإكمال مسيرة الرّب إذ يضعون حدّاً لألم الإنسان. فالمرض لم يعد بعد المسيح سبب موت ويأس، بل صار وسيلة قداسة واشتراك بصليب السيّد، علامة حسيّة ومنظورة لإنتصار الصليب كعلامة للحياة على المرض كبوابة للموت والقنوط. وضع اليد من قِبل التلاميذ هو استمراريّة لعمل يسوع، وشفاء الأمراض ليس مجرّد أعجوبة، بل هو عمل كلّ تلميذ يسمع دعوة الرّب يسوع يقول له: أستمر في العمل وكنّ رسولي، أكمل العمل الّذي قد بدأته أنا". الرّب يدعونا لنكون الى جانب الإخوة، نشفيهم من أمراضهم الجسديّة من خلال الوقوف الى جانبهم والصلاة لأجلهم ومسحهم بزيت الرّب. نشفيهم من أمراضهم الرّوحيّة من خلال مساعدتهم على المصالحة مع الله، مع ذاتهم ومع الآخرين من خلال سرّ المصالحة والتوبة. نشفيهم من أمراضهم النفسيّة، أمراض الوحدة والخوف واليأس، حين نؤكّد لهم أن الرّب حاضر يرعاهم، وهو حاضر من خلالنا، حين يدركون بواسطتنا كم أن الرّب يحبّهم ويهتمّ بشأنهم.
الصعود دعوة لكلّ تلميذ، لا للهرب من العالم ومن واجبات الرسالة المسيحيّة بحجّة الإختلاء والتأمّل، بل هو دعوة لكلّ مسيحيّ ليكون أداة للسيّد، فالرّب يثق بنا ويكل إلينا إكمال الرسالة ليعمّ الإنجيل المسكونة. الصعود هو يوم انطلاق الكنيسة التي سمعت الرّب يدعوها للإنطلاق الى البشارة، ليعم فرح الإنجيل الكون بأسره.
الأب بيار نجم ر.م.م.

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 03:16 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
خميس الصعود


المطران جاورجيوس مطران جبيل والبترون



http://www.samaloutdiocese.com/pictu...%20Day/A12.GIF



آخر مظهر للقيامة هو الصعود. وهو شبيه بالتجلي من حيث المعنى. في جبل ثابور وهنا كان السيد نيرًا، وفي ثابور كما في بيت عنيا التي منها صعد كان الحديث عن آلامه.
ولكن ماذا يعني ارتفاع المسيح الى السماء اذ لم يبرح احضان الآب؟ "ان المسيح صعد الى حيث كان اولا"

(صلاة المساء). صلاة المساء تقول ايضا متوجهة اليه:


"أَصعدت طبيعتنا الهابطة وأجلستها مع الآب". في الخطاب الوداعي (بعد العشاء السري) يؤكد اولا:


"اني انا في ابي وانتم فيَّ وانا فيكم"


ولكنه يقول ايضا: "اني مُنطِلق الى الآب"... اترك العالم وأمضي الى الآب، وبعد ان قال هذا يعود الى التأكيد:




"انت ايها الآب فيّ وانا فيك".


العودة الى الآب (مع كون طبيعته الإلهية لم تنفصل عن طبيعة الابن) هي اذًا رفع جسده الى الآب.


"ليدخل ملك المجد" اي ليدخل بكيانه الكامل الإلهي والإنساني.


ومن هذا الكيان الإلهي والإنساني معا يرسل الروح القدس الى العالم ليمتد هذا الكيان الإلهي-الانساني الموحد بالروح القدس الى الإنسانية.


نحن بالنعمة نأخذ المسيح الكامل، والأسرار الإلهية يتقبل من يساهمها المسيح الكامل، لذلك يمكن الكنيسة ان تكون جسده اي واحدة مع القائم من بين الأموات بجسده. "واما انه صعد فما هو الا انه نزل ايضا (اولا) الى اقسام الأرض السفلى" (اي الجحيم التي هي مملكة الموت). الذي نزل هو الذي صعد ايضا فوق جميع السموات لكي يملأ الكل" (افسس 4: 9و10). ولكن قبل ان ينزل الى الجحيم نزل الى الإنسان بالتجسد والميلاد ولازم الإنسان. عندنا حركة نزول الى البشرة ثم الى الموت تقابلها حركة ارتفاع عن الموت بالقيامة التي يليها الصعود.
غاية ذلك كله ان نكتمل نحن، ان نتحرك الى ما سماه الرسول "انسانا كاملا"



