![]() |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العنصرة الميتروبوليت إيروثيوس فلاخوس تعريب الأب أنطوان ملكي أمر المسيح تلاميذه، قبل صعوده إلى السماوات، بأن يعودوا إلى أورشليم ويلبثوا هناك إلى أن يلبسوا قوة من العلاء. لقد وعدهم بأنهم سوف يأخذون الروح القدس الذي حكى عنه خلال حياته. وقد تحقق هذا الوعد بعد خمسين يوم من الفصح، في اليوم العاشر لصعوده إلى السماوات. وهكذا، نحن نحتفل بعيد العنصرة الخمسين الذي فيه نكرّم الثالوث القدوس وفي اليوم التالي نحتفل بعيد الروح القدس. فعيد الخمسين، العنصرة، هو عيد للثالوث القدوس. لا ننوي الاستفاضة بالكلام عن الأقنوم الثالث، أي الروح القدس، بل سوف نركّز فقط على الأحداث التي تشير إلى المسيح في الكتاب المقدس والآباء القديسين. وعليه، سوف نشدد على الأحداث الخريستولوجية التي تشير إلى الروح القدس. وبما أنه يصعب فهم الخريستولوجيا بمعزل عن العقيدة الثالوثية، سوف فسوف نعالج أيضاً عقيدة سر الثالوث القدوس. عيد الخمسين، العنصرة، هو من ضمن أعياد الكنيسة الإثني عشر، لأنه آخر أعياد التدبير الإلهي. هدف تجسد المسيح كان الانتصار على الموت وحلول الروح القدس في قلوب البشر. إلى هذا، معروف جداً أن هدف الحياة الكنسية والروحية هو أن نصبح أعضاء في جسد المسيح ونكتسب الروح القدس. وهذان أمران مترابطان. يسمّي كاتب التسابيح عيد العنصرة آخر الأعياد المتعلّقة بإصلاح الإنسان وتجدده: أيها المؤمنون، لنعيّد بابتهاج العيد الأخير الذي هو آخر العيد لأن هذا هو الخمسيني، غاية الوعد المفترض وإنجازه (الاستيخولوجيا الأولى في سحر العيد). وهكذا، إذا كانت بشارة والدة الإله هي بداية تجسد الكلمة والتدبير الإلهي، فالعنصرة هو الختام، إذ فيه يصير الإنسان، بالروح القدس، عضواً في جسد المسيح القائم. أيضاً، يمكننا أن نضع العنصرة وكل ما يتعلّق بالروح القدس وبالمسيح، في هذا الإطار لأنه يستحيل فهم الخريستولوجيا بمعزل عن البنفمتولوجيا (Pneumatology)، ولا البنفمتولوجيا بمعزل عن الخريستولوجيا[1]. -1- لقد جرى نزول الروح القدس يوم أحد. وهنا نرى قيمة الأحد، إذ إن أعياد السيد الكبرى جرت فيه. بحسب القديس نيقوديموس الأثوسي، بدأ خلق العالم في اليوم الأول، أي الأحد، بدءاً بالنور؛ وبدأ تجدد الخليقة يوم أحد مع قيامة المسيح؛ وجرى إتمام الخلق يوم أحد بنزول الروح القدس. الآب أتمّ الخلق بمعاونة الابن والروح القدس، الابن أتمّ التجديد بإرادة الآب ومعاونة الروح القدس، والروح القدس أكمل الخلق، منبثقاً من الآب ومرسَلاً من الابن. بالطبع في هذا الكلام، نعطي أهمية للأقانيم التي أتمّت الجزء الأساسي من إبداع الخليقة وتجديدها وإكمالها. ولكن في النهاية، كما تعلّمنا وكما نؤمن، إن الثلاثة يشتركون في قوة الإله الثالوثي، ولا يمكن فصل أحد الأقانيم أو عزله عن الآخَرَين في الثالوث. يتطابق عيد الخمسين المسيحي الذي نعيّد فيه لنزول الروح القدس مع عيد الخمسين اليهودي. لقد نزل الروح القدس على الرسل وجعلهم أعضاء في جسد المسيح القائم من الأموات، في اليوم الذي كان فيه اليهود يحتفلون بعيد الخمسين. وهذا العيد هو ثاني أهم أعياد اليهود بعد الفصح، وفيه يحتفلون باستلام موسى لناموس الله على جبل سيناء، بحسب التقليد. بعد أربعين يوماً من أول عيد فصح، صعد موسى إلى جبل سيناء واستلم ناموس الله. لكن في موازاة ذلك، كان عيد الخمسين اليهودي تعبيراً عن شكرهم لقطاف الأثمار. وبما أنّه يتوافق مع فترة الحصاد، فقد سمّوه عيد الحصاد وقدّموا فيه بواكير الثمار إلى الهيكل. عيد الخمسين الذي كان اليهود يحتفلون به بفخامة، سُمّي أيضاً عيد الأسابيع (أنظر خروج 22:34، لاويين 15:23-17، عدد 26:28-31، وتثنية 9:16-19). يشير الإلماح المقتضب إلى عيد الخمسين اليهودي إلى أنّه كان نموذجاً لعنصرة العهد الجديد. إذا كان موسى قد أخذ ناموس العهد القديم في اليوم الخمسين، فالتلاميذ أخذوا الروح القدس في اليوم الخمسين وبالتالي اختبروا ناموس العهد الجديد، ناموس النعمة الإلهية. إذا كان الكلمة غير المتجسد هو مَن أعطى الناموس على جبل سيناء، ففي العهد الجديد، الكلمة المتجسد القائم أرسل الروح القدس إلى التلاميذ الذين كانوا في العليّة، فصاروا أعضاء لجسده البهي. إذا كان اليوم الخمسين في العهد القديم يوم تقديم بواكير الثمار، ففي يوم خمسين العهد الجديد، قُدّمَت بواكير الثمار العقلية من الحصاد الذي زرعه المسيح نفسه، أي أن الرسل قُدِّموا إلى الله. بالطبع، هناك فرق واضح بين إعلان الله على جبل سيناء، وإعلانه في عليّة أورشليم. لقد كان جبل سيناء كُلُّهُ يُدَخِّنُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّبَّ نَزَلَ عَلَيْهِ بِالنَّارِ، وَصَعِدَ دُخَانُهُ كَدُخَانِ الأَتُونِ، وَارْتَجَفَ كُلُّ الْجَبَلِ جِدًّا.(خروج 18:19). بالواقع قد أعطيت وصية بألاّ يقترب أحد من الجبل كي لا يموت: كُلُّ مَنْ يَمَسُّ الْجَبَلَ يُقْتَلُ قَتْلاً. (خروج 12:19). لم يحدث أمر مماثل في يوم نزول الروح القدس في العليّة. لقد امتلأ الرسل فرحاً وتحوّلوا: من رجال خائفين إلى باسلين، ومن مائتين إلى آلهة بالنعمة. يظهر الفرق بين سيناء وعليّة أورشليم في الفرق بين ناموس العهد القديم وناموس العهد الجديد. في القديم، أُعطي الناموس على لوحين حجريين، والآن الناموس محفور على قلوب الرسل. يقول الرسول بولس: ظَاهِرِينَ أَنَّكُمْ رِسَالَةُ الْمَسِيحِ، مَخْدُومَةً مِنَّا، مَكْتُوبَةً لاَ بِحِبْرٍ بَلْ بِرُوحِ اللهِ الْحَيِّ، لاَ فِي أَلْوَاحٍ حَجَرِيَّةٍ بَلْ فِي أَلْوَاحِ قَلْبٍ لَحْمِيَّةٍ. (2كورنثوس 3:3). لقد حقّق نزول الروح القدس نبوءة النبي إرميا كما يكتب الرسول بولس: أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي أَذْهَانِهِمْ، وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا.(عبرانيين 10:8). -2- عيد الخمسين هو عيد للروح القدس، لأننا نتعلّم من نزوله أن الله ثالوثي. في السابق أيضاً، بشكل مغمور في العهد القديم وفي تعليم المسيح، كان الناس يتعرّفون إلى الوجه الثالوثي لله، لكن في العنصرة اكتسبوا خبرة عملية عن أقنومه الثالوثي. وهكذا فالعنصرة هو عيد اللاهوت الأرثوذكسي. في اللاهوت الأرثوذكسي، ما يُقال عن الله (اللاهوت) هو غير ما يُقال عن التجسّد (التدبير). وهكذا، في عيد العنصرة نعبّر عن اللاهوت بطريقة أرثوذكسية، لأننا نفهم أن الله ثالوثي، آب وابن وروح قدس. بحسب التعليم الأرثوذكسي عن الإعلان، الآب بلا ابتداء ولا علّة وغير مولود، أي أنّه لم يأخذ وجوده من أيّ كان، الابن يأتي من الاب بالولادة، والروح القدس يأتي من الآب بالانبثاق. لقد كشف لنا المسيح هذه التعابير: غير مولود، ولادة وانبثاق، ولا نستطيع أن نفهمها عقلياً، لهذا هي تبقى سراً. الحقيقة هي أن الابن والروح يأتيان من الآب بطريقتين مختلفتين، لكل منهما شخصيته الأقنومية، أو طريقة كينونته، لكنهما من ذات جوهره. بالرغم من أن الآب هو المصدر، والابن مولود والروح منبثق، فللثلاثة نفس الطبيعة-الجوهر والإرادة-القوة. يشترك أقانيم الثالوث القدوس الثلاثة في نفس الطبيعة، نفس الفكر، نفس القوة، وأيّ منهم ليس أعظم من الآخرين. بكلمات أخرى، ليس الابن ولا الروح القدس أدنى مرتبة من الآب. وعندما نتحدّث عن الأقانيم الأول والثاني والثالث في الثالوث القدوس، نحن لا نقارن بينهم بحسب القيمة والرِفعة والقدرة، بل بحسب طريقة الكينونة (القديس باسيليوس الكبير). في النهاية، يعجز المنطق البشري والفهم البشري والكلمات عن صياغة سر الإله الثالوثي. لقد عاش الآباء القديسون هذا السر بقدر ما استطاعوا في خبرة الإعلان. يتحدّث القديس غريغوريوس اللاهوتي عن ثلاثة أنوار تلمع حوله خلال الرؤيا التي رآها فيكتب: ما أن فهمت الواحد، حتى أحاط بي ثلاثة أنوار، وما أن فرّقت بين الثلاثة حتى عدت إلى الواحد. لقد كشف لنا المسيح بنفسه سر الثالوث القدوس، حين أخبر تلاميذه بأن الروح القدس ينبثق من الآب وهو نفسه يرسله (يوحنا 26:15). هذا يعني أن الابن لا يشارك في انبثاق الروح القدس، بل في إرساله وفي إيفاده إلى العالم، وهذا الإرسال هو إظهار للثالوث القدوس في قوته. وهكذا، على ما يشرح القديس غريغوريوس بالاماس، ينبثق الروح القدس من الآب، ولكننا نستطيع القول بأنه مرسَل من الابن فقط في قوته وظهوره إلى العالم وليس في كينونته بالجوهر. إن كينونة الروح القدس أمر مختلف عن ظهوره في القوة. الآب مكتفٍ بذاته، وقبل الأزمنة ولد الابن، إلهاً مساوياً له بذاته، ويرسل الروح القدس، إلهاً مساوياً، من دون أن تنقسم الألوهة بانفصال الأقانيم، بل تتوحّد من دون تشوش من تعداد الثالوث. إن ولادة الابن من الآب وانبثاق الروح منه لا يعنيان أن الروح أكثر فتوة لأن الزمان لا يطرأ بين عدم ولادة الآب وولادة الابن وانبثاق الروح القدس. إن أقانيم الثالوث القدوس أبدية ومن غير ابتداء، متساوون بالرتبة والشرف (ليون الحكيم). -3- إن خلق العالم وإعادة خلقه هما عمل مشترك للإله الثالوثي. هذه الحقيقة اللاهوتية هي ما يقودنا إلى القول بأن عمل المسيح وعمل الروح القدس ليسا مختلفين. نقول هذا لأن هناك خطر ممكن وجديّ يكمن في الكلام عن تدبير المسيح وكأنه مستقل عن الروح القدس، وفي الكلام عن تدبير الروح القدس وكأنه منفصل عن المسيح. كلمة الله صار إنساناً بإرادة الآب الصالحة وبالتعاون مع الروح القدس. حُبِل بالمسيح في رحم والدة الإله الفائقة القداسة بالروح القدس. من ثمّ المسيح، بعد قيامته، وبالتأكيد في يوم العنصرة، أرسل الروح القدس، لأن الروح القدس مرسَل من المسيح. وعندما أتى إلى الرسل شكّل المسيح في قلوبهم، أي جعلهم أعضاء جسد المسيح. لهذا لا يمكننا الكلام عن اختلاف بين عمل الابن وعمل الروح القدس. يظهر هذا جلياً في الكتاب المقدس. خلال حياته، كان المسيح يشفي قلوب الرسل ويطهرها بتعليمه، بإعلانات أسراره وبمعجزاته. ولهذا قال في النهاية: أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ (يوحنا 3:15). وفي مكان آخر قال أن مَن يحبه ويحفظ كلمته، فسوف يحبه الآب أيضاً وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً. (يوحنا 23:14). أن يصنع الآب والابن منزلاً عند الإنسان الذي تطهّر وتقدّس لا يعني أنّه محروم من حضور الروح القدس أو أن الروح القدس سوف يكون مفصولاً عن عمل التقديس. إذ في مكان آخر، يعِد المسيح تلاميذه بأنه سوف يرسل الروح القدس الذي ينبثق من الآب ويكون مَاكِثاً مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ? (يوحنا 17:14). إذاً، مَن يحصل على نعمة الإله الثالوثي يصبح عضواً لجسد المسيح ومكاناً لسكنى الله الآب وهيكلاً للروح القدس، وبتعبير آخر وعاءً للإله الثالوثي. في طروبارية من قانون عيد العنصرة، يصف القديس يوحنا الدمشقي الروح القدس كعلامة للابن المولود من الآب، لأنّه يكشف ويظهِر كلمة الله، إذ من دون الروح القدس لا يُفهَم الابن المولود الوحيد (القديس غريغوريوس النيصصي). إلى هذا، يقول الرسول بولس لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ:«يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. (1كورنثوس 3:12). ويُدعى الروح القدس أيضاً علامة للكلمة لأنه وجّه التلاميذ بحسب ما تعلّموا وذكّرهم بما قال المسيح لهم. لهذا السبب هو إشارة. بتعبير آخر، من خلال الروح القدس ظهر أنّ المسيح هو ابن الله الحقيقي وكلمته، وقد ظهر اشتراك الابن والروح القدس في الطبيعة نفسها وإجماعهما من خلال التعليم المشترك. ابن الله وكلمته مجَّد الآب بتجسده. في يوم العنصرة، نزل الروح القدس على التلاميذ وبهذا مُجّد الابن (ليون الحكيم). على هذا الأساس يمكننا القول بأن الآب مجد الابن بتسميته ابناً محبوباً، الابن تمجّد بما فعله بالتناغم مع الروح القدس. الابن مجّد الآب في كل عمله لخلاص الجنس البشري؛ وفي الوقت نفسه مجّد الروح القدس لأنه أظهره وكشف عنه للتلاميذ؛ ولكن أيضاً الروح القدس، الذي يعمل بكثافة في الكنيسة، يمجّد الآب الذي منه يأتي، ويمجّد الابن لأن كثيرين من الذين يأخذونه يصبحون أولاداً لله وأعضاء في جسد المسيح. واضح من كل هذه الأمور أن عمل الابن وعمل الروح القدس ليسا مختلفين. إن خلاص الإنسان هو عمل مشترك للإله الثالوثي. هذا هو الموضوع المهم، وسوف نرى هذه الحقيقة اللاهوتية العظيمة، بشكل أفضل، من خلال ما سوف نذكر في القسم التالي. -4- لقد أعطي الروح القدس أسماء كثيرة. أحدها، وهو يظهِر العمل الذي يعمله في الكنيسة كما في حياة الناس، هو المعزّي. المسيح نفسه استعمل هذه الكلمة عندما قال لتلاميذه قبل آلامه بوقت قصير: وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ. وبعد هذا بقليل يقول المسيح عن الروح القدس بأنه المعزي الذي سوف يعلّم التلاميذ ويذكّرهم بكل ما قاله في حياته. أَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ. (يوحنا 26:14). وإذ نحن واثقون من أن الروح القدس هو المعزي نصلي إليه أيها الملك السماوي، المعزي، روح الحق. إن الروح القدس يعزّي الإنسان المجاهد ضد الخطيئة، الذي يسعى إلى حفظ وصايا المسيح في حياته. هذا الصراع صعب، لأنّه الحرب ضد الأرواح الشريرة. لهذا، فالروح القدس هو المعزي، أو الذي يريح الناس، بحسب ما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم. إنه علامة على أن الله يؤاسي الناس، لهذا يوصف بنفس العبارات كما الروح القدس. الأمر المهم في الدراسات الخريستولوجية التي نقوم بها هو أن المسيح يصف الروح القدس بأنّه المعزي الآخر. هذا لأن المسيح أيضاً هو معزٍّ يؤاسي الناس. في رسالته الجامعة، يدعو الإنجيلي يوحنا اللاهوتي المسيحيين إلى عدم الخطيئة، لكنه يقول أيضاً أنّهم ولو أخطأوا فعليهم ألاّ يتخاذلوا لأن فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ (1 يوحنا 1:2). إذاً، المسيح والروح القدس هما معزيان في العالم. بالطبع الله الآب هو معزي الناس لأن التعزية هي عمل مشترك للإله الثالوثي. إن عبارة المعزي الآخر تعني أن المسيح والروح القدس هما أقنومان مختلفان، لكن لهما الطبيعة والجوهر والقوة نفسها. في تفسير هذه العبارة، يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي أنها تشكّل وتصف الشركة الإلهية والاشتراك في نفس الطبيعة عند الأقنومين. أن يقول المسيح بأنه سوف يرسل معزياً آخراً تعني أنه هو نفسه معزٍّ. بهذا يمكن أن نرى المساواة في الشرف بين المسيح والروح القدس. -5- يشترك الروح القدس مع الابن والآب في نفس الجوهر، لأن لأقانيم الثالوث الثلاثة نفس الجوهر والطبيعة والقوة والإرادة والمجد. لهذا، حيث يكون المسيح يكون الروح القدس وحيث يكون الروح القدس يكون المسيح. لقد ركّزنا على أن الأقانيم غير منفصلين ولا عملهم مستقل. يقول القديس مكسيموس المعترف بأن الروح القدس فاعل في كل الناس لكن بطريقة مختلفة في كل منهم. فهو يعمل في الجميع من دون استثناء لأن الجميع مخلوقون من الله، القادر على جمع البذار الطبيعية وتأمينها وجعلها تتحرّك. ففي الذين في زمن الناموس ينثر النور بالوعد بالمسيح من خلال الوصايا. وهو يعمل في العائشين بالمسيح ليجعلهم أبناء بقوة الروح القدس. وفي المتألهين، أي الذين جعلوا أنفسهم يستحقون المواطنية في الله وسكنى القوة الإلهية، فهو يعمل كحكمة مبدعة. هكذا، الروح القدس فاعل في الكل ولكن في كل واحد بشكل مختلف، بحسب وضعه الروحي. في هذا الضوء نفهم أن الروح القدس كان فاعلاً في العهد القديم كما في الأنبياء، لأنهم بقوة الروح القدس رأوا الكلمة غير المتجسّد وتنبؤوا عن الكلمة المتجسد أي المسيح. نحن نعرف جيداً من اللاهوت الأرثوذكسي أن كل إعلانات الله في العهد القديم كانت إعلانات الكلمة غير المتجسد أي الأقنوم الثاني. وبما أن الابن لا يتواجد من دون الروح القدس، فالروح هو مَن أظهر الكلمة غير المتجسد للأنبياء وكشف لهم الأسرار المقبلة. يقول القديس باسيليوس أن الروح القدس أتى إلى نوس الأنبياء فتنبأوا بالأمور الحسنة الآتية. مثال مميز هو حالة يوحنا السابق الذي كان مملؤاً من الروح القدس في بطن أمه منذ أن كان جنيناً ذا ستة أشهر، وعلى ما يقول القديس غريغوريوس بالاماس، بأنّه بالروح القدس تلقّى التأسيس للزمان الآتي في بطن أمه وصار لاهوتياً بالمسيح. وبالواقع نحن رأينا في عيد اللقاء أن سمعان البار تعرّف إلى المسيح بالروح القدس. لهذا، فالروح القدس كان فاعلاً في العهد القديم كما في الجديد، أي الكنيسة، ولو بصورة مختلفة. إذ، كما ذكرنا سابقاً، في العهد القديم أشار إلى الأنبياء عن عصيان الوصايا وكشف مجيء المسيح، بينما في العهد الجديد هو يجعل البشر أبناء لله وأعضاء في جسد المسيح ويقودهم إلى التألّه. -6- يعتمد تجسد ابن الله وكلمته على الروح القدس، ومثله كل عمل التدبير الإلهي. هذا ما يعبّر عنه القديس باسيليوس الكبير بوضوح كبير إذ يقول بأن المسيح، عندما أتى ليسكن في العالم، سبقه الروح القدس معلناً مجيئه وكاشفاً حضوره. كذلك، الروح القدس لا ينفصل عن حضور المسيح المتجسّد في العالم، فإنجاز القوى والمواهب والأشفية وإخراج الشياطين من الناس هو بقوة روح الله. الشياطين تُسحَق بحضور الروح القدس. كما أن الحلّ من الخطايا هو بنعمة الروح القدس. ومثله إقامة الموتى. وإذا كان الروح القدس عمل في أنبياء العهد القديم وأبراره، مشيراً إلى المسيح وكاشفاً إياه، فكم بالحري هو كان فعاّلاً في رسل المسيح وتلاميذه. لكن بما أن الروح القدس يعمل بحسب حالة الإنسان وفي الوقت المناسب، فقد عمل فيهم بثلاث طرق وفي ثلاث أوقات. فقد عمل بشكل خفي قبل أن يتمجّد المسيح بآلامه، أي قبل تألمه وتضحيته على الصليب، وبشكل أكثر وضوحاً بعد قيامته، وبالشكل الأكثر كمالاً بعد صعوده إلى السماوات. إلى هذا، الروح القدس يكمّل ويقدّس الناس ولا يتكمّل هو لأنه إله كامل. الروح القدس يكمّل ولا يتكمّل (القديس غريغوريوس اللاهوتي). وعليه فقد كمّل الرسل وملأهم إذ كانوا غير كاملين. قال كلمة الله غير المتجسد، ابن الله، بنبيه يوئيل وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ، وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَمًا (28:2). واضح هنا أنّه يتكلّم عن مجيء الروح القدس ومنح موهبة النبوءة الذي تمّ في يوم العنصرة. بحسب القديس كيرللس الإسكندري، تشير النبوءة إلى الأحداث التي جرت يوم العنصرة حيث راح التلاميذ يتكلّمون نبوياً معلنين أسرار المسيح التي سبق وأخبر عنها الأنبياء. بتعبير آخر، لقد فهم التلاميذ في ذلك الحين بقوة الروح القدس أن كل نبوءات العهد القديم أشارت إلى شخص المسيح. وبهذا تكمّلوا في المعرفة والوحي. تعود الطبيعة البشرية إلى حالتها السابقة بقوة الروح القدس، لأنها تمتلك الموهبة النبوية التي كانت لآدم في الفردوس من النعمة (القديس نيقوديموس الأثوسي). بالواقع، في نظرنا إلى حياة آدم قبل السقوط، نميّز أنّه كان لنا نوس نقي وكنا نتنبّأ. الله أوجد حواء من جنب آدم في نومه، لكن عندما استيقظ ورآها، استنار بالروح القدس واعترف بأنها جاءت من جسده: هذه عظم من عظامي ولحم من لحمي (تكوين 23:2). هذا يعني أن كل الذين يحصلون على الروح القدس ويصيرون أعضاء للكنيسة لا يعودون فقط إلى الحالة السابقة التي كان آدم فيها، بل يقومون إلى أعلى من ذلك لأنّهم متّحدون بالمسيح. مَن عنده الروح القدس يصير نبياً، يكتسب المواهب النبوية، على ما نرى في حياة القديسين، ويعرف أسرار المسيح ويرى ملكوت الله ويختبره. بقوة الروح القدس ومقدرته، تصبح الموهبة النبوية حالة طبيعية للإنسان. الصلاة النوسية هي إشارة إلى عطية الروح القدس هذه وقوته. -7- إن الطريقة التي عمل بها الروح القدس في العهد القديم ظاهرة بوضوح عند الكنيسة. في دراستنا يمكننا أن نرى بعض الأوجه المثيرة للاهتمام والتي تظهر العلاقة القوية بين الخريستولوجيا والبنفماتولوجيا. بحسب آباء الكنيسة القديسين، لقد كانت الكنيسة موجودة حتى قبل التجسّد، إذ إن بدايتها هي مع خلق الملائكة والإنسان. بسقوط آدم سقطت الكنيسة، ومع ذلك هي ما زالت محفوظة في أنبياء العهد القديم وأبراره بشكل عام. بالرغم من وجود الكنيسة، إن ناموس الموت ما زال ملزِماًً وبالتالي، فيما أبرار العهد القديم بلغوا التألّه وعرفوا الكلمة غير المتجسّد، إلا أن قوة الموت سادت عليهم (الذهبي الفم)، وهكذا ذهبوا إلى الجحيم. بتجسد المسيح، الذي تمّ بالروح القدس، اتّخذ المسيح جسد الكنيسة (الذهبي الفم)، أي أنّه اتّخذ الطبيعة البشرية النقية غير المسلوبة وأتحَدَها بألوهته. بهذه الطريقة صار للكنيسة رأس وصارت جسد المسيح. يقول إكليمندس الروماني أنّ الكنيسة كانت في البداية روحية وقد خُلقَت بظهور الملائكة، لكن لاحقاً بتجسّد المسيح ظهرت في جسده، صارت جسداً. كون التجسّد تمّ بتكافل الروح القدس، وكون ما يجري في الكنيسة يتمّ بقوة الروح القدس، فالعنصرة مرتبطة بالكنيسة. قال المسيح مرة لبطرس أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها (متى 18:16). هذا تحقق بموت المسيح على الصليب ونزوله إلى الجحيم. نفس المسيح وألوهيتها نزلا إلى الجحيم، فيما جسده وألوهية هذا الجسد بقيا في القبر. هكذا غُلبت قوة الجحيم، أي الموت. إذاً، لم يكن للموت سلطان على الكنيسة ولا يمكن أن يكون له، كونها جسد المسيح. تأسست الكنيسة يوم العنصرة، أي أن الرسل صاروا أعضاء لجسد المسيح. وهكذا، فيما كانوا سابقاً في شركة مع المسيح، صاروا الآن بقوة الروح القدس وفعله أعضاء لجسد المسيح. تغيّرت الكنيسة من روح إلى جسد. كان للقديسين، المتألّهين، علاقة وشركة ليس فقط مع الكلمة غير المتجسّد بل أيضاً الكلمة صار جسداً، أي المسيح الإله الإنسان. يشرح الرسول بولس لاهوت كون الكنيسة جسد المسيح والقديسين أعضاءه (1كورنثوس 1:12-31). فهو يقول أن الكنيسة ليست مؤسسة دينية بل هي جسد المسيح، وبأن توزيع مواهب النعمة يتمّ بقوة الروح القدس. استنتاجاً يقول الرسول بولس: وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا (1كورنثوس 27:12). ينبغي أن نضيف أنه يظهر في تعليم الآباء القديسين حقيقتان تبينان القوة المشتركة بين الأقانيم. المسيحيون هم أعضاء جسد المسيح (1كورنثوس 27:12)، وفي الوقت عينه هم هياكل للروح القدس (1كورنثوس 19:6). ولا تلغي الواحدة الأخرى. -8- إن نزول الروح القدس في يوم العنصرة لا يعني أنه كان غائباً قبلاً، بل إلى أنّه يعمل في طريقة مختلفة، كما أشرنا سابقاً. يمكننا أن نعرض نقطتين تفسّران نزول الروح القدس وفعله المختلف. النقطة الأولى هي أنّ الرسل فهموا في يوم العنصرة أنّ الروح القدس هو أقنوم محدد وليس مجرّد قوة من قوى الله. الروح القدس، الذي ظهر باهتاً في العهد القديم كنَفَس، كَصوت، كَحفيف نسمة، كوحي للأنبياء، يستعلن في العنصرة كَأقنوم موجود بذاته. إذاً، عندما اكتملت الأحداث التي أظهرت أقنوم الابن، بدأت الأحداث التي أظهرت أقنوم الروح القدس (القديس غريغوريوس بالاماس). النقطة الثانية التي بها نفسّر نزول الروح القدس يوم العنصرة هي أنّ الروح القدس جعل التلاميذ أعضاء جسد المسيح وأعطاهم القدرة على المشاركة في انتصار المسيح على الموت. القديس نيقوديموس الأثوسي، في تفسيره لنزول الروح القدس، يستعمل اقتباسات من القديسين نيكيتا ستيثاتوس وباسيليوس الكبير، فيها أنّه لم ينزل كخادم، بل كسيّد ذي سلطان. كما أنّ الابن كلمة الله تجسّد بإرادته الذاتية، طوعياً، كذلك الروح القدس بإرادته الذاتية جعل الرسل أعضاء في جسد المسيح. إلى هذا، إرادة الآب هي أيضاً إرادة الابن والروح القدس، وبالعكس. إن القدرة والإرادة مشتركتان في الثالوث القدوس. تختلف الحرية عند الله والملائكة والبشر. فالله يمتلك الحرية بشكل بارز سامٍ وفائق الجوهر. لا يمكن مقارنة الله بالمعطيات البشرية. تمتلك الملائكة الحرية طبيعياً، لكنهم يمارسونها من دون إعاقة، ويرغبون باستعمالها مباشرة إذ ليس لديهم ما يعيقهم عن ممارستها، إذ ليس لهم لا جسد ولا أي قوة معارضة أخرى. البشر مستقلّون وذوو حرية، لكن إرادتهم الحرة قد فسدت وليس من السهل عليهم أن يتحمّلوا رغباتهم. لهذا السبب يحتاج الرغبة والإرادة الحرة إلى القوة من الله. يأتي في العهد القديم أنّ مَن يسمع يَنَالُ رِضًى مِنَ الرَّبِّ (حكمة 35:8). ويكتب الرسول بولس: ?لأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ.(فيليبي 13:2). هذا يعني أن الروح القدس نزل إلى قلوب الرسل وهو يعمل في البشر من خلال إرادتهم الذاتية وليس وكأنهم عبيد. لكن على البشر أن يتجاوبوا مع قوة الروح القدس بإرادتهم، لأن الله لا ينتهك حريتهم. في أي حال، ينبغي دعم الشهوة والإرادة الحرّة من الله لأن الإنسان في حالة السقوط مستعبَد وكائن تابع. بالإجمال، عندما نتحدّث عن نزول الروح القدس في يوم العنصرة، لا يمكننا فهمه كتجسّد، لأن الابن كلمة الله هو الذي تجسّد، ولكن كظهوره الأقنومي (الشخصي) في العالم، الذي غيّر الرسل وحوّلهم من قابلين للموت إلى أعضاء حيّة في جسد المسيح. -9- بالمعمودية المقدّسة يصير الإنسان عضواً في الكنيسة، أي عضواً في جسد المسيح. العنصرة كان يوم معمودية التلاميذ لأنّهم صاروا فيه أعضاء جسد المسيح. بالتالي، المسيح ليس معلمهم وحسب بل هو رأسهم. لقد قال المسيح لتلاميذه مباشرة بعد قيامته: لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. عندما نزل الروح القدس عليهم، عمَّدهم، وهكذا امتلأ البيت الذي كانوا فيه منتظرين وعد الآب، فامتلأوا من الروح القدس الذي حوّل المنزل إلى جرن معمودية روحي (القديس غريغوروس بالاماس). صار حضور الروح القدس في العلية مصحوباً بريح قوية. يكتب الرسول لوقا: وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ. هذه الريح العاصفة قد صوّرَت مسبَقاً وكانت متوقَّعَة في عدة مواقع في العهد القديم. لإنها الصوت الذي سمعته والدة النبي صموئيل يقول: مِنَ السَّمَاءِ يُرْعِدُ عَلَيْهِمْ. الرَّبُّ يَدِينُ أَقَاصِيَ الأَرْضِ (1صموئيل 10:2). رؤيا النبي إيليا لله تنبأت عن هذا الصوت عندما رأى الله في صوت النسمة الخفيفة. المسيح أوحى بهذا الصوت عندما قال: مَن كان عطشاناً فليأتِ إليّ ويشرب، إذ بهذه العبارة القوية عنى الروح القدس الذي كان مزمعاً أن يتقبل كل المؤمنين به. على المنوال نفسه، لقد أشير إليه مسبقاً بنفخة المسيح في تلاميذه بعد قيامته معطياً إياهم الروح القدس لكي يغفروا الخطايا. لظهور الروح القدس كمثل ريح عاصفة معنى، لأنه يظهر أن الروح القدس يغلب كل شيء، يخترق جدران الشر، يهدم مدن العدو وكل قلاعه. في الوقت نفسه هو يواضع المغرور ويرفع المتواضع القلب، يضمّ ما قد انكسر ويكسر رباطات الخطيئة ويعتق الذين في الضيقات (القديس غريغوريوس بالاماس). بقوة الروح القدس يصير الإنسان عضواً للكنيسة ويغلب كل قوى العدو ويقهر حتى الموت نفسه. -10- إن ظهور الروح القدس في يوم العنصرة يبرِز أن عمل المسيح لا يختلف عن عمل الروح القدس. يكتب الإنجيلي لوقا، الذي هو كاتب أعمال الرسل ايضاً: وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. في تحليله لهذه النقطة، يقدّم القديس غريغوريوس بالاماس ملاحظات لاهوتية مهمة نشير إليها هنا لأنها تظهر مساواة الروح القدس للابن في الشرف والمجد. أولاً، الظهور المدرَك بالحواس للروح القدس كان على شكل ألسنة لإظهار الاتحاد مع كلمة الله، إذ لا شيء أكثر ارتباطاً بالكلمة من اللسان. فقد أظهر بهذا أن عمل الروح القدس لا يختلف عن عمل كلمة الله. في الوقت نفسه، برز حسياً من خلال اللسان ليقول أنه ينبغي بمعلم الحقيقة أن يكون ذا لسان مملوءاً بالنعمة. لقد كانت الألسنة نارية ولهذا أيضاً معنى كبير. إنّه يظهر مساواة الروح القدس للآب والابن بالجوهر لأن الله نار آكلة. يشير هذا الظهور إلى أن للروح القدس نفس الطبيعة والقدرة كما للآب والابن. النار تضيء وتحرق. إنها مثل تعليم المسيح تماماً: تنير الذين يطيعون وتعاقب الذين يعصون. بالطبع، هذه النار التي ظهر فيها الروح القدس لم تكن مخلوقة، إذا لم يقل الإنجيلي القديس ألسنة نارية بل قال ألسنة كما من نار. توزعت ألسنة النار على رؤوس الرسل ولهذا أيضاً معناه، إذ يريد أن يظهر أن للمسيح وحده كل القدرة والقوة الإلهيتين، كونه مساوٍ للآب والروح بالطبيعة. ليست النعمة التي يحصل عليها القديسون من طبيعة الله، بل هي قوته التي تعطي مواهب النعمة المختلفة لكل واحد. لا أحد يمتلك النعمة الإلهية كاملة إلاّ المسيح وحده الذي عنده ملء نعمة الله في الجسد. يظهر من استقرار هذه الألسنة على رؤوس الرسل، قيمة السيد ووحدة روح الله. ليست قوة مخلوقة، بل هي قوة الله غير المخلوقة، ولهذا تصوَّر وكأنها جالسة، إشارة إلى المجد الملوكي. في الوقت نفسه، نعمة الله وقوته منفصلتان، فهما تبقيان واحداً. الروح القدس موجود فعلياً وفاعل منفصلاً من دون انفصال، ومساهَماً فيه بالكلية، مثل شعاع الشمس. هذا يعني أنه فيما يحصل الكل على نور الشمس وفي الوقت نفسه يحصلون أيضاً على قوتها غير منقسمة. عندما يحصل الإنسان على المناولة المقدسة مشترِكاً في جسد المسيح ودمه، لا يشارك في جزء من جسد الرب، بل في كامل الجسد. يقول الكاهن في القداس: حمل الله الذي يُكسَر ولا ينقسم، الذي يؤكَل ولا ينفد. إذاً، قوة الروح القدس هي أيضاً قوة الكلمة والآب، إنها قوة الإله الثالوثي. خلاص الإنسان هو في الاشتراك في قوى الثالوث القدوس غير المخلوقة. -11- بعد أن وعد تلاميذه بأن يرسل الروح القدس، أعطى المسيح وصية واضحة: أَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي (لوقا 49:24). حفظ التلاميذ هذه الوصية وبقوا معاً في العلية في أورشليم في السكينة والصلاة منتظرين تدفق موهبة الروح القدس. هذا ما يؤكده الإنجيلي لوقا: وَكَانُوا كُلَّ حِينٍ فِي الْهَيْكَلِ يُسَبِّحُونَ وَيُبَارِكُونَ اللهَ (لوقا 53:24). عند هذه النقطة سوف أتوقف قليلاً عند عبارة إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي لأنها مميزة. فالمسيح لم يقل أنّهم سوف يحصلون على الروح القدس وحسب بل سوف يلبسونه، كمثل بزة روحية من الدروع لمجابهة العدو. لا يتعلّق الأمر باستنارة أذهانهم، بل بالتحّول الكامل في كيانهم. لن يبقى أي نقطة في أجسادهم ولا قوة في نفوسهم من غير أن تغطيها قوة الروح القدس. معروف أنّ بالمعمودية المقدسة، التي تُعتَبَر سراً تمهيدياً لأنّها تدخلنا إلى الكنيسة ونصير أعضاء في جسد المسيح، نحن نلبس المسيح لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ (غلاطية 27:3). وأيضاً نحن نلبس الروح القدس في الوقت نفسه بحسب الوعد المعلَن للمسيح. إلى هذا، هذا هو هدف سرَّي المعمودية والميرون المترابطين. إن لبس الروح القدس ليس خارجياً ولا سطحياً، لكنه داخلي كاتحاد الحديد بالنار. فالحديد المُحَمَّى يكون مشتعلاً بالكلية، وليس جزئياً فقط. وهكذا كل الذين يحصلون على الروح القدس يشعرون به يملأ قلوبهم وينير أعينهم ويقدّس آذانهم ويخمد أفكارهم السيئة، فيُمنَحوا الحكمة ويمتلئوا بالنعمة. إنهم يختبرون الشيء نفسه الذي اختبره رئيس الشمامسة أول الشهداء استفانس، الذي أظهر أولاً للسنهدرين البركةَ التي منحه إياها الروح القدس في نفسه، ومن ثمّ أبرز مجد الإنسان (مكسيموس خريسوكافلوس). إذاً، قوة الروح القدس تقدّس وتنير كامل الكيان البشري. نحن نرتّل الترنيمة التالية: كل الحكمة تتقيّد بالروح القدس: فالنعمة للرسل، والشهداء يُتوَّجون لمآثرهم، والأنبياء يعاينون. كل النعَم والمواهب المعطاة لأعضاء الكنيسة هي من الروح القدس: المعاينة النبوية، الحياة الرسولية والنهاية الاستشهادية. هذا يعني أن رؤى الأنبياء ليست اختلاقات من الفكر والمخيّلة، الحياة الرسولية ليست رسالة ذات مركز بشري، وشهادة القديسين ليست تفعيلاً لإرادة قوية، بل هي جميعاً عطايا يمنحها الروح الكلي قدسه. من بين هذه المواهب التي تُعطى للإنسان الذي يحصل على الروح القدس، هي الحياة المقدّسة، الجهاد للحفاظ على وصايا الله إلى أعلى الدرجات والعيش في طهارة النفس والجسد، الحياة الزوجية في المسيح ضمن العادات الاجتماعية، والخدمة الرعائية في المسيح والعديد غيرها من الاهتمامات بكلام آخر، كل عطايا النعمة ممنوحة من الروح القدس. إذاً، الروح القدس يشكّل كل كيان الكنيسة التي هي جسد المسيح. -12- ما أن امتلأ الرسل بالروح القدس حتى غمرهم فرح عظيم. لقد كانت خبرة جديدة لهم. فيما كانوا سابقاً مجرّد أشخاص طيبين، فقد صاروا الآن أعضاء جسد المسيح القائم. لم يكونوا مرغَمين على عبادة المسيح، بل كانوا متّحدين به بشكل وثيق. كل الذين رأوهم ارتبكوا، والبعض قال ساخراً أنهم ممتلئين من الخمر، أي أنّهم سكروا من الخمر الجديدة (أعمال 13:2). يسمّي آباء الكنيسة نزول الروح القدس إلى قلب الإنسان الثمالة الرزينة (ديونيسيوس الأريوباغي). وفي إشارة إلى هذه الحالات، يتحدّث القديس اسحق السرياني عن أن كل قوى الإنسان تغرق في ثمالة عميقة. وهي تسمّى ثمالة لأنّ فيها فرح عظيم وسعادة، وهي رزينة لأن الإنسان لا يفقد حواسه ولا عقله. عندما يملأ الروح القدس إنساناً ما، فهو يبقى حرّاً، أو بتعبير أفضل، إنه يكتسب حرية حقيقية، لا تعمل كقوة للخيار، على ما تحكي الأخلاق الفلسفية، بل كإرادة طبيعة وغلبة للموت. يقول الرسول بولس بشكل مميز: أَرْوَاحُ الأَنْبِيَاءِ خَاضِعَةٌ لِلأَنْبِيَاءِ.(1كورنثوس 32:14). هذا يعني أن النبي يخضع لموهبة النعمة التي فيه، وهي تخضع له، أي أنّ حرية الإنسان لا تُبطَل وقوى عقله لا تُخضَع. يقول القديس نيقوديموس الأثوسي أنّ هناك ثلاث أنواع من الثمالة. الأول، يأتي مع الخمر الكثيرة وهو سبب شرور كثيرة. الثاني هو الثمالة التي تحرّكها الأهواء، وهي الثمالة التي قال عنها النبي إشعياء: وَيْلٌ لإِكْلِيلِ فَخْرِ سُكَارَى الْمَضْرُوبِينَ بِالْخَمْرِ(إشعياء 1:28). وفي مكان آخر يقول النبي نفسه عن أورشليم: اسْمَعِي هذَا أَيَّتُهَا الْبَائِسَةُ وَالسَّكْرَى وَلَيْسَ بِالْخَمْرِ. (إشعياء 21:51). النوع الثالث هو الثمالة المسبَّبَة من الروح القدس. نجدها عند والدة النبي صموئيل التي كانت تصلّي في الهيكل من كلّ قلبها وصلاتها كانت نوسية وقوية إلى درجة أن عالي الكاهن ظنّ أنّها سكرى وأراد أن يخرجها من الهيكل. وقد أجابت وقالت أنّها ليست سكرى بل كانت تسكب قلبها للرب (1صموئيل 14:1-15). لقد اختبر الرسل هذا النوع الثالث من الثمالة في يوم العنصرة، لأنّهم حصلوا على الروح القدس واكتشفوا مكان القلب، وازدادوا معرفة بالمسيح، وصاروا أعضاء لجسده، وازدادت محبتهم وشوقهم للمسيح، وقد عبّروا عن كل هذا يالصلاة، بحسب ما يذكر الآباء. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مواهب الروح القدس
