![]() |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأحد الثاني من الصوم المبارك(مرقس 2: 1) وتكريم القديس غريغوريوس بالاماس الاب بطرس الزين الذي علمنا أن السلام الداخلي والثبات على الإيمان والشوق ، يمكنوننا من رؤية مجد الله في ضياءٍ يتنزل علينا من فوق ، من عند أبي الانوار ، ليحل فينا شيئاً من الأزل ويقودناويرفعنا بالنعمة لنسخر من كل ملذةٍ دونه على الأرض . من خلال إنجيل اليوم وآية شفاء المخلّع الذي حمله إليه أربعةٌ . لم يسعوا إلى تفريق الجموع الذين يلتفون حول الرب ليسمعوه أو يروه . لم يُعطوا لأنفسهم الحق والاولوية على الآخرين ، الذين هم أيضاً يرغبون أن يلمسهم يسوع الناصري . لم يتعدوا على حق الآخرين في رؤية يسوع ، لأنهم يعرفون الحق والحق حررهم وآمنوا ان يسوع هو وحده الطريق والحق والقيامة، وأنه وحده القادر على انتهار الشيطان وكل الضعفات التي يضربنا بها الشرير ليشوه الصورة التي يريدنا الله عليها. لم يزعجوا أحداً . إرتفعوا فوق كل هذا . إرتفعوا إلى فوق . صعدوا ، إلى فوق ، نقبوا سقفاً أقامه الناس ، فنقبوه ! ليصلوا إلى يسوع . لايريدنا الله أن (ننقب) الناس أن نسعى إلى كسرهم ، إلى أو قتلهم بحجة عمل الخير، ليس لك حجة في ذلك . لايمكنك ان تبيد الأشرار من أمامك ، بل يمكنك أن تحطم كل جدارٍ وسقفٍ قد يضعونه بينك وبين ربك ومخلصكِ يسوع المسيح . إرفض مقولات الناس وعادات الناس التي تحمل تقليد الناس ولا توافق فكر الله وتقاليد القديسين . إحمل محبتك ووثبت وجهكَ نحو يسوع الحبيب المنشود وستصل لامحال . الأربعة نقبوا السقف و(دلوه) رائع هذا العمل. لقد بقوا في الخلف متوارين عن الأنظار! لايهم أن ينظرهم الناس ويمجدوهم على عملهم . لم ينزلوا ! المهم ان يتشفع الرب لأجلهم وأن تكتمل فرحتهم ومحبتهم في الأخ الضعيف ويقيمه من تخلعه وُيعلنَ مجد الله بين الناس ويمجدوه لأنه به وحده يليق الشكر والمجد . أيها الإخوة , الخطيئة هي سقف حياتنا الذي يحجب رؤيتنا للرب يسوع . الكثير من المسيحيين لايؤمنون حقاً أن الرب قادر على الشفاء ، ولايصدقون إن سمعوا بشفاءٍ عجائبي حصل لأحدٍ ما! لماذا ؟ مع انهم مسيحيون ، صح ولكن مع الأسف بالإسم فقط . أو مسيحيون موسميون يلتفون حول المسيح في المناسبات والإحتفالات و( الزياحات ) وسوف نراهم غداً وبعد غد والأيام الآتية في الاسبوع العظيم ويهجمون في هجمة الفصح .وقلةٌ منهم ينقبون السقف ويبلغون إلى القيامة المجيدة . وبالرغم من كل هذا فهو مستعدٌ لأن يُصلبَ كل يوم وسنة ، ناظراً إلى الذي يطعنوه بخطاياهم راجياً أن يتمكنوا من نقب السقف والعودة إليه سريعاً . قد تبلغ الخطيئة مبلغاً بعيدا بالإنسان عن نور الله . لتصبح ستاراً سمسكاً أسوداً . وتأسرنا خلف سراب اليأس لتحرمنا الرجاء والامل بالتوبة وإمكانية العودة للقاء الرب من جديد . إنه السقف الذي يدعونا الرب أن ننقبه بعزمٍ وإصرار لأنه ينتظرنا خلفه بشوقٍ . الرب قريب جداً أقرب من النفس للجسد ، لاتبحث عنه بعيداً إنه فيك في قلبك وعقلك ، سله ما العمل يارب ؟ وهو يجيبكَ فرحاً ليقودكَ إلى الطريق إليه وهو قصيرٌ قصيرٌ جداً . ثق أنه بالرغم من كل مافعلته وما أحزنته وما عصيته به ، فهو لم ولن يترككَ وهو يتنتظر عودتكَ إليه . إقرع صدرك تائباً فيفتح لك على الفور سريعاً . قل له يارب , يارب ، أُريد أن اشفى من تخلعي وضعفاتي وعيوبي وكل ما يبعدني عنكَ . ساعدني على نقب السقف السميك الذي يحجبك عني ، اعطني أن أرى نور مجدك البهي وعمّد به حياتي ، إغسلني من جديد ، فلقد مللت الجلوس وإنتظار السراب. إن خيبتني وظنوني وأفكاري استعبدوني وأسرني الغرور ، وسكرت من الأنانية حتى الثمالة وفقدت كل اتزاني ولم أعد أعرف نفسي وأعيش غربة في داخلي ، وليس لي ميناءً سواك يارب ، أضئ منارتك فيَّ لأراكَ من جديد وإني أسلمك مركب حياتي لتقودها إلى حيث تشاء وانا أذكر مشيئتك وهي عزائي ومشتهايّ . أعطني يارب أربعةً في حياتي ليحملوني إليكَ . أعطني الندم لأندم على كل ما أحزنتكَ به ، فبالندم أرى عظمة محبتكَ والتي لاأستحقها ، وهو يُخرجُ من نفسي المرارة التي تذكرني بالطعنات التي سددتها إليك في الوقت الذي كنتَ تمسح فيه عرق تعبي و وتتألمَ لتعستي !. أعطني التوبة بالإعتراف فهي السلم إليك وبدونها سأتوه من جديد . أعطني التواضع لأعلم أن ليس كل مايلمع في فكري وعقلي ذهباً ، وأن السجود عند قدميك هو العزة والسلام . وهبني أن أتذوق مع بولس الإلهي ذلك الفخر الذي تفجر من صليبك المجيد . وأخيراً أعطني المحبة لأنها قمة النِعم وهي شيئٌ من ازليتكَ ومجدٌ منكَ ، ونورٌ يقيم فينا على الدوام والتي بها ننظر وجهك المبثوث في الإخوة الصغار والضعفاء فينا . هذا ما علّمنا إياه قديسنا الكبير المتلألئ بالنعمة غريغوريوس بالاماس الذي نقب سقف العالم الخداع وبلغ إلى رؤية نور مجد الله الذي لايماثله مجد . فبشفاعات أبينا القديس غريغوريوس أيها الرب يسوع المسيح إرحمنا وخلصنا . آمين . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الأخت سناء سماوي الفرنسيسكانيّة
ما بالنا صُمنا وأنت لم ترَ؟.. وعذَّبنا أنفسنا وأنت لم تعلم؟".. في يوم صومكم تجدون مرامكم وتعاملون بقسوةٍ... إنَّكم للخصومة والمشاجرة تصومون... لا تصوموا كاليوم لِتُسمِعوا أصواتكم في العلاء. أهكذا يكون الصوم الذي فضَّلتُه اليوم الذي فيه يُعذِّب الإنسان نفسه؟... أإذا حنى رأسه كالقصب وافترش المِسح والرماد تسمِّي ذلك صوماً ويوماً مرضيّاً للرب؟ أليس الصوم الذي فضَّلتُه هو هذا: حلُّ قيود الشر وفكُّ رُبُط النِّير وإطلاق المسحوقين أحراراً، وتحطيم كلِّ نير؟ أليس هو أن تكسر للجائع خبزك، وأن تُدخِل البائسين المطرودين بيتك. وإذا رأيت العريان أن تكسوه وأن لا تتوارى عن لحمك؟ حينئذٍ يبزُغُ كالفجر نورك ويندَب جرحك سريعاً ويسير برك أمامك ومجد الرب يجمع شملك. (أشعيا 58/1-8) الصــــوم المقبول ، والصوم المرفوض يتحدث النبى هنا عن شكلية العبادة كعائق عن التمتع بخلاص الله ، والسكنى فى بيت الله ، .... خاصة فى الصوم وحفظ السبت . ( 1 ) عبادة رياء إن كان الالتصاق بعبادة الأوثان أثار روح الفساد والعصيان فى حياة الشعب، فأقاموا عبادة الأصنام تحت كل شجرة خضراء وفى كل واد وعلى الجبال والتلال علانية وارتكبوا الزنا ومارسوا الرجاسات وقدموا أطفالهم ذبائح بشرية ، لكن ما هو أخطر أنهم خلطوا هذا الشر العظيم بعبادة الله الحي إرضاء لضمائرهم . هذا هو أخطر عدو يواجه المتدينين ويعثر الناس فى معرفة الله : الرياء أو التستر على الشر والفساد بشكليات العبادة دون التوبة الصادقة . الآن يطلب الله من النبي أن يتكلم علانية وبصوت عال كبوق يفضح ضعفاتهم ويعلن عن تعدياتهم وخطاياهم ، أى يكشف جراحاتهم حتى لا تهدأ ضمائرهم خلال عبادة مملوءة رياء . وكأنه بالطبيب الذى يكشف عن الجراحات أو الأمراض الخفية لعلاجها فى أعماقها . يقول الرب : " ناد بصوت عال . لا تمسك . ارفع صوتك كبوق وأخبر شعبى بتعديهم وبيت يعقوب بخطاياهم " إش 58 : 1 . فى العهد الجديد أرسل لنا ربنا يسوع روحه القدوس " يبكت العالم على خطية " يو 16 : 8 ، أى يكشف للنفس فى أعماقها جراحاتها الخفية ويثيرها للتوبة عوض التستر على الجراحات فتفسد الجسد وتهلكه . عندما تحدث عن عبادة الأوثان أو الزنا أو إجازة أولادهم النار كذبائح بشرية لم يطلب الله من النبى أن ينادى بصوت عال كما ببوق لأنها خطايا واضحة لكنه إذ يتحدث عن الرياء يطلب ذلك ، لأنها خطية خفية تتسلل إلى نفوس المتعبدين ، يصعب على الإنسان اكتشافها . لهذا عندما وبخ الرب الزناة أو العشارين كان غالبا ما يتحدث معهم فرادى دون جرح لمشاعرهم ، أما مع القيادات المرائية فكانت كلماته حازمة وأحاديثه علانية . لقد تستر الشعب بالمظاهر الخارجية مثل : ( أ ) الصلاة الظاهرة والمستمرة : " وإياى يطلبون يوما فيوما " إش 58 : 2 . ( ب ) الأبتهاج بالمعرفة الروحية العقلانية : " ويسرون بمعرفة طرقى كأمة عملت برا ولم تترك قضاء إلهها " إش 58 : 2 ، أى يواظبون على دراسة الكتاب وحضور الإجتماعات كما لقوم عادة ، أو كما ابتهج هيرودس بسماعه يوحنا المعمدان . ( جـ ) يظهرون غيرة نحو ممارسة العدل والتقوى ( إش 58 : 2 ). ( د ) " يسرون بالتقرب إلى الله " إش 58 : 2 ، أى التظاهر بأنهم قريبون من الله ، يتعبدون له ويعرفون أحكامه وقضاءه . ( 2 ) الصوم المرفوض : " يقولون : لماذا صمنا ولم تنظر ؟ ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ ؟ " إش 58 : 3 . ويجيب على هذا بالآتى : أ - " ها أنكم فى يوم صومكم توجدون مسرة وبكل أشغالكم تسخرون " إش 58 : 3 . لقد ظن الفريسى أن الله يسر به لأنه يصوم يومين فى الأسبوع ( لو 18 : 12 ) ، وهؤلاء أيضا يمارسون الصوم لكنهم يصنعون كل ما يسرهم لا ما يسر الله ، علامة ذلك أنهم على خلاف الناموس لا يعطون فرصة للعاملين عندهم للراحة ومشاركتهم أصوامهم وعبادتهم بل يسخرونهم من أجل الطمع ومحبة الأقتناء والغنى . الله لا يريد صومنا عن الطعام مجردا ، إنما يرافقه صوم النفس عن محبة العالم والطمع ، الأمر الذى يظهر جليا فى معاملاتنا مع الغير. بمعنى آخر يليق بنا أن نضبط نفوسنا مع ضبط بطوننا . ربما عنى " بالمسرة " هنا ليس فقط النفع المادى وإنما اشباع الملذات الجسدية عوض العفة . ب - " ها أنكم للخصومة والنزاع تصومون ، ولتضربوا بتكمة الشر. لستم تصومون كما اليوم لتسميع صوتكم فى العلاء " إش 58 :4. عوض أن يدين الإنسان نفسه ويلومها يوم صومه ، يدخل فى خصومة مع الغير ويدينه ، لهذا لا يقبل الله صومه ولا يسمع صوته فى العلاء . هذا ما حدث عندما أراد آخاب ملك إسرائيل وإيزابل أن يسلبا حقل نابوت اليزرعيلى ، إذ خططت إيزابل لقتله ظلما وطلبت من الشيوخ والأشراف أن ينادوا بصوم ( 1 مل 21 : 9 ، 12 ) . يقول الأنبا يوساب الأبح : [ لا تصم بالخبز والملح وأنت تأكل لحوم الناس بالدينونة والمذمة . لا تقل إنى صائم صوما " نظيفا " وأنت متسخ بكل الذنوب ] . جـ - " أمثل هذا يكون صوم اختاره ؟! يوما يذلل الإنسان فيه نفسه، يحنى كالأسلة رأسه وبفرش تحته مسحا ورمادا ؟! هل تسمى هذا صوما ويوما مقبولا للرب ؟! " إش 58 : 5 حسن للإنسان أن يربط الصوم بالتذلل والنسك ، لكنه إن توقف عند المظهر الخارجى فقد جوهره . كقول الرب : " ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين ، فإنهم يغيرون وجوههم لكى يظهروا للناس صائمين . الحق أقول لكم إنهم قد استوفوا أجرهم " مت 6 : 16 . ( 3 ) الصوم المقبول أ - تقديم أعمال المحبة عوض طلب المسرة الذاتية ( إش 58 : 3 ) وتسخير الغير لحسابنا . الصوم هو بذل " الأنا " وصلبها لكى يحيا المسيح " الحب " فينا ، فنحمل سمات محبته ونمارس عمله كأعضاء جسده . هذا هو الصوم فى مفهومه الإيجابى : " أليس هذا صوما اختاره : حل قيود الشر ، فك عقد النير ، وإطلاق المسحوقين أحرار وقطع كل نير ؟! أليس أن تكسر للجائع خبزك ، وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك ؟! إذا رأيت عريانا أن تكسوه، وأن لا تتغاضى عن لحمك ؟! "إش 58 : 6 ، 7 . يقول القديس أغسطينوس : + سمعت من إشعياء : " اكسر خبزك للجائع " إش 57 : 5 ، فلا تظن أن الصوم كاف بذاته . يضبط الصوم نفسك لكنه لا ينعش الآخرين . ضيقك لنفسك ينفعك إن كان فيه تعزية للغير . ها أنت تجحد نفسك ، انظر من الذى أعطيته ما قد حرمت نفسك عنه ؟! .. كم فقير شبع من الإفطارالذى حرمت نفسك عنه ؟! ( 4 ) ثمار العبادة الحقة أ - التمتع بالنور الإلهى : " حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك " إش 58 : 8 . إذ يمارس الإنسان الصوم بصورته الإيجابية إنما يتمتع بالأتحاد مع الآب خلال ابنه الوحيد بروحه القدوس ، فيصير الله " النور الحقيقى " مشرقا فيه كنوره الخاص به . " يشرق فى الظلمة نورك ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر " إش 58 : 10 . صورة رائعة للصوم المرتبط بالعطاء والبذل لحساب الغير خلال اتحادنا بالله محب البشر . إن كان المساكين والمتألمون يشعرون وسط مرارتهم كمن هم فى ظلمة فإن عمل المحبة النابع عن قلب متسع يكون كإشراقة الشمس التى تبدد الظلمة . هذا النور لا ينبع عن مظهر العطاء الخارجى إنما عن تجلى رب المجد فى القلب المحب . وكما يقول رب المجد يسوع : " أنتم نور العالم ....... فليضىء نوركم هكذا قدام الناس لكى يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذى فى السموات " مت 5 : 14 ، 16 . الصوم المرتبط بالحب النابع من القلب حيث مملكة المسيح قائمة والمترجم بالسلوك العملى يلتحم مع صوم السيد المسيح فيتقدس ويقبل لدى الآب . ب - التمتع بصحة الروح والنفس والجسد ، " وتنبت صحتك سريعا "إش 58 : 8 ؛ " وينشط عظامك فتصير كجنة ريا وكنبع مياة لا تنقطع مياهه " إش 58 : 8 ، 11 . جـ - التمتع بالله كقائد للنفس وكمصدر مجدها الداخلى وبرها : " ويسير برك أمامك ومجد الرب يجمع ساقتك " إش 58 : 8 ، " يقودك الرب على الدوام " إش 58 : 11 . د - استجابة الصلاة : " حينئذ تدعو فيجيب الرب ، تستغيث فيقول هأنذا " إش 58 : 9 . ما دمنا فى أصوامنا نتطلع لا إلى الشكل الخارجى إنما إلى انفتاح القلب لله خلال قدسية الحياة واتساعه بالحب نحو البشر ، لهذا يفرح الله بمثل هذا الصوم ، معلنا ذلك خلال استجابته للصلاة . + أتريد أن ترفع صلاتك إلى الله ؟ ليكن لها جناحا العطاء والصوم ! و - بناء الآخرين : " ومنك تبنى الخرب القديمة . تقيم أساسات دور فدور فيسمونك مرمم الثغرة مرجع السالك للسكنى " إش 58 : 12 . حينما تمتد أيدينا إلى العمل بالله فى الأمور الصغيرة كالعطاء المادى أو تعزية الحزانى الخ .... يهبنا ما هو أعظم أن نكون علة بناء حياة الغير الداخلية كمسكن مقدس للرب . ( 5 ) حفظ السبت بعدما قدم صورة حية عن الصوم المقبول كشف لنا عن حفظ السبت بالمفهوم الروحى بكونه راحة روحية فى الرب ، مطالبا إيانا بالآتى: أ - " ان رددت عن السبت رجلك عن عمل مسرتك يوم قدسى ودعوت السبت لذة ومقدس الرب مكرما وأكرمته عن عمل طرقك وعن إيجاد مسرتك والتكلم بكلامك " إش 58 : 13 . إن كان السبت هو يوم الرب المقدس لذا يليق فيه الكف عن إشباع المسرات أو الملذات الجسدية لنمارس الحياة القدسية . ب - التمتع باللذة والسرور فى الرب يكرم صاحب السبت ويمجده : " فإنك حينئذ تتلذذ بالرب وأركبك على مرتفعات الأرض وأطعمك ميراث يعقوب أبيك لأن فم الرب تكلم " وكأن السبت ليس حرمانا بل شبع داخلى وفرح |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان
http://www.peregabriel.com/gm/albums...l_00040ha5.gif الصوم المقدس هو الامتناع عن الأكل إلا من يد الله ..... تصحيحاً للخطأ الذي وقع فيه أبوانا الأولان آدم وحواء حيث أكلا من يد الشيطان . إننا نعلن في الصوم أنه "لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللَّهِ" (مت4: 4) ولن نأكل إلا عندما يأذن لنا الله ... فنحن لا نُحرم الطعام بكل أنواعه بل نطلب أن يكون الطعام مقدساً مقدماً بيد الله ... وأقدس الطعام هو جسد الرب ودمه الأقدسين الذين نأكلهما من يد المسيح نفسه في كل قداس لذلك لا يكون الصوم صوماً بدون التقدم للتناول من الأسرار المقدسة ... كذلك لا يمكننا أن نأكل في أي يوم نريد أن نتناول من جسد الرب ودمه إلا إذا جئنا الكنيسة وسمعنا من فم المسيح نفسه "خذوا كلوا منه كلكم ..." ولذلك فنحن نصوم قبل التناول ونفطر بعده لنعلن أننا لا نحرم الأكل في ذاته بل إننا نرغب في الأكل من يد المسيح المملؤة بركة و شبعاً وفيضاً مقدساً كما أشبع الجموع من الخمس أرغفة وسمكتين وفاض عنهم أثنى عشر قفة مملؤة. كل عام و أنتم بخير بمناسبة صوم الميلاد المجيد. نيافة الأنبا رافائيل |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
رحلة جميلة مع يسوع ... فيها راح نشبع ونجوع
هذه هي مطلعترنيمةالصومالكبيروالذي ننتظرهفرحين من السنة للسنة التالية, في الحقيقة نجد كثيرين يخافون ويهابونالصومالكبير, وكثيرونأيضاً يقابلونه بالنقد والبدع والهرطقات والتي لا تنم إلا على نفوس تريد أن تتمرغفي الذات والشهوات. الصوم الكبير: هو كبير ولكن ليس في عدد أيامه ولكنهكبير في أهميته, كبير في كم النعم التي نحصل عليها في لقاءانا المتكرر وكل يوم معالحبيب, كبير لأننا نتشبه به في صومه أربعون يوماًَ وأربعون ليلة. الصوم في المفهوم المسيحي هوالإمتناع عن كل ما يعيق الروحلحياة منطلقة في محبة الحبيب, أي هو الإمتناع عن الشر وشبه الشر, الإمتناع عن مصادرالخطية, أو كل ما يمكن أن يؤدي بنا إلى الخطية, والإمتناع عن طريق الأشرار, "وفيطريق الخطاة لم يقف وفي مجلس المستهزئين لم يجلس" إذاًَ لفظ صوم هو الإمتناع وبدءاًبالطعام ونوعيته أي بمفهوم آخر الإمتناع عن الطعام وأنواع معينة منه ليس هوالصومالروحاني بل هوبداية للدخول في صوم روحاني والذي سبق وصفه, ومن هنا ننطلق لمفهوم روحانيةالصومالمسيحي: الصوم رحلة طاعةللآباء الأولين ولتعاليم الكتابالمقدس ولتعاليم ربنا يسوع المسيح لأنه صام هو أولاً, أي أن أولى بركاتالصومهي فضيلةالطاعة, ومن غير الطاعة لا يمكن أن نصل لباقي الفضائل ولا يمكن أن نقتني أم الفضائلالتي هي التواضع, لأنك لا تجد متكبر مطيع, وإن ظهر مطيعاً فهذا لكي يحصل على مجدوتبجيل من الآخرين أما من يملك الطاعة الحقيقية فهو قد ملك التواضع أولاً. الصوم ليس معناه الجوع والعطشلعدد من ساعاتالنهار, فهذا مفهوم حرفي ضيق, ولكننا أيضاً ملتزمون بطقس الكنيسة لندخل من خلالالطقس لغصب النفس على إقتناء الفضائل بدءاً بالطاعة, ولكن الكنيسة حتى في هذه تراعىأبناءها كلٍ تبعاًَ لظروف حياته, فتجد المريض له قانونه المخفف تبعاً لحالتهالصحية, وأيضاً أصحاب المهن الشاقة تبعاً لحجم وكم الأعمال الشاقة التي يقوموابإنجازها, كذلك المأسورين برباطات الخطية كالمدمنين بأنواع من الإدمان تراعيالكنيسة هذه الحالات بأن تعطى قانون الصيام بما يتناسب مع رحلتهم في الشفاء منالإدمان أولاً, لأن الكنيسة لا تريد عذاب أبنائها بقدر تمتعهم بروحانية الصوم, فيقول معلمنا بولس الرسول "أقمع جسدي وأستعبده" القمع هنا بغرض إطاعة الجسد للروحلأن الروح يعمل ضد الجسد والجسد يعمل ضد الروح, فلا بد من قمع الجسد حتى ينطلق فيالروحيات, إذاً كل الحالات التي تعاني من أشياء مقمعة للجسد أصلاً, تراعيهم الكنيسةبتخفيف قانون الصيام لهم حتى نصل في النهاية لتوازن جسدي روحي لنتمتع بالروحيات منخلال الصوم, وكثيرون من أصحاب البدع والهرطقات يعارضونالصومالطقسي, فإننيأقول لهم إن وجدت طريقة لقمع جسدك وتطويعه لروحك لتصل لروحيات عالية بخلافالصومافعله!! ولكننانحن لم نجد غير الصيام بديلاً لقمع الجسد فيقول الكتاب في سفر نشيد الأنشاد الإصحاحالأول"فإخرجي على آثار الغنم وإرعي جداءك عند مساكنالرعاة"أي أننا لابد أن نستفيد بمن سبقونا وتعرفوا على الحياة الروحية معالمسيح وأن نتعلم منهم ونتبع طريقتهم في معرفة الحبيب, فلا تتكبر يا صديقي على فكرالآباء الأولين فلا تنجرف يميناً أو يساراً, فنقول لمن يخضع ذاته لقانون صيام أكثرمن طاقة البشر تباهياً منه بأنه يصوم أكثر من باقي خليقة الله!! الشيطان المتكبر لايأكل أبداًَ, فلا بكثرة صيامك سوف تدخل في علاقة مع الحبيب, بل بمسكنة الروح يمكنكأن تفعل هذا, وأقول أيضاًَ لمن يجد أنالصومعن الأكلوالمشرب ليس له علاقة بالحياة الروحية, كيف تستطيع يا هذا أن تمتطي جواداً قويالبنية بدون اللجام ووسائل إخضاع الجياد, فبدون قمع الجسد لا تستطيع أن تتمتعبعلاقة معالحبيبفي الروحيات. الصوم المسيحيليس فرضاً ولكنهرحلة حب متبادل مع من أحبنا أولاً وإذ بعد نحن خطاة, ولأننا نريد أن ندخل معه فيعلاقة روحية كما في السماء كذلك على الأرض فلابد أن أتيح لروحي فرصة الإنطلاقلمعرفةالحبيببأنأخفض حركات الجسد من خلال قمعه بالصوم الحقيقي كما أوضحت في مقدمة المقال, فالصوم وسيلةمن وسائل الإتصال بالله, فمتى أحببت الفاديالحنون وجب عليك البحث عن وسائل الوصول إليه والتي أولها الصيام. الصوم أيضاً يعطيك النصرةعلى الشيطان والخطية فيقول الكتابالمقدس عن الشياطين "أن هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم". الصوم هووسيلة لمعرفة شعور الآخرين الذين لا يملكون قوتيومهم, فشعورك بالجوع يساعدك على معرفة مشاعر الفقراء الذين لا يأكلون كما أنت, ولايترفهون كما أنت, شعورك بالجوع يجعلك تشعر بحر النهار, وفي البلاد الباردة يشعركببرد الليل "لأن الجوع في الشتاء يزيد الإحساس بالبرودة" فتشعر بمعاناة الفقراءالذين لا يملكون ما يسترون به عريهم, لهذا إقترنت أيام الصيام بالرحمة على المساكينوإن لم تفعل الأخيرة كلٍ على قدر طاقته لم تستمتع بروحانية الصوم. الصوم الطقسيالذي هو بميعاد سبق تحديده بواسطة أباء الكنيسة, هو بمثابة الجرعة الدوائية التييحددها الطبيب تبعاً لحالة المريض وفي ميعاد محدد, فلا يحق لك أن تناقش الطبيب فيإختياره لهذا الميعاد فهو أدرى منك بمصلحتك في هذا الشأن أيضاًَ الكنيسة أدرى منافي شأن روحانياتنا لهذا وجب علينا الطاعة, لنتمتع بروحانيات الصيام. دعوة أقدمها, لكل نفس تريد الحبيب, لكل نفس تريد أن تتعرف علىراعينا, لكل نفس تريد أن تربح الأبديات في ملكوت السماوات والتي لا تحتمل المقامرةلأن حياتنا على الأرض أقصر بكثير مما تتوهم أو تتوقع لأننا على الأرض لابد أن ننتصرعلى ممالك الشر بقيادة الشيطان وكل جنوده, ونصرتنا هذه ليست بالأسلحة التقليدية بلبالأسلحة الروحية, ولأننا نحتاج للروحيات فلابد أن نُخضع الجسديات ليهبنا اللهالنصرة على الشيطان بالصلاة والصوم. دعوة لرحلة نلتقي فيهابراعينا ومخلصنا ليهبنا بركاته في الصيام. نحن لا نصوم لنتقاضى أجرة أوجزاء لصيامنا أو نصوم لأن الله يريدنا أن نصوم فالله لا يعنيه صيامك فالذي يعنيهصيامك هو أنت, فأنت تصوم من أجل نفسك لتأخذ وتتمتع ببركاتالصوموأولها العشرةمعالحبيبيسوعالمسيح الذي يريدك ليهبك حياة أبدية معه في ملكوته الأبدي |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تداريب الانسحاق والتذلُّل وقت الصوم
http://www.peregabriel.com/gm/albums...l_0770%7E0.jpg أيام الصوم هي أيام انسحاق وتذلل أمام الله، لذلك درب نفسك علي ذلك حتى تصل نفسك إلي التراب والرماد. وذلك عن طريق التداريب الآتية: أ- أبعد عن محبة المديح، وعن كلام الافتخار ومديح النفس. ب- أستخدم كلام الانسحاق في صلواتك، مثل ترديدك لمزمور " يارب لا تبكتني بغضبك، ولا تؤدبني بسخطك "(مز 6). ج- إذا جعت، أو جلست لتأكل، قبل لنفسك " أنا لا أستحق الطعام بسبب خطاياي، لأني فعلت كذا كذا.. أنا لست أصوم عن قداسة، وإنما عن مذلة داخل نفسي ". حاق، مهما وضعوا أمامه من مشتهيات، لا يجد رغبة في الأكل. وأن ضغط عليه الجوع، يقول لنفسه: تب أولاً، حينئذ يمكنك أن تأكل.. وان وجد نفسه ما يزال في خطأ، يبكت ذاته قائلاً: هل هذا هو الصوم مقبول أمام الله؟! هل هذا تقديس للصوم؟! د- أيام الصوم فرصة صالحة للأعتراف وتبكيت الذات أمام الله، وأمام أب الاعتراف. وداخل نفسك. إنها فترة صراحة مع النفس، ومحاسبة للنفس، وتوبيخ وتأديب لها. أحرص فيها أن تجلب اللوم علي ذاتك. وأهرب من كل تبرير للنفس في أية خطية، مهما سهلت التبريرات. ه - أدخل في تداريب الإتضاع، وهي كثيرة جداً. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الخطيئة (1)
الأب د. رمزي نعمه ينتقل بنا الكاتب في هذا العدد من النظرية إلى التطبيق، مما درسناه عن الضمير وتربية الضمير إلى موضوع في غاية الأهمية على جميع المستويات اللاهوتية والأدبية والاجتماعية: "الخطيئة". ونعني بالخطيئة أي عمل يقوم به الفرد طوعاً وفيه يخالف شريعة الله، ويُسمى هذا بالخطيئة الشخصية؛ حيث يجب التمييز بينها وبين الخطيئة الأصلية وهي الحالة التي تولد فيها جميع الكائنات البشرية، حالة البعد عن الله نتيجة سقوط آدم الإنسان الأول وأصل البشرية. وليست معالجة موضوع الخطيئة الشخصية هنا معنية بتحليل الخطايا الفردية بل سيكون التركيز على الاعتبارات التي تنطبق على الخطايا جميعها. ومادة هذا المقال هي تطبيق لمادة المقالين السابقين عن "الضمير" مقدمة: تتركز دراسة الحياة المسيحية في وصف الحياة النموذجية مع المسيح وفي المسيح. وتهدف الحياة المسيحية إلى نمو صورة الله في الإنسان. وتتأثر صورة الله في الإنسان بالأعمال البشرية التي تؤهله للسعادة الأبدية. ولسوء الحظ فإن بعض الأعمال البشرية لا تؤهل الإنسان للسعادة الأبدية، بل تحرمه من الحصول عليها لأنها تدمر شركة الحياة مع المسيح، الضرورية بصورة مطلقة لتحقيق غاية الحياة. لذا فإن فقدان الحياة في المسيح أو فقدان النعمة يؤدي إلى الخطيئة. إنه لمن غير الممكن دراسة الحياة البشرية دون مواجهة حقيقة وواقع الخطيئة. وهناك اعتبار آخر. هو أنه لا يمكن فهم تجسد المسيح وعمله الخلاصي إلا بوجود فكرة واضحة لدى الإنسان حول ما قام به السيد المسيح لخلاص الجنس البشري أي تحريره من الخطيئة. ولا يسع الإنسان أن يقدّر أهمية حياة المسيح، وموته، وقيامته ملء التقدير إلا بعد فهمه لحقيقة الخطيئة. أولاً: الكتاب المقدس 1) العهد القديم أ- ماهية الخطيئة: فكرة الخطيئة موجودة في كل صفحة تقريباً من صفحات العهد القديم. وتوصف عادة بعبارات مستمدة من العلاقات الإنسانية. والخطيئة هي انحراف عن الهدف، فشل في تحقيق هدف، إهمال الواجب، نكث بالعهد، ظلم وفساد الإنسان، ثورة وإساءة الله، إجحاف، تدنيس، وكذب وحماقة. ب- سبب الخطيئة: إن تجاهل الإنسان لله تعالى هو سبب الخطيئة (هو1:4و6). تنبعث الخطيئة من القلب الشرير (ار24:7). ويُلقي العهد القديم المسئولية كاملة على الإنسان لأعماله الخاطئة. وهو لا يعرف الأسباب النفسية لتخفيف المسئولية البشرية. ولا يجيب العهد القديم على التساؤل القائل كيف للخطيئة أن تدخل إلى عالم تحكمه قوة الله الخلاصية؟ لقد أخطأ أبوا الجنس البشري لأنهما رغبا في أن يصيرا "كآلهة عارفي الخير والشر" (تك5:3). فقد رغبا أن يقررا ما الخير وما الشر مثل الله. لذا فقد أثرت الخطيئة (الأصلية) على جميع البشر فاتجهت حياتهم نحو الفساد (تك 4-11). ج- نتيجة الخطيئة: إن النتيجة الرئيسية للخطيئة هي الموت (تك3، حز4:18). ويعلمنا العهد القديم أن الخطيئة تجلب اللعنة والكارثة. وحسبما قال الأنبياء فسقوط إسرائيل هو النتيجة الحتمية للخطيئة القومية. ورغم هذا فالعهد القديم يقدم الأمل. وقد أنبأ بالهزيمة النهائية للخطيئة والشر (تك15:3). وقد سبق وأن ورد في سفر التكوين أن الخير كان يملأ أسرتي نوح وإبراهيم. ومن خلال إبراهيم ستتبارك أمم الأرض جميعها (تك 2:12-3). فالله نفسه يبحث عن الخراف المشتتة (حز34). ويعود الإنسان إلى الله بنكران الذات والخضوع لله. فبعد سقوط مملكتي إسرائيل ويهوذا أصبحت الخطيئة تعني بصورة مبدئية مخالفة للشريعة. وكان يعتبر غير اليهود خطأة لأنهم لم يحافظوا على الشريعة. ويظهر الشيطان في هذه الفترة كمغو (حك 24:2). وسيظهر بهذه الصورة ثانية في العهد الجديد. 