![]() |
لكنه أخلى نفسه https://files.arabchurch.com/upload/i.../306341804.jpg لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ ( في 2: 7 ) كم تنحني هاماتنا وقلوبنا لشخص ربنا يسوع المسيح. فهو ابن ـ كان في الأزل أو جاء في ملء الزمان «هو صورة الله غيرالمنظور» ( كو 1: 15 ). فعندما سأله أحد تلاميذه في شوقٍ شديد لأن يرى الآب، قال له يسوع: «أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس. الذي رآني قد رأى الآب» ( يو 14: 9 ). لذلك قال يوحنا: «الله لم يَرَه أحدٌ قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر» ( يو 1: 18 ). وقد كان حري بالملاك أن يقول ليوسف خطيب العذراء «هوذا العذراء تحبل وتَلِد ابنًا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا» ( في 2: 8 ). لقد كان مستحيلاً أن يصل الإنسان الساقط إلى الله، ولم يكن مستحيلاً أن يتنازل هو مُخليًا نفسه آتيًا إلينا في صورة عبد. لقد ارتضى ذلك طواعيةً وحبًا. لكنه أيضًا عاش كالمحرقة الحقيقية مُمجدًا أبيه حتى وصل إلى أعلى قياس في طاعته لله في موته على الصليب ( 2كو 8: 9 ). كما كان افتقاره أيضًا لأجلنا حينما رُفع فوق الصليب (2كو8: 9) لا لكي يعد لنا فقط طريق الخلاص الأبدي، بل لإثراء حياتنا فنستغني نحن بفقره العميق وهو فوق الصليب. لكن أين مقامه الآن؟ لقد رفَّعه الله وأعطاه اسمًا فوق كل اسم ( في 2: 9 )، وسيأتي اليوم الذي فيه يأتي إلينا مخلِّصًا ( في 3: 20 ) إذ ننتظر مجيئه ليغيِّر أجسادنا الترابية الوضيعة التي تخضع لعوامل الانحلال والموت، لكي تكون على صورة جسد مجده ـ أي على صورة جسده المجيد الذي قام به من الأموات، وعندئذٍ يتحقق خلاصنا النهائي الشامل والكامل لنكون مثله، وأيضًا لنكون معه تحقيقًا لطِلبته من أبيه إذ قال: «أُريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا» ( يو 17: 24 ). كما أيضًا إتمامًا لوعده لنا إذ قال: «آتي أيضًا وآخذكم إليَّ، حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا» ( يو 14: 3 ). ربنا يسوع: يا مَن أحببتنا، وأخليت نفسك لأجلنا لكي تأتي بنا إلى بيت أبينا مُمجدين مثلك. لك سجودنا .. لك حمدنا .. لك إكرامنا إلى أبد الآبدين. |
التجربة والانتصار https://files.arabchurch.com/upload/i...1318878993.jpg وَكَانَ إِذْ كَلَّمَتْ يُوسُفَ يَوْمًا فَيَوْمًا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لَهَا .... ( تك 39: 10 ) في تكوين 38 نرى قصة الشهوة المُفزعة وشرّ يهوذا، وهو واحد من إخوة يوسف. قصة شنيعة لكنَّها تكشف لنا بدون أي تنميق، عمَّا يمكن أنْ يفعله الإنسان. وهذا هو جمال الكتاب المقدس. فالله يُخبرنا بالحقيقة، الحقيقة كاملة، عن خطية الإنسان وحماقته، وبهذا يُرينا كيف تزداد نعمته عندما تكثر الخطية. فمَن كان يظن أنَّ فارص ( تك 38: 29 ) يمكن أنْ يكون في سلسلة نَسَب المسيح؟ ولكن هذا ما حدث ( مت 1: 3 ). أحيانًا يهاجم الناس الكتاب المقدس قائلين: ”انظروا ما يسجله الكتاب المقدس!“ والسبب في ذلك واضح وبسيط، فالله يرسم الإنسان كما هو، ليس كما يحب أنْ يظهر. فلقد سجَّل لنا ما هو الإنسان وما يمكنه أنْ يفعل بدون أي تلطيف. فالكتاب يُخبرنا بالحق سواء أراده الإنسان أم لا. كثير من القارئين الآن لن يحبوا أن تُكتب حياتهم وتُقرأ علانية. فأي شخص عنده ضمير سوف يقول: ”لا تسمح يا الله أنْ تُعلَن تفاصيل حياتي“. وأنا أوافقه. والدرس الذي نستخلصه من ذلك هو: عِش حياتك بحيث لا تخجل من أنْ تُنشر بأكملها. هكذا كان يوسف. لم يُفكِّر يهوذا مطلقًا أنَّ كل خطاياه مع كنَّته سوف تُنشر. أعتقد أنَّ الله سجَّل لنا تكوين 38 لأنَّه على النقيض تمامًا من تكوين 39. فيوسف وهو ما زال شابًّا، نراه تحت التجربة في أبشع صورها، إذ تعرَّض لضغوط شديدة من زوجة سيده ليسلك في طريق يهوذا. ولكن دعونا نرى كيف هرب من الفخ الذي أُعدَّ لرجليه. قال الشاب التقي وهو مُجرَّب، لامرأة فوطيفار: «هوذا سيدي ... لم يُمسِك عني شيئًا غيركِ لأنكِ امرأته. فكيف أصنع هذا الشر العظيم وأُخطئ إلى الله؟». كم عدد الشباب اليوم الذي يمكن أن تكون هذه هي إجابتهم؟ آه يا صديقي، قد يستصغر ”العالم الحديث“ الآن هذه الخطية. لكن لا تنسَ أنَّه مكتوب: «وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزُّناة والسَّحرة وعبَدَة الأوثان وجميع الكَذبة، فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت، الذي هو الموت الثاني» ( رؤ 21: 8 ). يا له من وضع تَعِس أنْ تقضي الأبدية في ظلام وانفصال عن الله! بائس هو الإنسان الذي في هذه القائمة، ويا لسعادة مَن ليس فيها! |
نضوب المعوان https://files.arabchurch.com/upload/i.../783777369.jpg كَيْفَ أَعَنْتَ مَنْ لاَ قُوَّةَ لَهُ، وَخَلَّصْتَ ذِرَاعًا لاَ عِزَّ لَهَا؟ ( أي 26: 2 ) لقد دقت ساعةُ لا الحزنِ بل الأحزان، وألَّمت بالمُبتلى لا النائبةُ بل النائبات. أ هو انفلاتٌ أمنيٌّ، أطلقَ زِمام السبئيين والكلدانيين؟ أم هو انقلابٌ كونيٌّ تواكبَت فيه نارُ الله مع الريح الشديدة فالتهَمت اليابس والأخضر، بل وهلك فلذاتُ الأكبادِ العشرة؟ أ هو قُرحٌ ردي جعل الشريفَ وسط المزبلةِ؟ أم هو همسٌ شيطانيٌّ أهاب بالتقي إلى التجديفِ؟ تُرى هل الوافدون معزّون أم مُستفِزُّون نابغون في استثارة مَن له سلطانٌ على روحِه؟ وا حسرتاه! لقد وقَعَ الكل. وعندما تحينُ ساعةُ الخطر، بل ويَنصَّبُ علينا الضرر. عندما تقذف السماءُ وابلَ نيرانٍ لا مطر، كثيرًا ما نتوقع المعونة من مواردِها المشروعة. ولكن بالرغمِ من قانونيتها، كثيرًا ما تحفر مدرسةُ الألمِ في عميق وجدانِنا درسًا عنوانه: نضوب نفوذ المعوان. راح أيوب ينفُض يدَه من دوائر المعونة المُتعارف عليها: 1- معونة الأم: «لِمَ لم أمُت من الرحم؟ ... لماذا أعانتني الرُّكَب، ولِمَ الثدي حتى أرضع؟» ( أي 3: 12 ،11). أَ يُعلِّمنا الكتاب أن معونة الأم لا نفع لها؟ كلاَّ، لكنها قاصرة وليست مقصِّرة. 2- معونة من ذاتِه: «ألا إنه ليست فيَّ معونتي، والمساعدة مطرودة عني!» ( أي 6: 13 ). آه! متى ننتهي من ذواتِنا فنتعلم أن المعونة ليست كائِنة بإمكانياتِنا. 3- معونة أصحابِهِ: «كيف أعنتَ مَن لا قوةَ له، وخلَّصتَ ذراعًا لا عزَّ لها؟» ( أي 26: 2 ). كثيرون يتحدثون بهذهِ الكلمات إلى الربِ، ظنًا منهم أنها تحمِلُ معنىً إيجابيًا، متأملين في خلاصِهِ ومعونتِهِ لهم. ولكن معنى الآية على العكس تمامًا. ففيها أيوب يتكلم لا إلى الربِ بل إلى بلدد صديقِهِ فيقول له متهكمًا: ”أنا شخصٌ مسلوبُ القوى، وأحاديثُكَ هذهِ لم تنجح في إعانتي“. ممن ننتظر المعونةَ إذًا؟ قال أحدُهم: «اصنع معي آية للخير، فيرى ذلك مُبغضيَّ فيخزوا، لأنك أنت يا ربُّ أعنتني وعزَّيتني» ( مز 86: 17 ). وقال آخر:«لولا أن الربَّ مُعيني، لسكَنَت نفسي سريعًا أرض السكوت» ( مز 94: 17 ). وأقر بولس أمام أغريباس: «فإذ حصلتُ على معونة من الله، بقيتُ إلى هذا اليوم، شاهدًا للصغير والكبير» ( أع 26: 22 ). |
إبراهيم ... خليل الله https://files.arabchurch.com/upload/i.../477639518.jpg وَظَهَرَ لَهُ الرَّبُّ عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَقْتَ حَرِّ النَّهَارِ ( تك 18: 1 ) في قصة إبراهيم نجد الله يتجه نحو إبراهيم من قبل أن يتجه إبراهيم إلى الله، ويظهر له وهو ساكن في ما بين النهرين، ليُقيم شركة معه وصداقة حُبية. وهذا كله في وقت كانت الأرض كلها غارقةً في جهل ونجاسة وشراسة الوثنية. والسؤال الهام والجدير بالاحترام والتفكر في إجابته: لماذا يبحث الله عن الإنسان، على الرغم من شرور وفساد وعناد قلبه؟ الجواب ببساطة في عبارة واحدة صغيرة: لأن الله يحب الإنسان جدًا، ولذته فيه. إن ما يشد أوتار القلب جدًا، ويُدهش العقل كثيرًا، ليس في اتجاه الله ناحية إبراهيم فقط، ولكن في التقدير العجيب والفائق من الله لصداقته مع عبده، والذي نلمحه ونلمسه من القول المتكرر في المكتوب: «إبراهيم خليلي» ( 2أخ 20: 7 ؛ إش41: 8؛ يع2: 23). ذهب أحدهم لزيارة مريض في كوخه المتواضع، فسأله الزائر: هل زارك أحدٌ اليوم؟ فأجاب الرجل الفقير المسكين، نعم زارني جلادستون. وكان جلادستون في ذلك الوقت رئيس وزراء بريطانيا، حين كانت بريطانيا الإمبراطورية التى لا تغرب الشمس عنها. وكان إذ سمع الزائر هذا الكلام، انتابته الدهشة ولم يصدق، وخرج من كوخ الرجل يضرب كفًا على كف، وهو يقول: لقد ذهب عقل الرجل ... ذهب عقل الرجل! ولكن هذه كانت الحقيقة، ولم يكن عقل الرجل قد جُن كما ظن الزائر، بل كان ينطق بكلمات الصدق والصحو. فقد تعوَّد رئيس الوزراء أن يرى الرجل المسكين الفقير كل صباح، وكان يُحيه وهو يكنس الشارع، وإذ لاحظ جلادستون غيابه سأل عنه، وإذ علم أنه مريض، ذهب ليزوره في كوخه الصغير والحقير. إن هذه اللفتة الجميلة من جلادستون لا بد وأن تُقابل بالاحترام والإجلال، وذلك للفارق الكبير والشاسع بين الزائر والمُزَار. ولكن كم يكون الأثر أعمق وأجلّ وأعظم إذا ما حدث هذا بين الله وعبده إبراهيم، أو مع أي واحد منا نحن المساكين البسطاء! أيها الأحباء: أن نعتز جدًا بصداقة الله لنا هذا شيء طبيعي، مع أنه عجيب وفائق، لكن أن يتنازل الله العظيم والجليل والمهوب، ويقترب منا ويصادقنا، وبعد ذلك يفتخر هو بهذه الصداقة معنا ويُقدّرها، هذا الأمر فوق كل عقل وإدراك وفكر، وأغرب من الخيال، فيا ليت نفوسنا تقدِّر وتَعي. |
الإرشاد في الطريق https://files.arabchurch.com/upload/i...1182586737.jpg تُرْشِدُ بِرَأْفَتِكَ الشَّعْبَ الَّذِي فَدَيْتَهُ ( خر 13: 15 ) أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا.أَنْصَحُكَ.. ( مز 32: 8 ) أرشد الرب شعبه في البرية بواسطة ثلاثة أشياء رافقتهم كل الرحلة وهي: (1) التابوت: «فارتحلوا... وتابوت عهد الرب راحل أمامهم مسيرة ثلاثة أيام ليلتمس لهم منزلاً» ( عد 10: 33 ). في الثلاثة الأيام نرى موت الرب يسوع كالراعي الصالح، وقيامته آخذًا مكانه كراعي الخراف العظيم، ليلتمس الراحة لخرافه في الطريق، فهو الذي قال: «وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر» (متى28). (2) السحابة: يوم إقامة المسكن غطّته السحابة ( خر 40: 17 -34)، ثم بعد خمسين يومًا ارتفعت عنه، فبدأت الرحلة ( عد 10: 11 ). وهذا يذكِّرنا بحلول الروح القدس على التلاميذ يوم الخمسين، وهكذا بدأت خدمتهم ورحلتهم. «ومتى ارتفعت السحابة عن الخيمة كان بعد ذلك بنو إسرائيل يرتحلون، وفي المكان حيث حلّت السحابة هناك كان بنو إسرائيل ينزلون» ( عد 9: 16 -18). وفي رومية8: 14 نقرأ «لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله»، ولنتخيل الأخطار والعواقب التي يمكن أن تُصيب الشعب إذا تحرَّك والسحابة واقفة، أو إذا انتظر مكانه عند تحركها. بالتأكيد سيتحوَّل نهاره لشمس مُحرقة، وليله لظلمة دامسة. هذا من جهة المسؤولية، أما عن النعمة والرحمة فباقيان للنهاية «مع أنهم عملوا لأنفسهم عجلا مسبوكًا ... وعملوا إهانة عظيمة. أنت برحمتك الكثيرة لم تتركهم في البرية، ولم يزل عنهم عمود السحاب نهارًا لهدايتهم في الطريق» ( نح 9: 18 ، 19). (3) الأبواق: نرى في البوقين من فضة كلمة الرب ( مز 12: 6 ). وكانت تُستخدم للضرب في مناسبتين وهما: الاجتماع، والأفراح. وللهتاف في مناسبتين وهما: الارتحال والحرب ( عد 10: 1 -10). ولكل بوق نغمَة معينة يسمعها الشعب فتولِّد فيهم الرغبة والرهبة واليقظة والخضوع. وكلمة الرب تُعلِّمنا متى وكيف تكون اجتماعاتنا ( عب 10: 25 )، وأفراحنا ( في 4: 4 )، وارتحالنا ( 1بط 1: 17 )، وحروبنا ( أف 6: 12 ). وفي الأبواق نرى أيضًا إعلان الشهادة للرب في كل المناسبات. وهنا لا ننسي مسؤولية الكهنة حاملي الأبواق في قيادة إخوتهم في الطريق الصحيح، بتوصيل النغمة المناسبة في الوقت المناسب. وقريبًا ستنتهي رحلتنا عندما نسمع هتاف الرب، وصوت البوق ( 1تس 4: 16 -17). فليتنا نُسلِّم قيادة مسيرتنا للرب، ولنعطِ الروح القدس مجاله في حياتنا واجتماعاتنا ليرشدنا كما يريد، ولتكن كلمة الله هي دستورنا. |
