![]() |
كرنيليوس واللص التائب https://files.arabchurch.com/upload/i.../660302352.jpg كرنيليوس، قائد مئة ... تقيٌ وخائف الله مع جميع بيته، يصنع حسَنَات كثيرة للشعب، ويصلي إلى الله في كل حين ( أع 10: 1 ، 2) إن للشيطان طريقتين لغواية النفوس وإبعادها عن الحق، فهو يأتي للشخص الواحد ويهمس في أُذنيه قائلاً: ”إن حالتك أفضل بكثير من غيرك، فلا تحتاج إلى خلاص“، ويهمس في أذني الآخر قائلاً: ”إنك في حالة رديئة جدًا، لا أمل لك في الحصول على الخلاص“. وإننا نجد جواب الحالة الأولى في قصة كرنيليوس، وجواب الحالة الثانية في اللص المصلوب. فإذا كان شخص ما قد انخدع بغواية الشيطان وافتكر أنه لا حاجة له إلى الخلاص بموت المسيح، وإذا كان يعتبر نفسه أنه غني عن الخلاص لأن أعماله حسنة، إذ إنه لا يرتكب الجرائم، ولا يقصد بالناس سوءًا، وفي الوقت نفسه يتمم واجباته نحو عائلته وأولاده وخَدَمه وجيرانه ورؤسائه، وكذلك من نحو عبادة إلهه؛ إذا كان يظن أنه بذلك قد استغنى ولا حاجة له إلى شيء، فليعلم أنه لم يَزِد في صلاحه عن كرنيليوس الذي أرسل إليه الله ملاكًا من السماء شاهدًا بصعود صلواته وصدقَاته تذكارًا أمامه، ولكن هل استطاعت تلك الصلوات والصدَقَات أن تخلِّصه؟ كلا. فإنها إنما أظهرت إخلاصه وشوقه إلى معرفة الحق، وقد تنازل الله في رحمته فأعلن له الحق في يسوع المصلوب والمدفون والمُقام من الأموات. لا نقول إن أعماله لم تكن نافعة، لأنها كانت كذلك، ولكن مع نفعها لم تستطع أن تخلِّصه، مما يبين بكيفية جلية أن لا خلاص لأفضل الناس وأتقاهم بغير موت ابن الله الكفاري. أما الذي يقول: ”حالتي رديئة وتَعِسة جدًا. ذنوبي أعظم من أن تُمحى، وحالتى أحط من أن تصل إليها رحمة الله“، فإننا نقول له انظر إلى حادثة اللص المصلوب ترى أنه قلما يوجد شخص وصل إلى درجة انحطاطه وإجرامه، فقد كان لصًا مجرمًا محكومًا عليه مُسمرًا على الصليب، قضت عليه قوانين الحكومة بالإعدام قصاصًا على جرائمه، فضلاً عن ذلك نراه وهو على حافة الأبدية يجدف ويتهكم على ابن الله. وربما يقول قائل إن اللص لم يكن يعرف ابن الله وقت تجديفه عليه، فنقول إن هذا صحيح، ولكن تجديفه في وقت كهذا يعبِّر عما وصلت إليه نفسه من الانحطاط والشر، ومع ذلك فلم يكن ذلك الشخص أبعد من منال محبة الله، بل قد كانت حالته فرصة لإظهار انتصار تلك المحبة المجيدة «لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلِّص ما قد هلك» ( لو 19: 10 ). |
راعوث وعُرفة https://files.arabchurch.com/upload/i.../464209201.jpg فقالتا لها: إننا نرجع معكِ إلى شعبك... ثم رفعن أصواتهن وبكين أيضًا. فقبَّلت عُرفة حماتها، وأما راعوث فَلَصقت بها ( را 1: 10 ، 14) كلٌ من راعوث وعُرفة أظهرتا اعترافهما بالولاء لنُعمي. وكلتاهما اعترفتا بترك أرض آبائهما، وكلتاهما اتجهتا نحو أرض الرب. ولكن كل اعتراف له امتحانه دائمًا. «فقالت نعمي لكنَّتيها: اذهبا ارجعا كلُّ واحدةٍ إلى بيت أمها» (ع8). كانت لهما فرصة للرجوع ( عب 11: 15 ). وانكشف ذهن عُرفة في الحال، فقد كان قلبها مرتبطًا بأرض ميلادها. أما راعوث فسنرى رغبتها في ”مدينة أفضل“. عُرفة قدمت اعترافًا جميلاً في مظهره، ولكنه اعتراف فقط. وما يُلفت النظر أن راعوث تذكر إله نُعمي (ع16)، أما عُرفة فتذكر نُعمي وشعب نُعمي (ع10). وبالرغم من كلمات عُرفة ودموعها وقُبلاتها، ولكنها تحولت عن نُعمي وإله نُعمي وأرض البركة، وعادت إلى شعبها وآلهتها وأرض ظل الموت. وكم اختلف الأمر في تاريخ راعوث، إذ أصبحت شاهدة لنعمة الله. لقد أعطت راعوث اعترافًا صحيحًا، وتكلمت بكلمات جميلة كذلك، وتحركت عواطفها بعمق مثل عُرفة، ورفعت صوتها وبَكَت. ولكن عند راعوث ما هو أكثر من ذلك. مع عُرفة كان هناك فقط الاعتراف الخارجي للمحبة، وأمكنها أن تُقبِّل نُعمي وتتركها، مثلما حدث ليهوذا الإسخريوطي في وقت متأخر أنه قبَّل المسيح ثم أسلمه. أما عن راعوث فلم يُقال عنها إنها قبَّلت نُعمي، ولكن بالرغم من عدم وجود تعبير المحبة الخارجي، لكنها كانت تحمل المحبة الحقيقية. نقرأ عن راعوث أنها «لصقت بها» (ع14). فالمحبة عندما تكون حقيقية لا تتخلى عن غرضها، ويجب أن تكون في شركة مع مَن تحبه، ولذلك تضيف راعوث: «لا تلحِّي عليَّ أن أتركك وأرجع عنكِ». وبالإضافة إلى ذلك، فإن إيمانها تساوى مع عواطفها. وفي قوة إيمانها تغلَّبت على جاذبية أرض ميلادها وبيت أمها وشعبها وآلهتها، وقبلت طريق السياحة فقالت : «حيثما ذهبتِ أذهب»، كما احتضنت نصيبها كالغريبة «وحيثما بتِ أبيت». لقد وحَّدت نفسها مع شعب الله «شعبك شعبي». وفوق الكل وضعت ثقتها في الله الحقيقي، فهي لم تَقُل فقط «شعبك شعبي»، بل أضافت «إلهك إلهي». والموت لا يمكن أن يُرجعها إلى موآب، فقالت: «حيثما مُتِ أموت وهناك أندفن». إنها في الحياة وفي الموت وحَّدت نفسها تمامًا مع نُعمي، فإن شعب نُعمي شعبها، وإله نُعمي إلهها. لقد ألقت نصيبها مع نُعمي في ترمُلها، وفي تغربها، وفي فقرها. |
الأب المُحب https://files.arabchurch.com/upload/i...1116836307.jpg فقام وجاء إلى أبيه. وإذ كان لم يَزَل بعيدًا رآه أبوه، فتحنن وركض ووقعَ على عُنقه وقبَّلهُ ( لو 15: 20 ) يا له من شيء يفوق الوصف! فهنا خمسة أمور (رقم النعمة) تُنسب للأب المحب: أولاً: «وإذ كان لم يَزَل بعيدًا رآه أبوه». إنه لم يكن مجرد ينتظر ابنه الضال، بل كان ينتظره بلهفة. إذ كانت عيونه المُحِّبة في غاية الشوق! حتى وهو ما زال «بعيدًا» رآه أبوه. ثانيًا: «تحنن». لا شك أن مظهر هذا الضال كان في غاية التعاسة، إذ أكل معيشته مع الزواني (ع30)، والتي تمثل المحبة المُنهى عنها للأشياء التي في العالم، بدلاً من محبة الرب من كل قلوبنا، فقد عانى من تأثير الجوع الشديد (ع14)، وخرج إلى الحقل ليرعى الخنازير (ع15)، ولا بد أنه أصبح مجرد كيان تافه! ومع ذلك فإن أباه «تحنن» عليه. آه أيها القارئ المسيحي العزيز، كيف كنا أنت وأنا قبل أن يقبلنا الآب؟ الفكر مُظلم، القلب شرير للغاية، الإرادة عاصية، ولكن «من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها، ونحن أموات بالخطايا أَحيانا مع المسيح» ( أف 2: 4 ، 5)!! ثالثًا: «ركض» ليقابله. لا نقرأ أن الضال ركض عندما قرر الرجوع لأبيه، فكل ما قيل عنه: «فقام وجاء إلى أبيه»، ولكنه قيل عن الأب إنه «ركض»! هل تعلم عزيزي القارئ، هذه هي الآية الوحيدة في كل الكتاب التي تُظهر الله وهو في عَجَلة!! في تجديد الخليقة نرى الله يعمل كل شيء بترتيب، أو يمكننا أن نقول بتمهل، في كل شيء آخر عدا هذا الأمر، يُظهر الله وهو يعمل بهدوء وتأني، كما يتناسب مع مَن له الأبدية كلها تحت إمرته. ولكن هنا نجد ما يمكن أن نطلق عليه ”نفاذ صبر المحبة الإلهية“! رابعًا: «وقع على عُنقهِ»، فهو ليس فقط «رآه» وهو ما زال بعيدًا، وليس فقط «تحنن» على هذا الضال التافه، وليس فقط «ركض» ليقابله، ولكنه «وقع على عُنقه»! لقد عانقه وأحاطه بأذرع المحبة المُرحِّبة! خامسًا: «قبَّله». نُشير مرة أخرى أنه لم يُذكر أن الابن قبَّل أباه. فالأب هو الذي يأخذ المبادرة في كل مرحلة! لقد «قبَّله» وليس صدَّه. «قبَّلهُ» وليس طرده. «قبَّلهُ» ولم يوبخه على تيهانه. يا لها من نعمة رائعة! إن كل هذا يكشف قلب الآب! فالقُبلة تكلمنا عن المحبة، وعن المُصالحة، وعن العلاقة الحميمة. يا لروعة النعمة! يا لغناها! يا لسموها! |
خادم الرب والكتاب المقدس https://files.arabchurch.com/upload/i...1313129712.jpg لأن كلمة الله حية وفعَّالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مَفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته ( عب 4: 12 ) خادم الرب يجد غذاءه وطعامه وشبعه في الكلمة الحية، وبدون الكلمة والتغذي بها تجف حياته وتنشف موارده وتذبل خدمته، لأنه يكون في واقع الأمر قد ترك قوام الحياة الروحية. وكما يحتاج الخادم إلى كلمة الله للنضارة والقوة، يحتاج إليها أيضًا للقداسة في العيشة والتحرر من شهوات الخطية الساكنة فيه. ومن أبشع الأمور أن يقدِّم خادم الإنجيل حق الله للنفوس، وهو نفسه لم يتقدس بهذا الحق ولم يتحرر به من خطايا معينة هو مغلوب منها، كما قال أحد المؤمنين: ”إنها بشاعة وخيانة أن يتاجر أحد بالحق الذي لا يشعر بسلطانه على ضميره شخصيًا“. وكم من كارثة أدبية حلَّت بأُناس أذكياء كان لهم قدر ملحوظ في الفصاحة، ولكنهم لم يكونوا فعلاً مقدسين في الحق. ولن أنسى أبدًا ذلك التدريب الذي اختبرته مع الله بعد تجديدي بست سنوات، لقد جثوت على ركبتيَّ، وكتاب الله مفتوح أمامي، وقلت: ”يا رب بنعمتك من هذه الليلة فصاعدًا، أريد أن أحيا طبقًا لكل ما أتعلمه من المكتوب“. ذلك لأنني اختبرت في الست سنوات التي مضت أني كنت فيها قليلاً ما أتأمل فيما يقول الله في كتابه، ولكن عندما وصلت إلى تلك النقطة الحاسمة، في تلك اللحظة تفتحت أمامي الكلمة، وكانت بركة تكريس نفسي بصورة أقوى، وكانت غنىً جديدًا أُضيف إلى موارد خدمتي. إنني أحتاج إلى الكتاب المقدس لعلاج الأخطاء الكثيرة التي تقع في حياتي اليومية، وهذا يتطلب معرفة كافية بهذه الكلمة حتى عندما تواجهنا تجربة أو خِدعة من العدو أو فخ منصوب لنا يمكننا بوعي إدراك ما تقوله كلمة الله التي ترشدنا إلى النُصرة والنجاة. ومثالنا في ذلك سيدنا الذي واجه تجارب الشيطان بالمكتوب، والأمر لم يكن محتاجًا إلى الأخذ والرَّد مع الشيطان، ولكن «المكتوب» كان فيه الكفاية لإفحامه، ومن هنا يتضح أن الدراية بالمكتوب لازمة جدًا. إذًا أيها الأحباء، ينبغي أن يكون خادم الرب على ثقة كاملة في صِدق المكتوب، وأنه موحى به من الله، وينبغي أن يتمسك به كالحق، وينبغي أن يكون للمكتوب، أي ”حق الله“ المُعلَن، سلطانه على حياته الشخصية، كما يجب عليه أن يستعمله، كسيف الروح، لأجل النجاح والانتصار. |
ممتلئ إلى جميع شطوطه https://files.arabchurch.com/upload/i...1253050038.jpg فعند إتيان حاملي التابوت إلى الأردن وانغماس أرجل الكهنة حاملي التابوت إلى ضفة المياه، والأردن ممتلئ إلى جميع شطوطه كل أيام الحصاد ( يش 3: 15 ) ما أجمل أن نتأمل حالة الشعب وقت اجتياز التابوت الأردن وهو ممتلئ إلى جميع شطوطه كل أيام الحصاد، فلقد كانت المياه تعلو حين كان التابوت يجتاز. إن هذا ما حدث مع ربنا المعبود، لقد عجَّت عليه كل أمواج غضب الله، بكل قوتها الرهيبة. اكتنفته مياهٌ إلى النفس. أحاط به غمر ( يون 2: 5 ). يا له من مخلِّص كريم، أخذ الموت وأعطانا الحياة والخلاص والسعادة! مياه كثيرة لم تستطع أن تُطفئ محبته، والسيول لم تغمرها .. «قوية كالموت» تلك المحبة التي أدخلته إلى هناك، لكي يخلِّصنا نحن ( نش 8: 6 ، 7). إننا في هذا المشهد (انفلاق مياه الأردن وظهور اليابسة)، نرى صورة مُصغَّرة لِما عمله الله في أحد أيام الخليقة، عندما قال: «ليكن جَلَدْ (السماء) في وسط المياه. وليكن فاصلاً بين مياه ومياه، فعمل الله الجَلَدْ وفصل بين المياه التي تحت الجَلَدْ والمياه التي فوق الجَلَدْ. وكان كذلك» ( تك 1: 6 ، 7). ومن حادثة الطوفان نفهم أن المياه المحجوزة فوق الجَلَدْ كانت كثيرة، ومخزونة لذلك اليوم ( تك 7: 12 ). ففي المشهد الذي أمامنا نرى ذات أسلوب عمل الله: «وقفت المياه المنحدرة من فوق وقامت ندًا واحدًا بعيدًا جدًا عن أدام المدينة.. والمنحدرة إلى بحر العَرَبة ”بحر الملح“ انقطعت تمامًا.. فوقف الكهنة حاملو تابوت عهد الرب على اليابسة في وسط الأردن راسخين، وجميع إسرائيل عابرون على اليابسة» ( يش 3: 16 ، 17). إنه نفس ما كتب عنه موسى في الخلْق. إن ما قرأه الشعب في أسفار موسى ها هم يرونه الآن أمام أعينهم. إن الإله الذي خلق السماء والأرض، والذي فصل بين مياه ومياه، هو نفسه الذي فصل مياه الأردن والذي ما زال يعمل إلى الآن بقدرته العجيبة لصالحهم!! كما نلاحظ أن اسم المدينة «أدام» هو نفس اسم ”آدم“، والمدينة رمزيًا تذكِّرنا بأن الموت (المرموز له بالأردن)، الذي جَلَبه آدم الأول علينا ( رو 5: 12 )، قد حجزه آدم الأخير جاعلاً من حق المؤمنين به أن يعبروا للتمتع بما لهم في المسيح في السماويات (مرموز لها بكنعان)، التي هي من نصيبهم منذ الآن. |