http://www.peregabriel.com/gm/albums...4YNpnHy_ph.jpg أودّ أن أبدأ حديثي هذا بقراءة نصّ من الإنجيل المقدس يُظهر لنا حقيقة المسيح: "لقد سمع يوحنا وهو في السجن بأعمال المسيح، فأرسل تلاميذه يسأله بلسانهم: "أأنت الآتي أم آخر ننتظر؟" فأجابهم يسوع: "اذهبوا فأخبروا يوحنا بما تسمعون وترون: العميان يُبصرون والعُرجّ يمشون مشياً سوّياً، والبرص يبرأون والصمّ يسمعون، والموتى يقومون والفقراء يبشّرون، وطوبى لمن لا أكون له حجر عثرة". (متى11/2-6). أي قام المسيح بالأعمال التي قال عنها الأنبياء أن المسيح سيعملها وهي أعمال الرحمة لخلاص البشر. 1- يسوع ممتلىء من الروح القدس عرف الناس يسوع في الناصرة، على أنه ابن يوسف النجار. وقد صنع لهم الأثاث وبنى لهم البيوت مدة سنوات. لكنّه ذهب ذات يوم إلى نهر الأردّن، وهناك حصل شيء عجيب، فدَهِشَ كثير من الذين سمعوه، وقالوا "من أين له هذا؟ وما هذه الحكمة التي أعطيها حتّى إنّ المعجزات المُبينة تجري عن يديه؟ أليس هذا النجّار ابن مريم. (مر5/2-3). ما الذي حدث في نهر الأردّن فجعل يسوع مختلفاً عن سائر الناس؟ يروي لنا الإنجيليون الأربعة هذا الحدث، لنقرأه في إنجيل القديس لوقا: "ولما انفتحت السماء، ونزل الروح القدّس عليه في صورة جسم كأنّه حمامة، وأتى صوت من السماء يقول: "أنت ابني الحبيب، عنك رضيت" (لو3/21-22). إذن نزلّ الروح القدّس على يسوع، ومنذ تلك اللحظة، كفَّ يسوع عن عمل النجار وأخذ يعمل بقوة إلهيّة فيشفي، ويعلّم، ويُعلن ملكوت الله. 2-يسوع يهب لنا روحه عندما مات يسوع على الصليب، وَهَب لنا روحه كي يستطيع كلّ منا أن يناله. نقرأ في إنجيل (يوحنا19/30) "ثم حنى يسوع رأسه وأسلّم الروح". عندما يموت في أفريقيا شخص ذو شأن وقدرة، يعتقد الناس هناك أن طفلاً سيرث روح هذا الشخص. لمّا مات يسوع على الصليب، لم يهب روحه إلى بطرس ويوحنّا أو إلى شخص آخر فحسب، فقد أنبأ النبي يوئيل قبل بضع مئات من السنين: "إني أفيض روحي على كلّ بشر. فيتنبأ بنوكم وبناتكم، ويحلم شيوخكم أحلاماً، ويرى شبابكم رؤى، وعلى العبيد والإماء أيضاً أفيض روحي في تلك الأيام" (يوئيل3/1-2). إنّ روح يسوع التي أسلمها على الصليب أُفيضت في بادئ الأمر على الأشخاص المجتمعين في العليّة وذلك في يوم العنصرة، ثمّ على الثلاثة آلاف الذين قبلوا المعموديّة في اليوم نفسه، ثمّ على جميع الناس. وكلما حلَّ روح يسوع في حياة شخص ما حصل فيها تبدّل. نلاحظ عندما امتلأ الرسل من روح يسوع صار بوسعهم أن يقوموا بالأعمال التي قام بها يسوع. كان بطرس قبل العنصرة جباناً يخاف حتّى من كلمات الخادمة، وبعد أن نزل عليه الروح القدّس خرج من العليّة بجرأة وإيمان وأخذ يعظ لجموع غفيرة. "وأخذ الرسل، بعد العنصرة، يتكلمون بلغات غير لغتهم، على ما وهب لهم الروح القدّس أن يتكلموا" (رسل2،4). "وبينما كان بطرس ويوحنّا صاعدين. إلى الهيكل لصلاة الساعة الثالثة بعد الظهر، كان هناك رجل كسيح من بطن أمّه يحمله بعض الناس ويضعونه كل يوم على باب الهيكل المعروف بالباب الحسن ليطلب الصدّقة من الذين يدخلون الهيكل فلما رأى بطرس ويوحنّا يوشكان أن يدخلا، التمس منهما الحصول على صدقة. فحدّق إليه بطرس وكذلك يوحنّا، ثم قال له: "انظر إلينا". فتعلّقت عيناه بهما يتوقع أن ينال منهما شيئاً. فقال له بطرس: "لا فضة عندي ولا ذهب، ولكني أعطيك ما عندي: باسم يسوع المسيح الناصرّي امشِ!" وأمسكه بيده اليمنى وأنهضه، فاشتدَّت قدماه وكعباه من وقته، فقام وَثْباً وأخذ يمشي. ودخل الهيكل معهما، ماشياً قافزاً يسبّح الله. فرآه الشعب? فأخذهم العجب والدهش كلّ مأخذ ممّا جرى له" (رسل3/1-10). وأيضاً كان يجري على أيدي الرسل في الشعب كثير من الآيات والأعاجيب? وكان الناس يخرجون بالمرضى إلى الشوارع، فيضعونهم على الأسرة والفُرش، لكي يقع ولو ظلُّ بطرس عند مروره علىأحد منهم. وكانت جماعة الناس تُبادر من المدن المجاورة لأورشليم، تحمل المرضى والذين بهم مسٌّ من الأرواح النجسة فيُشفون جميعاً" (رسل5/12-16). "كما كان في لُسترة رجل كسيح مُقعد من بطن أمّه، لم يمشِ قط. وبينما هو يُصغي إلى بولس يتكلم، حدّق إليه فرأى فيه من الإيمان ما يجعله يخلُص، فقال له بأعلى صوته: "قمّ فانتصب على قدميك!" فوثب يمشي. فلما رأتِ الجموع ما صنع بولس، رفعوا الصوت فقالوا باللغة الليقونية: "تمثلّ الآلهة بشراً ونزلوا إلينا"? فلما بلغ الخبر الرسولين برنابا وبولس، مزّقا ردائيهما وبادرا إلى الجمع يصيحان فيقولان: "أيها الناس، لماذا تفعلون هذا؟ نحن أيضاً بشر ضعفاء مثلكم نبشّرُكم بأن تتركوا هذه الأباطيل وتهتدوا إلى الله الحيّ الذي صنع السماء والأرض والبحر وكلّ شيء فيها" (رسل14/8-15). 3- ليس بوسعنا أن نكون مسيحيين أصلاء إذا لم ننل الروح القدّس. لـمَّا أتى بولس الرسول أفسس، لم يهتّم بالعلامات الخارجية للجماعة المسيحيّة، بل تحقّق هل كانت حياة المسيحيين الجُدد تُظهر حضور الروح القدّس. "لـمَّا وصل بولس إلى أفسس? لقي فيها بعض التلاميذ. فقال لهم: "هل نلتم الروح القدس حين آمنتم؟" فقالوا له: "لا، بل لم نسمع أنّ هناك روح قدّس". فقال: "فأيّة معموديّة اعتمدتم؟" قالوا: "معموديّة يوحنّا" فقال بولس: "إنّ يوحنّا عمّد معموديّة توبة، داعياً الشعب إلى الإيمان بالآتي بعده، أي بيسوع". فلما سمعوا ذلك اعتمدوا باسم الربّ يسوع. ووضع بولس يديه عليهم، فنزل الروح القدّس عليهم وأخذوا يتكلمون بلغات غير لُغتِهم ويتنبأون. وكان عدد الرجال كلهم نحو اثني عشَرَ رجلاً". (رسل19/1-7). ويؤكد القديس بولس في رسالته إلى أهل روما تأكيداً قاطعاً: "من لم يكن فيه روح المسيح فما هو من خاصّته" (روم8/9). والآن نواجه مُشكلة: كلّ منّا، كان قد تعمّد وتثبّت، وقد نلنا الروح القدّس. ولكن ما يدعو إلى الأسف، هو أنّ مُعظمَنا لا يُظهِرُ، أو لا يختبر عمل الروح القدّس في حياته. إنّ قدرة الروح القدّس لم تتحرر فيه بعد. نحن نُشبه إلى حدّ ما فنجان القهوة الذي سُكب فيه السكر من غير تحريك. إذا لم نُحرك الملعقة كي يذوب السكر، لن نذوق طعم السكر كثيراً. إذن لن يكون الحلّ إضافة مزيد من السكر، بل تحريك المضمون. وهذا ما يحدث عندما نصليّ من أجل فيض أكبر للروح القدّس؟ إنّ الروح القدّس يُفاض وينتشر في كلّ كياننا فيبعث فينا حياة جديدة عجيبة. ولكن علينا أن ندعه يعمل فينا بقبولنا مواهبه الكثيرة. 4- إنّ الروح القدّس روح خلاّق، يهبُ لكل واحد بحسب حاجاته. لنتأمل يسوع ونؤمن أنّ ما حدث له في نهر الأردّن سيحدث لنا أيضاً، "واعتمّد يسوع أيضاً وكان يُصلي، انفتحت السماء، ونزل الروح القدّس عليه" (لو3/21-22). آتياً في الوقت نفسه بمحبّة الآب. "أنت ابني الحبيب، عنك رضيت" يقول بولس الرسول في رسالته إلى أهل روما: "إنّ محبّة الله أُفيضت في قلوبنا بالروح القدّس الذي وُهب لنا" (روم5/5). ما هي نتائج الفيض الكبير للروح القدّس. لنتصور أنّ قلبنا وعاء للروح القدّس، فإذا كان قلبنا ممتلئاً بالمحبّة أو بالروح حتى أنّه ليطفح، فإنّ المحبّة التي فيه ستبغي أن تفيض باتجاهين: نحو الله ونحو القريب. آ- فيض المحبّة نحو الله: موهبة التكلم باللغات إنّ الله هو الذي يَهب الروح والمحبّة، فنشعر بالفرح حقاً. نريد أن نُسبح هذا الإله العجيب الذي هو إلهنا، ونريد أن نشكره. ولكن حينئذ ستنقصنا الكلمات، ولا نعلم ما نقوله له. آنذاك "يأتي الروح القدّس لنجدة ضعفنا لأنّنا لا نُحسِن الصلاة كما يجب، والروح نفسه يشفع لنا بأنّات لا توصف" (روم8/26). دعوني أشرح بطريقة مختصرة. إنّ موهبة التكلم باللغات كما نفهمها هنا، ليست موهبة الوعظ بلغة مجهولة يفهمها جميع الناس كالتي ذُكرت في أعمال الرسل (2/4). وليست موهبة نبوءة، إذّ تُقدّم رسالة من قبل الله وقد أعطيت باللغات وتحتاج إلى ترجمة كما الحالة هي في الرسالة الأولى إلى أهل قورنتس (14/26-28). إنّ موهبة التكلّم باللغات التي نعيها هنا هي بالأحرى موهبة تسبيح الله، أو موهبة شفاعة عندما تنقصنا الكلمات ولا نعلم ما نقول. إنّ الطريقة الحسنة لشرح هذه الموهبة وردت في رسالة القديس بولس إلى أهل روما "لم تتلّقوا روح عبودية لتعودوا إلى الخوف، بل روح تبنٍّ به ننادي: أبَّا، يا أبتِ" (روم8/15). تصّوروا طفلاً في نحو السنة من عمره بوسعه أن يُعبرّ، ولكن لا يستطيع بعد أن يُبلّغ أفكاره بالكلام، إنّه يتكلمُ لغة الطفل". هكذا موهبة التكلم باللغات هي تمتمّة حقاً، لغة ابن الله الذي يكلّم بها أباه السماوي، والله يفهم كل ما يُقال له. إنّه يعلم عندما نسبّحه أو نتوسل إليه، ولو كنّا نحنُ أنفسنا لا نفهم ذلك. إنّ موهبة الصلاة باللغات هذه المتدفقة من قلب يطفح بالمحبّة لله، يُمكن أن تعبّر في بعض الأحيان على أنّ الروح القدّس قد امتلك حياتنا حقاً. كانت موهبة التكلم باللغات سبب قلق للكنيسة في قورنتس، لأنّها سبب التشويش في أثناء العبادة، والتكلم باللغات موهبة صحيحة من مواهب الروح القدّس، ولكن المؤمنين في قورنتس استخدموها علامة التفوّق الروحي أكثر منها وسيلة للوحدة الروحيّة. يضع الرسول بولس عدة نقاط عن التكلم باللغات: 1- إنّها موهبة روحيّة من الله (1قو14/2). 2- إنّها موهبة مرغوبة حتى لو لم تكن مطلباً أساسياً للإيمان (1قو12/28-31). 3- إنّها أقل أهمية من النبوءة والتعليم (1قو14/4-5) "فالذي يتكلم بلغة مجهولة يبني نفسه، وأمّا الذي يتنبأ، فيبني الكنيسة. إنّني أرغب في أنّ تتكلموا جميعاً بلغات مجهولة، ولكن بالأحرى أن تتنبأوا." ومع أنّ بولس الرسول نفسه تكلم باللغات ويذكر ذلك في (1قو14/18-19) "أشكر الله لأنّي أتكلم بلغات مجهولة أكثر منكم جميعاً. ولكن، حيث أكون في الكنيسة، أفضل أن أقول خمس كلمات بعقلي، لكي أُعلّم بها الآخرين أيضاً، على أن أقول عشرة آلاف كلمة بلغة مجهولة". إلاّ أنّ بولس يُزكيّ النبوءة (الوعظ) كما سمعنا لأنّها نافعة لكل الكنيسة، بينما التكلم باللغات ينفع أساساً المتكلم نفسه. فيجب أن تكون العبادة بين الجماعة مفهومة ونافعة لكل الكنيسة. لذلك يتابع بولس الرسول قوله في (1قو14/12) "إذ أنّكم متشوّقون إلى المواهب الروحية، اسعوا في طلب المزيد منها لأجل بنيان الكنيسة". يجب أن يتّم كلّ شيء في أثناء العبادة في توافق وترتيب، ولا يوجد ضرورة للتشويش حتى أثناء ممارسة المواهب الروحية،وعندما تحدث فوضى فهذا دليل على أنّ الكنيسة لا تسمح لله أن يعمل بين المؤمنين كما يشاء، لأنّ الله ليس إله تشويش بل إله سلام. يقول الأب اميليان تارديف في كتابه يسوع حيّ "عندما نصلي باللغات، يكون فكرنا بتصرف الربّ ليستعملنا كواسطة خلاص. فالصلاة باللغات وسيلة رائعة، قادرة على النفاذ إلى حيث لا يقدر أن يصل لا الإنسان ولا العلم " في أثناء رياضة روحية للكهنة في مدينة "ليون" الفرنسية، حضر منهم مَنْ يتقبّلون موهبة الصلاة باللغات وآخرون يُبدون تحفظاً يصل إلى حدّ السخرية. وكان أشد هؤلاء تطرفاً يقول الأب اميليان تارديف، أحدُ المُبشّرين الذي يُدّرس اللغة العربية في أفريقيا. ولكن هذا الكاهن وقف في اليوم الثاني أمام الجميع وكتب على اللوح إشارات غريبة، ثم شرحها لنا بتأثر عميق قائلاً: "البارحة، في أثناء الصلاة باللغات كنتم تقولون بالعربية ما يلي: الله رحيم". إنّ الله في كلّ صلاة يمنحنا رحمته حقاً. يتابع الأب اميليان قوله: "إنّ الصلاة باللغات مذهلة وبما أنّنا نجهل كيف نصلي يأتي الروح ليعضد ضعفنا? ويشفع فينا بأنّات لا توصف" (روما8/26). إنّ موهبة الصلاة باللغات هي واقع حقيقي في كنيسة اليوم. كلّ ما أريده هو أن أنقل إليكم ما لديّ حولها. يقول الأب تارديف: "لقد شاهدت عجائب وأنا أصلي باللغات أكثر مما شاهدت وأنا أصلي الصلاة العادية. دُعيت ذات يوم إلى برنامج تلفزيوني في كولومبيا وطُلب إليّ أن أصلي من أجل المرضى دقيقة واحدة فقط. عجباً ماذا أقول خلال دقيقة المقابلة؟ أَمِنْ أجل ذلك أُطلق على البرنامج عنوان: "دقيقة الله"؟ بدت لي هذه المدّة قصيرة جداً فاعترضت لدى المسؤولين قائلاً: "تُكرسّون ثلاث دقائق من أجل الدعاية لمصنوعات البيرة ولا تكرسّون للربّ سوى دقيقة واحدة؟?" بدأت الصلاة من على الشاشة الصغيرة يستحثّني الوقت فأسرعتُ. وما إن فرغتُ منها حتى نظرتُ إلى ساعتي فتبيّن لي أنّ لدي بعد ثلاثين ثانية من الوقت. وهنا بدأت المشكلة: ماذا سأفعل خلال هذا الوقت؟ فصليت باللغات أمام عدسات المصّورين. وحسب شهادة الأب "دياغو" الواعظ المواهبي المعروف شفى الله الكثيرين بهذه المناسبة". ب- فيض المحبّة للآخرين: مواهب الكلمة والشفاء عندما نزل الروح القدّس على يسوع، أخذ يذهب من بلدة إلى أخرى ويُعلن البشارة الحقيقيّة، وهي مشجعة ومقوّية، وهكذا، عندما تمتلئ قلوبنا من الروح القدّس، بوسعنا أن ننال موهبة أو مواهب الكلمة، على سبيل المثال، موهبة التعليم التي تبني الناس حقاً بالكلمات القادرة على الإرشاد والتشجيع. بوسع الكهنة على وجه خاص أن ينالوا موهبة جديدة للتعليم. وبوسع بعض الناس أن ينالوا موهبة الحكمة والنصح وبوسع آخرين أن ينالوا موهبة المعرفة أو النبوءة. جميع المواهب التي ذُكرت حتى الآن هي مواهب الكلمة. يقول الأب تارديف إنّ الصلاة باللغات، التي تكلمنا عنها سابقاً تسهّل كلام النبوءة أو كلام المعرفة. ممّا يعني أنّ الربّ يستعين بنا عندما نكون في مُنتهى الحضور له لأنّنا إذ ذاك نكون كلّياً طوع يديه. أثناء اللقاء المواهبي الثاني في "مونريال" طُلب إلى الأب اميليان تارديف أن يصلي من أجل المرضى. حضر 65 ألف شخص الذبيحة الإلهية التي نُقلت وقائعها عبر الشاشة الصغيرة. وصليتُ كثيراً باللغات يقول الأب اميليان وكانت تحضُرني كلمات معرفة أم نبوءة كثيرة أثناء هذه الصلاة فأنقلها بحرفيتها. وإحدى هذه الكلمات كانت: "هناك أمّ في الرابعة والسبعين من عمرها جالسة أمام الشاشة الصغيرة في منزلها. والربّ في هذه اللحظات يشفيها من العمى". في نهاية القداس تقدم مني كاهن يثق بي وقال "هل جُننت؟ كيف تسمح لنفسك بأن تعلن أمام 65 ألف شخصاً أن امرأة عمياء تنظر إلى شاشة التلفزيون؟". كان اعتراضه منطقياً إلى حدّ أنّني لم أستطع الإجابة. في صباح الغد توجهتُ لزيارة عائلتي التي تسكن على بعد 200 كيلومتر من "مونريال" ما إن وصلت حتى قال لي أحدهم: "أبتِ، إنّ المرأة التي شُفيت عيناها من العمى أمام الشاشة الصغيرة تسكن على مقربة من هنا" فاجتاحني فرح حملني على زيارتها. كانت تدعى "السيدة جوزف إدمون بولان". وهي فعلاً في الرابعة والسبعين من العمر، وقد أصيت بشبكة عينيها، وعالجها أخصائيون أكّدوا لها أنّ مرضها يتفاقم تدريجياً ولا أمل بشفائه، وأنّ صديقتها اقترحت عليها الجلوس أمام الشاشة الصغيرة أثناء قداس الشفاء الذي يُقام في مؤتمر "مونريال". وكان لهذه الصديقة ما أرادت، وعندما سمعت كلام النبوءة شعرت بحرارة شديدة في عينيها. سألْتُها يقول الأب اميليان إن باتَ بإمكانها القراءة، فأجابت لا! فأردف: "الربّ لا يرضى بأنصاف الحلول. سنصلي معاً لتتمكني من قراءة كلمته في الإنجيل". وبعد ثلاثة أيام اتصلت السيدة بالأب اميليان هاتفياً لتبشرّه بأنّها أصبحت قادرة على قراءة الكتاب المقدّس. إنّ الروح القدّس يَهب الناس الكلمات التي تساعدهم وتجعلهم ينمون في الربّ: "إنّما كلّ واحد يوهَب موهبة يتجلّى الروح فيها لأجل المنفعة. فواحد يوهب، عن طريق الروح كلامُ الحكمة، وآخر كلام المعرفة وفقاً للروح نفسه" (1قو12/7-8). وهناك فئة أخرى من الهدايا بوسع الروح القدّس أن يعطينا إيّاها وهي "مواهب الشفاء". وتشمل هذه المواهب، موهبة الرأفة لجميع الذين يتألمون، وموهبة الإصغاء إلى حاجات الآخرين، وموهبة صلاة الشفاء كي يشفى جميع المرضى في قلوبهم وروحهم وأجسادهم. (1قو12/9-10). موهبة العجائب والشفاءات يقول الأب اميليان إنّ كلّ الشفاءات التي يصنعها الربّ لا تعتبر أعاجيب. إنّ الشفاءات التي نلتمسها بالصلاة لا تُعتبر "أعجوبة" إلاّ إذا حقّق الربّ شفاء لا يقوى عليه أي علم طبي. وتُعتبر شفاء الحالات التي يُعّجل فيها الربّ مسار الشفاء الذي كان بالإمكان أن يحصل عن طريق عمليّة جراحيّة أو معالحة طبية. لذلك كلّ شفاء يحصل عن طريق الصلاة لا ندعوه "عجائبياً". يُخطئ تماماً مَنْ يعتقد بأنّ الشفاءات، في تدبير يسوع الخلاصي، هي شيء هامشي. ويخطئ أيضاً من يعتقد بأنّنا لم نعد اليوم بحاجة إلى شفاءات وبأنّ الأساس فقط هو إعلان بشارة الإنجيل، فكلاهما ينسيان طرق يسوع في الرعاية. نحن اليوم نخّطط ونبحث عن ألف طريقة لاجتذاب الناس إلى الكنيسة. نُنظّم الأعياد والحفلات الموسيقية الخ? رغم ذلك يقلّ عددهم شيئاً فشيئاً. أمّا يسوع، فكان يشفي المرضى وكان الناس يأتون إليه جماعات بأعداد كبيرة، حتّى أنّهم كانوا يضطرون إلى ثقب سطح البيت ليُنزلوا المّخلع منه، لأنّهم لم يتمكنوا من المرور بين الناس لشدة ازدحامهم. وهذا ما يحصل اليوم تماماً. فعندما يشفي يسوع المرضى تتدفق الجماهير بأعداد لا تحصى، عندئذ نُعلن لهم ملكوت الله فيُثمر ما هو أهم بكثير من الشفاءات الجسديّة البسيطة. إنّ آيات قدرة الله ليست مجرَّد مشهد للتسلية بل تساعد بالفعل على تجديد الحياة بالإيمان. وتكفي الإشارة إلى مثل واحد ن آلاف الشفاءات التي حصلت في "تاهيتي". يقول الأب امليان تارديف: أثناء القداس من أجل المرضى، وعند رفع جسد الربّ أي القربان المقدّس، أخذ أعمى بالبكاء، وبينما هو يمسح دموعه بدأ يبصر. لقد التقى يسوع، نور العالم، فأستعاد له نور عينيه. فتأثر بذلك كثيراً "كابيلو" مُغنّي المحيط الهادي الشهير، الحاصل على الجائزة الثانية في مهرجان "أوروفيزيون" وسجّل اسمه للاشتراك في الرياضة الروحية اللاحقة، وأثناءها عاد إلى الربّ نادماً واعترف وتناول ثمَّ أعطى شهادته في أثناء القداس الختامي قائلاً: "حصلت هنا شفاءات عديدة وأكبرها كان شفائي، لأنّ الربّ شفاني روحياً. فمنذ 16 سنة خلت، وأنا بعيد عن الحياة المسيحيّة وعن أسرارها المقدّسة، غير أنّ يسوع دنا مني في هذه الرياضة الروحية. وأنا بعد الآن لن أعيش ولن أغنيّ إلاّ ليسوع". لقد ردّد "كابيلو" شهادته عبر شاشة التلفزيون، وبعدها في الملعب أمام 20000 شخص. واليوم يُبَشّر الشباب عن طريق أغاني مواهبية. أعتقد بأنّ الجدال حول حدوث الشفاءات وعدم حدوثها هو عقيم، لأنّ نصوص الكتاب المقدّس وسيرة القديسين حافلة بآيات الشفاء. إنّ السؤال الجوهري هو: هل أنا أؤمن بأنّ الله قادر على شفائي؟ وهل عندي ثقة بقدرة يسوع على شفاء الآخرين من خلالي؟ دعا كاهن الرعيّة في "جانيكو" الأب اميليان تارديف لإحياء رياضة روحية ونبهّه إلى أنّ الناس هناك قُساة القلوب ولا يتشوقون للذهاب إلى الكنيسة. يقول الأب اميليان: "مساء يوم وصولنا، كان الحضور قليلاً. وكان هناك رجل منطرحاً على الأرض، أشبه بلعبة خِرَق، لا يتمكن من الوقوف، ومشلول اليدين لا يقوى على الأكل يُثير الشفقة لدى مَرْآه. تساءلت لماذا أُحضر هذا الرجل إلى هنا. وبينما كنت أحدّق في منظره المحزن، قلت: "سنصلي من أجله حتى تتمكنوا من اصطحابه معكم". عندما بدأنا الصلاة أخذ يعرق ويرتجف حينئذ أمرته: "قمّ، شفاك الربّ". ثمّ أخذت بيده وأمرته بأن يمشي. فمشى حتى بيت القربان. وهنا كشف لنا أنّه لم يكن يقوى على الوقوف منذ 19 سنة ولا على القيام بخطوة واحدة. وبعد ظهر ذلك اليوم أخبرنا بأنّ الربّ شفى أيضاً يديه وبدأ بتحريكهما. امتلأت الكنيسة في صباح اليوم التالي بفضل شفاء المخلع، حتى أنّ الناس لم يتمكنوا جميعهم من الدخول فظلوا خارجاً عند المدخل. يوم نتقبل قدرة الشهادة للربّ تتبدّل موعظتنا. يتابع الأب اميليان قوله: في الماضي، كنت أصرف وقتاً طويلاً لإعداد مواعظي، فأطالع المؤلفين التقليديين وأقرأ اللاهوتيين المُحدِثين. وكانت أبحاثي مختارة وعميقة، بحيث كنت اجتهد في أن لا أفوّت شيئاً مما سأقوله. ولهذا كنت أكتب كلّ شيء على ورقة وأقرأه حتى أتمكن من نقل الكنز على أكمل وجه. غير أنّ الله بدّلني من هذه الناحية أيضاً. ففي يوم أحد، بينما كنت أتأمل في أوراقي قال لي الربّ: إذا كنت أنت الذي قمت بكلّ هذه الدراسات غير قادر على استيعابها في ذاكرتك لتردّدها على مسامع الآخرين، فكيف يُمكن لهؤلاء الناس البسطاء أن يحفظوا ذلك في قلوبهم وأن الروح القدّس منذ ذلك الحين، غيّرت طريقة وعظتي فاليوم، لا أقوم بشيء غير الشهادة لقدرة الله فأُخبر بما يصنعه بفيض من حبّه. وليس من الضروري أن نُتقن الكلام عن يسوع، بل أن نفسح له المجال ليعمل هو بكلّ قوّة الروح القدّس. إنّ الإنجيل ليس مجرّد كلام وإنّما هو قدرة وقوّة تأتيان من العُلى وتظهران بيننا لبناء ملكوت الله. إنّ مواهب الروح القدّس تتنوع وتتكامل مع احتياجات كلّ عصر، لكنّ بسبب قلّة إيماننا أو بسبب تفكيرنا المنطقي نظن أنّ مواهب الروح هي من حكايات الماضي، لكن الكنيسة هي عنصرة مستمّرة. إنّ القديس مرقس، أقدم الإنجيليين يكلمنا في 16 فصلاً عن 18 أعجوبة شفاءات قام بها يسوع. فلو حذفنا من إنجيل مرقس هذه الآيات التي تُشير إلى قدرة الله، لما بقي إلاّ بضع صفحات. كثيرون هم الذين أهملوا هذا الواقع العجائبي فلم يبقَ لهم إلاّ إنجيل مبتور وضعيف، حُوِّلَ إلى عقيدة ونظرّيات. يسوع هو هو، البارحة واليوم وإلى الأبد، هو سيّد التاريخ، يعمل كما يحلو له لتحقيق أعاجيبه، بدون أن يسألنا رأينا أو يستأذننا فَمَنْ نحن إذاً لنعترض أو لنضع حداً لفعل إلهنا؟ 5- تنوّع مواهب ووحدتها هناك تصوّرات خاطئة حول جوهر مواهب الروح القدّس وعملها. فيعتقد البعض أنّ الموضوع يتعلق خصوصاً بمواهب خارقة كالانخطاف بالروح، والرؤى، وصنع العجائب والتنبؤ بالغيب والتكلم باللغات، وكلام الحكمة وكلام المعرفة الخ? لكنّ بولس يذكر من بين المواهب أيضاً نشاط الرسل والأنبياء والمعلمين، وغيرها من المواهب الإدارة والمساعدة. (1قو12/28). المهمّ أنّ مواهب الروح العادية والخارقة، تهدف كلّها إلى بناء الجماعة "كلّ واحد يتلقى ما يُظهر الروح لأجل الخير العام" (1قو12/7). ويعتقد البعض الآخر أنّ المواهب الخارقة كانت محدّدة فقط لزمن بداية الكنيسة. ولكنّهم في ذلك ينسون أنّ القديسين في كلّ الأزمنة نالوا مواهب خارقة، كانت بمثابة علاوات وأمثلة للشهادة أمام الآخرين لقدرة الروح القدس وحيوّيته في الكنيسة. وقد تمّ إدراك الكثير من هذا الأمر على نحوٍ جديد من خلال حركة التجدّد المواهبية. وقد رغب بولس الرسول في المحافظة على حيوية مواهب الروح القدّس بقوله: "لا تُطفئوا الروح" (1تس5/19). ويدّل الرسول القورنثيّين، الذين منحهم الروح القدّس مواهب وافرة، على "الطريق المثلى"، التي تفوق كلّ المواهب، وهي المحبّة، التي يمتدحها بكلمات بليغة (1كو13). فالمحبّة هي أسمى ثمار الروح القدّس (غل5/22). 6-المواهب الروحية والخدمة الكهنوتية إنّ المواهب الروحية والخدمة الكهنوتية الناجمة عن الرسامة ليسا أمرين متناقضين، بل يمكنّهما ويجب لهما أن يُكمل أحدُهما الآخر ويرتبط أحدُهما بالآخر. فمن جهة يجب على الخدّام الكنسيّين ألاّ يدّعوا لهم وحدهم الكفاءة المواهبية؛ ومن جهة أخرى يجب على أصحاب المواهب ألاّ يمارسوها ضد الخِدَمْ الثابتة. لقد أدرجت الكنيسة الأولى خِدَم الرسل الأنبياء والمعلّمين في مصفّ المواهب (1قو12/28)، ورأت في "الرسل والأنبياء والمبشّرين والرعاة والمعلمين" مواهب منحها الربّ لكنيسته (أف4/11). وبحسب الرسائل الراعويّة، تُمنح بوضع الأيدي "موهبة روحية من قبل الله" (2طي1/6). ولكن الخدمة المرسومة ليست حقاً الموهبة الوحيدة. ومن ثمَّ فهي بحاجة إلى أن تعمل مع المواهب الأخرى. فإنّ هدف الخدمة الكنسية ليس اطفاء الروح، بل امتحان كلّ شيء والتمسّك بالحسن (1تس5/19-21). وفي الفصول عينها التي يستفيض فيها بولس في الكلام على المواهب، يشدّد على فكرة الوحدة والنظام (1قو12/14). "لأنّ الله ليس إله تشويش، بل إله سلام" (1قو14/33). فالمجموعات التي تشعر بفيض جديد من الروح القدّس، والخدمة الكهنوتية المرسومة المنظمة في الكنيسة تنظيماً ثابتاً، بحاجة بعضهما إلى بعض. فالكنيسة كي لا تتجمّد، بحاجة مُستمّرة إلى قوى التجديد؛ وهذه الأخيرة بحاجة إلى نقد وتصحيح من قبل التقليد الكنسي، الذي يحملُ الإيمان عبر الأزمنة، إلى أن تتّقد الشعلة من جديد. في كليهما بعمل روح الله وروح الله لا يُناقض نفسه. وهذا لا ينفي الصراعات من أجل توضيح الموقف، ويبقى مع ذلك القول الآتي: "اجتهدوا في حفظ وحدة الروح برباط السلام" (اف4/3). أخيراً علينا أن نعلم بأنّ الروح القدّس هو مبدأ وحدة الكنيسة في تنوع مواهبه (1قو12/4-31) وإنّ كمال المواهب وغناها هما من جوهر الكنيسة. فالكنيسة تحيا من كمال الروح، الذي يهبّ حيث يشاء (يو3/8). وبهذا يتبين أن الكنيسة والتجديد الكنسي لا يمكن أن يكونا من صنع البشر. فما هو حاسم في الكنيسة لا يُمكن التصرف به فيجب على الكنيسة إذن أن تُصلي على الدوام لتنال مواهب الروح القدّس التي تُحييها وتنعشها وتُخصبها. كما يجب على المؤمنين أن يسعوا إلى المحبّة ويطمحوا إلى مواهب الروح (1قو14/1) وليكن كلّ شيء من أجل البنيان (1قو14/26). المراجع 1- المسيحيّة في عقائدها، سلسلة الفكر المسيحي بين الأمس واليوم. نقله من الألمانية المطران كيرلس سليم بسترس. 2- يسوع حيّ، منشورات الحمل للأب اميليان تارديف وخوسيه برادو فلورس. 3- دورات للحياة في الروح نقلها من الفرنسية الأب جورج شهباز. 4- التفسير التطبيقي للكتاب المقدّس، شركة ماستر ميديا، القاهرة ? مصر. مواهب الروح القدس للأب جورج شهباز |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في العنصـــرة
عظة للقدّيس يوحنا الذهبي الhttp://www.peregabriel.com/gm/albums..._colombe01.jpgفم http://www.traditioninaction.org/SOD...Jan2006005.jpg 1- أيها الأحبّاء لقد منحنا الله المحبّ البشر اليوم عطايا تتخطّى كلَّ منطق بشريّ. لذلك لنفرح كلّنا معاً ولنرقص بفرح مسبّحين ربّنا. لأن اليوم هو عيدنا واحتفالنا. كما أن عصراً يخلف الآخر ودورة شمس تخلف أخرى هكذا وفي الكنيسة عيدٌ يخلف آخر فتتوالى الاحتفالات الكنسيّة الواحد تلو الآخر. قبل أيّام احتفلنا بالصليب بالآلام وبالقيامة. بعدها بصعود ربّنا يسوع المسيح إلى السماء. اليوم نلتقي بقمّة الصالحات بأمّ الأعياد ونصل إلى تحقيق وعد الربّ. يقول: "لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزّي. ولكن إن ذهبتُ أُرسل لكم معزيّاً آخر ولن أدعكم يتامى" (يو 7:16) مواهب الروح القدس أنظروا إلى مثل هذه المحبّة للبشر. قبل بضعة أيّام صعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب وأعطانا اليوم حضورَ الروح القدس. هو يحرّرنا من العبودية الروحيّة. يدعونا إلى الحريّة. يقودنا إلى البنوّة وبصورة عامة يُعيد ولادتنا من جديد ويُزيل عنّا حملَ الخطايا الثقيل. بنعمة الروح القدس نرى الكهنة الكثيرين كما نرى مصفّ المعلّمين من هذا المعين تخرج الموهبة النبويّة والقوة لشفاء الأمراض. وكلّ ما يتبقّى ويزيّن كنيسة المسيح يخرج من هناك. فيصرخ بولس: "هذه كلّها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكلّ واحد بمفرده كما يشاء" (1كور 11:12) يقول كما يشاء لا كما أُمر. قاسماً لا مقسّماً. له سلطانٌ لا سيادة عليه لأن مثلَ هذه السلطة بالضبط التي لدى الآب ينسبها بولس أيضاً إلى الروح القدس. عن الآب يقول: "لكن الله واحد الذي يعمل الكلَّ في الكلّ" (1كور 6:12) وعن الروح القدس يقول أيضاً: "هذه المواهب كلّها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكلّ واحد بمفرده كما يشاء". قوة الروح القدس أنطر إلى مثل هذه السلطة الكاملة. لأن الذين لديهم جوهرٌ واحدٌ لديهم سلطانٌ واحدٌ. والذين عندهم مرتبة واحدة، عندهم قوّة واحدة وسلطانٌ واحدٌ. بالروح القدس نحصل على التحرّر من الخطايا ونتطهّر من كلّ دنس. بنعمته نحن البشر نصبح ملائكة. كلّ من لابس نعمته، دون أن تتغيّر طبيعته بل يبقى في طبيعته البشرية لكنه مع ذلك يُظهر مسلكاً ملائكياً. هكذا هي قوّة الروح القدس. كما أن النار هذه التي نشاهدها عندما تقترب من اللِّبن الليّن تجعل منه قرميداً قاسياً كذلك يحصل مع الروح القدس عندما يتّخذ نفساً متعقَلة حتى ولو كانت ليّنة مثل اللبن يجلعها شديدة كالحديد. كما أن ذاك الذي كان ملّطخاً بالخطايا يجعله للحال ألمع من الشمس. هذا ما يعلّمنا إيّاه بولس المغبوط عندما يقول: "أم لستم تعلمون أن الظالمين لا يرثون ملكوت الله. لا تضلّوا، لا زناة ولا عبدة أوثان، ولا فاسقون ولا مُفسدون ولا مضاجعوا ذكور ولا سارقون ولا طمّاعون ولا سكّيرون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله" (1كور 9:6-10) بعد أن عدّد أصنافَ الشرّ وأكدّ على أن مرتكبيها لا يرثون ملكوت الله للحال يضيف: "وهكذا كان أناسٌ منكم. لكن اغتسلتم بل تقدّستم بل تبرّرتم باسم الربّ يسوع وبنعمة روح إلهنا" (1كور 11:6) أرأيت أيها الحبيب قوّة الروح القدس؟ أرأيت كيف أنه يَمحو الشرَّ كلّه. أولئك الذين كانوا قبلاً عبيداً لخطاياهم يرفعهم للحال إلى الكرامة العلويّة. أعداء الروح القدس- مساواته للآب 2- من يقدر إذاً أن يرثي للذين يزدرون بمرتبة الروح القدس؟ الذين يعملون كلّ شيء لكي ينزعوا عن الروح الإلهي مرتبته الإلهية ويجعلوه من المخلوقات. وأودّ أن أسألهم لماذا إلى هذا الحدّ تحاربون الروحَ القدس بل خلاصنا. الا تريدون أن تفهموا كلام المخلّص لتلاميذه: "إذهبوا وعلّموا كلّ الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متى 19:28) ألم تروا في ذلك مساواة في الكرامة بين الأقانيم الثلاثة؟ بل انسجاماً تاماً لأن الثالوث القدّوس غير منقسم. ألا تعلمون أن الذي يحاول أن يغيّر شيئاً في أوامر الملك الأرضي يُعاقب بقسوة؟ كيف إذا نستطيع أن نسامح أولئك الذين يحاولون أن يشوّهوا أقوال مخلّص الكلّ، الملك السماوي ولا يريدون أن يسمعوا بولس يصرخ: "ما لم ترَ عين ولم تسمع به اذنٌ ولم يخطر على بال إنسان ما أعدّه الله للذين يحبّونه" (1كور 9:2) كيف نستطيع إذاً يا بولس أن نعرف هذه الأشياء كلّها؟ إن الرسول بعد قليل يُجيب: "فأعلنه الله بروحه لأن الروح يفحص كلّ شيء حتى أعماق الله" (1 كور 10:2) هذا كلّه قاله الرسول لكي يُبيّن قوّة الروح القدس العظيمة ومساواته للآب والابن في الجوهر والقوّة. ثم يريد أن يوضح تعليمه بأمثال من الحياة البشريّة اليومية فيًضيف: "لأن مَن من الناس يعرف أمور الإنسان إلاّ روح الإنسان الذي فيه. هكذا أيضاً أمور الله لا يعرفها أحدٌ إلاّ روح الله" (1كور 11:2) هذا كلّه أمرٌ عظيمٌ هام كافٍ ليبيّن مرتبة الروح القدس. لقد أعطانا الرسول مثلاً وقال لا يستطيع إنسان أن يعرف ما في فكر الآخر هكذا فإن الروح القدس وقال لا يستطيع إنسان أن يعرف ما في فكر الآخر هكذا فإن الروح القدس وحده يستطيع أن يعرف خصائص الله. ومع ذلك كلّه لم يقتنع أولئك الذين يحاربون الروح القدس ويُنزلون من شأنه ليضعوه في مصفّ المخلوقات. لكن لنقبل نحن العقائد الإلهية كإعلان إلهي ونقدّم للربّ التمجيد اللائق مظهرين إيماناً صحيحاً ومتّبعين الحقيقة بدقّة. مواهب الروح القدس لقد ذكرنا ما فيه الكفاية بالنسبة للذّين يعلّمون عكس ما يمليه علينا الروح القدس. أمّا لكم أيها الأحبّاء لا بدّ أن نقول لماذا لم يمنحنا الربّ الخيرات الكثيرة مباشرة بعد صعوده إلى السماء، بل جعل أن تمضي أوّلاً أيّام قليلة بقي فيها التلاميذ وحدهم وبعدها أرسل إلى الأرض نعمة الروح القدس. هذا كلّه لم يحصل بدون قصد وبطريقةعرضيّة. يعرف الربّ أن الناس لا يتمتّعون بالخيرات التي بين أيديهم ولا يقدّرون قيمة الأمور الأساسية الحسنة لو لم يوجد ما يعاكسها. أقصد ما يلي: كلّ من كان صحيحاً في جسده لا يشعر ولا يعرف جيّداً كم هي الخيرات التي تأتي من صحّته إن لم يكتسب خبرة المرض. كما أن الذي ينظر إلى نور النهار لا يعتبر النور كفاية لو لم يليه ظلام الليل لذلك خبرة ما يعاكس تعلّمنا بإيضاح كيف نتمتّع بما حصلنا عليه سابقاً. لذلك بالضبط تمتّعَ التلاميذ بخيرات كثيرة عندما كان الربّ معهم وقد أُعطوا مواهب كثيرة من جرّاء معاشرتهم لله كانوا يرون عجائب كثيرة: الموتى يقومون، البرص يطهرون، الشياطين يُطردون والمرضى يشفون...) فأصبح التلاميذ معروفين جداً لذلك جعلهم يُحرمون ولوقت قصير من القوّة التي كانت فيهم عندما كان معهم حتى عندما يوجدون وحدهم يتعلّمون ماذا منحهم حضور صلاح الرب. وعندما يفهمون الصالحات التي أخذوها في الماضي يتقبّلون بعزم متزايد عطيّة الروح القدس. في الواقع كانوا قلقين لذا عزّاهم. كانوا حزينين بسبب انفصالهم عن معلّمهم فأنارهم بنوره الخاص. كانوا أمواتاً فأقامهم وبدّد غيمة الحزن وأخرجهم من الوضع الصعب. كانوا قد سمعوا كلمات الربّ "اذهبوا وتلمذوا كلّ الأمم" ووُجدوا فيما بعد في وضع صعب ولم يعلموا أين يجب لكلّ واحد أن ينطلق وإلى أيّة ناحية من الأرض لكي يكرز بكلام الله. يأتي الروح القدس بشكل ألسنة ناريّة ويوزّع على كلّ واحد أقطارَ الأرض إذ يعرفوا أن يتجّهوا للكرازة وباللسان الذي أُعطي لهم عرف كلّ واحد إلى أين يتّجه ومن يجب أن يعلّم من الشعوب. لذلك ظهر الروح القدس بشكل ألسنة نارية. هذا لكي يذكّرنا أيضاً بقصّة قديمة: في السنين القديمة تشتّت الناس وأرادوا أن يبنوا برجاً يصل إلى السماء وعن طريق بلبلة الألسن قضى الله على قرارهم الرديء (تك 1:11-9). لذلك، بشكل ألسنة نارية، ينزل الروح القدس لكي يوحّد المسكونة المشتّتة قديماً. ]"إن الألسنَ تبلبلتْ قديماً بسبب جسارة صانعي البرج. أمّا الآن فإن الألسن قد حُكّمت من أجل رأي معرفة الله. هناك قضى الله بالعقوبة على الملحدينَ. وهنا المسيح بالروح أنار الصيادين. في ذلك الحين اصطنع اختلاف الأصوات للانتقام والآن فقد نجدّد اتفاق النغمات لخلاص نفوسنا" اللحن الثامن: الأبوستيخا غروب العنصرة ذكصا كانين الأينوس سحر اثنين الروح القدس[. ثمار الروح القدس- المحبة حصل شيء عجيب: كما أنه في السنين القديمة قسّمت ألسنَ المسكونة وقضيتَ على الوفاق الشنيع. كذلك اليوم جمعت ألسنَ المسكونة وأرشدتَ إلى اتفاق من كان منقسماً. لذلك ظهر الروح القدس بشكل ألسنة ناريّة من أجل شوك الخطيئة الذي نبت فيها. لأنه كما أن الأرض وهي خصبة وغنيّة عندما تُفلح تُخرج أشواكاً كثيرة. هكذا الطبيعة الإنسانية بينما هي حسنة من جهة خالقها وجديرة بكلّ عمل صالح، كونها لم تقبل محراثَ التقوى ولا زرعَ المعرفة الإلهية، أنبتت فينا الإلحاد كأشواك ونباتات أخرى غير مفيدة. وكما أن سطح الأرض في كثير من الأحيان لا يظهر من كثرة الأشواك والعشب البرّي هكذا فإن شرفَ وطهارة نفسنا لم تكونا ظاهرتين إلى أن أتى فلاّح طبيعتنا البشريّة ووضع نارَ الروح القدس فطهّرنا وهيّاها لكي تتقبّل الزرعَ السماوي. 3- إلى هذا الحدّ وأكثر من ذلك كانت الخيرات في مثل هذا اليوم. لذلك أرجوكم لنعيّد وفقاً لأهمية الصالحات التي منحها الله لنا. لا بتزيين المدينة بل بتجميل نفوسنا لا بتزيين الأسواق باليافطات بل بجعل نفسنا تفرح بألبسة الفضيلة حتى نستطيع هكذا أن نتقبّل نعمة الروح القدس ونكسب الأثمار التي يمنحها لنا. ما هو ثمر الروح القدس؟ لنسمع بولس يقول: "ثمر الروح القدس هو المحبّة، الفرح، السلام..." (غلا 22:5) انتبهوا إلى دقّة الكلمات وسلسلة التعليم. وضع أوّلاً المحبّة وبعدها ذكر الفضائل الأخرى. وضع أوّلاً الأساس ثم أضاف بقيّة البناء. بدأ بالنبع ثم وصل إلى الأنهار. في الواقع لا نستطيع أن نشعر أولاً بالفرح إن لم نحسب فرح الآخرين فرحنا، إن لم نحسب خيرات الآخرين خيراتنا. إذاً لا نستطيع أن نصل إلى الثمار الأخرى إن لم تسدْ فينا المحبة. المحبّة هي الجذر، النبع، أمّ الصالحات كلّها. لأنه كجذر تجعل الفروع تنبت وتزهر بلا حدود. وهي كنبع يُخرج مياهاً غزيرة وكأمّ تجمع في أحضانها كلّ الذين يلجأون إليها. هذا ما كان بولس يعرفه تماماً. لذا سمّى المحبّة ثمرَ الروح القدس وفي مكان آخر أعطاها ميزة عظيمة حتى قال: "إن المحبّة هي كمال الناموس" (رو 10:13) فاعتبرها الميزة الأولى لتلاميذه "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم محبّة بعضكم لبعض" (يو 35:13) لذلك أرجوكم لنلتجئ كلّنا إليها. لنعانقْها وهكذا نتقبّل العيدَ الحاضر لأنه حيث تكون المحبّة لا تفعل أهواء النفس. حيث تكون المحبّة تتوقّف شهوات النفس الغريبة. "المحبة، يقول بولس، لا تتفاخر ولا تنتفخ لا تطلب ما لنفسها ولا تقبّح" (1كور 4:13-5) المحبة لا تؤذي الآخرين، حيث المحبّة لا يقتل الواحد أخاه. أَخرج من قلبك مصدر الفساد تُخرج أنهار الرذائل كلّها. اقطع الجذرَ تقطع في الوقت نفسه الثمرَ أيضاً. أقول هذا لأني أحزن على الذين يفسدون ويُبغضون أكثر من المُبغضين لأن المبغضين هم الذين يتأذّون أكثر من غيرهم. لأن البغضَ إن تقبلّناه يصبح فرصة للإكليل والأجر. أنظر أرجوك كيف أن الصدّيق هبيل يُمدح ويُذكر يومياً ومقتله أصبح له مدعاةً للمديح. وهو بعد موته يتكلّم بحريّة ويدين قاتله بصوت عال. لكن قاين أخاه بقي في الحياة أخذ أجره وفقاً لأعماله فبقي يتنهّد ويرتعد. أما هبيل الذي قُتل فقد ظهر بعد موته ذا دالةٍ كبيرة. كما أن خطية قاين جعلته يعيش حياةً شقيّة أشقى من الأموات، كذلك فضيلة هبيل جعلته يعيش بعد موته أبهى من قبل. لذلك ونحن أيضاً لنكتسب دالة في هذه الحياة وفي الأخرى، لكي نتمتع بالفرح الناتج عن العيد لنقضِ على كلّ الألبسة الدنسة التي للنفس لنتعرَّ خاصة من لباس الغيرة والحسد... أنتم إذاً الذين أصبحتم اليوم أبناء الله، الذين لبستم هذا اللباسَ البهجَ حافظوا بكلّ الطرق على الفرح الذي أنتم فيه الآن بعد أن أغلقتم على الشرّير من كلّ جانب لكي تتمتّعوا بفيض بنعمة الروح القدس ولكي تُعطوا أعمالاً حسنةً أضعافاً ولكي تستحقوا أن تواجهوا ملك السماوات عندما ينبغي له أن يأتي ويوزّع الصالحات التي لا توصف لأولئك الذين عاشوا في هذه الحياة حياةً فاضلة بمعونة ربّنا يسوع المسيح الذي يليق له المجد والقوّة الآن وكلّ أوان وإلى دهر الداهرين. آميــن. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أحدالعنصرة فكيفيسمعكلواحدمنالغته التيولدفيها هناك حدث هام جدا تمّ يوم العنصرة وهو " تفاهم البشر". فحين امتلأ التلاميذ يوم الخمسين من الروح القدس " طفقوايتكلمون ... وتحير الجمهورالمجتمعمنكلأمةعلى وجهالأرضوقالوا :كيفنسمع كلمنالغتهالتيولدفيها ؟" أليس كل هؤلاء الرسل المتكلمين جليليين ؟ كيف فهم كل المجتمعين وهم يتكلمون بلغات عديدة مختلفة كلام الرسل يوم العنصرة؟ هناك احتمالات عدة : أولا : ان المجتمعين بفضل الروح القدس فهموا كلهم لغة الرسل الواحدة ( الجليلية العبرية) . ثانيا : ان كل رسول صار يتكلم بنعمة الروح القدسلغات تلك الأمم. ثالثا : كان هناك نوع من الأعجوبة ( ترجمة فورية) بحيث ترجم ما يقوله الرسول بالعبرية إلى اللغات المختلفة . أما النص الكتابي فيقول :" وطفقوا يتكلمون بلغات كما أعطاهم الروح أن ينطقوا !) بداية وللوهلة الأولى يظهر بأن الاحتمال الثاني هو الوارد . أي أن كل رسول صار بفاعلية الروح يتكلم لغات مختلفة . هناك تفسير آبائي يعتمد على القسم الثاني من الآية . أي على " كما أعطاهم الروح أن ينطقوا !" ماذا جرى إذن ؟ وكيف نفهم هذا التفاهم الفوري؟ هل هناك لغة جديدة لا تؤثر عليها " الألسن" البشرية المختلفة والعديدة ، وبهذه اللغة نطق الروح في الرسل ؟ الجواب هو نعم ! عندما حل الروح القدس وامتلأ التلاميذ روحا ، تكلموا بالطبع بلغتهم التي رَوحَنَها الروح وتفاهم الجميع معهم وفهموا عليهم . إنها حالة الترجمة ، روحية مباشرة. يتكلم القديسون لغة واحدة رغم تفاسير الألسنة واللغات . نظرة سريعة على تقليدنا الكنسي توضح لنا كيف تكلم القديسون كلاما واحدا وكل بلغته الخاصة . هذه حالات استثنائية تفترض أن يمتلئ الشخص من الروح القدس . هذا ما تمّ يوم العنصرة ويمكن أن يتم أي يوم في " ملء الروح" . " بابل" وحدث " العلية" . بين " تبلبل الألسنة واللغات " في بابل وبين أن يفهم كل منا بلغته الخاصة ". عندما تزايدت شرور البشر وطردوا الروح وتمسكوا إنما ... بالجسد . يقول الكتاب ، شاء الله أن يختلف الناس بلغاتهم ويتفرقون إلى شعوب وأمم لا تتفاهم الواحدة مع الأخرى . في بابل تمّ التمزيق البشري ، في العنصرة " الاتحاد". عالمنا اليوم مشدود من الطرفين ، بين التمزق وعدم التفاهم وبين الوحدة والتآخي . لماذا تتعدد الألسنة وينقطع التفاهم؟ هناك أناس لهم المفاهيم ذاتها ولكن بسبب لغاتهم المختلفة لا يستطيعون أن يتفاهموا . وهناك أناس لغتهم واحدة ولكن مفاهيمهم متغايرة ، وهؤلاء أيضا لا يتفاهمون . ما تم في العنصرة هو ان الامتلاء من الروح غلب تعدد اللغات، ان الوحدة بالروح حققت التفاهم رغم تغاير اللغات . تتعدد الألسنة ويتوقف التفاهم بالأساس بسبب من تغاير الغايات بين البشر واختلافها . أسباب التمزق البشري وقطع التواصل عديدة وأهمها الايديولوجيات المختلفة والمتنوعة، والتي تظهر فيها السياسة والدين وجذورالحضارات الانسانية. فينعت تيارالآخر " بالضلال" وينصّب تيار ذاته كال" الهادي " . وتتسابق وتتصارع التيارات في اقتناص الأسماء الرنانة فتفرّق وتصنّف وتمزّق. وحين تتضارب المصالح ، بعد تعدد الايديولوجيات ، فإن اللغة الحقيقية المبطنة وراء سور كل اللغات هي لغة المكر والرياء . كيف سيتّحد الناس ولا تجمعهم المحبة؟ هنا نلاحظ فكر الاعلام والدعاية وهي قادرة أن تقيم الباطل وتهدم الحق . ولغة الدعاية لا توحّد يوما بين الناس بل تخضع طرفا لآخر وتقيم الأول على الثاني ، دون أن تكون الحقيقة دائما هي المعيار ، بل السلطة فيها للقوي والقادر. الروح يقود إلى "اتحاد واحد " تقول ترنيمة العيد . نحن اليوم بحاجة إلى عنصرة وليس إلى دعايات وإيديولوجيات . لشهادة الكنيسة الحية التي هي فعل عنصرة دائمة. العنصرة هي كمال التدبير الالهي ، لقد تجسد يسوع ومات وقام ليؤسس كنيسته التي هي مكان ارسال الروح القدس . غاية الكنيسة هي تأهيل النفوس لسكب الروح . الكنيسة برج محبة نبنيه بدل برج بابل. روح المصالحة وأرواح الايديولوجيات لطالما مزقت البشر . أما روح الحق ، الروح القدس ، " يجمع الكل إلى اتحاد واحد ". فيا أيها الملك السماوي المعزي روح الحق ... هلم واسكن فينا . أميـــــــــــــــــــــــــــن . طروباريةعيدالعنصرة "مبارك أنت أيها المسيح إلهنا يا من أظهرت الصيادين غزيري الحكمة، إذ سكبت عليهم الروح القدس. وبهم المسكونة اقتنصت يا محب البشر المجد لك" |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هبات الروح القدس أصلها وإشكاليّاتها الروح القدس هو الأقنوم المنسي. قد يكون في هذا الكلام بعض المبالغة، لكنّنا حين ننظر إلى بهجة احتفالات أعياد الميلاد والشعانين والفصح، أو حتّى إلى بهجة احتفالات أعياد بعض القدّيسين أمثال العذراء مريم ومار الياس ومار جرجس والقدّيسة بربارة، وقارنّاها ببهجة الاحتفال بعيد الروح القدس في يوم العنصرة، لرأينا أنّ الفارق كبير جدّاً. ولو سمعنا صلوات المؤمنين العفويّة، وانتبهنا إلى مَن يوجّهونها، لما وجدنا كثيرين يذكرون الروح القدس. ولو أحصينا عدد الكنائس الّتي تحمل اسم الروح القدس أو هباته، وقارنّاه بعدد الكنائس الّتي تحمل اسم العذراء مريم أو ألقابها، لراودنا السؤال: "لماذا يغيب الروح القدس بهذه الطريقة عن ذاكرة الناس؟" قد يعترض بعضهم ويقول: " لكنّ الروح القدس حاضر في كلّ صلاة. وهو الّذي يحرّكنا من الداخل كي نصلّي (را. روم 8/26). كما أنّنا نذكره مراراً في الصلوات الطقسيّة لجميع الليترجيّات والطقوس." إنّ هذا الكلام صحيح وسنخصّص له حديثاً منفرداً يلقيه سيادة المطران أنطوان أودو. ومع ذلك فإنّ الروح القدس منسيّ، وقلّما يخطر ببال مؤمنٍ أن يوجّه إليه صلاته. ولهذا النسيان أسبابه. فالآب تكلّم في العهد القديم، وتعامل مباشرةً مع شعبه. لذلك يستطيع الإنسان أن يكوّن عنه صورةً في مخيّلته. والابن تجسّد وعاش بيننا، فرأيناه وسمعناه ولمسته يدانا (1يو1/1. لذلك يستطيع الإنسان أن يكوّن عنه صورةً في مخيّلته، حتّى وإن لم يعش معه. أمّا الروح، فلم يقل شيئاً، ولم يجادل أحداً. إنّه كالريح، لا ندري من أين يأتي ولا إلى أين يذهب (يو 3/8). وبما أنّ الإنسان يحتاج في عبادته إلى ما هو ملموس، أُهمِلَ الروح بدون قصد، فتوجّه في صلاته إلى ما له صورة في مخيّلته، أي إلى الأقنومَين الآخرَين: الآب والابن، اللذَين كشفا عن ذاتيهما بالقول والفعل، فتمكّن الإنسان من تخيّلهما انطلاقاً من تجلّياتهما. إنّ اسم الروح يشير إلى أنّه غير ملموس، وإلى أنّ الحواس الخمس لا تستطيع أن تدركه. وللتغلّب على هذه المشكلة، استعمل الكتاب المقدّس صوراً كثيرة لإظهار عمله. فهو يريح وينعش (الريح)، ويحيي وينقّي (الماء)، وينير ويهدي (النار)، ويقوّي ويشفي (الزيت)، ويطمئن ويزرع السلام (الحمام). غائب عن الحواس وحاضر في الخلاص كان الروح حاضراً منذ بداية الخليقة "يرفّ على وجه المياه" (تك 1/2). وكان حاضراً في النَفَسِ الّذي جعل آدم إنساناً حيّاً (تك 2/7)، وفي الريح الّتي شقّت مياه بحر القلزم (خر 14/21)، وفي النار الّتي التهمت ذبيحة إيليّا (1مل 18/38). وكثيراً ما ذكره الأنبياء والمزامير. وفي حياة يسوع، حلّ على مريم العذراء لتلد مخلّص العالم (لو 1/35)، وظهر في هيئة حمامة عندما تعمّد يسوع على يد يوحنّا المعمدان (متى 3/6)، وقاد يسوع إلى البرّيّة (متى 4/1)، وجعله يرتعش في أثناء حياته التبشيريّة، لأنّ الآب أظهر للصغار ما أخفاه عن الحكماء والفهماء (لو 10/21). وقبل الآلام، وعد يسوعُ تلاميذَه بأن يرسل لهم الروح القدس، وشرح لهم ما سيفعله هذا الروح فيهم (يو 16/7-14)، وأتمَّ وعدَه بعد القيامة (يو 20/22-23). فالروح القدس حاضر في التاريخ منذ بداية الكون، على الرغم من غيابه الملموس. وسيظلّ حاضراً حتّى نهاية الأزمنة. إنّه الروح الّذي يجدّد الخليقة، ويجعل حياة الإنسان سالمة وسليمة ومستسلمة لله. إنّه الله المقيم فينا. ففي العهد القديم، أظهر الله أنّه مع شعبه، فكان "الله معنا". وفي التجسّد، عاش الكلمة مع الناس، فكان "الله بيننا". وفي العنصرة، حلّ الروح القدس على التلاميذ، فكان "الله فينا". وهو لايزال يعمل في كلّ مؤمنٍ، ليقود الخليقة إلى خالقها. أمّا طريقة عمله، فتتمّ بمنح النفس هباتٍ ورد ذكرها في نبوءة أشعيا1. من ستّ هبات إلى سبع يقول أشعيا النبيّ في وصفه للمشيح: "ويخرج فرع من جذع يسّى، وينمو فرع من أصوله، ويحلّ عليه روح الربّ، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوّة، روح المعرفة والورع (والتقوى ومخافة الرب)" (11/1-2). في النصّ العبريّ، لا يذكر النبيّ أشعيا سوى ستّ صفات للروح الّذي يحلّ على مسيح الرب. الأولى هي الحكمة، والخمس التالية: الفهم والمشورة والقوّة والمعرفة والورع، هي تفصيل لروح الحكمة المعطاة. أمّا سبب الانتقال من ستّ صفات للروح إلى سبع صفات فقد وردنا في القصّة التالية: في القرن الثالث قبل الميلاد، دعا الإمبراطور بطليمُس الثاني الفيلادلفي (285-246) اثنين وسبعين عالم شريعة يهوديّ كانوا يعيشون في مدينة الإسكندريّة، وطلب منهم أن يترجموا الكتاب المقدّس من العبريّة إلى اليونانيّة، لإغناء مكتبة الإسكندريّة الشهيرة. فرحّب معلّمو الشريعة بهذا الطلب، لأنّ غالبيّة يهود الشتات، المنتشرين في حوض البحر الأبيض المتوسّط، كانت تجهل قراءة اللغة العبريّة وفهمها. فقد ولِدَ هؤلاء وتربّوا في أجواء الثقافة اليونانيّة، وأطلِقَ عليهم اسم اليهود الهلّينيّين (را. رسل 6/1). وبوساطة هذه الترجمة، سيتمكّنون من قراءة الكتاب المقدّس، ومن التعمّق في شريعة الرب وتأمّلها وحفظها. وباشر علماء الشريعة بالترجمة، الّتي سُمّيَت فيما بعد باسم الترجمة السبعينيّة، نسبةً إلى عدد المترجمين. وتقول الأسطورة، الّتي رواها أرسطوبولس اليهوديّ المصري، إنّ المترجمين عمِلوا منفردين، فجاءت ترجماتهم متطابقة. لكنّ الحقيقة هي أنّ عمليّة الترجمة استغرقت أكثر من مئة سنة. وهناك كتب من العهد القديم تُرجِمَت بعد ذلك بكثير، ومن بينها سفر أشعيا. على كلّ حال، حين وصل المترجمون إلى المقطع الّذي ذكرناه أعلاه من نبوءة أشعيا (11/2)، احتاروا في ترجمة كلمة "ورع" العبريّة، إذ ليس لها ما يكافؤها في اللغة اليونانيّة. فحلّلوا معنى الكلمة، ورأوا أنّها تشير إلى الهيبة والخوف في آنٍ واحد، فترجموها بكلمتين: التقوى ومخافة الرب. الورع هو مخافة وتقوى المخافة : لقد اعتمد المترجمون في اختيارهم لهذه الكلمة على التقليد الكتابي. فمنذ أيّام موسى، يعتبر العبرانيّون أنّ مَن يرى الله يهلك. لأنّ موسى سأل الله أن يريه وجهه، فأجابه الرب: "أمّا وجهي، فلا تستطيع أن تراه، لأنّه لا يراني الإنسان ويحيا " (خر 33/20). وحين رأى أشعيا الله صاح مذعوراً: "ويل لي، قد هلكتُ، لأنّي رجل نجس الشفتين ... وقد رأت عينايَ الملك ربّ القوّات" (أش 6/5، را. قض 13/22-23). فبما أنّ الورع يرتبط بالعلاقة مع الله، لابدّ لهذه العلاقة أن تولّد شعوراً بالخوف. وحين نقل آباؤنا العرب نصوص الكتاب المقدّس إلى اللغة العربيّة، لاحظوا أنّ لكلمة خوف معنىً سلبيّاً. فالإنسان يخاف حين يواجه شرّاً. لذلك صحّفوها وجعلوها " مخافة "، كي لا تعبّر الكلمة عن الشعور الّذي ينتاب الإنسان أمام الشرّ والخطر. لأنّ الحضور أمام الربّ مصدر للسلام والأمان. ولكنّه يُشعِرُ الإنسان في الآن نفسه بالهيبة والرهبة. التقوى : وتشير كلمة ورَع أيضاً إلى طريقة في العبادة. فشعور الرعدة الّذي يشعر به المؤمن أمام عظمة الله ليس رعدة عبدٍ أمام سيّده، بل رعدة ابنٍ أمام أبيه. وهو نابع من الاحترام الشديد الّذي يكنّه الابن لأبيه لا من الخوف الشديد الّذي يكنّه العبد لسيّده. وهذا الاحترام هو الهيبة، الّتي عبّر المترجمون عنها باستعمال كلمة تقوى، ليكون لهذه الكلمة طابعاً دينيّاً. فمَن نهابه ونخشع أمامه هو الله لا إنسان. عندما ظهرت الترجمة السبعينيّة، لم يحتجّ أحد على تحويل صفات الروح من ستّ صفات إلى سبع، بل رأى كثيرون في هذا التحوّل إلهاماً ربّانيّاً. فالرقم سبعة يعني الكمال. وبالتالي، فإنّ مسيح الربّ ينال كمال الروح. وقد أكّد على ذلك يوحنّا الإنجيليّ حين ذكر في رؤياه المصابيح السبعة الّتي هي أرواح الله السبعة (رؤ 4/5). من روح المعموديّة إلى روح التثبيت متى ينال المسيحيّ هبات الروح القدس؟ وهل ينالها غير المسيحيّ؟ لا شكّ أنّ روح الله يعمل في كلّ إنسان، سواء كان مسيحيّاً أو غير مسيحيّ، إذا كان هذا الإنسان يسعى إلى الخير، ويقاوم الشر2، ويتوق إلى الصلاح . إنّه يعمل فيه ويؤازره ويلهمه ويرشده، حتّى وإن لم يعِ هذا الإنسان وجود الروح أو عمله فيه. ففي كتاب أعمال الرسل، حين وصل بولس الرسول إلى أفسس، التقى تلاميذ أتقياء، يعيشون حياة برٍّ وقداسة. فسألهم: "هل نلتم الروح القدس حين آمنتم؟" فقالوا له: لا! بل لم نسمع أنّ هناك روح قدس. فقال: فأيّة معموديّة اعتمدتم؟ قالوا: معموديّة يوحنّا. فقال بولس: إنّ يوحنّا عمّد معموديّة توبة ... فلمّا سمعوا ذلك اعتمدوا باسم الربّ يسوع. ووضع بولس يديه عليهم، فنـزل الروح القدس عليهم، وأخذوا يتكلّمون بلغاتٍ غير لغتهم ويتنبّأون" (رسل 19/2-6). تبيّن هذه القصّة أمرين هامّين: 1- إنّ الروح القدس يعمل في غير المسيحيّين. لكنّه يعمل في المسيحيّين بطريقة خاصّة ومميّزة من خلال الأسرار. 2- قام بولس الرسول بعملين: المعموديّة ووضع الأيدي. وهبة الروح حلّت عند وضع الأيدي. يقول كتاب أعمال الرسل إنّ الكنيسة بدأت تعمِّد منذ يوم العنصرة. "فانضمّ في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس" (رسل 2/41). وقد قامت بذلك عملاً بوصيّة المخلِّص قبل صعوده إلى السماء: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا كلّ ما أوصيتكم به" (متى 28/19-20). فالمؤمن ينال الروح القدس في المعموديّة. يقول كتاب التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة: " إنّ الثالوث القدّوس يهب المعتمد النعمة المقدّسة ... وهي: - تمكّن المعتمِد من أن يتوجّه إلى الله بالإيمان والرجاء والمحبّة، وذلك عن طريق الفضائل الإلهيّة. - وتقوّيه ليحيا ويعمل بحفزٍ من الروح القدس، عن طريق مواهب الروح القدس. - وتتيح له أن ينمو في الخير بواسطة الفضائل الأدبيّة" (تعليم 1266). انطلاقاً من هذا التعريف، لابدّ لنا من طرح السؤال: إذا كان المؤمن ينال جميع هذه الهبات من الروح القدس في المعموديّة، ما هو دور سرّ التثبيت (الميرون) إذاً؟ تاريخ الالتباس ونتائجه الظاهريّة في القرون الأولى، كان سرّ التثبيت يُمنَح عادةً مع المعموديّة في احتفالٍ واحدٍ، أسوةً بما فعل القدّيس بولس مع الجماعة الّتي نالت معموديّة يوحنّا (رسل 19/2-6)، فيكوِّنُ السرّان "سرّاً مزدوجاً "، كما يقول القدّيس قبريانُس. وكان الأسقف هو الّذي يمنح هذا السرّ المزدوَج. ومع ازدياد عدد المسيحيّين، وكثرة معموديّة الأطفال في كلّ وقتٍ ومكان، لم يعد الأسقف يستطيع أن يقوم بهذه المهمّة وحده. ففصلت كنيسة الغرب المعموديّة عن التثبيت، وأوكلت مهمّة المعموديّة للكهنة، وخصّت الأسقف بمنح سرّ التثبيت في وقتٍ معيَّن، وباحتفالٍ مهيب يضمّ عدداً كبيراً من المعمّدين. بينما حافظت الكنيسة الشرقيّة على السرّين معاً، ومنحت الكاهن حقّ منحهما. إنّ وجود السرّين معاً منذ بداية المسيحيّة جعل المعموديّة تهمّش بعض السمات المميّزة لسرّ التثبيت. فأصبح يبدو وكأنّه إضافةً يستطيع المسيحيّ أن يستغني عنها أو يغتني بها. ففي كتاب التعليم المسيحي، ورد في شأن مفاعيل سرّ التثبيت: يعمل سرّ التثبيت على إنماء نعمة المعموديّة وترسيخها: - يرسّخنا ترسيخاً أعمق في البنوّة الإلهيّة ... - يزيدنا ثباتاً في اتّحادنا بالمسيح. - يجعل ارتباطنا بالمسيح أكمل" (تعليم 1303). يُلاحَظ في هذا النصّ استعمال صيغة التفضيل: أعمق، أكمل، أكثر ثباتاً، وكأنّ لهذا السرّ دوراً ثانويّاً، تابعاً، إضافيّاً أو مكمّلاً لسرّ المعموديّة. المعموديّة هي الأساس والتثبيت سرّ مظلوم. لكنّ الحقيقة هي غير ذلك. فبالمعموديّة نصبح مسيحيّين، وبالتثبيت نصبح مرسَلين. هذه هي إحدى الفوارق بين السرّين. وهذا الفارق جوهريّ. إنّه الانتقال من حياةٍ تهتمّ بالأنا إلى حياةٍ تهتمّ بالآخر. ومن السعي لخلاص النفس إلى السعي لخلاص الآخر. ومن حالة الطفل المتمحور حول ذاته إلى حياة البالغ المسؤول. فالروح القدس الّذي يحلّ في سرّ المعموديّة ينقّي المعتمِد ويحوّله ويجدّده، من أجل أن يعيش حياةً جديدة مع الله، حياة ابنٍ لا حياة عبد. ولكن، قد يصبح هذا الابن كسولاً متقاعساً، يهتمّ بنفسه ولا يكترث لغيره، كما كان الغنيّ في مثل الغني ولعازر (لو 16/19-31)، أو كالابن الّذي لم ينفّذ أوامر أبيه في مثل الابنين (متى 21/28-32). لذلك فإنّ الروح القدس الّذي يحلّ في سرّ التثبيت، يضع على عاتق مَن يناله مسؤوليّة تجاه غيره. إنّه يعطيه مواهب معيّنة كي يتمكّن بوساطتها من أن يكون عضواً فعّالاً نشطاً في الكنيسة، وأن يكون عضواً منتجاً لا عضواً مستهلكاً. سرّان متكاملان في العمل ومتمايزان في المفعول إنّ المعموديّة والتثبيت هما كالبذرة والشجرة المثمرة. ففي البذرة المزروعة كلّ طاقة الحياة. ولكن، ما فائدة هذه الطاقة إذا نمَت البذرة، وأصبحت شجرة، لكنّها لم تعطِ ثمراً؟ إنّها تعيش لنفسها. تتغذّى وتورق وتنمو، وتلبس حلّةً بهيّة، لكنّها كالتينة المورقة الّتي لم يجد يسوع فيها ثمراً (متى 21/18-19). المعموديّة هي سرّ الدخول في العهد مع المسيح. إنّها الولادة الجديدة. ويُعطى سرّ التثبيت لكي ينبع من هذا العهد عمل من أجل الملكوت، ولكي تأتي هذه الولادة الجديدة بثمر. فهو السرّ الّذي يضمن الإثمار. لذلك عمّد القدّيس بولس تلاميذ يوحنّا ثمّ وضع عليهم يديه. وعند وضع الأيدي، "نزل الروح القدس عليهم، وأخذوا يتكلّمون بلغاتٍ غير لغتهم ويتنبّأون" (رسل 19/6). ونعلم من رسائل القدّيس بولس أنّ غاية النبوءة والتكلّم باللغات هي بنيان الآخر (1قور 14/1-5). فمفاعيل الروح القدس الّذي حلّ على هؤلاء التلاميذ هي مفاعيل سرّ التثبيت، لأنّ سمات العنصرة فيها واضحة بيّنة. خلاصة القول: إنّ الروح القدس يحلّ في جميع الأسرار. لكنّ مفاعيله تختلف من سرّ إلى آخر. فهو كالمحرّك الكهربائيّ: يجعل آلةً تمشي وأخرى تدور وثالثة ترفع الأحمال ورابعة تضخّ المياه ... وهذا ما نسمّيه المفاعيل، أي الأثر الناتج من حلول الروح القدس في سرٍّ ما. فما يرجوه المؤمن من الروح القدس حين يُمسَحُ بزيت الميرون هو أن ينال هبات الروح السبع. الحواشي 1 - نفضّل استعمال كلمة "هبة " بدل كلمة " موهبة "، لتمييز الهبات السبع الّتي ذكرها النبي أشعيا عن المواهب الّتي ذكرها القدّيس بولس في رسالته الأولى إلى أهل قورنثس (1قور 12)، الّتي سنأتي على ذكرها في أحاديث هذا الفصل مع سيادة المطران يوحنّا جنبرت. 2- إنّ الإيمان بعمل الروح القدس في غير المسيحيّين هو إيمانٌ كاثوليكيّ يعتمد على الكتاب المقدّس (را. 1طيم 2/4). وقد أكّد المجمع الفاتيكاني الثاني ووثائق الكنيسة، خصوصاً وثيقة "الربّ يسوع"، هذه الحقيقة الإيمانيّة. بينما تتحفّظ باقي الكنائس في هذا الموضوع، ومنها مَن يرفض قبول عمل الروح في غير المعمّدين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العنصرة النص:حلول الروح القدس http://www.peregabriel.com/gm/albums...online%7E0.jpg http://photos-b.ak.fbcdn.net/photos-...322593_612.jpg 1 وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعاً بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ، 2 وَصَارَ بَغْتَةً مِنَ السَّمَاءِ صَوْتٌ كَمَا مِنْ هُبُوبِ رِيحٍ عَاصِفَةٍ وَمَلأَ كُلَّ الْبَيْتِ حَيْثُ كَانُوا جَالِسِينَ، 3 وَظَهَرَتْ لَهُمْ أَلْسِنَةٌ مُنْقَسِمَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نَارٍ وَاسْتَقَرَّتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. 4 وَامْتَلأَ الْجَمِيعُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، وَابْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ أُخْرَى كَمَا أَعْطَاهُمُ الرُّوحُ أَنْ يَنْطِقُوا. 5 وَكَانَ يَهُودٌ رِجَالٌ أَتْقِيَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ سَاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ. 6 فَلَمَّا صَارَ هذَا الصَّوْتُ، اجْتَمَعَ الْجُمْهُورُ وَتَحَيَّرُوا، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ كَانَ يَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَتِهِ. 7 فَبُهِتَ الْجَمِيعُ وَتَعَجَّبُوا قَائِلِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:«أَتُرَى لَيْسَ جَمِيعُ هؤُلاَءِ الْمُتَكَلِّمِينَ جَلِيلِيِّينَ؟ 8 فَكَيْفَ نَسْمَعُ نَحْنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا لُغَتَهُ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا؟ 9 فَرْتِيُّونَ وَمَادِيُّونَ وَعِيلاَمِيُّونَ، وَالسَّاكِنُونَ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ، وَالْيَهُودِيَّةَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ وَبُنْتُسَ وَأَسِيَّا 10 وَفَرِيجِيَّةَ وَبَمْفِيلِيَّةَ وَمِصْرَ، وَنَوَاحِيَ لِيبِيَّةَ الَّتِي نَحْوَ الْقَيْرَوَانِ، وَالرُّومَانِيُّونَ الْمُسْتَوْطِنُونَ يَهُودٌ وَدُخَلاَءُ، 11 كِرِيتِيُّونَ وَعَرَبٌ، نَسْمَعُهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا بِعَظَائِمِ اللهِ!». الشرح: تبدأ الرسالة التي نتلوها في عيد العنصرة (أعمال الرسل 2: 1- 11) بذكر المناسبة التي تجمع التلاميذ بعد صعود الربّ إلى السماء، نقرأ: "لمّا حلّ يوم الخمسين، كانوا مجتمعين كلّهم في مكان واحد" (الآية 1). في يوم "الخمسين". والمقصود بعد الفصح الذي هو اليوم "الأوّل"، كان اليهود يحتفلون بعيد زراعيّ، هو عيد حصاد القمح، حيث كانوا يقدّمون باكورة غلاّتهم إلى الله المحسن إلى الأرض وسيّد التاريخ (خروج 23: 16؛ عدد 28: 26؛ تثنية 16: 9- 16). الاسم التقليديّ لهذا العيد هو "عيد الأسابيع" (لاويين 23: 15)، أي العيد الذي يُحتفل به بعد سبعة أسابيع على يوم الفصح. بعد الجلاء وتدمير الهيكل (القرن الخامس) اتّخذ العيد طابعاً تاريخيّاً، فلم يعد احتفالاً بحدث زراعيّ يحصل مرّة في كلّ سنة، ولكنّه صار احتفالاً بحدث فريد، هو تذكار إعطاء الشريعة على جبل سيناء (خروج 19: 1). في القرن الثالث ق. م.، أصبح معنى العيد عيد تجديد العهد. وهذا العيد كان يجمع، في أورشليم، جماهير من اليهود. يقول لوقا: "كانوا مجتمعين كلّهم في مكان واحد"، هكذا كان الشعب، في جبل سيناء، ينتظر الشريعة (خروج 20: 2). يقول "كلّهم"، وهذه اللفظة حيّرت المفسّرين، فبعضهم رأى أنّ المقصود هم الإخوة المائة والعشرون الذين ورد ذكرهم في أعمال 1: 15، وبعضهم الآخر قال إنّهم جماعة الرسل وبعض النسوة ومريم أمّ يسوع وإخوته الذين ذكروا في أعمال 1: 13و14. غير أنّ هذا التحيّر لا يمنع الإشارة إلى ما هو أعمق من العدد، وهو أنّ عبارة "كانوا مجتمعين كلّهم في مكان واحد" تدلّ على اتّفاق الجماعة الأولى، فلقد كانوا كلّهم معاً لا في المكان وحسب، ولكن باتّحاد قلوبهم. ويتابع، في الآية الثانية، فيصف الحدث بقوله: "وحدث بغتة صوت من السماء كصوت ريح شديدة تعسف، وملأ كلّ البيت الذي كانوا جالسين فيه". لفظة "السماء" ترتبط بالإيمان اليهوديّ، وذلك أنّ العبرانيّين كانوا ينتظرون الروح، الذي ترك إسرائيل منذ الأنبياء الأخيرين، أن يأتي من السماء. أمّا ألفاظ "صوت" (الآية 2 و6)، و"ريح شديدة"، و"نار" فهي صور (رموز عن حضور الله في العهد القديم) تذكّر بحدث سيناء، وهي هنا تدلّ على مجيء الروح الإلهيّ "الذي ملأ كلّ البيت"، ويعني، كما يعتقد، "العلّيّة" التي ورد ذكرها في أعمال 1: 13. ويتابع: "وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنّها من نار فاستقرّت على كلّ واحد منهم" (الآية 3)، "ألسنة منقسمة كأنّها من نار" تدلّ على أنّ الروح يوزّع موهبته على كلّ واحد من المجتمعين، وهذه الموهبة هي ناريّة، (ينبّهنا لوقا أنّ النار لم تكن ناراً حقيقيّة، ولكن "كأنّها من نار")، إشارة إلى أنّ الله سيكلّم العالم، بواسطة رسله، بلغات جديدة وأسلوب جديد. وعن الحدث الذي لا يعبّر عنه يتكلّم لوقا بكلّ بساطة: "فامتلأوا كلّهم من الروح القدس"، ويضيف: "وطفقوا يتكلّمون بلغات أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا" (الآية 4). السؤال الذي يطرح ذاته هو: هل لهذه العبارة الأخيرة علاقة بما قاله بولس في الرسالة الأولى إلى كنيسة كورنثوس عن "موهبة الألسنة" (14- 16)؟ ما يمكننا أن نلاحظه هنا هو أنّ هذه العطيّة عطيّة خاصّة (بعض المفسّرين قالوا إنّها من النوع النبويّ)، ولا تحتاج إلى عطيّة أخرى تفسّرها. وذلك أنّ الحاضرين سوف يكلّمهم الرسل مباشرة وسيفهمونهم من دون ترجمة (وهذه إحدى أهمّ وجوه الحدث)، أمّا الموهبة التي تكلّم عليها بولس فتحتاج إلى موهبة أخرى (ترجمة الألسنة) من أجل الفهم. ولعلّ أهمّ ما يعنيه هذا الحدث هو أنّه يعيد وحدة البشريّة التي تفكّكت في بابل (تكوين 11: 1-9). وهذا ما نرتّله في قنداق عيد العنصرة: "عندما انحدر العليّ مبلبلاً الألسنة كان للأمم مقسِّماً، ولمّا وزّع الألسنة الناريّة دعا الكلّ إلى اتّحاد واحد...". في الآيات المتبقّية (5- 11)، يصوّر لوقا أوّلاً ردّات فعل الحاضرين (فتحيّروا، فدهشوا جميعهم وتعجّبوا)، وهذا التحيّر والدهشة والتعجّب علامات على أنّ الله هو هنا في وسط القوم الذين أحسّوا أنّهم أمام معجزة. ما من شكّ في أنّ الحيرة باب يدخلنا عالم الإيمان، لا يعني هذا أنّ المعجزة تنتج إيماناً، ولكنّها بالطبع تهيّئه. ويورد، تالياً، أنّ هؤلاء الحاضرين كانوا يقيمون "في أورشليم"، وهذا يعني أنّهم ولدوا في أمكنة أخرى وجاءوا وأقاموا في المدينة المقدّسة. وهم "يهود أتقياء من كلّ أمّة تحت السماء"، "يهود أتقياء" عبارة عزيزة على قلب لوقا، وهي تدلّ على مخافة الله وتنفيذ فرائضه وأحكامه تنفيذاً دقيقاً. ثمّ يعدّد البلاد التي جاءوا منها: "من الفرتيّين (وهم يعيشون في أقصى الشرق الأوسط) والمادّيّين والعيلاميّين (الذين يقيمون شمالي الخليج الفارسيّ) وسكّان ما بين النهرين واليهوديّة وكبادوكية (في آسية الصغرى) وبنطس (في شمال آسية) وآسية وفريجية (غربي آسية) وبمفيلية (على الساحل الجنوبيّ) ومصر ونواحي ليبية عند القيروان والرومانيّين واليهود والدخلاء والكريتيّين والعرب..."، وهمّه أن يؤكّد أنّ الكون كلّه هنا ليشهد مجيء الروح ويسمع كلمة الله وتعظيمه. غير أنّ الحاضرين، كما تذكر الآية 11، ليسوا جميعهم يهوداً بالولادة، وذلك أنّ بعضهم "دخلاء"، أي وثنيّين تقبّلوا الختان وانضمّوا إلى شعب الله. وهذه دلالة على أنّ الله لا يميزّ بعطاياه بين يهوديّ ووثنيّ، فهو يأتي من أجل الجميع، ويمنح عطاياه للكلّ من دون تمييز. بهذه الكلمات البسيطة يكتب لوقا عن حلول الروح الإلهيّ. فالروح المعزّي، كما وعد ربّنا تلاميذه، بات معنا، وهو يقود الكنيسة التي هي "مقرّ الله" كما يعبّر المغبوط أغسطينوس، ويكلّم العالم منها. ونحن بتعييدنا العنصرة لا نعيّد لأحداث من الماضي، ولكن لحدث فريد غيّر وجه التاريخ، وهو حلول الروح علينا دائماً. فالروح كان قديماً يحلّ حيناً ويحجب نفسه أحياناً، أمّا بعد العنصرة فبات الروح يقيم فينا إلى الأبد ليقودنا إلى الابن الذي اشترانا لأبيه بدمه. خواطر في الرسالة :
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الروح القدس أيسر على الناس أن تكلّمهم عن الآب السماوي أو عن الربّ يسوع المسيح. وجه الروح القدس يكاد يكون محجوباً بين الناس. الروح كما بدا، قبل الربّ يسوع، كان أدنى إلى قوّة الله. هذا كان دائماً يفعل منذ البدء. به كان كل عمل الله، كل النبوءات، كل الشريعة. لكنْ كشف يسوع، في شأن الروح القدس، ما هو جديد بالكلية، أن له كياناً خاصاً به، أنّه ليس مجرد قوّة الله بل هو شخص قائم بذاته. كلام يسوع عليه بيّن ميزته الشخصية بوضوح. في الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس، الآب هو "إله كل تعزية" (1: 3). لذا أرسل ابنَ الله ليتجسّدَ من العذراء القدّيسة معزّياً. يسوع عزّانا بأعمال الآب التي جرت بيديه. من هنا قوله: "الكلام الذي أكلّمكم به لست أتكلّم به من نفسي لكنّ الآب الحال فيّ هو يعمل الأعمال" (يو 14: 10). الابن معزِّ أول من الآب. ولكن ثمّة معزٍّ ثان، هو المعزي الروح القدس (يو 14: 26). يسوع يقول صراحة، عن الروح القدس، إنّه معز آخر (يو 14: 16). ما كان ابن الإنسان ليقول ذلك لو كان الروح القدس مجرّد قوّة الله. على هذه النغمة يسترسل السيّد الربّ في الكلام على الروح باعتباره المنبثق من الآب (يو 15: 26)، المرسل من الآب باسم يسوع (يو 14: 26) وبناء لطلبه (يو 14: 16). ثم الروح القدس روحُ الحقّ (يو 14: 17) الآتي إثر مغادرة الربّ يسوع، إثر صعوده. من هنا قول يسوع لتلاميذه: "إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزّي. ولكن إن ذهبتُ أُرسله إليكم" (يو 16: 7). إذ كان يسوع مزمعاً أن يصعد إلى السماء قال لتلاميذه "أن لا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه مني" (أع 1: 4). الموعد هو، بالضبط، موعد إرسال الروح القدس. "ستتعمّدون بالروح القدس" (أع 1: 5). إذ ذاك "ستنالون قوّة متى حلّ الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً... إلى أقصى الأرض" (أع 1: 8). الروح القدس يعطي القوّة. "ستنالون قوّة". ليس هو مجرّد قوّة. هو معطيها. لكنّه الفاعل والمنفعل في آن. هو من الآب ومع ذلك يأخذ مما ليسوع ويخبر التلاميذ (يو 16: 15). "لا يتكلّم من نفسه" (يو 16: 13). على حدّ تعبير يسوع: "يذكّركم بكل ما قلته لكم" (يو 14: 26). بهذا المعنى الروح القدس منفعل. لكنّه فاعل في آن. "يخبركم بأمور آتية" (يو 16: 13). "يرشدكم إلى جميع الحقّ" (يو 16: 13). "يمكث معكم إلى الأبد" (يو 14: 16). "يكون فيكم" (يو 14: 17). هذا ما جعل الروح القدس يتكلّم ويشهد مع التلاميذ (يو 15: 26 ? 27). يسوع بلا الروح القدس كتاب مغلق. ولو قعد يسوع سنوات مع التلاميذ لم يعرفوه على حقيقته ولا فهموا مقاصد كلامه. هذا لأنّ روح الفهم هو، بالذات، الروح القدس. هو ينير الأذهان. معرفة يسوع مستحيلة من دون الروح القدس. كذلك معرفة الآب من دون يسوع. لذا قيل: "كل مَن ينكر الابن ليس له الآب أيضاً" (1 يو 2: 23)، و"لا أحد يأتي إلى الآب إلاّ بي" (يو 14: 6). لذا بيسوع صار الكشف عن الثالوث القدّوس. به كانت معرفة الآب وباسمه نزل الروح القدس. ثمّ الروح القدس هو الذي جعل لا يسوع وحده بل الآب من خلاله معروفاً. فيه، في الروح القدس، انعرف الله آباً وابناً وروحاً قدساً. من هنا استعمال آبائنا صيغة "الآب يأتينا بالابن في الروح القدس". ليس ممكناً أن يُعرَفَ اللهُ إلاّ بالابن في الروح القدس. تجدر الإشارة إلى أنّنا متى تكلّمنا على معرفة الله قصدنا، بالضبط، لا المعرفة بالعقل بل بالروح القدس. الله لا يُعرَف بالعقل. فقط متى حلّ الروح القدس، متى تفعّل فينا، متى انبثّ في كياننا، أمكننا أن نعرفه، أن نعرف الله. هذا لأنّ "أمور الله لا يعرفها أحد إلاّ روح الله" (1 كو 2: 11). "ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله" (1 كو 2: 12). الحكمة التي صارت لنا بالروح "ليست من هذا الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذي يُبطلون" (1 كو 2: 6). الله جهّل حكمة هذا العالم (1 :و 1: 20). هذا لأن الإنسان الطبيعي مستحيل عليه أن يعرف أمور الله. بالنسبة إليه أمور الله وروح الله جهالةٌ، ولا قدرة للإنسان الطبيعي على معرفة ما لله لأنّ هذه إنما يحكم فيها روحياً (1 كو 2: 14). أمور الله لا يُحكم فيها لا جسدياً ولا نفسياً ولا فكرياً. من هنا كلام آبائنا أن أساس معرفة الله هو اقتناء الروح القدس. "غاية الحياة المسيحية اقتناء الروح القدس" على حدّ تعبير القدّيس سيرافيم ساروفسكي. هذا يتضمّن تفعيل الروح القدس فينا بحيث يعترينا بالكامل، يصير فينا، تخضع مشيئتنا لمشيئته، يصير هو فينا روحَنا، إيّانا، مع حفظ التمايز بيننا وبينه. لذا من دون الروح القدس لا قيمة لوجودنا. إذا ما ارتحلنا من ههنا من دونه نكون قد عشنا ومتنا عبثاً. غاية الحياة البشرية برمّتها أن يكون لنا الروح القدس. هذا وحده ما يعطينا الحياة الأبدية. لا نقصد بالحياة الأبدية الحياة في المدى وحسب. الحياة الأبدية نوعية أولاً. في تحديد يسوع لها هي "أن يعرفوك [الآب السماوي] أنتَ الإله الحقيقي وحدك وابنك يسوع المسيح الذي أرسلته" (يو 17: 3). المسألة مسألة معرفة في مستوى الكيان أي محبّة في الروح. هذا، بتعبير الأنجيل، معادل للقول: "إن أحبّني أحد يحفظ كلامي ويحبّه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً" (يو 14: 23). "ليكون الجميع واحداً كما أنّك أنت أيّها الآب فيّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا" (يو 17: 21). أن نسكن في الروح القدس، نحن في الآب والابن والآب والابن فينا، هو ما نتشوّف إليه، هو المعرفة الحقّ، المعرفة السرّية التي تتجاوز كل معرفة. وهو معرفة الله كمحبّة بالمحبّة التي يعطينا الروح إيّاها. الروح القدس روح المحبّة، روح الحقّ، روح الحياة، روح الإنسان الجديد. لذا يتطاير المرنّم، في خدمة سحر العنصرة، في السماويات إذ يحاول أن يلتقط مزايا الروح القدس. كلّما التقط صفة انفتحت على صفات بحيث تستحيل الأنشودة نكهةً سماوية في القلب تتخطى كل كلام إلى طفرةِ تسبيحٍ وسجودٍ تناطح الحُجُب. دونك، مثالاً على ذلك، ما ورد في قطعة الإينوس الثانية: "إن الروح القدس كان دائماً وهو كائن ويكون لأنّه ليس له ابتداء ولا له بالكليّة انتهاء. لكنّه لم يزل منتظماً مع الآب والابن، ومعدوداً حياة ومحيياً. نوراً ومانحاً للضياء، صالحاً بالطبع وللصلاح ينبوعاً. الذي به يُعرَف الآب ويُمجَّد الابن. ويُفهَم من الكل أن قوّة واحدة ورتبة واحدة وسجدة واحدة للثالوث القدّوس". الروح القدس روحي وروحك في تراب وإلاّ التراب! |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يوم الخمسين عيد حلول الروح القدس المعزي "ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معًا بنفس واحدة" ( أع 2 : 1 )http://www.peregabriel.com/gm/albums...-pentecost.jpg التفسير جاء النص اليوناني يعني: "لما اكتمل يوم الخمسين"، أي لما بلغ الزمن إلى يوم الخمسين، أي بعد سبعة أسابيع حيث يأتي يوم الخمسين، ويسمى "عيد الأسابيع" (سبوعات) أو "عيد الباكورات" حيث يُقدم بكور القمح، يُحتفل به في اليوم الخمسين من أول يوم بعد عيد الفصح. "كان الجميع معًا بنفسٍ واحدةٍ"، فقد حملوا غيرة متقدة نحو هدفٍ واحدٍ ورغبةٍ واحدةٍ، فكان الكل ملتهبين في الداخل نحو تحقيق وعد السيد المسيح بنوال قوة من الأعالي " وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة ، وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين " ( أع 2 : 2 ) كان التلاميذ يترقبون تحقيق الوعد الإلهي بحلول الروح القدس عليهم ليهبهم قوة من الأعالي، لكن يبدو أنهم لم يكونوا يتوقعون حلوله خلال هذه المظاهر، لذلك كان الأمر مفاجئًا لهم: "وصار بغتة". تم الحلول هكذا لكي لا يفارق هذا الحدث أذهان التلاميذ، ولا يغرب عن عيني الكنيسة عبر كل الأجيال، لأنه حدث يمس كيانها كله ووجودها أو عدمه. لم تكن ريحًا طبيعية، لكن صوتًا من السماء ملأ كل البيت، سمعه كل من في البيت، وأدركوا أنه من السماء. لعله كان صوت رعدٍ يبشر بالحضرة الإلهية. " وظهرت لهم السنة منقسمة كانها من نار و استقرت على كل واحد منهم " ( أع 2 : 3 ) حل الروح القدس على التلاميذ في شكل ألسنة من نار. فقد تحقق قول القديس يوحنا المعمدان عن حمل الله أنه يعمد بالروح القدس ونار. هذه هي النار التي جاء السيد المسيح لكي يرسلها إلى البشر . ظهر الروح القدس على شكل ألسنة نارية منقسمة على كل واحدٍ منهم، إشارة إلى ما يقدمه لهم من تنوع للألسنة واللغات حتى يتمكنوا من الكرازة بين الأمم، ولكي يدرك اليهود أن الله ليس إله العبرانيين وحدهم، إنما هو إله كل البشر، يتحدث مع كل أمةٍ بلغتها التي تتفاهم بها. "استقرت على كل واحد منهم"، أي من الإثني عشر، إذ ارتاح في كيانهم الرسولي ليقيم منهم هيكلاً مقدسًا يسكن فيه (1 كو 3: 16)، يعمل فيهم وبهم، إذ صاروا منتسبين لله، مكرسين له وحده. " وامتلأ الجميع من الروح القدس،وابتدأوا يتكلّمون بألسنة أخرى، كما أعطاهم الروح أن ينطقوا "( أع 2 : 4 ) "وامتلأ الجميع من الروح القدس"، في المعمودية نتمتع بالملء من الروح القدس الذي يؤهلنا أن نكون أعضاء في جسد المسيح، وننعم بالبنوة للآب بالنعمة الإلهية. بهذا الملء يصير لنا حق الشركة مع المسيح، والتمتع بحياته المقامة. هذا الملء الذي تمتع به الإثنا عشر تلميذًا بالروح القدس الواحد، يهب الكنيسة الوحدة، ليست وحدة مٌصطنعة، ولا تتحقق بمجرد تجمع الأشخاص أو الكنائس معًا، ولا خلال الحوار المجرد، لكنها عمل إلهي، سرّ الشركة في المسيح الواحد. إنها خليقة جديدة، حيث يتمتع الكل بأبٍ واحدٍ وأمٍ واحدةٍ، وينعمون بملكوت الله الواحد في قلوب الكل، يختبرون الإنجيل الواحد. الوحدة هنا هي عمل الروح القدس الذي يثبتنا في المسيح الواحد، فنترنم: "لأننا أعضاء جسمه، من لحمه ومن عظامه" (أف 5: 30). "ابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا". وهم جليليون غالبيتهم لا يعرفون اليونانية إلا القليل، بدأوا يتكلمون بلغات أخرى كما وهبهم الروح القدس، "يتكلمون بألسنة جديدة". (مر 16: 17) ماذا يعني التكلم بألسنة أخرى، أو بألسنة جديدة لم يكونوا بعد يعرفونها؟ أولاً: واضح أنهم تحدثوا بألسنة لم يتعلموها، لكن السامعين القادمين من أماكن متفرقة كانوا يسمعون كل واحدٍ لغته التي وُلد فيها. فهي لغات بشرية حقيقية مفهومة، وليست كلمات انفعالية غير مفهومة. ثانيًا: أدرك الحاضرون إنها عطية الله للتلاميذ لا للاستعراض، وليست بلا هدف، وإنما لتأكيد أن باب الإيمان لم يعد قاصرًا على شعبٍ معينٍ أو على لسانٍ معينٍ، بل على جميع الشعوب والأمم والألسنة، فالخلاص مقدم للعالم كله. ثالثًا: لم يكن اللسان خلال تعليم معين، وإنما هبة من الروح القدس، حتى يدرك المتكلم أنه إنما يتحدث بما يهبه الله له، وليس حسب خبرته البشرية ومعرفته القديمة. أُعطي مع اللسان مادة الحديث، فلا يُستخدم اللسان إلاَّ في إعلان كلمة الله المقدمة من الروح القدس نفسه. يشعر المتكلم أنه أداة في يد الله، يعمل به لحساب ملكوته. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العنصرة العلية وبابل الروحية http://www.peregabriel.com/gm/albums...02/colombe.gifرسالة عيد العنصرة إذ أراد مار يعقوب السروجي أن ينشر ميمرًا عن العنصرة (عيد البنطقستي) انسحبت أعماقه إلى علية صهيون في لحظات حلول الروح القدس. وهناك عاد بفكره إلى بلبلة الألسن في بابل عندما أراد البابليون بناء برج يحميهم من الغضب الإلهي، وينقذهم متى حدث طوفان جديد كما في أيام نوح. غاص مار يعقوب في لجة حنان الله الفائق وحبه ورعايته للبشر حتى في لحظات التأديب. أشرق حنان الله على مار يعقوب، فسجل لنا أنشودة تلهب القلب بنار الحب، وتحول حياة المؤمن إلى تسبيح لا ينقطع. هب لي لسانًا ينطق بالحق افتح لي يا رب خزائنك المملوءة حكمة ومعرفة، لأستطيع أن أزيد معرفتي بسمو محبتك... يا من بلبل الألسنة في أرض بابل، هب لي لسانًا ينطق بالحق ويتحدى الباطل.من قضيب التأديب صدر الحنان وأغناهم كثيرًا ما يقارن بعض الآباء والمفسرين بين بلبلة الألسن التي حدثت بعد الطوفان في أيام نوح، وبين تمتع التلاميذ والرسل بعطية الألسن المتنوعة. اجتمع البابليون وخططوا لبناء برج، وكان غايتهم التحدي ضد الله نفسه. وأما التلاميذ ومن معهم في علية صهيون فكانوا في ضعفٍ يترقبون تحقيق الوعد الإلهي لكي ينالوا قوة من الأعالي. فيكرزون ببشارة الخلاص، ويردون البشرية من كل الأمم والشعوب والألسنة إلى الله في حبٍ وتواضعٍ وتسليمٍ لمشيئة الله المقدسة. إلى أيام الطوفان، "كانت الأرض كلها لسانًا واحدًا ولغة واحدة" (تك 11: 1). لكن إذ ارتحلوا من الشرق إلى شنعار (البلد المفتوحة)، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفمالقديس أغسطينوس، وظنوا أنهم قادرون على الخلاص بأنفسهم. لا الخلاص من خطاياهم بل الخلاص من تأديبات الله. هناك تدخل الله فبلبل ألسنتهم حتى يدركوا عجزهم عن مقاومة الله محب البشر. يقدم لنا القديس مار يعقوب السروجي صورة رائعة عن التأديب الإلهي. إنه لا يحمل نقمة إلهية، لأن الله ليس بمنتقمٍ، ولن تؤذيه شرور البشر، حتى إن وجهت لمقاومة الإيمان به. إنه إله عادل، وفي عدله يفيض حبًا ولطفًا وحنانًا. تأديبات الله لشعب بابل في ذلك الحين كانت مملوءة بالمراحم الإلهية: القديس جيروم أن هذا التوزيع لإقامة الشعوب كان لصالحهم. فإن اجتماع الأبرار معًا يزيدهم صلاحًا، كما اجتماع الأشرار معًا يزيدهم شرًا. فتفريقهم كان لنفعهم. القديس مار يعقوب السروجي عن بركات تأديب الله للبابليين في ذلك الحين. يرى القديس أنهم كانوا منشغلين بجمع الحجارة ونقلها إلى الموضع الذي اختاروه لإقامة البرج. وكان هذا العمل شاقًا جدًا، وسينتهي حتمًا بالفشل. لذا جاءت البلبلة إراحتهم من المجهود الشاقة وبلا منفعة. تعدوا حدودهم وامتلأوا طمعًا، هؤلاء دخلوا في تحدٍ مع الله نفسه كما يقول 1. لو بقي العالم ينطق بلغة واحدة، لاكتظت مناطق معينة بالبشرية، وكان يصعب على الإنسان مهما بلغت الضغوط الخاصة بالموارد من التحرك. 2. إذ تبلبلت ألسنتهم نشأت القبائل والأمم والشعوب. وصار لكل شعبٍ ثقافته التي يعتز بها، فصار العالم غنيًا بالثقافات المتنوعة. 3. يرى 4. في ميمر "على بابل" تحدث تمرد البابليون فتنوعت لغاتهم، وكان ذلك خير ورحمة. كان قضاؤك وعقابك لا شرًا ، وإنما نعمة على العالم.فقد أصبح لكل أمةٍ لغتها، يتفاهم أفرادها بواسطتها. بتأديب هؤلاء الذين تمردوا يعرف المرء بأنك كلك مراحم، لمن يتزاحم ليستتر بك. كيف اسمي قصاص بني بابل، هل يا ترى هو تأديب أم أعجوبة مملوءة ثروة؟ يا أيها السامعون، سبحوا الرب ومجدوه، عقابه رحمة، وغضبه عطف. تمرد البابليون، ورفع قضيبه ليضربهم، ومن القضيب صدر الحنان وأغناهم. وزعهم قبائل قبائل وألسنة ألسنة، وهوذا الموهبة تُعطى كتأديب. بلبلهم من الوئام المملوء أضرارًا، وأصلحهم بالتأديب المملوء مراحم. أذنبوا ضده، وعلّمهم الأسفار مجانًا، فلو لم يذنبوا ضده، ماذا كان سيصنع؟ وإذ تمردوا عليه أسكنهم شعوبًا شعوبًا، فلو لم يتمردوا، أية تطويبات كان يوفرها لهم؟ ازدادت اللغات، واختلفت لهجاتها، فأغني البشرية بالعلوم. المعلم الحاذق جعلهم يتهجون في كل الألسنة، ووزع وأعطى لكل شعبٍ لغة واحدة. انحدر تعليمه كالمطر على أسباطهم، فنبتت أصوات اللغات المتنوعة من أفواههم. سكب غناه الوفير على المعوزين، فأغناهم بتعليم غير محدود. تأديبه صار زينة للعالم كله حتى يتكلم بطلاقة بألسنة جديدة. توزيع الألسنة أقام أممًا وشعوبًا يؤكد القديس مار يعقوب حنو الله على البشرية حتى في لحظات التأديب. فإنه سمح ببلبلة الألسنة، لكنه لم يبلبل ألسنة الأسرة الواحدة، وإلا صار التعامل بين الأعضاء مستحيلاً، خاصة بين الأزواج وزوجاتهم، والآباء وأبنائهم. فالهدف ليس تحطيم المجتمع خاصة الأسرة، وإنما مراجعة الإنسان لنفسه بعد إقامة شعوب بثقافات متنوعة. تحول التأديب إلى هبة لبنيان كل إنسانٍ، كما لبنيان الجماعات. فاضت المراحم من العلي على البابليين، فأغناهم بألسنة، كما لو كان بالذهب. لو كان غاضبًا كما هدد ببلبلتهم، لماذا لم يفصل الرجال عن زوجاتهم، والأبناء عن آبائهم؟ من هنا تعرف بأنه كان مملوءًا مراحم عندما أعطى للرجل ولزوجته وبنيه لسانًا واحدًا. منذ ذلك الحين وزعهم قبائل قبائل، وسلّم لهم البلدان لينتقلوا إليها. بألسنتهم ميزهم شعوبًا شعوبًا كما لو كان بعلامةٍ، حتى يستولوا على الأرض التي كانت خربة. كانوا مختلطين، فلماذا وزعهم حتى لا يسمع الرجل لسان رفيقه؟ صنع نوعًا من الخصام بينهم، ووزعهم لئلا يتضايقوا عندما يُرسلون إلى البلدان. كانوا متمسكين هذا بهذا بتمردٍ، فبلبلهم ونسوا المحبة المملوءة خسارات. أعطى الحكيم لقبيلة واحدة لغة واحدة، (وللقبيلة) الأخرى (لغة) أخرى، وجعلها غريبة لأنها كات مختلطة. لو لم يبعد الواحد عن رفيقه بغضبٍ لما كانوا يتركون وينتقلون من البلد الذي أحبوه. لو لم تُبلبل لغاتهم بالمراحم، لما تركوا الأرض التي أحبوها حتى (ساعة) الموت. لكل واحدٍ معارفه وبلده عزيز عليه، وهناك كانوا يُخنقون بمحبة بابل. وعندما أشفق الرب ليوفر لهم البلدان، مزق اللسان، وعمرت بابل التي كانت مزدحمة. يا لها من موهبة أتت مجانًا إلى الناكرين، ويا له من غنى عظيم أُرسل بالقصاص! على من يفهم أن يعرف بوضوح بأن توزيع ألسنتهم كان موهبة. وزع الله اللغات بين البشر، وهذه اللغات نفسها هي التي وهبها للرسل تلاميذه. بدون تعليم ولا ممارسة، بالروح نطق التلاميذ بكل اللغات. أُرسل هذا الغنى إلى التلاميذ ليتكلموا بألسنة جديدة دون أن يتعلموها. أتكلم إذا عن البابليين وعن التلاميذ وعن بلبلة وعن توزيع ألسنتهم. وأُلحِقُ خبر برج بابل بخبر العلية، فيصير ميمرًا مملوءًا حقيقة لمن يصغي إليه. بابل رمز كنيسة بابل المختارة إن كانت بابل وهي تعني "الارتباك" رمزًا للنفس المتشامخة ضد الله، فإن مار يعقوببابل المختارة"، أو "بابل العهد الجديد". في بابل الأولى قام الله بتأديب سكانها خلال بلبلة الألسن، لكن هذا التأديب هو هبة لنفع هؤلاء المقاومين له. وفي بابل الجديدة أو المختارة وهب الله تلاميذه التكلم بألسنة دون حاجةٍ إلى تعليم أو تدريب. غاية هذه العطية ليس استعراض قوة الروح، وإنما إعلان حب الله لكل الشعوب والأمم. إنه يود أن يقيم من كل الشعوب خورس تسبيح فريد، يتناغم الكل معًا بروحٍ واحدٍ وفكرٍ واحدٍ، وإن اختلفت الألسنة والثقافات. يستغل عبارة القديس بطرس الرسول (1 بط 5: 13) ليدعوا الكنيسة " في العلية التي سماها بطرس الرسول كنيسة بابل المختارة، سمع الألسنة التي تتكلم فيها بطلاقة فسجّلها: بابل التي فيها توزعت كل الألسنة. الكنيسة المختارة الموجودة في بابل تهديكم السلام، أعني هذه التي ترتل بكل الألسنة. هذه التي تعلمت السفر الجديد بدون قراءة، وهي مملوءة سعاة كثيرين بدون معلمين. هذه التي تعرف أن تتكلم بكل الألسنة وتشبه بابل بالأصوات والكلمات والألسنة. هذا فوج التلمذة الذي يرتل التسبيح كل يوم بألسنة جديدة دون أن يتعلم. بطرس رأى التلاميذ وبلاغة ألسنتهم، وكان قد سمى جمعهم: بابل (1 بط 5: 13). بابل والعلية يصور القديس مار يعقوب التلاميذ والرسل في العلية أشبه بسجناء لا حول لهم ولا قوة، في حالة رعب من المقاومين لحق الإنجيل. لكنهم قادة جيوش تنتظر استلام السلاح الإلهي ? الروح القدس ? الذي يقودهم في معركة روحية تملأ العالم بالسلام الإلهي. لو أقدر سأخلط في الميمر إذا: بابليين اثنتين، وأكرز غنى ألسنتهما. الآن أتكلم عن العلية التي في أرض اليهودية، فهي أيضًا في خبرها بابل كما قلنا. كان ربنا قد صعد إلى موضعه العالي، وظل التلاميذ، وتجمعوا في علية وهم خائفون. نبح الصالبون - الذئاب الخاطفة على قطيع الابن، ومن فزعهم احتمى الخراف - الرسل بعضهم ببعض. ارتفع النسر الإلهي إلى العلو، وظل فراخه مجتمعون كلهم في عشٍ واحدٍ منتظرين إياه. كانوا ينتظرون تلك الهبة التي وعد بإرسالها بعدما يصعد إلى مرسِله. كانوا ينتظرون أن يأتي الروح من عند الآب، ويعلمهم خبر الابن بوضوح. صليب الآلام بددهم قبل أيام، وصعود الابن جمعهم إلى العلو. كانوا بدون الراعي فزعين من القتلة الذين كانوا يهددون، وكانوا مجتمعين إلى أن يتم الوعد. آل قيافا الأفاعي الملعونة نبحوا بتهديدٍ، فتجمع الرسل - الحمام - إلى العلية. كانوا محتشدين في العش المبارك وهم خائفون، ومنتظرون تجلي الحقائق. أمسكوا بعضهم بعضًا لئلا يتبددوا في البلدان إلى أن يروا مَن يُرسل وإلى أين (يُرسل)؟ كانوا قد أُمروا بألا ينتقلوا من أورشليم، وينتظروا موعد الآب كما سمعوا. رافقوا الابن وهو يرتفع إلى موضعه العالي، وظلوا مثل اليتامى الذين فقدوا أباهم. رأوا بالحقيقة قيامة الابن وتعزوا بها، وإذ كانوا يفرحون صعد وتركهم. فرح التلاميذ لأنهم رأوا ربنا يغلب الموت، وحزنوا لأنه ارتفع عنهم. على جبل الزيتون رأوا السحابة التي تحمله، والهواء كله مبتهج ومسرع للاحتفاء به. والملائكة الذين خرجوا للقائه في ثيابهم البيضاء ليستقبلوه مثل الختن باحتفالٍ عظيمٍ. عاد الرسل الندماء إلى العلية، وجلسوا كسجناء ينتظرون لكي يتفقدهم كما وعد. تجمع قادة الجيوش الذين قصدوا ليخرجوا إلى البلدان إلى أن يأتيهم سلاح الابن. حلول الروح القدس (أع 2: 1-13) كان صعد ابن الملك عند أبيه ليرسل سلاح الروح لعبيده من عند أبيه. قبل صعوده وأثناء ارتفاعه جمعهم ونفخ فيهم ليقبلوا منه الروح. وعندما كان يذهب أكد لهم بأنه يرسل الروح القدس ليعلمهم الحقائق. ألبسهم قوة الروح قبل أن يصعد، وبعد صعوده أرسل لهم كل السلاح، الذي به يجابهون العالم. من هنا أعطى برهانًا بأنه يملك لكي يعطي، فأعطى عندما صعد، وعلّم بأن الآب متفق معه. اجتمع التلاميذ في تلك العلية منتظرين تلك الموهبة كما كان قد وعد بإرسالها. الروح القدس معلم الرسل جاء السيد المسيح إلى عالمنا لكي يحملنا فيه، فنتعلم به وفيه ومنه، وننعم بالشركة في سماته، ونحمل بره. وكما يقول العلامة أوريجينوس إن المسيح هو الفضيلة. الآن بعد صعوده يرى مار يعقوب السروجي أن التلاميذ اجتمعوا في علية الابن (المسيح) أو بابل الابن حيث يقدم لهم روحه القدوس معلمًا، يعلمهم كتابًا جديدًًا (عهدًا جديدًا) بدون القراءة في كتبٍ. حل الروح القدس عليهم في شكل ألسنة نارية، لا ليحترقوا بها، بل يستنيرون بلهيبها. علمهم كل لغات العالم في ذلك الحين حتى يكرزوا للجميع. فجأة رعد صوت الريح القوي هناك على جمع مصاف الرسل. امتزجت الريح بالصوت، والنار بالمنظر، فصاغا سلاحًا للتلاميذ وألبسهما لهم.خرجت ألسِنة النار الحية من عند الآب، اندلعت فوق رؤوسهم، وفي الحال شعروا أنهم أصبحوا أقوياء، أقوياء جسدًا وروحًا وحكمة. استنارت عقولهم، ووضحت لهم حقائق الأمور. علموا أن الروح القدس حلّ فيهم، وأصبح لهم المعلم والمرشد. الضعفاء البسطاء، أصبحوا أقوياء وحكماء. الصيادون غدوا معلمين وعلماء. كانت تُسمع بغتة ريح مختبرة، فصارت معلمة، وعلمتهم كل الألسنة. بنار الآب التي أُرسلت بحرارة استنارت أنفسهم، فبدأوا ينطقون بكل الألسنة. استمر جميعهم يتكلمون بألسنة متنوعة، كما كان الروح يعينهم على الكلام. إنه لقول عجيب عندما كانت ألسنتهم تُوزع في علية ? بابل - الابن كما (وُزعت) في بابل. صار لهم الروح القدس معلمًا، وعلّمهم سفرًا جديدًا بدون قراءة الكتابات. كان يُسمع صوت الريح فجأة، وكان يُعطى منظر النار كألسنة. اغتنى الرسل البسطاء بالحكمة، واستنار الصيادون بكل الألسنة. كلام جديد كان ينطقه التلاميذ، وكانت تُسمع من العلية أصوات مختلطة. نار الأعالي مضطرمة في بني النور، ولم يكونوا يحترقون، لكن يستنيرون من اللهيب. النار التي انحدرت كالألسنة اضطرمت فيهم، فأعطت لهم كلامًا جديدًا بكل الألسنة. اقتنوا ألسنة النار والروح في العلية، فتكلم جميعهم بكل الألسنة كما في بابل. يا للعجب! علية صهيون أصبحت بابل الثانية. أصبح التلاميذ يتكلمون مختلف اللغات.أصوات متعددة الألسنة كانت تُسمع من العلية. يا للعلية المباركة الجامعة، منك خرجت أول دفعة من المبشرين الأبرار. وفيك حلّ الروح القدوس كألسنة من نار، وبكِ شقَّت أنوار الحق لتهزم ظلمات الباطل. العلية هي مدرسة وبابل روحية وكنيسة مختارة نالوا موهبة التكلم بالألسن ليس للكرازة فحسب، وإنما للتسبيح. فصار العالم كله مدرسة لبني النور، وخورس شبه سماوي للتسبيح. معركة روحية سلاحها سماوي. أيتها العلية إن خبرك أسمى من بابل، ففيك توزعت كل الألسنة بدون سِفر. جعلك الروح كمدرسة لبني النور، وفيك تعلموا كلام الشعوب وألسنتهم.من العلية خرج فوج الإخوة اللابس السلاح ليجمعوا كل العالم. فيكِ رتل الروح القدس ألحانًا جديدة بكل الألسنة التي توزعت بسخاءٍ. صرتِ للرسل كمنجب (كمنتج أو كوالد) سلاح، ومنكِ لبسوا قوة الروح لإخضاع الهمجيين. منك استنارت كل المسكونة التي كانت مظلمة، لأن الرسل ملأوا الأرض كأشعة النور. صرت أيتها العلية صاحبة الكنوز للشعوب، ومنك اغتنت البلدان المحتاجة. فيك توزع غنى الآب للعالم بأسره، ومنك سدّ جميع المعوزين احتياجاتهم. بكِ كمل وعد المعمودية، لأن جميع التلاميذ اعتمدوا فيك بالروح القدس والنار. هل اسميك بابل؟ إن ما حدث فيكِ ليس بلبلة، لقد غلبتِ بابل بنغم كل الألسنة المحبوب. هناك تبلبلت ألسنتهم بالقصاص، أما فيك فقد وزع الروح كل الألسنة بمحبة. إذا أسميك بابل الروحية، والكنيسة المختارة التي ترتل التسبيح بكل الألسنة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العنصرة - حلول الروح القدس على التلاميذ
https://4.bp.blogspot.com/-Lz019op99s...ed+%284%29.jpg هو عيد عظيم يحوى فى ذاته أسرار عظيمة من العهدين وقد كان من أعياد اليهود الثلاثة الكبيرة ( الفصح والحصاد والمظال ) حيث كان يسمى عيد الحصاد عيد الاسابيع ( خر 34 : 22 ) وسمى فى العهد الجديد : يوم الخمسين ( أع 2 : 1 , 20 : 16 , 1كو 16 : 8 ) وهو آخر سبعة أسابيع بعد اليوم الاول من أيام الفطير ( خر 23 : 16 .. راجع لا 23 : 35) ( خر 23 : 14 ? 17 ) .. وسمى عندهم عيد الجمع ( خر 24 : 22 راجع لا 23 : 34 ) صنع تذكارا لقبول موسى الشريعة التى وضعت أساسا لسياسة الشعب الدينية والمدينة عند مدخل أرض الميعاد وتخلص من العبودية ... وكانوا يكرسون هذا التذكار شاكرين الله لانتهاء الحصاد الذى يبتدئ فى جمع أبكار غلات لاحقل( خر 23 : 16 , لا 23 : 10 -11 ) وفيه كان يقربون فى الهيكل النقد ملات العديدة عن الخطية بخبز ترديد ( لا 23 : 17 , 20 ) كما أنهم كانوا يعيدونه بفرح عظيم اذ كان يذهب للاحتفال به فى أورشليم اليهود المشتتة فى جميع أقطار الأرض ( 1 ع 2 : 5 ) . <h1 class="rtecenter">كان هذا العيد فى العهد القديم رمزا لما صنعه السيد للجنس البشرى والكنيسة تحتفل به تذكارا لتلك الاعجوبة لاعظيمة التى قدست العالم وفتحت طريق الايمان وقدست الرسل بنوع خاص وهى حلول الروح القدس على جمهور التلاميذ يشبه السنة نار منقسمة كأنها من نار استقرت على كل واحد منهم بينما كانوا مجتمعين للصلاة بنفس واحدة فى العلية فى يوم لاخمسين ( أع 2 : 1 ? 4 ) . أن أصل وضع هذا العيد فى الكنيسة يرجع الى الرسل أنفسهم وتدل شهادات الكتاب وأقوال الاباء والتاريخ على أن الرسل وضعوه واحتفلوا به ... كما سنرى : اولا : ان الرسول بولس بعد أن مكث فى أفسس أياميا ودع المؤمنين وأسرع بالذهاب الى أورشليم قائلا لهم : على كل حال ينبغى أن اعمل العيد القادم فى أورشليم ( اع 18 : 31 ) .. وكاتب الاعمال قال ( انهم لما جاءوا الى ميليتس عزم بولس أن يتجاوز الى أفسس فى البحر لئلا يعرض له أن يصرف وقتا فى آسيا لأنه كان يسرع حتى اذا أمكنه يكون فى أورشليم فى يوم الخمسين ( اع 20 : 16 ) ثم أنه لما كان فى اسيا وعد مؤمنى كورنثوس بالحضور عندهم بعد أن يعيد عيد العنصرة ( 1 كو 16 : 7 , 8 ) . ثانيا : قد امر الرسل بالاحتفال به كما يتضح من أقوالهم وهى : ( ومن بعد عشرة أيام بعد الصعود : فليكن لكم عيد عظيم لانه فى هذا اليوم فى الساعة الثالثة أرسل الينا يسوع المسيح البار اقليط ( لفظة يونانية ) أصلها باراكليطون ومعناها المعزى ( يو 16 : 26 ) الروح المعزى امتلانا من موهبته وكلمنا بألسنه ولغات جديدة كما كان يحركنا وقد بشرنا اليهود والامم بأن المسيح هو الله ( دستى 31 ) .. ولا تشتغلوا يوم الخميس لان فيه حل الروح القدس على المؤمنين بالمسيح ( رسط 66 و 199) . ثالثا : أما أقوال الاباء والتاريخ فهى تثبت أنه تسليم رسولى .. فاورجانوس قال أنه تسليم من الرسل أنفسهم ( ضد مليتوس ك 8 وجه 19 ) ويوستيوس اشهيد ( راجع تاريخ آوسابيوس 4 ف 5 ) وآغريغوريوس فى مقالته على العنصرة .. وعليه أجمعت سائر الكنائس الرسولية فى العالم . والبروتستانت أيضا يشهدون بمناقلناه كما اتضح من أقوالهم التى ذكرناها عند التكلم عن عيد القيامة المجيد ونزيد عليه هنا ما قاله صاحب ريحانه النفوس وهو : ( بما أن تاسيس الكنيسة المسيحية من وقت أن فاض الروح القدس وآمن به 3 الاف نفس فى يوم واحد يستحق هذا الحادث العظيم أن يذكر عوض القصد الاصلى الذى رتب لاجله عيد الفصح اليهودى ( صحيفة 14 , 15 ) .. الى أن قال : ود جمعنا هذين العيدين ( القيامة والعنصرة ) لانهما رتبا فى زمان واحد فى القرن الاول ( صحيفة 15 ) . </h1> |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ميمر عيد العنصرة
https://4.bp.blogspot.com/-Lz019op99s...ed+%284%29.jpg للأنبا بولس البوشي أسقف مصر (أي القاهرة القديمة) مقتطفات من عظة على عيد حلول الروح القدس على التلاميذ، المعروف بعيد العنصرة أو عيد الخمسين، للأنبا بولس البوشي أسقف مصر في القرن الثالث عشر الميلادي، نقلاً عــــن المخطوطة م 18 (ورقة 152 وجه إلى 174 ظهر) مكتبة دير القديس أنبا مقار ببرية شيهيت. بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد . أيها الروح القدس المنبثق من الآب، الملك السماوي روح الحق الحاضر في كل مكان، وكل صقع، مالئ الكل، وكنز الصالحات، ورازق الحياة، هَلُمَّ واسكن فينا وطهِّرنا من كل دنس، أيها الصالح، وخلِّص نفوسنا. كما كنتَ مع رسلك القديسين كُن معنا أيها السيد القدوس، وقدِّس القديسين، وطهِّر أجسادنا، وذكِّي عقولنا، وأضئ نفوسنا. يا مَن منح الأميين حكمةً فاضلة حتى صاروا معلِّمين ومرشدين لكل المسكونة، امنح عبيدك تدبيراً يؤول إلى الحياة المؤبدة، أيها الروح المُحيي، لكي بك نحيا وتخلص نفوسنا. وهَب لي أنا الحقير أن أتكلم بكرامتك أيها الروح الحق المتكلِّم في الناموس والأنبياء والقديسين إلى الأبد. أعطني معرفةً، يا مَن يُعطي كل المواهب الفاضلة، لكي ما أُعلِن مجدك المساوي مع الآب والابن في الجوهر والقِدَم والأزلية. ألهمني منطقاً يا مَن ولدنا ميلاداً ثانياً لا يبلى لرجاء حياةٍ لا تَفنى، وبها نجسر وندعو الله أبانا، لكي أنطق بجلالة كرامتك وقوة أفعالك الكائنة في كل مكان. أيها الروح القدس المنبثق من الآب أبدياً، وهو مستقر في الابن أزلياً سرمدياً، بوحدانية الجوهر، بلا ابتداء ولا انتهاء. أنت هو روح الحياة، روح النبوَّة، روح الطهارة، روح العفاف، روح القوة، روح المواهب الفاضلة الكثيرة الأنواع، روح الرسالة، روح البنوَّة، روح البتولية، روح القداسة، روح المعرفة، روح الحكمة، روح الثبات، روح الصبر، روح الإيمان الفاعل بكل سلطان وقوة وجبروت، ليس كالخادم، بل كالمسلَّط، الحاضر مع كل واحد وكائن في كل مكان، المحتوي على الكل ولا شيء يحويه، القوي الذي لا يُمانع، والفاعل على المالك (أي على الحال عليه)، الذي لا ينحاز ولا يُعاند. البسيط في طبعه، العظيم في أفعاله، الجبار في اقتداره، معدن العطايا الفاضلة، وينبوع المواهب العالية، المُعطي نُطقاً للأنبياء، وبُشرى للرسل التامِّين، وتشجيعاً للشهداء، وعفة للبتوليين، ونسكاً للقديسين. الفاعل في رتبة الكهنوت، ويُولِد (أي يلد) المتعمِّدين بنينَ لله الآب السماوي. وبواسطته تكملة الذبيحة من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى اليمين. روح البر والحق، البارقليط المعزِّي المنبثق من الآب، نسجد له ونمجده مع الآب والابن، كما سلَّمت إلينا الأمانة الأرثوذكسية. وهكذا نؤمن أن الثالوث القدوس لاهوت واحد، لأن الله متكلمٌ حيٌّ لم يَزَل. فإذا قلنا الله فإنما نقول: الآب والابن والروح القدس؛ لأن الخواص لا تزيد عن ذلك ولا تنظم أقل من هذه، ولا نكون أيضاً مع ذلك نعبد ثلاثة آلهة، لئلا نكون كالوثنيين الذين يقولون بكثرة الآلهة، ولا نكون أيضاً كاليهود الذين يجحدون كلمة الله وروحه... وهذا ذكرناه باختصار عن الثالوث القدوس، هذا الذي كان رمزاً في كتب الأنبياء، وظهر الآن بالتجسُّد العجيب (لابن الله). فنقتصر الآن من هذا ونرجع إلى ما تكلَّمنا فيه أولاً، وهو شرف هذا العيد المجيد، أعني البارقليط المعزِّي، روح القدس المتكلِّم في الناموس العتيق والأنبياء الأطهار، المذكور ببيان في التوراة والأنبياء، كما هو مكتوب في بدء سفر الخليقة: «في البدء خلق الله ذات السماء وذات الأرض، وكانت الأرض خالية خاوية، وكانت الظلمة غاشية وجه الغمر، وروح الله يرفُّ على المياه» (تك 1: 1-3)... ومكتوب في السفر الثاني الذي يسمى سفر الخروج: «وكلَّم الرب موسى وقال له: اعلم أني انتخبت بصليا ابن أوري ابن حور من سبط يهوذا، وأسبغت عليه روح القدس، وملأته من الحكمة من العلم في كل عمل ليعمل... كل الأعمال التي أمرتك لصنعة القبة (أي خيمة الشهادة)» (خر 31: 2-5)... وأيضاً مكتوب لما مسح صموئيل داود ابن يسَّى ملكاً ووضع عليه اليد وصلَّى عليه، حلَّ عليه روح القدس فتنبأ وبدأ يقول المزامير من ذلك اليوم (1صم 16: 13). وأن روح الله انتُزع من شاول الملك عندما خالف كلمة الله ولم يعمل بها (1صم 16: 14)، ولأجل هذا الروح كان داود يتضرع إلى الله عندما أخطأ أن يُجدِّده فيه بالنبوَّة، لئلا يناله ما أصاب شاول الذي تقدَّمه، فتاب بقوة ورجع رجعة فاضلة وكان يتضرع قائلاً: «قلباً طاهراً اخلق فيَّ يا الله، وروحاً مستقيماً جدِّده في أحشائي، لا تطرحني من يديك ولا تنزع عني روح قدسك، أعطني بهجة خلاصك وبروحك القادر ثبِّتني» (مز 51: 10). وقال: «روحك الصالح يهديني إلى سُبل الاستقامة» (مز 143: 10). وقال أيضاً من أجل الروح: «فتحت فاي واستنشقت روحاً، لأني أحببتُ وصاياك» (مز 119: 131). وإشعياء يقول: «منذ بدأت لم أتكلم في خِفية، بل أرسلني وروحه» (إش 48: 16). وقال: «روح الله، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة والبر، الروح الذي يلهم مخافة الله» (إش 11: 2). وقال: «روح الرب عليَّ من أجل هذا مسحني وأرسلني» (إش 61: 1)... والآن نتكلَّم على فعل الروح مع الرسل الأطهار، ونُبيِّن ما التفاضُل الذي بينهم وبين الأنبياء، لأن أولئك (أي الأنبياء) كانوا يتكلَّمون في حين حين (أي ليس في كل وقت) عند حلول الروح عليهم بما هو مزمع أن يكون لا غير؛ فأما الرسل فكان الروح حالاًّ فيهم دائماً مستمراً، وذلك لأنهم تقلَّدوا تدبير كل المسكونة بالبُشرى الإنجيلية والتعليم والتعمُّد ووضع يد الرياسة وفعل الآيات. كما شهد الرب لهم بذلك قائلاً: «إني معطيكم البارقليط يثبت معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يطيق العالم أن يقبله، لأنهم لم يَرَوْه ولم يعرفوه، وأنتم تعرفونه لأنه مُقيم عندكم وهو ثابت فيكم» (يو 14: 16)... هذا الذي بدأ ربنا يسوع المسيح له المجد قبل آلامه يُعرِّف رسله بجلالة مواهب الروح، ويُعزيهم ويثبِّت قلوبهم بإتيانه إليهم قائلاً: «والبارقليط روح القدس الذي يُرسله الآب باسمي، هو يعلِّمكم كل شيء، وهو يُذكِّركم كل ما قلته لكم» (يو 14: 26). وقال أيضاً: «إذا جاء البارقليط، روح الحق الذي من الآب ينبثق، هو يشهد لي، وأنتم تشهدون لي، لأنكم معي من الابتداء» (يو 15: 26-27). ثم قال: «ولكني أقول لكم الحق: إنه خير لكم أن أنطلق، لأني إن لم أذهب لن يأتيكم البارقليط» (يو 16: 7). أعني أنه لما كان هو معهم كان يُثبِّت قلوبهم ويرشدهم إلى الأشياء شفاهاً، وبه وجدوا عزاءً في رفض العالم، فلما صعد كان من عدله أن يُرسل لخواصه البارقليط، الذي تفسيره المعزِّي، ليكون ثابتاً معهم، ويجدون به عزاءً وسلوى ومجاهدة في البُشرى. قال: «وإن انطلقت أرسلته إليكم» (يو 16: 7)، لأنه هو مع أبيه واحدٌ. ولكي ما يُعرِّفهم ونحن معاً محبته فيهم واهتمامه بهم، قال: «وإذا جاء ذاك فهو يوبخ العالم على الخطية، وعلى البر، وعلى الدينونة» (يو 16: 8)، أعني أن به يقتدرون على التوبيخ والتأنيب وإظهار الإيمان والدينونة العتيدة. وقال أيضاً: «إن لي كلاماً كثيراًً أريد أن أقوله لكم، ولكنكم لستم تطيقون حمله الآن» (يو 16: 12)، عرَّفهم ضعفهم البشري عند معرفة الكمال. قال: «فإذا جاء ذاك، روح الحق، هو يُرشدكم إلى جميع الحق» (يو 16: 13). قوله: «روح الحق» لأن الآب يُسمَّى «الحق» لقول الرب: «ليعرفوك أنك أنت الإله الحق والرب يسوع المسيح» (يو 17: 3). وقال عن نفسه: «أنا هو القيامة والحق والحياة» (يو 14: 6)، وها هنا قال: «روح الحق» ليُبيِّن المساواة الواحدة التي للثالوث القدوس في وحدانية اللاهوت. ولم يُعلِن الروح لرسله فقط، بل للجميع أيضاً، كمثل قوله لنيقوديموس: «الحق الحق أقوله لك: إن مَن لم يولد من الماء والروح لا يُعاين ملكوت الله» (يو 3: 5). وأيضاً في وسط الجمهور في اليوم العظيم عندهم، الذي هو آخر يوم في العيد، كان يُنادي ويقول: «مَن كان عطشاناً فيُقبل إليَّ ويشرب. كل مَن يؤمن بي، كما قالت الكتب، تجري من بطنه أنهار ماء الحياة» (يو 7: 38)، قال الإنجيل: «إنما قال الرب هذا عن الروح، لأن الذين يؤمنون بـه مزمعون أن يقبلوه» (يو 7: 39). وحتى بعد القيامة وعند صعوده أوصى رسله أن لا يبرحوا من أورشليم حتى يتدرَّعوا القوة من العلاء (أع 1: 4). فمكثوا منتظرين الوعد السمائي إلى كمال الخمسين. http://saltandlighttv.org/blog/wp-co.../pentecost.jpg هَلُمَّ إليَّ في وسطنا اليوم أيها الإنجيلي القديس لوقا، وأخبرنا كيفية حلول روح القدس على الرسل الأطهار. قال: «لما تمت أيام الخمسين» (أع 1)، أعني بعد قيامة الرب بخمسين يوماً، وهذا اليوم عند اليهود هو عيد العنصرة، وفيه كلَّم الله موسى على جبل طورسينا بنار تضطرم، وأعطاه الناموس والوصايا، فكان المثال موافقاً للحق والكمال، كما أن فصح المثال موافق لفصح الحق والكمال أيضاً. وقال: «وكانوا مجتمعين بأسرهم جميعاً»، أعني آباءنا الرسل الأطهار حافظين وصية سيدهم ألا يبرحوا حتى يلبسوا القوة السماوية. قال: «وكان من السماء بغتة صوتٌ كصوت الريح الشديدة»، أعني صوت هبوب الروح نازلاً من السماء، وبيَّن سرعته وقوته ليُعلن أنها قوة إلهية لا تُعانَد. قال: «فامتلأ منه جميع ذلك البيت الذي كانوا جلوساً فيه»، أعني أنه إليهم خاصةً أتى، وأن هذه الموهبة الفاضلة عليهم خاصةً حلَّت دون أهل العالم، كقول الرب لهم: «إني لستُ أمنحكم كما يمنح العالم» (يو 14: 27). قال: «وظهرت لهم ألسنة منقسمة شبه النار»، أعني أن الروح مساوٍ مع الآب والابن في الجوهر، ذلك الذي ظهر بشبه نار تضطرم في هذا العيد ذلك الزمان وكلَّم موسى في طور سينا وأعطاه الناموس، وهكذا بهذا المثال ظهر للرسل الأفاضل واضعي أساس البيعة وأعطاهم قوة الكمال للناموس الجديد الدائم إلى الأبد. قال: «فاستقر على كل واحد واحد منهم»، فيا لهذا العجب كيف النار غير الهيولي، الذي منه يستضيء كل الأنوار، حلَّ على قوم بشريين ولم يحرقهم؛ بل زادهم قوة وشرفاً وفضلاً، حتى غلبوا كل الطبائع من النار المُحرقة والسموم وكل شيء أُخضع لهم. قال: «فامتلأوا كلهم من روح القدس»، بيَّن ها هنا المساواة التي صارت للرسل في قبول الروح. قال: «فبدأوا ينطقون بلسان لسان كما كان الروح يؤتيهم النطق»، بيَّن شرف الموهبة التي صارت للرسل أفضل من الذين كانوا قبلهم، ومن الذين يأتون بعدهم أيضاً وإلى الأبد لا يكون مثلهم. وكيف نطقوا بألسنة لم يكونوا أَلِفوها ولغات لم يكونوا يعلموها، وليس ذلك من تلقاء أنفسهم، بل كما كان الروح المُسلَّط يهب لهم أن ينطقوا بذلك من حيث لا يعرفون كيف يأتيهم النطق، ليتم المكتوب أن: «لساني مثل قلم الكاتب» (مز 45: 1)، يعني أن القلم ليس له سلطان أن يكتب بل الكاتب يكتب به كما يشاء. ومَن هو الكاتب؟ قال: «بهي في الحُسن أفضل من بني البشر» (مز 45: 2)، أعني الرب الذي تجسد، وإن كان ظهر بالجسد كالإنسان، فإن بهاء لاهوته يفوق كل البشرية. بابل الكلدانيين فيها فرَّق الله الألسن، اليوم ائتلف لوضع سنة الخلاص كما قال إشعياء: «إن كلمة الله تظهر بأورشليم، ومن صهيون تخرج» (إش 2: 3). ألسنة بابل فيها تفرَّقت الألسن لأن قومها أضمروا أن يبنوا برجاً ويتعالوا إلى السماء بعظمة وكبرياء، ففرَّق الله لغاتهم وبدَّدهم في كل الأرض. أما علِّية صهيون ففيها اجتمعت اللغات لتواضُع الرسل الذين بها واتِّباعهم أثر المعلم الحق، ليجمعوا الأمم والشعوب المختلفي اللغات ويُصيِّروهم رعية واحدة. بابل في ذلك الزمان تفرَّقت فيها الألسن وصاروا غير موافقين لبعضهم بعضاً؛ علِّية صهيون فيها اجتمعت كنيسة واحدة مقدَّسة جامعة رسولية التي أسَّسها الرب برسله الأطهار... فينبغي لنا أن نُعيِّد الآن بنقاوة روحانية موافقة للروح، في عيد الروح المعزِّي، ليحل فينا ويُطهِّرنا ويُنقينا من أدناسنا، ويحفظ الجسد طاهراً لأنه هيكل الروح القدس الحال فينا. نحفظ النفس وكل الحواس نقية لكي يُشارك الروح القدس أرواحنا ونستحق إرث البنوَّة في الملكوت الأبدي. إذ الرسول يُعلِّمنا بمثل هذه الأشياء قائلاً: «فلنعش الآن بالروح» (غل 5: 25)، ونوافقه بروح ضميرنا، ونحْذَر أن نصنع ضد ذلك لئلا يسخط الروح، إذ يقول: «لا تُسخِطوا روح الله الذي خُتمتُم به ليوم النجاة ، بل كل تذمر وفرية فلينزع ذلك منكم مع بقية الشرور» (أف 4: 30-31). نرحم أهل الفاقة لكي يكمل مسرة الروح ونستحق الرحمة، لأن الرحمة تفتخر على الدينونة، كما يقول يعقوب الرسول (يع 2: 13). نصنع سلاماً وصُلحاً في نفوسنا المقاتلة مع أوجاع أجسادنا. نعزِّي المتضيقين والمحبوسين بافتقادنا، ليكون الروح القدس المعزِّي يعضدنا ويقوينا في شدائدنا كالمكتوب: «اسند الصغيري الروح بكلمة، وتسندك اليمين القوية» (1تس 5: 14). نغار على السيرة الروحانية ونجسر عليها، هذه التي سلك فيها الآباء الفُضلاء لابسي الروح، ونتشبَّه بهم حسب قوتنا، ليكون لنا إرث ونصيب معهم في المظال الأبدية. ونحن نسأل ربنا يسوع المسيح الذي افتقد رسله الأطهار بموهبة روح قدسه أن يُطهِّر نفوسنا، ويغفر خطايانا، ويتجاوز عن سيئاتنا، ويسامحنا بهفواتنا، ويمنحنا سيرة روحانية بقية أيام حياتنا. ويُنيِّح نفوس أسلافنا من كافة بني المعمودية الذين رقدوا على رجاء الإيمان باسمه القدوس، ويجعلنا مستحقين سماع صوته المملوء فرحاً القائل: «تعالوا إليَّ يا مباركي أبي، رِثوا المُلك المُعد لكم من قبل إنشاء العالم» (مت 25: 34)، بشفاعة سيدتنا البتول القديسة الطوبانية مرتمريم الطاهرة، وكافة الشهداء والقديسين والسواح والمجاهدين، ومَن أرضى الرب بأعماله الصالحة، ويُرضيه من الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين وأبد الآبدين آمين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العنصرة اثنين الروح القدس أحد العنصرة هو عيد ميلاد الكنيسة حيث حل الروح القدس على التلاميذ الذين بدورهم ذهبوا وبشروا العالم بالخلاص الآتي من الإله الحقيقي أي الثالوث القدوس. نعيد في أحد العنصرة للشخص الثالث من الثالوث القدوس أي "الروح القدس"، ولذلك نصرخ قائلين: " قد نظرنا النور الحقيقي وأخذنا الروح السماوي"، الروح القدس هو شخص لكنه أفضل من الإنسان وحتى الملائكة، هو الشخص الثالث لثالوث القدوس، مساو في الجوهر والعرش للآب والابن، وكما أن الآب هو الإله الحقيقي والابن هو الإله الحقيقي كذلك الروح القدس هو الإله الحقيقي، منبثق من إله حقيقي. الآب إله كامل والابن إله كامل كذلك الروح القدس إله كامل, وهم ليسوا ثلاث آله بل إله واحد، هذا سر الأسرار أي سر الثالوث، الذي يتم بالمعرفة والإيمان بالشيء الذي لا يرى "وأما الإيمان فهو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى" (عبر1:11). ما هو عمل الروح القدس؟ الآب والابن يعملون كل شيء بواسطة الروح القدس، إن كان الأب قد رتب الخلاص للبشر والابن تجسد آخذاً الطبيعة البشرية وصلب وقام لخلاص البشرية فإن الروح القدس يعمل عبر أسرار الكنيسة، أو بحلوله حيث يشاء، يحقق هذا الخلاص لكل مؤمن. من يوم العنصرة يبقى الروح القدس في الكنيسة مُنيراً ومرشداً وحافظاً إياها من الفساد وقائداً إياها لملئ الحقيقة. تميّزت الفترة ما قبل المسيح بخصوصية للآب، وفترة تجسد المسيح عُرفت بحضور الابن المتجسد أما من يوم العنصرة وما بعد فإنها فترة حضور للروح القدوس، والكثير منا يتجاهلون الروح القدس وإلوهيته ولا يهتمون كفاية بالشخص الثالث للثالوث القدوس. التبشير بعمل المسيح وتعاليمه هو شيء ضروري جداً ومهم ولكنه ليس حسن أن نتجاهل عمل الروح القدس. هو حسنٌ أن نرفع أّذهانا لله الآب ولكنه سيء أن لا نفكر بالروح القدس، بالشخص الثالث "ألمساو للآب بالجوهر"، إذا نسينا الروح القدس في عبادتنا فهي علامة الفقر الروحي لأننا نسينا نبع الفضائل المسيحية، الروح القدس. يبقى السؤال المهم: ماذا أعمل حتى أبقى على تواصل مع الروح القدس، بالتالي أيضاً مع الثالوث القدوس؟ أولاً علينا أن لا نحزنه بخطايانا، ثانياً أن نصير في شركة حقيقية معه عبر الكنيسة، ثالثاً أن نعطيه حقّه في عبادتنا وليتورجيتنا بأن تكون ثالوثيه بامتياز. أيها الملك السماوي المعزي روح الحق الحاضر في كل مكان المالئ الكل كنز الصالحات ورازق الحياة هلما واسكن فينا وطهّرنا من كل دنس وخلص أيها الصالح نفوسنا. أمين. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عيد حلول الروح القدس - عيد العنصرة نحتفل بعيد عظيم من الأعياد السيدية الكبرى في الكنيسة القبطية وهو عيد حلول الروح القدس ويسمي أيضاً عيد الخمسين أو عيد العنصرة وكلمة عنصرة معناها اجتماع لأن فيه كانوا يجتمعون في الهيكل للعبادة (وتقديم الذبائح) وفيه كان الآباء الرسل وتلاميذ الرب مجتمعين في العلية بنفس واحدة في الصلاة والتضرع انتظاراً لحلول الروح القدس حسب وعد الرب الذي أوصاهم ألا يبرحوا أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي هو حلول الروح القدس . @ ويسمي عيد الخمسين لأنه يأتي بعد خمسين يوماً من عيد القيامة المجيد . إن العدد خمسين في الكتاب المقدس يشير إلي العفو والصفح ، وفي العهد القديم كانوا يقدسون السنة الخمسين ويسمونها سنة اليوبيل حيث يحرر فيها العبيد ويعفي المديونون من ديونهم ، وفي عيد الخمسين أسس الله كنيسته المقدسة بعد أن عفا عن شعبه وحررهم من عبودية إبليس والخطيئة وجعلهم له بنينا وخاصة . @ كان عيد الخمسين في العهد القديم يأتي دائماً يوم أحد كما جاء في الإصحاح الثالث والعشرين من سفر اللاويين ، وفي العهد الجديد يأتي عيد الخمسين أيضا يوم أحد تماماً كما يأتي عيد القيامة دائماً يوم أحد مما جعل الكنيسة المقدسة منذ تأسيسها تقدس يوم الأحد وتسميه يوم الرب وتجعله يوم العبادة والصلوات والراحة وعليه ينطبق قول المزمور: "هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنفرح ونبتهج فيه،يارب خلصنا يارب سهل سبلنا.مبارك الآتي باسم الرب " مز26:24:118 . @ لقد حل الروح القدس علي الكنيسة الأولي بكل أعضائها الذين كان عددهم مائة وعشرون شخصاً في علية صهيون بأورشليم ، وكانت تلك العلية هي الدور العلوي من بيت عائلة مرقس الذي هو مار مرقس الرسول كاروز الأسكندرية والديار المصرية ، وقد أصبح هذا المكان أول كنيسة في العالم بعد أن حل فيه الروح القدس وباركه ، وقبل ذلك كان يجتمع فيه الرب يسوع المسيح مع تلاميذه القديسين وفيه أسس سر التناول المقدس وفيه ظهر لتلاميذه أكثر من مرة بعد قيامته المقدسة . @ وعن عيد حلول الروح القدس نقرأ في الإصحاح الثاني من سفر أعمال الرسل الآيات المقدسة التالية:"ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معا بنفس واحدة وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين، وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت علي كل واحد منهم وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخري كما أعطاهم الروح أن ينطقوا (أع 4:1:2) وكانت هي السبب الرئيسي في حلول الروح القدس عليها واستقراره فيها كما كانت هي السبب الرئيسي في قوة الكنيسة وصمودها ونجاحها وانتشارها،ونجد أن هذه العبارة القوية تتكرر في أماكن كثيرة من سفر أعمال الرسل وهو سفر تاريخ الكنيسة الأولي فمثلاً : @ كانوا يواظبون علي الصلاة بنفس واحدة (أع 46:2 ). @ وبعد التهديدات اليهودية لهم"رفعوا بنفس واحدة صلاة الي الله ولما صلوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه " (أع 31:4). @ وكان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد ونفس واحدة ولم يكن أحد يقول أن شيئاً من أمواله له بل كان عندهم كل شيء مشتركاً (أع32:4) . @ وحينما اجتمع أول مجمع كنسي في أورشليم لمناقشة وتقنين بعض الأمور الكنسية صدر قرار المجمع هكذا "رأينا وقد صرنا بنفس واحدة أن نختار رجلين ونرسلهما إليكم مع حبيبنا برنابا وبولس لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلا آخر غير هذه الأشياء الواجبة أن تمتنعوا عما ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا التي إن حفظتم أنفسكم منها فنعما تفعلون كونوا معافين" (أع 29:25:15 ). @وينصحنا معلمنا بولس الرسول في رسالة رومية قائلاً "ليعطكم إله الصبر والتعزية أن تهتموا اهتماماً واحداً فيما بينكم بحسب المسيح يسوع لكي تمجدوا الله بنفس واحدة وفم واحد (رو 5:5) . @ ويكرر النصح في رسالة فيلبي قائلاً "تمموا فرحي حتى تفتكروا فكراً واحداً ولكم محبة واحدة بنفس واحدة مفتكرين شيئاً واحداً" (في1:2) . ما أحوجنا أيها الأحباء إلي الفكر الواحد والنفس الواحدة والقلب الواحد لذلك نصلي في القداس الإلهى قائلين"وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا" إن الاتحاد قوة والتفرق ضعف ، ما أفدح الأضرار والخسائر التي يسببها التفرق والانقسام،وما أعظم المنافع والبركات التي يجلبها الاتحاد وتوحيد الكلمة والفكر والهدف والصف . @ لقد صاحب حلول الروح القدس علي التلاميذ بعض المظاهر نذكر منها : أولاً : صوت كما من هبوب ريح عاصفة . ثانياً : ظهور ألسنة منقسمة كأنها من نار . ثالثاً : التكلم بألسنة . المظهر الأول : ريح عاصفة والريح ترمز للروح ، وقديماً كلم الله أيوب الصديق من العاصفة (أي 1:38) وأرسل الله ريحاً عاصفة علي سفينة يونان نفذت كل مقاصده . ونلاحظ أن هذه الريح العاصفة في يوم الخمسين هبت علي المنزل الذي كان فيه الرسل دون بقية منازل المدينة حتى تظهر أنها شيء فائق للطبيعة، كما حدث في جزة جدعون ، فمرة يكون طل علي الجزة وحدها وجفاف علي الأرض كلها ومرة يكون جفاف في الجزة وحدها وطل علي الأرض كلها (قض40:37:6 ). إنها قوة الله القادرة علي كل شيء والتي لا يعسر عليها شيء ، وهذه الريح العاصفة التي هبت علي علية صهيون وحدها رغم محدوديتها كانت قوية ومدوية حتى أنها سمعت في كل أرجاء أورشليم فتجمع الناس بكثرة حول البيت ليروا هذا الحدث العجيب، وليسمعوا عظة بطرس الرسول المؤيدة بالروح القدس ويؤمن منهم بالمسيح ثلاثة آلاف فرد يكونون النواة الأولي للكنيسة الصاعدة الواعدة . المظهر الثاني : ألسنة من نار وفي العهد القديم ظهر الله لموسى في عليقة (شجرة صغيرة) مشتعلة بالنار (خر3) وحل الله علي جبل سيناء بمنظر النار أيضاً (خر19) وكان المنظر مخيفاً حتى قال موسى أنا مرتعب ومرتعد (عب21:12 ). والنار تشير إلى عمل التطهير وقد حل الروح القدس علي التلاميذ مثل ألسنة نار لكي يطهرهم من خطاياهم ومن ضعفاتهم مثل الخوف والشك واليأس الذي كان يعتريهم أحياناً . وألسنة النار أعطتهم ألسنة اللغة فابتدأوا يتكلمون بألسنة أخري كما أعطاهم الروح أن ينطقوا . المظهر الثالث : التكلم بألسنة فقد اقتضت حكمة الله أن يعطي الروح القدس الذي حل علي الرسل في يوم الخمسين موهبة التكلم بألسنة ولغات حية لأولئك الرسل فصاروا يتكلمون بلغات كثيرة حتى تعجب الحاضرون وقالوا: نحن نسمع كل واحد منا لغته التي ولد فيها (أع8:2) وذكروا حوالي 16 جنسية تتكلم 16 لغة ، والمعروف أن الآباء الرسل كانوا شبه أميين ومطلوب منهم أن يبشروا العالم أجمع كما قال لهم الرب يسوع :"اذهبوا إلي العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها (مر15:16) . وكان علي الواحد منهم إذا أراد أن يتعلم لغة أجنبية واحدة ويتقنها أن يدرس عدة سنوات ويبذل جهداً كبيراً ، فأراحهم الله من هذا الجهد وأعطاهم موهبة التكلم باللغات حتى ينتشروا في الأرض سريعا وينشروا الإيمان في كل مكان مجتذبين الناس من ظلمة الوثنية وجهلها إلي نور المسيحية وسموها . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العنصرة المستمرّة كان شعب العهد القديم يحتفل يومَ عيد العنصرة بذكرى استلام موسى النبيّ لوحَي الشريعة على طور سيناء. أمّا في العهد الجديد فالعنصرة هي ذكرى حلول الروح القدس على التلاميذ بعد صعود السيّد المسيح إلى السماء. وقد اعتبرت الكنيسة المقدّسة أنّ يوم العنصرة هو يوم انطلاق دعوتها الأساسيّة إلى المسكونة تلبيةً لأمر الربّ لهم: "إذهبوا وتلمذوا كلّ الأمم معمّدين إيّاهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متّى 19:28). وهذا ما حدث يوم العنصرة بعد عظة القدّيس بطرس الرسول إذ اعتمد "نحو ثلاثة آلاف نفس" (أعمال الرسل 41:2). لم تعتبر الكنيسة أنّ العنصرة حدث صار في الزمن لمرّة واحدة منذ أقلّ من ألفي سنة بنـزر يسير. فالعنصرة مستمرّة وهي تحدث في كلّ مرّة تجتمع فيه الكنيسة متحلّقة حول ربّها وسيّدها ورأسها ومخلّصها يسوع المسيح. ولا تغيب صلاة حلول الروح القدس عن أيّ صلاة تقدّيسيّة تبارك فيها الكنيسة المؤمنين، وبخاصّة في معظم الأسرار. فالروح القدس هو الذي يرافق الكنيسة ويسندها ويعضدها في مسيرتها الزمنيّة نحو الاكتمال في الملكوت الآتي. العنصرة، إذًا، ليست حدثًا منعزلاً نعيّد لذكراه بل هي حياة الكنيسة الدائمة، هي التذوّق السابق للملكوت الآتي. هكذا استمرّت العنصرة بواسطة "وضع الأيدي" التي كان يمارسها الرسل مع المهتدين حديثًا إلى الإيمان: "إنّ الروح القدس يُعطى بوضع أيدي الرسل" (أعمال 18:8). ويخبرنا كتاب الأعمال أيضًا أنّ السامريّين كانوا قد اعتمدوا باسم الربّ يسوع، "ولم يكن قد حلّ الروح القدس على أحد منهم"، فجاء إليهم بطرس ويوحنّا وصلّيا من أجلهم "لكي ينالوا الروح القدس"، "فـوضـعـا حـينـئـذ أيـديـهـمـا عـليـهم فنالوا الروح القدس" (أعمال 14:8-17). وفي أفسس أعتمد المهتدون باسم الربّ يسوع، "ووضع بولس يديه عليهم فحلّ الروح القدس عليهم" (أعمال 1:19-7). الروح القدس في عنصرته الدائمة يرافق المؤمنين، فردًا فردًا، طيلة حياتهم بدءًا من معموديّتهم. ففي صلاة تقديس الماء إبّان خدمة سرّ المعموديّة يستدعي الكاهن الروح القدس على الماء بقوله: "فأنت إذًا أيّها الملك المحبّ البشر احضر الآن بحلول روح قدسك وقدّس هذا الماء". ثمّ بعد التغطيس يقرأ الكاهن صلاة سرّ الميرون المقدّس ثمّ يدهن الطفل المعمّد بالميرون قائلاً: "ختم موهبة الروح القدس"، فيكون الميرون علامة حلول الروح القدس على الطفل المعمّد وعلامة سكنه فيه وعلامة فعله التقدّيسيّ. فـ"موهبة الروح القدس" كما يقول لاهوتنا الأرثوذكسيّ هو الروح القدس نفسه لا بعضه ولا شيئًا فائضًا منه. والميرون المقدّس، بهذا المعنى، يكون العنصرة الشخصيّة للمعمّد الجديد. اللافت في سرّ الإفخارستيا (سرّ الشكر)، المتمَّم في القدّاس الإلهيّ، هو أنّ خادم السرّ (الأسقف أو الكاهن) يتضرّع إلى الله بقوله: "وأيضًا نقرّب لك هذه العبادة الناطقة وغير الدمويّة ونطلب ونتضرّع ونسأل، فأرسلْ روحك القدّوس علينا وعلى هذه القرابين الموضوعة. واصنعْ أمّا هذا الخبز، فجسد مسيحك المكرَّم، آمين. وأمّا ما في هذه الكأس فدمَ مسيحك المكرَّم، آمين". لا تقتصر الصلاة هنا على تحويل الخبز والخمر إلى جسد ودم الربّ، بل تطلب أوّلاً حلول الروح القدس "علينا"، أي على المشتركين. حلول الروح القدس على القرابين يحصل كي ينال المشتركون بها مغفرة الخطايا وكي يدخلوا في شركة الروح القدس وكي يتّحدوا بصفتهم جسد المسيح، أي الكنيسة، برأس هذه الكنيسة، أي بالرب يسوع المخلّص. لذلك لا يمكن فصل حلول الروح القدس على المشاركين في القدّاس عن حلوله في القرابين المقدّسة. القدّاس نفهمه إذًا عنصرةً دائمة. ويحضر الروح القدس في سرّ الكهنوت، أي سيامة الأساقفة والكهنة. ولدينا في العهد الجديد مثال القدّيس تيموثاوس نموذج الأسقف من أبناء الجيل الذي تلا جيل الرسل. فالرسول بولس يكتب إليه موصيًا: "لا تـهمـل الموهـبة التي هي فيك التي أوتيتها عن نبوّة بوضع أيـدي الكهنـة عليـك" (1 تـيـمـوثـاوس 14:4)، وفي رسالته الثانية إلى تيموثاوس يقول بولس الرسول: "أذكّرك أن تذكّي موهبة الله التي فيك بوضع الأيدي" (6:1). وبعد أن أعطاه موهبة وضع الأيدي ليختار الكهنة المؤهّلين، أوصى بولس تيموثاوس بقوله في رسالته الأولى إليه: "لا تستعجلْ في وضع يديك على أحد" (22:5). وهكذا انتقل سلطان وضع الأيدي من الرسل إلى أتباعهم من الأساقفة، ومنهم إلى كلّ الأجيال المتتابعة من الأساقفة. وفي السياق نفسه يتمّ اختيار الشمامسة بوضع الأيدي كما جرى في انتخاب الشمامسة السبعة (أعمال 6:6). يضيق المجال بنا في هذه المقالة لإيفاء موضوعنا حقّه، وبخاصّة فيما يختصّ ببقيّة الأسرار. غير أنّه يسعنا القول إنّ الروح القدس نفسه الذي جعل ابن الله يسكن في أحشاء مريم يوم البشارة: "إنّ الروح القدس يحلّ عليك وقوّة العليّ تظلّلك" (لوقا 35:1)، هو نفسه الروح القدس الذي به تأسّست الكنيسة يوم العنصرة، وهو نفسه الذي يحضر في وسط الجماعة المصلّية ويحوّلها إلى جسد المسيح. وإذا شئنا التوسّع قليلاً لقلنا إنّ الروح القدس نفسه الذي كان عند البدء في الخلق "يرفّ على وجه المياه" (تكوين 2:1) هو نفسه الذي سيحفظ نفوسنا إلى حياة أبديّة لا نهاية لها. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صعود الرّبّ وهبوط الألسنة مرقس 16: 15 ? 20 ؛ يوحنا 14: 15 ? 21 رسل 1: 1 ? 14 ؛ رسل 2: 1 ? 13 افتتح لنا المسيح بصعوده إلى السماء الخلق الأبدي الجديد الذي لم تره عين بعد. دخل هذا الخلق في أذهان وضمير وإيمان الرسل يوم العنصرة. أما نحن فقد اختبرناه جميعاً في معموديتنا بالماء والروح وباسم القائم من الموت يسوع المسيح (روم 6؛ أف 1: 13، 4: 17 ? 30) ، معطي هذا الروح الذي ناله من الآب السماوي (يوحنا 15: 7). أحدث هذا الخلق بفعل المسيح القائم والصاعد بالمجد إلى السماء تغييراً في الطبيعة الخاضعة للزمان والمكان، المحكومة بالموت. من هنا ، فإنه من حق كنيسة الأرض الملتزمة، المجاهدة، المصليّة أن ترى ذاتها مخلَّصة، صاعدة إلى السماء في رحلة مع الابن نحو الآب. والرّبّ يسوع حفاظاً منه على مسيرة هذه الكنيسة معه نحو الآب ، طالبها بالصلاة والتوبة مؤكداً لها أن كل ما تطلبه باسمه وبالصلاة يعطى لها. ألم يقل: "... كل ما تسألون أبي باسمي يعطيكم" (يوحنا 16: 23). فبالصلاة وقبول البشرى السارة، والإيمان، والعماد المقدس، والنعمة، يُخَلَّص العالم ويصعد إلى السماء فيكون فرحه كاملاً (يوحنا 16: 24). يُدْخلنا الإيمان في سرِّ موت المسيح وقيامته، ويمنحنا نعمة استحقاق الصعود والجلوس عن يمين الله. وهكذا، فالكنيسة مُلزَمَةٌ أن تضع البشريِّة جمعاء على طريق ابن الله، طريق السماء الذي يعرفه وحده دون سواه، لأنه من السماء أتى متجسداً وإليها صعد ممجداً. ألم يقل: " . . . إني ذاهب لأعد لكم مكاناً" (يوحنا 14: 2)، "... لا يمضي أحد إلى الآب إلاّ بي" (يوحنا 14: 6)، "أنا الخبز الحي الذي نزل من السماء ..." (يوحنا 6: 51)، "أنتم من أسفل وأنا من عَلُ . أنت من هذا العالم وأنا لست من العالم هذا" (يوحنا 8: 23)، "... إنه خير لكم أن أذهب ..." (يوحنا 16: 7) . عاد الابن الإلهي إلى الآب السماوي فاكتمل مجده الذي بدأ لحظة تنفيذه المخطط الخلاصي بالطاعة الكاملة عبر التبشير والألم والموت على الصليب والقيامة وصولاً إلى الصعود والجلوس عن يمين الآب الذي أرسله. وقد عاش واقع هذا المجد قبل أن يتحقق بقوله: " الآن تمجَّد ابن الإنسان ..." (يوحنا 13: 31) متوجهاً إلى أبيه السماوي بالقول: "... مجِّدني أنتَ لديك، بذاك المجد الذي كان لي لديك قبل أن يكون العالم" (يوحنا 17: 5). لقد مجَّده الآب كما تمجد الآب به. مجّده أولاً بتحويله الماء خمراً (يوحنا 2: 11)، وثانياً بما تمّم من آيات نخص بالذكر منها إقامة لعازر من الموت (يوحنا 11). ولنا قول مأثور للقديس بولس في رسالته إلى أهل فيلبي وفيها يقول: "... أفرغ ذاته، واتخذ صورة عبد ... لكي يعترف كل إنسان أن يسوع المسيح هو ربٌّ لمجد الله أبيه " (فيلبي 2: 6 ? 11). إن المجد الذي مُجِّد به يسوع وتَمَجَّد به الآب، دفع بالعزة الإلهية إلى سكب كامل نعمتها على من سيحملون البُشرى السارة للبشرية جمعاء عملاً بقوله: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم ..." (متى 28: 19). وقد تصفّى هذا الحب الإلهي لحظة صلاة الرسل وهم مجتمعين، معزولين عن العالم، والعالم معزول عنهم، والصوت السماوي يُدَوِّي كريح شديدة ، وألسنة النار تهبط من السماء مستقرة على كل واحد منهم، والريح والنار هما من علامات حضور الله وفعله الذي ظهر في شخص الرسل فملأهم فرداً فرداً من الروح القدس ، والروح يحيي ويكمِّل، ويعطي الكنيسة أن تتكلم. والكنيسة قالت وتقول كلمتها. ويا للأسف ، من يسمع؟ والرد على هذا، نختصره بما أورده القديس يوحنا في إنجيله مستشهداً بأشعيا بالقول: " أعمى عيونهم وقسّى قلوبهم لئلا يبصروا بعيونهم ويفهموا بقلوبهم ويرجعوا فأشفيَهم" (يوحنا 12: 40؛ متى 13: 15). أما الألسن فهي مرتبطة بالله، بلغته الإلهية، لغة التحدُّث بالعظائم والعجائب والآيات، لغة عبَّر عنها الرسل منشدين بعمل الروح دون أن تكون للآخرين إمكانية فهمها . وقد شهد القديس بولس في رسالته إلى أهل قورنتس أنه يملك هذه الموهبة (1 قور 14: 18). وهكذا، فإن ألسنة الرسل ولغاتهم إلتقت في العنصرة مع بعضها البعض بقوة الروح القدس الذي وحده القادر أن يعطي كامل الفهم والوعي والحكمة والمعرفة للمؤمنين به. نال الرسل بصعود الرّبّ إلى السماء وهبوط الألسنة عليهم، قوة الروح وسلطان السماء ومجد الملكوت، فتمكّنوا من أن يكونوا رسلاً لا يهابون الموت حباً بمعلمهم وربِّهم يسوع المسيح. هؤلاء الذين مجّدوا الله بألسنتهم وإيمانهم، مجّدهم الله بالسلطان المعطى لهم، فغدوا في عالم الأرض شهوداً لعالم السماء. بدّلت قوة الروح فكرهم، فغدا فكر السماء على الأرض. بشَّروا به، عانوا من أجله ودفعوا الثمن غالياً. وها بولس الرسول يشهد مفتخراً بالقول: "أما نحن فعندنا فكر المسيح" (1 قور 2: 16). هذا الفكر الخلاصي حرّرهم من قيودهم الضيِّقة وعالمهم المحدود ومكَّنهم من العيش في سماء ربهم الذي اصطفاهم ونقّاهم وثبّتهم وقدّسهم. عاش الرسل حالة "التكلم بالألسنة" ، فأدهشوا مِنْ حولهم عارفيهم وسامعيهم، وأيقظوا بصيرتهم فأدركوا أنَّ مَنْ استقرت عليهم الألسنة هم من الأرض وليسوا لها، ولن يكونوا منها بعد اليوم. ثبّت أبناء الروح هؤلاء، عالم الملكوت في عالم الأرض بقوة وسلطان ، فغفروا وأمسكوا خطايا، شفوا مرضى وأقاموا موتى، زارعين في النفوس كلمة الحياة بدلاً من الخطيئة والموت. هؤلاء هم الرسل الذين استقرت عليهم الألسنة وأصعدهم الله إلى ملكوته. وبعد، نتساءل بأيّة ألسنةٍ تتكلم إنسانية اليوم ؟ هل تتكلم بألسنتها المتحركة عبر النهار والليل ضمن حراكٍ مساحاته محدودة ومؤقتة؟ أم أنها تتكلم بالألسنة ذاتها فتهدي من حولها النفوس؟ يدل الواقع المنظور أن إنسانية اليوم تعيش بأغلبيتها عالم الخطيئة معتبرة إياه جزءاً لا يتجزأ من مسيرة حياتها على الأرض. والأخطر، لم تعد تشعر أنها خاطئة، لم تعد تنظر وتحكم وتعمل كما أنها لم تعد تمتلك الحس الكنسي. تتكلم هذه الإنسانية عن حضارة الموت والدمار الشامل ظنّاً منها أنها تبني العالم الجديد، المتحضِّر، الحرّ غير الخاضع لقيود. تتلكم متناسية حضارة المحبة، ألسنة النار والنور والحق والحياة والقيامة والصعود، والشوق للجلوس عن يمين الله لتشرب معه الخمرة الجديدة في الملكوت. تتكلم هذه البشرية التعسة متناسية واقع بعدها عن الله، غير واعية أنه بات عليها أن تعيش كلمة الخلاص لتحيا وتخلص. واليوم، ككل يوم ، تدعو الكنيسة العالم ليعي مسؤولياته الزمنية والروحية من أجل بنيان ذاته من خلال مخطط الله الخلاصي، بنية بلوغ ملء قامة المسيح. عندئذ، سيفرح العالم وسيفهم معنى صعود الرّبّ إلى السماء ونعمة هبوط الألسنة على من كان منه ومثله. سيبتهج العالم لنقاء روحه وتنقية عالمه القديم ، عالم العين بالعين والسن بالسن، مقاوماً عالم الشر بالخير والرحمة والمحبة وروح السلام. سيشعر العالم أنه ملح الأرض ونور السماء. سيفرح ويهلل لأن أجره سيكون عظيماً في السماء. هلمّ أيها العالم، استيقظ من نومك وبعدك عن الله، فألسنة العنصرة تدعوك باسم الرّبّ يسوع مخلصك وفاديك، لتعيش رسالة الإنجيل بعد حلول الروح القدس الذي أشعرك أن ألسنة السماء تبلبل ألسنة الأرض وتبنيها، تعطيها معناها الحقيقي، تجمّلها وتقدّسها. أما روح السماء فيجدّد روح الأرض ويجعل من ألسنة أبنائها ألسنة تمجيد لقدسيّة الله، فيتحقق فرح أبناء الملكوت في الأرض كلها ويصعد الجميع مع ربِّهم الذي لا يأتي أحد إلى الآب إلا به، ويسكنون المنازل السماوية الكثيرة في حالة مجدٍ ما بعده مجد. وفي الختام، يمكننا القول أن خجل الكنيسة من بعض المسيحيين ينحصر بنوع خاص بتفضيلهم مجد الناس على مجد الله خوفاً من إقدام الفريسيين المتمسكين بحبهم الأعمى للسلطة والمال على طردهم خارج مجامعهم التي يهيمن عليها روح المصالح والأنانيات. هؤلاء، يبيعون ضمائرهم من أجل الحصول على فضة لا وجود لها في ملكوت الله. ونحن، إن أردنا الخلاص لا بد لنا من أن نؤمن بعمل الروح القدس المرتبط جوهرياً بعمل الآب والابن مشاركين الرّبّ يسوع في مجده، فهو القادر أن يشركنا في الحياة الأبدية، وقد صلّى كي نكون واحداً كما هو والآب واحد (يوحنا 17). آمين. أحد العنصرة 2010 كاتدرائية مار أنطونيوس المارونية دمشق. المونسنيور ميشال فريفر |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العنصرة حلول الروح القدس - في العهدين القديم و الجديد https://st-takla.org/Pix/Christian-Sy...Holy-Ghost.jpg العنصرة في العهد القديم تدل لفظة "عنصرة" في التقويم العبري على العيد الذي كان اليهود يحتفلون به بعد الفصح بخمسين يوما. الاسم التقليدي هو "عيد الأسابيع" (لاويين 23: 15)، وهو في الواقع عيد حصاد القمح (خروج 23: 16؛ عدد 28: 26)، حيث كانت تقدَّم باكورة الغلات الى الله. بعد خراب اورشليم اتخذ العيد طابعا تاريخيا فلم يعد احتفالا بحدثٍ زراعي يحصل مرة في كل سنة، وانما احتفال بحدثٍ فريد وأساسي هو تذكار إعطاء الشريعة على جبل سيناء - لأن الشريعة أعطيت في الشهر الثالث من خروج بني اسرائيل من مصر (خروج 19)، الى ان اصبح معنى العيد، في القرن الثالث ق.م.، عيد تجديد العهد. في العبرية القديمة والحديثة اللفظة "عَسَار"، منها "عَسَريت" التي جاءت منها لفظة "العنصرة"، تعني: اجتمع او جمع، وهي إشارة الى اجتماع الشعب في العيد. وتأتي بمعنى: منع او امتنع، لأن هذا اليوم مقدَّس ويُمنع العمل فيه. وقد تفيد: الختام والتنوع والتتميم، ولهذا التفسير معنيان: الاول زراعي ويشير الى ختم تقادم البواكير في عيد الاسابيع، والثاني تاريخي، خصوصا انه يتوج معنى الفصح الذي يبلغ تمامه بعطية التوراة. الترجمة اليونانية للعهد القديم أطلقت على هذا العيد لفظة يفيد معناها اليوم "الخمسين"، باعتبار أن العيد يرتبط بتوقيته، كما ذكرنا، بالفصح (تثنية 16: 9). استعارت الكنيسة لفظة "العنصرة"، وأطلقتها على عيد حلول الروح القدس على الكنيسة الذي وقع في اليوم الخمسين من بعد قيامة الرب من بين الاموات. كانت العنصرة عند العبرانيين احدى الاعياد الثلاثة الكبرى التي كان الشعب يحج فيها الى اورشليم:" ثلاث مرات في السنة يحضر جميع ذكورك امام الرب الهك في المكان الذي يختاره: في عيد الفطير وفي عيد الاسابيع وفي عيد الاكواخ..." (تثنية الاشتراع 16: 16). وهذا العيد تطوَّر معناه عبر التاريخ، فكان في البدء عيدا زراعيا ?الانتهاء من الحصاد- اخذه العبرانيون عن جيرانهم. وكانت له تسميات عديدة:" عيد الاسابيع" (خروج 34: 22 وتثنية الاشتراع 16: 16)، "يوم البواكير" " وفي يوم البواكير،عند تقريبكم تقدمة جديدة للرب، في عيد اسابيعكم..." (العدد 28: 26)، "عيد الخمسين" "Pentecote" وبعد العيد المعروف بعيد الخمسين..." (2مكابين 12: 32)، وهذه التسمية الاخيرة جاءت في الترجمة اليونانية للعهد القديم التي تعرف بالسبعينية. اما كلمة "عنصرة" التي استعملها المسيحيون العرب فمشتقّة من" عَصْرَتْ " العبرية، وتعني المحفل أو الاجتماع الذي كان يجري في عيد الأكواخ. اذا كان هذا العيد في البدء عيدا زراعيا يأتي بعد خمسين يوما من عيد الفطير الذي كان العبرانيون يعيّدونه مع الفصح الا ان هذا العيد اخذ معنى لاهوتيا جديدا في الفترة الاخيرة التي سبقت مجيء يسوع المسيح. فاصبح ذكرى اعطاء الشريعة ? الوصايا العشر- لموسى على جبل سيناء. العنصرة في العهد الجديد - حلول الروح القدس اما العنصرة في المسيحية فاخذت معناها منذ البدء ففي سفر اعمال الرسل: "ولما اتى اليوم الخمسون، كانوا مجتمعين كلهم في مكان واحد، فانطلق من السماء بغتة دويّ كريح عاصفة، فملأ جوانب البيت الذي كانوا فيه، وظهرت لهم ألسنة كأنها من نار قد انقسمت فوقف على كل منهم لسان، فامتلأوا جميعا من الروح القدس" (2: 1- 4). فالعنصرة في المسيحية هي عيد حلول الروح القدس الذي " يُرسلُه الآب باسمي وهو يعلّمكم جميع الاشياء ويذكّركم جميع ما قلته لكم " (يوحنا 14: 26). فالعنصرة القديمة (عند اليهود) كانت عيد اعطاء الوصايا اي عيد شريعة الحرف، اما العنصرة المسيحية فهي اعطاء شريعة الروح:"....فقد حُللنا من الشريعة واصبحنا نعمل في نظام الروح الجديد، لا في نظام الحرف القديم" (رومية 7: 6). يورد لوقا في بدء كتاب اعمال الرسل خبر ارتفاع الرب القائم الى السموات، وذلك بعد أن أمضى مع تلاميذه اربعين يوما يُكلّمهم عن ملكوت الله. ويتابع فيشير الى أن جماعة التلاميذ انتظرت، حسب الوصية، طيلة الايام العشرة المتبقية معمودية الروح وهي تصلي. وفي اليوم الخمسين "يوم اكتمال سر المسيح"، يحدث في العلية ما كان التلاميذ ينتظرونه. يعبّر الكاتب عن الحدث باستعماله تعابير غريبة وانما معروفة في العهد القديم: "دويّ كريح عاصفة" (2:2)، "ألسنة كانها من نار قد انقسمت..." (2: 3)، "الصوت" (2: 6). لا شكّ أن هذه الصور تذكّر القارئ بحدث سيناء حيث كان صوت الله يخرج قديما، فيشير الكاتب بإيرادها الى اننا امام سيناء جديد، وأن هذا الشعب الذي اجتمع كله معا "في مكان واحد"، كما كان بنو اسرائيل على سفح الجبل، سيخرج منه صوت الله الى العالم. هذه العلامات الدالة على عالم الله تعلن أن الشخص الذي وعدهم يسوع به ودعاهم الى انتظاره في اورشليم (لوقا 24: 49؛ اعمال 1: 4) قد جاء، وها هو يملأ الجميع (2: 4). وفي ما تكلم لوقا عن ظواهر محسوسة للحدث الذي لا يوصف أشار الى أن المجتمعين "ابتدأوا يتكلّمون بألسنةٍ أخرى". التكلمُ بالألسنة موهبةٌ شاعت في الكنيسة الاولى (اعمال 10: 46، 19: 6). الرسول بولس تَوسَّع في الحديث عنها ما بين الإصحاحين 12 و14 من رسالته الاولى الى اهل كورنثوس، فشدّد على تنوّع المواهب التي يعطيها الروح الواحد "لأجل الخير العام". غير انه في كل مرة كان يعدّد المواهب، كان يضع موهبة التكلم بالألسنة في آخر القائمة (راجع 12: 10، 14: 26)، وذلك لأن هذه الموهبة تحتاج الى موهبة أخرى لتكون بنّاءة في الكنيسة هي موهبة "تفسير الألسن"، لأن الذي يتكلم بألسنة "يقول بروحه أشياء خفية" ولا يعمل للبناء إن لم يوجد مَنْ يترجمه. يستوقفنا، في عودتنا الى حدث العنصرة، سؤال أساس هو :هل إن ما أورده لوقا، في اعمال 2:4، هو اياه ما تكلم بولس عنه في رسالته الاولى الى كورنثوس، أم اننا، في العنصرة، امام معجزة خاصة يفسرها فهم السامعين؟ لا شك أن حدث العنصرة أعطى الكنيسةَ الموهبةَ الكاملةَ (موهبة الروح القدس)، وانطلاقا منه يمكننا أن نقدّر أن المعجزة التي برزت في ذلك اليوم، أِْعني موهبة التكلم بالبشرى الجديدة، تختلف عن موهبة "التكلم بالألسنة" التي تحتاج الى "تفسير" التي تكلم عنها بولس، وذلك أن الناس الذين خاطبهم الرسل في العنصرة: فهموا مباشرة (2: 11) بلا تفسير من أحد. بيد أن الحدث - وهذا من أهم معانيه - يوحي بأن العنصرة عالجت بلبلة الألسنة في بابل وتشتّت الأمم (تكوين 11: 1-9)، فبينما مُنِعَ الناس في بابل، بسبب كبريائهم، من التفاهم، وما كان الواحد يستطيع أن يسمع صوت قريبه، أعطت العنصرة كل واحد أن يسمع الرسل "في لغته الخاصة" (2: 6)، وذلك أن الروح الإلهي أعاد وحدة البشرية التي تفكّكت قديما، وهذا ما تشير اليه احدى ترانيم العيد: "عندما انحدر العليُّ مبلبلا الألسنة كان للأمم مُقسما، ولما وزّع الألسنة النارية دعا الكل الى اتحاد واحد...". من المفيد أن نذكر أن القديس يوحنا الذهبي الفم اعتبر أن موهبة التكلم بالألسنة - دون أن يعطي تفسيراً لها - وُضعت "بتصرفنا لفترة ما" (راجع: 1كورنثوس:13: 8)، وفي ما يؤكد أن هذه الموهبة "يمكنها أن تَحتبس من دون إلحاق اي ضرر بالكرازة"، يشهد بأننا "اليوم- اي، في انطاكية، في اواخر القرن الرابع - لا نقع على أثر لموهبة... الألسنة" (راجع: في أن الله لا يمكن إدراكه، العظة الاولى). كانت النظرة اليهودية تقول إن عدد شعوب الارض سبعون نوعا، الشعوب المسمّاة في كتاب أعمال الرسل (2: 9-11) انها حضرت المعجزة تدل بطريقة ما على البعد الشامل والتاريخي لحدث العنصرة، فالناس كلهم هنا يشهدون لمجيء الروح ويسمعون كلمة الله. المعنى الجوهري للعنصرة يجعل الكنيسة مسؤولة عن خلاص العالم كله مما يفرض عليها جهدا رسوليا متواصلا، لذلك ما كانت دعوتها أن تبقى في اورشليم، وإنما أن تكرز بإنجيل القائم من بين الاموات ابتداء من اورشليم والى أقاصي الارض (اعمال 1: 8)، وهذا تستطيعه دائما إن بقيت مملوكة الروح القادر على شيء. العنصرة هي تحقيق وعود الله، اعطاء الروح القدس الى البشرية: 1- ليسيروا في فرائض الرب، وليصبح كل انسان نبيا يتكلم بكلمة الرب:" وأجعل روحي في احشائكم وأجعلكم تسيرون على فرائضي وتحفظون احكامي وتعملون بها" (حزقيال 36: 27)، "وسيكون بعد هذه اني افيض روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم....." (يوئيل 3: 1). 2- لتوحيد جميع الامم في عبادة الله: "...فينادون بمجدي بين الامم ويأتون بجميع اخوتكم من جميع الامم تقدمة للرب...." (اشعيا 66: 19 - 20)، وهذا ما فعله الرسل بعد العنصرة فبدأوا يجوبون المسكونة معلنين البشارة الى كل الامم، عاملين بقول السيد قبل صعوده الى السماء: " الروح القدس ينزل عليكم فتنالون قوة وتكونون لي شهودا في اورشليم وكل اليهودية والسامرة، حتى اقاصي الارض" (اعمال الرسل 1: 8). فالعنصرة عيد تأسيس الكنيسة. فالمسيح اسسها على الصليب، والروح القدس جمعها ووحّدها، وهو يربط بينها وبين المسيح. فالروح القدس هو فيض النعمة على المؤمنين ليقوم كل واحد منهم بالمهمة التي اعطيت له لبنيان جسد المسيح:" هذا كله يعمله الروح الواحد نفسه موزعا على كل واحد ما يوافقه كما يشاء" (1 كورنثوس 12:11). العنصرة - ميلاد الكنيسة ليست العنصرة حدثا تاريخيا حدث مرة في الزمن وانتهى. بل هي تجدد دائم، لان عمل الروح القدس كان منذ بدء الخليقة وهو سيبقى الى انتهاء الدهر. وتجلى عمل الروح في الكنيسة التي بقيت صامدة بالرغم من كل الاضطهادات والهرطقات التي حلت بها، فالروح في وسطها ولهذا في لن تتزعزع ابداً. عيد العنصرة هو عيد "موهبة الروح المعطاة للكنيسة باعتبارها العطية الخالدة" التي نجدد قبولنا اياها في اليوم الخمسين للفصح، وفي كل يوم، ليعمق وعينا لحضور الرب القائم بيننا وفينا الى الابد ولمسؤوليتنا عن إعلان هذا الحضور المخلّص. حلّ الروح القدس على التلاميذ جهارًا بصوت مسموع ومنظر أخاذ، ودخل وملأ الطبيعة البشرية فجدد خلقتها وقواها ورفع من مستواها الروحي بشكل عملي إعجازي فائق، أدهش الذين عاينوا حوادث ذلك اليوم العظيم الخالد.... في يوم الخمسين حدث فعل خلقي جديد في طبيعة الإنسان، ظهرت مفاعيله في سلوك التلاميذ وفي إمكانياتهم وفي لغتهم وفي مفهوماتهم وفي علمهم الأمر الذي حيّر رؤساء الكهنة والحكام، ولكن لم يقتصر هذا التغيير المفاجئ الشديد على التلاميذ، بل المدهش حقًا أنه انتقل إلى كل من آمن واعتمد و َقبِل وضع اليد، حتى فهم جيدًا أن حلول الروح القدس على التلاميذ كان عم ً لا تكميليًا لأعمال الخليقة الأولى . لذلك نرى أن يوم الخمسين أصبح مرتبطًا باليوم السادس من سفر التكوين ارتباطًا جوهريًا من حيث خلقة الإنسان . فالعنصرة من هذا الوجه ميلاد جديد للتلاميذ في طبيعة جديدة خلقها المسيح من جسده بموته وقيامته وعمل الروح القدس. وحينما نتأمل في الوضع الذي كمل فيه هذا العمل الخلقي الجديد نندهش إذ نجد أنه لم يتم بصورة فردية كخلقة آدم الأول، بل كان التلاميذ مجتمعين معًا "مع النساء ومريم أم يسوع " في حالة خشوع وصلاة، إذن فطبيعة الإنسان استقبلت خلقتها الروحية الجديدة على صورة كنيسة!!! هذا معناه أن ميلاد الإنسان الجديد محصور في ميلاد الكنيسة، وطبيعة الإنسان الجديدة لا بدّ وأن تشمل في صميم جوهرها ارتباطًا حيًا وصلة وثيقة بالكنيسة... لا توجد فردية في الخليقة الجديدة!! نحن نأخذ طبيعة الإنسان الجديد من الكنيسة، وليس يمكن لأحد أن يولد من الماء والروح ويصير خليقة جديدة في المسيح يسوع خارج الكنيسة. العنصرة إذن عيد الكنيسة، هو ذكرى ميلادها... العنصرة عيد الحياة بالروح للذين يعيشون حقًا في المسيح.. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العنصرة،
و حلول الروح القدس <h1 class="rtecenter"> عندما أعطى الربّ تلاميذه القوة ليولدوا من جديد في حياة الله، قال لهم:"اذهبوا و تلمذوا كلّ الأمم معمدين إياهم باسم الآب و الابن و الروح القدس." </h1> <h1 class="rtecenter"> لقد وعد الربّ من خلال أنبيائه بأنه سيسكب هذا الروح في الأزمنة الأخيرة على عبيده و إمائه فيتنبؤون. و هكذا فقد نزل الروح القدس و حلّ على ابن الله، الذي صار ابن الإنسان، و به أصبح مألوفاً أنّ يستقر الروح القدس في الجنس البشري و يسكن في خليقة الله، في البشر، ليعمل مشيئة الآب بينهم و ليحوّل الإنسان القديم فيهم إلى إنسان جديد في المسيح. </h1> يخبرنا القديس لوقا بأنه في يوم العنصرة بعد صعود الربّ، حلّ الروح القدس على التلاميذ معطياً القوة ليمنح الحياة الجديدة لكلّ الشعوب و يفتح العهد الجديد. لذلك فقد رتلوا لله ترنيمة شكر بتناغم و بجميع اللغات. لأنّ الروح قد وحّد الأقوام المتناثرة و قدّم للآب الثمار الأولى من جميع الأمم. <h1 class="rtecenter"> لذلك فقد وعد الربّ بأن يرسل لنا روحه القدوس ليجعلنا لائقين و مناسبين لأهداف الله. فكما أنّ الدقيق الجاف لا يمكن أن يتجمع ليصبح عجينة تتحول إلى رغيف خبز بدون ماء، كذلك نحن الذين نشبه أغصاناً يابسة لا نستطيع أن نثمر ثمار الحياة دون أن يهطل المطر من السماء ليروي إرادتنا. </h1> فأجسادنا قد نالت بواسطة مياه المعمودية الوحدة التي تقود إلى النجاة من الفساد، أما نفوسنا قد نالتها بواسطة الروح. حلّ روح الله على الربّ يسوع، "روح الحكمة و الفهم، روح المشورة و القوة، روح العِلم و التقوى، روح مخافة الله". و قد أعطى هذا الروح عينه ثانية للكنيسة، مرسلاً المعزي إلى جميع الأمم من السماء ليكون لنا معيناً و معزياً و حامياً من هجمات الشرير. لأنّ الربّ قد أودع عبده الذي وقع بين أيدي اللصوص لحماية الروح القدس، و أشفق عليه فضمّد جراحه، و أعطاه قطعتان نقديتان ملكيتان مختومتان بصورة الروح القدس و نقش الآب و الابن. فعلينا أن نقبلهما و أن نجعل النقود و الوزنات التي أودعها الربّ لدينا تثمر و تتضاعف من أجله. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العنصرة أو ولادة شعب جديد في التقليد السرياني