لماذا ينبغي أن نُصلي؟ https://files.arabchurch.com/upload/i...1130594347.jpg لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ ( في 4: 6 ) منذ بضع سنوات كانت لديَّ ثلاثة احتياجات محددة تضغط على قلبي بشدة، وكلها تتعلَّق بخدمة الرب. كانت مجموعة التزامات شعرت بأنه يتعيَّن علىَّ مواجهتها. ولم أعرف كيف سأتمكن من ذلك في الحال، كما لم أشعر بالارتياح لأن أذكر هذه الاحتياجات لأي شخص آخر سوى الله نفسه. صلَّيت لمدة أيام وحاولت أن أثق بهدوء في الرب، ولكن زاد ثقل الحِمل. وفي ذات ليلة استيقظت من النوم وبدأت أسأل نفسي: لماذا تأخرت استجابة الصلاة هذه المدة الطويلة؟ ولكن الله الآب أيقظ قلبي، وأوضح لي بروحه القدوس بعض أمور لم أكن فقط مُقصرًا ومُتراخيًا فيها، بل قد أحزنت الأقنوم الإلهي الساكن فيَّ. وبعد فترة الاعتراف وإدانة نفسي صرت قادرًا على الصلاة بحرية من أجل الأمور التي أثقلت كاهلي من قبل. وفي صباح اليوم التالي مباشرة كانت كل الاحتياجات قد سُددت تمامًا، بواسطة شخص من بلاد بعيدة، لا يعرف شيئًا عن ظروف الخدمة في المكان الذي كنت فيه، ومع ذلك فقد كانت خدمة المحبة التي أرسلها تفي بالاحتياجات الثلاثة المحددة التي بسطتها أمام الرب بالضبط. وأعجب من هذا أن ذلك الأخ قد حدد أوجه إنفاق عطيته في ذات الأمور الثلاثة التي طلبت من أجلها. فهل يمكن أن أشك أن الله الحي قد سمع صراخي؟ ربما يعترض معترض فيقول: إن هذا المبلغ كان في طريقه إليك منذ أربعة أيام، وكان لا بد أن يصلك في الصباح سواء صليت أو لم تصلِ، فكيف يبرهن ذلك أن الصلاة قد أُستُجيبت؟ وردًا على ذلك الاعتراض أقول: إنه يبرهن أكثر من ذلك؛ إنه يبرهن على أن الله قد سبق فعلم بالاحتياج، وأعدّ العُدة لتسديده مقدمًا، ولكنه لم يسمح أن تأتي إليَّ المعونة إلا بعد أن أصرخ إليه من أجلها وأنا في حالة إدانة النفس والحكم على الذات. وهذا ما أريد أن أنبّه إليه القارئ العزيز: أن تتسلَّم الكمية المطلوبة من المعونة بدون صلاة، فإن هذا سوف يملأ قلبك بالفرح إذ تدرك عظمة محبة الآب، ولكن الحصول عليها بهذه الطريقة بعد الصلاة، فإن هذا تدريب روحي عميق قد هز كياني فعلاً، وملأني بالرعدة المقدسة وباليقين الكامل أني |
النزول المزدوج https://files.arabchurch.com/upload/i.../755816177.jpg أَمَّا أَنَـا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ ( مز 22: 6 ) إنها مسافة لا تُقاس؛ تلك المسافة التي بين قول الرب قديمًا في خروج 3: 14 «أَهْيَه»، أو «أَنا هو» ( يو 18: 5 ، 6)، وقوله بعد ساعات معدودة في الجلجثة «أنا دودة»! وليمكننا فهم تلك المسافة بصورة أفضل دعنا نقسمها إلى نزولين لا نزول واحد. وما أعظمهما من نزولين نزلهما المسيح من أجلي ومن أجلك! النزول الأول من السماء إلى الأرض؛ من حضن الآب إلى مذود بيت لحم. وذاك الذي مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل ... الأزلي الأبدي ... الذي لا بداية أيام له ولا نهاية حياة، يقول عنه الملاك للرعاة: «تجدون طفلاً». واللابس النور كثوب، يصفه الملاك للرعاة بهذا الوصف: «طفلاً مُقمطًا». والذي يقول عنه سليمان إن السماء وسماء السماوات لا تسَعه، فكم بالأقل البيت الذهبي الذي بناه له!، يقول عنه الملاك: «تجدون طفلاً مُقمطًا مُضجعًا في مذود» ( لو 2: 12 ). تفكري يا نفسي في أعجوبة الأعاجيب هذه. إنه أمر فوق المدارك أن الله العظيم يُقال عنه «تجدون طفلاً»، واللابس النور يلبس أقمطة كأي طفل صغير، بل ويضجع في المذود، كما لم يحدث مع باقي الأطفال. والذي لا تسَعه السماء وسماء السماوات لم يولد في بيت ذهبي أو حتى ترابي، بل وُلد في مذود إذ لم يكن له موضع في المنزل! فما أعظم هذا الاتضاع «الله ظهر في الجسد» ( 1تي 3: 16)، «والكلمة صار جسدًا وحلَّ بيننا» ( يو 1: 14). لكن هذا كله كان فقط المرحلة الأولى في اتضاعه، وليس كل الاتضاع، فهناك مرحلة ثانية يعبّر عنها هنا بالقول:«أما أنا فدودة لا إنسان». في خطوة الاتضاع الأولى؛ نزل من السماء إلى الأرض «وُضع قليلاً عن الملائكة»، لكن الذي وُضع قليلاً عن الملائكة وُضع أيضًا قليلاً عن البشر «أما أنا فدودة لا إنسان»، وذلك عندما مضى إلى الجلجثة، وعُلق فوق الصليب. وعن هذا النزول الثاني، يقول الرسول بولس: «نزل أيضًا أولاً إلى أقسام الأرض السُفلى» ( أف 4: 9) وهذا معناه الموت. فالمسيح لم يتجسد فقط بل إنه مات. ليس فقط ضمه مذود، بل ضمه أيضًا قبر. ليس فقط لفوه بالأقمطة، بل أيضًا لفوه بالأكفان. مُحيى الرميم الذي له وحده عدم الموت سيق للصلبِ واللحد!! |
العريس آتٍ http://upload.massi7e.com/konoz/download.php?img=993 صَوْتُ حَبِيبِي. هُوَذَا آتٍ طَافِرًا عَلَى الْجِبَالِ، قَافِزًا عَلَى التِّلاَلِ. حَبِيبِي هُوَ شَبِيهٌ بِالظَّبْيِ.. ( نش 2: 8 ، 9) مع أن سفر نشيد الأنشاد لا يتناول علاقة المسيح بالكنيسة التي كانت سرًا في زمان العهد القديم، لكن الإيمان يمكنه أن يُطبِّق تشبيه العريس والعروس المذكور في هذا السفر على علاقة المسيح مع الكنيسة. ونحن مدعوون لاستماع صرخة نصف الليل: «هوذا العريس مُقبلٌ» ( مت 25: 6 )، هذا متى كنا متعلمين من الروح. فهلم بنا نخرج للقائه. لقد تناهى الليل، وتقارب النهار، ونحن الآن في آخر لحظات من أيام غربتنا، وبعد قليل جدًا سيأتي الآتي ولا يُبطئ ( عب 10: 37 ). وسنرى ذاك الذي نحبه الآن مع أننا لم نَره. وعلينا الآن أن نقوم ونقف على المرصد وعلى الحصن، لأن مجيء الرب قد اقترب، وخلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا. إن يوم الحصاد البهيج قريب، وعين الإيمان ترى العلامات. ومتى قرب الربيع يتساقط ورق التين، وتزهر الكروم، ويتعطر الهواء برائحتها. فهل ترانيم تسبيحنا وأناشيد سرورنا توافق قلب ربنا القادم إلينا سريعًا؟ إن نفسه في حنين إلى عروسه، وها نحن سمعنا صوته ينادينا، ورغبة إله الرجاء أن يملأ قلوبنا بالفرح والسلام في الإيمان. لقد طال صبره وهو ينتظر ثمرة تعبه، ولذلك فهو يقول: «قومي يا حبيبتي، يا جميلتي وتعالي» ( نش 2: 10 ، 13). فنحن أعزاء جدًا على قلب الرب الذي يغمرنا بتعبيرات شوقه ليستنهض حبنا له. وكلما ازدادت خبرتنا به، وتعرَّفنا عليه، وكنا له صادقين، وفي مجده متفرسين بوجه مكشوف، نتغير بالرب الروح من مجدٍ إلى مجد، إلى اليوم الذي سيُغيرنا فيه إلى صورته، ويُعطينا المجد الذي أخذه من الآب، حتى عندما يأتي ليتمجد في قديسيه ويُتعجَّب منه في جميع المؤمنين، سنسطع ببهائه وجمال مجده، وتُصبح ترنيمتنا ترنيمة محبة مستديمة، ويصير تسبيحنا تسبيحًا متصلاً لا انقطاع فيه. والرب سيحفظنا إلى يوم مجيئه في أمان، ويُخبئنا في محاجئ الصخر، فلا تمتد إلينا يد الأذى ولا ينزل بنا سوء. فما لنا ننحني تحت الهم بينما حياتنا مُستترة مع المسيح في الله، ونفوسنا في ستر المعاقل؟ ليتنا بالإيمان نرفع عيوننا فنُعاين جماله، ونُصغي لنغمات صوته الرخيم، فتشبع نفوسنا كما من شحمٍ ودسم، ويُصبح هو الكل في الكل لنا. |
المسيح والإنجيل https://files.arabchurch.com/upload/i.../533529244.jpg لَيْسَ أَحَدٌ يَخِيطُ رُقْعَةً مِنْ قِطْعَةٍ جَدِيدَةٍ عَلَى ثَوْبٍ عَتِيق، وَإِلاَّ فَالْمِلْءُ الْجَدِيدُ يَأْخُذُ مِنَ الْعَتِيقِ فَيَصِيرُ الْخَرْقُ أَرْدَأَ ( مر 2: 21 ) الرب يسوع لم يأتِ الى هذا العالم لكي يضيف شيئًا لديانة سابقة. ولم يأتِ ببرنامج إصلاحي لتصحيح أشياء خاطئة. ولم يأتِ لكي يُضيف لمسة جديدة تحسن سلوكيات الإنسان. إنجيل المسيح ليس برنامج تصحيح بل هو خلق كيان جديد. إنجيل المسيح ليس مجموعة من الشرائع التي تعالج ثغرات فشل سابقيه في إصلاحها، ولا هو إضافة كتاب جديد لكتب سابقة. إنجيل المسيح ليس ترقيع الجزء المعيب في ثوب الكيان البشري بقطعة جديدة، إنما إنجيل المسيح ينسج ثوبًا جديدًا خيوطه من نوع فريد ومجيد، صنعة خالق حاذق ماهر. طالما حاول البشر تجميل الأجزاء المعيبة ليجعلونها مقبولة وجذابة، ولا يدرون أن الثوب كله مصبوغًا بالخطية التي أفسدت ألياف خيوطه، وتغلغلت بين لُحمته وسداه. خدع الشيطان الناس بمكره الأثيم بأنه عرض عليهم ثياب الدين ليضلهم فيظنوا أنهم قد صاروا مقبولين في عيني الله. فأرسل رسله الكاذبين الذين ابتدعوا إصلاحاتهم المزعومة للثوب الذي ضرب فيه الفساد. وكل بدعة جاءت برقعة، واهمين الناس أن الثوب قد صار أفضل وأجمل، بينما كان يزداد بترقيعه قبحًا وفسادًا وضعفًا. كل أديان البشر التي اخترعها الشيطان، سَعَت لتغيير سلوكيات الإنسان من الخارج بينما الخراب في قلب الإنسان كما هو، والفساد قد ضرب جذوره في أعماق الكيان، ولم يعلموا أن التغيير والتجديد لا يأتي من الخارج، بل بتغيير القلب في الداخل. تلك هي المعجزة التي يصنعها الله بخلاصه العظيم. كفوا عن الإنسان! كفوا عن برامج البشر الفاشلة! السيد الرب قد أعد حلاً شاملاً وكاملاً في إنجيل نعمة الله الذي من خلاله قدم ثوبًا جديدًا برمته. فالإنسان الساقط الميت ينال حياة جديدة عندما يأتي إلى الآب بالمسيح؛ ابن الله المخلِّص الوحيد. أيها القارئ العزيز .. إن كنت تبتغي التغيير الحقيقي، تعال الى المسيـح كما أنت بآثامك، بضعفك وعجزك. كُف عن محاولاتك العليلة التي أتعبتك. كف عن ترقيع الثوب القديم برقع جديدة فيصير الحال أردأ. تعال إلى المخلِّص الوحيد واعترف بخطاياك وعجزك وفقرك الشديد، واقبل بالإيمان خلاصه العظيم. آمن أن الرب يسوع دفع أجرة خطاياك فوق الصليب. هذه بشارة عظيمة لك. الرب سيغير قلبك ويعطيك قلبًا جديدًا فتولد من الله، وتصير في المسيح خليقة جديدة. |
كتاب الكتب وكتاب الأجيال https://files.arabchurch.com/upload/i.../348583276.jpg إِلَى الأَبَدِ يَا رَبُّ كَلِمَتُكَ مُثَبَّتَةٌ فِي السَّمَاوَاتِ ( مز 119: 89 ) هذا الكتاب المقدس عجيب من كل وجه. كتاب قديم جدًا ولكنه دائمًا جديد. يتجه الخطاب في كثير من أجزائه إلى أجيال مضت واندثرت كل معالمها، ولكن لا زالت تؤثر فينا قوة ملاءمته لحالتنا الخاصة في يومنا الحاضر. وكما انطبق على ما كان قديمًا، هكذا ينطبق على ما نراه في يومنا الحاضر. كلماته وأسلوبه كأنها صيغت خصيصًا لنا وفي أيامنا. بل كل جيل حكم على هذا الكتاب نفس الحكم الذي نقرره الآن. هو كتاب الله ويحتوي على كامل إعلانه تعالى. فيه يتكلم الله إلى كل واحد منا رغم اختلاف طبقاتنا. فينا الرفيع وفينا الوضيع، فينا الغني وفينا الفقير. فينا العالِم وفينا الجاهل، فينا الكبير وفينا الصغير، ومع ذلك كل منَّا يقرأ نفس الكتاب الواحد ليأخذ لنفسه طعامًا يوافقه ويُشبعه. فيه للأطفال لبن عقلي عديم الغش، وللبالغين ذوي الأفهام الواسعة الناضجة طعام قوي ـ وفضلاً عن ذلك فإن لكلمة الله خاصية أخرى تتفرَّد بها دون كل كتابات البشر، وهي أنها «حيَّة وفعَّالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرَق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومُميزة أفكار القلب ونيَّاته» ( عب 4: 12 ). إنها تخاطب القلب وتكلم الوجدان، وتصل إلى النفس، وتبلغ إلى أعماق مخبآت الفكر وتحكم على كل ما فينا. تناول الكتاب المقدس مواضيع واسعة تناثرت على أُفق عريض جدًا. تكلَّم عن الإنسان في كل أدوار تاريخه حتى المستقبل منها، ووصف المدنية العصرية كما وصف حضارات قديمة، وفي الحالين يورِد الوصف الدقيق. وتكلَّم الكتاب عن حقيقة القلب البشري كلامًا ينفر منه غير المُخلَّصين وبسببه يحاربونه، وإن قرأوه فعلى سبيل محاولة وجود أي نقص أو تناقض فيه، لا لشيء إلا لأنه يحكم عليهم وعلى العالم الذي انصبت فيه قلوبهم. وفي هذه الصفة يشترك الكتاب المقدس ـ الكلمة الحية ـ مع ربنا يسوع المسيح ابن الله ـ الكلمة الحي ـ فإن الناس أبغضوه بلا سبب سوى أنه كلَّمهم بكل الحق، وسوى أنه شهد بكلامه وبحياته وبخدمته وبتصرفاته، شهادة حية ضد العالم وأهل العالم، فقاوموه بشدة وأسلموه لحكم الموت على الصليب. هذا الكتاب المقدس، كتاب قوي الأساس والبنيان كالصخرة التي تلاطمت حولها أمواج الأفكار الكُفرية، وارتدت عنها واهنة عاجزة تاركة إياها في ثباتها الأبدي وقوتها الإلهية. وتنحسر الموجة في جيل لتعود مُزمجرة في جيل آخر. |