تحتاجون إلى الصبر https://files.arabchurch.com/upload/i...1168182303.jpg لأنكم تحتاجون إلى الصبر، حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد ( عب 10: 36 ) هذا هو وقت الانتظار والسهر والجهاد والألم، وكثير من الصعاب والتجارب تُحيط بكم، وعليكم أن تتعلموا كيف تصبرون. فعدم الصبر هو وليد الجهل، ولكنكم أنتم تعلمون لماذا ولمَن أنتم مُنتظرون. هو وليد الكبرياء، أما أنتم فمتعلمون من الوديع والمتواضع القلب. إن عدم الصبر ينتج من قلب يائس غير مؤمن، أما أنتم فتنالون الصبر والتعزية من المكتوب، وهكذا يظل الرجاء حيًا في قلوبكم. وعدم الصبر هو نتيجة الانتقاص من قيمة الوقت الحاضر وأهميته، ولكنكم أنتم تعلمون أنكم في الوقت الحاضر تنفذون مشيئة الله، وأن تدريبات إيمانكم الحاضرة وتجاربكم وآلامكم التي تقاسونها في الزمان إنما هي معيَّنة به، بذاك الذي يقدِّرها تمامًا ويكافئ عليها بحسب غناه في المجد. قد تبدو واجبات حياتنا الأرضية أحيانًا كثيرة مُملة وقليلة القيمة، ولكن كما يقوم الأولاد والتلاميذ المطيعون بمهام قد تبدو أحيانًا غير مشوّقة وغير هامة، مبرهنين بذلك على إيمانهم بوالديهم وأساتذتهم المحبوبين، كذلك يتذرع المسيحيون بالصبر والابتهاج في تتميم مشيئة سيدهم. والرب يسوع طالما حدثنا عن إثمارنا بالصبر ( لو 8: 15 ) وعن اقتنائنا لنفوسنا بالصبر وسط التجارب العظيمة والآلام الطويلة، ومن عرشه السماوي يلاحظ ويمدح صبر ملاك كنيسة أفسس وثياتيرا ويقول لملاك كنيسة فيلادلفيا «لأنك حفظت كلمة صبري». والتلميذ المحبوب الذي يسمي نفسه «شريككم في الضيقة وفي ملكوت يسوع المسيح وصبره»، يهتف مرتين في سفر الرؤيا قائلاً: «هنا صبر القديسين». أما الرسول بولس فيقرن الصبر بالرجاء، وبالتعزية التي في الكتب، وبإله الصبر والتعزية، وبالوداعة والاحتمال، وبالضيق الذي ينشئ صبرًا. وفي رسالة يعقوب نرى الصبر كثمر امتحان الإيمان، ووسيلة من وسائل تكميل الأخلاق المسيحية، وصفة المؤمن المنتظر لمجيء المخلِّص، وأبرز صفة من صفات أيوب والأنبياء التي راحت مضربًا للأمثال ( رو 5: 3 ؛ 15: 4، 5؛ يع1، 5). والواقع أن التسليم الهادئ، والمثابرة مع الصبر في عمل الخير وسط الصعاب والتجارب، إنما هو مشيئة الله من جهتنا وهي المشيئة التي بمقتضاها يسير المؤمنون في إثر سيدهم في تواضعه واحتماله. |
كُلُوا السمين https://files.arabchurch.com/upload/i.../269211956.jpg اذهبوا كُلوا السمين، واشربوا الحلو، وابعثوا أنصبة لمَن لم يُعدّ له، لأن اليوم إنما هو مقدَّس لسيدنا ( نح 8: 10 ) «اذهبوا كُلوا السمين» .. ما الذي تحمله هذه العبارة؟ مما نتعلَّمه في الشريعة الموسوية أن الشحم هو خير أجزاء الذبيحة. ومن هنا كانت التعليمات المُشدَّدة للكهنة أن شحم الذبيحة هو حصة الله فيها، يبقى له تعالى ليوقَد على المذبح وتصعد رائحته مسرة لجلاله. ونستطيع أن نفهم هدف هذه التعليمات، وهو أنه إذا قدمنا لله شيئًا، فلنقدِّم له الأفضل. والإنسان الأناني هو الذي يحتفظ لنفسه بخير الأشياء ويعطي الآخرين فُضالته. ولا نزاع في أنه إذا شئنا أن نعطي الله شيئًا فينبغي أن نعطيه الأفضل. وقديمًا كان الإسرائيلي إذا فاض قلبه عِرفانًا بجميل الله، يذهب إلى قطعانه يتفحَّص كل القطيع واحدًا واحدًا يُقدِّر قيمته. فينتقي خيار الغنم: أفضلها، أدسمها، أبعدها عن كل عيب، أغلاها قدرًا. وهنا نسأل بعضنا البعض أيها الأخ الحبيب: أرانا متخلفين عن أولئك القوم في هذا الصَدَد، هل نقدِّم لإلهنا خير ما عندنا؟ قد نقول: لا أملك من الأفضل سوى الشيء القليل. حسنًا، لكن إياك أن تقدم أقل من الأفضل. وأحيانًا يمتحن الله إيماننا بهذا الأسلوب، وهكذا كان مع إبراهيم. فلم يشأ الله أن يطالبه بما يقل قيمة وغلاوة عن ابنه الذي يحبه، إسحاق، الذي كان يرجوه. وعلى جبل المُريَّا امتحن الله قوة إيمان إبراهيم، وهكذا فيما يتعلَّق بنا. ففي وقت ما، خلال رحلة العمر، يضع الله إصبعه على هذا الشيء أو ذاك ويقول لأحدنا: ”أعطني هذا“. أ فترانا على استعداد يومئذٍ أن نعطيه الأفضل؟ وهوذا هابيل في بكور العطاء، يقدم الذبيحة لله، بشحمها، برهانًا على أن هابيل لم يمنع عن الله شيئًا. وفي الشريعة جاء التحذير الإلهي: «كل الشحم .. لا تأكلوا» ( لا 7: 22 - 25). والمدعوون إلى وليمة الله، من حقهم أن يأكلوا الأفضل. لقد ضرب الرب مثلاً عن ملك صنع غداء ودعا كثيرين إلى عُرس ابنه. انطلق حاملو الدعوة إلى الذين في الطرق مما لا يملكون شيئًا، يدعونهم لحضور العُرس من مُسمَّنات الملك ( مت 22: 1 - 14). قد تقول: إن قليلاً من الخبز والجبن يكفيهم، لكن يجب أن يقدم مُسمَّنات حتى يتجلى سخاؤه الملكي على أتم صورة. |
نابوت اليزرعيلي https://files.arabchurch.com/upload/i...1249686091.jpg وشهد رجلا بليعال على نابوت أمام الشعب قائلين: قد جدَّف نابوت على الله وعلى الملك. فأخرجوه خارج المدينة ورجموه بحجارة فمات ( 1مل 21: 13 ) نستطيع أن نرى في نابوت رمزًا لربنا يسوع المسيح كما يلي: 1ـ «نابوت» اسم عبري معناه ”نبات“ أو ”نبتة“ ولقد كان بالفعل نبتة طيبة، وفي هذا يرمز لمَن هو أعظم بما لا يُقاس، ذاك الذي قيل عنه: «نبت قدامه كفرخٍ، وكعرقٍ من أرضٍ يابسة» ( إش 53: 2)، والذي هو «العود الرطب» ( لو 23: 31 ). 2ـ كان نابوت محترِمًا للشريعة التي تمنعه كالوارث عن بيع ميراث آبائه ( لا 25: 23 - 28)، فلم يبع كرمه لأخآب الملك. هكذا المسيح أيضًا الذي قال بالنبوة: «شريعتك في وسط أحشائي» ( مز 40: 8 ). 3ـ طمعًا في الميراث دبر الأردياء مكيدتهم لقتل الوارث، حتى يسهل لأخآب عندئذٍ أن يرث الكرم. وهذا يذكِّرنا بالمَثَل الذي قاله ربنا المعبود، مُشيرًا إلى نفسه بابن صاحب الكَرم قائلاً: «وأما الكرَّامون فلما رأوا الابن قالوا فيما بينهم: هذا هو الوارث! هلموا نقتله ونأخذ ميراثه!» ( مت 21: 38 ). 4ـ تنفيذًا لرسائل الملكة الشريرة إيزابل، نادى شيوخ مدينة يزرعيل بصوم، ثم أتوا بشاهدي زورٍ من بني بليعال، فشهدا على نابوت بأنه قد جدَّف على الله وعلى الملك. أوَ ليس هذا عينه ما فعله رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع على المسيح؟ نعم، فلقد أحضروا شهود زورٍ كثيرين ( مت 26: 59 - 65). 5ـ لم يسجل لنا الكتاب المقدس أي كلام أو دفاع دافع به نابوت عن نفسه تجاه شهود الزور. وبالمثل نقرأ عن ربنا المعبود وهو يسمع شهادات الزور «وأما يسوع فكان ساكتًا» ( مت 26: 62 ). 6ـ قيل عن نابوت «فأخرجوه خارج المدينة ورجموه بحجارةٍ فمات»، وبالمثل أيضًا أخرجوا الرب يسوع خارج أسوار أورشليم، وصلبوه في موضع الجلجثة «لذلك يسوع أيضًا، لكي يقدِّس الشعب بدم نفسه، تألم خارج الباب» ( عب 13: 12 ). 7ـ كان من المستحيل أن ينجو أخآب وبيته من هذه الجريمة البشعة؛ قتل نابوت اليزرعيلي البار، فلقد طال العقاب الإلهي أخآب وبنيه وزوجته ( 1مل 22: 37 - 39؛ 2مل9: 22- 26، 32- 37؛ 2مل10: 10، 11). وإن كان كذلك، فهل يمكن أن ينجو من الدينونة مَن يعصى المسيح، ويرفض عمل الصليب؟ ( عب 10: 29 ). |
الله مُرشدنا https://files.arabchurch.com/upload/i.../663530109.jpg أعلِّمك وأُرشدك الطريق التي تسلكها. أنصحك عيني عليك ( مز 32: 8 ) هذه باليقين حقيقة عظمى نحن في أشد الاحتياج إليها أثناء عبورنا في برية هذا العالم، خصوصًا في عصر المشاكل والارتباك هذا. فنحن نحتاج إلى مرشد، وشكرًا لله لأنه أخذ على عاتقه القيام بهذه المهمة «أُعلِّمك وأُرشدك الطريق التي تسلكها. أنصحك. عيني عليك» ( مز 32: 8 ). يا لها من نعمة! كأن الله قد تعهد بأن يُظهر نفسه لنا بنفس الصفة التي نحتاج إليها في كل أدوار الطريق، فعندما نكون مثقلين بحمل الخطية وعظامنا بالية من زفيرنا اليوم كله، حينئذٍ يُشرق علينا كالمخلِّص والمُبرِّر الذي يغفر آثامنا ويستر خطايانا ( مز 32: 1 - 5)، وعندما تُحيط بنا جيوش الأعداء الروحيين الذين يريدون أن يفتكوا بنا، حينئذٍ يفتح لنا حضنه ويدعونا لنختبئ فيه كالستر والملجأ، وبذلك عوضًا عن أن نرى جيوش الأعداء تحاصرنا، نرى ترنيمات النجاة تكتنفنا ( مز 32: 6 ، 7). وعندما نسير وسط تشويش وارتباك العالم، حينئذٍ يقف أمامنا بنعمته ويقول لنا: ”أنا أرشدك“ ( مز 32: 8 ، 9). فيا لها من نعمة! ويا لها من صِلة متينة! ولنلاحظ الطريقة التي بها يرشدنا «أُرشدك .. عيني عليك» ـ أي أرشدك بعيني التي عليك، وهذه أدق وأرّق طرق الإرشاد. فنحن لا نستطيع أن نتبع حركات عينه إلا إذا كنا قريبين منه جدًا وملاصقين له. وهذه الطريقة أرّق بكثير من الإرشاد باليد أو الصوت. ثم إنه يجب أن نكون مُدرّبين في فهم طرقه حتى نستطيع أن نفسِّر تلك النظرات ونسير بما توحيه إلينا. يا ليتنا نمتلئ من معرفة هذا! ويا ليت يكون إرشاد عين أبينا كافيًا لنا! ويا ليت نضع أيدينا في يده، ونرفع أبصارنا دائمًا إليه، لكي نلاحظ إرشادات عينه، حينئذٍ يكون سبيلنا مُنيرًا وآمنًا. ويا ليتنا لا نكون بُلداء في فهم مشيئته، فنحتاج كالبغل والفرس إلى اللجام والزمام ( مز 32: 9 ). إننا كثيرًا ما نحيد عن الطريق ونضِّل عنه. ولماذا؟ لأننا لا نفهم إرشاد عين الله، بل كثيرًا ما نسأل الإرشاد عن أمر لا يريدنا أن نفعله وسبيل لا يريدنا أن نسير فيه. سأل أحدهم مرة أحد الإخوة قائلاً: ”إني لا أعرف إلى أي طريق أتجه“. فماذا كان الجواب؟ أجابه ببساطة: ”لا تتجه بالمرة“، وهذا صحيح إذا كنت لا تعرف الطريق الذي تتخذه، فهذا برهان واضح على أنه يجب أن تقف ساكتًا. |
العشاء والطيب https://files.arabchurch.com/upload/i.../269679406.jpg فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن يُنزع منها ( لو 10: 42 ) كان بقلب مرثا عنصر لا بد من القضاء عليه، واعوجاج لا بد من تقويمه كما يوجد فينا كلنا، لذلك انشغلت بخدمتها ولو قليلاً «فوقفت وقالت: يا رب، أما تُبالي بأن أُختي قد تركتني أخدُم وحدي؟ فقُل لها أن تُعينني!». هذا هو الخطأ إذ ظنت أن الخدمة منحصرة في طهي الطعام، مع أن هناك ما هو أسمى بكثير من الأكل والشرب. إن الألوف مستعدة لصُنع العشاء، ولكن ليس المعنى أن الرب يبخس العشاء حقه، ولكنه لا يستغني به عن الطيب والدموع والشعر ( يو 12: 1 - 3؛ لو7: 36- 50). وما هي لذة الخدمة وحلاوتها إذا خَلَت من تعبد القلب الصحيح؟ فهي ليست شيئًا مذكورًا. أما متى انشغل القلب بالمسيح أصبحت أصغر الخدمات وأحقرها كريمة في عينيه. هنا السر الصحيح لكل خدمة. إنه من الهيِّن الضجيج في الخدمة، والانتقال من بيت إلى بيت، ومن مكان إلى مكان للزيارة والكلام، بينما لا يوجد فينا ذرة من المحبة المُخلِصة للمسيح والعاطفة الصادقة نحوه. وما نشاطنا إلا نشاط الشخص المشغول بذاته، ذي الإرادة العاصية الجامحة، وأعمالنا أعمال القلب الذي لم يختبر محبة المسيح. مع أنه من المهم أن نجلس عند قدمي المسيح لاستماع كلامه وتقديم السجود والعبادة له، عندئذٍ نقوم لأية دائرة يرى هو من المناسب فتح أبوابها لنا. يا ويلنا إن أمسَت الخدمة غرضنا، فإنها تُصبح شَرَكًا وفخًا لنا وعائقًا معطلاً. أما إذا صار المسيح غرضنا، أحسَنا في عملنا دون أن نفتكر في ذواتنا أو خدمتنا. هذا ما صار مع مريم إذ انشغلت بالمسيح لا بعملها ولا بقارورة الطيب، ولم تتداخل في أمور غيرها، فلم تنشغل لا بلعازر المُتكئ ولا بمرثا العاملة ولا بشئون البيت، بل كان المسيح شغل قلبها الشاغل، فانقادت بمحبتها إلى عمل ما يليق بهذه الفرصة، بل عملت ما من شأنه أن يُسرّ قلبه ويلّذ له، وما عملته عملته من كل قلبها. نعم، وقد قدَّر الرب عملها، فأبان لمرثا خطأها عندما اشتكت منها، وأبكم يهوذا الطماع خفيةً عندما نسب إلى حُسن صنيعها الإتلاف. فلنسعَ أيها المؤمن المسيحي لنحيا بالقرب من المسيح فعلاً لا اعترافًا. ويا ليت نفوسنا تستظل أدبيًا في ظل محضره المقدس، فنجد لذتنا وشبعنا به، فنصبح أهلاً لخدمته وشهودًا لاسمه. |