2) العهد الجديد: يستعمل العهد الجديد كلمتين من اليونانية "همارتيا" (Hamartia) و "همارتيما" (Hamartema) للدلالة على حقيقة الخطيئة. وتعتبر الخطيئة فعلاً، أو حالة أو ظرفاً وقوة. ومهما كانت الخطيئة فإن يسوع المسيح قادر على قهرها. أ- الأناجيل الإزائية: في الأناجيل الإزائية من العهد الجديد يمارس يسوع مهامه بين الخطأة لأنه جاء "لدعوة الخطأة لا الصالحين إلى التوبة" (مر 17:2). ويعترف يسوع أن الأعمال الرديئة تصدر عن القلب (مر21:7). ومثل الابن الضال يعلمنا أن الخطيئة إساءة لله، وأن الغفران ممكن بعودة الخاطئ لله (لو 17:15-32). وقد سفك يسوع دمه، دم العهد، بالنيابة عن الكثيرين لمغفرة الخطايا (مت 28:26). وهناك فرح في السماء لعودة الخاطئ (لو 7:15و10). ب- كتابات يوحنا: نجد في كتابات يوحنا تعبيراً واضحاً عن شر الخطيئة. فالخاطئ يحب الظلمة أكثر من النور خشية أن تنكشف أعماله الشريرة (يو19:3-20) إن كل من يعيش في الخطيئة يكون عبداً للخطيئة (يو34:8) وعبداً للشيطان (1يو 8:3-10). والخطيئة مخالفة للشريعة (1يو 4:3)، واثم (1يو 17:5)، وشهوة الجسد وشهوة العين وكبرياء الغنى (1يو 16:2). وفي هذه الفقرات، تدل الخطيئة غالباً على ظرف أو حالة تكون نتيجة لفعل خاطئ. ويرى يوحنا أيضاً القوة الشيطانية وراء أعمال الفرد الشريرة (يو34:8، 1يو 8:3-10). وبالنسبة إلى يوحنا فيسوع هو قاهر الخطيئة. وهو نفسه بلا خطيئة (يو 46:8، يو 5:3). وهو الحمل الذي يزيل خطايا العالم (يو29:1). وهو كفارة عن خطايا الجميع (1يو2:2، 10:4). ج- كتابات بولس: تحتوي كتابات بولس، خصوصاً القسم الأول من رسالته إلى أهل روميه، على دراسة لاهوتية مكتملة نسبياً عن الخطيئة. ففي عدة أماكن يضع بولس قوائم لهؤلاء الخطأة وهم: الزناة وعباد الأوثان والفسّاق ومضاجعو الذكران والسارقون والبخلاء والسكيرون والشتامون وآخرون وجميعهم لن يرثوا ملكوت السماوات (1كور 9:6-10، غل 19:5-21، الخ). ويقع اليهودي واليوناني كلاهما تحت سيطرة الخطيئة، فجميع الناس قد أخطأوا ولا يحصلون على مجد الله (رو 1:2-31:3). وتحكم الخطيئة كقوة في العالم. وقد جلب آدم الخطيئة إلى العالم بتمرده ودخلت إلى جميع الناس (رو 12:5-19). إن أجرة الخطيئة هي الموت (رو23:6)، وشمول الموت يبرهن أن جميع الناس خطأة (رو12:5). وتستعبد الخطيئة الإنسان فيعجز عن القيام بما هو صواب حتى لو أراد ذلك (رو 15:7-25). إلا أن بولس يعطينا الأمل. فإذا كان التضامن مع آدم قد ورط الجنس البشري في الخطيئة والموت، فإن التضامن مع المسيح جلب له البراءة والحياة (رو15:5-19). والمسيحي وقد تبرر بالإيمان وبالمعمودية لبس المسيح (غل27:3-28). فإذا كان الواحد مع المسيح فهو خليقة جديدة (2كور 17:5). فهو لم يعد يسلك حسب الجسد ولكن حسب الروح (رو9:8). http://www.peregabriel.com/gm/albums...l_6qq27392.jpg ثانياً: تعليم الكنيسة الخطيئة هي الابتعاد عن الله، وهي إساءة له، ومخالفة صريحة لشريعته، والخاطئ هو عدو الله، وهناك فرق بين الخطايا المميتة والعرضية: 1) الخطيئة المميتة: إن نتيجة الخطيئة المميتة معاداة الله، وخسارة النعمة المبررة والبركة الأبدية، والابتعاد عن ملكوت السماوات، والخضوع للشيطان، والهلاك الأبدي في الجحيم. ولكن الخطيئة المميتة لا تزيل الإيمان. 2) الخطيئة العرضية: أما الخطيئة العرضية فهي ذلك النوع الذي يقع فيه حتى القديسون من بني البشر. وباستثناء امتياز خاص، لا يستطيع الفرد تجنب الخطايا العرضية طوال حياته. ولا يسع الإنسان إلا أن يقول بصدق إنه خاطئ. فالخطيئة العرضية لا تزيل النعمة المبررة، إلا أن تطهيرها قد يكون ضرورياً بعد الموت. وقد شجبت الكنيسة الفكرة القائلة إنه لا توجد خطيئة عرضية بطبيعتها، وإن كل خطيئة تستحق الهلاك الأبدي. إن إرادة الشخص الخاطئ هي السبب الأول للخطيئة. فليس الله سبب الخطيئة كما إنه لا يطلب المستحيل. الشيطان أيضاً هو سبب الخطيئة مادام هو المغري. وعلى الإنسان أن يهرب من مناسبات الخطيئة وأن يقاوم المغريات. 3) الخطيئة الشخصية والخطيئة الاجتماعية: يركّز قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي "بشأن المصالحة والتوبة في رسالة الكنيسة اليوم" على المعنى الاجتماعي للخطيئة. ويتلخص تعليمه في هذا الشأن في الأفكار التالية: أ-الخطيئة الشخصية: الخطيئة بالمعنى الحصري فعل الفرد لأنها فعل حرّ يقوم به أحد الناس ليس حصراً، فئة أو جماعة، بالرغم من أنه قد يتعرّض لضغوطات اجتماعية تقلل من مسئوليته وتخفف من حريته. وتقع أولى نتائج الخطيئة وأخطرها على الخاطئ عينه: أي على علاقته مع الله، أساس الحياة البشرية، وعلى عقله، فتضعف إرادته وتظلم بصيرته. ب-الخطيئة الاجتماعية: هناك ثلاثة معانٍ لهذه العبارة: 1- المعنى الأول: إن خطيئة كل من الناس، بقوة ما بينهم من تضامن عجيب، تؤثر بطريقة ما، على الآخرين. وهذا وجه من التضامن الذي يتطور على الصعيد الديني في سر "شركة القديسين" لذلك يمكن التحدث عن "الشركة في الخطيئة" وتنحدر النفس منها بالخطيئة، فتنحدر معها الكنيسة، ونوعاً ما، العالم كله. وبعبارة أخرى، ما من خطيئة، ولو كانت على أكبر قدر من الحميمية والسرية والفردية، تهم فقط من ارتكبها وحده. لأن كل خطيئة، كبر أو صغر حجمها، كثُر أم قل أذاهل ينعكس أثرها على الجماعة الكنسية كلها، وعلى العائلة البشرية جمعاء. وبهذا المعنى يمكن اعتبار كل خطيئة؛ خطيئة اجتماعية. 2- المعنى الثاني: من الخطايا ما يشكّل بموضوعه إساءة مباشرة إلى القريب والإخوة. فهي إهانة لله لأنها إهانة للقريب. ولهذا تدعى خطايا اجتماعية. فكل خطيئة تقترف ضد العدل (في العلاقات بين الأشخاص بين الشخص والمجتمع وبين المجتمع والشخص) تسمى خطيئة اجتماعية ومنها كل خطيئة تمس حقوق الإنسان، ولاسيما حق الحياة. أو تقترف بحق الخير العام: حقوق المواطنين وواجباتهم، كما إن كل إهمال يرتكبه الحكام ورجال الاقتصاد يعتبر من الخطايا الاجتماعية. 3- المعنى الثالث: ويتناول العلاقات القائمة بين مختلف الجماعات البشرية: حرية، عدالة، سلام، ومن هنا فإن: - صراع الطبقات هو شر اجتماعي. - الخصومات المتمادية بين الأمم والفئات هي شر اجتماعي على مَن تقع المسؤولية إذاً في هذه الأحوال، وهل تعفي من المسؤولية الشخصية؟ -إن كل خطيئة هي اجتماعية، بمعنى أن مسؤوليتها لا تقع على الضمير الأدبي لشخص معين بقدر ما تقع على كيان مبهم أو مجموعة لا اسم لها مثل الحالة والنظام والمجتمع والمؤسسة إلى ما شابه ذلك. -إن الكنيسة في هذه الحالة تعلن أن الخطيئة الاجتماعية من هذا النوع هي نتيجة عدة خطايا شخصية متراكمة مترابطة. ففي أساس كل وضع أو حالة خطيئة، يوجد أناس خطأة. 4) المسيح بوساطة الكنيسة يغفر الخطايا المسيح هو منبع غفران الخطايا بوساطة عذاباته، إلا أن الكنيسة هي الوسيط لغفران الخطايا. وقد جُعلت المعمودية لمغفرة الخطايا السابقة للمعمودية. وقد جُعل سر التوبة لمغفرة الخطايا ما بعد المعمودية. وحتى قبل التقدم من سر التوبة، بإمكان الندامة الكاملة مغفرة الخطايا، شريطة أن تكون لنا النية في التقدم من السر في أول فرصة سانحة. وتُغفر الخطايا العرضية بعدة طرق غير سر التوبة. ويوصي بالقربان دواء لعلاج الخطيئة. 5) المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني: وقد كتب المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني يعلمنا بقوله: "لقد أقام الله الإنسان في حالة من البرارة. غير أن الشرير أغواه منذ بدء التاريخ فأساء استعمال حريته واقفاً في وجه الله، راغباً في أن يصل إلى غايته بدونه تعالى. لقد عرفوا الله غير أنهم لم يعبدوه كإله... فاظلم قلبهم الغبي "وخدموا الخليقة وفضلوها على الخالق". وإن ما يبينه لنا الوحي الإلهي بهذه الصورة يثبته اختبارنا بالذات. فالإنسان، إذا تفرّس في أعماق قلبه، يكتشف أنه ميّال أيضاً إلى الشر، تغمره ويلات كثيرة لا يمكن أن تأتيه من خالقه لأنه صالح. فغالباً ما رفض الإنسان أن يعترف بأن الله هو مبدأه ولذلك نقض النظام الذي كان يوجهه نحو غايته الأخيرة وحطم كل تناغم أمّا بالنسبة لنفسه أو لسائر الناس أو للخليقة كلها" (الكنيسة في عالم اليوم-13). 6) الخطيئة والخيار الجذري: تطرّق البيان الصادر عن "المجمع المقدس للعقيدة والإيمان" بالتالي إلى الحديث "حول الأخلاقيات الجنسية" وتكلم عن الخطيئة والخيار الجذري: "إن الخيار الجذري هو الذي يحدد في نهاية الأمر استعداد الإنسان الأخلاقي. ولكن يمكن تغيير هذا الخيار عن طريق أفعال منفردة، خصوصاً، كما يحدث غالباً، عندما تسبق هذه الأفعال أفعال أكثر سطحية". ومهما كان الحال فمن الخطأ القول أن الأفعال المنفردة ليست كافية لتكوين خطيئة مميتة. فبمقتضى تعاليم الكنيسة ليست الخطيئة المميتة معارضة لإرادة الله، ومخالفة رسمية ومباشرة لوصية المحبة وحسب، بل إنها مقاومة للحب الحقيقي، لا سيما إذا كانت مخالفة متعمدة، في المسائل الثقيلة لكل من القوانين الأخلاقية. ويتابع البيان موضحاً: "أشار يسوع المسيح إلى الوصية الثنائية للمحبة كأساس للحياة الأخلاقية. وعلى هذه الوصية تقوم الشريعة بأجمعها. ولذلك فهي تشمل الأوامر الخاصة الأخرى... فالشخص إذاً يرتكب خطيئة مميتة ليس فقط عندما يصدر عمله عن امتهان مباشر لمحبة الله والقريب ولكن عندما يختار، بوعيه وحريته، ومهمل كان السبب، أمراً مغلوطاً في موضوع هام. فاختياره في الأصل يتضمن، كما ورد سابقاً، امتهاناً للوصية الإلهية: فيبتعد الفرد بعيداً عن الله ويفقد المحبة" (رقم-10) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الاستعداد للمناولة
http://www.peregabriel.com/gm/albums...anoMiracle.jpg قدس الاب توماس هوبكو أخي الخاطئ مثلي، هذا هو الاستعداد الواجب اتّباعه قبل أن تتوب وتذهب إلى الاعتراف. اعرفْ أولاً أن التوبة، بحسب القديس يوحنا الدمشقي، هي العودة من الشيطان إلى الله، التي تتمّ بالألم والجهاد. وهكذا أنتَ أيضاً، أيها الحبيب، إذا رغبت بأن تتوب كما يليق، عليك أن ترفض الشيطان وأعماله وتعود إلى الله وإلى الحياة التي تليق به. عليك أن تنبذ الخطيئة التي هي ضد الطبيعة، وتعود إلى الفضيلة التي هي بحسب الطبيعة. عليك أن تكره الشر كثيراً، حتى تقول مع داود: "أَبْغَضْتُ الإثم وَكَرِهْتُهُ" (مزمور 163:118)، وبدلاً عن ذلك، عليك أن تحبّ الخير ووصايا الرب كثيراً حتى تقول أيضاً مع داود: "أَمَّا شَرِيعَتُكَ فَأَحْبَبْتُهَا." (الآية نفسها)، وأيضاً: "لأَجْلِ ذلِكَ أَحْبَبْتُ وَصَايَاكَ أَكْثَرَ مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ." (مزمور 127:118). باختصار، الروح القدس يعلّمك بسيراخ الحكيم ما هي التوبة الحقيقية في قوله يرتّب المسيحيون الملتزمون حياتهم في هذا العالم ويقيسونها من المناولة إلى المناولة. نحن نرحّب بيوم الرب في كل أسبوع بتوقّع تواّق إلى الدخول في شركة مقدّسة مع الله بعمل روحه القدّوس في الكنيسة، من خلال يسوع المسيح، ابن أببه وكلمته الذي هو أيضاً حمل الله وخبز الحياة. بعد يوم الرب، نحن نعيش في تذكّر خبرة المناولة الإلهية المباركة ونبدأ مباشرة بالتطلّع إلى هذه العطية الإلهية في القداس المقبِل. يعيش المسيحيون من الأحد إلى الأحد، وطوال السنة، من الفصح إلى الفصح. نحن نعيش أيضاً، من قداس إلى قداس، من إفخارستيا إلى إفخارستيّا، من مناولة إلى مناولة. حياتنا تُقاس وتُمتَحَن بهذا الحَدَث المقدّس. بداية ونهاية كلّ ما نحن عليه وما نقوم به، كما معناه وإتمامه، هو في عطية الله من المناولة الإلهية من خلال المسيح والروح القدس في الكنيسة. الاستعداد المستمرّ للمناولة الإلهيّة يتذكّر المسيحيون الملتزمون ما قام به الله في التاريخ ويتوقّعون ما سوف يقوم به الله أيضاً. نحن نعيش من خلال المجيء الأول للمسيح كعبدٍ صُلب وتمجّد، كما من خلال مجيئه الأخير في نهاية الزمان ليثبّت ملكوت الله. إن عبادة الكنيسة الإفخارستية توحّد وتضمّ مجيئَي السيّد مع كل أعماله المقتدرة في التاريخ فتستحضرها لنا للمشاركة، هنا والآن، لمغفرة الخطايا وشفاء النفس والجسد وللحياة الأبدية. كلّ لحظة من حياة المسيحي هي استعداد للقاء الله الذي يتحقق أسرارياً في المناولة. نحن نستعدّ في كل لحظة لدخول ملكوت الله الآتي بمجد وقوة عند آخر الأزمان. نحن نعيش في إدراك ثابت لحضور السيد في حياتنا هنا والآن، مهيئاً إيانا برجاء شركة معه لا تنتهي في الدهر الآتي. بهذا المنظار، كلّ ما نفكّر به نحن المسيحيون أو نقوله أو نفعله في كلّ لحظة من حياتنا هو استعداد للمناولة الإلهية في هذه الحياة في القداس الإلهي، وبلا نهاية في الدهر الآتي عند نهاية العالم. الاستعداد العام للمناولة الإلهية كوننا نحن المسيحيون نعيش في هذا العالم، فيستحيل تلافي كوننا عالقين في الأعمال الدنيوية والآلام والتجارب والإغراءات، ولأننا نُغلَب بسهولة من الأهواء الخاطئة، أعطانا الله سبلاً تؤهّلنا لأن لا ننساه. فهو يقدّم لنا ممارسات تعطينا أن نحفظ ذواتنا مستعدين دائماً للقائه عند مجيئه. إنّه يعطينا قوانين من النظام الروحي والجسدي لنمارسها حتى نبقى مدركين لحضوره وقوته في حياتنا، وهكذا نبقى مستعدين لاستقباله عندما يعطينا ذاته في المناولة الإلهية. القوانين العمومية للاستعداد للمناولة هي نفس قواعد الحياة المسيحية. إنّها ممارسات تبقينا واعين لله وللأعمال التي تفتح عقولنا وقلوبنا وأجسادنا لحضوره وقوته في حياتنا. ومن بينها بشكل أساسي: * المواظبة على المشاركة في العبادة الليتورجية *المواظبة على قانون الصلاة الشخصي *المواظبة على ممارسة الصلاة العقلية المستمرّة، أي صلاة القلب، للتأكيد على تذكرنا الثابت لله *المواظبة على تأمين أوقات من الهدوء *الالتزام الثابت بالصوم والامتناع عن الأكل *قراءة الإنجيل والكتابات الروحية بشكل دائم *الاعتراف المتواتر بالخطايا (والأفكار والأحاسيس *والتجارب والأحلام) إلى كاهننا، أو إلى مَن يسمح راعينا ويبارك بأن نعترف عنده *الغفران المستمر لخطايا الناس الذين في حياتنا واستغفارهم عن خطايانا *العطاء الدائم للمال للكنيسة وللمحتاجين *مشاركة الآخرين الدائمة في وقتنا وقدراتنا وممتلكاتنا *المجهود الثابت للقيام بعملنا اليومي قدر استطاعتنا لمجد الله وخير الناس *النضال المستمر كي لا نخطأ حتى ولا في الأمور الصغيرة من الأعمال الروتينية في حياتنا اليومية وعلاقاتنا الشخصية. تتكرر عبارات "المواظبة" و"الثابت" ويُرَكَّز عليها لأنّه ينبغي أن تكون ممارساتنا وأعمالنا بحسب قانون محدد. ينبغي أن نقوم بها دائماً وبشكل متماسك بانتباه واعٍ ونظام. لا يمكن تركها للهوى أو النزوة أو الإحساس. ما يقوم به الإنسان، في ما يختصّ بالعبادة الليتورجية والصوم والقراءة والإحسان والعمل والخدمة، سوف يتكيّف مع أحوال حياته. سوف يكون عمل الإنسان مختلفاً بحسب عمر كل إنسان وقوته وصحته وتوفّر وقته وقدراته الذاتية. يقول القديسون أن قانون الصلاة والقراءة والصوم ينبغي أن يكون قصيراً ولكن متكرراً بسيطاً نقياً غير معقّد وقابلاً للحفظ. ينبغي أن تحدد هذه الأمور ويُبتَدَأ بها بإرشاد ونُصحٍ روحيين بطرق تسمح بتضمينها بسهولة ضمن إمكانيات حياة الشخص اليومية. التهيئة الخاصة بالمناولة بالإضافة إلى القانون الروحي العام، على كل مؤمن أن يبذل جهوداً تعبدية محددة في التحضير للمناولة الإلهية. هذه الجهود تختلف من شخص لآخر وهي تتضمّن عدداً من الصلوات الخاصة والقراءات، ممارسة الاعتراف والمصالحة مع الآخرين، بالإضافة إلى أعمال حسنة محددة أخرى كالإحسان والمساهمات المالية. وهذه تتوقّف على حالة الشخص. على سبيل المثال، قانون تهيئة الراهب أو الإكليريكي للمناولة أطول من قانون العلماني. بإمكان مَن عنده مسؤوليات أقلّ أن يقضي مزيداً من الحرية والوقت للاستعداد للمناولة ممّن ينتظره وظائف أكثر للإنجاز، كمثل أُمٍ عندها أطفال صغار. أصحاب الحياة الروحية المنظّمة الذين يشتركون بالأسرار بشكل منتظم ومتكرر، يكون عندهم قدرٌ أصغر من التهيئة الخصوصية للمناولة من الذين حياتهم الروحية غير منتظمة ولا يتناولون إلا نادراً. ينبغي بالأخيرين أن يقوموا بجهود استثنائية في قراءة صلوات محددة وأصوام خصوصية وأعمال ومساهمات طيبة واعتراف عندما لا تكون هذه الممارسات جزءً قانونياً وثابتاً ومتواصلاً من حياتهم. صلوات قبل وبعد المناولة يحوي كتاب الصلوات الأرثوذكسية بمختلف طبعاته المزامير والصلوات الاعتيادية قبل الاشتراك بالمناولة وبعدها. على المؤمنين المطّلعين أن يقرروا بإرشاد روحي كيف يستعملون كقانون هذه الصلوات للاستعداد والشكر. بعد هذا القرار، ينبغي بذل كل مجهود للحفاظ على القانون الشخصي إلى أن يصير ضرورياً تعديله أو تغييره، أيضاً بإرشاد ونصح روحيين، بسبب تغير ظروف الحياة. عندما نفشل نحن المؤمنون في الحفاظ على قوانيننا، علينا أن نجد أسباب فشلنا، ونتّخذ التدبير المناسب، بمساعدة رعاتنا ومرشدينا الروحيين. بهذه الطريقة تكون مشاركتنا في عشاء السيّد السريّ بطريقة لائقة. فتكون لغفران خطايانا وشفاء نفوسنا وأجسادنا وللخلاص الأبدي، وليس لإدانتنا أو للحكم علينا. نرجو أن يقنعنا الرب بعدم استحقاقنا للمشاركة بالمناولة الإلهية، وأن يعلمنا أن كلّ ما نقول ونعمل لا يجعلنا مستحقين لهذه العطية الإلهية. نرجو أن يحثّنا على الاقتناع بأن الاعتراف من القلب بأننا غير جديرين بالمشاركة يتيح لنا بأن نشترك بطريقة لائقة. ونرجو أن يقوينا على إطاعة كلمته وقبول جسده ودمه بخوف الله وإيمان ومحبة، حتى نرى فعلاً النور الحقيقي، ونجد الإيمان الحقيقي، ونأخذ الروح القدس، ونسجد للثالوث غير المقسم لأنّه خلصنا من خلال المناولة الإلهية والمشاركة معه. الصوم والليتورجيا ملاحظات في اللاهوت الليتورجي المتقدّم في الكهنة ألكسندر شميمن تقضي القوانين الليتورجية في الكنيسة الأرثوذكسية بأن يُقام القداس الإلهي بعد الغروب في بعض أيام الصوم. هذه الأيام هي: الخميس والسبت من الأسبوع العظيم، عشيات أعياد الميلاد والظهور والبشارة. وعلى المنوال نفسه يُحتَفَل بقداس القدسات السابق تقديسها دائماً بعد الغروب. فإذا أخذنا في اعتبارنا أن التيبيكون يحدد وقت الغروب على أساس الشمس وليس عداد الساعة، يكون الوقت المحدد لهذه القداديس المسائية تقريباً بين الثانية والخامسة من بعد الظهر. معروف جداً أن هذه القواعد أصبحت حروفاً ميتة اليوم، أو بالأحرى هي محفوظة بالشكل، ولكن بطريقة لا يُنقَل فيها القداس إلى المساء بل تُقام صلاة الغروب في الصباح. ينبغي تفسير هذا الخرق للقانون على أنّه محض تلطُّف من الكنيسة على "ضعف الجسد"، كرغبة في تقليص فترة الامتناع عن الأكل عند المشتركين، إذ يمكننا أن نرى هذه الممارسة نفسها، حيث تُطبّق هذه القوانين بتدقيق وحيث لا يوجد أي محاولة للإذعان للضعف البشري. في هذه الحالة، نحن مضطرون للتعاطي مع الإيمان، الراسخ بعمق في الضمير الكنسي المعاصر، بأن القداس الإلهي ينبغي دوماً أن يُقام في الصباح. يظهر الاحتفال المسائي بالقداس كابتكار غير مسبوق عند الأغلبية من الشعب الأرثوذكسي، لا بل فوق ذلك هو شيء مستغرَب وغير طبيعي أكثر من الممارسة المعروفة في إقامة الغروب في الصباح والسحرية في المساء. من ناحية ثانية، واضح أنّ كتّاب التيبيكون، في ضمّهم القداس إلى الغروب، رَموا إلى أكثر من ارتباط شكلي محض بين الخدمتين. لقد عنوا نقلاً متعمّداً للقداس إلى المساء وتغييراً واعياً في الترتيب اليومي للخدَم. وأيضاً واضح أنّ في عدم تطبيق هذا القانون، أو في تطبيقه شكلياً فقط (أي في نقل الغروب إلى الصباح) نحن نرتكب مخالفة مزدوجة للقانون "typos" الليتورجي؛ إذ نقيم خدمة مسائية في الصباح، ما هو إلى جانب كونه "عملاً شكلياً" للصلاة، هو مناقض للحس المشترَك، وفوق هذا هو تجاهل للأسباب التي جعلت الكنيسة تحدد الاحتفال مساءً بالقداس في بعض الأيام وليس في الصباح. ولكن ربّما إذا حققنا في هذه الأسباب سوف نرى فيها ما هو أكثر معنى من مجرّد تفاصيل في القواعد، ما هو منسي مع أنّه أساسي لفهم تقليدنا الليتورجي. يمكن إيجاد التفسير الأكثر عمومية في التيبيكون نفسه. يحوي الفصل الثامن التعليمات التالية: "يوم الأحد، يجب أن مبدأ القداس عند الساعة الثالثة ؛التسعة صباحاً)، حتى يكون حلّ الصوم عند بداية الساعة الرابعة؛ يوم السبت، يجب أن نبدأ القداس عند بداية الساعة الرابعة، حتى يكون حلّ الصوم عند بداية الساعة الخامسة، وفي الأعياد الصغرى والأيام الأخرى، نبدأ عند الساعة الخامسة حتى يأتي حلّ الصوم عند الساعة السادسة". إذاً عندنا هنا علاقة محددة بين زمن ("kairos") القدّاس والصوم الذي يسبقه. هذا "الصوم الإفخارستي" ينبغي إطالته أو تقصيره بحسب طبيعة اليوم الذي يُقام فيه القداس. يعتبر التيبيكون أنّ الصوم الكامل قبل القداس بديهي، ولهذا، فالمعنى الشامل لهذه التعليمات هو أنّه مع ازدياد أهمية العيد يكون القداس أبكر وبالتالي تقصر فترة الصوم. وهنا أيضاً، علينا أن نلاحظ أن ممارستنا الحالية تعارض القاعدة: نحن نميل إلى اعتبار الخدمة المتأخرة أكثر ملاءمة للأعياد الكبيرة، والخدمة في وقت مبكِر "كافية" لكل يوم. قد تبدو توجيهات التيبيكون للوهلة الأولى مجرّد رفات لبعض القوانين الرهبانية القديمة التي، لسبب غامض، تتكرر في التيبيكون من طبعة لأخرى. مع هذا، إذا قمنا ببعض الجهد لترجمة هذه التعليمات الجافّة، فسوف نجد فيها لاهوتاً كاملاً للصوم في علاقته مع القداس. بعد فهمنا لهذا، قد نتساءل ونقرر ما إذا كان الأمر شَرطِيّاً، نسبيّاً ومن الماضي، أو إذا كان فيه عنصر من التقليد ملزم لنا أيضاً. للكشف عن هذا ينبغي أن نفهم أن في هذه التوجيهات قد حُجِب مفهوم الصوم وخبرته الحيّة التي مصدرها الإنجيل نفسه والتي قبلَتها الكنيسة منذ البداية. ينتشر اليوم اعتبار احترام هذه التوجيهات البديهية ذات المظهر القانوني هو مجرّد طقوسية وتمسّك حرفي لا يتلاءمان مع طريقة عيشنا العصرية، مع أنّ فيها يُكشَف فهم عميق للحياة البشرية في علاقتها مع المسيح والكنيسة. هذا ما سوف نحاول أن نظهره باقتضاب. بحسب الأناجيل الإزائية، اتّهم الفريسيون المسيح بعدم الصوم (بينما هم وتلاميذ يوحنا كانوا يصومون كثيراً). على هذا أجاب المسيح: "فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو الْعُرْسِ أَنْ يَصُومُوا وَالْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَصُومُوا. وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ." (مرقس 18:2، لوقا 33:5، متى 14:9). تركّز هذه النصوص على الارتباط بين الصوم وخدَم المسيح المسيانية، لكنّ الصوم يصير مستحيلاً في فرح حضوره. بشكل أعمّ، الصوم هو التعبير عن التوقّ، عن حالة الانتظار والاستعداد. وهكذا، يقابل المسيح نفسه بيوحنا العمدان: "لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا لاَ يَأْكُلُ وَلاَ يَشْرَبُ، فَيَقُولُونَ: فِيهِ شَيْطَانٌ. جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ..." (متى 18:11-19). في هذا السياق، يوحنا المعمدان هو "مثال" ورمز للعهد القديم في علاقته بالعهد الجديد. العهد القديم هو زمان التهيئة والتوقّع وهو ينتهي مع ظهور الصوّام. لكن ابن الإنسان "يأكل ويشرب" وتلاميذه أيضاً يأكلون ويشربون وفي الإنجيل نحن نرى دائماً السيّد يكسر الخبز مع العشّارين والخطأة في بيوت الفريسيين وأيضاً يقدّم المأكل للجموع. ففي المسيح ومعه يتكشّف الملكوت ويأتي. وفي دراسة رموز الكتاب المقدس (biblical typology)، يُشار غالباً إلى الملكوت على أنّه وليمة، أي كسر للصوم (أنظر مثلاً إشعياء 6:25). إنّ هذا التعليم الكتابي عن الصوم هو الإطار المسياني الخريستولوجي الذي حدّد مكان ووظيفة الصوم في الكنيسة منذ البداية. من جهة أخرى، الكنيسة بذاتها هي بداية الملكوت وتوقعه الأخروي. العريس حاضر ويظهر حضوره في كسر الخبز، في المائدة الإفخارستية، التي هي التوقّع الأسراري لملء الملكوت، أي للمائدة المسيانية. في كتاب الأعمال، كسر الخبز هو حادثة أساسية لبناء الكنيسة أي الجماعة المسيانية (أعمال 42:2). في هذا الاجتماع، في الشركة "koinonia"، ليس من مكان للصوم: المتوَقَّع قد تمّ، السيّد قد حضر "ماران أثا". لقد أتى، إنّه آتٍ، سوف يأتي... ولكن، من الجهة الأخرى، مع صعود المسيح، بدأ عهد جديد من الانتظار: انتظار المجيء الثاني (parousia)، مجيء المسيح ثانيةً بمجد، الإنجاز الذي به "يظهر المسيح الكل في الكل". لقد انتصر الربّ وتمجّد، لكن تاريخ "هذا العالم" لم يتمّ بعد، إنّه ينتظر تحقيقه ودينونته. فيما كان تاريخ العهد القديم موجّهاً نحو مجيء المسيّا، تاريخ العهد الجديد موجّه نحو عودة الرب بمجده ونهاية العالم. ما تعترف به الكنيسة سرياً، سوف يصير واضحاً عند نهاية العالم. وطالما الكنيسة حيّة والمسيحيون يعيشون في هذا العالم، فهم ينتظرون، ويتوقّعون هذا "المجيء الثاني"، يصلّون ويسهرون لأنّهم لا يعرفون متى يأتي ابن الإنسان. ولذلك يُعَبَّر عن هذا التوقّع في صوم جديد، أي في حالة جديدة من الانتظار. هذا التوقّع، هذا الاشتياق، يتمّ باستمرار ويُستَجاب في سرّ حضور السيّد، أي في الوليمة الإفخارستية. إذ تعيش الكنيسة في الزمان، في التاريخ، تكشف بالفعل انتصار الأبدية، وتستبق مجد الملكوت الآتي. وهذا "الصوم-التوقّع" يكتمل في السرّ، عندما نستحضر كلاً من مجيئي المسيح الأول والثاني في نفْس الاستذكار الأبدي، أيّ أننا نجعله حقيقياً وحاضراً. وهكذا، يشكّل الصوم والإفخارستيا قطبين أساسيين لحياة الكنيسة يكمّل أحدهما الآخر، ويظهران التناقض الجوهري في طبيعتها: الانتظار والامتلاك، الملء والتطوّر، الأخروية والتاريخ. تعطينا هذه الاعتبارات المفتاح لقوانين التيبيكون "التقنيّة" وتملؤها بالمعنى الروحي. إنّها تعبّر عن مبدأ ليتورجي أساسي هو عدم ملاءمة الإفخارستيا والصوم: لا يمكن ولا يجوز بأن يُقام قدّاس في يوم صوم. كون سرّ الإفخارستيا هو سر حضور المسيح فهو عيد الكنيسة، أو حتى أكثر من ذلك، إنّه الكنيسة كعيد، وبالتالي مقياس كل الأعياد وإطارها. فالعيد ليس محض "تذكر" لهذا الحَدَث أو ذاك من حياة المسيح على الأرض، بل بالتحديد هو تحقيق حضوره في الكنيسة بالروح القدس. وبالتالي كل حدث أو شخص يُستَذكَر في عيد، فإن استذكاره يكتمل بالضرورة في القدّاس، في "السرّ" الذي يحوّل الاستذكار إلى حضور. تظهر الإفخارستيا الرابط بين كل الأحداث الهامة، كل القديسين، كل الإثباتات اللاهوتية مع عمل المسيح الخلاصي. أياً كان ما نستذكره أو نحتفل به، فإننا نكتشف دوماً ? وهذا الاكتشاف يتمّ في القداس الإلهي - أنّ كلّ ما في الكنيسة يجد في يسوع المسيح بدايتَه ونهايتَه وكمالَه. يمكننا أن نشير هنا إلى أنّ الكنيسة الأرثوذكسية لم تقبل يوماً مبدأ القداس غير الاحتفالي، على غرار "القداس الأدنى" عند الكاثوليك. فلفترة طويلة كان القداس طقساً ربّانياً بشكل جوهري لأنّه بطبيعته فصحي، وهو دائماً يعلن موت المسيح ويعترف بقيامته ويشهد لها. المبدأ الثاني الذي يتبع الأول بالضرورة، هو أنّ فترة صيام تسبق كلّ احتفال إفخارستي. التوقع ينبغي أن يسبق الإنجاز. من وجهة النظر هذه، الصوم الإفخارستي ليس مجرّد امتناع قبل المناولة، بل هو بالدرجة الأولى توقّع واستعداد روحي. إنّه صوم بالمعنى الروحي المذكور أعلاه، انتظار للمجيء الأسراري. في كنيسة الأزمنة الأولى كانت تسبق الإفخارستيا سهرانية طوال الليل هي بالتحديد (ونظرياً ما تزال في الكنيسة الشرقية) خدمة الاستعداد والتهيوء، سهرانية بكل المعنى المسيحي للكلمة. ولهذا السبب حُدّدت الإفخارستيا أيام الآحاد والأعياد في الساعات الباكرة من النهار: إنّها التمام والنهاية للسهرانية، خدمة الصوم والاستعداد. أما في الأعياد الصغرى، حيث لا يوجد سهرانية فالاحتفال بالإفخارستيا يتمّ في آخر الصباح، إذ في هذه الحالة تشكّل ساعات الصوم الصباحية الفترة الضرورية من الاستعداد. وهكذا، كل حياة الكنيسة الليتورجية، التي تحدد بدورها حياة كل فرد من الكنيسة، تقوم على هذا الإيقاع من التوقّع والإتمام، الاستعداد و"الحضور". عندها لا تعود القواعد التي تحكم هذا الإيقاع مهجورةً ومبهَمة، فتصير طريقاً تقودنا إلى قلب الحياة في الكنيسة. لكن للصوم أيضاً معنى آخر، يكمّل الأول الذي شرحناه، وقد شددت الرهبنة عليه وطوّرته. إنّه الصوم النسكي، الصوم كحرب ضد القوى الشيطانية، كطريقة للحياة الروحية. يرجع أصل هذه الفكرة إلى الإنجيل. قبل أن يمضي المسيح إلى البشارة، صام لأربعين يوماً وفي آخر هذه الفترة دنا منه الشيطان (متى 3:4). في الإنجيل، نجد آية واضحة عن أنّ الصوم والصلاة هما الوسيلتان الوحيدتان للتغلّب على الشيطان (متى 21:17). لا يتمم مجيء المسيح ثانيةً إلى العالم تاريخَ الخلاص وحَسْب، بل هو اللحظة الحاسمة في الصراع ضد الشيطان، الذي صار "أمير هذا العالم". بحسب الكتاب المقدّس، بالأكل تغلّب الشيطان على الإنسان وصار سيّده. تذوّق الإنسان الثمرة المحرّمة وبهذا صار مستَعبَداً للأكل، وصار كامل وجوده متوقفاً عليه. لهذا السبب، الصوم، من منظار كتابي، لا يتساوى مع مجرّد الاعتدال بالأكل مع نوع من الصحيّة الأولية. الصوم الحقيقي، الامتناع الصحيح، أي الذي تمدحه الكنيسة في صوّاميها القديسين، هو بالواقع تحدٍ لقوانين الطبيعة ومن خلالها للشيطان نفسه. إذ لا شيء يؤذيه أكثر، لا شيء يقضي على قوته، أكثر من هذا التعالي عند الإنسان على القوانين التي أقنعه بأنّها "طبيعية" و"مُطلَقة". من دون الأكل يموت الإنسان وبالتالي تعتمد حياته بالكليّة على