المسيا المتألم http://i47.servimg.com/u/f47/12/47/78/58/114.jpg أَمَّا يُوحَنَّا فَلَمَّا سَمِعَ فِي السِّجْنِ بِأَعْمَالِ الْمَسِيحِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ ..، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟ ( مت 11: 2 ، 3) يُمكنا أن نتابع خطين متميزين تجري فيهما نبوات العهد القديم من جهة عمل المسيَّا الموعود به من الله. أحد هذين الخطين يتكلم عن مجيء المسيَّا في جلال مجده ليكسر النير عن شعبه القديم، ويثبّت دعائمه بالقوة والمجد، والخط الآخر يتكلم عن مسيَّا متألم متضع يموت مصلوبًا كأنه مهزوم من ضعف. فليس فقط كان محتومًا أن المسيّا يأتي في صورة عبد يهوه البار، بل كان لا بد أن يذهب إلى ما هو أكثر من ذلك. كان لا بد أن يذهب إلى الصليب ويموت. والذي نراه في مزمور 24 «مَلك المجد» وأمامه تفتح الأبواب الدهريَّات هو هو الذي نراه في مزمور 22 صارخًا قائلاً: «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟» ولماذا شك يوحنا؟ كان المعمدان ينتظر أعمالاً عظيمة وخطوات تحريرية جبارة يقوم بها مسيَّا، ليكسر نير روما، وتتم على يديه المواعيد العظمى التي وعد الله بها الشعب، فلما قُبض عليه وألقى في السجن، بدأت الشكوك تدب في قلبه. لقد أرسل يوحنا رسلاً إلى المسيح يقول له: «أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟». ويمكننا أن نُبَسِّط السؤال على الوجه التالي: ”نسألك أيها السيد، هل أنت الذي به تتم النبوات العظيمة المختصة بسيادة ونهوض هذا الشعب؟ نحن الآن تحت سيادة دولة أجنبية، ونتطلع إلى مُنقذ وعَدنا الله به، وعلى يديه يصنع لنا الله خلاصًا بآيات وعجائب، وكنا نظن أنك أنت الآتي، لكن ها أنا قد أُلقيت في السجن وأنت تصرف وقتك بين الجموع معلِّمًا عن التواضع والوداعة، وهذا ما لا يتفق ونبوات الكتاب، فهل ننتظر آخر يأتي بعدك؟“ هذا معنى سؤال المعمدان. والرب بكل نعمة أرسل جوابًا إليه في السجن قائلاً: إنه يشفي الأعمى والأعرج والأبرص والأصم ويُقيم الموتى ويكرز بالإنجيل للمساكين، وأضاف عبارة صغيرة في آخر الجواب قائلاً: «وطوبى لمَن لا يَعثُر فيَّ» والمعنى المُبسّط لهذه العبارة هو: ”طوبى لمَن لا يَدَع عينيه تبهران بلمعان الشمس التي سوف تشرق على كل الأرض، لدرجة أنه يغض النظر عن كوكب الفداء الذي لا بد أن يظهر أولاً. طوبى لمن لا تشغله نبوات ظهوري المجيد لدرجة أنه يرفض المسيَّا الآتي وديعًا، لكي يتمم الشق الأول من النبوات التي تكلَّمت عنه“. |
القانون الذهبي https://files.arabchurch.com/upload/i.../621591518.jpg فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النِّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيضًا بِهِمْ، لأنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأنْبِيَاءُ ( مت 7: 12 ) إن ما يميز المعلِّم العظيم والذي ليس مثله معلِمًا، أنه لم يُعطنا مبادئ سامية راقية يصعب فهمها ولا نعرف كيف نطبِّقها، كما أنه عوض أن يعطينا قوانين كثيرة تشمل تفصيلات عديدة في تعاملاتنا مع الآخرين، فإنه أعطانا مبدأً واضحًا وسهلاً يحل مئات المُعضلات، بل وأكثر من ذلك أعطانا نفسه كالنموذج والقدوة في السلوك والحياة. إن المسيحية ليست مجرد عقيدة بل حياة. وهي ليست مشغولة فقط بما يجب أن نعرفه ونؤمن به، بل أيضًا بما يجب أن نفعله، ليس فقط ما نفعله من نحو الله أو حتى مع إخوتنا المؤمنين، بل من نحو الناس بصفة عامة. حقًا إنه مستوى راقٍ ما قاله المسيح هنا: «فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم، افعلوا هكذا أنتم أيضًا بهم». وتَرِد هذه الآية في الترجمة التفسيرية هكذا: ”إذًا كل ما تريدون أن يعاملكم الناس به، فعاملوهم أنتم أيضًا. هذه هي خُلاصة تعليم الشريعة والأنبياء“. ليس معنى ذلك أننا سنفعل ما نفعله منتظرين أن يرُّد الناس علينا نفس العمل، فإن امتنعوا امتنعنا، بل إننا نستمر في عمل الخير بلا فشل ( غل 6: 9 )، وكلمات الرسول بولس تملأ قلوبنا بيقين المكافأة «عالمين أن مهما عمل كل واحدٍ من الخير فذلك يناله من الرب» ( أف 6: 8 ). فهل من غرابة إذًا أن اتفق المفسّرون جميعًا على تسمية هذه الآية بالقانون الذهبي. ولو سألنا أنفسنا: لماذا المشاكل بين الناس؟ ولماذا الخلافات بين العائلات؟ ولماذا الحروب الأهلية والحروب الدولية؟ أَ ليس لأن كل الناس يفعلون تمامًا عكس كلام الرب هنا على خط مستقيم. فلو أن كل شخص وضع نفسه في الجانب المقابل، وسأل نفسه بإخلاص: ماذا كنت أحب أن الناس يعاملونني به لو كنت في ذلك الجانب الآخر، أما كانت النزاعات كلها تنتهي؟! لا بل إني أقول: ما كانت النزاعات كلها ستنتهي والمشاكل ستُحل فقط، بل كانت ستسود الحياة الفاضلة التي تستحق أن تُدعى حياة حقًا. عندها كانت ستختفي المرارة ويعم الهناء، يذهب البُخل ويأتي السخاء، تضمحل الخيانة ويسود الوفاء، وهو ما سيتم حتمًا عن قريب تحت مُلك رب السماء. |
كأس أم سيف؟ https://files.arabchurch.com/upload/i...1136298220.jpg فَقَالَ يَسُوعُ لِبُطْرُسَ: اجْعَلْ سَيْفَكَ فِي الْغِمْدِ! الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَلاَ أَشْرَبُهَا؟ ( يو 18: 11 ) بينما كان لبطرس سيف في يده، كان لسيدنا كأس في يده! وفي حين حاول بطرس، ولو عن غير قصد، أن يُقاوم مشيئة الله، نجد ربنا المعبود في طريق الطاعة لهذه المشيئة! في السيف الذي في يد بطرس نرى صورة لرفض الواقع والظروف، لكن في الكأس التي في يد الآب نرى التسليم التام بما سمحت به العناية الإلهية. السيف يتعامل مع المنظور والعيان، أما الكأس فنرى فيها تعاملاً مع غير المنظور بالإيمان. السيف يُعلن رفض صاحبه لأن يتألم، وهذا الرفض قد يحمل إيذاء للغير. لكن الكأس تُعلن قبول الألم ورفض إيذاء الآخرين ( يو 18: 10 عب 2: 9 )، السيف له نتائج مدمرة، لكن نتائج الكأس فيها مجد كثير (عب2: 9). ونحن نواجه مواقف عجيبة كثيرة في رحلة الحياة، تُرى هل نواجهها بسيف الرفض، أم بكأس الخضوع؟ صحيح أن الكأس الخاصة التي كانت لربنا يسوع ليلة الآلام، لن تواجهنا. لكن صحيح أيضًا أن يدي أبينا المُحب كثيرًا ما تُقدم لنا كؤوسًا ممزوجة بالمرار لأجل المنفعة. والفارق بين حياة يعقوب، وأسلوب يوسف في حياته، يُرينا هذا الفارق عينه. فبينما عاش يعقوب طويلاً يُلوِّح بسيف إرادته الذاتية تارة، ويستعمله تارة أخرى، حاصدًا للمرار، نجد يوسف يتحمل نصيبه من الألم الكثير لسنوات طويلة دون شكوى أو تذمر. فقد كان يقبل الكأس من يد القدير، الأمر الذي عبَّر عنه يوم عرَّف نفسه لإخوته بالقول: «لا تتأسفوا ولا تغتاظوا لأنكم بعتموني إلى هنا، لأنه لاستبقاء حياة أرسلني الله قدامكم» ( تك 45: 5 ). وبعد موت أبيه عاد ليُطمئن إخوته بكلمات تكشف ليس فقط عن أنه كان يأخذ الألم في حياته من يدي سيده، لكن أيضًا عن ثقته في أن من ورائها كلها بركات عظيمة «أنتم قصدتم لي شرًا، أما الله فقصد به خيرًا» ( تك 50: 20 ). حقًا «قولوا للصدِّيق خير!» ( إش 3: 10 )، «ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله، الذين هم مدعوون حسب قصده» ( رو 8: 28 ). وما أعظم المجد الذي كان ينتظره في نهاية رحلة الآلام هذه! لنضع السيف في غمده إذًا، ولنقتفي أثار خطوات سيدنا، ونقبل الكأس من يد الآب، ففي هذا راحة لنا، وتمجيد لإلهنا، وخير جزيل ينتظرنا. |
فبراير https://files.arabchurch.com/upload/i...1268210309.jpg أَ تُريد أن تَبْرأ؟أَجَابَهُ الْمَرِيضُ: يَا سَيِّدُ، لَيْسَ لِي إِنْسَانٌ يُلْقِينِي فِي الْبِرْكَةِ مَتَى تَحَرَّكَ الْمَاءُ..بَيْنَمَا أَنَا آتٍ، يَنْزِلُ قُدَّامِي آخَرُ ( يو 5: 7 ) هل كان هذا حقًا الجواب على سؤال الرب؟ هل سأله الرب عن البِرْكَة؟ هل تطوَّع ليساعده عند النزول إلى البِرْكَة؟ هل سأله عما له من القوة، أو عن مبلغ المساعدة التي يريدها من الآخرين؟ أَ لم يكن سؤال الرب مختلفًا بالمرة عن كل هذا؟ «أَ تُرِيدُ أن تبرأ؟»؛ أي أَ تريد أن تنال الشفاء بدون مجهود منك، وبدون مساعدة إنسان أو ملاك؟ هذا كان المعنى الحقيقي للسؤال. ولكن لأن ذلك الشخص المريض كان مشغولاً بمجهوده الذاتي، ولأنه كان ينتظر أنه قد يتمكن يومًا ما ـ بقوته ـ أن يصل إلى البِرْكَةِ متى تَحَرَّكَ المَاءُ، لم يستطع الإجابة على سؤال الرب الإجابة الصريحة الصحيحة. أَ لم تكن مدة الثماني والثلاثين سنة، على طولها، كافية لأن تُعلّمه حقيقة حالته ومبلغ ضعفه؟ أَ لم تكن كافية لأن تُعلّمه أن الإنسان لا تزداد قوته بازدياد عمره، بل بالعكس؟ إنه بكل أسف لم يتعلَّم هذين الأمرين. لذلك عندما خاطبه ابن الله كان فكره مشغولاً بنفسه، بما يعمله هو أو بما يساعده الآخرون على عمله. وهكذا الحال الآن. فالخاطئ في رغبته للخلاص كثيرًا ما يتحول فكره إلى نفسه فلا يستطيع الإجابة على هذا السؤال: «أ تريد أن تبرأ؟» إجابة صحيحة. ففي انشغاله بنفسه يُجيب قائلاً: ”إني أجتهد في الحصول على ذلك“. وكأن الخلاص في نظره يتوقف على مجهود يبذله هو. لذلك ينتظر أنه يومًا ما يكون أكثر أهلية للخلاص من الوقت الحاضر، فيستطيع عندئذٍ أن يقدِّم نفسه لله لكي يخلُص، وهو في ذلك ينسى أن كل يوم يضيف إلى كمية خطاياه مقدارًا آخر، وأنه بتوالي الأيام يزداد قوة في عمل الشر. لقد بدأ الإنسان حياته شريرًا، وكل ساعة تمر من حياته يُضيف فيها آثامًا وذنوبًا وخطايا إلى قائمة شروره السابقة. فكيف إذًا ينتظر أن يتحسن، أو أن يقدِّم نفسه لله في حالة القبول يومًا ما؟ ماذا يفعل إذًا؟ يفعل هذا: يعترف بخطاياه وبعجزه الكامل، وبعدم استحقاقه لشيء إلا الدينونة. يوقف مجهوده، ويثق في المخلّص العظيم الذي أعطاه الله لنا، الذي ليس بأحد غيره الخلاص. ليت الروح القدس يعمل في قلبك ـ أيها القارئ ـ إن لم تكن قد تصالحت مع الله إلى الآن، حتى تأتي إليه، واثقًا في عمل المسيح لأجلك، طارحًا أوزارك عند قدمي ذلك المخلِّص المُحب العظيم. |
الرجوع والخضوع https://files.arabchurch.com/upload/i.../634254932.jpg فَوَجَدَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ فِي الْبَرِّيَّةِ .. وَقَالَ: يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ.. ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَاخْضَعِي ( تك 16: 7 - 9) ما أعظم النعمة الإلهية! إن ”ملاك الرب“ ـ والذي هو نفسه الرب يسوع المسيح في إحدى ظهوراته قبل التجسد ـ يُذكَر للمرة الأولى في الكتاب المقدس بالارتباط بهاجر؛ الجارية المصرية المسكينة. أما المكان الذي وجدها فيه، فقد كان «على عين الماء في البرية»، والتي تُدعى في ع14 «البئر»، وهي تُشير إلى ذاك الذي يُعطي الماء الحي؛ الماء الذي مَنْ يشرب منه لن يعطش إلى الأبد، بل يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية ( يو 4: 14 ). وعن هذا المكان نلاحظ: أولاً: إنه في البرية: وليس وسط مسرات العالم وملذات هذه الحياة يُمكننا أن نجد المسيح. ولن تستطيع أبدًا النفس التي لم ترفض التمتع الوقتي بالخطية، أن تتقابل مع المُخلِّص. ولكن في البرية، إذ نعتزل عن جاذبيات الأرض، المُعبَّر عنها بحالة البرية، هناك يتقابل المُخلِّص مع الإنسان الخاطئ. ثانيًا: أن الملاك التقاها على عَيْنِ الماء: وعَيْن الماء ترمز إلى الكلمة المكتوبة. وألا تجتذب كلمة الله التفات القلوب والنفوس التي أعيَتها الخطية، لتطلب الرب بنشاط واجتهاد؟ هذه النفوس نناشدها أن تحوّل نظرها عن الإنسان، و”تُفتش الكتب“ لأنها هي التي تشهد للمُخلِّص ( يو 5: 39 ). ثالثًا: عند هذه البئر ظهر ملاك الرب لهاجر «فدَعَت اسم الرب الذي تكلَّم معها: أنت إيلُ رُئي. لأنها قالت: أ ههنا أيضًا رأيتُ بعد رؤية؟» (ع13، 14). وهكذا المسيح، الذي تتكلَّم عنه البئر، يقول: «الذي رآني فقد رأى الآب» ( يو 14: 9 )، ففيه وحده يُستعلن الآب بالتمام. رابعًا: نلاحظ هنا أمرين فيما يتعلَّق بهاجر: (1) قال لها الملاك: «يا هاجر جارية ساراي»، فهذه صفتها الحقيقية، ولم يَقُل لها ”يا امرأة أبرام“ (ع8). (2) أمَرَها الملاك «ارجعي إلى مَولاتك واخضعي تحت يديها» (ع9). إن النعمة تملك بالبر. كانت النعمة هي التي بحثت عنها، وكان البر هو الذي أشار عليها ماذا تفعل. ولا يمكن أن تعمل النعمة على حساب البر. النعمة تُعضد وتقوي، لكنها لا تدعونا أن نهمل مسؤولياتنا نحو الله ونحو القريب. هل يوجد شخص قد هرب وترك موقعه، ولم يَعُد يقوم بواجبه؟ لمثل هذا تأتي كلمة الرب: ”ارجع ... اخضع“. إن الطريق الوحيد للبركة الإلهية، وللسلام والسعادة، أن نعود بالتوبة والخضوع. |