العروس معطرة https://files.arabchurch.com/upload/i.../700969097.jpg مَن هذه الطالعة من البرية كأعمدة من دخانٍ، معطَّرة بالمُر واللُّبان وبكل أذرّة التاجر؟ ( نش 3: 6 ) العروس تُرى صاعدة من البرية مرتين في سفر النشيد ( نش 3: 6 ؛ 8: 5). فنراها أولاً صاعدة «كأعمدة من دخانٍ» مُغشاة برائحة البخور العطرية المتصاعدة من المذبح، أما في الأصحاح الثامن فهي تُرى صاعدة من البرية «مُستندة على حبيبها» أي أن لها معونة خدمته الكهنوتية. هذان هما الشيئان الجوهريان اللذان أعدتهما لنا نعمته الغنية في البرية، أعني: (1) المذبح، أي موت المسيح بنتائجه المباركة بالنسبة للحاضر والأبدية. (2) الكاهن العظيم للمعونة والإغاثة، فليس لنا فقط رائحة موت المسيح الذكية ولكن لنا أيضًا الكاهن الحي لنستند عليه في البرية، وهو يستطيع أن يقودنا ويمدنا بالعون في كل شيء. إننا عندما نستقر في جو المحبة الإلهية، لا ينحصر تأملنا فيما قد أُزيل عنا بقدر تأملنا فيما قد وُهب لنا، فالله يريدنا أن نُطيل التأمل في موت المسيح الذي هو كرائحة سرور لله «رائحة طيبة»، وعندئذٍ تكتنفنا وتغشينا «الأعمدة من دخان». ما أعظم جود النعمة الإلهية! «معطرة بالمرِّ واللُّبان» ـ أي بالمسيح في كمالاته المتنوعة. ففي المُرّ إشارة إلى آلام الإنسان الكامل «رجل الأوجاع» الذي تجرَّب في كل شيء مثلنا ما خلا الخطية. لقد كان فريدًا في كل شيء في الآلام ـ في حياته وفي موته ـ وإننا لنجد المُرّ مقترنًا به من بداءة حياته على الأرض إلى نهايتها ( مت 2: 11 خر 30: 23 )، تلك الآلام التي تألم بها طاعةً لأبيه «أطاع حتى الموت موت الصليب» ( خر 30: 34 ). كما أن في اللُّبان إشارة إلى أنه ـ له المجد ـ كان في حياته وفي موته رائحة سرور لله (خر30: 34؛ لا2: 1). «وبكل أذرَّة التاجر» .. «أذرَّة» بمعنى ”مساحيق“ (powders). لقد أمر الرب موسى أن يأخذ له أعطارًا معينة ويصنع منها بخورًا عطِرًا مقدسًا، وأن يسحق منه ناعمًا ( خر 30: 34 - 38)، وفي هذا البخور إشارة إلى كمالات وأمجاد ربنا المبارك، كما أن في سحقه إشارة إلى أن كل كلمة وكل عمل وكل نظرة وكل فكر في حياة ربنا يسوع كانت تصعد كرائحة ذكية أمام الله، لا بل إن موته وسحق نفسه تحت ضغط دينونة الله كان «رائحة طيبة لله»، «أما الرب فسُرَّ بأن يسحقه بالحَزَن» ( إش 53: 10 ). |
لا تهتموا https://files.arabchurch.com/upload/i.../988057265.jpg لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون، ولا لأجسادكم بما تلبسون ... فلا تهتموا ... فلا تهتموا للغد ( مت 6: 25 ، 31ـ 34) الموعظة على الجبل هي عِظة عملية تمامًا. وها الرب وهو يتحدث عن سيرنا في هذا العالم يكرر المرة تلو المرة عبارة «لا تهتموا» ( مت 6: 25 ، 31، 34). فهو يعرف ضعف بشريتنا ويقدم لنا التحذيرات اللازمة، كما يقدم لنا الوعود المطمئنة. وفي العهد القديم يقول المرنم في المزمور: «ألقِ على الرب همَّك، فهو يعولُك» ( مز 55: 12 ). كما يقول الرسول بولس: «لا تهتموا بشيءٍ، بل في كل شيءٍ بالصلاة والدعاء مع الشكر، لتُعلَم طِلباتكم لدى الله» ( في 4: 6 )، كما يقول الرسول بطرس «مُلقين كل همكم عليه لأنه هو يعتني بكم» ( 1بط 5: 7 ). والبشر أكثر ما يميزهم الهمّ والقلق، كما أن أمراض التوتر والاضطراب هي من الأمراض التي تميز عصرنا الحاضر. لذلك ما أهم هذا التحريض الثلاثي الذي يقوله الرب هنا. طبعًا ليس الخطأ أن يكون لدى الإنسان اهتمام (انظر 2كو11: 28)، بل الخطأ أن يكون عنده هم. وليس الخطأ أن يفكر الإنسان في الغد، بل الخطأ أن يقلق الإنسان من جهة غده. ويذكر الرب هنا أمرين يهتم بهما كل من الغني والفقير أكثر من غيرهما، أعني بهما الغذاء والكساء؛ المأكل والملبس. هذا ما نفهمه من أكثر من مكان في الكتاب المقدس. فأول حرفتين عمل فيهما البشر خارج الجنة؛ قايين عمل فلاحًا في الأرض ليمد الإنسان بالغذاء، وهابيل عمل راعيًا للغنم ليمده بالكساء. وقد كان هذان الأمران هما ما طلبهما يعقوب الهارب من وجه عيسو أخيه. فما أن استيقظ من النوم الذي فيه رأى الرب في حُلم حيث وعده الرب في الحُلم بالحفظ حيثما يذهب، نقول إنه بمجرد أن استيقظ من نومه، حصر اهتماماته في هذين الأمرين؛ الخبز والثياب، فقال: «إن كان الله معي ... وأعطاني خبزًا لآكل وثيابًا لألبَس». وهو عين ما أوضحه الرب في قصة الغني الواردة في إنجيل لوقا16: 19- 31، ذلك الذي كان يلبس الأرجوان والبّز، أما عن طعام مائدته فيذكر لنا أن المسكين كان يشتهي أن يأكل من الفُتات الساقط من مائدة ذلك الغني. ولا زال حتى اليوم، كم من أُناس يضيعون عمرهم الثمين وهم يدورون في هذا الفلَك، وتفكيرهم لا يخرج خارج هذا الثالوث؛ ماذا يأكلون، وماذا يشربون، وماذا يلبسون. رحمنا الله وإياهم. |
لا تخف https://files.arabchurch.com/upload/i.../988415423.jpg لا تخف ، بل تكلم ولا تسكت، لأني أنا معك لا تخف يا بولس. ينبغي لك أن تقف أمام قيصر ( أع 18: 9 ؛ 27: 24) نقرأ في سفر الأعمال هذا الوعد المشجع «لا تخف» يُقال مرتين لهذا الرجل الذي كانت طريقه كلها مملوءة بالصعوبات والاهتمامات، والاضطهاد والمقاومة أكثر من أي شخص آخر. ويمكنك أن تقرأ تقريره عن نفسه في 2كورنثوس11. في الأصحاح الثامن عشر من سفر الأعمال، نجد بولس في كورنثوس ونقرأ عن المقاومة التي لقيها من اليهود، الأمر الذي كان يمكن معه أن تفتر عزيمته وتضعف همته، لكن الرب يشجعه بالقول: «لا تخف، بل تكلَّم ولا تسكت» ( أع 18: 9 ). هكذا ينبغي أن يكون خادم الرب شجاعًا يؤدي شهادته بلا خوف، عاملاً بنشاط لأجل الرب. ثم لما جاء فيما بعد إلى أورشليم وأُودع المعسكر خوفًا من هياج الشعب عليه «وقف به الرب وقال: «ثق يا بولس! لأنك كما شهدت بما لي في أورشليم، هكذا ينبغي أن تشهد في رومية أيضًا» ( أع 23: 11 ). هذا الوعد «ثق» نطق به الرب مرة للتلاميذ قبيل آلامه إذ قال: «في العالم سيكون لكم ضيق. ولكن ثقوا: أنا قد غلبت العالم» ( يو 16: 23 ). فحياة المؤمن ليست خلوًا من الشدائد والصعوبات، لكن يسوع المسيح غالب وقد غلب، وفي صعوباتنا يقف إلى جوارنا. لقد تشجع بولس بهذا الوعد وشهد الشهادة الحسنة أمام الشعب وأمام الحكام، ولكن الرب رأى من اللازم أن يؤيد عبده ويطمئنه مرة أخرى وهو في طريقه إلى روما. مضى بولس من أورشليم ـ كسفير في سلاسل ـ إلى روما، على ظهر سفينة أقلقتها الرياح الزوبعية الشديدة حتى إن لوقا يكتب قائلاً: «انتُزع أخيرًا كل رجاءٍ في نجاتنا» ( أع 27: 20 ). وكانت فترة عصيبة جدًا في ظلام وبرد وجوع وتهديد شديد. لكن في وسط هذا الظرف الضيق، نسمع بولس يقول لرفاقه: «الآن أُنذركم أن تُسَرُّوا، لأنه لا تكون خسارة نفس واحدة منكم» ( أع 27: 22 ). هذه كانت ثقة من بولس في الله الذي وقف به في تلك الليلة قائلاً له: «لا تخف يا بولس. ينبغي لك أن تقف أمام قيصر. وهوذا قد وهبك الله جميع المسافرين معك» ( أع 27: 24 ). ليتنا مثل بولس، نضع كل الثقة في إلهنا، وبكل اعتزاز نقول كما قال: «الإله الذي أنا له» ( أع 27: 23 ). في هذه النسبة ثقة تملأنا طمأنينة وسط أقصى الظروف. |
إنكار بطرس https://files.arabchurch.com/upload/i.../590142334.jpg فابتدأ يلعن ويحلف: إني لا أعرف هذا الرجل الذي تقولون عنه! ( مر 14: 71 ) ما أقل ما عرف بطرس، ما نحن بطيئون أيضًا في معرفته، وهو أن «القلب أخدع من كل شيء وهو نجيسٌ» ( إر 17: 9 ). لقد انخدع بثقته في ذاته ففشل في إدراك كم أن قلبه كان نجيسًا لدرجة أن ينكر سيده بحَلف ولعن لأتفه الأسباب. ولقد سجل الوحي هذه الأحداث المؤسفة بالنسبة لبطرس، لا لكي نتخذها فرصة لكي نقلل من شأن خادم مكرس للرب، لكن لكي نعرف شر قلوبنا ولكي نتحذر لأنفسنا من ذلك. عندما حذر الرب بطرس من أنه سوف ينكره، عارض بطرس بشدة وافتخر بإخلاصه وتكريسه، ثم بعد ذلك بقليل عندما كان الرب ساهرًا ومُصليًا، نجد بطرس نائمًا، وعندما كان الرب صامتًا أمام أعدائه «كنعجة صامتةٍ أمام جازيها فلم يفتح فاه»، كان بطرس يضرب بالسيف. وعندما كان الرب يقدم الاعتراف الحَسَن أمام رئيس الكهنة، كان بطرس ينكر الرب أمام جارية ضعيفة. ومع سقوط بطرس وإظهاره لعدم الأمانة، بقيَ الرب أمينًا كما هو. فبالرغم من كل الآلام التي تحملها لرفض الأُمة له، وخيانة تلميذ مزيف وإنكار تلميذ حقيقي وترك الكل له، ظلت محبة قلبه ثابتة دون أن يعتريها أي تغيير. وعندما صاح الديك للمرة الثانية، تذكَّر بطرس القول الذي قاله الرب له: «إنك قبل أن يصيح الديك مرتين، تُنكرني ثلاث مراتٍ». ولقد كسرت هذه الكلمات قلب بطرس المسكين، فسالت من عينيه دموع التوبة «فلما تفكَّر به بكى». نحن لا نعرف مقدار الخداع الذي في قلوبنا على حقيقته إذ إن نفس الآية التي يُذكر فيها أن «القلب أخدع من كل شيء وهو نجيسٌ» تكمل بهذا السؤال: «مَن يعرفه؟» ( إر 17: 9 )، وفي الحال يقدم النبي الجواب: «أنا الرب فاحصُ القلوب ومُختبر الكُلى» ( إر 17: 9 ). فذاك الذي يفحص ويعرف، هو الوحيد القادر أن يحفظنا من السقوط، كما أنه القادر على ردّ نفوسنا من حالة السقوط. وعندما رُدت نفس بطرس عند بحر طبرية، قال: «يا رب أنت تعلم كل شيءٍ» ( يو 21: 17 )، فهو لن يعود مرة أخرى للتكلم عن حالة قلبه، ولن يعود إلى الافتخار فيما بعد بما سوف يفعله أو سوف لا يفعله، ولكنه سيترك نفسه في يد ذاك الذي يعرف كل شيء، يعرف شر قلوبنا وكل قوة العدو، وهو الوحيد القادر أن يحفظنا من السقوط. |
نعمة الله http://up3.up-images.com/up//uploads...58e77665d2.gif وأما الناموس فدخل لكي تكثُر الخطية. ولكن حيث كثُرت الخطية ازدادت النعمة جدًا ( رو 5: 20 ) إن نعمة الله أشبه بمجرى يندفع من سفح الجبل متغلبًا على المقاومات العديدة التي تعترض سيره، وتلك القوة التي في تياره إنما تنبئ عن وجود نبع ممتلئ يستمد منه ماءه. فمع أن العوائق التي في طريقه جمة، ولكن هناك نبع لا ينضب يزوده بالفيضان الكافي للتغلب عليها، فيسير بقوة مانحًا حياة ونضارة للوادي الذي يجري فيه. والمؤمن إذ يرفع عينيه إلى الله أبيه يستطيع أن يقول: «كل ينابيعي فيك» لأن مجرى النعمة المانحة الحياة الذي قد وصل إلى نفسه إنما ينبع من قلب الله «الله محبة» ( 1يو 4: 8 ) و«حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا» ( رو 5: 20 )، فمجرى تلك النعمة المُزدادة إنما ينبع من محبة الله، ويسير في هذا العالم الذي أقفر بدخول الخطية، وقد فاض هذا المجرى بغزارة عند سفك دم تلك الذبيحة المقدسة، حتى إن عين الإيمان دائمًا ترى نعمة الله ممتزجة بدم المسيح «حتى كما ملكت الخطية في الموت، هكذا تملك النعمة بالبر، للحياة الأبدية، بيسوع المسيح ربنا» ( رو 5: 21 ). ولكن ما أكبر المقاومات التي اعترضت النعمة من كل ناحية، وكم من المرات قطع مجراها فاتخذت لها مجرى آخر. إن طبيعة نعمة الله هي على نقيض طبيعة الإنسان المُحب لذاته، فالإنسان يغضب من الله ويُبغض أخاه الإنسان إذا رأى النعمة والبركة توهَب للأشرار المساكين. وهكذا نرى قايين يغضب ويقتل أخاه، ونرى الابن الأكبر يغضب ولا يريد دخول البيت الذي ملَكت فيه النعمة، وهكذا نرى الإنسان دائمًا يكره النعمة ويتكلم ضدها ويسعى في تحويلها والتخلص منها كما فعل إسرائيل في سيناء، بل في كل أدوار العالم قد قابل الإنسان النعمة بالمقاومة، ولكن لم يستطع شيء أن يُعيق سيرها أو يوقف تيارها لأن نبعها عميق وممتلئ، ألا وهو محبة الله الكاملة! فالنبع لا ينضب، والمجرى لا يوقف، ولا بد أن تفيض النعمة المجانية فوق كل عقبة وتروي وتنعش هذا العالم المُجدب حتى تصل إلى أقصى الأمم البعيدة. كان الله منذ البدء يعمل بالنعمة ويخلِّص الذين يؤمنون بكلمته، ولكن قد ظهرت النعمة بأجلى لمعانها بظهور يسوع المسيح الذي جاء «مملوءًا نعمةً وحقًا» ( يو 1: 14 ) و«كان الله في المسيح مُصالحًا العالم لنفسه، غير حاسبٍ لهم خطاياهم» ( 2كو 5: 19 ). |