الطعام. ومع هذا، بالصوم، أي برفض الأكل طوعياً يكتشف الإنسان أنّه لا يحيا بالخبز وحده. وهكذا يصير الصومُ الرفضَ لما صار "ضرورياً"، الإماتة الحقيقية للجسد الذي يعتمد كلياً وحصرياً على "قوانين الطبيعة التي لا فرار منها". في الصوم، يصل الإنسان إلى الحرية التي فقدها بالخطيئة، يسترد في الكون المُلْك الذي أبطله بتعديه إرادة لله. الصوم هو رجعة اختيارية إلى إتمام الوصية التي انتهكها آدم. بقبول الصوم، يحصل الإنسان مجدداً على الطعام كعطية إلهية، ولا يعود الأكل "ضرورة" ويصير الصورة الحقيقية للوليمة المسيانية إذ "كُلْ لتحيا" صارت مجدداً "عِشْ في الله". فكرة الصوم هذه، المتجذّرة في صوم المسيح أربعين يوماً ومواجهته للشيطان، هي أساس الصوم النسكي، الذي ينبغي تمييزه (لا فصله) عن الصوم الإفخارستي، المحدد أعلاه كحالة من الاستعداد والترقّب. ما من شيء يظهر العلاقة بين أوجه الصوم هذه أو وظائفه كما يظهرها الصوم الكبير وتفصيلاته الليتورجية. من جهة، الآحاد والسبوت، كونها أساساً أيام الإفخارستيا، مستثناة "ليتورجياً" من الصيام. ليس في هذه الأيام أي من العلامات الليتورجية المميزة للأيام الصيامية. الصوم الإفخارستي محدد دائماً بإيقاع الإفخارستيا نفسها، حدّه هو الليتورجيا التي يرتبط بها كاستعداد للإتمام. إنّه يُنجَز ويُتَمم في تناول الطعام الإفخارستي. إذاً، الصوم الإفخارستي هو عمل من أعمال الكنيسة، لأنّه يتطابق مع حالة من حالاتها. الصوم النسكي، من جهة أخرى، هو قبل كل شيء فردي كونه إنجاز شخصي للكنيسة. القواعد التي تتعلّق بهذا الصوم، والتي تختلف بحسب التقاليد المحليّة المتنوّعة، نسبيّة بمعنى أنّها بالدرجة الأولى دلالات على طريقة وطيدة وإرشاد أكيد، لكنّها ليست تعليماً مطلَقاً في الكنيسة. تعتمد هذه القواعد على الجو، على طريقة الحياة في إطار اجتماعي محدد، على الظروف الخارجية، إلخ. الترتيبات بأكل التين في هذا اليوم والحبوب في يوم آخر، وهي توجيهات ما زلنا نجدها في التيبيكون، واضح أنّه لا يمكن قبولها حرفياً أو اعتبارها "مطلَقة". الأمر المهم هنا هو فهم أن الصوم الإفخارستي هو صوم الكنيسة، بينما الصوم النسكي هو صوم المسيحي في الكنيسة. الأخير تحدده طبيعة الإنسان، الأول تحدده طبيعة الكنيسة. إذاً، خلال الصوم الكبير، يجد الصوم الإفخارستي خاتمته كلّ أَحَد في الملء الأخروي للسرّ، دون أن ينقطع الصوم النسكي، إذ إن الخبرة الدنيوية تثبت أن ثماره الروحية تنضج ببطء وتتطلّب جهداً طويلاً ومستمراً. ومع ذلك ليس بين الإثنين أي تعارض. ينبغي أن يكون الغداء الرهباني في يوم أحد من الصوم الكبير "أكثر هزالة" من ناحية نوعيته الغذائية وكميته. ومع ذلك إنّه غداء أحد، كسر للصوم، إذ بعد الإفخارستيا والصوم الإفخارستي، هو ينتمي روحياً إلى خبرة الفرح والامتلاء التي هي جوهر الأحد المسيحي. من المستحيل أن نشير هنا إلى كل المضمون اللاهوتي للصوم كما يرد ويقضي في تقليدنا الليتورجي. فقط يمكننا أن نشير إلى معناه الأساسي. تحيا الكنيسة على مستويين، أي هي في "حالتين". إنها تنتظر، لكنها تمتلك ما تنتظره في الوقت عينه. في الزمن، في التاريخ، إنها فقط في "الطريق"، على طريقها إلى الملكوت، لكنهّا أيضاً ظهور هذا الملكوت. ومعنى حياتها أنّ هاتين "الحالتين" ليستا مفترقتين الواحدة عن الأخرى، ولا تعارض الواحدة الأخرى تناقضاً جذرياً. تنشأ كل واحدة في الأخرى وهي مستحيلة من دونها. الزمن وحياتنا في الزمن لا تُفرِّغهما الأبديةُ ولا تجعلهما سخيفين أو خلواً من المعنى، بل على العكس تعطيهما كل أهميتهما، كل معناهما الحقيقي. إيقاع الكنيسة، إيقاع الإفخارستيا، الذي يأتي وهو دائماً على وشك أن يأتي، يملأ كل شيء بالمعنى ويضع كل الأمور في مكانها الحقيقي. لا يبقى المسيحيون هامدين بين القداس والآخر، حياتهم "الوقتية" ليست فارغة، لا تحطّ الأخروية من قدرها. إذ بالضبط، "الآخرة" الليتورجية هي ما يمنح القيمة الحقيقية لكل لحظة من حياتنا، حيث يُقاس كل شيء ويُقيَّم ويُفهَم في ضو ملكوت الله، الذي هو معنى ونهاية كل ما هو موجود. لا يوجد ما هو أكثر غربة عن روح الليتورجية الأرثوذكسية من "ليتورجية liturgiologism" أو "أخروية eschatologism" تختزل كل الحياة المسيحية بالمناولة وتزدري بكل شيء آخر وكأنّه "تافه". هذه التقوية الليتورجية لا تدرِك أن المعنى الحقيقي للإفخارستيا هو بالتحديد تمييز مجمل الحياة، وتحوّلها وجعلها مهمّة بلا انتهاء. فالإفخارستيا تشهد على التجسد، وكونها محددة في الزمن، دخلت الزمن، فالزمن نفسه وكل لحظاته قد امتلأت بالمعنى واكتسبت أهمية في العلاقة مع المسيح. بالحقيقة، كل أمور الحياة، الكبيرة والصغيرة، كفّت عن كونها غاية وقيمة بحد ذاتها. أليست السخافة بالحقيقة في هذه العزلة والتمركز حول الذات؟ لكن الآن إذ فُهمَت من منظار الملكوت، يمكنها جميعاً وينبغي بها أن تصير علامات ووسائل لمجيء الملكوت، أدوات لخلاص العالم بالمسيح. لهذا السبب، وأبعد من "الجمالية" الليتورجية أو "السُنَنية rubricism"، مهم جداً أنّ نسترجع المعنى الحقيقي للزمن الليتورجي الموصوف بهذه الطريقة البسيطة في التيبيكون. هنا حجبت الكنيسة كنز محبتها وحكمتها ومعرفتها "العملية" لله. ينبغي تحرير ليتورجيا الكنيسة من "برنامج الخدَم" المبتَذَل لتصير مجدداً ما هي إيّاه: تقديس الزمان وبه كل الحياة، بحضور المسيح. وحدها هذه الليتورجيا لا تقسم حياة المسيحي إلى حياتين، واحدة "مكرّسة" وأخرى "نجسة"، بل تتجلّى الواحدة في الأخرى، جاعلة الوجود بمجمله اعترافاً بالمسيح. فالمسيح لم يأتِ لكي نجعل حضوره رمزاً بل لكي يحوّل العالم ويخلّصه بحضوره. علينا أن نفهم أن ليتورجيا الكنيسة واقعية بشكل عميق، أن لصلاة الغروب إلفة حقيقية مع هذا المساء المحدد: هذا هو المساء الذي علينا أن نقضيه "كاملاً مقدساً سلامياً وبلا خطيئة"، هذا هو المساء الذي علينا أن نقدمه ونكرّسه لله، وهذا هو المساء الذي أُنير لنا بنور مسائي آخر، ببلوغ آخر ننتظره وفي الوقت نفسه نخشاه، وهو يدنو في زمننا البشري. في الليتورجيا، نكتشف كم تحترم الكنيسة الزمن والطعام والراحة وكل الأعمال، كل تفاصيل حياتنا. في العالم الذي صار فيه الله إنساناً، لا يمكن عزل أي شيء عنه. الانتظار، اللقاء، الامتلاك: في هذا الإيقاع تغرق الكنيسة في الزمن وتقيسه. لكن هناك أيام يبلغ فيها هذا الانتظار "تركيزه" الأقصى: أيام الإفخارستيا المسائية. لقد كرّست الكنيسة هذه الأيام ضميرياً وكليّاً للانتظار والاستعداد، للصوم بالمعنى الكامل. تُقضى هذه الأيام بالأعمال اليومية العادية التي تملأ كل الأيام الأخرى. ولكن كم هو بلا حدود معناها، وكم هي مهمة ومسؤولة، كل كلمة ننطق بها في ضوء هذا الانتظار، وكل عمل نقوم! مع هذا، في هذه الأيام يُعطى لنا أن ندرك ما هي الحياة المسيحية وما ينبغي أن تكون عليه وأن نحيا من ثمّ وكأنّ هذه الأيام استنارت بما سوف يأتي! عشية الميلاد، هدوء السبت العظيم فوق الطبيعي، أيام الصوم الكبير التي نهيئ فيها أنفسنا لخدمة السابق تقديسها، كيف لكل هذا أن يبني النفس المسيحية ويقودها إلى فهم سرّ الخلاص، إلى تحويل الحياة... وعندما يأتي المساء في النهاية، عندما ينتهي في الإفخارستيا كل هذا الاستعداد والانتظار الصياميين، تؤخَذ حياتنا فعلياً في هذه الإفخارستيا، وترتبط بفرح الملكوت وملئه. إذاً، يمكن لقواعد الخدمة أن تكون لنا ما كانت عليه عند المسيحيين في الماضي، ويمكن لها أن تكون، قانوناً للصلاة، قانوناً للحياة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أسرار الكنيسة السبعة بقلم قداسة البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص تمـهـيـد هذا بحث يتضمن شرحاً موجزاً وسهلاً لعقيدة كنيستنا السريانية الأرثوذكسية في أسرار الكنيسة السبعة، التي تعتبر من ضمن عقائد الكنيسة الإيمانية الرئيسية. وإن غايتنا من تقديمه للقراء الكرام هي محاولة تقريب فهم هذه الأسرار المقدسة لأذهانهم ليدركوا جيداً قدسيتها فيسعوا للحصول على فوائدها الروحية وممارسة ما يحق لهم ممارسته منها بإيمان متين. يعرّف آباء كنيستنا الميامين السرّ بأنه عمل مقدس، به ينال المؤمنون تحت مادة منظورة، نعمة غير منظورة. ففي كل سر من أسرار الكنيسة السبعة وجهان وجه منظور ووجه غير منظور على الذي يحصل على السر أن يؤمن بوجوده ولئن لا يراه بالعين المجردة، فالقسم المنظور هو العمل الخارجي الذي يجريه الكهنة الشرعيون من خلال الطقوس البيعية، ومادة السر كالماء في المعمودية والخبز والخمر في العشاء الرباني، والزيت الذي سبق تقديسه في مسحة المرضى. أما الوجه غير المنظور فهو النعمة التي يحصل عليها المؤمن نتيجة نيله هذا السرّ بإيمان، وبموجب الطقس الكنسي الخاص الذي يقوم به كاهن شرعي كخادم للسر. فالوجه غير المنظور في سر المعمودية مثلاً تنقية اللّه تعالى للمعَّمد داخلياً وتطهير نفسه وتبريره من الخطية الجدية والخطايا الفعلية التي اقترفها قبل أن يعتمد، وتنقية ذهنه وولادته ميلاداً ثانياً. وقد جعل السيد المسيح الأسرار ينابيع نِعَم روحية لفائدة المؤمنين. وفيها توجد الكفاية لسد حاجات أبناء الكنيسة. فبما أن الإنسان يولد وينمو ويقتات جسدياً فقد ترتب أن يولد وينمو ويقتات روحياً بوساطة الأسرار الثلاثة الأولى: المعمودية والميرون المقدس والافخارستيا (القربان المقدس). وبما أنه يمرض جسدياً وروحياً فقد ترتب أن يعتق من الأمراض الجسدية بمسحه بالزيت المقدس ويعتق من أسر الخطية بواسطة التوبة والاعتراف. ولضرورة أن يحفظ النوع الإنساني وينمو تعيّن سر الزواج الذي يقمع الشهوات أيضاً ويصون الإنسان من خطايا كثيرة. وحيث أنه لا بد من وجود خادم ذي سلطان روحي شرعي يقوم بإتمام هذه الأسرار ومنحها للمؤمنين اختار الرب له رسلاً وتلاميذ وأقام منهم خداماً لأسراره الإلهية بمنحهم سر الكهنوت المقدس. وحيث أن الإنسان مركب من نفس وجسد وما يقع تحت حواس الجسد يطبع في النفس بقوة عظيمة، فلأجل هذا اختار اللّه الذي «يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون»(1تي 2: 4) أن تُنظَّم الطقوس المقدسة، وتُرَتَّب العلامات المنظورة في الأسرار المقدسة لكي تؤثّر في نفوسنا جاعلة إياها منتبهة لاقتبال النعمة غير المنظورة وهذا يوافق طبيعة تركيب الإنسان من روح غير منظور وجسد منظور. وقد رسم الرب يسوع نفسه أسرار الكنيسة السبعة وأودعها كنيسته المقدسة ليوزّعها خدام الكنيسة الروحيون على المؤمنين لنيل نِعَم الخلاص. ونستدل من التقليدين الرسولي والكنسي أن الرسل الأطهار قد تسلّموها من الرب يسوع خاصة في خميس الفصح الذي يدعى لدينا أيضاً خميس الأسرار، وفي فترة الأربعين يوماً التي تلت قيامة الرب من بين الأموات وهي الفترة الواقعة ما بين قيامته وصعوده إلى السماء وفيها أيضاً منح الرب يسوع سلطاناً للرسل ليكونوا وكلاء سرائره (1كو 4: 1 وتي 1: 7) وأعطاهم سلطان حلّ الخطايا وربطها في السماء وعلى الأرض (مت 16: 19 و18: 18 ويو 20: 22و23)، وأرسلهم لينشروا بشارته الإنجيلية في العالم أجمع (مر 16: 16) وعيّنهم سفراءه في الأرض كلها (2كو 5: 20) ورعاة لرعيته الناطقة (يو 21: 15 ـ 17). والرسل بدورهم سلّموا هذه الوكالة إلى تلاميذهم وخلفائهم لدوام سلسلة الولاية الكهنوتية في كل الأجيال (أع 14: 23 وتي 1: 5 ومت 28: 19و20 ويو 20: 21) وذلك لاستمرار الكنيسة في أداء رسالتها في إيصال أسراره الإلهية السبعة التي هي نِعَم الخلاص وثمار الفداء وتوزيعها على المؤمنين به في جميع أنحاء العالم وفي كل الأجيال وإلى أبد الآبدين. إن الإيمان شرط أساس للراشدين من المؤمنين ليستحقوا نيل مفاعيل هذه النعم التي تتضمنها الأسرار المقدسة. أما غير الراشدين فينالون ذلك بناء على إيمان آبائهم أو ولاة أمرهم. ففي سر المعمودية مثلاً يعلن الإشبين (القريب) صورة الإيمان نيابة عن الطفل المعتمد وكأن الطفل ذاته قد أعلن هذا الإيمان مثلما كان الطفل في نظام العهد القديم يختتن في اليوم الثامن من ميلاده ليدخل في العهد مع اللّه وذلك بناء على إيمان آبائه ورغبتهم ودون أن يدرك ذلك حتى يبلغ سن الرشد. وتستمد هذه الأسرار المقدسة قوتها من ذبيحة الصليب والغاية منها نيل التبرير والتقديس والتبني والثبات في المسيح والجهاد الروحي في سبيل نيل ملكوته السماوي والحياة الأبدية الصالحة. علّة النعمة ومفعولها: إن السرّ ليس بحدّ ذاته علّة النعمة، إنما اللّه تعالى وحده العلّة الرئيسة لها، وهو واهب النعم، وهو يعطي للأسرار قوة النعمة ومفعولها عندما تكمل رتبة السرّ بصورة قانونية صحيحة، وما السرّ إلاّ واسطة لنيلها. وعليه فإن مفعول السرّ صادر عن إيمان من يقتبله ونيته واستعداده، لذا لا فرق إن كان خادم السر الشرعي خاطئاً أو باراً فالمؤمن ينال مفعول السر على كلتا الحالتين وهذا من فيض مراحم اللّه. أما خادم السر غير البار وغير التائب فدينونته صارمة. فعلى المؤمنين أن يتقبّلوا هذه الأسرار بإيمان حي لا تزعزعه الشكوك، ذلك أن النعم التي ينالونها هي غير محسوسة ولا ظاهرة أما ما يرونه ويحسّون به فهو المادة المحسوسة مثل الماء في المعمودية والخبز والخمر في القربان المقدس الذي هو جسد الرب يسوع ودمه الأقدسان. فالمؤمنون إذ يثقون بصدق كلام اللّه تعالى ووعده الأمين أنه يمنح نعمه الإلهية غير المنظورة بوسائط المادة المحسوسة الظاهرة من هذه الأسرار، يتقبّلونها بإيمان، خاصة وهي ملائمة للإنسان القائم ليس من الروح فقط بل من الروح والجسد، فعليه ألاّ يشكّ قطعاً في أن الروح القدس يتمّم سر نعمته بتقديس هذه الأسرار فيجعل في العماد ولادة روحية من السماء، وفي الميرون المقدس ختماً إلهياً لنيل الروح القدس، وفي القربان المقدس غذاء روحياً بتناول جسد الرب يسوع المسيح ودمه، وفي التوبة والاعتراف حلاً من الخطاياً ومغفرة الذنوب. وفي الكهنوت سلطاناً روحياً لربط الخطايا وحلّها وخدمة الأسرار المقدسة، وهكذا قل عن باقي الأسرار. عدد الأسرار: أجمعت الكنائس الرسولية استناداً إلى تعاليم الرسل الأطهار وشهادات الآباء الأبرار على أن عدد أسرار الكنيسة هو سبعة وأن الكنيسة المقدسة منذ فجر وجودها قد مارست هذه الأسرار بلغاتها المتنوعة وطقوسها العديدة، وعلى الرغم من اختلاف هذه الكنائس في أمور عقيدية كثيرة، وتباين أساليب ممارسة طقوسها، فقد أجمعت على عدد الأسرار السبعة وجوهرها وما تدلّ عليه، مما يقيم الحجة الدامغة على أنها من وضع إلهي وتسليم رسولي، ولئن لم يأتِ الكتاب المقدس على ذكرها بشكل صريح، وكما لم يرد أيضاً ذكرها جملة في كتابات بعض الآباء الأولين، علماً بأن بعض الآباء تكلّموا عن سرين أو ثلاثة معاً بحسب المناسبة والحاجة والغاية من ذلك الكلام. وهذه الأسرار السبعة هي: 1 ـ المعمودية، 2 ـ الميرون المقدس، 3 ـ القربان المقدس، 4 ـ التوبة والاعتراف، 5 ـ مسحة المرضى، 6 ـ الكهنوت، 7 ـ الزواج. وقد وضع آباء الكنيسة الميامين شروطاً ثلاثة لإتمام كل سرّ من هذه الأسرار بصورة صحيحة وهي: 1 ـ المادة: كالماء في سرّ المعمودية والخبز والخمر في سرّ القربان المقدس. 2 ـ الصورة: وهي الألفاظ التي تتلى أثناء إتمام رتبة السرّ الطقسية كقول الكاهن في سرّ المعمودية عمد عبدؤ دمشيحا... ليعمد عبد المسيح (فلان)... على رجاء الحياة... باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. وينبغي أن تكون المادة والصورة مما فيه قوة الدلالة على الغاية من السر وعمل القداسة والبر 3 ـ الخادم الذي قد نال الشرطونية القانونية ووهب السلطة الروحية الشرعية أي الرتبة والدرجة اللتين تؤهّلانه للقيام بإتمام رتبة ذلك السر الطقسية. وذلك باسم الرب يسوع وسلطانه الإلهي. وللأسرار السبعة قوة ثلاثية الدلالة فهي تشير: 1 ـ إلى الماضي، وبخاصة إلى آلام السيد المسيح وموته لأجلنا وقيامته. 2 ـ إلى ما هو حاضر، كنعمة التبرير والتقديس والتبني التي ننالها بالمسيح في سر المعمودية. 3 ـ وإلى المستقبل حيث سنستحق بالمسيح أن نرث الحياة الأبدية والسعادة في السماء. فسر المعمودية مثلاً الذي يعتبر الباب الذي منه ندخل إلى حظيرة المسيح، هو علامة تشير إلى النعمة الإلهية التي ننالها بموت المسيح عنا وقيامته من بين الأموات وبهذا يقول الرسول بولس: «أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة» (رو 6: 3و4). هذا هو الأساس للسر أي الماضي، أما الحاضر فهو ولادتنا ثانية من السماء عندما ننال هذا السر، أما المستقبل فهو إذ نصير بولادتنا من السماء أبناء للآب السماوي ونسلك على الأرض كما يوصينا الرسول بولس بقوله: «فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح» (في 1: 27)، نستحق في اليوم الأخير أن نرث ملكوته السماوي. فعلى كل مسيحي أن يقتبل ما يحق له من هذه الأسرار المقدسة، فالأسرار السبعة جميعها، ضرورية للخلاص، لبنيان جسد المسيح السرّي الذي هو الكنيسة التي هي هيئة دينية عامة. أما بالنسبة إلى المؤمنين كأفراد فبعض هذه الأسرار ضروري على الإطلاق أن يتقبله المؤمنون لينالوا الخلاص بالمسيح يسوع ربنا وهي كسرّي المعمودية والميرون المقدس اللذين يُمنحان كلاهما معاً. فبعد أن يعتمد المؤمن يمسح بالميرون المقدس مباشرة. وسرّ القربان المقدس الذي يُمنح للمؤمنين بعد تقـبُّـلهم سرّي العماد والميرون المقدس مباشرة. ويتقبّلونه باستمرار ما داموا أحياء لأنه قوت روحي ضروري لتقديس النفس والجسد وللنمو الروحي بالمسيح والثبات فيه ولنيل الحياة الأبدية، ولقدسيته يجب أن يكون المؤمنون في حالة البر أي التوبة عندما يتناولونه لذلك يمارسون استعداداً لنيله، سرّ التوبة والاعتراف. إن بعض الأسرار غير ضروري أن يناله المؤمنون كأفراد ليحصلوا على الخلاص، وهذه الأسرار هي سرّ الكهنوت الذي لا يلتزم الجميع بالارتسام به ولا يناله إلا المدعو من اللّه والمنتخب منه تعالى، وسرّ الزواج وسرّا مسحة المرضى والتوبة والاعتراف، السران اللذان يعتبران ضروريين حينما يسقط المؤمنون في الخطية أو يصيبهم مرض جسدي. وهذه الأسرار ضرورية جداً للكنيسة ككل، فسرّ الزواج مثلاً ضروري جداً للكنيسة ككل لحفظ الجنس البشري، ولكنه غير ضروري للخلاص للمؤمنين كأفراد مثل الذين ينذرون البتولية ويتحمّلونها، والأرامل الذين يتحملون ذلك وتعتبر لدى هؤلاء جميعاً البتولية أفضل من الزواج وأقدس (1كو 7: 33و34و38). وإن بعض هذه الأسرار ذو صبغة ثابتة فلا يمكن أن يتكرر قبوله كالمعمودية والميرون، ونفس الدرجة من رتب الكهنوت، وبعض الأسرار يمكن أن يتكرر قبوله وممارسته كالقربان المقدس، والتوبة والاعتراف، ومسحة المرضى. سر المعمودية سر مقدس، به يُولد المؤمنون ميلاداً ثانياً من الماء والروح وقد أسس الرب يسوع هذا السر بقوله لتلاميذه: «دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس»(مت 28: 18و19). وسر المعمودية يمحو جوهر الخطية الجدية التي هي جريمة آدم المتصلة بذريته فقد عمّت الخطية الجدية جميع الجنس البشري المولود من آدم وحواء لأنهما لم يلدا أحداً إلاّ وهما في حالة الخطية، لذلك فالإنسان يولد بشيء من الفساد كما يذكر ذلك داود صاحب المزامير بقوله للّه: «وبالخطية حبلت بي أمي»(مز51) ولا يستثنى منه أحد ممن لبس الجسد البشري سوى ربنا يسوع المسيح المولود من الروح القدس ومن مريم العذراء بدون زرع رجل، وهو منزّه عن الخطية الجدية والخطايا الفعلية على الإطلاق. أما النزعة إلى الشر لدى البشر كافة فهي نتيجة تلك الخطية ويمكن أن يتغلب عليها المعمّد باسم الثالوث الأقدس، بالتدريج بوساطة تجديده روحياً. وحيث أن المعمودية ضرورية للخلاص بناء على قول الرب يسوع القائل: «إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله»(يو 3: 5) لذلك أمر الرسل الأطهار والآباء الأبرار أن يُعمّد الأطفال الصغار خوفاً من أن يموتوا وهم في سن الطفولة فيحرموا من دخول ملكوت اللّه لأنهم مشتركون في الخطية الجدية فلا بد من تطهيرهم منها بالمعمودية. وحيث أن إيمان المتقدم للعماد يسبق عماده بناء على قول الرب يسوع: «من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يُدَنْ»(مر 16: 16) لذلك أوصت الكنيسة أن يعتمد الأطفال بناء على إيمان آبائهم كما كان شعب العهد القديم يختنون الأطفال في اليوم الثامن لميلادهم بناء على إيمان آبائهم، لأن الختان في العهد القديم كان علامة العهد الذي قطع بين اللّه وبين ذلك الشعب، ورمزاً إلى المعمودية التي هي علامة العهد بين المسيحيين والرب يسوع كما حددت الكنيسة أن يكون للمعتمد اشبين (عرّاب) يتعهد بأن يعلّمه مبادئ الإيمان ويهتم بتربيته الروحية. ومما يبرهن على عماد الأطفال أن الرسل لم يستثنوا من العائلات التي عمّدوها أحداً ولم يفرزوا الأطفال من بينها بل عمّدوهم معها (1كو 1: 16 وأع 16: 15). وقد تضمّن قانون 113 لمجمع قرطاجنة أن معمودية الأطفال ضرورية لهم كما هي ضرورية لسواهم وذلك لكي يخلصوا من خطية آدم التي ولدوا بها وإذا ماتوا ملوّثين بأدرانها يُحرمون من السعادة الأبدية وميراث المسيح الذي أعده للمؤمنين المعمّدين. وتتمسّك كنيستنا بتغطيس المعتمد ثلاث مرّات في جرن المعمودية أثناء ممارسة طقس العماد المقدس، وقد مارس الرسل الأطهار طقس المعمودية بالتغطيس، ويخبر البشير لوقا عن كيفية عماد الخصي الحبشي على يد الشماس فيليبس حيث نزلا معاً في قلب غدير (أع 8: 36) وكان ممكناً لهما أن يجدا ماءً قليلاً في العربة التي كانا يقلاّنها ويكتفيا به لو كان ذلك جائزاً بدون أن ينتظرا ورودهما على غدير. وبولس يعلّمنا أن المعمودية تمثّل موت المسيح ودفنه وقيامته بقوله: «فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضا في جدة الحياة»(رو 6: 4) ويستحيل أن يراد بالدفن إلا التغطيس فلا يجوز الاكتفاء بالرش على جبهة المعتمد وبعض أعضاء من جسمه. مفاعيل سر المعمودية وثمارها: تجدد المعمودية خلقة الإنسان روحياً فينال نعمة التبرير أي تطهير النفس من الخطية الجدية والخطايا الفعلية السابقة لنيله سر المعمودية، كما ينال نِعَم التجديد والتقديس والتبني أي يصير ابناً للّه بالنعمة، وعضواً حياً في جسد المسيح السرّي أي الكنيسة المقدسة، ويحصل على الحق بوراثة الحياة الأبدية، فالمعمودية إذن ضرورية للخلاص وعلى كل مؤمن بالمسيح يسوع أن ينالها. وقد وضّح ذلك الرسول بطرس في خطبته يوم الخمسين التي بعد أن سمعها اليهود «نخسوا في قلوبهم و قالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة، فقال لهم بطرس: توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس... فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضمّ في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس»(أع 2: 37و38و41). ولا تكرر المعمودية لأنها كالولادة الجسدية تحدث مرة واحدة بالحياة. سر الميرون المقدس هو مسحة مقدسة بها يختم الكاهن ويمسح أعضاء جسد المعمّد بالمسيح ظاهرياً حال خروجه من جرن المعمودية ليكتسي بالنعمة باطنياً أي ينال نعمة الروح القدس. وكان هذا السر يتمّ في بدء المسيحية بوضع الرسل أيديهم على المعمدين فينالون الروح القدس (أع 8: 17 و19: 6) كما يتّضح ذلك مما جاء في سفر أعمال الرسل عن إيمان أهل السامرة وعمادهم على يد فيلبس الشماس ولم يحلّ عليهم الروح القدس لذلك أرسل الرسل إليهم بطرس ويوحنا «اللذين لما نزلا صلّيا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس»(أع 8: 15) ولما كثر عدد الداخلين إلى الدين المسيحي وتعذّر على الرسل أن يوجدوا في الأماكن النائية ويقوموا بهذا العمل الروحي المقدس، فبإلهام الروح القدس استعاضت الكنيسة المقدسة عن وضع اليد بالميرون المقدس الذي قدّسه الرسل الأطهار، وقد ركّبوه من زيت الزيتون النقي والحنوط والطيوب التي كانت على جسد الرب في القبر وأضافوا إليها البلسم وقدّسوه وسلّموه إلى تلاميذهم الأساقفة وأمروهم ليدهنوا هم والكهنة جميع المعمدين استعاضاً عن وضع اليد، وقد اقتبسوا استعمال دهن الميرون المقدس من العهد القديم (خر 30: 25). وإن تركيبه من العطور يرمز إلى عددية المواهب الروحية واختلاف أنواعها. ولهذه المسحة قوة سماوية فهي تعلّم المؤمنين كل شيء وعلى المؤمنين أن يتمسّكوا بكل ما علّمتهم هذه المسحة على حد قول الرسول يوحنا القائل: «وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلى أن يعلّمكم أحد بل كما تعلّمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء وهي حق وليست كذباً كما علّمتكم تثبتون فيه»(1يو 2: 27). وعندما نعقد المقارنة بين هذا الكلام عن المسحة المقدسة وبين كلام الرب يسوع عن العماد بالروح القدس بقوله:«لأن يوحنا عمّد بالماء وأما أنتم فستتعمّدون بالروح القدس» (أع 1: 5) نكتشف الربط الموجود بين عمل المسحة ومفاعيلها وعمل الروح القدس، فالمسحة هي العلامة الظاهرة المنظورة لسر مفاعيل الروح القدس الذي لا يرى ولا يحسّ به ولكن تأثيره يظهر في المؤمنين. قال الرب يسوع لنيقوديموس: «لا تتعجب أني قلت لك ينبغي أن تولدوا من فوق، الريح تهبّ حيث تشاء وتسمع صوتها لكنك لا تعلم من أين تأتي ولا إلى أين تذهب هكذا كل من وُلد من الروح»(يو 3: 7و8). وقد كشف الرب يسوع النقاب عن رسالة الروح القدس في العالم في تعليم الرسل وإرشادهم وتذكيرهم بما علّمهم الرب يسوع إياه قائلاً: «أما المعزّي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكّركم بكل ما قلته لكم»(يو 14: 26) «ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معي من الابتداء» (يو 15: 26و27). فعمل المسحة هو عمل الروح القدس ذاته. لنتتبع عمل الروح القدس منذ البدء «فروح اللّه كان يرف على وجه المياه»(تك 1: 2) وروح الرب حلّ على الأنبياء والأتقياء في العهد القديم، والمسحة صنعها موسى بناء على أوامر اللّه لمسح هرون والكهنة والمذابح والأواني المقدسة. كما استعملت هذه المسحة لمسح الملوك فعندما أرسل النبي صموئيل إلى يسى وطلب من هذا أن يأتي بأبنائه لم يُبدِ قرن الزيت أي علامة حتى جاء الفتى داود ففاض الزيت الذي يمثّل الروح القدس وبذلك أعطى علامة للنبي أن اللّه قد اختار داود ملكاً ونبياً فسكب النبي الزيت على رأس داود وكرّسه. فقد كان في الزيت قوة روحية وتأثير واضح فهو الذي يرشد ويعلّم ويقدّس. وفي العهد الجديد نزل الروح القدس من السماء بهيئة جسمية مثل حمامة على الرب يسوع على أثر خروجه من الماء بعد أن اعتمد من يوحنا ولذلك عندما دخل مجمع الناصرة وفتح السفر ليقرأ وجد الآية المقدسة التي قالها النبي إشعياء قبل الميلاد بثمانية قرون على لسانه له المجد فتلا نصها وهو «روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشّر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق و للعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية» (لو 4: 18). قال مجمع اللاذقية: «يجب على المستنيرين بأن يمسحوا بعد المعمودية بالمسحة السماوية ويصيروا مساهمين لملكوت اللّه» (قانون 48) لذلك يمسح الأطفال أيضاً بعد عمادهم مباشرة. ويجب ألاّ نحرم الأطفال من موهبة سرّ الميرون المقدس كما لم نحرمهم من المعمودية وإن اللّه تعالى لم يمنع نعمته عن الأطفال بل انه أنعم على بعض مختاريه أنه اختارهم وهم بعد في بطون أمهاتهم، كما أجزل نعمته لصموئيل الصغير إذ قيل «وكان صموئيل يخدم أمام الرب وهو صبي وعملت له أمه جبة صغيرة» (1صم 2: 18) كما أنّ اللّه تعالى قدّس إرميا قبل أن يخرج من الرحم (ار 1: 5) وكما فرز بولس من بطن أمه (غل 1: 5) أما يوحنا المعمدان فقد امتلأمن الروح القدس وهو في بطن أمه (لو 1: 15) وقد أحبّ الرب يسوع الأطفال الصغار وقال لتلاميذه: «دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات»(مت 19: 14). تهيئة مادة الميرون: يطبخ البطريرك نفسه المزيج الذي تتكون منه مادة الميرون ويكرّسه ويقدّسه بحسب الطقس السرياني العريق ويعاونه في القيام بهذا الطقس اثنان من المطارنة على الأقل، وقبل أن يختم الطقس الخاص بالتقديس يضيف إليه البطريرك البلسمَ ثم شيئاً من الميرون القديم الذي تحتفظ به الكنيسة وابتدأت تستعمله منذ عهد الرسل وتضيفه إلى الميرون الجديد كلما احتفلت بتقديس ميرون جديد. أما صورة سر الميرون فهي العبارات التي تتلى أثناء مسح المعمد به: الميرون المقدس، ختم موهبة الروح