وضع يحتاج إلى تصحيح https://files.arabchurch.com/upload/i...1027671381.gif يَرُدُّ نَفْسِي. يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ ( مز 23: 1 ) هل فقدت بهجة خلاصك؟ .. نعم. هل فقدتَ لهيب حبك وغيرتك للرب؟ .. صحيح. أخي .. هل تشتاق إلى رَّد نفسك؟ .. بشدة. إن كنت بحق تشتاق إلى رَّد نفسك، وإلى المحبة الأولى، فيجب أن تعلَم هذه الحقيقة التي يختبرها كل مؤمن، وهي أنه كثيرًا ما يفشل أي مؤمن في اتباع الراعي. تُرى لماذا؟ السبب الحقيقي لهذه الحقيقة، والوضع المؤسف هو أن طريق الراعي طريقًا ضيقًا لا مكان فيه للثقة بالنفس، ولا لعمل الإرادة الذاتية. وإذ أستصعب التخلي عنهما، أختار لنفسي طريقًا آخر، وأترك الرب ـ الذي أُحبه ـ في الطريق الضيق. وعندما أبعُد عن الراعي، تبدأ مشاعري في الخمول ولهيب محبتي يبرد، وبالتالي شركتي معه تقل، وخدمتي له تضمر، وأدرك ساعتها أنني أحتاج إلى رَّد نفسي، وأحاول جاهدًا أن أعيد الشركة فأصلي، وأواظب على حضور الاجتماعات، وألتجئ إلى كل وسائط النعمة، هذا مع احتفاظي بثقتي في نفسي، وعمل إرادتي دون التحقق من مشيئة الله في حياتي. وللأسف دون أن أنتبه إلى السبب الحقيقي للمشكلة. هنا مكمَن الخطر. فلا يمكن أبدًا أن تُرَّد نفسي إلا وأنا في معيته؛ أي في الوضع المتوافق معه تمامًا. وما هو ذلك الوضع؟ هو أن أتخلى - أولاً - عن تمسكي بثقتي في نفسي وألقي عني إرادتي، وأخلع ثوب الكبرياء الذاتية البغيضة، وأرتمي على الرب مُجرَّدًا من كل فكر مستقل، خاليًا من كل ثقة بالذات، نافضًا عن نفسي كل اعتداد بها. صحيح أنني في هذا الوضع الجديد أكون مُهيأً لرَّد النفس، لكن لا يمكنني رَّد نفسي، الرب ... راعيَّ ... هو الذي يقوم برَّد نفسي. قالت “نُعْمِي”: «إني ذهبت .. وأرجعني الرب» ( را 1: 21 )؛ أنا قُمت بفعل الذهاب، والرب قام بفعل الإرجاع. مرة أخرى، هل تريد أخي المؤمن أن تعود إلي محبتك وتكريسك وخدمتك الأولى؟ إذًا توقف من فضلك قليلاً، وبأمانة راجع حالتك، واكشف قلبك أمام الله، مُرتميًا بالتمام على نعمته، وبتواضع حقيقي اتكل عليه وحده، وهو سيقوم برَّد نفسك، فهذه هي مهمته التي أخذها على عاتقه، وسيقوم بها على أكمل وجه. |
استعد للمستقبل http://img105.herosh.com/2011/03/20/89875553.jpg فِرْعَوْنُ ... يَأْخُذْ خُمْسَ غَلَّةِ أَرْضِ مِصْرَ فِي سَبْعِ سِنِي الشَّبَعِ.. َيَخْزِنُونَ .. وَيَحْفَظُونَهُ. فَيَكُونُ الطَّعَامُ ذَخِيرَةً.. ( تك 41: 36 ) حلم فرعون مَلك مِصر حُلمين، وإذ اهتم بمعرفة معنيهما التجأ إلى حُكمائه والسحرة ( تك 41: 8 ). كلاَّ يا صديقي إنَّ العالم لا يستطيع أنْ يُعطيك معلومات حقيقية عن طرق الله، أو قصده، فإذا أردت أنْ تتعلَّم أفكار الله عليك برجال الله وكلمته. وإذ كان يوسف له فكر الرب، استطاع بسهولة أنْ يُفسر الأحلام. سوف يكون أولاً سبع سنين من الخير الكثير ثم يتبعها سبع سنين أُخر من الجوع الذي لا نظير له. وكانت نصيحة يوسف في غاية البساطة. في أثناء سنين الوفرة ادَّخر للمستقبل. آه! استعد للمستقبل، هذه هي الفكرة. استعد للمستقبل يا صديقي. أنا لا أقصد أمور هذه الحياة، فأنت تعلم أنَّ لا أحد يُمكنه أنْ يُؤمِن المستقبل في هذه الحياة. معظم الناس الذين نراهم، مشغولين جدًّا وجادين في رغبتهم في تقدمهم الزمني في هذا العالم. آه لو كانوا في مثل هذا الاجتهاد بخصوص حياتهم الأبديَّة. إنَّهم حريصون جدًّا على الأمور الزمنية حتى إنَّهم يتجاهلون الأبدية تمامًا. سمعت عن واحد عملاق في ”البيزنس“ وكان ناجحًا بصورة مُذهلة. ذات صباح أتاه صديق قائلاً: ”هل سمعت عن الموت المؤسف الذي أصاب الأستاذ براون؟“ فأجاب: ”براون مات! براون مات!“ وأضاف متهكمًا: ”لماذا لا أملك أنا وقت لكي أموت، أنا بعيد جدًّا عنه، فأنا مشغول جدًّا“. ثم انحنى ليربط حذاءه، وسقط على الأرض ميتًا! عزيزي: يمكن أنْ يكون الدور عليك. فهل أنت جاهز؟ هل أنت مستعد؟ هل تغيرت؟ هل التفتّ إلى الرب؟ آه يا صديقي، استعد للقاء إلهك. لقد كان يوسف حكيمًا إذ أخبر فرعون أنْ يحتاط من أجل المستقبل. وأنا أريدك أنْ تكون جاهزًا للأبديَّة. أريدك أنْ تستعد لأهم لحظة في كل حياتك. عندما سوف تضطر إلى الخروج من هذا العالم. ما هو الموت للمسيحي؟ إنَّه العبور للمجد. لكن ما هو الموت للخاطئ؟ يمكنك أنْ تجاوب ”لا أعرف“، فأنا أعرف أشخاصًا قالوا إنَّه لا يمكن معرفة هذا الأمر لكني واثق أنَّك تستطيع أنْ تعرف، لأنَ الله كشف في كلمته عن مستقبل الخطاة «الذين سيُعاقبون بهلاك أبدي من وجه الرب ومن مجد قوته» ( 2تس 1: 9 )؛ لأن نصيبهم «في البحيرة المتقدة بنار وكبريت، الذي هو الموت الثاني» ( رؤ 21: 8 ). يا له من مصير مرعب! |
داود .. صورة للمسيح (2) https://files.arabchurch.com/upload/i.../334809263.jpg يَا مَفِيبُوشَثُ ... لاَ تَخَفْ. فَإِنِّي لأَعْمَلَنَّ مَعَكَ مَعْرُوفًا مِنْ أَجْلِ يُونَاثَانَ أَبِيكَ ( 2صم 9: 6 ، 7) تأملنا في الاسبوع الماضي في داود باعتباره صورة رمزية للرب يسوع المسيح، ونواصل اليوم المزيد من التأملات: 5- كانت الكلمة الثانية التي نطق بها داود أكثر جمالاً: «لا تخف» ( 2صم 9: 7 ). وهذا التعبير كثيرًا ما يتكرر في كلمة الله. فاستخدمه الله عندما تكلم مع كلٍّ من: أبرام ( تك 15: 1 )، إسحاق ( تك 26: 24 )، يعقوب ( تك 46: 3 )، يشوع ( يش 8: 1 )، وكذلك استخدمه الرب يسوع مع تلاميذه القلقين ( لو 12: 32 )، وعندما تكلم ـ كالمخلِّص المُقام ـ مع يوحنا الذي سقط عند رجليه كميت ( رؤ 1: 17 ). بنفس هذا التعبير طمأن داود مفيبوشث. واستكمل داود قائلاً: «فإني لأعملَنَّ معك معروفًا من أجل يوناثان أبيك» ( 2صم 9: 7 ). 6- لم يكتف داود بما قاله من كلمات سابقة، بل استطرد قائلاً: «وأرُّد لكَ كل حقول شاول أبيك» ( 2صم 9: 7 ). فلم يكتفِ داود بمنح الحياة لمفيبوشث، والذي كان في حكم الموت، بل أعطاه أيضًا ميراثه المفقود. ومرة أخرى نرى داود رمزًا لمَن «فيهِ أيضًا نلنا نصيبًا (ميراثًا)» ( أف 1: 11 ). فهذه الصورة التي نراها هنا، لا يمكن أن تكون رُسمت بيد فنان بشري. 7- بالإضافة لكل ما سبق، وهَب داود مفيبوشث وضعًا مُكرَّمًا عندما قال: «أنت تأكل خبزًا على مائدتي دائمًا ... كواحدٍ من بني الملك» ( 2صم 9: 7 ، 11). عندما اكتشف الابن الضال أنه ”محتاج“، وأنه على وشك أن ”يهلِك جُوعًا“ عاد إلى بيت أبيه حيث وجد ”العِجْل المُسَمَّن“ ( لو 15: 14 ، 17، 23). وهذا يُرينا كَرَم الله وصلاحه عندما يُغدق على الخطاة المُفلسين بغنى نعمته الفائق ( أف 2: 7 ). فالله في صلاحه عندما يُعطي، يُعطي أفضل ما عنده، وليس أقل من إعطائنا أفضل ما عنده يُمكنه أن يشبع قلبًا تعوَّد أن يُعطي «كل عطية صالحة، وكل موهبة تامة» ( يع 1: 17 ). فلم يأكل مفيبوشث على مائدة داود باعتباره ضيفًا أو غريبًا، بل باعتباره أحد أفراد العائلة المَلَكية. وهذا هو أيضًا مقامنا «أُنظروا أية محبة أعطانا الآب حتى نُدعى أولاد الله!» ( 1يو 3: 1 ). فما ربحه مفيبوشث كان أكثر مما خسره. وما ربحناه نحن في المسيح أكثر بكثير مما خسرناه في آدم. |
موت المسيح https://files.arabchurch.com/upload/i...1136298220.jpg وُضِعَ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ ... لِكَيْ يَذُوقَ بِنِعْمَةِ اللهِ الْمَوْتَ لأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ ( عب 2: 9 ) لقد صُولِحنا مع الله بموت ابنه ( رو 5: 10 )، فتجسُّده، أي أخذه طبيعة إنسانية لم يكن ليصالحنا مع الله، كما لم يكن ممكنًا أن يُزيح عنا خطايانا. لم يكن السبيل إلى ذلك إلا بموته. ولقد كان لازمًا أن ابن الله يصير إنسانًا ليموت. ولكن صيرورته إنسانًا شيء، وموته على الصليب شيء آخر. كان لا بد أن يصير إنسانًا، وكان لا بد أن يعيش ويعمل على هذه الأرض لمدة 33 سنة. كان يتعين عليه أن يعتمد في الأردن، وأن يُجرَّب في البرية. وفي أي نقطة بين المذود والصليب، كان بمقدوره، لو أراد، أن يعود إلى الآب، حيث مناخ القداسة والمحبة الفائقة. ولكن الذي حتَّم موته هو حُبُّه السرمدي اللا نهائي. لم يكن للموت سلطان عليه، ولكنه لما أراد أن لا يعود إلى المجد وحده، كان لزامًا عليه أن يموت « إن لم تَقع حبة الحنطة في الأرض وتَمُت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمرٍ كثير» ( يو 12: 24 ). ولما أراد أن يصطحبنا معه إلى المجد، كان ضروريًا أن يموت «لأنه لاقَ بذاك الذي من أجله الكل وبه الكل، وهو آتٍ بأبناءٍ كثيرين إلى المجد، أن يُكمَّل رئيس خلاصهم بالآلام» ( عب 2: 10 ). ولكي يفتح لنا طرِيقًا حدِيثًا حيًّا إلى محضر الله، كان لا بد أن يموت «فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع، طريقًا كرَّسه لنا حديثًا حيًا، بالحجاب، أي جسده» ( عب 10: 19 ، 20). إن موت المسيح هو أساس كل البركات التي حصلنا عليها: هل كنا أمواتًا نحتاج إلى حياة؟ لقد بذل جسده من أجل حياة العالم «أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكلَ أحدٌ من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم» ( يو 6: 51 ). هل كنا مُذنبين نحتاج إلى عفو وغفران؟ «بدون سفك دم لا تحصُل مغفرة!» ( عب 9: 22 ). هل كنا أعداء نحتاج إلى مصالحة؟ لقد كان «صولحنا مع الله بموت ابنهِ» ( رو 5: 10 )، وهكذا صار لنا سلام مع الله. وبالاختصار، إن موت المسيح هو الذي منحنا كل الهبات والبركات، وبدون موته لم يكن لنا شيء على الإطلاق. |
عُشٌّ في شعرك https://files.arabchurch.com/upload/i.../277045630.jpg وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ. ثُمَّ الشَّهْوَةُ إِذَا حَبِلَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً،.. ( يع 1: 14 ، 15) هناك عبارة مشهورة تقول: ”إنك لا تستطيع أن تمنع الطيور من أن تطير فوق رأسك، لكنك بكل تأكيد تستطيع أن تمنعها من أن تبني عُشها في شعرك“. وهذا يوضح ما يجب على كل واحد منا أن يفعله ليتغلب على ميول الجسد ورغباته. فسواء كانت التجربة هي أن تفكر أفكارًا رديئة، أو تذهب إلى حيث لا يجب أن تذهب، أو أن تعمل ما لا يجب عمله، فإن القاعدة التي تنطلق منها كل شهوة شريرة هي العقل غير الخاضع لإرادة الله. وبينما نحن نسلك في هذا العالم، فإن التجارب ستأتينا في صمت وبسرعة ودون توقع منا، كما تأتي الطيور أحيانًا في أسرابٍ كاملة. وفي الكتاب المقدس فإن الطيور عادةً تُستخدم لتمثل الشر. وبينما نحن لا نستطيع أن نمنع التجارب الشريرة والشهوات المختلفة من أن تعبر أذهاننا، إلا أننا نستطيع أن نأخذ خطوات حاسمة لنبعدهم عنا، بمجرد أن يحاولوا أن يتخذوا لهم مسكنًا في عقولنا. وقطعًا ليس لدينا عُذر لنسمح للأفكار الخاطئة أن تمكث في رؤوسنا فترة تكفي لتجعلها تحبل وتلد نوايا خاطئة وتصرفات شريرة. وبينما نجد في هذا القول المأثور الطريقة التي بها نتعامل مع الأفكار الشريرة، فإن الأعداد الموجودة أعلاه من رسالة يعقوب تخبرنا عن الخطية ونتائجها، إذا سمحنا لها أن تعشش في عقولنا. وبولس أيضًا يؤكد على عواقب الخطية إذ يقول إن أجرة الخطية هي موت ( رو 6: 23 ). فكيف إذًا نبعد الخطية عنا؟ إننا نفعل ذلك عندما نستأسر كل فكر إلى طاعة المسيح ( 2كو 10: 5 )، ونترك له المجال ليحكم على كل فكر هل هو صحيح أم خاطئ. إن حضور الرب في قلوبنا لا بد وأن يُعطينا تمييزًا، وهل تستطيع الخطية أن تستقر في عقولنا أو نستخدمها إذا كان لنا فكر أو ذهن المسيح؟ ( 1كو 2: 16 ). عزيزي: تُرى هل تركت أية طيور تبني أعشاشها فوق رأسك؟ هل استسلمت للتجربة؟ هل وصلت الخطية إلى أفكارك وشرعت في التأثير على تصرفاتك؟ لو كان الأمر كذلك فتذكَّر 1يوحنا1: 9 «إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل، حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم». اعترف بذلك فورًا، وتذكَّر أننا نبدو أغبياء وبلا فائدة لله عندما تكون أعشاش الطيور هذه فوق رؤوسنا. |