أنا هو نور العالم http://up3.up-images.com/up//uploads...58e77665d2.gif أنا قد جئت نورًا إلى العالم حتى كل مَن يؤمن بي لا يمكث في الظلمة ( يو 12: 46 ) يتفرَّد رب المجد بهذا الوصف الذي لا يرقى إليه سواه، فهو الوحيد الذي يحمل هذا اللقب مُعرَّفًا «النور». فنرى البشير يوحنا يقدمه هكذا: «إن النور قد جاء إلى العالم» ( يو 3: 19 )، وما أحلى أن المسيح أيضًا هو الذي يُضيء للكنيسة ككوكب الصبح المُنير في أحلك ساعات الليل، ويخطفها إليه لتبقى كالعروس في نور عريسها إلى الأبد ( رؤ 22: 16 ، 17). أما في الحاضر فإن لهذا النور وجهته الثلاثية التي نلاحظها من خلال ألقابه: 1ـ نور الناس: «فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس» ( يو 1: 4 ). يعرف الله احتياج الإنسان، وهذا النور هو الإشراقة الإلهية لإعطاء الناس (كل إنسان) حياة الله. (2) نور الأمم «فقد جعلتك نورًا للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض» ( إش 49: 6 ): إنها دعوة لكل البعيدين، ونور إعلان للأمم الغارقين في الظُلمات، لقد فتح المسيح باب الرحمة والخلاص لكل قبيلة ولسان وشعب وأُمة، مجدًا لاسمهِ. (3) نور العالم: «أنا هو نور العالم. مَن يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة» ( يو 8: 12 ). إنه النور المُقدَّم للجميع، فالعالم بأسره في أمسّ الحاجة إليه، لكن مَن يتمتع به هو الذي يفتح قلبه ليدخل نور المسيح إليه. من ناحية أخرى، فإن للنور مميزاته الثلاثية أيضًا: 1ـ نور حقيقي: «كان النور الحقيقي الذي يُنير كل إنسان آتيًا إلى العالم» ( يو 1: 9 ): أي إن كل نورٍ غيره أو ليس نابعًا منه هو زائفٌ، إنه الوحيد الذي يُلقي بضوئه على كل إنسان فيكشف كل ما في داخله. 2ـ نور عجيب: «وأما أنتم فجنسٌ مختارٌ، وكهنوت ملوكي، أُمة مقدسة، شعب اقتناء، لكي تُخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نورهِ العجيب» ( 1بط 2: 9 ): أمامنا نور روحي مُغيِّر، جعلنا بالإيمان به جنسٌ مختارٌ، كهنوت ملوكي، أُمة مقدسة، شعب اقتناء، ما أعجبه من نور! 3ـ نور الحياة «أنا هو نور العالم. مَنْ يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نورُ الحياة» ( يو 8: 12 ). إنه النور الذي يُعطي الحياة الأبدية، فهل امتلكتها، قارئي العزيز؟ |
مُصادقة يهوذا للعالم https://files.arabchurch.com/upload/i.../416649518.jpg وحدث في ذلك الزمان أن يهوذا نزل من عند إخوته ... ونظر يهوذا هناك ابنة رجلٍ كنعاني اسمه شوع، فأخذها ودخل عليها ( تك 38: 1 ، 2) ترك يهوذا إخوته لينضم إلى عالم الكنعانيين (التجارة) بكل فساد طابعه، وبكلمات الكتاب «إن يهوذا نزل من عند إخوته» مُشيرًا إلى طابع طريق الانحدار الذي بدأه، بل ومُنذرًا القارئ بحقيقة أن ما يتبع هذا لا بد أن يتسم بالشر. فنتائج انحدار يهوذا الإرادي ستكون شديدة، وكان عليه أن يتعلَّم أنه لا يمكن أن يُشبع ملذاته دون حصاد الأحزان. وكان عليه أن يتعلَّم أيضًا أن ما يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا ( غل 6: 7 ). ومن المؤسف حقًا أن نرى هجر يهوذا لأمان العائلة وأفراح صُحبة إخوته، كما كان قلبه قد سبق وابتعد بعيدًا عن أفراح الشركة مع أبيه ( تك 37: 26 ، 27). والآن ها هو يأخذ خطوة جديدة بها يترك إخوته. لقد رأينا هذا الأمر مِرارًا وتكرارًا مع أولئك الذين فترت قلوبهم فتبعت أقدامهم انحدار أفكارهم مع الوقت. إن القلب التائه عن الله هو فريسة سائغة لخداع البشر وأفكارهم، ومَن يسير بلا شركة مع الله لا بد أن تكون له علاقة بأهل العالم الأشرار. ثم نرى أن انحدار يهوذا أتى به إلى أوثق الروابط بابنة رجل كنعاني اسمه شوع، فأخذها ودخل عليها (ع2). هنا نجده يكرر خطية عيسو الذي كانت زيجاته سبب مرارة لوالديه ( تك 26: 35 ). لم يحمل يهوذا أي تقدير للقرار القديم الذي اتخذه إبراهيم حينما قال لعبده: «لا تأخذ زوجةً لابني من بنات الكنعانيين الذين أنا ساكنٌ بينهم» ( تك 24: 3 )، كما لم يكن لديه أي وازع ندم من أن يتزوج من وثنية «بنت إلهٍ غريبٍ» ( ملا 2: 11 )، أما اليوم فإن المبدأ واضح للمؤمن حيث نجد التحريض في 2كورنثوس6: 14 «لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين». وكان المعيار الذي اتخذه يهوذا لاختيار زوجته واضحًا من عبارة «ونظر يهوذا هناك ابنة رجلٍ كنعاني اسمه شوع، فأخذها ودخل عليها» (ع2)، تمامًا كما فعل شمشون بعد سنوات كثيرة «ونزل شمشون إلى تمنة ورأى امرأة في تمنة من بنات الفلسطينيين، فصعد وأخبر أباه وأمه وقال: قد رأيت امرأةً في تمنة من بنات الفلسطينيين، فالآن خُذاها لي امرأة» ( قض 14: 1 ، 2). لم يكن لديه فكرة الاختيار حسب فكر الرب ( تك 2: 18 ، 24)، وهكذا تحرك يهوذا بدوافع وضيعة «لأن .. شهوة العيون .. من العالم» ( 1يو 2: 16 ). |
النمو في النعمة https://files.arabchurch.com/upload/i...1001522173.jpg انموا في النعمة وفي معرفة ربنا ومخلِّصنا يسوع المسيح ( 2بط 3: 18 ) كثيرًا ما يتردد الكلام بين المؤمنين عن النمو الروحي بهدف الوصول إلى النضوج الروحي. ما معنى ذلك؟ بالنسبة للبعض، النمو الروحي هو ببساطة: معرفة عميقة جدًا بالتعليم المسيحي. وبالنسبة لآخرين يعني النمو الروحي: إمكانية استيعاب الحق وأن تكون أمور الله مألوفة له. ومع أن معرفة كلمة الله هى أساسية، لكنها في الحقيقة ليست العلامة المميزة للنمو الروحي الحقيقي، لكن عندما يتعظم الرب يسوع في المؤمن بحيث ينشغل أقل فأقل بذاته ليصبح في النهاية صغيراً في عيني نفسه، حينئذ تكون هذه هي العلامة على النمو والنضوج. يمكن أن تكون لنا معرفة أكثر من كثيرين غيرنا، ويمكن أن نُظهر فهمًا ملحوظًا للحق، ومع ذلك نظل صغارًا روحياً عديمي النضوج كما لو كنا لا نزال مثل الأطفال نوعًا ما. إن الرب يدعونا أن نكون مثل الأطفال أو أن نصير مثل الأطفال، ولكن هذا لا يعني أن نبقى في حالة الطفولة، بل يعني أن نكون في الحالة الروحية اللازمة حتى نقبل كلمة الله بالإيمان وبدون معارضة. أما البقاء في حالة الطفولة فهو دليل على عدم النمو والنضوج. عندما ينشغل مؤمن باختباراته أو حتى بحالته الروحية، وعندما يجذب الانتباه إلى نفسه، ويغضب بسبب نعم أو لا، فهو يُظهر بذلك عدم نضوجه. أما إذا كانت تظهر في حياته ثمار الروح: «محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف» ( غل 5: 22 ، 23) فهو يبرهن على أن الروح القدس يُنشط حياته الجديدة. إن النضوج الروحي الذي ينتج من العلاقة الشخصية مع الله، سيكون أكثر عمقاً بقدر ما تكون هذه العلاقة مُصانة ونامية. إن حضور الله يشع في حياة المؤمن الناضج روحيًا، إنه يوحي بالثقة ويبعث الصفاء ويعطي الرغبة في معرفة الرب يسوع المسيح معرفة أعمق. إن هذه الحالة لا يتم الوصول إليها عن طريق وَصْفات معينة، كما أنها ليست قاصرة على نخبة من المؤمنين تعيش فوق المستوى المشترك للمؤمنين. إن اكتشاف قيمة محبة الرب يسوع والدخول في معرفة نعمة الله الحقيقية يجب أن يكون من نصيب كل مؤمن. |
شروط الاقتراب إلى الله https://files.arabchurch.com/upload/i.../645488076.jpg اخضعوا لله. قاوموا إبليس فيهرب منكم. اِقتربوا إلى الله فيقترب إليكم. نقوا أيديكم أيها الخطاة، وطهِّروا قلوبكم يا ذوي الرأيين ( يع 4: 7 ، 8) يتحدث الرسول يعقوب، رسول الحياة العملية والإيمان العملي، عن أربعة شروط للاقتراب إلى الله، اثنان منها ذكرهما قبل أن يتحدث عن الاقتراب إلى الله، واثنان ذكرهما بعده ( يع 4: 7 ، 8)، كالآتي: (1) اخضعوا لله: بمعنى أن نقبل كل ما يسمح لنا به دون تذمُّر أو عناد. فعندما نتمرد عليه لا يمكننا أن نكون متمتعين بابتسامة رضاه. علينا أن ندرك أن الله يمسك بالخيوط كلها، وهو صالح، ولا يخرج منه إلا الصلاح، حتى إن كنا أحيانًا كثيرة لا نفهم تمامًا معاملاته معنا. (2) قاوموا إبليس، وهو حتمًا سيهرب منا: وهذا ينبغي أن يسبق اقترابنا إلى الله واقتراب الله إلينا. عبَّر عن ذلك أحدهم فقال: ”على القديس أن يشتاق وأن يصرّ على رؤية ظهر الشيطان، ووجه الله. ومن حق المؤمن أن يتمتع بالأمرين معًا“. وعلينا أن ندرك أنه لا يمكنني أن أقترب إلى الله، بينما أنا في الوقت ذاته أغازل الشيطان، أو أعقد معه صفقة، أو أتجاذب معه أطراف الحديث. (3) نقوا أيديكم أيها الخطاة: إن كلمات الرسول يعقوب هنا موجهة إلى أشخاص يعترفون بأنهم يعرفون المسيح، ومع ذلك فهناك خطايا عملية في حياتهم. فهل يصلح والحال هكذا أن يقتربوا إلى الله، وأن يتوقعوا اقتراب الله منهم؟ إن هناك حتمية أدبية ينبغي أن تسبق ذلك، وهي أن ينقوا أيديهم، بمعنى أن يُصلحوا أعمالهم. فلن يتمتع بالاقتراب إلى الله شخص سالك في عدم الطاعة أو عدم القداسة. أمثال هؤلاء يدعوهم يعقوب للتوبة، حيث يستحيل الاقتراب إلى الله بخطايا غير مُعترف بها، وغير محكوم عليها. (4) طهروا قلوبكم يا ذوي الرأيين: وهم أولئك الذين قسّموا قلبهم بين الله والعالم ( هو 10: 2 )، ولذلك فإنك تجد مثل هؤلاء منجذبين إلى النقيضين: الله القدوس، والعيشة في النجاسة! إنها صورة لشخص لا يوَد أن يترك الاجتماعات أو الفرص الروحية، ولكنه في الوقت ذاته لا يوَد التخلي عن الشهوة الردية المسيطرة عليه. ولقد كان هيرودس الملك نموذجًا صارخًا لشخص ذي رأيين، فقد سمع يوحنا المعمدان بسرور، وفعل كثيرًا ( مر 6: 20 - 28)، دون أن يكون مستعدًا البتة لترك عشيقته هيروديا. هذا الشخص لو اقترب إلى الله وهو على هذه الحالة، فإن الله لن يقترب إليه. |
هل تحب الحياة؟ https://files.arabchurch.com/upload/i...1047380919.jpg مَنْ أراد أن يحب الحياة ويرى أيامًا صالحة .. ليُعرض عن الشر ويصنع الخير ( 1بط 3: 10 ، 11) تضع أمامنا المسيحية حياة البركة، وهي حياة تقوم على الشركة مع الله. هذه الحياة عيشت في أكمل صورة لها بالرب يسوع، كما استُعلنت في مزمور16 باعتبارها «سبيل الحياة» (ع11)، أو كما يقول المرنم «حبالٌ وقعت لي في النُعماء (أرض المسرة)» (ع6). فإذا عاش المؤمن هذه الحياة فإنه يرى أيامًا صالحة، وعليه أن «يكفف لسانه عن الشر وشفتيه أن تتكلَّما بالمكر، ليعرِض عن الشر ويصنع الخير، ليطلب السلام ويجِّد في أثَرِهِ». وعندما يفعل ذلك سيجد أنه قد بورك بحسب أحكام الله ومبادئه الأدبية، بينما يتألم مَن يفعل الشر «لأن عيني الرب على الأبرار، وأُذنيه إلى صراخهم، ولكن وجه الرب ضد فاعلي الشر» ( 1بط 3: 12 ). وبالإضافة إلى ذلك «فمَن يؤذيكم إن كنتم مُتمثلين بالخير؟» (ع13)، فإنه ـ حتى في العالم ـ هناك تقدير للرجل الذي يعمل الخير هادئًا. ولكن قد يثور التساؤل: إذا كان عمل الخير يقود إلى الازدهار، وعمل الشر يجلب العقاب، فلماذا يحدث غالبًا أن التقي يتألم والذين يفعلون الشر يزدهرون؟ وكيف نجد في الرسالة ذاتها التي تُخبرنا بإحسان الله للبار، أنها تستحضر أمامنا آلام شعب الله بتفصيلات كثيرة جدًا؟ وكيف نرى النص الذي يَعِد بالمواعيد للأيام الصالحة كنتيجة لعمل الخير، يتبعه باحتمال الآلام لمَن يصنع البر؟ ( 1بط 3: 14 - 4: 7). إن مثل هذه الأسئلة يُجاب عليها، إذا تذكّرنا أنه في زمان النعمة هذا تصبح أحكام الله أدبية وليست عمومًا مباشرة أو فورية. ومن الصحيح أن الحكم الأدبي بمكافأة الخير يكون بالبركة الروحية أكثر من الازدهار المادي. وبينما يضع الرسول أمامنا إمكانية الآلام لأجل البر، فإنه يُضيف «طوباكم» ( 1بط 3: 14 ). وإذا أردنا أن نرى النتيجة النهائية لأحكام الله، سواء لبركة أولئك الذين يعملون الخير أو بالعقوبة لعاملي الشر، فعلينا أن نتطلع إلى ما وراء المشهد الحاضر، وننتظر العالم الآتي. وبينما أحكام الله سوف تجري في صورتها الكاملة في وقت آتٍ، ولكنها الآن مُخيفة إلى حدٍ بعيد. وعلى المؤمن أن يتذكر أنه بالرغم من كل ما يبدو معاكسًا، لكن تبقى الحقيقة دائمًا أن عمل الخير سيقود إلى البركة والحزن. ونحن نختبر بقياس محدود الآن كلاً من البركة والحزن، أما البركة فستُعرف بكمالها في العالم الآتي. |