القدس وإكمال سرّ المعمودية، ليختم فلان بالميرون المقدس باسم الآب والابن والروح القدس. وخادم السر هو أحد رجال الاكليروس الشرعيين. ثمار سر الميرون ومفاعيله: يمنح سر الميرون المقدس المؤمن المعمَّد مواهب الروح القدس من ذلك: إنارة العقل والمعرفة وقوة الإرادة في العبادة والثبات على الإيمان، وبهذا الصدد يقول الرسول يوحنا: «وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء» (1يو 2: 20) ويقول الرسول بولس: «ولكن الذي يثبّتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو اللّه» (2كو 1: 21و22). سر القربان المقدس هو سر مقدّس به يتناول المؤمن جسد الرب يسوع المسيح المقدس ويشرب دمه الأقدس تحت أعراض الخبز والخمر ليتّحد بالمسيح ويثبت فيه ويرث الحياة الأبدية إتماماً لوعد الرب يسوع القائل: «الحق الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم»(يو 6: 53). وقد أسّسه الرب يسوع نفسه ليلة آلامه وسلّمه إلى تلاميذه ويضيف الرسول متى على ذلك بقوله: «وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسّر وأعطى التلاميذ وقال: خذوا كلّوا هذا هو جسدي وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً: اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا» (مت 26: 26و27و28). وبناء علىذلك مارس الرسل هذه الذبيحة الإلهية غير الدموية. فالرسول بولس يقول لأهل كورنثوس: «لأنني تسلّمت من الرب ما سلّمتكم أيضاً أن الرب يسوع في الليلة التي أُسْلِم فيها أخذ خبزاً وشكر فكسر وقال: خذوا كلّوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم اصنعوا هذا لذكري كذلك الكأس أيضاً بعدما تعشوا قائلاً: هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي اصنعوا هذا كلما شربتم لذكري فإنكم كلما أكلتم هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء»(1كو 11: 23 ـ 27). الاستعداد لتناول القربان المقدس: يحرّض الرسول بولس المؤمنين على الاستعداد الروحي والجسدي الكاملَين قبل التقدم إلى تناول القربان المقدس فيقول: «إذاً أي من أكل هذا الخبز أو شرب كأس الرب بدون استحقاق يكون مجرماً في جسد الرب ودمه ولكن ليمتحن الإنسان نفسه وهكذا يأكل من الخبز ويشرب من الكأس لأن الذي يأكل ويشرب بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه غير مميّز جسد الرب»(1كو 11: 27 ـ 29) فعلى المؤمنين أن يميزوا جسد الرب ودمه وأن يعرفوا جيداً أنهما شركة المؤمنين بالمسيح وبالكنيسة وببعضهم بعضاً ويشرح الرسول بولس ذلك بقوله: «كأس البركة التي نباركها أليست هي شركة دم المسيح الخبز الذي نكسره اليس هو شركة جسد المسيح» (1كو 10: 16). هكذا تسلّمنا من الرسل والآباء القديسين بأننا بالإيمان نتناول جسد المسيح ودمه تحت أعراض الخبز والخمر بعد تقديسهما وليس ذلك مُجازاً ولا رمزاً بل حقيقة واضحة وعقيدة سمحة. لذلك فقبل أن يتقدم المؤمن لتناول القربان المقدس عليه أن يقدم التوبة النصوح والندامة التامة والتصميم على عدم العودة إلى الخطايا، وأن يؤمن بأن هذا السر هو جسد المسيح ودمه الأقدسان فيتقدّم لتناولهما بإيمان واحترام ونقاوة الضمير وأن ينقّي جسده ليكون طاهراً ومتمسّكاً بالصوم القرباني فإذا كان التناول صباحاً فبدء الصوم القرباني يكون من الساعة الثانية عشرة نصف الليل ويسمح للمرضى الذين عليهم أن يتناولوا أدوية صباحاً أن يصوموا فقط ثلاث ساعات قبل البدء بالقداس الإلهي. وإذا أُقيم القداس الإلهي بعد الظهر يسمح للجميع الصوم ثلاث ساعات فقط قبل البدء به. أما بعد التناول فيجب على المؤمن أن يقدم الشكر للّه الذي أنعم عليه بهذه النعمة العظيمة. ويجتهد في سبيل الثبات على حالة النعمة بالمسيح ليثبت فيه المسيح وليستحق أن يرث مع المسيح الحياة الأبدية إتماماً لوعده الإلهي القائل: «إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان و تشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم، من يأكل جسدي و يشرب دمي فله حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير»(يو 6: 53و54) فبناء على كلام الرب نحن نؤمن بأن القربان المقدس سرّ إلهيّ يحوي حقيقة جسد المسيح ودمه وإن هذه الذبيحة هي حقيقة استغفارية تقدّم من أجل جميع المؤمنين الأحياء منهم والأموات ويجب على كل مسيحي أن يتناولهما كليهما معاً. بحسب عقيدة كنيستنا إن تقديس عنصري الخبز والخمر واستحالتهما إلى جسد المسيح ودمه في القداس الإلهي يتمّ ويكمّل بصلاة دعوة الروح القدس وليس بمجرد الألفاظ السيدية التي إنما يتلوها الكاهن المقرِّب بنوع الإخبار. وبعد التقديس نتناول جسد المسيح ودمه تحت شكلي الخبز الخمر. إن مادة سرّ القربان المقدس هي الخبز المختمر المصنوع من القمح الذي يدعوه الكتاب المقدس خبزاً ولا نقدم فطيراً. كما نقدم الخمر الحمراء المعتقة المصنوعة من عصير الكرمة الممزوجة بالماء. ذلك أن الرب يسوع عندما سلّم تلاميذه هذا السر المقدس قال: «خذوا كلوا هذا هو جسدي» (مت 26: 26) وأما الكأس الحاوية الخمر الحمراء المعتقة فناولهم إياها وأمرهم قائلاً: «اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي» (مت 26: 27و28). وقال «كلكم» لأنه كان فيهم من لا يشربون الخمر لأنهم كانوا من تلاميذ يوحنا المعمدان سابقاً الذين نذروا ألاّ يشربوا الخمر طيلة أيام حياتهم. ولكن تلك الخمر الحقيقية التي قدّمها لهم الرب يسوع كانت قد تحوّلت إلى دمه الأقدس، وقد آمن التلاميذ بذلك وتناولوا دم المسيح تحت شكل الخمر، كما أنهم سلّموا بعدئذ المؤمنين سر القربان أي جسد المسيح ودمه (1كو 10: 16 و11: 27). فلا يجوز أن يمنع المؤمنون من شرب دم المسيح ويكتفوا بتناول الشكل الواحد دون الآخر. وقد اعتادت كنيستنا منذ أمد بعيد أن تغمس الجسد بالدم وتناول المؤمنين وبذلك يكونون قد تناولوا الجسد والدم حقاً. كما اعتدنا أيضاً منذ فجر المسيحية أن نناول الأطفال سر القربان المقدس بعد نيلهم سرّي المعمودية والميرون المقدس مباشرة، للموجبات التي تدفعنا لعمادهم ومسحهم بالميرون المقدس وهم أطفال. سر الكهنوت هو موهبة إلهية يُنعم اللّه بها على أناس يختارهم من بين المؤمنين ويدعوهم فيلبّون الدعوة ويكرّسون حياتهم لخدمته تعالى ويأخذون الرسامة الشرعية القانونية بعمل وقوة الروح القدس وبذلك ينالون سلطاناً يميّزهم عن غيرهم في أمر الولاية على كنيسته (مت 10: 1 ـ 15 ولو 10: 1 ـ 12) بحسب سلطة الدرجة التي ينالونها، ومنح أسرارها الإلهية لمن يستحقونها بانتظام من تعميد وتقديس وحلّ التائبين وعزل الخبثاء الشاذين والمبدعين والمجرمين غير التائبين، وإقامة الصلوات العامة وإرشاد المؤمنين ورعايتهم (يو 20: 21 ـ 23 وأع 20 و1بط 5). عندما كان الرب يسوع يكمّل تدابيره الإلهية في الجسد، انتخب له اثني عشر رسولاً وسبعين تلميذاً جاعلاً منهم وكلاء سرائره (1كو 4: 1) وأودع إليهم القيام بالخدم الدينية والأسرار الكنسية (لو 6: 13) وبهذا الصدد نقرأ في الإنجيل المقدس قوله: «ولما كان النهار دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر الذين سمّاهم أيضاً رسلاً»(لو 6: 13) «فتقدم يسوع وكلّمهم قائلاً: دفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس»(مت 28: 18و19) «فقال لهم يسوع أيضاً: سلام لكم كما أرسلني الآب أرسلكم أنا ولما قال هذا نفخ وقال لهم: اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت» (يو 20: 21 ـ 23). وبحسب تعليم بعض آبائنا أن الرب رسم رسله أساقفة عندما «أخرجهم خارجاً إلى بيت عنيا ورفع يديه وباركهم وفيما هو يباركهم انفرد عنهم وأصعد إلى السماء»(لو 24: 50و51) وبموجب الرسامة ينال الأسقف: سلطان التعليم والتبرير والتقديس والرعاية والقضاء والتعليم. وقد أسس الرب سر الكهنوت مباشرة بعد الإعلان عن تأسيس الكنيسة على أثر اعتراف الرسول بطرس به بأنه ابن اللّه الحي فقال لبطرس: «طوبى لك يا سمعان بن يونا إن لحماً ودماً لم يعلن لك لكن أبي الذي في السموات وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس و على هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السموات وكل ما تحلّه على الأرض يكون محلولاً في السموات» (مت 16: 17 ـ 19). وأشار الرسل إلى هذا السر وأقاموا قسوساً في كل مدينة (أع 13: 2و3) وجاء في سفر أعمال الرسل ما يأتي: «وبينما هم يخدمون الرب ويصومون قال الروح القدس: افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه، فصاموا حينئذ وصلّوا ووضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقوهما»(أع 13: 2و3). كما نقرأ عن انتخابهما قسوساً لإتمام الخدمة في الكنائس قول كاتب سفر أعمال الرسل عن بولس وبرنابا: «ثم رجعا إلى لسترة وإيقونية وأنطاكية يشددان أنفس التلاميذ ويعظانهم أن يثبتوا في الإيمان وأنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله وانتخبا لهم قسوساً في كل كنيسة ثم صلّيا بأصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد آمنوا به» (أع 14: 21 ـ 23). والرسول بولس يحث تلميذه تيموثاوس على رسامة الكهنة بقوله: «لا تهمل الموهبة التي فيك المعطاة لك بالنبوة مع وضع أيدي المشيخة» (1تي 4: 14). ويذكر الرسول بولس لتلميذه تيطس الشروط التي يجب أن تتوفر في القسس قائلاً: «وأما أنت فتكلم بما يليق بالتعليم الصحيح أن يكون الأشياخ صاحين ذوي وقار متعقلين أصحاء في الإيمان والمحبة والصبر» (تي 2: 1 ـ 2). ويقول الرسول بولس في رسالته إلى العبرانيين عن موهبة القسوسية: «ولا يأخذ أحد هذه الوظيفة بنفسه بل المدعو من الله كما هرون أيضاً»(عب 5: 4). كما يقول أيضاً: «فوضع الله أناساً في الكنيسة أولاً رسلاً ثانياً أنبياء ثالثاً معلمين ثم قواتٍ وبعد ذلك مواهب شفاء أعواناً تدابير وأنواع ألسنة»(1كو 12: 28) فالأساقفة الآن هم خلفاء الرسل نالوا الأسقفية بوساطة وضع اليد التي وضعت عليهم (أع 14: 23) وانتخبوا لهم قسوساً في كل كنيسة، وهذه الخلافة مستمرة. وبهذا الصدد يقول الرسول بولس: «وما سمعته مني بشهود كثيرين أودعه أناساً أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضاً»(2تي 2: 2). ففي كنيستنا ثلاث درجات كهنوتية واضحة في الإنجيل المقدس وهي: 1 ـ الأسقفية أي النظارة والرعاية الروحية العامة والسامية وهي تخصّ الرؤساء بين أعلى وأدنى في السلطة والعلاقات الإدارية وهي ثلاث رتب: البطريركية والمطرانية والأسقفية. 2 ـ القسوسية (أع 14: 23 وتي 1: 5): الراهب الكاهن (الربان) والخوري وهذا كان يسام قديماً كمعاون للأسقف على الأرياف وهو الآن المتقدم بالكهنة في الكنيسة الواحدة أو الأبرشية الواحدة، ثم رتبة القسيس. وصاحب هذه الرتبة بشكل عام يقدّم الأسرار المقدسة والخدم الروحية كلها ما عدا المختصّة بالأسقف التي منها رسامة الكهنة الشمامسة ومنح الوظائف الكنائسية في الأبرشية. ومما تجب ملاحظته أولاً: إن هذه الرتب الثلاث كانت موجودة في كهنوت العهد القديم الذي تغيّر بأكمل منه في العهد الجديد أي كان فيه أحبار وكهنة ولاويون. ثانياً: إن هذه الرتب الثلاث تشبه رتب الطغمات العلوية، فإنها ثلاث أيضاً ولذلك يقول القديس اقليميس الإسكندري: إن درجات الأساقفة والكهنة والشمامسة تشبه المجد الملائكي. ثالثاً: إن كل رتبة من هذه الرتب الثلاث ينطوي تحتها ثلاث درجات لتكون جملتها تسع على مثال رتب السماويين. 3 ـ الشماسية أي الخدمة للّه (أع 6: 6 و1تي 3: 8 ـ 10) ورتبها هي الشماس الإنجيلي والأفدياقون المسمّى الرسائلي ثم القارئ ثم المرتل كما أن الأرخدياقون هو رئيس الشمامسة كافة في الأبرشية الواحدة. إن خادم سر الكهنوت هو الأسقف وحده الذي له وحده حق وضع اليد على رأس المرتسم (أع 6: 6 و13: 2و3). وإن القسم المنظور من سر الكهنوت هو وضع يد الأسقف على رأس المرشّح للكهنوت والصلاة الخاصة لهذا السر إذ يطلب الأسقف لأجل المرتسم فتحلّ عليه النعمة من الروح القدس. أما القسم غير المنظور فهي النعمة التي ينالها المرتسم من اللّه وسلطان حل الخطايا وربطها والتعليم والتهذيب والتبرير والتقديس. إن ثمار سر الكهنوت هي حفظ درجات الكهنوت في الكنيسة والالتزام بحفظ النظام والعمل بالواجبات والامتيازات للرعاة والرعايا، وتوزيع الرعاة نِعَم اللّه وبركاته على الرعايا وممارستهم أسرار الكنيسة السبعة طبقاً لما يحق لهم بدرجاتهم ورتبهم الكهنوتية، وتعليم المؤمنين حقائق الدين المسيحي المبين والتحلي بالفضائل السماوية السامية ليقيموا من أنفسهم قدوة صالحة للمؤمنين بالكرازة بالإنجيل المقدس وبالكلام والعمل فيتمجّد بهم اسم الآب السماوي. وإكرام المؤمنين ذوي الرتب الكهنوتية ومحبة الإكليروس للمؤمنين وسعيهم لخلاص نفوسهم «لأن كل رئيس كهنة مأخوذ من الناس يقام لأجل الناس في ما للّه لكي يقدم قرابين وذبائح عن الخطايا قادراً أن يترفق بالجهال والضالين إذ هو أيضاً محاط بالضعف ولهذا الضعف يلتزم أنه كما يقدم عن الخطايا لأجل الشعب هكذا أيضاً لأجل نفسه» (عب 5: 1 ـ 3). فعلى الكهنة والأساقفة أن يهتموا بخلاص نفوس المؤمنين وعلى المسيحيين المؤمنين أن يكرّموا كهنتهم ورعاتهم لأنهم خدّام المسيح ووكلاء أسرار اللّه (1كو 4: 1) وبهذا الصدد يقول الرسول بولس: «نسألكم أيها الإخوة أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم و يدبرونكم في الرب وينذرونكم» (1تس 5: 12 وعب 13: 7). وقد قال الرب يسوع لهم: «من يقبلكم يقبلني» (مت 10: 40) و«الذي يسمع منكم يسمع مني والذي يرذلكم يرذلني» (لو 10: 16) فإكراماً للرب يسوع يكرم خدامه. سر التوبة والاعتراف إن التوبة هي رجوع الخاطئ إلى اللّه وطلب المغفرة منه تعالى بانسحاق القلب والندامة الصادقة والتصميم على عدم العودة إلى الخطية ثم الاعتراف بالخطايا كافة أمام الكاهن الشرعي وقبول ما يضعه الكاهن على التائب من قانون يعد علاجاً للتائب فيحصل التائب على المغفرة من الرب. ويستحيل أن ينال الخاطئ الغفران من الرب بدون التوبة الصادقة، كما أنه بعيد عن روح المسيحية وعن عقائدها السمحة أن يباع الغفران أو يُوهب من أحد عن خطايا سالفة أو مزمعة بأي ثمن كان أو أية طريقة كانت. وللرب يسوع وحده سلطان على الأرض لمغفرة الخطايا (مت 9: 6) وقد منح له المجد هذا السلطان لرسله الأطهار وتلاميذه الأبرار وخلفائهم من بعدهم بقوله للرسل: «الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء و كل ما تحلّونه على الأرض يكون محلولاً في السماء» (متى 18 : 18 ويع 5: 4 ـ 16) وقد كرر الرب يسوع منحه هذا السلطان لتلاميذه عندما ظهر لهم في العلية بعد قيامته من بين الأموات وقال لهم: «سلام لكم كما أرسلني الآب أرسلكم أنا ولما قال هذا نفخ وقال لهم: اقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت» (يو 20: 21و23). إن القوانين التي يفرضها الكاهن على التائب ليست لأجل وفاء العدل الإلهي حقه فإن الرب يسوع قد وفى الآب السماوي حقه وفاءً أبدياً دائماً بموته مرة واحدة عن البشرية، فهذه القوانين إذن تفرض كعلاجات للأمراض الروحية ولكي يدرك الخاطئ شدة فظاعة الخطية. شروط التوبة: التوبة الحقيقية المقبولة هي شعور التائب بثقل خطيته مبدياً بغضة وكراهية لها، ويقرّ بجميع خطاياه ويقبل بالموت بالحري من أن يعود إلى الخطي ة وأن يستمرّ في حال التوبة وهي انسحاق القلب والندامة على الخطية كما فعل الابن الشاطر الذي قال: «أقوم وأذهب إلى أبي وأقول له يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقاً بعد أن أدعى لك ابناً اجعلني كأحد أجراك (عبيدك) فقام و جاء إلى أبيه»(لو 15: 18 ـ 20). ثم يعترف بخطاياه كافة أمام الكاهن الشرعي ويقرن ذلك بالاعتراف الشفوي بالخطايا بخضوع وحزن على ما صدر منه من الرذائل، ويقر بصراحة بكل ما صدر عنه من الخطايا ليصح علاجه الروحي، قال الرسول يوحنا: «إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم»(1يو 1: 9) وقال الرسول يعقوب: «اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات وصلّوا بعضكم لأجل بعض»(يع 5: 16). كان الرسل يوقعون التأديبات على الخاطئ بدليل ما جاء في (2كو 2: 6) مثل هذا القصاص ليس للعقاب بل لأجل إصلاح السيرة، كما قال يوحنا المعمدان للذين جاؤوا يعتمدون منه معمودية التوبة: «اصنعوا ثماراً تليق بالتوبة» (مت 3: 8). وأن يعزم بألاّ يعود إلى ارتكاب الآثام كما أوصى الرسول بطرس بقوله: «فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تـأتي أوقات الفرج من وجه الرب»(أع 3: 19). وأن يقبل التائب حلّ الكاهن بإيمان بالمسيح يسوع والرجاء الوطيد في تحننه لأن «ليس بأحد غيره الخلاص» (أع 4: 12). نتائج سر التوبة والاعتراف: إن الخاطئ يفقد الطمأنينة والسلام ويهيمن عليه الخوف والقلق، ويشعر بأن اللّه قد تخلّى عنه فيضطرب وهو يتوقع العقاب منه تعالى في كل لحظة ولكن عندما يتوب توبة صادقة ويعترف بخطاياه أمام الكاهن الشرعي يزاح عن كاهله ثقل الخطية حيث قد لبّى نداء الرب يسوع القائل:«تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم احملوا نيري عليكم وتعلّموا منّي لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم»(مت 11: 28و29). ولا غرو من ذلك فإن ملائكة السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب (لو 15: 10) ويبتهج التائب إذ يشعر بأن خطاياه قد غفرت (مز 32: 5)، وقد قال حزقيال النبي على لسان الرب: «فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها وحفظ كل فرائضي و فعل حقاً وعدلاً فحياة يحيا لا يموت، كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه، في بره الذي عمل يحيا» (حز 18: 21و22). كما أن التائب ينال الخلاص مثل زكا العشار الذي قال له الرب وهو في بيته: «اليوم حصل خلاص لهذا البيت إذ هو إيضاً ابن ابراهيم»(لو 19: 9) وكما نال العشار التائب نعمة التبرير كما جاء عنه في مثل الفريسي والعشار وقال عنه الرب يسوع: «أقول لكم إن هذا نزل إلى بيته مبرراً دون ذاك»(لو 18: 14). كما يحصل التائب على المصالحة مع اللّه كقول الرسول بولس: «فإذ قد تبرّرنا بالإيمان لنا سلام مع اللّه بربنا يسوع المسيح»(رو 5: 1)، «لأنه هو سلامنا الذي جعل الاثنين واحداً ونقض حائط السياج المتوسط» (أف 2: 14)، وأخيراً يفوز بالحياة الأبدية كاللص التائب الذي قال له الرب: «الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس»(لو 23: 43)، ويستردّ التائب رتبة البنوة التي فقدها بخطيته كما نالها الابن الشاطر الذي بذّر ماله بعيش مسرف... وجاع فرجع إلى نفسه وقال: كم من أجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعاً أقوم وأذهب إلى أبي وأقول له يا أبي أخطأت إلى السماء وقدامك ولست مستحقاً بعد أن أدعى لك ابناً اجعلني كأحد أجراك فقام وجاء إلى أبيه... فقال الأب لعبيده أخرجوا الحلّة الأولى وألبسوه واجعلوا خاتماً في يده وحذاء في رجليه وقدموا العجل المسمّن واذبحوه فنأكل ونفرح لأن ابني هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوجد فابتدأوا يفرحون (لو 15: 11 ـ 23). فعلينا أن نبادر بالتوبة لنتجدد، ولا نتردد في الاعتراف بخطايانا بعضنا لبعض، وأخيراً أمام الكاهن الشرعي لنتخلّص من الخطية وننال الصفح عنها ونحيا للبر لنكون أبناء اللّه بالنعمة وورثة لملكوته السماوي. ســــر الـــزواج سر الزواج هو سر مقدس، يعقده الكاهن الشرعي بين الرجل والمرأة المسيحيين برضاهما (2كو 6: 14) فينالان النعمة الإلهية الضرورية لقيام الزواج المسيحي وتقديسه. والزواج عامة هو ناموس طبيعي أسسه اللّه تعالى منذ البدء بدليل قول الكتاب: «ذكراً وأنثى خلقهم، وباركهم اللّه وقال لهم: اثمروا واكثروا واملأوا الأرض»(تك 1: 27و28) كما يظهر من قول الرب يسوع للذين سألوه عن الطلاق: «أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بإمرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً إذاً ليسا بعد اثنين بل جسد واحد فالذي جمعه الله لا يفرّقه إنسان»(مت 19: 4 ـ 6). وبارك الرب يسوع سنّة الزواج بحضوره في عرس قانا الجليل. وأشار الرسول بولس إلى الزواج بقوله:«هذا السر عظيم» (أف 5: 32). وشبهه باتحاد المسيح بالكنيسة. وفي سر الزواج المقدس يحصل الزوجان بنعمة الروح القدس على الفوائد المباحة شرعاً والتعاون على الحياة معاً بطهر ونقاء وقداسة، وطلب الذرية الطاهرة الصالحة. لا يجوز فك رباط الزواج المسيحي (مت 19: 6 ـ 8) و(1كو 7: 2 ـ 5) فالذي جمعه اللّه لا يفرّقه إنسان. وعند الضرورة يفسخ عقد الزواج لعلة الخيانة الزوجية (مت 5: 32) ولأسباب أخرى غاية في الأهمية يحددها النظام الكنسي وقانون الأحوال الشخصية. وقد أجيز حفاظاً على الآداب وصيانة للزوجين لئلا تؤدي الخلافات بينهما إلى فجور الزوجة أو فسق الزوج. إن البتولية أفضل من الزواج إن استطاع الإنسان أن يحفظ نفسه طاهراً. قال الرسول بولس: «أنت مرتبط بامرأة فلا تطلب الانفصال، أنت منفصل عن امرأة فلا تطلب امرأة»(1كو 7: 27) «فأريد أن تكونوا بلا همّ، غير المتزوج يهتمّ في ما للرب كيف يرضي الرب»(1كو 7: 32). تقدس الكنيسة الرهبنة أي بتولية الرهبان والأساقفة، وتفرض الزواج على كهنة خدمة الرعايا. ولا تأذن لهم بالزواج ثانية عند ترملهم كما قرّر المجمع النيقاوي عام 325م. سر مسحة المرضى هو مسح الكاهن الشرعي المؤمن المريض بزيت سبق تقديسه على يد الأسقف بنعمة الروح القدس كما يطلب الكاهن من اللّه تعالى ليمنّ على المريض بالشفاء من أمراضه الجسدية والروحية (يع 5: 14و15). إن تقديس زيت مسحة المرضى منوط فقط برؤساء الكهنة بحسب الطقس الكنسي وبعد التقديس يصير المادة القانونية لسرّ مسحة المرضى. وهذا السر يتقوى به المريض وتغفر خطاياه وفقاً لما جاء في الإنجيل المقدس (مر 6: 13) أما خادم السر فهو الكاهن الشرعي. كما قال يعقوب الرسول: «أمريض أحد بينكم فليدعُ شيوخ الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب وصلاة الإيمان تشفي المريض والرب يقيمه وإن كان قد فعل خطية تغفر له»(5: 14 ـ 15). وقد مارس رسل الرب الأطهار وتلاميذه الأبرار هذا السر بناء على أمر الرب يسوع لهم. فإنهم دهنوا بزيت مرضى كثيرين فشفوهم. وعلى المؤمن المريض أن يقدم التوبة الصادقة والندامة معترفاً بخطاياه. هذه المسحة إذن للمؤمن المريض ومن الخطأ اقتصارها على المشرف على الموت فهي ليست مسحة موتى بل مسحة مرضى. وإلى جانب سر مسحة المرضى الذي يستعمل به الزيت الذي سبق تقديسه من الأسقف، لدينا نحن السريان طقس القنديل الذي يقوم بإتمام طقسه بتقديس زيت يشترك بإتمام طقسه كهنة عديدون ثم يمسحون به المريض المؤمن ويُعتبر هذا الطقس أيضاً بمثابة توبة وندامة ونيل المغفرة على ما اقترفه المؤمن من خطايا. إن طلب العلاج الروحي قبل الجسدي ضروري جداً كما جرى للمخلّع الذي حمله أربعة من رفقائه إلى يسوع فشفى الرب روحه قبل جسده وغفر له خطاياه فنال شفاء الجسد بعد أن نال مغفرة الخطايا وقال له الرب يسوع: «أنت قد برئت فلا تخطئ أيضاً لئلا يكون لك أشر»(يو 5: 14). فعلى المريض المؤمن أن يطلب أولاً شفاء النفس بالعلاج الروحي ثم علاج الجسد «لأن الرب لم يعطِ الطبيب حكمة عبثاً». الخـــاتمـــــة هذا ما عنّ لنا أن ندوّنه باختصار، وباسلوب سهل، وكلمات بسيطة، في موضوع أسرار الكنيسة السبعة ليدرك المؤمنون القوة الروحية الكامنة في كل سر من هذه الأسرار، فيمارسونه بإيمان لكي ينالوا النِعَم السماوية باستحقاق. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في أصل عبادة قلب يسوع الأقدس وانتشارها أخذت عبادة قلب يسوع الأقدس مبدأها مع ابتداء الكنيسة المقدسة عينها، ونشأت عند أسفل الصليب ، لأن مريم هي أول من سجدَ لهذا القلب المطعون لأجلنا ، ثم ان يسوع المسيح من بعد قيامته ظهرَ لتلاميذه المجتمعين وأراهم جرح جنبهِ، وأمر توما بأن يضع فيهِ أصبعه. ومن ثُمَ رأينا أعظم قديسي العصور الأولى وما بعدها قد تعمقوا في بحر هذه العبادة الى حين شاء الله فأوحاها بطريقة خصوصية وشرّفَ بها الأزمان المتأخرة. أما العبادة الجهرية العمومية لقلب يسوع الأقدس فقط حفظت لأهالي القرن السابع عشر وفخراً لمملكة فرنسا التي فيها نشأت. أما النفس السعيدة التي اختارها الله وأوعز بواسطتها هذه العبادة فهي راهبة تقية من رهبانية الزيارة، تفردت بصدق حبها وخلوص تقواها ، أسمها مرغريتا مريم ( 1647 – 1690 )، فظهر لها يوماً المخلص وقال لها : (( هاهو ذا القلب الذي أحب البشر كل هذا الحب ، حتى انه افنى ذاته دلالة على حبه لهم ، وأنا لا أرى منهم عوض الشكران سوى الكفران والأحتقار والأهانات والنفاق والبرودة نحو سر محبتي، والذي يحزنني كل الحزن ان ذلك يصدر من قلوب خصصت ذاتها لي. ولهذا اطلب ان يُعيد في اليوم الثامن بعد عيد سر جسدي ( عيد القربان ) وهو يوم الجمعة، عيداً لأكرام قلبي، وليتناول فيهِ المؤمنون جسدي تعويضاً عن خطاياهم التي بها يهينون سر محبتي حينما يكون مصموداً على المذابح المقدسة، وها أنا ذا أعدك بأن قلبي يمنح نعماً كثيرة وبركات غزيرة لأولئك الذين يكرمونه أو يسعون في اكرامه عيى هذه الصورة )) . أجابته تلك المتواضعة قائلة : (( ربي وإلهي من اتخذت لقضاء هذا العمل العظيم، أخليقة مسكينة خاطئة ؟ فما أكثر النفوس البارة القادرة على قضائه )) . فقال لها يسوع : (( أفما تعلمين اذن انني لا أستعمل إلا الوسائط الضعيفة لأخزي الأقوياء. وأنني اظهر قدرتي على يد المساكين بالروح لكي لا ينسبوا من ذلك شيئاً لنفوسهم )). فأجابته حينذ مرغريتا مريم : (( أعطني اذاً يا مولاي، أعطني واسطة بها أقدر أن أعمل ما أمرتني به )) . فقال لها : (( اذهبي الى عبدي الأب كلمبيار ( وهو يسوعي ومرشدها الروحي ) وقولي له من قِبلي ان يهتم بنشر هذه العبادة فيسر بها قلبي ، ولا يقشل اذا ما أذابته بعض الصعوبات إذ لابد من المشاق بل ليتيقن ان كل من اعتمد عليّ لا على ذاته كان قادراً على كل شيء لا محالة .أما ما كان من أمر الاب كلمبيار فأنه إذ كان يثق بقداسة هذه الراهبة وتاكدت لديه صحة حوارها مع المخلص ، همّ بنشر هذه العبادة الخالية من كل شبهة واراد ان يكون بكر التلاميذ لقلب يسوع الأقدس. فخصص بهذا القلب وبالحب الواجب له الجمعة الأولى التابعة للأيام الثمانية التي تعقب عيد القربان المقدس ، وهو اليوم الواقع في 12 / حزيران / 1675 م. فمنذ ذلك اليوم تشيدت أركان هذه العبادة على رغم كثرة المقاومات واشتداد المحاربات، ونمت واتسعت ولا سيما بعد ان ثبتها الأحبار الأعظمون. خبر في سنة 1680 م أتفق للأب يوسف غاليفا عند اتمامه سنتي الأبتداء الرهباني ان يكون في ارشاد الطوباوي الأب كلاوديوس كلمبيار اليسوعي مرشد القديسة مرغريتة مريم ، ومنه أستقى مبادئ العبادة لقلب يسوع وارشاداتها ومن ثم تاصلت هذه العبادة في قلبه تأصلاً وشغف بحبها. فعندَ ختامه درس اللاهوت ارسل إلى دير القديس يوسف في مدينة ليون واذ كان يخدم المرضى فيها أعترته حمّى ضديدة ألقته بعد بضعة أيام على أبواب الأبدية، فيئس الأطباء من شفائه وتأكدو دنو رحيله. ثم غاب عن حواسه وأخذ ينازع، والحاضرون ينتظرون دقيقة تسليمه الروح. فلما شاهد ذلك أحد أصحابه المشهود لهم بالتقوى والقداسة توجه بالهام الهي إلى القربان المقدس وقدّمَ هناك نذراً عن المريض وهو أن شاءت ارادته وأذنت بشفاء الأب غاليفا فسيقضي هذا الأب المريض ما يتبقى له من الحياة في تجيد قلب يسوع الاقدس فأستجاب الله دعاءه وشفى المريض، وحيث انه كان يجهل النذر المذكور عرضوه عليه خطاً عند زوال خطره فوافقهم عليه بكل سرور معتبراً ذاته من ذلك الحين جندياً خاصاً انتخبته العناية الربانية لخدمة قلب يسوع الأقدس وخصص ذاته بجملتها بتمجيده. إكرام حث الذين تحت أمرك ومن يصغي لمقالك على الاحتفال بعيد قلب يسوع الأقدس وفيه أقترب من المائدة المقدسة لتُكفر عن جميع الأخطاء المرتكبة اهانة لسر القربان المقدس. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) اني وجدتُ قلب خليلي اللطيف يسوع المحبوب صلوات تتلى في كل يوم من الشهر المخصص بعبادته الجليلة فعل التكريس لقلب يسوع الأقدس يا قلب يسوع الهي المسجود له الممتلئ قداسة ورحمة .