دورات البكرة https://files.arabchurch.com/upload/i.../402706908.jpg بِالقَضِيبِ يُخْبَطُ الشُّونِيزُ . وَالكَمُّونِ بِالْعَصَا ... فَيَسُوقُ بَكَرَةَ عَجَلَتِهِ ( إش 28: 27 ، 18) (1) الكمون: إن تلك الحبة الدقيقة صورة لمَن يحملون في نفوسهم طابع الرقة والإحساس المُرهف. فتلك النوعية تتأثر سريعًا وبقوة بمعاملات الله الرقيقة والتي تُشبه رقة العصا مع حبات الكمون. (2) الشونيز: هو نوع من النبات يُطلق على بذاره ـ حبة البَرَكة ـ فبالقضيب يُخبط الشونيز، والرب يستخدم قضيب الأرض الناشفة حيث الجدوبة والوحشة ـ مزمور65: 10. ففي برية يهوذا بعيدًا عن قصور الملوك ورفاهيتها تتعلم النفس كيف تجد الخصب والري رغم الجدوبة والقيظ! وكيف تتلذذ بالشَحم والدسم رغم الجوع والفاقه! وكيف يترنم القلب في سكون الليل الرهيب! (3) القمح: على القمح دارت البكرة. ويا له من دوران! فقد دارت البكرة قديمًا على يعقوب وكادت أن تزهق روحه حتى صرخ قائلاً: «صار كل هذا عليَّ؟» عزيزي .. قد تكون تحت وطأة ضغوطًا نفسية، أو ألَمَّت بك أزمة صحية، أو تعرضت لخسائر مادية، أو عدم الاستقرار في عملك زمنيًا أو في بيتك عائليًا، أو ظلمًا اجتماعيًا ... يا رب: ما لهذه البكرة تأبى التوقف عن الدوران؟ لأن حكمة الله من دوران البكرة أن يختفي كل ما هو من الإنسان، ويلمع كبريق الذهب كل ما هو مودَع من الله في أعماق النفس. عندما سؤلت أخت تقية عن ظروفها الصعبة ورَّد فعلها، قالت: ”إن كل ضيقة تحدث لي تسبب لي عَجبًا. لأنني أنتظر وأرى كيف يحلها الرب وكيف يُخرجني منها. إنني أقف جانبًا كالمتفرجة، وأرى دائمًا محبة الله وعنايته التي لم تَخب في يومٍ واحد. وكل مرة أراه يحلها بطريقة مختلفة عن سابقتها، وقد تعلَّمت الآن بخبرتي أنه بطريقة أو بأخرى لا بد ان يجعل الله كل الظروف تمر بسلام“. * ليس بالضرورة أن أفهم الأمر بتفاصيله، ولكن عليَّ أن أسير خطوة خطوة في جو الشركة واثقًا في حكمة الله المطلقة، وحتمًا ستكون البركة من نصيبي. |
الطريق والحقّ والحياة https://files.arabchurch.com/upload/i...1032017715.jpg أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي ( يو 14: 6 ) كان مُزارعًا عائدًا إلى منزله في المساء، في يوم عاصف، وفي طريق مُغطّى بالثلوج الكثيفة. وكانت السماء مليئة بالغيوم والسُحب القاتمة. وفجأة اكتشف أنه ضلَّ الطريق، فساورته المخاوف. ولكن بعد فترة، رأى في الثلوج آثار حديثة لعربة أخرى يجرّها حصانين؛ فعاد إليه الأمل والرجاء في أن يجد الطريق، وأسرع بعربته حتى أدرك العربة التي أمامه. فتحوّل إليه قائد العربة الأمامية وناداه قائلاً: إلى أين أنت ذاهب؟ فأجابه المزارع وقال: لقد ضللت الطريق! أريد فقط أن أتبعك وأرى الطريق. فقال الأمامي: ولكنني أنا أيضًا ضللت وأبحث عن الطريق! وصُدم هذان الرجلان عندما أدركا موقفهما. ولولا أن جاءت رياح شديدة، أزالت السحب والغيوم، وجعلتهما يريان نجم القطب الجنوبي، لهلكا. وبفضل النجم السماوي فقط، استطاعا أن يجدا طريقهما ويعودا كلٌّ إلى منزله. عزيزي: ألا نُشبه أحيانًا كثيرة المُزارع في هذه القصة؟ أ لسنا كثيرًا ما نبحث عن الطريق خلف الآخرين؟ أ لسنا نجري وراء الناس في طرقهم بحثًا عن الطريق، لنكتشف في النهاية أنهم هم أيضًا بشر مثلنا ضلوا الطريق! «كلُّنا كغنمٍ ضللنا، مِلنَا كل واحدٍ إلى طريقه» ( إش 53: 6 ). لنتوقف ونسأل أنفسنا: إلى أين تقودنا الطريق التى نسلكها؟ إننا إذا قَبلنا الرب يسوع المسيح مُخلّصًا شخصيًا، وتبعناه ( 1بط 2: 21 )، فإنه سيقودنا حتمًا إلى حياة في أمان، وأبدية سعيدة مباركة. لقد قال، وما أصدق قوله: «أنا هو الطريق والحق والحياة» ( يو 14: 6 ). فإذا شعرت بأنك تائه وضائع ضللت الطريق، فإني أرجوك ألا تتبع عقيدة أو إنسانًا، مهما عَلا شأنه، بل تعال إلى المسيح لتعرف الطريق، وتنال الحياة الأبدية. إن الرب يسوع المسيح هو «الطريق»؛ الطريق الوحيد إلى الآب «ليس أحدٌ يأتي إلى الآب إلا بي» ( يو 14: 6 ). وهو ـ تبارك اسمه ـ «الحق»؛ ويا له من ضمان لنا في هذا العالم، حيث إبليس، المُخادع الأكبر، ينسج حبائل الغش ليصيد بها الغافل. فالرب، الذي هو الحق، هو كفايتنا لنفحص به فلسفات البشر واقتراحات العدو، التي تجد قبولاً ورواجًا بين الناس. وهو ـ له كل المجد ـ «الحياة»؛ «الحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا» ( 1يو 1: 2 )، والتي هي هِبة الله لكل مَن يؤمن بابنه. |
الخصي الحبشي https://files.arabchurch.com/upload/i.../909140755.gif وَأَمَّا فَصْلُ الْكِتَابِ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُهُ فَكَانَ هَذَا: مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ، وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ.. ( أع 8: 32 ) بعد قضاء الطوفان الذي وقع على العالم القديم «كان بنو نوح الذين خرجوا من الفُلك سامًا وحامًا ويافث ... ومن هؤلاء تشعَّبت كل الأرض» ( تك 9: 18 ، 19). ومن هنا نرى أن إنجيل نعمة الله كُرز به لكل العالم مُمثلاً في هؤلاء الثلاثة؛ فالخصي الحبشي من نسل حام (أع 8)، والرسول بولس من نسل سام (أع 9)، وقائد المئة التي من الكتيبة التي تُدعى الإيطالية من نسل يافث (أع10). فيا لعظمة نعمة الله! ويبدو أن هذا الخصي الحبشي وزير كنداكة ملكة الحبشة كان أُمميًا متهوِّدًا. ونرى فيه الاختيار، ثم الكرازة له بإنجيل نعمة الله مصداقًا للقول: «فكيف يدعون بمَن لم يؤمنوا به؟ وكيف يؤمنون بمَن لم يسمعوا به؟ وكيف يسمعون بلا كارز؟» ( رو 10: 14 ). وهنا تتجلَّى نعمة الله في الاختيار. فيُطلب من فيلبس أن يترك كرازته الناجحة في السامرة، لكي يذهب نحو الجنوب على الطريق المنحدرة من أُورشليم إلى غزة التي هي بريَّة. وهنا نجد الخادم الأمين ينقاد بروح الله وليس بالعمل الناجح. فربما تعلَّل أن العمل في السامرة ناجح، وكيف يتركه ويذهب إلى البرية، لكن فيلبس يمثل لنا الخادم الأمين الذي يطيع صوت الرب، فنقرأ أن فيلبس «قام وذهب». وعندما تقابل مع الخصي وجده يقرأ الكتاب. فالكرازة الناجحة تكون من الكتاب المقدس، وليس من القصص والحكايات. وكان السِفْر الذي يقرأ فيه الخصي هو سفر إشعياء أصحاح 53 الذي يتكلَّم عن صليب المسيح الذي هو قلب الإنجيل؛ الإنجيل الذي هو «قوة الله للخلاص» ( رو 1: 16 )، لأنه بدون الإيمان بصليب المسيح ليس هناك خلاص. وهكذا نعمة الله العجيبة أعدَّت كل شيء لخلاص هذا الخصي. فأعدَّت له الكارز، وأعدَّت الفصل الذي يكرز منه الكارز. وهنا رافق الروح القدس كرازة فيلبس، وفتح الرب قلب الخصي وقَبِلَ المسيح؛ والدليل على ذلك أنه طلب من فيلبس أن يُعمِّده «فأمر أن تقف المركَبة فنزلا كِلاهما إلى الماء فيلبس والخصي فعمَّده. ولمَّا صعِدا من الماء، خطف روح الرب فيلبس، فلم يُبصره الخصي أيضًا، وذهب في طريقه فَرحًا» ( أع 8: 38 ، 39). لقد ذهب الخصي إلى أورشليم ومن أورشليم نقرأ أنه رجع إلى الحبشة، لكن لا نقرأ أنه رجع فرحًا. لكن بعد أن آمن بالرب يسوع «ذهب في طريقهِ فَرحًا». |
هدية (ناردين) مريم https://files.arabchurch.com/upload/i...2/91051212.jpg لِمَاذَا تُزْعِجُونَ المَرْأَةَ؟ فإَنـَّهَا قَدْ عَمِلَتْ بِي عَمَلاً حَسَنًا ( مت 26: 10 ) أولاً: محبة مريم وهديتها: إن المحبة للمسيح دائمًا تجد النور الإلهي الذي يهدي طريقها ويوجهها إلى ما هو مناسب تمامًا في اللحظة المناسبة. والمحبة تتبع هذا النور غير عابئة بتشويش البشر. وهكذا شقت محبة مريم للمسيح طريقها وسط كل كراهية اليهود. وها هي قد وصلت بهديتها الغالية إلى رأس السيد نفسه. ثانيًا: قيمة الهدية والسجود: 1- عملاً حسنًا. ذُكرت حادثة مريم (مر14) بين مكائد رؤساء الكهنة وخيانة يهوذا. وهكذا فالوحي يوضح لنا أن لفتة الأمانة والحب كانت أحسن تعويض بين أحداث المكر والخيانة. فما أروعه إنعاش لنفس مجروحة جدًا! وليس هذا فقط، ولكن ما أحسنه عملاً رأى فيه تبارك اسمه نموذجًا ضئيلاً جدًا لِما سيفعله هو على الصليب! كسرت مريم القارورة وامتلأ البيت من رائحة الناردين، وهكذا إذ كُسر قلبه امتلأ الكون كله بل بيت الآب وعرشه من رائحة المحبة الإلهية .. ما أكرمه!! حقًا ما أحسن ما استطاعت مريم أن تعمله آخذة بقلب الرب أعلى بكثير من شبح الخطية الرهيب إلى كمالات عمله وروائح السرور المتصاعدة لأبيه، والأمجاد الإلهية التي ستفوح بعد قليل. مباركة هي في عملها!! عزيزي .. وأنت وأنا .. ماذا يا تُرى عملنا من أجله؟؟ 2- دهنت بالطيب جسدي. ما أروع تمييز مريم وهي تسكب الطيب على رأس الرب فينزل على جسده الكريم. واعتبر تبارك اسمه هذا تدهينًا لجسده. فهو لم يُدهَن بالطيب بعد هذا. وها هي مريم قد سبقت وفعلت. حقًا إن المحبة المضحية يصاحبها ذكاءً روحيًا. 3- عملت ما عندها: قيَّم يهوذا ناردين مريم بثلاثمائة دينار، وأما السيد العظيم فقيَّمه بأنها عملت ما عندها. لا يمكن للمحبة أن تتجلى إلا عندما يُكسر كل غالِ. ثالثًا: مكافأة الهدية. ما أحلاها مكافأة مريم، وقلب الرب يتجاوب مع سجود مريم بإعلانات إلهية فورية؛ فنراه يعلن عن موته (تكفينه) وأن جسده الكريم لن يطيّب مرة أخرى. كما أعلن مكافأتها بتخليد اسمها مع الكرازة بالإنجيل. أحبائي: هذه هي هدية محبة مريم للسيد؛ سجودها وناردينها. وإعلانات الروح القدس هي أعظم هدية يقدمها الروح للنفس الساجدة بحب. |
هذا فعلَهُ العَسكَر https://files.arabchurch.com/upload/i...1408605452.gif يَقْسِمُونَ ثِيَابِي بَيْنَهُمْ، وَعَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ ( مز 22: 18 ) مزمور22 يتكلم في نصفه الأول عن آلام المسيح التي قاساها من يد الله لأجل الإنسان. والرب ينطق وهو على الصليب بأول عبارة يُفتتح بها المزمور «إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟» مُعبِّرًا بذلك عن إحساساته ومشاعره. لكن بالنسبة للنبوة الواردة في يوحنا 24:19 عن اقتسام ثياب المسيح والاقتراع على لباسه نجد الوحي يسبقها بعبارة «ليتم الكتاب القائل». فالمسيح لم ينطق بكلمات هذه النبوة، لكن الروح القدس، في صاحب المزمور، سبق فأخبر بالآلام التي للمسيح وهو على الصليب. إذًا هنا شهادة الروح القدس عن انطباق النصف الأول من هذا المزمور على المسيح المتألم. أما النصف الثاني فيحدثنا عن النتائج العجيبة للصليب. نتائج مصوغة في شكل تسبيح وسجود، والتي إلى الآن لم تُستعلن في ملئها وكمالها. ولكنها لا بد أن تتم في حينها. في يوحنا 24:19 نجد كل استخفاف واستهتار من جانب العسكر، بصليب المسيح. أَوَ ليس هذا الاستهتار ينتشر في العالم في يومنا الحاضر؟ كانوا عند الصليب تستحوذ عليهم شهوة المكسب المادي، كما كانت فيهم روح المقامرة. هذه الأمور كانت تشغل قلوبهم، وإلى جوارهم رب الحياة يضع حياته لأجل الناس. وكم في المسيحية اليوم من شبان وشيوخ تستحوذ عليهم هذه الروح العالمية عينها، فتعمي أعينهم عن أن يروا، وتَصُم آذانهم عن أن تسمع المسيح متكلمًا بالخلاص، وصانعًا للسلام، ومقدمًا للجميع حياة أبدية بلا ثمن! «هذا فعله العسكر» .. ويا له من تتميم للنبوات! إن العسكر لم تكن عندهم أية فكرة عن أن ما كانوا يعملونه يومئذٍ هو عين ما أُوحيَ به في النبوات من أجيال عديدة سبقت. وإنها لحقيقة خطيرة أن نتأمل في أن جميع نبوات العهد القديم والجديد على السواء، والتي لم تتم حتى الآن، سوف تتحقق في حينها المناسب. والإنسان لا يستطيع أن يغيِّر هذه الحقيقة على الإطلاق، ولو أنه يستطيـع ـ بدون قصد ـ أن يدفع الحوادث. وهذا اليقين من جهة تتميم مواعيد الكتاب يقترن عند المؤمن المفدي بالبركة. وهذا اليقين عينه بالنسبة لغير المؤمن يقترن بالدينونة، وكل تتميم لأية نبوة من نبوات الكتاب سيكون لمجد الله والمسيح. ليتنا جميعًا ننتظر بفرح وصحو إتمام كل نبوة الكتاب. |