قد فنيَ لحمي وقلبي https://files.arabchurch.com/upload/i.../371144764.jpg قد فنيَ لحمي وقلبي. صخرة قلبي ونصيبي الله إلى الدهر ( مز 73: 26 ) بعد أن هَامَ آساف حُبًا في الله، واحتقر كل شيء على الأرض سواه (ع25)، فإنه تحدَّث عما يمكن أن نسميه أكبر مصيبة ممكن أن تُصيب الإنسان. ليس ضياع الأموال، وهي تجربة عسيرة، ولا ضياع الأولاد وهي تجربة أمَرّ جدًا من السابقة، بل ضياع الصحة. والشيطان الخبيث عرف أن هذا أشرّ ما يُبتلى به المرء، فأبقاه في تجربة أيوب للآخر، وقال بأسلوبه الأناني الشهير: «جلدٌ بجلد، وكل ما للإنسان يعطيه لأجل نفسه» ( أي 2: 4 ). فماذا كان ردّ فعل آساف عندما ضاعت الصحة؟ لا انزعاج ولا اضطراب، بل قال: «صخرة قلبي ونصيبي الله إلى الدهر». بهذا القدر الرائع، فإن الشركة مع الله تكفي القديس. إنها تكفيه ليس في الظروف العادية، بل في الظروف القاسية. فآساف يقول هنا: «قد فني لحمي وقلبي»، أي لم يبقَ له شيء على الإطلاق، ومع ذلك فهو متمسك بالله وحده. فالرب ما زال كل شيء له. ولو ضاع الكل، فإن الرب يبقى دائمًا. والمؤمن في أيام القوة، فإن قلبه ولحمه يهتفان بالإله الحي ( مز 84: 2 ). ولكن يأتي وقت فيه يفنى قلبه ولحمه، لكنه الإله الحي باقٍ لا يتغير. ولذلك فإن آساف يضيف قائلاً: «صخرة قلبي ونصيبي الله إلى الدهر». وفناء اللحم والقلب يدل على فناء قوة الطبيعة، وهو بالنسبة لإنسان العالم أمر مزعج، إذ يقرّبه إلى النهاية المُخيفة، والتي لا يتمناها. ولكن بالنسبة لإنسان الله، يعلم أنه مع فناء الخارج، فإن الداخل يتجدد يومًا فيومًا. بل ويعلم أنه حتى ولو نُقض بيت خيمتنا الأرضي، فلنا في السماوات بناءٌ من الله، بيتٌ غير مصنوع بيدٍ، أبدي. وهذا أمر بالنسبة له مُشجع ومُفرح، حتى إن الرسول يقول: إننا «نئن مشتاقين» لهذا المسكن العجيب الأبدي ( 2كو 5: 1 - 3)! لقد قال آساف: «نصيبي الله»: وما أعظمه نصيبًا! إنه يقول: إن سر فرحي ليس البشر والأصدقاء، ليس الجاه والشهرة، ليست أمور العالم على الإطلاق، بل الله. ثم إنه نصيب «إلى الدهر»: أي إنه نصيبه في الحياة، وفي ما بعد الحياة. فهو ليس نصيب للّحظة الحاضرة فحسب، بل هو نصيب أبدي. أخي العزيز .. إذا ضاعت القوة، فالله هو القوة التي لا تخيب، وإذا فنيَ اللحم، فالله هو النصيب الذي لا يغيب! |
إيليا يتوسل ضد شعبه! https://files.arabchurch.com/upload/i.../366906830.jpg أَم لستم تعلمون ماذا يقول الكتاب في إيليا؟ كيف يتوسل إلى الله ضد إسرائيل ( رو 11: 2 ) لقد أدّى انشغال إيليا بنفسه إلى امتلائه بمشاعر قاسية تجاه شعب الله الضال حوله «أم لستم تعلمون ماذا يقول الكتاب في إيليا؟ كيف يتوسل إلى الله ضد إسرائيل!» .. «يتوسل ... ضد إسرائيل»! مادحًا نفسه ومُسيئًا إلى الشعب! هل يليق هذا بشاهد أمين لله؟ وهل بكلماته هذه يعكس مشاعر قلب الله وطول أناته على شعبه، وعدم رفضه لهم بالرغم من ضلالهم وخطاياهم؟ لقد تكلم «موسى» بطريقة مُغايرة تمامًا، ولذلك من المشجع أن نستمع إلى توسله المؤثر إلى الله من أجل إسرائيل بعد عبادتهم للعجل الذهبي (خروج32، 33). ومع أنه كان يشعر بالجُرم العظيم الذي ارتكبوه في حق «يهوه»، لكن لم تخرج من فمه في حضرة الله كلمة ردية عنهم. بل على العكس، أصرّ على تذكير «يهوه» أنهم شعبه بالرغم من جُرمهم الشنيع، وأن مجد اسمه مرتبط ببركتهم، وكان مستعدًا أن يمحو الله اسمه من الكتاب الذي كتبه، بدلاً من أن يرفضهم. فلننتبه إلى هذا المبدأ جيدًا، لأننا أحوج ما نكون إليه اليوم. إن انتفاخ الذات، وانشغالنا بأمانتنا نحن في الشهادة، يُولِّد مشاعر خطيرة في قلوبنا تجاه شعب الله حولنا، تجعلنا لا نصلح أن نتوسل إلى الله من أجلهم. وهل يدهشنا أيضًا، إذا أثمرت مشاعرنا غير اللائقة تعليقات الناس الساخرة «صحيح أنكم أنتم شعبٌ (الشعب)، ومعكم تموت الحكمة!» ( أي 12: 2 ). وفي حالة إيليا كان لشكواه نتائج مختلفة تمامًا عما كان يتوقع. «فقال له الرب: اذهب راجعًا في طريقك ... وامسح أليشع بن شافاط ... نبيًا عوضًا عنك». دروس خطيرة هذه، وما أسعدنا إذا تعلمناها بحق! فتعظيمنا لأهمية أنفسنا في الشهادة يؤدي إلى الاستغناء عنا كشهود كُلية، وأن يأخذ آخرون مكاننا. ألا نرى هذا يحدث للأسف؟ ألا نسمع البعض يقول نحن الشهود الأمناء، نحن كنيسة فيلادلفيا، كل ما عدانا تقريبًا هو في كنيسة لاودكية. والنتيجة المُحزنة هي أننا عندما نبحث عن عمل روح الله الخاص، لا نجده في الذين يمدحون أنفسهم هكذا، بل بين الآخرين الذين لديهم معرفة أقل بكلمة الله كحروف. وهي نتيجة حتمية لسماحنـا لأنفسنا بالتعدي على مكانة الله في عقولنا وقلوبنا «وأما مَن افتخر فليفتخر بالرب. لأنه ليس مَن مدح نفسه هو المُزكى، بل مَن يمدحه الرب» ( 2كو 10: 17 ، 18). |
جسد واحد وروح واحد https://files.arabchurch.com/upload/i.../921635813.jpg مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام ( أف 4: 3 ) ما أعظم غبطة جماعة القديسين! لقد افتُدوا من الدينونة، وفُصلوا عن طريق هذا العالم الشرير بواسطة دم المسيح الثمين، وأصبح لهم أن يتمتعوا بفرح الخلاص المشترك! إنهم إخوة في عائلة واحدة، لأنهم أبناء لآب واحد، وهم أيضًا أعضاء بعضهم لبعض لأنهم إذ ”اعتمدوا بروح واحد إلى جسد واحد“ صاروا جميعًا أعضاء في جسد المسيح على السواء، وإذ قُطعوا من محجر العالم، ونالوا الحياة بواسطة صوت ابن الله أصبحوا حجارة حية في الهيكل المقدس الواحد «مبنيين معًا مسكناً لله بالروح». وإذ خُتموا بالروح القدس صارت لهم شركة مع الآب والابن وشركة مع بعضهم البعض أيضًا. وقد أخذوا نعمة فوق نعمة، من الملء الذي في المسيح، فامتلأت قلوبهم بالفرح، وفاضت بالمحبة، وانطلقت بالتسبيح المشترك، بذلك تمثل شركة القديسين على الأرض سعادة السماء بصورة حقيقية مصغَّرة، وأفراحهم تتضاعف بتقاسمهم إياها، كما أن أحزانهم تُخفَف بمشاركة بعضهم لبعض فيها. وبحسب المقياس الإلهي كل ما للفرد يمتلكه لحساب الجماعة، وكل ما للجماعة هو للفرد. لكل واحد نصيب في أفراح المجموع، وإذ صاروا جميعهم واحدًا، وأصبحوا شركاء المسيح في ميراثه، يُقال عنهم بحق «كل شيء لكم». وإذ اندمجوا في «جسد واحد» وسُقوا «روحًا واحدًا»، فقد ارتبطوا معًا بعواطف ومشاعر ذلك الروح الحي الواحد، وبذلك صار الفرد يصلي لأجل المجموع، والمجموع يصلّون لأجل الفرد. والجسد كله يتغذى بما يقدمه كل عضو وكل مفصل ”لبنيانه في المحبة“. ولا مجال للتفاخر أو التنازع بين القديسين، لأني لماذا أحسد ما هو لي؟ لماذا أحتقر ما يخدم مصلحتي؟ وكيف أحاول أن أكيد لمَن أذيّته تؤذيني؟ هل يمكن أن ينشأ خصام بين أعضاء الجسد الطبيعي؟ كلا، لأن جميعها تخدم بعضها البعض، فإذا تألم عضو شاركته بقية الأعضاء وعملت على تخفيف آلامه بغير ضجر. يا رب أَتحِد قديسيك هكذا في شركة قلبية وعاطفة رقيقة نحو بعضهم البعض، ابعد يا رب عنا كل شقاق، واربط قلوبنا بروحك القدوس بالمحبة الأخوية. لا تسمح أن يؤثر العُجب أو روح التحزب أو الروح العالمية في أعضاء جسدك. |
الراعي العظيم https://files.arabchurch.com/upload/i.../609326606.jpg وَإِلَهُ السَّلاَمِ الَّذِي أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَاعِيَ الْخِرَافِ الْعَظِيمَ، رَبَّنَا يَسُوعَ، بِدَمِ الْعَهْدِ الأَبَدِيِّ ( عب 13: 20 ) إذًا يا إخوتي الأحباء، كونوا راسخين، غير متزعزعين، مُكثرين في عمل الرب كل حينٍ، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب ( 1كو 15: 58 ) تكلم العهد الجديد عن المسيح كالراعي مستخدمًا ثلاثة ألقاب هي: الراعي الصالح، والراعي العظيم، ورئيس الرعاة. ففي إنجيل يوحنا نقرأ قول المسيح عن نفسه: «أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف» ( يو 10: 11 ). كما يقول الرسول بولس: «وإله السلام الذي أقام من الأموات راعي الخراف العظيم، ربنا يسوع، بدم العهد الأبدي» ( عب 13: 20 ). ويختم الرسول بطرس هذه الثلاثية مُشيرًا إلى ظهور المسيح بالمجد والقوة، فيقول: «ومتى ظهر رئيس الرُّعاة تنالون إكليل المجد الذي لا يبلى» ( 1بط 5: 4 ). وواضح هنا الارتباط الوثيق بين هذه الثلاثية. فمجيء المسيح بالنعمة ليفدي البشر، ذلك المجيء الذي انتهى بموت الصليب، يحدثنا عن الراعي الصالح. لكنه بعد الموت قام وصعد إلى السماء مُمجَّدًا، وهو هناك يخدمنا باعتباره راعي الخراف العظيم. وأخيرًا سيأتي إلينا مرة ثانية مُستعلنًا بالمجد والقوة، ليعطي الأجرة لعبيده الأُمناء، وذلك باعتباره رئيس الرعاة. هذه الأفكار الثلاثة نجدها بنفس هذا الترتيب في مزامير الراعي؛ مزمور22، 23، 24. ففي مزمور 22 نجد الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن خرافه الغالية، وفى مزمور 23 نجد الراعي العظيم المعتني بكل خروف من قطيعه العزيز، والذي يحفظهم خلال هذا العالم المليء بالمخاطر والتجارب، ويرعاهم خلال الحياة المليئة بالاحتياجات والإعوازات. وفى مزمور 24 نجد رئيس الرعاة، الذي هو نفسه «ملك المجد» عندما يظهر ليكافئ كل الخدام الأُمناء الذين اعتنوا بقطيعه العزيز على قلبه. هذه الثلاثية الجميلة تغطى الماضي والحاضر والمستقبل. فبالنسبة للأمس نذكر تجسد المسيح باعتباره الراعي الذي أتى من السماء إلى الأرض لكي يفتش عن الغنم، ولكي ما يذهب وراء الضال حتى يجده، ثم مضى إلى الصليب كالراعي الصالح ليبذل نفسه عن الخراف. وهو ما يحدثنا به مزمور22. لكن الصليب لم يكن النهاية، ونفس المزمور الذي يكلمنا أساسًا عن الصليب، يُشير أيضًا إلى القيامة. وبعد القيامة نرى خدمة أخرى للمسيح؛ كراعي الخراف العظيم المُقام من الأموات. مَنْ فينا حتى بعد إيمانه يستغني عن هذا الراعي العظيم؟! لكن سوف تنتهي هذه الحياة الحاضرة عندما يأتي الرب، لندخل معه إلى الأبدية السعيدة. |
أربع مَرَاسٍ https://files.arabchurch.com/upload/i.../683455802.gif ابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ ..مُصَلِّينَ فِي الرُّوحِ.. وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِي مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوع.. ( يه 1: 20 ، 21) لكي ما نبقى محفوظين أثناء ليل الارتداد المُظلم، فإننا نحتاج أربع مراسِ لكي ما تبقى نفوسنا راسية وثابتة بها. ورسالة يهوذا التي تُصوِّر لنا ظلمة الأيام الأخيرة للمسيحية، تُعطينا ما يتجاوب مع الأربع مراس في أعمال27: 29. فبعد أن تحدَّث عن الارتداد المُريع والشر، فإن يهوذا يتحوَّل إلى المؤمنين، ويُخبرهم أن يفعلوا أربعة أمور: فأولاً: يجب أن نبني أنفسنا على إيماننا الأقدس. ونحتاج أن نلتصق بالحق في كل قوة تقديسه وحفظه، وألا نقلل من مستوى الحق جزئية واحدة. إنها كلمة الله التي تبنينا وتجعلنا أقوياء وثابتين. ويلزمنا أن نتغذى عليها، ونعمل بها، ونبني أنفسنا على أساس إيماننا الأقدس. هذه مرساة حقيقية لنفوسنا. وثانيًا: نحتاج إلى مرساة الصلاة «مُصَلِّين فِي الرُّوحِ القدسِ». إن الصلاة في الروح هي التوازن الضروري للتغذي على الكلمة، وحفظ النفس منتعشة أمام الله، وفي شركة معه. والصلاة في الروح تتطلب سلوكًا في الروح، وتدريبًا في الحكم على الذات. والصلاة هي المورد ومصدر القوة في كل الأوقات. وثالثًا: نحتاج أن تُحفظ أنفسنا في محبة الله. إنه ليس هنا أننا نُحب الله، مع أن هذا ما يجب أن نفعله بالتأكيد، بل أننا نحفظ أنفسنا في التمتع بمحبته. وهذا يعني أنه يجب أن يكون لنا دائمًا إيمان بالله، وألا نشك في محبته. ولا يهم الظروف والتجارب التي نمرّ بها. فلا شيء يُمكن أن يُبدل محبته من نحونا، ولا حتى فشلنا. إن الشيطان يسعى دائمًا لكي يُشككنا في محبة الله. ولكن إذ نحفظ أنفسنا لتغوص في محبة الله التي لا تفشل ولا تتغير، فإنها تُصبح كمِرساة لنفوسنا ثابتة ضد كل عواصف الشيطان وأمواجه. أما المرساة الرابعة، فإننا نُحرَّض لكي نكون «منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية». وهذا هو التوقع الواضح ـ رحمة ربنا طوال الطريق حتى تتحقق النهاية ـ وهو مجيئه لنا. إن مجيئه سيُصبح إنقاذًا ورحمة لخاصته من كل أشكال خراب المسيحية الاسمية، وأيضًا من الشر المُحيط بها. إن نهار مجيئه هو الرجاء والتوقع المُشرق للكنيسة الحقيقية. إن الأربع المراسي السابقة ستحفظنا غير متزعزعين من جرّاء كل ريح زوبعية أثناء ليل غياب المسيح. |