حتى نبقى في دوام التوجه الى "ذاك الذي هو الرأس المسيح". صعوده وحركتنا اليه والى ابيه وروحه هذا ما ينشئ الكنيسة، هذا ما يبنيها ويبني كل واحد فيها. فاذا فهمنا هذا نعرف اننا منذ الآن جالسون معه في السمويات وان وطننا صار السماء وأنها هي مطلبنا. فالأرض مكان ارتقاء اليها. فكرنا لا يتكون الآن من الأرض وما عليها ولكنه اصبح فكر المسيح.


ومهما تقلبت على الدنيا شؤون وشجون نعرف ان المسيح لكونه يحبنا هو الذي يهيمن علينا ونسعى الى هيمنته هذه بالطاعة لكلماته. بها يثبت فينا ونحن فيه.


كل شيء فينا قد صار جديدا ولو كنا نتعاطى الأشياء المعروفة منذ القديم (الحياة العائلية والفكرية والاقتصادية والسياسية). الرب لا يريد ان نتركها اذ لا بد ان نأكل ونشرب ونبني عائلة ونقوم باعمالنا المختلفة ونحيي المجتمع بتداول شؤونه. ولكن اذا عملنا كل هذه الأشياء نحيا حياة الجالس عن يمين الآب. نكون على الأرض ونحن سماويون.

في هذا المنطق لا نحتقر الجسد كما احتقرته بدع قديمة والحركات البوذية ولا نذله ولا نهمله ولا نستسلم للمرض ذلك لأن:

"اجسادكم هي هياكل للروح القدس" وقد مُسحت بالميرون وتناولت القرابين. وبسبب القرابين التي فينا نقوم في اليوم الأخير. اجسادنا ونفوسنا معا مشدودة الى الجالس فوق على العرش مع أبيه وروحه القدوس. ولكون جسد المسيح صار ممجدا وإلهيا نحترم اجساد الآخرين فلا نقهر احدا ولا ندنسه لا بروحه ولا بجسده بل ندعوه بالمحبة ان يصير مقدسا مستمعا الى كلام يسوع ومرتقيا منذ الآن اليه.
الصعود كان اذًا مفتاح سلوكنا وسبب انجذابنا الدائم الى يسوع، لذلك اوصانا بولس ان نطلب دائما ما هو فوق فلا ينبغي ان نهتم بالصغائر ولا ننهمك بالمجد العالمي الذي يحجب عن قلوبنا المجد الإلهي.



لقد جئنا من فوق بالخلق ونعود الى فوق بآلام السيد وقيامته وصعوده.

Mary Naeem 08 - 09 - 2014 03:18 PM

رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
عيد صعود سيدنا يسوع المسيح الى السماء

نحتفل اليوم بعيد الصعود... صعود يسوع إلى السماء... بخميس الصعود يُتِمُّ يسوع رسالته على الأرض. وكما ترك السماء وجاء إلى الأرض في التجسّد والميلاد، ها هو الآن يترك الأرض ويعود إلى السماء.


يجلس يسوع عن يمين الآب، حاملاً معه تغييراً جذرياً هذه المرّة، وهو اتحادُه بالطبيعة البشرية التي اتحدت مع طبيعته الإلهية في شخصه الإلهي الواحد. وسيبقى متحداً بها إلى الأبد.
رأت الكنيسة دائماً في عيد الصعود نصراً وتمجيداً للرأس والجسد:
فجسد المسيح السري الذي لا يزال على الأرض، يتمجّد اليوم في رأسه يسوع الذي فدى البشرية وداس الموت وعاد بنصر مظفّر ليُجلسه الآبُ عن يمينه ملكاً للدهور والعالمين.


ورأت في الصعود فكرة الصمود للأعضاء الذين وهم في دار الجهاد والمحنة العظيمة يَحيوْن في الأمل، لأنهم يرون من الآن رجاءهم محققاً في رأسهم الذي أصبح لهم الخطة والطريق للوصول إلى المجد.