يتأنَّى علينا https://files.arabchurch.com/upload/i...1006544465.jpg لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ ... لَكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ ( 2بط 3: 9 ) هل أريد أن أعرف ما هي الخطية؟ ليس لي إلا أن أنظر إلى الصليب. هل أريد أن أعرف ما هو البر؟ وما هي البغضة بلا سبب؟ والمحبة بلا حد؟ والخطية ودينونتها؟ الخلاص والسلام؟ الغضب الإلهي ضد الشر؟ الرضاء الإلهي الكامل ومسرته فيما مجّد الله تمجيدًا كاملاً وإلى الأبد؟ ليس لي إلا أن أتطلع إلى هناك ـ إلى الصليب. ثم هل أريد أن أعرف الضعف والموت مع التسليم الاختياري، وليس مجرد تسليم الضعف والعجز؟ وهل أريد أن أرى القوة الإلهية التي واجهت الشر وأبطَلته؟ هناك أيضًا أرى العالم ثائرًا بقوة الشيطان للتخلُّص نهائيًا من إله المحبة، ثم أرى الله، بواسطة هذا العمل ذاته، مُخلِّصًا الإنسان وعاملاً الصلح والسلام بدم ابنه، كما هو مكتوب: «لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس، ويعتق أولئك الذين ـ خوفًا من الموت ـ كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية» ( عب 2: 14 ، 15). ولقد تلاقى في الصليب الخير والشر بكل قوتهما وأشكالهما لكي تنتصر المحبة إذ تقاسي من الشر مرة ليكون للخير قوته الكاملة إلى الأبد. وهل تسأل، أيها القارئ العزيز، لماذا إذًا نحن لا نزال في عالم كهذا؟ ها أنا أجيبك: إن الكتاب يُخبرنا أن الله في نعمته لا زال يقود النفوس إلى الاستفادة من هذه الفرصة والانتفاع بها. إن العالم الذي نعيش فيه عالم بؤس وحزن وظلم. فإذا كان الله يتداخل لتغييره، فلا بـد له أن يأتي بالدينونة وينهي زمان الرحمة. وهذا ما لا يريد أن يفعله طالما هناك من له أُذن للسمع. وهو لذلك يسمح بالشر أن يستمر إلى حين. ونحن، ولو أنه قد يتحتم علينا أن نتألم أثناء وجودنا في العالم، يجب علينا من هذه الناحية أن نفرح لأن الله لا زال سامحًا ببقاء هذا العالم، لأنها لا زالت فرصة رحمة مُقدمة للآخرين. إن النهاية ستكون فرحًا أبديًا في عالم أفضل بما لا يُقاس. فالمسيح قد مضى ليُعد مكانًا لنا، وسيأتي مرة ثانية ليأخذنا إليه حتى حيث يكون هو نكون نحن أيضًا. هكذا يكتب بطرس: «لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قومٌ التباطؤ، لكنه يتأنى علينا، وهو لا يشاء أن يهلك أُناس، بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة» ( 2بط 3: 9 ).http://www.arabchurch.com/forums/ima...es/flowers.gif |
نداء الحكمة https://files.arabchurch.com/upload/i.../110024900.jpg اَلْحِكْمَةُ بَنَتْ بَيْتَهَا. نَحَتَتْ أَعْمِدَتَهَا السَّبْعَةَ. ذَبَحَتْ ذَبْحَهَا..أَيْضًا رَتَّبَتْ مَائِدَتَهَا. أَرْسَلَتْ جَوَارِيَهَا تُنَادِي.. ( أم 9: 1 - 3) الأعداد الستة الأولى من هذا الأصحاح تصوِّر لنا صورة رائعة عن طريقة انتشار إنجيل نعمة الله بواسطة المؤمنين الذين جالوا يبشرون بالكلمة ( أع 8: 4 ). ففي سفر الأعمال نرى ”الحكمة تبني بيتها“؛ قديسو الله يجتمعون معًا، ولهم قلبٌ واحدٌ ونفسٌ واحدةٌ، في وحدة غالية جذبت الآخرين ليتمتعوا بها ( أع 4: 32 - 35). «الحكمة ... نحتَتت أَعمدتها السبعة» ... والأعمدة السبعة التي نحتتها الحكمة تُرى واضحة في رسالة يعقوب3: 17 «وأما الحكمة التي من فوق فهي أولاً طاهرة، ثم مُسالمة، مترفقة، مُذعنة، مملوَّة رحمةً وأثمارًا صالحة، عديمة الريب والرياء». أما لماذا يستخدم الوحي كلمة «نَحَتَتْ»؟ فذلك لأن هذه الصفات ليست فينا بالطبيعة، بل تحتاج، من جانب المؤمن، إلى اجتهاد وتدريب جاد، وعمل جاد دؤوب لتظهر في حياة المؤمن. أما عن كونها «أعمدة» فذلك يُشير إلى جاذبيتها للناظرين. «الحكمة ... ذبحت ذبحَها» .. هذا يعني أنها مهتمة بتقديم حاجة النفوس. فما هو هذا الطعام؟ هذا يذكِّرنا بذبيحة ربنا يسوع المسيح. وهكذا فإن الكنيسة لديها أخبار مُفرحة وعجيبة عن الغفران والفداء الأبدي بواسطة هذا الذبيح المبارك. «الحكمة .. مزجَت خمرها».. والخمر الممزوجة يشير إلى قيمة وغلاوة دم المسيح الثمين والذي يضمن فرحًا طاهرًا للمؤمن، وإن كان قد كلَّف المسيح آلامًا لا يُنطَّق بها. «الحكمة ... أيضًا رتَّبت مائدتها» .. والمائدة المُرتبة تحدثنا عن الإعداد التام والكافي لشبع كل نفس جائعة تؤمن بالمسيح كخبز الحياة. ويا لها من وليمة عظيمة ومُدهشة رتبتها الحكمة للمدعوين الكثيرين. فمن بين أطباق المائدة نستطيع أن نتذوق: الغفران، والفداء، والتقديس، والحياة الأبدية، وأكثر من ذلك كثيرًا. «الحكمة ... أرسلت جواريها» .. وها هي الحكمة تُرسل رسلاً بأخبار الإنجيل السارة لكل مَن يقبلها. يا ليتنا نكون ”جواري الحكمة“، فنذهب لندعو الجهال (البسطاء)؛ أولئك الذين لم يتمتعوا بالحكمة، ليأتوا ويقبلوا مجانًا بركة الله العظمى. |
حواء وامرأة لوط https://files.arabchurch.com/upload/i.../812146627.jpg اهْرُبْ لِحَيَاتِكَ. لاَ تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ، وَلاَ تَقِفْ فِي كُلِّ الدَّائِرَةِ. اهْرُبْ إِلَى الْجَبَلِ لِئَلا تَهْلِكَ ( تك 19: 17 ) عندما أخرج الملاكان لوطًا وامرأته، كان كلامهما مُوجَّهًا إلى لوط. ولماذا؟ لأنه هو رب الأسرة وهو المسؤول عما يجرى فيها. وفي هذا درس لكل أب أوكَله الرب على مسؤولية من جهة زوجته وأولاده، حيث سيُعطي حسابًا عن ذلك. هل كان قدوة صالحة أمامهم؟ هل استحضر الله إلى البيت؟ هل علَّمهم مخافة الرب؟ هل حذَّرهم من نتائج الخطية؟ هذه الأوامر تبدأ بـعبارة «اهرب لحياتك» وتُختم بأن يهرب إلى الجبل، وبين الأمرين بالهرَب يأتي الأمر: «لا تنظر إلى ورائك، ولا تقف في كل الدائرة». وإذا نظر إلى ورائه فهناك الهلاك، وإذا وقف في أي جزء من دائرة الأردن فهو مُعرَّض أيضًا للهلاك، وهذا ما حدث مع امرأة لوط لا مع لوط نفسه. ومن المؤكد أنه حذَّر زوجته وابنتيه من النظر إلى الوراء، شاعرًا بخطورة الموقف. ولكن بالرغم من ذلك «نظرت امرأته من ورائه فصارت عمود ملح» (ع26). لقد تباطأت خطواتُها قليلاً عنه حتى لا يراها، ثم خَطَفَت نظرة سريعة للوراء نحو سدوم، وفي الحال تحوَّلت إلى عمود ملح. ولم تكن هي أول امرأة تنظر من وراء رجلها، لأن حواء كانت هي الأسبق في فعل هذا الأمر. وفي الحالتين، وإن توارَت المرأة عن رجلها وفعلت ما تريد، فهل يمكن أن تتوارى عن نظر الله؟ ونستطيع أن نقول عن هذه المرأة التي لا نعرف اسمها، إنها كادت أن تنجو لكنها هلكت، بينما نستطيع أن نقول على اللِّص الذي كان مُعلقًا بجوار الرب إنه كاد أن يهلك لكنه خلُص. ففي لحظاته الأخيرة، وهو محكوم عليه بالموت، تطلَّع إلى المُخلِّص بنظرة إيمان وحصل على الخلاص. بينما امرأة لوط، وهي خارج دائرة الهلاك، وعلى وشك الإفلات منه تمامًا، بنظرة عدم إيمان للوراء، فاجأها هلاكٌ بغتةً، بالرغم من أن سُبُل النجاة جميعها كانت مكفولة لها. إن علة الهلاك تتمثَّل في عدم الإيمان وعدم تصديق أقوال الله. لقد شكَّت في جدِّيَّة القضاء الذي سمعت أنه سيحل بسدوم. وكانت تشعر أن الدنيا من حولها سلامٌ وأمان. لم تقتنع بالتحذير والرسالة أن الرب قد أرسل الملاكين ليُهلكا هذا المكان، مثلما حدث مع حواء قديمًا عندما قالت لها الحيَّة: «لن تموتا!» ( تك 3: 4 )، وفي الحالتين «مَن لا يُصدِّق الله، فقد جعله كاذبًا» ( 1يو 5: 10 ). وما أخطر عدم الإيمان! |
أَدخَلَني إِلى حِجَالِهِ https://files.arabchurch.com/upload/i.../787469315.jpg أَدْخَلَنِي الْمَلِكُ إِلَى حِجَالِهِ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِكَ. نَذْكُرُ حُبَّكَ أَكْثَرَ مِنَ الْخَمْرِ. بِالْحَقِّ يُحِبُّونَكَ ( نش 1: 4 ) قيل إن الحجال هو موضع يُزيَّن بالثياب والأسرّة والستور للعروس، أو ستر العروس في جوف البيت، أي غرفة خاصة للتزيين . نلاحظ أن العريس هو الذي أدخل العروس الي هذا الموضع لانها تقول «أَدخَلَني». وهو أدخلها لأنه أحبها، ولكي يقوم بكسائها بأفضل الثياب، وتزيينها بأفضل الزينات حسب ما يتفق مع مقام العريس، وليس بحسب حالة العروس. إننا في حزقيال16: 1-14 نجد حالة العروس قبل دخولها غرفة التزيين: فهي مطروحة بكراهة نفسها، ومَدوسة بدمها، وعريانة، ولكن مرّ عليها عريسها وكان زمانها زمن الحب، فبسط ذيله عليها، وستر عورتها، ودخل معها في عهد، وحمَّمها وغسَّلها من دمها، ومسحها بالزيت، وألبسها المُطرز، وحلاَّها بالذهب. تخيَّل معي حالتها قبل وبعد دخولها الحجال، أي غرفة التزيين الخاصة بالملك. لقد كانت محبة العريس لعروسه الأرضية مرتبطة بالزمن ( حز 16: 8 رؤ 1: 5 )، لكننا نراها لم تبتهج وتنبهر بالهِبات، بل بالحري بمانح الهبات، فنسمعها تقول: «نبتهج ونفرح بكَ. نذكر حبك أكثر من الخمر. بالحق يحبُّونك». لكننا نحن العروس السماوية الكنيسة، وإن كنا ترابيين، وفي آدم الأول أمواتًا كالرمم، لكننا نتغنى الآن: «الذي أحبنا، وقد غسَّلنا من خطايانا بدمهِ، وجعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه، له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين» ( 2تي 1: 9 ، 6؛ أف5: 25). ومحبة العريس لنا ليس لها ارتباط بالزمن نهائيًا (2تي1: 9؛ رو8: 29؛ أف1: 4). والوحي يصف العروس السماوية في رؤيا21: 2: (1)«مقدسة» لأنها امتلكت طبيعة الله القدوس ( 2بط 1: 4 ). (2) «جديدة» لأن كل شيء يبقي جديدًا إلي الأبد ( 2كو 5: 17 ). (3) «من السماء» .. «ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم» ( يو 17: 16 ). (4) «من عند الله» ... «كانوا لك وأعطيتهم لي، وقد حفظوا كلامك» ( يو 17: 6 ). (5) «مُهيأة» والذي هيأها الله نفسه. (6) «كعروسٍ» وسوف تظل عَرُوس إلي الأبد. (7) «مُزيَّنة لرَجُلها» أي شخص المسيح ـ تبارك اسمه. لكن أ لعل كل هذا يُبهرنا؟ أم نقول كما قالت العروس: «نبتهج ونفرح بك. نذكُرُ حبَّك أكثر من الخمر. بالحق يحبونك»؟ |
أَيِّلَةِ الصُّبْحِ https://files.arabchurch.com/upload/i.../729277201.jpg لإِمَامِ الْمُغَنِّينَ عَلَى «أَيِّلَةِ الصُّبْحِ». مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ ... إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ ( مز 22: 1 ) التعبير«أَيِّلَة الصُّبْحِ» لم يَرد في كل الكتاب المقدس إلا في عنوان مزمور22، ولو أن اليهود فيما بعد استخدموه للتعبير عن الصباح الباكر. والأرجح أن داود هو الذي أنشأ هذا التعبير الشعري الجميل. ويُقال في تفسير ذلك إن منطقة يهوذا التي تقع فيها قرية بيت لحم، حيث تربى داود، هي منطقة مُحاطة بالجبال، وكان داود يرعى أغنام أبيه في مروج تلك الجبال، وهو ـ كأي راعي غنم ـ بينما يحرس أغنامه في الليل، كان يتطلع بشوق إلى بزوغ الفجر، فيأمن على خرافه من الخطر، ويأنس هو من وحشة الليل. وإن كان منظر غروب الشمس مَهيبًا، إلا أن شروقها أكثر بهجةً. ولأن داود كان شاعريًا مُرهف الحس، فكان يتخيَّل الأشعة الأولى للشمس عند شروقها من خلف جبال يهوذا الشرقية كأنها قرون الأيِّل، وبذلك صار شائعًا أن يُطلق على أشعة الشمس الأولى في الصباح الباكر «أَيِّلَة الصُّبْحِ». فها بعد الليل البَهيم، تنفذ أشعة الشمس ناشرة ضياءها، مُبددة ظلمة الكون بهذا المشهد الخلاب الذي يُشبه على نحو كبير قرون الأيِّل. يمكننا أيضًا أن نفهم معنى هذا التعبير «أَيِّلَة الصُّبْحِ» بطريقة أخرى. فكأن الشمس ماتت في الليل فاتشحت الطبيعة بالسواد، وأتى الظلام، ولكن في الفجر ها هي قد قامت من جديد فملأت الأرجاء بنورها الوضاح. وهذان هما الأمران المشغول بهما مزمور22؛ أعني بهما موت الرب وقيامته. ولو كان المسيح مات ولم يَقُم، ما كان أسوأ تلك القصة! ما كنا ندعوها إذ ذاك قصة الحب السرمدي، بل مأساة كل الدهور. ولكن شكرًا للرب إذ إن الحب تمجد وقهر الموت. من أجل ذلك كان مناسبًا للغاية أن يُعنوِن داود هذا المزمور الذي يصور لنا آلام الرب وهو يتجرَّع غصص الموت، بهذه الكلمات: «أَيِّلَة الصُّبْحِ». هذا المزمور بناء على ما سبق، ليس موَّالاً حزينًا لليل بلا إشراق. ولا هو مرثاة لمأساة بلا رجاء، بل هو أُغنية صبح أتى في أعقاب ليل «عند المساء يبيت البكاء، وفي الصباح ترنُّم» ( مز 30: 5). نعم إنها أنشودة فجر القيامة بلحنه المُبهج «أُخبر باسمك إخوتي. في وسط الجماعة أُسبِّحك». لذلك فإنها «لإمام المُغنين (المسيح) على أَيِّلَة الصُّبْحِ (القيامة)». فالمسيح نفسه هو «أَيِّلَة الصُّبْحِ». |