http://www.marnarsay.com/images/nar_02365.jpg إذا كان كل شيء قد تمّ في المسيح، وإذا كان التاريخ البشري قد استعيد فيه، إلاّ أن العمل ما زال هنا في مدى زمني لبشريّة يجب أن تتحرّر لكي تصبح قيامةُ المسيح قيامتَها. لقد قدّم لنا المسيح ملء حياة الله، ولكنّه لم يفرضها علينا. فيبقى إذن أن يأخذ كل إنسان هذه الحياة التي تتفجّر من القبر، بقرار حرّ. هنا يتحدّد موقع العنصرة التي ينظر إليها التقليد السرياني نظرة خاصة جدًا، وإن ربطها رباطًا حميمًا بسر الفصح. وهذا الارتباط لا يقلّل من قيمة العنصرة ولا من دورها. بل عكس ذلك. فنحن هنا في منعطف جديد وحازم يطبع بطابعه العميق تاريخ الكون وخلاصه. إنه نقطة انطلاق في حقبة يدخل فيها البشر دخولاً حرًا، بواسطة نشاط الروح الذي يفاض عليهم، في المسيح القائم من الموت، ليكوّنوا معه جسدًا واحدًا. إن هذه الطريقة في النظر إلى العنصرة لم تكن في البدء واضحة في تفكير المسيحية الأولى وتعابيرها. ونشير على المستوى التاريخيّ وإن بشكل عاجل، إلى أن لفظة عنصرة التي نجدها في العهد الجديد (أع 2: 10؛ 20: 16؛ 1 كور 16: 8) ليست خاصّة بالمسيحية. فقد دلّت على عيد يهوديّ يُحتفل به خمسين يومًا بعد الفصح. أما موضوع هذا العبد فقط تطوّر مع الزمن. كان في البدء احتفالاً زراعيًا. كان عيد الحصاد الذي فيه يسيطر مناخ الفرح والشكر. وكان الشعب يقدّم للربّ بواكير الغلال (خر 23: 16؛ عد 28: 26؛ لا 23: 16 ي). وقد سُمّي أيضًا عيد الأسابيع (خر 34: 22)، لأنه يقع بعد الفصح بسبعة أسابيع. بعد ذلك، صار وقتًا يتذكّرون فيه واقعًا تاريخيًا هو العهد الذي عُقد بعد الخروج من مصر (ساعة عيّدوا الفصح) بخمسين يومًا (خر 19: 1- 16). لاشكّ في أن العنصرة صارت تذكّرًا للعهد في القرن الثاني ق م، تذكّرًا للوقت الذي فيه أعطيت الشريعة. وسوف تعمّم في بداية المسيحيّة كما تقول الشهادات الرابينيّة ونصوص قمران. على المستوى المسيحيّ، يجب أن ننتظر نهاية القرن الثاني وبداية الثالث لنجد شهادات متعلّقة بالعنصرة كعيد مسيحيّ. هي في ذلك الوقت، شأنها شأن العيد اليهودي، عيد فرح وبهجة. ولكن ما كانت تدوم يومًا أو يومين كما في عيد الحصاد لدى اليهود، بل تمتدّ على حقبة سبعة أسابيع تتبع الفصح. أما مضمونها فهو كل السرّ الفصحيّ الذي يتلخّص بشكل خاصّ في انتصار المسيح على الشر وصعوده وتمجيده. نحن هنا في خط بواكير الحصاد، أمام بواكير بشريّة افتداها الكلمة. وصورة البواكير هذه يطبّقها ايريناوس على الجماعة الفتيّة التي كوّنها الروح يوم العنصرة وقدّمها باكورة للآب. وطبّقها أيضًا أوريجانس (185- 254) على الروح الذي ناله الرسل. وبعد ذلك الوقت بقليل، سيطبّقها أوسابيوس القيصري (265- 340) على الجماعة المسيحية الأولى التي وُلدت بحلول الروح، فأدخلها المسيح إلى الله كتقدمة خاصة. وسيتحدّث أوسابيوس في "حياة قسطنطين" (4: 64). ومثله "تعليم الرسل" الذي هو منحول وُلد في الرها في القرن الثالث أو الرابع، عن تيّار جديد وُلد في ذلك الوقت فاعتبر الصعود والعنصرة كفيض للروح يُحتفل بهما في وقت واحد، في اليوم الخمسين. هذا الواقع الذي يُعتبر خروجًا على مطلع سفر الأعمال الذي يحدّد موقع الصعود أربعين يومًا بعد القيامة، قد يكون رجع إلى أف 4: 7- 12 الذي يقدّم عطيّة الروح التي تحقّق الوحدة الكنسيّة في تنوّع الدعوات والمواهب والخدم التي يثيرها في الجماعة الفتيّة، كثمرة مباشرة لارتفاع المخلّص عن يمين الله. في هذا الإطار، يبدو أن بداية هذه الظاهرة الجديدة قد وُلدت متأثّرة بمواسم الحجّ في فلسطين وأورشليم، حيث أراد المؤمنون أن يتذكّروا أحداث حياة المسيح التاريخيّة في الزمان والمكان اللذين فيهما حصلت. هذا ما تتحدّث عنه أتيرية في "يوميّات سفرها". وهكذا ارتبط يوم الفصح بالقيامة. واليوم الاربعون بالصعود، وإن عُيّد في اليوم الخمسين. غير أن يوم الخمسين سوف يرتبط بشكل نهائي بحدث العنصرة وحلول الروح في العالم ودخوله في صيرورة البشر "ليجدّد الانسان على الأرض من أجل الله" كما قال ايريناوس في "البرهان الرسولي" (رقم 6). وهنا أيضًا يرتبط فيض الروح في تقليد الآباء، بالعهد وعطيّة الشريعة في سيناء. وكل هذا بتأثير من العالم الرابيني الذي جعل من عيد الأسابيع عيد عطيّة الشريعة والوحي. وإن التقليد السريانيّ سوف يشدّد بشكل خاص على التوازي بين العيد اليهوديّ والعيد المسيحيّ. وهكذا بدت العنصرة في المسيحيّة الأولى، حقبة من سبعة أسابيع تتبع عيد الفصح وتوافق عيد الحصاد كما في التوراة. أما مضمونها فالسرّ الفصحيّ كله. وبعد القرن الرابع، صارت تدلّ بشكل خاص على اليوم الخمسين. وصار مضمونها حلول الروح كمقابل لعطيّة الشريعة في سيناء. بعد أن صار عيد العنصرة، عيد حلول الروح، احتفالاً كبيرًا في المسيحيّة، بدأ الآباء يتأمّلون في العيد بشكل خاص، ويتعرّفون إلى شخص البارقليط، كما إلى تدخّله وعمله في العالم وفي تاريخ البشر بشكل حاسم جدًا. ولكن من الواضح أن هذا التفكير والشرح اللاهوتيّ، هما إظهار على مستوى الكلمة والطقس لواقع أول عاشته جماعة المسيح الجديدة واختبرته. وواقع العنصرة الحيّ هذا الذي هو في أصل الواقع الكنسيّ، يسبق فكر الكنيسة وتعابيرها. فهي التي تشرف على رؤية لوقا، إبن أنطاكية، حين صوّر في سفر الأعمال بداية المسيحيّة وامتدادها في الزمان وفي المكان. لهذا، سنحاول أن نكتشف قدر المستطاع ما حدث يوم العنصرة. أن نكتشف العنصر الجديد في هذا الحدث الذي كان له تأثير حاسم في حياة الكون. إن الجديد الجذريّ في حدث العنصرة هو نزول أقنوم الروح القدس إلى عالمنا. في العهد القديم وفي زمن التجسّد (ما عدا في ما يخصّ المسيح وأمه) كانت تصل مواهب الروح وأعماله إلى العالم، وما كان يُعطى هو بذاته. إن موسى بركيفا (813- 903) الذي هو أحد علماء السريان العظام في اللاهوت والليتورجيا، يشدّد على الطابع الشخصيّ لنزول الروح في العنصرة. طُرح عليه سؤال: "هل نال الرسل الروح القدس شخصيًا، أم نالوا فاعليته"؟ فأجاب: "لقد نال الرسل شخص الروح. وبما أن الروح هو أعظم من عطاياه، فما ناله الرسل أعظم ممّا ناله الأنبياء. وأن يكون الرسل قد نالوا شخص الروح نعرفه بما يلي: كما أعطي المسيح في أقنومه للعالم، كذلك أعطي الروح للرسل. ومن كلمات ربنا الذي قال: "إن كنت لا أنطلق لا يأتيكم البارقليط. ولكن إن انطلقت أرسله لكم" (يو 16: 17). وهذه الكلمة أيضًا: "أرسل لكم بارقليطًا آخر يبقى معكم إلى الأبد" (يو 14: 16)، أي شخصًا آخر. فلفظة "آخر" تدلّ على "الشخص" لا على العمل. ثم: "روح الحقّ الذي ينبثق من الآب" (يو 14: 17؛ 26:15). أي ينبثق في ما يخصّ الطبيعة، ويعطيه الابن شخصيًا. وبعد ذلك: "هو الذي لا يستطيع العالم أن يقبله" (يو 14: 17). لقد نال العالم بعض المرات وبشكل مجتزئ عمله. ناله الأنبياء والكهنة والملوك والذين مُسحوا. وأخيرًا: "ذاك الذي لم يعرفه العالم" (14: 17). أي ذاك الذي ما عُرف عملُه فقط. إذن، شخص الروح القدس بالذات قد أعطي للرسل. قبل الصليب نال الرسل من المسيح نعمة الروح وعطيّته، شأنهم شأن الأنبياء. ولكن بعد الصليب نالوا شخص الروح عينه حين غفروا الذنوب والخطايا، حين ربطوا وحلّوا في السماء والأرض، وهذا ما لم يقدر الأنبياء أن يفعلوه. قبل الصليب كان الرسل يشفون أمراض الجسد. وبعد الصليب شفوا أمراض النفس". ينتج ممّا سبق أن العنصر الجديد في العنصرة هو تدخّل الروح ونزوله الشخصيّ إلى العالم على مثال نزول الابن. لاشكّ في أن بركيفا كاتب متأخّر. ولكنه في الواقع صدى لتقليد قديم. فقد كان إيريناوس يشدّد على تدخّل البارقليط فقال في البرهان الرسولي (رقم 6) إن تعليم الايمان المسيحيّ الذي هو قاعدة البناء وأساس الخلاص يتضمّن "كبند ثالث: الروح القدس الذي به تنبَّأ الأنبياء... والذي في نهاية الأزمنة أفيض بشكل جديد على بشريّتنا لكي يجدّد الانسان على الأرض من أجل الله". أما أوريجانس الذي يعارض في عظته حول سفر اللاويين بين "ظلّ" العهد القديم وواقع الانجيل وحقيقته، فيصف مجيء الروح في الكنيسة يوم العنصرة على أنه تجديد لم يُرَ مثله من قبل. فالروح هو هنا. و"حضوره ينقّي من كل نجاسة ويمنح غفران الخطايا". هنا نقارب عبارة أوريجانس هذه مع البرهان الأخير الذي يقدّمه موسى بركيفا ليؤكّد أن الرسل نالوا بعد الصليب شخص الروح، لا فاعليّته فقط. فسلطان غفران الخطايا أو ربطها لا يتمّ إلاّ بفضل الروح الذي يفعل شخصيًا في الرسل. وهذا الحضور الشخصي ينقّي الآثام ويمحوها. ويتوسّع يوحنا الذهبيّ الفم في عظاته، في مجيء الروح يوم العنصرة مجيئًا جذريًا وأصيلاً. وهذا المجيء يختلف كل الاختلاف عن عطيّة الروح للأنبياء وأبرار الشريعة القديمة. غير أن الذهبيّ الفم لم يميّز بين شخص الروح وفعله. أما كيرلس الاسكندراني الذي يحتلّ مكانة هامة في الكنيسة السريانيّة، فيستشّف هذه المسألة ويشدّد على الوجهة الشخصيّة لحضور الروح في المؤمنين. وهذا ما لم يتمّ في الملهمين السابقين. إليك ما يقول في عرض شرحه يو 7: 30 الذي يتحدّث عن الروح الذي ما أعطي بعد لأن المسيح لم يكن بعد قد مُجّد: "كان في الأنبياء القديسين استنارةٌ غنيّة جدًا من الروح القدس، تجعلهم جديرين بأن يروا المستقبل ويعرفوا الأشياء. ولكن في مؤمني المسيح، لم تكن هناك فقط استنارة الروح القدس، بل الروح القدس نفسه الذي يقيم ويسكن فينا. فنحن لا لنخاف من أن نؤكّد هذا الأمر". وهكذا نكون أمام واقع جديد وخارق هو مجيء البارقليط بيننا. وقد وعت الكنيسة هذا المجيء منذ ولادتها. لهذا، ما توقّفت عن اعلانه ولم تتوقّف ولن تتوقّف على ما تقول الليتورجيا السريانيّة في صباح العنصرة: "الروح الحيّ والقدوس، الذي هو مساو في القدرة للآب والابن، نزل اليوم في العليّة وعلّم الرسل". وقال النصّ في صباح اليوم عينه: "واحد من الأقانيم الالهية، الروح القدس، نزل في العليّة وحلّ على الرسل. رأوه بشكل ألسنة من نار. علّمهم وأدّب غلاظتهم". وبما أن لهذا الحدث طابعه الأصيل ودوره في التدبير المسيحي، ما اكتفت الكنيسة بأن تحتفل به في صلاة الفرض التي تتلوها في عيد العنصرة. بل كرّست له باكرًا خدمة ليتورجيّة خاصة تسمّى "السجدة"، وهي تتمّ في الساعة الثالثة التي تقدّس نزول الروح هذا. إن تزمين حدث العنصرة نجده عند غريغوريوس النيصي، وهو في خطّ ليتورجيّة أورشليم. فبحسب إتيرية، كانوا يحتفلون في صباح العنصرة بمجيء الروح، باجتماع في كنيسة صهيون، حيث أكلوا العشاء السري، وحلّ الروح، وذلك في الساعة الثالثة. كانوا يقرأون مقطعًا من سفر الأعمال حول نزول الروح. إذن، هذه الخدمة الليتورجيّة هي تذكّر حدث العنصرة. ونحن لا نكتفي بالعودة إلى حدث من الماضي، بل بتأوين هو في الساعة الحاضرة الوقت السامي والمميّز الذي فيه تجدّد الكنيسة اتحادها بالبارقليط الذي يعطي ذاته لها. ويقينها بفيض الروح فيها هو كبير بحيث تحني ركبتها ويلامس وجهها الأرض معارضة العادة الليتورجية التي تتمّ فيها الصلاة وقوفًا. فبحسب هذا النشيد الذي يلي ويفسّر الفعلة الرمزية، لا تستطيع أن تحتمل مجيء البارقليط الذي يحلّ عليها: "لهذا وحتى يوم العنصرة، لا نسجد إلى الأرض في صلواتنا، وتجاه أعدائنا ننشد ونقول مع المرتّل الالهي داود: هم عثروا وسقطوا ونحن قمنا وانتصبنا. ولكن حين كشف الروح القدس عن نفسه، بحسب رضى الله، وظهر لنا في ألسنة من نار، نجثو على ركبتنا، لأننا لا نستطيع أن نتحمّل منظره". فهذا المقطع الذي نقرأه عند ساويروس الانطاكي، والذي نجد صداه عند موسى بركيفا يربط السجود رباطًا وثيقًا بمجيء الروح إلى العالم، ويقدّمه على أنه فعلة طوعيّة بها تدرك الجماعة المسيحيّة إدراكًا عميقًا الحضورَ الشخصي والشبهَ المحسوس للروح في وسطها. وهذا الادراك الكنسي يجد أساسه وسنده واندفاعه في تبديل جذريّ وفي مختلف المعجزات التي أجراها الروح ساعة جاء وسط البشر. وهذه المعجزات العديدة تعلن بداية جديدة تستعيد بدايات العهد القديم ومراحله المميّزة وتتجاوزها فتدلّ على أنها تختلف اختلافًا جذريًا عمّا في العهد القديم. ثم إن هذه المعجزات على اختلافها وتنوّعها، تلتقي بشكل عجيب لتكوّن الواقع العظيم، واقع العنصرة: العهد الجديد، الشعب المسيحاوي الجديد، الكنيسة التي هي امتداد سرّ المسيح القائم من الموت وتأوينه وظهوره تجاه الآب. وكل هذا يتمّ بفعل الروح. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عيد حلول الروح القدس
العنصرة "ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معـًا بنفس واحدة" ( أعمال الرسل 2 : 1 ) http://www.bakhdida.com/FrAmmarAntan...s/image003.jpg الاب عمار بهنام باهينا .. السويد تحتفل الكنيسة المقدسة بعيد عظيم من أعز أعيادها وهو عيد العنصرة أو عيد حلول الروح القدس العنصرة تعني التجمع والوحدة ، وكان شعب العهد القديم يحتفل في هذا العيد خمسين يوم بعد عيد الفصح اليهودي وكان يسمى عيد الاسابيع او عيد الخمسين ( البنتوكستي ) كلمة يونانية تعني خمسين يوما ،اي ذكرى استلام موسى الوصايا في جبل سيناء بعد خمسين يوماً من الفصح (خروج 19، 1). وكانوا يحيون فيه تذكار عمود النار الذي قادهم في البرية ، وتذكار الماء الذي خرج من الصخرة على يد موسى بسكب الماء. عشرة أيام كاملة هي مابين الصعود والعنصرة لم يبرح التلاميذ أورشليم تنفيذاً لوصية ربنا يسوع المسيح حينما قال لهم ( وهاأنا أرسل لكم ما وعد به أبي فاقيموا في مدينة أورشليم إلى أن تلبسوا قوة من الأعالي) لو 24 : 49 " ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معاً بنفس واحدة فصار بغتة من السماء صوت ريح عاصفة وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم وامتلأ الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى كما أعطاهم الروح أن ينطقوا" ( أع 2 : 1 ـ4) . يصف لنا لوقا الإنجيلي في اعمال الرسل حلول الروح القدس على جماعة التلاميذ مع مريم العذراء وهم مجتمعون في العلية. وتذكرنا الريح والنار والعلية وكل ما حدث بصورة جبل سيناء عند استلام موسى للوصايا وإقامة "العهد" مع الشعب في البرية. إنه الروح القدس ينزل الآن ليعطي العهد الجديد للتلاميذ ويحوّلهم من "جماعة" إلى "كنيسة" صوت ريح عاصفة الريح تشيرإلى القوة الروحية الخلاقة " كانت الأرض خربة و خالية و على وجة الغمر ظلمة و روح الله يرف على وجه المياة" تك2:1 ألسنة من نار النار تشير إلى عمل التطهير الذي للروح القدس (اش6:6،7) فقد حل الله على جبل سيناء بالنار (خر18:19) أما فى هذا اليوم فحل على التلاميذ بالنار التكلم بألسنة هو تصويب لما حدث قديماً عند برج بابل حيث بلبل الرب لسان الأشرار حتى لا يعرف الواحد لغة الأخر ولكن بالروح القدس بلبل ألسنة التلاميذ ليسطيعوا أن يكرزوا ببشارة الملكوت فى العالم أجمع لكي يجمعوا العالم ليكونوا واحداً لله الأب فى المسيح يسوع بالروح القدس حلول الروح القدس لكي يصير الأنسان هيكلا لروح الله وتجديد الطبيعة التى أفسدت بالخطية فى العهد القدي فكان حلول الروح القدس على التلاميذ بمثابة معمودية لهم معمودية الروح القدس ونار لا تقلّ تلك العلامات التي رافقت حلول الروح القدس قوةً وغرابة عن العلامات التي بقيت مع الرسل ورافقتهم بعد حلول الروح عليهم. فلقد بدأوا يتكلمون ويعظون الناس، وكان الجميع يفهمون كما بلغاتهم الخاصة، وهؤلاء التلاميذ ما هم إلا صيادون وبسطاء غير متعلمين. لقد انقلبت هذه الجماعة الخائفة إلى كنيسة مبشّرة! الآن بعد حلول الروح القدس فهموا منْ هم! وما هي رسالتهم؟ وفهموا معنى كل ماحدث! لقد علّموا ووعظوا وعمّدوا وبدأوا يكسرون الخبز، بالإضافة إلى كل العجائب والقوى والأشفية التي رافقت رسالتهم. وكما امتلأ رسل المسيح بالروح القدس هكذا نحن كلنا مدعوون للامتلاء بالروح القدس على لسان معلمنا بولس الرسول القائل " لا تسكروا بالخمر الذى فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح " ( أف 8:5 ). الروح القدس أيضا يرشد ويعلم ويذكر كقول الرب يسوع " وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يو26:14) وحينما يعمل الروح القدس في نفس الإنسان تنمو وتزدهر وتأتي بثمار حلوة روحانية كثيرة كما قال مار بولس الرسول في رسالته إلي كنيسة غلاطيه : " وأما ثمر الروح فهو محبة . فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح ، ايمان ، وداعة ، تعفف ". |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المعزي المتروبوليت بولس يازجي https://4.bp.blogspot.com/-Lz019op99s...ed+%284%29.jpg نعيد في عيد العنصرة لحلول الروح القدس على التلاميذ. ويدعو الإنجيل، وخاصةً عند يوحنا، الروحَ القدس بالمعزي وروح الحق. وبهذا يشرح الكثير من عمل الروحح القدس يُغادر يسوع تلاميذه عند الصعود، ولكنه قبل ذلك يعدهم أنه لن يتركهم يتامى، بل سيرسل لهم "معزياً آخر". حين كان يسوع مع تلاميذه كان يحفظهم في العالم من العالم. ولكن الآن الخير لنا أن ينطلق ويرسل لنا معزياً وعاضداً آخر هو الروح القدس (يوحنا 14: 16). "في العالم سيكون لنا ضيق" لأنه لو كنا من العالم لأحب العالمُ شاكلته وما يشبهه. لكن حقيقة الإيمان وطبيعة حياة المؤمن تخالفان روح العالم. وذبيحة يسوع وصلبه هما الشاهدان على هذا الصراع بين منهجية العالم ومنهجية الإيمان. كان يسوع شهيد هذه المعركة ومثال بذلك لكل مؤمن. لا شك أن هذا الصراع هو بين الدنيا والأسمى، بين الخير والشر، بين الإيمان والإلحاد، بين الله والشيطان، بين رغبات الإنسان الخيرة ونزواته الغريبة. ولكن ألوان وأشكال وساحات هذا الصراع تتبدل في الزمان والمكان. والسؤال لدى المؤمن ليس عند شكل الصراع بمقدار ما هو السؤال عن وجود المعزّي والمحامي والعاضد، في زمن ليس يسوعُ حاضراً فيه بالجسد. لقد صرخ يسوع وهو مع تلاميذه، في لحظات الخوف والشدة: "ثقوا لقد غلبتُ العالم". هذه كلمة معزية جداً، إن المعلم قد "غلب" وهذه هي غلبتنا به. الروح القدس هو المعزي اللاحق (الآخر) بعد صعود يسوع إلى السماوات. إنه يأخذ مكان يسوع، أو يجعل يسوع حاضراً بيننا كما كان بين تلاميذه. كما أن يسوع والآب واحد، بالروح القدس نصير نحن ويسوع واحداً. إنه الروح الذي يشدّدنا ويذكّرنا بكل ما قاله يسوع (يوحنا14: 26) وبذلك يجعل صلتنا بيسوع وثيقة؛ ولذلك هو المعزي الذي نستدعيه كل حين. والروح القدس هو معزي لأنه مؤيّدٌ على الحق، إنه روح الحق، الذي يرشدنا إلى الحقيقة كلها (يوحنا16: 13). إنه المضاد لأبي الكذب (الشيطان) والشاهد عليه وعلى أعماله في العالم (يوحنا17: 16). إن أساس التعزية في الصراع لدى المؤمن بين النور والظلمة هو أن يكون المؤمن بالنور وفي الحقيقة. لذلك إننا نعرف أن لا غلبة لنا إلا بروح الحق، هذا المعزّي. "بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئاً"، بحسب كلمات يسوع. والآن "بدون الروح القدس لا نستطيع أن نعمل شيئاً صالحاً". لأن الروح يقيمنا في الحق، والروح يعزينا، وبالروح تصير غلبتنا على العالم. "إعرفوا الحق والحق يحرركم"، هذه كلمات تعني تماماً: "حيث روح الله هناك الحرية". من أقام في الحق يتحرر من الخوف؛ من كل خوف. فمن أقام في البِرّ لم يعد يخاف حتى الموت. ومن أقام الروح عنده تحرر من خوف العالم ووثق أنه بالروح مع يسوع سيغلب العالم. لكن هذا الروح القدس لا يستطيع العالم أن يتقبّله (يوحنا17:14)، لأنه روح الحق. فالظلمة لا تتقبل النور لأن أعمالها توبخ منه. فمن لا يقيم في الحق ويترفع عن الكذب لا يقيم الروح عنده. إن أكبر خطيئة في الكنيسة هي الكذب ولقد كان عقابها في سفر أعمال الرسل (موت سفيرة وحنانيا) دليلاً على هولها وحجم شرّها. الخطيئة تجاه أي شيء تُغفر، إلا تجاه الروح القدس: "من جدّف على الابن يُغفر له أما من جدّف على الروح القدس فلا يُغفر له". تبدو هذه الآية كاللغز لكن مفتاح فهمها، كما يشرحها القديس الذهبي الفم، هو ان الروح القدس هو روح الحق. لهذا يقول يسوع إذن للفريسيين والكتبة والمعلمين: إذا جدّف الناس العامّيون على الابن ولم يعترفوا بألوهية ابن الله المتجسد، ولم يألف الناس أن يتجسد الله، فهذه خطيئة تُغفر. أما أنتم العاملون بالناموس وقد أدركتم بحق اكتمال النبوءات وعرفتم ألوهية الابن، فإن تجديفكم الآن لم يعد خطيئة عن جهل، بل هو خطيئة عن معرفة، خطيئة ليست ضد ابن الله ولكن ضد الحق، وهذه الخطيئة هي من حب الشرّ وليس من حب الخير. والشرير بالأصل لا يطلب المصالحة ولا ينتظر الغفران. من يقيم في الكذب ضعيف، لأن الروح القدس لا يقيم معه. ثقوا بالروح سنغلب كل كذب أمامنا، بالروح سيُغلب روح العالم الذي لا يحب الحق. بالروح ستسقط كل الأقنعة عن كل الأشياء. فلا يبقى بوجود الروح رياء ولا تغوي الخديعة الإنسان الذي في الحق. بالروح سنصرخ ليذهب العالم ولتأتِ النعمة. بالروح سنصرخ ونحن في العالم "أبّا أيها الآب"، وهذه غلبتنا أننا في العالم لكننا أبناء الله. أيها الملك السماوي المعزي، يا روح الحق، هلمّ اسكن فينا وطهّرنا من كل كذب الدنس، وحررنا أيها الصالح من كل خوف نفوسنا". |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
خميس الجسد إعلموا أيُّها الأخوة المسيحيون أن السبب في وضع هذا العيد المجيد في كنيسة الله المقدسة هو أنّهُ في سنة 1263 للتجسّد الإلهي في عهد البابا أوربانوس الرابع والملك ميخائيل الباليالوغوس، حدثت أعجوبة عظيمة في القربان المقدّس في قرية بولسينا من أعمال فتيربو. وهي أن الكاهن بينما كان يكمل خدمة القداس أمام الشعب في كنيسة القديسة خريستينا، شك بعد التقديس الجوهري في صحة وجود جسد المسيح. فلما قسم القربان المقدس إلى جزءَين جرى منه دمٌ حيٌّ وصبغ الانديميسي كلها. فلأجل هذه العجيبة السامية رسم البابا المذكور بأن يعيّد في كل سنة عيدٌ لإكرام القربان المقدس، ودُعي بعيد جسد الرب وذلك في يوم الخميس الثاني بعد العنصرة. ولكي يكون هذا العيد مفيدًا لتثبيت الإيمان المستقيم ودحضًا لاعتراضات الأراتقة، أمربأن جميع المسيحيين يطوفون بالقربان المقدس في كل المدن والقرى بكل ما يقدرون عليه من الإجلال والتكريم. وكتب بذلك إلى جميع رؤساء الكنيسة فأوجبوا رسمهُ. ومن ذلك الزمان إلى يومنا هذا صار هذا العيد عند النصارى من أفضل وأبهج الأعياد السنوية معنى العيد: هو عيد اكرام للسيد المسيح في سر قربانه الاقدس ان الكنيسة تكرم جسد الرب ودمه كل يوم في ذبيحة القداس الالهي , وتكرمه بالاخص يوم خميس الاسرار , اليوم الذي به اسس المسيح سر الافخارستيا مع تلاميذة قبل موته على الصليب لكن هذا الاكرام اليومي والسنوي لم يكن ليفي باحتياج المؤمنين , فرسمت الكنيسة هذا العيد سنة 1264 واخذت تنظم الحفلات اكراما لجسد الرب , وحتى يومنا هذا ما زال الاكرام مستمرا لجسد الرب , واصبح هناك مؤتمرات قربانية, وزياحات بالجسد الالهي في كل مدينة وقرية. ورعية فسوطة اتخذت هذا العيد عيدا مهما ولاهمية معناه قرر ان يقدم اولاد الرعية في سن العاشرة لسر المناولة الاولى "الافخارستيا" وحتى اليوم هذا العيد هو بطالة في الرعية والمدرسة, به تقام الذبيحة الالهية بحضور مطران الابرشية والكهنة ويتقدم ابناء الرعية الذين في سن العاشرة للمناولة الاولى بعد ان يكونوا مهيئين روحيا بواسطة التعليم والشرح عن سر القربان المقدس والسيد المسيح طيلة سنة من قبل الراهبات في الرعية والكاهن. الكنيسة تريد منا في هذا العيد ان تحيي فينا عواطف الايمان بابن الله المتانس الذي لم يكتف بانه اخذ صورة عبد وظهر بالجسد مثلنا كانسان, ولم يكتف بانه تالم ومات لاجلنا بل اراد ان يبقى معنا ويسكن بيننا تحت اشكال الخبز والخمر معيدا بذلك كل وقت وكل ساعة ذبيحة الصليب الالهية الخلاصية, وغاية الكنيسة ايضا ان تضرم في قلوبنا الشوق الى تناول جسد الرب بحرارة الذي يوصلنا للسعادة الروحية |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أساس سلوك المسيحي الحي بالله
شركة الثالوث والدخول في الحرية الحقيقية https://scontent-b-cdg.xx.fbcdn.net/...10150791_n.jpg كل من يتوب ويعود لنبع الحياة الأبدية بإيمان واعي حي، يبدأ يدخل في سرّ التجديد في المسيح يسوع: + إذاً أن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً (2كورنثوس 5: 17)فتتغير حياته، يوماً بعد يوم، بعمل النعمة في قلبه فيدخل في سيرة روحانية مقدسة بالتقوى، في شركة حية مع الله الثالوث القدوس تتقوى فيه وينمو فيها، وتنعكس حياة الشركة على حياته الشخصية - في واقعه اليومي المُعاش - في وحدة المسيح الرب الذي وحدنا في نفسه لندخل في سرّ الشركة مع الله بالروح القدس في كنيسة مقدسة تتحقق فيها الوحدة، وهذه الوحدة المقدسة لا يُمكن أن تُبنى على أساس التمييز بين الحلال والحرام حسب الناس، لأن الابتعاد عن الشرّ في حد ذاته وتجنبه يستحيل أن يخلق الوحدة، فنحن كمسيحيين لا نقبل الحلال والحرام كأساس للسلوك القويم حسب سرّ النعمة العاملة في داخلنا، بل أساس السلوك عندنا مبني وقائم على كل ما هو من المحبة والشركة، فهذان (المحبة والشركة) هما الأساس المُحرك للسلوك، والمحبة ليست هي محبة مجردة أو هي مجرد أخلاق سلوكية تسلمناها من آبائنا الذين ربونا على تقبل الآخر في المجتمع، بل المحبة التي نقصدها هنا هي الله [ الله محبة ]، ولأن الله [ الثالوث ] محبة فهو الذي يجعلنا واحداً : يا إخوتي ينبغي أن نفهم طبيعة سرّ حياتنا الجديدة في المسيح، لأننا فيه وبقيامته صرنا خليقة جديدة ليست من هذا العالم وطبعه مهما ما كان جميل وفاضل، فلاحظوا جداً وانتبهوا واعرفوا أن كل الخطايا والتعديات بكل أشكالها وأنواعها المستترة والظاهرة تحت أي شكل، ما هي إلا صورة الموت الروحي في الإنسان، وهي صورة لا يُحاربها العالم أو يعترض عليها، بل يُعطي لها الشرعية ويُدعمها بالقوة اللازمة، وذلك لأنها تخدم تطلعات الإنسان وشهواته الفاسدة، من حُب المراكز أو مال أو كبرياء... الخ: [ كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم ] (1يوحنا 2: 16) وكل من يحيا بهذا العالم الساقط، أي يحمله في قلبه مرتبطاً بكل شهواته ويسلك بقانونه تحت سلطان غرائز الجسد، فأنه يموت روحياً منفصلاً عن الله، بل ولا يقدر أن يُقيم شركة مع الله ولا مع الآخرين في سرّ المحبة المتفدقة بروح الله، بل ولا يقدر أن يعرف الله كشخص حي وحضور مُحيي: [ كان في العالم وكُوَّن العالم به ولم يعرفه العالم ] (يوحنا 1: 10)، لذلك قال الرسول : [ لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم أن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب ] (1يوحنا 2: 15) + فسلوك المسيحي الحي بالله ينبع من قيامة ربنا يسوع الذي حررنا من كل فريضة وقانون الحرام والحلال وجعل لنا قانون سماوي فوقاني من المحبة والشركة: [ إذاً إن كنتم قد متم مع المسيح عن أركان العالم فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض ] (كولوسي 2: 20)، فأن عاش الإنسان حسب مبادئه الإنسانية محدداً بعقله ما هو شرّ وما هو خير بفلسفته أو منطقه الخاص خاضعاً لفرائض وطقوس لا من جهة حرية مجد أولاد الله بل وهو في حالة العبودية، أو بحسب المجتمع الذي يعيش فيه يُحدد ما هو حرام وما هو حلال بعيداً عن الله وفي معزل عنه، أو حتى يظن أنه قريب من الله لأنه درس وعرف عن الله معلومات ملأ بها فكره، وحفظ الوصايا من جهة الفكر والمعرفة، فأن حياته ستصير مُظلمة ليس فيها نور، لأن الإنسان الساقط تحت سلطان الخطية والموت عنده غشاوة لأنه ظلمه، وكل مبدأ أخلاقي أو فكر سامي أو قانون حتى لو كان رائع شكلاً، فهذا كله ينبع من نفسه وهو أصلاً ظلمة، فلا يُمكن بل ويستحيل على الإطلاق أن الظلمة تُضيء من ذاتها إلا لو أشرق النور فيبددها، فالله هو نور الحياة، لأن الخالق هو الواهب كل الأشياء وجودها وحياتها، لذلك فلو صار الإنسان نفسه وبذاته هو شخصياً نور الحياة، فالحياة حتماً ستصير ظلمه كما قلنا بسبب أنه ساقط وواقع تحت سلطان الموت، لذلك مستحيل أن يخرج منه النورطبيعياً، والرب قال عن نفسه انه هو نور الحياة: [ ثم كلمهم يسوع أيضاً قائلاً أنا هو (يهوه) نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة ] (يوحنا 8: 12) ...إذن تبعية الرب النور الحقيقي يجعل الإنسان يستنير ويصبح بدورة نور، أي أن نور الرب يشع منه، ويصبح سلوكه فوقاني (أي من فوق) بالحب والشركة محققاً ما قاله الرسول: [ لكي تكونوا بلا لوم وبسطاء أولاداً لله بلا عيب في وسط جيل معوج وملتوٍ تضيئون بينهم كأنوار في العالم ] (فيلبي 2: 15) لذلك لو سألنا أي شخص لم يتذوق محبة الله ويعيش بالشركة مع الثالوث القدوس عن الخلاص من الموت الروحي، لن نسمع إجابة فيها حياة الله، أو ملامح أي شركة أو وحدة مع الله والكنيسة جسد المسيح، بل سنسمع منه مجرد وصايا خارجية وتوجيهات من جهة الأعمال الشكلية على مستوى الخارج [ العشور – الصوم – الطهارة – الصدق ... الخ ] وكلها أشياء صالحة وضرورية للغاية لمن يؤمن إيمان حقيقي حي، لأنها هي التي تُعبِّر عن صدق عمل الله في داخله، لأن حينما يكون هذا ثمر الروح القدس فينا فأن مجد الله الوحد سيظهر ويجذب الجميع للحق، ولكن أعمال النور لا تُنفذ من الخارج أو تنبُع من ظلمة لإرضاء الضمير !!! لأن حتى لو حققها الإنسان وعاش بها بقدراته وإمكانياته الشخصية فسيصبح فريسي جديد لن يتبرر أمام الله قط لأنه لو نظر (الله) وفحص النفس سيجدها غريبة ليس فيها حياة الابن الوحيد؛ فنحن لا نتبرر بأعمالنا وفضائلنا الشخصية، بل بما يملئنا به الله ويهبنا إياه حسب عمل روحه في قلوبنا ومدى تغيرنا لصورة المسيح الرب، حسب إنارته لنا وإشراق نوره في قلوبنا [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)...
المعلومات عن الله ومعرفة اللاهوت كفكر أو السلوك الإنساني حسب شوية مبادئ، كل هذا لا يُغيرنا لصورة الله، بل كل هذا ينفخ ويجعل الإنسان متكبر في النهاية مهما ما أظهر اتضاعاً أمام الناس محاولاً أن يخفي فضائلة التي اكتسبها بجهده وتعبه، وهذا شكل لا ينظر له الله بأي حال لأنه خالي من حضوره وإعلانه عن ذاته بالروح القدس الشاهد له في أعماق القلب من الداخل، بل فقط ينظر لصورته فينا ليس بعملنا نحن بل بعمل الروح القدس في داخلنا، لأن من في استطاعته أن يصير قديس حسب مشيئة الله ويتغير لصورة الله بقدراته الشخصية وحسب إمكانياته البشرية الضعيفة، مهما ما بلغ من قوة إرادة وقدرة على العمل وعنده كل فكر روحي عميق أو دراسة صحيحة ودقيقة بل ومنصب عظيم في الكنيسة، بل أن كل ما في قدراته تُصب في النهاية في شكله هو أمام الناس وأخلاقه الإنسانية السامية والحسنة، ولكنه لن يتطبع بالطابع الإلهي بهذا الشكل، ولن يتغير لتلك الصورة عينها كما من الرب الروح القدس، بل لن يتغير ولن يتجدد طبعه ويُصبح ابناً لله عملياً والروح القدس يشهد لروحه أنه ابناً لله في الابن الوحيد [ الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا إننا أولاد الله ] (رومية 8: 16) بل ولا يستطيع أن يُقيم شركة حيه مع الله يسمع فيها صوته ويعرف مشيئته في حياته الشخصية بل دائماً يحتاج أن يقول له آخر ما هي مشيئة الله لأنه لا يستطيع أن يسمع صوت الله المُحيي، [وهذا يكشف لنا ما هو سر ركض الناس وراء الرهبان والراهبات والسعي المتواصل لطلب مشورة الناس في حياتهم الشخصية ليتعرفوا على مشيئة الله]، بل وقد يدخل في وهم أنه سمع صوت الله لمجرد أنه قرأ آيه أو كلام اتأثر به نفسياً أو حلم شافه، فكثيرون للأسف لم يدخلوا في حياة الشركة مع الثالوث القدوس، ولم يتلقفوا حياة الله في داخلهم فيبصرون ملكوت الله في داخل قلوبهم، وتشع فيهم نصرة الرب بروح القيامة، فيتيقنوا برؤية إيمان حي أن نصيبهم هو الرب ولهم ملكوت الله حتماً وعن يقين لأنه ليسوا بغرباء عنه [ فلستم إذاً بعد غُرباء ونُزلاً، بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله ] (أفسس 2: 19).... ولنقرأ معاً في الختام من رسالة القديس يوحنا الرسول الأولى الإصحاح الرابع من 9 إلى 21:[ بهذا أُظهرت محبة الله فينا أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به. في هذه هي المحبة ليس أننا نحن أحببنا الله بل انه هو أحبنا وأرسل ابنه كفارة لخطايانا. أيها الأحباء أن كان الله قد أحبنا هكذا ينبغي لنا أيضاً أن يحب بعضنا بعضاً. الله لم ينظره أحد قط أن أحب بعضنا بعضاً فالله يثبت فينا ومحبته قد تكملت فينا. بهذا نعرف أننا نثبت فيه وهو فينا أنه قد أعطانا من روحه. ونحن قد نظرنا ونشهد أن الآب قد أرسل الابن مخلصاً للعالم. من اعترف أن يسوع هو ابن الله، فالله يثبت فيه وهو في الله. ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه. بهذا تكملت المحبة فينا أن يكون لنا ثقة في يوم الدين لأنه كما هو في هذا العالم هكذا نحن أيضاً. لا خوف في المحبة بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج لأن الخوف له عذاب وأما من خاف فلم يتكمل في المحبة. نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً. أن قال أحد إني أُحب الله وأبغض أخاه فهو كاذب لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره. ولنا هذه الوصية منه أن من يحب الله يحب أخاه أيضاً ] |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مونيك موران (ترجمة: ريما بازرجي توتل) القوى المضادة من منا لم يشعر أبداً بما عبر عنه القديس بولس بشكل واضح جداً حين قال: "لست أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل". رومية7: 19 درامان كوليبالي يقوله على طريقته (انظر ص 20): "حين أسمع كلام الله، أذهب حزيناً في أغلب الأحيان، لأنني أريد أن أتغير ولا أستطيع ذلك". نعم، نحن نرغب في السير على طريق الله، محبته قد أغوتنا وهي تدعونا. ولكن كثير من الأمور الأخرى تجذبنا أيضاً: المال، الشهرة، المفاخر، الملذات، السلطة، الخ. لننظر إلى الرجل الغني في الإنجيل (مرقس10: 17-22): يسرع إلى يسوع منجذباً بشخصه لأنه يسعى إلى الحياة الأبدية، لكنه يعود حزيناً لأنه كان غنياً. هناك أمرين يجتذبانه، وكان الغنى ذاك اليوم هو القوة الأكبر التي اجتذبته، ولكن ذلك لم يجعله سعيداً على ما يبدو، حيث عاد حزيناً. من المرجح أن الصراع تابع مجراه في قلبه، وربما (الإنجيل لا يقول شيئاً بهذا الخصوص) قرر في يوم ما أن يترك كل شيء ويتبع يسوع، وبالتالي يجد بذلك الفرح الحقيقي. لقد خلقنا من أجل الحياة، وفي داخلنا نحن نتذوق الحياة والحب. ولكن إذا أردنا أن نكون مخلصين مع ذواتنا يجب أن نعترف أنه هناك أيضاً في داخلنا تذوق للموت وللتخريب ولعمل الشر، ألا نشعر أحياناً، على سبيل المثال، برغبة بالنطق بكلمة ما نحن نعرف أنها ستجرح الآخر وأنها ستؤدي إلى الشر وقد تنال من سمعة أحدهم أو قد تزرع الانقسام بين صديقين. أو نحن نعلم تماماً أن الكحول أو المخدرات ستخربنا ولكننا نرغب "بتحطيم أنفسنا". علينا ألا نستغرب وألا نحمل أنفسنا مسؤولية هذه القوى المتضادة. إنها طبيعية. ولكن ماذا نفعل حيالها؟ حريتنا يقول القديس اغناطيوس لويولا: "هناك في داخلي ثلاث أشكال من الأفكار: الشكل الأول هو أفكاري الخاصة التي تلد فقط من حريتي وإرادتي، والشكلين الثاني والثالث يأتيان من الخارج، واحدة تأتي من الروح الطيبة والأخرى من الروح الشريرة." نعم، هناك في داخلنا تأثيران من الروح الطيبة والروح الشريرة يحركاننا. ولكن في المركز هناك حريتنا. علينا أن نختار: إلى أي من التأثيران نريد أن نستمع؟ لنستمع إلى إيفاغريوس Evagre أحد آباء الكنيسة (القرن الرابع): "كن بمثابة البواب لقلبك ولا تدع أي فكرة تدخله بدون أن تستجوبها. استجوبها واحدة تلو الأخرى وقل لكل منها: هل أنت من طرفنا أم من طرف العدو؟ وإذا كانت من بيتك ستغمرك سلاماً، وإذا كانت من طرف عدوك ستثير فيك غضباً أو ستقلقك برغبة جامحة. يجب إذاً أن تتقصى حالة نفسك في كل لحظة." لنرى ماذا حدث مع قايين. ها هو ذي يقدم تقدمة لله وها هو الآن مثار للغاية. سيقول له الله: "لم غضبت ولم أطرقت رأسك؟ فإنك إن أحسنت أفلا ترفع الرأس؟ وإن لم تحسن أفلا تكون الخطيئة رابضة عند الباب؟ إليك تنقاد أشواقها، فعليك أن تسودها" (تكوين4: 6-7). إنها تثبيت بأن العدو ليس هو الأقوى وأن الله يعطينا القوة للسيطرة عليه. صراع المسيح لنقرأ الإنجيل المقدس، وبشكل أخص إنجيل القديس يوحنا. منذ البداية، قيل لنا أن المسيح أتى إلى العالم ليعيش هذا الصراع بين النور والظلمة: "فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه". (يوحنا1: 4-5). إن كل حياة يسوع تتمحور حول هذا الصراع: تسعى الظلمات إلى إطفاء النور ولكنها لا تتمكن من ذلك. لنرى ماذا سيختبر المسيح في الصحراء (متى4: 1-11): سمع يسوع لتوه صوت الله الذي قال له وقت المعمودية: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" (متى1: 17) وها هو الآن يسمع صوت العدو الذي يسعى إلى تشكيكه: "إذا كنت ابن الله......." (لوقا4: 3)، وعلى الصليب سمع يسوع أيضاً الجنود يحاولون تجريبه بنفس الطريقة: "إذا كنت ابن الله، خلص نفسك وانزل عن الصليب" (متى27: 40). ها هو يسوع في الصحراء، إنه جائع. يأتي الشيطان ويستغنم فرصة ضعفه وجياعه لتجريبه ودعوته لعمل أشياء عظيمة وأخيراً دعوته للاستغناء عن أبيه. ومعنا أيضاً يتصرف الشيطان بالطريقة ذاتها. يستغنم فرصة خوفنا وحاجتنا المادية وحبنا للكحول وتطلعنا إلى السلطة والمفاخر، ويحاول أن يجعلنا ننحرف. من الأهمية ملاحظة كيف يرد يسوع: لا يتجادل بل يواجه التجربة بكل صراحة بالإستناد إلى كلمة الله. ويتابع القديس مرقس: "وصارت الملائكة تخدمه" (مرقس1: 13)، وهو يعني بذلك أن نعمة الله تأتي لتسنده في صراعه. صديق الصراع حين نشعر بداخلنا قيام هذا الصراع بين قوى الحياة وقوى الشر، نحن نميل إلى الاعتقاد أن الأمور لا تجري على ما يرام ! على العكس من ذلك، إن ذلك يدل على حياة روحية جيدة. إذا اخترنا أن نتبع يسوع وأن نتبع خطاه، يبدو طبيعياً آنذاك أن نشارك في صراعه. العكس هو الغريب! يدعونا المسيح للاشتراك معه لننصر نور المحبة في عالم الظلمات. وتلك الظلمات موجودة أيضاً في داخلنا، في ذلك الميل إلى الشر الذي يسكننا. سنمر من الطريق ذاته الذي مر به يسوع: "ليس عبد أعظم من سيده" (يوحنا15: 20). إذاً يجب ألا يهبط هذا الصراع من عزيمتنا، ولكن على العكس، هو يذكرنا أننا بالفعل مع المسيح وأن المسيح هو سيد هذا الصراع وأنه منذ الآن هو الغالب: "ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" (يوحنا16: 33). إذاً لسنا وحدنا في هذا الصراع: المسيح هو معنا، وكذلك هم معنا أيضاً جميع الذين حاربوا في الماضي والذين يحاربون اليوم ليأتي ملكوت المحبة. نستطيع أن نتذكر كل الذين استشهدوا للمسيح، كشهداء أوغندا Ouganda وكثيرون آخرون |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حِيَل الشيطان المجرِّب http://www.peregabriel.com/gm/albums..._28429%7E0.jpg + نص عظة على إنجيل قدَّاس يوم الأربعاء من الأسبوع الثالث من الصوم المقدس، أُلقيت على الرهبان يوم 7 مارس سنة 1990م. + + + قراءة من القطمارس: المزمور 26: 10و11: + "استمع يا رب صوتي الذي به دعوتُك. ارحمني واستجب لي، فإن لك قال قلبي" هلليلوياه. إنجيل القداس: لوقا 4: 1-13: + "أما يسوع فرجع من الأُردن ممتلئاً من الروح القدس، وكان يُقتاد بالروح في البرية أربعين يوماً يُجرَّب من إبليس. ولم يأكل شيئاً في تلك الأيام. ولما تمَّت جاع أخيراً. وقال له إبليس: إن كنتَ ابن الله، فقُل لهذا الحجر أن يصير خبزاً. فأجابه يسوع قائلاً: مكتوبٌ أن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة من الله. ثم أصعده إبليس إلى جبلٍ عالٍ وأراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان. وقال له إبليس: لك أُعطي هذا السلطان كله ومجدَهُنَّ، لأنه إليَّ قد دُفِعَ، وأنا أُعطيه لِمَن أُريد. فإن سجدتَ أمامي يكون لك الجميع. فأجابه يسوع وقال: اذهب يا شيطان! إنه مكتوب: للرب إلهك تسجد وإيـَّاه وحده تعبد. ثم جاء به إلى أورشليم، وأقامه على جناح الهيكل وقال له: إن كنتَ ابن الله فاطرح نفسك من هنا إلى أسفل، لأنه مكتوب: أنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك، وأنهم على أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجرٍ رجلك. فأجاب يسوع وقال له: إنه قيل: لا تُجرِّب الرب إلهك. ولما أكمل إبليس كل تجربة فارقه إلى حين". + + + إنجيل اليوم هو إنجيل الموسم كله، موسم الأربعين المقدسة، إنه قلب الصوم. أما معياره: فهو الملء من الروح، يسنده النسك، أربعين يوماً صوماً: فالنسك لابد أن يتزكَّى بالتجارب، فلا امتلاء بدون صوم، ولا صوم بدون تجارب، ولا تجارب بدون نصرة. هذا هو المفهوم العام لإنجيل اليوم. وإنجيل القديس لوقا يُسجِّل هذه الوقائع، تماماً مثل إنجيل القديس متى. وينسجم إنجيل القديس متى مع السرد الطبيعي للتجارب، خصوصاً أنه يُسجِّل أن التجربة الثالثة تنتهي بانتهار المسيح للشيطان: "اذهب يا شيطان... ثم تركه إبليس." (مت 4: 10و11) الأربعون المقدسة: - هذا الرقم سرِّي، لأننا رأيناه عند موسى النبي، إذ بعد صيام أربعين يوماً تراءى له الله على جبل حوريب، وتكلَّم معه، وأعطاه الوصايا، وتكرَّر ذلك مرة أخرى بعد كسر لوحي الحجر (خروج 24: 18؛ 34: 28). - ثم نقرأ عن إيليا النبي، حينما أراد أن يلتقي مع الله على نفس الجبل، صام أربعين يوماً قبل أن يأتي الله من خلال الصوت المنخفض الخفيف ليؤنِّبه: "مالك ههنا يا إيليا." (ملوك أول 19: 12و13) - والأربعون هذه كانت هي عدد السنين في تيه شعب إسرائيل في البرية والرب يقودهم (تث 2: 7؛ 8: 2). - كذلك الأربعون يوماً كان يظهر فيها المسيح بعد قيامته لتلاميذه، ويكلِّمهم عن الأمور المختصة بملكوت الله (أع 1: 3). - ثم هذه الأربعون يوماً التي صامها المسيح (مر 1: 13، لو 4: 2، مت 4: 2). وقد استلمت الكنيسة هذا الطقس السرِّي المجيد وجعلته موسمها السنوي، لتتقابل فيه مع الله على جبل حوريب أو في السحابة، تتحدث معه وتسبِّحه، وهي في صيامها العفيف الذي يتناسب مع نسكها؛ صوماً إما إلى ساعة الظهر أو إلى ساعة الغروب. إنما المسيح صامه الليل والنهار على مدى أربعين يوماً بلا أكل ولا شرب، لذلك تسميه الكنيسة في تسبحتها: "صوماً بسرٍّ لا يُنطق به". ولنتأمل الآن في هذه التجارب الثلاث: التجربة الأولى: انتبهوا دائماً لأعمال الشيطان! ولأن المسيح لم يُشِر إلى حادثة صومه وتجربته ويُعلِّق عليها بكلمة في الإنجيل، فصار لزاماً علينا أن نتأملها ونتعمَّقها لنرى ما هو لازم فيها أن نتبعه. أما عناصرها الشيطانية الخطيرة فهي: التشكيك: "إن كنت أنت ابن الله". هنا يحاول الشيطان أن يُشكك المسيح كما شكَّك حواء عندما قال لها: "أحقاً قال الله: لا تأكلا من كل شجر الجنة"، غشٌّ وخداعٌ وتشكيكٌ. وهكذا تماماً قال للمسيح وهو جائع: "إن كنت أنت ابن الله..."، وهنا يهمنا في كل تجربة أن نرى عنصر المناسبة، إذ تركه حتى جاع. ولكن اسمحوا لي أن أقول الأصحَّ أنَّ المسيح جاع لكي يبتدئ الشيطان ويُجرِّب! بل ترك له الحجارة بشكلها المنفوخ والصغير كأنه بشكل الخبزة بالضبط، لأن الشيطان يهتم أن يجعل الأمور بهجة للعين، تماماً كما عمل مع حواء، إذ جعل الشجرة في نظرها "جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأنها شهية للنظر" (تك 3: 6)؛ هكذا جعل الحجر بهذا الشكل، وهذا هو عنصر المناسبة. ولكن السهم المسموم ليس من السهل أبداً اكتشاف أين سيستقر. لذلك مَن يتأمل بعمقٍ، يقدر أن يدرك غاية الشيطان، إذ قال للمسيح: "قُل لهذا الحجر أن يصير خبزاً". حقاً، إنه عمل ليس صعباً على المسيح. لم يَقُل له أن يصنع ما هو أصعب: أن يُنزل لليهود منًّا من السماء، أو أن يجعل الصخرة تُفجِّر مياهاً. ولكن، إلى أين يريد الشيطان أن يوصِّل سهمه؟ إن السهم موجَّه إلى وصايا الله. وما هي وصية الله هنا؟ بعد أن أخطأ آدم وأكل من الشجرة المحرَّم عليه الأكل منها، طرده الله وقال له: "بالتعب تأكل من الأرض... بعرق وجهك تأكل خبزاً". فالشيطان كأنه يريد أن يثني المسيح عن وصية الله، وفي هذه الحالة يكون الشيطان قد نجح في جعل المسيح ينقض وصايا الله. وبعد ذلك يكون للشيطان حق الاعتراض على كلام الله! أما المسيح - له المجد - فقد انتبه لهذه الحيلة، وتجاوز السهم الشيطاني كليَّة، وردَّ عليه: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" -ذلك لأن المسيح هو نفسه رب الحياة - ولكن "بل بكل كلمة من الله". وكأن المسيح يقول للشيطان: أنت جاهل ولا تدرك أن للإنسان حياتين: حياة بالجسد، وهذه لها الخبز؛ وحياة بالروح، وهذه لها كلام الله. وحياة الروح هي الأقوى والأسمى. وإذا عُرض علينا أن نضحِّي، فبالجسد وبخبز الجسد، ولا نضحِّي إطلاقاً بالروح وبخبز الروح. "بل بكل كلمة"، لماذا؟ لأن كلمة الله قادرة أن تُحيي من الموت: "شاء فولدنا بكلمة الحق لكي نكون باكورة من خلائقه." (يعقوب 1: 18) رد المسيح: "مكتوب"، ذلك ليُنبِّه ذهننا أنَّ لا سلاح إطلاقاً ضد الشيطان إلاَّ بهذه الكلمة: "مكتوب". إذ لا يمكن أن تغلب الشيطان إلاَّ بكلمة الله، لا بالنسك، ولا بالجوع، ولا بتقطيع الجسد؛ لكن بكلمة الله، سيف الروح البتَّار الذي يستطيع أن يُنهي على كل تجربة آتية من جهة العدو. ولو رجعنا إلى كلام المسيح لوجدنا أن هذه الكلمة ليست غريبة عن كلامه: "الحياة أفضل من الطعام، لا تهتموا بما تأكلون ولا بما تشربون" (لو 12: 23، مت 6: 25). وفي موضع آخر: "اعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقي للحياة الأبدية الذي يُعطيكم ابن الإنسان." (يو 6: 27) ويسترعي انتباهنا في ردِّ المسيح قوله: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان". فهنا يتكلَّم المسيح وهو ابن الله، إذ سأله الشيطان: "إن كنت أنت ابن الله"، ولكنه يتكلَّم كإنسان فيُعطينا النموذج الأمثل لكل إنسان في كيف يرد على الشيطان. والمسيح بهذا الرد صحَّح الخطأ الذي وقع فيه آدم وحواء، إذ سمعا لمشورة الشيطان وأكلا من الشجرة التي لمسها بيديه وحسَّنها في نظرهما بقدرته الخفية الخبيثة. وألغى المسيح قدرة الشيطان هذه جملةً وتفصيلاً. الدرس المستفاد من التجربة الأولى: - أكذوبة الجوع التي يقولون عنها في المَثَل الدارج: "الجوع كافر"، هي من الشيطان فهي كلمة الشيطان، إذ يُعطي فرصة للجائع أن يسلك سلوك الخطاة فيسرق وينهب، فيقول له: "الجوع كافر". هذه هي مشورة الشيطان التي تتناقل على الأفواه والأقلام من جيل إلى جيل، وهي خطية. - تجربة الشهوة، شهوة الأكل، هي أول سلاح - كما يقول بستان الرهبان - إنها أول ضربة لآدم، ضربه بها وأوقعه. وهو نفس السلاح الذي انتزعه المسيح من الشيطان وردّه عليه، وأرداه صريعاً. إذا نجح الإنسان في أن يمسك بطنه وقت الجوع والصوم ويغلب، فسيغلب التجارب التي تأتي بعد ذلك، كما غلب المسيح. التجربة الثانية: عناصرها الشيطانية: إن كنتَ أنت قد رفضتَ الأكل، فلا داعي لتحويل الحجارة إلى خبز، والصوم جميل وفضيلة، ولابد أنك صائم ليس عن نفسك بل عن الشعب، فهذا عمل رئيس الكهنة. فإن كنتَ أنت على هذا المستوى من العظمة، فأظْهِر عظمتك للناس. ألم يَقُل له إخوته هذا "اذهب إلى اليهودية لكي يرى تلاميذك أيضاً أعمالك التي تعمل" (يو 7: 3)، وهكذا دعاه الشيطان أن يذهب إلى الهيكل حيث إنه صائم عن الشعب، وهذا أحد أعمال رئاسة الكهنوت، وأن يُلقي بنفسه من على أعلى الهيكل لينزل بمجد عظيم وفخر، فيؤمن الشعب بك أنك أنت المسيَّا، فأنت ابن الله، وأليس مكتوباً: "أنه يوصي ملائكته بك لكي يحفظوك، وأنهم على أياديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك." (مز 91: 11و12) وهنا الشيطان قَلَبَ المعنى: فالملائكة لا تكون في عَوْن الذين يطيرون في الهواء لينالوا المجد والكرامة؛ بل الذين يسيرون على أرض الشقاء، أرض الضيق والتعب والمرار، أرض الحزن، أرض العثرات، أرض المرائر التي يضعها الشيطان في طريقنا لكي يعرقل مسيرتنا. رد المسيح: "مكتوب: لا تُجرِّب الرب إلهك". مضمون الآية كشفه المسيح: "لا تُجرِّب الرب إلهك"، أي أن الشيطان يريد من المسيح أن يُجرِّب الله ليرى هل الله معه أم لا؟ ليرى هل هو ابن الله أم لا، ليعرف هل هو رئيس كهنة بالحقيقة أم لا؟ هذه الآية تأتي لنا في التعليم حتى لا نستخدم المكتوب لكي ننفذ شهوات قلوبنا وأفكارنا، كمَن يفتح الإنجيل عشوائياً ويقول: قرأت الإنجيل وصلَّيت ووجدت أنه يجب عليَّ أن أفعل هذا الأمر، وهو يتمحَّك في الآية التي تظهر له لكي يعمل ما يشتهيه. هذا هو اختبار الله، فلن تجد معونة، بل بالعكس سوف يُحسَب عليك هذا أنه تجربة لله، والذي يُجرِّب الله لا ينجح. التجربة الثالثة: العناصر الشيطانية فيها، أن الشيطان منذ البدء يكشف نفسه أنه هو الضدّ والمقاوِم لله والمدَّعي الألوهة: "اسجد لي". ما هذا؟ مَن أنت؟ وكأنه يرد: مجرد أن تسجد لي. وهنا يخفي الشيطان في طرح هذه المشورة نوع شخصيته ونوع طموحه. فبعد أن لاقَى الشيطان هزيمتين متتاليتين، دبَّر نفسه بخبث ودهاء عظيمَيْن، وكأنه قال في نفسه: إن كل ما لي أطرحه أمامه وأربحه لنفسي. فقال: "إنه أخذ من الله رئاسة العالم، أنا رئيس هذا العالم (وقد قال المسيح هذا: "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء" - يو 14: 30)، أخذتُ هذه الممالك، وبكل مجدها أُعطيت لي، وأنا أعطيها لمَن أشاء". في الحقيقة، هنا يوجد غش، فهذه الممالك لم تُعطَ له لكي يُدبِّرها، بل أُعطيت له من واقع التجارب التي يوقِع بها الناس، فالذي يغلبه الشيطان يتزكَّى فيها ومنها (أي ممالك المسكونة ومجدها). فهو أُعطِيَ الرئاسة على العالم، أي عالم الشر، وعلى إنسان الشر والخطيئة؛ ليس العالم ككل - أخياراً وأشراراً - إذ أنه يستحيل عليه هزيمة الأخيار بالتجربة. فالمؤمن يقول له: "عندي قوة أكبر منك، لأني أنا متمسك بالله". هزيمتان أجبرتا الشيطان أن يطرح كل ما عنده: "كل سلطاني أُعطيه لك، والمجد الذي لي أُعطيه لك. وذلك لو خررتَ وسجدتَ لي". هنا مفهوم: "إن خررتَ وسجدتَ لي" يحمل معنى الرضوخ لـ "مشورة الشيطان". ومشورة الشيطان عكس مشورة الله. ولماذا فعل الشيطان ذلك؟ ليتحاشى الهزيمة الأخيرة، وهي السقوط من السماء كالبرق، ويكون حينئذ: "رئيس هذا العالم قد دِينَ." (يو 16: 11) وهكذا هي مشورات العالم وفلسفات العالم: تنازَلْ، تنازَلْ أنت عن منهج الخلاص القائم على تحمُّل الآلام والصليب التي سأدخل أنا - الشيطان - فيها كمُنفِّذ للآلام وللصليب. ها أنا أُعطيك منهجاً سهلاً، لا صوم فيه ولا تعب ولا شقاء ولا صليب، ليس فيه بذل ولا فيه آلام، ها هو طريق سهل لبلوغ رئاسة العالم. لا داعي لشروط القداسة والطهارة، التي هي صعبة على الناس، لا داعي للتركيز على الخطايا، كأنها تدخُّل في شئون الناس، اتركهم، وخصوصاً الخطايا التي يحبها الناس أي خطايا الجنس بكل أنواعها. يكفي أن نجعلها مجرد أخلاقيات عامة يختارها الناس حسب هواهم وميولهم الطبيعية، فإنهم بشر. لا داعي للتمسُّك بالمُثُل العُليا وتجعل الناس يرتقون إلى ما هو أعلى منهم، لا تُضيِّق على عقل الناس وحياتهم. اترك السلوكيات مفتوحة. دَعْ الفرص في الحياة متاحة للجميع بلا عوائق وحدود، والبقاء طبعاً سيكون للأدهى، الأكثر مكراً، فهو الذي له الحق في البقاء والرئاسة. والأكثر تمرُّداً هو الذي يصير الرئيس والسلطان لِمَن يَدْفَع. سهِّل يا أخي الحياة للناس، وأعطِهم أفكارك في كوب من الشراب اللذيذ. دَعْك من الأفكار العالية والكلام الصعب الذي يصير مثل الغُصَّة، صليب ودم وعذاب. لا تُلزمهم بوصايا صعبة لا يقدرون عليها، إنهم بشر. انشر الحرية والتحرُّر من القيود، كل القيود، فالناس وُلدوا أحراراً ولابد أن يعيشوا أحراراً. وأنا (الشيطان) مستعدٌّ أن أُقنع الناس كلها - في البلاد والممالك - لتدخل تحت سلطانك، الذي هو أصلاً لي وسأُعطيه لك. وحتى اليهود سأجعلهم جنودك المخْلِصين لردع العالم، وهم أقدر الناس بذكائهم لإخضاع العالم لك. وهكذا نحيا - أنا وأنت - في أُخوَّة صادقة، أنت الرئيس وأنا خادمك المطيع. ولكن بعد أن تأخذ المشورة وتخضع لي، وللوقت سأخضع أنا لك. وبذلك تنتهي الحروب والاضطهادات والاضطرابات والأوجاع وكل ما هو مرٌّ. أنا سوف ألغيها، على شرط أن تترك نهائياً طريق الصليب والآلام هذه. وعلى الأخص أنها لا تناسبك كابن الله، إذ كيف تموت؟ وكيف تُصلب؟ وكيف تُهان؟ وكأنك تهين الله أباك. أما إذا لم يوافقك رأيـي هذا وأَعْرَضتَ عن مشورتي، فأنت تعلم مدى ضراوة الحرب التي ستكون بيني وبينك؛ فسأُقاوم كل عمل تعمله، وكل قول تقوله، وسأُلقي بذرة الحقد عليك وعلى أعمالك في كل قلب وفي كل مكان يُدعى فيه اسمك، وسأُشبـِع أتباعك من المرائر أشكالاً وألواناً وسأضطهدهم إلى الموت!! رد المسيح: "اذهب يا شيطان! لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد." (مت 4: 10) "منهجي من الله أَخذتُ، وكأس آلامي من يد أبي سأشربُ. لهذا جئتُ ولهذا وُلـِدتُ. ومملكتي ليست من هذا العالم، وخضوعي وسجودي هو لله وحده. وعندما أرتفع على صليبـي، سأطأ بقدميَّ على هامة أعدائي (الشياطين)، وبدمي سأُمسح ملكاً ليُدفع ليدي كل سلطان ما في السماء وما على الأرض". ولربنا المجد دائماً أبدياً. آمين. الأب متى المسكين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يتعرض الإنسان في حياته لتجارب كثيرة، مصدر أغلبها ضعفاتُ الطبيعة البشرية التي تشكل الدافع الأكبر لارتكاب الخطايا: "لا يقل أحدٌ إذا جرب إني أجرب من قبل الله. لأن الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب أحد ولكن كل واحد يُجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطيئة والخطيئة إذا كملت تنتج موتاً" (يع 13:1-15) أو الوسطُ الاجتماعي المحيط بالإنسان لملئه بالشر والشهوة والخيانة: "لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العين وتعظّم المعيشة ليس من الآب بل من العالم" (1يو16:2)، أو مشاكلُ الحياة الفجائية التي تضع حياة وقدرة احتمال المؤمن وصبره في خطر، ولا ننسى المجرّب الكبير الشيطان الذي يتوقف عن محاربتنا أحياناً لكثرة ضعفاتنا وأهوائنا وتزايد الكراهية والحقد في العالم (رغم أنه سبب كل ذلك). لتجارب الحياة وجهان إيجابي وسلبي، أما الجهة الإيجابية لتعرّض الإنسان للتجارب، وبعد تجاوزها، فهو ازدياد خبرته الروحية وازدياد قدرته على التحمل والصبر والإيمان بالعناية الإلهية وبالنهاية ربحه للملكوت السماوي: "بل نفتخر أيضاً في الضيقات عالمين أن الضيق ينشئ صبراً والصبر تزكية والتزكية رجاء" (رو3:5-4)، ولكي يتجاوز الإنسان هذه التجارب عليه أن يرتكز على الإيمان والرجاء والفرح بالخلاص لأنه يحتاجها خلال مسيرته الجهادية في طريق الملكوت السماوي: "امنحني بهجة خلاصك" (مز 50). أما الجهة السلبية للتجارب فهو السقوط الروحي والأخلاقي بعد السقوط في الخطيئة، التي يمكن أن يخسر الإنسان خلاصه بسببها، ويحدث هذا بسبب تزايد قوة الضعفات البشرية في الإنسان و تجذّر الأهواء فيه وعدم قدرته على مجابهتا ولعدم اتكاله على الرب، لذلك علّمنا السيد بالصلاة الربية أن نقول: "ولا تدخلنا في تجربة" وهنا تأتي الحاجة لشفاعة والدة الإله وكل القديسين لكي ينقذونا من مصاعب الحياة وشدائدها التي تتعبنا وترهقنا ويعطونا القوة والصبر لمتابعة المسيرة الجهادية كي لا نخسر خلاصنا. الأهواء تسبب الأهواء إضطرابات وتجارب كثيرة لتشكل حركات لا إرادية تسيطر على عقل الإنسان وتقوده إلى حالات اضطرابية غير طبيعية وغير منطقية ثم إلى الخطيئة فيخسر خلاصه وهي بالتالي تبدد الهدوء الضروري للمسيرة الروحية للإنسان نحو القداسة وتسمى الأهواء المميتة، أما إذا كانت عبارة عن حركات طبيعية موجودة في الطبيعة البشرية مثل: الجوع، العطش، ... فهي ليست سبباً رئيسياً للخطيئة بل تساعد على تلبية الحاجات الجسدية فيسميها الآباء الأهواء الحسنة. باختصار إن كل ضعف يسيطر على الإنسان ويقع بسببه في الخطيئة يصبح بمرور الزمن هوى. والتكرار المستمر للخطيئة يولّد ما يسمى العادة المزمنة السيئة ويصبح الإنسان ميّالاً لارتكاب الخطيئة وفقاً لهذه العادة، التي في بدايتها تكون عادة ثم تصبح ضعفاً لا يمكن التخلّي عنه بسهولة، لذلك يجب محاربتها بشكل قوي في بدايتها وقبل أن يُصبح لها جذور داخل الإنسان وتشكل له مرضاً روحياً وتصبح هوىً متأصلاً فيه. ونقول في خدمة البراكليسي بعبارات دقيقة مباشرة بأن الأهواء هي التي تحارب الإنسان: "أهواء كثيرة تحاربني..." بمعنى آخر الهوى هو الميل للخطيئة التي نصبح لها عبيداً فتشكل مرضاً روحياً، ويكون لها قوة كبيرة مُسيطرة على الإنسان: "من يعمل الخطيئة فهو عبد للخطيئة" (يو34:8) وأيضاً: "لأن ما أنغلب منه أحد فهو له مستعبد أيضاً" (2بط19:2). لذلك يدعونا السيد في عظته على الجبل أن نسبق الشر قبل ولادته أي أن ننتبه لجذور الخطيئة: "قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم وأما أنا فأقول لكم أن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجباً الحكم" (متى 21:5-22) لأنها إن تأصّلت في الإنسان فإنها ستسيطر عليه وستأسره ليفعل ما تريد، وكل إسراعنا هو لكي نسبق الخطيئة قبل أن تكبر كي لا تتحول لتصبح هوى فينا، ولذلك نطلب من والدة الإله العون لطرد هذه التجارب من أساسها: "إنك تطردين عنا صدمات التجارب وطوارق الآلام". (كانين الأودية الثامنة). أثر الأهواء على الإنسان: تتحكم الأهواء بالإنسان وتوجهه كما تشاء، والسبب في ذلك أنه لم ينتبه في بداية تحركها وهجومها عليه فتركها تكبر حتى سيطرت عليه وهي تهتاج كل حين لتسقطه في الخطيئة، فلنطلب من والدة الإله، في خدمة البراكليسي وكل حين، بشفاعتها أن لا تهتاج هذه الأهواء: "هدئي هيجان أهوائي" (الطروبارية الأولى من الأودية الرابعة). عندما تسيطر الأهواء على الإنسان فإنها لا تدعه يفكر بشكل صحيح فيتوه لا يعرف ماذا يفعل ويمشي كأعمى كي يرضيها وكأنه إنسان يمشي ولكن بأعين أهوائه يرى الطريق فلا يفعل ما يريد بل الكثير مما تريده هذه الأهواء فيقع في خطايا ومنها القاتلة روحياً وبالنتيجة يخسر خلاصه، هذا ما يوضحه بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية: "لأني لست أعرف ما أنا افعله إذ لست افعل ما أريده بل ما أبغضه فإياه افعل ...لأني لست أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل..." (رو 14:7-25). محاربة الأهواء: تشكل الأهواء داخل الإنسان مرضاً روحياً وتحتاج إلى طبيب روحي ولنعمة الله كي تُشفى. هي مرض ولكن يوجد لها شفاء، ولا يوجد هوى بدون شفاء، والأهواء المتأصلة على مدى السنوات تحتاج لسنوات من الشفاء. فلنطلب من والدة الإله أن تساعدنا للشفاء من هذه الأمراض والضعفات: "أيتها النقية اشفي أسقام نفوسنا" (كانين الأودية الخامسة). بدايةً علّي معرفةُ أهوائي، غضب؟ أنانية؟... كي أحاربها، وربما تحتاج إلى وقت طويل لمحاربتها ولكن يكفي أن أصرّ في المحاولة وأن لا أتوقف عن الجهاد أو أن أقف في منتصف الطريق أو أن أملّ أو أتعب، ونعمة الرب التي تشفي المرضى ستكون بجانبي لتساعدني في الشفاء من هذه الأهواء. وهنا يأتي دور الأب الروحي في المساعدة للكشف عن هذه الأهواء وتعليمنا أساليب محاربتها. الأهواء الكبيرة والمتأصلة تحتاج لوقت طويل كي نشفى منها، وفي خدمة البراكليسي نتضرع لوالدة الإله كي تساعدنا في التخلّص منها، ففي جهادنا ضد هذه الأهواء تساعدنا بواسطة الشفاعة الوالدية، الفاعلة العجائب، فهي كعروس الله تُدخل السلام الإلهي داخل النفوس المضطربة: "فنضرع إليك على الدوام أن تنجينا من فساد آلامنا" (الطروبارية الثانية الأودية السادسة). بقدر ما تبقى الأهواء في الإنسان بقدر ما تفسده روحياً فيبدأ بتبرير كل خطيئة يقترفها حتى يصل لدرجة قبول أشياء لم يختارها هو، فيبرر أهوائه ويعطيها صورة حسنة وبالنهاية يحملها كلها معه مع نتائجها من الخطايا ليوم الدينونة. على الإنسان أن يحارب الأهواء المميتة وإلا ستقوده بسهولة للموت الروحي. لذلك لنستمر بالمحاولة مجاهدين داخل الكنيسة بالصوم والصلاة وطلب معونة النعمة الإلهية بشفاعة والدة الإله مرتلين: "أيتها البتول إنك تطردين عنا صدمات التجارب وطوارق الآلام، لذلك نسبحك مدى الدهور" (كانين الأودية الثامنة) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الحروب الفكرية يشكل النوس أو الذهن جزءاً من الطبيعة البشرية، والحرية هي من تركيبة هذا النوس الأساسية، وبما أن الله والإنسان أحرار فبالتالي هنالك يلتقيان. (يُشار إلى أنّ الذهن، أو "النوس"، في اليونانية، لا يعني العقل، أو "الذيانيا"، العقل هو عضو القوى الإدراكية في الدماغ فيما الذهن هو عضو القوى الروحيّة في القلب. و في الصلاة يتم حضور الذهن أمام يسوع)، وبالمقابل يشكل هذا النوس ساحة الحرب الأساسية للشيطان ضد الإنسان. عندما تسأل راهباً ماذا تحاول أن تفعل في حياتك ؟ يقول أنقّي ذهني. لا يقول أصوم، أقرأ أو أصلي بل أنقّي ذهني، لأنه يعرف أن الشيطان يعمل في ساحة النوس ويحاربه من خلالها، وهناك يضع كل ثقله، لذلك يقوم الراهب بإغلاق الثغرات التي يمكن أن يدخل منها الشيطان ليتعبه. وهذه الثغرات أو الأفكار الشريرة كثيرة الأنواع والأشكال، وتحارب الإنسانَ وتتعبه وكلها تكون عبر الذهن "النوس"، وسنضرب مثالاً عن هذه الأفكار الشريرة ما يسمّى الفكر السيئ الشرير. يقول القديس يوحنا السلمي "الفكر السيئ هو عدو الإنسان أكثر من أعدائه الآخرين". والفكر السيئ له المحاور التالية: 1-فكر الهرطقة والشكوك حول الله ووالدة الإله والقديسين والكنيسة. (الله غير موجود، والدة الإله غير عذراء، فتقول: كيف ولدت وبقيت غير عذراء، المناولة ستقول: أنها خبز وخمر، المسيح لم يولد لم يقم...)، شهود يهوه على حق...الخ. 2-فكر الإدانة والشك والظنّ بالآخرين. (هذا إنسان بخيل، لا يطاق، زاني، سارق،..) 3- فكر الزنا يسيطر على الإنسان بسرعة ويأسره بشكل سريع بدون أن يشعر، ويكون مصدره إما شهوة داخلية أو حرب شيطانية. هذه الأفكار يضعها الشيطان أمام الإنسان لتدفعه إلى فقد رجائه، وهنا يأتي دور الاعتراف كي نقول كل هذه الأفكار، وإذا خجل الإنسان ولم يستطع أن يعترف فإنه ينغلق على ذاته وييأس. يقول الأب باييسوس "ممكن أن تأتي أفكار سيئة حول الله، العذراء، القديسين، الكنيسة، وحتى ضد الأب الروحي فلا تتعب منها لأنها ليست أفكارك بل أفكار الشيطان" أي لا تتعب من أفكار الشيطان ولا يهمك أمرها لأنها ليست أفكارك بل أفكاره، فلا يكون الإنسان مسؤولاً عنها إلا إذا قبلها وأخذ يفكر فيها كثيراً. اللحظة التي يحزن الإنسان بسبب هذه الأفكار ليس إلا دليلاً على أنها ليست أفكاره بل أفكار الشيطان، وعليه أن لا ييأس ولا يحزن وأن لا يقف عندها بل يحاربها ويبعدها بلحظتها وليقل إنّ: هذه أفكار الشيطان وليست أفكاري. يقول الآباء على الإنسان مواجهة كل الأفكار ما عدا فكر الزنى فليهرب منه وبعيداً، لأنه حرب من جهتين من جهة داخلية (طبيعة الإنسان) وخارجية (من الشيطان)، ويجب أن لا يقول "سأجلس وأرى هذا وذاك ولن يحدث لي شيء"، هذا غير صحيح لأنه أكيد سيصاب بشيء وستفسد نفسه ويُظلِمُ النوس الذي فيه، أما الهروب من هذه الأفكار هو الحل الأفضل وهذه خبرة الآباء. كيف يمكن لإنسان يمجد لله ويسجد له وثم عند لحظة المناولة يأتيه فكر أن الذي يتناوله هو خبز وخمر؟ طبعاً لا يمكن، لأن هذه الأفكار ليست أفكاره بل أفكار الشيطان. مثلاً: القديس إسحاق جُرّب بفكر أن المسيح لم يقم، هذا لا يعني أنه يؤمن أن المسيح لم يقم ولكن أتاه هذا الفكر الشيطاني وهو لم يقبله ولم يفكر به بل طرده فوراً، فلم يشارك في أفكار الشيطان ولم يقع في شراكه. تتغذى الأفكار الشيطانية من الكبرياء ويحرقها التواضع. هناك أفاعي تعيش في الظلام وتموت عندما ترى النور وهكذا يقول السلمي أخرج كل أفكارك من الظلمة وضعها أمام أبيك الروحي، لذلك الدواء الفاعل هو الكشف الصحيح والمستمر للأفكار يقول القديس يوحنا السلمي: "واظب على سرّي التوبة والشركة لأنهما دواء من ربنا يسوع المسيح نفسه للشفاء من الخطايا وللحذر منها في المستقبل وهما أعظم إحسان نستمده من ناموس النعمة وينفعاننا في كل وقت" (الفصل الخامس - في الوسائط الشافية). كلنا تحاربنا الأفكار الشريرة، الموضوع كيف نواجهها؟ 1. يجب أن لا نيأس عندما نقع في الفكر السيئ. 2. هي ليست أفكارنا بل أفكار الشيطان، فلا ندعها تتعبنا. 3. أن نتواضع وأن لا نتكبّر، ولا نحمّل ذاتنا أكثر من قدرتها، وأن نعترف بكل صراحة ووضوح. 4. أن نتشبّث برحمة الله. الأهم في الحروب الفكرية التي نتعرض لها ألاّ نسمح لها أن تجول فينا لتصبح هي أفكارنا، وأن نحاربها بالكشف عنها أمام أب روحي، ونتكل على رحمة الله. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
التجارب http://www.peregabriel.com/gm/albums..._28429%7E0.jpg الأب أبيفانيوس ثيودوروبولوس نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي التجارب بركات الأحداث التي تبدو الآن بلايا سوف تثبِت لاحقاً أنها بركات من الله. التجربة والمكافأة لا نسترضينّ مَن لا ينبغي إرضاؤه لتجنّب الصليب وتأمين راحتنا. لا نسعيَنّ لإيجاد وسائد تافهة نريح عليها ضميرنا المذنِب. إذ عندها تسمح إرادة الله بأن نعاني من تجارب قاسية ونخسر المكافأة في السماء. غاية الآلام ما كنا لنسعى للفردوس لولا وجود الآلام. التجارب كالعمليات الجراحية علينا أن نرضى بالآلام كما نرضى بصعوبة العملية الجراحية لكي نؤمّن صحتنا. الألم يواضع الإنسان. وهو يقترب من الله بقدر ما يتّضع. المعزي الوحيد في الآلام الكبيرة وحده الله يعزّي. لهذا السبب، أفضل الأمور هي الصلاة وليست كثرة كلمات التعزية. في وقت الألم انظروا إلى المصلوب. الله لا يخطئ تحكي إحدى البنات الروحيات: "قبل سنوات، في المدينة حيث كنا نقيم، جرى أمر نادر لعائلتنا: فقد دفنت الزوجة زوجَها وأبناءها الثلاثة خلال أربع أو خمس سنوات. ابنتها كانت قد تزوجت قبل أشهر قليلة من موتها. السؤال الذي تملّكني هو ?لماذا يا رب؟? هذا كان تجديفاً مع أني قد انشغلت به في البداية. لذا، اعترفت بهذا الفكر. جواب الشيخ كان بسيطاً جداً وحكيماً جداً: ?اعرفي أمراً واحداً: أن الله لا يخطئ!?" مواجهة الموت بهذه الطريقة واجه الشيخ خبر موت أحد أبنائه الروحيين المحبوبين في حادث سيارة: "المجد لك أيها الإله"، قالها ثلاث مرات، ومن ثمّ سأل عن التفاصيل وعزّى النائحين. انتبهوا إلى الطريقة التي بها أعلن الشيخ الموت المفاجئ لوالد أحد التلاميذ من أبنائه الروحيين: "يا بنيّ، إن أباك هو أولاً ابناً لله ومن ثمّ هو أبوك. لذا الرب، الذي إليه ينتمي، دعاه إلى قربه". آلام الأبرار "أيها الشيخ، لمَ يسمح الله بأن يعاني الأبرار والفاضلون من الأمراض البغيضة؟" "لكي يتطهروا حتى من أصغر آثار أهوائهم وليكسبوا إكليلاً أعظم في السماوات. إلى هذا، بما أنه سمح بأن يتألّم ابنه المحبوب ويموت على الصليب، ما الذي يمكن قوله للناس الذين، مهما سموا، يبقون أصحاب رقع وقذارة من خطاياهم؟" تبادل المواقع كان أحد الشبان يتدرّب في مدرسة الضباط، كان يسأل الشيخ دائماً أن يصلّي من أجله كي يترك المدرسة ويكون جندياً بسيطاً، لأنه كان يواجه صعوبات كبيرة في المدرسة. وبعد حثّه على الصبر من دون جدوى، قال له الشيخ في النهاية: "يا بنيّ، لمّ لا تذهب إلى ملجأ الأمراض المستعصية، وتقترب من شخص طريح الفراش وتقول له: ?أيها الصديق، فلتنبادل الأدوار. أنت تذهب إلى مدرسة الضباط وأنا أبقى في سريرك?. عندها سوف ترى، أنه لو كان هذا ممكناً، لكان انطلق مثل الشرارة وجرى فرحاً ليأخذ موقعك وحتى ليأخذ موقعاً أصعب منه. آه، يا صغيري! نملك الصحة ومع هذا نحن ممتلئون بالتشكي والتذمر!" فمضى الشاب وقد تغيّر متشجعاً |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصوم و الحروب الشيطانية التقليد المتوارث في الكنيسة بخصوص الصوم أنه موسم تكثر فيه الحروب الروحية، ولذلك يحارب الشيطان كثيرا، فمن هو الشيطان ولماذا يحارب البشر ؟. الشيطان خليقة عاقلة ولكنه سقط نتيجة تعاليه وكبرياؤه، والاسم "شيطان" مقتبس من الفعل العبري "شَطَنَ" أي قاوم وعاند، ومنها جاءت الكلمة الإنجليزية Satan (الشيطان) وأما الكلمة "إبليس" فقد جاءت من الكلمة اليونانية Diapolo . كما أطلق عليه الكتاب أيضا ألقاب مثل الكذاب والأسد الزائر وقتّال الناس وبعلزبول والمشتكي، واعتاد الناس أن يقولون عنه: عدو الخير. ومنذ سقوط الشيطان وهو يحارب البشر ويشتكي عليهم، ولكنه ضعيف جدًا ويستمد قوته من تخاذل الناس وضعفهم أمامه. فهو مثل وحش رديء إذا هربت منه طاردك، وإذا طاردته هرب قدامك !!. وهو يخاف من المتضع والقوي (أو القوي باتضاع) إذ لا شيء يهزم الشيطان أكثر من الاتضاع. فقد تقابل مرة مع القديس مكاريوس وقال له: انظر يا مقاره هوذا كل ما تفعله أنت نفعله نحن، فأنت تصوم ونحن لا نأكل أبدا، أنت تسهر ونحن لا ننام مطلقاً، أنت تركت العالم ونحن مسكننا الجبال والبراري، ولكنك بشيء واحد تهزمنا، فقال لهم وما هو: فقالوا الاتضاع !! وحينئذ رشم القديس علامة الصليب فاختفى الشيطان من أمامه. والشيطان لا يعرف ما يدور في فكر الإنسان، ولكنه يستنتج فقط من خلال ربط تصرف بآخر وشخص بآخر وشخص بمكان، أو من خلال تكرار تصرف معين، أو التردد على أماكن معينة وهكذا. ولقد أسهب الآباء كثيراً في التحذير من ذلك، لا سيّما القديس أنطونيوس. ولقد قبل الله ? بحسب تدبيره الذي لا ُيستقصى ? أن ُيجرّب من الشيطان، حتى يتركه لنا ضعيفاً خائرا متهالكا ولكي يفضح ضعفه أمامنا، مثل مصارع قوي أثخن خصمه بالجراح ولكنه لم يميته بل تركه لابنه الصغير يلهو به دون خوف !. وهو _ أي الشيطان _ ماكر ومخادع إذ ُيكرز للإنسان وهو أمام الخطية بالرجاء ورحمة الله وبأن العديد من القديسين قد سقطوا وتابوا، أمثال موسى الأسود وداود النبي ومريم القبطية وغيرهم، ولكن وما أن يسقط الإنسان حتى يوقعه في اليأس مذكرا إياه بالدينونة والعذاب وأشخاص هلكوا مثل عاخان بن كرمي وحنانيا وسفيرة وغيرهم، إنه شيطان واحد في الحالتين، مثلما كان قديماً يهيج الولاة ليضطهدوا المسيحيين ثم يشكك المسيحيين في الإيمان بالمسيح. والشيطان لا ييأس فهو خبير بالنفس البشرية كأعظم عالم نفساني، فالذي لا يستجيب في أول مرة يمكن أن يستجيب في الثانية أو حتى المئة دون أن ييأس، وقد قرأنا كيف ظل يحارب راهباً لمدة أربعين سنة حتى أسقطه في خطيئة ما. ولا يمكن هزيمة الشيطان من خلال العقل البشري والتفكير التجريدي، فهو قوة عقلية جبارة ? فهو وان كان قد فقد رتبته إلاّ أنه لم يفقد طبيعته وإمكانياته - وانما من خلال الاحتماء في الله وطلب المعونة منه. إذن: "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو" (بطرس الأولى 5 : 8) *********************************** ** ** ******** ******** |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بسم الثالوث القدوس ارسلني لاعصب منكسري القلب https://fbcdn-sphotos-g-a.akamaihd.n...10540217_n.jpg روح السيد الرب علي لان الرب مسحني لابشر المساكين ارسلني لاعصب منكسري القلب لانادي للمسببين بالعتق وللماسورين بالاطلاق (اش1:61) روحك القدوس يا الهنا هو فينا وديعه هو سبب لخلاص نفوسنا وسبب بركه للاخرين فكل من امتلا بروحك القدوس جال يكرز ويخدم ويفرح كل من حوله وكل من ولد من المعموديه ومسح بالميرون صار ممتليء بروحك القدوس فهيا الهب قلوب الخدام والرعاه بل وكل شعبك فيفرح الكل بخلاصك ويجول كل فرد في كنيستك يبحث عن الماسورين في الخطاياليحل رباطاتهم بالتعليم ويقودهم للكنيسه للتوبه اجعل في افواه الجميع كلامك لينادوا به ويبشروا بخلاصك اسكب روح المحبه والعطف في خدامك ليشعروا بكل منكسر القلب فيسندوه امين |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يا قليلي الإيمان https://scontent-a-fra.xx.fbcdn.net/...8d&oe=53F5292D أبونا الراهب سارافيم البرموسي وأمّا الإيمان فهو الثقة بما يُرجَى والإيقان بأمورٍ لا تُرى عب 11: 1 من وحي المعجزة التي وردت في (مر 4: 37 -41) .. بعد يومٍ طويلٍ مُمتلِئ بالمعجزات، في قرية كفرناحوم، دلف الربّ يسوع إلى القارب مع تلاميذه، متوجّهين صوب قريةٍ أخرى، ليُنادي باقتراب ملكوت الله، وليشفي أي مرضٍ وأي وجعٍ في الشعب؛ فقد كان، ليل نهار، يجولُ يصنع خيراً. دخلوا السفينة معاً كالمعتاد. بدأوا في رفع الشراع وتوجيهه إلى قرية الجرجسيّين التي في بيرّيه على الشاطِئ الشرقي من نهر الأردن. جلسوا معاً يستعرضون اليوم الحافل الذي شهدوه مع الربّ يسوع بينما تركهم يسوع ليتّكئ في مؤخِّرة السفينة. كان التلاميذُ يتباحثون حول المعجزات التي أجراها المُعلِّم في ذلك اليوم، وعيونهم تلمعُ من فرط الذهول لما عاينوه من عجائب. فتارةً يتحدّثون عن الأرواح التي كانت تخرجُ بكلمةٍ من فيه، وتارةً يتحدّثون عن شفاء حماة بطرس، ولكن ما استوقفهم، كانت كلمات المسيح لقائد المئة بأنّ له إيماناً أكثر من كلّ الإسرائيليّين، لأنّه آمن أنّ كلمةً واحدةً تكفي لشفاء غلامه المفلوج. كانت كلمات المُعلِّم لقائد المئة مسار جدلٍ بينهم؛ فقد رأى البعض أنّ لهم إيماناً يفوقُ إيمان قائد المئة الأممي، الذي أثنَى عليه يسوع. وبينما هم يتحدّثون، بدأت أمواج البحر تتعالَى، وألقى صفير الرياح بصداه على مسامع التلاميذ. قاموا على الفور للإمساك بالشراع حتى لا ينكسر ولا تتغيّر وجهته، بيد أن الطبيعة كانت قد تعهّدت في تلك اللّيلة أنْ تُهَاجِم قاربهم الصغير، وكأنّها مُكلَّفةً بتلقينهم خبرةً إيمانيّةً جديدةً. تعالت الأمواج، حتى وطأت بقطراتها أرض القارب.. اشتدّت الرياح العاصفة، حتى بدأ القارب في التأرجح وكأنّه دُميةٌ في يدّ أحد الأطفال، يتلهَّى به بتحريكه يميناً ويساراً .. تدافع التلاميذ؛ منهم مَنْ امسك بدلوٍ لإخراج المياه من السفينة. ومنهم مَنْ تشبّث بالشِراع. ومنهم مَنْ وقف في ذهولٍ من تلك الثورة الفجائيّة للبحرِ. ومنهم مَنْ كان يتحرّك دون أن يعمل شيئاً!!.. ولكن، بقدر ما كانوا يحاولون النجاة، بقدر ما كانت الأمواج تتعالَى، والعواصف تتشدّد، والطبيعة تزأر .. وفجأةً، حينما أدركوا أنّهم، لا محالة هالكون، وأنّ محاولاتهم للنجاة، لا تتعدَّى محاولات رضيعٍ أمام مقاتلٍ شديد القوة والبأس.. تذكّروا يسوع!! بدأوا يتساءلون: أين المُعلِّم؟؟.. وجدوه نائماً!! هرول إليه التلاميذ، وأيقظوه في تلهُّفِ واستنكارٍ!! وقال له أحدهم: يا مُعلِّم، أما تبالي أنّنا نهلك؟!! نظر إليهم يسوع بحزنٍ، متذكِّراً إيمانَ قائد المئة الأممي، بكلمته!! قام ووقف في مقدّمة القارب. تلاقت عيناه بالأفق، ثم نظر إلى البحر والموج والعاصفة، وانتهرهم بكلمات سلطانٍ، فهدأت العواصف وسكنت الأمواج، وكأنّها جروٌ صغيرٌ تطيع سيّدها. ساد صمتٌ مطبقٌ بين جنبات الطبيعة وعلى القارب!! ثم التفت إليهم، ورمقهم بنظرة تحمل من المعاني أقسَى ممّا تحمله كلمات التوبيخ، وقال لهم، بنبرة يمتزج فيها الحزن بالعتاب: “ما بالكم خائفينَ هكذا، كيف لا إيمان لكم؟؟“ أما هم فأطرقوا برؤوسهم إلى أسفل، في خجلٍ من عدم إيمانهم، وهم الذين تعجّبوا من الثناءِ الذي لقيه قائد المئة من يسوع، على إيمانه، متوهّمين أنَّ لهم إيماناً.. تركهم يسوعُ وعاد إلى مؤخّرة السفينة مرّة أخرى، بينما بدأت، في تلك اللّحظة، خيوط الإيمان الأولَى تتكَّون في قلوبهم، حينما أدركوا هشاشة إيمانهم، وتيقّنوا من سلطان يسوع الكامل، حتى على الطبيعة.. الإيمان لا يبدأ في ولوج القلب قبل أن يتيقّن الإنسان من هشاشته، بقدر يقينه من قدرة الله وسلطانه |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قبول المـُر ..