انني أجسر ان اهدي لك لأنك قلب قدوس القديسين وما قلبي الا ضعيف ومائل الى الخطأ ومع ذلك فإني واثق بأن رحمتك الغريزة تقبله مني لتطهره وتصلحه وتقدسه. يا معلمي المحبوب اني اهدي لقلبك الأقدس ذاتي بجملتها وكل ما أنا حاصل عليه واملكه اي حياتي و موتي وعقلي وتمييزي وضميري ومخيلتي وارادتي ولا سيما قلبي مع جميع حركاته وأشواقه، أهدي لك جسدي وحواسي وأقوالي وأعمالي وجميع أشغالي وأفراحي وآلامي، وبالنتيجة اني اهدي ذاتي واكرسها بجملتها لقلبك الأقدس من الآن وحتى الأبد. هذا واني بكل سرور اعدك بأني سأكرم قلبك الأقدس وأسجد له كل أيام حياتي وسأجتهد بنشر أسمه واكرامه وجذب القلوب الى محبته. ان قلبك الألهي الموجود حقيقة مع ناسوتك المقدس تحت السر العجيب سيكون منذ الآن وصاعداً ملجأي وراحتي وتعزيتي ورجائي ومحبتي. يا مخلصي الحبيب ليكن قلبك تتمة سجودي وشكري وصلواتي وتوبتي وليكن قلبك تتمة سجودي وشكري وصلواتي وتوبتي وليكن لي كل شيء، أي نوري وقوتي وسندي ومقري وحياتي. وانت ايتها العذراء الحبل بلا دنس، أمي وسيدتي العزيزة اني اقدم هذا التكريس على يديك المباركتين، واجسر ان اطلب منكِ ان تحفظيني الى النفس الأخير من حياتي أميناً لابنكِ الحبيب الذي تجب لهُ المحبة والمجد الى دهر الداهرين، آمين. طلبة قلب يسوع الأقدس كيرياليسون كريستاليسون يا ربنا يسوع المسيح أنصت إلينا يا ربنا يسوع المسيح استجب لنا أيها الآب الأله السماوي ارحمنا أيها الابن مخلص العالم ارحمنا أيها الروح القدس الإله ارحمنا أيها الثالوث القدوس الإله الواحد ارحمنا يا قلب يسوع المتحد بالكلمة الإلهية ارحمنا يا قلب يسوع مقدس اللاهوت ارحمنا يا قلب يسوع لجة الحكمة ارحمنا يا قلب يسوع بحر الجودة ارحمنا يا قلب يسوع كرسي الرحمة ارحمنا يا قلب يسوع الكنز غير الفاني ارحمنا يا قلب يسوع الذي من ملئه ننال النعم كلنا ارحمنا يا قلب يسوع صلاحنا وسلامنا ارحمنا يا قلب يسوع مثال جميع الفضائل ارحمنا يا قلب يسوع المحب والمحبوب إلى الغاية ارحمنا يا قلب يسوع ينبوع الحياة الأبدية ارحمنا يا قلب يسوع سرور الآب الأزلي ارحمنا يا قلب يسوع المضحي عن آثامنا ارحمنا يا قلب يسوع المملوء مرارة من أجلنا ارحمنا يا قلب يسوع الحزين حتى الموت ارحمنا يا قلب يسوع المجروح بالمحبة ارحمنا يا قلب يسوع المطعون بالحربة ارحمنا يا قلب يسوع السافك دمه من اجلنا ارحمنا يا قلب يسوع المنسحق من اجلنا ارحمنا يا قلب يسوع المهان في سر محبته المقدس ارحمنا يا قلب يسوع ملجأ الخطأة ارحمنا يا قلب يسوع قوة الضعفاء ارحمنا يا قلب يسوع تعزية الحزانى ارحمنا يا قلب يسوع ثبات الصديقين ارحمنا يا قلب يسوع خلاص الراجين بك ارحمنا يا قلب يسوع رجاء المائتين فيك ارحمنا يا قلب يسوع الحماية الطيبة لمكرميه ارحمنا يا قلب يسوع نعيم جميع القديسين ارحمنا يا قلب يسوع نعيم جميع القديسين ارحمنا يا قلب يسوع عوننا في الشدائد ارحمنا يا حمل الله الحامل خطايا العالم انصت إلينا يا حمل الله الحامل خطايا العالم استجب إلينا يا حمل الله الحامل خطايا العالم ارحمنا كرياليسون كريستاليسون يا يسوع الوديع والمتواضع القلب إجعل قلبنا مثل قلبك فعل تخصيص لقلب يسوع الأقدس يا يسوع فاديّ الحبيب، إني اهدي لكَ قلبي فضعهُ في قلبك الأقدس، إذ في هذا القلب الطاهر اشتهيت السكنى وبه قصدتُ أن احبك. بهذا القلب الأقدس رمتُ ان يجهلني العالم لتعرفني انت وحدك فقط. من هذا القلب الأقدس أستمد حرارة حب أغني به قلبي. في هذا القلب الأقدس أجد القوة والأنوار والشجاعة والتعزية التامّة. فأن ضعفتُ قوّاني ، وان ذبلتُ أحياني، وان حزنتُ عزّاني، وان قلقتْ سكنّ روعي. يا قلب يسوع الأقدس ليكن قلبي هيكلاً لحبك وليذع لساني جودك ولتثبت عيناي دائماً في جروحك .وليتأمل عقلي كمالك، ولتتذكر ذاكرتي عظم مراحمك ، وليعبر كل ما بي حبي الجزيل لقلبك وليكن قلبي مستعداً لاحتمال كل شيء والتضحية بكل شيء حباً لك. يا قلب مريم الطاهر، يا أشهى القلوب وأحنّها وأقدرها بعد قلب مخلصي الحبيب. قدمي يا بتولاً طاهرة إلى قلب ابنك الحبيب تخصيصنا به وحبنا له ومقاصدنا كلها، فأنه يشفق على بؤسنا ويتحنن على شقائنا ، فينجينا من بلايانا حتى اذا ما كنتِ شفيعتنا ومحامية عنا في وادي الشقاء أصبحتِ ملكتنا في دار البقاء، آمين. الصلاة ايها الإله الضابط الكل السرمدي، انظر إلى قلب ابنك الحبيب وإلى المجد والوفاء اللذين يؤديهما إليك عن الخطأة وهدئ غضبك وأغفر لنا نحن الطالبين رحمتك باسم ربنا يسوع المسيح ابنك الوحيد الذي يحيا ويملك معك ومع روحك القدوس الى أبد الآبدين ، آمين. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في محبة قلب الله أوحى الله الينا منذ عهد مديد بأن له قلباً. أجل ان لله قلباً ، وقد سمعنا بذلك إذ يقول في الكتاب المقدس عن داؤد عبده : (( انه رجل مثل قلبه )) ( 1 صمو 14:13 ) وأعلن لسليمان الملك يوم تدشينه هيكل اورشليم الفخم : (( ان قلبه يكون فيه كل الأيام )) ( 1 ملكوك 3:9 ) فأراد الله ان يعبر بهذا الإسم عن ارادته وعواطف حبه غير المتناهي. ولكن جل اسمه لم يكتف بهذا التعبير بل أراد ان يكون لكلمته الأزلية قلب منظور ، قلب مُجَسّم بحيث انه يقدر في كلامه للبشر ان يقول لهم نظير أيوب الصديق : (( وأنا أيضاً لي قلب مثلكم )) ( ايوب 3:12 ). قد عبرت ستة عشر قرناً على الكنيسة منذ تأسيسها وليس من يذكر هذا المقدس الحي ، مقدس الحب غير المتناهي ، ولابد من سبب مشروع لهذا التأخير في إعلان عبادة قلب يسوع الأقدس للعالم كله ، وهو ان الله كان قد حفظ هذه العبادة للأزمنة الأخيرة لتكون دواءً ناجعاً لكثرة امراضها وشرورها ، فنبعت في حقل الكنيسة كينبوع جديد لأنعاش الغرسات السماوية التي أوشكت ان تذبل وتذوي في ارض قاحلة يابسة ، ولتنشيطها تنشيطاً صادقاً. فعلى هذه الغرسات وهي النفوس المسيحية ان ترتوي الآن بمياه ذلك الينبوع السماوي وتأتي بثمار الفضيلة والقداسة. ومن اجل ذلك نرى الأحبار الرومانييين قد جعلو كل ثقتهم في قلب يسوع الأقدس ومن مراحمه الغنيسة يرجون ويتوقعون في هذه الأزمنة المتأخرة خلاص الشعب المسيحي ، ولهذا قال البابا لاون الثالث عشر حينما اراد تخصيص العالم بقلب يسوع الأقدس : (( ان هذا العمل سيكون للعالم فرصة حلول المراحم الألهية التي ننتضرها له )) . وقد حذا قداسة البابا بيوس العاشر حذو سالفه في احساسات ايمانه وثقته بقلب يسوع الاقدس منذ جلوسه على كرسي القديس بطرس وينادي بها المعمورة ويزيدها غفرانات كاملة وغير كاملة ويحرض المؤمنينعلى ممارستها لأنه جعل فيها نظير أسلافه الكرام غاية ثقته ومنها يرجو (( تجديد كل شيء في المسيح)) . خبر نقرأ في سيرة القديسة جرترودة (1264 – 1334 ) ، انها حظيت يوماً بمشاهدة القديس يوحنا الأنجيلي الحبيب فسألته قائلة : (( من حيث انك أيها الرسول الفاضل قد اتكأت على صدر المخلص وقت العشاء السري ، فلماذا لم تكتب شيئاً عن حركات ذلك القلب الألهي ارشاداً للعبادة ؟ )) . أجابها الرسول بكلمات تستحق الألتفات قائلاً لهذا : (( فرض علي ان اكتب كلام الله الأب الأزلي لأجل الكنيسة المنشأة إذ ذاك حديثاً. أما ما كان من عذوبة القلب الألهي فقد شاء سبحانه ان يؤخر اعلانها الى الأزمنة التأخرة ليوقد محبته في قلوب خامرها التفور بل البرودة )). فها قد بلغنا إلى تلك الأزمنة التي أشار اليها التلميذ الحبيب بخطابه هذا للقديسة المؤمأ اليها . حقاً ان نيران المحبة المنظفئة الآن في أغلب القلوب ، ولكن لم لا نثق بأن عبادة قلب يسوع الأقدس التي لا تزال تمتد وتنتشر في جميع الجهات عتيدة ان تشعل هذه النيران . إكرام لا تدع أسبوعاً يمضي من هذا الشهر دون ان تتكلم عن قلب يسوع الأقدس ، وأجتهد في نشر عبادته في بيتك وأسرتك.. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) قلباً نقياً أخلق بيّ يا رب. (مز 12: 50) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تامل في تقرب الله من الأنسان من الأمور المدهشة التي تذهل العقول هو طلب الله الأقتراب من الأنسان خليقته الحقيرة. نعم ان قدوس القديسين ورب الأرباب يسعى منذ ان أبتعد الأنسان عنه بالخطيئة ، في اعادته الى حضنه ، فكلمهُ أولاً بلسان أنبيائه وارشده بكلامه هذا الى معرفته ومحبته ، ولم يزل الأنسان مع ذلك بعيداً عنه وخائفاً منه ، فأراد جل أسمه ان ينزع هذا الخوف من قلبه ويهدم الجدار الذي كان يفصله عنه ، فتجسد وتأنس وأقترب من الأنسان بصورة محسوسة ، منظورة ، شهية. ظهر طفلاً جميلاً محبوباً ومحفوفاً بالفقر والتواضع والحلم والوداعة لكي يُمكن كل واحد من الأقتراب منه ، فدنا منه الرعاة المساكين ثم المجوس الأغنياء وأحتضنه شمعون الشيخ . وبعد أختفائه برهة من الزمن في الناصرة ، طهر بين الناس وعاشرهم وخالطهم وأحسن اليهم. دخل بيوتهم وجالسهم و كلمهم وأكل وشربَ معهم. قصدهُ المرضى فأبراهم ، قصده الخطأ فبررهم وزكاهم . زاحمته الجموع وضايقوه فلم يتضيق ولم يأنف منهم ، وغايته من جميع هذه الأفعال ان يقّرب من الأنسان إله. وقد ظفر بأمنيته هذه في بداية الأمر ، وقد شهد لنا الأنجيل : (( جموعاً كثيرة تبعته من الجليل ومن اليهودية ومن أورشليم ومن آدوم وعبر الأردن والذين حول صور وصيدا وكانو يضايقونه )) ( مرقس 3 : 7 – 9 ) ويطلبون التقرب منه ويسمعون كلامه بلذة ويسألونه ان يقيم معهم ويمسكونه عندهم ولا يخلونه. فكيف حدث ان هذا الأقنوم الألهي المحبوب للغاية أمسى بعدئذ مبغوضاً لدى شعبه حتى طلبو صلبه وفضلو عليه برأباّ السارق القاتل ؟ لاشك ان في هذا الأنقلاب سراً غامضاً نرى مثيله في هذه الأيام في شرور البشر التي لا تزال تتكاثر وتتفاقم وتقاوم محبة الله ورحمته لهم. ولكن ياللعجب ان جميع خطايا البشر لا تغير عزم الله عن مصافحتهم ومسالمتهم والأقتراب منهم ، بل جعل كل نعيمه على الأرض في تبرير الخطأة ومؤاساتهم ودعوتهم اليه، وفضلاً عن ذلك يعدهم من أخص أحبائه فأعلن لهم في هذه الأزمنة الأخيرة عبادة قلبه الأقدس مؤكداً لهم ان هذه العبادة تُلين القلوب الجلمودية وتوقد فيها نار محبته الألهية ، فقال للقديسة مرغريتا مريم : (( اني أعدك بأن قلبي ينبسط ليسكب مفاعيل حبه الألهي على من يكرمه ((. فهلمو اذن ايها الأنام الى يسوع ، بل ادخلو قلبه الأقدس وأقيموا فيه حياتكم كلها ، فأنه هيكيكم المقدس بل مقر راحتكم. لا تعتذرو قائلين : اننا خطاة، لأن الخطأة يصبحون مع يسوع صالحين قديسين لأنه مخلصهم ومبررهم خبر حدث في سنة 1722 م في مدينة مرسيليا بقرنسا طاعون هائل ضرب خلقاً كثيراً وطالت مدته نحو ثلاثة أشهر. فعجز الأطباء عن دفعه ، وظهرت كأن السماء لا تلتفت الى تنهدات ذلك الشعب المسكين . فرأى مطران تلك المدينة ان تقام دعاءات وصلوات وابتهالات اكراماً لقلب يسوع الأصدس ، وفي هذا كان آخر رجائه وفي غيره لم يكن ، فأستجاب الرب طلبته ورفع الطاعون عن تلك المدينة ولم يمت بعد تلك المدة بثلاثة أشهر أحد من تلك المدينة ولم يمرض أحد قط. فعند ذلك نذرت مرسيليا كلها بصوت واحد ان تحتفل بعيد قلب يسوع في كل عام وان تعمل فيه تطوافاً وتقدم هدية ما شكراً لقلب يسوع الأقدس عما أسداه اليها. إكرام التجيء الى قلب يسوع الأقدس في جميع احتياجاتك ، وقدم اليه أفعالك اليومية لئلا يشوبها نقص ، وباشرها كلها تتميماً لأرادته تعالى . نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع لا تدعني انفصل عنك . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ان الناس لا يجهلون كلمة الحب ، بل اكثر احاديثهم هي على الحب واعظم مساعيهم هو لأدراك الحب. لأجل الحب يبذلون الأمول الطائلة، ولأجله يقضون الأوقات الثمينة. ولكن حباً واحداً يجهله الناس ولا يعبأون به ، هو حب يسوع المسيح الذي بدونه لا راحة لنا. لا سلام لنا ولا خلاص لنا. أجل يسوع وحده ، ولا يجد من يحبه. لأن الناس لا يجدون في محبته ما يرضي أجسادهم ويلذ حواسهم ، لذا يعرضون عنه مفضلين أفراح الجسد على افراح الروح . ترونهم يصلون كثيراً ولكنهم لا يطلبون بصلواتهم محبة الله فوق كل شيء بل محبة الدنيا وخيراتها الباطلة. كان الوثنيون يعبدون جميع الآلهة الكاذبة ما خلا الأله الحق الذي كانو يجهلونه ومثلهم اليوم اولئك المسيحيون الذين ترونهم يحبون جميع الأشياء ما عذا الأله المحبوب حقاً ( 1 يو 3 : 19 ) ولذا كان القديس فرنسيس الأسيزي ( إيطاليا 1181 – 1226 ) يطوف في الشوارع باكياً وهاتفاً (( ان الحب غير محبوب، ان الحب غير محبوب )) . فلما شاهد يسوع برودة المسيحيين في محبته وجهلهم لها ظهر هو نفسه لأمته القديسة مرغريتا مريم بقلب متأجج ناراً وتشكى اليها من نسيان البشر لمحبته الشديدة لهم ونسيان كثرة احسساناته اليهم ، فطلب منها ان تنادي بعبادة قلبه الأقدس وتذيع هذه العبادة في المعمورة كلها ليعرف الناس محبة يسوع لهم ويقابلوا حبه بالحب ، وهذا كلامهُ لها: (( أذيعي وبشري في كل مكان واثيري في قلب البشر هذه العبادة العزيزة عليّ فأنها وسيلة أكيدة وطريقة سهلة لمن يروم ان ينال من لدني محبة الله الحقيقية )) خبر روي ان رجلاً كانت مهنته الضرب على العود وكان بمهنته هذه يفسد اهلاق الشباب والشابات ويوقعهم في شباك الغرام الدنيوي ليدهورهم من ثمة في اعماق الجحيم ، فدخل ذات يوم كنيسة ليسمع وعظاً ، وكان الواعظ يتكلم اذ ذاك عن أسباب الخطيئة ، فأثر كلام الخطيب الغيور في قلبه كل التأثير وعزم للوقت على اصلاح سيرته حباً ليسوع وابتغاء خلاص نفسه ، فقصد الواعظ طالباً ان يعترف له بخطاياه وبعد الأعتراف قال له الكاهن بحب أبوي ولطف جزيل : أني أتأسف غاية الأسف على اني لا أقدر ان أحلك حتى تترك مهنتك لأنها سبب عثرة وشك لقريبك وواسطة هلاك لنفسك. سكتَ الرجل وعاد الى بيته حزيناً وكئيباً لأن عيشته كانت متعلقة بتلك المهنة. وفي الغد قصد الواعظ مرة ثانية حاملاً معه العود وقال له بصدق وأخلاص : أبتي اني رجل فقير الحال لست اعرف كيف أقدر ان اعيش وأعيّش أطفالي ان تركت صنعتي هذه ، لكن من حيث ان حياة نفسي أفضل من حياة جسدي أتيتك بعودي مقدماً اياه اليك وعازماً على ان لا أزاول في ما يأتي مهنة تذهبُ بي وبقريبي الى جهنم وتحرمنا محبة يسوع الى الأبد . وبعد أيام قليلة قص الكاهن هذا الخبر على سيدة فائلة غنية ، فأشترت منه العود بمبلغ باهض جداً ، فأعطاها الكاهن للحال للتائب النصوح ليعيش بها هو واطفاله. إكرام اذا اردتَ ان تكون أفعالك كثيرة الأستحقاق فعليك ان تقدمها الى الله بواسطة قلب يسوع الأقدس أو أتحاداً به على هذه الطريقة أو ما شاكلها قائلاً : اللهم اني أقدم اليك جميع اعمالي متحدة بأعمال قلب يسوع الأقدس وأعمال مريم العذراء وجميع قديسيك الكرام . نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع اجعل نفسي تحيا بك دائماً . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ان ذنب الذين يجهلون الله ويتركونه ، هو أقل جرماً من ذنب الذين يعرفونه ويعرضون عنه. ولذا لم يتشكّ الله سبحانه في العهد القديم من الأمم والوثنيين الذين تركوه في جهلهم اياه وعبدوا الآلهة الغريبة عوذه. بل تشكى من شعبه اسرائيل الذين عرفوه وشهدوا قواته في أرض مصر وفي بلد صاغان ومع ذلك تركوه وعبدوا البعل وعشتروت ، فقال لهم بلسان أرميا نبيه:((اسمعو يا بيت يعقوب وجميع قبائل بيت اسرائيل ، اي جور وجد فيّ آباؤكم حتى أبتعدو عني.. تركوني أنا ينبوع الماء الحي وأحتفرولأنفسهم آباراً مشققة لا تضبط ماء)) ( أرميا 2 : 5 – 13). والآن ايضاً لا نسمعه يتشكى من الشعوب البعيدة عنه والرافضة الطاعة له ، ولكنه يتشكى من شعبه المسيحي الذي ميزه بين شعوب كثيرة وخسه بمواعيده واستحقاقاته وأسراره وتعاليمه ، ومع ذلك لا يجد عنده حظوة ، واياه عني بقوله بلسان داؤد عبده : (( لو عيرني العدو لأحتملتهُ ، ولكن أنت أيها الأنسان شبيهي أليفي ومؤنسي )) ( مز 54 : 13). في يسوع كل الجمال وكل الصلاح وكل القداسة وكل كمال محبوب . يسوع هو سرور الأب الأزلي وبهجة الأرواح الطوباوية في السماء. يسوع الذي منه كل خير وكل فرح وكل سلام راهن ، لا يجد من يعشقه ويتعلق به ويهتم به. والخليقة التي هي بازاء الله عدم ولا شيء ، وفيها كل شر ، بل كل خبث ولؤم يحبها الأنسان ويعشقها ويعلق قلبه بها ، بل يستغني بها عن الله مع علمه ان الأستغناء عنه بالخليقة جرم جسيم وحزن أليم وموتٌ أبدي وهلاك سرمدي في نيران الجحيم. ان الأنسان يترك الله ولكن الله لا يتركه فلو تركه لتحول العالم جهنم وانتهى الأنسان من عذابه الزمني الى العذاب الأبدي. ولذا شاء لقلبه السجود في غزارة رحمته وذديد حبه للأنسان ان يقيم معنا على الأرض في سر القربان المقدس لندنو منه فيشفينا من امراضنا ويغفر لنا خطايانا ، ومع ذلك لا يرى يسوع الناس مقبلين الى هيكله ، وإن أقبلوا كانت أفكارهم وقلوبهم بعيدة عنه. إن المجدليات الجالسات عندقدميه ليسمعن كلامه قليلات جداً وسائر الناس مهتمون بأمور كثيرة ما خلا الأمر الواحد الذي يجتاحون اليه وبه يتعلق خلاصهم الأبدي وهو محبة يسوع فوق كل شي. http://www.peregabriel.com/gm/albums...l_19379481.jpg خبر كان هناك رجلاً فاتراً في ممارسته الدينية. ولما اراد ان يتزوج ، وقع نظره على فتاو مهذبة مسيحية ، فخطبها لنفسه فأقنعه اهلها ان يغيير سيرته فلم يفلحوا. وفي الآخر تزوج الفتاة المسيحية وبقي هو على آرائه تاركاً الحرية لزوجته لتمارس فروض ديانتها. و بعد مرور سنتين على زواجه توفيت الزوجة على اثر ولادتها صبية. فخضع لأرادة الله صابراً ، ونشأ يربي طفلته بكل اعتناء جاعلاً فيها كل تعزيته وجميع آماله ، ثم شرع يقرأ في عزلته كتباً مصيحية أهدته الى معرفة الأيمان الحق وكنيسة المسيح الحقيقية، فغير للوقت سيرته وكان يكمل بكل حرص ودقة جميع فروضه الدينية. ولما نشأت وحيدته على أحسن ثقافة مسيحية وبلغت السن الخامسة عشرة وهو يزداد عجباً وتعلقاً بها مرضت مرضاً ثقيلاً ذهب بحياتها النضرة ـ فتركت والدها في اقصى غايو من الحزن. غير انه لم يترك كنيسته ولا عبادته كمل يفعل بعض المسيحين الذين يمتنعون في حزنهم عن التردد الى الكنيسة ةعن الصلاة والعبادة. أما ذاك الأب الحزين فكان بعد وفاة وحيدته وعزيزته يتناول كل يوم القربان المقدس قائلاً : لم يبقى لي تعزية على الأرض سوى القربان المقدس. إكرام أتل بيتاً من مسبحة الوردية لأجل اهتداء الخطأة إلى محبة الله. نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع ليأت ملكوتك. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في معرفة قلب يسوع يعلمنا يوحنا الأنجيلي ان المسيح جاء الى خاصته وخاصته لم تقبله.) يو 1 : 11) ولم تعرف انه المسيح الموعود به ، وحيد الأب وابنه الأزلي . لأن هذه المعرفة هي هبة من لدن الله لا يدركها الأنسان بعقله بل بنعمة فائقة الطبيعة وبنور الوحي الألهي ، كما يتضح من شهادة ربنا يسوع نفسه لشمعون بطرس إذ عرف قبل الجميع ان المسيح هو أبن الله الحي فقال له إذ ذاك (( طوبى لك يا شمعون بريونا ان اللحم والدم لم يكشفا لك ذلك لكن أبي الذي في السماوات )) ( متى 16 : 17) . والآن ايضاً كثير من المسيحين لا يعرفون المسيح حق معرفته ، لا يعرفون غير اسمه دون علم بصفاته وكمالاته التي تحببه الى الناس ولذا تراهم بعيدين عن الله محرومين من محبته لا يشعرون في ديانتهم وعبادتهم بذاك الشعور العذب الذي يجعلهم يتمسكون بديانتهم ويقدمونها على كل ديانة اخرى. وكذلك يمكننا ان نقول عن عبادة قلب يسوع الأقدس ، كثيرون لا يعرفونها حق معرفتها ولذا لا يعرفون ان يغترفو من كنوزها الخيرات التي فيها ولا سيما محبة الله فوق كل شي ، لأن معرفة هذه العبادة نحصل عليها بنعمة خصوصية من لدن ابي الأنوار وهذه النعمة يجب ان نطلبها بصلواتنا اليومية ولا سيما في هذا الشهر. فالصلاة هي الوسيلة الأولى للحصول على محبة يسوع المضطرمة وعلى عبادة قلبه الحقيقية. وهي علامة الأرتداد الى الله. فلنصلّ اذن بثقة وايمان وخشوع وادمان. قال سليمان الحكيم : (( حالما بادرت ملتجئاً الى الله اعطاني الحكمة )) ، وقال الرب نفسه للقديسة بريجيتا ( ايطاليا 1303 – 1381 ) : (( إننا ان صلينا بالتأهب الكامل والأستعداد التام اعطانا الله اكثر مما نطلبه ومنحنا اكثر مما نتمناه بل اعطانا ذلك في كل ساعة ودقيقة . فما نقول اذن في الصلاة التي نوجهها الى ربنا يسوع المسيح لكي ننال منه محبة قلبه الأقدس ؟ حقاً انها لذيذة ومقبولة لديه جداً. فلنبتهل اليه ولنطلبها منه بتذلل ومن المحال ان يردنا خائبين. خبر روى ان سيداً شريفاً زار ذات يوم راهباً وقصّ عليه احواله السيئة التي أوصله اليها ضعف تربيته لأبنته الوحيدة بعد وفاة والدتها ، فأنها تسلطت عليه واخذت تعامله معاملة السيد الغريب لا معاملة أب ، إذ لم يكن لها رغبة إلا في الملاهي الدنيوية وتبديد ثروته في الأزياء الحديثة وغيرها من الأباطيل. فذات يوم أنحرف مزاجها فطلب أبوها بالحاح الى الراهب ان يأتي لزيارتها. فوجد الراهب هذه الفرصة سانحة ليريها الحقائق فقال لها : اعلمي يا فتاو انك اذا واصلتِ سيركِ في طريقكِ هذا انتهيت الى الجحيم. فأمتعضت الفتاة من هذا الكلام وأجابت الراهب : أني لا أريد موعظتك. اني شريفة النسب وغنية وشابة ولا رغبة لي البتة في أن أحيا حياة راهبة. أجاب الراهب: أني لغالم بأن ليس لدي أدنى حق في ان افرض عليكِ شيئاً ، ولكن أبوسعكِ ان ترفضي عليّ سؤالاً ما ؟ أجابت : قل ماذا تطلب. قال الراهب : أني اريد ان تعديني وعداً سهلاً جداً . أجابت : وماهو ؟ أني لا أمتنع عنه اذا كان سهلاً كما تقول. فأخذ إذ ذالك الراهب من كتاب صلاة الفرض صورة صغيرة لقلب يسوع الأقدس وقال للفتاة : كل ما أطلبه هو ان تقولي كل يوم صباحاً لمدة تسعة أيام متوالية (( المجد للآب )) امام هذه الصورة وانت راكعة. فأمتقع لون الفتاة من هذا الكلام واخذت الصورة قائلة: نعم اني افعل ذلك. وكانت النعمة قد بدأت تغير قلبها العاصي. وفي الغد جاء الوالد عند الراهب وقال له : ماذا حدث أمس بينك وبين أبنتي، فمنذ ذهابك عنها لم تزل راكعة تذرف الدموع ؟ فأجاب : هذا عمل قلب يسوع الأقدس. وفي ذلك المساء ذهبت الفتاة واعترفت بجميع خطاياها. وبعد مدة شهر أستلم الراهب رسالة طافحة بالشكر من التي خلصها وأعلمته بأنها هجرت الدنيا ودخلت الدير. وبعد سنة ونصف أستلم الراهب رسالة اخرى اجمل من الأولى كتبتها الفتاة يوم جهرت بنذورها الرهبانية. فيا لها نفس مغبوطة لا تحب الآن غير قلب يسوع الأقدس وفيه وجدت السعادة الراهنة. إكرام التجيء كل يوم من هذا الشهر الى قلب يسوع الأقدس وأسأله بأخلاص ان يضرم نيران حبه الألهي في قلبك. نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الحلو زدني حباً لك كل حين. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في تواضع قلب يسوع الأقدس إن التواضع يعده الناس جبانة ومسكنة ، وهو في حكم الله فضيلة سامية القدر ترفع الأنسان الى أوج المجد والعظمة . ويؤيد كلامنا هذا روح القدس نفسه بقوله في كتابه المقدس : (( من يضع نفسه يرتفع ومن يرفع نفسه يتضع )) (لو 14 : 11) . وضعت مريم العذراء نفسها فرفعها الله الى أسمى منزلة في السماء وعلى الأرض. أرتفعت مدينة كفرناحوم الى السماء فهبطت الى الجحيم ) لو 10 : 15 ) . فالتواضع اذن مرقى الفضيلة والعظمة وسُلم المجد الأبدي. ولذا لما جاء ربنا يسوع الى عالمنا ليخصلنا ، جاءنا بطريق التواضع (( فأخلى نفسه ووضعها في سر التجسد مع انه كان صورة الله وشبيهاً له ، فأخذ صورة عبد وصار في شبه الناس فوجد في الشكل مثل الأنسان )) ( فيلبي 2 : 6 – 7) ، ولم يشأ حياته كلها ان يتميز عن الأنسان وهو أبن الله ورب الأجناد السماوية ، بل أحصى نفسه مع الخطأة فطلب معموذية التوبة من يوحنا وكان في تواضعه يخدم تلاميذه عوض ان يخدموهُ ( متى 20 : 28 ) ، بل انتهى في تواضعه الى غسل ارجلهم ، فتعجب بطرس من هذا التواضع العميق فأبى ان يغسل له معلمه قدميه كما أبى يوحنا ان يعمدهُ ( يو 13 : 8). هذا ما أنتهى اليه تواضع ربنا يسوع ، وبهذا التواضع قرب الأنسان منه وعلمه طريق الرفعة الحقيقية وهي القداسة ، فلا يرتفع انسان في القداسة إلا بالتواضع على مثال قلب يسوع الأقدس. خبر كان للقديس فرنسيس الأسيزي ( ايطاليا 1181 – 1226 ) راهب يدعى لاون أتخذه رفيقه في أسفاره وأمين أسراره ومرشده الروحي . فذات شتاء قارس كان كلاهما يسيران من بيروزة الى كنيسة (( سيدة الملائكة )) وكان الأخ لاون يتقدم القديس فرنسيس غارقاً في التأمل. فناداه القديس قائلاً : (( أيها الأخ لاون ليت جميع الأخوة الصغار يكونون للعالم كله قدوة صالحة ، ولكن أعلم ايها العزيز ان ليس في ذلك الفرح الكامل )) . ثم قال بعد خطوات قليلة : (( أيها الأخ لاون ، اذا طرد الأخوة الصغار الشياطين و أطلقوا ألسنة البكم وأقامو الموتى ، فليس في ذلك الفرح التام )). وبعد مسافة قليلة أردف قائلاً : (( أيها الأخ لاون اذا عرف الأخوة الصغار كل اللغات والعلوم وأعطوا موهبة النبوة وتمييز الأرواح فليس في ذلك الفرح الكامل )) . وبعد خطوات آخر صاح قائلاً : (( أيها الأخ لاون ، هبّ ان الأخوة قدروا بمواعظهم ان يهدوا الى الأيمان المسيحي جميع الشعوب الوثنية ، فأعلم مع ذلك ان ليس في هذا الفرح التام )) . وفي الآخر سأله الأخ لاون متعجباً وقائلاً : أيها الأب أسألك بأسم الله ان تقول لي على اي شي ، يقوم اذن الفرح الكلمل ؟ )). أجابه القديس اذ ذاك قائلاً : (( إذا وصلنا الى الكنيسة مبلولين وجائعين ومرتجفين من البرد وطردنا البواب قائلاً إذهبا من هنا انكما عبدان بطلان تخدعان الناس وتسرقان منهم الصدقات وتركنا الليل كله على الباب وأحتملنا هذه الأهانة بسلام وصبر مفتكريرن بأننا نعامل بحسب استحقاقنا وشاكرين الله ، فأعتقد أيها الأخ لاون ان في هذا اليوم يقوم الفرح الكامل لأن أفخر العطايا والمواهب هي التألم بفرح حباً لله. إكرام إن اصابتك إهانة من إنسان فأقبلها ، فأنها تفيدك خيرا من ألف مديح. نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً) يا يسوع الوديع والمتواضع القلب أجعل قلوبنا نظير قلبك الأقدس. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