الوكِيل الأمِين الحكِيم https://files.arabchurch.com/upload/i.../567529027.jpg فَمَنْ هُوَ الْوَكِيلُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الْعُلُوفَةَ فِي حِينِهَا؟ ( لو 12: 42 ) يجب أن يتصف كل خادم للرب بعدة صفات: (1) وكيل: الوكيل هو شخص له سَيِّد وكّله وائتمنه على وكالة لينوب عن سَيِّده في الاهتمام بهذه الوكالة. هكذا كل خادم هو وكيل من الرب لخدمة إخوته المؤمنين، ويومًا ما سيُعطي حساب وكالته ( لو 16: 2 ). أما عن دائرة هذه الوكالة فهي كل شيء: الوقت، الصحة، المال، الوزنات الطبيعية، المواهب الروحية .. إلخ. (2) أمين: الأمانة هي أول صفة مطلوبة في الوكيل «ثم يُسأل في الوكلاء لكي يوجد الإنسان أمينًا» ( 1كو 4: 2 ). سيُسأل الوكيل ليس فقط عن ماذا عمل؟ بل ولماذا عمل؟ وكيف عمل؟ ودوافع كل عمل يُؤدى هنا على الأرض، سوف يُكشف أمام السَيِّد في يومٍ قريبٍ قادم. ونعترف أن الأمانة في هذه الأيام عُملة صعبة ونادرة «أكثر الناس ينادون كل واحدٍ بصلاحه، أما الرجل الأمين فمَن يجده؟» ( أم 20: 6 )، لكن ليتنا نراعي الأمانة في كل شيء. (3) حكيم: والمقصود ليس الحكمة الانسانية، بل «الحكمة التي من فوق» ( يع 3: 15 )، وهذه الحكمة تظهر في تقديم طعام مناسب، وبقدر مناسب، في وقت مناسب، لمن وكّله السَيِّد عليهم «ليعطيهم العلوفة في حينها؟» (4) يُقيمه سَيِّده: هو لا يُقيم نفسه، وغير مُقام من الناس، ولكنه مُقام من سَيِّده. لقد برهن الرسول بولس على رسوليته للكورنثيين مؤكدًا لهم أنه: «رسول ليسوع المسيح بمشيئة الله» ( 1كو 1: 1 ؛ 2كو1: 1)، وقال للغلاطيين إنه: «رسولٌ لا من الناس ولا بإنسان، بل بيسوع المسيح والله الآب» ( غل 1: 1 )، ويذكر ذلك أيضًا لتيموثاوس في آخر رسائله «بولس، رسول يسوع المسيح بمشيئة الله» ( 2تي 1: 1 ). (5) يُقِيمه .. على خَدَمهِ: واضح أنه مُقام من سيِّده على خَدَمهِ وليس فوق خَدَمِهِ. فالأمر متعلّق بالخدمة وليس بالسيادة والسلطان. قال الرسول بطرس: «أطلب إلى الشيوخ الذين بينكم (وليس عليكم)، أنا الشيخ رفيقهم (وليس عليهم) ... ارعوا رعية الله التي بينكم نظارًا ... لا كمَن يسود على الأنصبة، بل صائرين أمثلة للرعية» ( 1بط 5: 1 -3). فالشيوخ هم بين الرعية، والرعية بين الشيوخ، ولا توجد رياسات ولا سيادات، ولا تسلُّط على قطيع الرب. ليتنا نتعلَّم هذا ونُمارسه عمليًا في الوكالة التي وكّلنا الرب سَيِّدنا عليها. |
مَجْدي ورافعُ رأسي https://files.arabchurch.com/upload/i.../367495731.jpg هوذا واحد من أولاد الله في شدة وكَرب، تغمره سلسلة من الأزمات الخانقة. فابنه المحبوب ”أَبْشَالوم“ يقوم عليه ويفتن عليه المملكة، ويغتصب منه العرش ( 2صم 15: 12 ). و”أَخِيتُوفَل“ مُشيره وموضع ثقته ينضم إلى الفتنة، ويطلب قتله ( 2صم 15: 12 ، 13). وهكذا خرج داود و«كان يصعد باكيًا، ورأسهُ مُغطى، ويمشي حافيًا» ( 2صم 15: 30 ). ولكن مهما يكن ظلام الأيام، ومهما يكن شر الأعداء الثائرين، ومهما تكن ضخامة الحيَل الشيطانية، فالله نفسه «تُرْسٌ» للمؤمن ( مز 3: 3 ). والكلمة «تُرْسٌ» هنا تَرِد في الأصل بمعنى: ”تُرْسٌ محيطٌ“؛ أي حِمى يحيط بالمؤمن من كل جانب. حِمى تام ودفاع كامل. هكذا قال الله قديمًا لأبرام: «لا تخف يا أبرام. أنا ترسٌ لكَ» ( تك 15: 1 ). ويتغنى موسى في نشيده الوداعي: «مَن مثلكَ يا شعبًا منصورًا بالرب؟ تُرس عونِك وسيفِ عظمتكَ فيتذلل لك أعداؤك، وأنت تطأ مرتفعاتهم» ( تث 33: 29 ). والرب ليس ترسًا فقط، بل هو أيضًا «مَجْدٌ»؛ «مجدي ورافع رأسي»، إذ من الرب استمد داود كرامته المَلَكية، وهو يعلم أن الله لا بد وأن يرُّد له كرامته وعزته. فإن المؤمن الواثق بالرب يستطيع أن يخاطبه قائلاً: «أنت يا ربُّ ... مجدي»، تمامًا كما كان المجد يضيء قديمًا للشعب في ذات السحابة التي كانت تظللهم. ومن ثم يقدر أن يزيد على هذا قوله: «ورافع رأسي». فليست الكبرياء هي التي تمنح القديس رأسًا مرتفعًا، رمز العزة والكرامة، ولا حتى مجرد الشجاعة الطبيعية، بل إدراكه الحقيقي لله «أهيه» الكائن إلى الأبد. الاسم الذي حمله موسى قديمًا إلى قومه قائلاً: «أهيه أرسلني إليكم»، وما في ذلك الاسم من مدلول القدرة على الخلاص. ومن هنا استطاع داود أن يصرخ إلى الرب، واثقًا أنه يُجيبه من «جبل قُدسهِ» كناية عن ”صهيون“ مقر التابوت، باعتبارها المركز الذي فيه يمارس الرب سيادته الأرضية ( مز 2: 6 ). بيد أن هذا ليس معناه أنه قد نجا من الضيق، فقد كان داود هاربًا من ”أَبْشَالوم“، طريد البرية، يتعقبه أعداؤه، لكنه يحدثنا في هذا المزمور كيف استطاع أن يستودع أمره لله. وإنه أمر عظيم أن نفعل ذلك في تجاربنا، فلا نعتز بقوة نتصوَّرها في نفوسنا فنستند عليها، أو إمكانيات نعتمد عليها، بل نستودع الكل بين يدي إلهنا القادر على الخلاص من كل الضيقات. |
عرش الدينونة https://files.arabchurch.com/upload/i...1301152758.jpg ثُمَّ رَأَيْتُ عَرْشًا عَظِيمًا أَبْيَضَ، وَالْجَالِسَ عَلَيْهِ، الَّذِي مِنْ وَجْهِهِ هَرَبَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُمَا مَوْضِعٌ! ( رؤ 20: 11 ) ما أرهب العرش المُشار إليه في هذه الأعداد! إنه عرش دينونة رهيبة، حيث لا نعمة ولا رحمة. لهذا العرش مطالب، ولكن يا للأسف فإنه لا يوجد في ذلك الوقت مَن يوفيها. يقول «وانفتحت أسفارٌ ... ودِينَ الأمواتُ مما هو مكتوبٌ في الأسفار بحسب أعمالهم» (ع12). تلك الأسفار مدوَّن فيها تاريخ كل واحد من الخطاة الذين رفضوا نعمة الله، عندما كانوا أحياء على الأرض. وسوف لا تكون مُغالطة أمام ذلك العرش، كما أن كل شخص سيُدان بحسب أعماله. ويتصوَّر البعض أن الدينونة ستكون بسبب رفض الإنجيل فقط، ولكن الواضح هنا أن كل واحد سيُدان «بحسب أعماله». لا شك أن رفض الإنجيل أينما كُرز به يضع السامعين الرافضين تحت الدينونة، ولكن هذه الدينونة ستكون بحسب أعمال كل واحد. ويقول الرسول بولس: «فأميتوا أعضاءكم التي على الأرض. الزنا، النجاسة، الهوى، الشهوة الردية، الطمع الذي هو عبادة الأوثان، الأمور التي من أجلها يأتي غضب الله على أبناء المعصية» ( كو 3: 5 ، 6). وفي هذه الكلمات، كما في غيرها مما ذُكر في مواضع أخرى، نرى أن غضب الله يأتي على أبناء المعصية لأجل خطاياهم. يا له من حق خطير، أن كل واحد يموت في خطاياه غير تائب، ولا يؤمن إيمانًا حقيقيًا بالرب يسوع المسيح، لا بد وأن يُدان على جميع أعماله، ما ظهر منها وما استتر. وسيقف جميع الخطاة بضمائر مستيقظة وذاكرة حاضرة، وسيظهرون في نور ذلك العرش الذي لا يختفي منه شيء، ولا يمكن أن يهرب من أمامه أحد. وما أرهب الوقوف أمام عرش الدينونة! كم من الأصوات ستُسمع هناك من الملايين المحتشدة قائلة: «ويلٌ لي! إني هلكت». ولكن يا للأسف فإنه لا يوجد هناك مذبح، ولا واحد من السرافيم طائرًا بجمرة، ولا نعمة ولا رحمة (إش6). يوجد بحيرة النار، التي هي المقر الأبدي لرافضي المُخلِّص، المقر الأبدي لمَن عاشوا في الخطية بدون تقدير لقداسة الله ولدينونته العادلة. إن كل مَن يقف أمام ذلك العرش العظيم الأبيض ستكون عاقبته نارًا لا تُطفأ ودودًا لا يموت. أيها القارئ العزيز، إن كنت لم تسلِّم قلبك للمسيح للآن، ليتك تهرب من الغضب الآتي بقبولك، من كل قلبك، خلاص الله الكامل بعمل ابنه المحبوب على الصليب. |
أَحْشَاء المسيح https://files.arabchurch.com/upload/i.../942277441.jpg «فَإِنَّ الله شَاهِدٌ لِي»: أي أن الله يعلم صِدق أشواق الرسول بولس العميقة والكثيرة، والتي لا ينقلها الحبر والورق، بل الله الذي يعلم دوافع القلوب. «كيف أشتاق إلى جميعكم»: تتكرر كثيرًا كلمة «جميعكم» في الأصحاح الأول من رسالة فيلبي: «الطلْبة لأجل جميعكم» ( في 1: 4 )، «أفتكر هذا من جهة جميعكم ... أنتم الذين جميعكم شُركائي في النعمة» ( في 1: 7 )، «أشتاق إلى جميعكم» ( في 1: 8 )، «فإذ أنا واثقٌ بهذا أعلمُ أني أمكُث وأبقى مع جميعكم» ( في 1: 25 ). وهكذا نرى تقدير الرسول لجميع القديسين على السواء؛ الصغار والكبار، الخدام والمخدومين، الأغنياء والفقراء. «في أحشاء يسوع المسيح»: إنها نوع من المشاعر، ترتقي وتسمو عن العواطف البشرية فعواطف الناس منقوصة وهزيلة، سرعان ما تتقلب، تارة تجود وتارة تمنع. وبسبب الخطية الساكنة فينا كثيرًا ما تكون باردة ومتبلدة، فهي مشاعر محدودة وجامدة بالقياس لأحشاء المسيح. أحشاء المسيح هي تلك المشاعر العميقة التي تترفق بالضالين وترجو رجوعهم بشوق وحنين. هي فيض من العواطف الحانية تجاه المتألمين ومنكسري القلوب. وتتجه لغير المستحقين وتعطي أهمية للمنبوذين والمحتقرين. أحشاء المسيح تملأ القلب بحب نقي، بلا رياء، تجاه كل القديسين بصرف النظر عن أعراقهم أو خلفياتهم، لا تفرِّق بين جنس ولون، لا تفرِّق بين غني وفقير، مشهور أو مغمور. وإن كانت تتدفق بشكل قوي نحو المساكين، وتعطي أولوية للمنحنين والمتضعين. ومن له أحشاء المسيح، تكون محبته غير مشروطة كسيده، رقيق المشاعر، يفرح مع الفرحين ويبكي مع الباكين، لا يطيق النميمة أو كلام المذمة، بل يحلو له جدًا أن يفتكر في كل ما صيته حسن، إن كانت فضيلة وإن كان مدح. وبولس، كيهودي الأصل، كان من أولئك اليهود الذين بينهم وبين الأمم عداوة قديمة وبغضة شديدة. ولم يكن يتصوَّر أبدًا أو يخطر على باله لحظة - وهو في زمان الجهل - أنه سيأتي يومًا يتعلق بحب شديد بمثل هؤلاء المكدونيين الأمم، المُحتقرين من جنس اليهود. نعم، ما كان ممكنًا أن تكون له هذه المشاعر الصادقة والحانية، وهذه الأشواق القلبية العميقة، إلا في أحشاء يسوع المسيح. |
كلمة الله والسعادة https://files.arabchurch.com/upload/i...1394620541.jpg لا توجد سعادة وراحة فكر في ما هو غير مضمون، وخاصة إذا كانت المسائل غير المضمونة تتعلق بنا. والطريقة الوحيدة التي بها نحصل على السلام في وسط الأمور غير المتيقنة، هي أن نعرف شخصًا يهمه أمرنا، على أن يكون هذا الشخص له سيطرة كاملة على هذه العناصر غير المضمونة، وأن نكون واثقين أن هذا الشخص سيستخدم قوته لصالحنا، حتى يمكننا أن نترك بثقة كل شيء بين يديه. ونحن نعرف الآن أنه توجد أمور كثيرة لا يستطيع الإنسان أن يجد لها حلاً: مِن أين أتى الإنسان؟ ولماذا وُجد على الأرض؟ وهل الموت قفزة إلى عالم مجهول؟ هل الموت ينهي كل شيء، أم أن هناك شيئًا ما بعد الموت؟ ما هو معنى الحياة؟ هل نحن مجرد لعبة في يد القَدَر نُسيَّر رغمًا عن أنفسنا، ولا نستطيع أن نعرف مصيرنا؟ هل هذه الخليقة وُجدت بمحض الصُدفة؟ أم أن هناك خالقًا لا يُحَد عِلمه، يهتم بنفسه بصالحنا، ويدبر تدبيرًا لفائدتنا؟ هذه الأسئلة وكثير غيرها تحير عقول الكثيرين وتملأهم بالشكوك والقلق. مِن أين نحصل على جواب مضمون؟ إن تحولت إلى الفلاسفة والحكماء والعلماء ودارسي الطبيعة، فأية إجابة تحصل عليها؟ إنك لا تجد إلا مجموعة من النظريات المتناقضة التي تجعل الإنسان أكثر حيرة وقلقًا. إذًا أين يتحول المرء ليجد إعلانًا مضمونًا عن الحق؟ لن تجد سوى جوابًا واحدًا وهو الكتاب المقدس، كلمة الله المُنزَّهة عن الخطأ. إنه الكتاب الوحيد الذي له قوة مُجددة عجيبة في قارئيه. الرجال المتوحشون، السكارى المُدمنون، تحولوا بالآلاف إلى آباء وأزواج متعقلين محبوبين. النساء الساقطات تحولن إلى نساء تقيات، الذين كانوا ينفثون شرورًا وجرائم أصبحوا ودعاء كالحملان، اللصوص أصبحوا مُحسنين مُحبين للخير، المُخادعون والمُتعسفون خلصوا وأصبحوا أُمناء يوثَق بهم. والملايين من البائسين والتعساء أصبحوا يغنون فرحين عن طريق الرسالة التي تحتويها صفحات الكتاب المقدس. لم يسجل المختصون في العالم تقريرًا عن أي كتاب في تأثيره للخير مثل الكتاب المقدس. في هذا الكتاب فقط تجد الحق مُعلنًا. فيه فقط تجد أمورًا يقينية. إنه الكتاب الوحيد الذي يبين سر السعادة الحقيقية، السر الذي يمنح السلام في الحياة ويمنح السلام في ساعات الموت. ولن تجد إنسانًا يهمل كلمة الله، وينال سلامًا حقيقيًا، وسعادة حقيقية. |