فرصة جديدة .. ربما الأخيرة كُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ. تَعَالَوْا إِلَى الْعُرْسِ! ( مت 22: 4 ) أيها القارئ العزيز: لقد أحاطك الله بعنايته وأدخلك بسلام إلى العام الجديد. وهو بذلك قد أتاح لك فرصة جديدة لكي تُقبل إليه بالتوبة والإيمان فتنال خلاص نفسك الثمينة. إن الله يحبك، بالرغم من كل ما ارتكبته من الشرور والآثام، وما أهنته به من المعاصي والذنوب، وما زال يُطيل أناته عليك مترقبًا رجوعك إليه. لقد أعد لك خلاصًا أبديًا بموت الرب يسوع المسيح على الصليب لأجلك، وهو يريد من كل قلبه أنك تمد يد الإيمان لتنال هذا الخلاص الثمين لنفسك الآن. فقف لحظة أيها العزيز في مُستهل هذا العام الجديد، وتفكّر في نفسك الخالدة ومصيرها الأبدي. كيف تهتم بمستقبلك الأرضي الزائل، وتغفل أمر أبديتك التي لا تنتهي؟ «لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسِرَ نفسه؟» ( مت 16: 26 ). نرجو أن تصغي بكل انتباه إلى قول الكتاب المقدس «وُضِعَ للناس أن يموتوا مرةً ثم بعد ذلك الدينونة» ( عب 9: 27 ) وأيضًا «الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله» ( يو 3: 36 ) ويا لهول الدينونة! ويا لشدة غضب الله! ولكن اسمع قول المسيح المُفرح: «إن مَن يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة» ( يو 5: 24 ). فالله قد أعدّ خلاصًا كاملاً مجانيًا لكل الخطاة، وهو ينادي قائلاً: «كل شيءٍ مُعدٌّ. تعالوا إلى العُرس!» ( مت 22: 4 ). فهلا تسمع صوته وتقبل دعوته الآن؟ أيها القارئ العزيز، إننا نناشدك بمحبة الله العظيمة لك، وبصليب المسيح وآلامه لأجلك، وبنداء الروح القدس لقلبك، وبقيمة نفسك الثمينة الخالدة، وبجميع أفراح السماء، وبجميع أهوال بحيرة النار المتقدة ـ بهذه كلها نناشدك أن تسلِّم قلبك للمسيح بالتوبة والإيمان الآن في هذه اللحظة. لا تؤجل ولا تناقش، بل تعالَ كما أنت بكل خطاياك وأحمالك الثقيلة، تجد قلبه مُحبًا مُرحبًا لأنه قال: «مَن يُقبل إليَّ لا أُخرجه خارجًا» ( يو 6: 37 ). إنه يغفر لك خطاياك ويطهرك من كل آثامك، ويمنحك سلامًا كاملاً وفرحًا أبديًا. أيها العزيز، لا تتردد. لا تهمل هذا الخلاص العظيم. لا ترفض هذه الهبة المجانية الثمينة «هوذا الآن وقتٌ مقبول. هوذا الآن يومُ خلاص» ( 2كو 6: 2 )، وبعد قليل جدًا سيأتي المسيح حسب وعده، ويأخذ مفدييه إلى أمجاد السماء ليكونوا معه إلى الأبد. وستكون معهم إذا قبلته بالإيمان القلبي الآن. |
يوسف وسر نجاحه https://files.arabchurch.com/upload/i.../823777979.jpg فكَيْفَ أَصْنَعُ هَذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ و َأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟ ( تك 39: 9 ) إن الأسلوب الرائع الذي استخدمه يوسف للتعبير عن استنكاره لعمل الخطية، والوارد في قوله: «كيف أصنع هذا الشر العظيم وأُخطئ إلى الله؟»، ليسترعي انتباهنا ويأخذ بمجامع قلوبنا، فهو يدل على: أولاً: وجود يوسف في حالة الإدراك الحقيقي لمركزه كأحد قديسي العلي، فهؤلاء يترفعون عن عمل الخطية، لأنها لا تتناسب مع مركزهم السماوي. فلسان حالهم دائمًا أبدًا: «نحن الذين مُتنا عن الخطية، كيف نعيش بعدُ فيها؟» ( رو 6: 2 ). ثانيًا: عدم تفكيره في النجاسة من قبل: لو كان يوسف يفكر في النجاسة أو يشتهيها من قبل لكان قد ضعف أمام امرأة فوطيفار واستجاب لرغبتها الأثيمة. ولكن ما أبدَاه من شمم وإباء من جهة عمل الفحشاء، دليل قاطع على أنه كان يعيش في كل حين في جو القداسة. وهكذا يكون الحال معنا، إذا عشنا في هذا الجو مثله. ثالثًا: فداحة النجاسة: إن كثيرين يلهون بالنجاسة دون وعي أو إدراك، ولكن الذين يعيشون في حضرة الله ينظرون إليها بذات النظرة التي ينظر بها الله إليها، فيرونها كما رآها يوسف؛ شرًا عظيمًا. فعندما تراءى الله لإشعياء النبي قديمًا، صرخ هذا لساعته قائلاً: «ويلٌ لي! إني هلكت، لأني إنسانٌ نجسُ الشفتين» ( إش 6: 5 ). فنجاسة الشفتين (أو مجرد استخدامهما في نطق كلام لا يليق بجلال الله وقداسته)، التي كان يراها إشعياء فيما سبق شيئًا عاديًا، رآها في نور الله شيئًا خطيرًا يستحق عقابًا أبديًا. وهكذا الحال معنا، فعندما ندرِّب نفوسنا على الوجود في حضرة الله، نفزع من الخطية، ولا نفكر في إتيانها. رابعًا: عظمة يوسف: نعلم من التاريخ أن يوسف لم يُتوَّج حاكمًا في مصر إلا بعد 14 سنة تقريبًا من انتصاره على الأهواء الجسدية في بيت فوطيفار. لكن ألا ترى معي أن يوسف عندما قال لهذه المرأة: «كيف أصنع هذا الشر العظيم؟»، كان يلبس تاجًا روحيًا أبهى من التاج الذهبي الذي لبسه فيما بعد، عندما اعتلى عرش مصر! نعم فالتاج الروحي أبهى من التاج الذهبي بما لا يُقاس. فالأول مجد سماوي يضعه الله على هامة القديسين، ويظل عليها إلى الأبد. بينما الثاني مصنوع من معدن من الأرض، ويضعه الناس على شخص معيّن إلى حين، مع أن هذا الشخص قد يكون في باطنه دنيئًا، لا يستحق سوى الاحتقار والازدراء. |
لكي تعرف إجادة الرب https://files.arabchurch.com/upload/i.../750729244.jpg يَا شَعْبِي اذْكُرْ بِمَاذَا تَآمَرَ بَالاَقُ..وَبِمَاذَا أَجَابَهُ بَلْعَامُ .. مِنْ شِطِّيمَ إِلَى الْجِلْجَالِ، لِكي تَعْرِفَ إِجَادَةَ الرَّبِّ ( مي 6: 5 ) أ يحتاج بزوغ الشمس إلى إثبات؟ أم تَشُكُّ يا عزيزي، فهِمتَ أم لم تفهم، كثيرًا أم قليلاً من الخلفيات العلمية، في حقيقة وجودها؟ فَوَ إن شككتَ خطأً في ذلك، فاحذر من أن تُمسَك عيناك من أن ترى جود الرب. «لتعرف إجادة الرب» أ ليس عن هذا المورد الغني، أقصد ”جود الرب“ تَغنى داود وسط جباب الحرمان «إن أبي وأمي قد تركاني» ( مز 27: 10 )، ومضاييق الأزمان «واهدني في سبيل مستقيم بسبب أعدائي» ( مز 27: 11 )، وبطش العدوان «لأنه قد قام عليَّ شهود زور ونافث ظلم» ( مز 27: 12 ) ولكنه تغنى بلغة الإيمان، مُستشعرًا فيه فيض الأمان، «لولا أنني آمنت بأن أرى جُود الرب في أرض الأحياء» ( مز 27: 13 ) كثيرًا ما تعكس لنا الأراضي المُمهدة جود الرب، وهذا حسن، ولكن الأحسن منه، أن لا نُحرَم من استشعاره حتى عندما يضيق بنا الطريق، أو تهوي بنا المركبات فيه، فنبيتُ مُعَرْقلين ”فَوَ إن بادَ عنا المَنَاص“ تظل لنا ”كأس الخلاص“ فائضةً بإجادة السيد، فنستقي منها «مياهًا بفرح من ينابيع الخلاص» ( إش 12: 3 ). مَنْ منا لا يخشى الظلام؟ بل ومَنْ منا لا يعبأ بالسهام؟ ولكن ماذا إذا طارت السهام في حدقة الظلام؟ أقصد: ماذا إذا قصد العدو المؤامرة، وأخفاها قصيرًا أو طويلاً ليحيكها بحبكةٍ فنيةٍ، ثم ينفثها في خريطةٍ مختارةٍ في عربات موآب؟ ولا تنسَ أن العدو هو ”بالاق ملك موآب“ وطالما انتسب إلى هذا الأصل الذميم، فجنون الجسد ليس له روادع، ولا إن نطق حمارُ حليفِهِ، بحديث العاقل الفهيم، ولكن دعني أفصِحُ لك يا عزيزي، عما من شأنِهِ أن يجعل الموقف أكثر تعقُدًا وحَرَجًا: فماذا لو كان الشعب المُشتكى عليه، موفورَ العارِ، ووسط محلتهِ، كذلك مؤخرتها لا تقص إلا عن ماضٍ وحاضرٍ وخيم؟ فهذا هو المُشتكي، وهؤلاء هم المُشتكَى عليهم، فمن أين لنا بالمناظرِ المُضيئة؟ أ ليست من جودِ الرب؟ إن واحدة من المواقف التي تجعلنا نعرف إجادة الرب، هي مؤامرات الأعداء: فأستير كما مردخاي، كما الشعب في هذه الحادثة، كما نحن تمامًا نتغنى مع مَنْ تغنى: «مَن سيشتكي على مُختاري الله؟ الله هو الذي يُبرر!» ( رو 8: 33 ). |
النور والمحبة لكل الأجيال https://files.arabchurch.com/upload/i...0/19931674.gif الظُّلْمَةَ قَدْ مَضَتْ، وَالنُّورَ اَلْحَقِيقيّ اَلآنَ يُضِيءُ … مَنْ يُحبُّ أخَاهُ يَثْبتُ في النُّور ( 1يو 2: 8 ، 9) أحبائي، من المعروف أن الله نور كما أن الله محبة. فهيا بنا لنُطعَم على مزيج عجيب من المحبة والنور يتمشى على الأرض في شخص المسيح؛ تلك المحبة النورانية التي لم تتساهل إطلاقًا مع خطية. والقداسة المُحبة التي لم ينفر منها حتى العشارين. ـ في مذود بيت لحم تجدنا نتعجب من المحبة التي ألبست القوة الأزلية رداء الضعف والاتكال. وكم تؤخذ قلوبنا بالنور الذي في بيت الناصرة الذي وهو في تمام الخضوع للمطوَّبة ويوسف، كان عليه في ذات الوقت أن يكون فيما لأبيه ( لو 2: 49 ، 51). ما أجمله!! ـ ولو جلسنا بجواره على بئر سوخار (يو4) سنرهب أمام النور الذي سطع في ضمير امرأة سامرية مسكينة، وسنسجد لمحبته التي قدمت لها عطية الله والماء الحي الذي ينبع إلى حياة أبدية .. ما أجوده!! ـ ويوم موت لعازر أعلنت محبته لمرثا أنه القيامة والحياة، كما سارت (ذات المحبة) مع مريم خطوة بخطوة إلى قبر أخيها مشاركة إياها دموعها. بينما لمع نور الحياة في حَزمه الشديد مع عدم الإيمان «أَ لم أقُل لكِ إن آمنتِ ترين مجد الله؟» ( يو 11: 25 - 44). ما أمجده وكله مشتهيات!! كم نخشع أمام النور الذي اخترق ضمائر الكتَبة الذين اشتكوا على المرأة الزانية! ( يو 8: 1 - 11)، بينما المحبة صرفتها مُبكتَّة غير مُعاقبة، مُعطية إياها قوة لعدم الخطية: «اذهبي ولا تخطئي». ما أقوى نعمته المُحررة!! إننا نتعبد له عندما نتذكَّر كيف عاتب النور المطوَّبة عند تدخلها غير الواعي، وكيف أن المحبة أثناء أمرّ ساعات آلامه قسوة، فكَّرت في هذه الأم المثالية. إننا نقف بهيبة في حضرة نور ذاك الذي كشف ما في قلب سمعان الفريسي ( لو 7: 36 - 50) ووَّبخه على مائدته. والمحبة التي منحت الغفران والسلام والضمان لامرأة خاطئة، غسلت رجليه بدموعها. ما أرهبه، وما أعظم اتضاعه!! إخوتي المباركين .. هذه لمحة سريعة من محبة السيد الفياضة ونوره الكشاف. فليتنا نسجد لمحبته ونتعلم كيف نعامل إخوتنا بمحبة نظير محبته. ولنَدَع نور محضره ينقي قلوبنا ويفتح عيوننا على عظمة شخصه، بل يقود سفن حياتنا، هذا هو امتيازنا عن الشعوب حولنا: ” نوره ومحبته“. |
كل الأشياء http://i40.servimg.com/u/f40/13/40/80/73/i10.jpg وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، ... ( رو 8: 28 ) هذه العبارة هي مَعين لا ينضب يفيض بالتعزية والتشجيع في وقت التجربة وامتحان الإيمان. فالرسول يقول إن كل شيء، سواء كان مقبولاً أو غير مقبول حسب الظاهر، لا بد أخيرًا يتحول للخير وفق مخطط الله الكُلي الصلاح، المُهيمن والمُمسك بزمام الأمور. صحيح عندما تحلّ الأحزان والكوارث، يصعب على الإنسان أن يدرك ويثق أنها تعمل معًا للخير، لكن هل هذا يغيّر شيئًا من الحقيقة؟ هذا القول موجّه «للذين يحبون الله»، «الذين هم مدعوون حسب قصده». فهو خاص بأولاد الله؛ الله «الذي لم يُشفق على ابنهِ بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضًا معه كل شيء؟». ليهتف كل مؤمن محبوب من الله الآب، مهما كانت أبعاد الأعماق التي يحيا فيها مع أثقال الحياة وعبئها قائلاً: «ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله». إن الأحداث اليومية بكل تفاصيلها، هي التي من خلالها يتمم الله خطته، ولا تستطيع أية ظروف أخرى أن تجلب لك الخير الأفضل حسب قصد الله الحكيم الذي لا يخطئ، أحسن من الظروف التي تُحيط بك الآن، فاقبل بسرور أن يتمم الله مشيئته الصالحة، فتستقر الحياة، ويسود السلام ويمتلئ القلب بالراحة والفرح والسرور. إن حوادث الحياة مترابطة وممتزجة معًا كوصفة طبيب ماهر وخبير، وقد وردت هذه العبارة في إحدى الترجمات ”ونحن نعلم أن الله يمزج كل الأشياء للخير للذين يحبون الله“. ما أكثر ما حكمنا في الماضي على أمور كانت تُرى ـ حسب الظاهر ـ أنها بلايا ومصائب ستُنهي الحياة، وتقطع كل أمل ورجاء، وإذا بمرور الزمن ثبت أن الله كان يختزن لنا من ورائها الخير الجزيل. فيوسف الذي لاحقته المتاعب والمصاعب، الذي بيع عبدًا وأُلقيَ به في السجن وهو بريء، لم يكن من السهل عليه أن يرى في ذلك ما هو لخيره، ولكن الأيام تمرّ، وبعد وقت طويل إذ يذكر هذه الأحداث التي مرَّت به، يقول لإخوته «أنتم قصدتم لي شرًا، أما الله فقصد به خيرًا» ( تك 50: 20 ). إن لله في أحداث الحياة قصدًا لائقًا به يعرفه هو نفسه، أما نحن فمِن أمس ولا نعلم. فحري بنا أن نثق فيه وفي محبته، وفي هدوء وصبر ننتظره. |