حثَّ القديس بولس المسيحيين في عصره على النظر دائماً إلى الأمور التي في العُلى حيث المسيح قد جلس عن يمين الآب:
وهي من الأساليب العملية الروحية العميقة التي ساعدت هؤلاء وتساعدنا اليوم على أن لا يُثقَلَ قلبُنا بأمور الأرض والجسد، بل علينا أن نكون مشغولين بأمور الروح، فالروح هو الذي يُحيي على رأي مار بولس، وأما الجسد والحرف فهما يُميتان.


ولكننا اليوم واعتماداً على ما قاله الملاكان للشاخصين إلى يسوع وهو يختفي في الغمام: "أيها الرجال الجليليون، ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء...؟" نرى أن الملائكة لامت الرسل واعتبرتْ نظرتَهم إلى السماء مضيعةً للوقت.
وكأَنَّ المعنى الذي قصده الملاكان هو:
"مِن الآن فصاعدا انظروا إلى الأرض. الأرض وديعة بين أيديكم. انتهى دور يسوع وبدأ دوركم. المسؤولية الآن ملقاة على عاتقكم".


لقد اختفى المسيح وراء الأفق. مَنْ سَيُظهره للعالم؟ جاء دور المسيحيين لعمل ذلك.
لقد بدأ مشوار الكنيسة المسافرة في ربوع العالم: "فذهب أولئك يُبشرون في كلّ مكان، والرب يعمل معهم ويؤَيّد كلمته بما يصحبها من الآيات". (مرقس 16: 20)
عندما كان يسوع على الأرض كنا نرى الله في الإنسان (يسوع)، أما الآن بعد صعود يسوع وحَمْل المسؤولية مكانه، علينا أن نُظهِر الله في الإنسان. الإنسان أصبحَ فضاء الله.
وبحسب رأي أحد الفلاسفة: "هذا الإله يلمسُكَ من خلال وجه الإنسان". وهذا دورنا بعد الصعود... "الله يستمر في الظهور والكلام والاقتراب من خلال وجهنا".


حتى يظهر المسيح بعد الصعود ينبغي على المسيحيين أن يعيشوا في شركة وفي جماعة وفي وحدة. هذا هو الشرط الأساسي. كي يُؤَثّر المسيحيون على العالم... عليهم أن يتوحّدوا أوّلاً.


الشركة بين المسيحيين هي أعظم علامة على أنهم يحملون المسؤولية تجاه العالم. عليهم أولاً أن يكونوا فنانين وخبراء في عمل الوحدة والمحبّة وممارسين للعلاقة الثالوثية بينهم (أحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم) ليتسنى لهم أن يذهبوا للقاء العالم.


يبدأ لوقا أعمال الرسل بهذه الكلمات: " ألـَّفت كتابي الأول يا تاوفيلس، في جميع ما عمل يسوع وعلّم، منذ بدء رسالته إلى اليوم الذي رُفِعَ فيه إلى السماء...".
في كتاب لوقا الأول، وضع جميع ما عمل يسوع وعلّم. وفي كتاب لوقا الثاني: عليّ أن أكتب أنا أعمالي في هذا الجيل أيضاً كما فعل بطرس وبولس وأصحابهما في الجيل الأول.
فقط هكذا يُصبح الصعود عيد الأرض أو عيد نشر ملكوت الله على الأرض.
صعود يسوع هو عيد تجسّد المسيحي في العالم.
بشهادتنا الحقيقية للمسيح في العالم، نستطيع عندها أن نساعد إنسان اليوم الذي ينظر كثيراً إلى الأرض، أن يرفع طرفه وينظر إلى الأمور التي في العلى حيث المسيح قد جلس عن يمين الله.
تساعية الروح القدس تبدأ يوم خميس الصعود وتنتهي يوم العنصرة،
وكما كان الرسل مجتمعين في علية صهيون يصلون كعائلة واحدة،
نشجع الجميع على صلاة هذه التساعية بروح العائلة الواحدة.
أهلنا يا رب أن نكون شهوداً أمناء لك على هذه الأرض،
فيراك الناس من خلالنا ومن خلال أفعالنا...
فنستحق أن نتمتع معك بفرح السماء...
آمين


الساعة الآن 08:30 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025