المُهَان النفس https://files.arabchurch.com/upload/i.../136247707.jpg إننا في تعجب نتساءل: ما هذه المحبة التي جعلت المسيح يُهان من صَنعة يديه؟! لكننا في الوقت نفسه ندرك شيئًا من معنى قول المسيح عن ساعة الصليب «الآن دينونة هذا العالم» ( يو 12: 31). ليس لحظة توقيع الحكم على العالم، فهذه لم تتم بعد، بل إن العالم في الصليب فُضحت سِماته الحقيقية، وتعرَّى من الورقة الأنيقة التي تخفي عيوبه. ففي صليب المسيح اتضح كم العالم واقع بالتمام في قبضة الشيطان الذي جنَّده بالكامل ليصلب ابن الله. لقد ظهر فساد ساسته، وخبث ديانته، واتضح كم العامة والخاصة من البشر هم سواء بسواء! بل اتضح أيضًا بشاعة قلبي وقلبك. فهل رأيت صورتي وصورتك هناك أيها القارئ العزيز؟! يسأل المرنم قائلاً: هل رأيت نفسك فيمن صلبوه؛ نفسك بين الذين قد عذبوه؟! إنها قصة مأساوية حقًا! وإن كنا نندهش من شر الإنسان، فإننا نندهش أكثر من محبة الفادي المنان. تُرى من أي شيء نتعجب أكثر؛ قساوة الإنسان من نحو المسيح، أم محبة الفادي الجريح؟! يقول المسيح: «كل الذين يرونني يستهزئون بي» مَن يصدِّق هذا؛ الأغنياء والفقراء، علية القوم والأدنياء، اليهود والأمم، الواقفون والعابرون، كل مَن يرى مسيح الله يستهـزئ به! «يفغرون الشفاه ويُنغضون الرأس» أي يظهرون حركات استنكار وتهكُّم «قائلين: اتكل على الرب فليُنجهِ، ليُنقذه لأنه سُرَّ به». يا لقساوتكم أيها الرومان! يا لبغيكم أيها اليهود! أما كفاكم قتله مصلوبًا، حتى تضيفون إلى جريمتكم الكبرى جريمة أخرى هي الاستهزاء به؟! بل ويا للعجب، فحتى اللّصان اللذان صُلبا معه كانا يُعيرانه! في أول المزامير المسياوية؛ وهو المزمور الثاني نقرأ شيئًا مختلفًا تمامًا إذ يقول: «الساكن في السماوات يضحك. الرب يستهزئ بهم». فلا بد أن يأتي اليوم الذي فيه يستهزئ الرب بالأشرار الذين رفضوا ابنه. لكننا هنا نرى الأشرار وهم يستهزئون بابن الله! والعبارات التي استخدمها أولئك المستهزئون هي نفس العبارات التي سجلها البشير متى ( مت 27: 43 ). كأن الأشرار كانوا يتممون ما ورد في مزمور22. لقد كانوا يرددون عبارات السخرية القاسية وهم لا يدرون أنهم فعلوا كل ما سبقت فعيَّنت يد الله ومشورته أن يكون ( أع 4: 28؛ 2: 23). |
أولويات في إنجيل متى https://files.arabchurch.com/upload/i.../719089375.jpg حَيْثُ تَكُونُ كَلِمَةُ الْمَلِكِ فَهُنَاكَ سُلْطَانٌ ...حَافِظُ الْوَصِيَّةِ لاَ يَشْعُرُ بِأَمْرٍ شَاقٍّ وَقَلْبُ الْحَكِيمِ يَعْرِفُ الْوَقْتَ وَالْحُكْمَ ( جا 8: 4 ، 5) إنجيل متى هو إنجيل الملك، وفيه يبدأ الرب حديثه كالملك، ويُعلن مبادئ الملكوت في الأصحاحات5، 6، 7. وفي إنجيل متى هناك أربع أولويات ارتبطت بكلمة ”أولاً“: (1) ”اذهب أولاً“ ( مت 5: 24 ): حيث يعالج الرب الخصام وعدم الغفران (راجع متى5: 21-24). والأولوية هنا على تقديم القربان إن تذكَّرت أن لأخيك شيئًا عليك (أي أخطأت إليه في شيء) «فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولاً اصطلح مع أخيك، وحينئذٍ تعال وقدِّم قربانك». وطبعًا هنا الجو يهودي، أما الجو المسيحي فنراه في أصحاح18؛ فإن أخطأ إليك أخوك فاذهب أنت إليه لتربحه ( مت 18: 15 ). وفي هذا الأصحاح يأتي حديث مفصَّل عن الغفران ( مت 18: 21 -35). (2) ”اطلب أولاً“ ( مت 6: 33 ) حيث يعالج الرب الاهتمام بأمور الزمان (راجع متى6: 25-34)، ويوصي بعدم الاهتمام لحياتنا بما نأكل ونشرب، ولا أجسادنا بما نلبس. ويوبخنا بطيور السماء وزنابق الحقل، ويُعلن الأولوية «لكن اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره، وهذه كلها تُزاد لكم» ( مت 6: 33 ). (3) ”أخرج أولاً“ ( مت 7: 5 ) حيث يعالج الرب مَن يأخذ موقع الديَّان (راجع متى7: 1-5)، حيث يوصي «لا تدينوا لكي لا تُدانوا». وهذا الذي يدين يُدقق النظر، ويطلب أن يُخرج القذى (القشة الصغيرة) من عين أخيه، بينما عينه هو فيها خشبة (العارضة الخشبية التي تحمل سقف المنزل). ويُقدّم الرب الأولوية «يا مُرائي، أَخرِج أولاً الخشبة من عينك، وحينئذٍ تُبصِر جيدًا أن تُخرج القذى من عين أخيك!» ( مت 7: 5 ). (4) ”نَقِّ أَولاً“ ( مت 23: 26 ) حيث نجد علاج الرب للداخل الفاسد (راجع مت23: 23-33)، فيستعرض رياء الكتَبة والفريسيين الذين يُعشِّرون «النعنع والشبث والكمون»، ويتركون الأهم «الحق والرحمة والإيمان»، و«يُصفُّون عن البعوضة ويبلعون الجَمَل!»، و”يُنقون خارج الكأس والصحفة“، بينما من داخل مملوآن بالدنس والفساد؛ «اختطافًا ودعارة». فيوجه الرب الأولوية «نقِّ أولاً داخل الكأس والصحفة لكي يكون خارجهما أيضًا نقيًا» ( مت 23: 26 ). فالرب يطلب الاهتمام بالجوهر قبل المظهر، الداخل قبل الخارج، فغير ذلك هو الرياء والعمى الروحي.http://www.arabchurch.com/forums/images/icons/icon7.gif |
مغفورة ومنسية https://files.arabchurch.com/upload/i.../856524595.jpg يقول الإنسان: ”أستطيع أن أغفر، ولكني لا أستطيع أن أنسى“، فسطح المحبة البشرية قد يعلو أحيانًا إلى ارتفاع يغطي اللوحة المنقوش عليها سجل الإساءات، ولكن عندما ينخفض هذا السطح تظهر اللوحة باقية كما هي. ولكن ليس الأمر هكذا مع محبة الله. ففيضان هذه المحبة، ليس فقط يُغطي هذه اللوحة، بل يمحو ما عليها من كتابة إلى الأبد، فلا يبقى لها أقل تأثير على الإطلاق «لن أذكر خطاياهم وتعدياتهم في ما بعد» ما أثمن هذه الكلمات: الله لا يغفر فقط، بل هو أيضًا لا يذكر! هنا الراحة الحقيقية للضمير المُتعَب: «دم يسوع المسيح ابنهِ يطهرنا من كل خطية» ( 1يو 1: 7 ). إن عيني القداسة غير المحدودة لا يمكنها أن تَريا أقل إثم على الضمير الذي تطهَّر مرة بدم المسيح الثمين. كل خطايا وآثام المؤمن قد طُرحت في بحر النسيان الأبدي. لقد وعد الله الصادق أنه لن يذكرها في ما بعد. يستطيع القول إنه «لم يُبصر إثمًا في يعقوب» ( عد 23: 21 ). إن الإنسان لا يستطيع أن ينسى؛ لا يستطيع أن يمنع الذاكرة من أن تجد على سطحها يومًا ما سجَّل الماضي، ولكن الله يستطيع ذلك. إن عمل المسيح الفدائي قد محا إلى الأبد كل إثم المؤمن، لذلك لا يمكن أن يقف ضده مرة أخرى على الإطلاق. أين خطاياك أيها المؤمن؟ إنها ليست عليك لأن الله قد وضعها على الرب يسوع. وليست على الرب يسوع لأنه بعد أن حملها كلها هو الآن في المجد. فأين خطاياك إذًا؟ لقد انتهى أمرها وزالت إلى الأبد. فاسترِح على عمل المسيح. آمن وافرح «طوبى للذي غُفر إثمه وسُترت خطيته» ( مز 32: 1 ). وأنت أيها القارئ: هل قادك روح الله وكلمته لترى إثمك في نور محضره الإلهي؟ هل وصلت إلى معرفة نفسك هالكًا بالتمام؟ إن كان الأمر كذلك فتستطيع الآن أن تنال ما تقدمه هذه الكلمات المباركة من راحة لضميرك ” لن أذكر خطاياك وتعدياتك في ما بعد“. لقد دفع الرب دينك ـ دفعه على الصليب ـ دفعه بدمه. آمن بهذا مُصدقًا الله فتنال نفسك السلام الكامل. إن كان الله يؤكد لك أنه لن يذكر خطاياك وتعدياتك في ما بعد، فنصيبك يقينًا السلام الإلهي الأبدي، السلام المؤسس على دم المسيح، وكلمة الله الثابتة إلى الأبد. |
بيدٍ أم بلا يد؟ https://files.arabchurch.com/upload/i.../107216299.jpg إلى عبيدٍ أذلاَّء، إلى مَن تتقرَّح عيونُهم بالبكاء، إلى مَن تُلهِبُ السياطُ ظهورَهم حتى الدماء، وغابت وعودُ آبائهم وقاربت الاختفاء، ظهرت ولا زالت تلوحُ اليدُ القويةُ داحِرةَ العدو، مُستَبدلة البلاء، بمشاهدَ إعجازيةٍ، فإنها يَدُ السماء. أَ ليست هى يمينُ الربِ، جلاَّبةَ الترنُمِ في بلقعِ البلاء؟ أ لم يُكتَب: «صوتُ ترنُّم وخلاص في خيام الصديقين». وما هو موضوع ترنيمتهم هنا يا تُرى؟ «يمين الرب صانعة ببأس. يمين الرب مرتفعة. يمين الرب صانعة ببأس» ( مز 118: 15 ، 16). في الآية أعلاه نقرأ عن ”اليد القوية“، وهى بعينها ”اليد الشديدة“، فنقرأ: «بيدٍ شديدة وذراع ممدودة، لأن إلى الأبد رحمته» ( مز 12: 136 ). وهى التي نتغنى عنها كما المرنِم: «فهناك أيضًا تهديني يَدُكَ وتُمسكني يمينُكَ» ( مز 10: 139 ). والعجيب يا قارئي أن هذه اليد القوية الشديدة وأيضًا الهادية، تُديرُ الكون بحذاقةٍ غير محدودةٍ، ولكنها تعرِفُ أيضًا كيف تتعامل مع أفرادِنا، فتلوح حتى في تهاويل جزيرةِ بطمس، مبَدِدةً مخاوفَ المُبتلي فيهتف: «وضعَ يده اليُمنى عليَّ قائلاً لي: لا تخف» ( رؤ 1: 17 ). ولكنها عندما تديرُ الكون، إنها تعمل من وراءِ الستارِ وذلك لأن العالم لا يعرفها، فالعاقلُ قد يُدلي بحكمتِهِ، والشرير يثورُ بغضبِهِ، والأحمق بجنونِهِ، والبحرُ بفيضانِهِ، والصِلُّ بسُمِهِ، والشمسُ تلمَعُ أو ترتدي فجأةً ثوب كسوفِها، وتظل اليد القوية، تديرُ الأمورَ بسلطانٍ عَلَوي، لله الذي لا يُغلَبُ على أمرِهِ. وعندما تعمَلُ على هذا النحو، قد يرى الإنسان الطبيعي، مبرِرًا لِما يحدُث، ويُفَسِّرَهُ على سبيل السطحيةِ بتحليلاتٍ مختلفةٍ، ولكن إن أخفقت في شرح الحقيقة فيكون وقوع هذه الأحداث في عينيهِ وكأنها ”بلا يد“. أَ لسنا نقرأ في الوحي: «قُطِعَ حجر بغير يدين» ( دا 2: 34 ). وأيضًا نقرأ عن ملك جافي الوجه، سيُهلِكُ كثيرين وفي النهاية «وبلا يدٍ ينكسر» ( دا 8: 25 ). ثم نذكر: «ويُنزع الأعزاء لا بيدٍ» ( أي 34: 20 ). وأخيرًا نرجِعُ للسؤال: أ هو بيدٍ أم بلا يد؟ والإجابة أنه بلا يدٍ إنسانية، ولكن باليد الإلهية. صديقي هل تبحث عمن سيُجري الأمور؟ هل تحاول أن تُفسِّرَ كُلَ الظواهر طبقًا لليد الإنسانية كَبُرَ أو قلَّ شأنُها؟ التفت إلى اليد الرفيعة، فبالنسبة لنا هي تُجري كُلَ أمورِنا، وللعالم تَحدُث كما وكأنها بلا يد. |
كونُوا قدِّيسين https://files.arabchurch.com/upload/i...4812011835.gif لا شك أن حياة القداسة هي أحد الأغراض الأساسية من دعوة الله لنا، وبدون هذه الحياة لن يتسنى للمؤمن أن يكون في شركة مع الله. وقد يعترض أحدهم قائلاً: إن هذا المطلَب مُحال تنفيذه ونحن نعيش في عالم سِمَته الأساسية النجاسة، والخطية تحيط بنا بسهولة. ولكن الله أعطانا كل المقومات الروحية التي تؤهلنا لنحيا هذه الحياة، فبالولادة الجديدة حصلنا على طبيعة الله الأدبية ( 2بط 1: 4 )، كما حصلنا أيضًا على روحه القدوس، القادر على حفظنا من السقوط في الخطية ( أف 1: 13 ؛ 1يو 5: 16)، بل والله نفسه يحفظنا من السقوط في الخطية بأنه يفتح لنا منفذًا وبابًا للنجاة حينما نتعرض للخطية ( 1كو 10: 13 ). وكما عرَّفنا الكتاب بمصادر القوة المذخرة لنا، رسم لنا أيضًا الطريق الذي نسلكه «اسلكوا بالروح فلا تُكمِّلوا شهوة الجسد» ( غل 5: 16 ). وطبعًا ليس المطلوب منا بهذه الآية، أن نقوم بعملين: الأول السلوك بالروح، والثاني عدم تكميل شهوة الجسد، بل أن نقوم بعمل واحد، وهو السلوك بالروح، لأن الآية لا تقول ”اسلكوا بالروح ولا تكمِّلوا شهوة الجسد“، بل تقول: «اسلُكوا بالروح فلا تُكمِّلوا شهوة الجسد». والعبارة الثانية تدل على أن عدم تكميل هذه الشهوة، هو نتيجة طبيعية للسلوك بالروح، أو بالحري للانقياد الكُلي وراء هديه وإرشاده. ومن الوسائل التي تساعدنا على السلوك بالروح، حصر الفكر في «كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادلٌ، كل ما هو طاهرٌ، كل ما هو مُسرٌ، كل ما صيته حسنٌ، إن كانت فضيلة وإن كان مدح» ( في 4: 8 ). إن هذا الأسلوب في التفكير، هو نوع من ”غسيل المخ“ أو بلغة الكتاب ”تجديد الذهن“ ( رو 12: 3 )، لأنه إذا كان العقل مشغولاً ومُشبَّعًا بأمور سامية، لا يكون هناك مجال لتسرب الخطية إليه، بينما إذا لم يكن مشغولاً أو مُشبَّعًا بهذه الأمور، تشرد الأفكار هنا وهناك، وتأتي إلينا بالأهواء التي تتعبنا وتحرمنا من الشركة الروحية مع إلهنا. حقاً إن حياة القداسة والطهارة هذه سامية كل السمو، لأنها انعكاس لحياة الله ذاته. ونحن بالطبع لا نستطيع الارتقاء إليها بقوتنا الذاتية، بسبب بقاء الميل إلى الخطية في طبيعتنا العتيقة، بيد أن الله ـ في نعمته الغنية ـ لا يتركنا لقدرتنا الذاتية، وإلا كان مصيرنا الفشل الذريع. ولذلك عندما نسلِّم حياتنا له تسليمًا كاملاً، يمكن أن يعمل بنا ما لا نستطيع أن نعمله بقوتنا الذاتية. |
الساعة الآن 11:55 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025