https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...36099407_n.jpg كان لسليمان الحكيم عبد يسمى "لقمان" ،استدعاه للمثول أمامه وبادره بالقول : ((سآمرك أمراً هل تطيعه ؟)) فاستغرب العبد المُشترى بالمال و رد للفور : ((أنت السيد وأنا العبد ، أأمر وأنا أطيع ))فأخذ سليمان بطيخه صغيرة كانت أمامه وأعطاها لعبده قائلاً : ((كـُل هذه البطيخه المـُرة بشرط ألا يظهر على وجهك أى امتعاض أو تبرم )). فأخذها لقمان من يد سليمان وأكلها ، وفى أثناء مضغها إرتسمت إبتسامه عذبه على وجه لقمان ، فإندهش سليمان من إبتسامته وقال له : هل البطيخه حلوة يا لقمان ؟؟... فرد العبد : (( لا ياسيدى أنها مـُرة مرارة الصبر !))فراجعه سليمان ((ولماذا إذن تبتسم؟)) فأجاب العبد : ((أبتسم لأنى تذكرت يد سيدى التى قدمت لى سابقاً حلواًُ كثيراً فنسيت المرة الوحيد التى قدمت لى بطيخه مـُرة.... لما تذكرت ، ضاعت مذاقه المرارة )) هذا عبد سليمان يا عزيزى ، أما أنا وأنت عبيد الله الحى الذى قال لنا : ((لا أعود أسميكم عبيداً لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده ، لكنى قد سميتكم أحباء لأنى أعلمتكم بكل ما سمعته من أبى "يو 15:15")) .... نحن أحباء الله ، وإيماننا بمحبته ليس أنه قادر على كل شئ ، ولا يعسر عليه شئ ، بل هو أن نقبل من يديه كل شئ مهما كان مـُراً. وقبول المـُر يحتاج إلى تذكر ... تذكر يا عزيزى إحسانات الرب تنسى مرارتك ، ومرارة الأحداث التى من حولك ، فإن إحساناته الجديده فى كل صباح .... تعلَّم أن تذكر خيرات الله فى وسط الآمك فتتعزى به ... أبونا يوسف أسعد |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
اللاّوعي والإدانة https://scontent-a-cdg.xx.fbcdn.net/...36099407_n.jpg أبونا الراهب سارافيم البرموسي الإدانة هي الحكم على الآخرين من خلال سلوكياتهم وغضّ البصر عن دوافعهم والغفران هو التماس العذر للدوافع وغضّ البصر عن السلوكيات إن الإنسان يحيا في الوجود من خلال وعيه بما حوله، ويتشكّل سلوكه وتصرفاته بقدر تفتُّح ونُضج وعيه في فهم الأشخاص والأشياء من حوله، إلاّ أنّ هناك عامل آخر شديد الأهمية يؤثِّر على سلوكك ويتحكَّم في تصرفاتك بشكلٍ غير ظاهر؛ إنّه اللاّوعي.. اللاّوعي هو المخزن الذي يتلقَّى كلّ خبرة يمرّ بها الإنسان، وكلّ موقف يجتازه، وكلّ معاملة يلقاها، بل إنّه يتأثّر بطريقة التربية التي يشبُّ عليها الشخص من أيام طفولته المُبكِّرة. وبعد أن يتلقَّى اللاّوعي هذا الكمّ الهائل المتراكم والمستمر من الأحداث والمفاهيم، يبدأ في إعادة تشكيلها ليصل من خلالها إلى رؤيا للحياة، وتتحوّل تلك الرؤيا إلى قوّة دفع غير منظورة تبدأ في ممارسة سلطانها على الإنسان وتصبغه بطابعها الخاص. يقول أحدهم: لا تقتصر المعرفة على ما نفكّر به في عقولنا فليست الأحداث الخارجيّة هي التي تحثّنا على التحرُّك فقط بل ذلك العالم المُظلِم والسرّي في لاوعينا فقد تجد إنسانًا ما عدائيًّا، وتكتفي بأن تحكم عليه وتضعه في قائمة العدائيّين في حياتك، دون أن تُدْرِك أنّ عدائَه هذا قد يكون نتيجة خبرات متراكمة في اللاوعي، خبرات ترسّبت في وجدانه تحمل ذكريات الإهانة والسخرية. قد تكون عدوانيّته نتيجة تربية أبٍ قاسٍ استبدادي الرأي. قد تكون نتيجة عيب خِلقي دفعه إلى الهجوم المسبق والاستباقي خشيةً من تهكُّم الآخرين. كلُّ تلك العوامل والدوافع قد لا يعيها الشخص نفسه، ولا يُدركها، إلاّ أنها تظهر كرد فعل تلقائي أثناء علاقته مع الآخرين. لذا فمن الضروري أن نلتمس العذر دائمًا للآخرين في تصرّفاتهم التي تبدو لنا غريبة وغير منطقيّة في بعض الأحيان، فخلف كلّ تصرُّف هناك تاريخ في اللاّوعي، وخلف كلّ موقف هناك عُقدة ما تدفعه لانتهاج هذا السلوك. من هنا كان تعليم المسيح لنا بعدم الإدانة، لأننا لا يمكننا أن نخترق حواجز النفس البشريّة لنرى دوافعها في العمل، فأي سلوكٍ لا يجب أنْ يُدان دون النظر إلى دوافعه. انطلاقًا من تلك الحقيقة، نقدر أن نعي تبرير المسيح للخطاة الذين دفعتهم ظروفهم القاسية للخطيئة بالرغم من استعدادهم الداخلي للحياة النقيّة. في المقابل كان كثيرًا ما يُلقي بالويلات على الكتبة والفريسيّين وقادة اليهود، الذين يبدون للناس وكأنّهم أبرارٌ، بيد أنْ خطاياهم كانت خفيّة، ودوافعهم كانت شريرة. الله ينظر إلى القلب، بينما لا يرى البشر سوى السلوكيات الخارجيّة التي لا تُعبِّر عن شيء، ولا نستطيع من خلالها الحُكم الصادق الموضوعي على أحدٍ. ولعلّه إن قُدِّر لأحدٍ أن يعاصر القديس موسى الأسود قبل توبته، فهل كان يمكن أن يرصد في حياته بصيصًا من نورٍ؟! لا أعتقد!! فالجميع سيتعامل معه كمجرمٍ يستحق العقوبة، وليس كإنسانٍ يحتاج لمناخ جيّد ليُظْهِر الاستعداد المُختبِئ خلف مظهر الشرّ. لذا فإنّ أحد القدّيسين أثناء سيره مع تلاميذه، بكَى حينما رأى مجرمًا مساقًا إلى السجن، وحينما سُئل عن السبب، أجاب: “لولا نعمة الله لكنت مكان ذلك المجرم!!” إنّ ليو تولستوي، الروائي الروسي الشهير، يقول في روايته “البعث”، على لسان بطل الرواية نكليودوف: إنّ المساجين أحياناً ما يكونون مساكينَ، وفي الأغلب تكون جناية المجتمع عليهم أفدح من جنايتهم على المجتمع. فهم في الغالب قومٌ حُرموا من العطف والرعاية في صغرهم. وكثر عليهم ضغط الظروف، حتى امتلأت قلوبهم بالحقد، فلماذا يكون هؤلاء في غياهب السجون؟؟ ويكون سواهم طُلقاء، بل يكونون في موضع القضاة لهؤلاء؟! إنّه الحُكم حسب المظاهر الخادعة، دون محاولة البحث في الدوافع لالتماس العذر للآخرين، ومن ثمّ محاولة تحريرهم من القيود التي يرصفون فيها والمقيدة كيانهم الداخلي. لذا فإنّ المسيحية تؤمن بـ“خلقة الإنسان علي غير فسادٍ” كما نُصلّي في ليتورجيّة القديس باسيليوس -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى- تؤمن بالخير الدفين في أعماقه، تؤمن أن مسلكه الخارجي المحكوم بدفع خبرات اللاّوعي يختلف عن كينونته الحقّة النقيّة التي تشكّلت على الصورة والمثال الإلهي. لذا فإنّ دور الروح القدس هو تحرير الإنسان من سطوة اللاّوعي، ليرى ويبصر نفسه البهيّة المخلوقة على صورة الله. ليُعاين الأصل في الإنسانيّة كحالة من البرّ، وليتيقّن أنّ الدخيل هو الشرّ، الذي “دخل بحسد إبليس”. ولنتذكّر معًا كيف كان يرى يسوع، الإنسان، حينما نسترجع حادثة المرأة التي أُمسكت في الفعل المُشين، فقد رآها الجميع مدانة وتستحق الموت، بينما كان ينظر المسيح إلى أعماقها، كان يطالع النور الخافت الذي كان يومض بين جدران قلبها، وحينما رأى المسيح هذا النور، قال لها: “ولا أنا أدينك”. لذا دعنا منذ الآن، ألاّ نحكم على الآخرين بحسب سلوكيّاتهم، فقد يكونون مرضَى بسطوّة اللاّوعي المثقَّل بخبراتٍ سلبيّةٍ. دعنا نرى الإنسان بعيني المسيح التي لا ترى سوى الشوق المُختبئ خلف السلوك الظاهر، وحينما نستطيع أنْ نرتدي منظار المسيح لنرى به الآخرين، نقول حينئذٍ لمن دانهم المجتمع: “أن لا أدينك”. وحينئذ سنسمع صوت المسيح الفَرِح يتردّد صداه في أعماقنا، ويقول: “ولا أنا أدينَك” |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف نصلي 1 من سفر إشعياء النبي: "عَلَى أَسْوَارِكِ يَا أُورُشَلِيمُ أَقَمْتُ حُرَّاسًا لاَ يَسْكُتُونَ كُلَّ النَّهَارِ وَكُلَّ اللَّيْلِ عَلَى الدَّوَامِ. يَا ذَاكِرِي الرَّبِّ لاَ تَسْكُتُوا، وَلاَ تَدَعُوهُ يَسْكُتُ، حَتَّى يُثَبِّتَ وَيَجْعَلَ أُورُشَلِيمَ تَسْبِيحَةً فِي الأَرْضِ" (سفر إشعياء 62: 6، 7). مجدًا للثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس. الموضوع الذي سنتكلم فيه اليوم يا أحبائي بنعمة الرب هو موضوع الصلاة. من أقوال ذهبي الفم عن الصلاة:في عظة للقديس يوحنا ذهبي الفم عن الصلاة:- الصلاة هي الصفة المشتركة بين القديسين: العجيب يا أحبائي أننا لو تأملنا في حياة القديسين، نجد أن بهم صفات متباينة كثيرة جدًا ولكن الصلاة هي الصفة المشتركة بين كل القديسين. فكمثال: القديس الأنبا أرسانيوس: كان القديس الأنبا أرسانيوس محب جدًا للوحدة، لدرجة أن الأب البطريرك في ذلك الحين جاء لكي يلتمس بركته فهرب، وقال: "إذا فتحت الباب للبطريرك لن أستطيع أن أغلقه في وجه أي إنسان، وإذا فتحت الباب لكل أحد لن أستطيع أن أجلس هنا. فأنا حياتي وفرحي في السكون والوحدة". لكن على الجانب الآخر: القديس موسى الأسود: كان القديس الأنبا موسى يجد لذته وشبعه وفرحه في الحديث مع الآخرين عن المسيح. أي أن لهذين القديسين صفتين متعارضتين تمامًا. فهذا يهرب من الناس محبة في المسيح وهذا يحب الجلوس مع الناس محبة في المسيح. فالقديسين بهم صفات قد تبدو متضادة ولكن الشيء الذي اشترك فيه كل القديسين هو الصلاة. فعندما تقرأ حياة القديسين لن تجد قديس لم يكن أستاذًا في الصلاة. فهذه هي الفضيلة التي جمعت القديسين كلهم ورغم هذا عندما ننظر لأنفسنا وننظر للجيل الذي نعيشه، نجد أنفسنا قد تغربنا تمامًا عن هذا الطريق. المسيح علمنا اللجاجة في الصلاة في مثل "قاضي الظلم" (إنجيل لوقا 18: 1-8):الرب يسوع أراد أن يعلمنا اللجاجة في الصلاة لذلك ذكر لنا مثل "قاضي الظلم" والمرأة التي ظلت تلح عليه حتى أنصفها،وأريدكم أن تتأملوا تعليق السيد المسيح على المثل حيث قال: "أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ، الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَارًا وَلَيْلًا، وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعًا! وَلكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟" (إنجيل لوقا 18: 7،8). وكلمة "الإيمان" في تساؤله الأخير يقصد بها الإيمان بأن الإلحاح في الصلاة مستجاب أمام الله. وكأن السيد المسيح كان يرى جيلنا ويتكلم عن حاله في هذا المثل، لأننا مقلين جدًا في الصلاة، والصلاة ثقيلة جدًا على أنفسنا، لذلك تساءل هل عندما سآتي سأجد الناس ما زال لديها الإيمان بفاعلية وقوة واقتدار الصلاة في فعلها؟! محبتنا للصلاة ترمومتر نستطيع به قياس مدى محبتنا للحياة الأبدية:تصور أم لديها ابن يرفض الأكل تمامًا مهما ألحت عليه ليأكل، مما أدخلها في حيرة شديدة فاحتارت الأم وخافت على ابنها، وذهبت به إلى الكثير من الأطباء دون جدوى. وأخيرًا أخذته إلى طبيب حكيم وواعي، فقال لها: مرض ابنك ليس له علاج، لأنه رافض الحياة ولذلك هو رافض الأكل. بصدق يا أحبائي هذا هو حالنا، فنحن رافضين الحياة الأبدية، لذلك نرفض الصلاة، الإنسان المتعلق بالسماء يحب الصلاة جدًا، ويفرح بها. أما الإنسان الغير راغب في السماء أو الغير مهتم بها لا يحب الصلاة. فمحبة الصلاة هي الترمومتر الذي نقيس به مدى تعلقنا بالسماء. وقد كان هذا هو الدافع الذي جعلني أتكلم معكم في موضوع الصلاة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما هي الصلاة؟ الصلاة هي الوقوف في حضرة الله وملء الشعور بذلك: الصلاة هي اختبار لحضور الله. إنسان واقف في حضرة الله وشاعر بكل كيانه بذلك. فالصلاة ليست مجرد ترديد كلمات، بل هي إنسان يشعر بكل كيانه أنه واقف في حضرة الله. الصلاة هي عمل المسيحي الأساسي والأول:والصلاة هي عمل المسيحي الأساسي والأول، وأي شيء آخر يأتي في المرتبة الثانية. بل أن وجودنا على الأرض من أجل الصلاة. الصلاة هي عمل إلهي وعطية من الله:فالله هو الذي يجذبك ويشوقك للصلاة، وهو الذي يضع على لسانك كلمات الصلاة. القديس أوغسطينوس قال: "الصلاة هي عمل الله داخل النفس" فهو عمل إلهي صرف ودعوة من الله. بولس الرسول يقول: "وَكَذلِكَ الرُّوحُ أَيْضًا يُعِينُ ضَعَفَاتِنَا، لأَنَّنَا لَسْنَا نَعْلَمُ مَا نُصَلِّي لأَجْلِهِ كَمَا يَنْبَغِي. وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ فِينَا بِأَنَّاتٍ (بتنهدات) لاَ يُنْطَقُ بِهَا" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 8: 26). ولذلك كان التلاميذ على حق عندما قالوا للسيد المسيح: "يَا رَبُّ، عَلِّمْنَا أَنْ نُصَلِّيَ" (إنجيل لوقا 11: 1). قالوا له هذا بالرغم من أنهم يهود ولهم صلوات ثابتة وذلك لأننا "لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي". الصلاة هي دعوة من المسيح لنأخذ من يده "شيء ما" أثناء هذه الصلاة:ذكرت لي إحدى البنات الصغيرات في الاعتراف أنها تتذكر الصلاة ولكنها تُكسل ولا تصلي. فقلت لها إن تذكر الصلاة هو عبارة عن نداء من المسيح فهو يريد أن يعطيك شيئًا ما في هذه الصلاة. وإذا لم تستجيبي لهذه الدعوة أنتِ الخاسرة. صدقوني يا أحبائي في كل مرة نقف للصلاة المسيح ينادينا ليعطينا شيء ما. لذلك قال لنا بولس الرسول: "الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ" (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 4: 7). فعندما نتذكر الصلاة يكون السيد المسيح واقفًا وقارعًا على الباب ويريد أن يعطيك شيئًا، فحذار من أن تسمع صوت الرب يسوع يناديك للصلاة دون أن تلبي هذا النداء، ولو بغصب نفسك. صدقوني يا أحبائي في كل مرة يذكرنا روح الله بالصلاة، يكون هناك شيئًا ما سنأخذه من يد المسيح في هذه الصلاة. ثق في هذا. وإذا لم تصلي تكون كمن سمع صديقًا عزيزًا يدق بابه فلم يفتح له أو أغلق الباب في وجهه. الصلاة هي اشتياق متبادل بين الله والمصلي:وكما قال لنا القديس باسيليوس: حذار أن تقف أمام الله وتفكر فيما يجب أن تقوله، فالله لا يريد أن يسمع منك بلاغة أو شعر أو قصيدة، بل قل ما يخطر ببالك. فكما يفرح الأب بطفله الصغير عندما يقف ليكلمه حتى لو كان غير متمكن من الكلام (يتهته) ويأخذه في حضنه فرحًا، هكذا الرب يفرح بوقوفك أمامه في الصلاة بغض النظر عما ستقوله. فالصلاة نفس مشتاقة إلى الله. قف قل للرب: "يا رب أنا مشتاق إليك. اشتاقت نفسي إليك يا رب كالأرض العطشانة للمياه". داود النبي يقول: "كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ. عَطِشَتْ نَفْسِي إِلَى اللهِ، إِلَى الإِلهِ الْحَيِّ. مَتَى أَجِيءُ وَأَتَرَاءَى قُدَّامَ اللهِ" (سفر المزامير 42: 1، 2). أي يا رب أنا مشتاق إليك، أنا نفسي أقف أمامك، أنا لذتي يا رب وفرحتي وبهجة قلبي أنت. "مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ" (سفر المزامير 73: 25). ويقول داود النبي أيضًا: "يَااَللهُ،إِلهِيأَنْتَ. إِلَيْكَأُبَكِّرُ. عَطِشَتْإِلَيْكَنَفْسِي،يَشْتَاقُإِلَيْكَجَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍوَيَابِسَةٍبِلاَ مَاءٍ" (سفر المزامير 63: 1). الاشتياق للصلاة يكون كالاشتياق لرؤية عزيز، تصور أنك على موعد للقاء شخص عزيز عليك جدًا جدًا، قد لا تنام طوال الليل متمنيًا مرور الساعات سريعًا من كثرة اشتياقك لهذا العزيز،هذا هو شعور محب الصلاة. داود النبي كان بهذا الشكل لذلك قال "كما تشتاق الإيل إلى جدول المياه". يمكن أن نشبه اشتياق محب الصلاة لله باشتياق الإنسان العطشان جدًا لأن يرتوي بالمياه. هذا النهم والاشتياق للماء هو نفس إحساس الإنسان الذي يشتاق أن يقف أمام الله. والعجيب أن هذه المشاعر لا تكون مشاعر المصلى فقط بل هي أيضًا مشاعر المسيح. فالسيد المسيح يشتاق لوقوفك أمامه، فهو الذي يقول: "أَرِينِي وَجْهَكِ، أَسْمِعِينِيصَوْتَكِ،لأَنَّصَوْتَكِلَطِيفٌ وَوَجْهَكِ جَمِيلٌ" (سفر نشيد الأنشاد 2: 14). فالصلاة اشتياقات من جهة الله إليك وإشتياقات من جهتك لله. كثيرون لا يعرفون معنى الصلاة:كنت أتكلم مع أب كاهن خدم في كندا، وعندما سألته عن أخبار الخدمة هناك روى لي ما أدهشني وأحزنني في نفس الوقت، قال أن أحد الشباب أثناء اعترافه قال ما يلي: "أنتم (يقصد الكهنة) كلما تتكلمون تذكرون لنا السماء على أنها غاية، فماذا سنفعل في هذه السماء؟! هل سيكون عملنا أن نصلي؟! إذا كان هذا فأنا لا أريد هذه السماء". كان هذا الكلام صعبًا جدًا على مسامعي، ولكني سألت نفسي: إذا وقفت في عظة لأقول للناس أن السماء عبارة عن صلاة هل سأجد الكثيرين يقولون لي مثلما قال هذا الشاب: "إذًا نحن لا نريد هذه السماء!" للأسف سأسمع هذه الإجابة من الكثيرين. بالطبع الذي يقول هذا لا يحب الصلاة ولا يفرح بها ولم يشعر بلذتها. والمشكلة أننا لا نعرف ما هي الصلاة؟ فالصلاة كما قلت لكم هي "اشتياق لله" وكما قال إشعياء: "إِلَى اسْمِكَ وَإِلَى ذِكْرِكَ شَهْوَةُ النَّفْسِ" (سفر إشعياء 26: 8). " بِنَفْسِي اشْتَهَيْتُكَ " (سفر إشعياء 26: 9). الصلاة ليست صفقة للمنافع (إنسان يصلي لينال طلب معين):الصلاة ليست تبادل تجاري، أقف للصلاة عندما أريد شيئًا من الله وإذا لم يكن هناك ما أريده من الله لا أصلي! هذا فهم خاطئ للصلاة. قبل أن أدخل الاجتماع قابلني أحد الأبناء (طفل صغير) وقال لي: "يا أبونا أنا عندما كنت أرتدي ملابسي لآتي الكنيسة كنت أبحث عن حزامي ولم أجده فصليت وطلبت من الرب أن أجد الحزام. ولكن ربنا لم يجعلني أجده. فما فائدة الصلاة إذًا؟". بالطبع هذا الابن يفهم معنى الصلاة فهم خاطئ. هو يظن أننا نصلي لأننا نريد من الرب شيء. الصلاة ليست أن نقف لنطلب من الرب طلبات. مرات كثيرة نقف لنصلي لأن عندنا مشكلة ونريدها أن تحل. أو هناك مرض ونريد أن نشفى منه. هذا الأب الكاهن الذي خدم في كندا روى لي أيضًا عن أحد الشباب الذي قال له: "يا أبونا عندما كنت في مصر كنا مضطهدين فكنت أصلي, ولكن في كندا لا يوجد اضطهاد أو متاعب وكل احتياجاتي موجودة فلماذا أصلي؟!". هذا الشاب أيضًا يظن أنه يصلي فقط إذا كان عنده مشكلة ليطلب من الرب أن يحل له المشكلة. فإذا لم يكن هناك مشكلة فلا داعي للصلاة. وهذا فهم خاطئ للصلاة. مشكلتنا أننا نريد العطية ولا نريد العاطي. أقف أمام الله لأني أريد منه شيء ولا أريده هو شخصيًا. أريده أن يشفيني، أن ينجح أولادي، أن يسهل لي الدراسة، أن أجد الحزام كما قال هذا الطفل الصغير. بينما الصلاة ليست هكذا. الصلاة إنسان يريد الله، يريد المسيح، يقول للرب: "يا رب أنا لا أريد شيئًا إلا أن صلاتي تدخل في حضرتك، لو ظللت طول حياتي أردد هذه الطلبة، فذلك يكفيني جدًا فأنا لا أريد شيئًا إلا أن أتكلم معك وكلامي يدخل إلى أذنيك ويكون لدي دالة عندك." فالصلاة ليست طلبات. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أوقات وأوضاع وأماكن الصلاة الصلاة تكون في أي مكان وفي أي وقت وبأي وضع. ففي أي وقت وأي مكان وبأي وضع ترفع قلبك لله بالصلاة تكون في حضرة الله. وسنتكلم عن ذلك من الكتاب المقدس فيما يلي: الصلاة في أي مكان:المسيح في حديثه مع السامرية قال لها "لاَ فِي هذَا الْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ.... وَلكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ" (إنجيل يوحنا 4: 21 و23). أي الصلاة ليس لها مكان معين. المسيح صلى في البراري، صلى في الجبل، صلى في البستان، في كل مكان. الرسل أيضًا صلوا في أماكن مختلفة، فعندما نرجع إلى بولس الرسول في سفر الأعمال، نجده صلى عند الشاطئ، وفي الهيكل، وفي السجن صلى. الصلاة في أي وقت:وقد قال لنا السيد المسيح أيضًا: صلوا كل حين ولا تملوا. وذكر لنا في ذلك مثل قاضي الظلم. ونص الآيات: "وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلًا فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ" (إنجيل لوقا 18: 1). وكلمة "كل حين" تعني أنه يمكنني الصلاة في أي وقت. إذًا يمكن أن أصلي في أي وقت وفي أي مكان (أثناء سيري في الشارع، أو أثناء وجودي بالبيت، أو أثناء ذهابي أو مجيئي) والمسيح نفسه كان يفعل هذا. المسيح قبل أن يأكل صلى ثم أخذ الخبز وكسر. أيضًا الإنجيل قال عن المسيح أنه أمضى الليل كله في الصلاة. وفي مرة أخرى قال أنه: "قام باكرًا جدًا ليصلي". وصلى وهو على الصليب في الساعة السادسة، و الساعة التاسعة وصلى ليلًا في البستان. الصلاة في أي وضع:المسيح في البستان إنطرح على الأرض وصلى. وإيليا النبي وضع رأسه بين ركبتيه وصلى في انسحاق شديد وكأنه يحاول أن يضع نفسه في الأرض. المسيح جثا على ركبتيه أي ركع. والمسيح أوصانا قائلًا "وَمَتَىوَقَفْتُمْتُصَلُّونَفَاغْفِرُوا.... لِكَيْ يَغْفِرَ لَكُمْ" (إنجيل مرقس 11: 25). داود النبي صلى وهو جالس ففي سفر صموئيل الثاني وأخبار أيام الأول ذَكر أن داود النبي صلى وهو جالس،ونص الآيات: "فَدَخَلَ الْمَلِكُ دَاوُدُ وَجَلَسَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: «مَنْ أَنَا يَا سَيِّدِي الرَّبَّ؟ وَمَا هُوَ بَيْتِي حَتَّى أَوْصَلْتَنِي إِلَى ههُنَا؟" (سفر صموئيل الثاني 7: 18)، "فَدَخَلَ الْمَلِكُ دَاوُدُ وَجَلَسَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: «مَنْ أَنَا أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ، وَمَاذَا بَيْتِي حَتَّى أَوْصَلْتَنِي إِلَى هُنَا؟" (سفر أخبار الأيام الأول 17: 16). إذًا يمكننا أن نصلى أثناء الجلوس في المواصلات مثلًا والله يسمع صلاتنا في كل وقت. فقول الرب: "صلوا في كل حين" وبما أننا لسنا واقفين طوال الوقت إذًا يمكن أن نصلي ونحن واقفين أو جالسين أو سائرين. الصلاة في أي مكان لا تغني عن الوقوف أمام الله بخشوع في المخدع:الله من محبته سمح لنا أن نصلى في أي مكان أو ونحن جالسين لأننا لا نستطيع أن نقف طوال الوقت، ولكن هذا لا يغنينا عن الوقوف أمام الله في المخدع، ففي احترام البنين لأبوهم السماوي نشعر بالخجل أن نصلى لله ونحن جالسين طالما ليس هناك ما يمنعنا من الوقوف. إذا كنا لا نستطيع أن نكلم مدير العمل ونحن جالسين فعلينا ألا نستهين بالله؟! فلنقف خشوعًا أمام الله في المخدع. الصوت في الصلاة:المسيح صرخ في البستان، فهناك أوقات يشعر فيها الإنسان بالرغبة في الصراخ، وكما قال بولس الرسول عن السيد المسيح "الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طَلِبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ" (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 5: 7). من الممكن أيضًا أن أصلي بدون صوت خالص مثل حنة أم صموئيل، وممكن أصلي بتسبيح: "مُكَلِّمِينَبَعْضُكُمْبَعْضًابِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ،مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5: 19). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيفية الصلاة كيف اشتاق لله؟ وكيف أتعلم أن تكون غاية صلاتي المثول أمام الله؟ ما هي الخطوات العملية للوصول لهذا. علينا أن نتعلم كيف نصلي من الآباء الذين احترفوا الصلاة:يا أحبائي إذا أردنا أن نتعلم الصلاة فلنرجع للآباء الذين كانت حرفتهم وصنعتهم ومهارتهم الصلاة. فالذي يريد أن يتعلم النجارة، لا ينفعه قراءة كتاب عن النجارة ولكن عليه أن يتعلمها من نجار. تعاليم القديس ثيئوفان الناسك عن الصلاة:كل ما سأكلمكم به في هذه العظة هو من تعاليم القديس ثيئوفان الناسك عن الصلاة. القديس ثيئوفان الناسك عاش في روسيا في القرن الـ18. وكان أسقفًا ثم ترك الأسقفية وذهب ليتوحد. وكتب لنا عن: كيف نصلي؟ في تعلمك الصلاة تكون كالمسافر في طريق لكي يصل إلى مدينة معينة، هذه المدينة تسمى مدينة الصلاة. وكما أن أثناء سفرك هناك محطات وعلامات تدلك على عدد الكيلومترات المتبقية لك، كذلك هناك ثلاث محطات رئيسية لتصل إلى مدينة الصلاة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صلاة الترديد "الدرجة الأولى من الصلاة: صلاة الترديد" 1- ترديد صلوات الأجبية. 2- ترديد صلوات القداس. 3- ترديد صلوات القديسين. وبترديد صلوات القديسين نكون قريبين جدًا منهم وتكون معونتهم قريبة لنا جدًا. مصادر صلوات القديسين: هناك مصدرين لصلوات القديسين: الكتاب المقدس وتاريخ الكنيسة. الكتاب المقدس ذكر لنا صلوات لقديسين كثيرين: فالعهد القديم به 222 صلاة، والعهد الجديد به 131 صلاة. كذلك الكثير من صلوات القديسين وصلت لنا عن طريق تاريخ الكنيسة. مثل صلوات القديس باسيليوس، وصلوات القديس مار افرآم السرياني وغيرهم من القديسين. شروط صلوات الترديد طبقًا لتعاليم القديس ثيئوفان الناسك: صلوات الترديد (صلوات الأجبية – صلوات القداس – صلوات القديسين) لها شرطين: 1- فهم كلمات الصلاة.1- فهم كلمات الصلاة: عليك أن تفهم ما تردده من صلوات. فلا تقل كلام دون أن تفهمه. لذلك بولس الرسول قال: أرتل بالفم وأرتل بالفهم أيضًا ونص الآية: "فَمَا هُوَ إِذًا؟ أُصَلِّي بِالرُّوحِ، وَأُصَلِّي بِالذِّهْنِأَيْضًا. أُرَتِّلُبِالرُّوحِ،وَأُرَتِّلُبِالذِّهْنِ أَيْضًا" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 14: 15). ويقول المزمور: رتلوا بفهم. لذلك من النقاط الهامة أن تفتح كتاب الأجبية في غير أوقات الصلاة، وتتأمل في معاني الكلمات. لكي أثناء الصلاة ترددها بفهم. وكذلك في القداس. 2- مشاعرنا في الصلاة: قال القديس ثيئوفان أن الشرط الآخر لترديد الصلوات هو مشاعري أثناء الصلاة. أي أكلم الرب من قلبي. فمثلًا عندما أقول: يا رب طهرني، "إنضح علي بزوفاك فأطهر" أكون شاعرًا بكل كياني أنني نجس وأنني غير قادر على التقدم أمام الله. أشعياء النبي قال: "وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ، لأَنِّي إِنْسَانٌنَجِسُالشَّفَتَيْنِ" (سفر إشعياء 6: 5)، ومع إحساسي بنجاستي يكون لدي رجاء كبير أن المسيح سيطهرني،وعندئذ أشكر الرب من كل قلبي. كذلك عندما أقول له: يا رب لتكن إرادتك يجب أن أقولها وكل فكري خاضع للرب. أنا يا رب تحت أمرك افعل بي ما شئت. تداريب عملية على صلوات الترديد (صلوات الأجبية، والقداس، والقديسين): 1- القانون الروحي: يجب أن يكون لديك قانون روحي ثابت متفق فيه مع أب اعترافك لا تحيد عنه، أي حد أدنى للصلاة بالأجبية وقراءة المزامير، و حد أدنى في عدد مرات حضور القداس في الأسبوع. ولا بد من الالتزام التام بهذا القانون الروحي. لا يخضع هذا القانون الروحي لتوافر وقت من عدمه. فهو قانون ثابت أستطيع أن أزيد عليه ولكن لا أقل عنه أبدًا. 2- ركن الصلاة: احرص أن يكون لديك في البيت ركن خاص للصلاة، تضع فيه أمامك صورة للصلبوت أو للعذراء والدة الإله. هذا يساعد على تجميع المشاعر أثناء الصلاة. 3- طريقة الصلاة: صلي بهدوء وبدون تسرع، وصلي بصوت خفيض مسموع، ورتل أثناء تلاوة الصلوات. فالترتيل يلهب المشاعر. 4- إعداد النفس للصلاة: عد نفسك للصلاة بأن تضع في ذهنك أنك ستقف في حضرة الله (رب الجنود) الذي يستر الملائكة أنفسهم أثناء الوقوف أمامه (يغطون وجوههم وأرجلهم)، فلا بد أن أقف أمامه بخشوع، وأضع في قلبي هذا الخشوع. أيضًا قف لعدة دقائق قبل الصلاة لتهدئة نفسك من إزعاج العالم، فإذا ترك كوب الماء المعكر بالرمل قليلًا دون حركة، سيركد الرمل في القاع وتصفوا المياه. ويمكن أن تستغل هذه الدقائق في ترديد ترتيلة أو قراءة جزء بسيط من كتاب روحي فتهدأ النفس وتستفيد بالصلاة. نصائح القديس ثيئوفان الناسك لنا أثناء ترديد الصلوات: * ينصحنا القديس ثيئوفان الناسك بأن نحفظ كلام الصلاة الذي نردده. فمن الجيد في بداية تعلمنا الصلاة أن نقرأ في الأجبية، هذا يساعد على تجميع الحواس لأن العين تقرأ، والفم يردد، والأذن تسمع، فنكتسب من ذلك التركيز في الصلاة. ولكن عندما نتقدم في هذه الجزئية، يكون من الأفضل أن نغمض أعيننا ونردد ما نكون قد حفظناه من صلوات فهذا يعطينا عمق أكثر في الصلاة. * أيضًا ينصحنا ثيئوفان الناسك أن تتذوق ما تقوله من كلام. فعندما تجد آية معينة جذبتك (شدت قلبك) قف عندها، واشبع من الفكر الذي يعطيه إليك الروح في هذه الآية، اسرح فيه وتأمل وتلذذ به كمن يضع قطعة حلوى في فمه ويحاول أن يستطعمها ببطيء، إلى أن تشعر بتمام الشبع من هذا الفكر عندئذ انتقل للجملة التي تليها. هذا قد يحدث وأنت تصلي بالأجبية أو أثناء حضورك القداس أو أثناء القراءات التي تسبق القداس. فقد تجذبك أثناء القداس آية معينة تظل تفكر فيها وتتأمل حتى نهاية القداس. لأن أثناء تأملك في هذه الآية سيعطيك الروح شيء معين أنت تحتاجه. * أيضًا بعد الصلاة قف لبضع دقائق حتى تشعر أنك شبعت من الصلاة. نحن نضيع أوقات ودقائق كثيرة بلا فائدة. الأوقات التي نضيعها في العالم أوقات ضائعة لن تستفيد بها، ولكن وقت الصلاة هو وقت محسوب لك في السماء لا يضيع أجره فلا تبخل على وقت الصلاة. أسباب السرحان في الصلاة ونصائح لتجنبها: قال القديس ثيئوفان الناسك أن مشكلة هذا النوع من الصلوات -صلوات الترديد- هو السرحان. وقد ذكر لنا بعض أسباب السرحان حتى نتفاداها ومنها: 1- امتلاء البطن 2- كثرة الهموم فقد يكون السرحان نتيجة كثرة الهموم أو انشغال الذهن بشيء معين. ففي هذه الحالة أطلب من الرب أن يحمل عنك هذا الحمل الذي يثقل كاهلك. كل فكر يأتي إليك أثناء الصلاة ارفعه إلى الله.3- تعب الجسد أيضًا من أسباب السرحان في الصلاة تعب الجسد. فإذا كنت مجهد لن يكون لديك طاقة للصلاة ولن تستطيع التركيز في الصلاة.* أيضًا ينصحنا القديس ثيئوفان الناسك إذا سرحنا أوقات الصلاة أن نرجع إلى الجملة التي سرحنا عندها ونعيد قراءة الجزء الذي لا نتذكر أننا قلناه. أيضًا نصحنا أن نقول قدر معين من الصلوات ولو قدر قليل بفهم وتركيز أفضل من ترديد صلوات كثيرة بدون تركيز. هذه هي المحطة الأولى وقد أطلت في الكلام عنها لأنها تهم معظمنا. وسنمر على المراحل الأخرى أيضًا لأنها ضرورية. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الصلاة العقلية الدرجة الثانية من الصلاة: هي الصلاة العقلية ترديد الصلوات (الأجبية – القداس – صلوات القديسين) يقودنا للدرجة الثانية من الصلاة وهي الصلاة العقلية. فتعلم الصلاة كتعليم اللغة فالذي يتعلم اللغة عليه أن يحفظ بعض الكلمات، ثم عن طريق حفظ الكلمات يستطيع أن يركب بعض الجمل، فترديد الصلاة كأنك تحفظ كلمات والدرجة الثانية هي تكوين الجمل أو الصلاة العقلية حيث يكون لديك القدرة أن تتحدث مع الله بما بداخلك. إذا صليت صباحًا وليلًا فقط ستكون طوال اليوم بعيد عن المسيح، وقد يأتي الليل فيكون تركيزك ضعيف وغير قادر على الصلاة. لذلك يقول القديسين أن الذي يصلي في أوقات الصلاة فقط فهو لا يصلي. فأثناء النهار هناك نوع آخر من الصلوات هي الصلاة العقلية لا بد أن تمارسه حتى تستطيع أن تقف للصلاة في الليل. ثلاثة أنواع من الصلاة العقلية:1- الصلاة السهمية: طلبة صغيرة من القلب تعبر عن الحالة التي أنت فيها أو الظرف الذي تمر به. وسميت سهمية لأن السهم يصيب الفريسة بسرعة. ففي أثناء النهار ارفع قلبك لله بإحساس الوقت الذي أنت فيه. أحيانًا وأنا أسير في الشارع تتصارع الأفكار في ذهني بطريقة مزعجة (دوشة شديدة جدًا) فأردد من قلبي قائلًا: "أَخْرِجْمِنَالْحَبْسِنَفْسِي" (سفر المزامير 142: 7) حيث أشعر أن الأفكار حبستني فأطلب من الرب أن يخرجني منها. وأحيانًا عيني تقع على منظر يسيئني فأقول له: "يا رب أردد عيني لئلا أعاين الأباطيل" أي أكلم الله بما أشعر به في نفس اللحظة. وهناك طلبات أخرى صغيرة أعبر بها عما بداخلي مثل: يا رب سامحني، يا رب ارحمني. المهم أن تكلم الله من قلبك. وتجعل هذه الصلوات على فمك طوال اليوم. وإذا لم يكن في ذهنك شيء معين ردد صلاة يسوع: "يا رب يسوع المسيح ارحمني أنا الخاطي" أو "اللهم التفت إلى معونتي". أو إذا وجدت نفسك بدأت تسير في طريق خطأ قل: يا ربي أرددني إلى طريقك (رجعني يا رب لا تتركني أكمل في هذا الطريق السيئ). هذه صرخات على مدار اليوم. 2- صلاة تمجيد الله: تدريب: اتخذ لك هذا التدريب في حياتك: قبل أن تبدأ أي عمل كلم الرب قائلًا: "يا ربي مجد هذا العمل، اجعله لمجد اسمك، وبارك". يقولون عن أبونا ميخائيل إبراهيم أنه كان بمجرد أن يصل مكتبه في الصباح كان يرشم الصليب على الدوسيهات ويقول: "يا رب بارك العمل" وبعد أن ينتهي يضع الدوسيهات ويرشم الصليب ويقول له: "يا رب اجعل العمل الذي عُمل اليوم لمجد اسمك". جرب هذا التدريب، قبل أن تضع يدك في أي شيء قل: "يا رب بارك" وبعد أن تنتهي من العمل قل: "يا رب اجعل هذا العمل لمجد اسمك". قبل أن تأكل قل: "يا رب كثر خيرك أنك أعطيتني لآكل بينما هناك من لا يجدون الطعام". وعندما ترتدي ملابسك في الصباح قل: "كثر خيرك يا رب هناك من ليس لديه ملابس". وهناك آية جميلة في الكتاب المقدس عن ذلك: "فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَأَوْتَشْرَبُونَأَوْتَفْعَلُونَ شَيْئًا،فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 10: 31). درب نفسك أن تمجد الله في أعمال اليوم. 3- التأمل في صفات الله أثناء اليوم:تأمل إبداع الله في الطبيعة وتأمل في كل ما حولك، وكلما تقع عينك على شيء تذكر السماء،قد يأخذ هذا لحظات ولكن هذه اللحظات ستجعل قلبك يلتهب بحب الله. كمثال: تأمل جمال الطبيعة في الطريق أثناء سفرك مثلًا أو عندما تنظر حركة الناس في الشوارع والعربات تأمل في قدرة الله الذي يضبط كل هؤلاء ويرعاهم. فهذه وصية المسيح الذي قال: تأملوا طيور السماء وزنابق الحقل. أحد الآباء في الدير قال كلمة لطيفة: كان هناك بئر ماء وهناك طبق يتجمع فيه الماء فجاءت عصفورة ومدت رأسها في المياه وأخذت نقطتين ثم رفعت رأسها لتبلع الماء. فعندما رأى هذا الأب ذلك المنظر قال: المسيحي يفعل مثل هذه العصفورة -كل حاجة يحولها للسماء- عندما يفتح الإنجيل ليأخذ آية ثم يرفع رأسه للسماء ويتأمل في جمال هذه الآية (يهز في الآية). الخلاصة:تكلمنا عن أنواع الصلاة: أول نوع: ترديد الصلوات (أجبية – وقداس – وصلوات القديسين) وهذه تكون صباحًا وليلًا. النوع الثاني: أثناء النهار هناك نوع آخر من الصلاة لا بد أن تمارسه، وهو الصلاة العقلية وهي أن أناجي اسم يسوع طوال اليوم، وأطلب طلبات تتناسب مع حالتي، أي عمل أقوم به أرشم عليه الصليب وأعمله لمجد المسيح. أي شيء عيني تقع عليه أجعله يربطني بالسماء. اجلس واسرح في صفات الله. القديس أوغسطينوس كلم الرب في مرة قائلًا: "دعني أتحدث إلى رأفاتك" كلمة جميلة تدل على مدى تأمله في رحمة الله. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
معرفة الثالوث القدوس إشراقة نعمة
وما معنى مولود ومنبثق https://files.arabchurch.com/upload/i...8052578344.jpg في الواقع الروحي اللاهوتي، أن كل ما كُتب وقيل عن الثالوث القدوس، هو مجرد إشراقات من النعمة تُستعلن في لغتنا البشرية المحدودة للتعبير عن علاقتنا الاختبارية بشخصه القدوس، لذلك لم يُكتب أو يقال كل شيء عن الثالوث بوضوح شديد ومطلق من جهة أعماق طبيعته، أي من جهة كيانه الخاص في المطلق، أو من جهة ذاته في مُطلق معرفته، لأن ستظل معرفتنا محدودة وقاصرة من جهة أننا لازلنا في هذا الجسد الضعيف، وحسب عقلنا المحدود في الإدراك، لأن الله يستحيل إدراكه في كمال ذاته من جهة معرفتنا الشخصية به لأننا لا نستطيع أن نفحص أعماقه ونبحر في اتساع شخصيته، فنحن نؤمن ونصدق ما أُعلن لنا بالروح في قلوبنا سراً كفعل نعمة موهوب لنا من الله، وكل الأفعال التي تصلنا من الإعلانات الإلهية تخص العلاقة التي بيننا وبينه من جهة الشركة... ومن جهة موضوع الولادة والانبثاق هو ما أُعلن لنا من خلال الكتاب المقدس وذلك لكي لا يحدث خلط بين الأقانيم، وندخل سراً في معرفة الله القدوس الحي والمُحيي بالروح القدس الذي يُعلمنا كل شيء ويُذكرنا بكلام المسيح الرب، بالرغم من أن كل التعبيرات التي وصلتنا تُعبر عن علاقة جوهرية بين الأقانيم لا نفهمها في مطلقها، بل نفهمها بطريقة ما، وذلك حسب الإدراك الروحي لكل واحد فينا وما ناله من نعمة، [ الذي وحدهُ له عدم الموت ساكناً في نور لا يُدنى منه، الذي لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه ] (1تيموثاونس 6: 16)، [ الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر ] (يوحنا 1: 18)، [ لأن الله الذي قال أن يُشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح ] (2كورنثوس 4: 6)… عموماً استخدام كلمة مولود ومنبثق يلزمنا أولاًً اننا نعلم أن كلتا الكلمتين تصفان العلاقة بين الأقانيم الثلاثة ولا تصف عمليات بيولوجية أو فيزيوكيميائية لأن الله القدوس الحي منزّه أصلاً عن هذه العمليات التي تأتي للذهن فور سماعها بدون وعي وإدراك عميق للحق حسب إعلان الله في قلبنا بالروح القدس نفسه، لأن حينما نسمع أي صفة أو كلام عن الله يتبادر لذهننا فور سماعها بما يتناسب وما ينطبق على البشر، ويأتي في الذهن فوراً المعنى القاموسي للكلمة وحسب ثقافة كل واحد فينا ومعرفته الشخصية وما تربى عليه، غير عالمين أنها قيلت وكُتبت لتقرب لنا الصورة التي لن تكون في كمالها المُطلق، لأن الكمال يُعلن لنا منه إشراقات نورانية حسب قامة كل واحد فينا ومدى انفتاحه على الله على الأخص في الصلاة، ويتم إعلانها بالسرّ في داخل القلب، فنؤمن بها ونفرح ونُسرّ جداً، لأن معرفة الله التي تدخلنا في شركة معه تشع فرح خاص يملأ حياتنا بهجة، ولكننا - مع ذلك - لا نستطيع أن نُعبر عنها في كمالها المطلق الإلهي لأنه فائق وأعظم من كل إدراكاتنا وطاقتنا… والمقصود من جهة الخبرة في حياتنا أن كل شيء كامل بالثالوث، أن كل شيء من الآب بالابن في الروح القدس [ لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له، ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به ] (1كورنثوس 8: 6)، [ لأن به (المسيح الرب) لنا كلينا قدوماً في روح واحد (الروح القدس) إلى الآب ] (أفسس 2: 18) ((كل شيء من الآب بالابن في الروح القدس))
– [ لأن الآب نفسه يحبكم لأنكم قد أحببتموني وآمنتم إني من عند الله (الآب) خرجت ] (يوحنا 16: 27) – [ لأن الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم وهم قبلوا وعلموا يقيناً إني خرجت من عندك ] (يوحنا 17: 8) وفي هذه الأيات نرى شخص ربنا يسوع استعمل فعل ” خرج ” لوصف حقيقة صدوره من جوهر الآب أقنومياً كما يوضح إرساليته من جهة التجسد، وهذا الفعل يقابه باليونانية εξηλθον والذي تمت ترجمته للغة الإنكليزية بفعل Come out from وللفرنسية بفعل sortir. وهذا كله يعني خروجاً قام الآباء القديسون بتوضيحه أنه مثل خروج [ النور من النور ] بمعنى عدم انقسام وعدم انفصال، لأن الآب نور فالابن نور، ولكنه نور غير منفصل ولا متصل مجرد اتصال، بل نور من نفس ذات جوهر النور عينه، نور من نور. إله حق من إله حق، مساوي له في الجوهر مساواة مُطلقة، وهذا التفسير الآبائي له ما يسنده في الكتاب المقدس كقول الرب يسوع لفيلبس [ من رآني فقد رأى الآب ] و[ أنا في الآب والآب فيّ ] (يوحنا 14: 9 – 11) وأيضاً يقول الرسول: [ الذي هو (شخص الكلمة) صورة الله غير المنظور ] (كولوسي 1: 15)، [ الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة (أو يسرق أو يغتصب) أن يكون معادلاً للّه ] (فيلبي 2: 6)، أي أنه لم يختلس أو يدَّعي أن يكون مساوي لله، لأنه فعلاً خارج من الآب كخروج النور من النور، أو ولادة النور من النور، والولادة هنا ليست بشرية بل مستمرة إلى الدهر، نور من نور، يعني نور صادر باستمرار وتواصل من نفس ذات جوهر النور الواحد عينه ومساوي له بكل ما في الكلمة من معنى المساواة، وهو نور مستمر في الخروج بدوام، لأن النور حي فعال بيولد نور باستمرار بلا توقف، لأن لو توقف أصبح ليس نور… عموماً انبثاق الروح القدس من الآب هو خروج الفيض من منبعه ومصدره الذاتي، أي شخص الآب. أما ولادة الابن من الآب هو أيضاً خروج، ولكن خروج كل الملء من منبعه الذاتي أي مصدره، وهو شخص الآب الذي هو النبع، فانبثاق الروح القدس من الآب هو انبثاق لشركة، لأن الفيض شركة بين النبع والملء الذي في المصب، فالنبع هو الآب، والملء الذي يملأ الكل في الكل هو الابن الحبيب [ الذي نزل هو الذي صعد أيضاً فوق جميع السماوات لكي يملأ الكل ] (أفسس 4: 10) [ (الكنيسة) التي هي جسده، ملء الذي يملأ الكل في الكل ] (أفسس 1: 23) . فليس الفيض هو الملء، وليس خروج الفيض هو قبول كل الملء. باختصار شديد لكي لا أُطيل في الموضوع، الانبثاق هو الاستعلان الشخصي للطبيعة الروحية التي للألوهة. والولادة هي الاستعلان الشخصي لقبول كل ملء الألوهة، فالانبثاق هو هوية أقنوم الروح القدس كفيض. الولادة هي هوية أقنوم الابن كملء، والولادة ليست مجرد خروج عادي، ولكنها خروج كل الملء الذي لايُنتقص قط، فهي خروج الكل منطوقاً في الابن. والانبثاق ليس مجرد خروج عادي، ولكنه خروج الكل كشركة بين الآب والابن، لأن الروح القدس هو روح الآب وروح الابن بآن واحد، ومن هنا تظهر وحدة الثالوث القدوس، مثل الدائرة، ولكنها دائرة غير منغلقه أو ضيقه، بل متسعه جداً فوق ما نتصور أو نظن، ومن هذا الاتساع الفائق والغير مُدرك حدثت شركة عجيبة غريبة عن الإنسانية، وهو دخول الإنسان في حياة الشركة الإلهية كالتدبير بالابن الوحيد الجنس الذي اتخذ جسم بشريتنا ليوحدنا بشخصه ليدخلنا لدائرة المجد الإلهي الفائق، لذلك وهبنا روح الشركة الروح القدس الرب المُحيي حسب وعد الآب، الذي كان يستحيل أن نناله بدون تجسد الابن الوحيد، لأنه هو روح التبني الذي به نصرخ أبا أيها الآب، لأننا صرنا ابناء لله في الابن الوحيد... واعلموا يا إخوتي علم اليقين أن أي شرح للثالوث القدوس من جهة ذاته بدون إعلان الشركة ودخولنا فيها، هو تزييف، واعتقاد الإنسان أنه يعرف عن شخص الله وطبيعة وهو لم يدخل في هذه الشركة، فهو كاذب وقد زيف التعليم دون أن يدري، لأن الله لا يُعرف إلا بإعلان ذاته لنا في شركة معه، لذلك قال الرسول يوحنا في رسالته الأولى: (الحياة أُظهرت.. وقد رأينا ونشهد.. الذي رأيناه وسمعناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة نُخبركم به لكي تكون لكم شركة معنا)، لذلك فأن كل من يدَّعي معرفة الله وهو ليس في شركة معه لا تصدقوه ولا تأخذوا منه تعليماً، حتى لو كان صحيح، لأن الله لا يقصد أن نملأ عقولنا بمعلومات عنه، لأنها لن تنفع حياتنا ولا أبديتنا، لأن قصده من معرفته أن يكون لنا شركه معه، لذلك اتحد بنا ليس فكرياً، بل اتحد بنا اتحاد حقيقي لنكون واحداً معه، ويُقيم شركة معنا وندخل داخل الله فتكون أبديتنا مضمونه، لأننا صرنا أبناء وليس عبيد:
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سر الثالوث https://1.bp.blogspot.com/_HoE109gEog...1251180454.jpg القديس جيروم جاء لعلمي، أيها الأخوة، أن بعض الأخوة قد أثاروا هذه المسألة فيما بينهم، وكانوا يتجادلون عن كيف يكون الآب والابن والروح القدس ثلاثة وواحد في نفس الوقت. أنتم تدركون مدى خطورة مثل هذا النقاش. أناء ترابي مصنوع من طين الفخاري، لا يستطيع حتى أن يصل إلى منشأ طبيعته الخاصة، يتجادل عن الخالق ويسعى بفضول للتعرف على سر الثالوث، الذي لا تفهمه الملائكة في السماء. في الحقيقة، ماذا تقول الملائكة؟ "من هو هذا ملك المجد؟ رب الجنود هو ملك المجد" (مز 24)، وبالمثل في سفر إشعيا: "من ذا الآتي من أدوم بثياب حُمر؟" (إش 63). لاحظ ما تفعله الملائكة: فهي تُعلن وتنادي بجماله لكنها تلتزم الصمت تجاه جوهره. دعونا الآن نضع هذا السؤال بلغة عادية. هل تريد أن تعرف طبيعة الله؟ هل تريد أن تعرف ما هية الله؟ أعرف هذا: أنك لا تعرف. لا تحزن بكونك لا تعرف، لأن هذا الأمر غير معروف حتى للملائكة، ولا لأي خليقة أخرى. قد يعترض أحد قائلاً: لماذا أؤمن إذاً بما لا أستطيع إستيعابه؟ بما أني لا أعرف كيف صرت مسيحياً، فلماذا أنا مسيحي؟ سوف أجاوب بشكل مباشر قبل أن نُقدم أي مقاطع من الكتاب المقدس. يا رفيقي المسيحي، لماذا يبدو لك أنك لا تعرف شيئاً؟ لأنه إذا كنت تعرف هذه الحقيقة ذاتها، أنك لا تعرف شيئاً، تكون على العكس لديك الكثير من المعرفة؟ فالوثني يرى حجراً ويعتقد أنه إلهه، والفلاسفة ينظرون إلى السماء ويظنون إنها إلههم، وآخرين ينظرون إلى الشمس ويعتقدون أنها إله. تأمل الآن حقاً مقدار المعرفة التي لديك وكيف تفوقهم جداً، أنت الذي تقول: الحجر لا يمكن أن يكون إله، الشمس التي تتحرك على عجل بأمر آخر لا يمكن أن تكون إله. هكذا ترى أن هناك معرفة عظيمة مخفية ومتضمنة في اعترافك ذاته بنقص معرفتك. أما الوثنيين فعلى العكس، فهم لا يعرفون ما يقولوا أنهم يعرفوه، لأن معرفتهم باطلة. في الوقت نفسه، فكر ملياً كيف تُدعى: أنت تُدعى مؤمناً لا مُفكراً. وبعد قبول سر المعمودية نقول: قد إنضم خادم مؤمن لله، أو أنا قد صرت خادماً أميناً لله، فما لا يمكنني فهمه أؤمن به. لذا، أنا لدي معرفة، لأني مدرك بنقصاني للمعرفة. إلا أنه قد يقول قائل: هذا ليس تفسير بل تهرب ومراوغة، إلى جانب ذلك، نحن ندرك بالفعل ونعرف أننا لا نعرف شيئاً فيما يخص هذا الأمر، علّمنا حتى يمكننا معرفة ما هو مخفي عن أفهامنا. أليس من الأفضل أن نعلن عن جهلنا صراحة، من أن نتظاهر بمعرفة عن كبرياء؟ في يوم الدينونة، لن أدان بسبب قولي: أنا لا أعرف جوهر وطبيعة خالقي. لكن إذا قدمت أي تصاريح طائشة، لنتذكر، أن التهور له عقوبة أما الجهل فيستحق العفو. دعونا نذكر دليلاً من الكتاب المقدس، ولنتبع لا المنطق والعقل بل سلطان الرب المخلص. عندما كان الرب على وشك الصعود إلى السماء، ماذا قال لرسله - كسيد ورب - وهو يعطيهم الوصايا والتعليمات؟ لا يستطيع أحد أن يتكلم هكذا عن طبيعته ذاتها، سوى هو ذاته، الذي هو نفسه الله. وليكن كافياً بالنسبة لنا، أن نعرف فقط عن الثالوث ما قد تكرم هو بكشفه وإعلانه. ماذا قال للرسل؟ "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم. وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت 28) أني أسمع ثلاثة اسماء، لكن أجد "اسم" بالمفرد، فهو لم يقل "باسماء" بل "باسم". لقد ذكر ثلاثة اسماء، لماذا إذاً يستخدم المفرد، ويقول: "باسم الآب والابن والروح القدس"؟ لأن اسم الآب والابن والروح القدس هو اسم واحد، لكنه الاسم الذي يخص الثالوث. عندما يقول، باسم الله الآب، باسم الله الابن، باسم الله الروح القدس، إذاً هناك اسم واحد للاهوت يخص الآب والابن والروح القدس. هل ما زلت تسألني كيف يُدعى الثلاثة باسم واحد؟ أنا لا أعرف، وبكل صراحة أعترف بجهلي، لأن المسيح لم يرغب في الكشف عن أي شيء حيال ذلك. هذا فقط ما أعرفه: أنا مسيحي، لأنني اعترف بالله واحد في ثالوث. إذا قلت بغير ذلك، أن الآب والابن والروح القدس شخص واحد فقط، أكون تابع لسابيليوس، وأبدأ في أن أكون يهودياً لا مسيحياً، لأن اليهودي يقول أن هناك إله واحد، ولكونه لا يعرف عن الآب والابن والروح القدس، لا يؤمن بسر الثالوث. لذلك، إذا تكلمنا عن إله واحد بطريقة نستبعد فيها الآب والابن والروح القدس من سر الثالوث، نصبح يهوداً. أعترف بصراحة - بناءً على بيان المخلص وليس على كلامي الشخصي - أنه قد ينشأ هناك عائق في نفس المستمع، أعني مسألة "كيف يمكن أن يكون هناك واحد في ثلاثة؟"، كيف يمكن أن يكون الآب والابن والروح القدس واحد غير مجزأ في اللاهوت؟ عندما أستخدم مصطلح "أشخاص"، أتوسل إليكم أن لا تعتقدوا أنني أعني أشخاص بشر. فأنا لا أتكلم عن أشخاص في الآب والابن والروح القدس باعتبارهم بشر، بل كأشخاص وفقاً للتمايز. أقول شخص الآب لأنه يوجد آب، أقول شخص الابن لأن يوجد ابن، أقول شخص الروح القدس لأنه يوجد روح قدس. الآب ليس هو الابن، ولا الابن الآب، ولا الروح القدس هو الآب أو الابن، متمايزين من جهة خواصهم الصحيحة، لكن متحدين في طبيعتهم. هذا هو العائق الذي كان أمام فيلبس الرسول عندما قال للرب: "يا سيد أرنا الآب وكفانا" (يو 14). أجابه الرب قائلاً: يا فيلبس، أنا معكم زماناً هذه مدته، ولا تعرف الآب؟ "من رآني فقد رأى الآب". من الخطأ أن نقول أن الآب هو نفسه الابن، لكن عندما تسمع كلمة "ابن" فكر أيضاً في الآب، لأن الابن لا يمكن أن يدعى ابناً، إن لم يكن لديه آب. ومن الناحية الأخرى، اسم الآب يكون بلا معنى إن لم يكن له ابناً. هناك أشياء كثيرة تقال، لكن يكفي للمؤمنين أن يسمعوا فقط قليلاً عن سر الثالوث. أتوسل إليكم، لتكن هناك منافسة في البحث أكثر فيما بيننا بالدير، عن معرفة كيف يمكننا الإنتصار على الشيطان، وكيف نصوم، وكيف نتوب عن خطايانا، وكيف نمنع أفكارنا من سحبنا نحو عبودية الشهوة، وكيف نتحلى بالصبر عند كل جرح، وكيف لا نشتم عندما يُخطئ أحد فينا، بل وكيف نجاهد للتغلب عليه بالتواضع الذي تعلمناه من المسيح: "الذي إذ شُتم لم يكن يشتم عوضاً" (1 بط 2). وإذا جاء الفكر واستمر: "ما هو الله؟ وما هي طبيعة الثالوث؟ لنكن قانعين بالإيمان بحقيقة وجود الثالوث. لا يجب أن نكون متجاسرين في البحث لمعرفة الطبيعة والعلة، لكن يجب علينا أن نصلي للرب بخوف بلا إنقطاع. ولنظهر كل مهاراتنا ومعرفتنا في التمجيد والتسبيح للثالوث نهاراً وليلاً، الذي له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين آمين. |
الساعة الآن 09:54 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025