إننا لا نتكلم في هذا التأمل على صبر يسوع ، على الأحزان والأوجاع التي احتملها حباً بنا مدة اقامته معنا على الأرض. بل موضوع كلامنا يكون الآن على صبره تعالى على الآهانات التي تصيبه من الخطأة وعلى تأجيل توبتهم. ومنهم من يؤجلها الى ساعة موته وتكون إذ ذاك توبتهم من الخوف والأضطرار لا من اجل حب الله ومن التوجع على اهانته. فتمادي الخطأة في خطاياهم واصرارهم عليها حتى الموت ، هو الذي يصبر عليه قلب يسوع صبراً فاق كل صبر على الأرض. إن ايوب صبر على فقدان خيراته الزمنية وعلى موت اولاده الزمني ، أما يسوع فيصبر على خسارته النفوس التي أفتداها بدمه الكريم ، وهو دم يفوق جميع خيرات الأرض بما لا يقدر ولا يوصف . إن جميع التدابير التي يدبرها لخلاص الخطأة تذهب بلا جدوى لهم. انه ابوهم وهم ينكرون اوبته. انه ربهم وهم يهينون ربوبيته. انه مخلصهم وهم يرفضون خلاصه. انه فاديهم وهم يأبونَ فداءه. ولذا سمعناه يشتكي بلسان ملاخي نبيه قائلاً : (( ان كنتُ أباً فأين كرامتي ، وإن كنتُ سيداً فأينَ هيبتي )) ( ملاخي 1 : 6 ) . ومما يزيد صبر الله عجباً هو طمع الخطأة في صبره هذا فأنهم يرونه صابراً عليهم فيواصلون اهانته عوض ان يتوبوا. واذا قلتم لماذا يصبر الله على الأثمة كل هذا الصبر ، أجبتُ انه يصبر عليهم لكي لا يبقى لهم حجة في هلاكهم. لأن السنين عند الله كيوم واحد والصبر الطويل اجدر بالاه الرحمة من البطش والأنتقام السريع، لأن الصبر فضيلة والأنتقام قصاص والفضيلة اكمل وأمجد من الأنتقام. فاذا أجل الله حسابه وأطال صبره فيقصد بذلك خير الخطأة لعلهم يتوبون لأنهم لا يزالون شعبه ورعيته ولا تزال حقوقه عليهم ثابتة. وفي الحقيقة ان خطأة كثيرون تابوا لصبر الله عليهم وندموا وصاروا في طريق الفضيلة والقداسة. خبر روى القديس يوحنا السلمي انه شاهد ذات يوم ثلاثة رهبان يهانون اهانة واحدة وفي وقتٍ واحد ، فأولهم تأثر من تلك الأهانة وأنفعل جداً لكنه خوفاً من الله كظم غيظه وحبس لسانه. والثاني فرح بالإهانة التي اصابته ابتغاء المكافأة الأبدية في السماء. أما الثالث فأفتكر في الأهانة التي لحقت بالله من جراء تلك الخطيئة وشرعَ يذرف الدموع حزناً على اهانة الله. ففي هؤلاء الرهبان عبيد الرب الثلاثة يمكننا ان نرى درجات المحبة الثلاث واختلاف انواعها في النفوس. فالنوع الأول من المحبة هو محبة الله خوفاً من جهنم . والنوع الثاني منها هو محبة الله طمعاً في الملكوت السماوي. وأما الثالث فهو محبة الله لأجل الله . فالمحبة الأولى حميدة ممدوحة ومقدسة ولكنها ناقصة. والمحبة الثانية أرفع من الأولى لكنها غير خالصة من حب الذات. وأما المحبة الثالثة فهي محبة كاملة خالصة لأنها تقصد الله وحده وحبه المقدس لا غير وهي القائلة مع القديسة مرغريتا مريم : الكل لله وحده إكرام لا تنسوا قط في اوجاعكم ومحنكم ان الله لا يستشير في الحوادث التي يدبرها إلا بحبه الشديد لكم. نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع لا تدعني أشك في محبتك إذ تمتحنني. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ان قلب يسوع يحبنا ومن اجل حبه لنا تأنس وولد في مغارة حقيرة ومات على الصليب ليفي عن خطايانا وترك لنا ذاته في سر القربان المقدس ليغذي نفوسنا ويكون تعزيتها وخلاصها. إن قلب يسوع يحبنا مع كثرة شرورنا وخطايانا ، بل يحبنا من اجل هذه الشرور والخطايا عينها ليزيلها عنا ويزكينا ، لذلك ترك لنا جميع استحقاقات حياته والآمه وموته على الصليب ليغنينا بها . إن قلب يسوع يحبنا محلة جعلته يترك أباه وسماءه وملائكته ليأتي الينا ويساكننا ويضمنا الى صدره ويكون لنا ملجأ وملاذاً في محننا وتجاربنا. إن قلب يسوع يحبنا وقد أحبنا اكثر من نفسه اذ انه بذلها عنا فوق الصليب ومن بذل نفسه عن غيره اعطاه كل شيء ولم يبق له شيئاً. أراد أبوه السماوي ان يرشقنا بسهام سخطه وغضبه ، فمثل هو امامه وتوسط بينه وبيننا ورد عنا تلك السهام بل قبلها هو في جسده فمزقته تمزيقاً. قبلها في قلبه فطعنته زجرحته وفتحته وأخرجت منه دماً لغسل خطايانا وخطايا العالم بأسره. إن قلب يسوع يحبنا ، لذلك لم يبال من اجل حبه لنا بكرامته ولا بمجده ولا بعظمته ، فصبر على انواع الأهانات والأوجاع ولم يفتح فاه امام مقرفيه والمشتكين عليه زوراً والطالبين صلبه عوضاً عن جزيل احساناته اليهم ، واليوم يصبر على هذه الأهانات وهذه الأوجاع عينها في سر القربان المقدس. فهل من حبٍ أعظم من هذا ؟ وهل يسعنا بعد سماعنا كل ما تقدم عن محبة يسوع الشديدة لنا بكل محبة قلوبنا نادمين بل باكين على الأيام التي صرفناها في محبة الخليقة وأباطيل الدنيا ؟ فلنصلح اذن سلوكنا ولنرجع من كل قلبنا عن غيّنا الماضي لنحب يسوع كما أحبه القديسون. خبر كان القديس اوغسطينوس ( 354 – 430 ) في أول أمره وثنياً ودرس في مدرسة وثنية أمست علة جميع أضاليله التي أفسدت قلبه وآدابه وأوقعته في مخازي الخطايا الدنسة ، وأستمر مدة من الزمن لا يستطيع ان يهتدي الى معرفة الحق ، بل كان يعد الباطل حقاً والحق باطلاً ، حتى رأف به الرب الرحمان ورق لبؤسه لصلوات أمه الكثيرة ، وأخرجه بنعمة خارقة العادة من وهدة أضاليله وخطاياه وطره منها بسر العماد ثم بسر القربان الأقدس الذي تناوله بعد قبول العماد في السن الرابعة والثلاثين. ومنذ ذلك الحين أشتعل قلبه بنار الحب الألهي فكفر للوقت بأباطيل الدنيا وخيرات الأرض التي أطغته وخدعته وخصص ذاته بجملتها بمحبة الله وحده وبخدمته تعالى، وعلامة على شدة محبته لله يصورهُ المصورون بقلب ملتهب في يده اليمنى، ومخروق بسهم ، وترك لنا هو نفسه اشارات تدل الى شديد حبه لله ، صلواته وأقواله التالية : (( ربي والهي اني احبك حباً لا ريب فيه. أنك جرحت قلبي بسهم كلامك فخصصتهُ بمحبتك. منذ بددت ظلماتي وحظيتُ بغبطة معرفتك ، رسمتكَ في ذاكرتي وهناك أجدكَ وأذوق مسرات كاملة. إني احبك يا الهي واتمنى ان ازداد حباً لك ، فأنعم عليّ يا أجمل بني البشر ان أتوقَ اليكَ وأحبكَ حسب رغبة قلبي وواجبي. إن كمالاتك لا حد لها ، فالحب الواجب لك يجب ان يكون بلا حد أيضاً )) . إكرام أتلُ ثلاث مرات فعل المحبة وأضف اليه كل مرة النافذة التالية : نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الأقدس كل شيء ما عداك باطل . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أقرن الرب يسوع بصفاته السنية ومزاياه العلوية حنواً تجاوزَ الحدود فقال : أن تنعمي بين بني البشر ( أمثال 8 : 31 ) . أما وداعته فقد تفاقمت عذوبة حتى انها أثرت في قلوب اعدائه الألداء أنفسهم ، فأنهم قدموا أمامه امرأة زانية فلم يرذلها بل أخزى المشتكين عليها . فترك الخطأة ان يقتربو منه لا بل خالطهم وأراد ان يُدعى مُحب العشارين والخطأة ، بل من تشاهد منطرحاً على قدميه المقدستين متخذاً أياهما مأوى وملجأ ؟ . أنك تشاهد المجدلية الخاطئة الشهيرة التي غفر لها بفعل واحد من محبته كل ما أرتكبت من الآثام وسببت من الشكوك . فيا أيتها المجدلية السعيدة لستِ انت التي خطوت الخطوة الأولى نحو هذا المعلم الألهي ، بل هو الباديء الذي قرعَ باب قلبك وتوقع ان تأتي وتنطرحي على قدميه وتغسليهما بدموعكِ وتمسحيهما بشعر رأسكِ ، فقد غفر لكِ كثيراً لأنكِ أحببتِ كثيراً أو بالأحرى لأنه أحبكِ كثيراً. أبدى المسيح عنايته حتى بالأطفال وهم غير قادرين ان يعرفوه ، لكنهم أنجذبوا اليه بمجرد وداعته ، ولما أراد الرسل ان يطردوهم منعهم قائلاً : (( دعوا الصبيان يأتون اليّ )) . فباركهم وأحتضنهم ولاطفهم ، اذا تركهم ابواهم أعتنى هو بهم. فأن نسيت الأم بنيها فهو لا ينساهم . أفما رأيتَ كيف قبِلَ الأبن بنيها فهو لا ينساهم . أفما رأيتَ كيف قبل الأبن الشاطر الذي انطرح على قدميه وقال لأبيه : (( لست أهلاً لأن أدعى لكَ إبناَ )) ؟ أما هو فبادر اليه وعانقه وضمه الى صدره والدموع تهطل من عينيه . وحالما اظهر علامات الندم أعاد اليه حقوق الوراثة والأنعطاف الوالدي. جال هذا الراعي الصالح وهو يحسن وينعم فرأى حظيرته قد كثر مرضاها وثخنت جراحاتها وسكب عليها زيتاً وخمراً وأبراها. فتح عيون العميان وشفى المقعدين ، أبرأ العرج وشفى البرص . بكت أم على وحيدها فتحنن قلبه عليها ، لأنه يشعر بشدة الأوجاع التي تمزق قلبه الطاهر عندما تموت احدى النفوس بالخطيئة ، فتقدم ولمس النعش وقال : (( ايها الشاب لكَ أقول قُم )) ثم دفعه الى امه. شاهِدهُ على قبر لعازر الذي دعاه حبيبه ، فبكى عليه حتى ان اليهود لم يتمالكو ان صرخوا قائلين : أنظرو طيف كان يحبه . ( 11 : 36 ) . وماذا تقول عن كيفية سلوكه مع تلاميذه انفسهم ؟ وبكم من الصبر الجميل احتملهم ؟ فقد خانه يهوذا ، أما هو فما زال يلقبه بأسم صاحب قائلاً : يا صاحب أبهذا أتيت ( متى 26 : 50 ) أنكره بطرس فألتفت اليه بلطف ودون ان يوبخه او يشكو منه ، أبكاه بكاءاً مراً. ونقول باأجمال : ان حياة المخلص لم تكت إلا وداعة وحلما ومحبة للبشر . خبر في احدى ليالي أعياد الميلاد دخل القديس هيرونيمس الملفان العظيم في بيت لحم وشرع بتأمل سر ولادة مخلص العالم ، فظهر له بغته يسوع الطفل محفوفاً بأنوار بهية وألقى عليه نظرات سماوية تشف عن رقة عجيبة لا يتجرأ اللسان البشري ان يصف سموها ، وجرت بينهما هذه المخاطبة المؤثرة وهي : قال يسوع : ألا يا هيرونيمس ، ماذا تعطيني في ميلادي ؟ فقال هيرونيمس : أيها الطفل الألهلي ها أنا ذا اعطيك قلبي. قال يسوع : حسناً ، لكن هب لي شيئاً آخر. قال هيرونيمس : أقدم إليك جميع صلواتي وعواطف قلبي المغرن بمحبتك المقدسة. قال يسوع : حسناً ... حسناًكل مالي وكل ما أنا عليه أهبك نفسي بجملتها يا حبيبي. قال يسوع : أريد ان تعطيني شيئاً آخر. قال هيرةنيمس : لن يبقى ليشي آخر يا إلهي ، فتناوا وقل لي اي شيء تريد ان اقدم إليك. قال يسوع: ألا يا هيرونيمس اعطني خطاياك. قال هيرونيمس : ماذا تروم يا الهي ان تفعل بها ؟ قال يسوع : أعطني خطاياك لأغفرها لك بكليتها . قال هيرونيمس : آه يا ما ألطفك يا يسوع المحبوب ، فأسمح لي ان أسكب على قدميك عبرات التعزية والفرح . فهاجت إذ ذاك عواطف الحب في قلب القديس هيجاناً لا يوصف ولم يتمالك ان أفاض الدموع الغزيرة. إكرام كلما احاقت لك الأحزان من جراء هطاياك وكنت نادماً وتائباً عنها اذكر ان المسيح قد وفى عنها في شديد حبه لك واسمعه يقول لك قوله للمخلع : ثق يا بني مغفورة لك خطاياك .. نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع اني واثق بك. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في شدة محبة الله للأنسان تعجب أيوب الصديّق من محبة الله للأنسان فقال في تعجبه هذا : (( من هو الأنسان حتى تعظمهُ وتضع عليه قلبك )) ( أيوب 7 : 17 ) . وقال داؤد النبي : (( من هو الأنسان حتى انك تذكره وأبن آدم حتى انك تتفقدهُ )) ( مز 8 : 5 ) . وفي الحقيقة ان الأنسام بجسده خليقة حقيرة كثيرة البؤس والشقااء ولكنه بنفسه جليل القدر وعظيم الشأن لأن نفسه مخلوقة على صورة الله ومثاله ( تك 1 : 26 ) ، ومن حيث ان الأنسان مخلوق بنفسه على صورة الله ومثاله يحبه الله محبة الأب لأبنه ومحبة الأم لولدها وفلذة كبدها. ولكن محبة الأب لأبنه ومحبة الله للأنسان تفوق بما لا يحد محبة الأب لأبنه ومحبة الأم لولدها لأن ما صنعه الله وحبه للأنسان لم يصنعه أب لأبنه ولا أم لولدها ولا صديق لصديقه ولا عروس لعروسها ، مهما تفاقمت محبتهم وبلغت أشدها . وهذا الصنيع العظيم والعجيب هو : (( أجل لما كنا خطأة ، مات المسيح في الوقت المحدد من أجل قوم كافرين ، ولا يموت أحد من أجل امرىء بار .. أما الله فقد أظهر محبته لنا ، إذ مات المسيح من اجلنا اذ كنا خاطئين )) ( رومية 5 : 6 – 8 ) . فيا للحب الذي لا مثيل له ، أننا أخطأنا وأسخطنا الله ومن أجل ذلك صار يسوع مخلصاً لنا لأنه أحبنا ولا يريد هلاطنا . هذا ما أوضحه لنا القديس يوحنا الرسول بقوله : (( بهذا تبينت محبة الله لنا ، ان الله ارسل أبنه الوحيد الى العالم لنحيا به )) وزاد قائلاً : (( في هذا هي المحبة ليس اننا أحببنا الله بل انه هو أحبنا وأرسل ابنه غفراناً لخطايانا )) 0 يو 4 : 9 – 10 ) . وفي هذا العمل حقيقة المحبة وشدتها وكمالها . فهذه محبة الله الضديدة للبشر كافة . هذه هي المحبة المنقطعة النظير التي تفوق كل محلة بشرية وملائكية جهلها الأنسان او تغافل عن معرفتها ، ولذا التزم ربنا يسوع في شديد حبه لنا أيضاً ان يوحي الينا بعبادة قلبه الأقدس على يد امته القديسة مرغريتا مريم ليذكرنا بشديد حبه لنا الذي تشير اليه لهبات النار الصاعدة من قلبه أتون المحبة ويدعونا في الوقت نفسه الى محبته لأنه من الواجب علينا ان نحب الله الذي أحبنا ووضع نفسه عوضنا ( 1 يو 3 : 16 ) . وفضلاً عن ذلك ان من جهل محبة الله له ، تاه عنه وثبت في شروره وخطاياه (( لأن ليس لنا خلاص بغيره )) . أما من عرف محبة الله وأحبه وجد في محبته هذه كثرة الخيرات وخلاصه الأبدي وسعادته الدائمة. http://www.peregabriel.com/gm/albums...images8525.jpg خبر روى ان سيدة فاضلة كثيرة الورع كانت تسمع ذات يوم القداس وتتأمل الذبيحة الألهية ، وإذا بالمخلص الألهي تراءى لها بعد الكلام الجوهري بهيئة طفل في غاية الجمال ، وأنحدر من على المذبح متوجهاً نحو ثلاث عذارى شابات كن هناك ، فطفق يلاطف الاولى مهن ويعانقها ويقبلها بحنو لا مزيد عليه . ثم سار الى الثانية فكشف قناعها وجعل يحدق بها بعين ملؤها الحب والأخاء . وفي الآخر انتهى الى الثالثة التي كانت في حالة شديدة ومؤلمة حتى طرحها على الأرض ثم عاد الى المذبح وغاب. فعند ذلك تعجبت تلك السيدة من هذه الرؤيا وارادت ان تقف على معناها وأخذت تصلي كثيراً لتنال مرغوبها ، فظهر لها الطفل يسوع ثانية وقال لها : أعلمي يا أبنتي ان هؤلاء العذارى اللواتي شاهدتيهنّ هن خادماتي . فأولى منهن تحبني حباً قلبياً ولكنها شديدة الضعف ، واهنة العزيمة فأعاملها بغاية اللطف والعذوبة مثلما تعامل الأم وضيعها لتستطيع الثبات في محبتي وخدمتي. والثانية تحبني حباً خالصاً ومن كل نفسها فلا تكترث كثيراً لملاطفتي اياها لأن الذي يهمها قبل كل شيء هو ارضائي لا ارضاء نفسها ولكنها تود مع ذلك ان تراني الاطفها بعض الأحيان . أما الثالثة فأنها تحبني حباً مجرداً كاملاً ولذلك أمتحنها بأنواع الأوجاع والآلام ولا تستطيع هذه الألام وان أشتدت ان تضعف محبتها . ومن أجل ذلك هي أكرم لدي وأعز عليّ من الأولى والثانية ، وإن بان للناظر اني اعاملها معاملة قاسية. إكرام أحتمل آلامك واحزانك حباً بقلب يسوع الأقدس. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) ليكن معروفاً وحبوباً في كل مكان قلب يسوع |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ان محبة الله لنا لم تنته الى أقصى حدودها بتجسده في احشاء مريم العذراء وبآلامه وموته على الصليب . ان هذه المحبة العظيمة والشديدة لم تكن إلا بداية لمحبة أعظم وأشد حيرت العقول ، وقد أعلن لنا ربنا يسوع المسيح هذه المحبة بغايتها القصوى برسمه سر القربان المقدس. إن المحبة تقرب القلوب بعشهما من بعض وغايتها القصوى الأتحاد باللذين تحبهم . ولما كان ربنا يسوع قد أحبنا للغاية ( يو 13 : 1 ) ألجأته محبته هذه الى الأتحاد بنا فرسم لذلك سر القربان المقدس تاركاً لنا ذاته في هذا السر تحت أشكال الخبز والخمر ، ويدعونا الآن الى قبوله ليحيا فينا ونحيا فيه ، ليثبت فينا زنثبت فيه ، فيدرك الحب غايته القصوى وندرك نحن أيضاً غاية كمالنا المسيحي. لأننا بدون ان نثبت في المسيح لا حياة ولا خلاص لنا كما أكد لنا ذلك ربنا يسوع المسيح نفسه بقوله لنا (( إن لم تأكلو جسد أبن البشر وتشربو دمه فليس لكم حياة في ذاتكم. من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيّ وأنا فيه. من يأكلني يحيا لأجلي )) ( يو 6 : 54 ، 57 ، 58 ) . وما هذه الحياة لأجل الله إلا الحياة الحقيقية التي تولينا القداسة وتبعدنا عن النجاسة وتقيمنا في اليوم الآخر عن جنب اليمين. لاشك ان خالق النفس على صورته ومثاله عالم بأن هذه النفس لا يشبع جوعها ولا يروي عطشها الى الخيرات والأفراح والمسرات بغيره تعالى ، كما ان عطشه الى محبتنا لا يشفي غليله غير اتحادِه بنا ، فقدم لذلك الينا ذاته الألهية في سر القربان الأقدس ، وفي تناولنا اياه نجد كفايتنا ومسرتنا فنبتعد عن الخلائق وعن الخطيئة ونأتي بثمار كثيرة لحياة الأبد. فيا للحب الذي يجهلهُ كثيرون ولا يعرفه غير القليلين. واليوم تهدينا الى معرفته عبادة قلب يسوع الأقدس وتدعونا في الوقت نفسه الى مقابلته بتناولات مستمرة. خبر كان في مدينة روما شنة 1770 م رجل فقير يُعرف بفقير يسوع المسيح ، وأسمه بنيتو جوزيبي . فهذا الرجل احتقر خيرات الأرض ، فأغناه الله بأجمل الفظائل وملكهُ أعظم الكنوز وهو محبته تعالى . كانت عبادته تتمركز خاصة على قلب يسوع في سر القربان المقدس ، فلم يسعه الأنفصال عن اله هياكلنا ، فكان يقضي خمس او ستّ ساعات في السجود . وكان يحب خدمة القداس ومرافقة الزاد الأخير الى بيوت المدنفين. وان سجد للقربان حدق نظرهُ فيه كأنه يرى يسوع بعينيه ويشعر اذ ذاك بفرح باطني يضارع فرح الملائكة. ولكن اعظم افراحه كان التناول ، فيستعد له بأشواق وتنهدات حارة كهذه : يا الهي وكل شيء لي ، يا حب قلبي الوحيد ، هلم اليّ وإن تتأخر يبدو لي تأخرك كألف سنة. وكان يبذل مجهوده في تضبيه قلبه بقلب يسوع ولذا كان ينبذ من قلبه كل ما ليس ليسوع ، وفي كل صباح كان يضع نفسه في قلب يسوع وفيه كان يجد تعزيته وحصناً منيعاً في وجه العدو وملجأ أميناً في تجارب هذا العالم الفاسد. إكرام أقترب من مائدة الرب لتزداد حباً له. نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً) يا جسد المسيح خلصني . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تعالو اليّ جميعاً ( متى 11 : 28 ) فأستمعوا بني البشر وتعجبوا من لطافة هذه الكلمات فرط حلاوتها حتى ان القديس باسيليوس السلوقي يقول في التعليق عليها : تعالوا الي جميعاً فأني لا أضع حداً لمواعيدي ، وقلبي ينبوع الجودة التي لا تنفذ، يمحو آثامكم وخطاياكم. تعالوا الي جميعاً فأريحكم ، أعرضوا علي أسقام خطاياكم فأعالجها ، اظهرو جروحاتكم فأضع عليها المرهم. تعالو الي جميعاً فأن قلبي رحب يسعكم جميعاً وبحار جودتي فسيحة لقبول اجواق الخطأة الذين كالأنهار يلقون نفوسهم فيها لكي يغرقوا زلاتهم ومآثمهم. تعالوا الي جميعاً إذ لابد لقولي من مفعول فأنه شبكة ألقيتها في بحر العالم لأصطاد البشر واقيدهم بها . تعالوا الي جميعاً. ياللصوت القدير الذي انتصر على جميع الأمم ويا للكلمة العلوية قد أسّرت المسكونة كلها تحت نير الأيمان بسلطتها واقتدارها. تعالو جميعاً الى قلبي، تعالو ايها الأطفال الى قلب يسوع فأن محبته أشد من محبة أمهاتكم لأن محبتهنّ ظل بجانب ما يحبكم هذا القلب الحبيب. تعالوا ايها الشيوخ الى قلب يسوع فأنه يرجع عليكم شبابكم لتصبحوا كالنسر. هلموا ايها الأبرار الى قلب يسوع حتى اذا ما تحصنتم في هذا الملجأ الأمين أرتقيتم يوماً فيوماً من فضيلة الى فضيلة. تعالوا ايضاً ايها الخطأة بأجمعكم الى قلب يسوع فأن كانت خطاياكم كالقرمز فيبيضها كالثلج (أشعيا 1 : 18) . فيا ايتها النعجة الضالة من بيت اسرائيل ، يا نفساً بائسة أعياها تعب طريق الآثام ، لعلكِ تقولين وانت في تلك الحالة التي أوصلتكِ اليها اضاليلكِ ، لقد خذلني الرب ونسيني سيدي ( أشعيا 49 : 14)، ولكن أسمعي ما قاله الرب للقديسة آنجلا: ان اولادي الذين عدلوا عن طريق ملكوتي بخطاياهم وصاروا عبيداً للشياطين، متى رجعوا اليّ أنا أباهم فأقبلهم ويفعمني ارتدادهم فرحاً وأمنح نفوسهم الخاطئة نعماً لا أمنحها دائماً لنفوس تقية، ولذا من أرتكب خطايا جسمية يمكنه ايضاً ان ينال نعمة عظيمة ويحظى برحمة كلية . خبر رسم أحد الكهنة الأفاضل صورة رأس يسوع مكلل بالشوك وعلقها في حجرته بجانب شباكه ، وكان كل يوم يقضي ساعات في التأمل فيها ، فأشرفت امرأة من حجرتها على مشاهدة الكاهن بحالة تأمله اليومي وظنت انه يشاهد صورته في المرآة كما كانت تفعل هي ، فقالت في نفسها : إن الكهنة ايضاً يتظرون الى صورة وجههم في المرآة فلماذا يلوموننا نحن النساء على فعلنا هذا؟ ثم ارادت ان تتحقق من ظنها فسألت الكاهن ذات يوم. فأجاب الكاهن للوقت الى سؤالها وأراها ما ظنتهُ مرآة ، واذا هي صورة وجه يسوع مكلل بالشوك والدماء تجري من جروح رأسه على خديه . ثم أنتهز الكاهن هذه الفرصة وقال للمرأة : عوض ان تنظري كل يوم الى وجهكِ في المرآة مدة ساعات بلا فائدة خذي لكِ مثل هذه الصورة وتأملي فيها كل يوم محبة يسوع الشديدة لكِ التي وصلتهُ الى قبول جميع هذه الآلام لأجل خلاصكِ. لا تكوني كاليهود الذين أراهم بيلاطس وجه يسوع مكللاً بالشوك فلم تلن قلوبهم بل زادت قساوة وطلبوا صلبه . فأنظري انتِ الى صورة وجه يسوع المشوه بالأحزان والآلام ولا تزيديه حزناً وألماً بوقوفكِ ساعات من الزمن امام مرآتكِ للتباهي والأعجاب بصورتكِ . أغسلي نفسكِ بدموع التوبة لا بعطور الأثم ، وأصرفي وقتكِ الثمين في الأهتمام بخلاص نفسكِ لا بأهلاكها وابادتها. كان كلام الكاهن قد أثر في قلب تلك الخاطئة فحملها على التوبة وتغيير سلوكها الماضي. إكرام لا تقاوم الروح القدس إذ دعاك الى عمل خير او أجتناب شر. نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع مرني ان آتي اليك. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في حاجتنا الى الله كل نفس تشعر بحاجة الى الله ، وحاجتها هذه لا يستطيع غير الله ان يسدها لأن لا شيء يقدر ان ينوب مناب الله. ولذا نرى الأنسان منذ بدء وجوده يطلب الله ويتوق اليه ولا يقدر ان يستغني عنه. إن الخلائق وخيرات الأرض تقدر ان تلهينا عن الله ولكنها لا تستطيع قط ان تمنع حاجتنا اليه. إن الملك سليمان الحكيم بعد كل ما إشتهى قلبه من خيرات الأرض وأفراح الدنيا اعترف في الآخر ان جميع هذه الخيرات وهذه الأفراح باطلة وكآبة للروح ( جامعة 2 : 11 ) . وسمعنا داؤد أباه يصرخ أكثر من أبنه بشوق نفسه الى الله فقال : (( اللهم أنت الهي واليك أبتكر ، عطشت نفسي اليك ، أشتاق اليك جسدي )) ( مز 62 : 2 ) فهذا الصوت هو صوت كل نفس ، وهذا العطش لا يرويه غير الله كما ان عطش الجسد لا يرويه غير الماء الزلال. وهذا ما يفهمنا اقبال كل انسان على عبادة الله في كل مكان وزمان منذ تكوينه على الأرض ، فأنه إذ جهل الله الحق ، عبد عوضه الأوثان ، حتى جاء المسيح فنادانا قائلاً : تعالوا الي ولا تعبدوا غيري انا الأله الذي لا يستطيع غيري ان يشبع جوعكم ويروي عطشكم. وفي هذه الأيام يرى الله الأنسان قد ظل عنه ويحب الأرضيات والماديات وبردت محبته له، فدعاه اليه بعبادة قلبه الأقدس ليهبنا ذاته ويسد عوزنت بقبولنا سر القربان المقدس الذي هو روح عبادة قلب يسوع غذاؤنا ، لأن هذه العبادة بدون القربان المقدس تكون كجسد بلا روح ولكل حي طعام وبدون هذا الطعام يكون ميتاً. فالجسد يحيا بالطعام ، والنبات يحيا بالطعام ، والحيوان يحيا بالطعام ، والطير يحيا بالطعام ، وكذلك العبادة لقلب يسوع الأقدس تحيا بالطعام وطعامها القربان المقدس. خبر روى أحد المرسلين في كولومبيا البريطانية ان احدى الفتيات لم يسمح لها ان تأخذ التناول الأول لصغر سنها ، وغير انها كانت تتلظى شوقاً الى قبول رب الأرباب . فذهبت يوماً الى الكاهن وقالت له : يا أبانا أني أشتهي ان آخذ التناول الأول. فأجابها الكاهن : لا يمكنكِ ان تتناول لأنك صغيرة السن ولا تعرفين ما التناول. فأعادت السؤال وألحت في الطلب. وحدث بعد ذلك ان الكاهن أجتاز يوماً وقت الظهر بجانب الكنيسة فدخلها للقربان المقدس فإذا بالفتاة جاثية أمام المذبح تناجي يسوع مناجاة عالية وتقول : ألا يا يسوع ، ان الكاهن يقول لي اني لا أعرفك أنت أبن الله ، أنت الطفل الذي ولد في مغارة بيت لحم وعشت في الناصرة وجلست بين العلماء في الهيكل ، ثم أخذت لك رسلاً وعلمتهم الصلاة وتألمت مُت على الصليب ، وقمت من القبر في اليوم الثالث ، فترى اتي أعرفك حسناً. فأطلب اذن منك ان تفتح عينيّ الكاهن حتى يعرف جلياً إني أعرفكَ )) . فأثر هذا الكلام في قلب الكاهن وسالت دموعه ، وفي المساء رجع الى الكنيسة وقد أجتمع فيها المؤمنون للصلاة فدعا الفتاة وقال لها : كم مرة زرتِ اليوم القربان الألهي ؟ أجابت : خمس عشر مرة. فقال لها : ان الرب يسوع أستجاب صلاتكِ وعرفتُ الآن وتحققتُ انكِ تعرفين حسناً ما هو سر القربان المقدس فأستعدي للتناول الأول حسب رغبة قلبكِ. إكرام تناول القربان المقدس في الجمعة الأولى من كل شهر. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) كما يشتاق الأيل الى ينابيع المياه تتوق نفسي الى محبتك يا قلب يسوع الهي. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في تناول القربان المقدس يسدُ حاجتنا ان العبادة لقلب يسوع الأقدس ليست من باب الأطلاق إلا ممارسة المحبة ، فاذا علمنا جيداً حقيقة التناول فهمنا كفاية انه ما من طريقة توقد في قلوبنا نار محبة يسوع اكثر من تقدمنا بتواتر لقبول سر محبته العجيب . قالت القديسة آنجلا دي فولينيو ( ايطاليا 1260 – 1309 ) : (( لو تأملت النفس وأنعمت نظرها فيما يجري في هذا السر الألهي لتحول جليد قلبها البارد الى لهيب حب وإمتنان اذ ترى ذاتها محبوبة حباً عجيباً )) . إن التناول يولينا حياة يسوع ( 2 بط 1 : 4 ) . وهذه الحياة كلها قداسة وبرارة وسلام وغبطة . بالتناول نسلم من فساد العالم ونخبر بفضائل ذلك الذي دعانا من الظلمة الى نوره العجيب ( 1 بط 2 : 9 ) . فيا للحزن العظيم الذي نسببه لقلب يسوع بإمتناعنا عن التناول وعدم التفاتنا الى سر القربان المقدس. إن هذا المخلص الإلهي قال يوماً لأمته الجليلة مرغريتا مريم : (( تناوليني ما أستطعتِ )) وقال لها أيضاً : (( تذوب نفسي عطشاً الى ان يحبني البشر ويكرمونني في سر محبتي ، ولكني لا أرى من يجتهد بتكميل رغبتي ويروي غليلي ويكافئني بعض المكافأة )). ولذا طلب منها ان يتناوله المؤمنون في كل أول جمعة من الشهر وليكن تناولهم إياه للتعويض عن الأهانات التي تصيبه في القربان المقدس ووعدها بأن الذين يمارسون هذا التناول بإتقان يهبهم نعمة التوبة عند الموت فلا يموتون بدون ان يقبلوا الأسرار الاخيرة. فغاية قلب يسوع الأقدس من وضعه التناولات التسعة المتوالية في كل أول جمعة من الشهر شرطاً للفوز بالحياة الأبدية ، ليست إلا ان يعودنا رويداً رويداً الإكثار من قبول سر القربان المقدس ، إذ ان قبوله مرة واحدة في السنة لا يجدي النفس نفعاً كما لو قبلته مراراً عديدة. ولما كنا في عبادة قلب يسوع الأقدس نمارس أفعال محبته ، كانت التناولات المتواترة أجدر من سواها بإعطائنا حياة الله وانمائها فينا لنظفر من ثمة بحياة الأبد قياماً بوعد قلب يسوع. خبر يحكى ان امرأة غير متدينة ، كانت تشعر في داخلها بشوق شديد الى العبادة وخبز القربان المقدس ، متأكدة ان النفس لا حياة لها بدون هذا الخبز السماوي ، غير انها لم تجد في حياتها ما يسكن لظى شوقها هذا ويريح نفسها . فعلمت بعد البحث الطويل انها لا تجد ضالتها إلا في الإنجيل المقدس ، فأخذت تبذل غاية جهدها لتعيش ايمانها المسيحي الذي يستطيع وحده ان يحقق رغبة قلبها ويعطيها ما هي بحاجة اليه ، فقامت في وجهها صعوبات كثيرة وموانع عديدة غير انها تغلبت على جميعها وتمكنت في الآخر ان تعيش حياة مسيحية مثالية مع لفيف اولادها وعائلتها وعدد كبير من النفوس العطشى مثلها الى المنّ السماوي الذي لا حياة لنا بدونه. إكرام حاول ان تتناول القربان المقدس كلما حضرت القداس الألهي. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الأقدس زد إيماني بشدة حبك لي . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل مفاعيل التناول العجيبة قال الحكيم : (( أيأخذ الأنسان ناراً في حجره ولا تحترق ثيابه ؟ )) ( أمثال 6 : 27 ). وكذلك يمكننا ان نقول عمن يحسن تناول القربان المقدس فأنه يشعر بحرارته ومفاعيله التي لا تقف عند منعنا عن الخطيئة ، بل تحول حياتنا كلها فنصير أبناء الله ، كمايتحول الخبز بكلمات التقديس الى جسد يسوع المسيح نفسه وهذا التحويل يكون خاصة في عقولنا وارادتنا وقلبنا وشهوتنا الحسية . فالعقل يتغير بالأنوار السماوية والعلوية التي يفيضها علينا التناول ، فتزيح ظلمات الجهل وأضاليل الشهوات وترينا الحق حقاً والباطل باطلاً. والإرادة تتغير بالقوة التي يخولنا اياها التناول لنقهر عاداتنا السيئة ونظفر بالفضائل المخالفة لها. والقلب يتغير بالتناول لأنه يجعله يقمع الشهوات الرديئة ويرفع عواطفنا عن محبة الأرضيات والخلائق وبنقلها الى محبة الخيرات السماوية . والشهوة الحسية تتغير بالتناول لأنه يطفيء نيرانها لا دفعة واحدة بل تدريجياً وبقدر ما تزيد المحبة ، بموجب قول القديس أوغسطينس : (( كلما ارتفعت المحبة الى فوق هبطت الشهوة الى أسف وبادت )) . هذه هي مفاعيل التناول العجيبة التي نشاهدها في القديسين الذين كانو في اول امرهم ضعفاء ناقصين فأضحوا أشداء أقوياء ، وكانو أرضيين وخشني الأخلاق والطباع فأضحوا روحانيين وديعين. فاذا كان الأمر كذلك فلماذا نرى الآن كثيراً من المؤمنين يتناولون بإستمرار ومع ذلك لا يتغيرون ولا يصطلحون ؟ إنهم لا يتغيرون لأنهم لا يحسنون التناول ولا يفهمون مقاصدهُ ، فإن يسوع يأتي اليهم ليقدسهم ، وهم لا يريدون القداسة بل البقاء على رذائلهم وخطاياهم. لا يتناولون لكي ينموا في محبة يسوع فتضعف شهواته يوماً فيوماً بل يتناولون كما يتناولون طعاماً مادياً بدون نية ان يصلحوا سيرتهم ويغيروا عاداتهم الذميمة. وعلى هذه النفوس كان قلب يسوع الأقدس يُكلم القديسة مرغريتا مريم غالباً ويقول لها : (( أبكي ونوحي دائماً لأن دمي يسكب باطلاً على كثيرين يكتفون بقطع الحشيش الخبيث المرتفع في قلوبهم ولا يريدون ان يقلعوا اصوله )) . فكم من تناولات تعدها جيدة وهي في حكم الله غير ذلك ، وقد تكون لشجبنا لا لخلاصنا الأبدي. خبر ان القديسة أيملدة لمبرتيني من رهبانية القديس عبدالأحد ، أمتازت منذ حداثتها بحب شديد ليسوع عروسها السماوي ، وإذ علمت انه موجود حقاً في القربان المقدس كان شوقها الى قبوله يشتد يوماً بعد يوم ، ولا سيما عند مشاهدتا أخواتها الراهبات يتناولنه ، ومع ذلك لم تأذن لها رئيسة الدير بأن تقترب من المائدة المقدسة لصغر سنها. ولكن من يقدر ان يمسك يد الله عن العطاء متى أراد ان يجزل احساناته لنفس طاهرة. ففي عيد الصعود بينما كانت الراهبات يذهبن الواحدة تلو الأخرى ليتناولن ، وكانت أيملدة وحدها بعيدة عن المائدة المقدسة أستطاعت بكثرة تنهداتها وصلواتها ان تقرب الله منها ، فنزل قربان من السماء على مشهد من جميع الراهبات المتعجبات ووقف على رأس أيملدة . ففهم الكاهن إذ ذاك ارادة الله ، فجاء وأخذ القربان المقدس وناول الفتاة أيملدة . فلم يسعها هذه الفتاة المغبوطة ان تهبط فرحها فأطبقت عينيها وطارت نفسها الى الأخدار السماوية. إكرام ليكن تناولك للقربان المقدس وقبولك ليسوع في قلبك بشوق حميم ، ليقلع منه محبة الأرضيات وأباطيل الدنيا ويثبتك في محبته. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الأقدس أرويني من دسم بيتك ومن بحر لذاتك أسقني.( مز 35 : 6 ). |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في ان المحبة لقلب يسوع تدعو الى نبذ الخطيئة واجتنابها لما ظهر ربنا يسوع لأمته القديسة مرغريتا مريم أراها قلبه الأقدس محاطاً بأكليل من الشوك، ليفهمنا ان الخطايا التي يفعلها الناس هي مثل أكليل من شوك يؤلم قلبه الأقدس من جميع اطرافه كما آلم رأسه الألهي ذلك الأكليل الذي ضفرته له أمتّه الخاطئة ، و سمعناه يتشكى كثيراً من الأهانات التي تصيبه من شعبه المسيحي خاصة ، وما هذه الأهانات سوى انواع الخطايا التي تتجدد كل يوم بل كل ساعة على وجه الأرض . فالخطيئة اهانة الله ومخالفة ارادته المقدسة ونواميسه الألهية ، وتعطل مقاصده الأزلية فينا وتجعل جميع استحقاقات آلام وموته على الصليب بدون فائدة. ولأن من أراد حقاً ان يحب يسوع ويتقدم في محبته عليه قبل كل شيء ان يتجنب الخطيئة ولا سيما خطيئة الدنيا التي تميت عواطف التقوى ، بل تميت الأيمان نفسه فيصير الأنسان جسدانياً ، مادياً وأرضياً لا يهم بأمور الروح ، ولا يستطيع ان يُقبل على عبادة قلب يسوع الأقدس لأنه لا يفهمها كما يؤيد لنا ذلك القديس بولس الرسول بقوله عن الأنسان الخاطيء : (( انه لا يقبل ما لروح الله لأن عنده جهالة ولا يستطيع ان يعرف )) ( 1 قور 2 : 14 ) . وفي الحقيقة ان ربنا يسوع يقصد بعبادة قلبه الأقدس ان يتخذ له احباء بين بني البشر ويعقد معهم صلة صداة وولاؤ ، ولكن الخطيئة تجعل النفس غير قابلة لهذه الصلة وهذا الأقتران ، لأنه كما يستحيل امتزاج الزيت بالماء والنور بالظلام ، كذلك يستحيل امتزاج قلب يحب الخطيئة بقلب يسوع الطاهر من كل خطيئة والمبغض لها. ولذلك كانت القديسة مرغريتا مريم تحرض كثيراً تلميذاتها على اجتناب الخطيئة قائلة لهن : (( كن على الدوام مستعدات لأجتناب كل ما يسيء الله تعالى لكي لا تخسرنّ الى الأبد صداقة قلبه الأقدس )). خبر ولدت القديسة مرغريتا الكرتونية في أواسط القرن الثالث عشر في احدى ابرشيات توسكانا في ايطاليا ( 1250 – 1297 ) ، ومنذ حداثتها استولى على قلبها الحب الدنيوي ، فتعلقت برجل برجل غني وعاشت معه في المنكرات تسع سنين حتى قُتل شر قتلة. وبعد اهتدائها الى محل قتله وجدتهُ قد أنتن والديدان تأكل لحماته ، فتأثرت من هذا المشهد المروعوشعرت للوقت بكل قباحة سلوكها وعزمت على ان تغير سيرتها وتكفر عن خطاياها . فرجعت الى أبيها نادمة وأنطرحت على قدميه كالأبن الشاطر وسألته باكية ان يغفر لها ويقبلها في بيته. فتحنن قلب الأب على أبنته الشقية وقبلها في بيته لتعوض عن شكوكها ، غير انه بعد حين طردها من بيته . فكانت هذه القساوة الأبوية تجربة شديدة لمرغريتة ، فأستولى عليها فكر الرجوع الى سلوكها الأول ولكن الرحمة الألهية قادتها الى دير راهبات القديس فرنسيس وقُبلت في الرهبانية الثالثة التوبية بعد ان امتحنوها مدة ثلاث سنين. و ختمت مرغريتا حياتها بميتة مقدسة تلتها عجائب كثيرة . ولا يزال جسدها سالماً من فساد القبر الى يومنا هذا . إكرام لا تتفرغ في اعترافاتك لفحص الضمير فقط ، بل أبذل اكثر جهدك في الندامة على خطاياك ، فقد أعلم قلب يسوع أمته القديسة مرغريتا مريم بأنه يريد ان نقبل سر الأعتراف بقلب منكسر متضع وهو يعوض عن بقية تقصيراتنا غير الأرادية . نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الحزين في بستان الزيتون أكسر قلبي ندامة على خطاياي. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في ان محبة يسوع لا تكون بدون محبة القريب والأحسان إليه ان شئنا ان نرى في حياتنا الأيام الصالحة التي تعدنا بها عبادة قلب يسوع الأقدس لا يكفي ان نحيد عن الشر باجتنابنا الخطيئة ، بل يجب علينا علاوة على ذلك ان نصنع الخير ونحسن الى قريبنا الذي جعله الله بمنزلة نفسه فقال لنا : (( ان ما تفعلونه بأحد إخوتي الصغار فبيّ تفعلونه )) ( متى 25 : 40 ) . وجعل محبة القريب بعد محبته بل جعلها شبيهة بمحبته فقال لمعلم الشريعة الذي سأله عن أعظم الوصايا : (( ان الوصية الأولى العظيمة هي ان تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ، والثانية تشبهها وهي ان تحب قريبك مثل نفسك . في هاتين الوصيتين سائر الناموس والأنبياء معلقون )) ( متى 22 : 37 – 40 ) . فلم يكتف ربنا يسوع بأن يحبنا بل أوصانا ايضاً بأن يحب أحدنا الآخر كما أحبنا هو ( يو 15 : 12 ). فمن أراد أن يحب الله من دون ان يحب قريبه ، فقد طلب المستحيل وكانت محبته لله كاذبة ، لأن محبة القريب لا تنفصل عن محبة الله كما لا يمكننا ان نفصل النفس عن الجسد إلا بالموت. وهذا ما صرح به القديس يوحنا الرسول بقوله لنا : (( ان قال قائل اني احب الله وهو يبغض اخاهُ فهو كاذب . ولنا هذه الوصية منه تعالى المحبة ، ان يكون المحب لله محباً لأخيه أيضاً )) ( 1 يو 4 : 20 – 21 ) . فالعبادة لقلب يسوع الأقدس لا تكون صادقة ان لم نبلغ فيها الى محبة قريبنا تلك التي هي ركن الحياة المسيحية ، لأن القلب الذي نعبده قد أحب جميع الناس على السواء وبذل نفسه عن كل انسان ولا يزال يشرق شمسه على كل الأخيار والأشرار ويمطر على الصديقينّ والظالمين ( متى 5 : 45 ) . فعلينا ان نقتدي به بكل جهدنا لنكون تلاميذ محقين له : (( بهذا يعرف كل احد أنكم تلاميذي ان كان فيكم حب بعضكم لبغض )) ( يو 13 : 35 ) ، ولذا أعلم قلب يسوع الأقدس ذات مرة أمته القديسة مرغريتا مريم انه يعاقب في المطهر عقاباً شديداً أخف هفوة مخالفة لمحبة القريب. وكانت هذه القديسة توصي كثيراً تلميذاتها بمحبة القريب ومن جملة ما قالت لهن : (( يا ليت علمتن كم يغتاظ القلب الأقدس من مخالفتكن لمحبة القريب ، فأنكن تمنعنهُ بهذه المخالفة ان يفيض عليكن نعمه بغزارة أعظم )). http://www.peregabriel.com/gm/albums...814gk3%7E0.jpg خبر جاء في حياة القديس مارتن الجندي الباسل انه أراد ذات شتاء قارس ان يعود الى مدينة أميان عاصمة بيكاردية في القرن الرابع ، فلم يكن لباسه هو غير رداء واسع مختص برتبته العسكرية ، وربما كان قد اعطى الفقراء بقية ثيابه. فلما وصل الى باب المدينة شاهدَ فقيراً عرياناً وسمعهُ يستغيث بالمارين دون ان يلتفت احد اليه. فأفتكر إذ ذاك الجندي المملوء قلبه حباً لله وللقريب بأن إغاثة هذا المسكين مُعدة له. وقد شاء الله ان يمتحن بها فضيلة عبده ويُظهر للملا درجة محبتهِ للإنسان المتألم. فلم يكن لمارتن غير الرداء المار ذكرهُ وهو لا يكاد يكفي لأثنين غير انه لم يتردد في عزمهِ فأستل سيفهُ وقطع رداءهِ شطرين ، أعطى الشطر الواحد للفقير وأبقى لهُ الشطر الثاني وإذ لم يكن كافياً ليستر جميع اعضاءهِ ، قرسهً البرد وألمه في أطرافهِ المعراة. فجعل الناس يستهزئون بهِ لقصر رداءهِ ولا يغطي جمسهُ كما يجب . لكن مارتن الذي لم يكن يكترث للمدح ولا للقدح ، ترك الناس وشأنهم ودخل بيتهِ وباتَ فيهِ ليلتهِ. وفي ليلتهِ ترأى له الرب يسوع في الحلم وهو لابس قطعة الرداء التي أعطاها للفقير المجهول وقال لهُ : أنظر إلى هذا الرداء فأنهُ رداؤكَ الذي اعطيتني إياه أمس ، ثم إلتفتَ نحو الملائكة المحدقين بهِ وقالَ لهم : إن مارتن الجندي هو الذي كساني بهذا الرداء. وأشارَ بكلامهِ هذا إلى قولهِ : (( إن كل ما تفعلونه بأحد أخوتي هؤلاء الصغار فبي تفعلونه )) . ( متى 25 : 4 ) . إكرام ما تحب ان يصنعهُ الناس بك ، إصنعهُ انت بهم فتكمل وصية المحبة . نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلبَ يسوع أتون المحبة إشعل قلبنا بنار محبتك ومحبة القريب . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في محبة قلب يسوع تحمل على محبة الأعداء
إن شريعة موسى كانت تبيح للأنسان ان يبغض عدوهُ ويقاوم الشر بالشر. ولكن شريعة المسيح هي بخلاف ذلك ، لأنها اكمل بكثير من شريعة موسى . فقد علمنا ربنا يسوع المسيح ان نحب أعدائنا ونحن إلى من يبغضنا ونصلي لمن يضلمنا ويطردنا لأننا إن أحببنا من يحبنا فلا فضلٌ لنا ( متى 5 : 24 – 26 ). لأن هذه المحبة طبيعية في كل انسان. ولكننا ان احببنا من يبغضنا اي اعدائنا اذ ذاك ترتفع محبتنا الى ما فوق الطبيعة وتكون شبيهة بمحبة ربنا يسوع نفسه الذي احب اعدائهِ واحسنَ إليهم ولم يميزهم في إحساناتهِ عن احبائه وأصدقائهِ انفسهم. غسل قدمي يهوذا الأسخريوطي كما غسلَ أقدام رسله الأطهار ، ناولهُ جسدهُ ودمهُ الأقدسين كما ناولهما بقية رسلهِ . ان بطرس قطع اذن عبد عظيم الكهنة الذي كان الد أعدائهِ. اما هو فلم يرضَ على بطرس فعلهِ واخذَ الأذن واعادها الى صاحبهِ. ( لوقا 22 : 51 ) . وسمعناه على الصليب بعد ان احتملَ من اعدائه وصالبيه انواع التعييرات والأهانات والعذابات يطلب لهم المغفرة قائلاً : با أبتِ إغفر لهم ( لوقا 23 : 24 ) . واليوم كذلكَ يرى الرب يسوع اكثر المسيحين يعادونه ويقاومون ارادتهُ ويخالفون وصاياه ومع ذلكَ يدعوهم الى عبادة قلبهِ الأقدس ويكرر عليهم بلسان الرسل قائلاً لهم : (( انتم احبائي )) ( يو 15 : 14 ) . ها هو ذا القلب الذي يحبكم غاية الحب . تعالو إلي فأريحكم . توبوا عن خطاياكم فأغفرها لكم ولا اذكرها الى الأبد. فمن لا يذهل من هذه المحبة لأناس خطاة وأعداء له ؟ لا شك ان هذا المثال مثال ربنا يسوع في محبة اعدائه يفوق ضعفنا ، وكثيراً ما نرى المتعبدين انفسهم والورعين وخائفي الله يحقدون طويلاً على قريبهم إذا اساءَ إليهم ويصعب عليهم ان يسلمو عليهِ ، ولكن فضيلة المحبة تقوم على قهر الأرادة . فمن أحبَ حقاً ربنا يسوع ضحى لهُ للوقت بكل ما تهواهُ الطبيعة الفاسدة حباً لإرادتهِ المقدسة . قال الرب ذات يوم للقديسة آنجلا دي ولينيو (( أن العلامة الأصح على المحبة المتبادلة بيني وبين خدامي هي حبهم لكل من يهينهم )) . http://www.peregabriel.com/gm/albums...artOfJesus.jpg خبر روي ان رجلاً شريفاً أسمهُ يوحنا كًالبرت ( ايطاليا 993 – 1073 ) كان لهُ عدو وكان يطلب إغتيالهُ ، فصادهُ ذات يوم في البرية مجرداً من السلاح ، وكانَ هو مسلحاً فوجدَ الفرصة سانحة لينتقم منهُ ، ولكن ذلك اليوم كان يوم الجمعة العظيمة ، فتذكرَ يوحنا ان المسيح في مثل هذا اليوم صلى لأجل اعدائه وصالبيه وغفرَ لهم. فنزلَ اذ ذاكَ عن دابتهِ ودنا من عدوهِ فصافحهُ وغفرَ لهُ من كل قلبهِ ، ثم دخلَ الكنيسة في ذلك اليوم عينه وجثا امام المصلوب الألهي وسأله ان ينجز وعدهُ وقالَ له : (( يا إلهي حقاً اني قد أهنتك كثراً في شبابي ، ولكنكَ قد وعدتَ في انجيلكَ بأنكَ تغفر للذين يغفرون وتكيل لنا بالكيل الذي نكيل بهِ لغيرنا. فأنتَ تعلم بأني اليوم قد غفرت من كل قلبي لعدوي حباً لكَ. فأصبحتَ إذن ملزوما بحسب قولك ان ترحمني )) . فأحنى المصلوب رأسهُ إشارةً الى قبولهِ طلبتهِ. وفي الحقيقة انه نالَ منهُ في ذلك اليوم نعماً وافرة وبركات سماوية غزيرة جعلتهُ قديساً جليلاً ومؤسس رهباني عامرة . إكرام إن لاقيتَ عدوكَ في بيت ، فسلم عليه حباً لقلب يسوع الأقدس الذي احبَ أعدائهِ وغفرَ لهم. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الأقدس لا تعاملني بموجب إستحقاقي بل بحسب رحمتك. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في ان محبة قلب يسوع تكمل بمحبة الصليب يفزع الأنسان من كلمة الصليب ، والصليب لابد منه في هذه الحياة إذ بدونه لا يمكننا ان نكون تلاميذ المسيح ( لو 14 : 27 ) . عرف القديسون منفعة الصليب فأحبوه وتاقو اليه ، كالقديس اندراوس الرسول ، فإنه لما رأى الصليب المعد لعذابه وموته صرخ متهللاً : يا صليباً محبوباً لكم تقتُ اليك. يا صليباً قد طلبتُكَ بلا ملل ، وها قد أعددت الآن طبقاً لرغبتي. إني احييك بالسلام . وهتف مثله القديس بولس الرسول : (( أمتلأتُ عزاءاً وأزددتُ فرحاً جداً بجميع شدائدي )) ( 2 قور 7 : 4 ) وصرحت القديسة تريزيا الكرملية بمحبتها للصليب بقولها المشهور وهو : (( أما التألم وأما الموت )) . ومثلها القديس يوحنا الصليبي ( اسبانيا 1670 – 1734 ) فلم يطلب ولم يرد بعد محبة يسوع غير محبة صليبه لا غير. فمن أين للقديسين هذه المحبة للصليب ، خلافاً لنا نحن الذين نهرب منه ولا نقبله إلا كرهاً وغصباً ، نظير سمعان القيرواني. إن القديسين استقوا محبتهم للصليب من قلب يسوع الأقدس نفسه الذي أحب الصليب في حياته كلها ومات عليه شهيد حبه له ، ولذا لما ظهر لأمته القديسة مرغريتا مريم كان فوق قلبه صليب للاشارة الى شديد حبه له فإنه قد فضله على طيبات الدنيا ومسراتها ، كما شهد لنا بذلك القديس بولس الرسول فقال : (( ان المسيح قد أحبنا وتخلى عما عُرض عليه من هناء وتحمل الصليب مستخفاً بالعار )) ( عبر 12 : 2 ) . ومن أجل ذلك يجب علينا نحن تلاميذه ان نحب الصليب كما أحبه هو لأنه لا يليق برأس مكلل بالشوك ان تكون اعضاؤه في جنة ونعيم. وعلى هذا تقول لنا القديسة مرغريتا مريم : (( من اراد ان يحب اللله من دون ان يحب التألم ايضاً ضل في ارادته هذه فلا يملُك الحب الصادق الا في التألم. فلنحب اذن قلب معلمنا الصالح المحبوب بكل قوتنا ولنحب حباً له جميع صلباننا اليومية من حر وبرد وجوع وعطش وتعب ومرض وغير ذلك )) . خبر ترهبَ رجل من ذوي الحسب والنسب في أحد أديرة القديس فرنسيس. ولما لم يجد في الرهبانية تلك الملذات والرفاهية التي تركها ، عزم على الرجوع الى العالم . فاشتدت فيه المحنة حتى انه لم يوقفه شيء عن اجراء عزمه. ولكن عند مفارقته الدير رأى صليباً ، فجثا أمامه ملتمساً مراحم فادي البشر. فيا لعظم رأفة قلب يسوع ويا لغزارة جودته الألهية ، فإن ذلك الرجل لم يكن قد انتهى من الصلاة ، اختطفَ من ساعته وظهر له السيد المسيح ووالدته الطوباوية وسألاه عن سبب خروجه من الدير. فأجاب : أنه إذ كان معتاداً عيشة رفاهية ، لا يمكنه احتمال شدة قوانين الرهبانية. فعند ذلك أراه المخلص جرح جنبه وعزاهُ قائلا : هات يدك يا ابني وضعها في جنبي والطخها بدم جروحي فيسهل عليك ويلذ لك كل شيء تراه صعباً . فأطاع ذلك المبتديء أمر مولاهُ . ولما كانت تداهمهُ التجارب وتلم به الشدائد كان يتذكر آلام أبن الله الحبيب فتتحول حالاً الى عذوبة ولذة مقدسة. إكرام اذا قدم لك يسوع مخلصك صليباً في محنك واوجاعكَ فاقبله بسرور واحمله صابراً حباً ليسوع الذي مات على الصليب حباً لك. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) سلام عليكَ ايها الصليب رجائي الوحيد. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في العمل حسب ارادة الله من أحب الله أحب ارادته المقدسة ايضاً وخضع لها في كل أمر وان شقَ عليه هذا الأمر وصعب ، لأن ارادة الله هي قداستنا ( 1 تسا 4 : 3 ) . أما ارادتنا فتطلب دائماً ما يخالف القداسة ويناقضها ويرضي الجسد وأهواءه. فالعمل اذن بأرادتنا ضلال يبعدنا عن القداسة ويقودنا الى الهلاك الأبدي ، أما العمل بإرادة الله في كل حين فيرشدنا الى كل بر وصلاح وقداسة . وهذا ما أراد ربنا يسوع ان يعلمنا ويُفهمنا اياه بخضوعه هو أولاً لإرادة أبيه السماوي في كل أمر وفي كل حين حتى موته على الصليب. تخلف يسوع ذات يوم عن أبويه في هيكل أورشليم ، ولما عاتباهُ عن تغيبه هذا عنهما وقد عذب نفسهما قال لهما : (( ألم تعلما انه ينبغي ان أكون في ما لأبي ، ثم نزل معهما وكان يخضع لهما )) ( لو 2 : 49 – 50 ) ، وواصل خضوعه هذا في حياته كلها فلم يفعل شيئاً بمجرد ارادته بل كان طائعاً لإرادة أبيه السماوي ، كما صرح لنا بذلك مراراً عديدة فقال : (( طعامي أنا أن اعمل مشيئة من أرسلني وأتم عمله )) ( يو 4 : 43 ) ، واني نزلت من السماء ليس لأعمل بمشيئتي بل بمشيئة من أرسلني ( يو 6 : 38 ) ، وفي بستان الزيتون لما فرغ من ذكر الموت ومن العذابات المعدة له أراد ان تعبر عنه هذه الكأس الشديدة المرارة ولكنه قدم ارادة أبيه على ارادته الذاتية فقال ثلاث مرات : (( يا ابتاه ان كان يستطاع فلتعبر عني هذه الكأس ولكن ليس كإرادتي بل كإرادتكَ )) ( متى 26 : 39 ) . فإن كان الرب يسوع قد أحبنا وبينَ لنا محبته هذه بطاعته الى الموت وجب علينا كذلك ان نبين لهُ محبتنا بخضوعنا لإرادته المقدسة وحفظنا وصاياهُ وشرائع كنيستهِ. فالطاعة لإرادة الله في جميع الأمور هي الدليل الأكيد على محبتنا له كما أكد لنا ذلك هو نفسه بقوله لنا : (( إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي . من كانت عنده وصاياي وحفظها فذاك هو الذي يحبني. من يحبني يحفظ كلمتي )) ( يو 14 : 15 و 21 ) . خبر جاء في حياة القديس مكاريوس المصري انه بعد ان صرف سنين كثيرة في الحياة النسكية حتى بلغ فيها الى درجة سامية من الكمال أهلته لقبول موهبة صنع العجائب . . فسمع ذات يوم صوتاً من السماء يقول لهُ : (( مكاريوس انك لم تصل بعد في كمالك الى فضيلة أمرأتين عائشتين معاً في المدينة المجاورة لك )) وإذ كان القديس يعد ذاته أحقر الكل وأنقص من الكل لم يتعجب من هذا الصوت السماوي ، لكنه أراد ان ينتفع منه ، فقام وطلب المرأتين ، ولما وجدهما سألهما عن كيفية حياتهما. فأجابتاهُ : ليس في حياتنا شيء خارق العادة ونحن عائشتان بمقتضى واجباتنا بلا تقصير. فلم يكتفِ الناسك القديس بهذا الجواب بل ألح عليهما بالسؤال طالباً منهما ان تفصلا له كلامهما و تشرحا له أعمالهما الصالحة الإعتيادية. فأجابتاهُ إذ ذاك قائلتين : اننا أمرأتان غريبتان لا قرابة بيننا غير اننا قد تزوجنا أخوين نسكن معهما في بيت واحد منذ خمس عشرة سنة ، وفي كل هذه المدة لم يوبخنا ضميرنا على مشاجرة بيننا او كلام غير لائق ، وقد طلبنا غالباً من رجلينا ان يأذنا لنا بالذهاب الى أحد الأديار ، فلم يجيبا الى طلبتنا ، فخضعنا إذ ذاك لإرادة الهنا ووعدناهُ بأن نقضي بقية أيام حياتنا في بيتنا هذا ونعيش فيهِ كأننا في دير من دون ان نبحث عن أمر من أمور العالم ، واننا بعونه تعالى قد حفظنا حتى الآن عهودنا للرب الهنا. فرجع الناسك القديس الى مسكنه مستفيداً ومباركاً الرب الذي لا يلتفت الى اختلاف الأحوال بين الناس بل يفيض نعمه وروحه على كل صنف منهم. إكرام انظر في جميع الحوادث ارادة الله وأخضع بطيبة نفس متيقناً ان الله لا يريد بجميع حوادث الزمان سوى خيرك وخلاص نفسك. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع ان تعزيتي في احزاني هي خضوعي لإرادتك المقدسة. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في ان محبة قلب يسوع تحمل على التجرد من محبة الخلائق إن الأنسان خليقة ناقصة ولذلك يشعر بميل شديد الى ثانِ يكمله ويسد عوزهُ. وهذا الثاني نظنهُ في جهلنا احدى الخلائق او أحد خيرات الدنيا فنتعلق به كل التعلق بالخليقة او بأحدى خيرات الأرض أمسى بالخطيئة الأصلية وبالاً على الأنسان لأنه يبعدهُ عن الله ويحرمهُ الخيرات الأبدية لأن النفس البشرية مخلوقة على صورة الله ومثاله فلا يستطيع ان يكملها ويسد عوزها غير الله وحدهُ. ولذا سمعنا ربنا يسوع يقول لنا في أنجيله الطاهر : (( لا تظنوا اني جئت لألقي سلاما على الأرض ، ما جئتُ لألقي سلاماً لكن سيفاً ، فأني أتيتُ لأفرق الأنسان من الخليقة )). ( متى 10 : 34 ) . على ان الله يريد قلبنا كله او لا شيء من ، ولا يكون قلبنا كله لله اذا تعلق ولو تعلقاً خفيفاً بأحدى الخلائق . فلم يتعلق أحد بخليقة إلا ضلّ وشقى ، ولذا كان جميع القديسين مجردين كل التجرد من الخليقة ليملأ الله وحده قلوبهم وهذا هتافهم : (( من لي في السماء وماذا أردت سواك على الأرض انت اله قلبي ونصيبي الى الدهر )) ( مز 72 : 25 – 26 ) . وكان القديس بولس الرسول يعد جميع الخلائق نفاية ليربح المسيح ( فيلبي 3 : 8 ) . فلا يمكننا بدون هذا التجرد ان نحب حقاً قلب يسوع الأقدس ونكون متعبدين مخلصين لهُ. ولذا كانت القديسة مرغريتا مريم تحث كثيراً تلميذاتها على التجرد من الخلائق بقولها لهنّ : (( ان قلب يسوع لا يسر بقلب منقسم فأنه يطلب قلبكم كله او لا شيء منه ، فاذا لا تنزعوا منه حب الخلائق حرمكم هو محبته وترككم على شأنكم )) وقالت ايضاً : (( ان ما يضعف نعمة الحب الألهي في قلبنا هو تعلقنا الشديد بالخليقة وتسلياتها ، فينبغي لنا اذن ان نموت عن كل ذلك لكي يملك علينا الحب الطاهر )). فلنقلع اذن من قلبنا كل تعلق منحرف بالخليقة ليملك عليه قلب يسوع وحده ويجعله نعيمه. إن نفسنا أرفع من ان تكون مقيدة بمحبة خليقة حقيرة فانية وهي مختارة لتكون عرش الله. خبر كان القديس فرنسيس دي بورجيا في اول امره احد أشراف مملكة أسبانيا ، وكان لهذا الأمير امرأة تدعى ايزابيل ، فاقت نساء عصرها بحسنها وجمالها ، فتعلق بها قلب فرنسيس تعلقاً شديداً بهذه الخليقة وأحب جمالها حباً أشغل جميع أفكاره وعواطفه . فأراد الله في جزيل رحمته ان يُظهر لفرنسيس بُطلان هذا الجمال المخلوق ليستولي هو وحده على قلبه عوض هذه الخليقة ويرشدهُ الى محبة الجمال الأزلي غير المخلوق ، ، فأنتظر لهذا التغيير موت ايزابيل الملكة . فأراد فرنسيس ان يرافق الجثة الى قبر الملوك في غرناطة ، ولما بلغ النعش مقرهُ وأزيح عنه لتحقيق الجثة وجدها فرنسيس في غاية السماجة والقباحة فضلاً عن نتانتها الكريهة ، فأنتبه إذ ذاك من سباته وعرف بطلان الجمال الأرضي وندم غاية الندم على ترك قلبه يتعلق بخليقة حقيرة لا تولي محبتها سلاماً وراحة. ثم عزم عزماً مكيناً على هجران الدنيا وتخصيص قلبه بمحبة يسوع لا غير وبهذه المحبة أضحى قديساً جليلاً وظفر بالسعادة الدائمة. إكرام اذا أغوتكَ خليقة بجمالها الفاني والباطل اجتنب معاشرتها ومكالمتها لئلا تستولي على قلبك فتحرمك محبة قلب يسوع الغالية. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الأقدس لا تدعني أحب أحداً سواك. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في ان العبادة لقلب يسوع الأقدس تحمل على الثقة ان الانسان الذي يرى كثرة خطاياه ويجهل محبة يسوع له يتصوره في الغالب عدواً له فيبتعد عنه ويهرب من وجهه ويهمل عبادته. وكان الواجب عليه ان يفعل خلاف ذلك لأن خطايانا الكثيرة هي التي حملت ابن الله على التجسد وقبول الآلام والموت لأجل خلاصنا ، فاذا عرفنا اننا خطأة ، عرفنا ايضاً ان لنا مخلصاً رحيماً شفوقاً رؤوفاً يحب الخطأة ولا يريد هلاكهم بل خلاصهم ( لو 9 : 56 ) . وعوضاً عن ان نبتعد عنه ، لنقترب منه ليغفر لنا خطايانا وينجينا من جميع شرورنا ولا يترك لها أثراً. ان المريض لا يهرب من الطبيب بل يتردد اليه كثيراً حتى يُشفى ، مع ان الأطباء يتعذر عليهم شفاء جميع الأمراض. فيجب علينا كذلك ان نتردد كثيراً الى يسوع مخلصنا متى علمنا اننا خطأة وقد أخطأنا ، ونساله بايمان وثقة ان يغفر لنا جميع خطايانا لكي نحبه من كل قلبنا . فهذه طلبة لا يردها قد واياها خاصة عنى بقوله : (( اسألة تعطوا ، اطلبوا تجدوا ، أقرعوا يُفتح لكم )) ( متى 7 : 7 ) . اذا كان يسوع المخلص لا يريد ان يقبلنا كما قبل الأبن الشاطر ، فلما تجسد وتألم ومات وصار لنا مخلصاً ؟ ولما أعلن لنا في هذه الأيام التي بردت فيها المحبة وكثرت شرور البشر عبادة قلبه الأقدس وكلمنا بلسان عبادته هذه على شدة محبته لنا وخلاصنا مكرراً عليناً عباراته الرقيقة التي قالها لتلاميذه ورسله وهي : (( ثقوا انا هو لا تخافوا )) ( مر 6 : 5 ) ، (( تعالو اليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال فأريحكم )) متى 9 : 13 ) ، (( اني أريد رحمة لا ذبيحة لاني لم آتِ لادعو الصّديقين بل الخطأة )) ( متى 9 : 13 ) . أليست غاية ربنا يسوع من جميع هذه الأقوال ان يحملنا على الدنو منه وعلى محبتهِ والثقة بهِ وان كنا خطأة. وعلى هذا اسمع القديس أوغسطينوس يقول : (( اني لا اجزع قط عند مشاهدتي كثرة خطاياي إذا ما تذكرتُ موت مخلصي لأن خطاياي لا تغلب ميتة مثل هذه الميتة ، فالمسامير والحربة تصرخ إلي قائلة : انك يا هذا قد غفرتَ حقاً وتصالحتَ انت والمسيح ان كنت تحبه ، وقد فتحتُ لكَ حربة الجندي جنب يسوع فإذا ما دخلتهُ ارتحت بأمان )) . خبر جاء في حياة القديسة كاترينا السيانية ( إيطاليا 1347 – 1380 ) ان الشيطان الخبيث عدوُ النفوس الطاهرة كان يثير في مخيلتها تصورات رديئة دنسة . وفي ذات يوم اشتدت فيها التجربة حتى ضنت ان الله قد تركها ، غير ان حبها له تغلبَ على هذه التجربة فهتفت : كلا يا إلهي كلا ، لا شيء يفصلني عن محبتكَ . إختفِ عني ما شئت ولا تفتقدني قط ، إذا شئت ذلك شارحة غير اني احبكَ من كل قلبي حيث ما كنت ولا يستطيع الزمان ولا الابدية ان يزعزعا عزمي هذا. وفي يومٍ آخر احدقت بها جماعة من الشياطين ، فهجم عليها احدهم وكان اكثرهم جسارة هاتفاً : (( يا شقية ألا تزالين على حياتكِ هذه ، إذا قاومتينا اضطهدناكِ حتى الموت )) ، فشعرت كاترينا إذ ذاك بضعف في قواها لقوة الشياطين ، ولما غابو عنها ظهر لها المخلص مملوءاً جودة فقالت له : اين كنت يا رب مدة هذه العاصفة ؟ أجابها يسوع اني كنت في وسط قلبكِ . قالت كاترينا متعجبة : كيف كنت في وسط قلبي وقد اضحى مأوى لأفكار سمجة للغاية ؟ أجابها يسوع : هل ابهجتكِ هذه الأفكار ام احزنتكِ ؟ قالت كاترينا : انها احزنتني حزناً عظيما واستقبحتها غاية الأستقباح . اجابها يسوع : من أعطاكِ هذا الحزن واولاكِ هذا الاستقباح غيري انا الذي كنتُ مختفياً في قلبكِ ؟ ثم غابَ ، تاركا اياها في تعزية عظيمة . إكرام اتل فعل الرجاء ثلاث مرات واضف إليه كل مرة هذه النافذة : نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الأقدس انت رجائي ونصيبي في أرض الأحياء ( مز 141 : 6 ) . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في ان قلب يسوع الأقدس دواء ناجح لجميع أمراض النفس أياً كانت ان شرورآ من داخل رذائلنا، وشرورآ من الخارج من قبل الخلائق تبعدنا عن الله وعن محبته وعبادته، فلذللك يدعونا قلب يسوع الأقدس ليخلصنا من شرورنا كافة ويعيد إلينا برارتنا الأولى. ففي عبادة قلب يسوع الأقدس نجد دواءآ ناحجآ يشفي جميع امراضنا واسقامنا لأن قلب يسوع هو لجة حب لنا تفوق وسع البحار عظمة. وقد جاء إلى عالمنآ اخذنا جسدنا ومارس جميع الفضائل البشرية ليعالج رذائلنا ولاسيما محبة الخلائق الفاسدة والدنسة. فأن كنت يا هذا مصابآ بداء الكبرياء فادخل قلب يسوع لجة التواضع واسمعه يقول لك:( تعلم مني فأني وديع والقلب. اني العظيم وحدي قد صرت مع ذلك وضيعآ وخادمآ للكل، فأن شئت ان تكون كبيرآ وأولأ كن خادمآ وعبدآ للجميع ) (متى 20 : 26 - 27 ) وان شعرت بداء الغضب لاهانة اصابة اهانة اصابتك، فهلم إلى يسوع وتعلم منه وداعة القلب وأسمعه يقول لك:(ان روحي احلى من عسل النحل وميراثي احلى من شهد العسل) (سيراخ 24 :27). ان روحي ليست روح الأنتفام بل روح المسالمة والمصافحة (لو 9: 56 ) ان كنت تهوى خليقه لحسنها وجمالها واستحوذت محبتها على قلبك فاشغلته عن محبة الله وذكره، عليك ان تلج قلب يسوع الأقدس. الجمال بالذات والسعي في إدراك حبه يميت فيك كل هوا دنس لغيره تعالى. ان كنت ضعيفآ عاجزآ عن إدراك الكمال المسيحي والقداسة التي دعيت إليها بار ادة الرب فأستغث بقلب يسوع الأقدس وأطلب معونته فتأتيك من لدنه تعالى وتحملك على اجنحة النسور وتجيء بك إلى ذروة الكمال (خروج 19 : 4 ). ان فرعت من ذكر خطاياك وماثمك فأعلم ان رحمة قلب يسوع هي اعظم بكثير من جسامة ذنوبك. فثق بها وهي تبرك. انه لعظيم تحنن قلب يسوع على الذين يسقطون ويريدون حقآ ان ينهضوا. قالت القديسة مار غريتا مريم:(اطلب منكم ان لا تقلقوا من سقاطتكم بل احبوا الخجل الذي يصبيكم منها لانه جدير بأن جدير بأن يربطنا بقلب سيدنا يسوع المسيح). فعليك في كل أمر وفي كل مكان ان تلج هذا القلب بحر الجودة والحب فتجد فيه دواء ناحجآ لكل مرض فيك. http://www.peregabriel.com/gm/albums...l_19378655.jpg خبر ذكر انه في سنة 1716م اصيبت أحد راهبات الطوباوية مرغريتا مريم بالفالج، فلم ينجح فيها اي علاج لمدة ثلاثة اشهر حتى اشرفت على الموت ويأس والأطباء من شفائها، فدعو كاهنآ ليمسحها بالزيت المقدس، وعند ذلك نذرت تلك الراهبة نذرآ لقلب يسوع وعاهدته بأن تكرمه وتبذل وسعها في عبادته وان تقدم مصباحين في الجمعة الأولى من كل شهر ليضيئا امام المذبح المبني على اسمه وهدية اخرى ذكرآ لشفائما، وعند تتميمها هذا النذر امام الناس المجتمعين ومن جملتهم الكاهن المذكور فاذا بأوجاعها اضمحلت وعادت اعضائها المفلوجة الى صحتها، فنهضت بسهولة وخلصت بدون عكاسة وذهب إلى الكنيسة لإداء الشكر. فلما ابصرها الأطباء الذين يئسوا منها منذ ثمانية ايام وتحققوا الأمر وشهدوا قائلين: انه لمن المحال ان يكون هذا الشفاء السريع من فعل الطبيعه او من قوة العقاقير الطبية. انها اعجوبة قلب يسوع الأقدس إكرام لا تسلم ذاتك ابدآ لليأس والفشل مهما اشتدت عليك الأميال وقويت الشهوات او مهما عظمت ذنوبك وتفاقمت اثامك. بل افتكر بأنه لك طريقة تصلحها جميعآ بستحقاقات قلب يسوع القدس، فأدخله فأنه دائمآ لقبول الخطأة اجميعن. نافذة (تقال ثلاث مرات دائماً) ياقلب يسوع الأقدس البسني فضائلك |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في تشكيكات قلب يسوع الأقدس لنصغ الى ما يتشكى منه قلب الهنا الحبيب وهو علامة جديدة على عظم حبه لنا، لأنه لو لم يحب لما تشكى. فقال:( ما الذي اقتضى ان افعله لأجلك يا شعبي ولم أفعله. أجيبوني يا أنها المسيحيون وقولوا بماذا احزنتكم. ألست أنا الذي ميزكنم من بين أمم ساكنة في الظلمة وظلال الموت وأشركتكم في نعمة الأيمان الفائقة كل نعمة ؟ اما أنتم فتركتموها عقيمة في ارض نفوسكم الجدباء. كنتم كرمة كثيرة الأغصان، غرستها بيدي وسقينها بدمي، ولكني لم أذق منكم إلا علقمآ إذ انكم سقيتموني عند عطشي خلآ ومرارة. طعنتم جنب مخلصكم طعنآ فاق الحربة وذلك بفتوركم وقلة معروفكم. أنا هرقت دمي كله الى آخر نقطة لأجلكم وأنتم أي أعتبار تعتبرونه وأي فائدة أجتنيتم منه. دعوتكم الى وراثتي وملكوتي وأنتم وضعتم قسبة في يدي عوض الصولجان الملكي وكللمتموني بأكليل من شوك عوض التاج. كل ذلك بتقلبات قلوبكم وكبريائكم وتشامخ أخلاقكم. أنا بأتخاذي ناسوتكم رفعتكم وأشركتكم في لاهوتي وأنتم علقتموني على خشية العار وأهنتموني. أطعمتكم لا ما أكله أباؤكم وماتو،بل خبزآ نزل من السماء يحوي الحياة الدائمة وأنتم مزقتم جسدي السري حتى انكم وصلتم الى نكران هذا الاحسان الجليل الذي أدهش ملائكة السماء فيا جميع عابري الطريق، تأملو وأنظروا هل من وجع مثل وجعي ؟ ) (مراثي 1 : 12 ) وقد تشكى ايضآ هذا المخلص الألهي تشكيآ صعبآ الى عبدته الأمينة مرغريتة مريم إذ كشف لها قلبه وقال لها: ( ها هي ذي جراحات أصابتني من شعبي المختار. فقد اكتفى غيرهم بجلدهم جسدي، أما هم فمزقوا قلبي الذي لا يبرح مغرمآ بمحبتهم ). فيا أيها المسيحيون أنصتوا الى تشكيات مخلصكم. ( اليوم ان انتم سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم ) (مز 94 :8 ) طوبى لكم اذا ما أختاركم قلب يسوع الأقدس كما أختار يومآ رسله الكرام لكي تكفروا عما يلحق به من الأهانات وتعزوه في وحدته. فأزدادو اذآ أمانة في تعبدكم لهذا القلب الأقدس وتعاهدوا معه على انكم لن تتركوه ابدآ وذلك بحوله تعالى. خبر كان القديس بطرس الشهيد راهبآ دومنيكيآ، وبينما كان يصلي ذات يوم ظهرت له القديسة سيسيلية والقديسة اغنيسة، فشرعوا يتفاوضون زيرتلون معآ مجد الرب. فسمع الرهبان ذلك فجاؤا ودخلو حجرة القديس فرأوا عنده امرأتين، فأنصرفوا متشككين وحكوا ذلك للرئيس. فجاءالى بطرس وقال له: ويحك يا مغضوبآ عليه، من أذن لك في تدخل نساءآ في الدير ؟ ثم عقد مجلسآ من الأخوة فحكم عليه با لسجن إكرام كن موافقآ لأرادة الله في جميع محن الزمان وصروف الدهر واحتملها بدون تشك. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في كيفية التجائنا إلى قلب يسوع الأقدس ان إلتجائنا إلى قلب يسوع الأقدس هو من اخص واجبات المتعبدين له الذين يريدون ان يحسنوا عبادته، لأن هذه العباده هي طريق السماء، وهذا الطريق وعرة وليس في إستطاعة الانسان ان يسير فيها ويدخل ملكون الله بدون ان تقوده ذراع الرب القديرة على كل شيء (متى 19 : 26 ).فاذا اردنا إذن الألتجاء إلى قلب يسوع الأقدس فليكن إلتجائنا هذا اولأ بروح تواضع، ومعنى ذلك ان نتجنب كبرياء الفريسي في صلاتنا إلى قلب يسوع ونقرع باب رحلته بتواضع العشار، لانهجل إسمه لا يفيض نعمته إلى على المتواضعين العارفين سوء حالهم والمقرين بشرورهم الخفية والضاهرة فبالتواضع خلص الديسون وتمجدوا وبالكبرياء هلك الهالكون وتدهورا. فلا نخجل مت المثول بين يدي ربنا يسوع ببؤسنا وسوء حالنا لان ليس لنا سوى هذا الحال وباعتر افنا بها بكل تواضع نحنن قلب يسوع علينا ونحمله على تحقيق طلباتنا ومقاصده الألهية فينا. فألتجئ إلى قلب يسوغ بروح الثقة والأتكال لتنفي عنك جميع احزانك واكدراك داخل تلك اللجة المفعمة جودة وعذوبة فبمقدار ماتكون خاطئآ بمقدار ذلك ثبت رجائك وقو عزمك بقلب يسوع الأقدس لان محبة يسوع وحدها لا تمل ان تصفح وتغفر ، فلم يأتي المسيح أجل الصديقين بل لأجل الخطأة البائسين. ولتنشبة في صلوانتا إلى قلب يسوع بالقائل: (ذكرتك على مضجعي يا محب البشر وقمت في نصف الليل لأشكر نعمتك ثم تأملت عذوبي وادناسي فخفت من ان ادعوك ولكني تشجعت بمثل لص اليمين والعشار والمرأه الخاطئة والكنعانية والنزيفة والسامرية فأنهم يقولون لي: إقترب واطلب رحمة لأن ربك مملوء رحمة (من الطقس السرياني). خبر ذكر عن إحدى الأمهات الفرنسيات انها بعد ما ودعت إبنها وهو مسافر إلى حرب في افريقيا، سلمته إيقونة قلب يسوع الأقدس فوعدها بأنه سيضع دائمآ تلك الأيقونة لعى صدره، وثبت ملازمآ لهذا الوعد ولم يطرح عنه قط عربون محبة امه وموضوع ثقتها وكانت بذلك وقاية حياتة، لأنه في إحدى الوقائع إنحصرت الجيوش الفرنسية في مضيق الجبال واصبحت فريسة لنيران الاعداء، فجينئذ إمتثالأ لأمر قائدهم وثبوا على فرقة من قطاع ذلك المضيق ولكنهم وقعوا قتلى مجندلين على الأرض، أما الشاب المذكور فأتاه الرصاص في اماكن كثيرة من جسده لا بل أصيب برصاص في صدره ربما كانت القاضية عليه، لكن بقدرة ربانية حفظ بتلك الايقونة التي سلمته إياها امه ونجا سالمآ، فغاص منذ ذلك اليوم في بحر الأمنتان واخذ يفني على قلب يسوع بكل حرارة ونشاط ويذيع في كل مكان تلك الاعجوبة التي صنعها له هذا القلب الاقدس إكرام ذا كنت حائرآ في أمر ما، فالتجيء إلى قلب يسوع الأقدس فأنه خير عزاء وفرح لك. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الأقدس اجعلني في حماك كل حين. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في نسيان البشر لإحسانات قلب يسوع الأقدس ان لم يقاس الان قلب يسوع كلومآ وجراحات جديدة فأنه يقاسي إهانات غريبة منذ رسم سر محبته العجيب. آه ليت شعري؟ ترى كم من الأهانات الشنيعة والاحتقارات الفضيعة إحتملها هذا القلب اللهي منذ قرون كثيرة وسوف يحتملها إلى منتهى الأجيال من المؤمنين وغير المؤمنين، ومع هذا كله فقد شاء يسوع ان تحل فينا كلمة الله ويدخل بيننا نحن البشر، ويستمر ضمن قلوبنا، ولازدياد غرامه بنا فاه بكلمات تذهل العقول فقال:( ان نعيمي مع بني البشر ) (ام 8 : 30 ). آه ياسيدس ترى كيف يسلك معك هؤلاء البشر الناكرون والجميل انك تنتتظرهم ليلا ونهارآ في مقدسك وتدعوهم إليك فتمضي الليالي والايام والاسابيع بتمامها وهم لا يمتثلون امامك، بل إذا زارك بعضهم مدة قصيرة من الزمان كانت زيارتهم على سبيل العادة او على عيون الناس. اي نعم انهم يحضرون امامك واما قلبهم لعمري قد ناى وابتعد عنك انت لا تزال مفتكرى فيهم تحت السر العجيب وكل يوم تقدم نفسك إلى الاب الازلي ضحيه عنه وتضهر له جروحك لأحلهم. انا هم فاذا يحضرون امامك لا يؤدون السجود اللئق بل إلى عزتك الالهيه بل يجلسن بدون احترام واحتشام وبهيئه يستحيا منها بل يخجل منها الخطااة انفسهم أولائك الذين ينكرون وجودك في القربا المقدس. وفي القداس الالهي يدعوهم الكاهن قائلآ:( ها هوذا حما الله الحامل خطايا العالم، تعالو إليه جميعآ ) ويدعوهم يسوع نفسه قائلآ:( كلو ايها الاحباء واشربوا واسكروا ايها الاخوان ) (نشيد 5 : 1 ). تعالو كلو من خبزي، واشربو من الخمر التي مزجنها (امثال 9 : 5 ) اما هم فيفرون منهز مين كأن ليس فيهم جراح يداونها او اثام يمحونها او ادر ان يغسلونها، فيجيونه بأن دعاهم احد اصدقائهم عنده أو هم مضطرون لخدمة احد غيرهم. فتعجبي ايتها السماوات من هذا، واقشعري وتحيري جدآ. ابهذا تجازون الرب يا ايها الشعب الجاهل وغير الحكيم؟ (تثية 32 : 6 ) قد اظهر االرب للقديسة مرغريته مريم كم تؤثر في قلبه الألهي تلك الأفعال النحرفة وكم يغتم من عدم التفات البشر اليه فقال لها: ( اني ذبت شوقآ إلى ان يكرمني االبشر ويحبوني العجيب ولكني لا ارى احدآ حسب رغبتي فيروي غليلي ويكافؤني ولو بعض المكافأ. خبر جاء في رسالة قلب يسوع الأقدس المطبوعة في بيروت سنة 1931م أن شابآ كاثوليكيآ تزوج فتاة غير متدنية ووعدته قبل زوجها بأن تدبع إيمانه، غير انها خالفت وعدها بعد زواجها، بل حملت زوجها على ترك الصلاة والتردد إلكنيسة ايام الاحد والأعياد لاستماع القداس. وبعد حين رزقها الله ولدآ فربته على ارائها ثم ادخلته في مدرسة لا دينية وحذرته من الذهاب إلى الكنيسة والتمسك بتعاليمها التي كانت تعدها ترهات. فتحنن قلب يسوع الأقدس على هذه العائلة واراد هدايتها الى معرفته والايام به، فأمتحنها بمرض ثقيل اصاب فجأة ولدها واوصله إلى الموت، فحار الوالدان في امرهما واستدعيا الطبيب وتوسلا إليه ان يعملمهما ان يقدر ان يعمل شيئآ في سبيل خلاص ولدهما. أجابهما الطبيب: ليس لديه واصطة لشفاء ولدهما غير عملية خطرة وعليكما انتما بالصلاة لأجله. ان جرمين وهو إسم المرأة حنى كانا قد نسيا الصلاة منذ سنين ، وها أن الطبيب قد اشار عليهما بوجوب التضرع إلى الله، ففهما ان الله الحنان انما صربهما بتلك الضربة الثقيلة بمرض ابنهما العزيز حتى يقسرهما على الصلاة، وشعرا بقوة سماوية تحثما على ممارسة ذلك الواجب المقدس بدون أدنى تأجيل لألى يحل عليهما الغضب الالهي العاجل، فذهبا معآ إلى غرفة قريبة وركعا احدهما بجانب الاخر وشرعا يصليان بحرارة. ومنذ ذلك الحين صارا يصليان كل يوم متوسلين الى المولى الرحيم ان يمنح ولدهما الشفاء التام، لكن مرضه طال كأن الرب لم يسمع ابتها لاتهما المتواترة. إذ في ذات مساء عاد حتى من شغله وراى بغاية الدهشة صورة قلب يسوع معلقة على حائط بهو بيته، فقالت له امرأته: اعطتني الراهبة الممرضة هذه الصورة الجميلة واعملتني ان العملية التي اجراها الطبيب لولدنا نجحت كل النجاح وقد تحسنت حالته من بعدها تحسنآ غريبآ. وبعد إكرام اعط صورة قلب يسوع لمن ليس له فيكون عملك هذا نوعآ من التبشير بعبادة قلب يسوع الأقدس. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الأقدس توبني إليك فاتوب. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في وجوب الشكر لقلب يسوع الأقدس إن احسانات الله الينا هي اعظم من ان تدرك واكثر من ان تحصى، اذا قسناها برمل البحر او نجوم السماء كانت اكثر عددآ وأعظم شأنا منها، وقد تجلت احسانات الله الينا في اربعة اعمال خاصة وهي: الخلقة، سر التجسد، سر الفداء وسر القربان المقدس. ففي الخلقة أخرجنا الله من العدم وأرانا نور الحياة وأعد لنا في أنواع الحيوان والنبات والجماد كل ما يحتاج إليه جسدنا من طعام وشراب وكسوة. وفي سر التجسد أخلى ذاته لأجلنا وصار انسانا مثلنا وجاء في طلبنا وهدايتنا الى الطريق الحق الذي ضللنا عنه. وفي سر الفداء وفي عن خطايانا وتألم ومات على الصليب وبذل نفسه دوننا وسكن غضب الله ابيه علينا ونجانا من عذاب الجحيم ومن الهلاك الأبدي الذي استحققناه بذوبنا ومآثمنا. وفي سر القربان المقدس اعطانا جسده ماكلآ حقآ ودمه مشربآ حقآ لنحيا به حياة مسيحية مقدسة الهية ويكون لنا عربون المجد الأبدي فمن الذي أحسن الينا مثل هذه الإحسانات الجلية ؟ ومع ذلك لا يرى قلب يسوع الأقدس من يشكره على هذه الإحسانات، ولا يلاقي من اغلب المسيحيين الذين أحسن اليهم سوى برودة في محبته وانواع الإهانات التي جعلته يتشكى منها قائلآ لأمته القديسة مرغريتا مريم:( ها هي ذي الحالة التي تركني فيها شعبي المختار فإني أعددتهم ليسكنوا عدلي أما هم فقد اضطهدوني سرآ وعلانية وقابلوا شدة حبي لهم بأنواع الإهانات ). وقال لها ايضآ: (ها هو ذا القلب الذي أحب البشر كل الحب حتى انه أفنى ذاته دلالة على شديد حبه لهم ولا ألاقي عوض الشكران سوى الكفران والإحتقار والإهانات والنفاق والبرودة نحو سر محبته. وفي الحقيقة كم من المسيحين يتناولون القربان المقدس ببرودة فلا يقضون بعد تناولهم بعض دقائق في الكنيسة ليشكروا الرب يسوع على تناوله ومجيئه إليهم ليلح فسادهم ويشركهم في حياته الألهيه. فكأن التناول ليس لديهم عطية تشكر وهو أعظم العطايا فلنكن إذن من الشاكرين لقلب يسوع الأقدس على أنه خبر جاء عن القديس فرنسيس سالس (فرنسا 1567 - 1622 ) الذي صارع الملائكة في محبته ووداعته انه لاقى ذات يوم رجلآ كان يبغضه بغضآ شديدآ لداعي الحسد ولا يفتأ يهينه ويشتمه حيثما وجده، فاقترب منه القديىس وأمسكه بيده وقال له بمحبة:( اني عالم بأنك عدوي وتبغضني بغضآ شديدآ. ولكن تحقق انك وان قلعت احدى عيني فلا أزال أعاينك في العين الأخرى معاينة الأحباء ). غير ان جميع المعاملات الودية التي ابداها القديس نحو عدوه لم تلين فيه وبغضته حتى تجاسر ذات يوم وأطلق على رئيسه البار عبار نار طالبآ قتله فاصاب الرصاص كاهنآ أخر وصرعته للوقت مائتآ. فحكم على القاتل بالسجن ثم بالأعدام. فأراد القديس فرنسيس ان يدافع عن عدوه وقاتل كاهنه ويبرره، وأمكنه بدالته على الملك ان يأخذ من جلالته صك العفو عن القاتل. فذهب هو نفسه بهذا الصك إلى السجن ليبشر المجرم بعفو الملك عنه ويحمله بهذا الأحسان الجزيل على الرجوع عن بغضته وعداوته، غير ان هذا التعس الحظ لما شاهد الحبر القديس داخلآ إليه بصك الغفران، بصق في وجهه وبالغ في شتمه ومسبته كعادته. فتعجب إذ ذاك القديس من قساوة هذا الرجل وقال له:( إعلم إني خلصتك من يد العدالة البشرية ولكنك إذا اصررت على عداوتك ولم تتب ستقع في يد العدالة الإلهية التي لن يستطيع احدآ ان يخلصك منها). إكرام لا تدع يوما يمضي من دون ان تتذكر عظم إحساناته تعالى اليك فتشكره على انه خلقك وحفظك في الحياة ودعاك إلى الدين الصحيح ورباك تريبة مسيحية ومنحك أسراره الإلهية وأسبغ عليك نعمه الخصوصية وأولاك نعما تهديك إلى الخلاص. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) ياقلب يسوع الأقدس اني اشكرك على جميع إحساناتك إلي. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في ما يطلبه قلب يسوع الأقدس من البشر إن يسوع المسيح منحنا نفسه وسلمنا اياها التسليم، أما قاله الأقدس فهو مصدر هباته ومبدأ نعمه وإحساناته. فما الذي يطلبه عوضآ عن ذلك ؟ انه يطلب شيئآ واحدآ لا غير وهو انه يلتمس قلوبنا لأنها تخصه، يطلب قلبا بدل قلب. فقد سأل الرب يومآ القديسة مارغريتا قائلآ لها:( ماذا تطلبين يا ابنتي ؟) قالت:( ان ما أشتهيه واتمناه يا مولاي هو قلبك الأقدس وهو حسبي ). حينئذ قال لها المخلص الحبيب: ( انما أنا أيضآ اطلب قلبك ). وهذا ما يقوله لنا اليوم ايضا قلب يسوع الأقدس. فيا للعجب ان قلب يسوع ينبوع جميع الخيرات لا يبرح جادا لطلب الإنسان ولايمل من التفتيس عليه ناشدآ اياه لذاته كأنه لا يمكنه ان يستغني عنه. فما الذي يطلب قلبه، لا غير، ويناجيه قائلآ: يا بني أعطني قلبك، أرجع اليمن كل قلبك، يا اروشليم طهري قلبك، وأمحي أدران ادناسك، وأحبي الرب من كل قلبك. ترى هل يحتاج قلب يسوع إلى شيء ؟ واذا احتاج لشيء أيستطيع قلب الأنسان ان يسد عوزه ؟ فما هي الكنوز التي هي في هذه القطعة الصغيرة حتى انه يغار عليها ؟ فما يغار عليها إلا لأن القلب هو اول جميع الهبات وهو الذي يجعلها مقبولة. على ان يسوع لا يعتبر ما يقدم اليه بموجب حركات القلب وعوطفه. الافأسمعو يا بني البشر وأعملوا ان يسوع يطلب قلوبكم ومن المحال ان لاتميل قلوبكم الى المحبة، لأنه لا حياة لها الا بالمحبة، ولا تستطيع ان تحب من دون تبيع ذاتها او تمنحها هبة. فأن أردت يا هذا ان تهب قلبك فمن يستحقه غير الذي خلقه ؟ ان العالم يطلب قلبك ليجعله جهنم، أما قلب يسوع فيطلبه ليجعله نعيمآ. خبر ان أعظم آفة لمحبة يسوع المسيح هي ملاهي العالم وأباطيله. جاء عن القديسة تريزية الكرملية انها كانت منذ نعومة اضافرها مثالآ في الفضيلة والتقوى، بذل أبواها قصارى مجهودهم ليحسنا تربيتها ويجعلاها تحيا الله،فحققت أمانيها بتقدمها السريع في الكمال المسيحي وفي حب الله. ولكنها لما بلغت الثانية عشرة من عمرها فقدت والدتها الورعة وبدأت تسلك خلاف سلوكها الأول، فأحبت قراءة الروايات الخيالية، فضعف فيها للوقت حب الله وأشتد في قلبها حب العالم وجعلها ترغب في الزهو والعجب وتطلب مصاحبة الناس ومديحهم ومشابهتهم في الملابس والزينات والملاهي، واوشكت في عيشتها هذه ان تنتهي الى هاوية الهلاك لو لم يترأف الله عليها ويعيدها اليه نت تيه الأباطيل وطريق الشر، فكان مثالها خير شاهد على الأضرار الجسيمة اللاحقة بالنفوس التي تقدم محبة العالم وأباطيله على محبة يسوع المسح وصليبه. إكرام افحص ضميرك لتعرف العادة المتسلطة عليك بالأكثر واقصد منذ استيقاظك. صباحآ ان تسهر على تلك النقيصة لتجتنب وقوعك فيها نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) ياقلب يسوع الأقدس اعطيك قلبي. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في ممارسة الساعة المقدسة إن الإله الذي علمنا ان نعبده ونكرم قلبه الأقدس ونسجد له، هو اله غير محبوب لدى الناس، يهينونه بأنواع الإهانات على عدد الساعات في العالم كله، فهذا الإله الذي يهينه البشر ولا يحبونه ولا يهتمون له هو الذي تدعونا عبادة قلب يسوع الأقدس الى تكريمه وتعظيمه وتمجيده، بالتناولات المستمرة ثم بصلوات الساعة المقدسة التي يجتمع فيها المؤمنون الورعون مساء الخميس ليلة الجمعة الأولى من الشهر ليعوضوا بصلواتهم وأفعالهم التقوية عن جميع الاهانات التي تصيب الرب الهنا من جماهير الخطاة. إن هذه الساعة المقدسة ليست اختراع انسان بل ربنا يسوع نفسه طلبها لأجله بقوله لأمته القديسة مارغريتا مريم:( أريد ان تمضي من رقادك ساعة قبل نصف الليل لتشاركيني في الصلاة الوضيعة التي قدمتها الى أبي في احزاني، فتخري بوجهك على الأرض مدة ساعة من الزمان لتسكني أبي باستغفارك إياه من ذنوب الخطاة وتلطفي نوعآ ما المرارة التي شعرت بها من ترك الرسل اياي). فعملا بإرادة قلب يسوع هذه قامت القديسة مارغريتا مريم في مساء كل خميس ليلآ بقضاء فروض الساعة المقدسة ساجدة امام القربان المقدس طالبة اليه الغفران للخطأة وتسكين غضبه على العالم المذنب. وبعد موت هذه القديسة واصلت بعض نفوس رعية هذه العبادة ثم انتشرت في العالم كله. فالغاية إذن من عبادة الساعة المقدسة هي أولأ تسكين غضب الله على الخطأة بطلبنا اليه ان يغفر لهم ويعيدهم اليه. ثانيآ هي ان نعزي قلب يسوع من ترك الناس اياه في سر محبته ومن جميع الإهانات التي تلحق به في هذا السر الألهي، وقد ذكرها بأسمائها فقال:( وعوض الشكران لا أرى من الذين احببتهم سوى الكفران والإحتقار والإهانات والنفاق والبرودة نحو سر محبتي). فجميع هذه الإهانات يمكننا ان نعوض عنها بقيامنا بصلوات الساعة المقدسة. خبر جاء في حياة كاترينة السيانية ( ايطاليا 1347- 1380 ) المنتمية الى رهبانية القديس عبد الأحد ان قلبها كان شبيهآ بقلب يسوع الأقدس، أي متواضعآ، وديعآ، ومجردآ من محبة الخلائق وخيرات الأرض، وكانت على جانب كبير من الجمال الطبيعي، فخطبها شاب كريم الأصل والأخلاق وكثير الغنى والأملاك، وألح عليها ابواها بقبول هذا النصيب، غير انها أبت إلا التبتل وصرحت بفكرها لأبويها قائلة: ان لي عروسآ لا افضل عليه احدآ، ولبثت ثانية في عزمها على ان لا يكون لها عروس غير يسوع وحده. فغضب عليها أبواها وصارا يعاملانها شر معاملة. أما يسوع فسر بغرام كاترينة عروسه كل السرور وأراد ان يرفقها الى كمال أرفع من كمالها الأول، فكان قد جعلها شبيهة به في فضائله، لااراد الأن ان يجعلها شبيهه به في احزانه وآلامه ايضآ. فظهر لها ذات يوم وفي يده اكليلان الواحد من ورود والثاني من أشواك، وقال لها:( يا إبنتي اتيتك بأكليلين يجب حملهما الواحد تلو الأخر فاختاري أيا تريدين أولآ ). تناولت القديسة كاترينة أكليل الشوك ووضعته على رأسها بشدة قائلة: هذا نصيبي في هذه الدنيا على مثالك يا حبيبي. إكرام ان لم تستطع القيام بفرائض الساعة المقدسة بسبب سنك او أمراضك او لم يأذن لك فيها رؤساؤك، فاظهر على القليل رغبه في ممارستها وقدم نهار الخميس مساء صلوات جميع النفوس التقية العاكفة على هذه العبادة متوسلآ الى ملاكك الحارس ان يقوم مقامك لدى قلب يسوع الأقدس نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الأقدس تحنن علي أنا الخاطئ المسكين. |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في تنصيب قلب يسوع ملكاً في البيوت أراد ربنا يسوع بعبادة قلبه الأقدس أن يرشدنا إلى ثلاثة افعال جزيلة الفوائد لنفوسنا وهي الأول، التناول في اول جمعة من كل شهر. الثاني : القيام بالساعة المقدسة . أما الفعل الثالث فهو نصبهِ ملكاً على بيوتنا وعيالنا لأننا رعيتهِ ولكل رعية ملك. فيسوع هو ملكنا بحقٍ طبيعي لأنه ربنا والهنا ، وبحق إكتسابي اكتسبهُ ، (( لأنه انقذنا من سلطة الظلمة { بولس 1 : 13 } وبذل نفسهُ فديةً عن الجميع )) ( 1 طيم 2: 6 ) . كان الشيطان قبل مجيء المسيح ملكاً على العالم كله ، فهدم المسيح ملكهُ بقوة صليبهِ ليملك هو مكانهُ ، ولكن الناس لا يريدون مُلك المسيح . واليوم أيضاً يتكرر على لسانهم تجديف اليهود الصارخين أما بيلاطس ، ما نريد ان يملك هذا علينا ، اننا لا نعرف ملكاً غير قيصر. فتعويضاً على هذا التجديف الفظيع يطلب الآن قلب يسوع الأقدس ان يملك على بيوتنا عوض الشيطان من حيث انهُ ربنا وإلهنا ، وقد إفتدانا بدمهِ الكريم فصرنا خاصتهِ ، ومعنى ذلك ان يملك على عقلنا لكي لا نفتكر إلا بهِ . وعلى إرادتنا لكي لا نحب سواه. وليس من يجهل مافي هذا الملك من السعادة للإنسان في الدنيا والآخرة . لأن الشيطان إذا ملكَ ، هدم ودمر وخرّب. أما المسيح فإذا ملكَ عمّر وأغنى وأسعدَ ، لأن بيدهِ السعادة والغنى والمجد والكرامة. إن مُلك يسوع تحرير وخلاص ، وأما مُلك الشيطان فإستعباد وهلاك . فإذا طلب المسيح أن يملك علينا يريدُ بمُلكهِ هذا ان يسعدنا ويحررنا من عبودية الشيطان والخلايق والأهواء الرديئة ويخلصنا من الشرور المالكه على هذا العالم. وقد إنتشرت هذه العبادة الحميدة منذ سنة 1907 م على يد الأب متي كَرولي على أثر شِفائهِ العجيب من مرض عضال في قلبهِ ، فأخذَ يطوف في البلاد ويملك قلب يسوع على البيوت . ولهذا التمليك حفلة خصوصية يستطيع كل كاهن ان يقوم بها فيبارك صورة قلب يسوع وينصبها في أحسن مكانٍ في البيت. وأمام هذه الصورة تجتمع هذه العائلة لقضاء صلواتها اليومية وتعد يسوع شريكها في أحزانها وافراحها بل تعدهُ رب البيت ، فتفوض إليه جميع أمورها وهمومها وأشغالها وتدعهُ يدبرها بحسب إرادتهِ وفطنتهُ الألهية . خبر روى أن إمرأة كثيرة التقوى طلبت إلى زوجها ان يرضى بأن تكون هديتها لهُ في يوم عيدهِ ان يأذنُ لها في تنصيب قلب يسوع ملكاً على بيتها . سكت الرجل ولم يجيب ، وكان سكوتهُ علامة الرضى. فأستدعيَ الكاهن للقيام بحفلة التنصيب ، ولما حظر الكاهن وزع على الحاظرين أوراق الصلوات التي يجب تلاوتها في أثناء الحفلة . لكنه لم يعطي الرجل هذه الأوراق خوفاً من أن يردهُ لآنهُ كانَ غير ممارس واجباته الدينية . فإعترض الرجل وقال للكاهن : ولماذا لم تعطيني أنا أوراق الصلوات ؟ قال لهُ الكاهن إذ ذاك : إني اقدمها إليك بكل طيبة نفس . فشرعوا بتلاوة الصلوات وإشترك في تلاوتها جميع الحاظرين مع الرجل نفسه ولما إنتهوا إلى ذكر موتى العائلة سكت الرجل وأخفى رأسهُ بين يديه. وعند نهاية الحفلة لبث الرجل راكعاً وهو يتنهد ويبكي ، فأقامهُ الكاهن وأخذهُ إلى حجرة مجاورة ، فأغلقَ الرجل بابها وإنطرح على قدمي الكاهن وقالَ لهُ : إنكَ لا تخرج من هنا قبل ان تسمع إعترافي . إني لم أعترف منذ خمس وأربعين سنة. وبعدَ هذا الأعتراف أخذ الرجل يتناول كل يوم وأصبحَ بيته مثل بيت عنيا يملك فيه قلب يسوع. إكرام إن شئتَ ان تخرج الشيطان من بيتك طهرهُ من الصور الخلاعية وأنصب فيهِ صورة قلب يسوع الأقدس. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الأقدس إننا نريد ان تملك علينا . |
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تأمل في الغيرة التي ينتظرها قلب يسوع الأقدس من المتعبدين له لينشروا عبادته في كل العالم لا يكفي ان تكون متعبداً لقلب يسوع ، بل ينبغي ان تبذل جهدك في نشر عبادتهِ أيضاً وليس من صعوبة في ذلك ان احببت ، لأن الغيرة دليل الحب ، ومن لا غيرة لهُ لا محبة له ، على ماقاله القديس إغناطيوس . فإن سألتني يا أخي ما هي الوسائط لممارسة الغيرة ؟ أجبتكَ : انني وجدتُ منها ثلاثاً على طاقة الجميع ، الأولى المثل الصالح ، فعليكَ إذن ان تعطي مثالاً عن صدق عِبادتك لقلب يسوع الأقدس ، فإن هذه الطريقة وجيزة وأحسن درس تعلمهُ . الواسطة الثانية هي ان تشير بهذه العبادة وتعلمها للذين يجهلونها وأن تُزيدها وتثبتها في قلوب الذينَ إبتدأوا بها . والواسطة الثالثة هي أأمنها وأسهلها وهي ان تصلي لقلب يسوع الأقدس حتى يعرفوا الناس بذاتهِ ويجعلهم يحيونَ بأنوارهِ وبتعاليمه الألهية . فعلينا إذاً بالصلاة وإذا كانت خطايانا تجعلنا غير مستحقين لنكون ادوات بيد الرب لنشِر هذه العبادة الجليلة ، فلنلتمس منهُ تعالى قيام آخرين في مقامنا ولنتضرع إليهِ ليرسل لحصاده رُسلاً يخصصونَ نفوسهم لنشر عبادتهِ وإنمائها . وقد وعدَ آمتهِ القديسة مرغريتة مريم بأن جميع الذينَ يخصصونَ نفوسهم بمحبتهِ وتكريمهِ وتمجيدهِ بكل إستطاعاتهم وبجميع الوسائط التي لديهم لا يهلكون إلى الابد ويكون لهم ملجأ حصيناً في جميع مكائد أعدائهم ، ولا سيما في ساعة موتهم ، فإنهُ يقبلهم في هذه الساعة بحبٍ ويؤكد لهم خلاصهم ويبذل غاية جهدهِ في تقديسهم وتمجيدهم أمامَ أبيهِ الأزلي على قدر ما يعتنون بتوسيع مُلك حبهِ في القلوب . خبر جاءَ في أخبار رسالة الأباء الدومنيكيين في الموصل سنة 1890 م إن إمرأة بلجيكية جزيلة التقوى وشديدة الحب لقلب يسوع الأقدس لم تكتفي بأن تحب وحده قلب يسوع فاديها ومخلصها بل أرادت ان تحمل جميع الناس لو كانَ ذلك في وسعها على محبة من يستحق وحدهُ المحبة الحقيقية من جميع القلوب . فصادفت في أحد الأيام راهباً دومنيكياً عائداً من العراق إلى وطنهِ لترويح النفس ، وكان اسم الراهب برناركورماشتيغ البلجيكي ، فسألتهُ تلك المرأة للوقت : هل عبادة قلب يسوع الأقدس منتشرة في البلاد التي اتيت منها ؟ أجباها الراهب : كلا إن هذه العبادة لا تزال مع الأسف مجهولة في محل رسالتنا . قالت لهُ المرأة : وهل من مدرسة إكليريكية في البلد التي تقيم فيها ؟ أجابها الأب : نعم إن هناكَ مدرستين إكليريكيتين . فقالت لهُ إذ ذاكَ : حسناً إني سأبتاع كتباَ تبحث عن عبادة قلب يسوع الأقدس وأعطيكَ إياها لتوزعها مجاناً عند عودتك على التلاميذ الأكليريكيين ، وغايتي من ذلكَ ان هؤلاء التلاميذ يقرأونَ هذه الكتب ويتوسعونَ في معرفة قلب يسوع ويحبونه ، وإذا صاروا كهنة يبشرونَ بهِ في كنائسهم وفي شعبهم ، فيكون قلب يسوع الأقدس معروفاً ومحبوباً لدى الذين يجهلونه . صح كلام هذه المرأة الغيورة ، فإن الكتب التي ارسلتها الى الشرق على يد الأب المرسل المومأ اليه أضحت سبباً لمعرفة قلب يسوع وعبادته ونشرها في البلاد التي كانت مجهولة فيه. إكرام ابذل شيئاً من مالك لتبتاع كتباً او صوراً تخص القلب الأقدس ، واجتهد في توزيعها في جميع الجهات. نافذة(تقال ثلاث مرات دائماً) يا قلب يسوع الأقدس إجعلني أحيا بك ولأجلك. |
الساعة الآن 06:15 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025