هؤُلاء ليسَ لهُم أَصلٌ https://files.arabchurch.com/upload/i.../231589412.jpg وَﭐلَّذِينَ عَلَى الصَّخْرِ هُمُ الَّذِينَ مَتَى سَمِعُوا يَقْبَلُونَ الْكَلِمَةَ بِفَرَحٍ. وَهَؤُلاَءِ لَيْسَ لَهُمْ أَصْلٌ فَيُؤْمِنُونَ إِلَى حِينٍ.. ( لو 8: 13 ) نفسي ... ليتكِ يا نفسي تفحصين اليوم ما بداخلك في ضوء هذا القول. لقد قبلتِ الكلمة بفرح، وانتعشَت مشاعِرك وتأثرتِ كثيرًا، ولكن تذكَّري، إنّ سرورك بالكلمة وقبولها في أُذنيك شيءٌ، وقبولك المسيح في قلبك وأعماقك شيءٌ آخر. كثيرًا ما ترتبط المشاعر والتأثيرات العاطفية السطحية في الخارج بجمود القلب وقساوته في الداخل. إن التأثيرات التي تُداعب مشاعرنا وتُثيرها ليست تأثيرات دائمة في معظم الأحيان. في مَثَل الزارع حدث أن وقعت بعض البذور على الصخر المُغطى بطبقة رقيقة من التربة، وعندما بدأ النبات في النمو عاقته الصخور عن النمو داخل التربة، فماذا حدث؟ بدلاً من أن يمتد في أعماق الأرض رفع عوده إلى فوق بقدر ما يستطيع. ولكن من أين يأتي بالغذاء اللازم لنموه وهو ما يستمده من التربة الغنية بالسماد؟ وهكذا ـ للأسف الشديد ـ ضمر وذبل. هل هذه هي حالي؟ أخشى أن تكون هي بالفعل حالتي رغم قبولي للمسيح مخلِّصًا وفاديًا. فلربما أستمع إلى كلمات تحريض قوية عن التكريس فأنفعل وأتجاوب وتشتعل فيَّ مشاعري، وأظهر بمظهر رائع لمؤمنٍ كله حماس وتأثر، ومع ذلك فالحقيقة أنه لم يكن هناك قرار صادق عميق بالتخلي عن رغباتي وشهواتي ووضعها على مذبح التكريس مهما كانت الكُلفة. إن النمو الحقيقي هو الذي يأخذ الاتجاهين، أعلى وأسفل، في ذات الوقت. ينبغي أن تكون التربة صالحة أولاً حتى تستقبل البذرة الجيدة فتُثمر نباتًا جيدًا. عندما أقترب إلى كلمة الله بكل خشوع وبقلب خاضع لسلطان الكلمة الإلهية، فإن الروح القدس يعمل عمله في تربة قلبي فيحرثها ويقلِّبها ويجهزها لتكون صالحة جيدة. أما إذا رفضت الخضوع للكلمة ولسلطانها مع ما في ذلك من انسحاق حقيقي وحكم على الذات، فالله له طرقه التي بها يتعامل مع قلبي، والتي بها يحرث قلبي بمحراثه الإلهي حتى ولو أدى هذا إلى إلزامي بالدخول إلى السفينة التي تعذبها الأمواج، أو إلى العبور بوادي البكاء والأنين. نفسي .. ليتك يا نفسي تستيقظين من خداع المشاعر السطحية الوهمية، وتطيلين الجلوس في محضر الله، وتَرين كل أمورك بعين الله الفاحصة، وتأخذين قرارات صادقة عملية وحقيقية من القلب، لتكوني أرضًا جيدة تقع عليها بذار جيدة وتنتج زرعًا جيدًا لمجد الله. |
آسَا .. بداية مجيدة ونهاية حزينة! https://files.arabchurch.com/upload/i.../874144895.jpg أَيُّهَا الرَّبُّ، لَيْسَ فَرْقًا عِنْدَكَ أَنْ تُسَاعِدَ الْكَثِيرِينَ وَمَنْ لَيْسَ لَهُمْ قُوَّةٌ. فَسَاعِدْنَا أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُنَا لأَنَّنَا عَلَيْكَ اتَّكَلْنَا ( 2أخ 14: 11 ) كان آسَا من ذوي البداية الحسنة والإنجازات الروحية الطيبة «وعمل آسا ما هو صالح ومستقيم في عيني إلهه». وهو صاحب الصلاة الشهيرة التي تُعلن أفضل اتكال على الرب ( 2أخ 14: 11 ). على أن الحال لم يستمر هكذا بكل أسف!! فبعد سنوات من الانتصار التاريخي على جيش زارح، وقوامه مليون جندي مدججين بالمعدات الحربية، تعرَّض آسَا لمناوشات من جاره بعشا ملك إسرائيل (2أخ16). ولعلنا كنا نتوقع أن يلجأ لذات الملجأ الذي لا يخيب. لكن العجب أن هذا الذي لجأ للرب عند التحدي الرهيب، لجأ للبشر عندما كان الأمر أبسط بكثير!! ولذلك نسمع تقدير الرب لفعلة آسَا «قد حَمقت (تصرفت بحماقة) في هذا». ونرى الأمر يتدهور بآسَا؛ فإذ به يرفض التوبيخ مُعاندًا الرب، ويضايق الشعب، ثم إذ يمرض مرضًا تأديبيًا يستمر مُعاندًا رافضًا الرجوع إلى الرب! ودعونا نلتقط بعض الدروس عن أسباب سقوطه: (1) الاتكال على غير الرب، آفة كفيلة بتدمير حياة المؤمن. فاتكالك على شخص ما، أو شيء ما، أو واسطة، أو حيلة، أو إمكانية، أو على أي شيء في نفسك؛ يعلن بشكل ما رفضك للحماية الإلهية، ومحاولتك نفض السِتر الإلهي من فوقك. (2) كثيرًا ما ننسى أن العدو لا يحاربنا في نقاط فشلنا فقط، بل أيضًا يحاربنا في نقاط انتصرنا فيها. ولقد سقط آسَا في نفس نقطة نجاحه السابقة؛ الاتكال على الرب. (3) المأساة الكبيرة أن آسَا لكي يتمم خطته بالاعتماد على البشر أخرج فضة وذهبًا من خزائن بيت الرب ليدفع لمتكله ثمن اتكاله عليه ( 2أخ 16: 2 ). وهكذا الاتكال على غير الرب يصاحبه تقديم تنازلات في أمور إلهية روحية. (4) وبالإضافة إلى ما تقدَّم، فقد خسر آسَا فرص الانتصار على أرام مستقبلاً «من أجل أنك استندت على ملك أرام ولم تستند على الرب إلهك، لذلك قد نجا جيش ملك أرام من يدك» (ع8)، وهذا ما حدث تاريخيًا بالفعل. وأي مُتَّكل نتكل عليه في الأغلب سيتحول يومًا إلى عدو لنا، وإذا سبقنا واتكلنا عليه، فمن غير المتوقع أن نستطيع الانتصار عليه. ليتنا لا ننسى هذا القول الكريم: «لأن عيني الرب تجولان في كل الأرض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه» (ع9). فليت قلوبنا بالكامل تكون نحوه، لا ترجو غيره.http://www.arabchurch.com/forums/images/icons/icon7.gif |
صَنعوا لـه هناك عشَاءً https://files.arabchurch.com/upload/i.../306245924.jpg فَصَنَعُوا لَهُ ..عَشَاءً. وَكَانَتْ مَرْثَا تَخْدِمُ،وَأَمَّا لِعَازَرُ فَكَانَ أَحَدَ الْمُتَّكِئِينَ..فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ ..طِيبِ..فَامْتَلأَ الْبَيْتُ مِنْ رَائِحَةِ الطِّيبِ ( يو 12: 2 ، 3) يا لها من عائلة عظيمة كانت في بيت عنيا! ويُخبرنا التلميذ الذي أحبه يسوع أن يسوع أحبّ مرثا وأُختها ولعازر ( يو 11: 5 ). وعندما مرض لعازر، أرسلت أختاه إلى يسوع قائلتين: «يا سيد، هوذا الذي تحبه مريض» ( يو 11: 3 ). والرب في محبته أقام لعازر من الأموات، لذلك صنعوا له عشاء. هل فعل الله معك شيئًا مُماثلاً؟ هل أقام شخصًا في عائلتك من موته الروحي، وهو أخطر كثيرًا من الموت الجسدي؟ إن نعم، فهل ترغب في أن تصنع له عشاءً؟ تأكد إنه لن يرفض دعوتك، فهو يحب أن يسكن وسط شعبه. والبيت المسيحي الحقيقي هو مكان يتوق الرب أن يُشرِّفه بحضوره. ولكن الآن دعونا في عجالة نرى ماذا كان يعمل كل فرد من هذه العائلة: 1- مرثا خدمت. كلمتان تستحقان مجلدات لنكتب عنهما. وداعًا للكسل! لقد وعد المسيح مَنْ يخدمه بأن يُكرمه الآب «إن كان أحد يخدمني فليتبعني، وحيث أكون أنا هناك أيضًا يكون خادمي. وإن كان أحد يخدمني يُكرمه الآب» ( يو 12: 26 ). 2- لعازر جلس على المائدة معه. يا له من امتياز! آخرون كان لهم اختبار مُماثل. قال داود: «ترتب قدامي مائدةً تُجاه مضايقيَّ» ( مز 23: 5 ). ليتنا جميعًا نتعلَّم ماذا يعني أن نجلس معه إلى المائدة. العروس في سفر نشيد الأنشاد كان لها هذه الرغبة فناجت محبوبها: «أخبرني يا مَن تُحبه نفسي، أين ترعى، أين تُربض عند الظهيرة (أين تُطعم قطيعك)؟» ( نش 1: 7 ). 3- وماذا عن مريم؟ آه ليتنا نتعلَّم منها الدرس الذي وعَته! لقد سجدت .. لقد سكبت مريم الكل عند قدمي السيد: قلبها، ونفسها، وثروتها، ومجدها. أكرر مرة أخرى .. يا لها من عائلة! لعل ذلك كان السبب أن يسوع قبل الفصح بستة أيام أتى إلى بيت عنيا، ثم بعد ذلك صعد إلى السماء من ذات البقعة: بيت عنيا ( لو 24: 50 ، 51). ليت كل بيت من بيوتنا يكون بيت عنيا! آمِينَ. |
المحبة الفائقة
https://files.arabchurch.com/upload/i.../620502735.gif إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ، أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى ( يو 13: 1 ) محبة المسيح! إن القلب ليعجز عن التعبير عن محبة ربنا المبارك العزيز، هذه المحبة التي لا تُحد ولا مثيل لها. وكل قديسي الله الذين تكلَّموا أو كتبوا عن محبة المسيح، لم يبينوا قط كمالها واتساعها، علوها وعمقها، فهي «محبة المسيح الفائقة المعرفة» ( أف 3: 19 ). ومع هذا فنحن فعلاً نعرف محبة المسيح، ومع أننا لا نستطيع أن ندرك هذه المحبة العظيمة الأبدية إدراكًا كاملاً، إلا أن قلوبنا تستطيع أن تتمتع بها، ونستطيع أن ننمو في معرفتها. والرب نفسه، الذي اتجهت إلينا محبته، يريد منا أن نشرب على الدوام من نهر محبته غير المتغيرة، ونقبل دلائل جديدة ولمحات جديدة خاصة بهذه المحبة. إن الروح القدس يتوق دائمًا أن يُعرِّف قلوبنا الضعيفة ويسكب فيها محبة المسيح. إن محبة سيدنا محبة أزلية. إنها ليست حادثة في الزمان، بل تسبق تأسيس العالم. فعين نعمته قد تطلعت إلينا، ومحبته اتجهت نحونا من قبل وجودنا. عرف شرنا وعداوتنا وفسادنا، وفي محبة فائقة المعرفة تطلع إلى الأمام، إلى الوقت الذي فيه يُظهر محبته لنا، نحن خلائقه الساقطة. إن المحبة هي التي أتت به من المجد. وما أعظم المحبة التي جعلته ينزل إلى هذه الأرض المظلمة المضروبة بالخطية، المملوءة بالأعداء! ما أعظم المحبة التي جعلته يُخلي نفسه، ويأخذ صورة عبد. حقًا إنها محبة فائقة المعرفة. وما أعظم المحبة التي نراها في كل خطوة من ذلك الطريق الموحش! ما أعظم العطف الذي نكتشفه في كل عمل وفي كل كلمة. أينما نظرنا نجد المحبة، وبها أحاط الفقراء والخطاة والمنكسري القلب والمظلومين والمطرودين. لقد حملت المحبة أولئك الضعاف والساقطين من التلاميذ الذين آمنوا به. |
المسيح متروكًا من الله https://files.arabchurch.com/upload/i...1320619920.jpg وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ ..قَائِلاً:إِلُوِي، إِلُوِي،لِمَا شَبَقْتَنِي؟ اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ:إِلَهِي،إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟ ( مر 15: 34 ) الكلمات السابقة لا يمكن أن تكون اختبار داود أو غير داود، لأن داود نفسه ذكر في مزمور37: 25 «كنت فتىً وقد شخت، ولم أرَ صِدِّيقًا تُخُلِّيَ عنهُ». فالله لا يتخلى عن البار، ولا يُحوِّل عنه عينيه ( أي 36: 7)، كما أنه لم يترك شخصًا طلبه، ولهذا تغنى له المرنم بالقول: «ويتكل عليك العارفون اسمك، لأنك لم تترك طالبيك يا رب» ( مز 9: 10). وليس فقط الرب لا يترك البار، بل حتى الأشرار هو الآن ليس بعيدًا عنهم. فحتى هذه اللحظة ورغم أنهم بالفعل دائمًا، وبالفم أحيانًا «يقولون لله: ابعُد عنا، وبمعرفة طُرقك لا نُسَرّ» ( أي 21: 14)، إلا أنه ما زال قريبًا ( إش 55: 7 ). وآه عندما يمسكهم الرب من كلامهم ويقول لهم: «تباعدوا عني يا جميع فاعِلي الظلم!» ( لو 13: 27). لعلنا نتذكر كيف أن الملك شاول عندما علم أن الرب قد فارقه ورفضه؛ انتحر. إن الناس في غباوتهم يقولون لله «ابعُد عنَّا»، وهم لا يدركون أية حالة مُرعبة سيكونون عليها إذا حدث ذلك. لكننا حتى هذه اللحظة، ونحن نعيش في زمن النعمة، الرب ليس بعيدًا حتى عن الأشرار، وهذا ما قاله الرسول بولس أمام حكماء أثينا الجهلاء! ( أع 17: 23-28). يقول الرسول بولس لهم: «فالذي تتقونه وأنتم تجهلونه، هذا أنا أُنادي لكم به». ثم يستطرد: «مع أنه عن كل واحدٍ منا ليس بعيدًا. لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد» ( أع 17: 23-28). لكن مع ذلك يوجد شخص واحد فريد، يُسجل الكتاب المقدس عنه 11 مرة أنه بار، بل أقول إنه ليس مجرد بار كأولئك الذين وصفهم الكتاب المقدس هكذا، بل هو مُطلق البر، ومع ذلك نسمعه يصرخ من فوق الصليب: «إلُوي، إلُوي، لمَا شبَقتني؟ الذي تفسيره: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟». يقول العارفون إن الكلمة الأرامية التي قالها الرب في صرخته لإلهه «لمَا شبَقتني؟» تعني حرفيًا لماذا سبقتني؟ لقد كانا معًا في رحلة رائعة بهيجة ( مز 22: 9 -11)، وبلغة الرمز كما قيل عن إبراهيم وإسحق: «فذهبا كلاهما معًا» ( تك 22: 6،8)، يمكن أن يُقال أيضًا وبصورة أعظم عن الآب والابن. لكنه الآن تركه خلفه وسبقه، فانقطعت الشركة السعيدة، وحل الظلام الرهيب! لهذا صرخ المسيح صرخة الفزع هذه. |
مُرسَلٌ مِن اللـه https://files.arabchurch.com/upload/i.../989176591.jpg كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللَّهِ اسْمُهُ يُوحَنَّا. هَذَا جَاءَ لِلشَّهَادَةِ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ لِكَيْ يُؤْمِنَ الْكُلُّ بِوَاسِطَتِهِ ( يو 1: 6 ) إن للرب قصدًا في حياة كل مؤمن. إذ هو موجود في هذا العالم في إرسالية خاصة. نعم. إنك لم تولد بطريق الصدفة أيها الأخ العزيز، فعليك إذًا أن تعرف إرساليتك جيدًا. قد تقول إن الذين جاءوا إلى هذا العالم وكانت لكل منهم إرسالية خاصة هم أفراد قلائل مثل موسى ويوحنا المعمدان وبولس وغيرهم، أما أنا فلست كذلك، فلم يحدث أن رأيت الرب، ولم أسمع صوته يناديني ولو مرة واحدة. ولم يظهر لي إعلان سماوي واضح يُحدِّد لي مهمتي أو إرساليتي كما حصل مع هؤلاء. ولكن مع هذا فأنت من غير شك مُرْسَلٌ من الله لمهمة خاصة، كما كان موسى ويوحنا وبولس وغيرهم تمامًا. ومن الضروري لك جدًا أن تعلم إرساليتك، وإذا كنت لم تستطع أن تعرف بعد لماذا أرسلك الرب إلى هذا العالم، فإنك في حاجة قصوى أن تصلي وأن تتذلل أمام الرب قائلاً: «يا رب ماذا تريد أن أفعل؟». وحينئذ يكشف لك الرب مهمتك، ويعلن لك إرساليتك. والواقع أنك كمؤمن حقيقي لم تقبل الإيمان إلا بعد أن أضاء لك الرب طريق الخلاص بدمه وأنار قلبك بروحه القدوس فوُلِدت الولادة الثانية، فأنت إذًا تحمل في نفسك نورًا مصدره الرب يسوع، وتستطيع أن تعكس هذا النور على الآخرين فيرون فيك ما يجذبهم إلى مصدره الحقيقي، وهكذا تكون واسطة لتُخبر الناس بكم صنع الرب بك ورحمك. فإرسالية كل مسيحي في هذا العالم هي ليشهد للنور كما كان يوحنا. إنك تستطيع أن تُخبر الآخرين عن اختبارك في الرب. إن أي إنسان مريض يذهب إلى طبيب، وبعد أن يُشفى تمامًا من مرضه لا يَفتُر أن يتحدث عن هذا الطبيب أمام أصدقائه وأترابه. فكم بالحري أنت يا مَنْ نجوت من الهلاك الأبدي وصرت من أولاد الله الوارثين مع المسيح! إن أقل ما يجب أن تفعله هو أن تحدِّث الآخرين عن الرب، وتأتي بالخطاة إليه ليمنحهم غفرانًا وخلاصًا، وحينئذ تكون قد حقَّقت قصد الله فيك، وتكون قد قمت بمهام إرساليتك التي أرسلك الرب لأجلها. إن هذا هو واجب كل مؤمن، وقد يكون للرب فوق هذا قصد آخر في حياتك فصلِّ للرب في تواضع وانكسار ليُعلنه لك. |
الذِي ارتفعَ سيأتي https://files.arabchurch.com/upload/i.../583351513.jpg مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هَذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هَكَذَا.. ( أع 1: 11 ) من هذه العبارة الجميلة نرى أن الرب يسوع الذي ترك هذه الأرض وصعد إلى السماء على مرأى من جماعة من الشهود الأُمناء، سيأتي هكذا كما رأوه منطلقًا إلى السماء. ولكن كيف انطلق؟ لقد صعد فعلاً نفس الشخص الذي سبق أن عاش معهم ورأته عيونهم وسمعته آذانهم ولمسته أيديهم وأكل معهم، لا بل «أراهم أيضًا نفسه حيًا ببراهين كثيرة» ( أع 1: 3 ) نعم، سيدنا المبارك هذا «سيأتِي أَيْضًا» ( يو 14: 3 ). ويمكننا أن نسأل هنا، مَن الذي رأى الرب عندما صعد؟ هل رآه العالم، كلا. إن شخصًا من غير المؤمنين الحقيقيين لم يَره منذ أن وُضع في القبر. فالنظرة الأخيرة التي وقعت من العالم عليه كانت وهو معلّق على الصليب، منظرًا للناس والملائكة والشياطين. والنظرة التالية التي ستقع عليه من العالم هي عندما يرجع ليُجري الدينونة والنقمة المريعة. عندما يدوس معصرة غضب الله القدير، وما أرهب هذا الفكر! إن خاصة الرب، الذين تمتعوا وحدهم برؤيته عند قيامته، هم، دون غيرهم، الذين رأوه وهو صاعدًا. وقبل أن يتركهم مكث معهم أربعين يومًا، يثبِّت قلوبهم ويعزيهم ويقويهم ويشجعهم بطرق كثيرة. وعندما قصد أن يفارقهم «أخرجهم خارجًا إلى بيت عنيا، ورفع يديه وباركهم. وفيما هو يباركهم، انفرد عنهم وأُصِعدَ إلى السماء» ( لو 24: 50 ، 51) وفيما كانوا يشخَصون إلى ذلك المنظر الرائع، أرسل إليهم هذه الشهادة الثمينة بواسطة الملاكين اللذين قالا لهم: «يسوع هذا» ـ ليس غيره، ولا مَنْ يُشبهه، بل يسوع نفسه، مُحبّهم العطوف المُنعم غير المتغير «يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقًا إلى السماء» ( أع 11: 1 ). إن هذين الرجلين، بلباسٍ أبيض، إما أن يكونا شاهدي زور، وإما أن ربنا يسوع سيأتي ثانيةً بنفس الكيفية التي صعد بها إلى السماء، ولا ثالث لهذين الأمرين على الإطلاق. إننا نقرأ في كلمة الله القول: «على فم شاهدين وثلاثة تقوم كل كلمة» ( 2كو 13: 1 )، وهكذا من فم الرسولين السماويين، اللابسين لباسًا أبيض، اللذين أتيا من دوائر النور والحق، من فمهما نقبل الكلمة الثابتة عن مجيء ربنا يسوع المسيح ثانية، مجيئه بصورة مجسَّمة، لتراه عيون خاصته، دون عيون سواهم. «يقول الشاهد بهذا: نعم! أنا آتي سريعًا. آمين. تعال أيها الرب يسوع» ( رؤ 22: 20 ). |
عَطِيَّة اللَّه https://files.arabchurch.com/upload/i.../343661903.jpg أَجَابَ يَسُوعُ..لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ.. ( يو 4: 10 ) جلس شخص مُتعَب على بئر يعقوب بعد أن ترك أرض الفريسيين، وكان هذا الإنسان هو الرب يسوع الذي جاء إلى خاصته ولكنهم لم يقبلوه. جلس يسوع هكذا على بئر يعقوب مُتعبًا، وكان ذلك نحو الساعة السادسة من النهار. أتت إلى البئر امرأة ومعها جرتها؛ امرأة يحتقرها الفريسيون المتكبرون. لم تكن تلك المرأة مرذولة فقط، بل بائسة وعائشة في خطية عَلَنية. لم تكن لتدرك وهي ذاهبة إلى البئر أنها أصبحت على وشك أن توجد في حضرة مَنْ رأى كل ما عملته. وصلت هذه المرأة إلى البئر، ودُهشت لأن يسوع وهو يهودي يطلب منها أن تعطيه ليشرب. «أجاب يسوع وقال لها: لو كنتِ تعلمين عطية الله، ومَن هو الذي يقول لكِ أعطيني لأشرب، لطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماءً حيًا». لم يَقُل لها لو لم تكن خطاياكِ بهذا المقدار. لم يَقُل لها لو أصلحتِ نفسك وأصبحت امرأة مقدسة، لأعطيتك الماء الحي. كلا. لقد بيَّن لها أنه يعلم جميع ما عملته، وفي الوقت نفسه أظهر لها الرأفة والمحبة والنعمة التي مكَّنته من أن يملك قلبها، لا بل ويجدد نفسها. أعلن المسيح شخصه لها فتركت جرتها ودخلت المدينة والمسيح يملأ قلبها لدرجة أنها نسيت ما يُصيبها شخصيًا من العار، ونادت قائلة: «هلموا انظروا إنسانًا قال لي كل ما فعلت. أَ لعلَّ هذا هو المسيح؟». أيها القارئ العزيز: أَ يمكنك أن تواجه ذلك الشخص الذي عيناه تَريان كل أفكار قلبك منذ الطفولة، وجميع ما فعلته عريان ومكشوف لعينيه؟ هل تستطيع أن تقول بأنك لست خاطئًا؟ ولكن تأمل! إن الرب يسوع لم يرفض هذه الخاطئة البائسة. تأمل فيما تعنيه هذه الكلمات «لو كنتِ تعلمين عطية الله ...». هل كان هذا هو الشيء الوحيد الذي تحتاجه هذه الخاطئة؟ نعم. ليس من شك في ذلك، لأن الرب يسوع هو الذي قال هكذا. فمهما كانت حالتك أيها القارئ العزيز فإن أول ما تحتاج إليه ليس هو مجهودات منك في طريق إصلاح نفسك، بل أن تعرف عطية الله. إن عطية الله هي نفس الشخص الذي قابل تلك المرأة السامرية الخاطئة، يسوع المسيح ابن الله. ليت الله يعلنه لنفسك، فتقبله مُخلّصًا شخصيًا. |
برنابا..الكبير الذي يأخذ بيد الصغير https://st-takla.org/Pix/Saints/02-Co...arnabas-01.jpg وَلَمَّا جَاءَ شَاوُلُ إِلَى أُورُشَليِمَ حَاوَلَ أَنْ يَلْتَصِقَ بِالتَّلاَمِيذِ، وَكَانَ الجَمِيعُ يَخَافُونَهُ ..فَأَخَذَهُ بَرْنَابَا ..إلى الرسل ( أع 9: 26 ، 27) المشهد الأول الذي يسجله الوحي عن برنابا ـ بعد إيمانه ـ هو طاعته للرب، والتصاقه بالرسل وبالإخوة الأوائل. لقد كان ”قدوة حسنة“ في اتباعه للرب. وبعد ذلك يأتي الالتصاق بالرسل وبالإخوة. ومن مقارنة أعمال2: 42- 47 مع أعمال4: 32- 37، نفهم أن برنابا كان واحدًا من الذين كانوا يواظبون على تعليم الرسل، والشركة، وكسر الخبز، والصلوات. ويفتقر الكثيرون الآن إلى هذه الممارسات الكنسية في صورتها الكتابية، بعد أن تعددت الطوائف والجماعات، وغابت الكنيسة الأولى عن المشهد. ولكن يظل التعليم الرسولي باقيًا، وإمكانية تحقيق وحدانية الروح للمؤمنين الأُمناء في هذه الأيام الخربة متوفرة. وعلى كل خادم أمين للرب أن يراعي الترتيب الكتابي في هذه الأمور. هكذا كان برنابا، وليتنا جميعًا نكون هكذا! وكان برنابا سخيًا جدًا في عطائه لله، وكان واضحًا أنه لم يكن مُحبًا للمال ولا للممتلكات، ولا للأمور المادية، ولا لذاته؛ فمع أنه كان ينتمي إلى سبط لاوي ( أع 4: 36 )، الذي، بحسب الشريعة، يأخذ عشورًا من بقية الأسباط ( عد 18: 21 - 24)، إلا أن برنابا سار على مبدأ آخر، فنجد أنه تنازل عما يمتلكه للآخرين. لقد كانت النعمة عاملة في قلبه حتى إنه رضيَ أن يبيع حقلاً يدّر عليه دخلاً ليسدد احتياج إخوته المؤمنين، وبهذا أظهر ـ بصورة عملية ـ محبة أخوية حقيقية تُعطي وتضحي لصالح الآخرين ( أع 4: 32 - 37). وقد أثبت برنابا، عمليًا، أنه ”ابن التعزية“ و”ابن التشجيع“ ـ كمعنى اسمه ـ وأنه الكبير القلب، باحتضانه شاول الطرسوسي الذي كانت تحوم حوله الشُبهات. لقد وقف إلى جواره دون أن يتراجع أو يتزحزح عن مُساندته وتشجيعه والترحيب به، عندما تخوَّف الجميع منه وشكّوا فيه، بعد أن اضطهد الكنيسة اضطهادًا قاسيًا مُخيفًا. ولعلهم ظنوا أنه يُجري مناورة سياسية على الكنيسة، ليتمكن من القبض على أكبر عدد من التلاميذ لإهلاكهم. ولكن برنابا احتضن شاول الطرسوسي؛ مُضطهد الكنيسة، وكان أول مَن اقتنع بحقيقة تغيُّره، فقدَّمه للرسل، وبذلك قبلته الكنيسة في أورشليم، وهنا تلمع شخصية برنابا كموهبة بارزة في الكنيسة، فقد كان يحتضن المُهتدين حديثًا، ويشجعهم أن يثبتوا في الإيمان. |
درس من العصفور https://files.arabchurch.com/upload/i...1253721841.jpg اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ:إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ..وَلا تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ،وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا.أَ لَسْتُمْ..بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟ ( مت 6: 26 ) عندما غادرنا الاجتماع المسائي في أول يوم من مؤتمر الكتاب المقدس في بنسلفانيا، لاحظ بعضنا ما بَدَا لنا أنه مئات الخفافيش تدور فوق رؤوسنا وتتجه إلى مَبيتها في أعلى وأكبر مدخنة قريبة. وخلال الأسبوع، في كل ليلة، كان هذا المنظر المُدهش يجتذب أعدادًا أكبر من المشاهدين الذين أخذوا يراقبون المنظر متسائلين عما تكون هذه الطيور، هل هي خفافيش، أم عصافير؟ ولماذا يتجهون إلى هذه المدخنة بالذات؟ ولماذا يدخلونها بنظامٍ، ومن ناحية واحدة فقط. بعد انتهاء المؤتمر شرحتُ هذه الظاهرة لإحدى الدارسات لأنواع الطيور، وبعد عدة أسئلة أجابت: ”بالتأكيد هذه الطيور ليست خفافيش. فالخفافيش تهجر مَبيتها في المساء لتبحث عن غذائها من الحشرات التي تخرج من مكانها في المساء. إنها عصافير مهاجرة تستخدم هذه المدخنة كمكان تستريح فيه أثناء رحلتها“. ـ ولكن لماذا لا تدخلها إلا مع غروب الشمس؟ ـ لأن الله زوَّدها بأرجل تستطيع أن تتعلق بالنتوءات الخشنة على الجدار الداخلي للمدخنة وهكذا تستطيع أن تنام في راحةٍ تامة. ـ ولماذا إذًا يدخلونها من اتجاه واحد؟ ـ لأن الله أيضًا زوَّدها بغريزة الخوف من التجمهر والتزاحم، وهكذا يدخلونها بنظام، ويستقرون داخلها في صفوف من القاع إلى القمة. ـ حسنًا. ولماذا لا يستخدمون المدخنة الأخرى؟ ـ إن هذه المدخنة مزوَّدة بغطاء. وهذا هو السبب. لقد احتمت الطيور من المطر المنهمر خلال الأسبوع الماضي، إذ اختارت هذه المدخنة بالذات. بعد انتهاء المحادثة شعرت برغبة شديدة في السجود لهذا الخالق العظيم الذي يعتني بخلائقه. إن كان يهتم بالعصفور إلى هذا الحد، فكم بالأولى يعتني بي ويهتم بدقائق أموري. إنني أفضل من عصافير كثيرة. كم يحفزني هذا الحق أن أعيش لمجد اسمه! وكيف يتحقق هذا في حياتي؟ إنه يتحقق بأن أضع نفسي ومواهبي بين يديه ليستخدمني كما يشاء، ولا أحمل همًا على كتفيّ لأنه هو بنفسه يعتني بي. إنه يهمس في أذني: ”يا قليل الإيمان ألا أهتم بك أكثر من اهتمامي بالعصافير. أَ لست أنت أفضل منها؟“ |
الساعة الآن 04:22 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025